رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل السادس عشر 16 بقلم ياسمين عادل

رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل السادس عشر 16 بقلم ياسمين عادل

رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل السادس عشر 16 هى رواية من كتابة سوما العربي رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل السادس عشر 16 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل السادس عشر 16 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل السادس عشر 16

رواية ليلة في منزل طير جارح بقلم ياسمين عادل

رواية ليلة في منزل طير جارح الفصل السادس عشر 16

"ليلتنا الأولـى" 
____________________________________
كانت تسير بسيارتها گالتائهة، لا تعلم وجهتها رغم أن الخريطة الإلكترونية الظاهرة أمامها تدلها على الطريق؛ لكن ثمّة أفكار تدور في رأسها گالدود، ينهش في نسيج دماغها ليعجزها حتى عن التركيز. من أولئك الناس الذين أئتمنهم على طفلتهِ الصغيرة، ولماذا هم بالذات؟.. وما حقيقة العلاقة التي تجمعه بهم؟. كلها أفكار تجمعت في رأسها أثناء الذهاب لهناك مباشرة، لمداهمة المكان وأخذ صغيرتها رغمًا عن أنف طليقها. 
وصلت "كاميليا" للموقع المنشود، فـ ترجلت عن سيارتها وهي تجوب المكان بعينين دارستين مترقبتين، ثم وطأت بيمينها عتبة الحديقة الملحقة بالمنزل وهي تنظر للبناء الراقي، قبل أن تخطو خطواتها الثانية والثالثة نحو بوابة الدخول. توقفت بمكانها فجأة، وتجمدت الدماء في عروقها وهي ترى أمامها "مراد"، معتقدة أن من خلفه سيظهر "هاشم"، جـلّادها الذي عذبها ليالٍ طويلة بدون أن يتكلف عناء المجهود، تعذيبًا نفسيًا ومعنويًا قاسيًا. 
مشى "مراد" صوبها وعيناه المتعجبة تسأل في فضول :
- كاميليا؟! إيه اللي جابك هنا وعرفتي المكان ده إزاي؟. 
تجاهلت أسئلتهِ وكادت تتخطاه للصعود، في لحظة شجاعة لا تتكرر كثيرًا منها :
- مش مهم.
لكنه وقف أمامها گالسدّ المنيع، وبدت نظراتهِ أكثر حزمًا وجدية :
- انتي رايحة فين!؟.
لم تتمالك "كاميليا" نفسها، وإذا بها تنهار ببكاءٍ وقد خارت قواها خلال لحظة واحدة :
- طالعة آخـد بنتـي اللي خـطفتوها!.. ولو منعتني أنا هبلغ عنكم وأقول إنكم واخدينها مني غصب عني.
تأفف "مراد" منزعجًا من التدخل في وضع گهذا كان يرفضه منذ البداية؛ ولكن شاءت الأقدار أن ينوب عن "هاشم" مراعيًا رغبة الأخير أولًا :
- ليلى مش هنا يا كاميليا.. ومتهيألي انتي محتاجة تسوّي أمورك مع هاشم قبل ما تيجي تقتحمي أي مكان كده.
مسحت "كاميليا" دموعها بظهر يدها وهي تصيح فيه :
- وطالما هي مش فوق مانعني أطلع ليه؟؟.. ولا في حاجه مخبينها!.
أفسح "مراد" الطريق أمامها ليقول في هدوء مجبر :
- أطلعي لو عايزة.. بس خلي بالك أنا خارج وهقفل البوابة ورايا.
استسلم صوتها للضعف من جديد، وهي تستجديه ليعاونها على الفوز بـ "ليلى" مجددًا :
- مراد.. انت أقرب حد لهاشم، أرجوك تقنعه يرجعلي ليلى، وأنا مستعدة أتفق معاه على كل الشروط اللي هو عاوزها بس بنتي تكون معايا.
حاول "مراد" التملص من أمرٍ گهذا، خاصة وإنه على علم بتزمدّ "هاشم" الفكري وصعوبة التأثير على قرارته :
- صدقيني محدش يقدر يغير حاجه في الموضوع ده غيرك.. زي ما بدأتي القصة دي تقدري تنهيها.
قطبت جبينها بشئ من الإستغراب، رغم إنها فطنت إلى ما يرمي إليه :
- قصدك إيه ؟.. انت عايزني أرجعله بعد كل اللي عمله فيا؟.. أعيش مع راجل جاحد قبل عليا الحبس والإهانة والسمعة الوحشة عشان يحقق أطماعه و.....
بتر "مراد" بقايا كلماتها التي لم تعنيه في شئ، وفسّر مقصده الحقيقي لها:
-هاشم عمره ما هيرجعلك، وأكيد مش ده قصدي.. أنا بتكلم عن قصة الحب اللي انتي عايشة فيها.
انفعلت "كاميليا" لتسلّطهم الشنيع على حياتها رغمًا عن طلاقها منه، فما زال يلعب دور المسيطر المتسلط والديكتاتوري على حياتها حتى بعد انفصالهم :
- مش من حق أي حد يتدخل في حـياتـي!.. الراجل اللي بتكلم عنه خلاص بقى طليقي وانا مش ملزمة بأي حاجه ناحيته.
بدأ يتحدث وكأنه الوجه الآخر لـ "هاشم"، أو صوت عقلهِ الذي فهم ماذا يجول فيه :
- ولا من حقك تجبري أبو بنتك يقبل بأب تاني لـ ليلى وهو عايش على وش الدنيا.
اقتنع أخيرًا بأحقيّة "هاشم" في استعادة "ليلى" رغمًا عن أنف والدتها، كي يعوق بينها وبين وجود أب آخر وهو ما زال قيد الحياة :
- يبقى كده هاشم كان عنده حق لما رجع بنته لحضنه قبل ما تغفليه ويتفاجئ ببنته الوحيدة بتنادي لراجل تاني تقوله يا دادي!.
تحرك "مراد" نحو البوابة تاركًا إياها تتخبط بين الندم للجوء إليه وبين العجز الشديد الذي جعلها غير قادرة على الوصول حتى لإبنتها. وقف "مراد" أمام البوابة ينتظر خروجها، بينما كانت عيناها الدامعة تنظر إليه بتحسرٍ وعتاب، قبل أن تنسحب بخطواتها للخروج من هنا بعدما تبددت آمالها بإستعادة "ليلى" ، ها هي تعود لنقطة البداية، ومازالت لا تعلم أي شئ عن ابنتها حتى الآن.
*************************************
كان كل شئ رائع بكل المقاييس، رُقي الأثاث وإتساع المكان وكثرة تفاصيله التي تغرق فيها. دققت "رحيل" بكل شئ في منزلها الجديد الذي انتقلت إليه للتو، بعدما فاجئها "هاشم" بتجهيزهِ لمنزل الزوجية بسرعة لم تكن متوقعة، وقد انتقى كل شئ بنفسه معتمدًا على مشورة مهندس الديكور الذي أسس له كل مكان، كي تكون مفاجئتهِ لها قبيل عقد القران بليلة واحدة.
تأملت "رحيل" ذلك المقعد الهزاز بنظرات معجبة، قبل أن تنتقل عيناها إليه لتقول بإمتنان :
- مكنش في لزوم تكلف نفسك.. الشقة اللي كنت فيها كانت كويسة.
حملت نبرتهِ شيئًا من التعالي وهو يقول :
- لأ طبعًا مش مستواكي يا هانم.. دي كانت مكان مؤقت بس لإستضافتك.. إنما ده بيتك الحقيقي.
كانت تعابير "جليلة" مرتاحة للغاية، شاعرة بحسن حظ ابنتها التي تعثرت في ذلك الرجل الشهم، والذي سيُعوض كل لياليها القاسية ويمحو عنها مصاعب الحياة.
مدّ لها "هاشم" بنسخة من المفاتيح بها ميدالية من الفصوص الزرقاء التي تمنع الحسد، ثم أردف بـ :
- هتلاقوا الأوض فوق وحاجتكم جاية في الطريق.. عقبال ما ترتاحوا وتستقروا هعمل كام مشوار وأرجع لكم.
عانقت أصابعها مفتاح منزلها الجديد بسعادة شديدة، ثم هتفت بصوتٍ أشبه الهمس :
- كنت عايزة أسألك عن حاجه.
تضاعف فضوله من تلك التعابير التي طفت على وجهها فجأة :
- طبعًا.. أتفضلي.
لم تتردد "رحيل" في طرح السؤال الذي يشغل عقلها منذ أيام، كي تتخلص من عناء الحيرة والتفكير :
- أنا هستلم أرضي وورثي أمتى ؟.
- أول ما المحامي يخلص إجراءاتهِ ويبلغني هقولك.
استنبط حاجتها للمال، فعرض عليها عرضهِ السخي :
- لو محتاجة أي حاجه قوليلي.. أنا مش غريب عنك دلوقتي.
دعت ابتسامة مستحية تزين محياها وهي ترفض ذلك :
- لأ شكرًا.. أنا عايزة أتخلص من الأرض دي وأبيعها بأسرع وقت، مش عايزة أي علاقة تربطني بيهم. 
أحس "هاشم" لوهله إنها تمتلك المشتري الذي سيرفع عنها عبئ تلك الأرض اللعينة، فـ لم يترك الأمر للحظ وسألها على الفور :
- انتي عندك مشتري للأرض؟؟.
- آه عندي.
كان جوابًا صادمًا؛ لكنه لم يترك ملامح الذهول المتضايق ترتسم على وجهه، بل وضع تلك البسمة الوديعة على شفتيهِ وهو يردف بـ :
- كويس.. أول ما المحامي يرد عليا هبلغك يارحيل.
ثم أشار للخارج وهو ينهي التحدث عن الأمر قائلًا :
- خلي بالك من ليلى.. هي بتلعب برا في الجنينة.
ابتسمت بحنوٍ بالغ لتقول :
- متخافش عليها وهي معايا.
والتفت موليها ظهرهِ، حينما كان عقلهِ يدبر الخطة التي ستجعل المزاد له هو، ستقبل به مشتريًا دون غيره، ولن يفوز بتلك الأرض رجل سواه، ذلك هو التحدي القائم بينه وبين نفسهِ.
***************************************
مرت ساعات طويلة وهو ينتظر عودة ولده "حسين" من الخارج بالأخبار التي تسرّ، عسى أن تتلاشى السحب والغيوم عنهم قليلًا، ويلحق بأي شئ قبل أن يخسر تمامًا. جلس "حمدي" في العريشة وعيناه على بوابة المنزل الكبيرة، حتى انفتحت ودخل منها "حسين" مستندًا على عكازهِ، منتقلًا بتثاقلٍ نحو والده الذي نهض واقفًا متلهفًا لسماع نتيجة المفاوضات، غير قادر على تحمل المزيد من الصبر :
- ها ياحسين يا ولدي.. طمني عملت إيه؟.
جلس "حسين" وهو يلتقط أنفاسهِ بصعوبة، ومن بينها كان يجيب :
- خلاص حليتها ياحج.. صحيح هما زودوا عليا الفلوس بس مش مهم، أهم حاجه نفتح البطن وناخد اللي جواها قبل ما تاخدها الـ ×××ـة.
جلس "حمدي" أخيرًا وقد أحس ببعض الراحة، وبدا ذلك على صوته المرتخي - قليلًا - :
- وهنخلص أمتى ؟.
تحسس "حسين" عصاه التي يكرهها ويكره العجز التي يشعر به مع الإمساك بها، حينما كان يفكر في أمر آخر كان يشغل عقلهِ بالأكثر، وكأن لسانه يحس بالنار في الكلمات التي تخرج منه :
- هنعمل إيه مع رحيل ياحج؟؟.
زفر "حمدي" وهو يشيح بوجهه للإتجاه الآخر، مستثقلًا التفكير في الخلاص منها، وقد ظهر شبح شقيقهِ الراحل أمام عينيه كأنه ينذرهُ من أي مصاب قد يصيب ابنته جِراء ردود أفعاله. ذلك الصمت المصحوب بنظرات غريبة جعل "حسين" يرتاب من تخاذل والده عن تأديب إبنة أخيه التي أخطأت في حق العائلة وجلبت إليهم العار والسمعة السيئة :
- أوعى ياحج تفكر في اللي انا خايف منه!.. لو اتراجعت انا عمري ما هرجع عن حلفاني، وديني لأكون جايب رقبتها على صدرها.
تمسك "حمدي" بعصاه وهو ينهض من جديد، فرارًا من الحديث الذي لا يدري حتى الآن بماذا يجيب عليه :
- نخرج اللي في البطن وبعدها يحلها ربنا.. أنا طالع أنام.
وتركه منفردًا، تدور آلاف السيناريوهات في رأسه، حول الطريقة التي سيرضي بها غرورهِ وينتقم لكرامتهِ ويعيد للعائلة سمعتها بين العوائل المحيطة.
**************************************
 سحبت "رحيل" كفها من كفهِ بعدما أنهى الشيخ عقد القران بالدعاء لهما، ثم أنهالت التبريكات على العروسين والدعوات بدوام السعادة والهناء. أخرج "هاشم" خاتم الزواج في علبة مخملية حمراء من جيب بدلتهِ، فكانت مفاجئة أخرى من مفاجآته التي لا تنتهي، جعلت وجنتيها تتورد في استحياءٍ من سخاءهِ الذي يبهرها به، في حين كانت "جليلة" قد آمنت بإنه القدر هو من فعل كل ذلك تسخيرًا للقاء ابنتها بالعوض الذي تستحقهُ بعد سنوات من العناء والشقاء.
كانت تتطلع إليه بنظرات مختلفة تمامًا، هو الآن زوجها شرعًا، الحلال الذي أهداها الله لها، ونظرات الإعجاب الوليد في عيناها هي حق مشروع لها الآن. كان واقفًا برفقة "مراد"، وعلى ما يبدو أن الأمر الذي يتحدثان فيه غاية في الأهمية، فهمت ذلك من تعبيرات وجهه وإيماءات جسدهِ وأصابعهِ، كان جادًا حازمًا، وذلك الخاتم الذي يرتديه يعطي ليدهِ مظهرًا مهيبًا ذا معنى مقصود. قطعت عليها "جليلة" شرودها فيه وهي تهتف بـ :
- رحيل.. مالك واقفة سرحانه كده ليه؟.
انتبهت "رحيل" لطول المدة التي تأملته فيها، فـ أجفلت عيناها عنه وهي تقول :
- ولا حاجه يا ماما.
سحبتها "جليلة" جانبًا وهي تهمس بها بخفوت غير مسموع للغير :
- طب أطلعي أوضتك وجهزي نفسك بقى زي ما فهمتك.. أنا جهزتلك الأوضة وفرشتها وخلتها أحسن من أحسن أوضة، أطلعي عقبال ما جوزك يخلص ويطلعلك.
أومأت "رحيل" برأسها وقد خالجها الحرج مع استعادة نصائح والدتها التي ملأت بها مسامعها منذ أن تحدد موعد الزواج، ثم انسحبت لكي تصعد قبل أن تحاوطها نظراتهِ التي تفتك بثباتها فتكًا، كأنه متعمدًا رؤية وجنتيها المخضبتين بالدماء.. حينئذ كانت عيناه قد رأتها وهي تصعد، فظلت ترافقها حتى اختفت بين الردهات الكثيرة بالطابق العلوي، وأفاق على صوت "مراد" وهو يسأله :
- يعني هتبات فين النهاردة؟.
حكّ "هاشم" شعيرات ذقنهِ الحليقة وهو يجيب :
- خليت حِراء جهزتلي أوضة فوق.. انت شايف الوضع عامل إزاي، مش عايز كمان أزود عليها واقتحم حياتها مرة واحدة وهي لسه مش مستعدة لده، خليها واحدة واحدة أحسن، على الأقل بقت على ذمتي خلاص وأقدر أخرس أي حد.
ربت "هاشم" على كتف "مراد" بقوةٍ غير مقصودة وهو يتابع :
- روح انت والصبح نتقابل في الشركة.. متنساش اللي اتفقنا عليه.
- متقلقش.. اعتبر الموضوع خلصان.. تصبح على خير. 
- وانت من أهله. 
انصرف "مراد" حينما كان "هاشم" يسير بإتجاه الدرج، فصادف تلك الإبتسامة العذبة على وجه "جليلة"، وهي تستقبله للمباركة بطريقتها الخاصة :
- ألف ألف مبروك ياحبيبي.. ربنا يجعلها جوازة العمر.
ابتسم "هاشم" بتوددٍ وهو يصافحها بحرارةٍ :
- تسلمي يا ست الكل ربنا يبارك فيكي.
اتسعت ابتسامتها وهي تستطرد :
- أنا حضرتلك حتة عشوة بقى هتاكل صوابعك وراها.. شويه جمبري واستاكوزا يستاهلوا بوقك.
تحمس "هاشم" أكثر لتناول صنيعها اللذيذ الذي جربه عدة مرات، وقبل أن يسألها أين الطعام كانت تتابع حديثها :
- حطيت العشا في الأوضة عشان تاكلوا براحتكوا.. ومتشغلش بالك بليلى هتنام في حضني النهاردة.
ازدادت ابتسامته اتساعًا بعدما عهدت "جليلة" للأهتمام بطفلته بكل حُب، وامتلأت نظراته بالأمتنان وهو يقول :
- تسلمي ياهانم.. ده العشم برضو.. عن أذنك.
- أذنك معاك يا حبيبي.
طالعته وهو يصعد بعينين متأملتين، قبل أن تلحق به وتصعد للطابق الموجود فيه غرفتها، مطمئنة على ابنتها من بعد الآن.
طرق "هاشم" بابها، أراد بذلك أن يفسر لها نفسه وإنه أبدًا لن يضغط عليها بأي شئ، وإنها حُرة طليقة وليست مجبرة بمعصمي الزواج منه، متفهمًا بذلك كل الظروف القاسية التي مرت بها؛ لكنه لم يجد ردُا، لفترة من الوقت لم يحس بأي رد، فـ اضطر للدخول كي يطمئن عليها، ليرى الغرفة وكأنها قطعة من الجنة، بيضاء تمامًا، المفروشات، المفارش، الستارة، وحتى المناشف، ورائحة العود التي تنبعث من الغرفة أضفت مشاعر مريحة للغاية. ولج "هاشم" وهو يبحث عنها بعينيهِ؛ لكن صوت الصنبور المفتوح بدورة المياة أنبئهُ إنها بالداخل، فجلس ينتظرها متحمسًا، وعيناه الجائعة على طاولة الطعام المغطاة، حتى انفتح الباب وظهرت من خلفه، فتاة گالملاك، لا تشبه أبدًا تلك التي عرفها واعتاد عليها. وقف "هاشم" عن جلستهِ مدهوشًا برؤيتها هكذا، بدون حجاب، متحررة، ترتدي قميص نوم من اللون الأبيض يُظهر مفاتن جسدها المثير الذي لطالما اختبأ أسفل العباءة والملابس المحتشمة، والآن هو ملكًا له وقد سمحت له بإختراق تلك الحدود بكل رضا. لم يتخيل أبدًا إنها فاتنة.. جميلة.. حسناء، أحلى من كل النساء اللاتي عرفهن، وجمالها شرعتهُ له فقط دونًا عن أي أحد.
تشابكت أصابعها بخجلٍ من نظراتهِ الشرهه، ثم همست بصوتٍ بالكاد استمعه :
- أنا جهزتلك الحمام.
قطب جبينه متسائلًا :
- يعني إيه ؟.
تعجبت من سؤاله، فـ جملتها كانت واضحة للغاية لا تحتاج لتفسير، ولكنها فسرت رغم ذلك :
- مليت البانيو ميا سخنة وجهزتلك طقم وفوط.. عشان تاخد دش وتفوق من تعب اليوم.
أخذته الحماسة لتفقد التجهيزات التي تحدثت عنها، خاصة وإنها تدعوه بصيغة غير مباشرة للمكوث في غرفتها، ورفعت عنه عناء الحديث الذي كان يجهز له، بإنها تعاملت معه گزوج، وأحلّت له ما خشي أن يفكر حتى في طلبه، بدون أي مجهود. تقدم "هاشم" منها وأطلّ برأسه داخل دورة المياة، فوجد المسبح الصغير ممتلئًا بالماء الساخن، والفقاعات ذات الرائحة المنعشة تغطي الماء الذي يتطاير الدخان منه. أحس بيدها على كتفهِ فـ التفت إليها، ليجدها تنزع عنه ملابسهُ وهي تعرض عليه المساعدة :
- أساعدك تقلع هدومك؟.
ترك نفسه للدلال الذي أغرقتهُ فيه، مستمتعًا بتلك الطقوس التي لم يعيشها يومًا، وعيناه تتأمل الفتنة التي غمرت شفتيها المصطبغة بأحمر الشفاة الناري، حتى لمست أصابعها الباردة صدرهِ الساخن الملتهب بمشاعر ذكورية نمت بين ضلوعهِ فجأة، وهو الذي كان رجلًا لا تؤثر فيه المغريات النسائية، إذ به يسقط صريع فتنتها، ليسحبها معه مستسلمًا للإغراء التي مارستهُ بدون أي قصد، خلف أبواب دورة المياة، وسط البخار الذي علقت قطراتهِ على جسديهما، لتكون الملحمة الأولى بينهما محاطة بمشاعر ملتهبة لن تنسى أبـدًا.
*************************************
*****************************

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا