رواية عاصفة الهوي سيف وهمس الفصل الواحد والخمسون 51 بقلم الشيماء محمد

رواية عاصفة الهوي سيف وهمس الفصل الواحد والخمسون 51 بقلم الشيماء محمد

رواية عاصفة الهوي سيف وهمس الفصل الواحد والخمسون 51 هى رواية من كتابة الشيماء محمد رواية عاصفة الهوي سيف وهمس الفصل الواحد والخمسون 51 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية عاصفة الهوي سيف وهمس الفصل الواحد والخمسون 51 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية عاصفة الهوي سيف وهمس الفصل الواحد والخمسون 51

رواية عاصفة الهوي سيف وهمس بقلم الشيماء محمد

رواية عاصفة الهوي سيف وهمس الفصل الواحد والخمسون 51

سيف ساق بسرعة جنونية، الغيظ والغضب مسيطرين عليه. وصل الشركة في وقت قياسي، وكل ما حد بيكلمه بيتجاهله لحد ما وصل مكتبه. مريم وقفت: "سيف..." 
لكنه ما سمعهاش ودخل مكتبه. كانوا في انتظاره سبيدو، مؤمن، وكريم. الثلاثة وقفوا، ومؤمن كان أول واحد يتكلم: "إيه اللي حصل بالظبط؟ عرفنا من أستاذ إمام إن في شكوى متقدمة ضدكم لرئيس الجامعة، بس مفيش أي تفاصيل لسه حد عارفها؟"
سيف دخل وسند على مكتبه وظهره لهم، ومش لاقي أي كلام يقوله ولا عارف هيعمل إيه، وحاسس بعجز شديد مسيطر عليه. الغضب جواه لازم يفجره، وإلا هيقضي عليه. فجأة زق كل حاجة على مكتبه، التليفونات، الشاشة، وكل حاجة، وفضل يكسر كل حاجة حواليه.
مؤمن حاول يقرب بس كريم مسك دراعه وشاورله لأ بدماغه. الثلاثة وقفوا يراقبوه وهو بيفرغ شحنة الغضب اللي جواه. مريم سمعت صوت التكسير فقامت بسرعة، خبطت ودخلت، شافت سيف بيكسر كل حاجة، بس سبيدو بصلها وشاورلها تطلع بره فقفلت الباب وراها.
سبيدو قرب من سيف: "كفاية، معدش في حاجة تكسرها."
سيف وقف بياخد أنفاسه، وسبيدو منتظره يهدى شوية. الثلاثة فضلوا حواليه بصمت، لحد ما سيف قطع الصمت بحزن مرير: "اللحظة اللي أخدت منها الكارنيه بتاعها حسيت إني سحبت روحها بإيدي. دمرت حلمها ودمرتها هي شخصيًا."
كريم سأله باهتمام: "هي فين دلوقتي؟"
سيف بدون ما يبصله: "سيبتها في الشقة تعيط وتندب حظها وتكره اليوم اللي عرفتني فيه."
كريم حط إيده على كتفه: "عمرها ما هتكره اليوم ده مهما يحصل يا سيف. في حاجات بتحصلنا بنحس إنها نهاية الكون، بس بعدها بنكتشف إنها بداية لحاجة جديدة أحلى."
قاطعه سيف بغضب: "بس أنا مش عايز حاجة جديدة، مش عايز أدمر حلم هي حلمته هي وأبوها من وهي عيلة صغيرة، وأجي دلوقتي أقولها هارد لك، كفاية عليكِ حبي. هلعن الحب ده لو هو ده الثمن."
سبيدو: "طيب ينفع تفهمنا إيه اللي حصل؟ الكارنيه بتاع همس سحبوه ليه؟"
سيف بصله: "اتوقفت عن شغلي، وهي سحبوا الكارنيه بشكل مؤقت لحد ما يخلص التحقيق. امتحاناتها بعد أقل من شهر، عمرك شفت تحقيق بيخلص في أقل من شهر؟ فحتى لو الموضوع هيخلص وده مجرد شو، فهو اتعمل في وقت مظبوط علشان يضمنوا إنها مش هتتعين معيدة."
سكت شوية، بعدها كمل بغضب: "خلود الكلب اللي مستنضفهاش خدامة تقف في وشي وتقول هي هتبقى معيدة. هي عارفة إن الدرجة الواحدة بتفرق في ترتيبهم، فما بالك بدرجات الميدتيرم كلها؟ همس لو ما دخلتش الامتحانات دي، الموضوع انتهى."
مؤمن بحيرة: "طيب نكلم حد أو نشوف حد يعمل استثناء وتدخل الامتحانات دي؟"
قاطعه سيف: "الموضوع وصل لمكتب الوزير، هتكلم مين أعلى منه؟ وكلي ثقة إنه هيوصل السوشيال ميديا علشان يربطوا إيدينا وتبقى قضية رأي عام. دكتور بيحب طالبة وبيسرب لها الامتحان علشان تتعين معيدة، ويجيبوا خلود البنت الفقيرة المسكينة اللي اتاخد حقها. الموضوع كله شووو. لازم نفكر إن التحقيق يخلص في يوم أو يومين، ولازم نشوف حل."
سيف بعدها بص لسبيدو: "إنت ساكت ليه كده؟ قولي هنعمل إيه تاني فيهم؟"
سبيدو رفع إيديه: "أنا؟ أنا تفكيري ما بيعجبكمش، ولما بتعامل، بتطلع قيمكم ومبادئكم، وأطلع أنا الشرير بتاع الدارك ويب، صح يا باشمهندس كريم؟"
كريم نفخ بضيق: "قولتلك مش قصدي، بس غسيل الأموال تهمة كبيرة وعقابها أكبر، مش هلزقها لحد حتى لو عدو."
سبيدو بتهكم: "واللي بيحاربكم عارف إن دي أخلاقكم، علشان كده هتفضلوا دايمًا متأخرين خطوة، لأنكم بتدافعوا فقط، مفيش هجوم."
سيف مسك دراع سبيدو: "أنا حاليًا مستعد أقتل، مش ألفق تهم. سامح فين؟"
سبيدو: "عندي."
سيف كمل: "شذى عايزها تحت إيدي هي كمان. مكرم الكلب، شركته تتقفل. خلود، نانيس وهايدي، التلاتة عايزهم. تقدر تجيبهملي؟ وقبلهم مايا كمان."
سبيدو بصله بشك، فسيف قرب منه: "أنا عارف إنك طلعت بره الدارك ويب، بس حاليًا أنا محتاجك تدخله من تاني. محتاج سبيدو اللي جوه الدارك ويب. فادي يس مش هنجيبه بالطرق التقليدية. أنا مش هنتظر ضربات تانية. هتساعدني ولا انسحبت من الطريق ده ومش عايز ترجعله؟ مهما يكون قرارك، هتفهمه."
سبيدو مد إيده لسيف: "إيدي في إيدك يا صاحبي، مش هسيبك."
بصوا لمؤمن اللي حط إيده معاهم: "معاكم."
بعدها كريم قرب ومسك إيديهم: "أخد الحق حرفة، وإحنا سكتنا كتير. خلونا نبدأ بسامح، لازم نعرف بياخد أوامره من مين."
موبايل مؤمن رن، فطلعه علشان يقفل الصوت، واتفاجئ بنور هي اللي بتتصل. كان هيقفل، بس افتكر إن إيان معاها. كشر تلقائيًا، فكريم سأله: "في إيه؟ مين؟"
مؤمن: "نور. معرفش بترن ليه؟ هرد علشان إيان عندها."
رد عليها، وقبل ما ينطق، سمعها بتصرخ: "الحقني يا مؤمن، مش لاقية إيان في البيت."
الكلام نزل عليه زي الصاعقة. لحظات سكت يستوعبها، بعدها اتكلم: "يعني إيه مش لاقياه؟ هو لعبة تايهة منك؟"
نور صرخت: "بقولك مش لاقياه! كان نايم في أوضته، فتحت الأوضة مفيش. معرفش هو فين. محدش شافه، مش لاقيااااه يا مؤمن، مش لاقية إبني."
كريم سأله بترقب: "مش لاقية إيه يا مؤمن؟"
مؤمن بص لهم: "مش لاقية إيان." كلهم اتصدموا. "معقول يكون اتخطف؟"
محدش فيهم نطق، والصدمة ملجماهم. بس كل واحد عنده مصيبة، فممكن تكون دي مصيبة مؤمن، إبنه.
مؤمن: "اقفلي، أنا جايلك دلوقتي."
كلهم اتحركوا مع بعض وخارجين، كان عز داخل لسيف: "سيف، طمني، إيه اللي حصل؟ إمام لسه مكلمني."
سيف مسك دراع أبوه: "بعدين يا بابا، في أهم دلوقتي."
جه يتحرك، بس عز مسك دراعه: "إيه ممكن يكون أهم من..."
قاطعه سيف: "إيان إبن مؤمن مش لقينه، وممكن يكون اتخطف."
عز اتصدم باللي سمعه وساب دراع إبنه: "اتحركوا طيب يلا، وطمنوني."
راقبهم بيبعدوا، وحط إيده على قلبه بخوف ورعب. ممكن تكون الحرب دي وصلت للخطف؟
سبيدو بص لسيف: "اسبقوني، وأنا هجيب رجالتي وأحصلكم، بحيث نبقى عدد كبير ندور عليه."
نور اتصلت بأخوها تطلب منه ييجي بسرعة، فتحرك نادر من مكانه جري، مروة وقفته: "في إيه؟ طمني."
بصلها بدون ما يوقف: "نور مش لاقية إيان."
حطت إيدها على قلبها برعب وتابعته بيجري، وقبل ما تتحرك، لقت خالد وراها مصدوم: "هو قال إيان مش لاقينه ولا أنا سمعت غلط؟ ردي يا مروة؟"
مروة مسكت دراعه: "عمي، إنت عارف نور بتهول الأمور. دلوقتي نادر هيكلمنا ويطمنّا عليه."
مؤمن وصل عند نور، جري عليها ووقفها من الأرض: "إبني فين يا نور؟ قسمًا بالله أقتلك لو دي حركة عملاها!"
نور بصتله من بين دموعها: "إبني مش لقياه. بعدين ليه ما تكونش إنت اللي خطفته مني علشان تثبت إني مش أم كفء وتاخده مني؟"
مؤمن سابها من إيده وكريم قرب: "ما يمكن يكون مستخبي في شقتك يا نور؟ على طول بيستخبوا هو وإياد."
طلعوا جري لشقتها وكلهم بيدوروا عليه. سبيدو وصل برجالته ووقفوا كلهم منتظرين الأوامر. سبيدو طلع لعندهم فوق، ووقفوا كلهم في الصالة، محدش فيهم بيتكلم. دخل سبيدو وقرب من مؤمن: "عايز صورة ليه علشان أبعتها لرجالتي يدوروا عليه."
مؤمن بصله بتوهان: "يدوروا فين؟ هي بتقول إنه مخرجش. هيدوروا فين؟"
كريم طلع موبيله وبعت كذا صورة لسبيدو: "بعتلك صور ليه يا سبيدو."
نادر وصل وأول ما شاف الرجالة تحت قلبه وقع. قرب منهم: "إنتو مين وبتعملوا إيه؟"
واحد منهم عارفه: "إحنا تبع سبيدو، جايين نساعد."
نادر سابهم وطلع جري لأخته اللي أول ما شافته رمت نفسها في حضنه: "إبني مش لقياه يا نادر."
نادر حاول يهديها، بس مؤمن شدها: "احكيلي بالتفصيل حصل إيه وإبنك إزاي اختفى؟"
نور حكتلهم بالتفصيل كل اللي حصل من ساعة ما سابته نايم لحد ما دخلت تشوفه.
مؤمن بعد ما هي سكتت اتكلم: "إنتِ عايزة تفهميني إنك فضلتي ٣ ساعات من غير ما تبصي عليه ولا تشوفيه؟ يعني هو ممكن يكون مختفي من ساعات؟"
نور بعياط: "كنت فاكراه نايم."
مؤمن زعق: "وهو من إمتى بينام كل ده؟ هاه؟ بطل ينام أصلًا من ساعة ما سبتيه. بينام ساعة بالكتير ويصحى، بس هتعرفي منين؟ إنتِ مشغولة بغلك وحقدك على الكل."
كريم شده: "مالوش لازمة الكلام ده. تعال ننزل ندور عليه."
نزلوا كلهم وسابوا نادر مع أخته. نادر مكنش عارف يقول إيه، فضل واقف مكانه شوية، بعدها اتحرك علشان ينزل. هي مسكت دراعه: "إنت رايح فين؟"
نادر بوجع: "هنزل أدور عليه معاهم."
شد دراعه منها، بس اتعلقت فيه: "نادر، تفتكر هنلاقيه صح؟ قولي آه."
بصلها بغضب مكبوت: "وإنتِ إبنك بيهمك بجد؟ مؤمن نزل، كفاية تمثيل، هو مش موجود."
بصتله بصدمة ورددت: "تمثيل؟ ده إبني!"
صرخ فيها: "وكان فين إبنك وإنتِ بتاخدي القرار تمشي من عند أبوه، هاه؟ كان فين إبنك لما سيبتيه وهو بيرضع لسه علشان تلوي دراع جوزك؟ كان فين إبنك وإنتِ بتهدي بيتك علشان أنانيتك؟ دلوقتي بس افتكرتي إنه إبنك؟ إنتِ ما تستاهليش أصلًا تكوني أم. بس مؤمن ما يستاهلش يتاخد منه إبنه. أنا هنزل أدور معاهم، وادعي نلاقيه، لأن مش مؤمن بس اللي مش هيسامحك يا نور لو ملقيناهوش. مش مؤمن بس."
سابها ونزل، والكل اتحرك يدور عليه في الشوارع وكل مكان حوالين المنطقة، ومعاهم صوره على الموبايلات.
خالد طلع من الشركة وراح على بيت المرشدي، وهو جواه يقين إنه هيلاقيه هناك، أو يمكن بس عايز يطمن نفسه. أم فتحي دخلته، واستأذنته تبلغ حسن، فطلع يقابله بسرعة: "خالد، اتفضل، تعال."
خالد بوجع وتوهان: "إيان هنا، صح يا حسن؟ ناديه أشوفه."
إياد طلع يجري وهو بيهيص: "ديدوووووو!"
جري على خالد: "إيان، فين؟"
خالد قعد على الأرض لما شاف إياد لوحده، وحسن مش فاهم أي حاجة. أمل طلعت تجري ورا إبنها وشافت خالد قاعد على الأرض: "عمي، في إيه؟"
حسن بيحاول يقوم خالد: "خالد، في إيه؟ قلقتني! بتدور على إيان ليه؟"
أمل بتوتر: "إيان مع نور النهارده!"
خالد عيّط: "إيان مش لاقينه يا حسن، إيان مفيش."
أمل شهقت ووقفت مصدومة، وناهد طلعت على أصواتهم وشافت خالد بيعيط وحالة الذهول اللي هم فيها. مسكت أمل من دراعها: "في إيه يا أمل؟"
دموعها نزلت وبصت لها: "إيان مش لاقينه!"
ناهد صوتت وجريت، ومسكت موبيلها واتصلت بمؤمن: "قولي إنه معاك ولقيته؟ طمّني يا مؤمن!"
مؤمن بصوت مهزوز: "مش لاقيه، مش عارف هو فين!"
سيف مع سبيدو عنيهم على الشارع، وكل بقالة أو كشك بينزلوا يسألوا عليه. وقفوا على جنب مش عارفين يعملوا إيه.
سيف: "تفتكر اتخطف؟ طيب اللي خطفه مش المفروض يتصل بأبوه أو أمه؟ يطلب فدية مثلًا؟"
سبيدو بتفكير: "مش كل اللي بيخطف بيكون عايز فدية. إنتو من إمتى في الحرب دي محدش طلب منكم فديات؟"
سكتوا الاتنين بعدها. سيف قعد على مقعد على الرصيف، حاسس بهموم الدنيا كلها فوق رٱسه ومبقاش قادر يتنفس.
سبيدو قعد جنبه وربّت عليه: "هتفرج."
سيف نفخ: "إمتى بس؟ إمتى؟"
سبيدو بتفاؤل: "قريب إن شاء الله، قريب."
سيف طلع موبيله: "هكلم همس أشوف أخبارها إيه. أنا سيبتها، مع إني المفروض النهارده بالذات أكون معاها."
اتصل بيها بس ما ردتش، واستغرب، لأن حتى لو نايمة بتصحى وترد عليه. رن مرة تانية، بس برضه ما ردتش، وده زاد قلقه: "مش بترد."
سبيدو بقلق: "هي في الفيلا، صح؟"
سيف صحح: "لا، في الشقة. إنت ناسي إننا سيبنا الفيلا؟"
اتصل بيها تاني، وقلبه عايز يروحلها. جرس واتنين، وكل واحد قلبه بيغوص ويطلع منتظر يسمع صوتها. الموبيل فصل، فقام وقف: "همس ما بتردش."
سبيدو بيطمنه: "اهدأ بس، يمكن تكون نايمة. رن تاني؟"
سيف رن تاني، بس برضه ما ردتش. فوقف: "أنا هروحلها، لازم أطمن عليها. محدش عارف إيان اتخطف ولا جراله إيه؟"
سبيدو وقف معاه: "هاجي معاك، يلا بينا."
سيف هيسوق، بس سبيدو اعترض: "أنا هسوق، وما تقلقش، هسوق بسرعة."
ركب جنبه واتصل بكريم، اللي رد عليه بسرعة: "لقيتوا حاجة؟"
سيف بحرج: "لا يا كريم، دورنا في كل الشوارع اللي قولنا عليها."
كريم بإحباط: "تمام، خلينا نتقابل طيب قدام البيت؟ هنشوف كاميرات المراقبة ونفرغها، يمكن نوصل لأي حاجة."
سيف وضح: "تمام يا كريم، روحوا وأنا هحصلكم. أنا هروح شقتي أشوف همس، بتصل بيها ما بتردش خالص، وصراحة قلقان عليها وخايف... يعني خايف يكون حد خطف إيان، ففكرت إن محدش يفضل لوحده دلوقتي. فلازم أشوف همس، وأخدها الفيلا."
كريم اتوتر أكتر: "طيب يا سيف، طمني لما توصل، وإن شاء الله خير."
قفل ومؤمن سأله: "في إيه؟ في جديد؟"
كريم قاله اللي حصل، ومؤمن قلبه هيتخلع من مكانه: "هل حد خطف ابني فعلًا؟"
سبيدو ساق بسرعة بطريقة ترضي توتر سيف اللي الغيظ والغضب مسيطرين عليه، وكل شوية بيرن على همس وما بتردش. حس إنه عايز يطير لعندها. أخيرًا، وقف سبيدو العربية قدام البيت، وقبل ما توقف تمامًا، سيف نزل يجري وسبيدو وراه. توتر سيف انتقل له، وصالح الأمن حاول يوقف سبيدو: "العربية ممنوع الوقوف هنا."
سبيدو حط المفتاح في إيده: "اركِنها واقفلها."
وكمل يجري ورا سيف. طلعوا لشقة سيف، اللي فتح الباب على عجلة، بس الدنيا هادية وكل حاجة مكانها.
سبيدو اقترح: "ادخل شوفها، يمكن نايمة جوه؟"
سيف دخل، وقلبه بيدق بطريقة موجعة. فتح أوضة النوم، فكانت فاضية. موبيل همس كان على الكومود جنب السرير، محطوط على الشحن. دخل الدريسنج، فكان فاضي، والحمام كذلك. على الرغم من إنه عارف إنها مش هناك، فتح الباب، لكن الصمت كان مخيف. وقلبه كان بيوجعه بشكل غير طبيعي.
طلع لسبيدو: "همس مش جوه. موبيلها جوه، وشنطتها فيها الفيزا والفلوس. همس بس اللي مش موجودة."
سبيدو بشك: "يمكن تكون في البلكونة، مثلًا؟"
سيف زعق: "همس مش إيان عشان تلعب استغماية!" ونادى بصوت عالٍ: "همس؟ همس؟"
دخل البلكونات ودور عليها، لكن مفيش. وقف في الصالة جامد. 
سبيدو: "يمكن تكون مع هالة، صحبتها؟ عند هند وأمها؟ راحت الفيلا؟ سيف، في ألف اقتراح ممكن أقوله. زي ما قلت، همس مش إيان. يمكن تكون نزلت تتمشى تفك عن نفسها."
سيف بصله وفي أمل صغير اتولد جواه، واتصل بهالة: "همس معاكِ؟"
ردت بسرعة: "لا، مش معايا، ما شوفتهاش من ساعة ما مشيت معاك."
قبل ما تنطق زيادة، قفل واتصل بهند، وسأل نفس السؤال، بس كانت نفس الإجابة. كلم أمه في الفيلا، وسألها، فردت سلوى باستغراب: "لا، همس مش هنا. بتدور عليها ليه؟ مش اتفقت معاها ما تخرجش بدون ما تقولك؟"
سيف زعق: "شوفي نصر فين؟ ممكن تكون كلمته وجاية عندكم. شوفيه لو سمحتي."
سلوى حست بصوت إبنها، فقامت بسرعة تشوف نصر أو تكلمه من الأرضي، لكنها لقته بره بيمسح العربية. نادته: "نصر، هي همس كلمتك؟"
نصر نفى بسرعة. ردت على إبنها: "نصر بره، يا سيف."
سيف: "لو عرفتي حاجة، بلغيني. وشوفي هوليا، يمكن يكونوا خرجوا مع بعض."
قفل وفضل مكانه، مش عارف يعمل إيه.
سلوى دخلت على هوليا وسألتها عن همس، لكنها ما كانتش تعرف حاجة عنها.
عز دخل ولاحظ توتر سلوى، ولما عرف اللي حصل، قعد بانهيار: "معقول تكون اتخطفت؟"
الاتنين بصوا له بصدمة، وسلوى برعب: "اتخطفت إزاي؟ ليه بتقول كده؟"
عز شرح لهم الوضع اللي هم فيه، ووقف سيف عن الشغل في الجامعة، واختفاء إيان، و دلوقتى اختفاء همس.
سيف كان واقف في بيته، إيديه على دماغه، بيحاول يفكر: "طيب، ننزل ندور في الشوارع؟ نكلم الرجالة يجوا يدوروا عليها؟ طيب، ابن مؤمن هيسيبوا هناك ويجوا هنا؟"
بص لسبيدو منتظر منه حل: "قولي نعمل إيه؟"
سبيدو حس بالعجز ومش عارف إيه ممكن يتعمل، وهم بيحاربوا عدو مجهول: "مش يمكن تكون متضايقة نزلت تتمشى؟"
سيف بص له: "مش عارف، بجد مش عارف."
طلع موبيله واتصل بالأمن بتاع العمارة. صالح رد عليه وسأله عن همس.
صالح بحيرة: "معرفش، أنا لسه مستلم ورديتي قبل ما تيجي بدقايق، فمعرفش هي خرجت ولا لأ."
سيف بترجي: "طيب، كلم زمايلك. شوفهم لو سمحت، يا صالح."
قفل معاه ولقى كريم بيتصل، فرد عليه: "لقيتها في البيت، يا سيف؟"
سيف بوجع: "مش لاقيها يا كريم. موبيلها وشنطتها وكل حاجتها هنا، بس هي مش موجودة."
قفل مع كريم وفضل يروح ويجي، مش عارف يعمل إيه. سبيدو وقفه: "تعال ندور عليها تحت."
سيف زعق: "ندور فين؟ ها؟ في الشوارع؟"
سبيدو زعق زيه: "أمال هنفضل هنا؟ وبعدين، مش سبق في شهر العسل اختفت وكانت في الشارع؟ ما يمكن..."
قاطعه سيف بتهكم مرير: "يمكن إيه؟ هتوه جنب بيتها؟"
سبيدو بغيظ: "طيب لو إنت عايز تقعد هنا، أنا هنزل أدور مع مؤمن على إبنه، يا ننزل أنا وإنت ندور عليها، لكن نقعد كده، إيدينا على خدنا؟ مش هقدر."
قاطعه موبيل سيف اللي رد بسرعة وبلهفة على اتصال عز: "وصلت عندك؟"
عز بأسف: "لا، كنت هسألك إنت، في جديد ولا لسه؟"
سيف غمض عينيه وأخذ نفس طويل: "لا يا بابا، لسه. لو وصلت لحاجة هبلغك. هوليا ما تعرفش حاجة عنها يمكن؟"
قاطعه عز: "هوليا هنا وما تعرفش حاجة، حتى آية ٱختك كلمتها في الشركة وما تعرفش حاجة برضه."
قفل معاه وسيف واقف قدام سبيدو مش عارف يقول إيه ولا يعمل إيه؟
رن جرس الباب، فالاتنين بصوا لبعض بأمل صغير. سيف جري يفتح الباب، لكنه اتفاجأ بخاطر وفاتن قدامه. اتحولت ملامحه في لحظة من الأمل لليأس. خاطر بتوتر: "في إيه يا سيف؟ مالك؟"
سيف فتح الباب: "اتفضلوا يا عمي، اتفضلي يا ست الكل."
دخلوا بترقب ومش عارفين في إيه. شافوا سبيدو جوه، اللي سلم عليهم بهدوء. فاتن سألت: "في إيه؟ همس فين؟"
الاتنين بصوا لبعض، وخاطر زعق: "سيف، انطق، بنتي فين؟ وبتبص لصاحبك ليه كده؟"
سيف بمرار: "مش عارف هي فين."
خاطر بذهول: "يعني إيه مش عارف؟"
سيف زعق بغضب: "يعني مش عارف هي فين! اتصلت بيها مردتش، جيت البيت أشوفها يمكن نايمة أو في الحمام، لكن ملقتهاش. هي فين؟ معرفش. كده جاوبتك؟"
سبيدو مسك دراعه: "ينفع تهدى علشان نفكر بهدوء؟ هكلم رجالتي وهنلاقيها."
سيف بصله: "مش هتسحب الرجالة اللي بيدوروا على إبن مؤمن."
سبيدو: "لا، مش هسحبهم."
فاتن قاطعت: "إبن مؤمن ماله؟ وتدوروا عليه ليه؟ سيف، هو إيه اللي بيحصل؟ فهمني؟ بنتي جرالها حاجة؟"
سيف بص ليها كتير ومش عارف يرد، فسبيدو رد: "إن شاء الله لا، إحنا قلقانين. إبن مؤمن اختفى ومش لقينه، وسيف بيحاول يكلم همس يطمن عليها، فمردتش. ده مخلينا متوترين، لكن ممكن تكون نزلت تتمشى أو تشتري حاجة."
سيف قاطع: "تشتري بإيه؟ قولتلك شنطتها جوه فيها الفلوس والفيزا وموبيلها. هتشتري إزاي؟"
خاطر بتردد: "الفيزا بتاعتها فين؟"
سيف بصله: "أي فيزا تقصد؟ شنطتها جوه."
دخل جاب شنطتها وفضاها على الطاولة، ومسك الفيزا بتاعته: "الفيزا أهي، والفلوس كمان."
خاطر وفاتن بصوا لبعض، فسيف زعق: "في إيه؟ بتبصوا لبعض ليه؟"
خاطر بتردد: "الفيزا بتاعتها اللي هي باسمها."
سيف ما كانش فاهم أو مش عايز يفهم، فسأل: "الفيزا دي ما استخدمتهاش من ساعة ما اتجوزنا. قالت إنها ما فيهاش رصيد ومركونة من بدري."
خاطر مردش، وفاتن ساكتة. سيف منتظر منهم رد: "عمي، هي طلبت منك تحط فيها رصيد؟"
خاطر أخذ نفس طويل: "هي ما طلبتش، أنا اللي حطيت فيها فلوس تبقى معاها احتياطي، تبقى بتاعتها مش بتاعتك."
سيف ما ردش وتراجع بخطوتين، وبص لسبيدو: "تعال ننزل ندور عليها."
فاتن مسكت دراعه: "سيف، حبيبي، عمك مش قصده..."
سيف سحب دراعه منها: "أنا هنزل أدور عليها. نطمن الأول، والباقي بعدين. بعد إذنكم."
راح ناحية الباب، لكنه كان بيتفتح، ودخلت همس شايلة كذا كيس في إيديها، واتصدمت من منظر الكل.
سيف أول ما شافها، أخدها في حضنه واتنهد بارتياح. "إنتِ كويسة، صح؟ ردي عليا، كويسة؟"
بعدت عنه وشها علشان ترد: "أنا كويسة، في إيه؟"
هنا، سيف بعد عنها تمامًا وزعق: "في إن الدنيا مقلوبة وإنتِ ولا في بالك، صح؟ بتخرجي تتمشي من غير موبيل، من غير فلوس، والدنيا تتحرق باللي فيها، صح كده؟"
همس بصت لهم كلهم باستغراب: "جعانة، نزلت أجيب حاجة أكلها. في إيه؟ اجرمت؟ هو لازم أعلق الموبيل في رقبتي ليل نهار؟"
سيف في اللحظة دي كان عايز يمد إيده عليها، لكن اتكلم بصوت مخيف: "لما وسط المشاكل دي كلها تطلعي من غير إذن جوزك ومن غير ما تعرفيه، أيوة، اجرمتي. وحتى من غير مشاكل، أيوة، اجرمتي. ولما تصرفي مليم واحد واخداه من أي حد تاني غير جوزك، برضه اجرمتي."
همس بصت لأبوها باستغراب، ومش فاهمة ازاي قاله؟ و ليه قاله؟
سبيدو حمحم وشد سيف بعيد: "ينفع ننزل نشوف إيان فين طالما اطمنا إن همس سليمة؟ هي مع أبوها وأمها، نشوف إيان."
رن موبيله، وكان عز تاني، فرد عليه: "أيوه يا بابا، اطمن همس رجعت، كانت بتجيب حاجات من تحت. المهم، هنزل لمؤمن، يلا سلام."
قفل وبص لحماه: "أنا لازم أنزل يا عمي، علشان زي ما أكيد فهمت إبن مؤمن مختفي ومحدش عارف حاجة عنه، وكلنا بندور عليه. هتفضلوا هنا كلكم تمام؟ لو لأي سبب هتخرجوا، كلموني، وهبعت حد يوصلكم."
همس مسكت دراعه: "إبن مؤمن ماله؟ وفي إيه لكل ده؟"
شد دراعه منها بغيظ وبصلها: "مختفي، جراله إيه؟ محدش عارف. تاه؟ اتخطف؟ هو فين؟ إيه اللي حصل؟ محدش عارف."
مشى خطوة ووقف يفكر للحظات، بعدها رجع وقف في وشها وبتحذير لأول مرة يتكلم بيه معاها: "لو خرجتي برا بيتي تاني لأي سبب، يا همس، مهما كان، مش هترجعيه تاني."
بصتله بصدمة وعينين واسعة مش مستوعبة اللي هو قاله. قبل ما تنطق أو تتكلم، فاقت على صوت الباب بيترزع. بصت لأبوها: "هو بجد قال لو خرجت ما ارجعش؟ ولا أنا اتهيألي؟"
خاطر قعد بتهالك: "هو قال، وعنده حق في اللي قاله. ماهو لو كل يوم هيدور عليكي بالشكل ده وتجننيه، يبقى بلاها منك خالص. ليه خرجتي من غير ما تعرفيه؟ هيجرالك إيه لو قولتي له رايحة أعمل كذا؟ نازلة لكذا؟ يعني وسط كل المصايب اللي هو فيها، إنتِ ليه أكبر مصايبه دي؟"
همس بغضب: "أنا أكبر مصايبه؟ أنا ممكن أخلصكم مني خالص، ومن بكرة هنزل أدور على شغل وأشتغل، ومش عايزة لا من حضرتك ولا منه أي حاجة."
خاطر وقف: "إنتِ بتقولي إيه؟"
همس موجوعة وعنيها مليانة دموع: "إنت بتبعتلي فلوس وتيجي تقوله عليها؟ بعتها ليه لما هتقوله؟"
خاطر قرب، لكنها بعدت: "يا متخلفة، كان هيتجنن عليكِ. بيقول إنك اتخطفتي طالما موبيلك وفلوسك هنا. الرعب اللي هو كان فيه خلاني أحاول أطمنه وأقوله إن في فلوس تانية معاكِ. ده اللي فكرت فيه، مش التخلف اللي بتقوليه ده."
همس مسحت دموعها: "برضه هنزل أشتغل، ومش عايزة لا منك ولا منه."
فاتن بصتلها بغيظ: "وكليتك ودراستك؟ هاه؟"
همس بصتلها بضياع: "سحبوا الكارنيه مني، وشبه فصلوني، وهيحققوا معانا، وممنوعة أدخل الجامعة لحد ما التحقيق يخلص. امتحانات الميدتيرم قربت، ولو ما دخلتهاش فخلاص مش فارقة."
أبوها وأمها بصوا لها بصدمة وقعدوا حواليها. حكت لهم بالتفصيل كل اللي حصل.
بعد ما سكتت، أبوها عاتبها: "وإنتِ وسط كل المصايب اللي هو فيها رايحة تخرجي من غير ما تعرفيه، تخليه يتجنن؟ اتخطفتي إنتِ كمان ولا جرالك إيه؟"
همس بررت: "ما كنتش أعرف حاجة عن موضوع إيان. جوعت، قولت أنزل أشتري أي حاجة وأطلع. ما جاش في بالي إن في حد هيتخطف وسيف هيتصل والدنيا هتتقلب. بعدين موبايلي كان فاصل، وحطيته على الشحن ونسيته."
فاتن مسكت إيديها: "طيب قومي كلي اللي جبتيه، واتصلي بعدها بجوزك. طيبي خاطره. إحنا جينا لقيناه زي المجنون، مش عارف يعمل إيه، وصاحبه جنبه بيحاول يطمنه. سيف كان مجنون ومش عارف يتحرك ولا يتنفس ولا يفكر."
همس وقفت: "هقوم أغير هدومي."
سابتهم ودخلت. خاطر بص لمراته: "شيلي الحاجات اللي بنتك حطتهم في الأرض، وشوفي هي جايبة حاجة جاهزة تاكلها ولا هتعملها لسه؟ و تلاقي المسكين ده ما داقش الأكل من الصبح لو ده يومه زي ما هي قالت."
فاتن وقفت: "والله الواد ده مش عارفة حد عامله عمل على رجل نملة ولا إيه؟"
خاطر بتريقة: "يا ولية عمل إيه وكلام فاضي إيه؟ قومي شوفي الحاجة دي."
همس دخلت أوضتها، فضلت واقفة في نص الأوضة مش عارفة تعمل إيه؟ بصت لموبيلها، شالته من على الشحن، وشافت كمية المكالمات اللي فاتتها من سيف. حاولت تتخيل إحساسه وهو بيفكر إنها ممكن تكون اتخطفت زي إبن مؤمن. غمضت عنيها وقعدت على السرير مش قادرة تفهم كل اللي بيحصل حواليها ده ليه؟ عمرها ما تخيلت إنها تعيش حياة معقدة بالشكل ده. معقول حياة رجال الأعمال دايمًا كده؟ وقتهم مش ملكهم؟ مش حاسين بالأمان ولا الاستقرار؟
فضلت تبص لموبيلها كتير وأخيرًا قررت تتصل بيه.
سيف كان قاعد جنب سبيدو اللي اتحرك بالعربية علشان يرجعوا لمؤمن بسرعة، وحالة صمت مسيطرة على الاتنين.
سبيدو قطع الصمت: "وبعدين؟"
سيف بصله بحيرة: "بعدين إيه؟"
سبيدو بيحاول يفتح أي كلام: "فكها، البت كويسة، نزلت ونسيت الموبيل. الدنيا ما اتهدتش يا سيف علشان تزعل منها ولا تحلف عليها بالشكل ده."
سيف علق بهدوء: "أنا محلفتش عليها، وبعدين تخرج براحتها. أنا اعترضت على حتة إنها تخرج من غير ما تبلغني، لا أكتر ولا أقل."
سبيدو حاول يبرر أو يتكلم بلسانها: "يعني أعتقد إنها قالت هانزل أشتري حاجة من تحت واطلع بسرعة. الموضوع مش مستاهل إذن..."
سيف بصله بغيظ فسكت ومكملش، بس شوية وسأله بفضول: "إيه قصة الفيزا؟"
سيف بصله بغيظ: "ما تخليك في حالك، إيه رأيك؟"
سبيدو بتهكم: "يا راجل؟ أخليني في حالي؟ ما أنا كنت في حالي، وإنتو اللي جيتو تقولوا 'الحقنا يا سبيدو، الحقنا يا سبيدو'."
سيف بص حواليه ومفيش غير علبة المناديل، فأخذها وحدفها في وشه: "نقطني بسكاتك."
رن موبيله، طلعه من جيبه. كانت همس. بيفكر يرد ولا يسيبها ترن شويتين؟
سبيدو لمح الاسم وبيقراه بصوت مسموع: "همستي؟ ما ترد على همستك."
سيف زعق: "يا الله يا سبيدو، يا إبني اهدى عليا شوية. الله لا يسيئك، اهدى شوية لو سمحت."
سبيدو بضيق: "ماهو إنتو موتريني، حاسس إن في حاجة دايمًا هتحصل. لازم تكون مستعد لأي حاجة. وبعدين كنت من لحظة عايز تبوس الأرض بس ترد عليك. دلوقتي بتتقل؟ مش ممكن يكون في مصيبة عندها؟"
سيف ضرب كف بكف: "لا حول ولا قوة إلا بالله، طيب أعمل إيه فيك؟"
سبيدو بص لموبيله: "رد."
سيف رد عليها: "أيوه يا همس، خير؟ في حاجة؟"
همس ما عجبهاش طريقة رده، بس ده المتوقع وهو زعلان منها. مكنتش عارفة تقول إيه؟ تعتذر؟ تزعل منه؟ تفكر هي بتتصل أصلًا ليه؟
سيف اتوتر لأنها اتصلت وما بتتكلمش. هل ممكن يكون في حاجة حصلت زي ما سبيدو قال؟ اتكلم بقلق: "همس، ردي عليا. في حاجة؟ أرجع البيت؟"
سبيدو بصله، لكن همس ردت بسرعة: "لا، لا، كله تمام. أنا بس..."
اطمن لما سمع صوتها، وبص ناحية سبيدو، ضربه بإيده على كتفه لأنه قدر يخوفه في لحظة.
سبيدو ضحك وبص للطريق قدامه.
سيف لما لقاها ساكتة: "همس؟"
ردت بضيق: "مش عايزة حاجة، بس عايزة أكلمك. متضايقة منك ومن نرفزتك عليا، بس في نفس الوقت متضايقة من نفسي لأني رعبتك وضايقتك. بس مفكرتش إن كل ده ممكن يحصل في النص ساعة اللي هنزل فيها واطلع. موبايلي فاصل، فسيبته على الشحن، وصراحة مجاش في بالي أكلمك. ماهو مش رايحة مكان، ده هشتري حاجة واطلع. وبقالي سنين عايشة هنا، بستأذن أه، بس لما أكون خارجة بجد مش نازلة أشتري حاجة وارجع. فأنا آسفة إني قلقتك، بس في نفس الوقت زعلانة منك." سكتت شوية: "بس قولت اللي عندي. خلاص، عايز تقفل اقفل."
سيف بطرف عينه بص لسبيدو اللي كان مركز في الطريق، أو بيديله المجال يتكلم براحته: "أوك يا همس، سمعتك. نتكلم لما أرجع. سلام."
قفل من غير ما يديها فرصة ترد. بصت للموبيل في إيدها مش مصدقة إنه قفل بالشكل البارد ده. حست إنها عايزة تتصل بيه تاني تتخانق معاه. فكرت تكتب رسالة وفتحت الواتس، بس مش عارفة تقوله إيه؟ طيب هل لو قالت حاجة في ظروفه دي يبقى معاها حق؟
سابت الموبيل من إيدها وفضلت مكانها عايزة تقوم تخرج لأبوها وأمها بس منهكة.
موبيلها أعلن عن وصول رسالة. بصتله بفتور، لكنها لما شافت إنها منه فتحتها بسرعة. قرأتها بعينيها وبقلبها:
(حقك عليا لو اتنرفزت عليكِ. همس، وإنتِ بره قلبي كان بيوجعني لدرجة كنت بضرب بإيدي عليه، يمكن يبطل وجع بالشكل ده. وللأسف مكنش في إيدي حاجة أعملها. إحساس بالعجز بشع. أرجوكِ بطلي تعيشيني الإحساس ده. لو بتحبيني زي ما بحبك، قلبك مش هيقدر يعيش قلبي الإحساس ده. بطلي ترعبي قلبي عليكِ.)
قرأتها كذا مرة وعينيها دمعت. جواها كلام كتير عايزة تقوله، بس مش عارفة تصيغه في حروف. وصلت رسالة تانية منه:
(سبيدو معايا، فمش عارف أكلمك. علشان كده قفلت معاكِ بسرعة، لأننا جايين بعربية واحدة. دعواتك اليوم ده يخلص على خير ونلاقي إيان ويرجع لحضن أبوه.)
دعت من قلبها إنهم يلاقوه، وكتبت: (بإذن الله يا حبيبي هتلاقوه، وهيرجع لحضن أبوه.)
سبيدو وصل عند بيت نور، كان في عربيات بوليس كتير ورجالة سبيدو كمان منتشرين. نزلوا من العربية، سبيدو راح لرجالته، وسيف راح لمؤمن وكريم ومعاهم كذا ظابط بيستفسروا عن ظروف اختفاء إيان، ونور منهارة وجنبها نادر أخوها.
مروان أول ما شاف سيف راح لعنده وعاتبه: "ليه مكلمتنيش من بدري؟ بقى أعرف من هالة كل اللي بيحصل ده؟"
سيف ربت على كتفه: "إنت طول الوقت معايا، وما بتصدق يجي اليوم تطلعوا فيه مع بعض. وبعدين هي المشاكل بتخلص يا مروان، ملحوقة."
مروان باهتمام: "إن شاء الله هتخلص يا سيف، هتفرج بإذن الله."
عدت ساعات، والكل بيلف في دواير مغلقة. مؤمن حاسس إنه نايم ودخل كابوس مش عارف يخرج منه. عايز حد يصحيه، عايز يسمع صوت إيان بيناديه: "بابا، اصحى، يلا بينا."
مستعد يدفع عمره كله ويسمع صوته بيناديه تاني. وسط كل المشاكل اللي كان ناقم عليها، كان حاسس إنه خسر كل حاجة بخسارته لنور وانهيار جوازه، ونسي إنه عنده أكبر نعمة وهي إيان. بيتخانق هو ونور عليه لمجرد عناد أجوف، فربنا أخده منهم هما الاتنين. رفع راسه للسما وغمض عينيه، بيحاول يسيطر على دموعه. دعاء صامت جواه: "يا رب، رجعه لحضني تاني. ما تحرمنيش منه يا رب. لو ده قضاؤك، فيا رب رد القضاء ده عني. رجعه، يا رب، ورجعلي إبني لحضني. يا رب إنت قلت: لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها فما تكلفنيش فوق طاقتي. إيان فوق طاقتي. إيان هو روحي اللي عايش بيها."
كان ماشي على الرصيف رايح جاي بلا هدف وبشرود، وبيدعي بقلبه، لكنه لا سامع ولا شايف أي حد حواليه.
كريم كان مراقبه وعايز يروح له، بس حاسس إنه متربط في الأرض. إيان إبنه الثاني، قسم قلبه نصين بالظبط، نص لأياد ونص لإيان. مش عارف يتنفس، فما بالك بمؤمن؟ غمض عينيه بوجع ودعا بقلبه: "يا رب، إنت زرعت الحب في قلوبنا، خليتهم اتولدوا مع بعض في ليلة واحدة زي التوأم، فخليك حنين علينا يا رب، وما تحرمهمش من بعض."
انتبه على سيف جنبه: "بقولك، الرجالة هتتحرك ونسأل في المستشفيات والأقسام اللي في المنطقة كلها، ونوسع نطاق البحث عنه. ودوريات الشرطة هتساعد معانا. إنت قلت هتفرغوا الكاميرات، ما وصلتوش لحاجة منها؟"
كريم بأسف: "الكاميرات منظر بس يا سيف، لسه محدش شغلها. العمارة جديدة، وزي ما إنت شايف، مفيش كاميرات قصاد العمارة، والموجودة في الشارع مش كاشفة المدخل، فما أفادتش بأي حاجة قصة الكاميرات."
سيف اقترح: "طيب، نوسع النطاق يمكن..."
قاطعه كريم: "وسعنا. وفي ناس بيدوروا في كل الكاميرات القريبة، يمكن حد يشوفه ماشي في الشارع أو مع حد، نوصل لأي حاجة. بس يا سيف، لو حد أخده من هنا وركب عربية، مش هيبان في أي كاميرا."
سيف رافض يفقد الأمل: "محدش عارف يا كريم، هنعمل اللي علينا وندور. المهم، خد مؤمن وروحوا إنتو، وأنا هتابع هنا مع سبيدو ومروان."
كريم ابتسم بتهكم موجوع: "إنت متخيل إنه ممكن يدخل البيت من غيره؟"
دموعه لمعت، وبص لسيف: "سيف، إحنا أول ما بندخل البيت، العيال دي بتجري تتعلق في رقبتنا. فمتخيل إزاي ممكن ندخل وفي واحد فيهم مش هيجي يجري؟ إنت مستوعب ده؟"
سيف بص للأرض وبص له: "أنا عارف إن الإبن هو أغلى حاجة، ولا يمكن حاجة تعوضه. بس يا كريم، عندي أمل ويقين إننا هنلاقيه، هيرجع وهنلاقيه. ازاي؟ مش عارف، بس هنلاقيه."
كريم ابتسم بتمني: "يا رب... يا رب... يا رب." بص ناحية مؤمن: "روح له. أنا لأول مرة ما عنديش كلام ممكن أقوله له. ولأول مرة أشوفه كده وأقف أتفرج عليه، بس مش عارف ايه ممكن يتعمل أو ايه ممكن يتقال."
سيف ربت على كتفه وراح لمؤمن، مسك دراعه: "مؤمن."
وقف وبص له بتوهان: "وصلتوا لحاجة؟"
سيف بزعل: "للأسف لسه. كريم هياخدك وتروحوا."
مؤمن بص له باستنكار: "إنت عايزني أسيب إبني في الشارع وأروح ؟ طيب أعمل إيه في البيت؟ أحط إيدي على خدي؟ أدخل إزاي أصلًا من غيره؟ إبني مش عارف هو فين؟ مش عارف إذا كان ساكت أو بيعيط؟ إذا كان شبعان أو جعان؟ كويس ولا جراله حاجة؟ عايش أصلًا ولا..."
مقدرش يكمل الجملة، وبص لسيف: "إيااان..."
معرفش يقول إيه، وسيف مسك إيده: "عارف من غير ما تقول، عارف يا مؤمن."
مؤمن بيبص حواليه وبياخد أنفاس كتير ورا بعض علشان يتماسك: "كنت متخيل إن وجع نور لما بعدت ده وجع بجد. كنت فاكر إن حياتي وقفت. كنت متخيل إن دي نهاية الكون بالنسبة ليّ، بس طلعت موهوم. ده مكنش وجع. حياتي كانت ماشية وزي الفل، والكون ما وقفش. كنت بصحى وبنام وبضحك مع إبني. حياتي ما وقفتش. لكن دلوقتي، بالوجع اللي جوايا ده، أنا بموووت. الكون هينتهي لو مرجعش. مفيش أنا من غيره. مفيش حياة أصلًا من غيره. أنا عمال أفكر في أي حاجة، بس مش عارف أفكر. مش عارف أتنفس. مش عارف أعمل أي حاجة. أنا اتربطت هنا."
سيف مكنش عارف ممكن يقوله إيه: "هندور عليه كلنا لحد ما نلاقيه."
مؤمن قعد على الرصيف: "طيب، أديني قاعد. أنا عايز أقوم أركب العربية وأدور عليه، بس..." بص له لفوق: "مش فاكر العربيات بيسوقوها إزاي؟ مش فاكر حتى أنا عربيتي فين؟ أنا جيت أصلًا بعربية ولا جيت إزاي هنا؟ سيف، هو أنا صاحي وده بيحصل بجد؟ ولا ده كابوس وهصحى منه بعد شوية؟"
سيف قعد قصاده: "مؤمن، قوم مع كريم. وصدقني، محدش فينا هيرتاح غير لما نرجعه."
مؤمن زق إيد سيف بعيد: "سيبني يا سيف لو سمحت. أنا قاعد أستريح شوية. سيبني هنا."
سيف قام ورجع لكريم اللي كان متابعهم: "معرفتش أقوله حاجة."
كريم هز دماغه بتفهم: "أصلًا مفيش حاجة ممكن تتقال يا سيف. مفيش حاجة."
مؤمن كان قاعد على الأرض، عاجز ومش عارف يعمل أي حاجة. طلع موبيله واتصل بأبوه. عاصم رد عليه بسرعة: "مؤمن، ابن حلال والله. أمك عمالة تزن: كلم مؤمن، كلم مؤمن. سمعها صوتك خليها تطمن."
مؤمن بصوت مخنوق من الدموع المكتومة: "بابا."
عاصم وقف: "فيك إيه يا مؤمن؟ صوتك ماله؟"
مؤمن بيجاهد علشان يعرف يتكلم: "إيان مش لاقيه."
عاصم حط إيده على قلبه، ومراته جنبه وقفت مرعوبة: "يعني إيه مش لاقيه يا مؤمن؟ يا إبني يعني إيه؟"
مؤمن صوته مهزوز: "مش لاقيه. تاه؟ اتخطف؟ معرفش هو فين. مش لاقيه يا أبويا، وحاسس إني بموت. أنا مش عارف إبني عايش ولا ميت. مش عارف."
عاصم قعد على الأرض، وسناء بإيديها بتدلك قلبها اللي حاسة إنه هيقف. محدش فيهم نطق.
مؤمن كمل: "ينفع تيجي؟ تعال. لأني قاعد في الأرض مش عارف أعمل إيه. مش عارف أروح فين. أنا... أنا..."
سكت، وعاصم حاول صوته ما يخونوش: "هجيلك يا ولدي. هاجي. مسافة الطريق، مسافة الطريق."
قفل وفضل مكانه.
عربية وقفت، ونزل منها حسن وخالد. راحوا مباشرة لمؤمن. حسن قعد قصاده على ركبته: "إنت قاعد كده ليه؟ إيان هيرجع. هتلاقيه وهيجي لحد عندنا. إنت فاهم؟ مش عايزك تقعد في الأرض كده. قوم، اقف على رجليك. هندور عليه مع بعض."
مؤمن بص لحسن: "مش عارف أدور فين."
حسن مسك دراعه وقفه: "إنت مش لوحدك. بص حواليك. عيلتك وأصحابك وأهلك كلهم حواليك. محدش فينا هيرتاح غير لما إبنك يرجع لحضنك."
كلهم اتجمعوا حواليه، وكلهم وعدوا محدش فيهم هيرتاح غير لما إيان يظهر.
آخر الليل عاصم وصل وسناء دخلت عند ناهد، وهو راح لإبنه اللي كان تايه. أخده في حضنه، ومعرفش يواسيه بأي حاجة. حسن أخده وراحوا. ونادر أخد أبوه يروحه وهيرجع لهم تاني. سيف ومروان وسبيدو وكريم فضلوا مع الرجالة.
خالد دخل البيت، ونور وقفت تبص لأبوها اللي نادر ماسك إيده لحد ما قعد.
نور سألتهم: "عرفتوا أي حاجة؟"
محدش فيهم رد عليها. فايزة كانت قاعدة بتعيط بصمت. مروة بصت لجوزها، وهو شاور لها بدماغه لأ: "خلي بابا ياكل أي حاجة وياخد العلاج بتاعه. ماما..."
بصتله: "خليه ياخد علاجه."
فايزة هزت دماغها وقامت من مكانها تجيب أدويته.
مروة مسكت دراع نادر: "إنت هتروح فين دلوقتي؟"
نادر بص لها: "هرجع لهم. كلهم في الشارع. تالا فين؟"
شاورت على الكنبة وراها: "نايمة أهي جنبي."
نادر راحلها، قعد جنبها على الأرض، مسك إيدها وباسها ودموعه لمعت. باس إيدها تاني: "ربنا ما يحرمني منك ويرد إيان لأبوه."
باسها كذا مرة قبل ما يقوم.
نور مسكت دراعه: "خدني معاك يا نادر."
نادر شد دراعه منها: "أخدك فين؟ إحنا بنلف في الشوارع. أنا مش قادر أفهم إزاي إبنك يبعد عن عينك، هاه؟ إزاي خرج من الشقة؟ حد دخل أخده؟ طيب إنتِ كنتِ فين؟ هو خرج؟ طيب إزاي؟ أنا هتجنن. هتجنن يا نور. إزاي تفرطي في إبنك؟"
نور تراجعت: "كان نايم في أوضته. كان نايم ودخلت المطبخ."
نادر بص ناحية بنته وبص لأخته: "أنا راجع للرجالة بعد إذنكم."
سابهم، ومروة دخلت تجيب أي أكل لخالد علشان ياخد أدويته.
فايزة رجعت بالعلاج، ومروة طلعت بصينية صغيرة وحاولت مع خالد ياكل أي حاجة.
نور كانت بتلف حوالين نفسها، بعدها بصتلهم: "أنا هكلم ملك خليها تيجي و..."
قاطعتها فايزة اللي وقفت بغضب: "تيجي ليه هاه؟ هتعملك إيه؟ البنت في شهر عسلها سيبيها تفرح. بطلي تدمري سعادة الناس اللي حواليكِ. تجيلك ليه ملك؟ كنتِ قدمتي لها إيه علشان تجيلك تقف جنبك؟ قسمًا بالله يا نور لو كلمتي ملك ولا عرفتيها أي حاجة لاتبرى منك."
قعدت جنب خالد بصمت، ونور سابتهم وطلعت أوضتها مش عارفة تعمل إيه.
حسن وصل البيت ودخلوا الثلاثة مع بعض، الكل وقف، وسناء جريت لإبنها وحضنته، مؤمن مقدرش يتماسك أكتر من كده وعيط في حضنها. سناء حضنته وفضلت ساكتة من غير ما تنطق.
ناهد قعدت جنبه وحاولت تقول أي حاجة، بس معرفتش، فضمته ودعت إن ربنا يرجع لهم إيان بالسلامة.
طلعوه أوضته، وسناء فضلت جنبه، نام على رجلها وهي تقرأ قرآن لحد ما نام. ريّحت راسه وفضلت تصلي وتدعي ربنا من غير توقف.
لما الفجر أذن، الكل اتجمع وصلوا الفجر مع بعض. بعدها كريم طلب من الجميع يرجعوا بيوتهم ويرتاحوا ساعتين علشان يقدروا يكملوا يدوروا بعد كده.
كريم وصل بيته، وحسن طلع يقابله هو وعاصم منتظرين أي أخبار، لكن كريم ما كانش عنده حاجة جديدة يبلغهم بيها. طلع لأوضته، لقى أمل في السرير جنب إبنها ماسكة إيده. أول ما حسّت بكريم قامت بسرعة لعنده، بس قبل ما تتكلم، هو رمى نفسه في حضنها وعيط. كانت دي أول مرة تشوفه بالشكل ده مع كل اللي مروا بيه.
كريم وهو في حضنها: "إيان مالوش أثر، مفيش. محدش شافه، محدش لمحه حتى. اتبخر يا أمل. معقول اتخطف؟ طيب اللي خطفه مش هيكلمنا يطلب فلوس؟ يطلب أي حاجة؟ اللي هيطلبه هنعمله بس يتكلم. يتكلم... ولا هو فين؟ مات؟ طيب جثته فين؟"
أمل بعياط: "بعد الشر عليه يا كريم. ألف بعد الشر عليه. هو هيرجع. تلاقي بس حد شافه في الشارع وأخده ومعرفش هو مين. مش ممكن هاه؟"
كريم بص لها بتعلق: "إحنا طول الليل بندور في كل مكان. المنطقة كلها عرفت إن في طفل صغير بندور عليه. ليه محدش شافه؟ ليه ما طلعوش ليه؟"
مكنش عندها إجابة، فسكتت. كريم بص لإبنه اللي كان نايم وقال: "إحنا عمالين نهتم بالشغل والشركة والبيزنس ونسينا نفسنا. نسينا إن في حاجات ملايين الدنيا كلها ما تعوضهاش. ضحكة إيان في البيت وجريه مالهاش تمن. عارفة لو حد خطفه وطلب المجموعة كلها؟ هسلمهاله فدى ظفره بس يرجعه."
أمل حضنته وهدته: "هيرجع يا كريم. هيرجع يا حبيبي لحضننا من تاني. ربنا كريم وزي ما كرمنا بيه، هيرجعه تاني."
شدته من الأرض، وساعدته يغير هدومه وقعدته جنب إبنه على السرير. كريم نام جنب إيان، ماسك إيده الصغيرة وباسها. أمل نامت جنب إبنها من الناحية التانية، بحيث إن إياد كان في النص بينهم، والاتنين باصين له.
كريم همس: "لو إيان ما رجعش، مؤمن هينتهي. مش هيرجع منها. هيموت وهيموتنا كلنا معاه."
أمل مدت إيدها، مسكت إيده: "إرمي حمولك على ربنا، واطلب منه يفرجها من عنده."
سيف وصل البيت وكان هادئ تمامًا، دخل أوضته مباشرة، لقى همس نايمة. دخل الدريسنج وغيّر هدومه بهدوء، وطلع للسرير. بمجرد ما لمسه، همس صحيت وسألته: "لقيتوه؟"
سيف شدها لحضنه: "لأ... محتاج أنام."
همس ضمته أكتر، وهو غمض عينيه فسألته قبل ما يروح في النوم : "إنت أكلت أي حاجة من الصبح؟"
سيف تمتم بنعاس: "بعدين... الأكل بعدين. سيبيني أنام... حطي موبايلي على الشحن."
غرق في النوم في لحظة، وهمس قامت براحة من حضنه، أخدت موبيله وحطته على الكومود على الشحن. رجعت جنبه، بتلمس شعره وهو غرقان في النوم. كانت ملامحه مرهقة، وخطوط التعب واضحة على وشه. حركت إيدها على خده ودقنه، وبدأت تفكر في اليوم الطويل اللي عدى عليهم.
صحيت بعدها وملقتهوش جنبها. بصت على ساعتها، لقت إنه مر حوالي أربع ساعات. معقول يكون خرج؟ قامت بسرعة وخرجت، لقت أمها مستنياها: "تعالي يا همس."
همس بصت لأمها بحيرة: "سيف فين؟"
أمها ابتسمت بأسف: "نزل من ساعة، بيدوروا على إبن صاحبه."
رجعت أوضتها، مسكت موبيلها وكلمته. رد عليها وكان واضح من صوته إنه وسط ناس كتير، طمّنها عليه وقفل. لحظات وكلمها تاني: "همس، نسيت أقولك، إمام هيجيلك الساعة 12 البيت. مش أبوكِ وأمك موجودين؟"
همس باستغراب: "أيوة موجودين، بس ليه؟"
سيف: "علشان مطلوبين بكرة في مكتب الوزير. هو هيفهمك كل حاجة. لو في حاجة، كلميني وما تخرجيش من البيت من غير ما تعرفيني."
قفل معاها. غيرت هدومها وطلعت فطرت مع أبوها وأمها، وبلغتهم بزيارة إمام.
في الشركة، مروان جاله تليفون غير متوقع خالص، خلاه يطلع بسرعة لمكتب آية: "أنا ورايا مشوار مهم. هتعرفي تشيلي الليلة دي كلها لوحدك؟"
آية باستغراب: "أيوة، في حاجة حصلت؟"
مروان بتوتر: "لأ، بس لازم أمشي. أوك، سلام."
سابها وطلع جري من الشركة، وراح المطار مباشرة.
في البيت، همس حاولت تذاكر، بس مقدرتش تركز. كانت قاعدة جنب أبوها وأمها ماسكة كتابها وسرحانة. جرس الباب رن، فاتن علقت: "تلاقيه المحامي."
همس بصت لساعتها: "لأ، لسه فاضل ساعتين على ميعاده. الناس دي بتتحرك بالدقيقة. يمكن حد من الأمن أو جارتنا اللي قصادنا."
فتحت الباب، لقت هوليا قدامها. رحبت بيها ودخلتها، وعرفتها على أبوها وأمها. فاتن علقت: "دي جدة جوزك؟ جدته من أي اتجاه؟"
همس ضحكت: "جدته من ناحية أبوه."
هوليا قعدت وسطهم تضحك وتهزر، وبتحكي عن نوادر سيف وهو صغير. قعدتها كانت مسلية جدًا، خصوصًا مع العربي المكسر بتاعها، وفاتن اللي كانت بتصلح لها نطق كل كلمة مش عاجباها.
إمام وصل في ميعاده، وخاطر استقبله ودخلوا يقعدوا كلهم. هوليا وقفت ومهما فاتن حاولت تمسك فيها، أصرت تمشي لأنها وراها مشاوير كتير.
إمام طلب يقعد مع همس لوحدهم، بس خاطر اعترض بذوق: "خليك هنا وسطنا."
إمام كان متردد، بس وافق لأن همس ما اعترضتش: "شوفي يا باشمهندسة، في البداية مش عايزك تخافي أو تتهزي. كل اللي بيحصل ده متدبر، وحد عايز يوقع الشركات دي. فبالتالي، دي حرب لازم ننتصر فيها. أنا هسألك الأسئلة اللي هيسألوها، وهقولك الإجابة الصح لو إجابتك ممكن تدينك."
خاطر اتدخل: "ما تجاوب باللي حصل، علشان الكذب مالوش رجلين."
إمام وضح: "في إجابات ممكن تدينها، ودي لازم نبعد عنها."
بص لهمس: "مستعدة نبدأ؟"
إمام سألها عن الامتحانات وعلاقته بيها، وهمس نفت تمامًا أي وقوف غير قانوني أو دعم مبالغ فيه من سيف.
بعدين، سأل عن المدينة الجامعية وعلاقتهم هناك. "ذكرياتك مع سيف هناك؟ كان بيوصلك؟ حد شافكم؟ الأماكن اللي كنتوا بتروحوا عليها؟ أي حاجة حصلت بينكم؟"
همس بصت ناحية أبوها، وبعدين بصت لإمام اللي كمل: "عايز أعرف تفاصيل طرد خلود، الشيت اللي أخدتي درجاته، الرحلة اللي طلعتيها معاه، الصورة، ومحاولة نانيس لقتلك."
فاتن وخاطر بصوا لبنتهم بذهول، مش مصدقين إن كل ده حصل وهم ما يعرفوش أي حاجة عنه.

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا