رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل الخامس 5 بقلم ياسمين عادل

رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل الخامس 5 بقلم ياسمين عادل

رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل الخامس 5 هى رواية من كتابة سوما العربي رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل الخامس 5 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل الخامس 5 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل الخامس 5

رواية ليلة في منزل طير جارح بقلم ياسمين عادل

رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل الخامس 5

"الطعنة ستأتيها من نفس إتجاة الإبتسامة التي خدعتها يومًا." 
____________________________________
عاد لقصرهِ في ساعة متأخرة من الليل، بعدما قضى أغلب مصالحه التي تأخرت أثناء مكوثهِ بجوار ضيفتهِ، لا يطيق الإنتظار بعيدًا عن "ليلى"، ظل جفونهِ وملاك روحهِ، حسنتهِ في الدنيا التي رُزق بها. تخيل إنها مستيقظة وفي انتظارهِ، دخل القصر باحثًا عنها بكل شوق وهو ينادي بأسمها :
- لـيلـى ؟..
وصل صوتهِ إلى غرفة "حِراء"، فـ هبّت من نومتها كي تلحق به وتخبره بإنها دخلت في سبات عميق :
- مساء الخير يا باشا.. ليلى أتعشت ونامت من بدري.
قطب جبينهِ مذهولًا، فـ الصغيرة معتادة على النوم بين أحضان والدتها أو والدها، وفشلت كل المربيات في تغيير ذلك الطبع المتشدد لديها، فما كان منه إلا أن سأل عن كيفية حدوث ذلك :
- نامت إزاي ؟.. مسألتش عني طول اليوم النهاردة؟.
فسّرت له "حِراء" ما حدث من شئ مدهش :
- قضت اليوم كله مع الضيفة اللي عندنا.. دي كمان شربتها لبن قبل ما تنام، دي حتى مرضيتش أبدًا تنام في أوضتها ونامت مع ست رحيل في أوضتها.
استرعى الأمر شدوههِ، فتلك العلاقة التي نمت بينهما بسرعة البرق لم يكن يتوقعها بتاتًا. صعد منتويًا زيارتهن، ووقف أمام بابها مترددًا، هل يطرق الباب أم يتراجع عن تلك الفكرة برمتها؟.
طرق طرقة واحدة، ثم نظر في ساعة يدهِ الفضية الباهظة، فإذا بها الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، وعدم الإجابة على طلبه للدخول أوحى إليه إنها نائمة، فـ تحركت خطواتهِ وكاد يغادر، لولا إنه استمع لصوت المزلاج يتحرك من مكانه، ثم فتحت الباب وهي تضم حجاب رأسها العشوائي، ولا يبدو عليها أي آثار للنوم. ابتسم بتحرجٍ وقد أخفض نظراتهِ عنها لئلا يحرجها، ثم هتف بـ :
- أنا آسف جدًا بس حِراء قالتلي إن ليلى نايمة عندك فـ قولت أطمن عليها قبل ما أنام.
أفسحت الطريق أمامه وقد فتحت الباب على مصرعيه، وسمحت له بالدخول :
- آه عندي.. أتفضل.
دلف للغرفة ملقيًا نظرة على صغيرتهِ النائمة بعمق في وسط الفراش، مدثرة بغطاء ناعم وثقيل ساعدها على الدفء. ابتسم تلقائيًا وهو يدنو منها ببطء حسيس، ثم انحنى عليها يُقبل جبينها بلطف بدون أن يزعجها، وابتعد وهو ينظر بإتجاه ضيفتهِ الحسناء وهو يهمس بـ :
- مش عارف أشكرك إزاي على اهتمامك بيها.. أنا كنت قلقان متتأقلمش هنا لوحدها.
لم تمنع "رحيل" ابتسامة متكلفة من البزوغ على وجهها وهي تردف بـ :
- مفيش داعي الشكر انا معملتش حاجه.
نهض "هاشم" عن الفراش وابتعد عنه بدون أن يصدر جلبة من حولها :
- انتي سهرانه ليه لحد دلوقتي؟.
كانت عيناها مرهقة للغاية، استطاع "هاشم" أن يرى ذلك بوضوح؛ لكنها لم تظهر أيًا من مشاعرها المرتبكة المتوترة وهي تتحدث إليه :
- بستصعب أنام برا البيت، من ساعة موت حسن الله يرحمه وانا مش بنام كويس في المكان ده.
ونظرت من حولها بأرق كبير تحول إلى نبرة مختنقة :
- ربنا يكرمني وأمشي من هنا وأرجع القاهرة بقى.
ابتسم بوداعةٍ وهو يقول :
- قريب متقلقيش.. تصبحي على خير ياهانم.
وانسحب من غرفتها مغلقًا الباب من خلفهِ، راضيًا عن العلاقة البريئة التي نشأت بين ابنته وبين "رحيل"، لا يعلم لماذا ولكنه أحس فيها الأمان، للحد الذي يجعله يستأمنها عليها في غيابه بدون أن يتوتر من ردود فعل ابنته، حيث أن الخدم جميعًا لم يستطيعوا مجاراة عقل الصغيرة والتفاعل معها، ولم يقدر أحد على استقطاب "ليلى" والحوز على حبها السريع هكذا سواها.
دخل "هاشم" لغرفتهِ، شغّل موسيقاه المفضلة، ثم دلف لدورة المياة كي يُجهز المسبح الصغير للحصول على جلسة استرخائية ساخنة. استخدم فواحة العطور لنشر رائحتهِ المفضلة في المكان كله، ثم أشعل الشموع المُعطرة بروائح الأسترخاء، فـ اندمجت الرائحتين معًا منتجة عطر صاخب شديد التأثير. جلس بين موجات المياة في المسبح، ثم أطبق عيناه وغاص في عالم آخر بعيدًا عن كل ما يحيط به ضوضاء مزعجة.
*************************************
استيقظت صباحًا لتجدها غير موجودة، فأصيبت بالهلع وكأنها مسؤولة عنها مسؤولية كاملة. هرعت "رحيل" لتبحث عن الصغيرة "ليلى" بدون أو تحدث جلبة أو تخبر أحد إنها فقدتها، ولم تعي إنها بداخل قصر "هاشم العزيزي" ولا يوجد إمكانية واحدة لضياعها في حِصن والدها المنيع؛ لكن الهلع الذي أصابها كان نتيجة تراكمات الخوف التي عاشت بها طيلة الفترة الماضية. خرجت "رحيل" من باب القصر وهي تنظر حولها في كل مكان يمينًا ويسارًا، وسارت بلا وعي هكذا وهي تمارس عملية البحث بكل توتر، إلى أن قادتها أقدامها لتلك المنطقة المرعبة، حيث أقفاص ضخمة للغاية لم ترى في حجمها قطّ، تضم أشكال متعددة من الصقور بفصائلها وعدد من الطيور الجارحة. انقبض صدرها ونظراتها الزائغة تتجول بين الأقفاص، إذ رأت واحدًا ضخمًا منهم وكأنه ينظر إليها بعينين صائدتين، گالذي ينوي الإنقضاض عليها أو ما شابه. انتفض جسدها وعادت للخلف بخطوات متعثرة، فـ اصطدم جسدها بشئ عريض جعل بدنها كله يرتجف وهي تكتم صرخة مفزوعة، وسرعان ما التفتت لتتفاجأ بـ "هاشم" واقفًا أمامها محاولًا تهدئتها :
- أهدي يارحيل في إيه مالك؟.
كانت السيطرة على أعصابها عملية غاية في الصعوبة، إذ رأى يدها ترتعش وهي تمسح على وجهها بشئ من العنف، ثم هتفت بنبرة ضعيفة :
- مفيش آ... اتخضيت بس.
ابتسم بنفس تلك الإبتسامة الهادئة، ثم نظر من حوله وهو يشرح لها ما رأته لئلا تستعجبه :
- ولا يهمك.. أوعي تتخضي من اللي انتي شيفاه ده.. دول كلهم ولادي.
قطبت جبينها مذهولة من تعبيرهِ الغريب، وتوصيف بضعة طيور جارحة بأنهم أبنائهِ :
- أولادك؟؟
أكد على قصدهِ مفسرًا :
- آه.. أصل دي هواية عندي من زمان.. وكل اللي انتي شيفاهم دول ليهم قصص وحكايات معايا.
ضُربت ذاكرتها بحدث قد يكون قديمًا، ولكنها تذكره جيدًا، والآن فقط علمت إنه صاحب تلك الذكرى التي قررت أن تشاركها معه كي تتأكد من صدق حدسها :
- هو آ... النسر اللي اصطاده عمي حمدي من سنين ده آ....
أومأ "هاشم" برأسه قبل أن تكمل سؤالها :
- آه.. كان بتاعي، واضح كده إن عمك عنده هواية أخد ملك مش ملكه من زمان.. شاهين كان أول طير ربيته، ولما عمك اصطاده مات بعدها على طول، يمكن ده واحد من أسباب الأزمة اللي بينا.. إنه جه على حاجه مش بتاعته.
ازدردت ريقها وهي تسأله بتوجس :
- عشان كده استوليت على الأرض الشرقية بتاعتنا وخدتها منهم غصب؟!.
ابتسم "هاشم" بحميمية، وكأنه لم يتضايق من سؤالها الذي حمل مغزى لم يعجبه :
- أخد الحق حرفة يا رحيل هانم .. وانا بصراحة نفسي أعلمك الحرفة دي.
واجهته ببعض المعلومات التي تجمعت في ذاكرتها عبر السنين الماضية، علّها تفهم سبب الكراهيه الشديدة المتبادلة بينه وبين عائلتها :
- بس انت مكتفيتش بالأرض بس!.
لم ينكر أطماعه التي تدرجت حتى وصلت به لإمتلاك أكثر من ثلث أرض آل طحان غصبًا :
- حصل.. أصل انا مش من أنصار المساواة بين الفعل وردّ الفعل.. رد الفعل عندي لازم يكون ضعفين الفعل، ودي الحاجه الوحيدة اللي هتحقق الرضا بالنسبالي.
وضع يداه في جيوب سرواله الأسود وتابع :
- سيبك من الكلام عن الماضي خلينا في الحاضر.. أكيد اللي جابك هنا موضوع مهم؟!.
نظرت من نزلها مرة أخرى بطريقة أكثر هدوءًا، ثم أجابته بصراحة :
- كنت بدور على ليلى، صحيت ملقتهاش جمبي.. لقيت نفسي جيت هنا.
أشار لها لكي تتقدم خطواتها أمامه وهو يقول :
- جاتلي أوضتي الصبح بدري وزمان حِراء بتحميها دلوقتي، تسمحي نفطر مع بعض قبل ما احكيلك المحامي قالي إيه؟.
هزت رأسها بالموافقة وهي تقول :
- طيب.. أنا محتاجة تليفون ضروري، عايزة أطمن على ماما.
أخرج هاتفهِ الشخصي وفتح شفرتهِ ثم ناولها إياه بدون أي تردد :
- أكيد طبعًا، أتفضلي.
تحرجت من لطافتهِ وهي تبتسم تلقائيًا :
- ميرسي أوي بجد.
- على إيه!.. أنا هسبقك عشان تتكلمي براحتك، هتلاقيني أنا وليلى في أوضة السفرة.. عن أذنك.
بدأت تضرب أرقام هاتف والدتها لكي تتصل بها، بعدما بدد القلق والشوق كل محاولاتها للصمود بعيدًا عن أي شبهه قد تكشف أوضاعها الحالية. انتظرت لبعض الوقت حتى أتاها صوت "جليلة" المنهك قليلًا، فـ اقشعر بدنها بتأثرٍ وهي تقول :
- ماما.. وحشتيني أوي ياماما.
منعت "جليلة" نفسها بصعوبة من أن ترتكب أي ردة فعل مبالغ فيها، قد تثير إليها الشكوك، بالرغم من إنها تجلس على سطح المنزل بمفردها؛ لكن صوتها قد انشرح وقد اطمئنت إنها بخير :
- رحـيل.. طمنيني عليكي يا بنتي انتي فين؟.. عملتي إيه بعد ما خرجتي واختفيتي فين كل ده؟.
- هحكيلك ياماما...
**************************************
امتنعت عن أداء أعمالها اليوم، وألغت كافة الجلسات العلاجية والحجوزات المسبقة لمرضاها، وظلت جالسة بعيادتها منتظرة مكالمة منه يبلغها متى يعود برفقة الصغيرة "ليلى". كانت الدقائق تمر وكأنها ساعات طويلة مملة، لا تتحمل صعوبة مرورها، فتلهت بمتابعة حساباتها على مواقع التواصل الإجتماعي لعل ذلك يمرر الوقت قليلًا، حتى وجدت من يقتحم عليها عيادتها بغتة وبدون سابق أذن. وقفت "كاميليا" عن جلستها فجأة وهي ترى أولئك الرجال والذين تضمنوا شخصين بالزي الرسمي لضباط الشرطة، ثم سألت بتوجسٍ :
- في إيه اللي بيحصل هنا؟!.
فسألها أحدهم :
- انتي الدكتورة اللي مسؤولة عن العيادة دي!.
أومأت برأسها وقد بدأ القلق يسيطر عليها :
- آه.. أنا.
ناولها أمر الضبط والإحضار وهو يتابع :
- معايا أمر بتشميع العيادة.. وحضرتك هتتفضلي معانا عـ النيابة.
غصة وقفت في منتصف حلقها، جمدتها في مكانها ومنعتها حتى عن القدرة على السؤال، ما الذي اقترفته وما السبب وراء إغلاق عيادتها؟.. ما الجرم الخطير الذي تعدت به حُرمة المهنة فكان جزائها إغلاق هذا الصرح الطبي الذي سهرت عليه حتى أصبح أشهر مركز من مراكز التجميل في مصر؟.
***************************************
كان أحد أشهر الأسواق في البلدة، كل منتجاتهِ طازجة وبأسعار أفضل من أسواق أخرى غيرها، وهذا هو سبب الزحام الدائم فيه. كانت "حنان" تنتقي حبّات الطماطم من بين قُفة كبيرة ، تختار الطازج الصالح وتبتعد عن الفاسد، إلى أن وجدت تلك الأيادي تربت على كتفها، فٓ التفتت لترى صديقتها "عبير" وقد حضرت للسوق من أجل ابتياع نواقص المطبخ في قصر سيدها "هاشم". عانقتها "حنان" وقد أسعدها رؤيتها الآن :
- أهلًا يا عبير أهلًا ياختي.. أتوحشتك خالص عامله إيه.
بدأت "عبير" تنتقي الطماطم أيضًا وهي تجيب :
- أهو.. نحمد ربنا، انتي أخبار الناس اللي بتخدميهم إيه ؟.
عبست "حنان" وهي تجيب :
- الحالة زفت والله.. من ساعة ما حصل اللي حصل وعيلة الحبشي كلها حالها ميسرشّ، شكلنا داخلين على ليالي ما يعلم بيها إلا ربنا!.
قطبت "عبير" جبينها وهي تسأل :
- وبعدين؟؟
نفخت "حنان" بضيق شديد وهي تعبر عن مخاوفها من المستقبل الغامض لعائلة الحبشي :
- مش عارفه.. ما تاخديني عندك اشتغل عند البيه الكبير يا بت عبير.. شكله مريح الخدامين بتوعه، خصوصي إنه مش في البلد أغلب الوقت.
تلوت شفتي "عبير" بإستنكار وهي تنفي تلك المعلومة :
- مين قالك يا حببتي؟.. أديله مدة مش سايب القصر وعلى طول قاعد مع الضيفة اللي عندنا، ومن ساعتها مش مبطل طلبات وشغل طول اليوم.
ضيقت "حنان" عيناها بفضول وهي تسألها :
- ضيفة؟؟.. هي مين دي يا بت؟.
نظرت "عبير" من حولها بحيطة، ثم همست لها بدون أي تردد :
- واحدة هربانة من بيت حمدي الطحان وقاعدة عندنا ليها أسبوع.. بس البيه بقى مهتم بيها على الآخر تقوليش السفيرة عزيزة!.
اتسعت عينا "حنان" مدهوشة، غير مصدقة خبر گالقنبلة مثل هذا :
- يالهوي!.. هي مين دي! واحدة من بنات الحج حمدي؟.
- لأ لأ.. دي باينها مرات المرحوم اللي مات في العاركة الأخيرة.
فغرت "حنان" فاهها غير مصدقة تلك الفضيحة، ووضعت يدها على فمها وهي تمنع شهقة لتقول :
- يادي الفضيحة.. ربنا يستر على ولايانا.. دي جوزها لسه ميت مش تتقي الله!.
لكزتها "عبير" في ذراعها وهي تحذرها :
- في إيه ياحنان كبرتي الحكاية كده ليه ، وبعدين بقولك هربانة.. يعني محدش يعرف بالموضوع، أوعي يابت تفتني زي عادتك لأحسن الست تروح في شربة ميا.
هزت "حنان" كتفها بعدم اهتمام، والتفتت لتتابع عملها قائلة :
- وانا مالي ياختي.. حد قالك عليا فتانة؟!..ربنا يستر على الولايا وميفضحش حد أبدًا.
****************************************
كانت "رحيل" تستمع صوتهِ من الخارج وهو يتحدث في هاتفه، فـ امتنعت عن دخول غرفة مكتبه حتى ينتهي من مكالمته لكل لا تتطفل عليه أكثر من ذلك، وما أن أحست ذلك السكون الهادئ قرعت على الباب لتسمع صوت سماحهِ بالدخول :
- أتفضل.
دخلت إليه وتركت الباب مفتوحًا، فـ ابتسم وهو يقف عن جلستهِ ليستقبلها :
- أتفضلي يا هانم.
جلست قبالته متحرجة مما ستقوله، وبدا عليها ذلك التوتر الذي لاحظهُ هو، فـ انتظرها حتى تمكنت من افتتاح الحوار معه :
- أنا عايزة أشكرك على وقفتك معايا.. بجد من غيرك مكنتش هعرف أتصرف في أي حاجه.
رفع عنها الحرج قائلًا :
- مش عايز شكر ولا أي حاجه.. أهم حاجه تقدري تاخدي حقك وتردي كرامتك.
أومأت برأسها متفهمة كلماته اللطيفة معها، ثم هتفت بـ :
- بس انا مش هعرف أقعد هنا أكتر من كده.. انت عارف الموقف مش في صالحي واحنا في بلد بيتكلموا حتى على نفسهم.. عشان كده قررت أمشي النهاردة.
أصدر إيماءه متفهمة لما ترويه و :
- فاهم طبعًا وعندك حق.. أنا عرضت عليكي خدماتي وحرية الإختيار ليكي، أهم حاجه يكون المكان اااي هتروحيله أمان.
- آه.. ناس طيبين هقعد معاهم لحد ما الدنيا تهدى والمحامي يكلمني يطمني عمل إيه.
نهضت عن جلستها فنهض هو أيضًا :
- وبشكرك لتاني مرة.
- أتمنى تستني السواق لما يرجع عشان يوصلك مكان ما تحبي.. كده هكون مطمن عليكي أكتر.
أرادت في بادئ الأمر أن ترفض عرضهِ، لكنه أصرّ عليه :
- من فضلك مترفضيش.. على الأقل توصلي المكان اللي انتي عايزاه بأمان.
ابتسمت بتكلفٍ وبدون أن ترفض عرضهِ :
- ماشي.. عن أذنك.
خرجت في نفس اللحظة التي كانت "عبير" تدخل إليه فيها، فأمرها "هاشم" :
- أقفلي الباب.
أغلقت "عبير" الباب ليطمئن "هاشم" إن حديثهم في مأمن، ثم سألها بخفوت خبيث :
- عملتي إيه؟.
أخفضت "عبير" صوتها وهي تجيب :
- زي ما طلبت مني بالمللي يابيه.. كلها ساعات والخبر هيبقى زي اللبانة في بوق الناس كلها.
أرخى "هاشم" عضلات كتفيهِ، ثم سألها :
- انتي مالية إيدك من البنت دي؟.
- طبعًا.. دي أكتر واحدة تحب تجيب في سيرة الحي والميت.. محدش بيسلم من لسانها.
جلس "هاشم" مستريحًا وقد ملأ المقعد بجسده، ثم أمرها بـ :
- أخرجي انتي دلوقتي وأقفلي الباب.
خرجت "عبير"، ففتح "هاشم" مسجل الصوت الذي سجّل مكالمتها مع والدتها بالكامل، واستمع مرة أخرى لتحذير "جليلة" من موقفها الخطير والذي دفع "رحيل" للقرار المفاجئ بـ المغادرة :
- لازم تمشي من هناك يا رحيل.. كده هتفتحي على نفسك مصيبة تانية يابنتي والناس مبترحمش.
- حاضر ياماما.. همشي والله خلاص بس مش عارفه أروح فين دلوقتي.. أنا مش معايا مليم واحد!.
- هتروحي بيت أهل منال مرات حسين.. هي هتساعدنا لحد ما نخرج من الورطة دي.. على الأقل تضمن إنك مش هتتجوزي جوزها، فهمتي؟.
- حاضر ياماما.. قوليلي اروحلها إزاي؟!.
أغلق "هاشم" المقطع الصوتي وهو يذمّ على شفتيه، ثم همس من بين شفتيه بخفوت يكاد يسمعه :
- هعمل إيه بقى.. مفيش حلّ تاني يجبرك تفضلي هنا غير الفضيحة، سامحيني ياهانم....

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا