رواية ومضة الفصل العاشر 10 بقلم ميرنا ناصر
رواية ومضة الفصل العاشر 10 هى رواية من كتابة ميرنا ناصر رواية ومضة الفصل العاشر 10 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية ومضة الفصل العاشر 10 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية ومضة الفصل العاشر 10
رواية ومضة الفصل العاشر 10
بعد أن سمعت أثينورا تخبرني بأن مملكة كريستافيل تحتفل كل يوم ثلاثة من شهر يوليو بعيد ميلادي منذ أكثر من عشرين سنة، شعرت بصدمة عارمة اجتاحت كياني. كيف يعرفون هذا التاريخ؟ هل هو مجرد صدفة؟ لا أعتقد ذلك.
نظرت أثينورا إليّ باستغراب، وسألتني إذا كان هناك شيء أزعجني. حاولت أن أتماسك أمامها وأخفي مشاعري المتلاطمة. قلت لها بكل هدوء وثبات: "أعلني الاحتفال بأي شيء، المهم أن تحتفل كريستافيل كلها. وأيضًا، يجب على فريق البحث أن يحضر فالداريوس حيًا أو ميتًا."
مرّت نصف ساعة كأنها دهر، بينما كنتُ جالسة في قاعة العرش، أتأمل في المصاعب والتحديات التي تواجهها المملكة، جاءوا بفالداريوس في حالة من اليأس والحزن العميقين. طلبت من الجميع أن يغادروا القاعة ويتركوني معه وحدي. جلست على العرش بكامل قوتي، فتقدم فالداريوس متعبًا ومهمومًا، ذقنه غير مهندمة وملامحه شاحبة تعكس أعباءً ثقيلة. شعرت بالغضب يتصاعد في داخلي وسألته بحدة: "لماذا هربت في أهم وقت يا فالداريوس؟ هل هذه خيانة أم تسيب أم إهمال؟ هل هذا وقت للاستهتار؟! أنت تعرف مدى أهمية هذه اللحظة، كيف تجرؤ على الهروب؟!"
نظر إليّ بوجه شاحب وصوت متقطع وقال: "مولاتي، أريد أن أطلب إذنكم لتقديم استقالتي. أشعر أنني لم أعد قادرًا على أداء واجباتي كما يجب."
كانت صدمة لي وصرخت فيه: "استقالتك؟! لماذا يا فالداريوس؟ أنت واحد من أفضل قادتنا. أرجوك أخبرني ما الذي يحدث."
رد بصوت واهن وكأنه يهذي: "لا أستطيع، لا أستطيع... سبعة أشهر أتعذب وهي بعيدة عني."
نظرت إليه بعدم فهم وقلت: "أنا لا أفهم."
اقترب من يدي وقبّلها بلهفة وقال: "أرجو من مولاتي أن تساعدني... هي من وطنك .. هي من مصر... أرجو من مولاتي أن تنقذ عاشقًا متقدًا بالنار... أرجو من مولاتي أن تعيد لي حبيبتي."
شعرت بصدمة كبيرة وسألته: "أنا لا أفهم شيئًا... هل يمكنك أن تهدأ وتقوم من على الأرض وتحكي لي؟"
بدأ فالداريوس يحكي بصوت مملوء بالحزن: "اسمها مريم. تعرفت عليها قبل أكثر من ثلاث سنوات. كانت حياتنا مليئة بالحب والسعادة. كنا نخطط للزواج، ولكن قبل إتمام مراسم العرس، اضطرت مريم للهرب مع جدها منذ سبعة أشهر. لم أستطع العثور عليها أو التواصل معها. منذ ذلك الحين، وأنا أعيش في عذاب مستمر. لقد حاولت وضع خطة محكمة لمواجهة الأعداء، ولكنني فشلت. أشعر بالذنب لأنني السبب في احتلال أورثينا. لم أستطع التركيز أو التفكير بوضوح بسبب غياب مريم. الألم يثقل كاهلي كل يوم."
سمعت كلماته بتمعن وأدركت مدى الألم الذي يعانيه. قلت له بلطف: "سنجد مريم يا فالداريوس. سأبذل قصارى جهدي لمساعدتك. لكن عليك أن تكون قويًا وتستعيد تركيزك. نحن نحتاجك هنا، ولا يمكننا تحمل خسارتك."
ثم أضفت: "اذهب إلى الحكيمة ميرافيريا لتحصل على وصفة تقويك وتساعدك في استعادة صحتك. لونك الشاحب وصحتك الباهتة تقلقني."
وعدته قائلة: "أعدك بأنني سأبحث عن مريم وأجدها حتى لو كلفني هذا الأمر الكثير، طالما أنها من نفس وطني."
وفجأة أدركت وتساءلت بصدمة: "وكيف عرفت أن وطني هو مصر؟"
أجاب فالداريوس برعب: "مولاتي، لقد عرفت من مريم أن الوعد سيكون من وطنها العزيز، ووطنها مصر."
سألته بجدية: "ومن هو جدها يا فالداريوس؟"
أجاب بصوت منخفض: "إنه مولماز الحكيم، الرجل الثاني في المملكة."
كررت اسمه بدهشة: "مولماز!! الرجل الثاني؟! لماذا هربوا إذن طالما كان لهم مكانة خاصة هنا ومرموقة؟! ما علينا، اذهب وفعل ما طلبته منك يا فالداريوس، وأعدك بأنني سأعيدها لك."
ثم أضفت بحزم: "ولكن عليك التركيز تمامًا في هذه الأيام، وبالأخص غدًا."
سألني فالداريوس بتعجب: "لماذا غدًا؟"
أجبت بثبات: "ستقام الحرب... سندمر ظليمة."
كررت كلماتي بنبرة حازمة: "اذهب وافعل ما طلبته منك يا فالداريوس. أعدك بأنني سأعيدها لك، ولكن عليك التركيز تمامًا في هذه الأيام، وبالأخص غدًا."
انحنى فالداريوس برأسه قليلًا وأجاب بصوت منخفض: "حسنًا، مولاتي."
راقبته وهو يغادر القاعة، ويختفي خلف الأبواب العريضة. كنت أعلم أن هذه الحرب القادمة ستكون حاسمة، وستحدد مستقبل مملكتنا. كان عليّ أن أكون قوية وحاسمة، فالعدو لن يتردد في استخدام كل وسيلة ممكنة لإلحاق الهزيمة بنا.
لكنني كنت مصممة على تدمير ظليمة، واستعادة سلام مملكتنا، . كان لديّ إيمان قوي بقدرتنا على تجاوز هذه المحنة والخروج منها منتصرين
بعد أن كنت غارقة في أفكاري، طلبت من الخدم حضور أثينورا. دخلت متوترة ونظرت إليّ قائلة: "نعم مولاتي، قالوا لي إن جلالتك تطلبينني."
نظرت إليها بجدية وسألتها: "من هو مولماز يا أثينورا؟"
أجابتني: "إنه الرجل الثاني في المملكة، ولكنه اختفى منذ سبعة أشهر. البعض يقول إنه قد مرض ومات وتعرضوا لسحر شديد. والبعض الآخر يقول إن حاكم ظليمة أغتاله هو وحفيدته وأخفى جثثهم. وهناك من يقول، مثل فالداريوس، إنهم عادوا إلى وطنهم الأصلي، لأن مريم ليست من سكان كريستافيل، بل من وطن غريب."
كررت بتعجب: "وطن غريب؟"
سكتت أثينورا برهة، ثم قالت بتردد: "تعرفين يا مولاتي، أحيانًا عندما كنت أدقق النظر في السيد رائف، أشعر وكأنه يشبه مريم كثيرًا. أو من الممكن أنهم من نفس الوطن. "
نظرت إليها بعينين مفتوحتين وكأنني تعرضت لصعقة كهربائية وسألتها بصدمة: "قلتِ ماذا يا أثينورا؟"
أجابت بخوف وتلعثم: "كنت... كنت أقول إن السيد رائف يشبه مريم كثيرًا، حفيدة مولانا مولماز الحكيم."
سألتها بتلهف: "يشبهها في ماذا؟"
أجابت: "في هدوئهما وطريقة الكلام وتعبيرات الوجه، حتى العيون يا مولاتي ولون البشرة."
وقفت وأنا أشعر بالدوار، وقلت: "اختفوا منذ سبعة أشهر؟!"
تملكتني مشاعر مختلطة من الصدمة والقلق والحيرة. كانت هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في ذهني، وأدركت أن هناك سرًا عميقًا يتعين عليّ كشفه. وعدت نفسي أنني سأبحث في الأمر وأكتشف الحقيقة مهما كلفني الأمر.
وفجأة دخلت ميرافيلا إلى القاعة مهللة، تصيح بصوت عالٍ: "لوريناز قد وصل، يا مولاتي، بقوة سحرية من أورثينا إلينا! لقد استخدم الهالة البلورية السحرية التي صنعت خصيصًا لهذه المهمة من قبل فريقنا العظيم الكريستافيلي."
نظرت إليها باندهاش وسألتها: "ما الذي عرفتموه من لوريناز؟ وما هي نقطة ضعف ظليمة؟"
بدأت ميرافيلا تروي القصة بتفاصيل أكثر: "لقد بذل لوريناز جهدًا كبيرًا في الكشف عن الشفرة السحرية. عندما وصل إلينا من أورثينا، كان محاطًا بهالة بلورية سحرية، تعكس الأشعة البرّاقة والألوان الزاهية. بفضل فريقنا الكريستافيلي العظيم، استطاعوا إنشاء هذه الهالة لتساعده في السفر بأمان وسرعة."
توقفت لحظة، ثم أضافت: "عندما وصل، كان متعبًا ولكنه مليء بالعزم والإصرار. باستخدام معرفته العميقة بالسحر والعناصر الطبيعية، تمكن من فك تعويذة معقدة تتعلق بعناصر الأرض والماء. بمجرد أن فك الشفرة، استطعنا تحديد موقع المدينة المخفية واستعادتها إلى الوجود."
أضافت ميرافيلا بحماس: "أما بالنسبة لنقطة ضعف ظليمة، فقد كشف لوريناز أن نقطة ضعفهم الرئيسية تكمن في الحجر المظلم المقدس الذي يمدهم بالطاقة السحرية. إذا تمكنا من تدمير هذا الحجر، سنفقدهم قواهم ونتمكن من هزيمتهم بسهولة."
في تلك اللحظة، دخل سيدريك ولوسيان مهللين وقالا بصوت واحد: "مولاتي، يمكننا الهجوم فورًا على ظليمة!"
نظرت إليهم بجدية وثبات وقلت: "علينا أن نستعد جيدًا. سنستغل هذه الفرصة الذهبية ونهاجم ظليمة بكل قوتنا. الآن، اجتمعوا مع قادة الجيش وأعدوا الخطة النهائية للهجوم."
"انحنى سيدريك ولوسيان بإحترام وغادرا القاعة لتجهيز القوات. كان الجميع في حالة تأهب قصوى، وعلمت أن المعركة القادمة ستكون حاسمة. كنت مليئة بالعزم والإصرار على تحقيق النصر وحماية مملكتنا واستعادة السلام."
ثم أبلغتهم: "اكتبوا عبر البلورات التي تتواجد مع الشعب كله، والتي يقرأها ظليمةأيضًا ، الدعاء للملكة وعد بسبب تعبها الشديد. وليكمل الشعب فرحته بالاحتفال ولا ينسى الدعاء للملكة."
أضفت بحزم: "دون ذكر أي شيء عن الحرب، لا بإننا سنحارب أو نؤجل. ولكن اذكروا أن ملكتكم تطلب منكم الدعاء بالشفاء العاجل."
أومأ الجميع بالموافقة وانصرفوا لتنفيذ الأوامر. كنت أعلم أن هذا الإعلان سيكون وسيلة لإطمنان الأعداء بإن الشعب منشغل بالإحتفال والملكة مريضة. وهذا يمنحنا بعض الوقت للتحضير للهجوم.
بعد نصف ساعة، دخل فالداريوس إلى القاعة وهو يحمل خطة في منتهى العبقرية والذكاء، كانت خطته حقًا تُظهر مدى عبقرية هذا البطل.
طلبتُ منهم أن يهجموا على ظليمة بعد ساعة بالضبط بدلًا من غدًا . وبدأت الحرب دون أن يعلم الشعب أي شيء، إلا أننا استعدنا أورثينا.
بدأت الإشارات تصل إليّ بأن أورثينا قد عادت إلى حضن الوطن. شعرت بفخر كبير وبالعزم على إعلان النصر. وقفت وأعطيت أوامري بصوت واضح: "أثينورا، افتحي الإرسال للشعب، لقد قاطعنا الإرسال لمدة ساعة عنهم. ليعلموا أن أورثينا قد عادت إلى وطننا الحبيب."
أثينورا انحنت بإحترام وبدأت بتنفيذ الأوامر، وبدأت الأنوار تتوهج في كل أرجاء المملكة، معلنة عودة أورثينا وبدء الاحتفالات.
ولم أكتفِ بذلك، طلبت من فالداريوس أن يتم التخلص من ظليمة بالكامل وأن يخضع شعبها وجيشها لسجننا، الذي أشرفت عليه ميرافيلا وقامت بحمايته بأقصى درجات الحماية والسحر نظرًا لتلاعب ومهارة أهل ظليمة في السحر.
أكدت عليه: "لا يُقتل أي طفل أو امرأة أو عجوز. من يبدأ بالقتل والعداء تُردّوا عليه، ولكن غير ذلك لن تتعرضوا لهم أبدًا."
انحنى فالداريوس بالإحترام وقال: "سألتزم بأوامركِ يا مولاتي."
تحدثت أثينورا بفضول بعد خروج فالداريوس : "هل ستعيدين مريم إلى فالداريوس حقًا يا مولاتي؟" وكأن أثينورا مصممة على إغراقي في أفكاري بعد أن حاولت التخلص منها.
نظرت إليها وسألتها: "لماذا تسألين؟"
أجابت أثينورا بتردد: "لأنني متأكدة من موتها."
طلبت منها أن تخرج. كنت بحاجة إلى بعض الوقت للتفكير والتأمل في كل ما حدث. كانت هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في ذهني، وأدركت أنني بحاجة إلى التركيز والتفكير بعمق في الخطوات القادمة.
وبدأت أركز وأدقق في الأفكار. أمسكت بورقة وبدأت أكتب وأخطط. كتبت أسماء مريم، رائف، مولماز، الملك الأعظم، سبعة أشهر، وكتبت مصر. مزقت الورقة وعدت لأكتب نفس الكلمات مرة أخرى. كنت أشعر بالارتباك والحيرة.
ثم تذكرت كلمات رائف، فرجعت بذاكرتي لأستعيد حديثه:
رائف بجدية: "بصي يا وعد، احترامًا لوصية جدي - رحمه الله - أنا هحكيلك كل حاجة."
قلت بدهشة: "جدك؟! دا الموضوع كبير."
رائف بحزن: "جدي أتوفى من سبع شهور، قبل ما يموت حكالي عن منتصر الجزار."
قلت بذهول: "عن جدي؟!"
رائف بجدية: "جدك وجدي كانوا أصحاب من أيام الطفولة، وللأسف بسبب خلاف بسيط حصل بين العائلتين زمان منعوهم من الاختلاط ومنعوا صداقتهم. المكان الوحيد اللي كان بيجمعهم هو المكتبة بسبب حب جدك منتصر وجدي للمكتبة. جدي قبل ما يموت وصاني إني أكمل المشروع في المكتبة، وحكالي إن ليها فترة مقفولة، بس مكنتش متخيل إن ليها عشر سنين من وقت وفاة جدك، لأن المكتبة مفيهاش كمية التراب اللي تخليك تحس إنها مقفولة ليها عشر سنين."
كلماته أعادت لي كثيرًا من الذكريات والمشاعر المتداخلة. أدركت أن هناك سرًا عميقًا يتعلق بجدّي، مولماز، ومريم. كنت عازمة على كشف هذا السر مهما كلفني الأمر وفجأة أحسست بترتيب أفكاري.
وقفت وصرخت بغضب: "مولماز هو ممتاز! ممتاز جد رائف! هو مولماز الذي توفي منذ سبعة أشهر. مريم تكون إما أخت رائف أو بنت عمه... مولماز! وجدي أصدقاء..
هذا يُعني جدي هو الملك الأعظم؟!"
صرخت بأعلى صوتي: "أثينورا..." قمت أصرخ واهتف باسم أثينورا حتى جاءت مهرولة ومذعورة.
مسكتها بحدة وعنف وسألتها: "ما اسم الملك الأعظم؟ ماذا... انطقي ما اسم الملك الأعظم؟"
بلعت ريقها وتحدثت بخوف رهيب: "اسمه المنتصر بالله... ما بكِ يا مولاتي؟ هل أنتِ بخير؟"
صدمت وقلت بصوت مرتجف: "في صور أكيد للملك، صح؟ في صور أكيد لهم."
أجابت أثينورا: "بالطبع يا مولاتي، ولكن بعد الوفاة، تقاليد مملكة كريستافيل تقتضي إخفاء الصور في الجناح الخاص بالميت."
قلت بإصرار: "أريد أن أدخل ذلك الجناح."
أثينورا بتردد: "ولكن يا مولاتي، ذلك الجناح مختفي."
سألتها بدهشة: "ماذا تعني مختفي؟"
أجابت أثينورا: "يتم صنع جناح خاص للميت، تُوضع فيه كل مقتنياته بما في ذلك صورته وذهبه وكل ممتلكاته المادية، ويتم ربطه بشفرة سحرية ليختفي في باطن الأرض، ولن يعود إلا إذا قام أحد بفك الشفرة."
"وقفت وشعرت بأن كل الأصوات تدور في رأسي؛ كلمات جدي قبل وفاته، وكلمات رائف، وكلمات أثينورا وفالداريوس، كانت تتردد في ذهني كصدى لا ينتهي. كانت الأفكار تتداخل وتتشابك، وكأنها دوامة تجرني إلى أعماق اللاوعي. أحسست بأنني لا أعي شيئًا، وأن العالم حولي قد بدأ يتلاشى تدريجيًا. فجأة، شعرت بثقل يجذبني إلى الأسفل، فسقطت على الأرض مغشيًا علي، وكأنني قد استسلمت لثقل الأفكار والمعلومات التي علمت بها."