رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس عشر 16 بقلم مريم محمد
رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس عشر 16 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس عشر 16 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس عشر 16 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس عشر 16
رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس عشر 16
_ ناعمة "2"_ :
حطّت الطائرة الخاصّة فوق قمّة المنزل الأشبه بالحصن في تصميمه الفريد، بناء مربّع الشكل، حوله أرضٍ زراعية محاطة بأسوارٍ خرسانية عالية مجللة بالأسلاك الشائكة ..
الحراسة موّزعة بكل مكان بنظامٍ دقيق، حتى عند مدخل السطح، ما إن سكن هدير محرّكات الطائرة "الهيلكوبتر" وإنفتح بابها المعلّق حتى هبّ فردٌ من الحراسة نحو القائد ..
يتصدّر "زين نصر الدين" المشهد، برز أولًا عبر باب الطائرة الصغير الذي لم يلائم قامته الطويلة وبنيته الضخمة، كان يحمل في يده حقيبة "ريهام" الكبيرة، ناولها للفتى الذي هرول إليه مطلقًا آوامره بصوته الأجش:
-نزل الشنطة جناح الأنسة ريهام وجهزوا مكان تحت في الجنينة عشان الكلبة بتاعتها.
أومأ الفتى صائحًا:
-أمرك يافندم.
واستدار موليًا لينفذ التعليمات حرفيًا ..
إلتفت "زين" ليرى "ريهام" تقف خلفه مباشرةً، منكمشة على نفسها كقطة تخشى بطش مخلوقٍ مخيف مثله، كانت تتمسك بسلسلة ذهبية موصولة بطوق عنق كلبتها الناعمة، كلبتها التي تشبه في نعومتها صاحبتها، وكأنها نسخة أخرى من روحها ..
لم يكن "زين" في مزاجٍ طيب ليسمح لنفسه بتأملها أو الوقوف عند حالتها الغريبة، ما كان ليهتم بأيّ شيء آخر الآن سوى تسليمها لوالدها، ثم الاستئذان منه والذهاب إلى قصر عائلته ليبدأ من هناك أولى خطواته الجديّة لإستعادة "ليلى".. ابنة عمته ...
-اتفضلي معايا يا أنسة ريهام! .. هتف "زين" بصوته الصلب
ارتعدت "ريهام" لمجرد مناداته بأسمها، لم ترد عليه، ولم تنظر نحوه أصلًا، ما أثار حفيظته ودفعه ليكرر بصوتٍ أكثر حدة:
-أنسة ريهام! مش هانبات هنا. يلا قدامي لو سمحتي والدك في انتظارك.
مرةً أخرى لا تنصت له ..
فما كان منه إلا أن اقترب منها خطوة ناويًا إرغامها على إطاعته، لولا أن رآها تتراجع بسرعة ملتصقة بإطار باب الطائرة وقد فرّت دمعة من عينها الزرقاء وهي تغمغم بنشيجٍ مكتوم:
-عمـر.. أنا عايزة عمرررررر ..
تجمدت يد "زين" قبل أن تصل إليها، ارتبك للحظة حين رآها على وشك أن تجهش في البكاء، لذا مارس على نفسه أقصى درجات ضبط النفس، تنفس بعمقٍ مبالغ فيه، ثم قال بصوتٍ أهدأ:
-من فضلك يا أنسة.. اسمعي كلامي.. اسمعي كلامي خمس دقايق كمان وأوعدك مش هاتشوفيني تاني قصادك. ممكن؟
رفعت رأسها ببطءٍ حتى إلتقت عيناها الدامعتين بعينيه الحادتين، لم تنطق، فأستطرد بلهجة فيها من الرفق لتطمئن له:
-أنا مش هضايقك تاني يا أنسة.. أوعدك. أنا بس عاوز أوصلك لوالدك.. وبعد كده ماليش علاقة بيكي.. اتفضلي لو تحبي امشي قدامي.. ولا تمشي ورايا؟
أفسح لها الطريق متنحيًا على الجانب، فلم تتحرّك، فخطى للأمام بضع خطوات وتوقف، ليراها أخيرًا تتقدّم تجاهه ببطء، تنفس الصعداء وواصل سيره على مهلٍ، بينما تتبعه "ريهام" برفقة كلبتها النشيطة التي طافت حولها تهز بذيلها ..
هبطا درج السطح الحلزوني، ثم أستقلا مصعد أخذهما إلى الطابق الأول، ما إن إنفتح باب المصعد المزدوج حتى صرخت "ريهام" من شدة المفاجأة والحماسة ..
رأت شقيقها "عمر" يجلس قبالة والدهما في البهو الأنيق، أسترخى وجه "عمر" المشدود وأشرق فور رؤيتها، قام واقفًا ببطء بينما تفلت سلسلة كلبتها وتركض صوبه، يتلقّاها "عمر" بين أحضانه معتصرًا إيّاها في عناقٍ محكم لدرجة أن قدميها لم تعودا تلمسان الأرض ..
غمغمت "ريهام" بسعادة وراحة غامرة:
-عمر.. انت جيت!
رد عليها "عمر" بلهجة حنونة لا ينالها سواها:
-وأنا أقدر أسيب ريري بردو؟ سامحيني يا حبيبتي إني سيبتك لوحدك.. بس ماتخافيش.. مش هاتتكرر تاني أبدًا!
وحانت منه نظرة نحو والده الذي لا يزال جالسًا في مكانه، يطالع ولديّه بنظراتٍ هادئة، كالعادة تعبيره غامض، لا يفصح عن شيء ..
أخيرًا برز صوته، مخاطبًا إبنته التي لم تفك عناقها بأخيها لحظة منذ رؤيته:
-إيه يا ريري.. إنتي ماشوفتيش بابي ولا إيه؟
أرخت "ريهام" ذراعيها حول عنق "عمر".. استدارت لتنظر إلى والدها ..
عبست وهي ترمقه بنظراتٍ مبغضة وقالت بنزقٍ طفولي:
-وحش. انت وحش انت مش بابي وأنا مش بحبك.
-ريـهــــــام!
جمدت على إثر صيحة "عمر" المعنفة ..
لم تخشاه بقدر ما إلتزمت الصمت مذعنة لتحذيره المبطن، بينما يأمرها بصرامة:
-عيب إللي قولتيه.. اعتذري لباباكي. يلا!!
زمجرت "ريهام" وهزت رأسها رفضًا، فضحك "عاصم" بخفةٍ وقال مخاطبًا ابنه:
-خلاص يا عمر.. سيبها براحتها.. أنا عارف إزاي اتعامل معاها. ريري دي حبيبة أبوها. مش مشكلة لما تدلع عليا شوية.
-عاصم بيه!
إلتفت "عاصم" نحو نداء "زين".. بينما يتحدث الأخير بلهجةٍ رسمية منضبطة:
-لو تسمح لي سيادتك. أنا جبت لك بنتك زي ما أمرت.. كنت عاوز أستأذن الليلة دي أمشي ومن بكرة هانسق مع حضرتك مواعيد حضوري وإنصرافي على حسب جدول أعمالك.
رد "عاصم" بهدوء:
-مافيش مشكلة يا سيادة الرائد. تقدر تمشي طبعًا.. ومتشكر جدًا تعبتك معايا.
زين بدماثة: لا شكر على واجب يافندم.. بالإذن.
وإنسحب في هدوءٍ وسرعة ..
بينما يهتف "عاصم" مستدعيًا فرد آخر من مستخدمي المنزل.. فجاءت فتاة يافعة ترتدي زيّ الخدمة الداكن وقد بدت عليها الاحترافية ..
امتثلت أمام "عاصم" مرددة باحترامٍ:
-تحت أمرك يا باشا.
أشار لها "عاصم" نحو ابنته قائلًا:
-دي بنتي يا أسما.. من فضلك خديها على الأوضة إللي قلت لك تجهزيها كويس عشانها.
-حاضر يا باشا.. إتفضلي معايا يا أنسة.
رابطت "ريهام" بجوار أخيها ولم تتحرّك، لينهض "عاصم" واقفًا في هذه اللحظة هاتفًا بسطوة أب لا يعرف العصيان:
-ريهام.. روحي مع أسما على أوضتك.. سمعتيني قلت إيه؟ مش هاطلب منك تاني بلساني!
نظرت له "ريهام" بكراهيةٍ شديدة، ذات النظرة تحاكيها عينا "عمر".. لم يكن قلقًا على أخته من والدهما على أيّة حال ..
كما لم تخشى "ريهام" منه، أقصى ما سيفعله "عاصم" هو إرغامها على طاعته، كأن يأخذها من يدها قسرًا إلى غرفتها، في حياته لم يمد يده إليها بسوءٍ، لكنه لطالما كان قاسيًا على كليهما.. "عمر" في صغره وحتى بلغ طور الرجولة.. و"ريهام" ما إن بدأ يشتد عودها ..
تنهد "عمر" بحرارة كاظمًا غيظه، أراد أن يحظى ببعض الوقت ليفصح عمّا بصدره أمام والده، وذلك لن يكون ممكنًا في وجود أخته ..
لذلك إلتفت إليها وقال بحزمٍ هادئ:
-ريهام.. اسمعي الكلام.. روحي دلوقتي. وأنا أوعدك إني مش هامشي. شوية وجاي لك.
تعلّقت عيناها به وهي تقول بحزنٍ جمّ:
-ماتسبنيش معاه.. عشان خاطري يا عمر مش عايزة أقعد معاه.
في الجهة الأخرى، يزدرد "عاصم" مرارة كلماتها في صمتٍ، كعادته لا يبدي ما بدواخله، بينما يؤكد "عمر" على وعده لها:
-ماتخافيش. أوعدك إني مش هاسيبك.. انتي جيتي لاقتيني هنا قبلك. صح؟
أومأت له ..
فابتسم قائلًا: يبقى تصدقي كلامي. وتقولي حاضر.. هتقولي إيه؟
رددت "ريهام" بانصياعٍ:
-هقول حاضر!
ربت على شعرها بحنانٍ، وأفلتته ماشية وراء الفتاة ذات الحركات الآلية ..
دقيقة واحدة وسكنت الأجواء بين الأب والابن مجددًا ..
تواجها ندًا بند، ونطق "عاصم" أولًا:
-أديك شوفت ريهام وأطمنت عليها.. جاهز نتكلم شوية كأب وإبنه؟ ولا لسا مصمم إني عدوك؟
رد "عمر" بلهجة جافة تناقض سعير نظراته:
-عمرك ما هاتكون غير عدوي.. قاتل أمي عمره ما هايكون غير عدوي لآخر يوم في عمري!!!
يتخلّى "عاصم" عن هدوئه في هذه اللحظة صائحًا بغضب بِيّن:
-إللي قتل أمك مرضها. إيّاك تلزق التهمة دي فيا تاني انت سامع؟ مش ذنبي إن ربنا رزقها بعقل ناقص!!
عمر بغضب أشدّ:
-بس ذنبك إنك أهملتها.. ذنبك إنك سافرت وسيبتها وهي لا شايفة ولا متعلّقة بحد غيرك.. مهما قلت مستحيل تقدر تنفي المسؤولية عن نفسك. انت من البداية اخترتها. اتجوزتها على حالها كده. وفي الآخر عملت إيه؟ سيبتها وكنت عارف إنها بتموت كل يوم منغيرك ومنعت كل حاجة.. حتى إحنا ولادها. بطلت تشوفنا.. لحد ما ماتت... بسببك!!!!
لم يستطع "عاصم" الرد على الفور.. ليتابع "عمر" بحقد سنوات طفى كله في لحظة:
-لا أنا ولا ريهام طلبنا وجودك في حياتنا يوم واحد طول السنين إللي فاتت. محدش فينا فكر فيك ولا أحتاجك وانت عارف ده.. بس هي احتاجت لك. إيه إللي منعك تاخدها معاك؟ إيه إللي منعك لما كلمتك وقلت لك إلحقها بتموت ماتجيش وتاخدها؟ انت مستوعب انت عملت فيها إيه؟ وجاي دلوقتي بتفكر تكرر نفس إللي عملته مع أختي؟ مع ريهام إللي للأسف قدرها تعيش زي ما عاشت أمها.. أنا مش هاسمح لك.. هاتلاقيني واقف في وشك.. صدقني.. عشان ريهام أنا مستعد أعمل أي حاجة. حتى لو نسيت إنك أبويا ولو على الورق!!
سأله "عاصم" بهدوء مقطبًا جبينه:
-انت متخيل إني ممكن آذي بنتي يا عمر؟
عمر بحدة: مش هاتكون أحسن من مراتك إللي سيبتها تموت بدم بارد.
صمت "عاصم" هنيهةٍ.. ثم قال بجدية:
-أنا حبيت غادة.. لو ماكنتش حبيتها ماكنتش اتجوزتها وأنا عارف هي بتمر بإيه.
عمر بمرارة: وياريتك ما اتجوزتها.. ماخوفتش صحيح إن ولادك منها يورثوا مرضها؟ ربنا ما أرادش أطلع زيها صحيح. لكن ريهام طلعت.. المنطقي إنك ماتبقاش عليها. وإنك تحمد ربنا إني في حياتها براعيها وباخد بالي منها بدالك.. انت جاي دلوقتي عايز إيه؟ فهمني عايز مننا إيـه ؟؟؟؟
جاوبه "عاصم" ببساطة:
-عاوزكوا.. عاوز ولادي.. انت ابني. وريهام بنتي.. مستحيل تتنكروا من الحقيقة دي مهما عملت يا عمر.. أنا هفضل أبوكوا.
هز "عمر" رأسه وهو يقول زامًا فمه بقسوة:
-انت اتأخرت أوي.. مابقاش ينفع الكلام ده.
لاحت على ثغر "عاصم" طيف ابتسامةٍ حزينة وهو يقول:
-طيب إديني فرصة.. فرصة أخيرة.. على الأقل عشان ريهام... فرصة أخيرة يا عمر!
ساد الصمت بينهما من جديد ..
لم يعد "عمر" يتحدث.. فقط ينظر إلى أبيه.. بينما يمر شريط حياته أمامه.. لم يكن معه تقريبًا ولم يراه في أحلك أوقاته أو حتى أسعدها.. رآى مرض أمه.. إحتضارها.. معاناة أخته.. وحدته.. إنجازاته التي حققها بمفرده مصارعًا منافسيه والحياة وكل شيء ..
لم يكن بجانبه ..
فلماذا يريده الآن؟
لا شيء يجبره على قبوله في حياته.. هو لا يريده ولا يحتاجه ..
ولكن ماذا عن "ريهام"؟.. أهي حقًا بحاجته؟
هل سيكون وجوده معها فارقًا إلى حدٍ ما؟ أم سينتهي بها الأمر كوالدتهما؟
لا.. "ريهام" ليست متعلّقة بوالدها ولا تحبه كثيرًا.. إذا تركها وغادر بأيّ وقت لن يشكل ذلك عائقًا بحياتها ..
إذن.. ما الذي سيخسره.. إذا منحه تلك الفرصة الأخيرة؟
إن لم يكن لأجله.. فلأجل "ريهام"! ................................................................................................................................................................................................................................. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ...
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا