رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الخامس عشر 15 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الخامس عشر 15 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الخامس عشر 15 هى رواية من كتابة سعاد محمد سلامة رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الخامس عشر 15 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الخامس عشر 15 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الخامس عشر 15

رواية طوفان الدرة طوفان ودرة بقلم سعاد محمد سلامة

رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الخامس عشر 15

دون قصد منها نظرت للشاشة، لكن حين رأت إسم “رزان” دخل لعقلها فضول المعرفة لوهله دون أن تشعر، بنبرتها الفضولية سألته:
مين رزان دي وليه مش بترد عليها.
لوهلة شعر بتوتر من سؤالها المُباغت، نظر لها حاول ضبط ملامحه قائلًا بهدوء:
دى عميلة فى الشُغل.
إستفسرت قائلة بسؤال:
وليه مش بترد عليها.
أجابها وهو يغلق صوت الهاتف:
عشان مش عاوز أرد عليها، ومش بتقولى عاوزة تخرجي، تمام هاخد شاور عالسريع تكوني بدلتي البيجامة،بس ياريت ميكونش طقم إسود، والا مش هنخرج.
وضع الهاتف فوق منضدة بالغرفة وتوجه للحمام، شعرت دُرة بالضيق، لكن حاولت اخفاءه خلف ابتسامة باهته… تنهدت بغضب وتوجهت نحو خزانة الثياب، لوهلة فكرت بالعِناد وإرتداء ثوب أسود، لكن زفرت نفسها، ربما ينتهز الفرصة ويتحكم، بحثت بين الثياب عن ثوب غامق،حتى وجدت طقمً باللون البنفسجي الداكن،نظرت نحو الحمام تأكدت من إغلاقه،ثم توجهت نحو الفراش وضعت الطقم ونزعت ثيابها ثم بدأت بإرتداء الآخر…
لكن قبل أن تنتهي من ذلك سمعت صوت فتح باب الحمام،نظرت نحوه سُرعان ما شعرت بخجل وإستدارت بوجهها تُخفي ذلك بعدما رأت طوفان لا يرتدي سوا منشفه حول خصره فقط،لاحظ طوفان ذلك فأبتسم، كذالك لاحظ رعشة يد دُرة وهي تقوم بغلق كنزتها… تعمد الإقتراب منها، شعرت بوجوده خلفها، تقدمت خطوة وكادت تبتعد لكن وضع يده على خصرها ينظر لإنعاكسهما بالمرآة لا ينكر ذوقها الأنيق دائمًا حتى بالثياب السوداء وذلك الثوب رغم لونه الداكن لكن يُبرز جمالها، وضع رأسه على كتفها قائلًا بخباثه:
ليه مطلعتيش ليا غيار معاكِ.
هدوء نبرة صوته له تأثير عليها، أو ربما عِلمها أنه شبه عارى جعلها لا ترفع عينيها وتنظر لإنعكاسهما، فقط حاولت أن تُخفي ارتباكها وهي تبتلع ريقها بصعوبة، وتهمس دون أن تنظر إليه:
طلع بنفسك،ممكن ذوقي مش يعجبك.
اقترب أكثر، حتى شعرت بأنفاسه تداعب رقبتها، فشهقت بخفة وهي تشد الكنزة على جسدها أكثر، لكن صوته المنخفض أربكها:
بالعكس ذوقك دايمًا بيعجبني.
كلمات بسيطة، لكنها أربكتها أكثر، وكأنها صدى يدق على أوتار قلبها المرتبك… التفتت له سريعًا تتبعد عنه ثم قالت بصوت حاولت أن تجعله جادًا:
طوفان…قدامك الدولاب طلع لنفسك.
ضحك هز رأسه بتفهم، ثم اقترب الخطوة قائلاً:
ـ تمام… بس ليه مضايقة كده… تعرفي حتي وإنتِ مكشرة حلوة أووي.
ابتسمت رغماً عنها، لكنها أخفت بسمتها سريعًا وهي تبتعد عنه تعدل وشاح رأسها أمام المرآة، بينما هو ذهب نحو الدولاب وبدأ يرتدى ثيابه ببطء وكأنه يمنح اللحظة وقتًا أطول… شعرت دُرة بارتباك خفيف يتسلل إلى ملامحها من جديد، فتوجهت إلى حقيبتها الصغيرة وبدأت تبحث فيها، محاولة الانشغال بأي شيء حتى لا تلتقي عيناها بعينيه…
صمته كان ثقيلاً، لكنه حمل تفكيرًا حقيقيًا هذه المرة…إنتهي من إرتداء ثيابه واقترب مجددًا، لكن ببطء وحذر، رفع يده ولمس وجنتها برفق وهو يهمس:
أنا جاهز.
تنفست بقوة حبست داخلها الهواء لثواني ثم تفوهت بخفوت:
أنا كمان جاهزة، خلينا نخرج من الأوضة دي حاسة إني هتخنق من الحبسه فيها.
إبتسم بمغزى قائلًا:
غريبة مع أن ريحة هوا البحر فى الأوضة.
نظرت له بسخط بينما هو إبتسم ببرود وهو يرفع يده بإشارة واضحة أن تضع يدها بيده،لكن هي لم تفعل ذلك وذهبت نحو باب الغرفة وفتحته،تبسم وذهب خلفها…جلسا قليلًا بمطعم الفندق،بعد وقت تحدثت:
انا أتنفخت من الأكل محتاجة أمشي عشرة كيلو عشان أهضم اللى أكلته.
ضحك ومال عليها قائلًا :
فى طريقة تانية تهضمي بها بدل المشي وأسرع فاعلية…بل ممكن تجوعي تاني كمان.
نظرت لعينيه لم تفهم،وتسألت بأستفسار:
وإيه هي الطريقة دي بقى.
غمز بعينيه بإيحاء وهو يضع يده فوق فمها قائلًا:
نرجع الأوضة تاني وهتعرفي بالتطبيق العملي.
فهمت إيحاؤه،فتضايقت قائلة:
من فضلك إحنا فى المطعم قدام الناس بلاش وقاحة
وكمان أنا أفضل المشي عالبحر عالأقل هشم هوا نضيف.
إبتسم وهو ينهض يمد يده، نظرت نحو وجهه وإبتسامته البسيطة،ثم نحو يده، لم تعترض وضعت يده بيده ونهضت تسير معه الى أن إقتربا من الشاطئ, يسيران بمحاذته وهما يسيران حتى سألته دُرة وهي تتنفس بعُمق نسمة ذاك الهواء الرطبة:
أول مره تجي هنا.
أومأ برأسه قائلًا:
أيوه، أنا أساسًا فى حياتي مفتكرش روحت مكان فيه بحر مرتين مش أكتر.
نظرت له قائلة بحنين:
أنا كل سنه لازم بابا ياخدنا المصيف لشاطئ مختلف، حتى مره حسام مكنش بيعرف يعوم وبابا أنقذه يومها، معرفش سبب إنه يدخل لجوه البحر وهو مبيعرفش يعوم… إيه اللى كان فى راسه.
تجمدت قبضة يده على يدها، كذالك شعر بـوخز في صدره كلماتها حفرت ذكريات لم يرغب في استحضارها…ربما حديثها عن حسام عفوي لكن لديه حزازية قوية إتجاهه، حاول أن يبتسم وهو ينظر لها، ثم تحدث بنبرة حادة:
كان هدفه أكيد يلفت نظرك.
-ليه
ذلك كان سؤالها الذي جعله يشعر بالغضب وهو ينظر لها قائلًا:
خلينا نرجع الاوتيل كفاية مشي أكيد اللى أكلتيه إتهضم وزيادة.
شعرت بقبضة يده القوية على يدها،كذالك تغيُر ملامحه،هي حقًا حديثها كان عفويًا…قبضت على يده بيدها الاخرى وتحدثت برجاء:
لاء أنا بتخنق من الأوضة خلينا نمشي كمان شوية أو نقعد هنا عالشاطئ في هناك كراسي قريبة عالشط.
كاد يعترض لكن نظرة عيناها المُترجية جعلته يزفر نفسه بإستسلام قائلًا:
تمام خلينا نروح نقعد هناك.
رغم رغبتها بمواصلة السير لكن استسلمت لرغبته بالجلوس، ليست تلك المرة الأولى التي تشعر بتبدُل ملامح طوفان حين تذكر إسم حسام
أثناء سيرهما ساد الصمت يدور بعقلهم أفكار مُتشابكة، حتي جلسا على ذلك المقعد، سحبت يدها من يده تنظر أمامها وهو كذالك، بعفوية منها تحدثت بحنين:
بابا فى مرة قالي طوفان هيبقي رجُل أعمال ناجح.
نظر لها مُبتسمً فأكملت بتفسير:
قالى طوفان عنده مِيزة بيسمع أكتر ما بيتكلم، يمكن إكتسب المِيزة دي من شُغله فى النيابة، إتعود يسمع قبل ما يتكلم.
أومأ لها بتوافق قائلًا:
ممكن وكمان يمكن طبيعة شخصيتي كده.
نظرت له قائلة:
فعلًا… ممكن تكون طبيعة شخصيتك، لاحظت كده كتير، كمان عندي سؤال..
نظر لها ان تسترسل حديثها فأسترسلت سائلة:
لما سيبت شغلك فى النيابة ليه مزعلتش.
ربما تفاجئ بسؤالها، كيف توقعت أنه لم يحزن لذلك، لكن هو القدر الذي دائمًا كان يهرب منه، لكن لا مفر منه… نظر لها قائلًا:
مين اللى قالك إني مزعلتش، بس إتقبلت الوضع، يمكن لأن ده كان قدري من البداية اللى حاولت أتمرد عليه، زيك كده كنتِ قدري.
ضيقت بين حاجبيها بغضب قائلة:
قصدك إيه… إنت غلطان أساسًا إنت ساومتني من البداية عالأرض وتعتبر إتحايلت عالشرع والقانون وإتجوزتني بالتزوير.
ضحك طوفان قائلًا:
مكنش قدامي طريق تاني معاكِ غير كده، بس بعد كده جوازنا تم بقبولك، وكل حاجة حصلت بينا كانت برضاكِ.
كعادتها حين توضع بموقف ضاغط تتهرب، نهضت واقفه بغيظ قائلة:.
خلينا نرجع للاوتيل بدأت أحس بشوية ساقعة.
لم يُخفي ضحكته التي أغاظتها فنهض واقفً يقترب منها بمكر قائلًا:
ده الأفضل وأكيد فى الأوضة هتلاقي الدفا فى حضني.
بغيظ منها وكزته بكتفه قائلة بغضب:
سخيف، كمان انا زهقت من هنا، عاوزه أرجع المنيا، كفاية كده وجودنا هنا مالوش أي لازمة.
ضحكه يُغيظها، كذالك إجابته:
بس أنا شايف وجودنا هنا له ألف لازمة كفاية إننا لوحدنا بعيد.
سخرت من جوابه بسخط قائلة بإحتقان:
يعني لوحدنا فى الجنة.
أومأ لها وهو يقترب يضم خصرها قائلًا:
بالنسبة لى أي مكان إنتِ قريبه مني فيه يبقي الجنة يا دُرتي.
نظرت له لوهلة تشعر بذبذبات بعقلها… سُرعان ما نفضتها وإبتعدت عن يده قائلة بتهرُب:
خلينا نرجع للأوتيل.
أومأ لها مُبتسم يشير لها بيده للسير.. رغم عودتهما كانت صامتة، لكن داخلهما ضجيج لا يُحتمل.
هو يُراقبها بطرف عينيه، يحاول فك شيفرة تقلباتها، وهي تُحاول لجم مشاعرها التي توشك أن تنفلت.
كل خطوة تعيدها لواقع لا تريده، وكل لحظة صمت تجعلها تود أن تبتعد أكثر.
❈-❈-❈
بمنزل طوفان
انه الليل… مارد الذكريات التي تتسلل الى العقل بلا إستئذان
نظرت وجدان لصورة خاصة بـ جود وجوارها طوفان وضعتها بين يديها، لوهلة تبسمت على بسمة وفرحة جود بتلك الصورة، جود رفيقتها الصغيرة
كان من حُسن حظها أنها ولدت فتاة، فلم تنال من قسوة نوح مثلما نال طوفان…
ذكرى قديمة
همس لسانها بوجع
“نوح”
وذكري ليلة عودتها له بعدما قبلت بعودة زواجهما مره أخري، خوفٕ على طوفان الذي هددها بأخذه منها عنوة، قبلت بالرجوع ربما كان بداخلها بقايا مشاعر له، كذالك أمل أن تكون سنوات الفراق أثرت عليه وتبدلت خِصاله القاسية وغِيرته والشك اللذان كانا مثل حبلين غلظين يخنقها بهما دون سبب
ليلة عودتها له، فكرت بتناول أحد موانع الحمل حتى لا تُنجب طفلًا آخر يتحمل قسوة نوح، وتُقيد أكثر بهذا الرباط الذي لم تعد تثق بمتانته ولا بعدالته…
لكنها تراجعت، ليس بدافع الحب، بل بدافع الحِيرة… كذالك الشك فى عقل نوح
قد يظن بها السوء وأنها بلا أخلاق وكانت تستعمل تلك الموانع بفترة إنفصالهما لأغراض دنيئة برأسه، عقل نوح كان غبيًا فى الحُب، يظنه مجرد تملُك جسد لا قلب وروح
كان خاوي القلب، سنوات دفعتها من عُمرها معه، رغم زهوتها حين ظنت أنها فازت بقلبه حين تزوجت منه… لكن منذ ليلة زفافهما وإنصدمت بشخص آخر غير ذلك الرجل الذي أحبته في السر وتمنته في العلن…
رجلٌ لم يُشبه الحُلم الذي نسجته حوله، بل كان كابوسًا طويلًا تسلل من بين ضلوعها وسكنها سنينًا…
منذ ليلة الزفاف، حين خلع القناع وظهر وجه نوح الحقيقي، فهمت وجدان أن ما بدأته بدافع الحب، قد تُكمله بدافع الخوف… أو التعود…
كان صوته عاليًا، حديثه أمر، ونظرته شك، وعاطفته تُشبه السلاسل… يقيدها باسمه، ويُحاسبها على أنفاسها، حتى باتت تخشى ظلها أن يثير غيرته…. ومع كل هذا، عادت إليه…
لأجل طوفان.
لأجل أمومتها التي لم تعرف كيف تفصلها عن كونها امرأة…
هل يُمكن لأم أن تُنقذ ابنها وتُهلك نفسها…
سؤال لم تسأله لنفسها ليلتها، بل بلعت الغصة، وارتدت ثوب العودة، وطرقت بابه لا كحبيبة، بل كمُستسلمة للقدر…
تنهّدت وجدان ومررت أصابعها على وجه جود في الصورة…
كم تمنّت لو كانت حياتها بسيطة كضحكة جود وطوفان…
لكن حياتها كانت كلوحة مشقوقة، يحاول الضوء التسلل من شقوقها فلا يضيء إلا وجعًا…
مسدت على صورة جود وداخل قلبها خوفُ لا تعرف سببه، خوف على تلك الرقيقة التى تُشبهها كانت مثلها رقيقة تهوى القراءة وقصص الشُجعان اللذين يخطفون قلوب الاميرات
جود أميرتها ليتها عارضتها او ما كانت أخبرتها ورفضت حاتم، لكن جود خيبت توقعها وهي إستسلمت بغفوة منها، لكن تتمني أن يُخطئ حدسها ويكون حظ جود أفضل منها.
❈-❈-❈
بعد مرور أيام
بمنزل زيدان
صباحً
طرق على باب غرفة سُجي
فتحت له مُبتسمة قائلة:
أنا جاهزة يا بابا.
إبتسم لها قائلًا:
تمام يلا بينا يا دكتورة.
ضحكت ببراءة قائلة:
لسة ست سنين على أبقي دكتورة.
إبتسم لها قائلًا:
هتبقي أرق دكتورة، يلا بينا عشان نلحق نوصل مكتب التنسيق بدري.
بالحقيقة لم يكُن ذلك هدفه بل هدفه عدم رؤية كوثر وتنغيصها بالحديث الماسخ
لـ سُجي، بالفعل غادر الإثنين يسيران معًا حتى توقف كي تمُر تلك السيارة والتي للغرابة توقف وترجل منها باسل يقترب من زيدان وقام بمد يده له يصافحة قائلًا:
أزيك حضرتك يا بشمهندس.
إبتسم زيدان وصافحة بمودة قائلًا:
أزيك يا باسل أخبارك إيه بقالي فترة متكلمتش معاك حتى فى فرح طوفان يا دوب سلمنا على بعض، الله يرحمه والدك كان صديقي زي الأخ رغم أنه كان رئيسي فى الشغل فى الوحدة الزراعية.
أبتسم له بحبور قائلًا:
مكانة حضرتك غالية لما بحتار فى معلومة بتصل على حضرتك.
ربت على كتفه قائلًا:
إنت فى مكان إبني يا باسل وأي وقت تحتاج لمعلومة او خدمة من الوحدة الزراعية أنا موجود.
إبتسم باسل، ثم سأله إنت رايح الوحدة الزراعية على طريقي إتفضل معايا أوصلك.
أبتسم زيدان قائلًا:
لاء بلاش تعطل نفسك أنا رايح مع سجي المركز عشان مكتب التنسيق.
رمق باسل تلك التى تقف بمواربة جوار زيدان سُرعان ما أخفض بصره وعاد ينظر الى زيدان قائلًا:
انا كمان رايح المركز هشتري شوية أغراض للأرض، تعالى معايا كمان في كذا معلومة عاوز أعرفها من حضرتك فرصة نتكلم فى الطريق.
نظر زيدان لـ سُجي ثم تبسم وأومأ برأسه قائلًا:
تمام، طالما مش هنعطلك… يلا يا سُجي أركبي ورا
ابتسم باسل وفتح الباب الخلفي، تلاقت عيناه مع عيني سُجي ليست المرة الأولى، لكن المرة السابقة كانا فى الظلام هذه المرة كانت وضوء الشمس ساطع كأن الضوء أعطي لعينيها الزيتونية القاتمة بريقًا كالندى فوق العُشب الأخضر.
❈-❈-❈
بشقة إبتهاج
وضعتِ الصينية المليئة بالطعام فوق المنضدة، ثم انسحبت إلى الفراش… بدأت تداعب عزمي بدلال مصطنع، همسات وقُبلات وكلمات غرامية زائفة، لا تنبع من قلبها بل من نواياها… لم تكن سوى مداعبات لعقله، ومشاغلة لجسده بلمسات جريئة…
ولدهشتها، استجاب لها سريعًا، نهض فجأة وجذبها بقوة إلى الفراش، جسده يُشرف عليها، وقلبها يرتجف بين ضلوعها…
عيناه كانتا تلمعان بشيء غامض، خليط من الشغف والتملك والرغبة الدنيئة، جعل أنفاسها تتقطع… رغم محاولتها الثبات…
اقترب منها حتى شعرت بحرارة أنفاسه على وجهها، كفه يُحيط بمعصمها، يقطع أنفاسها بسبب تلك القُبلة الجافة.. ثم ترك شفاها صوته أجش وهو يهمس:
فاكرة إنك بتلعبي بيا.
ابتسمت بدلال رغم اضطرابها، وردت بخفة:
أنا بلعب بيك.. إنت عارف حقيقة مشاعري.
شدها نحوه أكثر، عيناه لا تتركان وجهها، كأنه يحاول قراءة كذبها أو صدقها بين تقاطيعها المرتبكة.
البسي لعبتك صح، عشان لو وقعتِ… مش هرحمك.
رعشة خفيفة سرت في جسدها، لكنها أخفتها بابتسامة جانبية، ثم ردت بسؤال:
جصدك إيه بـ “البس لعبتي صح”؟.
أجابها بضحكة قصيرة وحادة، وهو يُرخى قبضته، كأنما يمنحها لحظة تنفس، أو فرصة أخيرة:
أوعي تفكري إني مش فاهمك، إنتِ مفكرة إن ليكِ تأثير عليا لا فوقي يا حلوة، إنت مش قد” عزمي مهران”
نظرت له بدموع مُصطنعة ..تُراقبه من طرف عينها… ظنت لوهلة أنه سيفقد اهتمامه، لكنه فجأة التفت إليها، بعينين تضجان بالريبة:
. قوليلي… إنتِ عايزة إيه بالضبط.
ارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة، أقرب للمراوغة منها للغزل. رفعت جسدها قليلًا واتكأت على كوعها، شعرها منسدل على كتفها، ثم قالت بنعومة مصطنعة:
أنا؟ عايزة رضاك… بس.
قهقه، لكن ضحكته كانت خالية من المرح، وقال بسخرية:
رضايا.. إنتِ بتخططي لأيه بالظبط.
عاد يقترب منها مرة أخرى، هذه المرة ببطء مدروس، كأن كل خطوة منه تزن نيتها:
خلي بالك، اللعب معايا مش زي اللعب مع أي حد. أنا لو شكيت فيكِ… هكسر الدنيا كلها فوق دماغك.
نظرت إليه بثبات، وأخفت ارتباك قلبها خلف كلمات باردة:
وإنت تفتكرني بلعب من وراك إنت…
مال عليها فجأة، يده امتدت لوجهها بحنان زائف، إصبعه يمر على خدها كأنما يرسم عليه خريطة الغدر.
أوعي تفكري فى لحظة سهل أقطم جناحك بإيدي.
صمتت للحظات في داخلها كانت تقيس خطواتها القادمة قبل أن تسيل دموعها الزائفة قائلة بإدعاء:
كُل ده عشان جولت لك إنى رايدة يكون ليا عيال منك،وده ليه مش عشان بحبك.
تعرف جيدًا أن اللعب مع عزمي… كالسير فوق الزجاج المكسور، خطوة واحدة خاطئة… والدماء ستغمرها… لكن تحاول ربما تصل الى هدفها ويعلن زواجهما وتكون ضربة قاضية تفوز بها وتُصبح ذات شأن، ليست إبنة أحد أصغر مروجي أسلحة الموت الذي قُتل وهو يُقضي عقوبة بالسجن.
❈-❈-❈
بمنتصف الظهيرة
فتاة بالكاد أتمت الثامنة عشر، تسير على ذلك الطريق الترابي تحمل فوق رأسها وعاءً من الخوص به طعام، رغم حرارة الطقس توقفت حين رأت إحد شجرات الجميز بها بعض الجميزات الناضجة، وضعت الوعاء ارضًا نظرت حولها كان الطريق خاويًا شمرت ساقيها وصعدت فوق تلك الشجرة قطفت بعض من الجميز وضعته بحجر جلبابها ثم وضعت الطرف بفمها ونزلت من فوق الشجرة توجهت نحو ذلك الوعاء وأفضت ما بحجر جلبابها بالوعاء وكادت تحمله مرة أخرى لكن وقفت مُتصنمة حين سمعت من خلفها من يتحدث بغلظة قائلًا:
لساكِ حرامية يا بِت “مرعي بدران”.
بهلع اغمضت عيناها للحظات قبل أن تستدير بوجهها وتنظر الى ذلك الذي تلمع عيناه نحوها بنظرات بغيضة كأنه بنظراته تلك يخترق ثيابها يُعريها…بصعوبة إبتلعت ريقها الذي أصبح كالحطب الجاف قائلة برعب وخفوت:
وليد.
إقترب منها بقسوة قبض على عضدها بقوة قائلًا بتعالي:
وليد بيه…أوعي تفكري إنكِ ترفعي المقامات يا”زينة”.
❈-❈❈-❈-❈
بالفندق
جلس طوفان على طرف الفراش ينظر لوجهها الهادئ
وهي نائمة،ملامحها رقيقة وجميلة كذالك هادئة عكس طبيعتها العصبية المُتسرعة…إنحني يضع قُبلة على وجنتها،ثم همس بهدوء:
دُرة إصحي.
تنهدت بصوت ناعس ترف جفنيها… وهي غافية، إبتسم قائلًا:
دُرة حبيبتي إصحي عندنا سفر.
مازال النُعاس يُسيطر عليها إبتسم وتعامل بخُبت وإنحني برأسه نحو عُنقها يُقبلها قُبلات دافئة، حتى بدأت أنفاسه تضطرب على عُنقها
بدأت تفتح عينيها بنُعاس تهمس حين شعرت بـحرارة أنفاسه على عُنقها…. كذالك تلك القُبلة القوية الذي تعمد قوتها كي تترك أثرًا على عُنقها، شبه إستفاقت رفعت يدها وضعتها على كتفه كي ينزاح، رفع رأسه ونظر لها مُبتسمً قائلًا:
صباح الخير… إصحي بقينا بعد الضُهر وقربنا عالعصر يلا كفاية نوم عندنا سفر.
نظرت له بشبه وعي وتحدثت بصوت شبه مبحوح من أثر النوم تستفسر:
هنرجع المنيا.
أومأ برأسه نافيًا:
لاء هنسافر القاهرة.
إستوعبت رده وإستغربت سائلة:
هنسافر القاهرة ليه.
أجابها مُبتسمً:
عندي شُغل مهم هناك.
حاولت الاعتراض بداخل راسها تود الهرب من وجودها معه الذي يؤثر على إتزانها قائله:
طالما عندك شُغل سافر إنت القاهرة وأرجع أنا المنيا.
فهم هدفها، لكن فرض قراره قائلًا:
خلاص حجزت والطيارة بعد ساعة ونص.
شعرت بغيظ لكن أخفته قائلة:
تعرف أنا دلوقتي عرفت إزاي قدرت تتأقلم وبقيت رجُل أعمال رغم إنك درست المحاماة.
تبسم سائلًا رغم فهمه قصدها لكن يود مشاغبتها:
مش فاهم، قصدك إيه؟.
اجابته بتصريح مباشر:
إنت شخص بتحب السُلطة وبتحب تفرض قرارك على اللى قدامك، مش بس عيلة كاملة كلمتك ماشيه على رقابتهم.
إبتسم سائلًا:
وده عيب ولا ميزة.
أجابته:
الاتنين يا طوفان
عيب…. لما تستخدمه تتحكم في الناس ومصايرهم وتكسر إرادتهم،
ومِيزة… لما تعرف توظّفه عشان تحمي اللي بتحبهم وتاخد قرارات حاسمة وقت اللزوم.
إبتسم هو هكذا حقًا، لكن معها كل ذلك سهل مخالفة ذلك… الوحيدة التى يستطيع أن يُخالف معها قناعاته الصلبة،
أن يتنازل عن عناده المُطبِق، أن يلين صوته رغم صرامته…مخالفته الوحيدة التي يتحمّل منها العِند، ويصبر على تقلبات مزاجها،
هي وحدها من لا يرى في عصبيتها إهانة،
بل يراها خيطًا رفيعًا من الكبرياء يُشبِهه…
ويُحبه، رغم مخالفتها صدامها المستمر معه.
غصبُ نهضت من فوق الفراش بعد دقائق كان الإثنين بالمطار ينتظران موعد إنطلاق طائرتهم
لكن أثناء جلوسهم بقاعة الإنتظار كان طوفان يُشاغب دُرة بالحديث المرح بينهما حتى قطع ذلك تلك التى وقفت أمام طوفان تمد يدها له بالمصافحة، قائلة بصوت هادئ ونبرة مفاجاة:
طوفان متوقعتش نتقابل هنا.
رفع نظره نحوها بإندهاش ثم سُرعان ما نظر نحو دُرة التي تنظر نحوها بنظرات حادة.
❈-❈-❈
بمنزل والد حاتم
أثناء عملها بتنظيف المنزل
دق هاتف جود… لوهلة خفق قلبها ربما ذلك إتصال من حاتم تذكرها أخيرًا، ذهبت نحو تلك الطاولة وجذبت الهاتف… لكن سُرعان خاب توقعها حين رأت إسم والدتها على الهاتف، أجلت صوتها وبدأت تتحدث معها لا تخبرها بشئ فقط طمأنتها أنها بخير، أغلقت الهاتف وضعته مكانه كي تستكمل تنظيف المكان كما طلبت منها بدرية،
لم تنتبه أنها كانت تتسمع على حديثها مع والدتها، تضايقت من ردودها على والدتها أنه تعيش بـ راحة وهدوء… بالتأكيد عكس ما تشعر هي على دراية أن حاتم منذ سافر لما يسأل عنها رغم إتصاله عليها أكثر من مرة، بداخلها تشعر بإنشراح، هي تُعطي له أخبارها أنها تفتعل بعض المناوشات وهي تتحملها، لكن ذلك يُؤثر على تكوين فٌكرة عنها مخالفة تمامً الحقيقة.
إنتهت من تنظيف المنزل جلست على إحد مقاعد الرُدهة تستريح قليلًا، لكن بذلك الوقت صدح رنين جرس المنزل، نهضت بتعب وذهبت نحو باب المنزل قامت بفتحه سُرعان ما شهقت بخضة حين رأت حاتم أمامها يتكئ على عصا طبية، كذالك وجود لاصق طبي على جبهته.
سمعت بدرية شهقتها شعرت بضيق شديد يتصاعد في صدرها كأنه مرجل يغلي.
خطت ببطء نحو الباب، ووقفت خلف جود وكادت تتحدث بغضب لكن صمتت للحظات حين رأت حاتم، شهقت هي الأخري وذهبت جذبت جود بقسوة من أمامها وجذبت حاتم بقلق شديد قائلة بسؤال:
إيه اللى جرالك إنت مش مكلمني إمبارح العصر لية مقولتليش إنك مُصاب.
ظل صامتًا للحظات، عيناه تتنقلان بين جود وبدرية، ثم قال بصوت مبحوح :
محبتش اقلقك، أنا بخير دي إصابة بسيطة.
نظرت بدرية نحو جود بغضب وغيظ قائلة :
دي أول مرة تنصاب فى مهمة، أكيد حصل ده بسبب النحس اللى دخلت حياتنا.
فهمت جود قصد بدرية وقفت متجمدة، كلمات تؤلمها، كذالك وجود حاتم مُصاب يُربك عقلها، قلبها ينبض بعنف، وعقلها عاجز عن اتخاذ موقف واضح.

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا