رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن 8 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن 8 هى رواية من كتابة سعاد محمد سلامة رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن 8 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن 8 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن 8
رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن 8
قبل وقت قليل
بمنزل كوثر (خالة طوفان)
تلك الصبية التى لا تُصدق ما تراه عينيها عبر شاشة الهاتف، لأكثر من مره تتمعن فى النتيجة التى أكدتها لها أختيها، رغم أنها طوال سنوات الدراسة كانت متفوقة، لكن مع ذلك دائمًا ما يراودها القلق، ضمتها أختيها بمحبة وفرح، وهرعن الى والدهن يُبشران الذي خرح من غرفة النوم، تبسم لهن وهن يقفان جواره قالت إحداهن وهي ترفع الهاتف نحو وجهه:
شوف يا بابا نتيجة الثانوية نزلت على موقع الوزارة عالنت وسُجى طلعت الأولى على محافظة المنيا مش بس كده مجموعها ده أكيد هتبقى من أوائل الجمهورية كمان.
نظر نحو سُجى يشعر بفخر وهو يفرد يديه لها…إبتسمت بسعادة بالغة فى قلبها وهي تقترب منه وهو يضمها يُقبل راسهابسعادة وفخر… قائلًا:
ربنا مضيعش تعبك فى المُذاكرة.
اومأت ببسمه قائلة:
الحمدلله يا بابا أنت ساعدتني كتير فى الدروس اللى كنت باخدها كمان لما كنت بسهر كنت بتصحي تحضرلى أكل وكمان مشروبات سُخن وساقع… أنا نفسي أدخل كلية الطب.
إبتسمت إحد أختيها قائلة:
المجموع ده يدخلك طب القاهرة.
إبتسمت سُجى قائله:
لاء هدخل كلية الطب هنا، القاهرة بعيد وتكاليف ومصاريف الإقامة هناك هتبقي كتير،كفاية مصاريف الجامعة نفسها كتير،كمان إنتم الإتنين خلاص داخلين الثانوي بابا محتاج كنز مغارة على بابا.
ضحكن الثلاث،بينما ضمهن والدهن قائلًا:
مش مهم المصاريف، المهم إنك حققتي حلمك، وأنا هفضل جنبك لحد ما توصلي لكل اللي نفسك فيه… بعدين أنتم عندي أغلى من أي كنز.
امتلأت عينا سُجى بالامتنان، وعاهدت نفسها ألا تخذله أبدًا.. كذالك إبتسمن أختيها وشاغبت إحداهن بمرح:
يعني يا بابا مش نفسك فى ولد.
هز رأسه بنفي قائلًا:
لاء انا مبسوط بيكم وكمان بسببكم هضمن مكان فى الجنة، يعني جنة عالأرض وجنة فى السما.
إبتسمن لكن سُرعان ما خفتت بسمتهن حين سمعن إستهزاء والدتهن بسخرية قائلة:
كنز، وجنة… بلاش مبالغة ومالكم كده إيه سبب الهيصه دى عالصبح.
تحدثت إحداهن:
سُجى يا ماما نتيجة الثانوية نزلت عالنت وطلعت الاولي.
إستهزأت بقولها وكل ده عشان طلعت الأولى فى الثانوية، وبعدين ما لازم تطلع الاولى بعد المصاريف اللى صرفناها عليها.
شعرت سُجى بوخز قوي فى قلبها لكن ردت عنها إحد أختيها:
ما ريان إبن خالي كمان صرف أضعاف مصاريف سُجى ده كان بيجيله مدرسين مخصوص الدار وفى الآخر حتى مجموعه من مكمل ستين فى الميه، هيدخل بيهم كلية إيه، الأحسن يعيد السنة، يمكن التكرار يعلم الحمار ومجموعه يتحسن شوية.
نظرت لها كوثر بسخط قائلة بإستقلال:
ريان لو عاوز يدخل طب فلوس عزمي أخويا تدخله طب خاص.
تهكمت إحد إبنتيها قائلة:
الطب الخاص بيأخد اقل مجموع تمانين فى الميه، يعني حتى فلوس خالي مش هتنفع معاه… مش كل حاجه حلها الفلوس
نظرت لها كوثر بضيق قائلة بنبرة حادة:
إنتِ مش فاهمة حاجة، المال اوقات كتير بيكون هو الحل.. وبعدين بطلوا رغي كتير وهيصه وروحوا حضروا الفطار، عشان أبجي أروح أبارك لـ واد خالك.
نظروا لها بإستياء بالأخض زيدان الذي لام عليها وهو يرا إنسحاب سُجى ومن خلفها أختيها قائلًا بعتاب حاد:
يعني تستخسري تباركِ لبنتك وتجولى لها كلمة مبروك، وهتروحي حدا دار عزمي عشان تباركِ لواد أخوكِ، فوجي يا كوثر كسرك لخاطر بِتك مش هيحنن قلب أخوكِ، جبر خاطر بنتك أولى وهي اللى هتنفعك، أنا فاهمك يا كوثر، بس إفتكري اللى حصل مع “وجدان ونوح” زمان سهل يتكرر بينا، ومش معني سكوتي إنى خايف من طلاق بِت عيلة مهران أنا خوفي كله على بناتي اللى إنتِ مش عارفه جيمتهم، خايف تفوجي بعد فوات الآوان، ولآخر مره هجولك
توقفت كلماته في حلقه، عيناه كانتا مشدودتين إلى ملامحها التي لم تتحرك، لم ترمش حتى، وكأنها حجرت أمامه، لا تنوي أن تتراجع، لا تنوي أن تعترف حتى بالخطأ
تنهد بضيق ومسح على وجهه بكفه، ثم أكمل بصوت أكثر هدوءًا لكنه لم يخلُ من الحدة:
كوثر،.. انا مش بجولك غير كلمة حق، كلمة لازم تفكري فيها قبل ما تخسري بنتك للأبد… وجدان دفعت تمن جوازها من ” نوح “غالي، إنتِ كنتِ شاهدة على ده، وعارفة إن الندم عمره ما رجع اللي راح، ولا جبر اللي انكسر.
وقف في مكانه للحظات، يراقبها بعينين تحملان مزيجًا من الأسف والإحباط، لكنها ظلت صامتة، لم ترد، لم تمنحه حتى نظرة اعتراف بسيطة.
هز رأسه بيأس، واستدار ليغادر، لكنه توقف عند الباب، ثم قال بصوت منخفض لكنه نفذ إلى أعماقها:
لما تلاقي بنتك بتبعد عنك، لما تحسي إنها بقت غريبة عليكِ، ساعتها هتعرفي إن الكلام اللي رفضتيه النهارده… كان الحقيقة الوحيدة اللي كان لازم تسمعيها.
قال ذلك ثم غادر تاركًا كوثر وحدها مع أفكارها التي تتصارع في داخلها،لكن أصمت عقلها عن قسوة ما عاشته أختها بالماضي مع زواجها صاحب السطوة الطاغية التى كانت تتمناها هي،تهكمت بسخريه وحدثت نفسها:
وجدان طول عمرها محظوظه بس هي إكده بتحب تبان إنها ضحية عشان تخزي العين عنها،وأهو طوفان ولدها بجي كبير العيله كلياتها والآمر الناهي،وهي بجيت لها جيمة (قيمة) على حسه
هتعوز أكتر من إكده إيه.
❈-❈-❈
بمنزل دُرة
تقابلت دُرة مع كريمان عند نهاية سلّم البيت الداخلي، فابتسمت لها وهي تُغلق الهاتف وسألتها بنبرة صباحية هادئة:
صباح الخير يا ماما… تيتا وصلت القاهرة ولا لسه.
تنهدت كريمان وقالت بهدوء:
أيوه، وصلوا حالًا البيت. على فكرة، نسيت أسألك إمبارح… إنتي وخالك اختفيتوا من بدري ورجعتوا مع بعض. كنتم فين.
ضحكت دُرة بخفة وردّت:
طب ما سألتيش خالو.
كريمان تأففت ولكزتها بكتفها:
نسيت وبلاش لف ودوران وقولي كنتم فين.
تظاهرت دُرة بالألم وهي تمسك كتفها:
آه يا كتفي، اتخلع… هقولك من غير ملاوعة… روحنا السجل المدني، عملت توكيل لخالو علشان يبيع شقة القاهرة.
اتسعت عينا كريمان بدهشة:
وهتبيعها ليه… خليها لما ننزل القاهرة نقعد فيها.
صمتت لحظات ثم تحدثت:
وفيها إيه لما نبقي نقعد فى بيت تيتا.
عارضتها كريمان:
مفيهاش حاجه، بس إنتِ ليه عاوزه تبيعي الشقة إنتِ مش محتاجة لتمنها فى حاجه.
تحججت بكذب:
أيوه محتاجة تمنها.
سألتها بإستفسار:
ومحتاجة تمنها فى إيه.
أجابتها بكذب:
خلاص هستقر هنا… بفكر أفتح عيادة أو مركز طبي خاص بالعيون فى مكان كويس هنا فى المنيا وقدامي كذا مكان هاخد الأفضل فيهم…عشان كده هبيع شقة القاهرة،ملهاش لازمة.
لم تنتظر وحايدت كريمان كى تستكمل سيرها،لكن قاطعتها كريمان سائلة:
إنتِ خارجة،رايحة فين مش النهاردة أجازتك.
اجابتها ببساطة:
أيوة،بس قررت أخرج أتمشى شوية فى البلد.
إستغربت كريمان قائلة:
تتمشي فى البلد ليه.
اجابتها وهي تستكمل سيرها:
هتفرج التطور اللى بقي هنا فى البلد،مش هغيب.
قبل ان تعترض كريمان كانت دُرة خرجت من باب المنزل،تنهدت بعُمق وقلة حيلة مصحوبة بقلق.
❈-❈-❈
بمنزل طوفان
بغرفة وجدان،
أثناء وضعها لبعض الثياب بخزانة الملابس وقع بصرها على ذلك المُجلد ذو الجلد الملون، خفق قلبها وجذبته وذهبت نحو إحد المقاعد جلست عليه، وبدأت بفتح ذلك المُجلد تبسمت حين وقع بصرها على تلك الصور الفوتوغرافية الموجودة بين صفحات ذلك المُجلد، بدأت تطوي صفحة خلف أخرى وذكريات تلك الصور تعود بعقلها تبتسم تارة وتشعر بحنين وتارة تدمع عينيها، تلك الصور مثل توثيق لمراحل مرت بحياتها، لكن تلك الصورة التى تحمل فيها طوفان وهو بعُمر العام والنصف تقريبًا لها ذكرى خاصة ذلك اليوم ظنت أنها تحررت من إعصار كاد أن يُنهي حياتها، تذكرت جيدًا ذلك اليوم وقع الطلاق بينها وبين “نوح”
بعد مناوشات وأضغاث عاشت بها معه إختارت النجاة بحياتها وحياة صغيرها، تدمعت عينيها وهي تتذكر أن تلك الراحة لم تكُن سوا وقت قصير، هروب مؤقت من قدر ربما هو ما شكل شخصية أخرى لـ طوفان لم يرث تلك القسوة والجحود اللذان كانا يتملكان في قلب والده حاولت أن تمنحه الحب والحنان ليعوضا ما افتقده من دفء الأبوة، لكنها كانت تدرك أن بعض الندوب لا تُشفى بالاحتواء وحده… مرت بأناملها على ملامحه الصغيرة في الصورة، كان يبتسم بعفوية، عيناه مشرقتان لم تعرفا الحزن بعد.. زفرت بحرقة، وكأنها تحاول طرد الذكرى التي اجتاحت عقلها دون استئذان… تذكرت آخر مواجهة مع نوح قبل الطلاق، حين تحولت المشاحنات إلى إعصار من الكلمات القاسية، لم تعد تذكر كل التفاصيل، لكن صوته الجاف ونظرته التي تجردت من أي شعور لا تزال محفورة في ذهنها.
قبل أن تتوغل منها تلك الذكريات البائسة، سمعت تلك الأصوات العالية الدالة على الأفراح، إنتباها الفضول وتلك الأصوات تقترب من المنزل بل ربما بالمنزل
أغلقت المجلد ببطء، كأنها تخشى أن تهرب الذكريات من بين صفحاته، ثم نهضت وتوجهت نحو النافذة،بالفعل تلك الاصوات بمنزل عزمي، تحير عقلها عن السبب لكن سُرعان ما رأت وليد الذي يحمله بعض الرجال فوق الاعناق، خفق قلبها بقلق عارم دون سبب، سريعًا ذهبت نحو باب الغرفة لابد أن تنتهي تلك المظاهر الإستفزازية.
❈-❈-❈
صدفة أو قدر سيء تقابلت دُرة مع أخيها الذي توقف بالسيارة حين رأها تسير، توجهت نحوه تبتسم سائلة:
جاي منين.
أجابها:
كنت بشوف مشتل عند الدكتور بتاعي فى الجامعة، وإنتِ جايه منين؟.
أجابته:
كنت بتمشي فى البلد.
إبتسم لها قائلًا:
طب كفاية مشي كده الجو حر وإنتِ وشك بدأ يحمر زي الطمطماية.
تبسمت له قائلة:
طب قول زي التفاحة.
ضحك وهي تتوجه للناحية الأخري، صعدت الى السيارة، عاود باسل القيادة مره أخري، لكن أثناء ذلك، رأوا تجمُع للاهالى كذالك أصوات مزامير وأغاني وتهليلات، سألت باسل:
إيه سبب تجمُع الاهالي ده.
أجابها بعدم معرفة:
معرفش يمكن شوار عروسة… هنمر عليهم حالًا نعرف.
لحظات وجحظت عيني باسل وهو ينظر نحو دُرة بذهول وهما يشاهدان حمل إثنين من الرجال لذلك المُجرم،فكر باسل بالعودة،لكن لم يلحق،فتحت دُرة باب السيارة وترجلت منها تقطع ذلك التجمُع وخلفها باسل يحاول جذبها من وسط الزحام، لكن هيهات، دخلت خلف وليد الذي وصل الى بهو منزل عزمي…
رأت عزمي يضع سلاح فوق إحد الطاولات الصغيرة، لم يراها بل تفاجئ بها حين وقفت خلفه مباشرةً…
بنفس الوقت دخل باسل وخلفه حاتم، وآخرهم كان طوفان، الذي جحظت عيناه وهو يرا ذاك السلاح بيد دُرة تتجه نحو وليد
بلحظة كانت تُشهر السلاح نحوه
خطأ منها كان الإنتظار، لكن تلك النظرة الراهبة بعيني وليد كافية وهو ينظر لها بذُعر يود الفرار من أمامها او الافضل الإختفاء
هرع خلف والده يكاد يتوقف قلبه، بينما نظر عزمي الى بعض الرجال فهموا نظرته كادوا يقتربون من دُره لكن أوقفهم طوفان بأمر:
محدش يقرب منها.
توقف الرجال، بنفس الوقت دخلت وجدان ومعها شُكرية كذالك جود
وقف الجميع مُتأهبًا، إزدرد طوفان ريقه ونظر نحو دُرة يقترب بخطوات بطيئة قائلًا:
دُرة هاتي السلاح بلاش…
قطاعته بعصبيه:
بلاش إيه، جاي تشارك فى الإحتفال بخروج مجرم… كنت إنت اللى موالس معاه من البداية.
هز رأسه بنفي وكاد يتحدث، لكن هي رفعت السلاح نحو ساميه التى تقترب منها بشر وكادت تتحدث لكن نظرة عين طوفان جعلتها تصمت وتجنبت بعيد عن دُرة، كذالك رهبتها من أن تندفع دُرة وتطلق الرصاص، عاود طوفان يتحدث برجاء، لكن دُرة لا ترا أمامها سوا قاتل مذعور تتلذذ بذلك قبل أن تندفع وتفتح صمام الأمان الذي كان بمثابة ناقوس مُدمر مُدوي فى المكان، بنفس الوقت بخطأ تنحي عزمي عن وليد، لكن لإقتراب طوفان جذبه لخطوه قريبه منه نظرت له بغضب وإندفاع قائلة:
مُصر تأكد إنك موالس وبتحمي المجرم.
ركز عيناه على يدها التى رأي رعشتهن فى البدايه وتفوه بصدق:
مُصر أحميكِ إنت يا دُرة، إنتِ أغلي شيء عندي.
تهكمت بضحكة سُخرية موجعة وعاندت قائلة:
خاين وكداب، إبعد من قدامي مش هتردد لحظة وهتكون أول رصاصة من نصيبك .
تنهد طوفان وبحسم جذب وليد أصبح هو أمامها مباشرةً ينظر الى ظلام عينيها الذي يرا بهن إنعكاس صورة روحهُ المُتخبطة بين الرغبة والرهبة ليس خوفً منها، بل خوفً عليها، نظرة عيناه كأنها تحذير منه، لم تُبالي بذلك وضغطت على ذلك السلاح الذي بيدها وبثبات وضعت يدها الأخري تُثبت يديها فوق السلاح فوهته متوجهه نحوه مباشرةً، لم تُبالي، ولحظة وأخرى وكان القرار سهلًا عليها وهي تضغط على الزيناد، وطلقة خلف أخري وأخرى ثالثة، من الرصاصة الأولى أصابت صدر طوفان الذي إرتج جسدهُ للخلف ينخفض جسده غصبًا،
والرصاصة الثانية أصابت كتفه قبل أن ينخفض أكثر جاثيًا بين يدي والدته التي تبكي بحسرة، بنفس الوقت الرصاصة الثالثة أصابت كتف وليد، الذي صرخ بهلع، لكن لسوء الحظ حاولت إطلاق الرابعة لكن إنتهت خزنة السلاح، تعصبت بشدة، بينما هو عيناه مُنصبة عليها متحدثً بقوة الألم بوعيد:
لو إنكتب لي عُمر هتكوني ملكي وهتقلعي الأسود.
نظرت له بـابتسامة باهتة تحمل مزيجًا من الانتصار والوجع، وتحدثت بصوت ثابت رغم الاضطراب الذي يعصف بقلبها:
لو انكتب لك عمر،هصبغ جلدي بالأسود
ومش هيكون لك مكان ولا قيمة .. الأسود مش لون.. ده لون النهاية، ونهايتك أنت اللي اخترتها.
راقبته وهو ينهار ببطء بين يدي والدته، نظراته لا تزال متشبثة بها، كأنه يتحدى مصيرهما حتى اللحظة الأخيرة!. لكنها لم تتراجع، لم تشعر بأي ندم… أو هذا ما حاولت إقناع نفسها به… تلونت الأرض بالدماء لم تكن مجرد دماءه … بل دماء كل الذكريات القليلة… ذكريات حكاية لم تبدأ بعد… مازالت بمهدها، يلعق شفتاه كآنه ينتعش بشعور مذاق قُبلته لها المُحرمة
ونظرات أعين إحداها ألم بثقة ويقين…
يُقابلها نظرة حجود بكراهية موقوتة.
إندفع عزمي بغضب نحوها كذالك سامية، لكن عاود طوفان الحديث بألم:
ماما دُرة أمانتك لو صابها خدش هنسي إني من عيلة مهران وتارهم هيبقي معايا.
تراجع عزمي كذالك سامية، بينما صرخت وجدان بهلع على بعض الرجال:
إنتم واجفين تتفرجوا، إطلبوا الاسعاف بسرعة، لاه هاتوا العربيه بسرعة لازمً نتصرف طوفان مستحيل يضيع مني.
بعد وقت بأحد المشافي الخاصة أمام غرفة العمليات… كانت وجدان وجدان ومعها جود عزمي الذي جاء يتفوه بغضب:
البِت دي لازمً تتجتل، دي دخلت دارنا وعلمت علينا.
نظرت له بغضب قائلة بحسم:
اللى قاله طوفان هو اللى هيتنفذ.
إعترض عزمي بتحريض:
إزاي مش شايفه اللى عملته،ولدك شكله عشجانها(عشقان).
نظرت له بغضب صارم:
روح شوف ولدك الدكتور طلع له الرصاصة ولا لسه.
فهم من ردها إصرارها غادر المكان بغضب بينما ظلت وجدان تشعر بإنسحاب فى قلبها وهي تنتظر خروج الاطباء، حاولت التماسُك كعادتها لم تكُن ضعيفة، رغم رقة قلبها الذي ظنت أنه زاد صلابة منذ أن قبلت بالعودة للزواج من والد طوفان للـ المرة الثانية.
……..
ليلة مرت على الجميع صعبة للغاية، بعد أن طلبت الشرطة من وجدان تسليم دُرة، وافقت لهدف إبعادها عن عزمي وزوجته، حتى تعلم قصتها مع طوفان، كيف كان يُخفي كل ذلك العشق بقلبه، فهمت الآن سبب إعتراضه حين كانت تطلب منه الزواج، بقاؤه بالقاهرة لفترات طويلة، لكن لما لم يطلب الزواج منها… تذكرت انها كانت مخطوبة، ربما كان ذلك هو السبب…أو أحد الأسباب..شعرت بالعذاب فى قلبها طوفان عاني من عذاب العشق وهي لم تكُن على دراية بذلك.
❈-❈-❈
بعد مرور يومين
بالمشفي، بالكاد استطرد طوفان بعضً من صحته، كان صوته واهن ونظراته تائهة، لكن أول ما نطق به كان سؤالاً مختنقًا:
دُرة… فين دُرة.
نظرت له وجدان بعينين تغشاهما دموع الألم والخوف، وضمت كفه المرتجف بين يديها وقالت برقة مُطمئنة:
بخير يا طوفان… في أمان، سلمتها للـ الشرطة … سلمتها عشان أبعدها عن عزمي، بس متجلجش أنا خابرة عزمي ومرته، وعشان كده حذرت الظابط إن لو صابها مكروه إنت اللى هتتصرف معاه.
هزّ رأسه ببطء، لم يعرف إن كان الوجع في صدره من الجرح… أم من القلق على دُرة وهي بالسجن قد يُصيبها أزمة التنفُس.
احتبست وجدان دموعها بصعوبة وهي تمسح على جبينه سائله:
ليه ماقولتش، إنك عاشج(عاشق)
غمض عينيه بشوق موجوع
صمت خيم بينهما، تكسّره فقط دقات جهاز القلب… الذي يكتوي من قسوة العذاب.
❈-❈-❈
بمنزل عزمي
تلك الآنانيه وقفت تتحدث بغضب:
طبعًا وجدان سلمتها للشرطة عشان تبعدها، لو فضلت جدامي كنت مزعت چتتها ورميتها لكلاب السكك.
نظر لها عزمي قائلًا:
إحمدي ربنا ولدك بخير، وأها الجضيه إتقلبت لصالحنا، وبالتوكيد هيتحكم عليها، باقوال الشهود ده جتل متعمد، كمان سهل الفق لها تهمة سرجة(سرقة) سلاحي.
تهكمت ساميه باستهزاء قائلة:
شكلك مشوفتش نظرة عين طوفان ولا سمعت حديته، واد أختك عاشجها، ومتوكدة هيعمل أي شئ عشان يطلعها من الجضية.
نظر لها لاول مره يُلاحظ وهو يعاود حديث طوفان الأخير بالتوعد لأي أحد يتعامل معها بسوء، لكن لم يهتم وعليه التفكير والتسرُع فى التنفيذ دون تردُد.
❈-❈-❈
بمركز الشرطة
دلفت دُرة الى إحد الغرف،جلست على أحد المقاعد وبالمقعد المقابل لها جلس المحامي الخاص بها،تنحنح ثم تفوه قائلًا:
طوفان بيه كلمني وطلب …
قاطعته بسخريه وإستهزاء :
هو لسه عايش، كويس، وياترا طلب منك إيه بقي…
توقفت للحظات ثم عادت
للتهكم قائلة بتوقع:
أكيد طبعًا هيساوم، بس أسمع منك هو طلب إيه.