رواية خداع تحت قناع الحب من الفصل الاول للاخير بقلم ديانا ماريا
رواية خداع تحت قناع الحب من الفصل الاول للاخير هى رواية من كتابة ديانا ماريا رواية خداع تحت قناع الحب من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية خداع تحت قناع الحب من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية خداع تحت قناع الحب من الفصل الاول للاخير
رواية خداع تحت قناع الحب من الفصل الاول للاخير
فيه حاجة أنا كنت متردد أقولك عليها، دلوقتي لازم تعرفي أنا هتجوز.
نظرت له بعيون متسعة من الصدمة: إيه؟ هتتجوز؟ إزاي يعني تتجوز على ماما أنت اتجننت!
نظر لها بصرامة ووبخها بنبرة حادة: بنت احترمي نفسك! أنا مقدر صدمتك إنما مش هسمح لك تتكلمي معايا من غير إحترام.
لم تبال وهي تقف أمامه بجرأة وتتابع الحديث بقهر: قول بقى أنك علشان كدة طلقت ماما أكيد كان فيه حرباية بتلف عليك علشان تاخدك منها وأنت ما صدقت علطول جريت وراها ونسيت عقلك.
ارتفعت يده وهبطت على وجنتها بصفعة قاسية وتحدث من بين أسنانه محاولًا احتواء انفعاله: اخرسي يا قليلة الأدب ادي آخر الدلع اللي دلعتهولك، روحي على أوضتك ومش عايز أشوف وشك خالص أنتِ فاهمة!
وضعت يدها على وجنتها بصدمة كبيرة وناظرته بعيون دامعة لقد كانت هذه أول مرة يرفع والده يده عليها في سنوات عمرها الأربعة عشرة كلها!
أنزلت يدها وهي تنظر له بخيبة أمل قبل أن تستدير وتتوجه لغرفتها مغلقة الباب ورائها بقوة ليحدث ضجة عالية في المكان.
تنهد أمجد الذي جلس ووضع رأسه بين يديه يفكر والهم يكتنفه بسبب ابنته ذات الرأس العنيد والطباع الصعبة التي لم يستطع ترويضها رغم محاولاته العديدة، كان يحتاج لمشورة ومساعدة فلم يجد أفضل من أخته حتى يفضي إليها بما في نفسه.
أتصل على أخته التي أجابت بنبرة عفوية: أهلا يا حبيبي عامل إيه؟ جهزت نفسك علشان نروح للعروسة بالليل؟
تجهمت ملامح وجهه وأجاب بضيق: أنا قولت لداليا وزعلت جدا يا نورا.
ردت أخته نورا بسخط: ماتزعل ولا تتفلق أهم حاجة تشوف نفسك.
زفر أمجد وهو يشعر بالضغط يثقل كاهله: بس دي بنتي يا نورا ومش عايزها تكون زعلانة عايزها على الأقل تكون متقبلة اللي هيحصل علشان حياتنا في المستقبل للأسف أنا اتعصبت لدرجة ضربتها بالقلم.
أشادت به نورا بمدح: أيوا أحسن يا أمجد لازم تشد عليها شوية بدل الدلع اللي ملوش لازمة ده.
رد أمجد بنبرة منزعجة: أنتِ بتقولي إيه يا نورا دي بنتي أكيد هزعل لو ضربتها حتى لو هي غلطت أنا عمري ما مديت إيدي عليها.
انفعلت نورا قائلة: دلعتها كتير اجمد عليها شوية بقى مش كفاية كل ما بشوفها بشوف قدامي وش أمها اللي ما صدقنا خلصنا منها.
أجاب أمجد بغضب وقد استفزه الموضوع الذي تطرقت إليه أخته: نورا قولتلك ألف مرة إحنا قفلنا الموضوع ده من زمان متجبيش سيرته تاني.
هدأت نورا وحاولت تغيير الموضوع حتى لا تعكر مزاجه أكثر: خلاص يا حبيبي متضايقش نفسك المهم تفكر في نفسك دلوقتي هنروح للعروسة بالليل بإذن الله جهز نفسك من بدري.
تنهد أمجد وقال بطاعة: حاضر يا حبيبتي يلا مع السلامة.
أبعد الهاتف جانبًا وجلس يفكر في ابنته أنه مازال متضايق مما حدث ويرغب في توضيح بينه وبين ابنته ولكن سينتظر حتى تهدئ حتى تستطيع تفهمه واستيعاب كلامه.
أما داليا حين دلفت لغرفتها ارتمت على سريرها وانهمرت في البكاء بحرقة، لا تصدق أن والدها رفع يده عليها لأول مرة في حياته.
وضعت يدها على خدها وهي تفكر أن والدها تغير بمجرد أن فكر في الزواج فماذا سيفعل بعد أن يتزوج؟
تذكرت والدتها بألم لقد اشتاقت إليها كثيرا ولكن والدها منعها من رؤيتها حين انفصلا منذ ثلاث سنوات ولم ترها منذ وقتها وقد اشتاقت إليها كثيرًا والآن يجب عليها أن تتحمل إمرأة جديدة تحل محلها!
لم تدر لمن تشكي همها فاتصلت بصديقتها المقربة وهي تبكي: أيوا يا ملك أنا مخنوقة أوي يا ملك.
ردت ملك بذعر: في إيه يا داليا أنتِ بتعيطي؟ حصل إيه؟
أجابت داليا بنبرة متحشرجة من بين بكائها: بابا...بابا هيتجوز واحدة تانية غير ماما وضربني!
شهقت ملك بعدم تصديق: إيه ضربك؟ وهيتجوز؟ أنا مش فاهمة حاجة خالص.
تابعت داليا البكاء فتابعت ملك بعطف: أهدي بس واحكي لي.
هدأت داليا لتخبرها بما حدث وختمت حديثها قائلة بقهر: تخيلي يا ملك هياخد واحدة غير ماما وأنا مشوفتش ماما من سنين ليه ميرجعش لماما؟ وكمان بيضربني من أولها!
قالت ملك بحزن: معلش متزعليش يا داليا.
مسحت داليا دموعها بعنف وقد قالت بحقد: أنا مش عايزة الجوازة دي تتم أبدا أنا مش عايزاها تدخل بيتنا وتاخد مكان ماما.
قالت ملك بتساؤل: طب هتعملي إيه؟
هزت رأسها وردت بحيرة: مش عارفة بس لازم امنعه يروح لازم ألاقي حل.
فكروا قليلا حتى قالت ملك فجأة: أنا عندي فكرة!
تجهز أمجد وقد ارتدى ملابس مهندمة أنيقة مكونة من قميص أبيض وبنطال أسود رسمي، نظر لنفسه في المرآة وهو يُكمل تجهيز نفسه، فكان يبدو أصغر من عمره الذي بلغ أربعين عام منذ فترة قصيرة وشعره مازال يحتفظ بسواده مع ظهور بعض الشعيرات البيضاء على جانبيه.
كان على وشك الخروج حين نظر لغرفة ابنته وفكر أنه لا يريد الخروج وتركها حزينة ربما عليه التحدث معها قليلا الآن ربما حتى يصفي الأمور بشكل مبدئي بينهما.
دق على باب غرفتها وقال بهدوء: داليا.
لم يجد رد فطرق الباب مرة أخرى وتابع بجدية: لو سمحتِ يا داليا بلاش زعل دلوقتي وخلينا نتكلم مع بعض زي ما متعودين دايما.
تعجب وبدأ يتضايق لأنه أعتقد أنها تتجاهله فطرق بقوة أكبر حين لم تفتح جرب فتح الباب ليجده مغلق.
استغرب بشدة وحاول فتح الباب دون فائدة فقال بصوت عالي: افتحي يا داليا عيب كدة تسيبيني واقف على الباب!
تغلغل القلق داخل قلبه من عدم رد ابنته عليه ولم ينتظر ثانية أخرى وبدأ يدفع الباب بكتفه حتى كسره.
توقف مكانه للحظة حين وقعت عيناه على ابنته فصرخ بفزع: داليا!
أسرع أمجد لابنته الممددة على الأرض ورفعها بهلع.
كان واضح أنها فاقدة للوعي فضربها أمجد بخفة على خدها محاولًا افاقتها: داليا ردي عليا!
حين وجد أن ما يفعله بلا جدوى رفعها على الفور بين ذراعيه وركض بها حتى يسعفها للمستشفى.
كان أمجد ينتظر بالخارج بعد أن أخذ الأطباء ابنته ودلفوا للداخل لقد اتصل بأخته حين تمالك نفسه قليلا ليخبرها بما حدث وحتى تعتذر من الناس الذين في انتظارهم.
أتت أخته بعد قليل مع زوجها وأولادها تقول بقلق: في إيه يا أمجد؟ داليا حصلها إيه؟
كان أمجد يقف مستند للجدار خلفه فرفع نظره لفوق وهو يردد بحزن: مش عارف دخلت لقيتها واقعة على الأرض ومش بترد عليا خالص.
ربتت نورا على كتفه تحاول مواساته: طب متقلقش يا حبيبي بإذن الله هتبقى كويسة وبخير.
تنهد أمجد دون أن يجيب وقلبه ملئ بالذنب ناحية ابنته الوحيدة بالتأكيد لقد حزنت مما حدث حتى أثر عليها وأوصلها لتلك الحالة.
خرج الطبيب فسأله أمجد بلهفة: أخبار بنتي إيه يا دكتور؟
رد الطبيب بجدية وبوجه عابس: الحقيقة قدرنا نلحقها بس عملنا لها غسيل معدة علشان الحبوب اللي كانت واخداها.
عقد أمجد حاجبيه باستغراب شديد: حبوب إيه يا دكتور؟
حدق إليه الطبيب قبل أن يقول: لو حضرتك متعرفش فهي كانت واخدة حبوب لغرض الانتحار.
اتسعت عيون الجميع بصدمة وأمجد مازال يحدق إلى الطبيب بعدم استيعاب ثم نطق أخيرا: ا.. انتحار؟
أومأ الطبيب فتسارعت أنفاس أمجد بشدة وهو يتخيل ابنته تحاول الانتحار! ولكن لحظة لقد لمح بجانبها شريط فارغ من الحبوب لم يعره أي اهتمام لأن كامل اهتمامه كان مُنصبًا على ابنته حينها.
رفع يده لجبهته بسبب الألم الذي بدأ يطرق في رأسه، وضعت نورا يدها على كتفه بعد ذهاب الطبيب.
قالت نورا بعطف: متزعلش يا حبيبي هتبقى كويسة وبخير متعملش في نفسك كدة.
ساعدته على الجلوس فتقدم زوجها ليواسيها بينما راقبت نورا أمجد الصامت بقلق، ظلوا في انتظار الطبيب حتى خرج منرة أخرى فأسرع له أمجد وقال بخوف: بنتي عاملة إيه دلوقتي يا دكتور؟
زم الطبيب شفتيه ورفع حاجبيه قبل أن يقول بنبرة عفوية: ممكن نتكلم كلمتين على انفراد يا أستاذ أمجد؟
أصابت الحيرة أمجد من سلوك الطبيب ولكنه وافق وابتعد معه قليلا حتى يحدثه على انفراد.
ابتسم الطبيب نصف ابتسامة: بصراحة مش عارف ابدأ منين بس بنت حضرتك كويسة جدا الصراحة بس أنها كانت واخدة على خاطرها شوية منك علشان تعمل كدة.
تنهد أمجد وهز رأسه موافقًا وهو يحدق للأرض فوضع الطبيب يده على كتفه وتابع: مش عايزك تشيل الهم بنتك لما جت قالت لنا أنها واحدة حبوب علشان تنتحر وأحنا عملنا اللازم بس بعد الفحص الدقيق لقينا أنه كلامها مش صح مية في المية.
زفر أمجد بنفاذ صبر: يعني يا دكتور لو سمحت خليك واضح أعصابي مش مستحملة.
أجاب الطبيب بخفة: يعني هي محاولتش تنتحر بشكل جدي هي خدت كام حباية ميعملوش ليها أذى حقيقي من الآخر هي حبت تقلقك عليها مش أكتر.
استوعب أمجد كلام الطبيب بسرعة فظل صامتا وهو يحدق أمامه بتفكير أردف الطبيب بعطف من حالته: نصيحة ليك متتسرعش وتغضب منها أنا مقدر موقفك ومشاعرك دلوقتى بس متحكمش عليها حاليا أهدى الأول بعدين أحكم على الأمور وساعتها أتصرف.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تنهد أمجد وهو يغمض عينيه ثم فتحها مرة أخرى وهو يبتسم للطبيب بامتنان:شكرا لحضرتك يا دكتور على تعبك.
عاد مرة أخرى لأختها وزوجها التي قالت باستياء حين وصل: قالك أنه الهانم لعبت عليك صح؟ أنا سمعت ما حاجة وفهمت مش قولتلك أنت اللي دلعت على الآخر!
حدق إليها أمجد بصرامة وقال بنبرة حازمة: نورا مش عايز كلام خالص دلوقتي فاهمة؟
نفخت بضيق ولكنها أطاعته وصمتت بينما دلف أمجد لغرفة ابنته التي كانت تفكر حينها بقلق هل يمكن أن يكتشف والدها لعبته التي اتفقت عليها هي وصديقتها؟ ماذا ستكون ردة فعله حينها؟
حين سمعت الباب يفتح تظاهرت فورا بالنوم وقلبها ينبض بشدة من التوتر.
دخل أمجد ونظر لها لبرهة فتوترت أكثر وهي بالكاد تتظاهر بالنوم بشكل طبيعي حتى لا يكشفها.
أغلق الباب ورائه وتقدم ثم جلس بجانب السرير فحينها علمت داليا أنه سيكشفها إذا بقيت تتظاهر ففتحت عيونها ببطئ تتظاهر بالاستيقاظ وتنظر لوالدها بعيون شبه مفتوحة وهي تقول بنبرة تعب مزيفة: أنا فين؟
نظر لها والدها وعلى وجهه تعبير غير مقروء وتحدث بنبرة غامضة: في المستشفى وأكيد عارفة ليه.
أبعدت نظراتها بتوتر عنه وقالت بلوم: معملتش كدة بمزاجي بس حسيت بالزعل واليأس ومحسيتش بنفسي.
كانت تلك الخطة بينها وبين صديقتها أن تحاول الانتحار بشكل مزيف حتى تُشعر والدها بالذنب ويتراجع عن الزواج.
لم يرد وهو يحدق إليها متفحصا فاستدارت داليا للناحية الأخرى لأنها أحست بشيء غامض في والدها وحتى تبين له انها مازالت غاضبة منها وترفض التحدث معه.
خرجت من المستشفى بعد ساعتين وقد انزعجت من وجود عمتها التي نظرت لها بعدم رضى بسبب ما فعلت وطبعا قد أفسدت خطتهم بالذهاب لتلك العروس ولكنها كانت سعيدة بنفسها.
ذهبت لغرفتها حالما وصلت وحين خرج والدها تواصلت فورا مع صديقتها وأخبرتها بما حدث وهي سعيدة، اعتنى بها والدها في الأيام التي تليها وقد انتهزت داليا تلك الفرصة حتى تتدلل على والدها كما تريد وقد ضمنت أن فعلتها أوقفته عن ذلك الزواج.
كانت جالسة تذاكر دروسها في صالة المنزل حين دخل عليها والدها وبين حقيبة ملابس فنظرت له بتعجب.
ابتسم ثم مد يده وأمسك بيد سيدة دخلت للمنزل، كانت سيدة أنيقة في الثلاثينات من عمرها تقف وتبتسم بلطف أمام داليا التي تحدق إليها بدهشة
ابتسم لها أمجد ثم نظر لداليا ووجه حديثه لها قائلا باعتزاز: حبيت أعملها لك مفاجأة يا داليا يا حبيبتي أقدم لك علياء مراتي.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تصنمت داليا مكانها وهي تنقل نظراتها بين والدها وزوجته الجديدة ومع استيعاب الصدمة الجديدة ارتفع الغضب الشديد داخلها ببطء حتى ظهر على وجهها بوضوح وهي تحدق بحقد إلى زوجة والدها.
صرخت بغضب عارم: يعني إيه اتجوزت خلاص؟ ودي تبقى مراتك الجديدة؟ عملت اللي في دماغك ولا كان ليا أي اعتبار ولا حساب عندك!
نظرت باحتقار لعلياء ثم قالت باستهزاء: وأنت فاكرني بقى هقول مبارك ويلا كلنا نبقى عيلة جميلة؟ ده مستحيل مفيش واحدة هتحل محل ماما أبدا خصوصا الست دي! جيبتها منين دي هو أنت شوفتها ولا هي معندهاش مرايات تشوف فيها نفسها!
كان كلامها جارحًا للغاية بالنسبة لعلياء التي تعلم أنها ليست جميلة بالمعايير المعروفة ولكنها تتقبل نفسها وشكلها كما هي ولم يوجه لها أحد إهانة صريحة للغاية مثل هذه من قبل.
صاح أمجد بنبرة احتدام عالية: داليا!
فزعت داليا من صوته العالي ورغم ذلك لم تتراجع وهي تتابع بشراسة: إيه دلوقتي هتزعق لي تاني ولا هتضربني؟ طبعا ما هي دي البداية! بعدين ترميني في الشارع علشان الهانم ولا كأني بنتك زي ما روحت اتجوزت من غير ما تقولي للدرجة دي مليش قيمة عندك ولا مقدرتش على بُعدها أكتر من كدة!
قبض أمجد على يده بشدة ونظراته الحادة الغاضبة تتوجه لابنته التي تقف أمامه بكل بجرأة.
جز على أسنانه وهو يحاول تمالك أعصابه وقال بتحذير: روحي على أوضتك أحسن ونصيحة يا داليا أوعى تختبري صبري أبدا.
نظرت له ولعلياء بعصبية واشمئزاز ثم التفت ودلفت لغرفتها وهي تغلق الباب بقوة محدثًا رجة عالية ترددت صداها في أرجاء المنزل.
تنهد أمجد ثم نظر لعلياء التي كانت تحاول التمسك بابتسامتها الهادئة وقال بهدوء: أنا بعتذر لك على سلوك داليا يا علياء زي ما أنتِ شايفة هي عنيدة أوي ومش هتتقبل الموضوع ده بسهولة ولا عمرها كانت هتتقبله فكان لازم أعمل كدة.
وضعت علياء يدها على كتفه وقالت بوقار: أنا متفهمة اللي بتقوله يا أمجد بس في نفس الوقت تصرفك غلط طالما هي عنيدة يبقى كان لازم تحاول أكتر الأول علشان كلنا نقدر نتأقلم وننسجم سوا في حياتنا جديدة.
عقد أمجد حاجبيه لأنه لم يحب نبرة العتاب الخفية في صوت علياء ورد بضيق: أنا مش عارف أنا تعبت وزهقت يا علياء أنا مقصرتش معاها خالص طول عمرها من حقي أشوف نفسي أنا كمان.
ربتت علياء على كتفه فارتخت ملامح وجهه: معلش يا علياء أنتِ ملكيش ذنب في اللي حصل وبعتذر أني حطيتك في موقف زي ده تعالي أوريك أوضتنا.
في غرفة داليا كانت تغلي غضبا بسبب الواقع الذي فُرض عليها لا تصدق أن والدها فعلها بالفعل وتزوج من أخرى!
من شدة عصبيتها لم تجد ما تفعله إلا أن تُلقي ببعض الأشياء التي كانت على طاولة الزينة الخاصة بها لتقع وتنكسر إلا أن هذا لم يطفئ شيء من لهيب غضبها، جلست على السرير وهي تحدق أمامها دون أن ترى شيء.
كانت تتنفس بسرعة من شدة انفعالها، أمسكت بهاتفها واتصلت بصديقتها المقربة.
صاحت بها بقهر: اتجوز يا ملك عملها واتجوز!
ردت ملك بدهشة وهي لا تفهم شيء منها: فيه إيه يا داليا مين اللي اتجوز؟
وبختها داليا بسخط: مش وقت غباء دلوقتي هيكون مين؟ بابا! جابها هنا وهتعيش معانا!
قالت ملك بذهول: إزاي الكلام ده؟ وأنتِ متعرفيش؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
قالت داليا بمقت: لا معرفش حاجة خالص لقيته داخل بيها! بس أنا مش هسكت ومش هخليها تتهنى أبدا!
حاولت ملك تخفيف غضبها لأنها خافت من نبرتها: أهدي بس يا داليا.
صرخت بها داليا بثورة: مش ههدى طول ما دي موجودة هنا!
سألتها ملك بحيرة: طب هتعملي إيه؟
تغيرت ملامح وجه داليا وابتسمت بخبث وهي تناظر نفسها في المرآة: هعمل إيه بالضبط لسة مش عارفة إنما اللي متأكدة منه أني هخليها تندم على اليوم اللي فكرت تدخل فيه حياتنا!
كانت علياء ترتب حاجياتها بينما هبط أمجد ليشتري بعض الأشياء ففكرت أن تذهب لداليا وتحاول التفاهم معها ربما يصلوا لاتفاق ما حتى لا تكون بداية حياتهم الجديدة معا خاطئة كليًا.
تركت ملابسها وذهبت لتطرق باب غرفتها انتظرت لدقيقة قبل أن تفتح داليا الباب التي عبست حين رأتها وحدقت إليها بازدراء بارد.
حاولت علياء تلطيف الجو وقالت بابتسامة لطيفة: ازيك يا داليا؟ أنا عارفة أنه تعارفنا مجاش في ظروف كويسة بس أنا حابة أصلح الموضوع ونبدأ من جديد.
رفعت داليا حاجبها بينما تابعت علياء: أنا فاهمة اللي أنتِ حاسة بيه بس مش حابة نفضل كدة إيه رأيك لو تنسي كل حاجة ونبقى أصحاب؟
حدقت إليها داليا بتفكير وعلى وجهها تعبير غامض وفقط حين يأست علياء من استجابتها ابتسمت داليا بشكل مفاجئ وردت: ليه لا؟
اتسعت ابتسامة علياء بارتياح واقترحت: إيه رأيك نشرب حاجة مع بعض لحد ما بابا يجي؟ هو مش هيتأخر.
أومأت داليا ورافقت علياء للمطبخ.
قالت علياء بحماس: إيه رأيك نشرب عصير ولا شاي؟ بتحبي الشاي؟
فكرت داليا للحظة قبل أن تقول بابتسامة: بحب الشاي.
أعلمتها داليا بمكان ما تحتاج إليها فوضعت علياء البراد على النار وأعدت كوبين في انتظار غليان الماء.
استندت داليا إلى رخامة المطبخ وكتفت ذراعيها وسألتها: أنتِ عندك كام سنة؟
تطلعت لها علياء بابتسامة لأنها أرادت التعرف عليها: مش كبيرة يعني عندي 35 سنة.
ابتسمت داليا وردت باستخفاف: غريبة تباني أكبر من كدة بكتير.
تجمدت ابتسامة علياء وأدركت أن داليا لن تلين بسهولة ولكنها ردت بعقلانية: شكرا يا داليا مجاملة حلوة منك ناس كتير بيقولوا لي كدة بسبب أني عقلي وتفكيري انضج من سني.
نفخت داليا ولم ترد بينما نهضت علياء لتحضر الشاي، حضرت كوب داليا ثم ذهبت لتعطيها إياه.
ابتسمت لها داليا وهي تمد يدها لتأخذ منها الكوب إلا أنه على آخر لحظة سحبت يدها ليفلت الكوب من يد علياء ويقع متحطمًا على الأرض وقد أصاب جزء منه قدم علياء وهو يسقط مما جعلها تصرخ من الألم وسخونة الشاي.
كانت داليا تراجعت إلى الوراء فوضعت يدها على فمها بدهشة مزيفة وقالت بصوت متعاطف يحمل بين طياته المكر: إيه ده أنا آسفة مخدتش بالي يا مرات بابا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كانت داليا تقف جامدة تراقب علياء التي تصرخ من شدة الألم والدماء تنزف من قدمها كما أن الشاي الساخن قد تسبب باحمرار قدمها، نظرت لها داليا بفزع تراقب نتيجة فعلتها كأنها تستوعبها الآن حين دخل أمجد ليركض للداخل على صراخ علياء.
تطلع إلى المنظر أمامه بذهول ثم أمسك بداليا يبعدها قائلا بحزم: ابعدي يا داليا من هنا لتتعوري.
تقدم لعلياء بحذر حتى لا يصيبه أي من الزجاج المتناثر على الأرض ثم حملها بين ذراعيه وعلياء تبكي من ألمها، حدقت داليا للمشهد أمامها بحواجب معقودة وعيون تملأها الغيرة، أسرع أمجد خارج المطبخ ليضع علياء على الأريكة ويمسك قدمها يتفحصها بينما تبعتهم داليا بصمت.
سألها أمجد وهو يعاين قدمها بقلق: إيه اللي حصل؟
كان الألم يكسو ملامح علياء وردت بصوت متحشرج: كوباية الشاي اتزحلقت من ايدي ووقعت.
نظرت لها داليا نظرات غامضة يكتنفها قليل من الدهشة فماذا تحاول أن تفعل؟ هل تحاول التغطية على ما فعلته حتى لا يعاقبها والدها؟ إذا اعتقدت أنها ستكسب ودها بتلك الطريقة فهي حتما مخطئة!
إلا أنه في الحقيقة كان الألم الذي يلم بعلياء يجعلها غير قادرة على التفكير بشئ آخر وإذا كانت داليا قصدت ما فعلته أم لا، التفت أمجد لداليا وقال بجدية: داليا هاتي فوطة واملي طبق أو واسعة بالمية علشان أحاول انضف الجرح من الازاز والدم على ما الدكتور يجي.
تحركت داليا وأحضرت ما طلبه منها والدها ثم انسحبت لغرفتها دون أن ينتبه لأنه كان يحادث الطبيب على الهاتف.
كان هناك شيئًا ما داخلها يؤنبها على ما فعلته، جلست على سريرها وهي تفكر أن جزء منها غير راضي عن فعلتها تلك،كأن داخلها شخصان يتصارعان من ناحية أنها لم تقصد أن تؤذيها ذلك الأذى البالغ، ومن ناحية أخرى فعلت ذلك وبررتع نتيجة غضبها.
نظرت لنفسها في المرآة وهي تقول بإصرار أنها من أجبرتها على فعل ذلك فهي ليست ولن تكون أبدا جزء من حياتهم، لا حق لها في الزواج من والدها!
كانت ماتزال تجلس مكانها حين طرق الباب ثم ولج والدها قائلا بهدوء: ممكن أتكلم معاكِ شوية يا داليا؟
نظرت له داليا بلوم قبل أن تشيح ببصرها عنه فتنهد أمجد وهو يغلق الباب ورائه ثم خطى إليها حتى جلس بجانبها.
صمت أمجد لدقيقة ثم بدأ حديثه: أنا عارفة إنك زعلانة ومضايقة مني على اللي عملته فجأة ومش قادرة تتقبلي الوضع الجديد.
تردد لثانية ثم تابع بحنان وقد أمسك بيدها بين يديه: منكرش أني غلطان أني فرضت الوضع عليك بس أنتِ كمان محاولتيش تفهميني مع أني قولت أنك أول واحدة هتفهميني، تصرفاتك وكلامك خلوني ادي رد فعل عكسي بس أنا مش عايز الخصام ده يطول بيننا يا داليا، إحنا عمرنا ما تخاصمنا أكتر من ساعة علشان ملناش إلا بعض؟
ترقرقت الدموع في عيون داليا ولكنها مازالت لا تنظر إليه فتابع: مش عايز منك غير تدي نفسك فرصة وتدي علياء فرصة كمان، يمكن تلاقي نفسنا عايشين حياة أحسن من الأول وصدقيني هي بتحاول تاخد مكان مامتك أبدا.
"وفين ماما؟" كانت تريد بشدة أن تسأله ذلك السؤال ولكنها صمتت لأنها خشيت ألا يجيبها.
نظرت له بعيون دامعة وعاتبته بقهر: لو كلامك صح مكنتش روحت اتجوزت وجيبتها معاك ازاي فجأة تبقى في حياتنا طب وأنا؟ مليش رأي؟ خلاص معنى كدة أني مليش مكان!
اقترب منها على الفور ووضع يده حول كتفها وضمها إليه نافيًا بسرعة: لا طبعا أوعي تقولي كدة أنا قولتلك أني غلطت لما جيبت الموضوع فجأة علشان كدة جيت علشان نتفاهم زي زمان.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ابتعدت عنه وقالت بتحدي: ولو متفهمناش؟ ولو مقدرتش أتقبل وجودها؟
أخذ نفسًا عميقا ثم أجاب بصراحة: مقدرش اظلمها لأني اتجوزتها بس لو مرتحتيش لوجودها أنا هاخدها لمكان تاني تسكن فيه بعيد عنك المهم تكوني مرتاحة.
بقيت صامتة فضمها أمجد له مرة أخرى وقبل رأسها مشجعًا بلطف: ادينا فرصة يا داليا صدقيني مش هتندمي ولو حصل أي تصرف من علياء ناحيتك مش كويس مش هسكت لها أبدا.
بعد أن تركها بمفردها وغادر بقيت مكانها وقد ازدادت حيرتها أكثر وتصاعد صراعها هي لا يمكن أن تقبل بتلك السيدة لا تشعر بأدنى ذرة من الرغبة في محاولة قبولها حتى!
ولكن والدها يرجو ذلك، وضعت رأسها بين يديها وقد اتعبها التفكير، مر أسبوع كان خلاله كل شيء يسير بوتيرة هادئة خصوصا أن علياء كانت تلازم السرير ولا تخرج من غرفتها بسبب إصابة قدمها وهذا ما أراح داليا التي لم تكن راغبة في رؤيتها فرغم كل حديث والدها، كانت البغضاء والكراهية لوجودها يزيد داخلها يومًا بعد يوم فتناست وجودها وعاشت مع والدها كأن شيئًا لم يحدث ولم يضغط أمجد على داليا حتى ترى علياء أثناء مرضها.
تماثلت علياء للشفاء حتى استطاعت النهوض على قدمها، لم ترى داليا في تلك الفترة فقد تحجج أمجد أن داليا تدرس لاختباراتها الوشيكة وأصرت على عودة الحياة الطبيعية رغم أن أمجد أخبرها بأنها يجب أن ترتاح لمدة أطول.
رفضت داليا الانضمام لهم على الغداء بحجة المذاكرة، فبعد أن انتهوا من تناول الطعام هبط أمجد حتى يصلي ففكرت علياء أن تذهب بالطعام لداليا حتى لا تبقى بدون طعام وتقيم بينهم شيء من الود بدل ذلك الجفاء المسيطر على المنزل.
طرقت الباب فقالت داليا بشرود: اتفضل.
دخلت علياء لينعقد حاجبيها لأنها وجدت داليا تلهو بهاتفها فاعتقدت أنها تستريح من المذاكرة.
ابتسمت لها وقالت بنعومة: جيبت لك الأكل لأنك مجتيش تأكلي فقولت أكيد جعانة.
رفعت داليا رأسها بدهشة فهي لم تتوقع أن تأتي علياء لغرفتها بل اعتقدت أنه والدها.
نظرت لها ثم صينية الطعام التي في يدها، نهضت داليا وتقدمت لها بخطوات واسعة بينما عينا علياء تراقبها بترقب.
سرعات ما شهقت علياء من الصدمة حتى ضربت داليا بيدها صينية الطعام بعنف وطاحت فتناثر الأكل على الأرض.
صاحت بها داليا بغضب: أنتِ إزاي تتجرئي تدخلي أوضتي؟ مين سمح لك تعملي كدة؟ عاملة نفسك الأم الحنونة وجايبالي أكل وفاكرة أنه كدة الدنيا هتمشي؟ لا فوقي لنفسك أنتِ مهما عملتي عمرك ما هتكوني ست البيت ده ولا هتاخدي مكان ماما، مش هيكون ليكِ مكان بيننا أبدا أنتِ فاهمة!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
وضعت علياء يديها على فمها بصدمة وحدقت بعيون متسعة للطعام المتناثر على الأرض ثم لداليا التي كانت تحدق إليها بعيون مشبعة بالحقد.
حاولت القول بارتباك رغم أن الدموع بدأت تتجمع في عينيها وتُنذر بالبكاء: ا.. أنا...
صرخت بها داليا: أنتِ إيه ها؟ بتحاولي تاخدي مكان مش مكانك ليه؟ فاكرة أني هقبلك لو عملتِ كدة؟
لم تنتظر داليا ردها وأشارت للباب: اطلعي برة ومتدخليش هنا تاني!
نظرت علياء لداليا ثم للطعام المتناثر على الأرض قبل أن تخرج وتذهب لغرفتها.
ذهبت لغرفتها، لم تستطع السيطرة على بكائها لقد توقعت أن ترفض داليا وجودها وقد ظنت أن من الممكن كسب ودها من الأيام لكن تلك الكراهية العميقة هي لا تستطيع مواجهتها إطلاقا!
اشتدت حيرة علياء من هذا الوضع ولم تعرف كيف ستتصرف فأمسكت بهاتفها واتصلت بأختها الأكبر منها "عايدة".
أجابتها أختها ببشاشة: عاملة إيه يا لولو وحشاني.
أجابت بنبرة لم تستطع إخفاء الحزن منها: الحمدلله يا حبيبتي وأنتِ أخبارك؟
لاحظت أختها أن صوتها ليس طبيعيًا فسألتها باستغراب: مال صوتك يا علياء؟
ابتلعت علياء غصة في حلقها قبل أن ترد بصوت متحشرج: تعبانة يا عايدة ومش عارفة أعمل إيه.
ردت عايدة بصوت قلق: مالك يا حبيبتي احكي لي.
أخذت علياء نفسا عميقًا وقالت بضيق: داليا مش بتحبني ولا متقبلاني وأنا مش عارفة أعمل إيه أنا حاولت كتير بس هي مش قابلة وأنا مبقتش قادرة استحمل أي توتر.
قالت عايدة بنبرة عقلانية يكتنفها بعض الاستياء على شقيقتها: بصي يا علياء أنا فاهماكِ يا حبيبتي بصي طالما مش نافع معاها حاجة متحاوليش معاها تاني سيبيها براحتها.
ردت علياء بحزن: أنا بس كنت عايزة كلنا ننسجم مع بعض مش نعيش متقسمين، دي مش بتطيق تشوف وشي حتى!
ردت عايدة ببساطة محاولة التخفيف عنها: معلش يا لولو كبري دماغك دي عيلة لسة والوضع جديد عليها متنسيش أنها في مرحلة مراهقة ده العيل الصغير مش بتقدري تأكليه غصب عنه ودي كبيرة أكيد مش سهل عليها، المهم الأمور بينك وبين جوزك تكون كويسة، أبوها هو اللي يعرف يتفاهم معاها خارجي نفسك من الموضوع ومع الوقت إن شاء الله تتقبلك وتبقوا زي السمنة على العسل.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تنهدت علياء وقالت بامتنان لأختها التي دائما تلجأ إليها: تسلمي لي يا حبيبتي أنا كنت محتاجة افضفض لأني احترت خالص.
قالت علياء بنبرة غامضة ممزوجة بالتحذير: علياء متحاوليش تعوضي أمومتك المفقودة في داليا، محدش هيتعب غيرك.
لم تنبس ببنت شفة فأردفت عايدة بحنان: أنا بتكلم لمصلحتك يا حبيبتي، أنتِ أختي الصغيرة وزي بنتي ومش عايزاكِ تعاني تاني.
تنهدت علياء وقالت بهدوء: حاضر يا حبيبتي، مع السلامة.
مرت بقية الأيام في شيء من الروتين والهدوء لم يكن يجتمع الكل إلا على وجبات الطعام وفي بعض الأحيان كانت داليا تتحجج بدراستها ولا تنضم لهم وفي مطلق الأحوال لا توجه أي حديث لعلياء إلا ذلك الوضع لم يستمر فسرعان مابدأت داليا تحادث علياء على وجبات الطعام بعبارات عابرة أو تجلس معهم أثناء مشاهدة التلفاز مما أثار استغراب أمجد وعلياء ولكن في نفس الوقت فرحهم لتقبل داليا للوضع الجديد.
كان أمجد قد دعى أخته وزوجها لتناول الغداء معهم، فنهضت علياء باكرًا حتى تحضر كل شيء لأنها أول دعوة لبيتها كمتجوزة وهي ترغب بأن تحسن ضيافة أخت زوجها.
بعد أن انتهت من إعداد الطعام وقد جهز كل شيء للتقديم تقريبا ذهبت لتغير ملابسها، حضرت نورا وزوجها وقد خرجت داليا لتستقبل عمتها.
ضمتها عمتها وهي تقول بابتسامة عريضة: عاملة إيه يا داليا؟ وعاملة إيه مع طنط علياء؟
ابتسمت داليا وردت بهدوء: كويسة الحمدلله.
ربتت على كتفها:طبعا أنا عارفة إنك بنت شطورة وعاقلة.
تقدم أمجد وضمها له وهو يحدق إليها بحنان: طبعا داليا شاطرة وعاقلة طول عمرها مش محتاج كلام.
توترت داليا وارتبكت فاشأحت ببصرها عن والدها.
قالت علياء بكياسة: اتفضلوا الأكل جاهز على السفرة.
تقدموا للسفرة التي كانت مرتبة بعناية وأناقة وجلسوا لتناول الطعام.
لكن ما إن بدأوا بتناول الطعام حتى انكمشت ملامح نورا من الاشمئزاز وهي تفلت الملعقة من يدها وترفعها لفمها: إيه ده!
نظر لها أمجد وعلياء باستفهام وكانوا على وشك سؤالها حين قال زوجها بنبرة تملأها التقزز: إيه الأكل ده! أنتوا لو قاصدين تجيبوا لنا القلب مش هتأكلونا الأكل ده!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
حدقت إليهم علياء بذهول دون أن تفهم فقامت بتذوق الطعام لتتسع عيونها من الصدمة، كان مذاق الطعام سئ للدرجة التي تحث على التقيؤ فقد كان ملئ بالملح حتى أن من يأكل لا يتذوق غيره.
تذوق أمجد هو الآخر لينهض للحمام بسرعة ليبصق ما أكله.
رفعت علياء رأسها وقالت بارتباك: ااا أنا آسفة معرفش ده حصل إزاي والله.. أنا كنت...
قاطعتها نورا باستياء: متعرفيش إزاي بس يا علياء هي دي غلطة تتفوت؟ ده كأننا بناكل ملح من العلبة!
عاد أمجد ليوجه حديثه لنورا بجدية: نورا علياء طباخة شاطرة أكيد اللي حصل ده غلطة غير مقصودة.
ذمت نورا شفائها بانزعاج فقال زوجها بضيق: بس نورا معاها حق يا أمجد دي لا يمكن تكون غلطة غير مقصودة أنت عزمتنا علشان تهزقنا؟
قبل أن يتكلم أمجد نهضت داليا ووقفت بجانب علياء قائلة بنبرة دفاعية: ايوا بابا معاه حق يا عمتو، طنط علياء لا يمكن تعمل كدة قصدًا، بعدين نتكلم شوية بالمنطق هي هتعزمكم مخصوص وتتعب في الأكل علشان تبوظه؟
الموضوع بسيط ومش محتاج كل العصبية دي.
كانت الدموع تتجمع في عيون علياء من شعورها بالإهانة حتى تفاجأت مع الجميع بدفاع داليا عنها حتى أنها نظرت لها بذهول.
ابتسم أمجد برضى واقترب من ابنته ليقبلها من رأسها ويقول بفخر لأخته وزوجها: شوفتي يا نورا داليا حليتها ببساطة مش معقول علياء تتعب في الأكل من الصبح علشان تبوظه في الآخر!
ثم أردف بنظرة صارمة لزوج أخته: وعيب الكلام ده يا إبراهيم، من امتى بعزمك في بيتي علشان اهزقك ولا أقلل منك؟
نكس إبراهيم رأسه بإحراج فتابع أمجد بهدوء: اتفضلوا اقعدوا وأنا هطلب أكل من برة، وحصل خير.
مر بقية اليوم على خير وقد عادت علياء بالتدريج لطبيعتها وتصرفات بلباقة مع ضيوفها حتى غادروا، احتارت في أمر الطعام لأنها متأكدة أنها قد أتقنت كل شيء ولم تخطئ أم ربما أخطأت سهوا؟
اتعبها التفكير في الأمر فأقنعت نفسها أنه ربما خطأها، أرادت أيضا أن تشكر داليا عن دفاعها عنها اليوم إلا أنها خشيت أن تنزعج منها وتحدث مشكلة جديدة إن ذهبت إليها فقررت أن تشكرها إذا كانت هي من بادر بالتحديث إليها مرة أخرى.
بعد مرور يومين كان كل شيء يسير كالمعتاد، كانت علياء تحضر الطعام حين دلفت داليا للمطبخ.
اقتربت منها داليا وقالت بابتسامة هادئة: تحبي أساعدك؟
رفعت علياء عينيها لها بذهول للحظات قبل أن تجيب بترحيب: أكيد طبعا لو عايزة.
نظرت داليا إلى ما في يدها وقالت بتساؤل: بتعملي محشي؟
أومأت علياء بابتسامة: أيوا سلقت ورق العنب ودلوقتي بقور الكوسة عرفت أنك بتحبي ورق العنب من أمجد صح؟
أومأت داليا ثم قالت بعفوية: طب أساعدك في إيه؟
أشارت لها علياء: شوفي الفرخة كدة استوت ولا لا علشان اطفي عنها.
ذهبت داليا من ورائها بينما أكملت علياء عملها حين قالت داليا فجأة بحماس: تعرفي سمعت عمتو بتكلم بابا امبارح كانت بتسأله أنتِ هتحملي امتى بقى يا طنط.
ثم تابعت وهي تفعل ما طُلب منها: تعرفي سمعت عمتو قبل كدة كتير بتتكلم أنه الواحدة لازم لما تتجوز تخلف وإلا ساعتها مش هتبقى مالية عين جوزها، حتى كنت بسمع الستات اللي بتقعد معاهم لأني علطول ببقى قاعدة أنا كمان أنه الست اللي مش بتخلف دي بتبقى ناقصة ومش زي أي ست ده حتى بيقولوا عليها أرض بور مش نافعة لأنها لو مقدرتش تجيب ولاد زي ما مفروض تعمل ساعتها إيه لازمتها؟
رفعت داليا كتفيها بحيرة بينما تكمل حديثها: ده حتى بيتقال عليها مش نافعة معرفش يعني إيه مش نافعة دي بس يمكن أنها مش هتقدر تسعد جوزها، المهم سمعت كلام كتير من ده قبل كدة افتكرته وعمته بتكلم بابا امبارح.
أنهت حديثها بمكر: فصحيح يا طنط أنتِ هتجيبي لي أخ ولا أخت امتى ألعب معاه؟ تعرفي ساعتها هفرح أوي!
حدقت داليا لظهر علياء بطرف عينيها والخبث يلمع فيهما بينما منذ بداية حديث داليا كانت يد علياء تتوقف عن العمل ببطء حتى تجمدت مكانها على نفس الوضعية وهي تحدق أمامها دون أن ترى شيئًا، كان هناك ألم يمزق قلبها تشعر أن لو كان هناك سكين غُرس في قلبها لما كان الألم أكبر مما هو عليه، ذلك الألم جعلها غير قادرة حتى على الحديث ولسانها عاجز عن النطق بالكلام.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كررت داليا كلماتها بانزعاج حين لم ترد عليها علياء: الفرخة استوت أعمل إيه؟
وأخيرا استعادت علياء شيء من وعيها بما حولها فازدردت ريقها بصعوبة قبل أن ترددد بصوت مبحوح: تقدري تروحي أوضتك أنا هكمل.
رفعت داليا حاجبها بتعجب إلا أنها لم تهتم وذهبت لغرفتها، وضعت علياء ما بيدها على الطاولة ثم حاولت وهي تستند إليها فقد شعرت في تلك اللحظة أنها غير قادرة على الوقوف لوحدها، تحركت بقدمين ثقيلتان حتى وصلت لغرفتها.
جلست على سريرها ثم أغمضت جفنيها رغم ذلك تسربت الدموع منها حارة على خديها فلم تعلم داليا أبدا ما أحدثته بحديثها العفوي ذلك داخل علياء.
في ذلك اليوم لم تتناول علياء الطعام معهم في أي وكبة وبقيت مستلقية في السرير وقد أخبرت أمجد أنها تشعر بقليل من التعب والإرهاق.
نظر أمجد لوجهها الشاحب بقلق: طب قومي نروح للدكتور نطمن عليكِ.
ابتسمت له ابتسامة شاحبة: متقلقش نفسك ده شوية هبوط عادي وهبقل كويسة كمان شوية.
بعد أن أحضر لها طعامها في السرير ذهب ليتناول الطعام في الخارج مع داليا حتى لا تستاء، كان يجلس وهو يفكر في شحوب علياء والحزن الذي حاولت إخفاءه عنه رغم ذلك لاحظه حين قالت داليا بضيق: مالك يا بابا مش مركز معايا ليه؟
ابتسم لها وقال معتذرا: معلش يا حبيبتي سرحت وأنا مش واخد بالي قولي لي كنتِ بتقولي إيه؟
وضعت ذراعيها على الطاولة وقالت بحماس: إيه رأيك نخرج بكرة نروح المول؟ عايزة اشتري شوية حاجات وبالمرة بقالنا كتير مخرجناش.
ثم تابعت مقترحة: وطنط علياء تقدري تيجي معانا كمان لو حابة.
عقد أمجد حاجبيه باستغراب وضحك: ده بجد يا داليا؟
أومأت داليا بسرعة: اه طبعا.
نظرت للطاولة وهي تعبث في مفرشها: صحيح مكناش متفاهمين في الأول بس مش هنفضل طول العمر بحاول يعني.
ابتسم أمجد بارتياح وهو يمد يده ويمسك بيد داليا عبر الطاولة قائلا بحنان: كنت متأكد أنه هيجي يوم وتفهميني يا داليا وأنا عارفة أنك عاقلة.
ابتسمت له داليا دون أن ترد وعيناها تشرد بتفكير.
أخبر أمجد علياء بفكرة داليا فحاولت إظهار الاهتمام لها لأنها أول بادرة من داليا بتقبلها لها وقد تحاملت على نفسها لتخرج معهم.
ساروا في المركز التجاري من متجر لآخر بسبب طلبات داليا حين توقفت فجأة فقال أمجد بتعجب: مالك يا داليا؟
ابتسمت بخجل قبل أن تتقدم لعلياء وتهمس في أذنها فابتسمت علياء لها بحنو وردت: داليا محتاجة شوية حاجات للبنات يا أمجد.
فهم أمجد فأعطى علياء بعض النقود وأخبرهم أنه سيجلس في إحدى المقاهي حتى ينتهوا.
كانت علياء تسير مع داليا ورغم جو الألفة الجديد إلا أن علياء كانت شاردة رغما عنها في كلمات البارحة فقد أحيت ذكريات ظنت أنها استطاعت دفنها ونسيانها للأبد، ذكريات بغيضة على قلبها لا ترغب في تذكر شيئًا منها أبدا.
فجأة أفاقت من شرودها لتجد أنها تسير لوحدها دون داليا، تلفتت حولها فلم تجد أي أثر لها.
توترت ولم تعرف ماذا تفعل فعادت للوراء قليلا حتى ترى إن كانت توقفت عند متجر دون أن تنتبه لها، ظلت تبحث عنها لبعض الوقت وتسأل عنها في المتاجر دون فائدة وحين تعبت من إيجادها وقفت مكانها تجوب ببصرها جميع أرجاء المركز التجاري بخوف وحيرة وهي تنادي بصوت عالي ملئ باليأس: داليا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
لم تجد علياء أي حل غير أن تتصل بأمجد فقد نفذ عقولها من الحلول وعلى الفور حضر أمجد الذي سألها بقلق: فين داليا يا علياء؟
نظرت له علياء بارتباك: معرفش يا أمجد أنا كنت ناسية فجأة ملقيتهاش جنبي.
رد أمجد بحدة: يعني إيه معرفش! مش المفروض أنتِ المسئولة عنها؟ إزاي فجأة ملقيتهاش؟ أكيد مختفيتش!
زفر أمجد بحدة ثم أخرج هاتفه ليتصل بها إلا أن قسمات وجهه تغيرت للقلق الشديد حين سمع أن هاتفها مغلق.
نظر حوله بحيرة حين عاتب علياء بشدة قائلا: المفروض داليا أمانتك يا علياء إزاي بس يحصل كدة!
توترت علياء بشدة فقد شعرت بالخوف على داليا رغم أنها لم تنبهها قبل أن تفترق عنها!
خوف جديد بدأ يطرق باب قلبها أيعقل أن تكون قد خُطفت؟!
نظرت لأمجد برعب وشحب وجهها وكانت على وشك أن تصارحه بمخاوفها حين سمعت صوت داليا من ورائها.
قالت داليا بابتسامة وهي تقترب من والدها: إيه بابا مش قولت هتستنى لحد ما نخلص ونكلمك؟
نظر لها والدها بدهشة ممزوجة بارتياح ثم تقدم وضمها له بقوة وتحدث بصرامة: كنتِ فين يا داليا وتليفونك مقفول؟
ردت داليا بتعجب: كنت بشتري حاجة ليا يا بابا وتليفوني فصل شحن.
ثم نظرت لعلياء ببراءة مصطنعة: وبعدين أنا قولت لطنط علياء أنا راحة فين مش كدة يا طنط؟ بس أنا دورت عليكِ في المكان اللي سيبتك فيه أنتِ مشيتي من غير ما تقولي لي ليه وأنتِ عارفة أني مش هعرف أكلمك؟
حدقت إليها علياء بصدمة: أنتِ قولتيلي كدة؟
كانت عيون أمجد تحدق إليها باتهام فنظرت للأرض بحيرة وهي تهز رأسها بقوة: بس أنا مش فاكرة أي حاجة من دي.
ضم أمجد داليا إليه وقال لعلياء بنبرة تأنيب خفية: يلا نروح ولينا كلام تاني مع بعض في البيت.
استدار ليسير بجانب داليا التي أخفت ابتسامة خبيثة بينما وقفت علياء مكانها تلتقط أنفاسها من الحيرة والضياع اللذان تشعر بهما، تحاول أن تتذكر حديث داليا وهل هي توجهت لها بالكلام بالفعل وهي لم تنتبه إلا أنها لم تتمكن من التذكر لأنها كانت شاردة حينها.
في النهاية تحركت ورائهما وعادوا إلى البيت بصمت، حين دلفت لغرفة النوم وراء أمجد استدار لها وقال بغضب ويديه على خصره: ممكن تفهميني اللي حصل النهاردة؟
ردت علياء بهدوء: أمجد أنا نفسي مش عارفة اللي حصل النهاردة، أنا بجد مش فاكرة أنها قالتلي!
رفع حاجبه باستنكار: والله؟ إزاي وهي قايلالك بنفسها!
جلست علياء وردت بنبرة محملة بالضيق: أيوا يا أمجد أنا بحكي لك اللي حصل وردك ده معناه أنه أنت بتكدبني.
مسح وجهه وهو يحاول تهدئة نفسه: علياء أنتِ عارفة أني مش بكدبك بس أنتٓ فاهمة قصدي كويس وفاهم أني كنت مرعوب على بنتي.
نظرت علياء للناحية الأخرى حتى لا يرى دموعها وقالت بصوت متحشرج: وهو أنت فاكر علشان مش بنتي مش هخاف عليها وهبقى مهملة فيها؟
تنهد أمجد وجلس بجانبها واضعًا يديه على كتفيها معتذرًا: علياء أنتِ عارفة أني مقصدش بس قدري موقفي أنتِ داليا عندي إيه.
أومأت برأسها وقالت بصوت خافت: أنا هرتاح شوية.
راقبها بضيق وهي تستلقي ثم خرج من الغرفة، مر اليوم بشكل متوتر حتى كان الجميع صامتًا على طاولة الطعام فيما كانت داليا تراقب الأجواء بين والدها وزوجته وداخلها سعادة منتشية لأنها نجحت في مسعاها اليوم.
كانت علياء تشعر بضرورة التحدث مع داليا فيما حدث اليوم لذلك قررت أن تذهب لغرفتها، كان الباب شبه مغلق ولكن لا يجوز أن تدخل فجأة فرفعت يدها لتطرق الباب ثم توقفت مكانها من الذهول.
كانت تسمع داليا تضحك ومن الواضح أنها تتحدث مع أحد على الهاتف.
تابعت داليا حديثها بمكر: طبعا! هي لسة شافت حاجة، لازم تعرف كويس أنها ولا حاجة وتندم على اليوم اللي دخلت فيه حياتنا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ذُهلت علياء مما تسمعه وفي تلك اللحظة انتبهت لها داليا فأنهت المكالمة بسرعة ثم نهضت عن سريرها وتقدمت لتفتح الباب بغضب: أنتِ إيه اللي موقفك قدام باب أوضتي بالشكل ده؟ بتتصنتي عليا؟
تحكمت علياء في تعبيراتها وقالت بوقار: أنا مش بتصنت عليكِ بس كنت جاية أتكلم معاكِ في موضوع وشوفت باب أوضتك مفتوح وصوتك كان عالي.
عقدت داليا حاجبيها بعدم اقتناع وتابعت باستنكار: لو كدة كنت نبهتيني مش وقفتي تسمعي! أنتِ أكيد قاصدة اللي بتعمليه علشان تضايقيني.
نظرت لها علياء بدهشة من تفسيرها للأمور ولكنها قالت بنبرة جدية: أنت تفكيرك عني مش سليم خالص وبعدين يا داليا أنا جيت أكلمك في موضوع مهم، اللي حصل في المول لأني حقيقي مش فاكرة أنك كلمتيني أصلا.
توترت ملامح داليا ولكن تمالكت نفسها وقالت بنبرة عصبية: والله؟ هو ده الموضوع المهم اللي بتداري بيه دلوقتي؟ أنا قولت الحقيقة أنتِ فاكرة ولا مش فاكرة دي مش مشكلتي.
شعرت علياء بوجود شيء خفي في قسمات وصوت داليا فقالت بشك: طيب أنا يمكن فعلا مخدتش بالي بس مين اللي كنتِ بتتكلمي عليها بالشكل ده؟ واضح أنها واحدة فعلا بتكرهيها.
ازداد توتر داليا وكادت أن تشحب فقالت بضيق مصطنع: يعني برضو كنتِ بتسمعيني بتكلم بس على العموم دي واحدة أعرفها عملت نفسها صاحبتي وفرقت بيني وبين أغلى صاحبة عندي علشان كدة أنا مش هسكت لها.
رغم أن شيء أشعر علياء بعدم الاقتناع الكلي إلا أنها صدقتها، ولج أمجد في تلك اللحظة وهو يقول باستغراب: مالكم في إيه؟ واقفين كدة ليه؟
انتهزت داليا الفرصة وارتمت في أحضان والدها باستياء: أنا كنت بسأل طنط علياء يا بابا ليه واقفة عند باب أوضتي وبتسمع كلامي مع صاحبتي فكرتني بزعق لها بس أنا كنت مستغربة.
اترفع حاجبي علياء بذهول بينما نظر لها أمجد بلوم: الكلام ده صحيح يا علياء؟
ردت علياء بنبرة إنكار تام لما تسمعه: لا طبعا يا أمجد أنا قولت لها مكنش قصدي كنت رايح أكلمها وسمعتها بالصدفة.
زفر أمجد بضيق: خلاص حصل خير، مش لازم نعمل موضوع على أمر تافه زي ده.
أحست علياء بشعور من الكدر لأنه من الواضح أن أمجد أقفل الموضوع دون أن يقتنع بما يسمعه منها وفي نفس الوقت نظرت لداليا وكثير من التساؤلات تدور في رأسها، هل فعلا داليا تصدق ماتقوله؟ إن كل تلك الأمور أكثر مما تحتمل إحتمال الصدفة وسوء التفاهم خاصة وأن الأمور تسوء بينها وبين أمجد، ذهبت من أمامهم بسبب ضيقها فاستغلت داليا ذلك وقالت بنبرة حزن مزيفة: ساعات يا بابا بحس أنه طنط علياء مش بتحبني.
قال أمجد بقلق: ليه بتقولي كدة يا حبيبتي؟ لا طبعا طنط علياء بتحبك.
أردفت بنفس النبرة: أنا بحاول على قد ما أقدر أتقبل الموضوع يا بابا وأنت عارف أنه مش سهل عليا خالص بس ده اللي بحسه بجد.
صمت أمجد ومسح على شعرها بحنان قبل أن يبعدها ليقبل جبينها بحنان: حبيبتي متشغليش بالك بالمواضيع دي خالص دلوقتي أهم حاجة مذاكرتك وامتحاناتك، مش أنتِ نفسك تجيبي مجموع يدخلك ثانوي أو تمريض؟
أومأت برأسها فربت على خدها: يبقى متفكريش بحاجة تانية اتفقنا؟
في اليوم التالي أخبر أمجد علياء أنه سيتأخر في عمله لبعض الظروف الطارئة ورغم الجفاء الذي بينهما إلا أن علياء طمأنته أنها ستهتم بداليا وستنتظره لحين عودتهما فقد كانت داليا ذهبت لمراجعة الدروس النهائية للاستعداد للامتحان.
أشارت عقارب الساعة للثامنة ففكرت علياء يديها بتوتر، لقد كان موعد عودة داليا هو السادسة والنصف وإن تأخرت لشيء ما فهو السابعة ولكنها لم تعد كما أن هاتفها مغلق وهي لم ترد أن تُقلق أمجد بدون داعي كما المرة الماضية.
كانت جالسة تنتظر حين رن هاتفها برقم غريب فلم ترد لأنها لا تجيب أبدا على الأرقام المجهولة ولكن حين تكرر الإتصال تنهدت بحنق وأجابت: نعم؟ مين معايا؟
أتاها صوت داليا فزعًا: طنط علياء ممكن تيجي تاخديني أنا موبايلي فصل شحن وفلوسي خلصت ومش عارفة أروح وبكلمك من تليفون صاحبتي لأنه هي كمان مش معاها فلوس تكفينا.
نهضت علياء بخوف: طب أهدي يا حبيبتي، قوليلي أنتِ فين وأنا هاجي لك.
أخبرتها داليا بمكانها فاتسعت عيون علياء بغرابة: إيه اللي وادكي هناك كدة؟ طيب أنا جاية حالا.
أسرعت علياء تبدل ملابسها وهي تتعجب داخلها من ذلك المكان البعيد الذي ذهبت إليها داليا فالمسافة بينهم وبين ذلك المكأن تأخذ من الوقت أقل شيء ساعة ونصف.
كانت علياء طوال الطريق تدعو أن تصل لداليا قبل أن يشعر أمجد بشيء ولكن الغريب أنه حين حاولت علياء الإتصال بذلك الرقم مرة أخرى وجدته مغلقًا مما زاد في قلقها، وصلت ذلك المكان وهي تتصل عدة مرات ولكن كان يعطيها نفس النتيجة فازداد خوفها وهي تبحث عنها، مر ساعة دون أن تشعر حتى فاجأها إتصال أمجد فنظرت للهاتف بارتباك قبل أن تجيب بحذر: أيوا يا أمجد.
أتاها صوت أمجد ملئ بالسخط والامتعاض: أنتِ فين يا علياء؟ وعارفة الساعة كام؟ إزاي تخرجي من غير ما تقوليلي!
صمتت بتوتر فهي لا تدري بما تجيبه فحاولت القول بتوتر: خرجت في حاجة مستعجلة يا أمجد و...
قاطعها بانزعاج شديد: وإيه الحاجة المستعجلة دي اللي تخليكي تسيبي البيت فجأة؟ ومخدتيش داليا معاكِ ليه إزاي تسيبيها لوحدها في البيت؟
رددت علياء بعدم استيعاب: داليا؟
أكد أمجد بغيظ: ايوا داليا، وأنتِ عارفة كويس أنه مينفعش تسيبي بنت في سنها لوحدها في الشقة في وقت زي ده!
كانت علياء تستمع بعدم تصديق وكررت: داليا عندك؟
أخذ أمجد عدة أنفاس ليسيطر على غضبه: أيوا إيه اللي مش مفهوم في الموضوع؟ أنتِ فين علشان اجي أخدك؟
ردت علياء بنبرة هادئة للغاية أثارت استغرابه: مفيش داعي تيجي أنا راكبة وجاية في الطريق.
ثم أغلقت الهاتف وكل شيء يتجمع في ذهنها ليُشكل صورة منطقية أخيرا عن كل تصرفات داليا في الفترة الأخيرة من تقرُبها منها ثم المشاكل التي تحدث بينها وبين والدها بشكل غريب وبلا سبب يستحق ودون شعور انهمرت دمعتان على خدها فقد طغى عليها شعور سخيف بالخيانة منها رغم أن داليا لم تقُل شيء بشكل واضح ولكن علياء شعرت بأن حلمها بحياة طبيعية وتكون أسرة لها قد بدأ يتحقق بعد كل تلك المعاناة التي عانتها وقد اعتقدت أن صبرها كفيل بجعل ذلك يتحقق ولكنها كانت مخطئة وكان يجب أن تستمع لنصيحة أختها، لقد كانت أختها محقة حين نصحتها وحذرتها ألا تُعوض أمومتها المفقودة في داليا.
وصلت إلى البيت في وقت متأخر وبين فترات منتظمة كان أمجد يتصل حتى يعلم بمكانها وقد رفضت أكثر من مرة بإصرار غريب أن يأتي ليأخذها.
دخلت لتجد أمجد واقفًا ينتظرها بينما داليا جالسة ولا تنظر لها بل تنظر للناحية الأخرى، ثبتت عيون علياء عليها للحظات بلوم قبل أن تغلق الباب ورائها.
كتف أمجد ذراعيه بهدوء ظاهري: كنتِ فين؟
أجابت علياء بثبات: داليا اتصلت عليا من رقم صاحبتها وقالتلي أنها في مكان بعيد ولوحدها مش معاها فلوس وتليفونها فصل شحن فأنا لبست روحت لها وتقدر تسألها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نهضت داليا على الفور تصيح بإنكار: محصلش يا بابا أنت عارف أنا كنت فين ورجعت البيت امتى وأنت جاي لاقيني هنا من بدري!
كانت علياء مأخوذة بمدى وقاحة داليا وكذبها خصوصا حين رد أمجد بعيون متسعة بعدم تصديق مما تقوله: علياء إيه اللي بتقوليه ده! داليا مراحتش في حتة غير الدرس وأنا كنت متابع معاها علطول ومعايا اللوكيشن بتاعها اللي مفيش بيننا وبينه ربع ساعة! ولما رجعت البيت كلمتني أنها ملقتكيش موجودة وأنها لوحدها كنت مفكر أنك برة بتجيبي حاجة وراجعة لحد ما كلمتني تاني أنك لسة مرجعتيش فسيبت كل حاجة وجيت!
لم تستطع علياء استيعاب كل ما تسمعه وكيف حيكت ضدها تلك المؤامرة المُحكمة من فتاة لم تبلغ بعد الخامسة عشر!
رأت داليا أن والدها غاضب بشكل كبير فقالت بسرعة حتى لا تعطي فرصة لعلياء حتى ترد: وبعدين أنا تليفوني مفصلش شحن وريني كدة الرقم اللي بتقولي عليه لصاحبتي أو اتصلي علشان نفهم.
نظرت لها علياء وقد الجم لسانها ما يحدث فأخرجت هاتفها واتصلت بذلك الرقم لتجده مغلقًا وقد فَعَلت مكبر الصوت حتى يسمع الجميع.
تقدمت داليا لها وقالت بانتصار وهي تأخذ الهاتف منها وتطالعه ثم تديره لوالدها: ده مش رقم أي حد من أصحابي يا بابا وأنت عارف وبعدين أنا كنت بكلمك من تليفوني وكان مفتوح!
نظر أمجد للهاتف ثم لعلياء وسألها بخشونة: ها؟ معندكيش حاجة تقوليها؟
سيطر على علياء تلك اللحظة شعورًا بالظلم الشديد، ظلم لجُرم لم ترتكبه ولا ذنب لها فيه.
كانت نظرات أمجد تُدينها بقوة فردت بحدة ممزوجة بالقهر: أنا قولت كل اللي عندي ومسمحلكش يا أمجد تكلمني بالطريقة ولا تبص لي بالنظرات دي أنا قولت الحقيقة وربنا شاهد عليها، اخترت تصدق متصدقش أنت حر! أنا معنديش أي حاجة أخبيها.
حدقت داليا إلى والدها بقلق وهي تراه يفكر فشعرت أن كل ما فعلته ربما ينهدم ويصدق والدها علياء فصرخت ببكاء زائف: أنا كنت حاسة من الأول أنك لما تتجوز هتتغير عليا لأنها هتكون أهم مني لكن قولت أني مفيش أهم مني ودلوقتي كل اللي كنت بفكر فيه طلع صح هي مش بتحبني ولا أنت بقيت تحبني!
ثم ركضت لغرفتها تحت أنظار علياء الغامضة وأمجد القلق وأغلقت الباب ورائها بقوة، ذهب أمجد ورائها وهو يطرق الباب قائلا بصرامة: داليا اطلعي نتكلم مينفعش اللي قولتيه ده!
صرخت داليا: لا مش هفتح أنا عايزة أقعد لوحدي سيبوني لوحدي.
تنهد أمجد ثم ابتعد عن الباب واستدار لعلياء التي قالت بحزم: مفيش داعي نكمل نقاش دلوقتي، الوقت متأخر والجيران زمانهم سمعوا أصواتنا.
لم يرد أمجد وقد ازداد ذلك الصراع داخله بين تصديق زوجته وبين ابنته التي لم يشك بها قط ولكن في نفس الوقت زوجته لا سبب لديها حتى تختلق ذلك الأمر إلا كانت تريد التخلص منها كما قالت داليا!
فرك رأسه بتعب من الصداع ثم دلف لغرفة النوم بينما بقيت علياء مكانها تسيطر على انفعالها بشق الأنفس نظرت بيدها التي ترتجف فشدت عليها بقوة، مر بعض الوقت وهي مكانها، لم تطق أن تدخل غرفة النوم وبينها وبين أمجد تلك المعضلة الكبيرة وقد تألمت من موقفه تجاهها فهي تقدر حبه لابنته ولكن عليه في نفس الوقت أن يفكر بعقله في تصرفاتها.
نظرت لباب غرفة داليا بتصميم وهي تعلم أنها لن تنم إلا حين تحصل على إجابات لأسئلتها فتقدمت وطرقت الباب ليأتيها صوت داليا بعناد: مش هفتح الباب.
قالت علياء بعناد أشد: ده أنا يا داليا ومش همشي غير لما تفتحي وأتكلم معاكِ.
ورغم اعتقاد علياء أن داليا ستُصر على موقفها إلا أنها تفاجأت حين فتحت الباب لها وتطلعت لها بصمت.
تراجعت داليا لتسير علياء ورائها ثم وقفت علياء أمام داليا وطالبتها بشِدَّة: ممكن أفهم بقى اللي حصل النهاردة؟ أظن كل حاجة بقت واضحة ومكشوفة، ليه عملتي كدة؟
كتفت داليا يديها وطالعت علياء من أسفل لأعلى ثم قالت بنبرة باردة: وأنتِ ليه مفهمتيش أنه ده مش مكانك من الأول؟ حاولت أوريكي بس مكانتك هنا.
طالعتها علياء بعدم تصديق: بالكذب؟ بالغش؟ بالخداع والمؤامرات؟ أنا عملت لك إيه لكل ده؟ أيوا متفهمة وضعك إنما أنا مأذتكيش علشان تأذيني بالشكل ده!
للحظات كاد شعور بالذنب أن يظهر على وجهها إلا أنه تجعدت ملامح داليا بالحقد وقالت بشراسة: لا عملتي! أذتيني يوم ما دخلتي وحاولتي تاخدي مكان ماما! ودلوقتي وريتك الحقيقة أنه عمرك ما هتاخدي مكانها وأظن بابا خلاص حدد موقفه ويصدق مين ومين لا!
هزت علياء رأسها وردت باعتراض ممتعض: بس أنا عمري ما حاولت أخد مكانها! وأنتِ عارفة كدة كويس أنا بس كنت بحاول العلاقة بيننا كويسة حتى لو كنت صاحبتك علشان نعيش كلنا كويسين ومفيش مشاكل!
ثم تابعت بنبرة ثقة: معاكِ حق والدك بيحبك جدا بس في نفس الوقت هو راجل عاقل وواعي ولما يفكر مع نفسه ويوزن الأمور هيقدر يكتشف بسهولة مين ورا كل المشاكل دي ومين الغلطان.
توترت داليا لبضعة لحظات ثم وقفت صامتة أمامها وقد ابتسمت ابتسامة غامضة أثارت تعجب علياء إلا عيونها اتسعت بصدمة حين فجأة رفعت داليا يدها وشدت التيشيرت الذي ترتديه من عند الرقبة ليتمزق جزء صغير من عند الكتف ثم صفعت نفسها على وجهها وبعثرت شعرها وصرخت بألم مزيف بصوت عالي حتى يصل مسامع والدها : ااه! ليه كدة يا طنط علياء؟ ليه تضربيني أنا عملت لك إيه! متشديش شعري حرام عليكِ!
تراجعت علياء مصدومة بشدة وهي تضع يديها على فمها مما تراه أمامها.
ركضت داليا إلى والدها حين رأته آتيا بسرعة فتبعتها علياء على الفور.
بكت داليا بدموع مزيفة: شوفت يا بابا مراتك عملت فيا إيه؟ أنا معملتش حاجة لكل ده ليه تضربني؟
تطلع أمجد لمظهرها المشعث واحمرار خدها بصدمة ثم نظر لعلياء التي هزت رأسها بقوة وهي مازالت تنظر لداليا وقد فاق كل توقعاتها ما تفعله داليا الآن.
تقدمت علياء وأنكرت بقهر: والله يا أمجد محصلش! والله..
قاطعتها داليا بحسرة: ليه كل ده؟ علشان بس قولت الحقيقة قدام بابا؟
ثم نظرت لوالدها بانكسار: أنا قولتلك أنها مبتحبنيش وأنت مصدقتش، طلعت أنت كمان مش بتحبني أنا محدش بيحبني!
ثم استدارت لغرفتها على الفور ثم أغلقت الباب ورائها بالمفتاح، استندت إلى الباب وهي ترتجف تستمع للأصوات الغاضبة والمشاجرة الكبيرة بين والدها وزوجته.
تقدمت إلى سريرها وهي مازالت ترتعش، لقد أحست أنها أخيرا انتصرت وقد أحدثت شق غير قابل للإصلاح بين والدها وزوجته إلا أنها مازالت لا تصدق ما تجرأت على فعله الآن.
شجعت نفسها أنها فعلت ما يجب ثم بيد مرتجفة أمسكت بهاتفها واتصلت تنتظر رد الطرف الآخر بشوق.
حين أجاب الطرف الآخر قالت داليا بابتسامة مرتجفة: أيوا؟ أنا عملت كل اللي أنتِ قولتي عليه يا ماما!
يتبع.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ابتسمت حسناء بزهو وهي تتطلع للشخص الذي بجانبها بمكر: بجد يا حبيبة ماما؟ طب وحصل إيه؟
سردت لها داليا كل ما فعلته وقالته كما أوصتها من البداية حتى النهاية لتُثني عليها حسناء بتشجيع: برافو يا حبيبتي أنتِ كدة عملتي الصح وسمعتي الكلام.
سألتها داليا بتردد: طب كدة أعمل إيه لو بابا جه سألني أو كلمني في حاجة يا ماما؟
طمأنتها قائلة: هقولك ساعتها تعملي إيه كفاية كدة لحد النهاردة ونامي بكرة نتكلم.
سألتها داليا بقلق لم تخفيه: اللي بنعمله ده هو الصح يا ماما صح؟ يعني أكيد هترجعوا أنتوا وبابا بعد كل ده؟
أكدت لها حسناء على الفور بنبرة حنان مزيفة: طبعا يا روحي أمال إحنا بنعمل كل ده ليه؟ مش أنتِ واثقة في ماما؟ خلاص اطمني كلنا هنبقى مع بعض قريب خالص.
قالت الجملة الأخيرة وهي تنظر بخبث للشخص الذي بجانبها الذي كتم ضحكته ثم أغلقت معها وألقت الهاتف إلى جوارها: إيه رأيك؟
ضحك بشدة: مش سهلة طول عمرك يا حسناء.
بادلته الضحك قبل أن تتحدث قائلة بتوعد: لا ولسة اللي جاي كله على مزاجك!
تذكرت اليوم الذي عملت به بأن أمجد تزوج مرة أخرى، يومها شعرت بالغيظ الشديد ولكن عادت فهدأت وقد قررت بعد كل هذه السنوات أن تعود لتجعل حياته الجديدة جحيمًا ولكن بشكل خفي دون أن تظهر في الصورة ولم تجد أسهل من داليا التي كانت تعلم أكيدة أن أمجد لم يخبرها شيء عن سبب طلاقهم، لذلك علمت بطريقها عن تفاصيل حياة داليا ومواعيد دورسها وانتظرتها في مرة لتقابلها.
كانت داليا تسير خارجة حين نادتها حسناء فتوقفت داليا مكانها لا تصدق أذنها الصوت الذي تسمعه فعادوت حسناء مناداتها فالتفتت داليا ببطء لتجد والدتها أمامها أخيرا وبعد كل تلك سنوات الفراق.
شهقت داليا بعدم تصديق: ماما؟
فتحت حسناء ذراعيها وقالت بابتسامة مزيفة: أيوا يا روح ماما وحشتيني يا داليا.
انطلقت داليا لأحضان والدتها وقد ضمتها إليها بقوة، مسحت حسناء على شعرها ببكاء مزيف: وحشتيني أوي يا حبيبتي كبرتي وبقيتي عروسة يا داليا.
اشتدت ذراعي داليا حوال حسناء وقد انهمرت دموعها باشتياق: وأنتِ كمان وحشتيني أوي يا ماما، أنتِ سيبتيني وروحتي فين؟
قالت حسناء بحزن: غصب عني يا حبيبتي مش بإيدي حقك عليا.
بقيت متعانقين لبعض الوقت حتى ملت حسناء وأبعدت داليا عنها وهي تقول بقلق مصطنع: مالك يا حبيبتي وشك دبلان كدة ليه؟ أحكي لي أنا عايزة أعرف الحزن باين عليكِ ليه!
أخفضت داليا رأسها وقالت بنبرة منخفضة: بابا اتجوز.
شهقت حسناء بشكل مفتعل وهي تضع يدها على فمها: إيه؟ أمجد اتجوز! يعني نجحوا يفرقوا بيننا ومش هنرجع تاني!
انقبض قلب داليا وهي تستمع لكلماتها التي لم تفهمها كليا وقالت بحيرة ممزوجة بالقلق: مين دول يا ماما اللي فرقوا بينك أنتِ وبابا؟
تظاهرت حسناء بالتردد فتابعت داليا بإصرار: لو سمحتِ قوليلي أنا نفسي أفهم كل حاجة وليه أنتِ مشيتي؟ إيه اللي حصل بينك وبين بابا؟
تنهدت حسناء قبل أن تبدأ في الكلام بأسى: شوفي يا داليا أنتِ مش هتفتكري الكلام ده لأنك صغيرة بس أنا ووالدك كان بيحصل بيننا مشاكل كتير أوي والسبب أنهم مش بيحبوني وكانوا عايزين يخربوا عليا ويفرقوا بيننا وفي آخر مشكلة حصلت كانت كبيرة أوي لدرجة الطلاق لأنهم خلوا أبوكِ يصدق أني وحشة وبتاعت مشاكل وخلوه ياخدك بعيد عني ويمشي وأخيرا يا بنتي عرفت مكانك وجيت أشوفك مش مهم خلاص أننا مش هنرجع لبعض المهم أني شوفتك بخير.
أنهت حديثها بالدموع فشاركتها داليا البكاء التي كان قلبها ينفطر على ما سمعته وإن الأمل انتهى بالنسبة لرجوع والديها معًا.
أمسكت يدها وقالت بجزع: بس لازم بابا يعرف الحقيقة يا ماما ويعرف أنه الناس مش كويسة..... وترجعوا لبعض.
توقفت عن الجملة الأخيرة بيأس وهي تدرك استحالة هذا الإحتمال بعد زواج والدها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
قالت حسناء بغصة: مبقاش ينفع يا داليا الناس دول قريبين أوي من والدك ومن منك هيفضلوا يكرهوني كدة طول العمر.
عقدت داليا حاجبيها باستغراب: مين الناس دول يا ماما؟
أخفضت حسناء عيونها لتخفي الخبث الذي بهما قبل أن تجيبها: عمتك.
اتسعت عيون داليا بدهشة: عمتو؟
أومأت حسناء: عمتك طول عمرها بتكرهني وكان بتستغل الفرصة علشان تحرضه ضدي هي كدة يا داليا وحتى مش بتحبك أنتِ كمان دي الحقيقة!
كانت داليا تجد صعوبة في تقبل تلك المعلومات لأنه رغم شخصية عمتها فهي في الحقيقة إنسانة طيبة لا تحب المشاكل ورغم كل المشاكسات بينهما فهي تحبها إلا أنها عادت وفكرت أن عمتها تغيرت عليها منذ طلاق والديها فهي مازالت تحبها ولكن العلاقة بينهما لم تكن كالسابق.
كانت حسناء ترى بسعادة داخلية تأثير كلماتها على داليا فتابعت لتضع لمستها الأخيرة: ومراته الجديدة دي كانت سبب في المشاكل بيننا يا داليا كانت عايزة تاخده مني علطول!
حدقت داليا إلى والدتها بصدمة: طنط علياء؟ إزاي!
قالت حسناء بحرقة: أيوا هي أنتِ مش عارفاها هي كانت تعرف أمجد قبل كدة ولما عرفت بعد السنين دي كلها بالمشاكل بيننا استغلت الوضع علشان يسبني ويتجوزها مع أنها كانت متجوزة!
رأت حسناء صدمتها وحيرتها فأردفت بحزن: أيوا وبعد ما اتطلقنا معرفتش تتطلق غير بعدها بفترة ودلوقتي نجحت وفرقت بيننا للأبد واتجوزته.
شعرت داليا بالغضب لكل ما حدث لوالدتها وبالحقد ناحية من أساؤوا إليها لذلك التفتت إليها بنبرة ثائرة: لا يا ماما منجحتش مش لازم ينجحوا أبدا! لازم بابا يعرف الحقيقة وترجعوا لبعض تاني.
صمتت حسناء لبعض الوقت تتظاهر بالتفكير ثم قالت باعتراض: بس خلاص يا داليا اللي حصل حصل لازم نقبل بالأمر الواقع وكل واحد يعيش حياته.
هزت رأسها برفض شديد ثم عانقت والدتها قائلة بألم: لا يا ماما إحنا لازم نرجع كلنا تاني أنتِ وحشتيني أوي، أنا محتاجة لك.
ابتسمت حسناء بانتصار وقد نجحت أكثر مما تتوقع فلقد جعلت الأمر كأن داليا هي من اقترحت وأصرت على عودتهم معا والتفريق بين علياء وأمجد.
بعد ذلك كل كلمة، كل تصرف، كل الخطط كانت من تخطيط حسناء فلقد كانت تخبر داليا ماذا يجب أن تقول وماذا تفعل ولقد بدأ ذلك مباشرة في يوم عزيمة عمتها، تغير داليا التدريجي في المعاملة كان من أمر حسناء أيضا ولقد شرحت لداليا ذلك أنه حتى لا يشك بها والدها لتظهر أمامه أن علياء هي من تجلب المشاكل ولا تحب داليا، هي من أخبرها أيضا بعدم قدرة علياء على الإنجاب، كل كلمة كانت تقولها داليا في أي موقف يجمعها بعلياء كانت كلمات حسناء حتى أتى ذلك اليوم بالخطة الأكبر التي ستحدث الشق النهائي في علاقة والدها وعلياء، كانت داليا مع والدتها وهي التي أعطتها هاتف غريب وأخبرتها كالعادة ماذا تقول وماذا تفعل بعد أن تعود علياء للمنزل وحتى فتح الباب كان بأمر والدتها التي أخبرتها ببقية الخطة وأن علياء بالتأكيد ستأتي للتحدث معها بشأن ذلك الموضوع وعليها أن تستغل تلك الفرصة، ورغم طاعة داليا العمياء واقتناعها بكل ما تفعله إلا أنه في أحيانا نادرا مثل اليوم كانت تشعر ببعض التردد والذنب خصوصا أن علياء كانت مسالمة دائمة وأن تلك المشاكل تتعب أعصاب والدها وتقلق راحته فسرعان ما تخبر نفسها أننا تفعل الصحيح في الانتقام لكل ما حدث لوالدتها من معاناة وألم وأن كل شيء سيعود لنصابه الصحيح حين تخرج علياء من حياتهم، فقد نجحت حسناء بأن تقنع داليا بأن علياء هي العدو.
تذكرت داليا كل ذلك وهي مازالت جالسة على سريرها لم تنم، نظرت لنفسها ثم نهضت لتغير ملابسها التي تمزقت، نظرت لنفسها في المرآة للحظات وقد غاب عن سمعها صوت والدها وزوجته ثم تغيرت نظراتها للتصميم وأغلقت النور لتنام.
في الخارج كان أمجد يجلس مازال لا يصدق المنظر الذي ركضت به ابنته إليه كمان لا يمكنه التصديق أكثر أن علياء هي من فعلت بها ذلك!
وقفت أمامه علياء فرفع رأسه لها بصمت.
أخذت علياء نفسًا عميقًا قبل أن تقول بكل بهدوء: طلقني يا أمجد.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
هب أمجد واقفًا على الفور قائلا باعتراض: أنتِ بتقولي إيه يا علياء مستحيل!
زفرت علياء بتعب وهي لا تتحمل أي نوع من النقاش في الوقت الحالي: مش مستحيل ولا حاجة يا أمجد أنا فكرت كتير وده أنسب حل لينا كلنا.
رد أمجد بنبرة رافضة: لا طبعا مش أنسب حل علياء أنتِ كدة بتعجزيني!
أجابت علياء بهدوء: لا يا أمجد بالعكس أنا بعفيك تمامًا من أني احطك في وضع اختيار وبعفي نفسي من حاجات كتير أوي.
قطب أمجد بحيرة لا يروق له ما يسمعه: يعني إيه؟
حدقت إليه علياء بجدية: يعني يا أمجد أنا مش هستنى يحصل أكتر من كدة أنا استحملت حاجات كتير علشان خاطرك بس مش قادرة ومش هنتظر لما يبقى قدامك تختار بيني وبين بنتك لأنه أنا عارفة اختيارك إيه ومش هحط نفسي في الوضع ده!
رد أمجد بغضب: بس دلوقتي مفيش اختيار بينك وبينها يا علياء ومش هيحصل!
قاطعته علياء بقهر: لا هيحصل أمال اللي حصل الليلة دي آخرته إيه؟ هنقدر نعيش كلنا إزاي مع بعض تاني؟ تقدر تقولي دلوقتي مصدق مين؟
صمت أمجد للحظات فابتسمت علياء بألم: طبعا إجابتك معروفة بس أنا مش هعرض نفسي للموقف ده كفاية لحد كدة.
أمسك بذراعها حين استدارت لتذهب يحثها بتوسل: علياء بالله عليكِ متعمليش فيا كدة، أنا مش بكدبك بس أنا محتاج اوزن الأمور، افهميني الأمور مش سهلة عليا خالص.
انتزعت ذراعها منه بقوة: ولا سهلة عليا أنا كمان! تخيل الموقف اللي أنا محطوطة فيه دلوقتي! أنا متهمة بشيء شنيع ومش قادرة حتى أدافع عن نفسي بصورة سليمة! ليه عايزني افهمك وأنت لا؟
تجمعت الدموع في عينيها فتابعت بصوت متهدج رغمًا عنها: يا أمجد أنا تعبت كتير أوي في حياتي وأنت عارف كل حاجة كويس أوي، ارحمني من أني أعيش تاني نفس الحياة دي!
تقدم أمجد وضمها له بقوة ورغم محاولات علياء الضعيفة للمقاومة إلا أنها انهارت في أحضانه باكية بحرقة.
شد من قوة ضمه له وهو يتحدث برفق: أنا مش عايز ولا موافق نهد اللي بيننا بسهولة كدة يا علياء ولأني عارف كل حاجة مش هوافق على كلامك ده، لازم نفكر شوية بالمنطق ونقعد ونتفاهم كلنا، لو سمحتِ أديني فرصة أصلح الوضع.
كانت علياء أضعف نفسيا وجسديا من أن تُبدي رد فعل لتبتعد عنه أو تجيب على كلماته فاعتبرها أمجد موافقة مبدئية ليقبل قمة شعرها ثم تريح علياء رأسها على كتفه، تحدق إلى البعيد شاردة بعيون متورمة من البكاء.
في الصباح استيقظت داليا وبقيت منتظرة مكانها بترقب وقلق المواجهة مع والدها، كانت متأكدة من نجاح الخطة التي نفذتها حسب تعليمات والدتها ولكنها كانت تنتظر الخطوات التالية من والدتها حتى تعلم ماذا ستفعل مع والدها بدقة.
دق الباب فانتفضت قبل أن تجيب بصوت هادئ: اتفضل.
دلف والدها فحاولت التغلب على توترها الذي يزداد بشدة، تقدم ليجلس أمامها.
حدق إليه وقال بجدية: محتاجين نقعد ونتكلم يا داليا عن كل حاجة حصلت بس مش لوحدنا...
انتظر لدقيقة قبل أن يتابع وهو يحدق إليها بنظرة معينة: مع علياء كمان لازم كلنا نحل المشكلة دي.
انتفضت واقفة على الفور بغضب: مع علياء؟ يعني بعد كل اللي حصل ده وعايزني أقعد معاها تاني؟ بعد ما ضربتني!
نهض أمجد بهدوء: الأمور متتحلش بالطريقة دي يا داليا.
تنفست بعصبية وعلى وشك أن تُجن من هدوء والدها: أمال تتحل إزاي؟ للدرجة أنا مش مهمة عندك؟ مراتك تضربني وعايزني أقعد معاها أتناقش!
قال بهدوء: يا داليا....
قاطعته بنبرة ثائرة: مش عايزة أسمع حاجة! إزاي اسمعك وأنت متساهل في حقي أوي كدة! مش عايزة أسمع حاجة!
تفحصها أمجد بنظراته للحظات قبل أن يخرج من الغرفة، أسرعت داليا لهاتفها وهي تتميز من الغيظ بسبب موقف والدها، يجب أن تخبر والدتها فورا.
قالت داليا على الفور بسخط حين أجابت حسناء: الخطة منجحتش يا ماما نعمل إيه!
ردت حسناء بصدمة: يعني إيه منجحتش؟ أنتِ متأكدة!
أجابت داليا بانزعاج: أيوا بابا جه وقالي لازم نقعد كلنا مع بعض ونحل المشكلة مش زي ما توقعنا.
استاشطت حسناء من الغيظ: شوفتي يا داليا؟ مش قولتلك إزاي هي مسيطرة على أمجد وبتخليه يسمع كلامها! حتى مع أنها المفروض ضربتك مش هامه غيرها!
أحست داليا بالكراهية تزداد تجاه علياء من كلام والدتها: طب هنعمل إيه دلوقتي؟
فكرت حسناء لبعض الوقت بغل في طريقة جديدة لتصل لغرضها قبل أن تلمع فكرة في رأسها فقالت بخبث: أنا هقولك تعملي إيه.
استمعت داليا باهتمام: إيه يا ماما؟
ابتسمت حسناء بمكر لتتابع: تهربي من البيت.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
صدمت داليا من كلمات والدتها فرددت بعدم تصديق: أهرب؟
حثتها حسناء متابعة: اه طبعا تهربي وتيجي عندي في البيت ساعتها أمجد هيبقى قدام الأمر الواقع ويعرف أنه خلاص هيخسرك لو فضل مع اللي اسمها علياء دي وهيطلقها ساعتها.
صمتت داليا بحيرة وهي لا تعلم هل تطيع والدتها في تلك الخطوة المتهورة أم لا، تعلم أنها خطوة كبيرة وخطيرة للغاية ربما تتسبب في استياء والدها الشديد منها.
حين أحست حسناء بأن داليا تفكر ويمكن أن تتراجع أردفت بصوت حزين متأثر: فكري يا داليا وردي عليا، إحنا دلوقتي بنعمل أي حاجة علشان نخلي أبوكِ يشوف الحقيقة وإلا لو عرف اللي عملناه ساعتها هيحرمني منك ومش هعرف أشوفك تاني أبدا وعلياء هتكون انتصرت علينا كلنا.
قالت داليا بتردد: مش عارفة يا ماما، أنا عارفة أنه معاكِ حق بس....
قاطعتها حسناء بتلهف: بس إيه؟ دلوقتي مش عايزة تساعدي ماما؟
سارعت داليا تنفي ذلك بلهفة: لا طبعا يا ماما أنا أعمل أي حاجة علشانك بس الموضوع كبير.
أحست حسناء أنها إن ضغطت أكثر على داليا ربما ترفض فردت بصوت كسير: خلاص يا داليا فكري وبراحتك.
أغلقت داليا الهاتف وبقيت مكانها لقد وقعت في حيرة شديدة ولا تعرف كيف تقرر أمرًا بدى أكبر من عمرها وخبرتها وقدرتها على الحكم من ناحية هي تريد عودة والدتها بشدة ومن ناحية لا تستطيع الهرب من المنزل ذلك سيُغضب والدها منها بشدة، تنهدت بشدة وهي لا تعرف كيف تحسم أمرها.
في الخارج كانت علياء تجلس صامتة أمام أمجد.
رفعت بصرها له وقالت بجدية: أنا هروح عند أهلي فترة.
حدق إليها والرفض يظهر واضحًا في عينيه إلا أنها تابعت بتصميم: لازم ده يحصل، أنا فكرت طول الليل، أي تفاهم بينك وبين داليا مش لازم يحصل وأنا موجودة وأنا كمان محتاجة أريح أعصابي شوية.
تنهد وهو يهز رأسه دون أن يتكلم، نظر لغرفة داليا بتفكير وهو يعلم أن هناك لغز يجب عليه حله وفي أسرع وقت ممكن.
طرق الباب فنهض ليفتح ليجدها نورا أخته التي بادرته بقلق: مالك يا أمجد؟ صوتك مكنش طبيعي في التليفون حصل حاجة؟
قال أمجد بهدوء: اتفضلي يا نورا بس الأول مفيش حاجة.
دلفت نورا تحمل ابنها الصغير على ذراعها ثم توقفت تنظر لعلياء التي ظهر الإرهاق على محياها، نهضت علياء لترحب بها.
سلمت عليها نورا ثم نظرت لوطنها بتفحص: مالك يا علياء؟
ثم عادت لأمجد: ماحد يرد عليا! باين خالص أنه فيه حاجة مش طبيعية!
حاولت علياء الابتسام: مفيش حاجة يا نورا إحنا كويسين الحمد لله.
ردت نورا بعناد: لا فيه حاجة وحاجة كبيرة كمان، يعني أنا مش هعرف صوت أخويا لما يكون تعبان! ده كفاية الواحد يبص في وشكم! احكوا لي يمكن أقدر أحل معاكم.
نظرت علياء لأمجد الذي أمسك نورا من ذراعها وأجلسها: اقعدي بس ونتكلم يا نورا.
قالت علياء لأمجد: أنا هدخل أنا يا أمجد أحضر شنطتي.
أومأ أمجد بينما حدقت إليهم نورا باستغراب: تحضر شنطتها ليه؟ مسافرين؟
قال أمجد بضيق: علياء هتروح تقعد عند أهلها فترة.
شهقت نورا بذهول: ليه اتخانقتوا!
رد بتوتر: مش ده الموضوع بس حصل سوء تفاهم والفترة دي مفيش تفاهم بينها وبين داليا.
قاطعته نورا بسخط: اه قولي كدة من الأول يبقى الموضوع كله بسبب داليا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
قال أمجد بانزعاج: نورا لو سمحتِ اسمعيني الأول ولا مش بسبب داليا قولتلك مجرد سوء تفاهم وهي هتروح ترتاح فترة وترجع تاني.
قالت نورا بحنق: لا مش سوء تفاهم يا أمجد وأنا عارفة من الأول اللي هيحصل! أنا مش هسيبها تدمر حياتك زي ما أمها عملت قبل كدة!
نهرها أمجد بحدة: نورا! آخر مرة أحذرك تجيبي سيرة الموضوع ده على لسانك أنتِ فاهمة!
نهضت نورا بغضب: طيب وبعد ما أسكت؟ هتسيب حياتك تتخرب تاني! قولتلك ألف مرة أنك بتدلعها ولازم تقف لها علشان متبوظش مسمعتش كلامي، دلوقتي بقى أنا اللي هقف لها يا أمجد!
ثم أسرعت باتجاه غرفة داليا وفتحتها على غفلة منها ففُزعت داليا وهي تنظر لعمتها الغاضبة التي اتجهت نحوها وسحبتها من ذراعها لتقف صارخة: أنتِ يا بت أنتِ مش هترتاحي غير لما تخربي حياة أبوكِ!
قالت داليا بدهشة: فيه إيه ياعمتو حصل إيه؟
لحق بها أمجد وأبعدها عن داليا قائلا بحزم: خلاص يا نورا مينفعش اللي أنتِ بتعمليه ده!
حدقت إليه نورا بغيظ: لا وينفع اللي هي بتعمله أوي!
عادت نورا تحدق لها بحنق: هتستفيدي إيه لما تخربي حياته مع مراته؟ قوليلي ها؟ أنتِ شكلك وراكِ حاجة مش مظبوطة!
خافت داليا من أن يكون انكشف أمرها فقالت بارتباك حاولت إخفائه بالاستياء: يعني إيه كلامك ده مش فاهمة! أنا معملتش حاجة.
ابتسمت نورا بسخرية: لا دور الملاك تعمليه مش هيدخل عليا، الدور اللي عملته أمك زمان ما أنتِ طالعة زيها!
صدع صوت أمجد العالي في الغرفة باحتدام: خلاص! إيه مش مالي عينك يا نورا ولا إيه! قولتلك كفاية!
صمتت نورا أخيرا فأمسكها أمجد وأخرجها من الغرفة ثم أغلق الباب فجلست داليا على سريرها بخوف وتوتر من الواضح أن عمتها لن ترك الأمر يمر على خير وربما تقلب والدها ضدها أو ينكشف أمرها، فماذا ستفعل حينها؟
نظرت إلى الهاتف وتذكرت كلمات والدتها، هل يمكن أن تكون تلك الحل؟
في الخارج وبخ أمجد نورا بشدة: لو أنا مش راجل ومالي عينك يا نورا ساعتها قوليلي وأنا هسيبك تحلي مشاكلي وتزعقي في بنتي قدامي ومش عاملة أي احترام ليا!
زفرت نورا بضيق: يا أمجد أنا زعلانة علشانك علشان كدة فقدت أعصابي مش عايزة أشوفك زعلان ومضايق، مش هستحمل أبدا أشوفك تاني في الحالة اللي كنت فيها قبل كدة ولو ليوم واحد حتى!
أغمض عيناه وأخذ نفسا عميقًا قبل أن يفتحها ويرد بهدوء: أنا قولتلك أنه كل حاجة هتتحل بإذن الله، وأنا مش هسمح أنه حياتي مع علياء تتهد فمتقلقيش يا نورا واهدي شوية، أنا بزعل من اللي بشوفه منك تجاه داليا.
أشاحت بوجهها للناحية الأخرى وقالت بتبرم: أنا عايزة أدخل لعلياء.
هز رأسه بيأس من شقيقته لكنه يعلم أنها تفعل كل ذلك قلقًا عليه فأشار لها: تعالي يلا.
دلفوا للغرفة وفي ذات الوقت فتحت داليا باب غرفتها بروية وهي تتفقد بعينيها إذا كان هناك أحد في الصالة أم لا، لم تجد أحد فخرجت من الغرفة وهي تتلفت حولها بتوتر، تقدمت بخطوات ثقيلة إلى الباب، عيناها تجول في المكان بخشية، ترددت للحظة وهي تضع يدها على مقبض الباب وشعورا من الاختناق يسيطر عليها ثم فتحت الباب بهدوء حتى لا ينتبه أحد وأغلقته ورائها بتمهل.
بعد قليل خرج أمجد من الغرفة وترك علياء ونورا لوحدهما، فكر بأن يذهب ليتحدث مع داليا حتى لا تستاء من عمتها ومن حديثها.
طرق الباب لعدة مرات وحين لم يجد إجابة فتح باب غرفتها، قطب باستغراب حين لم يجدها في غرفتها فدخل وهو يناديها ظنًا منه أنها في الحمام.
انتظر لدقيقة قبل أن يقتحم الحمام معتقدًا بخوف أنها متعبة أو فقدت الوعي، وقف مكانه بذهول حين وجده فارغًا.
خرج مسرعًا من الغرفة ليبحث بصورة سريعة عنها في أرجاء المنزل ثم نادى علياء ونورا بصوت عالي مما أفزعهم فخرجوا لهم على الفور.
قال أمجد باضطراب: أنا مش لاقي داليا في أوضتها ولا في البيت كله، داليا مشيت من البيت!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
شهق كل من علياء ونورا غير مصدقين بينما تابع أمجد بسرعة وهو يتجه ناحية الباب: أنا نازل أدور عليها بسرعة.
أسرعت علياء ورائه: استنى يا أمجد إحنا جايين معاك.
قال بجدية: ملوش لزوم خليكم أنتوا هنا أحسن.
أصرت علياء: لا أنا هاجي معاك مش هسيبك لوحدك.
هبط الثلاثة وأمجد يبحث عن داليا في كل مكان دوم فائدة ولكن حين سأل عنها أخبره أحدهم أنه شاهدها تسير بالفعل منذ بعض الوقت لخارج المنطقة.
أخرج أمجد هاتفه ليتصل بها فوجده مغلق، نظر للهاتف بيأس ممزوج بالغضب: ليه يا داليا!
فكر بحيرة وخوف: ياترى تكون راحت فين؟
بعد بحث مطول لساعات في كل مكان يمكن أن يخطر على بالهم، يأس أمجد من إيجاد ابنته ليتجه إلى الشرطة حتى يحرر محضر بتغيبها إلا أنهم أخبروه أنه لا يمكن تحرير محضر إلا بعد مرور يوم كامل على غيابها مما أغضبه وكاد يتشاجر مع ضابط الشرطة ولكن علياء حاولت تهدئته والعودة للمنزل ليفكروا في حل آخر.
دخل أمجد إلى منزله بخطوات ثقيلة وهو بتفحص أرجائه بعيون حزينة، قلبه يتأكل من الحزن والقلق على غياب ابنته التي لا يعلم أين يمكن أن تكون هي الآن، يستطيع أن يقسم أنه يرى ذكرياتها الآن أمام عينيه، لماذا تركته وذهبت؟ لقد حاول قدر المستطاع أن يوفر لها كل سُبل راحتها وسعادتها يا تُرى أين أخطأ؟
جلس وهو ينتهد بأنفاس ثقيلة فجلست علياء بجانبه ترتب على كتفه بمواساة: بإذن الله يا أمجد هترجع متقلقش.
جلست نورا على الناحية الأخرى بحزن: متزعلش نفسك ياخويا أكيد هترجع بإذن الله.
رد بصوت منخفض ملئ بالألم: يا ترى تكون راحت فين بس دلوقتي؟ هي كويسة ولا لا؟
لم يكن أمجد يستمع إليهم فقد كان في عالمه الخاص ينظر أمامه بعيون دامعة بشرود، نظرت علياء لنورا بقلة حيلة لأنهم لا يجدوا ما يمكن أن يخفف عن أمجد، أنهم ذاتهم يشعرون بالقلق الشديد على داليا فكيف بوالدها؟
قبل ذلك بعدة ساعات حين هربت داليا من المنزل، كانت أتصلت بأمها لتعلن لها موافقتها فأخبرتها بأن تغادر دون أن يشعر أحد وهي سترسل أحد ينتظرها ويحضرها لمنزلها.
حين هبطت من المنزل ابتعدت بسرعة عن منطقتهم لأنه حين يدرك والدها غيابها سيبحث عنها بالتأكيد ثم اتصلت بوالدتها التي أخبرتها أن هناك شخصًا ينتظرها، حين رأت داليا ذلك الشخص لم تشعر بالارتياح له ولكن والدته تعرفه لذلك ذهبت معه.
حين وصلوا للحي الذي تسكن به والدتها صُدمت داليا من المنظر الذي رأته، ناظرته بتفحص وهي تشعر بالاشمئزاز كان حي شعبي للغاية لم تدخل مثله من قبل كما أن القذارة تظهر على أرجائه أينما تسير عكس مكان سكنها مع والدها.
تبعت ذلك الرجل حين دلف لعمارة ذات طلاء مُقشر وأخيرا وجدت والدتها بانتظارها فأسرعت إليها على الفور تعانقها بفرح: وحشتيني أوي يا ماما عاملة إيه؟
نظرت لها حسناء بامتعاض لأنها كانت تشد عليها بقوة ثم حدقت بابتسامة خبيثة للرجل الذي أمامها فبادلها إياها قبل أن يغادر.
أبعدت حسناء داليا عنها وقالت بابتسامة مزيفة: وأنتِ كمان وحشتيني أوي يا حبيبتي.
دلفت معها وهي تتفحص أرجاء الشقة البسيطة بتعجب قبل أن تلتفت لوالدتها قائلة بتوتر: ماما هو اللي أنا عملته ده صح؟ يعني كدة بابا هيرجع لنا؟
أمسكتها من يدها ليجلسوا مُجيبة بثقة: طبعا يا حبيبتي أنا عارفة أنا بعمل إيه كويس.
سألتها داليا بحيرة: طب هتعملي إيه دلوقتي ولا هيحصل إيه؟
مسحت حسناء على شعرها وقالت بابتسامة: متشغليش بالك هتعرفي في الوقت المناسب.
لم ينم أمجد طوال الليل من التفكير والقلق حتى أن عينيه لم تغفل لثواني يحاول أن يصل لأي طريق عله يجد مكان داليا، لقد طلب المساعدة جميع أصدقائه لعل أحد منهم يستطيع أن يجد شيئا ما يساعده.
كانت علياء تنام مقابله على الأريكة بعد أن رفضت أن تتركه وتنام على السرير بينما هو يتأملها بعيون مرهقة من قلة النوم.
فتحت علياء عيناها لتشاهده على تلك الحالة فنهضت بإرهاق تقول بصوت ناعس: أنت منمتش يا أمجد.
هز رأسه نفيًا بأسى: منين يجي النوم بس.
تنهدت بحزن على حاله وفجأة نهضوا بفزع وقد تيقظ كل منهما على صوت طرقات عالية على الباب فتوجه أمجد ليفتح.
وجد ضابط شرطة أمامه مع بعض العساكر فقال أمجد بدهشة: فيه إيه يا حضرة الضابط؟
قال الضابط بجدية: أنت أمجد عز الدين؟
أومأ أمجد باستغراب: أيوا أنا في إيه؟
رد الضابط بصرامة: متقدم فيك بلاغ من طليقتك حسناء عبد الجواد بتتهمك فيه أنك بتضرب بنتك وبتتعرض للعنف المنزلي في بيتك!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تجمد أمجد للحظات مكانه يتسائل في نفسه إن كان يتوهم ما سمعه أم لا حتى تحدث بعدم تصديق: ح.. حضرتك قولت مين؟
رفع الضابط حاجبه ورد بعدم رضى: طليقتك يا أستاذ حسناء عبد الجواد.
ردد أمجد بصوت هامس: حسناء!
لقد ظن أنه سيرتاح من سماع ذلك الإسم لفترة من الزمن حتى يكون مؤهل ليتحدث عنها في يوم من الأيام لابنته ويشرح لها سبب غيابها عن حياتها لكن لم تكد تمر عدة سنوات حتى وها قد عادت لحياته حتى تدمرها مرة أخرى كما دمرتها من قبل، تاركة إياه محطمًا!
شد بيده على مقبض الباب وهو يجيب الضابط: مقدمة بلاغ أني بضرب بنتي؟ يعني بنتي معاها؟
أومأ الضابط بملل فأخفض أمجد عيناه بألم ثم عاد يقول للضابط بهدوء: تمام أنا جاي معاك يا حضرة الضابط.
أسرعت علياء التي كانت تستمع بذهول إلى أمجد بقلق: أنا جاية معاك يا أمجد.
التفت لها أمجد بصرامة: خليك هنا يا علياء، مفيش داعي.
اتسعت عيونها بدهشة: يعني عايزني أسيبك لوحدك! ده إزاي؟
تابعت بتصميم: أنا هاجي معاك مش هسيبك.
نظر لها أمجد بحدة: اسمعي الكلام يا علياء! خليكِ هنا أفضل.
ثم غادر مع ضابط الشرطة تاركًا علياء ترتمي على الأريكة لتفكر بذهول فيما يحدث!
كان أمجد يقف أمام الضابط حين دلفت حسناء، تسمرت عيون أمجد عليها حتى وقف بعيدًا عنه، رغم مرور سنوات إلا أنها لم تتغير أبدا، مازالت كما هي حتى الكذب والخداع الذي كان أعمى عنه لفترة طويلة يطل من عينيها التي تنظران له بخبث.
طلب الضابط من حسناء أقوالها فبدأت تتحدث بنبرة خزينة مزيفة وهي تتصنع البكاء: أنا يا حضرة الضابط منفصلة عن الراجل ده من تلت سنين وبسبب ظروفي الوحشة وإني مش هقدر أعيش بنتي عيشة كويسة دوست على قلبي وسيبتهاله علشان يقدر يعلمها ويكبرها بس متوقعتش أبدا يعمل فيها كدة، أنت مشوفتش البنت جات لي عاملة إزاي ده أنا قلبي اتقطع عليها!
ثم أجهشت ببكاء مزيف وأمجد يحدق لها بعدم تصديق يكاد ينفجر من الغيظ استهجانًا مما يشاهده من كذب وتمثيل مُتقن أمامه!
وجه الضابط حديثه له: إيه رأيك في الكلام ده يا أستاذ أمجد؟
نظر أمجد للضابط بوجه جامد: الكلام ده كله كدب وأنا بطلب أنه داليا بنتي تيجي وتقول شهادتها.
خافت حسناء من أن يطالب الضابط بوجود داليا وتنكشف لعبتها فصرخت في أمجد: وعايزها ليه ها؟ علشان تخاف منك وتكدب؟ مش كفاية البنت منهارة في البيت مش بتتحرك ولا بتتكلم من اللي حصل وشافته!
حدق إليها أمجد بحدة ممزوجة بالكراهية جعلتها تشعر بالرهبة وتتراجع بضعة خطوات للخلف إلا أنها بقيت صامدة أمامه حتى لا تنفضح.
أشار لها الضابط: تقدري تتفضلي دلوقتي يا مدام.
خرجت بسرعة وهي تشعر بالبهجة الشديدة من سير خطتها كما ترغب وأنها قريبًا ستحقق الهدف النهائي مما تخطط لها إلا حدثت نفسها بتوجس أن عليها الحذر من أمجد لأنه لن يصمت عن أفعالها.
كانت تسير خارج مركز الشرطة بابتسامة منتصرة لكنها توقفت مكانها بذهول حين سمعت شخصًا يناديها بصدمة: هو أنتِ!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
علمت حسناء صوت من يكون لكنها لم تلتفت وأوشكت على متابعة طريقها إلا أن نورا تقدمت بسرعة ومنعتها وهي تُمسك بها بشراسة: كان لازم أعرف أنه المصايب اللي بتحصل في حياة أخويا من حية زيك هو جديد عليكِ!
لحقت علياء بنورا لتمنعها من الاشتباك مع حسناء التي تراها لأول مرة في الواقع وحاولت إبعادها عنها: مش كدة يا نورا.
دفعتها حسناء عنها باحتقار مزدري وهي تبتسم بلؤم: اتلمي أحسن لك يا نورا وإلا هتشرفي في نفس الحبس مع أخوكِ.
أمسكتها علياء تشدها للوراء: مينفعش كدة يا نورا إحنا قدام القسم.
حاولت نورا الإفلات منها لتنقض على حسناء مرة أخرى قائلة بكراهية تشع من عينيها: اوعي سيبيني أعلمها الأدب اللي عمرها ما عرفته في حياتها.
تابعت موجهة كلامها لحسناء بحقد :هو أنتِ فاكراني هخاف منك ده أنا أجيبك تحت رجلي!
ابتسمت حسناء بخبث: بجد يا نورا؟ ده أنا فاكرة أنك زمان كنتِ زي القطة المغمضة، فاكرة ولا تحبي أفكرك؟
بحثت بعينها ورائهما: أمال فين جوزك مجاش ولا إيه؟ تصدقي نفسي أشوفه.
ختمت حديثها بنظرات ساخرة زادت من لهيب غضب نورا التي أفلتت من بين يدي علياء لتهاجم حسناء بشراسة جاذبة إياها من شعرها.
حاولت علياء أن تفض النزاع دون جدوى حتى تدخل بعض الناس وأبعدوهما عن بعضهما لتهتف حسناء بغل: ماشي يا نورا أما وريتك مبقاش أنا! أنا هدفعك تمن اللي عملتيه ده وهخليكِ تيجي تبوسي رجلي!
بصقت نورا عليها بينما تغادر بينما أمرتها علياء بحدة: ممكن تهدي شوية علشان ندخل لأمجد؟ مينفعش اللي عملتيه ده على فكرة يا نورا!
حدقت لها نورا بدهشة غاضبة: مينفعش؟ يعني بعد كل اللي بتعمله فينا المفروض أشوفها وأسكت؟
أجابت علياء بصرامة: واللي عملتيه دلوقتي هيفيد أمجد مثلا؟ بالعكس ممكن يضره أكتر كمان ويثبت التهمة عليه، أنتِ متهورة جدا يا نورا!
سألتها نورا بانزعاج: وأنتِ ليه مقولتيش أنه هي اللي مقدمة فيه البلاغ؟
نفخت علياء بنفاذ صبر: لأني مش فاهمة حاجة يا نورا، يدوب البوليس جه وخد أمجد، كلمتك علشان نيجي ونفهم الوضع، يلا ندخل زمان المحامي مستنينا جوا، يارب بس اللي حصل ده ميضرش أمجد.
التفتت علياء لتدخل لمركز الشرطة بينما عينا نورا تتبعان أثر حسناء هامسة بألم: أنتِ متعرفيش هي مؤذية إزاي، حتى أنا مرحمتنيش!
حين عادت حسناء للمنزل كانت داليا تنتظرها لتستفسر منها لأنها لم تفهم تصرفات والدتها فأخبرتها حسناء خطتها حتى تكون مستعدة لما يحدث.
كانت داليا تراقب والدتها بعدم تصديق وقد سقطت على الأريكة ورائها بصدمة: قدمتي بلاغ ضد بابا؟ طب ليه؟
تقدمت منها حسناء تحاول إقناعها: يا داليا ده الحل الوحيد قدامنا!
هزت داليا رأسها برفض: بس إحنا قولنا عايزين نخرج علياء من حياته مش نأذيه!
جلست أمامها ممسكة يديها بعطف: يا داليا صدقيني ده الكل الوحيد قدامنا، إحنا لو كنا قدمنا بلاغ في علياء كان أمجد هيتمسك بيها أكتر إنما اللي دلوقتي هو هيشوف أنه هي كل المشاكل اللي هو فيها ومش هيبقى طايقها ساعتها الطلاق هيبقى سهل بينهم.
دمعت عينا داليا وهزت رأسها بعدم اقتناع: بس بابا ميستاهلش كدة، هو ممكن يبقى في السجن....
قاطعتها حسناء على الفور: مين قالك هيبقى في السجن لا طبعا مش هيروح السجن يا داليا هو أنا ممكن أعمل كدة في أمجد؟ مستحيل بس دي خطوة ضرورية لمصلحتنا.
شعرت داليا بالتوتر وأنها لا توافق على ما تسمعه من والدتها فهي بالتأكيد لم تفعل كل ذلك حتى يتضرر والدها!
رأت حسناء تردد داليا فكتمت غضبها حتى تصرخ في وجهها وتخرب كل ما فعلته.
شدت على يديها باستعطاف زائف: يا داليا يا حبيبتي أنا أمك مش عايزة غير مصلحتك أنا عمري ما هعمل حاجة تضرك ولا تضر أمجد مش أنا بعمل كل ده علشان نرجع سوا؟ لما أمجد يطلق علياء ساعتها سهل يسامحنا على كل اللي عملناه لأنه بيحبنا.
نظرت لها داليا بوجه باكي صامت لا تعرف بما تجيبها من ناحية هي تريد عودة والديها معها وتفعل كل شيء لذلك ومن ناحية أخرى لا يمكنها تخيل أن والدها يتأذى ويشعر بالحزن بسببها.
بعد مرور بعض الوقت استطاع المحامي إخراج أمجد بكفالة مالية مع ضمان مكان إقامته، لم تستطع علياء أو نورا التحدث مع أمجد بسبب تعبير الجمود الذي على وجهه إلا أن علياء استطاعت التقاط الغضب في عينيه.
حين وصل للمنزل أمسك هاتفه ليجري إتصال فنظرت نورا لعلياء: طيب أنا هروح البيت على ما يرتاح شوية واجي تاني مع جوزي علشان معرفش يخرج من الشغل ويجي الصبح.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
أومأت علياء وودعت نورا ثم دلفت لتجد أمجد يتحدث بغضب على الهاتف، انتظرت حتى انتهى وبادرت بالحديث بهدوء: أحضر لك الأكل؟ عاوز حاجة؟
هز رأسه بالرفض مفكرًا فتقدمت إليه علياء واضعة يديها على كتفيه قائلة بتعقل: يا أمجد أنا عايزاك تهدى قبل ما تاخذ أي خطوة الوضع مش مستحمل زي ما أنت عارف.
حدق إليها أمجد بعيون غاضبة ورد بصوت خافت من بين أسنانه: علياء متدخليش في الموضوع ده، الموضوع ده بيني وبينها وطالما هي بدأتها كدة أنا مش هقف متكتف أتفرج عليها وهي بتدمرني!
ارتفع صوته بحنق: دي بتتهمني أني بضرب بنتي! وداليا! داليا موافقاها على كدة!
أنهى كلماته بمرارة ممزوجة بالتساؤل المستنكر، لا يصدق أن ابنته تشترك في أمر دنئ كهذا وتوافق عليه! يشعر أنه سيجن من الحيرة ولأسئلته التي لا يجد لها إجابات.
حدقت إليها علياء بحزن وحاولت مواساته: أكيد في تفسير تاني لموقف داليا من اللي بيحصل يا أمجد، متضايقش نفسك كدة.
تغيرت قسمات وجهه للإصرار: وده اللي لازم أعرفه بنفسي.
عقدت حاجبيها بعدم فهم: يعني إيه؟
أجابها ببساطة: يعني هروح وأعرف الحقيقة من داليا.
حاولت الإعتراض فأسكتها بحزم: أنا مش هيهدى لي بال ولا أقدر أرتاح قبل ما أعرف الحقيقة يا علياء افهميني دي بنتي!
صمتت علياء وهى لا تجد جدوى من منعها لأنها تخاف عليه فهو مصمم للغاية ولديه كل الحق في ذلك.
كانت حسناء مازالت تحاول إقناع داليا بما فعلته حين سمعوا طرقًا قويًا على الباب انتفضوا بسببه فنظروا إليه مذعورين وهم يسمعوا صوت أمجد يأمر بخشونة: افتحي الباب!
نظرت حسناء تستجديها: داليا أمجد هنا لو قولتي أي حاجة غير اللي أنا قولتها ساعتها كل حاجة عملناها هتتدمر.
نظرت داليا لها بتوتر ثم للباب بخوف فأمسكتها حسناء من كتفيها تهزها بقوة: داليا ركزي معايا كل حاجة واقفة عليكِ دلوقتي أنتِ فاهمة؟
كان الطرق العنيف يزداد أكثر وصوت أمجد يأمرهم بتصميم ليفتحوا له.
توسلتها حسناء: يا داليا لو كل حاجة باظت أمجد هياخدك ومش هشوفك تاني أبدا هيحرمني منك وممكن اتحبس فيها كمان لو اكتشف أننا كنا بنكدب.
شعرت داليا أن هذا الأمر أكثر من أن تتحملها وأنها بين اختيارين لا تريد إختيار أي منهما منفردًا.
ارتفع صوت أمجد مهددًا بعنف: أنا هكسر الباب ده دلوقتي حالا لو متفتحش.
تركت حسناء داليا بتوتر وعيناها ترجوها ألا تخذلها بينما تسير لتفتح الباب.
تبدل تعبير وجهها فواجهت أمجد بصراخ غاضب: إيه؟ عامل إزعاج ليه؟ أنت ليك عين تيجي هنا أصلا؟
حدق إليها أمجد بحدة: أنا مش جاي ليكِ ومش عايز أسمع صوتك.
وجه نظراته لداليا بتساؤل ممزوج باللوم: أنا جاي أسألك يا داليا هو إيه اللي بيحصل بالضبط؟
تقدم خطوتين للإمام، تراجعت حسناء فتابع: أنا عايز أفهم كل حاجة.
حدقت له داليا بصمت عاجزة عن أن تشرح له فتقدمت حسناء حتى لا تكشفهم داليا قائلة لأمجد بغيظ: تفهم إيه مش كل حاجة واضحة؟ أنت متجيش هنا ترعبنا وفاكرنا هنخاف.
لم يعرها أمجد أي إهتمام بينما بقيت عيناه على داليا باستياء: لسة مستني إجابتك يا داليا، أنتِ فعلا ساعدتيها تعمل بلاغ ضدي؟ ضد بابا يا داليا؟
أسرعت داليا تقول بارتباك متلهف: لا أنا....
قاطعتها حسناء على الفور لتمنعها من الحديث: أنت جاي تربك البنت ولا بتهددها؟ مش كفاية اللي حصلها؟
صاح بها أمجد بتهديد: أقسم بالله لو ما سكتِ لهتشوفي التهديد اللي على حق اخرسي بقى!
صمتت بغيظ لأنها رأت أنه وصل حده في الغضب.
رفع يديه لوجهه مغمض العينين بينما يتابع بنفاذ صبر: داليا أنا مستعد، مستعد فعلا اتغاضى عن كل اللي حصل وكل العك ده بس تعالي معايا يلا.
فتح عيونه وقال برباطة جأش: يلا تعالي نرجع البيت يا داليا.
نظرت له داليا بضعف وحسناء ترى مخططاتها تنهار أمام عينيها فأسرعت بجانب داليا تضمها من كتفها قائلة بتحدي لأمجد: ومين قالك أنها عايزة ترجع معاك البيت؟ داليا عايزة تفضل معايا هنا مع أمها!
حدق أمجد لداليا بنظرات ثاقبة سائلًا: الكلام ده صح يا داليا؟ عايزة تيجي معايا ولا تفضلي هنا؟
لم تجب فقالت حسناء وهي تنظر لداليا بتوسل: لا داليا هتفضل معايا هنا، هي عايزة كدة؟
نظر لها أمجد وكرر مرة أخرى بصوت ثابت صبور: أنا بسألك يا داليا ردي عليا، عايزة تيجي معايا ولا تفضلي هنا؟
أحست داليا أنها ممزقة بين طرفين، تنقلت عيونها الدامعة بين والدها الذي يقف أمامها منتظرًا ووالدتها التي تقف بجانبها تناشدها بعينيها وهي لا تستطيع الإجابة على أي منهما، فكيف ستستطيع الإختيار؟ هل يجب عليها أصلا أن تختار؟ لم تفعل كل ذلك حتى لا تضطر لهذا الموقف؟
كيف ستحسم أمرها الآن حتى تجيب وهي تعلم أن أي إختيار سيكسر قلبها؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
بقى أمجد في انتظار الرد بفارغ الصبر يحدق إلى داليا التي كانت تتمزق من الحيرة حتى في النهاية قالت بصوت منخفض: لو سمحت يا بابا ممكن تسيبني هنا مع ماما شوية؟ أنا عايزة أقعد معاها.
اتسعت عيونه بعدم تصديق وتنقلت نظراته بين داليا وحسناء التي ترمقه بانتصار خبيث.
ردد بدهشة: تقعدي معاها؟ يعني مش هتيجي معايا يا داليا؟
دمعت عيناها وهي ترى الألم في عينيه ولكن أجابت: أنت عارف يا بابا ماما وحشتني أوي وماصدقت لقيتها.
صمت أمجد يناظرها بألم ممزوج بخيبة الأمل حتى قال بحدة: مينفعش تفضلي هنا يا داليا لازم تيجي معايا، الكلام ده لمصلحتك!
هزت رأسها بالنفي: لا أنا مصلحتي أفضل مع ماما.
ثم تابعت باستياء حتى يدرك ما تريده: أنا مليش مكان معاك ومع مراتك يا بابا.
رفع حاجبه وكأنه فهم أخيرا ما كان يحدث ثم ابتسم بسخرية: ملكيش مكان ولا عايزة تفضي المكان لحد تاني؟
قولي لي يا داليا هي علياء كانت ضربتك ولا أنتِ اللي عملتي كدة في نفسك؟
احمر وجه داليا من الخجل فقال بتوبيخ: عمري ماكنت أتخيل يطلع منك كل ده أبدا! رغم أني عارف أنه فيه حاجة غلط بس فضلت اكدب نفسي بدل ما تطلع بنتي هي اللي كدابة!
نظرت داليا للأرض بينما قالت حسناء بتعالي: أنت جاي هنا علشان تهزأها؟ أنت كنت مستني إجابة وسمعتها يلا اتفضل.
نظر لها بقسوة أخرستها فعاد يحدث داليا:ياترى كنتِ بتعملي كل ده من دماغك ولا تنفيذ أوامر؟
لم تجب رغم أنه توقع الإجابة مسبقًا فتنهد بيأس ثم استدار وغادر فأسرعت حسناء لتغلق الباب ورائه بقوة.
انهارت داليا من البكاء وهي تجلس على الأرض فنظرت لها حسناء بانزعاج: بتعيطي ليه دلوقتي؟
رفعت داليا وجهها الباكي بحزن: أنتِ مش شايفة بابا ماشي زعلان إزاي يا ماما؟ أنا حاسة أني اتسرعت وغلطت.
جلست بجانبها تعاتبها بلوم مزيف: غلطتي أنك اخترتي أمك يا داليا؟
هزت رأسها نافية وأجابت بألم: لا بس ليه لازم أختار حد منكم؟ كان صعب عليا مختاروش.
ضمتها حسناء بتعاطف وعينيها تلمع بالمكر: ده لازم يحصل يا حبيبتي متزعليش بكرة كل حاجة تتصلح.
إلا أن داليا لم تتوقف عن البكاء وآخر لقطة لانكسار والدها قبل أن يغادر لا تذهب من عقلها.
حين سمعت علياء صوت الباب خرجت من الغرفة على الفور لتتوقف حين رأت أمجد يتقدم بخطوات متثاقلة حتى جلس على الأريكة بتعب.
أسرعت إليه تسأله بقلق وهي تضع يدها على كتفه: إيه اللي حصل يا أمجد؟ طمني.
أرجع رأسه إلى الوراء مغمض العينين وهو يعض على شفتيه فقالت بإصرار: حصل إيه هناك؟
أدار وجهه إليها فصُدمت لرؤية الدموع المتجمعة في عينيه فقالت بلهفة: أمجد! مالك؟
ازدرد ريقه بصعوبة ورد بصوت مبحوح: مش...مش قادر أتكلم.
حدق في عيونها مباشرة قائلًا برجاء: أنا محتاج لك أوي يا علياء، بالله عليكِ متسبنيش.
ضمته إلى صدرها على بقوة وهي تمسح على شعره بحنان بتمسك أمجد بها يغمض عينيه ناشدًا بعض الراحة من كل تلك الهموم حتى انحدرت دمعة من عينه بينما يسقط في النوم من شدة التعب.
لم تتوقف داليا عن البكاء طوال اليوم واستغربت موقف والدتها فهي منذ عادت لغرفتها لم تأتي لتطمئن عليها ولو لمرة واحدة!
حين حل الليل تذكرت أنها لم تأكل منذ الصباح فنهضت بجوع حتى ترى إذا كانت والدتها أعدت الطعام وبعد بحث سريع، دُهشت حين رأت أن والدتها ليست متواجدة في الشقة من الأساس.
قطبت بحيرة فأين يمكن أن تكون ذهبت دون أن تخبرها وتتركها وحدها؟
فكرت أنها ربما ذهبت لتحضر بعض الحاجيات وستعود بسرعة لذلك ذهبت للمطبخ فلم تجد طعام، فتوجهت للثلاجة وكان ذهولها كبيرًا حين وجدت أنها شبه فارغة ولا يوجد ما يصلح للأكل فعليا.
وقفت مكانها بحيرة تحدث نفسها: يمكن ماما راحت تجيب حاجة نأكلها؟ بس ليه مقالتش ليا!
تحولت في الشقة بملل ثم جلست تنتظر عودتها بفارغ الصبر لأنها لم تكن تشعر بالراحة لجلوسها وحيدة حتى دق جرس الباب فنهضت بسرعة لتفتحه غافلة عن أنه من المفترض والدتها تمتلك مفتاح.
فتحته ثم توقفت مكانها حين وجدت أن من أمامها ليس والدتها بل رجل غريب ينظر إليها بطريقة غير مريحة.
ابتسم بخبث: ماما هنا يا حلوة؟
شعرت داليا ببعض الرهبة وعدم الارتياح منه ومن مظهره فقالت بخوف: أنت مين؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تظاهر الرجل بالتفكير لبرهة قبل أن يقول بتسلية: تقدري تقولي معرفة لماما، هي فين بقى؟
قالت بارتجاف من الخوف: هي...هي مش موجودة دلوقتي.
ثم أغلقت الباب بسرعة في وجهه، كان تصرف تلقائي نبع من توترها وخوفها خاصة أنها أحست أنها أخطأت حين أخبرته أن والدتها ليست في المنزل وأنها وحيدة هنا.
سمعت ضحكة من الخارج تبعه صوت الرجل بمرح: كدة تقفلي الباب في وش عمو يا قطة؟ على العموم عرفي ماما إني جيت.
لم تجب داليا وهي تقف مكانها مرتجفة بخوف ثم أرهفت السمع وحين تأكدت أنه ذهب تنفست الصعداء وذهبت لتجلس بضيق.
أين ذهبت والدتها وتركتها لوحدها؟ ومن هذا الرجل الغامض؟
أصدرت معدتها صوت من الجوع فنظرت حولها بحيرة ولم تجد حل غير أن تنتظر إلا أنه مرت ساعة أخرى ولم تعد فنهضت تبحث مرة أخرى عن شيء يصلُح للأكل حين وجدت علبة متبقي فيها بعض من الجبن ولكنها لم تجد خبز تستطيع تناوله معه فوقفت تفكر حتى تساءلت هل تستطيع أن تسأل الجيران ليعطوها؟
فتحت باب المنزل وتوجهت بتردد للشقة المجاورة ثم طرقت الباب.
فتح الباب فتاة تظهر في عمر داليا أو أكبر قليلا رفعت حاجبيها باستغراب: فيه حاجة؟
قالت داليا بارتباك: لو..لو سمحتي عندك رغيف عيش؟
حدقت إليها الفتاة بدهشة: نعم؟
كررت داليا بإحراج: عيش، أصل أنا جعانة ولما دورت في بيتنا لقيته خلصان وماما مش موجودة.
تفحصتها الفتاة ثم ضحكت: اه موجود طب تعالي بما أنك قاعدة لوحدك اقعدي معانا.
ردت داليا بتعجب: معاكم؟
أجابت الفتاة ببساطة: اه مفيش حد غيري أنا وماما بدل ما أنتِ قاعدة لوحدك.
ترددت داليا لأنهم غرباء ولكن في المقابل ستجلس وحيدة حتى تعود والدتها فابتسمت بتوتر: تمام.
دلفت بتوتر تتفحص الشقة بعينيها فوجدتها عادية وغير بعيدة عن ديكور شقتهم، أشارت لها الفتاة بالجلوس فجلست ثم اختفت الفتاة في زاوية من الشقة وعادت بعد دقيقتين تحمل لها رغيف الخبز.
قالت بمرح: اتفضلي العيش أهو، قولي لي بقى إسمك إيه؟
ابتسمت داليا بخجل: أنا داليا وأنتِ؟
أسندت الفتاة ذراعها على مسند الأريكة: أنا نورهان، أنتِ مين بقى؟ أنا أول مرة أشوفك.
ردت داليا بتلقائية:جارتكم تبقى ماما وأنا جيت أعيش معاها هنا.
نظرت لها نورهان بدهشة: بجد؟ بس إزاي أول مرة أشوفك! وكمان إحنا عمرنا ما عرفنا أنها متجوزة وعندها بنت.
أخفضت داليا رأسها: ماهو بابا وماما متطلقين وأنا كنت عايشة معاه.
هزت نورهان رأسها ثم رفعت كتفها بلامبالاة، كانت داليا تتجاوب بحذر مع نورهان حتى مضى بهم الوقت وانسجمت معها تمامًا في الحديث متخلية عن بعض توترها ووحدتها حتى انتبهت للوقت المتأخر فشهقت: إيه ده أنا لازم أروح زمان ماما رجعت ومش عارفة أني هنا.
نهضت بسرعة فسارت معها نورهان حتى الباب، ما إن فتحت الباب حتى صرخت بفزع هي وتمسكت بنورهان حتى تبين لها أن ذلك شاب يرتدي قناع مخيف.
ضحكت نورهان: مش هتبطل عادتك يا ياسر! شوفت البنت اتخضت.
خلع ياسر القناع وابتسم لداليا بعبث: والله كنت ناوي اخضك أنتِ بس حظها بقى.
التفتت نورهان لداليا قائلة: ده ياسر ابن خالي، ساكن قريب من هنا وبيحب يرخم عليا علطول.
أومأت داليا ولم تتفوه بكلمة لأنها محرجة من وجود ياسر الذي يظهر أنه يكبرها ببضعة سنوات ثم ذهبت لشقتها متجاهلة نظراته، دلفت لتجد والدتها لازالت في الخارج
فاستقلت على الأريكة بإحباط وقد فقدت شهيتها للأكل.
همست بحزن: أنتِ روحتي فين وسيبتيني لحد دلوقتي يا ماما؟
غفت مكانها حين سمعت صوت الباب يفتح فنهضت على الفور لتجدها حسناء.
قالت بارتياح: أخيرا يا ماما كنتِ فين كل ده؟
نظرت لها حسناء بتعجب وقالت باستياء: أنتِ إيه اللي مصحيكي لدلوقتي
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ردت داليا مستغربة: أنا كلها ملقتكيش في الشقة ومعرفش أنتِ ومش بتردي على التليفون حتى ملقتش أي أكل في الشقة غير حتة جبنة فروحت جيبت عيش من الجيران، أنا كنت قاعدة خايفة لوحدي ليه مقولتيش أنك خارجة؟
تأففت حسناء بضيق: جالي تليفون علشان شغل وروحت أشوفه.
قالت داليا بتساؤل: شغل؟ ليه؟
نظرت لها حسناء بغضب: وأنتِ فاكرة هنصرف منين ياعيون أمك؟ مش أبوكِ سابك لازم فلوس علشان نعيش.
نظرت لها داليا بذهول فتداركت حسناء ما فعلته وقالت بابتسامة: متزعليش مني يا حبيبتي بس أنا تعبانة دلوقتي، إحنا دلوقتي مش معانا فلوس لحد ما باباكِ يبعت المصروف لازم أتصرف.
أومأت داليا بصمت وهي مازالت تتطلع إليها ثم قالت بصوت منخفض: طب مش هناكل؟
سارت حسناء لغرفتها بينما تقول بلامبالاة: مش قولتي جيبتي وكلتي من عند الجيران يبقى خلاص، أنا واكلة برة.
ثم دخلت وتركت داليا واقفة مكانها بحيرة كبيرة من تصرفات والدتها الغير منطقية.
في اليوم التالي استيقظت داليا وخرجت لتجد والدتها تستعد للذهاب مرة أخرى فقالت بدهشة: أنتِ هتمشي من بدري كدة يا ماما؟ طب هترجعي امتى؟
قالت حسناء ببرود: مش عارفة لسة يا داليا هبقى أكلمك.
ثم توجهت لتخرج فقالت داليا بسرعة: طب متنسيش تجيبي أكل وأنتِ جاية مفيش حاجة في البيت.
ابتسمت حسناء بسخرية: شوفي من الجيران أو انزلي خدي من البقال وهبقى أدفع له الفلوس.
ثم غادرت تحت نظرات داليا المذهولة ولأنها ستمضي نهارًا طويلًا لوحدها بدأت تشعر بالملل على الفور وحاولت إيجاد شيء ليسليها وبعد أن تحدثت مع صديقتها لبعض الوقت وجلست على الهاتف ألقته جانبها بضيق.
ضمتها ركبتها لصدرها وهي تستند عليها بذقنها تفكر بحزن أنها اشتاقت لوالدها كثيرًا ولم تقصد أن تكسره بذلك الشكل لكن في المقابل عليه أن يتفهم رغبتها!
ضايقها تفكيرها أكثر ولم ترد أن تجلس وحيدة حتى أتى في بالها لما لا تذهب لنورهان؟ تلك الفتاة التي من عمرها، ربما يمكنها إنشاء علاقة طيبة معها خصوصا أنها لا تعرف أحد هنا وأيضا تمضي معها بعض الوقت خلال غياب والدتها.
ذهبت بتردد وهي تدعو أن تكون في المنزل حين فتحت لها فابتسمت داليا: أنا كنت قاعدة لوحدي شوية لأنه ماما في الشغل فلو فاضية ممكن نقعد مع بعض شوية؟
رفعت نورهان حاجبها بابتسامة: في الشغل؟ تعالي يلا أنا كمان قاعدة لوحدي لأنه ماما أغلب الوقت نايمة.
مع مرور الوقت عرفا أشياء أكثر عن بعضهما فقد علمت داليا أنا والد نورهان مسافر خارج مصر ويأتي في إجازات سنوية ولا تمتلك أي إخوة مثلها.
فجأة حضر ياسر فشعرت داليا بالتوتر ونهضت لتغادر فسألت نورهان بتعجب: رايحة فين؟
قالت داليا بحرج: همشي بقى.
ابتسم ياسر ففهمت نورهان سبب مغادرة داليا فقالت باستنكار وهي تشدها لتجلس مرة أخرى: يا شيخة أنا فكرت فيه حاجة اقعدي ده ياسر مش غريب شوية وهتتعودي عليه.
ثم تابعت نورهان الحديث والمزاح مع ياسر وداليا صامتة، كان ياسر يحاول فتح حوار معها ولكنها كانت تجيب باختصار ثم بعد مرور بعض الوقت غادرت.
تنفست الصعداء حين عادت للمنزل لأنها كانت تشعر بالتوتر الشديد في حضور ياسر وانتظرت والدتها كالعادة التي عادت في وقت متأخر.
أصبح ذلك النظام المعتاد في الأيام التالية كانت والدتها تغادر فيما سمته العمل بينما تبقى داليا وحيدة مع نفسها وهي مستغربة تصرفات والدتها التي لا تقضي معها أي وقت فكانت تلجأ لنورهان وتقضي معها وقتها ورغم امتناعها في البداية إلا أنها اعتادت على وجود ياسر تدريجيا وتحول صمتها لحديث سطحي معه في بعض الأحيان، كان اشتياقها لوالدها يكبر مع مرور الأيام ولكننا لا تخبر والدتها بذلك لأنها حين قالت لها في مرة أنها ستتصل به غضبت بشدة مخبرة إياها أنها ستخرب ما يفعلوه بفعلتها تلك وأن على والدها أن يشتاق لهم ويشعر بألم خسارتهم بحيث يصعب عليه العيش بدونهم وبذلك سيعود لهم لذلك صمتت.
كانت نورا تجلس مع علياء في المطبخ بينما يجلس أمجد في الصالة.
زفرت نورا بضيق: أمجد عامل إيه يا علياء؟ هيفضل كدة كتير؟
أجابت علياء بهدوء: والله يا نورا مش كويس خالص زي ما أنتِ شايفاه كدة بس بنحاول نمشي الدنيا نشوف هترسى على إيه.
غمغمت نورا بعصبية: أنا مش فاهمة هي عايزة منه إيه؟ حالفة لتخرب حياته طول العمر، ربنا ينتقم منها!
ترددت علياء ثم قالت بتساؤل: نورا أنا عايزة أعرف إيه حصل بالضبط، يعني أمجد فهمني شوية من الموضوع إنما عمره ما حكى لي إيه حصل بالضبط وليه أنتِ بتكرهيها أوي كدة؟ أظن من حقي أعرف وأفهم.
نظرت لها نورا لبضعة لحظات ثم تنهدت بأسى: أنا هحكي لك كل حاجة.
كانت داليا تحلس كعادتها مع نورهان وياسر يتبادلون أطراف الحديث ويضحكون على بعض النكات، لاحظت داليا مؤخرا أن ياسر ينظر لها بشكل خاص ويطيل النظر إليها مما آثار ارتباكها بشدة، حين حان موعد مغادرتها لحقها ياسر حتى الباب قائلا: داليا ممكن أقولك على حاجة مهمة؟
التفتت له داليا بارتباك: نعم فيه إيه؟
تقدم ليقف أقرب إليها وابتسم قائلا: داليا، أنا معجب بيكِ.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تجمدت داليا حتى أنها فتحت فمها من الصدمة فضحك ياسر: إيه مالك مصدومة كدة ليه؟
ردت بارتباك: اا... أنت بتقول إيه؟
حدق إليها باستغراب: بقولك معجب بيكِ يا بنتي إيه الغريب في كدة؟
اضطربت داليا من جرأته: بس اللي أنت بتقوله ده مينفعش.
رفع حاجبه باستهزاء: مينفعش ليه؟
أجابت بتوتر: علشان....علشان أنا وأنت لسة صغيرين.
ضحك ياسر بتعجب: وفيها إيه يعني؟ هو أنا بقولك تعالي نتجوز؟ بقولك معجب بيكِ ولو أنتِ كمان معجبة بيا نقدر نرتبط علشان نتعرف على بعض أكتر.
قالت بعدم تصديق: نرتبط؟ بس ده حرام!
رمقها بسخرية: يااه هو أنتِ معانا على الأرض، الكلام ده بقى قديم خلاص وبعدين أنا عارف أنك معجبة بيا متحاوليش تنكري.
احمر وجهها من الحرج والذهول لأنه كيف علِم بذلك؟ بالفعل رغم جلساتهم القليلة إلا أنها أحبت طبعه المرح.
ضحك مرة أخرى على ردة فعلها: داليا أنا معجب بيكِ بجد ودي فرصة كويسة علشان نتعرف على بعض لحد ما نبقى في عمر مناسب واجي أتقدم لك يعني مش حاجة غلط فكري كويس وهستنى ردك.
ثم غادر قبل أن تستطيع الكلام تاركًا إياها في الحالة من الذهول والتخبط.
عادت لبيتها وجلست تفكر في كلماته، كان أمرا جديدا عليها أن يتقرب إليها شاب كما أن والدها علمها وضع الحدود في التعامل بينها وبين الفتيان وأن ما يحدث اليوم بين الفتيان والفتيات أمرا خاطئ واهتم بتلقينها بعض التعاليم الدينية إلا أنها الآن تشعر بذلك التذبذب والتردد داخلها.
نظرت حولها بيأس فهي تحتاج والدتها الأم وتحتاج لنصيحتها بشدة، انتظرتها حتى عادت فهبت واقفة على الفور: ماما محتاجة أكلمك في موضوع مهم.
قطبت والدتها بانزعاج: مش وقته يا داليا أنا جاية تعبانة.
ثم تركتها ودلفت لغرفتها فوقفت داليا مكانها بإحباط ثم توجهت لغرفتها.
في الصباح استيقظت باكرًا حتى تتمكن من التحدث معها قبل أن تذهب.
وجدتها تتناول الطعام فجلست معها بابتسامة: إيه ده يا ماما أنتِ جيبتي حاجات للبيت امتى؟ وكمان حضرتي الفطار! مصحتنيش ليه؟
ابتسمت لها حسناء ابتسامة مصطنعة: السوبر ماركت طلعهم يا حبيبتي وكنت لسة هصحيكِ بس متأخرة على الشغل.
ترددت قليلا ثم قالت: ماما كنت عايزة أكلمك في موضوع مهم.
أنهت حسناء طعامها ونهضت لتغادر: مش وقته يا داليا لما اجي بقى.
نهضت داليا قائلة بإصرار: لا يا ماما أنا محتاجة أتكلم معاكِ أنا مبقتيش أشوفك أصلا.
نهرتها حسناء بحدة: بت! أوعى تتكلمي معايا بالطريقة دي ولما أقولك مش دلوقتي يبقى مش دلوقتي!
صمتت داليا ونظرت للأرض فغادرت حسناء دون الإهتمام لها، ضربت الأرض بقدمها باستياء فقد ملت من عدم اهتمام والدتها التي وجدته غريبا للغاية، كانت تشعر أنها تريد مناقشة أحد وإلا أنها ستجن من التفكير.
ففكرت هل يمكن أن تناقش نورهان في ذلك الموضوع؟ لما لا؟ هي من عمرها وربما ستتفهمها.
كانت تتمنى ألا يحضر ياسر في ذلك الوقت حتى تكون على راحتها ولا يوترها وجوده.
جلست داليا بتوتر حتى بدأت الكلام: نورهان عايزة أقولك على حاجة
ردت نورهان باهتمام: قولي.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
زفرت بشدة: ياسر قالي أنه معجب بيا.
رفعت نورهان حاجبيها بدهشة ثم ضحكت: بجد؟ قالك امتى؟
ردت داليا بضيق: امبارح.
قالت نورهان بحماس: جامد! شوفتي الواد مقاليش خالص مع أنه ابن عمي، طب اتكلمتوا في إيه؟
رمقتها داليا بتعجب: اتكلمنا؟ نورهان مينفعش نتكلم أصلا مع بعض!
نظرت لها نورهان باستغراب: ليه؟
حدقت إليها داليا باستنكار: ليه إيه يا نورهان؟ علشان حرام طبعا! وبعدين أنا لسة صغيرة أوي.
تجعد وجه نورهان باعتراض: إيه التفكير ده يا بنتي؟ إيه الحرام في كدة؟ أنتوا بتتعرفوا على بعض علشان تشوفي هتعرفي تحبيه وتتجوزوا ولا لا.
ثم تابعت باستخفاف: وبعدين يا بنتي إحنا لسة صغيرين من حقنا نعيش ونحب براحتنا مفيهاش حاجة يعني.
صمتت داليا وهي تحدق إليها وفي عيونها الرفض لما تسمعه ولكن في داخلها شعرت أنها مشتتة أكثر من السابق، وصراعا ينمو داخلها بما تربت عليه وتعلمته من والدها وما تراه وتسمعه الآن.
بعد مرور الوقت في التحدث عن أشياء أخرى عادت داليا للمنزل، جلست بضيق وحيرة حتى أتت عيناها على تاريخ اليوم وفجأة تنبهت، إن عيد مولدها في الغد!
جلست فجأة بحماس وهي تفكر ماذا سيحدث غدا وماذا ستعد والدتها لعيد مولدها الخامس عشر، تذكرت بحزن أنها بعيدة عن والدها الذي كان وعدها بمفاجأة مميزة في عيد ميلادها ولكنهما الآن بعيدان عن بعضهما.
نسيت داليا قليلا موضوع ياسر وانشغلت بالتفكير في عيد مولدها وحين عادت والدتها في المساء أمضت معها وقت طويلًا لأول مرة فاعتقدت داليا أن ذلك من ضمن المفاجأة التي تعدها والدتها لها ولم تأتي على أي ذِكر للموضوع حتى ترى ما ستصنع والدتها لها.
دلف أمجد إلى المنزل وقد أغلق الباب ورائه بقوة أفزعت علياء التي خرجت بسرعة تقول بقلق: في إيه يا أمجد؟
رمى أمجد بغضب الأوراق التي بيده لتتناثر على الأرض: الحقيرة تاني يوم ما روحت لهم كانت مقدمة بلاغ تاني فيا أني اتهجمت عليها في البيت ودلوقتي مقدمة طلب للمحكمة أني معرفش أشوف بنتي! غير القضية اللي رافعاها!
كان صدره يعلو ويهبط من الغضب الشديد الذي يشعر به فتابع بوعيد: والله لأدفعها تمن كل اللي عملته فيا زمان ودلوقتي، أنا هوريكِ يا حسناء والله ما هسيبك!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
استيقظت داليا ونهضت بحماس حتى تكتشف ما حضرته والدتها لها في عيد ميلادها، خرجت من الغرفة وعلى وجهها ابتسامة كبيرة تجمدت حين وجدت المنزل فارغ، اختفت ابتسامتها وهي تبحث عن والدتها ولم تجدها.
هل نسيت والدتها عيد ميلادها؟ حاولت مواساة نفسها بأنها ربما تحضر لها مفاجأة في المساء، ولكنها جلست بحزن لأنها كانت تريدها معها طوال اليوم، فكرت داليا بوالدها باشتياق كم تمنت لو كان معها في هذا اليوم، كان دائما يعدها أن عيد ميلادها الخامس عشر سيكون مميز ولكن أين هو الآن؟ تمنت بشدة لو يدرك والدها ما تتمناه ويعود لوالدتها حتى يتمكنون من العيش معا كعائلة مرة أخرى، على والدها أن يرى أنه المخطئ وأنها ووالدتها على حق.
قطبت حاجبيها بتساؤل لأول مرة، أليس كذلك؟
لم ترد أن تبقى لوحدها فنهضت وبدلت ملابسها حتى تذهب وتقضي بعض الوقت مع نورهان إلا أنها لم تجدها في المنزل مما أثار استغرابها وضيقها وعادت حتى تجلس وحيدة.
كان أمجد يجلس شاردًا والحزن يطل من عينيه فسألته علياء باهتمام: مالك يا أمجد؟ قاعد لوحدك كدة ليه؟
رد أمجد بصوت منخفض وهو مازال يحدق أمامه: النهاردة عيد ميلاد داليا.
أشفقت عليه علياء لأنه قبل حدوث كل تلك المشاكل كان يخطط لمفاجأة تسعد داليا في عيد ميلادها كما كان يعد رحلة سياحية حتى يقضوا بها العطلة الصيفية.
جلست بجانبه ووضعت يدها على كتفه قائلة بعطف: متزعلش يا أمجد بإذن الله كل ده ينتهي وداليا ترجع تاني.
تنهد: يارب يا علياء، أنا تعبت.
أحست علياء بالذنب فقالت بندم: أنا سبب كل المشاكل دي بينكم لو مكنتش اتجوزت...
قاطعها أمجد على الفور بانفعال: لا طبعا أنتِ ملكيش علاقة بأي حاجة بتحصل.
زفر بحنق متابعًا: الموضوع بيني وبين حسناء يا علياء، حسناء مش عايزة تشوفني مبسوط مستعدة تعمل أي حاجة علشان تقهرني وغرضها الأول والأخير هو الفلوس اللي هتقدر تسحبها مني لما تاخد داليا.
قالت علياء فجأة: طب ما تتصل على داليا يا أمجد ولا تبعت لها هدية علشان تعرف أنك فاكرها مش ناسيها، يمكن ده يخليها تعيد حساباتها شوية.
فكر أمجد قليلا: تفتكري؟
أومأت علياء بحماس فأسرع أمجد يحاول الإتصال بابنته إلا أنه استغرب عندما وجد الهاتف مغلقا ونظر لعلياء:مقفول.
قالت علياء بابتسامة: يمكن فاصل شحن ولا حاجة، أهم حاجة فكر في الهدية وابعتها أكيد هتفرح بيها أوي.
أومأ أمجد بالايجاب وبدأ يفكر ماذا يحضر لابنته.
عادت حسناء قبل هبوط الليل مما فاجئ داليا فنهضت بحماس تستقبلها، وجدت تمسك أكياس بيدها فتحضرت ظنًا منها أنها هديتها إلا أنها تعجبت أشد التعجب حين ناولتها والدتها ذلك الكيس قائلة بسرعة: دخلي الحاجة دي المطبخ يا داليا على ما أغير وأجي علشان أعمل الأكل فيه ضيوف جايين لنا بالليل.
ردت داليا باستغراب من شدة ارتباكها: ضيوف؟ ضيوف مين يا ماما وجايين لنا ليه؟
رمقتها حسناء بنظرة استهجان: هما الضيوف بيجوا ليه؟ هو ده سؤال!
سألتها داليا بأمل: ماما هو أنتِ مش فاكرة النهاردة إيه؟
قطبت حسناء بانزعاج: النهاردة هيكون إيه يعني! مش وقت هزار يا داليا معنديش وقت لازم أحضر الأكل يلا اتحركي.
إلا أن خيبة الأمل التي شعرت بها منعتها من الحركة فظلت تحدق لوالدتها بعيون دامعة حتى نظرت لها حسناء بدهشة فصاحت بها: ما تتحركي يا بنتي!
تحركت داليا بخطوات مثقلة فوضعت الأكياس في المطبخ ثم عادت لغرفتها وانهمرت في البكاء، ضمتها ركبتيها لصدرها وهي تشهق بألم، كيف لم تتذكر والدتها هذا اليوم المهم بالنسبة لها؟ بل لما تعاملها بهذا الشكل الغريب في الآونة الأخيرة مع أنها من أصرت عليها وفعلت المستحيل لتبقى معها!
لقد كان والدها كل عام يحضر لعيد ميلادها قبلها بأيام حتى يسعدها! والدها! كم اشتاقت إليه، أنها حقا متعجبة من فرق المعاملة بين والدها ووالدتها رغم أنها لم ترى والدتها لسنوات فلم تتوقع هذا منها أبدا.
حل المساء وداليا مازالت في غرفتها حتى أن حسناء لم تأتي لتراها أو تطمئن عليها مما أثار استياءها الشديد.
كانت جالسة حين دلفت والدتها التي قالت بتعجب: أنتِ ملبستيش!
نظرت لها داليا بتساؤل: ألبس ليه؟
زفرت حسناء بحنق: علشان الضيوف اللي جايين.
رفعت كتفيها بعدم اهتمام: مش لازم أطلع، مش عايزة أقعد معاهم.
اتجهت حسناء إليها بغضب: يعني إيه الكلام ده؟ طبعا لازم تقومي وتطلعي أنتِ عايزة تحرجيني!
نظرت لها داليا بحزن: لا مش عايزة احرجك بس مش عايزة أقضي عيد ميلادي مع ناس غريبة!
رددت حسناء بذهول: عيد ميلادك؟
رمقتها داليا بنظرة مملوءة بالعتاب: أيوا يا ماما.
ابتسمت حسناء بارتباك: يا حبيبتي!
ثم اقتربت منها محاولة تصليح خطأها: متزعليش مني أنا بس متلغبطة اليومين دول بسبب حاجات كتير.
أردفت بصوت حزين قصدًا: أنتِ شايفة ظروفنا يا داليا وباباكِ سايبنا يبقى لازم أنا أتعب علشان نعرف نعيش.
في تلك اللحظة رن هاتف داليا فهتفت بفرح: بابا!
مدت يدها بلهفة حتى تجيب إلا أن يد حسناء سبقتها وخطفت الهاتف ثم ضغطت زر إنهاء المكالمة فوقفت داليا بعصبية: ليه عملتي كدة؟ أنا كنت عايزة أكلمه!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
وبختها حسناء بحدة: تكلميه؟ هو لعب عيال! أنتِ عارفة يا داليا أنه مينفعش!
صرخت داليا بقهر: بس أنا زهقت وتعبت بابا وحشني وعايزة أكلمه! نفسي أكلمه!
دفعتها حسناء لتسقط داليا على السرير: أنتِ بتعلي صوتك عليا! والله عال أوي! جه اليوم اللي تعلي صوتك على أمك يا داليا!
بكت داليا وقالت بصوت مكسور: بس أنا كنت عايزة أكلم بابا.
كانت أعصاب حسناء مشدودة للغاية من تصرفات داليا التي تكاد تخرب عليها كل ما خططت لأجله ولكنها إن عنفتها فستخسرها لذلك أسرعت إليها بترجي: يا داليا أنتِ لازم تفهمي أني كل اللي بعمله ده لمصلحتنا، لازم والدك يحس بغلطته الأول مينفعش تردي عليه خالص ده هيبوظ كل حاجة.
وضعت يدها على خدها: ماشي يا حبيبتي؟
لم تجب داليا وهي تحدق لوالدتها ولأول مرة لا يكن لها نفس الاقتناع الذي كان مترسخًا في ذهنها عن أفعالها.
تابعت بلطف مزيف: لو عايزة تفضلي هنا براحتك مش هضغط عليكِ.
ثم خرجت ولكنها لم تنسى أن تأخذ هاتف داليا معها، لكمت داليا السرير بعنف وزفرت بقهر والدموع تتسرب من عينيها مرة أخرى، كانت تسمع ضحكات والدتها مع شخص غريب في الخارج ولكنها لم ترد الخروج مع أنها استغربت حين استنتجت أن من بالخارج شخصًا واحدًا وليس عدة ضيوف كما أخبرتها.
في اليوم التالي استيقظت متأخرة فنهضت لتذهب لنورهان دون أن تهتم بمظهرها المتعب لأنها شعرت أنها بحاجة شخص لتفضي إليه بكل مشاعرها السلبية ومشاكلها التي تؤرقها ولسبب ما لم تشعر بأن والدتها هي الشخص المناسب.
كانت على وشك أن تطرق الباب حين سمعت نداء باسمها فالتفتت لترى ياسر يتقدم إليها وحدقت بذهول في باقة الورود التي في يده.
تقدم منها مبتسمًا: ازيك يا داليا عاملة إيه؟ أنا عرفت أنه عيد ميلادك كان امبارح.
ثم مد يده إليها بباقة الورود ويده الأخرى التي كان بها هدية يحملها لم تنتبه له مردفًا: كل سنة وأنتي طيبة.
اتسعت عيون داليا بذهول: أنت.... أنت عرفت منين؟
غمز ياسر بمرح: لا دي حاجة خاصة بقى، وبعدين اللي بيحب حد لازم يكون عارف عنه كل حاجة.
شردت داليا في تلك اللحظة لتتذكر موقف والدتها وهي التي لم تعبأ حتى بأن تفعل أي شيء حتى بعد أن علمت!
سألها ياسر متعجبًا: إيه روحتي فين؟
قالت داليا بهدوء: لا لا مفيش حاجة.
نظر ياسر ليديه ثم مازحها: طيب إيه إيدي وجعتني.
حدقت داليا بعيناها الذابلتين الذان يظهر عليهما آثار البكاء في باقة الورود بتردد إلا أن مدت يديها ببطء وأخذتهما منه ثم ابتسمت له ابتسامة صغيرة: شكرا يا ياسر.
ضحك ياسر: لا ده مش شكري لو عايزة تشكريني فعلا يبقى نتقابل بكرة علشان نخرج مع بعض.
قالت داليا بعدم تصديق: نخرج سوا؟
أجاب ياسر ببساطة وكأنه يقر بأمرًا عاديًا للغاية: أيوا أنا عايز اقابلك يا داليا ونكون لوحدنا علشان نتعرف على بعض براحتنا.
نظرت حولها بحيرة: بس مينفعش وبعدين هقول لماما إيه؟
أجاب بنبرة عادية: قولي لها خارجة مع واحدة صاحبتي.
استنكرت داليا قوله: بس كدة بكدب عليها وده مش صح.
تغيرت قسمات ياسر للانزعاج الشديد: خلاص يا داليا اتصرفي أنتِ المهم عايز أشوفك بكرة أنا قولت الأحسن نخلي علاقتنا بيننا لحد ما نتأكد من مشاعرنا وساعتها هاجي لوالدتك أقولها.
صمتت بحيرة أشد فتابع بإصرار: هستناكِ بكرة في ****** الساعة تمانية بالليل، هقف في الشارع اللي قبله علطول.
ثم غادر وتركها واقفة مكانها، حدقت لما في يديها ثم عادت للمنزل ودخلت لغرفتها حتى تخبئهم قبل أن تراهم والدتها.
جلست تفكر طوال اليوم حتى ألمها دماغها وأصيبت بصداع مزعج وظلت تتسائل هل ما فعلته خطأ أم صحيح؟
كان صوت في عقلها يخبرها أن ربما نورهان محقة ويجب أن تعطي ياسر فرصة خصوصا أنه مهتم بها فعلا وقد أهتم بعيد ميلادها رغم معرفته ما القصيرة وهي بحاجة لتبتعد عن كل الأجواء المتوترة التي تعيشها وترتاح من كل تلك المشاكل شخصًا يُعوض غياب والدها وإهمال والدتها بينما صوت آخر يرد عليه بأنه مهما حدث فهي قد تعلمت وتربت أن هذا خطأ دون رباط شرعي وأن ما يحدث في الخفاء وليس النور ف بالتأكيد خاطئ وإلا لكان يجوز فعله أمام الناس كما أنها مازالت صغيرة في السن.
حدقت إلى باقة الورود لثواني قبل أن تتخذ قرارها بحزم، تلك العلاقة ليست لها! مهما كانت معجبة بياسر فهي لا تريد فعل شيء تشعر أنه خاطئ، هي مجرد قناة تريد لم شمل والديها والعيش بينهما كما أنها مازالت صغيرة وتريد التركيز على دراستها فهي متفوقة لها وتحبها وستترك تلك الأمور لوقتها.
استعدت داليا لتخرج قبل اللقاء بوقت مناسب وقد أخذت معها الهدية والورود ولأن والدتها لم تعد فذلك سهل عليها الخروج دون أسئلة.
سارت حتى وجدت ياسر يقف في شارع جانبي قريب من المكان الذي أخبرها به ويعطي ظهره لها فتقدمت منه.
استدار لها بابتسامة ساحرة: داليا! كنت متأكد أنك هتيجي.
استجمعت داليا شجعتها لتقول بهدوء: ياسر أنا فكرت كتير جدا ولقيت أنه علاقتنا غلط ومتنفعش وأنا مش مستعدة أدخل في علاقة دلوقتي أنا آسفة.
تغيرت تلك الابتسامة الساحرة لعبوس شديد: يعني إيه الكلام ده؟ ده هزار ولا إيه!
مدت يديها تعطيها الأشياء: لا أنا آسفة.
ضرب يديها بغضب فسقطت الأشياء مما جعل داليا تشهق ثم حدقت بخوف لوجهه الذي تغيرت قسماته للغضب الشديد: أنتِ فاكرة دخول الحمام زي خروجه! أنتِ نسيتي نفسك يا بت ولا إيه! ده أنتِ بتروحي لبنت خالتي علشان تعطف عليكِ!
أقترب منها فخطت للوراء بخوف بينما تابع والشر يلمع في عينيه: فمتعمليش نفسك شريفة عليا دلوقتي!
مدي يديه ليمسك بكتفيها وهو يهجم عليها محاولا تقبيلها عنوة بينما كانت داليا تقاومه بشراسة وتحاول أن تدفعه عنها حتى خدشت وجهه بأظافرها للوراء وهو يصرخ.
نظرت حولها بهلع فوجدت حجر أمسكته بسرعة وضربته به على رأسه ليصرخ بصوت أعلى وهو يضع يده على رأسه.
نظر لها بحقد: اه يا بنت ال*****!
حاول أن يهاجمها إلا الدوار الذي أصابه من الضربة منعه فانطلقت داليا تركض بسرعة حتى تهرب من المكان كله وهي تبكي بذعر وهلع، نظرت لنفسها بفزع حين رأت أنه حين شدها من كتفها تمزق جزء من ملابسها فواصلت الركض وهي تحاول ذلك الجزء العاري منها.
وصلت إلى المنزل بأنفاس لاهثة وهي مازالت تبكي ثم صعدت السلم برعب خوفًا من أن يكون قد لحق بها، كانت توبخ نفسها بشدة فهي سقطت في ذلك الفخ من البداية!
لقد كانت غبية ولم ترى حقيقته، غبية للغاية!
ولجت للمنزل وهي تدعو أن تكون والدتها عادت فهي في أشد الحاجة إليها، سمعت صوتها آتيا من غرفتها فتقدمت بارتياح حتى تنهار في أحضانها إلا أنها تصنمت في مكانها وهي تستمع لحديث والدتها الآتي.
كانت حسناء تضحك وتتحدث بخبث: لا متقلقش خالص دي بت هبلة، عرفت أضحك عليها وأخليها تقهر أمجد على عينه! هي مفكرة أني عملت كل ده علشان عايزها! ده أنا محتملة وجودها بالعافية! لحد ما خطتي تكمل بس وأخذ كل اللي أنا عايزاه وأكون نجحت أدمر أمجد وهو زي الأهبل هيعمل أي حاجة وعلشان مين؟ بنته اللي وقفت ضده!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تجمدت داليا مكانها حتى أن يدها توقفت في منتصف الهواء قبل أن تمسك بمقبض الباب، شعرت بدوار حتى أنها استندت إلى الحائط الذي ورائها.
أرادت أن تصرخ أو تبكي، تفعل أي شيء كي تعبر عن ألمها الذي يفتت قلبها ولكن كأن حجر كبير علق في حلقها منعها عن إصدار أي صوت، والدتها!
والدتها التي كانت تتعذب في غيابها وفعلت أي شيء حتى تعود لحياتها مع والدها حتى أنها وقفت أمام والدها الذي تحبه أكثر من أي شيء تستغلها بتلك القسوة! حاولت أن تكذب أذنيها ربما والدتها لا تقصدها هي؟ بالتأكيد لا تقصدها هي بتلك الفتاة المزعجة التي لا تطيق تحمُلها!
رغما عنها حين تحركت أصدرت ضجة فخرجت حسناء باستغراب ثم شحب وجهها حين رأت داليا تقف أمامها.
قالت حسناء بتوتر: أنتِ... أنتِ جيتي يا حبيبتي؟
أجابت داليا بحرقة: اه جيت يا ماما علشان أسمعك، كنتِ بتتكلمي عليا يا ماما؟
حاولت حسناء الابتسام بارتباك: ل..لا..لا طبعا يا هبلة دي....دي واحدة كدة كنت أعرفها.
انهمرت دموع داليا بألم: والواحدة دي بردو إسمها داليا وعايشة معاكِ وخدتيها من أبوها اللي إسمه أمجد؟
بُهتت حسناء حين رددت داليا كلماتها على مسامعها فتابعت داليا بقهر: أنتِ خدعتيني! أنا مش مصدقة اللي بسمعه كنت لعبة بالنسبة لك طول الوقت ده!
قالت حسناء بتبرير: أنتِ فهمتي غلط أنا كان قصدي....
صرخت بها داليا: قصدك إيه؟ أني كنت اللعبة اللي بتحركيها طول الوقت علشان تأذي بابا؟ وأنا زي الهبلة مشيت وراكي وصدقتك!
تغير قسمات وجه حسناء وأخيرا كشفت عن وجهها الحقيقي قائلة ببرود: بقولك إيه يا بت أنتِ متوجعيش دماغي وادخلي أوضتك.
كانت تنظر لها بعدم تصديق هل هذه هي نفس الشخص الذي توسلها حتى تبقى؟ ولكن كل ذلك كان مجرد خداع!
قاومت داليا رغبتها الشديدة في أن تنهار لكل ما حدث لها واكتشفته اليوم، لقد كان عالمها كله عبارة عن كذبة.
تطلعت إليها داليا بألم: وأنا مش هفضل هنا وأسيبك تدمري بابا، أنا هقوله على كل حاجة!
حاولت التحرك إلا أن حسناء أمسكتها بسرعة من شعرها وسحبتها منه لتصرخ داليا بألم.
قلت حسناء بحقد: وأنتِ فاكرة أني هخلي حتة بت زيك تدمر كل اللي أنا عملته لحد دلوقتي! لا ده أنتِ متعرفنيش خالص!
نظرت لها داليا بقهر: أنا مش عارفة إزاي أنا اتخدعت بيكِ، بس أنا مش هسكت تاني!
حاولت الإفلات من يدها والوصول لهاتفها إلا أن حسناء دفعتها حتى اصطدم رأسها بالحائط وأسرعت تُمسك بهاتف داليا ورمته على الحائط حتى تحطم.
أمسكت داليا من شعرها مرة أخرى وهي تجرها حتى غرفتها وداليا تقاوم دون فائدة، ألقتها حسناء على الأرض وهي تتحدث بشر: هتفضلي هنا زي الكلبة أنا مش هسيبك تدمري خطتي وابقي قابليني هتقولي لأبوكِ إزاي يا بنت أبوكِ!
ثم أنها حديثها بضحكة ساخرة قبل أن تخرج من الغرفة وتغلق الباب ورائها بالمفتاح فانهارت داليا من البكاء على الأرض وشهقاتها ترتفع من شدة الألم الذي تشعر به.
حاولت النهوض من على الأرض ولكن بصعوبة لأن رأسها وجسدها كانا يؤلمانها فظلت مكانها بحرقة، ضربت نفسها بكراهية شديدة واحتقار للذات فكم كانت غبية!
لقد صدقت والدتها بسهولة شديدة حتى أنها لم تتريث لثانية واحدة في أن تفكر في صحة أيا مما أخبرتها بسبب اشتياقها الشديد لها وقد نفذت كل ما طلبته منها بسذاجة كبيرة.
أغمضت عيناها بحسرة وهي تسترجع كل ما فعلته مع والدها وزوجته لإرضاء أمها، تنبهت مرة أخرى وفكرت أنها لن تترك والدتها تؤذي والدها لأغراضها الأنانية.
وقفت مرة أخرى وأسرعت للباب تضرب عليه بقوة وهي تصرخ: طلعيني من هنا أنا عايزة أخرج!
استمرت في الصراخ والضرب حتى فتحت حسناء الباب وبكل غضب صفعت داليا ثم بدأت في ضربها وداليا تحاول أن تفادي الضرب حتى سقطت على الأرض فركلتها حسناء وهي تصيح بها بغل: أنا معنديش عزيز ولا غالي فخافي على نفسك أحسن لك! وعقاب ليكِ مفيش أكل ولا شرب لحد ما تعقلي!
ثم خرجت وتركتها معلقة الباب مرة أخرى بالمفتاح حتى تضمن عدم هربها، بقيت داليا مكانها طوال الليل من التعب والألم، تارة تؤنب نفسها على سذاجتها وتارة تبكي على الصدمة التي لم تتوقعها في والدتها التي فعلت من أجلها كل شيء وفي النهاية نامت مكانها من شدة التعب.
في مكان آخر حين استعاد ياسر قوته أتصل بنورهان قائلا: حتة البت دي تضربني وتعمل فيا كدة!
ردت نورهان بتعجب: بس إيه يا ياسر؟ حصل إيه فهمني.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
سرد لها ما حدث فرددت بدهشة: ضربتك؟
شد ياسر على أسنانه من الغيظ: أيوا بس أنا هوريها، جت تعمل عليا شريفة وأمها مدوراها.
قالت نورهان بلامبالاة: أنا قولتلك تكبر دماغك من البت دي أصلا محدش بيطيق أمها بس أنت اللي صممت.
زفر ياسر بحنق: بقولك إيه مش وقته الكلام ده ما أنتِ صاحبتيها رغم أنك عارفة أمها، المهم دلوقتي تروحي تشوفيها وتفهميها أنه اللي عملته ده غلط ولو متراجعتش وغيرت رأيها مش هيحصل كويس فاهمة؟
نفخت نورهان بملل: ماشي حاضر هروح بكرة أشوف الدنيا إيه.
في الصباح التالي ذهبت نورهان لتتفقد الوضع فطرقت الباب، فتحت لها حسناء الباب ونظرت لها بدهشة: أيوا مين؟
ابتسمت نورهان بتوتر: أهلا يا طنط أنا صاحبة داليا، هي داليا موجودة؟
اصطنعت حسناء ابتسامة: لا يا حبيبتي داليا مش موجودة، راحت لباباها ومش هتقعد هناك شوية.
ردت نورهان بذهول: اه طيب تمام شكرا.
أغلقت حسناء الباب فعادت نورهان لبيتها بذهول لتخبر ياسر بما علمت به وتفكر أن داليا لم تأتي أبدا على ذكر نيتها للرحيل!
في منتصف النهار دلفت حسناء لغرفة داليا لتجدها جالسة على الأرض تسند ظهرها إلى السرير وتضم ركبتيها لصدرها، كانت عيناها متعبتان من أثر البكاء ووجهها شاحب من الحزن والتعب.
وضعت صينية على الأرض بها بعض الطعام: خدي مهونتيش عليا أسيبك من غير أكل اليوم كله.
نظرت لها داليا وتذكرت ما لاقته منها فبدأت تبكي فتأففت حسناء باشمئزاز: يووه هو أنا عملتلك حاجة علشان تعيطي!
في تلك اللحظة ولج رجل غريب فرفعت داليا عيناها بصدمة بينما نظرت حسناء للوراء بتعجب: مش قولتلك تستناني برة يا سالم؟
كانت داليا تنظر له بذهول وحين دققت النظر قليلا في ملامحه تذكرت أنه من أتى من قبل ليسأل عن والدتها.
ابتسم سالم بمكر: جيت أشوفك بس يا حبيبتي وكمان..
وجه نظراته لداليا وهو يتابع: أسلم على بنتك.
اعتدلت حسناء وهي تشده من يده: يلا تعالى نقعد مع بعض برة.
بعد خروجهما، في البداية رفضت أن تتناول الطعام إلا أنه ما لبث أن استسلمت للوجع وتناولت الطعام بدموعها التي لم تتوقف حتى أنها نسيت ما عانته من ياسر وأصبح حدثا عابرا مقارنة بما تمر به الآن.
جلست حسناء مع عشيقها تفكر: طب أعمل إيه يا سالم؟ البت دي دماغها ناشفة وعنيدة زي أبوها متوقعتش تقلب عليا.
كان سالم يتناول تفاحة بلامبالاة: ولا يهمك يا حبيبتي كدة كدة هيجي عليها وقت وتعقل.
عادت حسناء تقول بقلق: ولو عرفت تهرب؟ أو أمجد جه تاني هعمل إيه ساعتها؟
فكر سالم قليلاً ثم قال مقترحًا: بقولك يا حبيبتي عندي فكرة هايلة، أنتِ لازم تسيبي الشقة دي.
عقدت حاجبيها: أسيبها ليه؟
قال بخبث: لو أمجد جه تاني زي ما بتقولي ممكن كل حاجة تتكشف إنما لو سيبتي الشقة ومعرفش مكانكم هيتجنن وهيعمل أي حاجة علشان خاطر يلاقي بنته ونقدر ساعتها نطلب منه كل اللي إحنا عايزينه وهو مش هيقدر يرفض.
لمعت عينا حسناء إعجابا بالفكرة ثم ضحكت: لا ده أنت غلبتني خالص.
ضحك معها: ومين يقدر ميتعلمش منك بس!
ثار استغراب أمجد حين أبلغه المندوب الذي ذهب بالهدية لداليا أنه لم يجد أحد في ذلك العنوان وشعر بالقلق، لذلك ورغم المحضر الذي حررته ضده حسناء ذهب في اليوم التالي ليتفقدها.
طرق الباب بشدة عدة مرات دون أن يجيب أحد مما جعل يتضاعف فارتفع الطرق ليصبح قوي عالي وهو ينادي بإسم داليا.
خرجت إحدى الجارات من شقتها تقول بانزعاج: بتخبط على مين يا أستاذ وعامل إزعاج كدة.
أجاب أمجد بقلق: بخبط على أصحاب الشقة دي، حضرتك متعرفيش راحوا فين؟
أجابت الجارة بنبرة عادية: أيوا دول سابوا الشقة ومشيوا.
اتسعت عيون أمجد بصدمة: إيه!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
سألها بتشتت: طب راحوا فين؟
رفعت كتفيها: معرفش بس هما قالوا مش راجعين تاني.
كاد قلب أمجد أن يتوقف عن النبض ولكنه تمالك نفسه، إلى أين يمكن أن تذهب حسناء؟ بالطبع لا يمكنها أخذ ابنته والاختفاء بتلك البساطة! ثم هناك تلك القضايا بينهما فمن المستحيل أن تختفي.
حاولت أن يطمئن نفسه بتلك الكلمات ولكن القلق سيطر عليه فأخرج هاتفه وهو يخرج من العمارة ليتصل بداليا، كان هاتفها مغلق مما أثار شكوكه.
نظر حوله بحيرة وهو يفكر بضياع ماذا يجب أن يفعل حين رن هاتفه فأجاب على الفور: أيوا يا رأفت شوفت اللي قولتلك عليه؟
استمع أمجد باهتمام لرأفت: بص يا أمجد اللي لقيته مش هيعجبك بس لازم تعرف بسرعة أولا كدة طليقتك عندها عشيق بتروح لها ويجي لها علطول.
رد أمجد بصدمة: أنت بتقول إيه؟
تابع رأفت حديثه بينما كلماته تسقط على أمجد كالحجارة التي تضرب رأسه فصاح بغضب: مستحيل اللي بسمعه ده!
رد رأفت بأسى: للأسف يا أمجد ده اللي عرفته، أنت لازم تتصرف بمعرفتك بقى.
حاول السيطرة على غضبه: طيب شكرا يا رأفت أقفل أنت دلوقتي.
فكر ماذا يمكن أن يفعل، أحس بالعجز من شدة الحيرة التي يشعر بها حتى أسرع إلى مركز الشرطة ليبلغهم بكل ما علمه وأن حسناء اختفت مع ابنته وهو متأكد أن هناك خطأ ما.
عاد للبيت مهمومًا وقد جلس واضعًا رأسه بين يديه.
سألته علياء بقلق: مالك يا أمجد؟
رفع عيونه فصُدمت بالدموع المحتجزة بهما ليرد بصوت متحشرج: داليا شكلها ضاعت مني يا علياء، معرفتش احميها.
سألته بخوف: إزاي؟
تطلع أمامه بقهر: حسناء خدتها وهربت، أكيد علشان تقهرني وكنت طالب من راجل يجمع لي معلومات عن حسناء علشان يساعدني واللي عرفته صعب أوي يا علياء!
رفع عيونه لها بحسرة: أنا عيشت السنين اللي فاتت دي كلها بحاول احميها، يا ترى أنا غلطت في إيه يا علياء؟
كان لازم أقولها؟ طب إزاي؟ أعرفها الحقيقة إزاي!
وضرب قبضته بقوة حتى أن الطاولة المصنوعة من الزجاج انكسرت فشهقت علياء وهي ترى الدم ينزف من يد أمجد فأسرعت إليه وهي تمسك يده بذعر: ليه كدة يا أمجد تأذي نفسك! قوم تعالى معايا يلا.
أخذته للحمام حتى يتوقف النزيف ثم طهرت الجرح ولفته بشاش طبي وكل ذلك وأمجد صامت لا يتكلم حتى وقفت أمامه وهي تمسك بيده ونظرت في عينيه قائلة بحنان: أنت كنت عايز تحميها وعايزها تعيش حياة كويسة، أنت مغلطتش داليا لسة صغيرة مكنتش هتستوعب ولا تتحمل كلام زي ده، أنت عملت اللي شايفه صح كأب.
نظر لها بشك من حديثها: أنتِ عرفتي كل حاجة؟
أومأت بتردد: نورا حكتلي كل حاجة.
أغمض عيونه بقوة وقد سقطت تلك الدموع الحبيسة محررة أمجد من القناع الذي كان يخفي ورائه حزنه وألمه، مظهرة ضعفه بشكل واضح لأول مرة، لم يرد النظر في وجه علياء ورؤية الشفقة فيهما، لأول مرة يشعر بأن روحه مكشوفة بالكامل، كان يخشى تغير صورته في عينيها.
رفعت علياء يدها ووضعتها على خده قائلة برقة: متستخباش مني يا أمجد، أنا اللي عرفته رفعك في نظري وخلاني احترمك أكتر من الأول بكتير، أنا مراتك يعني وجعك هو وجعي، صدقني كل حاجة هتبقى بخير بإذن الله وداليا هترجع.
اندفع أمجد يضمها وهو يخفي رأسه في عنقها معطيًا نفسه حرية البكاء والانهيار أخيرا، أخيرا يستطيع أن يشارك شخص ما هذا الحِمل الذي أثقل كاهله طويلًا.
لفت علياء ذراعيها حوله بقوة تمسح على شعره بحنان وتربت على ظهره بخفة، دموعها تنهمر لتشاركه ألمه وقلقه، رفعت بصرها لأعلى تتوسل لله أن يعود كل شيء بخير قريبا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
شهقت داليا فجأة وهي تستعيد وعيها لتعتدل جالسة وهي تحدق حولها بذهول.
كان المكان غريب عليها فآخر ما تتذكره هو الطعام الذي تناولته وفجأة شعرت بالنعاس الشديد ونامت لتجد نفسها في هذا المكان.
انفتح الباب لتدخل منه حسناء التي قالت برضى حين شاهدتها استيقظت: كويس أنك صحيتي.
سألتها داليا بحدة: أنا فين؟
لوت حسناء شفتيها لتجيب ببرود: يهمك تعرفي أوي؟ مش هتفرق أنتِ معايا والمحروس أبوكِ مش هيعرف يوصلك.
همست داليا بصوت مبحوح وقد تجمعت الدموع في مقلتيها: أنتِ بتعملي كدة ليه؟ أنا عملت لك إيه علشان تعملي فيا كدة؟ ليه عايز تأذي بابا للدرجة دي؟
تحدثت حسناء بتساؤل مصطنع: هو أنا عايزة أذيه؟
ضحكت ثم تابعت: أنا بضمن مستقبلي بس، وهسيبه بعدها يتهنى مع حبيبة القلب.
سألتها داليا بصوت مكسور: عمرك ما فكرتي فيا السنين اللي فاتت دي كلها؟ عمري ما جيت على بالك لحظة وفكرتي أنا عايشة إزاي ولا بعمل إيه؟ موحشتكيش أبدا؟
أجابت حسناء بقسوة: وأنا هفكر فيكِ ليه وأنا اللي سايباكي ليه؟ أنا مكنتش عايزة أخلف أصلا بس ملقيتش حاجة أربط بيها أبوكِ غيرك يا عين ماما.
أخفضت داليا نظراتها لأسفل وكان بجوابها ذلك تحطم شيء داخلها.
قالت بهدوء: أنا بكرهك.
ضحكت حسناء بصوت عالي: وأنتِ فاكرة أني هزعل دلوقتي ولا ادبدب في الأرض وأعيط؟
دلف سالم في تلك اللحظة الذي قال بابتسامة: بتضحكي ليه يا حسناء ما تضحكيني معاكِ.
وجه نظراته لداليا التي لم تكن تراه أساسا في تلك اللحظة فردت حسناء باستهزاء: مفيش ده كان مجرد كلام بين أم وبنتها تعالى يلا.
ثم خرجوا وأغلقت الباب عليها بالمفتاح، تحولت داليا في تلك اللحظة لتصبح هادئة أو بمعنى أصح جامدة بشكل غريبة إلا أن حسناء لم تهتم وتوالت الأيام على تلك الحال فكانت داليا محبوسة في تلك الغرفة لا تخرج منها أبدا ولا تُفتح إلا في المرات القليلة التي تحضر لها حسناء فيها الطعام إليها.
وبسبب قلة الطعام وكثرة البكاء والحزن الذي تشعر به نحف جسدها وشحب وجهها، كانت تستمع في تلك الليالي التي تمر عليها لصوت الضحكات في الخارج، ضحكات لأناس غريبة من كلا الجنسين فيزداد الخوف في قلبها لأنها ورغم حبسها أحست بما يدور في الخارج كما كانت رائحة الدخان التي تتسلل لغرفتها تجعلها تسعل بقوة لشدتها، وكل تلك الأيام التي مرت لم يفارق تفكيرها والدها أبدا والذي تمنت ألف مرة لو تغمض عيونها ثم تفتحها لتجد نفسها في أحضانه وقد عادت لبيتها الحقيقي الأمن إلا أن كانت كل تلك مجرد أحلام بلا جدوى تصحو منها على ضحكة حسناء العالية التي تصلها أثناء تلك الليالي المشبوهة.
لم يتوقف أمجد عن البحث أبدا مع الشرطة عن داليا وقد تبدل حاله فلا يأكل أو ينام إلا قليلا رغم إصرار علياء الشديد عليه، كانت علياء جالسة مع أختها التي أتت لزيارتها بعد أن خرج أمجد حين أتصل به شخص ما لأمر هام.
رن هاتف المنزل فأجابت بنبرة عادية: الو؟
استمعت بصدمة للطرف الآخر: إيه!
رمت الهاتف على الفور ونهضت راكضة وأختها تنظر لها بذهول ثم نهضت لتتبعها وهي تناديها إلا أن علياء لم تلتفت لها وهي تفتح باب المنزل وتهبط السلالم مسرعة ثم توقفت فجأة عند نهاية السلم وهي تحدق للشخص الواقف أمامها عند المدخل.
وضعت يديها على شفتيها واتسعت عيونها في عدم تصديق وهي تحدق إلى ذلك الجسد الهزيل الضعيف الذي يقف أمامها في حياء وحرج ثم رفعت نظراتها للوجه المتعب الشاحب الذي يظهر عليه بعض آثار الضرب والعيون الحزينة الذي يظهر بهما الأسى والتردد بوضوح.
هتفت علياء بلهفة ممزوجة بالصدمة: داليا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
↚
كانت داليا تقف أمامه بحرج لا تعرف ماذا تقول مشبكة يديها وتفرك قدميها العارتين ببعضهما مما نبه علياء أنها لا ترتدي حذاء لتشعر بالصدمة تسيطر عليها أكثر لرؤيتها في تلك الحالة المزرية.
أسرعت علياء إليها بدون تفكير تضمها بشدة وهي تهتف بعدم تصديق ممزوج بالفرح: داليا! أنا مش مصدقة أنك رجعتي يا حبيبتي حمدا لله على سلامتك.
كانت أخت علياء واقفة تراقب بذهول بينما علياء تعانق داليا وتمسح على شعرها بحنان حين أحست علياء بجمود داليا فابتعدت خشية أن تكون ضايقتها لتجد أن داليا هادئة بشكل لا يوصف ونظراتها تعبر عن الضياع والتردد.
وضعت ذراعها حولها بابتسامة: نورتي بيتك يا حبيبتي يلا تعالي.
أفسحت عايدة الطريق لتمر علياء مع داليا التي كأنها كانت تسير فقط لأن علياؤ تحثها على ذلك.
صعدت بها حتى المنزل وما إن دخلوا للمنزل توقفت داليا تجيل بصرها في جميع أنحاء المنزل، تسأل نفسها هل ما يحدث حقيقة بالفعل وهي في منزلها الآمن الآن.
ظلت تتأمل أرجاء المنزل بينما تسير مع علياء حتى غرفتها فأدخلتها وأجلستها على السرير بينما تزيح شعرها عن وجهها بقلق: أنتِ كويسة يا حبيبتي؟ أعملك إيه ولا أجيب لك إيه؟
لم ترد داليا وهي تحدق إليها ثم لغرفتها تتأمل تلك الغرفة ورغم أن غيابها لم يتجاوز أشهر إلا أنها شعرت به سنوات، هل هي في غرفتها فعلا الآن؟ وليس ذلك المكان القذر.
قالت علياء فجأة بتنبه: أنا لازم أقوم أتصل أقول لأمجد ده هيفرح أوي.
انتفضت داليا في تلك اللحظة ناظرة لعلياء بعيون دامعة متوسلة، كانت تشعر بالخِشية والحرج من رؤية والدها، لا تعرف كيف سيكون اللقاء الأول بعد كل ما حدث.
شعرت علياء بما تعانيه داليا فربتت على كتفها تطمئنها: أنتِ مش عارفة أمجد كان عايش إزاي من غيرك يا داليا، دلوقتي روحه هترد له، مكنش بيعرف يأكل ولا يشرب من غيرك، اطمني.
كانت على وشك الخروج لتُحضر هاتفها حين انتبهت لعايدة التي تقف بصمت على باب الغرفة فقالت بابتسامة: عايدة أعرفك دي داليا بنت أمجد، الظروف مش أحسن حاجة حاليا بس لما تتعرفي على داليا هتعرفي أد إيه هي بنت جميلة.
أغمضت داليا عيونها بقوة لا ترغب بسماع علياء تُثني عليها بأي شكل من الأشكال،لا تستطيع تحمل ذلك أبدا.
خرجت علياء لتتصل بأمجد واقتربت منها عايدة تقول بلباقة: من غير ما علياء تقول واضح عليكِ بنوتة زي القمر.
نظرت لها داليا بتيه والدموع معلقة على أطراف رموشها فتابعت عايدة بلطف: محتاجة حاجة يا حبيبتي؟ أعمل لك حاجة؟ أنتِ شكلك مرهق محتاجة تأكلي وتنامي أنا هروح أعملك حاجة تأكليها بسرعة.
ثم خرجت لتترك داليا لوحدها فشردت تسترجع ذكريات هروبها من والدتها.
كان ذلك يومًا لا يختلف عن غيره وقد قررت حسناء أن تحدث أمجد فيه حتى تبدأ خطتها في ابتزازه فاتصلت به من رقم غريب.
رد أمجد باستفهام: نعم؟
قالت حسناء بدلال: ليكِ وحشة يا أمجد.
تصلب أمجد ورد بعداء: هو أنتِ! بنتي فين يا حسناء؟ وبلاش لف ودوران أحسن لك.
ضحكت باستفزاز: هتعمل إيه يعني؟ هتزعق لي؟
رد أمجد باستهزاء: لا هقول للبوليس على الشغل الو** اللي بتعمليه أنتِ وعشيقك.
صدمت حسناء فكيف علم بذلك؟ إلا أنها تماسكت وهي تحدثه بمكر: مش من مصلحتك تقول لأنه بنتك معايا يا أمجد وأكيد مش عايز حاجة تأذيها.
رد أمجد بكراهية شديدة: بنتي أنا هعرف أخدها منك والمرة دي أنا اللي هدفعك تمن كل حاجة عملتيها.
قالت حسناء ببرود: بلاش تقول كلام أنت مش عارف آخره إيه أنا متصلة نتفق ودي إلا لو أنت مش عايز.
رد أمجد باشمئزاز: فلوس! طبعا مستعدة تبيعي أي حاجة علشان الفلوس ولا عمرك هتتغيري.
أردفت حسناء بوعيد: طالما أنت عارفني كويس أوي كدة يبقى تخاف على بنتك بقى، أنا هديك وقت تفكر وياريت ومن مصلحتك ومصلحتها توافق وتمشي الأمور معايا بهدوء ولا هتندم يا أمجد!
ثم أغلقت الهاتف بسرعة وهي تغلي غضبًا فكيف علم بعملها مع سالم؟ بل وتجرأ على تهديدها كذلك!
وجهت نظراتها للغرفة التي تمكث بها داليا وخطت للداخل وهي هدوئها فوقفت أمامها بابتسامة متلاعبة: جه الوقت المناسب اللي نلاعب أبوكِ بيكِ يا داليا وأخيرا كان ليكِ فايدة بالنسبة لي.
نظرت لها داليا بنظرات غامضة أخفت فيها ألم ما تسمعه وقالت بتقزز: ياريت بابا حتى لو هيسبني هنا طول عمري ميسمعش كلامك أبدا.
ضحكت حسناء بشدة: طول عمرك هبلة زيه بالضبط مطلعتيش ذكية زيي وبتعرفي تستغلي الفرص بس مش مشكلة أنا هعلمك.
ردت داليا بكره: أحسن لي أموت بدل ما أتعلم أبقى مش كويسة زيك، أنتِ متستاهليش حاجة أبدا، كويس أني طلعت زي بابا هو أحسن منك ألف مرة بدل ما أطلع مليش قيمة زيك.
احمر وجه حسناء من الغضب وهي تندفع إلى داليا وتقوم بضربها فحاولت داليا مقاومتها وهي تدفعها عنها وتصرخ: سيبيني أنا بكرهك أنا بابا عمره ما مد أيده عليا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
صاحت بها حسناء بغل: لا ما أنا هربيكِ يا قلب أبوكِ واقهر قلبه عليكِ.
صرخت داليا بحرقة: يارب أنتِ اللي تتقهري دايما.
دخل سالم على صوت الصراخ ورأى حسناء تضرب داليا فأبعدها عنها قائلا بملل: أنتِ كل ما تبقي فاضية تضربيها خلاص يا حسناء هتعملي لينا مشاكل مع الجيران.
دفعته قائلة بغضب: أنت مالك أنت وأنا مالي بالجيران أنا حرة أعمل اللي عايزاه!
قال بانزعاج وهو يمسك بذراعها: طب سيبك من الهبل ده وتعالي يلا نشوف الشغل اللي هيبوظ ده.
شدت ذراعها منه وخرجت وهي تنفخ بعصبية فغمز سالم لداليا: شوفي خلصتك منها إزاي؟ احفظي الجمايل.
ثم خرج وأغلق الباب إلا أنه أغفل أن يغلقه بالمفتاح فانتبهت داليا لذلك ودعت ألا يتذكر أحد منهما فيعود ليغلقه.
خرجت حسناء إلى الصالة فقالت بضيق: الشغل فيه إيه وبعدين أنا ملاحظة أنه بقالك يومين مش على بعضك في إيه؟
أدعى عدم الفهم: مش على بعضي إزاي يا حبيبتي؟
زفرت بحنق: سالم اخلص أنا مش فايقة، أمجد طلع عارف كل حاجة وبيهددني.
قال سالم بذهول: إزاي الكلام ده؟
ردت حسناء بضيق: اللي حصل بس أنا عرفت أتصرف معاه، إيه أخبار الشغل؟
حك سالم مؤخرة رأسه: الدنيا تمام بس أنتِ هتاخدي أقل المرة دي شوية يا سوسو.
صاحت حسناء باستهجان: أخد أقل؟ ليه يا عنيا إذا مكنش الشغل كله عليا أنا! لا أنا مسيبش حد ياكل عليا حقي ده أنا أجيب عليها واطيها!
حاول سالم التودد لها: ده غصب عننا يا حبيبتي المرة دي والمرة الجاية نصيبك هيبقى أكبر.
دفعت يديه عنها بعنف: بلا مرة جاية بلا رايحة أنا عايزة فلوسي كاملة على بعضها، وبعدين أنا عايزة أحط كل الفلوس على بعضها علشان احطها في البنك.
نظرة إليها نظرة أثارت الشك في نفسها فركضت على الفور لغرفة النوم وفتحت الخزانة حتى تبحث عن النقود التي وضعتها حين انتقلت هنا وحين لم تجدها جن جنونها وصرخت به: خدت فلوسي يا سالم! سرقتني!
حاول احتواء الموقف بضحكة قصيرة: سرقة مرة واحدة؟عيب عليكِ تقولي كدة على سالم حبيبك، اسمها استلفت منك الفلوس لمصلحة صغيرة كدة وهرجعها قريب.
هاجمته حسناء بشراسة: لا سرقتني يا حرامي يا عرة!
أمسك سالم بيديها وتجهم وجهه بشدة: حاسبي على كلامك يا حسناء أنا ساكت لك لحد دلوقتي.
قالت حسناء بغل: وهتعمل إيه يا سبع الرجالة؟ لو مرجعتليش فلوسي أنا هوديك في داهية.
ابتسم سالم نصف ابتسامة ورد ببرود: اشربي من البحر.
اشتعلت غيظًا منه فبصقت في وجهه، مسح سالم البصقة بهدوء تام حتى رفع عيونه لها وفجأة صفعها بشدة حتى أنها صرخت من الألم وما كان ذلك إلا بداية لصفعات متتالية وضرب شديد تلقته حسناء من سالم.
كانت تلك الصرخات تصب لمسامع داليا التي وضعت يديها على أذنها حتى لا تستمع حتى اختفى الصوت فجأة وبعدها سمعت باب الشقة يُفتح ويغلق.
أبعدت يديها عن أذنها وأرهفت السمع فلم تسمع شيء، نهضت وتقدمت ببطء حتى الباب وفتحته بيد مرتجفة مخافة أن تجد أحد منهما أمامها إلا أنها وجدت البيت هادئ ولا أحد موجود في الصالة.
دق قلبها بقوة وهي تعي أن هذه فرصتها الوحيدة للهرب فتحاملت على نفسها وقاومت ضعفها وهي تركض إلى الباب الأمامي، لمحت في طريقها ورقة نقدية فوقفت للحظة تفكر أنها يجب أن تأخذها حتى تساعدها فاختطفتها على الفور وهي تنظر حولها لتتأكد أن لا أحد سيأتي وفتحت الباب وانطلقت تركض حتى خرجت إلى الشارع.
وقفت داليا تلتقط أنفاسها، تريد أن تبكي من شدة الفرح لأنها تحررت من سجن والدتها الذي ظنت أنها لن تخرج منه بسهولة ولن ترى والدها ثانية.
نظرت حولها بخوف وهي تدرك نظرات الناس المستغربة لشكلها وهيئتها ولكنها لم تهتم وهي تسير بقدميها الحافية لتسأل أي أحد عن مكان وجودها وعلمت أنها بعيدة قليلا عن مكان سكن والدها.
سارت بعض الوقت حتى وجدت وسيلة مواصلات تنقلها إلى هناك وحين وصلت نظرت لعمارتها المألوفة كأنها وجدت طوق النجاة أخيرا ولكنها ترددت كيف سيستقبل والدها عودتها؟ أنها تشعر بالحرج الشديد والخجل من أن تواجهه فضلا عن آخر مواجهة بينهما حين خذلته ربما لا يريد رؤيتها؟
لم تعرف ماذا تفعل وفكرت ربما من الأفضل أن تتصل أولا وتعلم والدها في المنزل أم لا فطلبت من أحد المارة هاتفه واتصلت على الهاتف الخاص بالمنزل حين أجابتها علياء ارتبكت داليا وقالت بصوت منخفض متردد: أنا داليا.....أنا تحت قدام البيت دلوقتي.
لم تجد إجابة من علياء فأعادت الهاتف للشخص وتقدم ببطء لمدخل المنزل حين هبطت علياء وأخذتها.
عادت من ذكرياتها على دخول علياء تتبعها أختها بصينية طعام كلتاهما مبتسمتين بلطف، جلست علياء بجانب داليا بينما عايدة أمامها ووضعت على حجرها صينية الطعام.
ملئت المعلقة بالطعام ثم رفعتها لفم داليا برقة: أنا عملت لك الأكل بإيدي يارب يعجبك بس اسمحي لي أكلك أنا بقى أنتٌ تعبانة وعلى فكرة أنتِ سنك زي بنتي جودي بالظبط.
نظرت لها داليا وغصة تتجمع في حلقها من لطفها وتذكرت معاملة والدتها، فتحت فمها ببطء لتطعمها وعلياء تمسح على شعر داليا بحنان.
كان أمجد في مركز الشرطة يبلغهم عن مكالمة حسناء حين أبلغته علياء بعودة داليا فانطلق على الفور إلى المنزل غير مصدق.
حين دخل إلى المنزل ارتعشت داليا رهبة من المواجهة القادمة بينما انسحب كلا من علياء وعايدة جانبًا تاركين لهم الحرية.
خطى أمجد بخطوات واسعة لغرفة داليا بتلهف حتى توقف عند الباب والإبتسامة التي على شفتيه تجمدت من هيئة داليا التي تقف أمامه، تجولت عيناه بصدمة على مظهرها المشعث حتى وصلت إلى الكدمات على وجهها فهناك كدمة تحت عينها اليمين وأخرى في الناحية اليسرى من ذقنها أسفل شفتيها.
نطق بعدم تصديق: داليا.
ردت داليا بتردد وعيناها ترنو إلى والدها الذي اشتاقت إليه: ب...بابا.
تقدم أمجد بذراعين مفتوحة فأسرعت داليا إليه ترتمي بينهما بانهيار لتفقد داليا الوعي فالتقطها أمجد بين ذراعيه هاتفًا بذعر: داليا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
رفعها أمجد على الفور بين ذراعيه ومددها على سريرها وهو يزيح شعرها عن وجهها بقلق: داليا سمعاني؟
استدار لعلياء وعايدة المصدومتين: اتصلي بالدكتور بسرعة!
أسرعت علياء تتصل بالطبيب تتبعها عايدة بينما تفقد أمجد وجه داليا بألم وهو يرى حالة ابنته أمامه، شعر بقلبه يحترق عليها، جلس بجانب السرير وأمسك بيدها يرفعها لشفتيه ويقبلها هامسًا بندم: سامحيني يا بنتي.
حضر الطبيب الذي شخص حالة داليا بسوء التغذية فوجه حديث لوالدها بنبرة جدية: حالتها صعبة عندها سوء تغذية خلاها معرضة للجفاف كويس أنكم لحقتوها وإلا كان ممكن يسبب لها هبوط حاد في الدورة الدموية لا قدر الله، أنا هكتب لها على شوية محاليل تعلقها ولازم تتغذى كويس الفترة الجاية.
توقف للحظات قبل أن يتابع: ولازم تهتموا بنفسيتها لأنها اتعرضت لعنف جسدي ونفسي، وحالتها النفسية سيئة جدا ومحتاجة دعم معنوي، أنصحكم تعرضوها على طبيب نفسي لأنه واضح اللي اتعرضت ليه مش سهل لبنت في سنها.
أعطى أمجد الوصفة الطبية فوقف أمجد يحدق إلى طفلته النائمة بحسرة وندم شديد يعصر قلبه لأنه لم يصر على إحضارها معه ولو بالقوة وتركها لحسناء التي بالتأكيد من تسببت لها بكل هذا الأذى، بقى بجانبها طوال الوقت رافضًا التحرك من مكانه يتوعد حسناء داخله ولكن ينتظر لحين تفيق داليا ويطمئن عليها وقد لازمته علياء لمراعاة داليا.
كانت داليا تحلم أنها مازالت في ذلك المنزل المخيف والدتها تقترب منها وهي تضحك بخبث بينما هي عاجزة عن الهرب ومقيدة في مكانها لا تستطيع الهرب أو المقاومة.
استيقظت داليا من حلمها المخيف وهي تنتفض فنظرت حولها لوهلة في تساؤل حين أدركت أنها الآن في منزل والدها وقد خرجت من ذلك السجن فأراحت رأسها على الوسادة، نظرت لنفسها لتجد يدها موصولة بالمحلول الطبي.
رفعت بصرها لتجد والدها يجلس على كرسي أمام سريرها، نائم يستند بوجهه على كفه ثم نظرت للناحية الأخرى لتجد علياء هي أيضا تنام على الأريكة الموجودة بجانب السرير.
تجمعت الدموع في عينيها وهي تتذكر كل تلك المعاناة التي مرت بها وتقارنها بوضعها الحالي فوالدها لا يترك جانبها بينما زوجته التي عاملتها أسوأ معاملة تضحي براحتها لترعاها.
انهمرت الدموع من جفنيها فاستيقظ أمجد على صوت شهقات خفيفة ليجد داليا تبكي وهي تنظر له.
أسرع إليها يمسح دموعها بقلق: بس يا حبيبتي متعيطيش.
ارتفع صوت بكاء داليا فاستيقظت علياء مضطربة: إيه فيه إيه؟
رفعت داليا ذراعيها لوالدها فاقترب ليسند ظهره إلى ظهر السرير ويحتوي داليا بين ذراعيه قائلا بحزن: بس يا حبيبتي حقك عليا أنا، أنا السبب في اللي أنتِ فيه دلوقتي.
هزت رأسها نافية ولم تستطع التحدث إلا أنها قالت بتَوجُع من بين شهقاتها: ب...بابا.
ضمها إليه أكثر: روح بابا يا داليا أنتِ هنا محدش هيقدر يأذيكي ولا ياخدك مني تاني اطمني يا حبيبتي.
بقيت تبكي بينما يحاول تهدئتها ويمسح على شعرها بحنان وعلياء تراقب الموقف في صمت حتى استرخت داليا وهدأت وعادت إلى النوم في حضن والدها.
كان أمجد يُعدل من وضعيتها لتنام براحة حين تمسكت به داليا ورفضت أن تتركه رغم أنها نائمة فعدل من وضعيته ليتمدد بجانبه وهو يضمها إليه مع حرصه على يدها الموصولة بالمحلول.
رفع وجهه لعلياء: روحي أنتِ نامي في الأوضة يا علياء علشان متتعبيش.
ابتسمت علياء: مش عايز حاجة؟
هز رأسه بشبه ابتسامة: لا تصبحي على خير.
ذهبت وبقى أمجد ساهرًا على رعاية داليا حتى غفا رغما عنه في النهاية.
في الصباح التالي استيقظت داليا لتجد علياء جالسة بجانب السرير مبتسمة.
قالت بلطف: صباح الخير يا داليا عاملة إيه دلوقتي؟
قالت داليا بخفوت: كويسة.
نهضت علياء لتحضر صينية الطعام وتضعها أمام داليا: أنا حضرت لك الفطار، لازم تأكلي كويس زي ما الدكتور قال علشان صحتك.
جلست داليا وهي تحدق إليها بجمود: أنتِ بتعملي معايا كدة ليه؟
قالت علياء بتساؤل: بعمل إيه؟
ردت داليا وهي تشعر بتأنيب الضمير: بتعامليني كدة ولا كأن حصل حاجة، ولا كأني عملت حاجة معاكِ خالص.
ابتسمت علياء بتسامح: أنا بالنسبة لي محصلش حاجة أصلا، نسيت خالص.
هزت داليا رأسها برفض وبدأت تبكي: بس إزاي تنسي مينفعش! أنا كنت وحشة، أنا أذيتك كتير إزاي قادرة تنسي!
نظرت لها علياء بعطف ورحمة لحالها فأبعدت الطعام وضمت داليا إلى أحضانها بحنان: يا حبيبتي أنا مش زعلانة منك، ونسيت كل حاجة صدقيني، أنتِ لو إنسانة وحشة يا داليا مكنتيش زعلتي على اللي عملتيه ولا حسيتي أنه حاجة غلط بس أنتِ كويسة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
وضعت يديها على وجهها لتجعلها تنظر إليها: الدنيا دي علمتني كتير أوي يا داليا ومريت بظروف صعبة كتير واللي اتعلمته في الآخر طالما أنا قادرة اعدي وأنسى فأنا هعمل كدة لأنه محدش بيتعب في الآخر غيري، صدقيني أنا نسيت وأنتِ كمان لازم تنسي أهم حاجة دلوقتي أنك بخير.
مسحت دموعها وحثتها برفق: يلا كلي يا حبيبتي إيه رأيك تاخدي شاور؟ هيفوقك شوية لحد ما بابا يجي يلا.
تناولت داليا الطعام ببطء وتحت إشراف علياء التي أصرت عليها حتى تناولت أغلبيته ثم ساعدت لتنهض وتدخل إلى الحمام ثم ناولتها ملابس نظيفة لترتديها.
خرجت داليا بعد قليل وقد أحست أن الاستحمام أفادها فهي تشعر أنها أهدأ قليلا.
وجدت علياء تنتظرها في الغرفة فقالت لها برقة: لو مش قادرة تسرحي شعرك إيه رأيك اسرح لك؟
أومأت لها داليا دون إجابة وجلست أمامها بصمت وعلياء تمشط لها شعرها بمودة زادت من شعور داليا بالذنب ورغم لطف علياء معها فهي لم تشعر بالراحة بل فضلت أن تلومها ربما ذلك سيجعلها تشعر بحال أفضل عن نفسها أما تسامحها بهذه السهولة كأنها لم تفعل أي شيء كان بمثابة ثقل على ضميرها المعذب.
كان أمجد قد تلقى مكالمة هامة من ضابط الشرطة ليحضر على عجل بشأن أخبار هامة عن حسناء فذهب على الفور ليتلقى أكبر صدمة في حياته.
هتف أمجد بعدم تصديق: حسناء ماتت!!
هز الضابط رأسه: أيوا، حصل خناقة بينها وبين عشيقها فضربها لحد ما رأسها اتخبطت في الوقت ده نزل وسابها مفكر أنه ده جرح عادي وأغمى عليها وبعد ما اكتشف أنها ماتت لأنه الجرح كان خطير ونزفت كتير.
جلس أمجد يحاول استيعاب ما سمعه الآن، لقد ماتت حسناء! كابوسه الأزلي قد ذهب من حياته إلى الأبد! لكنه لا يستطيع تصديق ذلك وأن حسناء قد ذهبت من حياتهم أخيرا وبتلك السهولة بعد كل ما تسببت منه من أذى ومعاناة!
كيف سيخبر ابنته؟ كيف سيكون وقع ذلك عليها وهي في تلك الحالة النفسية السيئة؟ قرر أمجد في نفسه أنه لن يخبر داليا في الوقت الحالي حتى تتحسن حالتها وتكون مستعدة لتلقي الخبر، رأى أن ذلك أفضل شيء يفعله في هذه الظروف.
تنهد بشدة فقال ضابط الشرطة وقد لاحظ صدمته: العشيق اتقبض عليه إحنا عرفنا كل ده لما أنت جيت وقولتلنا على المكالمة ساعتها تتبعنا مكان التليفون، ومتقلقش هيتحاكم باللي يستاهله وطبعا أي بلاغ أو قضية ضدك من المتوفية ملهاش أي لازمة حاليا بعد اكتشاف أنه كل ده كانت بلاغات كيدية مزيفة وأنها كانت حابسة البنت.
أومأ أمجد فتابع الضابط: بس إحنا ممكن نحتاج أقوال داليا.
رفع أمجد رأسه وقال للضابط برجاء: لو سمحت يا حضرة الظابط أنا مش هقدر أعمل كدة داليا عانت كتير أوي وجالها انهيار ده غير أنها متعرفش أنه أمها ماتت ممكن متستحملش في الوقت الحالي، أرجوك اعفيها من أي حاجة زي دي حتى لو لحد ما تقوم تبقى مستعدة.
تنهد الضابط قبل أن يوافق بإعطائه الوقت حتى تتعافى داليا ولكنه سيحتاج أن يستجوبها في كل الأحوال.
عاد أمجد للمنزل وقد تمالك أعصابه ثم طرق باب غرفة داليا قبل أن يدخل قائلا ببسمة متعبة: حبيبة بابا عاملة إيه النهاردة؟
كانت داليا وعلياء تجلسان في غرفتها على سريرها فنهضت علياء حين دلف أمجد، جلس بجانب داليا وبين يديه باقة ورورد من الورود المفضلة لداليا.
قدمها لها بمحبة: شوفي جيبت لك إيه، الورد الأصفر اللي بتحبيه ده نوعك المفضل طول عمرك.
نظرت داليا للورود التي بين يديها وعادت تحدق لوالدها بعيون دامعة وشفتين مرتجفة.
قالت باكية بخزي: جايب لي ورد يا بابا بعد كل اللي عملته، بعد ما سيبتك تمشي زعلان جايب لي ورد!
تأوه أمجد بإحباط: أنا كنت جايبه علشان افرحك مش تعيطي.
أخذه منها ثم ضمها لصدره بحنو: أنا مش زعلان منك يا حبيبتي، أنا فاهم وعارف قصدك من البداية أيوا طريقتك كانت غلط بس أنا مش بلوك عليكِ بالعكس اللوم عليا أنا كان لازم أنبهك.
تابع بحزن: أنا اللي غلطان كان لازم أعرفك كل حاجة بس كنت مستني الوقت المناسب يابنتي، مكنتش عارف أقولك إيه ولا إزاي حتى بعد كل اللي حصل مقدرتش أتكلم علشان كنت خايف عليكِ من الصدمة بس كان لازم أتكلم واخدك بالعافية كمان متزعليش مني.
بكت داليا بحرقة وهي متعلقة به، أبعدها أمجد ومسح دموعها: مش عايز أشوف دموعك دي تاني المهم عندي أنك معايا دلوقتي أي حاجة تانية مش مهمة.
تنهدت داليا بتعب فقبل أمجد جبينها بحنان، دلفت علياء وقالت بهدوء: أمجد نورا جات برة.
أومأ برأسه: ماشي هقوم أشوفها.
التفت لداليا باهتمام: ارتاحي يا حبيبتي دلوقتي أنتِ لسة تعبانة.
نهض وخرج ليجد نورا تواجهه عابسة بانفعال: صحيح داليا رجعت يا أمجد؟ بعد كل اللي حصل؟
أجاب أمجد بهدوء: ايوا يا نورا الحمدلله بنتي رجعت لي ومش عايز أي كلام تاني في الموضوع ده.
كادت نورا تتميز من الغيظ: بالبساطة دي؟ بالساهل كدة؟ بعد ما رفعوا عليك قواضي ومحاضر وجرجروك في المحاكم!
وجه لها أمجد نظرة حادة يحاول ألا يفقد أعصابه خاصة بعد ما علمه صباح اليوم: نورا اقفلي على الموضوع ده أحسن وإلا هيبقى ليا رد فعل مش هيعجبك.
على صوت نورا بغضب: وأقفل على الموضوع ليه! مش كفاية اللي حصل فيك لحد دلوقتي جاي تكمل عليك بخطة جديدة من أمها! ناويين يخلوك على الحديدة المرة دي!
تابعت بحقد حين رأت داليا تقف عن باب غرفتها : رجعتي ليه ها؟ كنتِ تفضلي هناك أحسن! خليكي مع أمك الخاينة!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
صرخ أمجد بصوت جهوري: نورا!
صاحت به نورا: مش دي الحقيقة! هتفضل مخبي لحد امتى اللي عملته فيك!
قالت داليا بصوت مرتعش: ماما خاينة؟
تجمد أمجد مكانه ولم يلتفت فسارت داليا بخطوات ضعيفة وشدته من ذراعه إلا أنه رفض النظر إليها فتوسلته: رد عليا يا بابا ماما خاينة؟ قولي الحقيقة.
أدارت وجهها لعمتها ببكاء: أحكي لي أنتِ يا عمتو، حد يقولي متسيبونيش كدة!
وقفت علياء بجانب نورا ونهرتها بلوم: يا نورا مش وقته الكلام ده أنتِ مش شايفة حالة البنت!
كأن الحقد الذي غشى عينا نورا ينقشع الآن لترى داليا على حقيقتها وهيئتها المتعبة فهدأت لتخفض عيناها إلى الأرض.
ثارت داليا من صمتها فأمسكتها من ذراعيها وهزتها: لا متسكتيش طالما اتكلمتي لازم تكملي وتقولي لي الحقيقة لازم اعرف.
وضعت علياء يدها على كتف داليا بمواساة: يا داليا أهدي بس.
هزت داليا رأسها برفض هستيري: لا مش ههدى أنا لازم أعرف.
تابعت بتوسل لعمتها: ماما خانت بابا يا عمتو؟
رفعت نورا عيون مليئة بالدموع إلى داليا قبل أن تجيب هامسة: اه.
أغمضت داليا عيونها لتسقط مزيد من الدموع بحرقة، ترنحت لتسرع علياء إلى إمساكها بقلق: أنتِ كويسة؟
رمقت داليا نورا بألم: قولي لي على كل حاجة.
بدت نورا ضائعة وكأن طاقة الغضب والكره تلك قد غادرتها لتتركها تائهة وسط الفوضى التي أحدثتها.
بدأت كلماتها بعيون شاردة كأنها عادت بالزمن إلى الوراء: كان عندي عشرين سنة، كنت بطبعي خجولة ومليش صحابي كتير وكمان كنت تخينة فكنت ببعد عن الناس علشان محدش يتريق عليا لحد ما اتعرفت عليها، كانت ناقلة جديد للمنطقة هي وأهلها، كان الكلام عابر زي أي جيران لحد ما قربت مني وبقت صاحبتي كنت بحبها أوي لأنها ذكية وجميلة ولما أمجد اتقدم لها فرحت جدا واتجوزوا.
صمتت لوهلة قبل أن تتابع بصوت متألم: بعد جوازها من أمجد اتغيرت جدا، علطول بقت ترمي لي كلام من تحت لتحت أني مش حلوة وتخينة ومين هيبص لي كنت بكدب نفسي لحد ما كنت بعاتبها في مرة ليه بتتخانق مع أمجد كتير ساعتها قالت لي أبشع كلام ممكن واحدة تسمعه في حياتها واتريقت عليا، اتصدمت إزاي كانت عاملة نفسها صاحبتي وقدرت تقولي الكلام القاسي ده، أخدت جنب منها بعدها وقولت مليش دعوة كفاية تعاملها مع أخويا بس هي كانت بتعمل مشاكل كتير مع أمجد حتى بعد ولادتك.
توقفت نورا ابتلعت ريقها بصعوبة ثم أكملت وقد سقطت دمعة حارة على خدها: لحد ما اتخطبت لجوزي، شخص كويس وحبني رجع لي الثقة اللي خسرتها بسببها، كانت طول فترة الخطوبة تلمح بالكلام أنه مش هيكمل معايا وازاي خطبني وبص لي بس أنا كبرت دماغي منها واتجوزت، المشاكل كانت بتزيد بينها وبين أمجد بسببها وأمجد كان متحمل علشانك لحد ......لحد ما جوزي جه وقالي أنها بقالها مدة كبيرة بتحاول معاه وكان بيصدها بس ساكت علشان خاطر ميكسرش أمجد وميكسرنيش.
أخذت نفسًا عميقًا وتابعت: اتصدمت ومكنتش قادرة أصدق لحد ما وراني رسايلها اللي كانت بتبعتها له، كانت صعبة أوي وكسرني الكلام اللي كانت بتقولهوله زي أنت إزاي متجوزها وهي تخينة وشكلها وحش، أكيد مش مرتاح معاها، إزاي راجل زيك بص لواحدة زيها وفي نفس الوقت اكتشف أنها كانت بتخون أمجد مع واحد تاني، كانت صدمة كبيرة وصعبة أوي عليه، مكنش هاممها حاجة بس أمجد كان خايف عليكِ علشان كدة اشترط عليها تتنازل عن حضانتك وملهاش دعوة بيكِ وهي ما صدقت بس كان شرطها تاخد فلوس فأداها الفلوس علشان تمشي من حياتنا وتسيبنا.
شعرت داليا أنها على وشك الإغماء مما تسمعه فلم يخطر في بالها أبدا أن تكون والدتها سيئة إلى هذا الحد ويصل بها الأمر لخيانة والدها!
والدها! نظرت حولها فلم تجده فقالت بتشتت: بابا فين؟
تركتهم لتبحث عن والدها فدلفت لغرفته، كانت الغرفة شبه مظلمة يتخللها نور يدخل من فتحة شباك شبه مغلق يجلس أمجد أمامه على السرير معطي ظهره لداليا.
تقدمت داليا باكية وهي تناديه بجزع: بابا!
ركعت على الأرض بجانبه تتوسله: بابا رد عليا بالله عليك.
أدار أمجد وجهه ببطء لتهتف داليا بذهول: بابا أنت بتعيط!
راقبت داليا الدموع المنحدرة على وجه أمجد بصدمة كبيرة فهي لأول مرة في حياتها ترى والدها يبكي! والدها القوي المحب الآن أمامها ضعيف ونظرات الانكسار تسكن عيناه.
شهقت داليا باكية بحرقة وهي تتعلق بذراعه: سامحني يا بابا أنا آسفة حقك عليا.
تكلم أمجد بصوت حزين: كنت صغير لسة اتعرفت على علياء في الجامعة لحد ما عرفت أنها من منطقة جنبنا أعجبت بيها وبأخلاقها كانت إنسانة لبقة وراقية واتخرجت بعدها قولت لو لينا نصيب بإذن الله هخطبها لما أبقى جاهز، بعدها بسنتين حسناء حتى المنطقة مع أهلها، صاحبت نورا وبقت تيجي عندنا البيت كتير، أنا مكنتش مهتم بالنسبة لي عادي صاحبة أختي لحد ما في مرة طلبت تقابلني على انفراد استغربت جدا، يومها قالتلي أنها واقعة في
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
مشكلة ومحدش غيري هيقدر يساعدها، أخوها جايب لها عريس واحد صاحبه وهو مش كويس ومش عايزاه بس أخوها مصمم وطلبت مني اتجوزها، أنا اتصدمت جدا حاولت أشوف لها حل بس هي رفضت وقالت مش هيقبل لأنه عايز يجوزها وأنها خايفة تروح البيت علشان ميجبرهاش، فكرت فيها ساعتها ليه لا؟ كان باين انها إنسانة كويسة وأنا أعزب وعلياء كان مجرد إعجاب يعني الموضوع مش فارق ليا للدرجة دي، واتكلمت مع أخوها يومها واتقدمت لها واتجوزنا.
أردف بنبرة يظهر فيها الاستغراب العميق: في أول كام شهر الأمور كانت عادية لحد ما بدأت المشاكل تحصل، كانت متحكمة جدا وبتحب تتحكم في كل حاجة على مزاجها ف طبعا حصلت مشاكل كتير شخصيتها اللطيفة اختفت وظهرت شخصية تانية مكانها غريبة وباردة وبتحب المشاكل، كنت قررت انفصل لأني مش هقدر أكمل كدة وساعتها هي بقت حامل فيكِ قولت خلاص هديها فرصة تانية بس بعد ولادتك الموضوع مختلفش، كانت مهووسة بالسيطرة ونرجسية ومش مهتمة غير بنفسها وبتسيبك أغلب الوقت عند نورا بس استحملت علشان خاطرك وقولت يمكن تتغير مكنتش عايزك تتربي بين أب وأم منفصلين، بس المشاكل زادت جدا وأنتِ بتكبري وبرضو مكنتش عايزك تشوفي كل المشاكل دي وتتعقدي لأنها كانت بتتخانق طول الوقت حتى لو على أتفه حاجة، جات لي فرصة في الشغل أني أشتغل بعيد وانزل إجازة كل فترة وافقت علطول علشان أبعد شوية وناخد راحة من المشاكل يمكن الأمور تتعدل بيننا، كنت بشتغل كام شهر وأرجع هنا إجازة وكانت الأمور عادية.
صمت وعيناه تشرد وتابع بنبرة تظهر فيها العذاب: كان خلاص فاض بيا وكنت قررت لأني حسيت إني مش متجوز مكنش موجود بيننا غير المشاكل ومفيش أي تفاهم ولا مودة مكنتش مرتاح بس لما رجعت قالتلي أنها حامل بس قولت هديها فرصة أخيرة علشان خاطر البيبي اللي جاي ولو فضل الوضع على حاله هننفصل على الأقل تتربوا بعيد عن المشاكل بس.....
توقف وكان يجد صعوبة بالغة في متابعة الحديث: وقعت على السلم ونقلناها المستشفى الدكتور قال إنه الحنين مات وعلى قد ما زعلت قولت الحمد لله خير يمكن ملوش نصيب يجي لكن لما الدكتور قال إنه الحنين كان مكتمل وعمر الحمل تسع شهور حسيت كأن حد جاب جردل مية ساقعة وصبه عليا، هي كانت قايلالي أنها حامل في سبع شهور ومكنتش بروح معاها مواعيد الدكتور لأنها كانت بتتحجج بأي حجة علشان مروحش وأنا مكنتش بركز، طلبت من الدكتور يتأكد قالي أنه متأكد والبيبي كان فاضله كام يوم ويتولد.
ظهر الألم جليا على وجهه: الدنيا كلها اسودت في وشي بس سكتت وكتمت في قلبي لحد ما روحنا البيت ومحسيتش بنفسي غير وأنا بواجهها في الأول حاولت تنكر بعدها اعترفت وبجحت في وشي حتى أنها......
ارتبك ثم أكمل:طعنت في رجولتي، كنت قرفان ومش عايز غير أني أطلقها مكنتش عايز فضائح تمس سُمعتي ولا سمعتك لما تكبري، وطلقتها، كانت جدتك ماتت من سنين وأخوها مشي ومنعرفش مكانه.
كانت علياء الواقفة عند الباب تبكي بصمت تسمتع وقد عملت أن أمجد أخفى عن داليا أهم شيء والذي كان سيدمر داليا تمامًا، ما فعلته حسناء قبل مغادرتها كضربة أخيرة لأمجد كادت تقضي عليه حين شككته في نسب داليا مما جعل التساؤلات تعذب أمجد حتى قام بتحليل الأبوة وثبت أنها ابنته الحقيقية وهو ما يلوم نفسه عليه لأنه سمح لها بالتلاعب به بذلك الشكل مع أن داليا تشبهه كثيراً.
انخفض صوته ليصبح أقرب للهمس: كنت مكسور وحزين، مش هنكر كرجل حسيت بالنقص واتهزيت خصوصا لما عرفت اللي عملته مع نورا، كرهتها وكرهت نفسي أني قبلت ارتبط بيها في يوم من الأيام وعيشت أيام صعبة لحد ما قررت أقف على رجلي علشانك وقولت خلاص هعيش بقية حياتي ليكِ.
حدق إليها بنظرة اعتذار وندم: كنت عايزك تعيشي حياة كويسة حتى لو هتشوفيني الغلطان، كنت مستعد ترمي عليا اللوم بس تكبري زي أي بنت في سنك علشان كدة كنت بدلعك بزيادة بحاول اعوض غيابها اللي مقدرش أبرره، كنت بس مستني الوقت المناسب علشان أقولك لو جزء بسيط من الحقيقة، سامحيني أنا رميتك في النار بإيدي لما سيبتك عندها بس مقدرتش أقولك حاجة.
زفر بعمق: من سنة قابلت علياء صدفة وعرفت بعدها أنها اتجوزت بس حماتها مكنتش كويسة معاها بس هي حاولت تحافظ على بيتها وكانت بتضايقها كتير خصوصا في موضوع تأخير الخلفة لحد ما حملت بس كان بيحصل بينها وبين جوزها مشاكل كتير بسبب حماتها لحد ما سقطت من كتر الضغط النفسي ولأنه كان عندها مشاكل أصلا بقى صعب وشبه مستحيل تخلف تاني وحياتها بقت أسوأ حماتها بقت تعاملها أسوأ من الأول وتقولها كلام جارح كتير وتعايرها وجوزها اتغير عليها فقررت تطلق، لما اتقابلنا حسيت بالراحة اللي خسرتها زمان واللي كنت بدور عليها لسنين ولقيت أنه لو ربنا مقدر لي اتجوز تاني هيكون علياء، إحنا الاتنين متفاهمين وشبه بعض وفيه بيننا ارتياح ومودة ، اتنين عانوا وتعبوا ولقينا الونس في بعض، كنت عايز أقضي معاها بقية حياتي لأني لقيت اللي كنت محتاجه فيها، حبيت استنى وأمهد لك الموضوع الأول بس كنت عنيدة وأنا تعبت ومحتاج أرتاح ففكرت خلاص أنا هتجوز وأنتِ مع الوقت هتتقبلي الوضع تتعايشي.
لوى فمه بنصف ابتسامة غير راضي عن نفسه: بس كنت غلطان تاني لأنك كبرتي ومينفعش أفرض عليكِ حاجة زي دي لأنها قلبت برد فعل عكسي معاكِ، بعد ما قولت لنورا أني عايز اتجوز علياء قالتلي أنها في مرة من المرات قالت قدام حسناء أني معجب بيها وعايز اتجوزها ولما بفكر في الموضوع بحس أنها عملت كدة قصدًا رغم أنه مجرد إعجاب بس هي بتحب اللي في إيد غيرها هي محبتنيش أبدا بس الحاجة بتلمع في عينيها فجأة لما تكون مش بتاعتها.
قال بصوت متحشرج يظهر به آسفه العميق: سامحيني يا داليا اتصرفت بس ده اللي دماغي جابتني ليه يا بنتي كنت بحاول أحميكِ.
كانت داليا مع كل كلمة يتفوه بها أمجد تشعر بها كسكين يغرس في قلبها حتى أحست بأن قلبها تمزق كليًا وعقلها لا يستوعب ما تسمعه منها الآن، لقد فعلت والدتها كل هذا لتأتي هي أيضا لتؤذي والدها أشد الأذى!
بدأت داليا ترتعش فقال أمجد بخوف: مالك يا حبيبتي؟
كانت لا تسمعه وهي تقول بضياع: عمتو كان معاها حق أنا شبهها وزيها.
نفى حديثها بقوة: لا أنتِ مش شبهها يا داليا سمعاني؟ أنتِ شبهي أنا، أنتِ بنتي أنا!
ارتمت داليا في أحضان والدها تنتحب بصوت عالي: أنا آسفة يا بابا حقك عليا، متزعلش مني.
ضمها أمجد إليه بشدة: مش زعلان منك يا داليا أنتِ عارفة بحبك أد إيه.
زاد حديثه من عذابها فصرخت بقهر: لا لازم تبقى زعلان مني لأني سمعت كلامها وعملت كل اللي قالت عليه، أذيتك زيها أنا بكرهها أوي يارب تموت.
بدأت حالة داليا تتحول إلى الهستيريا ولم ينجح أمجد في تهدئتها فصاح وهو لا يطيق رؤيتها في هذه الحالة: ماتت يا داليا خلاص! حسناء ماتت!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
توقفت داليا تنظر لوالدها بعيون متسعة ويديها عالقتين في الهواء حتى أطلقت ضحكة جافة فجأة: ماتت؟ طب ده كويس.
بدأت تضحك بشكل هستيري ودموعها تتساقط وهي تردد نفس الكلمات بشكل متكرر: ماهي كان لازم تموت!
راقب أمجد حالتها الهستيرية بخوف وتقدم يمسكها من ذراعيها ويهزها بقوة: داليا فوقي.
إلا أن حالتها ازدادت سوءاً وانقلبت تلك الضحكات لصرخات متألمة وهي تبتعد عن والدها وتضع يديها على أذنيها حتى سقطت على الأرض فاقدة للوعي.
ركع أمجد بجانبها هاتفًا بذعر: داليا! ردي عليا.
تقدمت علياء تقول بقلق: يلا نروح المستشفى يا أمجد واضح البنت متحملتش اللي سمعته.
حملها أمجد على الفور ورائه علياء فشاهدتهم نورا التي كانت مازالت في الخارج وراقبت بذهول أمجد يركض وبين يديه داليا وعلياء ورائهم فسألتها بقلق: مالها؟
أجابت علياء بسرعة وهي تلحق بأمجد: منعرفش لسة يا نورا.
انتظروا في الخارج والقلق ينهش قلب أمجد وضميره يؤنبه لأنه أخبرها الحقيقة، تعاظم الشعور بالذنب داخله لأنه تسبب في تلك الحالة لابنته التي حاول حمايتها بأي شكل.
خرج الطبيب فأسرع إليه بلهفة: داليا عاملة إيه يا دكتور طمني؟
تنهد الطبيب: عايز الصراحة مش كويسة نفسياً ولا جسدياً حصل لها صدمة كبيرة.
ظهر الذنب جلي على وجه أمجد وسأله بخفوت: طب أعمل إيه ولا هي لازمها إيه علشان تبقى كويسة؟
قال الطبيب بجدية: مش محتاجة أكتر من أنها تبعد عن أي حاجة تزعلها وحبك واهتمامك هيفرقوا معاها جدا علشان متدخلش في حالة اكتئاب شديدة.
ولج أمجد للغرفة بعد أن سمح له الطبيب ليرى داليا نائمة يظهر الشحوب على وجهها بوضوح، جلس بجانبه وأمسك بيدها بين يديه مقبلاً إياها بحزن ودمعة تكاد تسقط من عل حافة رموشه: سامحيني يا داليا أنا كنت عايز احميكِ بس معرفتش.
هزت داليا رأسها خلال نومها وكشر وجهها كأنها تعاني حلماً مزعجاً فهمست: بابا....بابا.
مسح أمجد على شعرها بلهفة: أنا هنا يا حبيبتي ارتاحي.
استكانت داليا عندما سمعت صوته وعادت لنومها بهدوء، حين استفاقت في اليوم التالي كان الهدوء هو الشيء الوحيد المسيطر على الموقف حين كانت داليا هادئة للغاية وتحدق أمامها بينما أمجد صامت وعلياء تجلس تراقب الموقف من عن بعد.
ابتسم أمجد: محتاجة حاجة معينة يا حبيبتي؟
لم تنظر له داليا وهي تجيب بجمود: لا.
أخذ نفساً عميقاً ليحاول مجددا: طيب جعانة؟
أجابت بنفس النبرة: لا.
تنهد واحتوى يدها بيت يديه قائلاً بعطف: يا داليا متعمليش كدة، سلامتك عندي بالدنيا كلها.
أغمضت عيناها بقوة فتابع بحب: أنتِ بنتي وحبيبة قلبي أنا مش زعلان منك أنا عايزك تبقي كويسة وبخير.
كان ارتجف فمها المؤشر الوحيد على تأثرها ولكنها بقيت على وضعها فتنهد وهو يقف: أنا هروح أشوف الدكتور.
خرج فتقدمت علياء لتجلس أمام داليا وتقول بهدوء: عارفة أنك تعبانة بس تسمحي لي أقول حاجة؟
فتحت داليا عينيها ونظرت لها بجمود فتابعت علياء بجدية: أنا عارفة أنه الحقيقة كانت صعبة جدا عليكِ بس ليه بتعاقبي والدك يا داليا؟ إيه ذنبه؟
نظرت لها داليا بدهشة وقد اتسعت عيناها فتابعت علياء بحكمة: أيوا يا داليا أنتِ كدة بتعاقبي أمجد، أنا عارفة أنه مكنش سهل كل اللي حصل بس فكري لو مش سهل عليكِ فكان عامل إزاي عليه هو بس هو قرر يرمي كل ورا ضهره ويكمل علشانك أنتِ، علشان ميشوفكيش في الحالة اللي أنتِ فيها دي دلوقتي، هو لما بيشوفك بيحس أنه فشل في دوره وأنه كل اللي عمله السنين اللي فاتت راح على الفاضي، أمجد بيتعذب وهو شايفك كدة.
أطرقت داليا رأسها وقد تجمعت الدموع في مقاتليها فأردفت علياء بعطف ممزوج بالعقلانية: هو حاول علشانك دايما يا داليا، حاولي أنتِ المرة دي علشانه لو مش علشان خاطر نفسك، أنسي الماضي لأنه مات خلاص وعيشي وابدئي من جديد هتلاقينا كلنا بنمد إيدينا ليكِ.
سقطت دموعها بهدوء فمدت علياء يدها بتردد وربتت على كتفها ثم نهضت وجلست بجانبها فمالت داليا تبكي على كتفها لتضمها علياء إليها بحنان.
وعلى مضض ذلك اليوم تناولت داليا بعض الطعام إلا أنها بقيت هادئة، في اليوم التالي حضرت عايدة مع ابنتها حتى يطمئنوا على داليا، كان أمجد يقف مع علياء أمام باب الغرفة يتناقش معها بخصوص تعليمات الطبيب فقال بترحيب: أهلا نورتوا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ابتسمت عايدة: ازيك يا أمجد أخبار داليا إيه؟
ابتسم أمجد بحزن: والله الحمد لله على كل حال.
قالت عايدة بتفاؤل: بإذن الله هتبقى بخير وأحسن من الأول.
أخذتها علياء حتى تطمئن على داليا، اعتدلت داليا حين دلفت علياء بصحبة عايدة وابنتها جودي، كانت جودي فتاة متوسطة الطول ذات وجه بملامح طفولية لطيفة وترتدي نظارة طبية.
ابتسمت عايدة بود: ألف سلامة عليكِ يا داليا، عاملة إيه دلوقتي يا حبيبة خالتو؟
رددت داليا بتعجب: خالتو؟
ضحكت عايدة: اه خالتو أصلك مش عارفة طالما حبينا حد وارتاحنا ليه بقى مننا وعلينا خلاص وبعدين أنتِ مش غريبة.
شعرت داليا بإحساس غريب من تلك المودة المنبعثة من عايدة وتلك الكلمة فهي لم يكن لديها خالة أبدا في حياتها.
قدمت جودي أمامها وقالت: ودي بنتي جودي في نفس سنك بالظبط.
ابتسمت جودي: ازيك يا داليا عاملة إيه؟
ردت داليا ببرود: بخير.
نظرت عايدة لعلياء بنظرة معينة: طيب تعالي يا علياء نجيب حاجة نشربها والبنات يقعدوا مع بعض.
أومأت علياء فورا: اه يلا مش هنتأخر.
خرجوا ليجد أمجد بانتظارهم فقال بتساؤل: إيه فيه حاجة؟
هزت علياء رأسها: لا إحنا قولنا نسيب البنات يتعرفوا براحتهم وكمان يمكن جودي تقدر تخرج داليا من اللي هي فيه.
تنهد أمجد بقلة حيلة: يارب والله.
عايدة بجدية لا تناسب قولها: متخافش بنتي رغاية وهتاكل دماغها ومش هيبقى عندها وقت تفكر من الصداع اللي هيجي لها بسببها.
اقتربت جودي حتى تجلس أمام داليا على السرير قائلة بعفوية: على فكرة اسمك حلو زي اسمي، إحنا داخلين سنة أولى ثانوي مع بعض، أنتِ عايزة تبقي أدبي ولا علمي؟
ردت داليا بلامبالاة: مش عارفة.
قالت جودي بعفوية: أنا بقى عن نفسي مش عارفة، أنا مش عايزة أدخل أدبي لأني مبحبش الحفظ الكتير ولا الجغرافيا، ومش عايزة أدخل علمي علوم علشان بكره الفيزياء لأني بكره المسائل الرياضية، ومش فاضل غير علمي رياضة اللي كله رياضة اللي بكرهها.
نظرت لها داليا بدهشة فتابعت جودي بحماس: وبرضو أنا مش محددة أنا عايزة أطلع يعني حاطة كل الإحتمالات قدامي وفي نفس الوقت بقول أسيبها لوقتها يعني أنتِ كمان معاكِ حق، تعرفي أنا كنت متحمسة اجي هنا أوي.
رفعت داليا حاجبها باهتمام: ليه؟
رفعت جودي كتفيها: بحب أتعرف على ناس جديدة وأعمل صحاب، الإجازة المرة دي مملة أوي صاحبتي مسافرة مع أهلها والتانية ساكنة بعيد عني وأنا لوحدي في البيت و معنديش أخوات بنات فحبيت اجي أتعرف عليكِ ونبقى صحاب، أصل أنا عندي أدهم أكبر مني في الجامعة وسليم عنده عشر سنين فأنا الوسطاني المهدور حقه.
أنهت كلماتها بتنهيدة مبالغ بها لتبتسم داليا نصف ابتسامة.
قالت جودي بتلقائية: تعرفي أنا حبيت عمو أمجد جدا من ساعة ما خالتو اتجوزته راجل لطيف جدا، تعرفي أنك شبهه.
لمعت عينا داليا برقة: بجد شبهه؟
قالت جودي بمرح: أيوا لطيفة كفاية أنك لحد دلوقتي مطردنيش من الأوضة بسبب رغي مش زي ماما بتحدفني بأي حاجة في إيدها أيا كانت علشان أسكت، مرة كنا في المطبخ وأنا مش مبطلة رغي راحت حدفتني بالمغرفة اللي في إيدها جت في دماغي.
ثم ضحكت فانتزع مرحها وحيويتها من داليا ضحكة خافتة رغماً عنها.
بالخارج قال أمجد لعايدة بامتنان: شكرا يا عايدة على تعبك مش عارف أقولك إيه.
ردت عايدة بعتاب: متقولش كدة يا أمجد إحنا مفيش بيننا شكر إحنا أهل وبعدين بنتك هي بنتي كمان.
فجأة أمسكت علياء ببطنها وهي تقعد جاجبيها بشدة، انتبه لها أمجد فأسندها بقلق: مالك يا علياء؟
قالت علياء بصوت منخفض من الألم: بطني يا أمجد بتوجعني أوي.
قالت عايدة بخوف: أنا هروح أجيب دكتور بسرعة.
ثم ذهبت بينما تسارعت أنفاس علياء من الألم الذي حاولت أن تكتمه ولم تستطع فأفلتت صرخة منها وهي تقع بين ذراعي أمجد.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
لم ينتظر أمجد وحملها وهو ينادي الممرضة فأحضروا سرير طبي على الفور لتفحص علياء طبيبة نسائية.
سألتها الطبيبة: مدام علياء أنتِ عندك تاريخ مرضي قبل كدة؟
جلست علياء أمامها بوجه متعب: أنا كان عندي مشاكل في الخلفة قبل كدة وحملت بس سقطت للأسف من جواز سابق.
أومأت الطبيبة وهي تكتب أمامها فسألها أمجد بقلق: فيه حاجة ولا إيه يا دكتورة؟
هزت رأسها قائلة بنبرة عادية: لا لا مفيش حاجة بإذن الله احتمال كبير التهاب بسيط بس عايزين نعمل الأشعة دي على الرحم علشان نتأكد أنه كل شيء بخير.
ثم أعطتهم الورقة مع ابتسامة عملية فنهض أمجد وعلياء بعد أن حقتنها الطبيبة بمسكن للألم.
كانت جودي جالسة على حافة سرير داليا بعد أن غمرتها بحكاياتها المختلفة لتشعر داليا بالود ناحيتها وناحية لطفها.
قالت جودي بابتسامة: أنا مبسوطة بجد أنه خالتو اتجوزت باباكِ هو شخص محترم وكويس مش زي اللي كانت متجوزاه قبل كدة كان إنسان وحش خالص، الحمد لله أنها اتجوزت عمو أمجد وأنتِ كمان باين عليكِ لطيفة، أنا كنت زعلانة أنها مش بتخلف لحد ما شوفتك.
تغيرت قسمات وجه داليا وذكريات سوء تعاملها مع علياء خاصة حين جرحتها بكلماتها بأمر من والدتها تعود إليها لتعيد شهورها بالذنب خاصة أن علياء لم تلمها أبدا على ما فعلته وسامحتها.
دلفت عايدة لتسألها جودي بعفوية: أمال خالتو علياء وعمو أمجد فين يا ماما؟
تنهدت عايدة: علياء تعبت فأمجد خدها يكشف عليها.
انتبهت داليا لكلامها وفي وذلك الوقت دلف أمجد يسند علياء فوجهت داليا حديثها لعلياء بقلق:مالك ألف سلامة عليكِ؟
قالت علياء بابتسامة شاحبة: مفيش شوية تعب بس.
تطلعت لوالدها: طب والدكتور قال إيه يا بابا؟
أجاب أمجد بحواجب معقودة وهو يلاحظ لأول مرة اهتمام داليا بزوجته: هتعمل إشاعة ونشوف بس بإذن الله حاجة بسيطة.
وفي حركة أثارت دهشة الكل مدت داليا يدها لتضعها على يد علياء: خدي بالك من نفسك واسمعي كلام الدكتور علشان صحتك.
ارتسمت ابتسامة على وجه علياء رغم ذهولها ولكنها لم تستطع الرد فاكتفت بهز رأسها بينما يراقب أمجد الموقف بدهشة ممزوجة بالفرح لأن هذه أول بادرة تقبُل من داليا لعلياء.
بعد ذهاب عايدة وابنتها أتت عمتها حتى تطمئن عليها، تقدمت بخطوات مترددة وداليا جالسة بهدوء.
وقفت متوترة للحظات حتى اندفعت نحوها بشكل فاجئ داليا وعانقتها بشدة وهي تبكي: حقك عليا يا حبيبتي أنا غلطت كنت عبيطة ومفرقتش أنتِ بنت أخويا في النهاية.
ربتت داليا على ظهرها بتسامح: ولا يهمك يا عمتو.
نظرت لها نورا بندم: سامحيني يا بنتي، أنا الكره عماني ونسيت أنك بنتي وأنا اللي ربيتك على إيدي.
قبلت جبينها وعانقتها مرة أخرى لتبادلها داليا العناق ليزفر أمجد بعمق ارتياحاً لأن كل العقد التي واجهته بدأت تنحل واحدة تلو الأخرى.
خرجت داليا في اليوم التالي وحين دلفت للمنزل وجدت مفاجأة كبيرة في انتظارها، هناك وقفت عائلتها المكونة من والدها وعلياء وعمتها وزوجها وأولادهم مع أيضا عايدة وجودي وأصدقائها القدامى يقفون أمام طاولة كبيرة معدة بكل يمكن للاحتفال بعيد ميلادها الذي لم يحدث فقد كان هناك كعكة كبيرة عليها شمعة بعمرها وأيضا مقبلات وحلويات شهية.
حين دخلت صفقوا جميعاً مرحبين بعودتها فوقفت داليا بعيون دامعة تحدق إليهم وغصة في خلقها تمنعها من الكلام تأثراً بما تراه أمامها إلا أنها وبشكل خاص نظرت لوالدها عبرت من خلالها عن كل ما في داخلها ولا تستطيع أن تقوله في مجرد كلمات فتقدم والدها وهو يعانقها بشدة.
تعلقت داليا برقبته ودمعة تنهمر من جانب عينها: أنا بحبك أوي يا بابا.
مسح أمجد على شعرها بحنان: وأنا كمان يا حبيبتي أنتِ مش عارفة غلاوتك عندي كبيرة إزاي.
شعرت داليا بحال أفضل وقضت وقت ممتع مع جودي ورفقائها، في وسط تلك الضوضاء تسللت علياء لغرفة نومها وشردت وهي تتذكر كلمات الطبيبة حين ذهبت إليها وحيدة بعد أن أصرت ليبقى أمجد مع داليا.
قالت الطبيبة بابتسامة: لا الأمور تمام، التهاب بسيط في بطانة الرحم ومع شوية أدوية هتبقي تمام، أنتِ ماشية على دوا معين ولا حاجة من ساعة الجواز؟
هزت رأسها: لا يا دكتورة زي ما قولتلك لما أجهضت فرصي في الخلفة بقت صعبة جدا وجوزي دلوقتي عارف كدة ومتقبله.
عقدت الطبيبة حاجبيها: بس أنا شايفة أنه الموضوع مش بالصعوبة دي يا مدام علياء، يعني مع شوية أدوية ومعالجة صحيحة إحتمال جدا حضرتك تحملي.
اتسعت عيون علياء بدهشة: حضرتك بتقولي إيه؟
أكدت لها الطبيبة بجدية: بقول لحضرتك حملك مش مستحيل زي ما مفكرة، أهم حاجة تتعالجي صح.
اضطربت أنفاسها وهي تحدق للأرض تشعر بالضياع، هل ما تسمعه هو حقيقة أم مجرد خيال منها؟
رفعت وجهها تسأل الطبيبة باضطراب: حضرتك متأكدة أني.... أني ممكن أبقى حامل؟
رفعت الطبيبة كتفيها: والله كل شيء وارد مقدرتش أقولك إحتمال مؤكد بس هو مازال إحتمال كبير جدا أنه العلاج يجيب نتيجة وتحملي في النهاية مفيش حاجة بعيد على ربنا.
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة بصوت متحشرج: بس أنا مش هقدر أعمل كدة يا دكتورة، أخاف اتأمل ويطلع على الفاضي.
نظرت لها الطبيبة بعطف: أنا متفهمة ترددك يا مدام بس صدقيني هيبقى في مصلحتك على العموم فكري براحتك لسة قدامك وقت لحد ما الالتهاب يروح.
كانت ماتزال تشعر بالحيرة والعذاب معا فهي لا ترغب بالمخاطرة على أساس أمل واهي.
حين لاحظ أمجد اختفائها بحث عنها ليجدها على هذه الحالة فاقترب منها بقلق: مالك يا علياء؟
تطلعت له بعيون دامعة فصُدم: إيه اللي حصل للدرجة دي؟
سردت له ما قالته الطبيبة بصوت مرتجف ثم تابعت بانكسار: مقدرش يا أمجد، افرض العلاج منفعش بعد ما أكون اتأملت على الفاضي واستنيت؟ مش هقدر استحمل خيبة الأمل دي أبدا.
فوضع ذراعه حولها وهو يتنهد: طب يا حبيبتي اعملي اللي يريحك متضغطيش على نفسك لو عايزة أنا معاكِ لو مش عايزة براحتك برضو، أهم حاجة متزعليش كدة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
همست بألم: طب لو العلاج جاب نتيجة؟ فيه أمل أني أبقى أم بعد ما كنت خلاص اتأقلمت وعيشت أني مش هخلف أبدا يا أمجد! أنا تعبانة ومش عارفة أعمل إيه.
لم يستطع أن يجيبها فهو يريدها أن تتخذ ذلك القرار بنفسها حتى لا تشعر بالضغط.
قال برقة: أنتِ شوفي أنتِ عايزة تعملي إيه وأنا معاكِ فيه ولو ربنا أراد وكان لينا نصيب نخلف هكون أسعد إنسان في الدنيا أني جيبت ولد أنتِ أمه ولو ملناش نصيب مش هيتغير أي حاجة بالنسبة هفضل أحبك زي ما أنتِ كفاية وجودك في حياتي.
ابتعدت عنه قليلاً بدهشة: بتحبني؟
ابتسم بحب: طبعا بحبك يا علياء إزاي مش هحبك، وقفتي جنبي في أصعب أوقات حياتي ورغم كل اللي حصل مزهقتيش ومشيتي، لقيت معاكِ كل حاجة كنت بدور عليها إزاي محبكيش؟
احمرت وجنتي علياء من الخجل بينما برقت عيناها من السعادة: وأنا كمان يا أمجد، حبيتك وحبيت حنيتك ولطفك والأمان اللي لقيته معاك وكنت بدور عليه دايما.
ضمها له بحنان فاستندت برأسها على كتفه براحة، لم تذق النوم تلك الليلة فقد كانت مستيقظة تفكر حتى ألمها رأسها، كانت تنظر بين الحين والآخر إلى أمجد الذي ينام بجانبها حتى تنهدت وقررت أخيرا.
مرت خمسة أشهر على مداومة علياء للدواء وقد قررت المخاطرة والتجربة ودعت الله ألا ينكسر قلبها حتى وإذا لم يتحقق أملها.
في يوم كانت تقف في الحمام تفرك يديها ببعضهما بتوتر وهي تنظر لاختبار الحمل بترقب حتى أن ضربات قلبها بدأت تتسارع، أخذت عدة أنفاس عميقة حتى تهدئ من روعها ثم تقدمت لتنظر إلى الإختبار وحينها شهقت بصوت عالي وهي تضع يديها على فمها بعدم تصديق إن نتيجة الإختبار إيجابية! أنها حامل!
كادت تسقط من شدة وقع المفاجأة عليها فاستندت على حوض الحمام أمامها، طرق أمجد الباب حتى يطمئن عليها لأنها أطالت البقاء وحين لم ترد نادها بقلق: علياء أنتِ كويسة؟
بدأت علياء تبكي بصوت مسموع فدلف أمجد على الفور يقول بهلع: مالك حصلك حاجة؟
لمح بطرف عينه الاختبار فحدق إليه مذهولا، ترنحت علياء، فاستندت بظهرها على صدر أمجد ليمسكها بإحكام.
قالت علياء بصوت مبحوح من شدة البكاء: شايف يا أمجد؟ أنت شايف اللي أنا شايفاه صح؟ أنا حامل يا أمجد حامل! يالله مش قادرة.
رد أمجد بتأثر: اه شايف يا حبيبتي الحمد لله على كرم ربنا، بطلي عياط يا حبيبتي غلط عليكِ.
إلا أن علياء لم تتوقف عن البكاء حتى بعد أن أكدت الطبيبة حملها.
قالت للطبيبة بصوت متهدج: بس إزاي ده يا دكتورة ده كان مستحيل! وبعدين مش أنا سني كبير وهيبقى خطر على الجنين؟
رفعت الطبيبة حاجبيها بتعجب وقالت بابتسامة تفهم لحالة علياء: يا مدام علياء أنتِ اللي بتقولي كدة؟ أمال الستات اللي بتحمل في الأربعينات والخمسينات دول وبيجيبوا أطفال أصحاء دول إيه؟ المفروض حضرتك أذكى من كدة.
أمسك أمجد بيديها بين يديه مبتسما بسعادة وبعد أن أعطتها الطبيبة التعليمات والفيتامينات اللازمة مع التشديد على نفسيتها حتى لا يتكرر ما حدث سابقا، كانا عائدين إلى المنزل بسعادة فقالت علياء فجأة بنتبه: وداليا؟ هنقول لداليا إزاي؟
تابعت بقلق: يعني مش عارفة هي هتتقبل فكرة أخ أو أخت جديدة يشاركوها فيك وأنت عارف هي بتحبك أد إيه.
فكر أمجد في ذلك الأمر إلا أنه شعر أن ابنته لن تمانع خصوصا بعد تغير شخصيتها بشكل كبير في الفترة الأخيرة وكان توقعه صحيح حين أبدت داليا حماس وفرح لنبأ الحمل بل أسرعت وعانقت علياء فراقي أمجد المشهد بابتسامة عريضة وتنفس بعمق وهو يحس أخيرا بأنه بدأ يحيا حياة طبيعية كما تمنى دائما.
كان إحتفال عيد ميلاد داليا السادس عشر يسير على ما يرام حتى وقفوا جميعا لتطفئ الشمع فبدأت علياء تحسب بآلام شديدة أيقنت أنها آلام المخاض فحاولت التماسك إلا أن كام الألم شديداً لدرجة أنها صرخت بصوت عالي فحدق إليها الجميع بذهول.
أدرك أمجد الموقف فأسرع بها للمستشفى على الفور ولحقهم الجميع، كانت علياء تجلس على السرير السعادة تشع من وجهها رغم التعب البادي عليه وأمجد بجانبها واضعاً يده حول كتفها وهما الإثنان يراقبان بهدوء داليا الجالسة وبين يديها أخيها المولود حديثاً.
قالت نورا بمرح: وسبحان الله يا علياء الميعاد بالمظبوط على عيد ميلاد داليا علشان بعد كدة يبقى اتنين مش واحد!
غمرت داليا وجهها في عنق أخيها قائلا بحب: كنت عايز تطفي الشمع معايا يا روحي، هنطفيها مع بعض بإذن الله كل سنة، علشان أنت بتحبني وأنا بحبك أوي.
غمرت وجهه ويده بالقبلات وهي تمسك بيده الصغيرة في يدها، ألصقت وجهها بوجهه واشتمت رائحته بعمق قائلة بابتهاج: يالله ريحتك حلوة أوي مجنناني.
قالت علياء بمداعبة: هتسميه إيه يا داليا؟
رفعت رأسها بدهشة: اسميه؟ أنا اللي هسميه؟
أومأ أمجد بسرور: أيوا إحنا قررنا أنا وعلياء أنك أنتِ اللي هتسميه.
تأثرت داليا بتلك المبادرة ونظرت لهم بامتنان ثم لذلك الطفل الذي ينام بسلام بين ذراعيها بشغف.
بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة خططت أسرة أمجد ووالد جودي لرحلة صيفية معا احتفالاً بهما.
كانت داليا تجلس بجانب جودي التي أصبحت صديقتها المقربة وبمثابة الإخوة وكان مرحها ساعد داليا على تخطي الكثير أيام محنتها بينما يجلس كل من أمجد مع علياء بالأمام وعايدة بجانب زوجها أما سليم فيلعب مع ريان ذو الثلاث سنوات ويسليه لتبقى أدهم شقيق جودي الأكبر والذي فضل الجلوس وحيدا في الخلف، كانت داليا تلتقيه في مناسبات قليلة كل تلك السنوات وقد تبين لها أنه لا يشبه جودي أبدا في الطباع فهو شخصية هادئة ذات ميول غامضة وقليل الكلام.
حين وصلوا تحمسوا للسباحة فبدلت الفتيات ملابسهما لثوب السباحة المكون من بنطال تعلوه سترة بأكمام وغطاء الرأس.
كانت الجميع يجلس على الشاطئ باستمتاع، يتبادل الكبار الأحاديث وسليم يقوم ببناء قلعة رملية لريان الذي يراقبه بانبهار بينما كانت داليا تستعد للسباحة في البحر، لاحظت أدهم يجلس بعيدا ويراقب المنظر بهدوء.
لم تهتم وتسابقت هي وجودي بمرح وسبحا لبعض الوقت حتى مع ريان الذي كان يتعلق برقبة داليا، كانت جودي على وشك الخروج فسألت داليا: أنا هطلع مش هتيجي علشان نأكل؟
هزت رأسها باسترخاء: لا هفضل اعوم شوية وبعدين الحقك.
خرجت جودي بينما بقيت داليا تتأمل ما حولها باستمتاع هادئ حتى شعرت فجأة بألم لا يتحمل في ساقها، علمت داليا أنه التقلص العضلي فحاولت السباحة لتخرج إلا أنها بدأت تهبط عن السطح، أدركت أنها تغرق فحاولت مناداة أي شخص على الشاطئ ولكن صوتها لم يسفعها، ابتلعت كمية كبيرة من الماء بسرعة وبدأت عضلاتها في الارتخاء وهي تهبط تحت سطح الماء وعلى وشك أن تفقد الوعي حين امتدت يد فجأة وسحبتها من يدها ثم بذراعين تحملانها.
سعلت داليا بشدة في البداية والرؤية أمامها مشوشة للغاية ثم استندت بيدها على صدر منقذها، أخذت عدة أنفاس متسارعة محاولة ملئ رئتيها بالاكسجين، رفعت رأسها لأعلى وبدأت تتضح أمامها الرؤية لتهتف بخفوت: أدهم!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كانت تتنفس بسرعة لتستنشق بعض الهواء وقلبها ينبض بقوة لا تعلم هل لأنها كانت على وشك الغرق أم لأنها ترى وجه أدهم قريب من وجهها لهذا الحد.
خرج بها من البحر ليضعها على الشاطئ سائلاً بحذر: أنتِ كويسة دلوقتي؟ نروح المستشفى؟
حاولت الرد لكنها بدأت تسعل مرة أخرى ثم تقيأت، انتظر أدهم حتى تنتهي ثم أسندها ومد يده بزجاجة مياه لم تعلم من أين أتى بها وأمرها بهدوء: اشربي شوية.
شربت القليل بمساعدة يده بسبب يدها التي ترتجف ثم أخذت عدة أنفاس عميقة لتهدأ، رفعت رأسها له قائلة بصوت مبحوح: شكرا.
هز رأسه ولم يرد في ذلك الحين أتى الجميع وجلس أمجد إلى جانبها بقلق: مالك يا حبيبتي حصل إيه؟
استندت داليا برأسها على صدر أمجد قائلة بصوت منخفض: رجلي جالها شد عضل فجأة في المية يا بابا.
تابعت وهي تنظر لأدهم: وكنت هغرق لولا أدهم أنقذني.
فحصها أمجد بقلق ثم حين اطمئن أنها بخير نظر لأدهم بامتنان: شكرا يا أدهم أنا مش عارف أقولك إيه.
ابتسم أدهم ابتسامة خفيفة: مفيش داعي للشكر طبعا يا عمي أنا كنت قاعد لما لاحظت اللي بيحصل فعملت واجبي مش أكتر.
مر بقية اليوم وقد عادت لغرفتها استحمت ثم جلست تفكر فيما حدث اليوم وبشكل خاص في أدهم، طوال تلك السنوات لم تكن تعيره اهتماماً كبيراً بسبب قلة مقابلتهم وشخصيته الغامضة لكنها كانت دائما ما تشعر بشيء من الفضول نحوه، تذكرت عيناه فنبض قليها بسرعة تلك العيون البنية الحادة التي كانت قريبة منها وتنظر إلي عينيها مباشرة.
كانت شاردة فلم تنتبه لاقتراب جودي منها بخفة حتى أفزعتها وهي ترتمي أمامها على سريرها بمرح: سرحانة في إيه؟
انتفضت داليا ونظرت لجودي بغضب: خضتيني يخربيت كدة!
ضحكت جودي: أصل لقيتك سرحانة حبيت اخضك، مالك سرحانة في إيه؟
رفعت كتفيها وردت بلامبالاة حتى لا تنتبه جودي: ولا حاجة عادي.
ابتسمت جودي بخبث: بس إيه رأيك في أدهم أخويا بطل والله!
ابتسمت داليا وهي تتذكر: اه شخص شجاع كفاية أنه لحقني الحمدلله ومحدش كان واخد باله.
رفعت جودي حاجبها بمكر: بجد؟ فعلا هو الوحيد اللي كان واخد باله منك.
نظرت لها داليا باستغراب: يعني إيه؟ مش فاهمة.
زمت جودي شفتيها: عادي يعني قصدي أنه حاجة لطيفة وكدة.
أحست بأن جودي تلمح لشيء لكنها من الإرهاق لم ترد المجادلة، حين كانوا على وشك النوم طرق الباب فنهضت داليا لتفتح لتجد والدها مع ريان.
قال والدها بيأس: مش راضي ينام معانا خالص ومصر يجي عندك.
كان أمجد يحمل ريان الذي كان يمد يديه لداليا حتى تحمله هاتفاً: ديدا....ديدا!
أخذته داليا من والدها ومازحته بحب: يا روح ديدا عايز تنام جنبي يا قلبي؟
نظرت لوالدها وهي تضحك: خلاص يا بابا هينام معايا أنا تصبح على خير.
تمددت على السرير وبجانبها ريان، خلدت جودي إلى النوم قبلها بينما بقيت داليا تمسح على شعر ريان بحنان حتى ينام.
كان على وشك النوم فجأة حين فتح عينيه مطالباً: حاجة حلوة.
عقدت داليا حاجبيها: حاجة حلوة دلوقتي يا ريان؟ الوقت متأخر خليها بكرة.
زم ريان شفتيه بعناد وجلس قائلاً بإصرار: عايز حاجة حلوة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
زفرت داليا وجلست بجانبه محاولة تغيير رأيه: يا حبيبي القوت متأخر أنا هجيب لك بكرة الصبح.
نظر إليها بعيونه بتوسل، لان قلب داليا ولم تستطع رفض طلبه فنهضت وارتدت ملابسها وحجابها بعشوائية وأخذته لتقول بتحذير: بس دي آخر مرة مش هنعمل كدة تاني فاهم؟
أومأ ريان برأسه بسعادة وهو يسير بجانبها يد بيد، كانت المسافة ليست بعيدة ولكن الوقت المتأخر جعلها تسير بحذر.
ظهر أمامها فجأة من العدم ظل شخص فصرخت وهي تضم ريان لها، تقدم إلى الضوء لترى أنه أدهم الذي يحدق إليها بتعجب: إيه مالك فيه إيه؟
زفرت بعمق وهي تقول بارتياح: هو أنت أنا اتخضيت!
نظر لها ولريان وسأل بجدية: بتعملي إيه تحت في الوقت المتأخر ده؟
شرعت داليا تشرح له: كنت نازلة...
ثم عقدت حاجبيها بحدة: وأنت مالك بعمل إيه دلوقتي؟
رفع حاجبه باستهزاء: يعني مش علشان قريبتي مثلا ونازلة متأخر بسألك؟
شعرت بالإحراج فلم يكن هناك داعي لجوابها الفظ: أنا آسفة بس من الخضة بس.
تابعت وهي تنظر لريان: ريان مكنش راضي ينام وعايز يجيب حاجة حلوة.
نظر أدهم لريان واقترب ليحمله فابتعدت داليا لا إراديا وهي تشعر بنبضات قلبها تتسارع مرة أخرى ولكنها أرجعت السبب للتوتر.
داعبه أدهم: بقت أنت يا صغنون سبب الدوشة دي كلها.
قام بدغدغته في بطنه فضحك ريان بصوت عالي، نظر أدهم لداليا مبتسماً: هروح أجيب له اللي هو عايزه خليكي هنا أحسن.
ثم ذهب وبقيت داليا في انتظارهما، ذهبت أفكارها لادهم مرة أخرى واستغربت نفسها كيف فكرت فيه بهذه الكثرة في يوم واحد فقط! ولكنها لا يمكن أن تنكر أنه هناك شيء فيه يجعلها تنجذب إليه، تذكرت مرة أخرى حين أنقذها وكم كانت قريبة منه وشعور لذيذ يسري بداخلها فابتسمت في غفلة منها ولم تنتبه لعودته مع أخيها.
وقفت أمامها وقال بهدوء: داليا.
نظرت له مشدوهة وهي تسمعه ربما للمرة الأولى يناديها باسمها فتابع وهو يناولها ريان: جيبت له كل اللي هو عايزه وهينام دلوقتي.
قالت بتوتر: شكرا، تصبح على خير.
وصعدت مع ريان الذي كان سعيداً للغاية بكيس المشتريات الذي في يده.
أفرغه بحماس على سرير داليا التي راقبته بحنان، بعثرت شعره بمرح: مبسوط دلوقتي يا ريون؟
ضحك وهو يهز رأسه ثم أخذ شيكولاتة من بين الأشياء ومدها لها قائلاً بنبرة طفولية: ليكِ.
ذاب قلب داليا من الحنان وأخذتها بتأثر: ليا؟ عملت حسابي يا قلبي.
ضمته بقوة وهي تغرق وجهه بالقبلات فضحك ريان بفرح وحين نام بقيت داليا مستيقظة قربه تفكر في تصرفات أدهم هذا اليوم التي أظهرت لها بعض من شخصيته المجهولة بالنسبة إليها وللغرابة أن ما رأته أعجبها للغاية وظلت تفكر حتى نامت وهي تضم ريان النائم بجانبها إليها.
في اليوم تابعت العائلتان رحلتهما باستمتاع كانت داليا جالسة على الشاطئ بجانب ريان الذي يلعب بالرمل، بينما أدهم وجودي وسليم يلعبوا لعبة الكرة الطائرة، رغماً عنها اتجهت عيناه إليه وهي ترى جانب جديد منه، كان يلعب بمرح ويضحك بخفة فابتسمت، كانت شاردة ولم تدر كم مر من الوقت حين أدارت رأسها جانباً لتجد وجه جودي ملاصق لوجهها وتنظر لها بابتسامة خبيثة.
فُزعت داليا ووضعت يدها على صدرها بحنق: يابنتي بقى أنتِ مش وراكِ غيري تخضيه كدة!
قالت جودي بعبث: أنا قاعدة عادي أنتِ اللي سرحانة دي مش مشكلتي.
قالت داليا بضيق: لو قاعدة زي الناس كنت حسيت بيكِ.
ضحكت جودي بخبث: معلش ما أنتِ كنتِ مشغولة بالأهم مني بقى.
نظرت لها داليا بطرف عينها: مش وقت رخامتك يلا علشان نودي ريان حمام السباحة.
ثم نظرت بجانبها فلم تجد ريان، عقدت حاجبيها ونظرت ورائها وأمامها وحين لم تجده قربها، نهضت على الفور وهي تبحث بعينيها في كل مكان.
انتفض قلبها بخوف حين لم تراه حولها في أي مكان ونادت بصوت عالي: ريان!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
خفق قلبها من الخوف وهي تبحث حولها فحاولت جودي تهدئتها: أهدي بس ده لسة كان جنبنا دلوقتي أكيد مراحش بعيد.
وضعت يدها على خدها وهي تنظر حولها بضياع، لم تنتظر لثانية قبل أن تنطلق لتبحث عنه ومعها جودي، شعرت بالذنب لأنها أغفلت عنه مشغولة في أفكارها الخاصة ووبخت نفسها لتقصيرها في الانتباه له وحمايته.
وقفت وكتفيها منحنيان بشعور من الهزيمة، ولم تدر كيف ستخبر والدها وزوجته أنها أهملت في رعاية أخيها والآن لا تستطيع إيجاده.
وضعت جودي يدها على كتفها وهي تراها على شك البكاء: متخافيش هنبلغ أمن الشاطئ وبإذن الله هيلاقوه.
هزت داليا رأسها والدموع على وشك أن تنهمر من عينيها، سمعت نداء باسمها فالتفتت لتجد ريان يركض إليها وهو يضحك بسعادة فركضت له بلهفة وهي ترفعه لتعانقه بشدة.
تنفست الصعداء بارتياح: كنت فين يا ريان؟ كدة تقلقني عليك!
تفحصته بقلق قبل أن تعاود احتضانه مرة أخرى، سمعت صوت أدهم يقول بهدوء: أنا آسف لو اتخضيتي عليه بس هو جالي وكان عايز يروح الحمام وخدته.
نظرت له بغضب كبير: وأنت مفكرتش تقولنا حتى قبل ما تاخده؟ معملتش حساب الرعب اللي حسيت بيه وأنا مش لاقياه في أي حتة وبدور عليه وفكرت حصله حاجة!
عقد أدهم حاجبيه وأجاب بحدة: أول توطي صوتك لما نكون في مكان عام وبعدين هو جالي لوحده ففكرت أنك عارفة وحتى لو كنتِ فعلا قلقانة عليه للدرجة دي يبقى الأولى تاخدي بالك منه مش تيجي تلوميني على غلطك!
ثم غادر بخطوات واسعة من أمامها فيما بقيت داليا تنظر بعيون دامعة لمكان وقوفه.
حاولت جودي مواساتها بسبب حدة أسلوب أدهم: داليا معلش متزعليش بس أدهم مبيحبش الصوت حتى ماما وبابا مش بيعلوا صوتهم عليه لأنهم عارفين أنه بيضايق جدا.
أخفت داليا وجهها في عنق ريان حتى لا ترى جودي دموعها وقالت بصوت مخنوق: خلاص يا جودي.
تظاهرت بالتماسك أمام العائلة حين جلسوا سويا وقد لاحظت غياب أدهم مما زاد من شعورها بالاختناق، حين لم تعد تتمكن من حبس دموعها استأذنت والدها لترتاح قليلا ثم أجهشت بالبكاء بمجرد أن دلفت لغرفتها.
كانت تبكي وهي تتذكر تلك المشاجرة بينها وبين أدهم فما يكفي ما تشعر به بالذنب حين تتذكر، بل وأن من البداية كان خطأها لأنها كانت شاردة به هو!
شعرت بيد ترتب على كتفها فالتفتت بسرعة لتجد جودي تنظر لها بعطف، نهضت لتجلس بتوتر فجلست جودي أمامها: داليا أنا مش عايزاكِ تزعلي من أدهم، والله أدهم طيب جدا بس هو زي ما قولتلك مش بيحب الصوت العالي خالص وده ممكن يعصبه هو مكنش قاصد يزعق لك أكيد وصدقيني لما يهدى هيجي يعتذر لك بنفسه.
قالت داليا بصوت خافت من البكاء: أنا مش زعلانة يا جودي منه بالعكس أنا زعلانة من نفسي هو معاه حق دي غلطتي أنا.
وبختها جودي بمرح: لا لو الأمر كدة ملكيش حق خالص غلطتك إيه يابنتي ما دي أمور بتحصل عادي! تعرفي كنا في مصيف مرة وأخويا سليم راح الحمام وأحنا كنا لمينا حاجتنا وماشيين لحد ما لقينا طفل بيجري ورانا وهو بيعيط أنتِ متخيلة!
ضحكت جودي وأضافت: إحنا مش سرحنا بقى إحنا نسيناه خالص وكنا مروحين من غيره!
نجحت جودي كالعادة في رسم ابتسامة على وجه داليا مما جعلها تنسى همومها لبعض الوقت ولكنها ظلت تفكر به وبأن عليها الاعتذار إليه ولكن المشكلة تكمن في كيف؟
ظلت تفكر لمدة يومين دون أن تجد طريقة لأنهم كانوا على الدوام مجتمعين وسيكون محرج جدا لها أن تعتذر له أمام كل العائلة فيكتشفوا ماحدث خاصة أنه واضح أن أدهم لم يخبر أحد كما التزمت جودي الصمت.
كانت داليا عائدة من الخارج حين وجدت جودي تجلس على سريرها ويظهر عليها الحزن فسألتها بقلق: في إيه يا جودي؟ قاعدة كدة ليه؟
رفعت جودي وجهها لها وقالت بحزن: أدهم هيروح الجيش.
اتسعت عيون داليا بذهول وجلست أمامها: طب هي دي حاجة تزعل أوي كدة؟ مش هو هيروح وإجازات صح؟
زفرت جودي بإحباط: جاله سنة أو سنة ونص مش فاكرة وبعدين يا داليا أنا بسمع أنهم بيقعدوا كتير وينزلوا إجازة صغيرة أوي، أنا كنت نسيت حكاية الجيش ده وبعدين ده خلاص هيتم ٢٤ سنة أهو!
نظرت لداليا ببراءة: مينفعش ينسوه؟
ضحكت داليا ووضعت يديها على كتفي جودي: ينسوه إيه يا حبيبتي هي رحلة! بإذن الله يا جودي المدة هتعدي بسرعة أنتِ بس أدعي له.
قالت جودي بتذمر: بس هيوحشني أوي.
احتضنتها داليا فاختفت الابتسامة من على وجهها وقالت لجودي بصوت خافت: وأنتِ كمان أكيد هتوحشيه أوي.
سيطرت داليا على نفسها حتى لا تبكي مع جودي ولكنها شعرت بإحساس من الوحشة لم تشعر بها منذ زمن طويل في قلبها، سيذهب أدهم ودون أن تتمكن من الاعتذار له!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
شعرت بالخوف من تلك الأفكار فصممت على الاعتذار له في أقرب فرصة ممكن خصوصا أنهم على وشك المغادرة غدا وربما لا تجد فرصة أخرى قبل ذهابه، وهي ما كانت حين شاهدته من شرفة غرفتها يقف أمام البحر في المساء فانتهزت الفرصة وهبطت على الفور، اقتربت منه بهدوء كان يقف يضع يديه في جيبه ويتأمل البحر.
قالت بهدوء: أدهم.
التفت بدهشة حين سمع صوتها فتابعت بتوتر: أنا...كنت عايزة أعتذر منك على اللي حصل يومها، معاك حق أنا كنت السبب ومكنش معايا حق ازعق لك وسط الناس.
ابتسم أدهم ابتسامة خفيفة ليرد: حصل خير ولا يهمك أنا مكنش ينفع اتعصب برضو.
ابتسمت بارتباك لتقول: سمعت أنك رايح الجيش.
تنهد وهز رأسه: أيوا بإذن الله.
حاولت القول بنبرة طبيعية: ربنا يوفقك.
ابتسم ابتسامة جانبية: شكرا يا داليا.
ردت له الابتسامة وظلت واقفة، لاحظت لأول مرة أن عيونها ليست بنية وإنما ذات لون عسلي جميل، حين شعرت أنه ليس من اللائق الوقوف أكثر استدارت وغادرت.
بعد ذهابه ظلت داليا تعاني من اشتياقه له الذي ظلت لفترة تنكر سببه حتى اعترفت أنها تحبه أخيرا، فما التفسير الوحيد لاشتياقه الشديد له؟ وتفكيرها المستمر فيه؟ ومحاولتها معرفة أي شيء وكل شيء عنه وتلهفها الدائم لأخباره!
مرت سنتان، ابتسمت داليا لقد عاد أدهم وقد أنهى خدمته منذ ستة أشهر، تذكرت حين عاد دعتهم علياء للغداء كاحتفال صغير بمناسبة عودته فأصرت داليا على تحضير الطعام وتحججت بأن علياء يجب عليها أن تهتم بريان لأنه مريض قليلاً، لم تعرف كيف ستشعر حين تقابله مرة أخرى بعد ذلك الغياب، وحين حضر وسمعت صوته الذي اختلف قليلا ليصبح أخشن ارتفع نبضها وتسارعت نبضات قلبها، اخذت عدة أنفاس عميقة حتى تهدئ نفسها قبل أن تخرج.
رأته داليا من بعيد وكان يسلم على والدها، لمعت عيناها وهي تتفحص مرآه، لقد اكتسب سمرة خفيفة تليق به كما ظهرت له لحية خفيفة زادت من وسامته.
أبعدت نظراتها حتى لا ينتبه لها أي أحد، حين جلسوا لتناول الطعام وجه أدهم حديثه لخالته بابتسامة: تسلم إيدك يا خالتو مع أني حاسس أنه طعم الأكل أختلف شوية.
ضحكت علياء: في دي معاك حق بقى لأني مش أنا اللي عملته، ريان تعب ومعرفتش أعمل حاجة منه.
نظرت لداليا بامتنان: داليا هي اللي عملت كل حاجة قدامك دي لوحدها.
نظرت لها جودي بدهشة: إيه ده أنتِ بتعرفي تطبخي بجد؟ أنا فكرتك بتسلقي بيض بس زيي.
قالت عايدة بينما تتناول طعمها: أنتِ فاكراها فاشلة زيك.
صاحت جودي بتذمر: يا ماما!
نظر أدهم لداليا لبعض لحظات قبل أن يقول بهدوء: تسلم إيدك الأكل جميل.
أومأت برأسها وقد عجزت عن الرد فقد كان قلبها يرفرف من السعادة في تلك اللحظة وقد سببت كلماته البسيطة فيها سعادة كبيرة.
عادت بذاكرتها لتحدق في صورته التي في هاتفها وهي تتأملها بحب، لقد كانت تعاني دائما من الأفكار، هل يفكر بها أو يشعر بأي شيء نحوها؟ هل يحبها كما تحبه؟
وقد عادت بعض مخاوف الماضي حتى تؤرق مضجعها وتذكرت ما حاولت نسيانه لسنوات، هل يمكن أن يحب فتاة مثلها؟ بماضي كماضيها وأم كأمها؟ ارقتها تلك الأفكار كثيرا وسببت لديها شعوراً بالنقص.
كانت شاردة حين دلفت جودي فجأة فارتبكت داليا وحاولت إخفاء هاتفها على الفور.
نظرت لجودي بانزعاج: هو مفيش حاجة إسمها تخبطي يا بنتي!
ضحكت جودي: حبيت أعملها مفاجأة.
شدتها من يدها لتنهض: يلا قومي أقعدي معانا برة.
سألت داليا بتعجب: أنتِ وصلتِ امتى ومع مين؟
أجابت جودي: جينا أنا وماما من شوية.
سلمت داليا على عايدة وجلسوا جميعا سويا.
قالت علياء بترحيب: أعمل عصير إيه؟
نهضت داليا لتشد جودي معها: خليكي أنا هعمل العصير أنا وجودي.
اعترضت جودي: بس أنا مش عايزة أقوم.
إلا أن داليا أخذتها رغماً عنها، حملت داليا صينية العصير للخارج وكانت جودي ورائها تحضر بعض التسالي حين توقفت داليا مكانها فجأة وقد ارتجفت يديها مما تسمعه.
كانت عايدة تتكلم مع علياء بحماس: وأدهم هيخطب قريب، قالي فيه بنت عايز يخطبها وخلاص هنحدد ميعاد مع أهلها علشان نروح!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
في تلك اللحظة أفلتت الصينية من يدي داليا من الصدمة فوقعت على الأرض وتحطمت كؤوس العصير التي أصاب جزء منها قدم داليا ليجرحها.
شهق كل من عايدة وعلياء ونهضوا عند سماع الصوت فيما توقفت جودي ورائها مذهولة مما تراه، كانت داليا صامتة ولا تبدي أي رد فعل غير الدموع الظاهرة في عينيها.
نظر كلا من عايدة وعلياء للمشهد أمامهم بعيون متسعة ثم انتبهوا لقدم داليا التي بدأت تنزف فحاولت علياء التقدم من الجانب قائلة بقلق: أبعدي عن الازاز يا داليا شكل رجلك اتعورت.
قالت عايدة بسرعة: روحي أنتِ شوفي رجلها يا علياء أنا وجودي هنلم الدنيا هنا متقلقيش.
أخذت علياء داليا من يدها للحمام وحينها لم تتمالك داليا نفسها وانهمرت دموعها وهي تبكي بشدة فظنت علياء أنها تبكي من ألم قدمها.
قالت لها بشفقة: معلش يا حبيبتي استحملي أقعدي لحد ما أغسل لك رجلك من الدم.
جلست داليا وقامت علياء بتنظيف الجرح الذي لم يكن كبيراً أو عميقاً لحسن الحظ ولفته بشاش طبي، ثم ساعدتها على النهوض وهي مازالت تبكي بحرقة مما آثار استغراب علياء التي غسلت لها وجهها المحمر بالماء البارد ثم ساعدتها حتى تصل لغرفتها وترتاح.
جلست داليا على سريرها واسندت ظهرها فقالت علياء: أنا هروح أجيب لك حاجة تشربيها.
ذهبت وجلست داليا مكانها تنهمر دموعها بصمت، لقد صفعتها الحقيقة بأقسى الطرق الممكنة أدهم يحب فتاة أخرى! لم يحبها هي كانت تعيش في الوهم لمدة طويلة.
بكت بحرقة، قلبها يؤلمها لأنها رغم أنه لم يكن أي إشارة من جانبه كان لديها الأمل لتحلم به وبحبه والآن تبعثرت كل أحلامها، هو يحب فتاة أخرى وسيتقدم لها، ربما هذه صفعة أخرى لها من الحياة حتى لا تحلم بما ليس ملك لها.
في الخارج وبعد تنظيف كل شيء أعدت علياء عصير، وقفت جودي بجانبها: تعرفي إيه اللي حصل يا خالتو؟ الصينية دي وقعت إزاي؟
تنهدت علياء بينما تحضر صينية تضع عليها كأس العصير: والله معرفش يا جودي الدنيا كانت تمام أنا مركزتش ومشوفتش كنت قاعدة مع عايدة بنتكلم وقالتلي أدهم هيخطب فجأة سمعنا صوت الدشدشة دي!
وقفت جودي تفكر فيما انتهت علياء وكانت على وشك الخروج حين وقفت أمامها جودي بابتسامة: خليني أنا اللي أوديه يا خالتو واقعد معاها شوية بالمرة خليكي مع ماما أنتِ.
أعطتها علياء ما بيدها فذهبت جودي التي طرقت الباب وتدلف لتلاحظ أن داليا تمسح دموعها بسرعة قبل أن تراها.
جلست جودي أمامها قائلة بمرح: إيه يا ديدا سلامة الشوف أبقي خدي بالك المرة الجاية.
هزت رأسها دون أن ترد فقالت جودي باستغراب: مالك يا داليا؟ وبعدين كل العياط ده علشان اتعورتي؟ ما أنتِ إيدك اتكسرت قبل كدة ومكنتيش بتعيطي.
حاولت داليا التبرير بتوتر: لا ده بسبب أنه الصينية وقعت على رجلي يا جودي والازاز خلاها تحرقني أوي مش حاجة مهمة يعني.
قالت جودي بمكر: ااه قولتيلي يمكن مش بسبب حاجة سمعتيها ضايقتك مثلا؟
ارتبكت داليا: لا لا حاجة إيه أنا بس رجلي واجعاني، أنا هنام دلوقتي شوية.
ثم تمددت وأعطت ظهرها لجودي حتى لا يظهر عليها شيء يكشف مشاعرها الداخلية فابتسمت جودي ونهضت لتخرج فيما بقيت داليا تعاني عذابها الداخلي.
مرت بضعة أيام تحسنت فيهم قدم داليا ولكن ظهر التغيير عليها بشكل كبير فكانت هادئة أكثر من المعتاد وحتى أنها لا تولي ريان الإهتمام المعتاد عليه لدرجة أنه تذمر من ذلك واشتكى لوالديه.
دلف أمجد لغرفة النوم قائلا بغضب: أنا قولت لا يعني لا!
وجلس على الأريكة بينما ولجت علياء ورائه باعتراض: لا وخلاص كدة هو إحنا لسة اتناقشنا!
قال باقتضاب: أنتِ قولتيلي وأنا قولت اللي عندي مش موافق يا علياء وبعدين البنت لسة صغيرة!
شهقت علياء وردت بتذمر: صغيرة فين يا أمجد هي طفلة! داليا كبيرة وواعية وبعدين هو أنا قولتلك جواز علطول، أنا مش فاهمة سبب رفضك الغريب ده!
فرك يديه وهو يحاول أن يتحجج بأي شيء: قولتلك البنت لسة صغيرة محتاجة تنضج وتكبر الأول علشان تقرر صح.
دخل ريان في تلك اللحظة ليتابع أمجد وهو يشير إليه: الطفل المسكين ده هيعمل إيه لوحده من غير أخته؟ مش هيقدر يتحمل على بُعدها تخيلي هيحس بأيه لما يعرف أنها هتسيبه وتمشي.
اتسعت عيون ريان بذهول وسأل والدته بصوت خائف: هي ديدا هتمشي؟ ليه يا ماما إحنا زعلناها؟
كانت داليا ذاهبة للمطبخ حين لمحت مايحدث، ولجت بتعجب: إيه مالكم كدة؟
ركض ريان إلى داليا وتعلق بساقيها وهو يبكي: ديدا متمشيش حقك عليا لو زعلتك متبعديش عني.
نظرت له داليا بصدمة ثم رفعته لأحضانها فتمسك بها بقوة حاول تهدئته وهي لا تفهم شيء مما يحدث حولها: مالك يا حبيبي متعيطش أنا مش هبعد عنك أبدا.
نظر له أمجد بابتسامة نصر، تنقلت نظرات علياء بينهم، وفجأة انتزعت ريان الباكي من أحضان داليا لتلقيه إلى حضن والده الذي تلقفه بصدمة بين يديه.
قالت بغيظ: خليك مع بابا يا حبيب بابا هو يسكتك زي ما خلاك تعيط يمكن يعقل شوية ويبطل حركات العيال دي.
ثم التفتت لداليا وأمسكت يدها بحزم: وأنتِ تعالي معايا يا داليا عايزاكِ في موضوع مهم.
وسحبت داليا المذهولة ورائها حتى دخلوا لغرفتها وأغلقت الباب ورائها بإحكام حتى لا يأتي أمجد ويخرب محادثتهم الهامة.
جلسوا على الأريكة التي في غرفتها لتقول علياء بصوت جاد: داليا أنا عايزة أقولك على حاجة مهمة.
استمعت داليا باهتمام فتابعت علياء بهدوء: فيه عريس متقدم لك.
نظرت لها بدهشة وظهرت على وجهها علامات الرفض فتابعت علياء بسرعة: لا اسمعيني الأول قبل ما تحكمي.
تنهدت داليا وهي تخفض رأسها، أردفت علياء بجدية: العريس هو أدهم ابن أختي.
رفعت رأسها على الفور تنظر لعلياء بعيون متسعة من الصدمة.
قالت علياء بلطف: طبعا أدهم مش غريب بس أنا هعرفك عليه تاني ده الواجب هو عنده دلوقتي ٢٦ سنة وبيشتغل شغل كويس وشاب محترم جدا يا داليا والله.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ظلت داليا صامتة، أمسكت علياء بيديها وقالت بصدق:أنتِ عارفة غلاوتك عندي والله يا داليا ما علشان ابن أختي بس أدهم ده مش هتلاقي زيه في الدنيا شاب طيب جدا جدا وحنين أوي ولا عمره هيجي عليكِ ولا يهينك أبدا، حتى لما أدهم بيتعصب بيسكت خالص علشان ميديش رد فعل يندم عليه وراجل وأد المسئولية، وأنتِ طبعا عارفة عايدة وجودي طيبين أوي وملمهمش في أي حاجة من اللي بنسمع عنها الأيام دي، يعني أنتِ هتدخلي بيت أنا هبقى مطمنة عليكِ فيه، فكري يا حبيبتي كويس.
دمعت عيون داليا من شدة السعادة التي تشعر بها ولم تتمكن من النطق بحرف واحد منا آثار استغراب علياء: مالك يا داليا؟ للدرجة دي الموضوع مضايقك؟ على فكرة لو رفضتِ محدش هيزعل ده نصيب.
قاطعتها داليا على الفور برعب: لا طبعا أنا موافقة!
فغرت علياء فاهها بصدمة بينما انتبهت داليا لما قالته ونظرت لها بدهشة، احمر وجهها بشدة فأدارت وجهها للناحية الأخرى وهي تلوم نفسها على تسرعها وغبائها.
بسرعة فكرت علياء بما حدث يوم كانت عايدة هنا وربطت الأمور ببعضها فابتسمت بفرح وهي تحاول جعل داليا تنظر لها إلا أن داليا أغمضت عيناها رافضة من شدة الإحراج الذي تشعر به.
ضحكت علياء بخفة: مفيش داعي تتكسفي مني، على العموم أنا دلوقتي فهمت، داليا أنتِ بتحبي أدهم؟
وضعت يدها أسفل ذقنها لتدير وجهها لتصدم أن داليا تبكي: بتعيطي ليه يا حبيبتي؟
ارتمت داليا تخفي وجهها في حضنها، ربتت علياء على ظهرها بحنان: أنا كان لازم أخد بالي بس خير، شكلنا هنفرح بيكم قريب.
ابتسمت داليا بخجل وهي مازالت تخبئ وجهها فضحكت علياء: يلا علشان عندنا مواجهة حلو مع أمجد.
ابتعدت داليا وظهر القلق في عينيها: تفتكري بابا هيرفض؟
طمأنتها علياء بثقة: لا سيبي لي أنا الموضوع ده، أمجد يا داليا مش قادر يصدق أنك بقيتي عروسة.
نظرت لها داليا وقالت بامتنان:شكرا يا طنط يا علياء أنا مش عارفة أقولك إيه بجد.
ربتت علياء على يدها بابتسامة: على إيه يا حبيبتي.
ارتبكت داليا وحاولت الكلام لتعبر عن ما داخلها إلا أنها عجزت فتطلعت لعلياء وقالت بتأثر: مش علشان ده بس، شكرا على كل حاجة عملتيها علشاني من ساعة ما دخلتي حياتنا، أنا كنت وحشة جدا معاكِ وأنتِ عمرك ما لومتيني على حاجة عملتها أو قولتها، عاملتيني كويس أوي كأني بنتك وعوضتيني عن.....عن الأم اللي مكنتش ليا.
قالت كلماتها الأخيرة بصعوبة بسبب رجوع بعض الذكريات الغير محببة لقلبها.
تأثرت علياء بشدة من كلمات داليا فضمتها بحب: يا حبيبتي أنا مزعلتش منك، أنتِ كنت لسة صغيرة ومش واعية وصدقيني يا داليا أنا عارفة أني عمري ما هكون بالنسبة لك أم حقيقية بس أنا بعتبرك بنتي اللي مخلفتهاش.
تمسكت بها داليا بشدة كم تغيرت الأمور بينهما خلال تلك السنوات بسبب صبر ولطف علياء ونضج داليا الذي اتخذ بُعداً آخر بسبب وجود ريان في حياتها.
نهضت معها حتى يتحدثوا مع أمجد وحين فتحت علياء الباب وجدت أمجد يتراجع بسرعة وهو يحمل ريان فنظرت لهم علياء بدهشة: أنت كنت بتسمعنا يا أمجد!
قال أمجد بارتباك: بسمع إيه يا علياء! إيه اللي بتقوله ده، أنا كنت جاي علشان ريام عايزك خدي!
ثم أعطاها ريان فقالت بجدية: طيب عايزين نتكلم في موضوع مهم وأنت عارفه.
ذهب أمجد ليجلس فتبعته علياء مع داليا.
قالت علياء بهدوء: طبعا أنت عارف الموضوع يا أمجد مستنية ردك علشان أرد على عايدة ووالد أدهم يكلمك وتحددوا ميعاد.
رفع أمجد حاجبيه بدهشة: ميعاد إيه! هو أنا وافقت، أنتِ عارفة أني مش موافق وتقولي لي هييجوا؟
وقفت علياء واضعة يدها في خصرها بحدة: نعم! أنت بترفض ابن أختي! ماله أدهم بقى يا أستاذ أمجد؟
رأى أمجد أنه جعل الوضع أسوأ فحاول تهدئة الأمور: أنا مقولتش حاجة عن ابن أختك هو شخص كويس بس بنتي مش عايزة وعايزة تركز في دراستها دلوقتي.
نفخت علياء وتقدمت لتقف أمامه قائلة بعتاب: أنت بتتكلم بجد يا أمجد؟ هو أنت أخدت رأي داليا أصلا؟
أشارت لها: شوف بنتك يا أمجد بدل ما أنت غافل عن أي رأي غير رأيك.
نظر أمجد لابنته فوجدها مخفضة الرأس تنظر إلى الأرض والتوتر واضح عليها.
سألها أمجد: أنتِ إيه رأيك يا داليا؟
قالت داليا بصوت منخفض:اللي حضرتك تشوفيه يا بابا.
انتبه أمجد وبدأ يدرك ما كان غافلاً عنه وأنه بالفعل يستبد برأيه ومن الواضح أن ابنته ربما معجبة بالشاب أو لديها قبول له.
شعر بالضيق فلوح لهم بعدم اهتمام: اعملوا اللي أنتوا عايزينه.
فرحت علياء وذهبت على الفور لتتصل بعايدة تخبرها فاقتربت داليا من والدها تسأله بحزن: بابا أنت زعلان؟ أنا مستعدة موافقش لو أنت مش موافق.
نظر أمجد لابنته بتأثر وابتسم بحب وهو يجلسها بجانبه: يا حبيبتي، لا مش زعلان يا داليا بس جاتلي فجأة كدو لحظة استيعاب أنك خلاص كبرتِ.
تنهد أمجد ونظر لها بحنان: أنا مش عارف امتى كبرتِ وبقيتي عروسة.
حدقت إليه داليا بحب ثم عانقته بشدة.
عادت علياء لتخبرهم أن والد أدهم سيحدثه والاحتمال الأكبر أنهم سيأتوا غدا.
همس أمجد بغيظ: بالسرعة دي مستعجلين أوي على إيه هما ماصدقوا!
في اليوم التالي كانت داليا في غرفتها حين فتحت جودي الباب وهي تطرق عليه بشكل مرح وتغني: افرحي يا عروسة أنا العريس.
ضحكت داليا بشدة ثم وقفت على سريرها تشاركها برقص مرح حتى أطلقت زغرودة فرحة.
غمزتها جودي بعبث بعد أن دخلت: لا بس طلعتِ بتحبي الواد أخويا زي ما أنا كنت حاسة ومقولتليش، ايه بدأنا شغل عمتو الحرباية من دلوقتي.
عقدت حاجبيها وردت بتلقائية: بس أنتِ اللي عمتو الحرباية!
وقفت جودي تحك رأسها بتفكير: اه صح معاكِ حق.
تابعت بحماس: يلا نجهز أنا سبقتهم على هنا وماما سابتني بالعافية قال إيه أخت العريس ولازم تيجي معاه!
تجهزوا وقد ارتدت داليا فستان بسيط من اللوم الأزرق الداكن أكملته بحجاب يناسبه بنفس اللون، حين حضر أدهم مع بقية عائلته توترت داليا بشدة وانتظرت أن تناديها علياء حتى تخرج.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نادتها علياء فخرجت تحمل صينية العصير بتوتر.
مازحتها عايدة قائلة: خدي بالك لاتقع زي المرة اللي فاتت عايزين نفرح المرة دي.
ابتسمت داليا بخفة وهي تضعها أمامها فأشارت لها عايدة لتجلس بجانبها.
ابتسمت عايدة ببشاشة: بصي بقى يا داليا أنا هكلمك بصراحة أنا مكنتش أعرف في الأول أدهم قصده على مين لحد ما قالي أنه عليكِ وأنا فرحت أوي أصل بالنسبة لي اللي أعرفه أحسن من اللي معرفوش يعني بدل ما يجيب بنت غريبة منعرفش عنها حاجة ولا صفاتها ولا أصل ولا فصل أنا مبسوطة أنه اختارك بنت جميلة وذكية زيك وكفاية أدبك وأخلاقك.
احمر بوجهها وابتسمت بخجل وهي تنظر للأرض بحياء بسبب مديحها المستمر لها.
ثم تابعت: وطبعا أنتِ عارفاني مليش في شغل الحموات ده ومبحبوش أنا يهمني سعادة ابني.
ثم أشارت لجودي بلامبالاة: وأخته الهبلة دي ملهاش في أي حاجة ولا بتهش ولا بتنش وصاحبتك يعني الحمدلله كلنا مع بعض.
صاحت جودي معترضة: يا ماما!
لوحت لها عايدة بيدها بعدم اهتمام وتابعت حديثها مع عمة داليا فيما كان الرجال يتحدثون في غرفة أخرى.
كان والد أدهم هو من بدأ الكلام بصوت رزين ليرد عليه أمجد بهدوء حتى بدأ أدهم يتحدث فكان أمجد طوال الوقت يناظره باستهجان وقد لاحظ أدهم منذ أن جلس لكنه أجل سؤاله عن السبب.
قال له أمجد فجأة: أنت عارف يا أدهم أنا ميهمنيش الماديات والكلام الفاضي ده أنا أهم حاجة عندي راحة بنتي وسعادتها هتقدر تعمل كدة؟ هتبقى أد المسؤولية دي؟
أجاب أدهم بابتسامة: طبعا ياعمي الحمدلله بابا رباني من صغري على كدة وبفضل الله اتعلمت وفاهم حاجات كتير من أهمها أنه الماديات شيء تافه مقابل الاستقرار في الحياة الزوجية والتفاهم والمودة بين الزوجين وأنه العلاقة لو مفيهاش احترام وود متبادل تبقى مُهلكة للطرفين وبس وأني واجبي أقدر شريكة حياتي وأحافظ عليها.
أصمتت إجابة أدهم أمجد الذي نظر له بإعجاب رغما عنه إلا أنه ظل عابسا ولم يجد ما يقوله أما أدهم فقد فهم ما يجول بخاطر أمجد وابتسم في الخفاء.
لاحظ أمجد أن علياء تشير له من الخارج فأستاذن من الحاضرين وذهب إليها بتعجب: في إيه؟
قالت علياء بهدوء: إيه الشباب مش هيقعدوا مع بعض شوية؟
رد أمجد باستنكار: ويقعدوا مع بعض ليه إن شاء الله؟
نظرت له علياء باستغراب: نعم؟ علشان يتكلموا مع بعض مثلا ويتعرفوا!
قال أمجد باستهجان: يتعرفوا على إيه ماهم يعرفوا بعض!
زفرت علياء بنفاذ صبر وقالت بحزم: يلا علشان داليا تقعد مع أدهم يا أمجد.
كان الفوز في ذلك الجدال من نصيب علياء فخضع أمجد مرغما وجلست داليا مع أدهم وحدهم، كانت تفرك يديها بتوتر وهي تنظر للأرض بابتسامة خجولة.
سمعت صوته الهادئ يقول: لو حابة تسألي على أي حاجة اتفضلي.
رفعت بصرها لتجد وجهه الوسيم قريب منها فازدادت دقات قلبها.
قالت بتوتر: ليه...ليه أنا؟ قصدي يعني متوقعتش أنه....
لم تكمل حديثها بسبب التوتر الذي تشعر به فابتسم وقد فهم قصدها.
أجاب بصدق: بصراحة أنا إنسان بحب المباشر والصريح مليش في اللف والدوران، أنا كان عندي نية وكنت مستني الوقت المناسب علشان أصرح بيها، لما بقيت مستعد بفضل الله وجه الوقت المناسب اتقدمت لك، وعلى العموم كل حاجة هتتوضح لك أكتر بإذن الله مع الأيام.
ابتسمت داليا بسعادة وهي تدرك أنه يلمح لإعجابه بها وقد انتظر حتى يأخذ خطوة رسمية ولا يلهو كما يفعل غيره وشعت الطمأنينة والراحة داخلها.
بعد موافقتها عليه حددوا موعد الخطوبة بعد أسبوع وقد اختارت داليا أن تكون بسيطة في منزلها، أتى اليوم الموعود وارتدت داليا فستان بلون البنفسجي الفاتح مع بعض مساحيق التجميل الخفيفة التي أبرزت جمالها وقد حضرت جودي من بداية اليوم لتساعدها.
نظرت لأدهم بذهول: إيه ده ورد أصفر! ده المفضل ليا!
ابتسم أدهم لها وقد لمعت عيناه: ما أنا عارف علشان كدة جيبته.
أخذته منها وهي تحدق إليه بسعادة لأنه يعلم ماذا تفضل وأحضره لإسعادها!
كانت الخطوبة تسير على ما يرام بعد أن تبادل أدهم وداليا الخواتم وأتى وقت التصوير أصر أمجد على أن يكون الأول وقد استأثر بداليا لفترة طويلة فنظر أدهم لخالته شاكيا لتتقدم علياء وتشد أمجد من يده: تعالى يا حبيبي أقعد أرتاح شوية.
لم تتح لأدهم الفرصة لأن أقارب داليا وصديقاتها انضموا حتى يلتقطوا الصور معها وأخيرا اتاحت له الفرصة فوقف بجانبها وقد وقفت داليا مبتسمة وبين يديها باقة الورود.
فجأة شعر أدهم بشخص يدخل بينهم من الوراء فنظر ليجده أمجد الذي وضع يده حول كتف داليا والأخرى على ذراعها شبه يعانقها فيما أعطى ظهره متجاهلا أدهم كليا وهو يبتسم للكاميرا.
نفخ أدهم بحنق ونظر لعلياء التي كانت مشغولة مع الضيوف، أشار لها أدهم لتنقذه فلاحظ أمجد الذي أدار وجهه: في حاجة يا حبيبي؟
رد أدهم بهدوء: لا ياعمي.
قرب أمجد وجهه لوجه أدهم وبصوت خافت: مش عاجبك أنها بتتصور مع أبوها ولا حاجة؟
أجاب أدهم بأدب: لا طبعا ياعمي.
تابع أمجد باستفزاز: لايكون مش عاجبك بس.
انتبهت علياء أخيرا فهزت رأسها بيأس لتسحبه من يده: تعالى معايا يا حبيبي.
قال أمجد باعتراض: بس أنا كنت بتصور مع بنتي!
ردت علياء بصبر وهي تجاريه: بس أنت متصورتش معايا عايزين نتصور صورة رومانسية كدة وبعدين نتصور مع ريان.
نظرت داليا لوالدها بحنان وقلبها يتضخم من الحب، إن والدها يغار كما غارت هي عليه من قبل! راقبته يحمل ريان ويحيط علياء بذراعه مبتسماً، قلبها ملئ بالسعادة التي تحيط بها.
زفر أدهم بارتياح وقال لداليا بابتسامة مشاكسة: أخيرا بقى يلا نتصور الصورة اللي مش عارفين نتصورها من الصبح دي!
رفعت رأسها لتطلع إليه داليا بحب وبابتسامة عريضة: يلا.
تمت بحمد الله.