رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل التاسع 9 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل التاسع 9 هى رواية من كتابة سعاد محمد سلامة رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل التاسع 9 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل التاسع 9 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل التاسع 9
رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل التاسع 9
بالمشفى
بإحد الغرف الخاصة
فتح عزمي الباب ودلف نظر بإستهزاء لـزوجته قائلًا بنزق:
بتأكليه بإيدك ليه، الرصاصة كانت فى كتفه، يعني يعرف يوكل نفسه بنفسه ولا هو دلع مرئ.
حدقت به سامية بجمود، ورفعت حاجبها بسخرية خافتة، ثم قالت بهدوء بنبرة تهكمًا:
يمكن إيده ما بتوجعوش، بس قلبه محتاج حد يطبطب عليه… وأنا بطبطب، عندك مانع… يضايجك فى إيه، مش كفاية الشهور اللى فاتت كان بعيد عني، النوم كان بيطير من عيني وأنا جلبي خايف عليه من المچرمين اللي كان معاهم، كُمان لما إتصاب فى الأحداث.
نبرتها الصلبة جعلت عزمي كاد يتهكم ساخرًا، لكن دخول تلك المُمرضة للغرفه جعله يصمت مؤقتًا، بينما تفوهت المُمرضة بعملية:
جاية أغير للبيه على الجرح.
أومأت لها سامية ببسمة ونهضت قائلة:
جلبي مش بيتحمل اشوف جرح جدامي هطلع بره لحد ما تخلصي…
بينما إستهزأ عزمي من ذلك بعقله يسخر من تلك المُدعية التى تدّعي الرقة، وهو يعلم تمامًا كم من القسوة تختبئ خلف تلك الابتسامة الوديعة. تمتم بينه وبين نفسه ساخرًا:
جلِبها… ده لو ليها جلب أصلًا كان زمانه رقّ من بدري
ثم استند بظهره إلى الحائط، متظاهرًا باللامبالاة، بينما عيناه تراقبان أدقّ التفاصيل وتلك المُمرضة تقوم بعملها بمهنية لاحظ نية وليد فى التحرُش بالمُمرضة التى تعمدت الضغط بقوة فوق جرح وليد الذي جعله يتأوه غضبً، لم يهتم بذلك، بل إبتسم…. بينما وليد شعر بالألم يتصاعد في صدره أكثر من الجرح نفسه، فقد فهِم أن الممرضة فعلتها عمدًا، وأنها قرأت ما دار في عينيه… عضّ على شفته السفلى يحاول كبح اندفاعه، لكن تعمد المزح بسخافة:
إنتِ بتغيري لى عالجرح ولا تنتقمي… خفي إيدك شوية.
تعمدت المُمرضة الضغط أكثر قاىلة بنبرة جمود تحاول تذويقها:
معليش حركتك الكتير هي السبب عالعموم أنا خلاص خلصت يادوب هلزق اللزق فوق الشاش… وكمان عرفت من الدكتور أنه كتب لك على خروج من المستشفى حمدالله على سلامتك.
زفر وليد نفسه بضجر كآنه لا يود الخروج من المشفي بينما المُمرضة شعرت بالمقت من نظرات ذلك الحقير وكذالك تحرُشاته السابقة، رغم صدها له، لكنه حقير… لا يحترم أنها تقترب من عُمر والدته، تذكرت طريقة والدته المتعاليه بالحديث، ايقنت انها هي السبب الأول بسوء أخلاقه، كذالك والده الذى يقف جانبً بداخلها ودت البصق عليهم جميعًا.
غادرت المُمرضة الغرفه، عادت سامية الى الغرفة بنفس الوقت صدح صوت رنين هاتف عزمي، أخرجه من جيبه ونظر الى الشاشة، بنفس اللحظة تفوهت سامية بسخط:
مش ترد على اللى بيتصل عليك.
نظر لها بنزق قائلًا:
دي وجدان.
تهكمت سامية ببرود وهي ترفع حاجبها:
آه طبعًا، وجدان… الست المصونة اللي مافيش حاجة بتكسر خاطرها،مش ولدها رجع للوعي، رُد شوفها عاوزه إيه..رُد يمكن تكون جلبها حَن وعاوزة تطمن على ولدك.
أطلق عزمي زفيرًا غاضبً، ثم قام بالرد ليسمع صوت وجدان الأمر:
طوفان عاوزة تچي له المستشفي فى أمر مهم.
أجابها بسؤال:
أنا إهنه بالمستشفي، خير.
ردت بهدوء:
خير أنا معرفش عاوزك ليه، لما تچي هتعرف، وسلم لى على وليد ربنا يشفيه.
-آمين ويشفي طوفان عشر دقايق وأكون عندكم فى الأوضة.
أغلق الهاتف نظر نحو سامية التي مصمصت شفتيها بسخريه ثم قالت بآستهزاء:
روح شوف عاوز إيه، بلاش تتأخر يمكن هيجولك وصيته الأخيرة.
نظر لها بمقت ثم غادر صامتً، بينما هي تشتعل غيظً، نظر لها وليد بإستفسار سائلًا:
تفتكري طوفان عاوز أبوي فى إيه وهو بالحالة دي يادوب فاق.
زفرت بغضب قائلة:
ياريته كان مات وإرتاحنا، أنا مش هنساله إنه سلمك للبوليس، ولا دفاعه عن الحقيرة اللى كانت عاوزه تجتلك..شكله عاشجها.
تذكر وليد ما حدث لكن لمعت عيناه بخباثة:
بصراحه هي حلوة… لاه حلوة أوي تستحق يعشقها،كانت فين دي من زمان،هي البنات الحلوة اللى زي دي دايمًا يهجوا على مصر.
نظرت له بسخط وقامت بصفعه على كتفه المُصاب…تآلم بشدة ونظر لها قبل أن يتحدث بوخته قائلة بتحذير:
لا حلوة وياريتها تغور من إهنه، وإنت كمان كفاياك رمرمة على البنات والحريم
كفايه اللى حُصل بسبب “بِت مسعود بدران”
بسببها إتحبست ست شهور فى الإحداثية بين عيال المجاطيع (المقاطيع).
نظر لها بعينين خبيثتين وبداخله يزدرد ريقة حين عادت تلك الفتاة الى مُخيلته…سال لُعابه.
❈-❈-❈
بمنزل والدة دُرة
بقهرت قلب نظرت الى باسل الذي يقترب منها قائلًا:
المحامي سبقنا عالمركز، لو جاهزة خلينا نمشي.
اومأت له قائلة:.
جهزت لها كام صنف أكل،كمان إفتكرت جهاز التنفس… كنت متأكدة من يوم ما قالت راجعه هنا تاني ان فى دماغها شر، دلوقتي عزمي وإبنه أكيد ما هيصدقوا طبعًا، ومش هحتاج يشتري شهادة الشهود، كان عالملأ ودُرة مفكرتش…أو بالأصح دُرة اوقات بتفقد عقلها ويتحكم عصبيتها فيها،وهما إستغلوا ده بالإستفزاز.
تنهد باسل بآسف، لكن سُرعان ما تذكر طوفان وكلامه، نظر لـ كريمان قائلًا:
طوفان مش كان وكيل نيابة سابق عندي شك شبه يقين إنه مش هيتهم دُرة، وكمان ممكن يأثر على عزمي والتافه إبنه المجرم.
تنهدت كريمان بأمل قائلة بتمني:
يااريت،كفاية كلام خلينا نتكلم فى الطريق عشان وقت الزيارة.
❈-❈-❈
بمركز الشرطة
استكملت دُرة تهكمها الساخر قائلة:
مفيش مانع أسمع رسالة طوفان بيه،إشجيني.
إبتلع المحامي ريقه ثم أخرج من حقيبته الخاصة حقيبة ورقية صغيرة قائلًا:
إتفضلي.
إستغربت دُرة وضيقت بين حاجبيها وهي تأخذ تلك الحقيبة بفضول لمعرفة محتوى تلك الحقيبه قائلة:
أما أشوف رسالة إيه اللى فى الكيس الملفوف لافة هدايا ده.
فتحت الحقيبة الورقية سُرعان ما إندهشت وهي ترفع يدها قائلة:
موبايل…ويا ترا إيه تاني فى الكيس.
مدت يدها جذبت علبة ورقية صغيرة سُرعان ما عرفت محتواه شعرت بضجر قائلة:
بخاخة أوكسجين كمان، يا ترا في لسه فى الكيس حاجة كمان أما أشوف.
وضعت يدها تنظر بداخل الحقيبة وجدت مُغلف ورقي صغير، جذبته بإستهزاء قائله:
أكيد كلمة الإهداء فى الظرف ده، هفتحه بس فضول مش أكتر…
فتحت المُغلف ثم فردت تلك الورقة المطوية قبل أن تقراها إستهزات قائلة:
شوفت الإستخسار ورقة كراسة مش المفروض تبقي ورقة ملونة أو مكتوبة بماية الدهب عالعموم هقراها برضوا.
توقفت للحظة ثم قراتها:
“دُرة… الموبايل ده فيه خط وعليه رصيد هراسلك عليه، عشان نتفق عالكلام اللى هتقوليه فى النيابة بكره.
تهكمت ساخرة وقطعت الورقة، نظر لها المحامي بتوتر، لحظات وصدح رنين هاتف المحامي، أخرجه من جيبه ونظر للشاشة ثم لـ دُرة قائلًا:
ده طوفان بيه هرد عليه.
أومأت رأسها بلا مبالاة، لحظات ومد المحامي يده بالهاتف نحوها قائلًا:
طوفان بيه عاوز يكلمك.
رفضت فى البداية لكن ظلت يد المحامي ممدودة غصبً أخذت الهاتف، لتسمع صوت طوفان الواضح عليه الوهن والمرض قائلًا:
دُرة بلاش عِناد وإسمعيني لازم نتفق على ألأقوال اللى هتقوليها بكره فى النيابة، دي قضية شروع فى قتل.
بعصبيه اجابته:
لاء دي مش شروع فى قتل، دي قضية قتل مُتعمد،أو بالأصح قصاص بالحق، وياريت عرفت أخد بالتار.
تنهد طوفان بألم قائلًا برجاء:
دُرة إسمعيني….
قاطعته بغضب قائلة:
مش عاوزه أسمعك، ومتقلقش أنا هعترف إن فعلًا كان فى نيتي قتل إبن خالك، وكمان أطلقت عليك الرصاص بقصد.
تأوه طوفان مُتنهدًا بألم، قائلًا بصوت متهدج:
دُرة، لو قلتِ كده في النيابة، هتدمري كل حاجة… هتدمري حياتك.
تهكمت بوجع قلب، وتحدثت بصوت يمتزج بالغضب والأسى:
حياتي… حياتي ضاعت من زمان… حياتي ضاعت لما إنت اخترت الخيانة، اخترت إنك تسلم مجرم للنيابة، وإنت عارف إن سهل يطلع من القضية بكل بساطة،.
سكت طوفان لثوانٍ، يحاول أن يلتقط أنفاسه وهو يشعر بثقل كلماتها على قلبه… همس بصوت ضعيف، وكأن الكلمات تكاد تفر منه:
دُرة، أنا… أنا كنت دايمًا خايف عليكِ. بس مش بالطريقة دي. مش ده الحل… دُرة إسمعيني…
ضحكت بمرارة، ثم قاطعته، وكل كلمة منها كأنها سكين في قلبه:
خايف عليا… ليه مخوتش من انك تخسر مكانك في حياتي أكتر… لو فعلًا صادق كنت سيبتني أخد حقي وأقتل وليد وأخد بتاري زي ما هو قتل بابا وجوزي.
كلمة “جوزي”
كان لها صدا قاسي وقع على قلبه لكن حاول مُحايلتها قائلًا:
مش هقدر أشوفك وأنتِ اللى بتهدمي حياتك يا دُرة.
عند هذه النقطة، أغلقت دُرة الهاتف فجأة دون أن تتكلم، قبل أن تشعر بحالة من الضعف.. كما لو أنها أغلقت فصلًا من حياتها، بينما طوفان ظل غارقًا في دوامة من الندم، مشاعر متضاربة تجتاحه، وعيناه تغلقان ببطء من فرط الألم الذي مازال بشعر به.
أعطت الهاتف للمحامي
قائلة ببرود:
إتعامل مع حيثيات القضيه… أنا خلاص مش عاوزة أسمع منه تاني.
نظر المحامي إليها بحذر، ولكن دُرة كانت قد اتخذت قرارها، وعيناه لا تكاد ترى سوى الحزن الذي يغطيها.
❈-❈-❈
بالمشفى
بغرفة طوفان
دخل عزمي الى الغرفة، تفاجئ بـ طوفان وحده بالغرفة يمسك بيده هاتفه لا يعلم السبب الحقيقي لتجهم وتهجُن ملامحه، إن كان ألم من إصابته، أو من شيء آخر، تنحنح قائلًا:
كيفك يا طوفان، فرحت كتير لما وجدان جالتلى إنك فوجت ورجعت لوعيك، إنت عارف مكانتك عندي،،،إنت مش واد أختي إنت إبني الكبير.
تهكم طوفان ساخرًا بنظرة مُبطنة بالإحتقار، بينما شعر عزمي بالتوتر يسري في أوردته، وكأن كلماته التي حاول بها التخفيف عن طوفان قد جاءت عكسية تمامًا… في عينيه اللامعتين كان هناك شيء لم يستطع عزمي تحديده، شيء لا يعكس المشاعر التي كان يظن أنها ستكون حاضرة بعد صحوة طوفان… ظل ينظر إليه، محاولًا فهم سر هذه النظرة التي تحمل في طياتها احتقارًا لم يكن يتوقعه، لكنه لم يستطع التجرؤ على الاستفسار.
بينما تفوه طوفان بصوت بارد، وهو يحدق في الهاتف بين يديه:
إبنك الكبير… أه ما بيقولوا الخال والد.
ربما كان الصوت خاليًا من الانفعال، لكن النبرة التي نطق بها طوفان كأنها تحمل مزيجًا من المفاجأة والشك….
حاول عزمي تلطيف الحديث سائلًا:
أومال وجدان فين؟.
أجابه طوفان بإيحاء:
راحت تطمن على وليد،هي مقابلتكش فى الطريق.
هز عزمي رأسه بنفي،تأوه طوفان بسخريه وإستهزاء قائلًا بتبرير:
المستشفى كبيرة يمكن راحت من ممر تاني غير اللى جيت منه.
هز عزمي رأسه بموافقة، بينما تفوه طوفان مباشرةُ:
بص بقي يا خالي، أنا عارف إنك قدمت بلاغ ضد دُرة بتتهمها بمحاولة قتل وليد، هتروح دلوقتي تسحب البلاغ.
ذُهل عزمي مُبررًا:
دي مش بس حاولت تجتل وليد،إنت كمان،أنا كنت هعمل محضر تاني،والشهود…
قاطعه بغضب:
قولت هتسحب المحضر يا خالي…
-إزاي انا ووليد قدمنا إفادتنا، والمحضر….
هكذا تحدث عزمي قبل أن يُقاطعه طوفان بإصرار وتوعد:
قولت هتسحب المحضر والا قسمًا بالله هنسي إنك خالي،وسهل أقدم أدلة جديدة فى قضية مقتل مُختار غُنيم وحسام بدران،والمرة دي مش هتقدر تشتري الشهود زي ما عملت قبل إكده،وكمان انا قادر أضغط على الشاهد وأخليه يغير شهادته،والمره دي وليد هيوصل للإعدام على يدي وإنت عارف إني أقدر أعمل إكده بكل سهوله.
فزع قلب عزمي مذهولًا وتحدث بتعلثُم:
واه…تدخل واد خالك السجن وعاوز تجيب له إعدام كمان،عشان مين…عشان بنت رفعت عليك السلاح ومترددتش لحظة وجامت بضربك بالرصاص جدام كُل اللى كانوا موجودين،كأنك عشاجها إياك،أنا جولت إن حديتك وجتها كان تخاريف، بس…
قاطعه طوفان بصرامة وإعتراف:
أيوه عاشجها، وإنت هتنفذ اللي جولت عليه والا مش هتردد أنفذ بدون إنذار.
ذُهل عزمي اكثر قائلًا:.
إنت كبير عيلة مهران ولازمن إتفكر بعقلك و…
قاطعه طوفان:
وعشان أنا كبير عيلة مهران لازمن حديتي يتسمع ويتنفذ بدون نقاش.
شعر عزمي بالهلع فى قلبه من تصميم طوفان حاول أن يكسب وقت ويتلاعب به ربما يستطيع إثارة كبار العائلة عليه،تفوه بمهاودة:
تمام بُكره….
قاطعه طوفان بحسم:
مفيش تأجيل يا خالي اللى جولت عليه يتنفذ دلوق، المحامي انا إتصلت عليه وفهته وهو مستنيك فى النيابة إنت ووليد،هتغيروا الإفادة،إن اللى حصل كان غير مقصود وحصل سوء فهم.
إزدرد عزمي ريقه وأومأ رأسه بموافقة، بينما شعر طوفان ببوادر ألم، بنفس الوقت عادت وجدان الى الغرفة… نظرت نحو وجه عزمي وملامحه المُلتهبة المُتجهمة، لم تتحدث وذهبت نحو طوفان وقفت جواره ثم إنحنت وهمست له بشئ تبسم لها، لكن سُرعان ما تلهفت عليه حين سمعت آنين منه، جذبت ذاك الهاتف الأرضي وطلب مساعدة، بينما نظر عزمي لهما، كاد يقترب من الفراش لكن طوفان أمره:
لازمً تروح النيابة دلوق يا خالي إنت عارف إن النيابة وجتها مش ملكها وأنا إتصلت على وكيل النيابة، كان بينا معرفة أيام ما كنت بشتغل وكيل نيابة، هو فى إنتظاركم دلوق، بلاش تتأخروا عليه.
أومأ عزمي رأسه بتنكيس قبولًا بالغصب، يخرج من الغرفة بخطوات سريعة، سمعت وجدان صوت طوفان وهو يحاول كتم آلامه، وعينيه تتلألأ بالألم… تقدمت نحوه سريعًا، جلست بجواره على طرف السرير، وبلمسة رقيقة على يده همست قائلة:
طوفان، إنت بتجهد نفسك جامد، صحتك يا ولدي.
رفع طوفان رأسه قليلاً، نظر إليها بعيونٍ غارقة في التعب، وقال بصوتٍ منخفض كمن يتحدث إلى نفسه:
أنا بخير يا ماما، دلوقتي أخد المُسكن وهرتاح.
بلهفة قلب أم تفوهت وجدان، ولمعت عيناها ببسمة ممزوجة بدمعة وهمست لنفسها قائلة:
كُل العشج ده ساكن جلبك يا ولدي، ودُرة يدها مرتعشتش ولا رف لها جفن وهي بتضرب عليك الرصاص، العشج ملوعك يا ولدي.
❈-❈-❈
ليلًا
بشقة إبتهاج
كان عزمي يُنفث دُخان تلك الأرجيلة يشعر أن قلبه مُلتهبُ بالحقد والغضب بعدما نفذ ما طلبه طوفان منه هو ووليد الذي عاند لكن بالضغط وافق هو الآخر، او بالأصح وافق رهبةً من وعيد طوفان، شعر بالحقد والكُره لـ طوفان، نظرت له إبتهاج توهمه أنها تشعر به قائلة:
مالك يا سي عزمي، شكلك مضايق جوي.
نظر لها بغضب سحيق قائلًا:
واه هتخليني أضايج غصب.
شعرت بريبة لوهله، لكن سُرعان ما تغنجت بدلال وهي تجلس جواره، ببعض من الاغراء منها بسهولة جعلته يبوح بما فعله طوفان، وغصبه عليه هو ووليد بسحب الإتهام… تغنجت بدلال قائلة:
واضح إنه عاشج البت دي، يبجي بلاش تقرب منيها….
نظر لها بغضب قائلًا:
جلبي جايد (قايد) نار.
إبتسمت بخباثه قائلة:
طب واللى يخليك تشفي غليلك منيها وإنت بعيد.
نظر لها بلمعة عين سائلًا بإستخبار:
كيف ده.
أجابته ببسمة خبيثه:
إنت عارف إن الحكومة اليومين دول شادة حيلها مع الأخضر.
-الأخضر
الأخضر إيه يا ولية شكلك هتطيري الحجر اللى شربته.
إبتسمت بمكر قائلة:
الأخضر… هو الدولار يا جلبي من چوه…الحكومة مشددة اليومين دول،وبتقبض على أي حد عندها شك فيه،أو أي حد بلغ عنه إنه بيتاجر فى العُملة.
فهم قولها لمعت عينيه والفكره تتراقص برأسه تُداعب شيطانه الذي ضحك وهو يهمس قائلًا:
ده هتبجي سهلة جوي، وأنا بعيد.
أومأت له بسفور ماجن وهو يجذبها يُقبلها بشهوانية قائلًا:
تستاهلي الف بوسه على فكرتك، ولو مشيت زي ما أنا عاوز ليكِ الحلوان.
تدللت بغنج مُصطنع:
أنا حلواني رضاك عني وكمان مزاجك الرايق.
نظر لها بإشتهاء ونهض يجذب يدها قائلًا:
راضي عنك، جومي معاي ندخل چوه أثبتلك رضايا.
بغنج سافر ضحكت مثل ضحكات العاهرات، بينما عقلها مازال لم يصل الى نُقطة الإنتقام من “طوفان”… ربما البداية هي ذلك الشائب الذي بلا أخلاق.
❈-❈-❈
بالمشفى
غفي طوفان غصبً بسبب بعض المُسكنات، ربما غفت عيناه وجسده بسبب زوال الألم، لكن عقله مازال مُستيقظًا، لوهلة إنفرجت شفتاه ببسمه وهو يتذكر ذكرى من الماضي البعيد مازالت محفورة برأسه وبين ثنايا قلبه
بالعودة بالزمن وهو يقترب من عُمر العاشرة
بمنزل متوسط يتوسط قطعة أرض صغيرة حوله،تلك الأرض مُقسمة الى تكعيبات زراعية لخضروات ورقية مُختلفة،كذالك بعض أشجار الليمون.
كان يجلس هو وبعض الأطفال بنفس عُمره وأصغر منه وأكبر أيضًا، فوق درجات ذلك السُلم، يمسكون بين أيديهم” مصاحف”
يسمعون لتلاوات بعضهم، وهم يحفظون ذلك الوِرد الذي أعطاه لهم “الشيخ عرفة”فرضًا يحفظونه قبل أن يقوم بالتسميع لهم …
إنتهي من حفظ الوِرد المفروض عليه،أغلق المُصحف،نظر أمامه صدفه وقع بصره على تلك الصغيرة التى تصعد درجات السُلم وبسبب زحام الاطفال الجالسين،تطرفت كي تُفاديهم،لم تنتبه الى أنها تتطرف أكثر فأكثر،لو رفعت قدمها.وصعدت ربما تطأ قدمها الهواء وتسقط،سريعًا حذرها:
خلي بالك رجلك هتچي عالهوا.
لكن تلك الصغيرة عنيدة ولم تهتم،وما حذرها منه حصل،وسقطت من على طرف السلم الى الأرض،صرخت بألم،على صوت تلك الصرخة جاء الشيخ وزوجته التى هدأتها وضمدت لها ذلك الخدش الصغير بيدها،بعد قليل بداخل غرفة واسعة جلس الأطفال،واحد خلف آخر يقومون بالتسميع والتلاوة لتلك الأجزاء المفروضة عليهم،نظر لها الشيخ قائلًا:
تعالي يا دُرة ها حفظتي السورة اللى جولتلك عليها.
توترت وإرتبكت هي لم تحفظ تلك السورة،لكن لن تعترف أنها غير مُجتهدة مثل بقية زملائها…بكت بكذب وأشارت نحو طوفان وإدعت الألم بذراعها قائلة:
أنا كنت حافظة السورة،بس الواد ده زقني من عالسلم وقعت على إيدي،وإيدي إتعورت ومبقتش مركزة ولا فاكرة من الوجع.
نظر الشيخ نحو طوفان الذي هز رأسه بنفي، تبسم الشيخ، لكن عاد بنظره نحو دُرة قائلًا:
طب عقاب له بقي هياخدك وتقعدوا فى الجنينة تحت السجر وهو يحفظك السورة.
للغرابة تبسم طوفان وتقبل كذبها ذهبا معًا تحت ظل إحد الأشجار بالحديقة فى البداية سألها:
ليه كذبتي عالشيخ.
بخجل طفولي أخفضت وجهها قائله:
بصراحة ماما كانت مشغوله مع أخويا ونسيت أقول لها هي أو بابا يساعدوني فى الحفظ، وإنشغلت باللعب فى الأرض مع بابا.
إبتسم لها قائلًا:
إسمك”دُرة”.
اومأت مُبتسمه، بينما هو بطفوله بريئة تحدث بإعجاب:
أسمك جميل.
أومأت بغرور قائله بسؤال:
عارفه، بس يعني إيه طوفان، ده إسمك اللى نادي عليك بيه الشيخ.
أجابها بمعني الأسم، إستغربت ذلك وسألته:
ومين اللى سماك الأسم الصعب ده.
أجابها بغصة:
أبوي، وبعدين كفاية رغي لازمن تحفظي السورة والا الشيخ عرفه هيضربنا إحنا الإتنين.
إبتسمت وبدأت تستمع لتلاوته وحفظت السورة بعد قليل إبتسم لها الشيخ عرفة وأخرج من جيبه قطع حلوي وأعطاها لها هي وطوفان كمُحفز لهما، خرجا من تلك الغرفة، مد طوفان يده لها بالحلوي قائلًا:
خدي الكرملة دي ليكِ إنتِ تستحقيها عشان إنتِ حفظتي السورة بسرعة.
رغم انها مجرد قطعة حلوي لكن بفمها لها مذاق خاص ومختلف، أخذتها منه،تبسم لها قائلًا:
على فكرة شعرك حلو أوي،زي شعر الخيل.
بغرور طفولي منها مسدت على خصلات شعرها السوداء مُبتسمة…
مرت الأيام لقاءات شبة دائمة بينهم غير مُدبرة
ذات يوم تأخرت دُرة عن ميعادها جلس طوفان يراقب باب الحديقة ينتظر أن تطُل درة،لكنها لم تأتي،وتأخر فى العودة الى المنزل،يومها غضب والده بشدة منه وقام بجلده بالكرباج الذي ترك أثرًا على جسده وروحه كطفل.
باليوم التالي ذهب الى منزل الشيخ جسده يؤلمه…جلس على السلم ينتظر دوره كذالك ينتظر دُرة التى نادت عليه تبسم لها وهي تجلس جواره قائلة:
ماما حفظتني السورة اللى الشيخ كتبها فى الواجب،هاخد منه كرملة،وإنت كمان هتديني الكرملة اللى هيدهالك.
أومأ لها موافقًا،لكن بسبب الحر شمر عن مِعصم يديه ظهرت تلك العلامات الواضحة،شهقت حين راتها وشعرت بوخز فى قلبها قائله:
إيه العلامات اللى على إيديك دي،إيه سببها.
بكبرياء طفل أبت نفسه أن يقول لها أن والده هو من فعل ذلك،وأنها هي السبب فضل الصمت.
وضعت يديها فوق معصميه تمسدهما قائلة:
بتوجعك.
هز رأسه بنفي قائلًا بتهرُب:
مش أوي،يومين وهتروح، الشيخ بينادي علينا.
اومأت له،بينما هو عاود جذب الثوب على يديه يُخفي تلك العلامات التي كان مازال يشعر بألمها النفسي والجسدي،لكن للغرابة بسبب لمسات تلك ذات” الجدائل السوداء “كآن الألم إختفي.
«عودة»
على صوت آذان الفجر إنتهت تلك الذكري الطفولية، وبدأ يوم جديد.
❈-❈-❈
بحوالي العاشرة صباحً
أمام مبني النيابة
توقف حاتم بسيارته، مازال عقله يذمه بندم، دُرة كانت أشجع منه، حاولت أخذ القصاص المهدور، هو رجُل وهي إمرأة لكنها أشجع منه…
ظل واقفً لبعض الوقت يذمه عقله بين أخذ القصاص بالمثل بعد ضياع القصاص بالقانون… هو تعود تنفيذ القانون حتى لو لم يكُن مُقتنعًا…لكن تلك ليست قضيه لا تخُصه،بل هو دم أخيه المغدور…بذلك الوقت لفت نظره تلك السيارة التى توقفت بالجهه الأخري أمام درجات سلم النيابة،لم ينذهل حين ترجل طوفان من تلك السيارة يستند على آخر يدلف الى النيابة…فكر بعقلية رجُل،ما الذي يجعله يفعل ذلك،
والجواب سهل…طوفان عاشق لـ دُرة
و..دُرة أعلنت كراهيتها له،
طوفان هو من قدم القاتل للقانون كي يحميه
وطوفان أيضًا هو العاشق
إهتدي عقله لابد من عقاب خاص لـ طوفان
والعقاب هو ضياع دُرة
فكر بطلب والدته بل إلحاحها عليه بالزواج من دُرة…
لحظات وكان القرار سهلًا لما لا دُرة لو لم تكُن لها مكانه كبيره بقلب طوفان لم جاء إليها اليوم، لكن لن يدعه يفوز بل
سيُعاقب طوفان بالامتثال لرغبة والدته بالزواج من دُرة.
❈-❈-❈
بداخل مبني النيابة بإحد الغرف…
رحب وكيل النيابة بـ طوفان وإطمئن على صحته،جذب له أحد العساكر مقعدًا وساعده بالجلوس عليه…
بعد قليل
دلفت دُرة الى الغرفة تفاجئت بـ طوفان يجلس وحده بالغرفة، تهكمت حين فك العسكري الأصفاد من يديها وغادر
نظرت له بإستهزاء، وقبل أن تتحدث سبقها طوفان قائلًا:
مش بتردي عالرسايل، قولت أجيلك بنفسي.
نظرت له باستهزاء قائلة:
– المفروض إنك كنت وكيل نيابة سابق، وعارف إن القانون مش بيسمح بالموبايلات جوه السجن.
ده مش اختراق صريح.. ولا خلاص، القانون بقى بالنسبة لك وسيلة بتتلوّن حسب مزاجك.
أجابها بلؤم وهو يعتدل بالمقعد قائلًا بمكر:
مش الأول تقوليلي حمدالله على السلامة، أنا أنكتب ليا عُمر جديد.
تهكمت بضحكة سخرية قائلة:
ولا يفرق معايا، بس تستاهل محدش قالك إحمي مُجرم.
بصعوبه نهض واقفًا يسير بخطوات ثقيله يضع يده فوق صدره بداخل حامل طبي مرفوع فوق عُنقه، تحدث بمكر:
واقفة ليه بعيدة، ليه خايفه تقربي مني، عالعموم أقرب انا.
رمقته بنظرة باردة ثم أجابته بحِدة:
أنا أخاف منك، واضح إنك موهوم.
تبسم غصبً ثم عاود للمكر قائلًا:
ولا يمكن خايفة تقربي مني لا تضعفي،ليه حاسس إنى سامع نبضات قلبك.
تهكمت ضاحكة،
رفعت يدها تحذره، لكن قبل أن تتحدث، أمسك معصمها بحركة سريعة، اقترب أكثر حتى كاد أنفاسه تلامس وجهها، وعيناها تعكسان مزيجًا من الغضب والشيء الذي تخشى فهمه.
قال بصوت منخفض لكنه مشحون بالعاطفة المكبوتة:
بعد كده إيه يا دُرة مش هتقدري تبعديني..أو تهربي مني فاكرة نفسك لسه قادرة تبعدي.
حاولت التملص، لكن قبضته كانت قوية، مثل حصار غير مرئي يلتف حولها، يشعرها بأنها عالقة بين رغبة في الصراخ ورغبة أخرى أكثر خطورة… تلك التي تجعل قلبها يخفق رغمًا عنها.
شدت يدها بعنف قائلة:
إنت آخر حد ممكن يهددني، وافتكر كويس إنك مش هتقدر تخليني أضعف.
ضحك بسخرية، لكنه لم يُفلِت يدها، بل زاد اقترابه هامسًا:
ما هو ده اللي بحاول أثبته يا دُرة… إنك ضعيفة قدامي حتى لو بتنكري ده.. من كام يوم إيدك مرتعشتش وهي ماسكة السلاح، زي دلوقتي بترتعشي تحت إيدي.
اتسعت عيناها بدهشة وغضب، لكنها لم تملك ردًا… ليس الآن، ليس وهو يملك القدرة على كشف حقيقتها هي حقًا ضعيفة لكن ليست أمامه هو آخر من تضعف أمامه… سريعًا
حاولت أن تستجمع قوتها، أن تتذكر كل الأسباب التي تجعلها تكرهه، تجعلها ترفضه، لكن صوت أنفاسه القريبة كان يعبث بثباتها…
رفعت عينيها إليه، تحدته بنظرة مشتعلة، ثم همست بصوت مرتجف رغم محاولتها جعله ثابتًا:
وإنت فاكر إنك لو فضلت تحاصرني هتنتصر… انتصاراتك الوهمية دي مش هتغير حاجة، ومش هتجبرني إني…
بترت جملتها، كأنها أدركت أنها على وشك الاعتراف بشيء لا يجب أن يقال.
تقلصت عيناه بخطورة، شفتاه انحرفت إلى ابتسامة صغيرة، لكنه لم يترك يدها، بل زاد ضغطه قليلًا وكأنه يختبر ارتجافها… ثم سأل بخباثة:
مش هتجبريك على إيه يا دُرة؟ كملي، قوليها، يمكن الحقيقة اللي هربانة منها تبقى أوضح لما تسمعيها من لسانك.
ارتجفت شفتاها بغضب، ثم دفعته بقوة حتى كادت تفقد توازنها، لكنها تماسكت سريعًا، رفعت ذقنها بكبرياء قائلة بحزم:
الحقيقة إني مش بخاف منك، ومش بضعف قدامك والدليل إيدك المربوطة على صدرك، لسه أثر الرصاصتين…..
قبل أن تُكمل بقية إستهجانها…. جذبها من عضد يدها يضمها لجسده مُتناسيًا ألم جسده وبلحظة كان يضُم شفتيها
بـ قُبلة عاصفة للألم، قاطعة للأنفاس.