رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل الخامس عشر 15 بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل الخامس عشر 15 بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل الخامس عشر 15 هى رواية من كتابة روز امين رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل الخامس عشر 15 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل الخامس عشر 15 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل الخامس عشر 15

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل الخامس عشر 15

انهت محادثتها معه بقلبٍ منتشي تشعر بعالمها قد تغير وكأن خريفها بلحظة تحول لربيعًا وتفتحت زهورهُ لتُضيء ألوانها الزاهية عالمها،كل هذا بفضل كلماته التى حملتها إلى أعناق السماء لتسبح بروحها داخلها، حتى أن قلبها كاد أن ينسى كل مامر به من ألام طيلة الفترة المنصرمة،تشعر لأول مرة مُنذ ما حدث لها بالماضي أنها تريد ترك العنان لقلبها يتحكم بمصيرها وتدع عقلها الذي يؤرق نفسها جانبًا،هرولت إلى المراة لتنظر لإنعكاس صورتها فرأت وجنتيها قد أُلتهبت بنار الهوى وتحول لونهما للأحمر الداكن بفضل حبورها الشديد الذي شملها من مجرد بضع كلماتٍ، فمابالك بنظرة من ساحرتيه أو همسة أماميهما،تنهدت وأخذت نفسًا عميقًا وزفرته في محاولة منها لتهدأ من حالة الوله التي أصابتها،باتت تكرر عملية الشهيق والزفير لتنظيم ضربات قلبها السريعة ثم خرجت بعدما هدأت بعض الشيء لتجد عزة تجلس بجوار الفتى يتطلعون على ذاك الصندوق الصغير بفضولٍ ليقول يوسف بصوتٍ حماسي:
-تعالى إفتحي الهدية يا مامي علشان نشوف فيها إيه
حولت بصرها في التو لتلك التي سحبته عنها سريعًا قبل أن ينكشف أمرها بأنها من حرضت الصغير،تنهدت لتقترب منحنية على الصندوق استعدادًا لفتحه ليباغتها سؤال عزة التي قالت بتعجب:
-إنتِ هتاخديها؟!
نظرت لها باستنكار لترد نافية:
-لا طبعاً،انا رفضتها وهرجعها له بكرة
-أُمال بتفتحيها ليه؟!
تنهدت قبل أن تجيبها وهي ترفع كتفيها مدعية اللامبالاة:
-هو طلب مني أشوفها وأقول له رأيي فيها
قطبت عزة جبينها وهي تقول متعجبة:
-امره غريب قوي الجدع ده
فتحت الصندوق لتجد مجسمًا صغيرًا لشخصية "شرشبيل"الكرتونية لتضحك بصوتٍ عالِ جعل من عزة ويوسف يهرولان لمكانها ليشاهدا ما يضحكها بهذه الطريقة الهستيرية، أخرجت المجسم بيدها بطريقة إستعراضية لتمررهُ أمام أعينهم ليشهق الصغير متمتمًا بذهول:
-شرشبيل الشرير!
أما عزة فلوت فاهها لتقول وهي تضع كفها فوق فكها بتعجب:
-يخيبه راجل، هو جايب لك لعبة؟!
لتشب برأسها داخل الصندوق وتصيح وهي تشير بأصبعها بفضول:
-فيه علبة تانية أهي،يظهر فيها حاجة دهب
أعادت إيثار المجسم داخل الصندوق ووضعته فوق الطاولة واستقامت بعدما أخذت العُلبة وبدأت بفتحها لتُذهل من شدة ضوء تلك الإسورة المرصعة بالاحجار الألماسية بإطلالة مبهرة تسحر ناظريها،تمعنت بجمال صنعها المُتقن وكأنها صُنعت بمنتهى الحرفية لتبدو قطعة فنية مضيئة مُزينة بفصوص الألماس المتلألئة وكأنها تعزف سيمفونية من الرقي والفخامة لتهتف عزة بعينين مسحورتين:
-إيه الجمال ده كله، دي حلوة قوي يا إيثار
لم تنكر إنجذابها لتلك القطعة النادرة وبرغم هذا الإنبهار إلا أنها مازالت عند قرارها التي اتخذته،الأن وفقط فهمت مغزى إصراره على رؤيتها، كان على يقينٍ بأن هديتهُ نادرة وتُسحر ومن تلك الغبية التي ترفض هدية بهذه الاناقة وبالتأكيد ثمنها باهظ،استفاقت على صوت التي قالت وهي تشير بكفها أمام عينيها:
-روحتي لحد فين
تنهدت وأعادت غلق العُلبة من جديد لتسألها الاخرى بتعجب:
-مش هتلبسيها علشان تشوفيها على إيدك؟!
أعادت وضعها داخل الصندوق لتقول وهي تجذب كف إبنها لتجلسهُ على ساقيها:
-وألبسها ليه طالما هرجعها؟!
تطلعت لها لتسألها بتشكيك:
-هو أنتِ هترجعيها بجد،دي شكلها غالي قوي
على عجالة نطقت بتأكيد:
-وللسبب ده بالذات لازم ترجع
واسترسلت بنبرة جادة:
-انا مستغربة هو إزاي يجيب لي هدية غالية بالشكل ده وهو ميعرفنيش أصلاً
-مش يمكن بيحاول يتعرف... قالتها بابتسامة خبيثة لترمقها الاخرى بتحذيرًا وهي تنظر للصغير لتجده ممسكًا بالمجسم وسارحًا بتفاصيله المتقنة بعدما أفلت حاله من فوق ساقيها وتوجه صوب الصندوق لتسألهُ هي بابتسامة:
-عجبك يا چو؟
وضعه بداخل الصندوق وتوجه صوبها من جديد وهو يقول بوجهٍ كاشر:
-مش بحب شرشبيل لأنه شرير وبيحارب السنافر
إبتسامة عريضة زينت ثغرها عندما تذكرت إمضاء ذاك المخادع بـ "شرشبيل"،تمدد الصغير فوق الاريكة ليضع رأسهُ فوق ساقي غاليته لتعبث بحنان بأناملها الرقيقة داخل خصلاته الناعمة ليتدلل مبتسمًا وهو يضم ساقها بأحضانه بدلال تعبيرًا عن مدى شعوره بالأمان والإرتياح،وقفت عزة لتسألها باهتمام:
-اعمل لك حاجة تشربيها معايا؟
-ياريت فنجان قهوة
أومأت وانسحبت للمطبخ لتنظر هي لصغيرها وباتت تدغدغه بأناملها في بطنه مما جعل صوت قهقهاته تعلو وتصدح بالمكان لتجلجل أركانه تحت ابتهاج روحها
ليلاً،كان يجلس بصحبة عائلته ببهو قصرهم الفخم،الجميع يتبادلون فيما بينهم الأحاديث عدا ذاك الشارد الذهن حيث كان سارحًا في تلك الساحرة التي استطاعت خطف لُبهُ بجميع تفاصيلها حتي تلك البسمه التي كانت تشع من عينيها وهي تتطلعُ عليه مازالت مرتسمة بذهنه، صوتها الهامس الأشبهُ بسيمفونية رائعة مازال عالقًا يترددُ رنينهُ بأذنيه،جديدة عليه تلك المشاعر التي يحياها لأول مرة حتى مع تلك الخائنة التي غربت شمس سعادته على يدها وتسببت له بجرحٍ غائر بجبين كبريائه كرجل لم يحدث وعاش بحضرتها مثل هذه المشاعر الخصبة،إبتسامة رائعة زينت ثغرهُ دون وعيًا منه كانت كفيلة لسعادة قلب علام الذي نطق لمشاكسته:
-اللي واخد عقل سيادة المستشار
-يتهنى به...قالتها عصمت بمزاحٍ ليرفع حاجبهُ متعجبًا وهو يتحدث لوالداه:
-ده إيه الروقان ده كله، الباشا الكبير والدكتورة بنفسهم بيقسموا عليا
تعالت ضحكات الجميع ليقول ماجد:
-على فكرة يا سيادة المستشار،إنتَ فيك حاجة متغيرة النهاردة
هب واقفًا ليقول وهو يستعد للخروج إلى الحديقة:
-ده الكل مركز معايا بقى، أنا احسن حاجة أطلع أتمشى شوية في الجنينة
-خلي بالك،إنتَ كل مرة تتزنق فيها ومتعرفش تجاوب تهرب... قالتها فريال ليرمقها باستغراب قائلاً:
-كُلي سناكس يا فيري
هزت رأسها وهي تمط شفتاها لإغاظته ليضحك على شقيقته المشاكسة وينسحب للخارج،تحرك إلى أن وصل للحديقة الخلفية وأخرج هاتفة وقبل أن يطلب رقمها لغى خاصية عدم ظهور الرقم ليظهر على شاشة تلك التي كانت تتوسط فراشها وهي تقرأ كتابًا بيدها عن تعديل السلوك الإنساني،لتنتبه على صوت الهاتف وما أن نظرت إلى الشاشة وجدتها مزينة بحروف إسمه،"فؤاد علام زين الدين"فقد ظهر إسمه عن طريق برنامج الـ TrueCaller لتبتسم تلقائيًا وتضغط زر الإجابة لتقول بصوتٍ هاديء كنسيم البحر:
-تنازل كبير من سيادة المستشار إنه يمنحني شرف ظهور رقمه على تليفوني
قابل كلماتها المشاكسة بقهقهة تفيضُ منها الرجولة لتداعب الفراشات معدتها على الفور مع إرتعاشة لذيذة سرت بجسدها ليتوقف عن قهقهاته ويقول بكبرياءٍ مصطنع:
-أبشري يا أستاذة،إنتِ دخلتي التاريخ من أوسع أبوابه
ابتسمت وهزت رأسها من أفعال ذاك المغرور لترد بعدما انتوت مشاكسته:
-دخلت التاريخ علشان رقم تليفونك ظهر عندي!
بثقة عالية أجابها:
-آه طبعاً،إنتِ عارفة الرقم اللي سيادتك مستهونة بيه ده كام حد في مصر يتمنى يعرفه؟!
ضحكت بسعادة ليتنهد بعمق ثم زفر بهدوء ليتحكم بحاله بعدما اذابتهُ برقة ضحكتها،تحمحم ليسألها بترقُب:
-فتحتي الهدية؟
وقبل أن تجيبه شاكسها مسترسلاً:
-أظن أديتك وقت كفاية،كده ملكيش حجة
ابتسمت لتجيبهُ بهدوء:
-شفتها
وإيه رأيك؟...سألها مترقبًا لتجيبه بصوتٍ مبتسم:
-لذيذ شرشبيل
ابتسم بخفوت لتيقنهُ من أن الفكرة ستنال استحسانها ليسألها من جديد:
-طب كويس إن شرشبيل باشا نال الرضا،طب ده بالنسبة لشرشبيل،إيه أخبار الهدية التانية معاكِ؟
بهدوء ورزانة اجابته:
-أنا قولت لك من قبل ما اشوفها إنها اكيد هتعجبني،وبالمناسبة، حابة أهنيك على ذوقك المميز
-طب إيه؟...قالها باستفهام لتقابلهُ بابتسامة وهي تقول:
-هو أحنا مش إتفقنا خلاص
ليجيبها سريعًا:
-لسة ما اتفقناش،إحنا قولنا نشوف الهدية الأول وبعدها هنحكم
قالها بصوتٍ حنون وكأنهُ يترجاها مما جعلها تبتلع ريقها تأثرًا وتجيبهُ بنبرة حاسمة خرجت مرتبكة بعض الشيء:
-أنا بالنسبة لي حسمت قراري من وقتها وبلغتك بيه
واسترسلت بصوتٍ راجي أثارهُ:
-أرجوك ما تضغطش عليا
انتعش داخلهُ ولم يدري بما تفعلُ به نبراتِ صوتها الناعمة، كل ما يعلمهُ أنه يشعر بحالة من الإنجذاب القوي لكل ما بتلك المبهرة،نبرات صوتها بكل حالاته،جديتها،نعومتها،حتى بثورتها تثورهُ وتجعله يريد الوقوف أمام طلتها ساعاتٍ وساعات،تجذبهُ نظراتُ عينيها المتنوعة ما بين خجلة وسعيدة وحزينة وحتى الغاضبةِ منها، طلتها، جمالها الساحر برغم هدوئه وبرغم عدم بذلها لمجهودٍ كي يظهر،حقًا أصبح سعيدًا بحضرتها، وضع كفهُ فوق شعر رأسهِ ليسحبهُ للخلف بنعومة وهو يبتسم قائلاً:
-مقدرش أضغط عليكِ يا إيثار،أنا لما فكرت في الهدية كان علشان أسعدك بيها وكانت بمثابة إعتذار مني
-كلامك ليا قدام الباشمهندس وعيلته كان كفيل يمسح أي حزن حضرتك إتسببت لي فيه... قالتها بكثيرًا من الصدق والعرفان جعل قلبهُ يرتجف فابتسم قائلاً بعدما انتوى على ان يشاكسها:
-على فكرة،مفيش داعي كل شوية حضرتك وجنابك والكلام الكبير ده،إحنا بنتكلم الوقت كـ أصحاب، يعني زي ما أنا بقول لك إيثار، تقولي لي يا فؤاد
ارتبكت لسرعة وتيرته بتطور العلاقة بينهما لذا تلبكت وهي تقول على عُجالة:
-لا طبعاً مينفعش
-ليه مينفعش؟...نطقها بهدوء لتجيبهُ بجدية:
-علشان حضرتك ليك وضعك ومركزك
-طب ماحضرتك بردوا ليكِ وضعك ومركزك الكبير قوي في عنيا...وإلى هُنا وكفا، فقد إنصهرت مشاعر الفتاة وذابت روحها وانتهى الأمر،فكلماتُ ذاك الماكر قد أصابت هدفها واخترقت كيان تلك التي كانت تدعي الصمود لتكتشف أنه مجرد صورة واهية إنهارت أمام كلمات ذاك الساحر،اتخذت من الصمت ملاذًا فمن أين تأتي بكلماتٍ وإذا وجدتها كيف تُخرجها وقد إندثر صوتها تحت ما خلفهُ دمار كلماته،ابتسم واسترسل ليخرجها من تلك الحالة التي أدخلها بها:
-تعرفي إن إسمك حلو قوي ومميز
واستطرد بما نهى عليها:
-زي كل حاجة فيكِ
أغمضت عينيها وباتت تتنهد وهي تضع كفها على موضع صدرها كي تهدئ من ضربات القلب التي ثارت وأصبحت كصوت طبول الحرب وكأنها تتمردُ عليها، سألها بنبرة أكثر حِنوًا:
-إنتَ ساكتة ليه يا إيثار، أنا عاوز أسمع صوتك
بصعوبة أخرجت صوتها المرتعش والذي دل على حالتها لتقول:
-هتكلم أقول إيه؟
-أي حاجة منك هتبقى حلوة، وحلوة قوي كمان... قالها بصوتٍ ناعم أقرب لهائمٌ لتبتلع لُعابها وهي تقول متهربة:
-أنا مضطرة أقفل علشان أروح أطمن على يوسف
ابتسم لخجلها الزائد وتحدث كي لا يزيدها عليها:
-أوكِ،إبقى بوسي لي يوسف
نطقها بهيام ارتجف على اثره جـ.ـسدها ليسترسل مذكرًا إياها بجدية:
-آه، متنسيش ميعادنا بكرة،الساعة خمسة مناسب ليكِ؟
نطقت بصوتٍ مازال متأثرًا:
-مناسب جدًا
-إتفقنا،تصبحي على خير...نطقها بصوتٍ ناعم لترد بهدوء:
-وحضرتك من اهله
زام مهمهمًا باعتراض:
-إممممممم،إحنا قولنا إيه؟
إبتسمت لتجيبه:
-وإنتَ من أهله
إيثار... قالها بإحساس لترد متأثرة بعد أن سحبها لدوامة عالمه الساحر:
-نعم
-خليكِ كده دايمًا،لقد خُلقت السعادة من أجل إزدهار روحك وإنارت وجهك، مابالك أنتِ بالحُزن يا فتاة
شعورًا هائلاً بالسعادة إحتل مدينتها لتجيبهُ بصوتٍ يفيضُ فرحًا:
-يظهر إن الباشا ليه في الشعر كمان
-أنا ليا في كل حاجة، محتاج بس اللي يكتشفني...قالها بمشاكسة لتبتسم قائلة بهدوء:
-بعد إذنك.
أغلقت سريعًا لتأخذ نفسًا بعمقٍ وكأنها كانت تكظم أنفاسها،بلا وعيٍ ضمت الهاتف إلى صدرها لتغمض عينيها وهي تُطلق تنهيداتٍ عميقة،شعورًا حُلوًا ولأول مرة تصل إليه وتتعايش داخله، نعم حصلت على بعض المشاعر في بدايات قصتها المأساوية مع المدعو عمرو، لكنها الأن تيقنت أنها لم تكن أكثر من ردة فعل على مشاعره الفياضة تجاهها،لقد احبت حبهُ لها وأثارها إهتمامهُ الزائد وغمرها بحنانه واهتمامه المُبالغ به، لكنه أبدًا لم يكُن عشقًا من النوع المتعارف عليه
أما ذاك الماكر الذي تبسم بارتياح بعدما رفضت وبشدة هديتهُ القيمة والتي أختارها بعناية فائقة بحيث تسحر من تراها ومن الوهلة الأولى تتمناها ويصعب على أي أنثى رفضها، لكنها مقابل كل هذا الإغراء رفضتها لتريح قلب ذاك المجروح الذي طُعن بظهرهِ على يد مَن سلمها حياته وكان يغفو بجانبها مطمأنًا، لذا سيكون حذرًا إلى أبعد الحدود مع تلك الـ إيثار وخصوصًا بعدما استمع إليه من صديقه وكيل النائب العام بشأن أقوال والد طليقها عن إبتزازها لنجله واستغلال الصغير من أجل الحصول على المال مقابل رؤيته،سيضع جميع الإحتمالات ولم ولن يعطي الأمان بسهولة،وضع يديه بداخل بنطالهِ القطني ليفرد قامتهُ لأعلى وبدأ يتنفسُ بانتشاء وهو مغمض العينين والسعادة تغمر وجههُ ليظهر بوسامة أُضيفت لوسامتهِ الطبيعية ليجعلا منهُ اكثر جاذبية ورجولة.
********
صباحًا
داخل منزل "أيمن الاباصيري"وبالتحديد بغرفة الطعام كانوا يصطفون حول المائدة يتناولون وجبة فطارهم الصباحي،لتقول لارا بنبرة هادئة:
-بابي،كنت عاوزة أروح أقعد مع إيثار شوية بالليل،يوسف وحشني قوي ونفسي أشوفه
اشتدت سعادته لرؤية غالية قلبه وهي تطلب الخروج بعدما حكمت على حالها بالعُزلة منذ ذاك اليوم المشؤوم، ليهتف بنبرة سعيدة:
-روحي يا قلبي،خلي السواق يوصلك الساعة ثمانية،وإن شاء الله في الويك إند هنعزمها هي ويوسف وعزة ييجوا يقضوه معانا،وممكن نعمل باربكيو
-حلو قوي الإقتراح ده يا بابي...نطقتها بانتشاء لينظر لها بسعادة وتتنهد نيللي براحة لتسألها سالي باهتمام:
-إبقي إسأليها على رأيها في الفستان يا لارا،أصلها مكلمتنيش وقالت لي رأيها فيه،وخايفة يكون ذوقي معجبهاش
أمسك أحمد كف زوجته وطبع قُبلة فوقه ليقول مدللاً إياها:
-ذوق مين ده اللي ميعجبهاش،أنا مراتي ذوقها يعجب الباشا
اتسعت ابتسامتها لترد بسعادة:
-ميرسي يا حبيبي
أجابها أيمن بهدوء:
-أكيد إنشغلت لأن كان عندنا شغل كتير متأخر وكان فيه إجتماع مهم جدًا إمبارح، هتكلمك النهاردة أكيد
-عادي يا اونكل براحتها،أنا بس إستغربت لأن أي هدية بجيبها لها بتكلمني بعدها على طول وتشكرني...قالتها بهدوء ليقف ايمن بعدما جفف فمه بالمحرمة الورقية وهو يقول:
-أنا ماشي، عاوزة حاجة يا حبيبتي؟
ميرسي يا حبيبي...نطقتها نيللي براحة ليقف أحمد وهو يقول:
-أنا كمان لازم أتحرك حالاً علشان عندي عملية بدري
هبت سالي من مقعدها لتجاور زوجها الوقوف قائلة باهتمام:
-هوصلك يا حبيبي
قاطعتها نيللي بهدوء:
-إقعدي يا سالي علشان عاوزة أخد رأيك في حاجة مهمة
واستطردت بعدما وجدت منها نظرات متعجبة:
-أحمد خارج مع بباه فمفيش داعي توصليه
قبل أحمد جبهة زوجته ليتحرك بجانب ابيه تحت تعجب سالي لتقف لارا قائلة:
-أنا هروح أبلغ إيثار في التليفون إني هزورها،وكمان اختار من على أمازون كام هدية ليوسف علشان يلحقوا يوصلوا
ابتسمت لها نيللي لتنسحب الفتاة منطلقة للأعلى لتتطلع نيللي لتلك التي مازالت متسمرة بوقفتها لتشير لها وهي تقول باستغراب:
-ماتقعدي يا سالي
جلست لتسألها بارتياب:
-خير يا طنط؟
نظرت لها بحزم لتتحدث بصوتٍ صارم وكأنها تحولت لأخرى:
-ياريت اللي حصل في دار الأوبرا أول إمبارح ما يتكررش تاني، لانه لو إتكرر هزعل منك، وانا زعلي وحش وإنتِ لسة مجربتيهوش، واتمنى إنك متجربهوش أبداً
قطبت جبينها متعجبة لهجة نيللي الحادة والتي تراها لأول مرة لتسألها بتوجس:
-حضرتك تقصدي إيه، أنا مش فاهمة حاجة، وإيه اللي أنا عملته زعلك مني بالشكل ده؟!
رفعت رأسها لتتحدث بكبرياء وتعالي:
-غلطة كبيرة قوي منك إنك تعرضي بنت أيمن الاباصيري على المستشار فؤاد علام
ابتلعت لعابها وانتابتها حالة من الخجل من حِدة نيللي لتقول بدفاعٍ عن حالها:
-أنا مقصدتش خالص من تصرفي المعنى اللي وصل لحضرتك يا طنط
-كلامك ملوش تفسير عندي غير كده يا سالي، أنا كنت في منتهى الحرج، الراجل يقول علينا إيه؟...قالتها بنبرة غاضبة لتسترسل بتنبيه:
-ثم أنتِ ناسية الحالة النفسية اللي لارا بتمر بيها؟
وإلى هنا قررت مصارحتها لتقول مبررة تفكيرها:
-بصراحة يا طنط انا مش هكذب عليكِ، أنا فعلاً فكرت إننا ممكن نقربهم من بعض علشان لارا تحاول تخرج من اللي هي فيه
واسترسلت وهي تهز كتفها:
-وبعدين أنا شيفاه مناسب جدًا ليها،وكمان هيبقى إضافة لإسم عمو في السوق
هتفت بحدة واعتراض:
-إسم أيمن الأباصيري مش محتاج حد يسنده ده أولاً،ثانيًا لارا لازم اللي يختارها يكون بإرادته ويتعب علشان نوافق عليه كمان، مش إحنا اللي نرمي بنتنا ونعرضها عليه بالشكل المهين اللي عملتيه ده
واستطردت بنبرة جادة:
-وبعدين مناسب لـ لارا من أي إتجاه، ده عمره ضعف عمرها، واصلاً تلاقيه متجوز
بلهفة أجابتها بنفي:
-لا مش متجوز، أنا شفت إيديه الإتنين مفهومش دبلة
قالت نيللي بنبرة حاسمة:
-إنسي الموضوع ده خالص وخرجيه من دماغك يا سالي، وإوعي تفتحيه قدام لارا،البنت مش ناقصة إنتكاسات في حياتها، كفاية اللي حصل لها من الزفت اللي إسمه بسام
-أنا شايفة إن عامل السن مش مهم، وخصوصًا إنه مش باين عليه خالص بالعكس، ده غير وضع عيلته ومنصب بباه الكبير وكمان ثروتهم... قالتها بمحاولة لإقناع الاخرى لتستطرد بانبهار:
-ده أنا لما سألت عنهم لقيت ثروتهم كبيرة جدًا، يعتبر من أكبر أثرياء البلد
رفعت كفها لتخبرها بما لاحظته بخبرة إكتسبتها عبر سنوات عمرها الطويلة:
-طب ريحي نفسك وبطلي تدعبسي وراه لأن الراجل عقله مشغول وشكله كده بيفكر يرتبط
فتحت فاهها لتسألها بفضول:
-يرتبط، حضرتك عرفتي منين؟
اجابتها بذكاء:
-مهو لو سيادتك ركزتي شوية كنتي عرفتي إنه مهتم بـ إيثار ومعجب بيها
فتحت عينيها باتساع وفغر فاهها لتقول بذهول:
-نعم، حضرتك بتقولي إيه يا طنط، فؤاد علام هيبص لواحدة زي إيثار!
نطقتها باستنكار لتجيبها الاخرى باستغراب:
-ومالها إيثار!، إيه اللي ناقصها علشان واحد زي فؤاد يفكر فيه؟
على عجالة تراجعت لعلمها محبة تلك المرأة لهذه الفتاة وما تكنه لها من غلاوة:
-ملهاش،ولعلم حضرتك، أنا بحب إيثار جدًا وبحترم كفاحها،أنا حتى جبت لها هدية عيد ميلادها فستان من نفس الأتيليه اللي بشترى منه لنفسي
واستطردت بأيضاح:
-بس ده إبن علام زين الدين بجلالة قدره، والإسم لوحده يخض، واكيد يوم ما يفكر يختار هيختار إسم عيلة يناسب عيلته قبل أي حاجة تانية
وضعت نيللي كفها فوق فكها وهي تقول بدهاء:
-وتفسري بإيه وقوف إبن علام زين الدين بجلالة قدره وهو واقف قدامنا كلنا وبيعتذر لـ إيثار؟
زاغت عينيها لتقول وهي تمط شفتيها بلامبالاة:
-عادي، إنسان محترم وشكله غلط في حقها وإعتذر لها، الموضوع بسيط ومش محتاج يتفسر بطريقة تانية
ابتسمت نيللي لتسألها من جديد:
-طب ونظرات الإشتياق اللي كانت بتنط من عنيه وهو بيبص عليها، دي عنيه كانت بتمر على كل ملامح وشها وكأنه بيصورها علشان يحتفظ بيها ذكري في دماغه
باذبهلال نطقت:
-معقولة يكون كلامك صح!
واسترسلت ببعضًا من الكبرياء:
-ده يبقى الزمن جاب أخره على رأي مامي
قالتها بشرود لتتطلع سريعًا إلى نيللي وهي تسألها بتمعن لردها:
-طب تفتكري لو كلامك صح، واحد زي علام زين الدين هيوافق بالمهزلة دي؟
-ده شيء ميخصناش، اللي يخصنا قولتهولك، وياريت دي تكون أخر مرة نتكلم في الموضوع ده، بنتي خط أحمر بالنسبة لك يا سالي...قالتها بلهجة حادة شبه تهديدية لترد الأخرى بخجل:
-اوكِ يا طنط، اوعدك.
********
وقفت أمام خزانة ملابسها كي تنتقي ثوبًا يليق برؤياه،فمنذ مكالمة الأمس وقد تغيرت لتصبح أكثر إهتمامًا بحالها،ابتسمت بحياء حين وقعت عينينها على ثوبًا رقيقًا باللون النبيذي يختلف عن سابقهُ،تذكرت كلماته الجريئة عندما أخبرها عن طلتها الهائلة وبأن هذا اللون يليق بها وعليها الإكثار من إرتدائه،وضعت يدها تتلمس هذا الثوب وبعد قليل كانت ترتديه وتقف أمام مرأتها تتطلع على الثوب برضا كامل،فقد كان مفصلاً بأناقة من الأعلى حيث ياقتهُ العريضة والمصنوعة بدقة مرورً بتجسيم خصرهِ المحاط بحزامًا باللون الأسود تتوسطهُ حلقة مرصعة بحباتٍ من اللون الأسود لينتهي بذيلٍ واسع ليعطيها مظهرًا خاطف، لفت حجابًا باللون البيچ ليضفي لمسة أنوثة جذابة على مظهرها، ابتسمت وخرجت من غرفتها ممسكة بحقيبة صغيرة وضعت داخلها عُلبة الإسوارة لتشهق عزة من جمالها اللافت وهي تقول:
-بسم الله ماشاء الله،شوفتي،كنتي مخبية الجمال ده كله تحت بدلة الرجالة اللي لازقة لي فيها
-وبعدين معاكِ يا عزة...نطقتها بجدية وهي تزوغ بعينيها متهربة من تفحص الاخرى لها لتأخذ صغيرها وتهرول للخارج دون أن تتناول فطارها لتنأى من محاصرة عزة لها
أما هو فانتقى أفضل بذلة لديه ووضع عطره المميز ثم مرر يده على ذقنه النابته يتتطلع عليها بتدقيق وكأنهُ ذاهبًا لعرسه وليس مجرد مقابلة.
********
ظهرًا
بمنزل نصر البنهاوي
الجميع يجتمع على الطاولة الممتدة بطول الغرفة بأكملها كي تكفي هذا العدد المهول من الابناء والاحفاد، هتفت إبنة طلعت الصغيرة وهي تسأل جدها ببراءة:
-هو يوسف هييجي يوم الخميس يا جدي؟
استشاط داخلهُ حينما ذكرته الصغيرة بما فعلته إبنة غانم التي أصبح ما يبغض أحدًا بقدر ما يحمل لها من ضغينة داخل قلبهُ المليء بالشر، ليهتف من بين أسنانه متوعدًا بشر ظهر بعينيه:
-يوسف مش هييجي الكام شهر اللي جايين، بس فترة الإنتخابات تعدي وهييجي يعييش معايا على طول
واستطرد وهو ينظر لعين الصغيرة:
-وأمه هتبقى خدامة للكل، مرمطون البيت للصغير فيه قبل الكبير
تبسمت بشماتة وهي تستمع لما يطرب أذنيها ويبرد نار قلبها الشاعلة تجاه تلك الإيثار، فبرغم انها حصلت على مرادها وتزوجت من عمرو بل وتخلصت من إيثار إلى الأبد، إلا انها مازالت عالقة بذهن ذاك المعتوه بعشقها وتقف حائلاً بينها وبين سعادتها من جميع الجهات،فبرغم ثروة عمرو التي كونها إلا أنه لا يعطيها المال إلا للضرورة القصوى كنوعًا من العقاب لها كي لا تتنعم وهي التي منعت حبيبتهُ بالتنعم بماله وعزه،وأكثر ما جعلها تحقد عليها هو وقوفها حائلاً بينها وبين الطفل التي تتمناه كي تتملك به وتقف على أرضٍ صلبة في هذا المنزل الذي يحبذ جميع من به الذكور ويفضلوهم على الإناث، والثالث وهذا الاضعف لديها، وهو عزوف عمرو عن الوقوع بعشقها كما فعل مع الاخرى
لتفيق من سعادتها على صوت مروة الشامت وهي تقول بابتسامة لإغاظتها أثناء تطلعها عليها:
-هو عمرو هيرد إيثار بعد الإنتخابات يا عمي؟
برغم كلمات والده التي أوقدت بقلبه نارًا مستعرة غيرةً على المرأة التي لم يعشق غيرها بحياته إلا أن كلمات مروة نزلت على قلبهِ كـ قطراتٍ من ندى الصباح على الزهور بينما أشعلت النيران بقلب الأخرى حين أجاب نصر ببرود:
-هترجع في نفس اليوم اللي هتظهر فيه النتيجة واخد الكرسي، نصر البنهاوي مبيقولش كلمة إلا لما يكون متأكد منها
رمقته إجلال بابتسامة ساخرة منه ليتحدث حسين لتهدأت الأوضاع قائلاً بصوتٍ يتغلب عليه العقل:
-خلينا نتفاهم معاها بالعقل يا حاج، في النهاية هي أم إبننا ومش عاوزين نخسره، خليني اروح لحد عندها اكلمها وأشوف إيه اللي مزعلها
برعونة هتف ذاك الأبله متناسيًا أمر والده ليقول:
-إيثار مش هتسمع لحد يا حسين،هي غضبانة قوي من الكلام اللي يوسف بلغهولها عن لسان أمك، قالت لي لو حد قرب من الولد تاني هتشتكي علينا في مجلس الطفولة
إحمرت عيني سمية المستعيرة لتهتف بنبرة ساخطة:
- وإنت إيه اللي بيوديك عند العقربة دي تاني؟
لتخرسها لهجة إجلال الغاضبة حيث صاحت وهي ترمقها بنظراتٍ ساخطة:
-إنتِ إتجننتي يا بت، شكلك نسيتي نفسك وأصلك الواطي وقاعدة تتكلمي وعملالي فيها ست، وفين، على سفرة ستهم... قالت كلماتها الأخيرة وهي تدق الطاولة بكفها لتهز ما عليها من صحون مما أحدث ضجيجًا أرعب الجميع لتبتلع الاخرى ريقها برعبٍ لينقذها صياح نصر الذي هتف ناهرًا نجله:
-هي اللي إتجننت بردوا ولا البقف إبنك اللي ناوي على موتي بجلطة
ليسترسل بتوبيخ:
-إنتَ إيه اللي وداك عندها تاني يا بني أدم، مكفكش اللي حصل المرة اللي فاتت؟!
ولا ناسي إن بنت غانم عاملة لك محضر بعدم التعرض يا بيه؟
ليستطرد صارخًا بندب:
-أنا عارف إن خروجي من المجلس ونهايتي هتكون على أديك
ليكمل على حديثه طلعت الذي استغل الوضع ليثور ويوبخ مدلل أمه:
-هو أنتَ يا ابني ما بتتعلمش، ده انتَ اتحبست وكلت علقة موت على إيد شوية بلطجية مايساووش وبرده محرمتش
هتف نصر متسائلاً باستفهام:
-وروحت لها ليه يا خلفة الشوم؟!
-روحت علشان أحاول اتفاهم مع إيثار علشان تخليني أشوف إبني بالنظام اللي ماشيين بيه يا حاج، ولا عاوزني أقف متكتف وأتحرم من إني أخد إبني وانيمه في حضني زي اي أب... قالها بنبرة متأثرة شقت صدر إجلال لتهتف بصياحٍ كي تطمئن عزيزُ عينيها:
-لا عشت ولا بقيت لو بنت غانم إتحكمت فيك وحرمتك من يوسف
أدارت وجهها لنصر لترمقهُ بنارٍ مستعرة ستحرق الأخضر واليابس:
-ولو سيادة النايب مش عارف يتصرف، أنا اللي هتصرف وهجيب لك إبنك في حُضنك وهرجع لك بنت منيرة زاحفة وأرميها لك تحت رجليك
ابتسم ساخرًا ليقول بتهكم:
-روحي هاتيها للمحروس علشان تبردي نار قلبه وتولعي فينا كلنا
صاحت بصوتٍ أرعب الاطفال وعينين تطلق سهامًا لو خرجت لأسقطت الجميع صرعى:
-أُمال عاوزني أشوف بنت منيرة قاعدة تبيع وتشتري فينا وأعمل زيك واقف أتفرج؟
-لو على بنت منيرة كنت فعصتها تحت جذمتي هي وعيلتها كلها، بس الخوف من الشوشرة اللي هيعملوها الكبرات اللي البت بتتحامي فيهم... قال كلماته بإبانة ليسترسل بحدة:
-والكلام ده قولته قبل كده ييجي خمسين مرة، كبري دماغك بقي وإهدي لحد ما اظبط دنيتي
لوت فاهها بتهكم ليصمت الجميع أمام جبروت تلك المتسلطة التي لم يستطيع أحدًا مجابهتها حتى نصر بذاته
********
إنتهت من ساعات الدوام الرسمية لتلج إلى الحمام الخاص بها داخل العمل واعادت ظبط حجابها والتأكد من كامل هيأتها وبعد مدة كانت تستقل سيارتها متجهة للعنوان الذي اتفق معها على أن يلتقيا أمامهُ،نظرت على الحقيبة الموضوعة بالمقعد المجاور وابتسمت لتعود بنظرها لمتابعة الطريق،إنتابها بعض الإرتياب والتلبك حين شارفت على الوصول للمكان، لكنها تنفست بعمق لطرد ذاك الشعور السلبي كي تقوي حالها بتلك الكلمات:
-ما بكِ إيثار، لما كل هذا الإرتياب،الامر بسيط ولا يحتاج لكل هذا التعقيد،ستلتقين به وتسلمينه هديتهُ وأنتهى الامر، إهدأي يا فتاة
بالكاد انتهت من حديثها مع النفس،لتجد نفسها أمام المكان،صفت سيارتها وحملت حقيبة الهدية وما أن ترجلت حتى تفاجأت به يترجل من سيارته الفخمة ويغلق بابها،وما أن اعتدل لينظر عليها حتى تسمر كلاهما
هي: تسمرت بوقوفها وباتت تتطلع على هيأته الرجولية بأنفاسٍ متقطعة، فقد كان وسيمًا للغاية ببذلته ونظارته الشمسية التي ضاعفت وسامتهُ
هو: إنبهر بسحرها وجمالها المضاعف وشعر بقلبهُ يتراقص حينما رأها باللون الذي أخبرها سابقًا بأنهُ عشقهُ عليها،إذًا فقد إرتدته خصيصًا لأجل إرضائه، هكذا حدثتهُ نفسه ليشعر بتفاخر مضاعف، إقترب عليها كالمسحور ليخرج صوتهُ قائلاً بعذوبة أذابتها:
-إيثار؟
نطقها بمشاكسة لتبتسم وتجيبه بمراوغة:
-بيقولوا
ابتسم ونظر لها كالمسحور ليبتلع لعابه وهو ينطق بكلماتٍ أشعلت كامل حواسها:
-إنتِ حلوة قوي النهاردة
اشتعلت وجنتيها خجلاً لكلماتهِ الصريحة ليسترسل بلباقة:
-ده ميمنعش إنك حلوة على طول، بس النهاردة جمالك زايد،مميز شويتين
تطلعت إليه لتقول بإبتسامة:
-متشكرة
واستطردت وهي تناولهُ هديته قائلة باحترام:
-ميرسي بجد على ذوقك وأسفة مرة تانية
مش هتراجعي نفسك...قالها برجاء مفتعل ليتابع:
-ده أنا منقيها على ذوقي وأول ما شفتها حسيت إنها إتعملت لك مخصوص.
تطلعت بعينيه وهي تقول بلوْمٍ ممتزج برجاء:
- وبعدين، هنفضل نعيد في نفس الكلام كتير، انا بزهق بسرعة
ابتسم ليمد يده متناولاً منها الهدية وهو يقول:
-لا وعلى إيه
تنهدت لتقول بنبرة تحمل الكثير من الإمتنان والإحترام:
-متشكرة بجد على اللفتة الجميلة، وارجو إنك تكون مقدر موقفي
اخذ نفسًا عميقًا ليقول اسفًا:
-مع إني كنت اتمنى تقبليها، لكن اهم حاجة إنك تكوني مرتاحة
هتفت بنبرة حماسية:
-قبل ما انسى،أنا احتفظت بشرشبيل
-كنت متأكد... قالها بابتسامة جذابة
تأسفت بعينيها مرةً أخرى ليسود الصمت لعدة ثواني لتقطعة قائلة:
-طيب، بعد إذنك وفرصة سعيدة
انتفض حين وجدها تستعد للرحيل لينطق سريعًا وهو يشير إلى الكافية:
-خلينا نشرب فنجانين قهوة مع بعض
مالت برأسها للجانب الأيمن وقبل أن تعترض باغتها بعينية المترجية:
-يعني مش كفاية رجعتي لي الهدية،كمان هتكسفيني وترفضي عزومتي على فنجان قهوة؟
تطلعت إليه بكثيرًا من الحيرة والتردُد ليسترسل مستغلاً ترددها:
-علشان خاطري
قالها بعينين تفيض من الحنان والهيام ما جعلها تهز رأسها بطاعة عمياء وكأنها منساقة، اشتدت سعادته ليقترب من سيارته ليضع بداخلها الهدية ويستقيم مشيرًا لها لتتقدمهُ، وصلا للداخل وقادهما المسؤل عن تنظيم المكان لطاولتهما فاقترب على المقعد وقام بسحبهِ لها في حركة أثبتت مدى رُقيه وتحضرهُ، جلست ومال عليها ليعدل لها المقعد وأثناء إنحنائه وصلهُ رائحة عطرها الهاديء ليُسطلهُ،أخذ نفسًا بعميقٍ شديد ليحتفظ داخل رأتيه بأكبر كمية من رائحتها المُسكرة ثم اعتدل من جديد ليلف حول الطاولة متخذًا مقعده
أتى إليهما النادل ليسألهما فاختارت قهوة ليسألها هو باهتمام:
-تاخدي حاجة حلوة مع القهوة؟
-لا متشكرة... نطقتها بتوتر ليسألها باهتمام:
-أنا هاخد قهوتي مع قطعة تشيز كيك بطعم التوت،إيه رأيك أطلب لك معايا؟
قالها بنبرة حنون لتهز رأسها بإيجاب سريع أظهر كم إرتباكها ليُملي هو على النادل قائمة إختيارهما وينصرف،تنفس كي يضبط نبضات قلبه المتدافعة ليباغتها بكلماتهِ الراقية:
-شكلك حلو قوي النهاردة،مميزة
إبتسمت بخجل دون أن تجيبه ليسترسل بمداعبة:
-قولت لك قبل كده أنا إن النبيتي حلو عليكِ.
تهربت بعينيها وباتت تفرك أصابع كفيها ببعضيهما بتوتر ظهر بَين على ملامحها ليضحك وهو يسألها:
-مالك، إهدي شوية
تلفتت من حولها وهي تقول:
-دي أول مرة أقعد فيها مع حد لوحدنا وخايفة حد يشوفني
-هو أنتِ دايمًا خايفة كده...قالها باستغراب لتأخذ نفسًا بعمقٍ يدل على مدى ما بداخل قلبها وهي تقول بتأثر:
-أنا عُمري ما خفت على نفسي، كل خوفي دايمًا على يوسف
تبسم ليقول بعينين تلتمعان بمزيجًا من الإعجاب والإنبهار:
-تعرفي إن يوسف محظوظ قوي، عنده أم قلبها مليان بحبه
-أنا اللي محظوظة بيه،يوسف ده أحلا حاجة حصلت لي في حياتي،ألطف ولد ممكن تشوفه...قالت كلماتها بعينين سعيدتين لتسترسل سريعًا:
-مبقولش كده علشان هو إبني على فكرة
جاء النادل وأنزل ما بيده ليبدأَ بتناول الحلوى مع إرتشافهما للقهوة ذات المذاق الممتع
إبتسم سعيدًا بالحديث معها ليباغتها بسؤالهُ المتشوق لمعرفة المزيد عن تفاصيل حياتها:
-هو إنتِ منفصلة بالسكن عن أهلك ليه؟
امتعضت ملامحها ليشعر بها سريعًا ويقول مفسرًا سبب سؤاله:
-أصل لاحظت وانا بكلمك فون إن دايمًا يوسف هو اللي حواليكِ والمربية بتاعته
ضيق عينيه ليسترسل متسائلاً كي يشتت تركيزها ليبعدها عن سؤالهُ بعدما تيقن من عدم إرتياحها لدخوله بتلك المنطقة:
-إسمها عزة، صح؟
ابتسمت لتذكره وهي تسألهُ بسعادة:
-إنتَ لسه فاكر إسمها، مع إني على ما أتذكر قولته قدامك مرة واحدة!
تعمق بعينيها لينطق بنظرات تقول من حديث العشق ما لم ينطقه اللسان:
-أي تفصيلة تخصك مهما كانت صغيرة بتتحفر في عقلي
هامت عينيها بنظراته لتنزل كلماتهُ على قلبها كـ غيثٍ هطل على أرضٍ تشققت من جراء الجفاف الملازم لها منذ سنواتٍ لترتوي وتنهي عطش السنين، لتشق الزهور طريقها وتخرج ومن جديدٍ تزدهر،تمادى بكلماته الساحرة حيث أخبرها بأكثر جُرأة:
-تعرفي إن عيونك حلوين قوي
خجلت كثيرًا ليقول مسترسلاً بنبرة متأثرة بسحرها:
-ليهم سحر بيجذبني وكل ما أدقق النظر فيهم بحس إني عاوز أتعمق وأسيب نفسي أغرق فيهم أكتر وأكتر
مجاملة لطيفة منك...قالتها بهدوء ليقاطعها مذكرًا إياها:
-قولت لك قبل كده مليش في المجاملات ولا بحبها
-فؤاد علام لسانه مبينطقش غير باللي بيحسه...نطقها بقوة لتسألهُ بجراءة كي تستشف من عينيه ماذا يريد منها:
-وإيه بقى اللي حاسه فؤاد علام؟!
-إنك إتخلقتي في الدنيا دي علشاني...كلمات نارية صادقة نطق بها بكل ثقة وعينين تترقبان ردة فعلها،إرتجافة قوية أُصيب بها جـ.ـسدها وكأن صاعقة كهربائية صدمته،تعمقت بعينيه لترى نورًا ساطعًا كسطوع الشمس يسحبها لداخله وكأن به الخلاص، خلاصها الذي سينتشلها من حالة التخبط والضياع التي تحياها وصغيرها،سرحت بعينيه لترى طريقًا مرسومًا ومزينًا بالعشق ينتظرها،لتستفيق على صوتهِ الجذاب وهو يسألها بابتسامة ساحرة:
-سرحتي لحد فين؟
تنهدت لتبتسم له وهي تقول بعدما عقدت النية على العودة إلى أرض الواقع من جديد، فليس للأحلام مكانًا بدنياها المظلمة:
-أنا فعلاً سرحت، بس رجعت تاني للواقع، أصلي مبحبش الأحلام
نطقتها بلامبالاة لتسترسل بقوة وذات مغزى:
-أصلها بتعيشك حالة حلوة قوي لحد ما تصدق نفسك وتفرح وتبني قصور في الهوا،وبعدها تصحى على كابوس عمرك اللي بيفضل مكمل معاك وطابق على نفسك، ويا تخلص منه، يا يخلص هو عليك
تعمق بعينيها ليقول بثقة وقوة:
-معايا الأحلام بتتحول لحقيقة،الكوابيس ملهاش وجود في حياتي
تطلعت عليه لتسألهُ بحيرة:
-إنتَ عاوز مني إيه بالظبط؟
أجابها بصلابة متعمقًا بعينيها كي يصل لأعماقها:
-عاوز أوصل لأحلامك علشان أحققها لك وأخليكِ تعيشي معايا فيها على أرض واقعنا
يعني إيه؟!... نطقتها بحيرة ليجيبها بثقة:
-خلي كل حاجة لوقتها،بلاش نتسرع ونتخطى خطوات كبيرة،المتعة الحقيقية دايمًا بتكون في الرحلة مش في الوصول.
فهمتيني يا إيثار؟...نطقها ببحة متأثرًا بشعاع عينيها لتهز رأسها بإيجاب بعدما وصلها معزى كلماته.
إنتهى الفصل

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا