رواية ليل واسر الفصل العاشر 10 بقلم نور سعد

رواية ليل واسر الفصل العاشر 10 بقلم نور سعد


رواية ليل واسر الفصل العاشر 10 هى رواية من كتابة نور سعد رواية ليل واسر الفصل العاشر 10 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية ليل واسر الفصل العاشر 10 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية ليل واسر الفصل العاشر 10

رواية ليل واسر بقلم نور سعد


رواية ليل واسر الفصل العاشر 10

-في إيه يبني؟ مالها التحاليل؟ شكلها مفهاش حاجه وأنت مكسوف من نفسك صح صح؟؟
برضه مفيش رد! كل اللي عمله أنه نزل التحاليل من أيده ومكنش عارف ينطق! أعصابي تعبت من شكله؛ فَبدون أي مقدمات سحبت الملف من أيده وهو أتنفض من مكانه وزعق فيا!
- أوعي يا ليل، هاتي الزفت ده.....
كان...كان بيتكلم وبيزعق، بس...بس أنا...مكنتش سامعة حاجة..مكنتش سامعة حاجة... كل اللي سمعته واللي كان بيرن في ودني صوت عمار لما قال من فترة كبيرة "أتعالج عشان بعد ما أتعافى بكام شهر المرض يتجدد في جسمي من تاني!
أنا...أنا عندي كانسر من تاني؟! 
خَد نَفس، ثبت عيونه عليا وقال:
ـ ممكن تهدي، عادي بتحصل كتير يا ليل، هتاخدي كام جلسة وهتخفي وتكوني زي الفل.
ضحكت، فاجأة لقيت نفسي بضحك بدون وعي! وفاجأة سكتت وبكل تهجم قولت:
ـ أتعالج تاني! عشان بعد كام شهر يجيلي تاني! وأفضل في الدايرة دي طول عمري! عشان في الأخر برضه أموت!
سحبت شنطتي وابتسمت بسخرية، أتحركت خطوتين وقولت: 
ـ طب على أية الفرهدة دي؟ ما أنا أقعد أستنى الموت يجي لحد عندي أسهل. 
خلصت كلامي وأنا بخرج من المكتب وبقفل الباب، مهتمتش لصوته اللي كان بينده عليا، كل اللي كنت سمعاه هو صوت بُكى قلبي، قلبي كان بيبكي بقهرة على حالي، هو..هو ليه؟! ليه كل ما أقف على رجلي الدنيا تيجي تديني بالقلم على وشي! ليه كل ما أبدأ أفرح وأحس أني خلاص هوصل للنجوم تيجي ريح ترزعني على سابع أرض! ليه كل ده بيحصلي أنا بالذات ليه؟!
بعد لَف وبُكى وشكوى لربنا، رجلي خدتني ورجعتني للبيت، دخلت كان بابا وسعاد قاعدين قدام التلفزيون، رميت الشنطة على أقرب كرسي وكنت هدخل أوضتي، بس لوقفني صوت بابا: 
- مالك؟ جايه بدري يعني؟
مرتدش وكنت هقفل باب أوضتي من سكان، ولكن اللي وقفني كلام سعاد لما قالت: 
ـ ما تردي يختي! مالك شايلة طاجن سِتّك ليه؟ مات لك ميت!
ومنغير أدنى شعور كنت بنفجر فيها لكن بهدوء!
- عارفه ليه جيت بدري يا سعاد؟ عارف ليه يا بابا؟ 
كنت ببدل نظراتي بينها هي وبابا من سكات، وهما مَردوش، أكتفوا بس أنهم ينقلوا نظراتهم لبعض بستفهام، لكن أنا كملت كلامي وقولت بنفس الهدوء: 
- شكلكم مش عارفين، تمام أنا هقولكم. 
لعبت بصوابعي على التربيزة اللي قدامي لثواني وبعدين قولت: 
- جيت بدري عشان عرفت أن الكانسر رجع لجسمي تاني، الكانسر رجع ياكل في جسمي من جديد يا سعاد، عارفه ده معناه أيه؟
مهتمتش للدموع اللي كانت بتلمع في عيونها ولا لنظرة بابا اللي كانت كلها كسرة، ولا أهتميت لصوتي اللي أترعش والدموع اللي غرفت وشي منغير ما أحس وكملت:
ـ يعني خلاص، كلها كام شهر ولا حاجة وهموت.
هموت وأريحكم مني، هريحكم مني خالص، هترتاحي من قرفي يا سعاد خلاص، هي...هي كلها شهر بالكتير متقلقوش.
خلصت وأنا ببص لهم بهدوء والدموع مش عرفه أسيطر عليها، ولا كنت عرفه أسيطر على الرعشة اللي أتملكت من جسمي، أول لما خلصت سعاد وقفت وحضنتني! ضمتني لحضنها وبدأت تبكي! وكل اللي على لسانها كلمة لأ!
سبتها لحد ما خلصت وبصيت عليها بسخرية، وبكل سخرية العالم قولت لها: 
ـ بجد بتعيطي! أيه صعبت عليكِ للدرجادي؟
صرخت في وشي بدون مقدمات، ومن بين بُكاها قالت:
ـ لا لأ...مش هتموتي...مش هتروحي مني، أنا...أنا بحبك..بحبك والله؛ بس.. بس أبوكِ هو السبب، كنت كل ما احاول أقرب منك وأحاول أبين لك حبي ليكِ أبوكِ يجي ومنغير ما يحس يكرهني فيكِ، كان بيخلق بيني وبينك حاجز منغير ما يحس.
أخيرًا بابا نطق وقال بحزن باين على ملامحه: 
ـ أنا؟! أنا يا سعاد؟
وبطل غِل كانت بتصرخ فيه وبتقول: 
ـ أيوا، أيوا أنت.. في كل مرة كنت بتقولي فيها يلا... يلا شدي حيلك عايز أخاوي ليل، أي ده أنتِ أتأخرتي في الحمل كده ليه؟ دي أم ليل كانت حامل بعد شهر من جوازنا، يووه بقى يا سعاد أنا زهقت أنتِ حتى أبسط حقوقي من عرفه تعملهالي وتجبيلي طفل تاني! وكلام من ده كتير.. كنت...كنت بتكرهني في بنتك منغير ما تحس، خلتني أكره أمها لمجرد أنها خلفت وأنا لأ!  كنت بتحسسني أني ناقصة حاجة، على طول كنت بتحسسني بالعجز وأني قليلة، عارف أنا كام مرة كان نفسي أخدت ليل في حضني؟ كام مرة كان نفسي أعملها حلو عشان أعوضها كن أمها وأعوض نفسي بيها؟ عارف كام مرة معرفتش أعمل كده بسبب كلامك ليا؟؟ وبسبب الكُره اللي كانت بيتزرع في قلبي بسببك، أنا..أنا بحبك يا ليل والله، بحبك ومش عايزاكِ تروحي مني... 
خلصت كلامها ووقعت على ركبتها ودفنت وشها بين أيديها وبدأت تبكي من جديد، أما أنا؛ فابتسمت بحزن وسألت باب بهدوءا: 
ـ ها يا بابا، عرفت أنت كنت بتعمل أيه منغير ما تحس؟ عرفت أنك كنت بتعالج كل المشاكل بطريقة غلط، طب أنت عارف أني عمري ما حسيت بحبك ليا! تعرف أني كنت بحس أنك بتداري حبك ليا! أنت.. أنت طول الوقت مخبي مشاعرك، طول الوقت خايف تحضني! خايف تحسسني بحب الأب لبنته! أنت بجد مجاش في دماغك ولو للحظات أنك ممكن ف يوم تتحرم مني؟! مجاش في بالك يوم أنك تحسسني يعني أيه حضن أب لبنته؟ أنت عمرك ما حضنتني حتى! عمرك ما قولت ليا كلمة تحسسني بالأمان! أنت ليه بتتعامل مع مشاعرك على أنها حاجة عيب تظهر! ليه؟!
صرخت بأخر كلماتي وسبتهم ودخلت أوضتي، كنت..كنت بتنفس بعنف، نفَسي زاد وضربات قلبي سمعاها من مكاني، جسمي كله بيترعش بطريقة غريبة..والدنيا بتسود بالتدريج؛ عشان في أقل من ثواني محسش بنفسي...  
                         ****************
NORA SAAD
بعد مـُدة مش قصيرة كانت أخيرًا فاقت، وكان حواليها سعاد اللي مش عرفه تمسك دموعها، وبباها اللي نظرة الكسرة والحزن مسيطرين عليه مهما حاول يخفيهم، وعمار وليلة اللي قاعدين جمبها من وقت ما فقدت الوعي تقريبًا لأنهم حصلوها على البيت.
بعد وقت من الصمت أخيرًا أتكلمت هي وقالت: طب يا شباب متشكرين على الزيارة، عن أذنكم بقى عايزة أنام.
خلصت كلامها وأدتهم ضهرها في أستعداد للنوم، ثواني والكل أنسحب من الأوضه منغير كلام.
- أهدي يا طنط، هتكون كويسة والله.
كانت دي جملة عمار لسعاد اللي مش عرفه تسيطر على بُكاها، مسحت دموعها وقالت: هي بتحبك يا عمار، وبتحبك أنتِ كمان يا ليلة، خلوها تاخد جلستها عشان تخف، أنا...أنا عايزاها تخف يا عمار، مش هتسحمل أنها تروح مني...
ابتسم وقال: هتخف بإذن الله هتخف، يلا هنستأذن أحنا.
مشي هو وليلة، واليوم عدى على الكل بحزنه وكئابته، بس في سواد الليل اللي الكل كان ييحاول ينام فيه عشان يستعد لليوم التاني كانت هي صاحية وبتجهز شنطة هدومها لأنها قررت أن هي دي النهاية.
                         ****************
                                    "هي"
مسكت شنطة هدومي وأنا مقرره أني هختفي، مش لازم يعني أصعب على الكل، ولا لازم أكون مَحل شفقة، أني أموت لوحدي برضه هيكون راحه أكتر ووجع أقل.
أتسحبت وخرجت من الشقة وأنا مش عرفه أنا رايحه فين، بس أكيد رجلي هتوصلني لمكان في النهاية.
                         ****************
NORA SAAD
- وبعدين البت راحت خلاص؟ شهر كامل والبت محدش يعرف عنها حاجة! هاتولي بنتي، هاتولي بنتي يا ناس.
كان ده كلام سعاد، نفس الكلام اللي بتردده من وقت ما عرفت أن ليل سابت البيت، شهر كامل محدش يعرف عنها حاجة، شهر ومحدش فيهم داق طعم النوم ولا راحة البال، وكالعادة من شهر كانوا كلهم متجمعين في بيت ليل.
ـ معرفتش أي خبر جديد يا عمي؟
كان ده سؤال عمار لحسام والد ليل، قعد على أقرب كنبة وقال: 
ـ ولا أي جديد أنا...أنا حاسس أن حصلها حاجة.
أتدخلت ليلى وهي بتحاول تخفي الدموع اللي كانت هتخونها وقالت:
ـ  لأ..لأ بإذن الله هي كويسة، أنا قلبي حاسس أنها كويسة والله. 
-الشالية!
كلهم بصوا ناحية سعاد اللي قالت كده وهي بتتنفض من مكانها، سألوها بعيونهم وهي فعلًا ردت: 
ـ الشالية بتاع المرحومة أمها، أزاي نسيناه، الشالية مقفول من سنين أكيد هي فيه.
وقف حسام بسرعة وقال وهو بيمسك مفاتيحه:
ـ صح، أزاي تاه عن بالنا، عن أذنكم.
وفي ثواني كان سبهم ونزل وطبعًا كلهم حصلوه، وبعد تلات ساعات كانوا وصلوا للشالية، كان الشالية في رأس البر، وكان مقفول من يوم ما مامتها أتوفت.
وصلوا وكان كل شيء يدُل أن محدش موجود في المكان أصلًا! وده لأنهم في فصل الشتا، وقبل ما اليأس يتملك منهم كانوا شافوا طيف لأمل جاي من بعيد، أمل أن في حد جوه فعلًا، بس أتبخر الأمل ده في ثواني أول لما شافوا أن ليل جوه فعلًا بس مرمية على الأرض! الكل جري عليها وصوت الشهقات والصراخ هو كان سيد الموقف، وبعد فحص من عمار اللي قلبه كان على وشَك الخروج من مكانه أتنقلت للمستشفى في أقل من نص ساعة لأنها كانت قاطعة النفس!
-أنا..أنا دكتور عمار، الكارنية أهو، هدخل معاها.
بعد مناقشات وزعيق وتصميم رأي دخل معاها العمليات، دقايق وكان الدكتور خرج من أوضة العمليات بسرعة عشان ياخد أقرار من أهل ليل.
- لازم تعمل عملية أستئصال ورم حالًا.
وبدون أي تفكير قال حسام: 
ـ أعملها يا دكتور، أعمل أي حاجة بس البنت تكون كويسة.
خَد منه الإقرار وفعلًا بدأ في العملية، وفي لحظة كل حاجة وقفت، الدنيا سكتت، الهواء بقى بارد بطريقة ترعش الوجدان، وصوت تصفير الجهاز هو اللي بيضوي في الأوضة ومعاه صراخ عمار.
-ال...الجهاز بيقف! قلبها بيقف! حد يعملل حاجة، حد يتحرك.
- خرجون براا حالًا، أنعش القلب بسرعة...صدمات كهربائية....
كانت دي أخر حاجة سمعها عمار قبل ما يخرج من أوضة العمليات.
-في أيه يا عمار؟ مالك؟ خرجت ليه؟ في أيه؟
-ليل مالها؟ حصل أيه أنطق!
كان خارج جسمه كله متخشب، وملامحه ثابتة بطريقة غريية، ومنغير أي أدراك منه قعد على ركن جمب الحيطة وبدأ يبكي، ومن بين بُكاه قال اللي وقّف قلب الكل.
- ماتت! قلبها وقف قدام عيني! ليل سبتني ومشيت!مشيت بعد ما أتعذبت في حياتها، مشيت منغير ما تاخد نصبها الحلو من الدنيا، كانت على طول بتقولي أنها بتحبك يا عمي، كانت بتقولي أنها نفسها تحضنك بس خايفة، كان نفسها تحس يعني أب بيحب بنته وعارف يحتويها، كانت نفسها تجرب تقولك يا ماما يا طنط سعاد، كان نفسها تترمي في حضنك وتيجي تشتكيلك مني ومن أبوها ومن العالم كله، كان نفسها حد يسمعها، كان نفسها تحس بأمان ودفى وسطكم، كانت...كانت بتحبك يا ليلى، كانت بتقولي أنك عوض ربنا ليها، كانت بتقولي أنها نفسها تفرحك زي ما بتفرحيها، كانت بتحبنا كلنا ومحدش حسسها بالحب أبدًا..
بعصبية وعنف صرخت سعاد:
ـ لااا...لااا بطل هبل، مين دي اللي ماتت؟ ليل ماتت؟ ماتت أزاي؟ ماتت أزاي هااا؟ أزاي وأنا...وأنا لسه محضنتهاش..لسه مقولتلهاش أني بحبها، لسه معوضهاش عن الأيام السودا اللي عاشتها، لااا..أنت...أنت كداب بنتي عايشة..بنتي اللي ربتها من وهي عيلة خمس سنين عايشة، بنتي اللي كبرت قدام عنيا عايشة، بنتي اللي جالها المرض الملعون ده وقدرت عليه عايشة، بنتي مماتتش بقولك بنتي عايشة متقولش كده...
وبخطوات تقيلة قربت ليلى من عمار، وبهمس قالت: 
ـ هي...هي بجد ماتت؟ بجد يا عمار ليل سبتني؟ طب..طب سبتني لمين؟ هي عرفه أني مليش غيرها..هي عرفه أني منغيرها مش هعرف أعيش..هي قالتلي أنها مش هتسبني! أزاي يا عمار؟ أزاي سبتني كده؟ أزاي أنطق....
صرخت بأخر كلماتها بجنون، وكأن العالم بيتهد قدام عنيها! أما حسام؛ فَبتقل العالم وقف وقال:
- لا إله إلا الله، لك الأمر من قبل ومن بعد.
نص ساعة عَدت عليهم زي السنين، الكل مش قادر ينطق، محدش رجله شيلاه، ولحد دلوقت جثة ليل مخرجتش!
أخيرًا الدكتور خرج، وبخطوات تقيلة ولسان رافض ينطق سأله حسام: 
ـ تصريح الدفن هيطلع أمتى؟
- تصريح أيه؟ البنت عايشة والعملية نجحت الحمد لله.
وهنا أكتر أقول أنهم لما قالوا أن في شوية كلام ممكن يدبّوا فينا الروح من تاني كانوا يقصدوا الجملة دي بالتحديد، الدنيا سكتت من تاني، بس نسمة الهوا الباردة كانت قادرة تنعشهم وتثبِت لهم أنهم مش بيحلموا، ولا أنهم بيخرفوا مثلًا! بعد ثواني من الصمت كان حسام صوته بيضوي في المستشفى بأسم عمار هو وبيقوله:
ـ أوماال... أومال أيه اللي أنت قولته ده يا حيوان!
خلص كلامه وكف أيده كان بينزل على خَدّ عمار، الحقيقة أن عمار مهتمش للقلم اللي خده ولكنه أتقدم خطوة من الدكتور وسأله من تاني بعدم تصديق: 
ـ أزاي؟ أزاي ده القلب...القلب وقف قدام عيني..النبض وقف قدام عيني يا دكتور ومكنتش قابله الصدمات!
- دي حقيقة فعلًا، بس بعد ما خرجت قلبها أستقبل الصدمات الكهربائية وقدرنا ننعش للقلب من جديد، حمدالله على سلامتها.
حزن وفرح، وسعادة ملهاش حدود ومشاعر كتير كانت ملخبطة كيانهم، ليلى أول ما أتاكدت من الخبر صرخت من الفرحة، وسعاد روحها أتردّت فيها تاني، أما حسام فسجد شكر لله، مشاعر كتير ملهاش تفسير، بس كل اللي كانوا حاسين بي وقتها هو كرم ربنا عليهم.
وبعد أربعة وعشرين ساعة تقريبًا ليل فاقت، ومع إلحاح منهم؛ كلهم دخلوا ليها العناية المركزة لمدة خمس دقايق.
حسام قرب منها خطوتين، ولأول مرة يخدها في حضنه، خدها في حضنه وبكى، بكى من كل قلبه على كل لحظة غبية ضيعها من أيده منغير ما يشبع من بنته، بكى بعد ما عرف أنه ممكن في لحظة يخسرها ووقتها هيندم على كل لحظة مَرت عليه وهو بعيد عنها، بكى على كل شعور حلو كان نفسه يظهره ليها ولكن كان بيخبي بسبب هو نفسه مش عرفه!
- سامحيني يا ليل، سمحيني عن كل شعور وحش حسيتي بيه بسببي، سامحيني بسبب شعور النقص اللي كان محاوطك بسببي.
                         ****************
NORA SAAD
بعد مرور أسبوعين.
                                    "هي"
خرجت من المسشفى أنهاردة، من يوم ما فوقت وكل حاجة متغيرة، سعاد مش بتسبني تقريبًا، كل خمس دقايق بتيجي تبص عليا وتسألني لو محتاجة حاجة وتمشي، بابا أتغير معايا180° بقى...بقى كل ما يجي يخدني في حضنه! قبل ما ينزل يبوسني ويحضني ويسألني لو محتاجة حاجة ويمشي! كل كام يوم يجي يقعد معايا ونقعد نرغي في أي حاجة وبعدين يسبني أرتاح! هوو..هو بجد أيه اللي حصل؟ أيه اللي حولهم بالشكل ده!
خرجت من تفكيري على صوت الباب اللي بيخبط، وقبل ما أنطق كانت دخلت أصلًا! كالعادة يعني ليلى كل مرة بتيجي تخبط وبعدين تتدخل منغير ما تسمع رد مني! وقبل ما أتكلم كانت هجمت عليا وحضنتني جامد وهي...وهي بتبكي!
-وحشتيني يا ليل.
فضلت في حضنها وبعدين خرجت من حضنها وأنا بقول: 
ـ ما أنتِ معايا كل يوم في أيه؟! 
قعدت قصادي وهي بتربع رجليها، مسحت دموعها وقالت: 
ـ مش عرفه، حسيت أني عايزة أحضنك وأقولك كده.
وقبل ما أرد كان عمار كمان جيه وأنضملنا.
-يا أهلًا باللي مطلعه عنينا معاها.
-ليه بقى أنا عملت أيه؟ وبعدين تعالوا هنا قولولي هو في أيه؟ من يوم العملية وفي حاجة غلط هو حصل أيه؟ وأنتوا يعني...عرفتوا مكاني منين؟
الحقيقة أن عمار قعد زينا ابستم وقال: 
ـ عرفنا مكانك منين؛ فهو بفضل سعاد عشان هي اللي أفتكرت مكان الشالية، وبفضلها برضه لحقناكِ في الوقت المناسب.
كملت ليلى وقالت:
ـ  أما بقى ليه متغيرين عشان عرفنا قمتك عندنا يا ست ليل.
-ده اللي هو أزاي؟
-أبدًا أصلك موتي ورجعتي تاني.
خلصت كلامها وعمار ضربها بالمخده وهو بيزعق فيها وبيقول: 
- ملافظك يا بهيمة، وبعدين ده كلام يتقال ده؟!
ضحكت وهي بتمسك المخدة منه وبتقول:
ـ الله مش دي الحقيقة.
ابتسمت وأنا بفتكر مشهد مَر في خيالي وبعدين سألتهم: 
ـ هو ده بجد؟ موت أزاي.
رد عمار عليا وهو مبتسم وقال:
ـ آه بجد يا ليل، قلبك وقف قدام عيني في أوضة العمليات وخرجت قولت لهم أنك بعد الشر موتي، وبعد نص ساعة من موت روحنا معاكِ خرج الدكتور وقال أنهم قدروا ينعشوا قلبك بعد ما أنا خرجت. 
ابتسمت للموقف الغريب اللي حصل، وقررت أني أحكيلهم أنا كمان وقولت: طب تعرفوا أني أنا شوفت ماما.
ابتسمت ليلى وهي بتحط أيديها على خدها وقالت: 
ـ بجد؟ أمتى وفين؟
غمضت عيني وبدأت أفتكر المشهد وبدأت في سرده زي ما موجود في خيالي تمام.
-شوفت ماما واقفة على سلّم، ولابسة فستان أبيض جميل أووي، بس السلّم كان طويل جدًا وعالي أووي، أول لما شوفتها جريت أول درجات السلم بكل قوتي، كنت بنده عليها وبعيط! كنت بعيط وبشتكي لها من كل حد أذاني، وهي كانت كل ما تسمع مني تبتسم وبس، وصلت لحد نص السلّم وبعدين تعبت! تعبت وقعدت على السلم وكملت عياط، بس هي نزلت ليا! نزلت ليا درجات السلّم وجت قعدت جمبي وقالت: 
ـ أنتِ بتعيطِ ليه، مش كل حاجة هتتحل بالبُكى والحزن، لازم يكون نفَسك طويل عشان تعرفي تكملي، أرجعي وحاولي من الأول يا ليل. 
وقبل ما أتكلم وأقولها أني ببكي عشان مش عرفه أوصلها كانت سبتني وطلعت درجات السلّم تاني! كانت بتبعد بسرعة غريبة، وأنا ببص لها ومش عرفه أعمل أيه، وفي الأخر مسحت دموعي وقررت أني هرجع تاني، الدرجات اللي طلعتها قليلة هعرف أنزلها تاني، لكن الدرجات اللي فاضله عشان السلم يخلص مش واضحة ومش باين لها ملامح، وفعلًا مسكت فستاني ونزلت وبعدها صحيت وكنتوا حواليا.
فتحت عيني بعد ما خلصت سرد، كانوا الأتنين بصين عليا وعلى ملامحي بتركيز وبيبتسموا!
ضحكت على شكلهم وقولت: 
ـ أنتوا مالكم في أيه؟
قرب مني عمار وجيه جمب ودني وهمس:
ـ بقولك أيه ما تخفي بسرعة بقى عشان الفرح مستنيكِ، وعايز أتدوز يابا الحج.
                         ****************
NORA SAAD
                                    "هي"
بعد سنتين، بعد سنتين من محاربة المرض الملعون اللي أسمه الكانسر أنتصرت، أنتصرت وربنا عوضني، ربنا عوضني عن كل لحظة غامقة في يوم عشتها، عوضني ببيت دافي، عوضني بـِأم معرفتش يعني أيه حنيّة غير في حضنها، عوضني بأب حضنه بيحميني من أذى العالم كله، ربنا عوضني بزوج كل معنى الحب تتمثل في صورته، ربنا عوضني عن كل خراب العالم بصديقة حضنها ملجأ ليا من كل حاجة ممكن تكون بتوجع، ربنا عوضني في شغلي وأني أخيرًا وبعد سنين من الحلم والسعى بقيت أصغر وأشهر طبيبة أورام في مصر والعالم كله، بفضل ربنا وبكرمه عليا أنتوا جاين من كل مكان في العالم عشان تشوفوني، عشان تشوفوا أصغر طبيبة أورام وهي بتتكرم، والحقيقة أني بشكر مرضي، بشكره عشان لولاه أنا عمري ما كُنت هكون هنا، ولا كان هيبقى معايا الناس اللي حرفيًا روحي بقت متعلقة بيهم، حقيقي شكرًا من قلبي على أبتلائي بمرض السرطان.
خلصت كلامي وأنا بنزل من على المسرح والكل بيسقف بحرارة، نزلت وأترميت في حضن عمار، ثواني وكانت كل عيلتي بتضمني معاه! وهنا فعلًا أقدر أقول أن كمل أكبر إنتصاراتي.. 
بعد كل ضيق وأبتلاء، يوجد فرج من الله لك؛ فلا تيأس أبدًا ولا تستسلم لضجيج رأسك ووسواس شيطانك؛ فَالله يعلم بما تمُر بهِ، ويجهز لك عوض يليك بك يا عزيزي.
تمت#

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تابعى صفحتنا على الفيسبوك عشان تبقى اول واحدة تقرأ البارت اول ما ينزل
صفحتنا على الفيسبوك من هنا
ahmed
ahmed