رواية نقشتك في قلبي من الفصل الاول للاخير بقلم مريم محمود

رواية نقشتك في قلبي من الفصل الاول للاخير بقلم مريم محمود

رواية نقشتك في قلبي من الفصل الاول للاخير هى رواية من كتابة مريم محمود رواية نقشتك في قلبي من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية نقشتك في قلبي من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية نقشتك في قلبي من الفصل الاول للاخير
رواية نقشتك في قلبي من الفصل الاول للاخير بقلم مريم محمود

رواية نقشتك في قلبي من الفصل الاول للاخير

- نورتوا الشقه يا بيه.
حطيت الشنطه على الأرض بتعب من تقلها، عمي أخد منه الشنط وقفل الباب وراه، بدأنا نكتشف الشقه أنا وميار بنت عمي، كانت كبيرة وأحسن حاجه إن هيبقى ليا أوضة لوحدي.
- الأوضة دي حلوة، أنا هاخدها.
- أنا شوفتها الأول يعني أنا اللي هاخدها.
- إحنا هنمثل على بعض؟ أنتِ دخلتِ الأوضة وشوفتيني فيها، جبتي منين إنك شوفتيها الأول؟
- أسلوبك بقى وحش جدًا يا مريم، أخاف تكسفينا قدام الناس في العمارة.
رديت بسخريه - كفاية علينا أنتِ يا ميار، عالعموم أنا هاخد الأوضة دي واللي عندك أعمليه.
بدأت تتخانق وتعلي صوتها لحد ما مرات عمي دخلت علينا الأوضة
- فيه إيه بتتخانقوا ليه؟
وفي ثانية كانت بتمثل دور الضحيه - يا ماما أنا شوفت الأوضة الأول وبقول لمريم إني عاوزة أخدها لاقتها زعقت في وشي زي ما سمعتِ.
كنت لسه هعترض وأتكلم، بس مرات عمي أتكلمت قبلي:- متزعليش نفسك يا حبيبتي، كده كده الأوضة دي كنتِ هتاخديها غصب عن أي حد، واللي مش عاجبه باب الشقه قدامه.
بصتلها لما خلصت جملتها، وكانت بتبصلي بسخرية، رديت بعصبيه:- دي شقة عمي ومن حقي أقعد في المكان اللي يريحني ومحدش يقدر يمشيني من هنا!
بصتلي بتحدي - أنا أقدر لولا بس إني مستكتره أجيب خدامه وأدفع ليها فلوس كنت مشيتك من وأنتِ لسه ١٠ سنين، بس قُلت أوفر القرشين اللي كنت هدفعهم، بنتي أولى بيهم.
حاولت أتحكم في غضبي، غمضت عيني وفتحتها وأتكلمت بهدوء مزيف
- وطالما أنتِ وفرتي القرشين عشان بنتك، سقطت في ٣ ثانوي وليه؟ ودخلت جامعة خاصه وبتعيد في سنة أولى في حين إن دفعتها بقوا في تالته دلوقتي؟
بصولي بغضب، ميار كانت هتتكلم بس قاطعتها بكلامها:- مسمعش صوتك!
وجهت كلامها ليا - وأنتِ، أنا عاوزة على المغرب ألاقي الشقة بتلمع، ولو ملقتهاش متروقه يا مريم أنسي إنك تروحي المعهد أو تاخدي فلوس، أنتِ فاهمه!؟
حاولت أتحكم في دموعي عشان متبانش قدامهم، أخدت شنطتي ودخلت الأوضة التانية وقفلت الباب.
ولأن أنا عايشة مع عمي ومراته بعد موت بابا وماما، وخالي مسافر ومليش حد أقعد عنده، أضطريت إني أقعد في الأوضة غصب عني، زي ما كل حاجه حصلت في حياتي غصب عني!
الفرق بيني وبين ميار سنة، هي أكبر مني بسنة، وأكيد مرات عمي وعمي  مش هيرضوا إني أكون أحسن من بنتهم، لو فيه طقم عجبتني  وعجبت ميار تبقى ميار هي اللي تاخدها، جبت في ٣ثانوي مجموع كويس يقدر يدخلني كلية مرتاحه، بس ازاي ميار أولى ومش مهم أنا أترمي في معهد سنتين، الأهم إن الست ميار تكون مرتاحه ونفسيتها كويسه.
مسحت دموعي وغيرت هدومي عشان أروق الشقة، لأني لو مسمعتش كلامها هتنفذ اللي قالت عليه، وعملته قبل كده وغبت من المعهد أسبوعين، بعد ما خلصت دخلت على أوضة كانت موجودة في أخر الطرقة، فتحتها وكانت متربه بشكل غريب، كأنها بقالها سنين متفتحتش، وتقريبًا كانت لأصحاب الشقة اللي قبلنا.
- واقفة عندك بتعملي إيه؟
أتخضيت من صوتها اللي فاجأني
- الأوضة دي تقريبًا تخص الناس اللي كانوا قبلنا.
- وأنا أعملهم إيه؟
- مش هنضفها!
- وده من إيه إن شاء الله؟
- إيه لازمتها يا مرات عمي، ما كل واحد عنده أوضة هنعمل بيها إيه!؟
- وأفرضي حد من أخواتي جه يبات أنيمه فين؟ 
- وأنتِ أخواتك يجيوا يباتوا عشان إيه؟
أتعصبت وصوتها علِي - بقولك إيه أنا صاحبة الشقه دي، واللي أقوله يتنفذ، أنتِ فاهمه!
عمي جه على صوتها وسألنا:- بتزعقوا كده ليه؟
- الهانم بنت أخوك مش عاوزة تروق الأوضة، أقولها حد من أخواتي جه وهيبات تقولي ويبات ليه، البجحه!
بصتله - يا عمي إحنا من ساعة ما وصلنا كل واحد فيكوا دخل يريح من المشوار وأنا بروق في الشقه، ده غير إن اللي فيها يخص الناس اللي قبلنا أعمل بيهم إيه!
رد عليا - خلاص نضفي التراب اللي على الحاجات اللي فيها وأنا هبعت البواب ياخدهم.
خلص جملته ومشي وهي بصتلي بسخريه ومشيت، حاولت أهدّي نفسي، فتحت شباك الأوضة وبدأت أنضف الكراكيب اللي فيها واللي أخلصه أحطه قدام باب الشقه، كان فاضل كيس أسود كبير محطوط في ركن بعيد، حاولت أشيله وكان تقيل!، مأخدتش بالي من مسمار اللي أتشبك في الكيس وطبعًا أتفتح وكل اللي فيه وقع على الأرض!
- ده اللي كان ناقص!
بدأت أفرك في وشي من التعب ووجع ضهري ورقبتي، بصيت على الحاجات اللي وقعت على الأرض، كانت ألبومات صور كتير، وبرڤانات، ومذكرتين!
مسكت ألبوم صور وفتحته، بس مكنش فيه حاجه باينه من كتر التراب، سبته وفتحت برڤان وكانت ريحته تجنن، مسكت مذكرة وكنت هفتحها بس سمعت مرات عمي بتنده عليا
- يا مريم كل ده بتنظفي في الأوضة.
رديت بتوتر - أنا خلصت.
بصيت على الحاجات اللي قدامي وأنا محتاره، وفثواني كنت بدأت أشيل اللي أقدر عليه منهم وأحطه في أوضتي من غير ما حد يشوف، وبما إن الأوضين قريبن من بعض فكان الموضوع سهل عليا.
أخدت شاور وأتغديت وطبعًا غسيل المواعين كان عليا، بعد ما خلصت أخدت كيس الزباله عشان أحطه في الباسكت قدام باب الشقه، خرجِت من الشقه اللي قدامي ست كبيرة، وجميلة، كانت بشرتها بيضه جدًا وشعرها أسود وعيونها عسلي، سألتني بابتسامه
- أنتوا الجيران الجُداد؟
ابتسمت ليها في المقابل - ايوا.
- نورتوا العمارة، إسمك إيه؟
- مريم.
ضحكت - بجد؟
أستغربت - ايوا، ليه؟
- عشان أنا كمان إسمي مريم.
ضحكت بهدوء على الصدفه دي، خلص الحوار الصغير اللي ما بينا وأستأذنتها، وأخيرًا الكل نايم والبيت متروق وهقدر أرتاح ومحدش يطلب مني حاجه.
دخلت الأوضة وريحت ضهري على السرير، وثواني كنت نمت!
عدا أسبوع على نفس الحال، بس المختلف جارتي الجديدة اللي إسمها على إسمي، كنت بستنى عمي يروح الشغل هو ومراته وميار تروح الجامعه عشان نقعد نفطر أنا وهي، شقتها كانت جميلة، زي شقق زمان، فخمة وطراز قديم، بس جميل.
كان فيه حاجه بستغربها لما بدخل عندها، بس ولا مرة حبيت أسألها، كنت بشم ريحة برڤيوم غريبة، شمتها قبل كده بس مش فاكرة فين!، لما كنت بدخل الشقه كنت بحس بالريحه حواليا، لو قعدنا في البلكونه كانت الريحه قريبة مني بطريقة غريبه.
كنت قاعدة بسرح شعري قدام المرآية وببص للاشيء، لفت نظري الحاجات اللي أخدتها من الأوضه اللي جمبي واللي نسيتها خالص، جبت قماشة وبدأت أنضفهم وحاطيتهم حواليا على السرير.
فتحت أول ألبوم، كان فيه صور لولد صغير عنده سنة، وباين على الصور إنها قديمة، لأنها كانت أبيض وأسود!، بدأت أقلب في الألبوم  لحد ما خلص ومكنش فيه حاجه زيادة!
مسكت المذكرة ونفضتها من التراب، أول ما فتحتها شميت نفس الريحه اللي بلاقيها في شقة مريم، أستغربت أنا قاعده في الأوضة لوحدي ومرشتش حاجه، حاولت مركزش في الموضوع وبدأت أقرأ اللي مكتوب فيها بصوت عالي، وكل ما أقرأ كلمة كل ما الريحه بدأت تزيد!
- سَمِعْتُ  أن المَلائِكة خُلِقَتْ مِن النُور،
ولا يُمكِنَهُم العَيش مَعنا علىٰ الأرض!،
ولَكِنه  في التَاسِع مِن فِبراير..
تَحدِيدًا  الخامسة فجرًا، 
هَبِطَ مَلاكًا علىٰ هَيئَة بَشر، 
وتَجسد فيكِ أنتِ يا حبيبتي.
                                     " سيف 
                                                     ١٩٨٠
أستغربت من التاريخ وقد إيه هو قديم، حاولت مفكرش فيه ولا في الريحه اللي مازالت موجوده حواليا، رفعت رأسي وبصيت على المرآه اللي قدامي، بس إستغرابي مكنش يجي حاجه جمب صدمتي من اللي شوفته ورايا!
لقيت رأسي بسرعة عشان أتأكد وكان..
يُتبع....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
لفيت رأسي بسرعة عشان أتأكد من اللي شوفته بس ملاقتش حاجه!، أترعبت، رجعت بصيت على المرآه ومكنش فيه حاجه! شلت كل الحاجات اللي على السرير وإيدي بتترعش وحطيتهم تحت السرير، رجعت بصيت على المرآه عشان أتأكد بس مكنش فيه حاجه لتاني مرة! مع إني متأكده إني شوفت حاجه، خوفت أنام في الأوضة لوحدي، أخدت البطانية والمخده وخرجت في الصاله عشان أحاول أنام وأنا عارفه إني مش هعرف أنام!
أستنيت النهار يطلع بفارغ الصبر بعد سهري إمبارح، جهزت الفطار ليهم وأستنتهم يمشوا عشان أروح لمريم، خبطت عليها وأستنيتها تفتح، ثواني وفتحت وزي ما توقعت، بمسافة ما أدخل من باب الشقة بشم ريحة نفس البرڤيوم!
قعدت على الكنبة جمبها والمرادي مقدرتش أسكت
- مريم أنتِ مش شامه حاجه؟
- حاجه زي إيه؟
- فيه ريحة برڤيوم ماليه الشقه، كل ما بدخل عندك بشمها، أنتِ فيه حد عايش معاكِ؟
- ما أنتِ عارفه يا مريم إني عايشه لوحدي، ده غير إن مفيش ريحة برڤيوم في الشقه.
سكت بقلق وهي كمان سكتت، صمتنا دام لدقائق  لحد ما قالت:- أنا هقوم أعملك كوباية ليمون بالنعناع اللي بتحبيه عشان  أعصباك تهدى.
سابتني ودخلت المطبخ وأنا فضلت قاعده مكاني، حاسه إن فيه حد قاعد جمبي، مش قادرة أنسى  اللي شوفته إمبارح  لما رفعت رأسي للمرآه ولاقيت قطه لونها اسود في أبيض  وقاعده على ضهر السرير!
- مريم أقطفي نعناع من البلكونه وهاتيه المطبخ.
فوقت من شرودي على صوتها، قطفت كام حبة نعناع ورحتلها المطبخ، وقبل ما أدخل لفت نظري صور متعلقه وكانت أول مرة أشوفهم، كانت صور لمريم وهي صغيرة، في العشرينات، واللي لفت نظري أكتر إنها كانت تشبهني بطريقه غريبه، طلعت بنظري لحد ما شوفت صورتها في فرحها مع جوزها، كانت عيونه زرقه وملامحه جميلة، بس مش غريبة عليا! 
- أنتِ واقفة عندك بتعملي إيه؟
أتنفضت على صوتها، معرفتش أتكلم أقول إيه، أخدت النعناع من إيدي وهي بتتكلم:
- إيه رأيك فيا وأنا صغيرة؟ كنت حلوة صح؟
كنت باخد نفسي بسرعة من أثر الخضه، معرفتش أتكلم، خلصت العصير وقدمتلي الكوباية، واللي لاحظته إن أنا وهي نفس الطول، فضلت واقفه قدامي وهي ماسكه الكوباية وبتبصلي بابتسامه مقدرتش أفهمها.
- مش هتاخدي العصير؟ أنتِ بتحبيه.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
- وأنتِ عرفتِ منين إني بحبه؟ أنا مقولتش ليكِ قبل كده إني بحب العصير كده.
ضحكت بإستهزاء وهي بتقولي - عشان أنتِ شبهي يا مريم.
بصتلها بريبة، أخدت العصير ومن كتر التوتر وقع مني، أتخضيت من صوت تكسيره
- أهدي أنا هتصرف.
حاولت ألم معاها الإزاز بس إيدي أتجرحت أول ما لمسته، مِسكت صباعي طلعت الإزازة وحطيت إيدي تحت المية لحد ما الد م أختفى، لمت هي  بقيت الإزاز ورمته، وأنا متباعها بنظراتي لحد ما خلصت ورجعت بصتلي
- صباعك كويس؟
- اا..آه، أنا هروح الشقة.
- ليه ما تقعدي معايا.
- ورايا ترويق لازم أخلصه.
خرجت من شقتها ودخلت الشقة بتاعتنا بسرعة، كأني بجري من حاجه، حسيت بخنقة كبيرة، واللي أستغربته إن ريحة البرڤيوم فضلت مستمرة معايا لحد ما دخلت شقتنا، كانت بتختفي بمجرد ما أخرج من شقة مريم!
دخلت أوضتي وطلعت كل الحاجات اللي شلتها تحت السرير، مسكت إزازة برڤيوم من اللي موجودين وكانت نفس الريحة اللي دائمًا بشمها في شقة مريم واللي شمتها إمبارح أول ما مسكت المذكرة.
فتحت ألبوم غير اللي فتحته إمبارح وبدأت أشوف صور الشاب اللي كان فيها، كان كل ألبوم فيه صوره في مراحل مختلفة، لحد ما ظهرت قدامي صورته هو ومريم، واللي فاجأني أكتر إنها كانت تشبهني في الصورة بطريقة غريبة، كأنها أنا بالظبط! طلعتها من الألبوم وقرأت اللي مكتوب وراها
- هي حبيبتي، وأميرتي، 
وسيدة نساء الكون،
هي جميلتي، وابنتي،
وأول من سكن قلبي،
أنتِ الذي أخشى أن أصفك ببعض الكلمات،
لأني مهما كتبت، 
لن تصف الكلمات كيف تراكِ عيناي.
               " سيف 
                                    ٢٠٠٠"
فضلت أقلب في الصور وأنا تايهه، ومش فاهمه حاجه! أخدت الصورة وقررت إني لازم أفهم منها.
خبطت على باب الشقة ومش بترد، ممكن تبقى نامت أو خرجت؟ كان البواب طالع وشافني بخبط على الباب، جه وسألني
- بتخبطي على مين يا ست مريم؟
- متعرفش يا عم سلمان مدام مريم اللي ساكنه هنا خرجت ولا راحت فين؟
- مدام مريم مين يا هانم، الشقه دي مقفوله من ٢٣ سنة ومحدش دخلها!
يُتبع.....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
- مدام مريم مين يا هانم، الشقة دي مقفوله من ٢٣ سنة ومحدش دخلها.
بصتله بصدمة، وكان واقف بيبصلي ونظراته فيها بعض الخوف، رجعت أسأله تاني
- مدام مريم فين يا سلمان؟ أنا لسه سيباها من نص ساعة.
ضرب كفه ببعض - لا حول ولا قوه الا بالله، مالك يا ست مريم إيه اللي حصلك، الشقه دي محدش بيدخلها ومحدش عايش فيها من الأساس.
بحاول أستوعب اللي بيقوله ومش قادره، بصيت على الصورة اللي في إيدي، رفعتها في وشه وسألته
- تعرف حد من اللي في الصورة دي؟
بص فيها شوية ورجع أتكلم - يااه يا هانم، أنتِ جبتِ الصورة دي منين؟
مقدرتش أتحكم في أعصابي وصرخت فيه - انطق تعرفهم ولا لأ؟
أتراجع ورا شوية وهو بيتكلم - ده الأستاذ سيف كان ساكن في العمارة من زمان، أنا فاكر إني لما جيت العمارة هنا في ١٩٧٥ كان هو لسه مولود.
- واللي معاه؟
- تبقى الست مريم، مراته، أتجوزها وكانوا ساكنين في الشقه اللي كنتِ بتخبطي عليها من شوية.
- وهما فين دلوقتي؟
بصلي بتردد وسكت، زعقت فيه
- أنطق!
- مهو، مهو...
- أتكلم!
- الشقة اللي أنتوا ساكنين فيها كانت الشقة اللي عايش فيها عيلة الأستاذ سيف، وهو ومدام مريم لما أتجوزا سكنوا في الشقه اللي قصادهم، وفي يوم كان أهل الأستاذ سيف مسافرين البلد، وهو كان بينقل حاجات من شقته لشقتهم، اللي حضرتك بعتيهم ليا تحت، وبعد ما نقلهم النور قطع في العمارة كلها و...
سكت تاني، مقدرتش أصبر 
- أنطق!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
- بعدها بنص ساعة النور رجع، وبمسافة ما رجع سمعنا صوت واحدة بتصوت، كل اللي في العمارة أتلموا على الصوت، دخلنا الشقة وكانت الست مريم اللي بتصوت بعد ما... بعد ما شافت الأستاذ سيف... مقتول!
أتصدمت - مقتول!
كمل كلامه بنبرة حزينة - العمارة كلها حزنت عليه، كان طيب قوي، كان بيساعد اللي بيحتاجله وجدع، مفيش حد مكنش بيحبه، الله يرحمه، كان لسه متجوز قبلها بشهرين، أتجوز ٢٠٠٠/١/١ ومات ٢٠٠٠/٣/١.
بصيت الصورة ودموعي نزلت عليها
- أتقتل ازاي؟
- لحد دلوقتي محدش عارف، اللي يقولك حرامي واللي يقول ويقول، إحنا لما دخلنا عليه، كان في الأوضة اللي جمب اللي بيشيلوا فيها الكراكيب، كانت أوضته الله يرحمه.
حسيت إن عقلي مش قادر يستوعب أي حاجه من اللي بيسمعها، أتقت ل في الأوضة اللي بنام فيها! اللي كانت أوضته!، عشان كده كنت بشم البرڨيوم بتاعه، طب والقطه اللي شوفتها و... 
ومريم!
- مراته راحت فين؟
- الست مريم كانت بتحب الأستاذ سيف جدًا، وهو كمان كان بيحبها، كانوا ولاد خاله، بعد موته بشهور لاقينا شقتهم مسكتها حريقه.
- إيه!، يعني إيه حريقه!
- كان نفس الوقت اللي مات فيه الأستاذ سيف، الجيران اللي فوق شموا ريحة حريقه من المنور، أتلمنا وحاولنا نطفيها بس للأسف ملحقناهاش!، ومن ساعتها الشقة مقفوله ومحدش داخلها، وبعد موت الأستاذ سيف أهله عرضه الشقه للبيع وسافروا على بلدهم وفضلوا الشقتين مقفولين بقالهم ٢٣ سنة، لحد ما عمك أشتراها.
كنت بسمع كلامه وأنا باصه قدامي بشرود، متأثره من حكايتهم اللي ملحقتش تبدأ عشان تنتهي النهاية دي، وبسأل نفسي، إيه علاقتي بيهم؟، أشمعنى أنا اللي يظهرلي كل ده؟ سرحت في خيالي لحد ما فوقت على صوته
- أنتِ كويسه يا ست هانم؟
رفعت رأسي ليه - أنا كويسه، أنا مش عاوزه حد يعرف اللي حكتهولي يا سلمان، إنت فاهم؟
- أمرِك يا هانم.
نزل وأنا دخلت الشقة ومنها أوضتي وقفلت عليا، طلعت صورهم وأقعدت أتفرج عليها وأقرأ شعره ليها، إيه السبب اللي يخلِّي حد يقت.ل إنسان زي سيف؟، إيه ممكن يكون الوحش اللي عمله في حياته عشان تبقى دي نهايته؟
مسكت صوره ليه وحيطتها قدامي، ملامحه جميلة،  وعيونه حلوة،  ضحكته هاديه، يشبه الملايكة. 
فضلت سرحانه في صورته لحد ما فوقت على صوت غريب، صوت معرفهوش، مكنش صوت عمي ولا مراته ولا ميار، كان صوت رجل، صوت مميز مسمعتوش قبل كده!
- تفتكري يا مريم إيه الذنب اللي ممكن يعمله الإنسان لدرجة إن عقابه يبقى الموت؟
أتنفضت من مكاني على صوته والصوره وقعت مني، ازاي أكون بشوف صورة شخص وفجأه الاقيه واقف قدامي، ومش دي المشكلة، المشكلة إنه شخص مش موجود، شخص ميت!
حاولت أتكلم بس الصدمه كانت مأثره عليا، رجع أتكلم 
- ما تردي، إيه الذنب اللي ممكن يعمله الإنسان عشان يبقى عقابه الموت؟
- م..مش عارفه!
ابتسم بسخرية - ولا أنا عارف.
أستغربت، كان واقف مكانه ثابت مش بيتحرك، كأنه صورة ثابته، هجم عقلي أسئله كتير، أندفعت في الكلام وأنا شايفه قدامي كل حاجه حصلتلي
- أنا بيحصل فيا كده ليه؟، إيه اللي عملته عشان يحصلي كده!، ذمبي إيه يظهرلي ناس مش موجوده وأعيش في الدوامه دي؟، ليه أنا!
فضل ثابت مكانه وأنا تابعت كلامي ودموعي بدأت تنزل:- أنا أستحملت إهانة مرات عمي ليا وسكت، كنت بدل ما بلعب أقعد أروق الشقة، كنت باخد هدوم بنتها القديمة بدل ما يجيلي لبس جديد، أستحملت كل ده عشان أعيش، ليه في الآخر يحصل معايا كده؟
رجعت بصتله:- إنت عاوز مني إيه؟ وليه مريم تظهرلي وأنا معرفهاش؟ ليه بتعملوا معايا كده!
- عشان أبوكِ هو اللي قتلني!
يُتبع....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
- عشان أبوكِ هو اللي قتلني!
سكت من الصدمة ومقدرتش أتكلم، أبويا قتله!
- إنت..إنت بتقول إيه.
- اللي سمعتيه، أبوكِ قتلني هنا، في أوضتي.
حطيت إيدي على ودني وأنا بعيط، مش عاوزة أسمعه، بقنع عقلي إن كل ده وهم، كابوس وهينتهي بمجرد ما أفتح عيوني، كنت بصرخ عشان مسمعش صوته، لحد ما باب الأوضة أتفتح ودخلت ميار وهي بتقول:
- أنتِ أتجننتِ يا مريم!؟، فيه إيه بتصرخي ليه؟
بصتلها ورجعت بصيت في الأوضة، ملقتهوش!، تجاوزتها وخرجت أدور على عمي لحد ما لاقيته قاعد في الصاله، وبدون مقدمات، رميت سؤالي
- مين سيف حسن المهدي يا عمي؟
كان ماسك تلفونه وبمجرد ما سمع اسمه قام وقف وبصلي، رجعت أكرر سؤالي
- مين سيف يا عمي ونعرفه منين!؟
حاول يخفي ارباكه، بس ظهر في نبرة صوته
- إحنا منعرفش حد بالاسم ده!
ضحكت بسخرية - واللهِ؟ عمي هو بابا مات ازاي؟
بصلي ومتكلمش، مرات عمي جات وأتكلمت
- ما تحكيلها يا حازم ساكت ليه؟ لو مش قادر تقول أتكلم أنا.
قعد مكانه وشرب من كوباية المية وأتكلم - أنا هحكي ليها، أقعدي يا مريم.
قعدت وبدأت أسمعه
- زمان كنا عايشين في بيت عيلة، أنا وأبوكِ وعمي، كان عنده بنت واحدة، أتربينا سوا وخصوصا إن عمي مات وهي صغيرة، أبوكِ كان بيحبها جدًا، مكنش يقدر يعيش من غيرها..
قاطعته - بنت عمكوا دي تبقى مريم، صح؟
هز رأسه بمعنى نعم وهو بيكمل - لما كبرنا أنا سبت مصر وأشتغلت في الكويت، وأبوكِ كان عايش هنا، ومريم كانت معظم الوقت بتقضيه عند خالتها، عشان هي وإبنها كانوا بيحبوا بعض، والموضوع ده كان بيعصب أبوكِ، ساعتها أبويا كان لسه عايش، وعشان أبويا كان عارف إنه مجنون وتصرفاته مش محسوبه، جوزها سيف من غير ما أبوكِ يعرف؛ لأنه ساعتها كان في سفرية شغل، ولما رجع بعدها بشهرين وعرف أتجنن، أتجنن لدرجة إن أبويا كان بيحبسه في البيت عشان ميخرجش، بس قدر يهرب منه و...
أتكلمت بهمس - وقتل سيف!
مسح دموعه وكمل - أبويا كان عارف إنه هيعمل مصيبة، بس مجاش في باله إنه يقتل!، فضل أسبوعين مختفي لحد ما عرفنا إنه أنتحر!
وقفت مكاني - أنتحر!، يعني إيه أنتحر، إنت واعي للي بتقوله!
مراته أتكلمت - آه يا مريم واعي، أنتِ مش بنت أخوه، لأن أخوه متجوزش من الأساس!
صرخت فيها - أنتِ أتجننتِ!، أنتِ عارفه أنتِ بتقولي إيه!
- ايوا عارفه بقول إيه، بقول الحقيقه اللي فضلت كتماها جوايا، سيف كان قبل ما يموت بساعات كان بيفضي أوضة في شقته، كان بيفضيها عشان عرف إن مراته حامل، وبعد ما مات حمايا جاب مريم تعيش معانا في بيتنا القديم عشان يحافظ عليها وعلى اللي في بطنها، اللي هي أنتِ!
يُتبع....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
كُنت بقدم رجل وبأخر التانية، خايفة، ومتوترة، ومرعوبة، لحد ما وصلت للمكان اللي رايحه ليه، وبمجرد ما شوفته مقدرتش أمسك نفسي، قعدت على الأرض  وأنهارت من العياط!
مش مستوعبة إني واقفه قدام قبرها، قبر مريم، اللي طلعت أمي ومكنتش أعرف عنها حاجه طول السنين دي، كُنت فاكرة إن كل اللي كُنت فيه مجرد حلم، بس ياريته كان حلم، على الأقلل كُنت هشوفها، وأحضنها وأرجع أقعد معاها!
كُنت دائمًا بهتم بنظرات الناس، بس دلوقتي حاسه إني مش شايفه حد، بدأت صوت شهقاتي تعلى، بقول كلام مش مفهوم، بعيط بصوت عالي وأنا مش فارق معايا كلام حد، مش شايفه قدامي حاجه غير خسارتي، معشتش مع أمي ولا أتربيت في حضن أهلي.
بدأت أَمَشي بإيدي على اسمها المكتوب على باب قبرها، مليش صور معاها ولا أي ذكريات تفكرني بيها، مسحت دموعي وأنا بفتكر صدمتي لما عرفت إنها أمي وسيف أبويا..
Flashback 
- ايوا عارفه بقول إيه، بقول الحقيقه اللي فضلت كتماها جوايا، سيف كان قبل ما يموت بساعات كان بيفضي أوضة في شقته، كان بيفضيها عشان عرف إن مراته حامل، وبعد ما مات حمايا جاب مريم تعيش معانا في بيتنا القديم عشان يحافظ عليها وعلى اللي في بطنها، اللي هي أنتِ!
صرخت فيها - أنتِ أكيد أتجننتِ، أنتِ مستوعبة اللي بتقوليه!
عمي أتكلم - اللي بتقوله هو الحقيقه يا مريم، أنتِ مش بنت أخويا، أنتِ بنت مريم وسيف، اللي هي تبقى بنت عمي.
بصتله وأنا مش قادرة أستوعب أي كلمة من اللي بسمعها!، حاسه إني عايشه في وهم، كل اللي حواليا مش حقيقي، رجعت مرات عمي كملت كلامها 
- حمايا الله يرحمه ويسامحه لما عرف إن أمك حامل، خاف الخبر يوصل لحد من عيلة سيف وياخدوا مريم تعيش معاهم، لأن ساعتها عمك اللي يبقى أخو جوزي مكنش لسه ظهر، وخاف يوصلها عن طريقهم، ساب بيته وراح أشترى بيت تاني يعيشوا فيه، اللي هو كان بيتنا قبل ما ننقل هنا، وبعدها حمايا وصله خبر موت عمك، ومكنش إنتحار زي ما حازم لسه قايل كان مدمن وأخد جرعة زياده هي اللي موتته، وبعد موته مريم كانت بترجع شقتها كل فترة، حملها كان صعب وخلفتك بدري، وبعد ما أتولدي بشهرين كانت سيباكِ عند حمايا وراحت تجيب حاجات من شقتها، حصل ماس كهربي في الشقه وماتت.
عمي كمل بعدها -  بعد موت مريم،  أنا رجعت  الكويت عشان شغلي ومعرفتش أنزل تاني وأنتِ عيشتي هنا مع أبويا، وأبويا عملك شهادة ميلاد جديدة، وقال إنك بنت ابنه اللي مات، مكنش عاوز حد يعرف إن ابنه كان مدمن وقاتل!، وقدملك على المدرسة بالشهادة اللي معاه، وبعد ما مات كان صعب عليا أغير كل ده وأروح لأهل سيف بعد ١٠ سنين أقول ليهم دي بنت ابنكوا، أنا لو كنت موجود وعارف إن أبويا كان هيعمل كده كنت همنعه بس للأسف أنا نزلت بعد موته، بس  شهادتك الأصليه موجوده معايا، اللي مكتوب فيها اسمك الحقيقي، مريم سيف منير.
بمجرد ما نهى كلمته حسيت إن كل حاجه اسودت قدامي، مش شايفه حد ولا حاسه بحاجه!
معرفش عدى قد إيه، بس مكنتش حابه أفتح عيني تاني وأرجع أواجه الحقيقه من تاني، حقيقة إني طلعت وهم، طلعت مش موجودة!
كُنت رافضة الكلام، أو بمعنى أصح مش قادرة أتكلم!، ماسكة صورتهم بتفرج عليها ودموعي على وشي، ازاي أعيش عمري كله شايله اسم اللي قتل ابويا؟، ازاي هونت عليهم طول المدة دي وأنا مخدوعه؟، الباب أتفتح ودخلت منه مرات عمي، أتجاهلتها ورجعت بصيت للصورة، قعدت على طرف السرير وأتكلمت:
- الحكاية دي ظالمه اوي، ظلمتك وظلمت أمك وأبوكِ، حمايا كان تفكيره وحش، مكنش بيفكر في نواتج أفعاله، ولا إن هيجي يوم وتكتشفي إنك أتخدعتِ في كل حاجه في حياتك، حتى اسمك!
فضلت باصه على الصورة ومردتش عليها، رجعت كملت كلامها
- بس أعتقد إن جه الأوان اللي تروحي تزوري فيه قبر أمك الحقيقي؟
Back
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
مسحت دموعي اللي زادت بعد ما أفتكرت، بعد ما قالت جملتها لبست وجيت أزورها، مكنتش قادرة أتخيل إن أول مرة أروح أزورها فيها هتكون في قبرها!
كانت أول ما ظهرتلي كنت خايفة من وجودها ومش فاهمه كل ده ليه لحد ما أكتشفت الحقيقه، وياريتني ما أكتشفتها ولا دورت وراها، ياريت فضلت طول الوقت معاها، أسمع صوتها، أحضنها، حتى لو كان وهم، بس على الأقلل تبقى موجوده معايا.
حاسه إني خسرت كل حاجه في حياتي، ولا معايا شهادة أعرف أشتغل بيها، ولا بيت أقعد فيه، ولا أي حاجه، بيت!
كانت واقفه ورايا، أتلفت ليها وسألتها:- هو عمي أشتري الشقة اللي إحنا فيها ازاي؟
جاوبت ببساطة - كانت معروضة للبيع وسعرها كويس، بس ليه؟
- الشقه اللي أنتوا قاعدين فيها دي بتاعت أهل سيف، أهل أبويا.
مبانش على وشها الصدمة - طب كويس إنك عارفة.
- وأنتوا كنتوا عارفين؟
- في الأول لأ، بس أنتِ اللي عرفتينا بغبائك، كُنت داخله أصحيكِ من النوم ولاقيت حاجه مرمية تحت السرير، ولما فتحتها شوفت صور سيف ومريم، أستغربت، نزلنا أنا وحازم وعرفنا من البواب إن دي تبقى شقة أهله واللي قدامها شقتهم، وحكالنا قصتهم،  بس فيه حاجه مش فهماها، أنتِ عرفتِ قصتهم منين عشان تيجي تسألينا عليهم؟
رجعت قعدت على الأرض مكاني ورديت من غير ما أبص عليها:- مش لازم أشرحلك كل حاجه.
مشينا بعد العصر، ماشية طول الطريق بفكر هعمل إيه في حياتي، هفضل عايشه مع عمي بعد اللي عرفته؟ فكرت أروح لأهلي بس يا ترى هيصدقوني ولا لأ؟ غمضت عيني وسندت على شباك العربيه، بحاول مفكرش ومش عارفه، فوقت على صوت وقوف العربيه قدام البيت، نزلنا أنا وهي وقبل ما نطلع وقفتها بسؤالي
- ليه كانت معاملتك معايا وحشه كده طول السنين اللي فاتت؟، طالما أنتِ عارفه كل ده ليه سبتيني أعيش معاكوا وأنتِ مش طيقاني؟، مصعبتش عليكِ خالص؟، كُنتِ بتشوفيني بروق بيتك وأغسل المواعين وأنضف أوضة بنتك، طالما أنا تقيله عليكِ كده مارجعتنيش لأهلي ليه؟ 
قربت مني وأتكلمت -  كل اللي شوفتيه ده ميجيش حاجه جمب اللي أنا شوفته، تعرفي يا مريم إن زمان وأنا صغيرة كُنت بشتغل إيه؟ كُنت بشتغل عند أمك، كانت بتطلع عيني وتبهدلني، أستحملت قرفها ودعلها عشان لقمة عيشي، كُنت بقول لنفسي إني هبقى أحسن منها، وبقيت، حازم شافني وأتجوزني وعملنا فرح والناس كلها شافته، مش زي أمك، حطيت إيدي في إيد حازم وكبرنا بعض وعيشنا مرتاحين، ولحد دلوقتي مرتاحه، كفاية إني كل يوم بشوف الشقة اللي النار مسكتها وولعت في مريم معاها.
مسكتها من هدومها وأنا بصرخ فيها - أخرسي، إياك تنطقي بكلمة تانيه على أمي، أنتِ فاهمه!
نفضت إيدي من عليها - اللي شوفتيه مني قليل أوي على اللي حصل معايا، ولعلمك حازم كان يقدر يوديكِ لأهلك وأنتِ صغيرة وكانوا هيصدقوا، أنا اللي رفضت، لما تيجي الفرصة قدامي إني أنتقم من كل اللي مريم عملته فيا أضيعها بإيدي، ده أنا أبقى متخلفه!
مسكت إيدي بقوة  وطلعت على الشقة، وبمجرد ما دخلنا فكيت إيدي عنها، وقبل ما أتكلم نطقت هي:- تاخدي هدومك وماشوفش وشك تاني في البيت ده، أنتِ فاهمه!
- مش من حقك، ده بيت أبويا لو كُنتِ نسيتِ، وحتى لو عمي أشتراه من حقي أقعد فيه.
ضحكت بسخرية - ده كان زمان قبل ما عمك يكتب الشقة بإسمي.
جرتني وراها وهي داخله أوضتي وكملت كلامها:- يا تاخدي هدومك قبل ما يبقى ليا تصرف تاني، وأنتِ عارفه أنا أقدر أعمل إيه.
فضلت متابعاها بنظراتي لحد ما خرجت من الأوضة، قعدت على السرير بغضب وأنا بفكر هعمل إيه، بعد دقايق كُنت بدأت أوضب هدومي، ومكنتش محتاجه وقت كبير لأنهم مكنوش كتير، أخدت ألبومات الصور والمذكرات والبرڤان بتاع سيف، خرجت من الأوضة وكانت قاعدة في الصالون وبتشرب من فنجان القهوة بكل هدوء، وقبل ما أمشي لفت نظري الورق اللي على الترابيزة، وقبل ما أسألها أتكلمت هي:
- دي شهادة ميلادك وعنوان أهلك في الفيوم، روحيلهم وياريت منشوفش وشك تاني، بس تفتكري هيصدقوكِ؟ 
 نهت جملتها وهي بتضحك بسخرية، أخدت الورق وحطيته في الشنطه وخرجت من الشقة، وصلت للمدخل وخرجت من العمارة وقبل ما أخد خطوة كمان وقفت مكاني ومعرفتش هروح فين، قعدت على الرصيف وحطيت الشنطه جمبي وأنا بفكر في مكان أروحه، مليش أصحاب أقعد عندهم ولا أقارب، فتحت الشنطه وعديت الفلوس اللي محوشاهم وكانوا قليلين جدًا وأنا معرفش المشوار من هنا للفيوم هيكلف كام، رجعت حطيتهم مكانهم وبصيت قدامي بإحباط!
قعدت أفكر كتير لحد ما قاطع تفكيري صوت جه من ورايا، صوت مألوف ليا وكأني سمعته قبل كده، بصيت ورايا وكان...
يُتبع...
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
٦ والاخير.
قعدت أفكر كتير لحد ما قاطع تفكيري صوت جه من ورايا، صوت مألوف ليا وكأني سمعته قبل كده، بصيت ورايا وكان البواب، رجع كرر جملته 
- كُنت متأكد إنك بنتهم، مستحيل يبقى مجرد شبه بس.
قومت وأنا ببصله بعدم فهم، ضحك ببساطه ووضح كلامه - من أول يوم جيتوا فيه وأنا كُنت شاكك إنك تقربي حاجه لمريم، الشبه اللي بينك وبينها مش طبيعي وخصوصًا إني كُنت عارف إن مريم قبل ما تموت كانت حامل، ولما حازم بيه والمدام جم سألوني عليهم أتأكد.
- هما قالولك إني أبقى بنتهم؟
- محدش قال حاجه يا بنتي، بس أنا عرفت من اسم حازم بيه إنه يبقى قريب الست مريم، ولما جه اليوم اللي كلهم نزلوا فيه قُلت لنفسي أطلع أحكيلك الحكاية كلها لأن كان باين عليكِ متعرفيش حاجه، وأتفاجأت بيكِ واقفة قدام الشقة بتسألي عليها وساعتها حكيت ليكِ كل حاجه.
أخد شنطتي وكمل كلامه - تعالي يا بنتي أوصلك لأهلك.
اعترضت - حضرتك بتقول إيه، مينفعش، مفيش حد هيعرفني!
ضحك ببساطه - محدش هيعرفك إيه بس، إذا كان أنا لما شوفتك أول مرة قُلت إن أكيد فيه صلة قرابة بينك وبين الست مريم، مابالك بقى من الناس اللي أنتِ من دمهم مش هعرفوكِ ازاي؟
 رديت بإحراج - بس أنا الفلوس اللي معايا مش هتكفي!
- فلوس إيه يا بنتي، ده لو آخر جنيه معايا مش هستخسره فيكِ، ده كفاية إن تبقي بنت الأستاذ سيف الله يرحمه، يلا عشان نمشي قدامنا مشوار طويل.
مشيت معاه وأنا جوايا طاقة غريبه قدر يدخلها جوايا، بعد ما كُنت من ثواني قاعدة بفكر هنام فين وهعيش ازاي، ربنا بعتهولي عشان يعرفني إني أتوكل بحمولي كلها عليه هو بس ومفكرش كتير في أي حاجه لأنه دايما موجود ومش بينسى عبد من عباده.
وصلنا القطر وبعد ما قعدنا في مكانا بدأ يحكيلي عن عيلتي وبعد ما كُنت خايفة من مواجهتهم بقى عندي فضول رهيب إني أشوفهم، بعد ما خلص كلامه نام على الكرسي وأنا طلعت مذكرة من الشنطة وبدأت أقرأ اللي فيها وأنا مُبتسمه، محستش بالوقت غير لما وصلنا، نزلنا من القطر وبدأنا نمشي في طريق البيت، بدأت أتوتر تلقائي وأفكر في رد فعلهم، وبعد ربع ساعة كُنا وصلنا البيت.
كان بيت كبير، حواليه أراضي زراعيه، وباين عليه من برا إنه بيت ريفي قديم، وصلنا لحد باب البيت وخبط عليه، وبعد ثواني أتفتح وظهرت من وراه ست في الأربعينات، ابتسمت بود وقالت:
- ازيك يا سليمان إيه الغيبه دي ومجبتش معاك مراتك والعيال ليه؟
- تتعوض مرة تانيه يا ست أميرة، الحاج منير موجود.
ردت وهي بتوسع لينا عشان ندخل وبتبصلي بإستفهام - آه موجود أتفضل هبلغه بوجودك.
دخلنا وبدأت أكتشف البيت من جوا، كان هادي ويشبه بيوت زمان الدافيه، حسيت بالراحه بمجرد ما دخلته، قعدنا على الكنبة وبدأت أفرك في إيدي بتوتر، شوية ولاقيت رجل كبير داخل علينا، عيونه تشبه عيون سيف، كان باين على وشه الكَبر، سلمان قام يسنده عشان يقعد، قعد على كرسي قدام الكنبه اللي قاعدين عليها، بصلي شويه كأنه بيشبه عليا ومفيش ثواني كان مفتح عينه بصدمه
- مريم!، ده ازاي؟، هي طلعت عايشة يا سلمان؟
- لأ يا حاج هي مريم فعلا، بس مش مريم اللي في دماغك، دي مريم سيف منير، حفيدك.
فضلت قاعدة مكاني متحركتش، براقب تعابير وشه، كان باين عليها الصدمه والذهول، بس مفيش ثواني لاقيته وقف وفتحلي إيده عشان أحضنه، وكأني كُنت مستنيه اللحظه دي من زمان، قومت أترميت في حضنه وقعدنا نعيط إحنا الأتنين، خرجت من حضنه ومسك وشي بإيده 
- حاسس إني بمجرد ما شوفتك إن ابني رجعلي، حضنك ده داواى جراح وتعب كبير جوايا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
خرج صوتي مبحوح من كُتر العياط - إيه مخليك متأكد كده إني حفيدك بعد السنين دي كلها؟
- كفاية إن كل التعب اللي جوايا راح لما شوفتك، نفس شعوري لما كنت بشوف سيف، كان هم الدنيا كله بيروح لما بشوفه.
سلمان أتكلم - أظن كده عملت اللي عليا، أستأذنك يا حاج.
باس إيده ورجع بصلي وكمل كلامه - أنتِ دلوقتي عند أهلك اللي هيحبوكِ بجد، أطمني ومتقلقيش من حاجه، عن إذنكوا.
بعد ما مشي جدي بصلي وقال- تعالي عشان تشوفي جدتك، هتفرح أوي لما تشوفك.
حاوط كتفي بإيده، كأنه بيسند عليا، طلعنا على السلم ووصلنا قدام أوضة قديمة، فتحت الباب ودخلنا، كانت قاعدة على السرير بتقرأ في المصحف والسبحه في إيديها، جدي قعد جمبها على السرير وأنا قعدت قدامها على طرف السرير.
وقفت قراءة ورفعت رأسها تجاهي، بان على تعابير وشها الصدمه، وقبل ما جدي يكلمها ويعرفها عليا، نطقت هي:
- أنتِ بنت سيف، صح؟
حركت رأسي بمعني " نعم " وحضنتها، فضلت تقول كلام مش مفهوم وهي بتحضني، عدا دقايق على الوضع ده وكل واحد في حالة صدمة، حكيت ليهم كل اللي حصل، خلصت كلامي وجدي قال:
- أنا اتصدمت لما وصلي خبر موت مريم، مكنتش عارف أوصلها بعد ما نقلنا هنا، كُنت عاوزها تعيش معانا بس هي رفضت وكانت عاوزة تفضل في شقتها هي وسيف، كنا بنزورها لحد ما عمها خدها من الشقة ومعرفناش طريقهم.
جدتي أتكلمت - أنا كُنت بدعي ربنا إني أحصل ابني ومبقاش في الدنيا، بس بعد دلوقتي بعد ما شوفتك بقى نفسي أعوض كل السنين اللي أتحرمت فيها منك ومن ابني معاكِ.
بوست إيديها - ربنا يطول في عمركوا، أنا مليش غيركوا دلوقتي، هنعيش سوا وهنعوض كل حاجه فاتتنا في أيامنا الجايه، هفضل معاكوا ومش هسيبكوا أبدًا.
خلصت جملتي وحضنتها، لما بحضنها بحس بدفى غريب، كُنت بدور على الأمان بقالي سنين وملقتهوش غير هنا، في حضنهم!
قضينا ليلتنا كلها قاعدين على السرير إحنا التلاته ومش مبطلين كلام، قعدت في النص ما بينهم وقعدوا يحكولي عن حياتهم زمان، إزاي أتقابلوا، والدنيا كانت حلوة زمان، وعن فرحتهم يوم جواز سيف بمريم، وعن كسرة قلبهم يوم ما وصلهم خبر موته!
طلعت الشمس وبدأت معاها حكاية جديدة، حكاية هتمحي كل الذكريات اللي فاتت وتبدأ بذكريات جديدة، ذكريات أنا اللي هعملها، مش هسمح لحد إنه يكون سبب في أي شيء يضرني من تاني.
عدت سنة على وجودي معاهم، سنة ومحستش ولا مرة فيها إني غريبه في وسطهم، سنة وأنا بحاول أطور من نفسي ومن حياتي، سنة وعمي اللي عشت معاه عمري كله مفكرش إنه يسأل عني ولا يعرف أنا عايشه فين، سنة وأنا بدير شغل جدي وأقضي الليل مع تيته وكوباية الشاي وتبدأ  تحكيلي نفس الحكايات اللي بنقولها كل مرة بس ولا مرة ملينا منها، وبدل ما كُنت بكره نفسي وبكره شخصيتي، بقيت أحب نفسي، لأني أستاهل إني أتحب.
كُنت نازلة أقعد مع تيته، بس وقفت لما شوفت صورة سيف ومريم وهي متعلقه على الحيطه، وقفت ثواني أتأملهم، جت نسمة هوا لطيفة طيرت شعري معاها، غمضت عيني وأنا حاسه  بوجودهم حواليا، شامه ريحة البرفيوم بتاع سيف، فتحت عيني وقربت من الصورة وأنا بحرك إيدي عليها
- كُنت بمتنى حياة غير اللي عيشتها، كُنت بتمنى إني أكون وسطكوا وتكونوا موجودين، كان نفسي أجرب شعور  إني يبقى عندي أم من وأنا صغيرة وتنزل تجبلي هدومي وتاخدني في حضنها، كان نفسي تبقى موجود ولجألك في مشاكلي عشان نحلها سوا وفحزني عشان تخفف عني.
مسحت دمعة نزلت من عيني وكملت - بس لولاكوا أنا كان زماني في نفس حياتي القديمة، لولا ظهركوا في حياتي كان زماني لسه بخدم مرات عمي وبلبس لبس ميار القديم، أنتوا غيرتوا حياتي حتى وأنتوا مش موجودين فيها!
أتنهدت وكملت كلامي - بس أوعدكم إني هغير من نفسي أكتر أنا هفضل أطور من نفسي لحد ما يجي اليوم  اللي أحس فيه  إنكم فخورين بيا،  بس أنا حاسه أنكوا حواليا، حاسه بفرحتكوا بيا وأنا بنجح في حياتي، حاسه بدعمكوا وأنتوا مش موجودين..
سمعت تيته بتنده عليا عشان أتأخرت عليها، بصيت على الصورة نظرة أخيرة وابتسمت برضا  - عوض ربنا جميل، وأنا ربنا عوضني بحياة جديدة، حياة أستاهلها وتستاهل قلبي، وعوضني بناس بيقدمولي الحنيه من غير مقابل، بتمنى يفضلوا موجودين وتفضل حنيتهم موجوده.
تمت.

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا