رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع عشر 14 بقلم مريم محمد
رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع عشر 14 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع عشر 14 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع عشر 14 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع عشر 14
رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع عشر 14
_ فتيل الحرب _
ترك ابنة خالته في عهدة مربيتها، ثم إتجه على الفور عائدًا إلى الجناح حيث زوجته، ولج مغلقًا الباب خلفه، نظره سقط فورًا على السرير، لا زالت "ليلى" ممددة كما تركها، ملفوفة بروب الاستحمام الأبيض، خصلات شعرها المبتلة تلتصق بجبهتها وعنقها ..
كانت تغط في نوم ثقيل، صدرها يعلو ويهبط ببطء، وجهها بدا مفرغًا من اللون، وجسدها بلا أيّ حركة، كأن الإرهاق استنزف منها حتى ملامح الحياة ..
اقترب "نديم" وجلس على طرف السرير بهدوء، لم يشأ أن يوقظها فجأة، ظل لحظة يتأملها، وجهها الهادئ، شفتيها المتورمتين قليلًا من جرّاء قبلاته، عظام كتفها البارزة أسفل الروب، كل شيء فيها يهمس بالإرهاق والرضا معًا ..
مدّ يده ببطء ومررها على شعرها الرطب، ثم انحنى نحوها وهمس في أذنها بلهجة أقرب للرجاء:
-يا لولّا… فوقي يا حبيبتي.. مش معقول تفضلي كده نايمة طول النهار!
لم تتحرك في البداية ..
فقط شفتاها انفصلتا قليلًا، ثم انغلقتا من جديد، تقرّب إليها أكثر حتى لامس صدره صدرها، قبل جبينها برقة، ثم لامس شفتيها بقبلة دافئة، قصيرة، لكنها مليئة بالعاطفة ..
كرر الهمس من جديد، كأنه يحاول جذبها من بُعدٍ آخر:
-ليلى… قومي يا أميرتي.. فتحي عنيكي بقى.
أخيرًا تحرك جفنها، ثم الآخر، عينان عسليتان نصف مغمضتين ظهرتا ببطء، نظرتها ضبابية، كسولة، وكأنها لا تفرق بين الحلم والواقع ..
عضّت شفتها السفلى بخفة، كأنها تعيد لنفسها الإحساس بجسدها، ثم تمتمت بصوتٍ خافت بالكاد يُسمع:
-نديم.. أنا… تعبانة أوي!
على الفور انعقد حاجباه. تغيّرت ملامحه في لحظة، وسألها بقلقٍ جمّ وهو يحدق فيها بتركيز أكثر:
-مالك يا ليلى؟ حاسة بإيه؟ أجيب دكتور؟
أدارت وجهها للجانب الآخر، كما لو أن الكلام مرهق بقدر الواقع، همست برفض خافت:
-لأ.. مش عايزة دكتور.. أنا بس عايزة أنام سيبني أنام شوية.
تردد للحظة، يده التي لا تزال على شعرها، عينيه تتنقلان بين وجهها وعنقها وصدرها، حائرًا وهو يراها بالفعل بحاجة للراحة، لكنه في نفس الوقت يودّ تنفيذ الخطة التي طرأت على باله، قهذا الوقت الأمثل، هذه فرصته، والضربة الأولى التي نوى تسديدها لعائلتها، ستكون اليوم.. اليوم بداية الحرب الحقيقية بينهم ..
تنهد ببطء، وصوته انخفض أكثر وهو يخبرها:
-أنا مش هاتعبك يا حبيبتي. أنا بس محتاجك معايا.. ريهام عندها مشكلة كبيرة ومش هاعرف أتعامل معاها لوحدي!
مرّت ثوانٍ، ظن أنها ستعود للنوم، أو ستدير وجهها من جديد، ولئن فعلت ما كان ليضغط عليها، لكنه لاحظ تغيرًا في نظرتها، عيناها اتسعتا قليلًا، ووجهها انكمش بشكل طفيف، ثم سألته بنبرة مهتمة رغم تعبها الجلي:
-مالها ريهام؟
امتقع وجهه حقيقةً وهو يجاوبها:
-أبوها رجع من السفر.. وباعت حد ياخدها عنده القاهرة. عمر مش موجود وأنا مش عارف إزاي هاقنعها تمشي.. مش عارف أعمل إيه.. محتاج لك.
بدون تردد، شحذت "ليلى" قواها وقامت نصف جالسة وهي تقول بجدية:
-هالبس هدومي وجاية معاك.. ماتقلقش يا حبيبي.
وقامت بمساعدته من الفراش، تركها مذعنًا لرغبتها، فسارت بعرج طفيف صوب الخزانة، أخرجت ثوبًا طويل فيروزي اللون، وسترة بيضاء قصيرة، إرتدت ملابسها أمامه وصففت شعرها بسرعة، ثم إنتعلت خفّيها المكشوفان، وإلفتت إليه حيث كان يجلس على حافة السرير يراقبها في صمت ...
-أنا جاهزة!.. قالتها بلهجة لا تخفي تعبها بالكامل
سار "نديم" ناحيتها، أمسك بيدها ونظر في عينيها قائلًا بلهجة اعتذار:
-أنا آسف يا ليلى.. كان نفسي نقضي وقت أحلى من كده. بس أوعدك قريب جدًا هاعوضك.. هاخدك ونسافر بعيد.. وهانسيكي كل حاجة.. كل حاجة غيري أنا.
ابتسمت له بشحوب وقالت بصدق:
-ومين قال إني ممكن أنساك أصلًا؟ أنا مش ببطل تفكير فيك.. حتى وانت معايا!
رد لها الابتسامة ورفع كفّه ليضم جانب وجهها بحنانٍ، ثم همس:
-طيب أجلي بقى باقي الكلام ده لما نرجع تاني.. عشان أنا عايز أسمعك واحدة واحدة.
تغضن وجه "ليلى" بتعبيرٍ متوسل وهي تقول:
-لأ أرجوك يا نديم.. أنا تعبانة بجد. ومش عايزة غير إني أنام يومين تلاتة ومحدش يصحيني.. انا ماشية معاك بالعافية أصلًا.
ربت على رأسها بعطفٍ وقال مازحًا وهو يغمز لها:
-أنا ماغشتكيش.. افتكري قلت لك إيه.. مش قلت لك هاخلّيكي ماتقدريش تمشي على رجليكي؟ كنتي فكراني بهزر؟
تضرج وجهها بحمرة الخجل وقالت بنزعة عصبية:
-خلاص بقى.. بطل تحرجني.. أنا مش ناقصة!!
فهم مقصدها من مجرد تلميحٍ غير مقصود، وعدها قائلًا بجدية:
-مش عايزك تخافي أو تقلقي.. راندا مش هاتقدر تفتح بؤها بكلمة.. وبمجرد ما نرجع البيت هابدأ في اجراءات الطلاق. وبعدها علطول هاعلن جوازنا.. وهاعملك فرح ماحصلش كمان.. مش هاخلّي في الدنيا دي كلها واحدة زيك.. لا قبلك ولا بعدك.. إلا لو جبتي لي بنت.. هاسمّيها ليلى. وهاحبها أد ما بحبك بالظبط.
بوغتت بجملته الأخيرة، وكأن هذا الأمر كان غائبًا عنها من اول وهلة، فغرت فاها مرددة بتوتر كبير:
-إحنا إزاي مافكرناش في كده؟ أنا ممكن أبقى حامل!
ابتسم لها مطمئنًا وقال:
-وإيه يعني لما تحملي.. ده ياريت. أنا طول عمري نفسي أخلف منك إنتي.. وكنت شارط من قبل جوازي من راندا إن مافيش خلفة منغير إذني.. وده عمره ما كان هايحصل.
حدقت فيه مشدوهة وتساءلت ببلاهةٍ:
-منعتها من الخلفة.. ليه؟
ضحك بخفة وهو يضمّها إلى صدره أشدّ، قبّلها على شعرها وهو يجاوبها مرةً أخرى هامسًا:
-عشانك.. عشان مافيش واحدة هاتشيل ولادي غيرك إنتي… إنتي يا ليلى!
ورفع يدها ليلثم باطن كفّها دون أن يحيد بعينيه عن عينيها ..
أنعشتها كلماته الرقيقة ووعوده الموثوقة، فتناست تعبها، وسارت معه إلى الخارج متشبّثة بيده، لا تطيق أدنى إنفصالًا عنه ..
هبطا إلى الأسفل، حيث الطابق الذي يحتلّه "عمر" بالكامل ويُخصص به جناحٌ كامل لأخته الصغيرة، دلفا معًا إلى الجناح، ليجدا "ريهام" تجلس فوق الأريكة الملاصقة لمقدمة السرير، تداعب كلبتها وعلائم الضيق تجلل ملامحها كما لو إنها تشعر بما يجري من حولها ..
نظر "نديم" نحو مربيتها التي كادت تنتهي من جمع أغراضها داخل حقيبة سفرٍ كبيرة، ثم قال بصلابة:
-Did you finish "Anya"؟
تطلّعت الأخيرة له مجيبة:
-I'm almost done sir, only dolls and toys are left.
-Hurry up.
أومأت له طائعة وواصلت جمع الأغراض أسرع، ليتوجه بعد ذلك صوب "ريهام" هو و"ليلى" ..
جلست "ليلى" بجوارها محيطة كتفيها بذراعها وقالت بلطفٍ:
-إيه يا ريري.. مالك يا قلبي مكشرة كده ليه؟
فعليًا "ريهام" تكبر "ليلى" بعامين، لكن بطبيعة الحال فإن "ليلى" تفوقها عمرًا بمراحل، لذا عمدت إلى مخاطبتها كما لو إنها طفلة صغيرة ..
أدارت "ريهام" رأسها نحو "ليلى" قائلة بحزنٍ طفولي:
-نديم عايز يمشيني مع الراجل الوحش إللي تحت يا ليلى.
ردت عليها "ليلى" برفقٍ:
-يا حبيبتي هو بس هايوصلك عند باباكي.. يعني حتى إنتي مش مجبورة تكلميه.. هايوصلك بس. فاهماني؟
نظرت لها "ريهام" بأعين قلقة على وشك البكاء.. ارتبكت "ليلى" وتطلّعت إلى "نديم" تلتمس منه المساعدة ..
تنهد "نديم" وشد كرسي قريب ليجلس قبالتها، أمسك بيدها الصغيرة وأطبق عليها بلطفٍ قائلًا:
-ريري.. إنتي بنت كبيرة وشاطرة.. ينفع تقلدي تصرفات الأطفال دي؟ إنتي بقيتي أنسة كبيرة.
كشرت وجهها بطفولة نقية وهي تحوّل بصرها إليه، ثم قالت بحدة:
-أنا مش عايزة أروح عند بابي.. بابي وحش. أنا مش بحبه!!
ضمّ "نديم" كفّها في قبضته أكثر كأنه يبثها الحماية الكافية وهي يوبّخها في آنٍ:
-عيب يا ريهام.. ماينفعش تقولي كده على باباكي. ده أكتر حد بيحبك في الدنيا دي.. وإنتي كمان بتحبيه ولا نسيتي؟
رمقته بريبة طفيفة، لا تستطيع محو صورة ابيها الطيّبة، ولكنها في نفس الوقت لا يمكنها نسيان قساوته بأيامه الأخيرة، فقالت بترددٍ:
-بس هو كان بيزعق كتير.. ودايمًا وشه مكشر.. وأنا بخاف منه!
هزّ "نديم" رأسه بابتسامة نصفها مرارة وقال:
-هو بيحبك.. بس مش بيعرف يبيّن ده. جايز عشان طبيعة شغله.. إنتي مش هاتفهمي قصدي كويس.. لكن عايزك تصدقيني. باباكي بيحبك جدًا. وأول حاجة عملها لما رجع إنه فكر يرجعك عنده.
-يعني هو بيحبني.. زي ما أنا بحب ميميي ومش بعرف أقول لها كل يوم؟
ضحك بخفوت لبراءتها، ثم قال وهو يهز رأسه:
-بالظبط كده.. بيحبك بس مش بيقدر يعبّر بالكلام.
سكتت "ريهام" قليلًا، كانت عيناها تدوران كأن عقلها الصغير يحاول ترتيب المشهد، ثم همست:
-هو هايبقى في عنده بول زي إللي عمر عمله عشاني في الـKids Club؟
-أكيد.. وأكبر كمان.
تنهّدت برضا طفولي، ثم مالت عليه فجأة، واحتضنته مغمغمة:
-خلاص.. أنا هاروح له.. بس خلي عمر يجي هناك عشان يرجعني. لو مش حبيت أقعد هناك عنده.
شدّها "نديم" إلى صدره أكثر، ضمّها بشدة، مرّر يده على رأسها برفق، في حركة متكررة، صامتة، ولم يقل شيئًا ...
_______________________________
لقرابة الساعتين بقى "زين نصر الدين" منتظرًا بقاعة الاستقبال بالفندق، احتسى فنجان القهوة الثاني وبدأ يفقد صبره فعليًا.. لولا ظهورها الآن عند اعتاب المصعد ..
تنفس الصعداء وتأهب للقيام، لكنه يتسمّر فجأة، عندما يتوّهم شبيهتها، إلا إنه ما لبث أن تأكد، لقد كانت هي، هي بذاتها، ابنة عمته التي لم يعرف بوجودها إلا منذ فترة قصيرة جدًا، وهو الآن موكل من جده بإحضارها له، لكنه أيضًا مكلّف بإحضار "ريهام البدري" لأبيها، السيد السفير، فماذا يصنع؟
لم يحوّل بصره عنها، حتى اقتربوا جميعهم وصاروا أمامه، وقد إنتبهت "ليلى" بدورها لنظراته، وإذا بها تتذكره هي الأخرى، لكنها تلتزم الصمت ..
ليقاطع صوت "نديم" تلك الأجواء المضطربة بصوته الفاتر الأجش:
-ريهام جاهزة يا سيادة الرائد.. لكن مش هقدر أسلمها لك إلا لما أعرف هتاخدها على فين. عشان أبلغ أخوها لما يرجع.
الآن فقط أزاح "زين" عيناه عن "ليلى".. نظر إلى "نديم" بتعبيرٍ مكفهر وقال باقتضاب:
-معالي السفير لسا مكلمني.. ساب الرقم ده للتواصل معاه. ماعنديش أوامر أكتر من كده.
أستلّ "زين" من جيبه ورقة صغيرة مدوّن عليها رقم هاتف، ثم ناولها لـ"نديم" الذي أخذها على مهلٍ بسلوكٍ استفزازي، كان يرمقه بنظراته فيها من البرود الشديد، مستمتعًا بنجاح خطته حتى الآن، وممتنًا للصدف التي تدعمه في موقفٍ كهذا ..
انحنى يخاطب "ريهام" التي كانت تتحاشى النظر إلى "زين" طوال الوقت:
-خلاص يا ريري.. إتفقنا تبقي كويسة وتسمعي الكلام؟ أنا وعمر مش هانطول عليكي. إنتي هاتروحي الأول وإحنا هانحصلك.. تمام يا روحي؟
أومات له "ريهام" موافقة، فقبّلها على وجنتها بأبوّة، سلّمها سلسلة الكلبة في يدها ونظر إلى "زين" مكملًا:
-الكلبة دي مش بتفارق ريري.. عشان كده هاترافقها في رحلتها مع سيادتك.. لو في مانع سيبها وسيب لي عنوان عاصم بيه وأنا هاوصلها لحد عنده بنفسي.
زين بحزمٍ: الأنسة هاتيجي معايا.. ومافيش مانع لو الكلبة رافقتها.. عندنا مكان في الطيّارة.
أومأ له "نديم" قائلًا:
-عظيم.. خلاص كده مافيش حاجة تانية.. تقدر تاخدها.
تحوّلت أنظار "زين" نحو "ريهام" وقال بلهجته الصلدة:
-اتفضلي معايا يا أنسة!
هنا فقط نظرت له "ريهام".. أجفلت قليلًا.. لكنها شعرت بلمسة أخيرة من "نديم" تشجعها وتطمئنها ..
شدّها "نديم" ليعانقها مرةً أخيرة، ثم أطلقها مرددًا:
-خلّي بالك من نفسك يا ريري.. أنا هاكلمك أول ما توصلي.
أومأت له بوجوم، لوّحت له مودعة بصمت هو و"ليلى". ثم سارت خلف "زين" الذي حمل عن مربيتها الحقيبة الكبيرة ..
كان ظهره متوترًا وهو يمشي بخطوات متسعة، غير قادرًا على التفكير في سواها، إنها "ليلى" التي يعرف فعلًا بأمر سفرها مع ابن عمها المزعوم ..
لم يستغرب الأمر، بقدر ما أثار ربيته ظهورها بجواره هنا، يستشعر بينهما رابطة أعمق من كونها رابطة فتاة بابن عمها.. ترى ماذا يحدث؟
ماذا يحدث بحق الله! ................................................................................................................................................................................ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ...
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا