رواية شد عصب سامية وجواد الفصل الـ 2 و 3 بقلم سعاد محمد
رواية شد عصب سامية وجواد الفصل الـ 2 و 3 هى رواية من كتابة سعاد محمد رواية شد عصب سامية وجواد الفصل الـ 2 و 3 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية شد عصب سامية وجواد الفصل الـ 2 و 3 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية شد عصب سامية وجواد الفصل الـ 2 و 3
رواية شد عصب سامية وجواد الفصل الـ 2 و 3
قبل وقت، بنفس اليوم
بمشفى حكومي بالأقصر
أثناء دخولها ذهبت الى مكان الإستقبال بالمشفى للإستفسار، لكن
قبل أن تستفسر على ما تريد، دخل رجُل يستنجد وهو يسند رجُل آخر ينزف من ذراعه بغزاره رغم وجود وشاح رجالى (شال) ابيض إحمر لونه من غزارة الدماء حول يده لكن مازال الدم ينزف، بحُكم مهنتها توجهت الى ذالك الرجُل وفكت ذالك الوشاح ونظرت ليد الجريح،شعرت بآلم كآن هذا الجرح بجسدها،لكن قالت:
الجرح اللى معصم أيد الحج كبير ولازم يتخيط مش اقل من خمستاشر غرزه.
رد الموظف الذى يقف فى الأستقبال قائلًا:
بس الدكتور جواد مش فى المستشفى جدامه نص ساعه ويوصل هو مواعيده مظبوطه ومفيش ولا دكتور هنا،إدلى ياعم أى مستشفى خاصه أو مستوصف،او حتى عيادة دكتور.
لم تستغرب إيلاف رد موظف الاستقبال لكن تنهدت بيأس قائله: والراجل المُصاب ده هيستنى على ما الدكتور يوصل،
أنا دكتوره منتدبه لتأدية التكليف هنا،وأقدر أخيط للحج إيده بس قولى مكان أوضة الإسعافات الاوليه اللى هنا فى المستشفى.
شعر موظف الأستقبال بالحرج قائلًا:.
آسف يا دكتوره،إتفضلي إمعاي.
لفت إيلاف يد الجريح بالوشاح مره أخرى قائله:
تمام إتفضل يا عم الحج،متخافش أنا صحيح لسه متخرجه من كلية الطب بس والله عندى خبره أعرف أخيط جروح.
رغم شعور الآلم لديه،لكن تبسم لها قائلًا:
الخبره مش بالسِن يا بتي،ربنا يزيدك عِلم.
إبتسمت له،دخلت الى غرفة الاسعاف بالمشفى لكن قال موظف الأستقبال من فضلك يا دكتوره إكتبي للأخ المرافج للچريح على المستلزمات اللى هتجتاجيها عشان يروح صيدلة المستشفى يچيبها.
إبتسمت إيلاف بتفاجؤ قائله:
غريبه أنا قولت هتقوله يشتري المستلزمات من أى صيدليه بره المستشفى،والله كويس أن المستشفى فيها صيدليه فيها علاج.
رد الموظف:
لاه إحنا حدانا إهنه بالمستشفى صيدله فيها أوديه البركه فى الدكتور "جواد"هو المسؤول المباشر عن الصيدليه وموفر العلاچ،بس إحنا حدانا نجص فى الدكاتره كلهم ما بيصدجوا يشتغلوا فى مستشفيات الحكومه اللى فى الآرياف عشان يدخلوا ويطلعوا براحتهم من غير ظبط ولا ربط عشان مواعيد عياداتهم الخاصه،حتى المستشفى دى رغم إنها فى البندر بس بالنهايه برضك مستشفى حكومي يا دكتوره وإنتِ عارفه بجى الرزج يحب الخِفيه.
تعشمنت إيلاف صامته بينما قال الجريح:
الرزج على حساب الغلابه،هى دى رسالة الطب دلوك..بس واضح إن الدكتوره فى جلبها رحمه.
إبتسمت له قائله:
أنا من الناس الغلابه يا عم الحج،عالعموم أنا كتبت المستلزمات أهى خدها وروح هاتها بسرعه لأن الحج نزف دم كتير وده مش كويس على صحته.
بعد قليل
نزعت إيلاف ذالك الوشاح من على يد الجريح ونظرت ليده بإستغراب قائله:
إنت إيدك كانت محروقه قبل كده.
رد الجريح:
أيوه،كنت بشتغل فى مصنع لحرق الطوب وإيدي إتحرجت(اتحرقت) وأنا بدخل الطوب فى الفرن عشان يتحرج، نصيب عمك"بليغ" دايمًا كده منصاب.
إبتسمت له قائله:
وأيه سبب الإصابه الكبيره دى بقى يا عم بليغ.
إبتسم بغصه قائلًا:
أنا رئيس عُمال فى مصنع الأشرف بتاع الخزف ومخدتش بالى وأنا بمُر عالعمال وجعت فازه كبيره من واحد من العمال وإتكسرت وأنا إتحزلجت على يدي...الحمد لله ربنا لطف وإنصابت إصابه خفيفه بمعصم يدي.
إبتسمت له إيلاف بإستغراب قائله:
إيدك عالأقل هتاخد خمستاشر غرزه وبتقول إصابة خفيفه.
تنهد بليغ قائلًا:
يا بتي جرح البدن سهل يداوى،لكن جرح كسرة النفِس مالوش داوه.
أمائت له رأسها بتوافق فهى أكثر من يعرف وجع جرح كسرة النِفس الذى لا دواء له.
بعد قليل إنتهت من تقطيب جرح بليغ وقامت بوضع ضماد طبي عليه مازحه:
الحج اللى كان معاك طلع جبان ومستحملش يشوفنى وأنا بخيط إيدك وطلع لبره الاوضه.
إبتسم بليغ قائلًا:
هو رشاد إكده،يخاف من منظر الدم والمستشفيات أنا لو مش غالي عليه مكنش وجف چاري من الأول...بتشكرك يا دكتوره على معروفك إمعاي.
إبتسمت له قائله:
ده مش معروف يا عم بليغ دى واجبي اللى أقسمت عليه إنى أداوي حتى عدوي طالما محتاج لمساعدتي.
إبتسم لها بتقدير قائلًا:
ربنا يحفظك ويحميك يا بتي ويزيدك عِلم.
إبتسمت له بتآمين قائله:
يارب، إشرب عصاير كتير عشان تعوض نزف الدم، انا هكتبلك على مضاد حيوي وشوية أدويه وبلاش الميه تمس الجرح.
قالت هذا ثم إبتسمت مازحه:
إلحق إصرف العلاج من صيدلية المستشفى.
ضحك بليغ قائلًا:
بجولك أنا رئيس عُمال، وجاويد بيه لو عرف إني جيت لمستشفى حكومي هيلوم عليا، خلي علاج الحكومه لناس تانيه تحتاج له أكتر مني يا بتي،بس عشم مني أنا هاجي عشان إنتِ اللى تغيرلي عالچرح إهنه،بصراحه يدك خفيفه ومحستش بأى آلم.
كلمة "يدك خفيفه"
طنت برأسها تُذكرها بتهجُم إحداهن عليها يومًا ما ونعتتها بالكذب
" لِصه وإيدك خفيفه زى باباكِ اللِص القاتل".
تبدل حالها وعبست للحظات ثم قالت:
متنساش تاخد المضاد الحيوي،هيسكن الآلم بعد ما مفعول البنج يروح،ومره تانيه حمدلله على سلامتك.
قالت هذا وإبتعدت قليلًا وخلعت فقازي يديها وألقتهم بسلة المهملات ثم خرجت من الغرفه ..
إستغرب بليغ ذالك، لكن وظن أنه ربما تجاوز معها بالحديث ندم على ذالك، وكاد يذهب خلفها مُعتذرًا ربما أخذه العشم الزائد، لكن حين خرج من الغرفه وجد صديقه رشاد يقترب منه قائلًا: أنا اتصلت على
جاويد بيه ولما عرف باللى حصل و إننا إهنا فى المستشفى دى زعجلي وجالى ليه منروحناش مستشفى خاصه، حتى جالي إنك تتصل عليه وإنك فى أجازه والبضاعه اللى چايه من أسوان الليله هو هيستلمها مكانك ويدخلها للمخازن.
تنهد بليغ قائلًا بلوم:
وليه بتتصل عليه،ده جرح بيدي مش مستاهل عالعموم أنا هتصل على جاويد بيه تانى وأجول له آني زين وأنا اللى هستلم البضاعه الليله.
نظر له رشاد بلوم قائلًا:
إنت مش شايف وشك ولا يدك اللى مبطلتش نزف لأكتر من ساعه،وبعدين دى فرصه إستغلها شويه وتعالى أمعاي أسهرك سهره تنسيك وچع الدنيا بحالها.
تنهد بليغ يهز رأسه بآسف قائلًا:
سهره عند الغوازي يا رشاد مش هتبطل الداء ده بجى بيتك وولادك أولى باللى عتصرفه عند الغوازى وتكسب بيه كُمان سيئات "من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته"، خاف على بِتك وأهل بيتك... وبَعِد من خلجتى مشوفتش الدكتوره راحت في أي إتچاه.
رر رشاد بنزك:
الدكتوره إدلت ناحية الأستجبال.
تنهد بليغ وترك رشاد مُتجهًا ناحية الاستقبال، لكن حين وصل لم يجد إيلاف، كاد يسأل موظف الإستقبال لكن آجل ذالك للـ الغد بالتأكيد سيآتى لتغير ضماد جرحه ويسأل عليها ويعتذر إن كان أخطأ دون إنتباه منه.
***
بينما حين خرجت إيلاف من الغرفه توجهت ناحية الإستقبال وسألت الموظف عن غرفة مدير المشفى،ودلها عليها قائلًا:
أوضة المدير آخر الممر ده على يدك اليمين.
توجهت الى حيث ارشدها الموظف
فتحت باب الغرفه بعد أن سمعت السماح لها بالدخول، لكن توقفت خلف باب الغرفه بخطوه تشعر بالحرج قائله بإعتذار:
متآسفه واضح إنى غلطت فى الاوضه،أنا فكرت دى اوضة مدير المستشفى.
نهض من خلف المكتب مُبتسمًا يقول:
لاء، حضرتك مغلطيش فى الأوضه، دى فعلًا أوضة مدير المستشفى، وللآسف المدير ما صدق جاب سن المعاش وسلم كل مسؤلياته حتى قبل ما وزارة الصحه تبعت مدير جديد للمستشفى وللآسف إضطريت أنا أبقى المدير بالإنابه لحد ما المدير الجديد يوصل بالسلامه.
إزدردت ريقها بهدوء قائله:
يعنى أنا جايه اقضى مدة التكليف فى مستشفى مفيهاش دكاتره ولا مدير كمان.
ضحك جواد قائلًا بآسف:
بس فيها مرضى مش قادرين على مصاريف العلاج حالتهم الماديه متسمحش يتعالجوا فى المستشفيات الخاصه...بس حضرتك متعرفناش،أنا الدكتور "جواد صلاح" هو المفروض تخصُصي
جراحة قلب وأوعيه دمويه،بس انا بشتغل هنا فى المستشفى تخصُص عام حتى أحيانًا أطفال.
إبتسمت إيلاف دون رد.
بسمتها لفتت نظر جواد الى ذالك الحزن الذى يسكُن ملامحها رغم إبتسامها...لكن تنحنح قائلًا:
أنا عرفتك على نفسى وحضرتك...
ردت إيلاف وهى تمد يدها بملف ورقي قائله:
أنا الدكتوره "إيلاف التقى" وده الملف الخاص بتاعى وفيه جواب التكليف بتاعى فى المستشفى هنا.
إبتسم جواد وأخذ من يدها الملف بفضول وبدأ بقرائته بتآني صامتًا لدقيقه،شعرت إيلاف للحظات بالتوجس من صمته وهو يقرأ إسمها:
إيلاف حامد التقي.
شعرت برعشه بداخلها من نُطقهُ إسمها دخل إليها شك إن كان يعلم أنها إبنة ذالك اللص القاتل،فوالداها كان حديث الإعلام فى إحدى الفترات..لكن بداخلها حسمت جوابها لو سألها ستقول تشابه أسماء،لكن خاب ظنها حين قال جواد:
إسم إيلاف ده غريب،تقريبًا أول مره أسمع عنه.
إبتسمت إيلاف قائله:
"إيلاف"
مش أسم غريب هو إسم من القرآن الكريم ومعناه من التآلف.
نظر لها مُبتسمًا لا يعلم ذالك الشعور الذى دخل الى قلبه مباشرةً فعلًا شعر إتجاهها بالتآلف، مد يده لها بالمصافحه قائلًا:.
أهلًا بيكِ فى يا دكتوره إيلاف ينتظرك عمل شاق
بـ الأقصر بلدنا.
... ـــــــــــــــــــــ
دار صالح الأشرف.
بين العصر والمغرب
للتو إستقيظ من النوم يشعر بصُداع برأسه، نهض من على الفراش بكسل يضع يدهُ على بطنه قائلًا:
حاسس بچوع
أما أجوم أتسبح (إستحمى) بشوية ميه فاتره عشان أفوج وبعدها أبجى أكُل .
بعد قليل خرج من الغرفه توجه نحو المطبخ،رأى إحدى النساء عمرها يتخطى الأربعون كاتت تقف ظهرها له،نظر لجسدها يزدرد ريقهُ بإشتهاء
رغم أنها سيده بدينه لحدٍ ما تسحب بهدوء وكاد يمد يدهُ على مكان حساس بجسدها لكن تراجع حين سمع صوت يتحدث بتعسف:
سيده خلصتي الوكل اللى طلبته منيكِ.
إنخضت الخادمه وإستدارت لتفاجئ بـ صالح خلفها زادت خضتها، تستعيذ بالله.
تهكم صالح قائلًا:.
بتستعيذي بالله فى وشى أيه شوفتى شيطان ، فين الوكل يا وليه المغرب جرب يأذن ولسه وكل الغدا مش چاهز، بجيتي تجيله جوى شوفى بنته خفيفه تشتغل إمعاكِ بالدار.
إستهزئ زاهر قائلًا بتلميح:
كلامك صحيح، بس ياريت تعمل إنت بيه أولًا وتعيش زى اللى فى سِنك.
نظر صالح له بإستهجان قائلًا بإستهزاء:
واللى فى سِني عايشين كيف يا زينة الشباب.
تجاهل زاهر الرد عليه ونظر للخادمه قائلًا:
جهزي الوكل فى السفره.
قال زاهر هذا للخادمه ثم نظر لـ صالح قائلًا:
هتفضل واجف فى المطبخ إكده كتير يااا... بوي.
تنهد صالح بسأم وضيق قائلًا:
لاه هدلى عالسفره،وإنتِ يا وليه خفي لحمك إشوي وجهزي الوكل.
بعد دقائق بغرفة السفره كان لا يسمع سوى صوت إرتطام الملاعق بالأطباق الى أن صدح رنين هاتف...
أخرج زاهر الهاتف من جيبه وقام بالرد على المتصل الى أن أنهى الإتصال قائلًا:
معارفيش مشكلة الأرض دي،هجول لعمي صلاح وهو اللى يتصرف بجى.
أغلق زاهر الهاتف ووضعه على طاوله السفره،بينما تسال صالح بفضول:
أرض أيه اللى كنت هتحدت عليها عالموبايل.
تنهد زاهر بسأم:
دي أرض الچميزه،المستأجر اللى كان مأجرها عاوز يسيبها.
تسأل صالح:
ليه،دي أرض عفيه وجريبه من مية النيل بينها وبين النيل مشايه صغيره.
رد زاهر:
معرفش ده تالت مستأجر يأجر الارض وجبل السنه يجول إنه هيسيبها،ولما سألت المستأجر الاخير جالي،إن على راس الأرض جراطين (قيراطتين) أو تلاته إكده الارض بتهور والأرض بتهبط لتحت وتسحب الميه عن بجية الارض وتبخس محصول الزرعه،بيجول أنا بجول يمكن السبب فى ده چدر شجرة الجميز يمكن مخوخ وهو السبب إن الارض بتهور.
تهكم صالح قائلًا:
ماشاء الله مهندز وفاهم،چدر شجرة الجميز هيبجى على تلات جراريط.
فهم زاهر أن صالح يستهزي به فرد بلا وعي:
خبرنى چنابك أنت يمكن اللى فاهم وعارف سبب إن الارض بتهور وتهبط لتحت،هيكون تحتها كنز إياك.
رنت كلمة كنز برأس طامع وفكر لما لا ربما هذا تفسير صحيح،فتلك الأرض قريبه من النيل،ربما ترقد على كنز آن الآوان أن يحصل عليه.
...... ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالعوده للـ المعبد
ذُهل جاويد قائلًا:
جصدك أيه بالحديت اللى عتقوليه.
ردت المرأه:
كل سر وله آوان مكتوب يظهر فيه يا ولِد الأشرف،إنت مكتوب عليك عشج متمرده،هتطل ونچمه بتسكن مدار الجمر فى السما وباجي النجوم هتتواري فى الغيوم وجتها... فيها علامه مميزه.
كاد جاويد أن يتسأل لكن صدح رنين هاتفه بنفس اللحظه.
همست المراه بوصف سمعه جاويد بوضوح ثم قالت له رد على الجدر اللى عينادم على صاحبه.
إستغرب جاويد ذالك وأخرج الهاتف ونهض واقفًا يرد على المتصل الى أن أنهى أتصاله آمرًا:
لاه إستريح إنت وأنا اللى هروح أستلم البضاعه من محطة الجطر(القطر) مش مُعضله هي،ومره تانيه سلامتك.
أغلق جاويد الهاتف وعاود النظر خلفه لكن ذُهل حين لم يرى المرأه بالمكان كأنها إختفت كما حدث بالأمس.
....... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين المغرب والعشاء
بــ الحديقه التى بين منزلي
صالح وصلاح الأشرف
كانتا مِسك وحفصه تجلسان على أورجوحه يتحدثان،كانت مِسك تحاول إقناع حفصه بما أمرتها به والداتها صباحً،أن تحاول إقناع حفصه بالموافقه على عقد قرانها على أخيها أملًا منهن أن تكون تلك فرصه تُقرب زواج جاويد من مِسك.
بسهوله أقنعت مِسك حفصه ووافقت،تنهدت مِسك بينما إقترب من مكان جلوسهن زاهر مازحً:
طول عمري أعرف إن الكُره الأرضيه فيها جمر (قمر)
واحد بس الليله أنا أتأكدت إن ده كذب جدامى جمرتين.
إبتسمت حفصه له قائله بسذاجه:
وفين الجمرتين دول، السما فيها جمر واحد حتى أحدب مش كامل.
تمركزت عين زاهر على مِسك قائلًا:
إنتِ ومِسك الجمرين.
شعرت مِسك بالبُغض من نظرات زاهر لها، بينما إبتسمت حفصه قائله بمدح فى مِسك:
مِسك چميله وأجمل من الجمر كُمان لكن آنى على قد حالى،بس هصدجك،تعالى إجعد إمعانا نتسامر شوي، وإحكى لينا قصص من اللى بتسمعها فى الموالد... أنا بحب القصص دى جوى جوي.
تهكمت مِسك قائله:
دى قصص سخيفه واللى يصدجها هما السُذج.
كادت حفصه ان تعترض لكن سمعت نداء والداتها عليها فنهضت قائله:. هروح أشوف ماما عاوزانى ليه وهرچع تانى بسرعه.
نهضت حفصه وتركت مِسك، تجرأ زاهر وجلس جواراها على الاورجوحه، حتى أنه ضرب قدمه بقوه فى الارض فأهتزت الاروجوحه قويًا، مما سبب إستهجان مِسك وكادت تنهض من جواره لكن أمسك زاهر معصم يدها قائلًا:
القصص اللى بستهزئ منها دي، قصص ناس فهمت معنى الحب والعشج ومعاشتش فى وهم إن مفيش غير البطل بس هو اللى فارس وحارب عشان يظفر بحبيبته كمان كان فى أبطال تانين فهموا الحجيجه وسابوا وهم هما بس اللى عايشين فيه.
نفضت مِسك يد زاهر عن معصمها بقوه وإستهجان قائله:
سبج وحذرتك تمسك يدي،
وجولت لك إنى ماليش فى القصص السخيفه دى ومش فاهمه جصدك أيه من وراء كلامك البايخ ده.
إضجع زاهر بظهره على الأورجوحه ونظر الى السماء قائلًا:
فى نجمه واحده هى اللى هتسكن مدار الجمر وباجي النچوم هتتواري خلف الغيوم جدامها.
رفعت مِسك رأسها بتلقائيه تنظر للسماء حدث بالفعل ما قاله زاهر، تهكمت بإستهزاء عليه قائله:
كان حجك(حقك) تشتغل مشعوذ ولا مع اللى بيقروا الفلك الطالع.
غص قلب زاهر مُجاوبًا:
ده مش شعوذه ولا ولا له علاقه بقرايه الفلك والطالع ده الحجيجه اللى عتنكريها يا مِسك، جاويد لو كان رايدك كان إتكلم من زمان بس إنت عتعيشي وحدك فى وهم الطفوله.
نهضت مِسك بغضب قائله بتعسف بلا إحساس:
سبج وجولت لك إنسى اللى براسك يا زاهر، أنا مستحيل أحبك، وقصص المچانين اللى عتسمعها فى الموالد دى خُرافيه صعب تحجج.
قالت مِسك هذا وغادرت المكان، شعر زاهر بحريق فى صدره، لو ترك العنان لخروج ذالك الحريق لكانت مِسك هو أول من طالتها تلك النيران وما تركتها سوا رمادًا،ربما يصير مثل قصة العنقاء التى تُولد جديدًا من الرماد ربما بالولاده الثانيه كانت وقعت بعشقه.
......***
بداخل منزل صلاح
إنتهزت صفيه إنشغال زوجة أخيها بتحضير العشاء وتسحبت دون أن يراها أحدًا الى أن وصلت أمام غرفة جاويد وقفت تتلفت بكل إتجاه تتأكد بعدم رؤية أحد لها، ثم فتحت باب الغرفه بهدوء وسريعًا دخلت وأغلقت خلفها باب الغرفه وقفت تلتقط نفسها،لكن للحظه شعرت بأختناق بسيط غريب بعد أن سمعت صوت مذياع بالغرفه يقرأ "القرآن الكريم"
لكن تحاملت وتجاهلت ذالك بصعوبه وذهبت الى غايتها، فراش جاويد رفعت تلك الوسائد ثم ازالت فرش الفراش وأخرجت سكين صغير وقامت بشق جزء جانبي صغير من مرتبة الفراش وسحبت من بين طيات تلك المرتبه ذالك الحجاب الذى كان بصدرها، حتى وصل بالمكان التى قالت لها عليه المشعوزه، أسفل رأس جاويد... ثم أخرجت إبره وخيط وحاكت مكان ذالك القطع الجانبي عادت المرتبه مثلما كانت،لكن بسبب تسرعها سقطت منها الابره الموصوله ببقايا الخيط، إنحنت تبحث عن الابره لكن سمعت صوت نحنحه رجاليه من خارج الغرفه فارتعبت وذهبت خلف باب الغرفه سريعًا تنتظر تتمني أن لا يكون جاويد ويفتح باب الغرفه ويسألها لما هى بغرفته،...بالفعل أنقذها القدر بعد أن ظلت لدقائق خلف باب الغرفه حتى شعرت بالامان،ثم فتحت باب الغرفه بمواربه ونظرت للخارج،تنهدت حين رأت الطريق خالي،خرجت سريعًا تلتقط أنفاسها الى أن دخلت الى غرفة السفره وقع بصرها على مِسك التى كانت تجلس على أحد مقاعد السفره،غمزت لها،إبتسمت مِسك لها بتفهم.
بينما تحدث صلاح قائلًا:
كنتِ فين يا صفيه بسأل عليك يُسريه جالت لى إنها كانت مشغوله فى تحضير العشا.
جلست صفيه على احد المقاعد قائله:
كنت فى الحمام، معرفش بجالى كام يوم بطني بتوجعني.
رد صلاح قائلًا:
سلامتك، إكشفي، أجولك إعملى كيف ما عمل جواد مع يُسريه هى كمان جعدت فتره بطنها توچعها، لحد ما جواد أخدها معاه للمستشفى وعمل لها فحوصات كامله وأها إتحسنت بعدها.
ردت صفيه:
لاه مالوش لزوم،ده برد فى معدتي وأخدت تحويجه من عند العطار،وأها الحمد لله بجيت زينه كتير،بس جالى أمشى عالوكل المسلوج لفتره... وبعدين فين جاويد بجالى أكتر من سبوع مشفتوش ولا جال ليا عمه اسال عنيها.
تنهد صلاح قائلًا:
جاويد مشغول جوي الايام دى عنده طلبيه كبيره هيصدرها لـ روسيا، إدعي له ربنا يوفجه.
دعت صفيه قائله:
بدعى له دايمًا فى كل صلاه وأنا ساجده، ربنا يوفجه ويوسع رزجه، ويرزجه ببت الحلال اللى تعمر دار الأشرف.
آمن صلاح على دُعائها غير منتبه لـ فحوى التلميح بحديثها وهى تنظر ناحية مِسك بينما يُسريه فهمتها
جيدًا، لكن بداخلها شعرت بالتوجس حين تذكرت لقائها مع "وصيفه" صباحً.
[فلاشـــــــــــــــــــــ/باك]
فى الصباح الباكر بالكاد كانت تشرق الشمس.
نزلت يُسريه الى مياه النيل عبر بعض سلالم جيريه صغيره، وبدأت بملأ تلك الزجاجه البلاستيكيه المتوسطة الحجم، لكن فجأه ظهر إنعكاس إمرأه بمياه النيل،فى البدايه إنخضت يُسريه وتركت الزجاجه تسير بمياه النيل لكن قبل ان تبتعد عنها جذبتها مره أخرى،بينما تحدثت المرأه قائله:
لساكِ عتفتكري الماضي يا يُسريه.
تنهدت يسريه بآسى قائله:
جولي لى طريجه أنساه بها يا "وصيفه"عشان جلبي يخف من الآلم.
ردت وصيفه:
لو كنت أعرف طريجه كنت عالچت بها نفسي من سنين يا يسريه.
قالت وصيفه هذا ونظرت الى السماء ترى إنسحاب القمر وسطوع الشمس قائله:
مِسك مش من نصيب جاويد،نصيبه جاي فى الطريج،بس لعنة العشج تحرج(تحرق)جلبهُ.
نهضت يسريه تشعر بآسى قائله بإستفسار:
وجاويد ذنبه أيه.
ردت وصيفه:
دى لعنة الجد ولازمن توصل للنسل التالت...
مكتوب "أخوة الدم والروح" الأخ يفدي أخوه.
إنصرعت يسريه بتسرُع سائله:
جصدك مين باللى هيفدي أخوه
"جواد ولا جاويد"!؟.
سارت وصيفه بعيدًا عن يُسريه تُتمتم ببعض الكلمات لم تفهم منها يسريه غير"الدم هو اللى هيفك اللعنه"، ثم تمتمت ببعض الكلمات لم تفهمها يسريه، شعرت بتوجس للحظات لكن رأت إنعكاس شروق الشمس تلمع فوق مياه النيل، شعرت بأمل تدعى بالنجاه.
[عوده]
عادت يسريه من تلك الذكرى على قول صفيه:
بص بجى يا صلاح، بجى حفصه فى آخر سنه فى الچامعه وانا بجول كفايه إكده فترة الخطوبه طولت، ومش هيجري حاچه لو كملت حفصه باجي السنه اللى باجيه ليها فى داري،أنا بجول نكتب كتاب حفصه على آخر الشهر ده ونتمم الچواز فى أجازة نص السنه.
كادت يسريه أن تعترض لكن وافق صلاح قائلًا:
أنا موافج لو حفصه موافجه هى صاحبة الرأي.
نظرت يسريه نحو حفصه تنتظر منها الرد بالرفض لكن إنصهر وجه حفصه وظلت صامته، مما جعل صفيه تنتهز الفرصه قائله:
أها بيحولوا السُكات علامة الرضا، أنا بحول على بركة الله،ويمكن ربنا يزود أفراحنا ونفرح بـ جاويد و جواد.
تنهد صلاح ببسمه قائلًا:آمين.
بينما سخرت يسريه بداخلها تفهم قصد صفيه،لكن صمتت تدعوا لولديها أن يخلف قول" وصيفه" لها صباحً.
........, ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنتصف الليل
أمام الباب الخارجي لمحطة قطار الأقصر
توقف جاويد بسيارته
للحظه تذكر حديث تلك المرأه التى كانت بالمعبد تهكم على نفسه قائلًا:
بجينا نص الليل واللى جالت عليها الست دي مظهرتش، مين اللى هتكون لحد دلوك بالطريج، عقلك جن يا جاويد من أمتى بتصدق فى الخزعبلات دي.
زفر جاويد نفسه يذم عقله الذى صدق تلك التخاريف، لكن رأى إنعكاس القمر فوق زجاج سيارته الامامي، ترجل من السياره ونظر الى السماء، كما قالت تلك المرأه
نجمه وحيده بمدار القمر وباقى السماء غيوم، فعلاً يرى هذا بوضوح.... لكن سُرعان ما تهكم على نفسه لائمًا تصديقه لخُرافات لا وجود لها، فكثيرًا يحدث هذا بالسماء، نفض عن عقله التفكير ثم دخل الى محطة القطار.
....... ــــــــــــــــــــــ
بالقاهره
بشقة هاشم
وقف يضع الهاتف على أذنه يسترجي أن ترد عليه سلوان، لكن أعطى الهاتف إشارة عدم وجود الهاتف بمكان به شبكة هاتف.
زفر نفسه بقلق قائلًا:
قربنا على نص الليل وسلوان مرجعتش للشقه وبتصل عليها يا مش بترد يا الهاتف خارج التغطيه.
حاولت دولت إشعال غضبه قائله:
هى سلوان كده دايمًا أنا فاكره لما كانت فى الجامعه وقاعده عند عمتها شاديه كانت اوقات تتأخر ساعات مانت تجي تبات هنا فى الشقه دى لوحدها وشاديه كان بيبقى عقلها هيطير منها، هى سلوان كده معندهاش تقدير لمشاعر قلق غيرها طالما فى الآخر بتلاقي دلع.
نظر هاشم لها بغيظ قائلًا:
أنا مش ناقص كلامك السخيف ده، ومعرفش إزاي خرجت من الشقه ومعاها شنطة هدوم وإنت مشوفتهاش.
إرتبكت دولت قائله:
سهتني،إنت مفكر لو انا شوفتها وهى خارجه بشنطة هدوم مكنتش هسألها هى رايحه فين،سلوان من وقت ما أتجوزتك وهى بتعاملنى على إنى مش موجوده وطول الوقت بتتجنبني،غير كمان طول الوقت حابسه نفسها فى أوضتها وقاعده عالتلفون يا عالابتوب بتاعها،معرفش بتعمل أيه حاولت أتكلم معاها بس هى تقريبًا مش بترد عليا غير بالقطاره على قد السؤال...هى ممكن تكون معذوره انا برضوا مرات باباها.
زفر هاشم نفسه بقلق وضيق وعاود الإتصال على سلوان،لكن تنهد قائلًا:.
تليفون سلوان بيرن.
شعرت دولت بغلظه لكن رسمت بسمه تتنهد براحه كاذبه حين ردت سلوان.
......
بالقطار
كانت سلوان تجلس تشعر بألفه بين ركاب القطار تنجاذب أحيانًا الحديث مع من يجلسون جواراها، وأحيانًا تنظر خارج شباك القطار ترى أماكن جديده وتقرأ أسمائها منها ما هو غريب ومنها ما هو مألوف،
حتى سمعت رنين هاتفها التى تجاهلت الرد عليه سابقًا مرات
زفرت نفسها بضيق شديد وهى تنظر الى شاشة هاتفها تعلم من الذى كان ومازال يتصل عليها، فهى شبه علاقاتها مع الآخرين محدوده فقط مجرد زمالات دراسيه وقتيه وتنهى، فهى منذ طفولتها لا تشعر بالإنتماء لأى مكان قضت معظم حياتها بالتنقل مع والدها سواء فى مصر او حتى فترة بقائها برفقة والدها سنوات بالخارج...
فكرت للحظات بعدم الرد لكن بلمسه خطأ فتحت الخط، إضطرت الرد لتسمع من يقول بلهفه وإستخبار:
سلوان... إنت فين بقينا نص الليل ولسه مرجعتيش للشقه.
تهكمت سلوان ساخره تهمس لنفسها:
أخيرًا حسيت إنى سايبه البيت من الصبح طبعًا عايم فى العسل مع العروسه هتفتكر إن ليك بنت .
عاود سؤالها مره أخرى
ردت سلوان بنزك:
أنا قولت بلاش أبقى عازول حضرتك عريس جديد، وقررت أسافر كام يوم سياحه وكمان أسيبك تتهنى مع..... طنط.
تسأل مره أخرى بإستفسار وتعجب:
سلوان سافرتى! إزاى بدون ما تقوليلى وكمان سافرتى فين؟
ردت بلا مبالاه وسخريه:
لما أسحب فلوس من الكريديت أكيد هتعرف أنا فين،سلام يا بابا أبقى سلملى على طنط،وبالرفاء والبنين.
كاد يتسأل مره أخرى، لكن رأت عبر زجاج القطار لوحه مكتوب عليها "محطة الأقصر"... وشعرت أن القطار يستعد للوقوف.
أغلقت الهاتف ونهضت، شعرت بتيبُس بساقيها سببه بقائها جالسه لمده طويله تهكمت قائله:
المفروض القطر بيطلع من محطة مصر الساعه اتناشر الضهر يوصل أسوان إتناشر بالليل، لكن كويس إنه وصل للـ أقصر الساعه إتناشر وتلت،حاسه إن رِجليا زى ما تكون متشنجه مش رِجليا بس ده جسمي كله،هانت أوصل للأوتيل وأخد شاور دافي يفُك جسمي.
على رصيف القطار
وضع الهاتف على أذنه يرد على سؤال والده:
إنت فين يا جاويد لدلوك، الساعه جربت على إتناشر ونص وإنت لساك معاودتش للدار... أمك سألتنى إن كنت بعرف مكانك، جولت لها مخابريش.
رد جاويد:
أنا فى محطة الجطر(القطر)، وخلاص كلها نص ساعه وجطر البضاعه يوصل أشحن البضاعه على محجر المصنع وأعاود للدار، يعنى ساعه ساعه ونص بالكتير.
تنهد والده قائلاً:
إنت اللى هتستلم البضاعه بنفسك كنت خليت أى حد من المصنع يستلمها مُطرحك.
رد جاويد:
وفيها أيه لما أستلمها آنى، أنا فاضي دلوك.
تنهد والده بإشتياق وتقدير قائلاً: ربنا يديك طولة العمر بتشبه چدك الله يرحمه كان دمه حامي إكده ويعمل كل شئ حتى الحاچه الصغيره بيده... بلاش تتأخر عشان إنت عارف أمك عندها جلج(قلق) عليك بزياده.
تنهد جاويد قائلاً:
مش عارف أيه سبب الجلج ده، أنا خلاص كبرت وكلها أجل من شهر وأكمل واحد وتلاتين سنه.
تبسم والده قائلاً:
هى بتجول مش هنطمن عليك غير لما تتزوچ ويكون لك مره تاخد بالها منيك.
ضحك جاويد قائلاً:
كنت بنته إياك وهيفوتنى الجطر، وبعدين يعنى العرايس جدامها كتير.
رد والده ببساطه:
العرايس كتير، وفي منهم اللى فى إنتظار كلمه منيك.
فهم جاويد تلميح والده قائلاً بتتويه:
نتكلم فى الموضوع ده بعدين خلاص الجطر اللى جايه فيه البضاعه انا سامع صوته بيجرب من المحطه.
أغلق جاويد الهاتف وكاد يضعه بجيبه لكن.
بسبب تيبُس جسدها ومكان مقعدها بمنتصف إحدى عربات القطار تأخرت فى النزول من القطار، بمجرد أن وضعت إحدى قدميها على رصيف القطار إندفع القطار سيرًا وكاد يجذبها تحت عجلاته لكن وقعت منها حقيبة يدها كذالك حقيبة ملابسها، أسفل تلك العجلات بينما إختل توازن جسدها وإنعدمت جاذبيته وأخذت تدور وتدور لا تستطيع السيطره على جسدها كآنه مثل الهُلام، تتخبط بين بعض النزلاء من القطار، حتى أنها تصادمت بكتف جاويد ومازالت أيضًا تدور، الى أن إقتربت رصيف القطار المقابل وكادت تسقط على القُضبان ، لكن سريعًا حين رأها جاويد أمسكها بقوه من إحدى عضديها وجذبها عليها، ثم أمسك عضد يدها الأخرى يُثبتها بمكانها قبل خطوه واحده من السقوط على قضبان القطر، ثبتها قويًا وهى شبه دائخه.
وحين يشاء القدر يكون اللقاء الذى سيجمع بين العصب والوتين.... بـ "أرض مازالت تحمل لعنة خيانة الجدود لـ عهد قديم يدفع ثمنه الأحفاد".
بأقصى أطراف البلده منزل من" الطوب اللبن "
يُشبه العِشش تفوح منه رائحة كريهه
رائحة مكان يُعقد فيه عهود مع شياطين الجان، هنالك أيضًا شياطين البشر التى لا تفكر سوا فى الطمع.
ألقت بعض من الرمال فوق ذالك المنقد (موقد صغيرللفحم)
حتى تهدأ نيران ذالك الفحم المُتأججه، زفرت نفسها قائله:
صالح الأشرف من زمان رِچليك مخطتش لعِشتي، چاي كيف العاده عشان مصلحتك،" أرض الچميزه".
إستغرب صالح الذى شعر بغثيان من رائحة المكان الكريهة أخرج منديل مُعطر من جيبه ووضعه فوق أنفه.
إستهزأت به قائله:
الأرض راجده(راقده)على كنز كبير بس كل شئ بآوان ولساه آوان خروچ الكنز مجاش.
لمعت عينيه بطمع وإنبسط وجهه بظفر فى البدايه ثم سأم وجهه مُتهجمً يقول:
وميتى بجى آوان خروچ الكنز يا "غوايش".
ألقت غوايش بعض الرمال فوق المنقد قائله:
لما أعرف طلبات مارد المقبره،بس قبلها لازمن تحاوط الأرض دى بـ سور خرساني عشان لازمن نحفُر الأرض،الكنر فى جُب غويط،ولو حفرت أكده فى العلن ألف يد هتتمد عالكنز المدفون.
لمعت عين صالح بطمع متسألًا:
بس أنا ليا جزء فى الأرض مش كلها ملكي،صلاح له فدان وصفيه نص فدان،كيف هحاوط على نصيبهم بالأرض،ومش معجول هجول لهم إن فى كنز تحت الأرض،صلاح ولاده التنين لابسين توب العِفه،وصفيه هتمشى وراء صلاح وولاده.
زفرت غوايش نفسها ونفخت فى ذالك المنقد ليشتعل الفحم قائله:
بس تجدر تحاوط نصيبك مش قليل،فدان صحيح الكنز راجد تحت الأرض كلها بس سهل نسحبهم من نصيبك فى الأرض بعد الحفر.
تنهد صالح بطمع قائلًا:
تمام،بس هيسألونى عن سبب إنى بحاوط الأرض دى؟.
زفرت غوايش نفسها بضيق قائله:
سهل الچواب،جول لهم إنك هتبنى عليها مصنع فخار كيف جاويد ولد أخوك ما عنده مصانع،هتستغل الأرض وإنها جريبه من النيل وأكيد طميها هينفع المصنع،وكفايه أسئله عاد دلوك وكل سؤال له چواب بعدين،دلوك إلحق حاوط الأرض
بـ سور سميك وبلاش تستعجل عالكنز له آوان يخرج فيه،لما يتم طلب مارد المقبره... ودلوك هملني وأنا هبجى أشيع لك، كيف ما حصل سابج، هتغرف من كنز ثمين مدفون مش بس دهب مساخيط، كُمان فى اللى أهم من دول.
برقت عيناه بجشع مُبتسمًا يقول بأستفسار:
وأيه اللى بالمقبره أهم من الدهب والمساخيط، بترول إياك.
نظرت له غوايش بعين تحولت الى وهج نيران مُستعره تقول:
لاه مش بترول، ده سر جديم تركيبه ترچع الشايب شاب من تاني ويعافر مع صبيه مش يبلبع حبيتين وآخره يحسس بيده.
فهم صالح مغزى حديثها شعر فى البدايه بخزي لكن لمعت عينيه وبرقت بآشتياق وأهتز جسده برغبه قائلًا:
جصدك "الزيبق الأحمر".
ردت غوايش:
لاه مش الزيبق الأحمر ده ترياق تاني مخلوط ومِعزم عليه بجوة مارد المُجبره،ودلوك كفايه أسئله،جولت هملني لحالي. وحط اللى فى چيبك على الكرسى اللى جاعد عليه.
وقف صالح وأخرج من جيب جلبابه ظرف وضعه على المقعد مكان جلوسه وخرج من العِشه تاركًا
غوايش التى إزداد توهج عينيها نيرانًا وهى ترى خيال مارد شيطاني كبير ومُخيف يقف على الحائط أمامها،نهضت سريعًا وإقتربت من الحائط شعرت بيد قويه توضع فوق رأسها تغصبها أن تسجد بالفعل سجدت أمامه تُشرك بالله تبيع روحها لشيطان طالبه قوه خفيه تساعدها فى أعمال شريره تأذي بها الأخرون،تعتقد أنها تُعطيها سطوه كي تأخذ بثآر الماضي.
.........ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل مؤنس القدوسى
رغم أن الغرفه مُظلمه، لكن جافى النوم مرقده بسبب هو يعلمه جيدًا، الشوق والحنين، لفتاه كانت مُدلله ربما أفرط فى تدليلها، ليكون هذا الدلال سبب هلاكها، لا يعلم سبب لتذكره لها اليوم لكن سأل قلبه:
هل نسيتها يومً بل لحظه بحياتك،تخليت عنها وتركتها تذهب خلف هلاكها بعيدًا لتعود لك فى يوم جثه دفنتها دون عزاء وإعتقدت أن هذا كان عقابً لها بل كان لك، قلبك يآن بكل لحظه، تتمنى لو كنت سبقتها إلى القبر وإنقلب الوضع وهى من أخذت عزائك.
نهض من على فراشه واشعل الضوء وأخذ عباءه عربيه وضعها على كتفيه وخرج الغرفه لو ظل بالغرفه يتذكر أكثر سيجن عقله،خرج الى حديقة المنزل،حتى قدميه ساقته نحو ذكراها وهو ينظر الى شجرة التوت التى بالحديقه رأى تساقط أورقها بسبب الخريف حين تسلط ضوء شبه منير من القمر الاحدب،للحظه إبتسم وهو يتذكر صبيه يافعه تتسلق فروع شجره توت مثل هذه،كانت تتسلق بحذر كأنها فراشه تتنقل بين الأغصان وقفت بحذر على أحد الفروع تقذفه بحبات التوت الأحمر قائله بغنج:
إفتح حجرك يا أبوي وخد دوج(تذوق) توت أحمر كيف ما بتجول عليه
"خد الچميل" متخافيش الچلابيه اللى عليك غامجه وكمان جديمه ولو بجعت (بقعت)أمى ما هتصدج وتعملها خلجات تمسك بيها الطناچر من على الباجور.
كان يضحك لها ويفعل مثلما تقول يفتح حجر جلبابه ويتلتقط حبات التوت التى تقذفها من فوق الشجره وينتظرها حتى تهبط من فوق الشجره تجلس جواره أسفل الشجره يستمتعان بتذوق التوت وحين يرى ذالك المياء الأحمر حول فمها وخديها يضحك قائلاً:
كُلى واحده واحده بلاش بالحِفان (كف الايد) خدودك وشفايفك بتاكل معاكِ بجى لونهم أحمر.
كانت تضحك بدلال قائله:
ده لونهم الطبيعي يا أبوي ناسى إنك بتنادم عليا "مِسك خد الچميل".
" مِسك خد الچميل"
ترددت تلك الجمله فى رأسه مع دموع حسره على شبابها الذى ذهب سريعًا، جلس على جذع شجره قريب من تلك الشجره ، لا يعلم سبب لذالك الشعور الذى يتوغل بقلبه، يشعر برائحتها فى نسمة الهواء الخريفيه، يشعر أنها قريبه منه، ربما لو عاود النظر لأغصان الشجره يرها واقفه على أحد أغصانها، لكن غص قلبهُ، هذا وهمً، فالراحلون لا يعودن فقط يتركون ذكريات وآسى بالقلوب.
بنفس اللحظه شعر مؤنس بيد على كتفه،بلهفه جفف دموع عينيه بيديه ونظر خلفه،للحظه ظن أنها مِسك وأن ما حدث كان كابوس حتى أنه قال بلهفه:
مِسك.
إبتسم محمود وهو يظن أنه يعتقد أنه إبنته قائلًا:
مِسك من وجت ما عاودت مع صفيه من دار خالها دخلت لمجعدها، وزمانها فى سابع نومه، أيه اللى مسهرك يا أبوي...أنا خدت نعسه وجومت من النوم عطشان ملجتش ميه فى المعجد نزلت للمطبخ لمحتك باب الدار مفتوح وكنت هجفله بس لمحتك فى الچنينه،أيه اللى شاغل بالك إكده يا أبوي من صباحية ربنا وإنت شارد.
تنهد مؤنس يتنفس الهواء يشعر بآسي فى قلبه محمود ظن أنه يتحدث عن إبنته بينما هو قصد "خد الچميل"التى رحلت وتركت مكانتها فى قلبه لم تهتز،لكن بداخله ندم لو عاد الزمن مره أخرى لن يتركها ترحل بعيد عنه حتى لو كان ألزمها بالزواج
بـ رجل تبغضه،لكن فات الآوان وأصبح كل شئ ماضى مؤلم،تنهد يحبس تلك الدمعه التى تترك قلبه أشلاء قائلًا بكذب:
أنا مش شارد يا ولدي ولا حاچه،بس يمكن تقلت فى الوكل،والنوم طار من عيني جولت أتمشي هبابه أهضم الوكل وأها أنا جايم أدلى على مجعدي وإنت كمان مش شربت يلا إدلى على مجعدك.
قبل أن ينهض مؤنس من على جذع الشجره جلس محمود على جذع آخر قائلًا:
فى موضوع يا أبوي عاوز أتحدت فيه وياك وأخد بشورتك،بصراحه إكده،صالح الأشرف عرض عليا أنى أشتغل وياه وأبيع له بضاعة الفخار اللى عم صنعها وهو يبيعها فى البازار بتاعه للآجانب.
زفر مؤنس نفسه بسأم قائلًا بتحذير:.
لاه يا ولدي بَعِد عن سكة صالح الأشرف،سكته واعره وآخرها الندم،إنت مش ربنا رازقك وبتشتغل مع بازارات تانيه فى الاقصر غير زباينك اللى واثجين فى جودة صنعتك،بلاها يا ولدي وبلاش تسمع حديت مرتك الفارغ،بالك لو كان چالك العرض ده من صلاح أو جاويد كنت جولت لك وافج بدون ما تفكر حتى إنت يمكن مكنتش هتبجى محتار وتسألنى،آخر حديت يا ولدى خلينا بعيد عن سكة
صالح الأشرف كفايه اللى حصل منيه بالماضي،لسه مكان الچرح لغاية دلوك بينزف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بغرفة مِسك
خلعت ذالك المئزر الحريرى من على جسدها وبقيت بثوب نوم نسائى شبه عاري ذهبت وجلست على مقعد أمام المرآه، جذبت قلم حُمره للشفايف وبدات بطلي شفاها منه بكثرة حتى أصبحت شفاها شبه دمويه ومُغريه أطبقت شفاه أكثر من مره ثم وضعت قلم الحُمره ونظرت لإنعكاس وجهها وجسدها بالمرآه
نهضت واقفه تدور حول نفسها بإعجاب من جسدها الغض وشفاها المثيره تخيلت لو جاويد رأها بكل تلك الفتنه ماذا سيكون رد فعله، ذهبت نحو الفراش وأرتمت بظهرها عليه تُغمض عينيها تتخيل لو تحققت تلك الأمنيه
تخيلت أن جاويد نصف عاري فتح باب غرفتها ودخل وأغلق خلفه باب الغرفه مُبتسمًا ينظر لها بإفتتان ورغبه تضُخ من عينيه وهو يقترب من الفراش، نهضت قليلًا وبدأت يديها تسير على مُحنيات جسدها بإغواء، تبتسم له وهو ينحني على الفراش عليها وشعرت بيديه فوق وجنتيها شعرت بأنفاسهُ القريبه من شفاها، قلبها يدق بصخب تنتظر أن تشعر بشفاها بين شفاه، لكن هنا فاقت من تلك الغفله التى يتمنى قلبها قبل عقلها تحقيقها، فاقت بعد أن شعرت بخواء وان ذالك كان مجرد وهم لذيذ تحي من أجل أن يتحقق يومً ما قريبًا وتُصبح مِلك يمين جاويد، تلك هى الامنيه التى تحيا من أجلها، تعشقه منذ نعومة أظافرها هو فارس أحلامها، رغم أنه لم يُعطي لها يومً إهتمام أكثر من كونها إبنة عمته، ذمت نفسها قائله بلوعه:
لحد ميتى يا مِسك هتتحملي جفى جاويد، إنت سمعتى بودانك الليله حديته عالموبايل مع مرات خالك بتسأله هو فين، وإن عمته فى الدار ونفسها تشوفه، إتحچچ أنه مشغول ومجاش.
جاوبت على نفسها بلوم قائله:
واه يا مِسك هتتخيلى وترسمى قصص من خيالك عاد،أكيد جاويد حداه شغل مهم هو عنده مسؤليات كتير،أيه اللى هيخليه يتهرب وميجيش عالعشا،من ميتى وجاويد بيهمه حاچه أو يستحي وكيف ما جالت أمى لو مش رايدني كان ولا همه وإتزوچ من زمان من بنت غيري،بس هو عامل نفسه تجيل(تقيل) حبتين،بس بعد عمل المحبه اللى أمى دَسَتَهُ له فى المرتبه أكيد هينسى التُجل ويبيح باللى فى جلبه،ويتم المراد.
تنهدت بأمل تُغمض عينيها ترسم وهم لذيد لديها إحساس أنه أقترب تحقيقه.
.. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمحطة القطار
" ساعة القدر يعمى البصر"
هذا هو تفسير ما لا تشعر به كآنها فقدت الإدارك تمامًا لا تشعر بشئ رغم ذالك تدافع الهواء القوي الذى لولا تشبُث جاويد بعضديها لدفعها ذالك الهواء أسفل عجلات القطار.
بينما جاويد المُتشبث بها كان أول شئ وقعت عيناه على شفاها المرسومه بحُمره طبيعيه،سار بقلبه رغبه قويه فى تقبيلها للحظات تنحى العقل وكاد يقترب من شفاها ويُحقق تلك الرغبه، لكن فاق من ذالك الإنسياق على صوت إحداهن تصرخ وتقول:
الجطر دهس بنت تحت عجلاته.
فجأه عم الصخب بين نزلاء القطار وتوقف القطار للدقائق البعض ينظر الى أسفل عجلات القطار يرى تطاير ملابس منهم من يُجزم أن هنالك من فرمتها عجلات القطار وآخر يقول أن تلك حقيبة ملابس فقط،تأكدوا حين عاود القطار السير،وأقترب البعض من مكان وقوف جاويد المُتشبث بـ عضدي سلوان التى بدأت تشعر بعودة الإدراك،هنالك من ظن وأبتسم أن هذان الإثنان عاشق يستقبل معشوقته الآتيه من السفر، وأخر إستهزئ من ذالك وأعتبره وقاحه لا داعى منها أمام أعين الغرباء، وهنالك آخر من رأى الموقف من البدايه وفهم أنه كان عمل إنساني من جاويد لكن إستغرب حين رأى تقارب جاويد منها يضمها أكثر وكاد يقترب من شفاها.
بينما جاويد رفع رأسه قليلًا نظر لوجهها الخالى من أى رد فعل، لكن لفت بصره وطن برأسه وصف إمرأة المعبد حين همست له قائله:
العلامه فى وشها "شامه عالخد وإتنين عالشفايف وخصله غجريه ثايره على شفايفها".
هذا بالفعل ما يراه أمامه، بنفس اللحظه سقط ورقة العشق وأيقن أن تلك المرأه لم تكن تقول له خزعبلات بل كآنها قرأت الطالع والمكتوب على قلبه...
كذالك سلوان التى بدأت تشعر باحساس عودة الحياه مره أخري، تلاقت عينيها مع عيني جاويد دخل الى قلبها شعور لا تعلم ما هو لكن شعور
بـ قبول غريب عليها
كذالك بدأت تشعر بيدي جاويد المُمسكان بعضديها ببديهيه منها تراجعت للخلف خطوه لكن مازال أثر الخضه وكذالك يدي جاويد يُحطان بها الى أن أقترب ذالك الرجل الذى رأى كل شئ من البدايه ومد يده بزجاجة مياه نحو سلوان قائلًا:
خدي يا بتِ بلى ريجك بشوية مايه.
مدت سلوان يدها بضعف تُمسك زجاجة المياه،لكن قبلها نظرت لـ جاويد قائله بهدوء:
سيب إيديا.
بتردد شعر جاويد بالخزي وترك عضديها،لكن مازال ينظر لها بتعجب وإعجاب،فى نفس الوقت،بينما إرتشفت سلوان بعضًا من الماء ثم نظرت نحو قضبان القطر رأت بقايا حقيبتيها وملابسها التى ذهبت أدراج الرياح لم يبقى شئ سوا قطع ممزقه من كل شئ...كذالك جسدها واهن بصعوبه ذهبت نحو إحدى الآرائك تسير بوهن الى أن جلست عليها مازالت تائهة الوجدان،بتلقائيه ذهب جاويد الى مكان جلوسها وجلس جوارها فقط ينظر لها صمت غريب حل على المكان وإختفى الماره.
شردت سلوان وهى تنظر الى بقايا أشلاء ثيابها بين قضبان القطر،لو لم يتغير القدر وإنزلقت مع حقيبتيها أسفل عجلات القطار،كانت ستُصبح أشلاء كهذه،ولن يتعرف أحد على جثمانها،شعرت ببروده تسري فى جسدها بتلقائيه ضمت يديها تمسد عضديها بكفيها،تود أن تبكي لكن حتى الدموع تحجرت بعينيها،لكن شعرت بمعطف ليس ثقيل يوضع على كتفيها،رفعت نظرها،رأت ذالك الرجل الذى أعطاها المياه قبل قليل يبتسم لها قائلًا:
متخافيش الچاكت نضيف.
إبتسمت له بوهن وإمتنان وإرتدت المعطف فوق ثيابها،شعرت بدفء...
بينما جاويد نظر لذالك الرجل وشعر بالغيره حين إبتسمت له سلوان، رغم أنه يعلم ان بسمتها له مجامله منها...زفر نفسه قويًا ونظر نحو قضبان القطر،رأى لمعان شئ يضوي،دخل إليه فضول ونهض من جوارها وقفز بين القضبان وذهب نحو ذالك الشئ الامع،وجذبه من بين بعض الأشلاء، كانت بطاقة هاويه نظر نحو سلوان وكاد يتحدث لكن الفضول جعله يود قرأة إسمها،إقترب من أحد أعمدة إنارة المكان وهمس إسمها بذهول
"سلوان هاشم خليل راضى"
بينما جلس الرجل جوار سلوان متسألًا:
إنتِ زينه يا بتي.
ردت سلوان على سجيتها بتلقائيه:
إسمي سلوان مش زينه.
إبتسم لها الرجل قائلًا:
عاشت الأسامي يا بتى أنا جصدى إنك بخير.
ردت سلوان:
الحمد لله بخير،بس مش عارفه هعمل أيه دلوقتي وهروح فين بعد كل حاجه ما ضاعت تحت عجلات القطر.
إبتسم الرجل قائلًا:
ربك هيدبرها يا بتي متجلجيش،زى ما أنجدك من شويه.
صمتت سلوان وهى ترى جاويد يقترب من مكان جلوسها مره أخرى حتى وقف أمامها ومد يدهُ لها قائلًا:
أنا لقيت بطاقتك الشخصيه بين قضبان القطر أتفضلي.
أخذت منه بطاقة الهاويه بإنشراح وهى تنظر الى الرجل الجالس جوارها قائله:
إنت راجل بركه،قولت لى ربنا هيدبرها وأهو بطاقتي الشخصيه والأستاذ لقاها،كده تقريبًا إتحل جزء مشكلتي.
إبتسم لها الرجل قائلًا:
سلمي أمرك دايمًا لله يا بتي، بس زى ما جولتى اللى إتحل جزء من المشكله وأيه الباجي؟.
ردت سلوان:
أنا كنت حجزه هنا فى الأقصر فى أوتيل عن طريق النت حتى كمان كنت حولت جزء تحت الحساب، بس أنا مش عارفه هروح للاوتيل ده إزاي دلوقتي؟.
إبتسم الرجل وهو ينظر نحو جاويد قائلًا بمكر وهو يرى نظره خاصه من جاويد لها قائلًا:
بسيطه يا بتي ممكن تأخد تاكسي ولما توصلى للأوتيل خلي الاوتيل يحاسبه ويضيف الحساب على فاتورتك...أو...
صمت الرجل،بينما قالت سلوان بإستفسار:
أو أيه؟.
نظر الرجل نحو جاويد قائلًا:
أو الأخ ده لو معاه عربيه يجدر يكمل معروفه ويوصلك للأوتيل.
نظرت سلوان لـ جاويد تشعر نحوه بشعور غريب،لا تستطيع تفسيره وكادت تسأله لكن صمتت حيائها منعها،فعرض جاويد:
معايا عربيه بره محطة القطر ولو فاكره إسم الاوتيل خليني أوصلك له.
نهضت مُبتسمه تقول له:
آه فاكره إسم الأوتيل بس معرفش هو قريب من محطة القطر أو لاء.
إبتسم الرجل قائلًا:
مش هتفرق يا بتي،خلى الأستاذ يوصلك،دلوك بحينا بعد نص الليل والله أعلم بمين عالطريج.
دب الخوف فى قلب سلوان لكن شعرت بالامان ناحية ذالك الرجل قائله برجاء:
تعالى معانا، أنا حاسه ناحيتك بانك راجل طيب وتشبه بابا.
إبتسم لها قائلًا:. واضح إن جلبك طيب يا بتي، بس أنا هنا عشان هستلم بضاعه جايه فى الجطر من أسوان وهى تجريبًا وصلت عالرصيف، والأستاذ كمان شكله طيب وولِد حلال.
نظرت سلوان لـ جاويد تشعر ناحيته بآمان ربما أكثر من ذالك الرجل وشعور آخر لكن تخشى الثقه الزائده، وكادت تقول برجاء لـ ذالك الرجل الذى قاطعها قبل أن تتحدث:
عمك "بليغ" له نظره فى الناس يا بتي، روحى مع الأستاذ متوكد أنه أمين.
كأنها كانت بحاجه لسماع ذالك الكلام من بليغ لتذهب مع جاويد، بالفعل أومأت برأسها بموافقة وسارت بعض الخطوات أمام جاويد الذى إقترب منه بليغ قائلًا:
شكلي جيت فى الوجت المناسب،
إدلى مع الصبيه وصلها للفندق، ومتحملش هم البضاعه انا هستلمها وادخلها للمخازن.
إبتسم جاويد له قائلًا:
لو مش اللى حصل الليله كان هيبجى ليا رد فعل تاني إنك تكسر كلمتى وتچى تستلم البضاعه وإنت مُصاب ولازمك راحه.
إبتسم بليغ وهو ينظر لـ سلوان التى توقفت عن السير تنظر لهم قائلًا:
أعتقد إنك هتكافأني إنى جيت فى الوجت المناسب روح وصل سلوان... شكلها محتاجه لراحه بعد اللى شافته الليله، لو مش إنت اللى جيت فى الوقت المناسب يمكن...، ربنا بيسبب الأسباب، أشوفك بكره فى المصنع يا جاويد.
سار جاويد نحو سلوان التى أشارت بيدها لـ بليغ بالسلام، ثم سارت أمام جاويد الى أن وصلا الى خارج محطة القطار، أشار لها على سيارته وفتح لها الباب الامامي وذهب هو الى الناحيه وجلس خلف المقود.
كان الصمت بينهم،كل منهم يود سؤال الآخر لكن هنالك شئ يمنعه،الى أن وصلا الى مكان الفندق توقف جاويد بالسياره أمام مبنى ضخم قرأت إسم اللوحه الأعلانيه الكبيره علمت أنه الفندق.
فتحت باب السياره وترجلت منها،توجهت نحو باب الفندق،لكن قبل أن تتبعد عن السياره سمعت صوت إغلاق باب السياره نظرت خلفها ورأت ترجُل جاويد، فقالت له بإختصار:
شكرًا.
أومأ لها برأسه صامتًا وظل واقف أمام سيارته الى أن دخلت الى داخل الفندق،ظل قليلًا ثم دخل الى الفندق وذهب الى مكان الإستقبال سألًا عن غرفتها ثم غادر الفندق...عائدًا عقله يُفكر كل ما حدث الليله الذى لو سرده عليه أحدًا لقال أن هذا قصه خياليه،يحكيها راوي بأحد الموالد الشعبيه...يضحك بها على عقول السُذج.
.....ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخلت سلوان الى داخل تلك الغرفه التى من الجيد أنها أكدت الحجز بتحويل جزء تحت الحساب الى الفندق،ألقت بمفتاح الغرفه وبطاقة هويتها فوق الفراش ثم ألقت جسدها فوق الفراش تنظر الى سقف الغرفه عقلها يسترجع ما حدث لها الليله عقلها كأنه مثل شريط فيديو سجل ما حدث دون إراده منها،دمعه سالت من عينيها للحظه كان بينها وبين موت مُحقق خطوه واحده،لولا...
لولا من هذا؟ وما هذا الشعور الغريب الذى بداخلها مره لأول مره تشعر بآلفه إتجاه أحد من أول لقاء لها معه،فما عاشته سابقًا بسبب كثرة تنقُلاتها من مكان لآخر علمها التريُس فى إعطاء الآمان لمن أمامها،هى آمنت لـ ذالك الشاب الذى أنقذها ليس هو فقط ذالك الكهل الآخر،نظرت الى جسدها وذالك المعطف الذى وضعه فوق كتفيها وهى بمحطة القطار،إحساس غريب يغزوا عقلها هى حُذرت سابقًا من المجئ الى هنا بالأقصر ،لكن إنقسم تفكيرها،بين ما كاد يحدث لها وبين ما قابلته هنا منذ البدايه بداخلها تمنت رؤية ذالك الشاب مره أخرى لا تعلم سبب لذالك،لكن نهضت من على الفراش تشعر بإرهاق وخلعت ذالك المعطف ،لكن شعرت بشئ معدنيّ بداخل أحد جيبوب المعطف،بفضول منها أخرجته،كان "سوار فضي" به بعض النقوش الفرعونيه،أعجبها تصميمهُ كثيرًا لفت نظرها حفر كتابه باللغه العربيه داخله ،قرأته بصعوبه قائله:
"جلال الدين".
وضعت السوار بجيب المعطف مره أخرى،قائله:
كان فين عقلي كان لازم أسأل عم بليغ ده عن عنوانه عشان أرجع له الجاكت بتاعه،أكيد الأسوره دى غاليه عليه.
زفرت نفسها قائله:
حاسه جسمي بيوجعنى،هدخل أخد شاور وبعدها هيكون فى طريقه أرجع بيها الچاكت والخاتم ده... كويس أن البطاقه بخير، أكيد فى فرع للبنك هنا فى الاقصر أروح أطلع كريديت جديد وأبقى أشترى لى هدوم وموبايل جديد.
.......ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل صلاح الأشرف.
خلع جاويد بعض ثيابه وظل بالبنطال فقط وذهب يجلس على الفراش،تنهد بإنشراح قلب،أغمض عينيه لثوانى،سكن وجه سلوان خياله،إبتسم بشوق وهو يتذكر نظره لشفاها،سارت رغبه قويه بقلبه وهو يتخيل لو كان أكمل وقبل شفاها بما كان سيشعر وقتها،لعق شفاه،لكن فتح عينيه على صوت طرق على باب الغرفه.
نهض بتكاسل يرتدي قميص قائلًا:
إدخل.
دخلت يُسريه ببسمه قائله بعتاب حازم:
أيه اللى أخرك لدلوك،كل ده عشان جولت لك عالموبايل إن عمتك صفيه هنا،بتتهرب عشان متشوفش مِسك.
تنهد جاويد قائلًا:
موضوع مِسك إنتِ عارفه رأيي فيه من الأول،مِسك زى حفصه،والتخاريف الجديمه بتاعة زمان اللى لسه عمتى متمسكه بيها،"ان جاويد لـ مسك" من وهي فى اللفه حتى لو أنا اللى وجتها كنت واخد الموضوع لعبة طفوله مش أكتر،لما كبرت عرفت حجيجة مشاعري،مِسك فى نظري زى أى بنت عاديه ومستحيل أقبلها زوجه ليا.
تنهدت يُسريه بسأم قائله:
وإنت عارف زين إن عمتك حاطه أمال فى جلب بتها والله بتصعب عليا أحيانًا،أنا مجدرش أغصب عليك تتجوزها،وبعد إكده لو محصلش بينك وبينها وفاج ترچع تلومني،بص يا ولدي كل شئ قدر وربنا هو اللى بيسره وبيدخل التآلف فى الجلوب،أنا كل اللى خايفه منيه هو "حفصه" أختك مِسك ليها تأثير كبير عليها،وعمتك طلبت الليله نحدد ميعاد كتب كتابها هى وإبنها،وأبوك وافج إن كتب الكتاب يتم كمان سبوعين،والچواز فى أچازة نص السنه.
تفاجئ جاويد قائلًا:
وليه الأستعجال ده عاد،ما يتجوزوا بعد أمتحانات نهاية السنه حتى تكون حفصه خلصت دراستها قبل ما ترتبط بمسؤلية جواز.
تنهدت يُسريه بقبول قائله:
جولت إكده بس عمتك جالت إن حفصه كيف بتها مِسك والجواز مش هيأثر على دراستها،وأبوك وافج كمان.
تثائب جاويد قائلًا:
تمام،طالما أبوي موافج يبجى على بركة الله.
نهضت يُسريه من جوار جاويد قائله:
هسيبك ترتاح شكلك هلكان،بس لسه لنا حديت عن سبب تأخيرك لدلوك بره الدار.
ضحك جاويد قائلًا:
ليه هو انا بنته وممنوع أتأخر بره الدار بعد العشا.
تنهدت يُسريه قائله:
لاه مش بنته بس انا بفضل جلجانه لحد ما تعاود إنا وأخوك للدار،هو كمان زمانه راجع من المستشفى
ومعاه وكل من الشارع،طول عمره بيحب الرمرمه.
ضحك جاويد.
نهض من فوق الفراش بعد خروج يُسريه،ذهب نحو حمام غرفته وأخذ حمام دافئ،وإرتخى بجسده فوق الفراش كي ينام لكن سهد النوم وطار من عينيه رغم أنه كان قبل قليل يتثائب ويشعر بالنعاس،وعاود خيال وجه سلوان يشغل عقله وقلبه.
خرج من غرفته وصعد الى تلك المضيفه التى بأعلى المنزل وذهب نحو تلك الطاوله وبدأ بممارسة هوايته المفضله التى ورثها، وهى تشكيل الفخار...حاول الانهماك ،لكن عقله وقلبه يرفضان ان يبتعد عنه وجه سلوان، وتذكر آخر كلمه سمعها من إمرأه المعبد وتحذيرها له:
حاذر تكذب أو تخدع
لوعة العشج مكتوب عـ الجلوب
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضام لجروب الواتساب اضغط هنا
تابعى صفحتنا على الفيسبوك عشان تبقى اول واحدة تقرأ البارت اول ما ينزل
صفحتنا على الفيسبوك من هنا