رواية ومضة الفصل الثالث عشر 13 بقلم ميرنا ناصر
رواية ومضة الفصل الثالث عشر 13 هى رواية من كتابة ميرنا ناصر رواية ومضة الفصل الثالث عشر 13 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية ومضة الفصل الثالث عشر 13 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية ومضة الفصل الثالث عشر 13
رواية ومضة الفصل الثالث عشر 13
في صباح اليوم التالي، كنت أحاول أن أستفيق من نوم مضطرب، مستشعرةً ثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقي ومدركةً تمامًا أنني أُقصِّر في حق شعبي في كريستافيل. كان شعور الندم يتزايد داخلي بسبب ما بدر مني بالأمس تجاه إيمانويل ورائف، إذ أدركتُ أنني ارتكبت خطأً كبيرًا.
بينما كنت غارقة في أفكاري، دخلت أثينورا بسرعة كبيرة، قاطعةً حبل أفكاري وهي تلهث: "صباح الخير يا مولاتي. لقد تعرض رائف لانتكاسة مرضية غريبة لم نفهمها بعد."
شعرتُ بالقلق الشديد، وانتفضتُ من على تختي الملكي وسألتها بلهفة: "كيف حدث ذلك؟"
أخذت أثينورا نفسًا عميقًا وبدأت تقص عليّ السبب: "يا مولاتي، لقد ذكر إيمانويل أن رائف أصيب بحمى شديدة وهذيان خلال الليلة الماضية، ورغم أن إيمانويل حاول مساعدته ببعض التعويذات، إلا أن الوضع تفاقم في الصباح."
طلبتُ من أثينورا إحضاره إلى جناحي الخاص، هو وإيمانويل. وبعد دقائق معدودة، وصلوا إلى جناحي. كان رائف يتصبب عرقًا، ويظهر عليه التعب الشديد، بينما كان إيمانويل ينظر إلي بغضب عارم، عيناه تلمعان بنيران الغضب المكتوم.
نظرت إليهم بتوتر وأنا أشعر بالذنب المتزايد. ثم تكلمت بصوت هادئ مليء بالقلق: "أثينورا، احضري فورًا ميرافيريا الحكيمة."
تكلم إيمانويل بصوت رجولي ضخم، مليء بالثقة والتحدي: "الأمر لا يستدعي ميرافيريا من الأساس، يا مولاتي. إن تغيير الجو هو ما أثر عليه. ما لا تعرفينه أن غرفة المكتبة القديمة، التي تحتوي على كتب مهترئة، تنقص من الأكسجين وتسحب الطاقة من جسم الإنسان. وهذه الغرفة لم تُفتح منذ معرفتنا لهذا السبب. كان على أثينورا أن تبلغك بهذا، إلا أن تكون أثينورا أبلغتك واستمررتِ في استخدام الغرفة، فهذا يعتبر جريمة بحقك يا مولاتي."
شعرت بالغضب يتصاعد داخلي وصحت في وجهه بحدة: "كفّ يا إيمانويل! أنا لم أكن أعلم، أثينورا لم تبلغني. أنت تتجاوز حدودك!"
ثم وجهت عيناي إلى أثينورا، وكأني أريد أن أسألها إن كان كلام إيمانويل صحيحًا، لكنني لم أستطع التفوه بكلمة. كانت أثينورا مصدومة لأقصى حد فقالت: "يا مولاتي، كل ما قاله صحيح. الغرفة كانت تحت تأثير سحر، لكن الملك الأعظم، يا إيمانويل، فك هذا السحر وعالجه، فكيف عادت إلى هذه الحالة؟ لهذا لم أُنبه مولاتي، لأني اعتقدت أنها ما زالت في حالتها العادية. أعتقد أن السحر أقيم عليها مرة أخرى..."
وقفنا جميعًا مصدومين، وإيمانويل نظراته كلها أسف تجاهي لأنه قام بظلمي. فوجهتُ إليه كلامي: "هل في خطر على حياة رائف؟"
فأجاب: "لا يا مولاتي، هو يحتاج لهواء ونور فقط، وبعض الأطعمة."
فنظرت إلى أثينورا بغضب: "ماذا تنتظرين؟ أحضري كل الأطعمة اللازمة التي يذكرها إيمانويل."
فجأة، وبعد لحظات من الثواني، رفع إيمانويل يديه وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة. تشكلت تيارات هواء شديدة، أخذت تتعاظم بقوة هائلة حتى كدت أن أسقط من شدة الرياح العاتية. شعرت وكأن عاصفة جامحة قد اجتاحت المكان، تزمجر بأصواتها وتحمل معها كل شيء في طريقها. فجأة، بدأت جميع الشرفات في جناحي تتفتح بانفجارات متتالية، وكأنها تُستدعى لاستقبال نور الشمس الساطع.
انبثق نور الشمس بقوة وغزا المكان بأكمله، محولًا الظلام إلى نور مشرق. كان النور يتسلل عبر النوافذ والشرفات المفتوحة، ليغمر كل زاوية وكل ركن في الجناح. شعرت بحرارة الشمس ولمساتها اللطيفة تحتضن بشرتي، وكأنها تحمل معها وعدًا جديدًا بالأمل والحياة.
كانت اللحظات التي تلت ذلك مملوءة بالسكون والجمال، حيث تراجعت تيارات الهواء العاتية، لتترك خلفها هدوءًا وسلامًا. بدا لي وكأن المكان ينبض بالحياة من جديد.
تيقنت بعد هذا أن إيمانويل ساحر جبار، قواه السحرية تفوق كل تصور. تركت رائف في جناحي ونزلت إلى حديقة القصر، باحثة عن بعض السكينة والهدوء.
جلستُ بهدوء على أحد المقاعد الحجرية، وأخذت أراقب المناظر الطبيعية الساحرة من حولي. لم أكن أدرك من قبل جمال كريستافيل بهذا الشكل؛ ربما لأنني كنت مشغولة دومًا بمشاكل المملكة واحدة تلو الأخرى.
شعرتُ بنسيم الصباح العليل يلفح وجهي بلطف، وأصوات العصافير تغني أغانيها العذبة، وكأنها تريد أن تزيل عن كاهلي ثقل الأعباء والهموم. الأزهار المتفتحة بألوانها الزاهية، والأشجار الباسقة بأغصانها المورقة، كانت جميعها تمنح المكان جمالًا وسحرًا يأخذان الألباب.
بينما كنت غارقة في تأمل هذا الجمال الطبيعي، فجأة قاطعني صوت إيمانويل الحازم: "تسمح لي مولاتي أن أجلس بجوارها؟"
تحدثت بهدوء، محاولةً إخفاء ما بداخلي من قلق وتوتر: "تفضل، ماذا تريد؟"
فأجابني إيمانويل بهدوء وابتسامة لطيفة ساحرة، تقع في غرامها عندما تراها لأول مرة: "كنت أريد أن أعتذر يا مولاتي. على الرغم من أن ما حدث لي كان إهانة وتذليلًا، فقد ظلمتكِ وتطاولت عليكِ. أرجو المغفرة، يا جلالتك."
أجبته بهدوء: "حصل خير، أنا أيضًا أريد الاعتذار يا جلالتك ."
فأجابني بنفس الابتسامة الساحرة، وعيناه الزرقاوان تضحكان معه. كان نسيم الهواء يرفرف شعره،
تحدثت في نفسي:"ايه بقا الحلاويات وشغل التركيين ده.. عيب يا وعد انتي ملكة عيب..اه الواد حليوه يعني بس عيب "
وأضاف إيمانويل : "العفو يا مولاتي. أريد أن أستسمحك في أن أترك القصر وأعود من حيث أتيت. قد جئت حسب خطابك، ولكن ما تريدينه لا أستطيع تنفيذه."
تحدثت بهدوء وصوتي مختنق بالبكاء: "أنا لا أعرف أين أنا ولا ماذا أفعل يا إيمانويل، ولا أستطيع أن أكمل من دون أن أفهم. كان جدي هو الملك الأعظم هنا، وكيف كان يعيش معي في مصر؟"
فنظر إليَّ إيمانويل وكلتا عينيه متأثرة وقال: "مولاتي، فتح الجناح الخاص ليس هو الحل، لأن هناك حلولًا كثيرة لتقصي الحقائق ولكن بعيدًا عني."
كانت عيناي تمطر دموعًا، شعرت حينها كأن قلبي يداس بكل ثقل الكرة الأرضية، وكأن كوكب الأرض بأكمله وقع على قلبي. صرخت فيه وقلت: "المنتصر، الملك الأعظم، يكون جدي منتصر الجزار. نحن من مصر ولم نعرف أو نسمع من قبل عن مملكة كريستافيل."
فجأة، وجدت نفسي في مكان آخر، مسؤولة عن حياة ناس وأرواح وأرض وعن تخطيط. وإني الوعد الذي يحلم به الشعب بأكمله. وفي لحظة انصدمت أن جدي عاش عمره هنا وهو نفسه الذي كان يعيش معي في عالم آخر.
وأن جد رائف، الرجل الثاني، ومريم التي قد تكون أخته أو ابنة عمه، كانوا يعيشون هنا. لو سألت أي أحد في مصر سيكذبني، تعرف لماذا؟ لأنهم كانوا يعيشون هناك بشكل عادي.
أخذت نفسًا عميقًا، وبعدها صرخت بصوت أقوى: "أنا لا أفهم أين أنا وماذا أفعل ومن هؤلاء وما الذي يجري بجانبي هنا. ولا أفهم الانتماء الشديد الذي أشعر به تجاهكم وتجاه هذه الأرض التي لم يمضِ على وجودي فيها إلا أيام قليلة."
وضع إيمانويل يده على يدي بقوة، أحسست وكأن مخدرًا دخل جسمي وعروقي. بدأت أهدأ بشكل غريب وكأنني حُقنت بمهديء فعلًا.
وضعت رأسي على كتفيه وكأن الكلام يسحب من لساني براحة، وكأني منومة مغناطيسيًا كما يقولون. فتحدثت إليه: "أنا لست الوعد الذي ينتظرونه، ولو كنت الوعد، بالتأكيد جدي قد فعل شيئًا، كتب شيئًا يجعلني أفهم هذه الألغاز. بالتأكيد جدي يحمل السر وسبب اكتشافه للمملكة. بالتأكيد جدي يعلم أنني سأكون تائهة، ولن يتركني هكذا. لماذا لم يأخذني أحد، بينما أخذ مولماز مريم؟ هل كان والدي ووالدتي يعلمان بذلك؟ هل سأكمل هناك أم هنا؟ وإذا أكملت هنا، ماذا سأفعل؟"
بدأت أرى شبه خيال اثنين يتشاجران. نعم، إنه رائف وإيمانويل. أتى رائف متهجمًا على إيمانويل بلكمة ضعيفة، لكن إيمانويل سدد له لكمات قوية فسقط رائف على الأرض وهو يقول: "أنت قمت بتخديرها مثلي. قمت بتخديرها، يا حقير."
فأجابه إيمانويل: "جلالتها كانت تحتاج أن تهدأ وقمت بهذا لمساعدتها فقط، لست بحيوان لأفكر مثلما فكرت أنت."
فقام رائف محاولًا ضربه، ولكن إيمانويل أمسك بيديه وقال بحزم: "رائف، راعِ أن جلالة الملكة في وسطنا وهذا خطأ كبير منك."
رد رائف: "سأدفعك ثمن ما فعلته وما تفعله."
فوضع رائف يده فوق رأسه وهو يتحسس الدم النازل على وجهه، ثم قال: "لا تصدقينه يا مولاتي، لقد حكت لي نيريفا كل شيء... قد فضحته... يا مولاتي، حاولي أن تصدقيني."
صرخت، ولكن لم تخرج صرخاتي وكأنها مكتومة. حاولت مرة بعد مرة حتى صرخت بصوت عالٍ: "كفوا واختفوا كل واحد منكم في طريقه."
سمع إيمانويل أمري وترك المكان، وبقي رائف غاضبًا، وكأن نظراته توجه لي اتهامات بالخيانة. ثم تحدث قائلاً : "مين ده؟ اللي حضرتك ماسكه ايده ونايمه على كتفه ياست وعد. ؟"
رددت بغضب: "إش إش دا الكتكوت صحي من النوم وكِبر وبقى ليه جناحات.
فقال بصوت غاضب كالرعد: "وعد!!"
فأجبته بهدوء شديد عكس الثورة التي بداخلي: "الملكة وعد أو جلالتك، ياريت تحافظ على التكلفة بيننا."
فرد رائف بغضب: "ودا اسمه ايه قَلب الترابيزه علشان نغطي على الموضوع إنك كنتي على دراعه."
فأجبته منفعلًة: "بأي حق أصلًا تكلمني كدا؟"
فرد بصوت منفعل أكثر: " إننا بنحب بعض مثلًا ، إني حبيبك، وأنتِ حبيبتي."
ضحكت بشدة: "مالك؟! أنت تركتني يا رائف في عز ما كنت أحتاجك. جدي قال لي: "لو عايزة تعرفي إن الراجل اللي معاكي راجل بجد، أقعي في مشكلة. لو لقيتيه متمسك وماسك فيكي وخايف عليكي وبيحاول يساعدك وبيحل المشكلة وعمره ما فَل، اعرفي إنك هتتصاني. وأنا هعمل زي ما وصاني."
غضب رائف ونظر إلي وعيونه مملوءة بالدموع: "يعني إيه يا وعد؟"
رديت وعيناي تملأها الدموع: "يعني أنت ما تستاهلش تكون حبيب يا رائف..."
نظر إليَّ بغضب وعيناه تدمعان: "علشان غلطة؟ كنت تحت تأثير ضغط."
مسحت دموعي وتكلمت بصوت قوي: "لو كل راجل اتحط في ضغط والضغط محى رجولته، هتبقى كارثة. في غلطات ما تتغفرش زي الخيانة والكذب. إنك تنسى إنك راجل وتهرب وتسيب اللي معاك دي أصعب من الكذب والخيانة. علشان وقتها قِلِت من نظري... لا، وقتها مش بس قليت، أنت اتمحيت من نظري."