رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم سيلا وليد

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم سيلا وليد

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثاني والخمسون 52 هى رواية من كتابة سيلا وليد رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثاني والخمسون 52 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثاني والخمسون 52 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثاني والخمسون 52

رواية شظايا قلوب محترقة بقلم سيلا وليد

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثاني والخمسون 52

"اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك"
"الوداع خُرافة لا يعرفها من أحبّ بروحه، فالقلوب التي تلامست يومًا لا يُفرّقها الغياب، وإن تباعدت الأجساد... ثمّة خيط سرّي يربط الأرواح العاشقة، لا يُرى، لكنّه يُحسّ، وكلما خفَتَ الصوت، ازداد النداء صمتًا وحنينًا، فالحبّ حين يولد في الأعماق، لا يموت... بل يسكن الذاكرة والنبض، ويظلّ حيًّا في كل نظرة غائبة، وكل نبضة تنتظر اللقاء."
بغرفة ارسلان 
هبَّ واقفًا وهو يضع يديهِ على خصره، يعلو صدرهِ ويهبطُ بتسارعٍ واضح، كأنَّما يحاولُ استيعابَ الصدمة، ثمَّ 
قال بصوتٍ متحشرجٍ من الغضب:
- صدمتيني بجد، فيه حد يعمل كده علشان حامل؟!.
رفعت كفَّها تمسحُ دموعها بغضبٍ خافت، ثمَّ نهضت من مكانها، تتماسكُ بصعوبة:
– دا اللي ربِّنا قدَّرك عليه؟! ابنك لسه مكمِّلشِ سنة، يا أستاذ، الناس هتقول إيه دلوقتي؟ أنا شكلي قدَّامهم إيه؟
جحظت عيناه، واشتعلَ داخلهِ من وقعِ كلماتها..
- غرام! إنتي مستوعبة بتقولي إيه؟! إيه الهبل والعبط ده؟! جايبينه من الحرام؟! ده رزق، نعمة ربِّنا أنعم علينا بيها!
ثمَّ أردفَ بحدَّةٍ وهو يجذبُ منشفةً من على الكرسي متَّجهًا نحو الحمَّام، يهربُ من انفعالاتهِ وانفعالاتها..
وقفت تحاولُ أن تفهِّمه، ولكنَّه تحرَّك سريعًا، فتوقَّفت تنظرُ لغضبِ تحرُّكهِ بدموعٍ لا تنقطع، ثمَّ همست لنفسها وهي تجلسُ على طرفِ الفراش، ترتجفُ شفتيها:
– هوَّ مفهمشِ قصدي...أنا مش زعلانة، أنا خايفة..
زحفت بجسدها إلى الخلف، تسندُ رأسها على حافةِ السرير، ثمَّ طوَّقت أحشاءها بذراعيها وهمست بمرارة:
- إزاي هبقى أم لطفلين في وقت قصير كده؟ الناس هيتريَّقوا عليَّا...كلِّ شوية بتجيب عيال!
سكتت لحظة، ثمَّ أضافت بنبرةٍ مخنوقة:
- أنا مش معترضة إنِّي أخلِّف تاني، بس دلوقتي...دلوقتي صعب، هقولُّهم إيه؟
دقائقَ معدودة ثمَّ خرج من الحمَّام متَّجهًا إلى غرفةِ الملابس، ارتدى ملابسَ النومِ بصمتٍ ثقيل..ونظراتها تراقبهُ في الخفاء، تكادُ تستجديهِ بصمتها أن يتفهَّم..
أغلقَ النور، ثم تمدَّد بجوارها على السرير، يديرُ ظهرهِ نحوها دون أن ينبسَّ بكلمة..
زحفت نحوهِ ببطء، تمسِّد كتفهِ بلطفٍ متردِّد..
– أرسلان، إنتَ فهمتني غلط...
ردَّ ببرودٍ متعب:
- اطفي النور، عايز أنام.
لم تستسلم، بل اقتربت أكثر، وضعت ذقنها على كتفهِ وهمست بنبرةٍ باكية:
– مش الِّلي فهمته...أنا محتاجة وقت، إزاي أكون مسؤولة عن طفلين مرَّة وحدة؟! إنتَ ناسي إنِّي مأجِّلة آخر سنة في الكلية بقالي سنتين؟ كنت زماني متخرَّجة..وكمان شغلي اللي بحبُّه حرمتني منُّه. 
سكتت لحظة ثم تنهَّدت بحرقة:
- وماما...مش هقدر أبصّ في وشَّها وأقولَّها إنِّي حامل، هتقول إيه؟ "ابنك لسه صغير، إزاي معملتيش حسابك؟"
استدارَ نحوها فجأة، اعتدل وجلسَ بمواجهتها، ونظراتهِ قد هدأت قليلًا:
- المفروض كنتي تستنِّيني، لمَّا أرجع ونقعد نتكلِّم في مخاوفك..مش أوَّل 
ماأدخل ألاقي مناحة!
ثمَّ أضاف بصوتٍ أخف:
- وبعدين، إيه يعني مش هتعرفي تقولي لأمِّي؟ إحنا متجوِّزين ياغرام، والحمل بييجي غصب عنِّنا..وايه "معملتيش حسابك" دي؟ دا نصيب، واللهِ لو كنتي عاملة كلِّ الاحتياطات، لو ربِّنا أراد، يبقى خلاص... خلصت.
لم تجد ردًّا سوى أن تدفنَ وجهها بصدره، وانفجرَ بكاءها بين ضلوعه، تبحثُ عن حضنهِ ليواسي وجعها قبل أن تحسمَ قرارها.
حاوط جسدها وجذبها إليهِ حتى جلست فوق ساقيه، رفع ذقنها وأبحرَ فوق ملامحها:
-حبيبتي أنتي صدمتيني، إزاي قدرتي تفكَّري بالطريقة دي، وبعدين ماما معاكي، وكمان النانا، إيه الِّلي هيتعبك، وبالنسبة للشغل أنا مكنتش موافق عليه وخلصنا، أوَّلًا دي كانت مدرسة خاصَّة وكمان من غير شهادة خبرة بما إنِّك لسة متخرجتيش، وياستي لو عايزة تخلَّصي معنديش مانع تقدِّمي السنادي وتخلصي، وأنا معاكي، بس إنِّنا نعترض على قدر ربِّنا دا مبحبوش.. 
هدأ بكاؤها، هزَّت رأسها بالموافقة وقالت :
-متزعلش منِّي أرجوك، أنا بس أضَّيقت علشان مكنتش عاملة حسابي، وكمان بلال لسة صغير، دفنت رأسها في كتفهِ وأكملت:
-مكسوفة أوي، دلوقتي يقولوا إيه.. 
برقت عيناهُ من كلماتها التي أشعلت داخلهِ فدفعها بقوَّةٍ حتى هوت على الفراش، وحاوطها بجسده:
-إنتي هبلة يابت!! إحنا متجوزين، إيه الِّلي بتقوليه دا!..رفعت ذراعيها وعانقت رقبتهِ تجذبهُ إليها: 
-خلاص آسفة، ماتتعصبشِ عليَّا.
ظلَّ لعدَّةِ لحظاتٍ محاولًا الحفاظَ على سيطرته، ثمَّ طافَ بعينيهِ على جسدها، اعتدلَ بعدما أزاح ذراعيها ثمَّ انحنى وأغلقَ الإضاءة:
-اطفي النور عايز أنام. 
-نعم تنام، أومال إيه التجهيزات دي كلَّها، علشان تنام!!. 
- خلاص بعد عملتك دي ضيَّعتي كلِّ حاجة، مبقاش ليَّا نفس.
لكمتهُ بقوَّةٍ في كتفهِ فاستدارَ إليها سريعًا وهو يضحك، ثمَّ غمزَ إليها: 
-إيه مش خايفة يكونوا توأم، دلوقتي مش مكسوفة..
رفرفت أهدابها بخجل، وابتعدت بنظراتها عنه، تنظرُ بأيِّ شيءٍ سوى عينيه، حينما شعرت باشتعالِ خدَّيها حمرةً من خجلِ حديثه، ابتلعت ريقها الجاف بصعوبة..وشقَّت شفتيها لتتحدَّث، ولكنَّها أضعفُ من الردِّ عليه..
لكنَّه قرأ ما يدور في أعماقها، من خلالِ نظراتها، فمدَّ يدهِ برفقٍ وأدار وجهها إليه، ثمَّ قال بابتسامةٍ حاول أن يُخفي بها ارتباكه:
- أنا بهزَّر معاكي على فكرة.
حاولت الرد، لكن صوتها خذلها، صمتًا دام للحظات، ثمَّ همست بحروفٍ متقطعةٍ من بين شفتيها المرتجفتين:
- آسفة...نكِّدت عليك، دا...دا اللي كنت عايزة أوصَّله لك.
مال برأسهِ إليها، يستنشقُ رائحتها بشغفِ العاشقِ الولهان، ثمَّ همس وهو يلامسُ عالمها القريب بشفتيه:
- مبروك ياحبيبتي. منكرش إنِّي زعلت... بس أنا اتعصَّبت عليكي.
رفع رأسهِ واحتضنَ عينيها بنظرةٍ حانية، صادقة، وهمسَ بنبرةٍ مخنوقةٍ بالعشق حدِّ الثمالة:
- أنا سعيد أوي...علشان هيبقى عندي ولاد كتير من حبيبة قلبي.
رفعت كفَّيها ببطء، تلمسُ وجنتيهِ برقَّة، كأنَّها تتحسَّسُ واقعًا لا تزال تخشى أن يكونَ حُلمًا، وقالت:
- أنا بحبَّك أوي ياأرسلان.
هنا، صمتت الألسنة عن أيِّ قول، وتوارى الكلامُ خلف نبضاتِ قلوبٍ تعانقت، لتكتبَ تلك الليلة الشاعرية قصيدةٌ لا تُقرأُ بالحروف، بل تُحسُّ بالعُمق...
بالمشفى عند إيلين.. 
خرج الطبيبُ ينزع قناعهِ الطبِّي ينظرُ إلى آدم بابتسامةٍ وقال:
-مبروك يادكتور، ولد زي القمر، ربِّنا يبارك لك فيه. 
لمعت عيناهُ بالسعادةِ واقتربَ يحتضنُ زميله: 
-شكرا ياأحمد، إيلين عاملة إيه كويسة؟. 
أومأ مبتسمًا ثمَّ أشار إلى الغرفةِ التي تنتقل إليها: 
-شوية هينقولها هنا..يتربَّى في عزَّك.. 
هكذا نطقَ بها الطبيبُ وتحرَّك دون إضافةِ شيء..
بعد فترةٍ كان يجلسُ بجوارها يحتضنُ كفَّيها، فتحت عينيها بتأوُّه..مسَّد على خصلاتها بحنان: 
-مبروك حبيبتي، حمدالله على سلامتك. 
-فين الولد ياآدم..رفع كفَّيها وقبَّله:
-اصبري الولد بيجهِّزوه وهيجي بعد شوية، الدكتور بيشوفه، روتين يعني. 
قطبت جبينها وتساءلت: 
-ليه هوَّ فيه حاجة؟..ربتَ على كفَّيها بدخولِ مريم تحمله:
-أنا جيت ياماما ياوحشة، كدا تقعَّدينا في المستشفى ليلة العيد.. 
ساعدها آدم في الجلوس واستقبل ابنهِ بسعادةٍ نطقتها عيناهُ قبل شفتيه، رفعهُ وقبَّل جبينهِ يدعوا إليه، دلف زين وهو يتمتم: 
"بسم الله ماشاء الله..استدارَ آدم يضعهُ بين ذراعي والده، ضمَّه بحنانٍ وقبَّله، ثمَّ أذَّن في أذنهِ اليمنى ثلاثُ مرَّات، ثمَّ اليسرى وهمسَ باسمهِ 
قائلًا"اللهمَّ اجعلهُ من الصالحين المصلحين، وبارك لنا فيه، وأنبتهُ نباتًا حسنًا، واجعلهُ قرَّةُ عينٍ لوالديه، واحفظهُ بحفظك، وبلِّغه أشدَّه، وارزقهُ برَّ والديهِ وطاعتك."ثمَّ اقتربَ من إيلين وقبَّل جبينها:
-مبروك ياحبيبة خالو.
-الله يبارك فيك ياخالو..وضعهُ بين ذراعيها وقال:
"يتربَّى في عزِّك وعزِّ أبوه يابنتي ويجعله ذريةً صالحة، ويصلح حالكم بيه"
أمَّنت على دعائهِ وهي تحاولُ أن تتعلَّمَ حمله، اقتربت منها مريم وساعدتها على حملهِ مبتسمة:
-كويس إنِّك والدة طبيعي، علشان تعرفي تتحكِّمي فيه وتشليه كويس. 
كانت تدقِّقُ النظرَ إليه مع دموعها التي لم تستطع كبحها، جلس آدم بجوارها:
-ليه الدموع دي..طيب قولي إنَّها دموع الفرحة...رفعت عينيها الدامعة وهمست بشفتينِ مرتجفتين: 
-كنت خايفة ماألمسوش ياآدم زي الِّلي راح، إحساس حلو أوي إن يكون ليك ابن. 
ضمَّها لصدرهِ بحنانٍ مع قبلةٍ حنونةٍ تحملُ فيضًا من المشاعر:
-ربِّنا يباركلنا فيه ياحبيبتي...قاطعهم دخولُ محمود والد إيلين منكَّسَ الرأس، توقَّف على الباب يتطلَّعُ إليها، شعرت مريم بوقوفه، فاقتربت منه:
-أهلًا يابابا، اتفضل واقف بعيد ليه؟. 
خطا بخطواتٍ متردِّدة وعيناهُ على إيلين التي تجمَّدت بجلوسها، حمل آدم طفلهِ ونظر لوالدهِ الذي أومأ له بالثبات، اتَّجه آدم ليضعَ طفلهِ في مهدهِ المخصَّص من قبل المشفى مع اقترابِ محمود من إيلين..لحظاتُ صمتٍ ثقيلةٍ بينهما إلى أن قطعهُ زين:
-حبيبتي أنا الِّلي كلِّمت بابا وعرَّفته إنِّك بتولدي وهوَّ جه على طول يطمِّن عليكي. 
ظلَّت عيناها شاردةً بنقطةٍ وهمية، لا تنظرُ إليه ولا تنطقُ بحرف، أشار زين إلى آدم ومريم: 
-تعالوا نشرب قهوة وسيبوهم مع بعض شوية، قالها زين وهو يربتُ على كتفِ محمود الذي أومأ بصمت.. 
بعد خروجهم جذبَ المقعد وجلس بمقابلتها ينظرُ لطفلها:
-حمد الله على سلامتك يابنتي.
شهقةٌ مع دموعٍ لم تقوَ على إيقافها، هل نطقَ بنتي أم خُيَّلَ لها، ظلَّت تبكي بصمتٍ مع ارتجافِ جسدها، نهضَ من مكانهِ واقتربَ منها وجلسَ بجوارها على الفراش: 
-إيلين حبيبتي اهدي، إنتي لسة والدة والزعل وحش علشانك أنا آسف، واللهِ آسف يابنتي..ربِّنا يجازي الِّلي كان السبب. 
هنا لم تقوَ على الصمت لتهتفَ بنبرةٍ متحشرجة:
-بنتك..يااااه ياعمِّ محمود، دا أنا نسيت إنِّ ليَّا أب، من وقت مافهمت الدنيا وأنا بسأل نفسي ليه..ليه مش زيِّ البنات الِّلي أبهاتها بتخاف عليها، ليه أكون يتيمة وأبويا عايش، كنت أشوفك بتحضن مريم وأقول ياترى الحضنِ دا طعمه إيه، أنا عملت إيه لدا كلُّه، كنت مفكَّرة علشان موت ماما، مكنتش أعرف إنَّك السبب في موتها، شيَّلتني ذنب أربعة وعشرين سنة، وأنا كلِّ يوم أعاتب نفسي ليه بيقولوا عليَّا السبب في موت أمِّك، مع إنَّها ماتت وأنا كبيرة، أربعة وعشرين سنة عايشة في بيت أبويا يتيمة، ودا كوم ومراته الِّلي دوَّقتني المرار كلُّه كوم، بس سؤال لعمِّ محمود، إيه اللي أنا عملته يخلِّي مراته تعمل فيَّا كدا.. 
-حبيبتي اسمعيني واللهِ اتلعب بيَّا، حطِّي نفسك مكاني، الستِّ اللي حبِّيتها سنين أشوفها في سرير مع راجل تاني، وبعد شهر تقولِّي إنَّها حامل..
-بااااس مش عايزة أسمع حاجة، دا كلُّه مايشفعشِ لحضرتك، مايشفعشِ بعد رحلة العذاب، يعني لو ملقتش جواب ماما لعمُّو جمال مكنتش هعرف حاجة، وكانت أمِّي هتفضل في نظر الكلِّ الخاينة، وأنا هفضل في نظر الكل بنت الحرام… 
أنا مش قادرة أسامحك، أسامحك على إيه، على دموعي كلِّ ليلة، ولَّا على يوم فرحي حتى مهنشِ عليك تكون وكيلي، ولَّا عمايل مراتك فيَّا، ولَّا على ظلمها الحقيرة اللي مازالت بتدِّعي إنِّي بنتِ حرام وأمِّي خانتك مع عشيقها؛ اللي هيَّ كانت السبب أصلًا في دا كلُّه..حضرتك معتبرتنيش بنتك أربعة وعشرين سنة، وأنا كمان مش هعتبرك أبويا لحد مايعدي أربعة وعشرين سنة كمان، وقتها هشوف هسامحك ولّّا لأ.
-إيلين..رفعت نظرها تتطلَّعُ إليه بغضب:
-أمِّي ماتت مقهورة بالظلم مش بالمرض، الراجل الغريب صدَّقها وإنتَ كذَّبتها، إيه مشفتش الجواب وهيَّ بتحكي معاناتها معاك لعمُّو جمال، راحت تستقوى براجل غريب، الِّلي هوَّ كان ميت أصلًا، يعني أخ مسافر، وجوز اتجوِّز بيقهرها، وسند ميت وبتشكي له في جوابات..لا وفي الآخر قالوا عليها إنَّها كانت على علاقة بيه، شوفت فجر أكتر من كدا، مراتك الحقيرة، قالتها أمِّك كانت بتحبِّ جمال، حقيبيييرة..قالتها صارخةً وأشارت إلى الباب: 
-اطلع برَّة..إنتَ قولتها زمان أنا مش بنتك، وأنا دلوقتي بقولها إنتَ مش أبويا..برَّة..ولجَ آدم على صرخاتها، وصلَ إليها يضمُّها بعدما ازدادَ بكاؤها تلكمهُ بضعف:
-قولُّه يطلع برَّة ياآدم، الراجل دا مفيش حاجة تربطني بيه، عايز أسامحه ليه، هوَّ كان سامح أمِّي ولَّا رحمها، مش عايزة أشوفه..
-اهدي حبيبتي، خلاص اهدي حاضر هنعمل الِّلي إنتي عايزاه، قالها وهو يتطلَّعُ إليه بحزنٍ يهزُّ رأسه، سحبهُ أحمد أخو آدم: 
-تعالَ ياعمُّو محمود، سبها لمَّا تهدى وبعد كدا يبقى اتكلِّموا..
بجناحِ إسحاق.. 
دلف للداخلِ بعد مغادرةِ صفية، جلس على الأريكةِ وسحبَ سجائرهِ يشعلها مع ابتسامةٍ كلَّما تذكَّر حديثَ أرسلان، خرجت دينا من الحمَّام، تجفِّفُ خصلاتها بالمنشفة، وقعت عيناها على جلوسهِ وابتسامتهِ مع نظراتهِ الشاردة، تحرَّكت إلى جلوسه، ولكزتهُ بهدوء:
-إسحاق..رفع عينيهِ إليها ومازالت الابتسامةُ تظهرُ على محيَّاه:
-نعم..أجابها بنبرةٍ هادئة.
ضيَّقت عينيها تتطلَّعُ إليهِ باستغراب؛  ثمَّ نزعت منشفتها وألقتها بعيدًا متَّجهةً إليه:
-إيه الِّلي حصل، أنا سمعتك بتتكلِّم مع أرسلان وصفية، إيه الِّلي حصل مخلِّيك فرحان أوي كدا؟. 
أطلق ضحكةً رنَّانة حتى أدمعت عيناه، وتراجعَ بجسدهِ مستندًا على الأريكةِ وهو فاردًا ذراعيه، ثمَّ مشَّطَ نظراتهِ على جسدها بوقاحةٍ مع ضحكاته، كلَّما تذكَّر حديثُ ذاك المعتوهِ كما ذكره.. 
ظلَّت تنظرُ إليه بريبة، فاقتربت منه وانحنت بجسدها تضعُ أناملها على جبينه:
-لا مش سخن، اللهمَّ اجعلهُ خير..
رفع عينيهِ إلى أناملها التي تضعها على جبينه، ثمَّ اتَّجه بنظراتهِ إليها، ولكن وقعت عيناهُ على فتحةِ روبها الذي أظهر مفاتن جسدها باستفاضةٍ أمامه، كانت ترتدي روبَ حريري باللون الكريمي، اقتربَ بجسدهِ ينظرُ إلى فتحة روبها وهي منشغلةً بتغيُّرِ حالته، رفع أناملهِ على حزامِ الروب وقال: 
-ودا لازمته إيه دلوقتي، الجوِّ حر ياروحي والليلة عيد، وأنا مفضوح بالكذب، استريني الله يسترك. 
أمسكت كفِّهِ الذي تشبَّثَ بحزامها وتطلَّعت إليه بذهول:
-إسحاق إنتَ شارب ولَّا إيه، مالك الليلة!!.
ارتفعت ضحكاتهِ مرَّةً أخرى ثمَّ جذبها من عنقها، لتسقطَ فوقهِ شاهقة، حاوطَ جسدها بين ذراعيه، ونظر إليها نظرةَ العاشق: 
-دودي حبيبتي إحنا متجوزين بقالنا قدِّ إيه...حاولت التملُّص من بين يديه ولكنَّه كان المسيطر الأقوى.. 
-إسحاق ابعد مالك الليلة، الِّلي يشوفك يقول سكران. 
وضع رأسهِ بخصلاتها النديَّة يستنشقها:
-سكران بحبك ياروحي، آه يامظلوم ومنقوق على حياتك ياإسحاق، يارب تتهدِّ الليلة يابنِ فاروق وأفرح فيك. 
ابتعدت بجسدها عنه، ورفعت رأسها تطالعهُ بتساؤل:
-مالك إيه الِّلي حصل؟. 
تجوَّل بنظراتهِ على جسدها بأكمله، ثمَّ بسط أناملهِ يمرِّرها من عنقها نزولًا نحو فتحةِ الروب، بينما همسَ بصوتٍ خافت:
- مش ردِّيتي عليَّ ليه؟ بقالنا قدِّ إيه متجوزين؟
- تلات سنين..ليه السؤال ده؟ أرسلان قالَّك حاجة مخلِّيك بالحالة دي؟
مسَّد على خصلاتِ شعرها وهو يبتسم، فأمسكت يدهِ برقَّة:
- مش عايز تقولِّي مالك؟ للدرجة دي الِّلي حصل مايتقالش؟
ضحك ضحكةً خافتة، ثمَّ قال:
-نفسي احتفل بليلة العيد يادينا، زي مالواد دا فضحني
ضيقت عيناها 
-مش فاهمة حبيبي تقصد ايه، ايه العلاقة بكام سنة متجوزين بارسلان 
-لا، أصلي افتكرت إنِّي ضيَّعت شبابي في حاجات ماتستاهلش...لو كنت اتجوِّزت بدري، كان ابني دلوقتي بقى كبير اوي
اقتربت منه، حتى جلست على ساقيه، واحتضنت وجهه، وسبحت بنظراتها في ملامحهِ هامسة:
- مش يمكن علشان تكون نصيبي الحلو من الدنيا؟
تساءلَ إسحاق بنبرةٍ غلبَ عليها العشق:
- إنتِ عارفة أنا بحبِّك قدِّ إيه؟ وحاربت نفسي علشان ماأذيكيش.
وضعت رأسها على صدره، تحاوطُ جسدهِ وكأنَّها تستمدُّ منه الحياة:
- أنا عارفة إنَّك قسيت كتير، بس القسوة دي جابتك ليَّ...ودا نصيبي الحلو برضه، علشان أقابلك وأحبَّك أوي كده.
ضمَّها إليه بقوَّة، وخرجت من بين شفتيهِ تنهيدةٌ عاشقة، قالها من أعماقه:
- أنا محبتش في حياتي غير مرِّتين... أوَّل مرَّة حكتلك عنها، والمرَّة التانية هيَّ إنتي يادينا..عارف إنِّي أذيتك، بس واللهِ غصب عنِّي، آسف على كلِّ حاجة عانيتيها بسببي.
نظرت إليه بعينينِ مغرورقتين، ثمَّ وبدون مقدمات، بدأت تقبِّله، وكان هو الأكثرُ شوقًا، الأكثرُ ترحيبًا بتلكَ القُبلة.. تحوَّلت القبلةُ إلى عدَّةِ قبلاتٍ مجنونةٍ من عاشقٍ لم يعرف في حياتهِ غير امرأةٍ واحدة.
دقائق...وربَّما ساعات، وهو في جنَّةِ عشقها..كمحرومٍ أُتيحت له الفرصة أخيرًا ليقتنصها...
بمنزلِ يزن.. 
كان جالسًا أمام جهازهِ ليتفحَّص بعض التصاميمِ التي أُرسلت إليه بقاعةِ الفندقِ لحفلِ زفافِ أخته، ظلَّ لدقائقَ يقلِّبُ بها وينظر إليها بتفحُّص، ليقولَ رأيهِ النهائي لكريم..
استمعَ إلى ضحكاتِ إيمان مع معاذ بالخارج، نهض من مكانهِ واتَّجهَ إليهما.. 
توقَّف لدى الباب وهو يراقبهما بابتسامةٍ حنون، كان معاذ يحاولُ أن يختطفَ منها حلوياتهِ المفضَّلة التي جلبها إليهِ يزن، وهي تلاطفهُ بحنانٍ كي تخرجهُ من حزنهِ بعد رفضِ يزن خروجه..قاطعهم طرقاتٌ على بابِ المنزل، اتَّجهت إيمان لفتحِ الباب ولكنَّه أوقفها:
-استني حبيبتي أنا هشوف مين..فتح الباب وجدَ طارق واقفًا لدى الباب.. 
-طارق!..أفسحَ له الطريق لدخوله،  
ولج للداخلِ بعد إلقائهِ تحيَّةَ المساء، هرولَ إليه معاذ: 
-طاروووق هوَّ الِّلي هيقدر عليكي 
ياإيمان..أشار إلى إيمان: 
-البتِّ إيمان أخدت التشكوليت الِّلي يزن جبهالي، يالَّه خُدها أنا عارف يزن بحبَّها ومش هيرضى ياخدها منها. 
أشار إليها يزن بعينيه، فاتَّجهت تضعها على المنضدة: 
-خد حلوياتك ياطفس أهي، ثمَّ اتَّجهت إلى طارق: 
-أهلًا طارق، تشرب إيه، هعمل قهوة ليزن أعملَّك معاه؟.
-لو مش هتعبك ياإيمي..تحرَّكت متَّجهةً نحو المطبخ متمتمة: 
-لا، تعب إيه، عيوني حاضر..جلس يزن بمقابلتهِ بعدما شعرَ بعبوسِ وجهه: 
-معاذ قول لإيمان تجيب كحك لطارق. 
-حاضر..قالها معاذ ودلفَ للداخل.. 
-مالك..تساءل بها يزن.. 
تراجعَ برأسهِ وأغمض عينيهِ بحزنٍ مردفًا:
-روحت زورت رانيا النهاردة، حالتها وحشة أوي، رغم الِّلي عملته بس صعبت عليَّا..
تهكَّم يزن قائلًا:
-صعبت عليك، ومش صعبت عليك نفسك والِّلي عملته فيك..
-هتفهمني ولَّا تتريق.. 
أشعلَ يزن سيجارتهِ ينفثها ببطءٍ وحاوطهُ بنظراتٍ صامتةٍ ولكنها توحي بالغضبِ الداخلي:
-أنا عارف إنِّ رانيا شخصية مش كويسة، بس صعب إنَّك تشوف انسان كان مفكّّر الكون كلُّه تحت رجله، وفجأة يحصلُّه كدا ..أنا مش صعبان عليَّا كشخصية، أنا صعبان عليَّا حالة الإنسان نفسه، تعرف لولا مرض رؤى ومعرفتي بالِّلي راجح عمله فينا، مكنتش هتغيَّر، أنا عايز أنضَّف نفسي يايزن، بس للأسف لسة الناس بتشاور عليَّا وبتقول الإرهابي أهو، واللهِ أنا مكنتش أعرف، دخلت قضية ظلم، اتربِّيت مع أب كلِّ شغله حرام، وأم مكنتشِ شايفاني غير إنِّي عبدها اللي بيحقَّق كلِّ حاجة بتطلبها، رغم كان فيه هيثم بس عمرها ماحاولت تدخَّله في شغلِ مشبوه. 
ربت يزن على ساقيهِ وأردفَ بنبرةٍ لا تحتملُ جدال:
-انسى كلِّ حاجة وفكَّر في مستقبلك، أنا عن نفسي لولا كام حركة الِّلي عملتهم معانا عمري ماكنت هقرَّب منَّك، بس اعترافك بالذنب كفيل يمسح ماضيك ويخلِّيك انسان سوي وناجح.. 
أمَّا بالنسبة لِّلي بيشاور عليك على إنَّك إرهابي أو ابنِ إرهابي مع الوقت هيتنسي صدَّقني. 
-رحيل كلِّمتني النهاردة..رفع يزن عينيهِ إليه وانتظرَ بقيةَ الحديثِ بلهفة، فتابعَ طارق: 
-بتقول قدَّامها لسة شوية لمَّا تنزل، عايزة تصفِّي ذهنها وكلِّ حاجة. 
حاولَ عدم الاهتمام، فغيَّر مجرى الحديث وقال:
-انتَ قابلت مها تاني؟!
سحب طارق سيجارتهِ ونفثها بغضبٍ بعدما تذكَّرها، ثمَّ اتَّجه بنظرهِ نحو يزن:
-البنت دي أنا مسحتها من حياتي، ولولا قولت مش أأذيها كنت زماني أذتها، أنا عملت اعتبار إنَّها كانت بتساعدك..المهم انا جاي علشان أطلب منَّك طلب، معرفشِ هينفع ولَّا لأ..بس رانيا عايزة تقابل ميرال، وأتمنَّى تكلِّم إلياس ويكون متفاهم، أنا وهوَّ مش متفقين، لسة بيعاملني كمجرم.. 
-ورانيا عايزة إيه تاني، مش هيَّ شهدت في المحكمة إنَّها مش بنتها، هتروح تزورها على أساس إيه؟.. 
-حقَّها يايزن، بتقول عايزة تشوفها لآخر مرَّة علشان تطلب منها السماح، وأهي عملت كلِّ الِّلي طلبناه، شهدت ضد راجح، وأنكرت معرفتها بميرال، حتى رفضت تحليل DNA، 
مطَّ يزن شفتيهِ بسخرية، ثمَّ اقتربَ مستندًا على الطاولةِ بوصولِ ايمان بالقهوة: 
-آسفة اتأخرت عليكم. 
تناولَ يزن ماجلبتهُ، ثمَّ أشار إليها بالدخول: 
-شكرا حبيبتي تسلم إيدك..وضع القهوةَ أمام طارق وقرَّب إليه المعجنات، ثمَّ رفع قهوتهِ وبدأ يرتشفُ بعضها، ليضع فنجانهِ مرةً أخرى ويتطلَّعُ إليه يتابعُ حديثه:
-رانيا ماقلتش كدا غير لمَّا إسحاق الجارحي خنقها بالأدلة الِّلي تحت إيده إنَّها مموِّلة للإرهابين، وأوعى تصدَّق الشو الِّلي عملته وهيَّ بتقول لا مش بنتي دي خطفناها علشان نلبِّس فريدة تهمة..دي ست دماغها سم، أكيد بترتِّب لحاجة، وأنا مستحيل أعرَّض أختي لحاجة تتعبها، إحنا ماصدَّقنا إنَّها وقفت على رجليها تاني، ونصيحة منِّي بلاش تطلب من إلياس علشان وقتها لو قتلك مش هلومه. 
-يعني مفيش طريقة تزورها؟.
ضرب يزن على يدهِ مستغفرًا ربِّه:
-دا أقولُّه إيه ياربِّي، بقولَّك يالا مش ناقص صداع ..اشرب قهوتك وإنتَ ساكت. 
بفيلا السيوفي..
اعتدلت فورَ دخوله، تسلَّلت إليه بخطواتٍ أنثويةٍ واثقة، ولفَّت ذراعيها حول عنقه، تقتربُ منه كمن ينتظرُ موعدًا غراميًّا، وهمست بصوتٍ مخمليًّ مثير:
– المفروض تتعاقب على التأخير دا 
يازوجي…قولِّي، تتعاقب إزاي؟ كلِّ مرَّة، حضرة الظابط بيعرف يعاقبني…بس المرَّة دي، الدور عليَّا.
اقتربت أكثر، حتى لامست خاصَّتهِ بثغرها المثير، وتابعت بنفسِ الهمسِ المُغوي:
– اختار عقابك يامسكَّر… 
علشان "المسكَّرة" الِّلي هيَّ أنا، مش ناوية تتنازل عن حقَّها فيك.
كانت عينيهِ تتجوَّلُ على شفتيها المطليَّة، كأنَّهما بوصلتهِ نحو الجنون. أغمضَ جفنيه، يستنشقُ رائحتها بشغفٍ جامح، و قلبهِ يعزفُ سيمفونيةَ عشقٍ لا تهدأ بين ضلوعهما..ليهمسَ بخفوتِ محب:
– أنا قدَّامك، والعقاب اللي يريَّحك، أنا راضي بيه…بس خلِّي بالك، بعد 
ماينتهي العقاب…ما تلوميش غير قلبك.
فهمت قصده، فزادَ دلالها المخصَّص له وحده:
– لا، المرَّة دي…إنتَ اللي هتختار عقابك.
-أممم…يعني فيه Choose؟ طيب 
ياترى…فيه chances ولَّا خلصنا؟
هزَّت رأسها نفيًا، وذراعاها لا تزالُ تحتضنُ عنقه، ابتسمَ بمكر، ثمَّ رفعها من خصرها بخفَّةِ الرجلِ المعتادِ على حملِ أنثاه..وسار بها نحو الأريكة، فيما صدحت موسيقى هادئة من هاتفه.. جلس وأجلسها في حضنه، وأسندَ ذقنهِ على كتفها العاري برقَّةٍ مريبة:
– منتظر عقابي يامسكَّرة..قالها وهو يتجوَّلُ بأناملهِ بحريَّةٍ فوق جسدها..
ارتجفَ قلبها من لمسةِ أناملهِ الخبيرة، وأطبقت عينيها بقوَّة، ليقربها إليه ومازال يفعل ما يجعل نبضها يخترق ضلوعها…نعم لا تعشقُ سواه..
همس إليها بخفوت:
-كنت في ميعاد غرامي، علشان كدا اتأخرت..فتحت عيناها و نارُ غيرتها نارًا تكوي كلَّ من يقتربُ منه، استدارت إليه ونظرت في مقلتيهِ مباشرة: 
"مين البنت الِّلي كنت بتكلِّمها بعد الفطار بالساعة دي يابتاع موعد الغرام"
ضيَّق عيناهُ وحاول فهمَ معنى ماألقتهُ.. 
سحبت هاتفهِ بعنفٍ ثمَّ أشارت إليه: 
-عايزة أعرف دلوقتي مين البنت الِّلي سبتني قاعدة ساعة كاملة مع يزن وحضرتك روحت تكلِّمها..قولِّي بقى علشان أنا قلبي مولَّع نار من وقتها، لا وحضرتك جاي تتعصَّب علشان قاعدة مع إسلام الَّلي هوَّ أخويا؛ وبيقولِّي على حبيبته وأنا شايفة حبيبي ناسي كلِّ حاجة وبيضحك في التليفون ورغم كدا مقدرتش الليلة دي تعدِّي حتى، بس برَّد قلبي وقولِّي مين البنت اللي كنت بتكلِّمها...لم يجد ردًّا سوى احتضانِ شفتيها التي طعنتهُ بألم، ورغم ما شعرَ به إلَّا أنَّ داخلهِ يدقُّ بعنفٍ بسبب غيرتها الجنونية، مرَّت فترةً ليست بالقليلةِ لتقبعَ أخيرًا بأحضانهِ يمسِّدُ على خصلاتها بحنانِ عاشق، ثمَّ انحنى وطبعَ قبلةً فوق وجنتيها: 
-يعني خلِّيتي بوعدك، دي الليلة الِّلي وعدتيني بيها، لم ترد عليهِ ولم ترفع حتى رأسها من حضنه، ممَّا جعلهُ يعتدلُ ويحتضنُ وجهها يزيلُ دموعها:
-دي دكتورة من المنصورة، حد قالِّي عليها إنَّها شاطرة جدًا في العمليات اللي تخصّ رؤى، بعد ماعرفت إنِّ غزل الألفي برَّة القاهرة ومش هترجع قبل شهرين، فكنت بتواصل معاها، وبعت لها الحالة، قالت هتنزل القاهرة وتكشف وبعد كدا نشوف هنعمل إيه، هيَّ كمان بتنقل القاهرة، بس ياستِّي، إنتي شايفة إنِّ فيه واحدة ممكن تاخد مكانك..
ظلَّت تتابعهُ بصمتٍ حتى داعبَ أنفها مبتسمًا وهمسَ بصوتهِ الخافت المثير:
- عارف إنِّي حلو...ليكي حق تغيري.
طالعتهُ بعبوسٍ متصنَّع وهمست:
-مغرور...!!
أطلق ضحكةً خافتةً وقد أخرجها ممَّا كانت فيه، ثمَّ قال بثقة:
- ويلبَق لي الغرور، حضرةِ الصحفية الحلوة.
رفعت حاجبها بتهكُّمٍ وتراجعت بجسدها لتتكئَ على الفراشِ بدلًا من كتفه، لكنَّه سحبها فجأةً بقوَّةٍ لتسقطَ فوقهِ صارخة:
- يا لهوي ياإلياس...رقبتي! ينفع كدا؟
مرَّر أناملهِ برقَّة على عنقها، إلى أن توقَّف عند نقشِ اسمهِ بالحنَّاء..رفع رأسهِ إليها، وتقابلت العيونُ بعشقٍ صامت، لحظاتُ صمتٍ مشحونةً بدقَّاتِ قلوبٍ عنيفة...
انحنى عليها وطبعَ قبلةً دافئةً جعلت جسدها يقشعرُّ من سخونةِ أنفاسه..
ارتجفت شفتيها كما ارتجف جسدها، وحاولت النطق، لكن دقَّاتُ قلبها العنيفة أضعفت قواها بكلِّ شيء، كأنَّه أوَّلُ مرَّةٍ يقتربُ منها بتلك الطريقةِ والهيئة، ابتعدت برأسها بهدوء، وابتسمت مردفةً بصوتٍ خافت:
- عجبتك...؟
- أوي...
همسَ بها بجوارِ أذنها، وتابع همسهِ الذي سحبَ بها كلَّ حيويتها:
-أنا سمحت لك تبعدي عن حضني..
-تؤ ..شقَّت بها شفتيها، ثمَّ قالت:
-أولًا أنا مكنتش في حضنك، إحنا قاعدين بنتكلِّم عادي، وبعدين حتى ولو..إيه تسمحي لي دي، يعني حبس عملي وحبس نظري، انسى شوية إنَّك ظابط، أنا بقيت أتعامل معاك زيِّ العسكري..سمعًا وطاعة. 
ارتفعت ضحكاتهِ بالغرفة، وهو يسحبها، و يحتضنها، ويهزُّ رأسهِ على كلماتها المجنونة: 
-هتكوني قمر، إيه رأيك نجرَّب؟.
زوت مابين حاجبيها متسائلة:
-تجرَّب إيه؟!
-تكوني معايا عسكري، بس خايف على نفسي من الفتنة، تدخلي لي المكتب وهنا بقى إلياس هيبته تضيع. 
لكمتهُ بصدرهِ بقوَّةٍ تنفخُ وجنتيها بضجر:
-مستفز، بقى القمر دا تقول عليه عسكري، ظلَّ يضحكُ على حركاتها وقال:
-إنتي تطولي..رفعت حاجبها بترفُّعٍ وأردفت بنبرةٍ اعتراضية:
-نعم ياأخويا، دا لو أنا اشتغلت معاك مش عسكري بس أيِّ حاجة هوقف لك السجن كلُّه على رجل واحدة..
دفعها مرَّةً أخرى على السرير:
-بتقولي إيه يابت، إنتي مجنونة.. 
جذبتهُ من عنقهِ وغمزت بطرفِ عينها: 
-بقول الليلة عيد ياحبيبي، وكلِّ سنة وإنتَ طيب..دفن رأسهِ بعنقها محاولًا السيطرةَ على نفسه من جنونها، غرزت أناملها بخصلاتهِ وقالت:
-أنا سعيدة أوي ياإلياس، فرحانة وراضية وبحمد ربِّنا على كلِّ حاجة. 
اعتدلَ متَّكئًا على مرفقيهِ يتطلَّعُ إليها بصمت، دنت منه ولفَّت ذراعيها حول جسده: 
-من كام شهر كنت إيه وبقيت إيه، والفضل دا بعد ربِّنا ليك ياحبيب قلبي، أنا بحبَّك أوي، وأتمنَّى حياتنا تفضل كدا على طول، منكرشِ أنا خايفة من بكرة، وخايفة أوي بس كلِّ ماأفتكر إنِّي متجوزة راجل زيَّك،أقول إنتي طمَّاعة يابنتي، دا إنتي معاكي أجمل نعمة في الدنيا، زمان وأنا صغيرة لمَّا كنت بسمع كلامك ليَّا وتعصيبك عليَّا، كنت بقول مستحيل تكون بني آدم وتحسِّ بحد، فكانت ماما تقولِّي، مش كلِّ الِّلي تسمعيه وتشوفيه يكون حقيقة، إلياس اللي بتقولي عليه فرعون دا مفيش أطيب وأحنِّ منُّه، وبكرة المواقف تبيِّن.. 
هزَّت كتفيها لأعلى وأسفل واختنقَ صوتها وتابعت:
-بس انا اعترضت على كلامها، كنت قاسي أوي، لدرجة كنت ساعات بحسِّ إنَّك بتكرهني أوي، أرجع أقف قدَّام المرايا، وأعاتب نفسي مالقتيش غير دا وتحبِّيه، أخرَّج كل سيِّئاتك علشان أقنع قلبي بكرهك، انسابت دموعها ورفعت عينيها إليه:
-بس قلبي كان بيعاندي، لدرجة كرهت نفسي، وحسِّيت إنِّي بلا كرامة، بحبِّ راجل وهوَّ مابيكرهش قدِّي، كنت أسمع إهانتك لماما أتجنِّن ونفسي أموِّتك، بس مجرَّد ماكنت تتعب بشوية برد كنت بموت من الزعل عليك، وكان نفسي أدخل وأطَّمن عليك وأقولَّك ياريت أنا..بس مكنتش بقدر حتى أقول ألفِ سلامة عليك، واتعلِّمت منَّك القسوة والجفا، بمعاملات مع ناس كتيرة، حتى زمايلي في الشغل كانوا يقولوا واحدة قريبة إلياس السيوفي منتظرين منها إيه، لحدِّ ما أوقات كتيرة أحسِّ بكرهي فعلًا، يمكن أنا كنت بقنع نفسي بكدا، بس لا..وتلفِّ الأيام ويكون الشخص دا أكسجين حياتي. 
رفع أناملهِ يزيلُ دموعها وقال:
-هقولِّك زي ماما ماقالت لك مش كلِّ الِّلي تشوفيه حقيقة..حاولَ تغيير حالتها، فسحبها من عنقها وطبعَ قبلةً بجوارِ ثغرها وهمس:
- جبتلك هدية.. مش عارف ذوقي هيعجبك ولَّا لأ.
فتحت عينيها بدهشة:
- هدية؟! إنتَ جايبلي هدية؟
اعتدلَ بجلوسه، ومدَّ يدهِ نحو صندوقٍ موضوعٍ على الكومودينو، لكنَّها قاطعتهُ بحماس:
- كنت هسألك، بس نسيت...لا، مكنتش هسأل، كنت هفتحه على طول.
فتح الصندوقَ أمامها، وإذا به...بدلةُ رقصٍ من تصميمِ أشهرِ الماركاتِ العالميَّة..ثمَّ فتح علبةً مزيَّنةً ورفع شيئًا بين أنامله:
-ودا جاي معاه..تناولتها منه، لتشهق:
-خلخال..ارتفعت ضحكاته، من يراها لم يقل أنَّها تلك التي كانت تبكي منذ لحظات..ألقت بجسدها على السرير وهي تتمسَّكُ بالخلخال
-غرِّدي ياطيور، إلياس السيوفي جايب بدلة رقص وخلخال. 
تابعَ ضحكاتها بصمت، إلى أن قاطعهم رنينُ هاتفه، سحبهُ ونهض من مكانه: 
-هردّ على الفون، وأنزل أخلِّي البنات تعمل قهوة، أعملِّك حاجة؟. 
هزَّت رأسها بالنفي وهي مازالت تتمسَّكُ بالخلخال..خرج من الجناحِ بأكملهِ فهبَّت من مكانها واتَّجهت للداخلِ تتمتم: 
-وعد الحرِّ دين عليه يازوجي الحبيب، جلست تخرجُ البدلةَ من الصندوق:
-إيه دي، دي بدلة رقص!! وبتتلبس إزاي الِّلي كلِّ قطعة لوحدها، هوَّ مفكَّر نفسه متجوز صافينار..
دقائقَ إلى أن انتهت من ارتدائها، نظرت لنفسها بالمرآة بذهول: 
-يالهوي، ودا جابها إزاي، ظلَّت تنظرُ لنفسها بالمرآةِ وهي تضحكُ بشقاوة: 
-ماشي ياإلياس إنتَ الِّلي جبته لنفسك.. 
استمعت إلى صوته:
-ميرو إنتي فين؟.
-لحظة حبيبي أنا جاية، أمسكت الخلخال لترتديه، ولكنَّها توقَّفت تبتسم..ارتدت فوقها روبها الخاص وخرجت تبحثُ عنه، وجدتهُ يجلسُ أمام التلفازِ يشاهدُ إحدى برامج الشو الإخبارية، رفع قهوتهِ يرتشفُ منها وقال:
-ماما بعت لك لبن، وشوية حاجات، طقوس ليلة العيد..قالها والتفتَ إليها بعدما شعرَ بخطواتها..توقَّفت نظراتهِ على هيئتها وهي تتحرَّكُ بدلالٍ أشعل داخله، وضع القهوةَ وتوقَّف ينظرُ إليها: 
-إنتي مين..أفلتت ضحكةً ناعمة وأشارت على نفسها:
-إيه رأيك، حلوة عليَّا..اقتربَ منها وضحكةً خبيثةً تزيِّنُ ثغره:
-لا، رأيي إزاي، مش لمَّا أعاين البضاعة.
برقت عيناها وردَّت بغضبٍ نطقته عيناها قبل شفتيها:
-بضاعة!..أنا بضاعة ياحضرةِ الظابط!!. 
قهقهَ عليها وأمسكَ كفَّيها يلتهمها بعينيهِ بوقاحة:
-هيَّ البتاعة دي مدارية إيه، مش شايف حاجة مستخبية، واللهِ آخرتي على إيدك يابنتِ فريدة.
لكمتهُ مبتعدةً عنه: 
-تصدَّق إنَّك فصيل، وبعدين مش إنتَ الِّلي جيبها، تذكَّرت شيئًا فاقتربت كالمجنونة وعيناها تطلقُ سهامًا نارية:
-إنتَ جبتها إزاي، الِّلي يشوفك دلوقتي يقول أوَّل مرَّة تشوفها.
-لا شوفتها على الموديلز، أومال طلبتها إزاي..ثارت نيرانُ الغيرةِ كوحشٍ ضاري.. 
-لا والباشا عامل محترم ومالوش في الحاجات دي، وهوَّ راح يتفرَّج على الموديلز.
رغم حديثها المجنون بالنسبةِ إليه إلَّا أنَّ هيئتها بتلك البدلةِ جعلته يبتسمُ ويرسمُ بداخلهِ أشياء كثيرة، صمتهِ أغضبها فتراجعت للخلف، ليقتربَ منها ويجذبها بين ذراعيه:
-طيب هاخدك على قدِّ عقلك، هوَّ أنا كنت أعرف الحاجات دي، كان لازم أبحث وهمَّا يبعتوا لي صور، وأهو اخترت حاجة معرفشِ بقى حلوة ولَّا لأ، بس شكلها عجبني، وعلى فكرة شوفتها على مانيكان، علشان أنا قولت مش عايز أشخاص، شوفتي ظلمتي جوزك المؤدَّب إزاي ولازم تصالحيه.
-المؤدب أه..ردَّدتها وهي ترمقهُ بغضب..
  احتضنَ وجهها بضحكاتهِ وقال:
-طب يارب أموت لو بضحك عليكي يامجنونة.
-بعد الشرِّ عليك..قالتها سريعًا وحاوطت خصره: 
-خلاص، مصدَّقاك، بس لمَّا شوفتها كدا اضَّيقت، إنتَ بنفسك قولت هيَّ مدارية إ.يه
-طبيعي ياقلبي، دي بدلة رقص مش إسدال صلاة يعني.. 
طيب إيه، لسة تلات ساعات على الفجر، هنقعد نقرأ قرأن ونذكر ربِّنا ولَّا حضرة الرقاصة هتعمل نمرة لجوزها..
دفعتهُ بقوَّة حتى سقطَ على السرير، ورفعت قدمها فوق ساقيه:
-اتفضَّل، لبِّسني الخلخال هتتفرَّج ببلاش..
جحظت عيناهُ وهو يقلِّبُ الخلخالَ بين أناملهِ مرَّة، ويلقي نظرة إلى قدمها التي تهتزُّ فوق ساقيهِ مرَّةً أخرى، قبل أن يقولَ بنبرةٍ متهكِّمة:
– أنا ألبِّسك خلخال؟ ليه، صبي عالمة؟
انفجرت ضاحكةً بصوتٍ عالٍ، وأشارت إلى قدمها بسخرية:
– ليه؟ علشان بتلبِّس مراتك خلخال؟ مش كفاية إنُّه فضة..كنت فاكرة هتجيبه ألماظ، طيب دهب حتى...إنَّما فضة ياابنِ السيوفي! لا وفرحان أوي كمان...أتكونشِ فقير؟
رفع حاجبهِ بسخريةٍ واضحةٍ وأردف:
– ليه، حد قالِّك عليَّا مليونير؟ إنتي عارفة البدلة دي بكام؟ أنا موظف دولة يا أستاذة..وبعدين أروح أشتري خلخال بفلوس علشان تترقَّصي بيه؟ مش حرام؟ ماله الفضة؟ أيِّ حاجة تعمل صوت وشخلعة..بتحسسني أنها هتطلع للجمهور
-لا والله..تغضن جبينه بعبوس 
-ايه فايدته عايز اعرف، مااي كلبش يتحط، لو اعرف انك مهتمية بالشخلعة كنت غرقت الاوضة دي كلبشات 
لكزته بقوة ولمعت عيناها بطبقة كريستالية من ضحكاتها:
-إنت جاهل اصلا، متعرفش الاحساس الحلو كله في رنة الخلخال
-طيب يامتعلمة اهم حاجة الرنة يعني، طيب ماارنك علقة سخنة ماهي رنة برضو..هتكون احسن شخلعة 
ضحكت بصوت مرتفع وهي تهزُّ كتفيها:
– معرفش مين وصلك احساس الرقص شخلعة، دا فن مش شخلعة ياإلياس؟! طيب واللهِ بعد دا كله لتلبسهولي.
ضغطَ على قدمها فجأةً وجذبها بعنفٍ حتى كادت تسقطَ على ظهرها، ثمَّ انحنى يلبسها الخلخال واحدًا تلوَ الآخر ثمَّ قال بنبرةٍ لاذعة:
– كده حلو ياأبلتي..عايزة اسمع الرنة 
مالت بجسدها الذي ظهرَ أمام عينيه، وردَّت بنبرةٍ مغوية:
- هتسمع الرنة، وفعلًا الليلة هعمل زي مابتقول، نفَّذت وعدك ليَّا، وأنا لازم أردّ الواجب ياحضرةِ الظابط، عارفة إنَّك مش بتهتم بالرقص، بس أنا عايزة أرقص لك، وبراحتي ومش عايزة أيِّ اعتراض..بس ياترى هتقدر على الرنة
-اومال لازم اكون قدها، مين قالَّك كدا، أومال جايب دي ودافع دم قلبي ليه!! 
ماهو علشان الرنة ..جزت على شفتيها وقالت:
-برافووو..قالتها وتراجعت تضحكُ من غضبهِ المحبَّب، ثمَّ اتَّجهت لتشغِّلَ موسيقى تلائم رقصها، وسط نظراتهِ التي كانت لا تدري أهيَ محتقنة من الغيظ...أم مشتعلة من الرغبة..كلَّ ما يريدهُ أن يخنقها بأحضانه، ويقومَ بتمزيقِ تلك الخيوط التي تلفُّ فوق جسدها الفتَّان الهالك له لا محالة..ظلت تتمايل وتدندن مع الاغنية، وفجأة صعدت فوق المنضدة، حتى هب من مكانه
-لا كدا كتير ياأم رنة 
بالمشفى الخاصَّة بالسجن، اقتربَ منه الممرِّض يضعُ أمامهِ أدويته:
-أدويتك يامتَّهم، أهي عندك.
أشار إليه راجح: 
-طيب قرَّبها، بعيدة عنِّي، ومفيش حاجة أكلها، الأكل دا وحش أوي، وأنا مش متعوِّد عليه، ودي كلَّها مضادات.. 
نظر إليه بتهكُّم وقال: 
-نسينا نكلِّم لك الشيف بوراك يعمل لجنابك خروف، إنتَ في السجن يامتَّهم..نطقها الممرِّض وتحرَّكَ للخارج.
تابعهُ راجح بغضب، يسبُّهُ بداخله، أمال بجسدهِ محاولًا أن يجذبَ دوائه، ولكنَّه لم يستطع..شعر بالعجزِ والغضبِ بآنٍ واحد، فظلَّ يضربُ على ساقيهِ التي عجزت عن الحركة بعد ضربهِ بالعمودِ الفقري..صرخ بعدما ثارَ غضبهِ وهو يتوعَّد للجميع، إلى أن دلف الشرطي إليهِ يعنِّفه:
-مش عايز أسمع صوتك. 
لوَّح راجح بكفَّيهِ وأشار إليه مهدِّدًا إياه:
-كلُّكم هتدفعوا التمن، كلُّكم حتى ابني والله لأموِّتكم كلُّكم..
صاح العسكري بالممرض: 
-سكِّته بحقنة وزوِّد الجرعة، يمكن نخلص منُّه..أومأ له بصمت، فاقترب منه وهو يحملُ إبرة، حاول راجح أن يبتعدَ عنه ولكن عجزهِ لم يقوِّيه، إلى أن سيطرَ عليه الممرض وحقنهُ يهمسُ إليه: 
-متوصِّي عليك من فوق أوي، شكلك عزيز على الكل، وعايزين يتخلَّصوا منَّك، قالها وهو يدفعُ جسدهِ ليهوى بجلوسهِ فوق جسده غير قادرًا على المواجهة. 
بأحد الأماكنِ المتطرِّفة..
كان يجلس أمام عمِّهِ يتناولون مشروبات ممَّا حرَّمها الله، وبعض الفتيات تتراقصُ أمامهم بغنجٍ وقح، اتَّجه بنظره إلى سمير:
-عملت إيه في راجح؟..دا لو اتكلِّم هيغرَّقنا..
تجرَّع بعض من كأسهِ يغمزُ لتلك الفتاةِ التي تتدلَّى عليه بجسدها، ثم ردَّ قائلًا:
-متخافش، بياخد دوا هيوقف أعضائه بالكامل، وبعد فترة هيظهر عليه الإدمان، وفي الآخر هتِّتهم في ابنِ جمال. 
-طيب ياعمِّو، إنتَ انتقمت من راجح ورانيا، ولاد جمال لسة عايشين، وكمان رجعوا مناصبهم رغم تدخلك.. 
تراجع بجسدهِ يضع ساقًا فوق الأخرى وبدأ ينفثُ سيجارته:
-اصبر على الطبخة علشان طعمها يكون حلو، جمال قتلته بإيدي، ومحمود موِّت مراته بحسرتها وهوَّ مفكَّر إنَّها خانته وراجح زي ماإنتَ شايف، يعني كلُّه ماشي زي ماأنا خطَّطت، بالنسبة للعيال دول هخلص منهم بس مش علشان ولاد جمال، علشان لسة محسبتش الواد على عمله برَّة...
قصدك مين فيهم؟.. 
- الواد ظابط المخابرات دا، إنَّما التاني كدا كدا يومه جي.
-طيب ورانيا ؟.
قهقه بصوتٍ مرتفعٍ وتوقَّف يجذبُ الفتاةَ من خصرها يتراقصُ معها ثمَّ أجابه:
-رانيا اتجنِّنت ياإتش، ودي بقت كارت محروق، بكرة ولَّا بعده نبعتلها حد يخلَّص عليها.. 
-هتقتلها ياعمُّو؟! طيب ليه، مش يمكن تنفعنا بعد كدا؟.
نفخ رماد سجائرهِ بعيدًا، ورمقَ الآخر: 
-في إيه ياهشام، بعد مااعترفت على راجح، وقوِّت موقف ولاد جمال، بعد ماأنكرت علاقتها ببنتها علشان ابنِ السيوفي يكون مركز قوة بعد ماكنت مخطَّط انتقم منُّه في الحتة دي، بعد ماقالت كلِّ حاجة عن محمود ومراته، دي خاينة، الأوَّل خانت راجح وفي الآخر إحنا، دا أنا لو مسكتها هخنقها بإيدي. 
-يعني فعلًا هتموِّتها؟.
ردَّ عليه سريعًا:
-في أقرب وقت، وبأبشع طريقة..
-تقصد إيه ياسمير باشا؟.
-هتعرف وقتها..ياله علشان زمان الاجتماع على وشك، الكلِّ محتاس في ليلة العيد، محدش يتوقَّع العملية الليلة.. 
بمكتب شريف انتهى من السماع إليهما عن طريقِ  التنصُّت، الذي زرعهُ أرسلان بإحدى زياراتهِ لراجح.. 
رفع الهاتف وقام بتبليغِ قيادته، ثم اتَّجه إلى هاتفهِ الخاص وهاتفَ إلياس
عدَّةِ مراتٍ في محاولةٍ يائسةٍ للوصول إليه، في كلِّ مرَّة هذا الهاتف ربما أن يكون مغلقًا..
نهض من مكانه واتَّجه إلى قوَّتهِ لاستعدادها للاقتحام على الاجتماع الذي يخطِّطُ لتدميرِ بعض النقاطِ الخاصَّةِ بالشرطة، وحدوث فوضى عامَّة..
بالسجن وخاصَّةً بالمكان الذي تُحتجزُ به رانيا، تحاوطها بعض النساءِ اللاتي لا يُعرفنَ سوى بالنساءِ الشواذ، بدأت إحداهنَّ تلقيها ببعض الكلمات اللاذعة، والآخرة جذبتها من خصلاتها تدفعها بقوةٍ أمام أحدِ الخزاناتِ الممتلئة بملابسهم:
-ياله ياشاطرة، عايزين الغسيل دا فلَّة، وتقومي بمسحِ العنبر دا كلُّه، وبعد كدا عايزين نشوف الجسمِ الحلو دا وهوَّ بيتمايل علينا، أصلنا بنحبِّ الحاجات الحلوة.. 
قالتها بنبرةٍ مرتفعةٍ وضحكةٍ خليعة، فألقت مابيديها واقتربت منهما:
-لا..اسمعوني كويس، أنا رانيا الشافعي، اللي عملت بلاوي أكتر من عدد شعر راسها، دا أنا بعت بنتي وخطفت ولاد أختي،عارفين يعني إيه، وتاجرت في المخدرات والبشر، يعني ولا أنتوا ولا ميَّة زيكم..لم تكمل حديثها بعدما أخرجت إحداهنَّ إحدى الآلاتِ الحادَّة ومرَّرتهُ بعنفٍ على وجهها لينسابَ الدم بغزارةٍ مع صرخاتها الجنونية، وتراجعت السيداتُ إلى أسرَّتهم كما لو لم تفعلنَ  شيئًا.
بلندن وخاصَّةً بإحدى المستشفيات المشهورة خرجت من غرفة العمليات، كانت تنتظرها والدتها بلهفةِ قلبِ امٍّ ينتفضُ خوفًا على فلذةِ كبدها..
هرولت لإحدى الممرضات التي تحملُ طفلتها، وتساءلت بلهفةٍ عن ابنتها:
-بنتي عاملة إيه؟. 
أجابتها بلغتها: 
-إنَّها على مايرام..والأطفال بحالة جيدة.. 
نظرت إلى الطفلة التي بين يدها: 
-طيب فين الولد؟. 
أشارت إلى إحدى الممرضات الأخريات:
-بعض فحوصات لا تقلقي. 
ابتسمت اليها، وتلقَّفت الطفلة تحتضنها تتمتم:
-بسم الله ماشاء الله..ربِّنا يحفظكم يارب
-أرجوكي ..سنعتني بها إلى أن تفيق الأم..قبَّلت زهرة جبينها وناولتها الطفلة، ثم تحرَّكت إلى ابنتها.. 
بعد فترةٍ رفرفت رحيل أهدابها تهمسُ باسمِ والدتها...اقتربت منها: 
-حبيبتي يابنتي، حمدالله على سلامتك. 
-ماما فين ولادي؟. 
-كويسين يابنتي، بنت وولد زي القمر، اقتربت من أذنها: 
-أومال لو مابتكرهيش أبوهم كانوا هيطلعوا شبه مين؟. 
-ماما من فضلك، مش قادرة أتكلِّم لو سمحتي..عايزة أشوف ولادي. 
صباح اليوم التالي.. 
-دلف بعد قضاء صلاةِ العيد بصحبةِ إسلام وغادة مع مناوشاتِ إسلام.. 
توقَّفت فريدة تقابلهم بابتسامةٍ بشوشة، اقترب منها إلياس لأوَّلِ مرَّةٍ يقبِّل جبينها: 
-كلِّ سنة وانتي طيبة ياستِّ الكل. 
لمست وجنتيه وطبعت قبلةً عليه 
-وإنتَ طيب ياحبيبي، انتَ عارف إنِّ دا أوَّل عيد تعيِّد عليَّا وتقولِّي ياستِّ الكل؟.. 
-ماخلاص يامدام فريدة عرفنا إنِّنا كنا المذنبون..ضحك اسلام بصوتِ مرتفع، ثم دفعه
-مهما تعمل يابنِ مصطفى هتفضل ابنِ البطة السودا، اما أنا ابن البطة البيضة، صح ياماما ..قولي صح 
قالها وهو يلقي نفسه بأحضانها 
-كل سنة وانتي معانا يااجمل ام في الدنيا 
قبلة حنونة فوق جبينه، تلمس وجنتيه
-كل سنة وانت طيب ياقلب ماما 
-وانا فين ياست ماما، نستيني، قالتها غادة التي تدفع اسلام بعيدًا ..اقتربت الخادمة قائلة: 
-مدام فريدة الحلويات اللي حضرتك طلبتيها 
أشارت إليها أن تضعهم فوق الطاولة، وجلست تجذب غادة لأحضانها
-إنتي آخر العنقود سكر معقود، تلفت اسلام يبحث عن ميرال 
-هي ميرال لسة منزلتش، معقول لسة نايمة 
رفعت فريدة نظرها إلى إلياس المنشغل بهاتفه، ثم اتجهت نحوه
-لا سبها براحتها، شوية اكيد وهتنزل، توقف سريعا ورفع هاتفه يهاتف شريف، في حين تسائل اسلام
-ميرال مانزلتش تصلي ليه، معقول لسة نايمة..!!
رمقه بنظرة اخرصته وصعد الى الأعلى  أوقفته فريدة تشير إلى غادة 
-طلعي الحاجات دي مع اخوكي، اكيد هيطلع ينام ومش هينزل تاني 
اومأت ونهضت تحمل مااشارت إليه فريدة، فتحدثت فريدة:
-غادة هطلع حاجات علشان ميرال، كلنا اكيد هنام ..
اومأ لها بصمت، وتناول الاشياء من غادة 
-أنا هاخدهم حبيبتي، يبقى شوفي رؤى صحيت ولا لا، واخدت علاجها، ميرال مش هتصحى دلوقتي 
-حاضر...قالتها وهي تومئ برأسها 
دلف للداخل بهدوء، ووضع الاشياء، وخرج متجها إلى غرفة ابنه الذي مازال غارقا بنومه، ثم عاد إلى غرفته مرة اخرى، وهو يتحدث مع شريف
-مااخدتش بالي أن التليفون فصل شحن ..المهم قبضتوا على الكل
-سمير وابن اخوه وواحد تاني هرب، بس بقولك فيه ناس في مستشفى السجن تبعهم هبعتلك التسجيل يبقى شوفه
-تمام ..قالها واغلق الهاتف، ثم قام بتغيير ثيابه واتجه لتلك الغارقة من يراها يزعم أنها لم تنم منذ شهور 
همس بجوار أذنها:
-حبيبي صباح الخير ..دندن لها بتلك الأغنية لترفرف اهدابها مبتسمة 
-صباح الخير..هي الساعة كام 
-صلينا العيد  ياكسولة، هبت من نومها 
-مصحتنيش ليه، كانت عيناه تتجول على هيئتها بابتسامة، ولم تلاحظ نظراته عليها، تراجعت تجذب الغطاء بعدما رأت على ماينظر إليه
-وقح يازوجي.. 
رفع حاجبه ساخرا واردف بتهكم
-اللي يسمع البت يقول طول الليل بتختم القراءن مكنتش محولة الاوضة إلى كباريه، غير أحضاني 
لكمته بخجل تضع رأسها بكتفه:
-بس بقى، والله بتكسف
-لا والله..مكنتش اعرف 
طب هات بقى الروب عايزة اقوم اخد شاور وانزل تحت
-في قانون مين دا إن شاءالله، انا منمتش، اياكي تقومي من غير اذن، عايز انام ساعتين علشان عندي شغل مهم
-نعم من غير اذن، طيب انا مش عايزة أنام خلاص حضرتك ضيعت نومي..طاف بنظراته على جسدها وقال
-براحتك..فهمت بما يعنيه فتمددت تجذب الغطاء 
-مفتري ودكتاتوري ..انحنى بجسده وقال:
-وضيفي وقح كمان بعد اللي هعمله فيكي، مش دا اعترافك، نامي ومش عايز اسمع نفس..قالها وهو يجذبها لأحضانه ويذهب غارقا بنومه سريعًا
رفعت رأسها تنظر الى سكون جسده، وانفاسه المنتظمة، دنت تستنشق رائحته بوله، وابتسمت كلما تذكرت جنانه ليلة الأمس، غرزت أناملها بخصلاته وعادت بذكرياتها لتلك الأيام التي كانت ستخسر حياتها 
قبل عدة أسابيع وخاصة بعد العثور عليها بعدما احتجزها راجح هي وغادة وإيمان بإحدى المنازل الريفية..اخذها إلى المشفى 
-عايز دكتورة فورا .صاح بها إلياس وهو يضعها على الفراش بحنان كأغلى مايملك 
-ميرال حبيبتي سمعاني، ولكنها لم تنظر إليه، ظلت نظراتها شاردة بنقطة وهمية، وعقله كاد أن يخرج من محله، احتضن وجهها وظل يقبلها بدموع انسابت رغمًا عنه، علها تشعر بمرار مايشعر به..وصلت الطبيب نهض يمسح دموعه مبتعدا عن نظرات الطبيبة وأشار عليها
-عايزك تكشفي عليها كويس، كانت مخطوفة، اكيد فاهمة كلامي 
اومأت له تشير إليه بالخروج 
-طيب ممكن تنتظر برة..اقترب يشير إليها بنظرات نارية
-اكشفي ومش عايز اعتراض، انا مش هتحرك خطوة واحدة ..
بعد فترة انتهت من فحصها، مفهياش اي اثار اعتداء، شكلها اتعرضت لصدمة عنيفة عملت لها انهيار عصبي 
احنا هنعملها كورس علاج كويس، بس لازم ننقلها قسم الامراض العصبية، لم يتحمل أكثر من ذلك، امال بجسده وحملها متجها للخارج، قابلته فريدة تنظر إليه بلهفة وقلبًا كاد أن يتوقف
-مراتك حصل لها، وانت رايح فين
-كله يبعد، قالها وهو يصرخ، يكاد أن يصلب جسده بصعوبة، فتح اسلام باب السيارة بصمت ينظر إلى حالة أخيه بحزن، وصل يزن مع تحرك إلياس بالسيارة ليتجه سريعا الى أخته 
تحرك بعض الكيلو مترات وهو يتحرك بالسيارة لا يعلم ماعليه فعله، ينظر إليها من الحين للاخر، جسد فقط بجواره، سحبها بذراعيه وضمها تحت حنان ذراعيه يضع رأسه فوق رأسه يراقب الطريق بصمت، ورغم صمته إلا أن داخله نيران لو خرجت لأحرقت العالم بأكمله ..ظل يسير إلى أن وصل إلى السويس ..توقف ينظر حوله بجهل لا يعلم لماذا ساقته قدماه إلى هنا، استدار بالسيارة متوجها إلى العين السخنة، لأحد الشاليهات الخاصة به، ترجل من السيارة وحملها ودلف بها للداخل مع ارتفاع رنين هاتفه، فتح الخط ورد:
-هنغيب كام يوم، هقفل التليفون، طمن مدام فريدة، قالها واغلق الهاتف نهائيا، ثم اتجه إليها ..جلس على ركبتيه أمامها يحتضن وجهها:
-تعرفي انا دلوقتي بموت بالبطئ، معرفتش احافظ عليكي، طيب قومي واصرخي في وشي، بس بلاش حالتك دي، ميرال متعمليش فيا كدا 
لا تفعل شيئا سوى دموع، وحديث راجح يخترق أذنها 
-هسحب روحك وروح فريدة، كل ليلة وانا برميكي لراجل يستمتع بيكي، وخلي ابن فريدة يقرب مني، علشان اموته بحسرته وهو بيتفرج على مراته، 
قبض على عنقها وهمس بهسيس كأفعى
-إنتي مين يابت، انتي بنت راجح ورانيا، اوعي تنسي دا، كل ماتفكري انك تحاولي انك تهربي هفعصك تحت رجلي، وحياة رحمة ابويا لأسحب روحكم واحد ورا التاني، وأولها جوزك الغندور، واجهزي علشان اول فيديو استعراض ..ارتجف جسدها وشحب وجهها ليس من اختناقه ولكن من ألفاظه البذيئة، التي جعلتها تدعي ربها بأن يصبها بالصمم، دلف أحد الرجال ذو بنية ضخمة، فأشار إليه
-خدوهم على البيت التاني، وكلم الباشا، وخليهم يحضروا العروسة، وعايز فيديو يوصل لابن السيوفي، نفذ المطلوب مش حبسوني وحكموا عليا بالاعدام رغم حاولت اساعدهم، يبقى يلاقوا بقى واولهم بنت رانيا علشان تشهد عليا كويس 
تراجعت تبتعد عن الرجل تصرخ باسم إلياس إلا أنه ضحك بصوت مرتفع وقال:
-متخافيش هيسمع صوتك، وهيشوفك 
فزعت بجلستها بعدما بسط إلياس أنامله يقوم بخلع ثيابها
-ميرال هغيرلك هدومك، البسي دا لقيته هنا من وقت ماكنا هنا اخر مرة، هدومك متربة حبيبتي 
ابتعدت تحضن جسدها وتنظر إليه بخوف، كأنه شخص آخر ..يوم بعد يوم وهو يحاول معها ليخرجها مما فيه، ذات يوم خرج بها إلى الشاطئ يحاوط جسدها واجلسها أمام الشاطئ وفتح أغنيتها المفضلة يتطلع إليها بصمت، ولكنها ظلت تنظر للبحر بصمت، نهض من مكانه وقام بنزع قميصه والقاه بجواره 
-أنا تعبت مش هقدر اتحمل فكرة انك تضيعي مني بالطريقة دي، قالها ووضع كل اشيائه الخاصة واتجه إلى البحر، بعد حديث طويل مع أحد الأطباء النفسيين..ظل يتحرك داخل البحر مع ارتفاع أمواجه المرتفعة، فاليوم امواج البحر تضرب الشاطئ بقوة، ظلت نظراتها عليه إلى أن اختفى، مر وقت وهي جالسة، تهمس اسمه بخوف تتلفت حولها وكأنها فاقت من صدمتها لتدخل صدمة اختفاءه وابتعاده عنها، نهضت من مكانها تبكي بصوت مرتفع تتلفت حولها بخوف، وتنادي باسمه، ولكن دون جدوى، تحركت إلى البحر تبكي وتصرخ باسمه، دلفت للداخل ومازالت تنادي ببكاء، دقائق مرت عليها كأعوامٍ وهي تكاد تشعر بالتنفس بعيدا عنه، أخيرًا ظهر أمامه وهو يسبح بداخل البحر ودفع امواج البحر لجسده 
ركضت تضرب المياه بيدها وتبكي بنشيج إلى أن وصل إليها..رفعها من خصرها تعانق رقبته ومازال صوت بكاؤها يصدح مع صوت الموج،
-اهدي انا هنا ..انا كويس..قالها وانزلها بهدوء على الرمال 
لتضمه بقوة مردفة بصوت باكي:
-إنت سبتني اغرق، انت دايما كذاب معايا وماتوفيش بوعودك 
ضم وجهها مبتسمًا، اخيرا استمع الى نبرة صوتها وقال:
-أنا بحبك اوي 
ضمها بقوة كأنه يريد أن يدفنها بداخله يسحق ضلوعها ..دفنت رأسها بصدره، ليحملها متجها إلى الشالية
خرجت من طيفها المأسوي تمسح دموعها ثم دفنت نفسها بأحضانه وغرقت بدفء أحضانه ذاهبة لأحلامها
بفيلا الجارحي وخاصة الحديقة
كان يلهو مع الاطفال وأصوات ضحكاتهما تصدح بالاجواء، بعد عودته من صلاة العيد، اقترب منه ارسلان وهو يحمل كوب قهوته
-عملت لحضرتك القهوة المظبوطة
رفع رأسه يرمقه بنظرة ساخرة وأردف:
-وايه كرم الاخلاق دا ..هرول إليه طفله الذي يخطو بخطواته الأولية مع ضحكاته الطفولية 
-بابا..انحنى ارسلان، يحمله ويطبع قبلة على رأسه يشير إلى اسحاق
-اخدت العيدية من جدو، فين عيدية الولد مش اقل من 100 الف دولار 
تهكم اسحاق قائلًا:
-دا أنا لو بعتك ياله انت وابنك مش هتجيب عشرة دولار، لا والواد بيتكلم بالدولار، انت اخرك عشرة جنيه
اقترب منه وابتسم قائلًا:
-كنت طلقة يااسحاقو بالروب، ماتسلفهولي 
ركله بقوة، مما جعل الآخر يرفع ساقه يتأوه:
-رجلك تقيلة، طيب والله ماانا قايلك على الخبر الحلو، ماتستهلوش
-أنت عندك اخبار حلوة يابن فاروق
آه مش هقولك انك هتبقى جد مرة تانية، شوف مهارات ابنك، وخليك انت شاطر في لبس الروب مع وقف التنفيذ
لم يستمع سوى هتكون جد للمرة التانية، دنا منه وعيناهُ عليه: 
-مراتك حامل..قالها بابتسامة. 
ليومئَ الآخر برأسه، وتمتمَ بحبور:
-معرفتش غير بعد ماسبتك بالليل، وقولت لازم أوَّل واحد تعرف، حتى بابا وماما معرفوش.
سحبهُ بقوَّةٍ لأحضانه يربتُ على ظهرهِ وضحكةً مرتفعةً شقَّت ثغره:
-ألف مبروووك ياحبيبي، ربِّنا يباركلك فيهم. 
-الله يبارك فيك ياعمُّو ..وصلت غرام تتحرَّكُ باستحياءٍ بعدما استمعت إلى حديثهم، اتَّجه بنظرهِ نحوها: 
-ألف مبروووك يابنتي، ربنا يكملِّك على خير.
-شكرًا ياعمِّو إسحاق..نظر إلى استعدادهم للمغادرة فتساءل:
-أنتوا خارجين؟. 
أومأ أرسلان ورد: 
-أيوة رايح لماما فريدة، هقضِّي اليوم هناك، وبالليل هنعدِّي على عمُّو محمود حمايا، ونرجع نسهر مع بعض..بس إيَّاك تنام. 
-هستناك طبعًا متتأخرش.
قبلةً دافئةً على وجنتيهِ ثمَّ قال:
-اعتبرني دينا، بحبَّك ياإسحاقو، قالها وتحرَّك سريعًا وهو يحملُ طفلهِ متَّجهًا إلى سيارته..ظلَّ يراقبهم إلى أن خرجت السيارة من حديقةِ الفيلا، وصلت إليه دينا: 
-حبيبي هتفضل طول اليوم تلعب مع حمزة، يالَّه علشان ترتاح شوية..
نادى على مربيةِ طفله:
-حمزة روح مع النانا حبيبي شوف عايز تعمل إيه..
-أوكيه بابي، بعد إذنك..قالها طفلهِ وتحرَّك للداخل، بينما هو حاوطَ جسدَ زوجتهِ وقال:
-غرام حامل.
شهقت بفرحة، ثم تساءلت:
-مين قالَّك..سحب كفَّيها ودلف للداخل: 
-أرسلان، بس متقوليش لفاروق وصفية، لمَّا هوَّ يقولُّهم.
- همَّا راحوا فين؟.
-لوالدته، هيعيِّد عليها..توقَّفت فجأة ثمَّ قالت:
-هوَّ صحيح هيفضل عايش معانا؟.. أنا سمعته مرَّة بيقول لمامته فريدة، يومين هنا ويومين هناك، بس بعد تعب صفية لغى الفكرة، والصراحة ياإسحاق صعبان عليَّا، حاسة أنُّه ضايع.. 
حاوط جسدها وتابع سيرهِ قائلًا:
-بعمل حاجة هترضي الكلِّ حبيبتي. 
بمنزلِ يزن.. 
استمع إلى رنينِ هاتفه 
-أيوة ياأرسلان ...!!
-هيَّ رحيل كانت حامل يايزن؟.
هبَّ من مكانهِ وتساءل:
-بتسأل ليه؟..توقَّف بسيارتهِ بعد إشارةِ غرام بأنَّه لا يتحدَّث، ثمَّ قال: 
-لا مجرَّد سؤال مش أكتر. 
-لا مش حامل، كانت حامل بس سقطت. 
سحبَ نفسًا وزفرهُ على عدّّةِ مرَّاتٍ ثم تمتم:
-سقطت إزاي..
-هوَّ إيه الِّلي سقطت إزاي، زي أيِّ واحدة، انسى..المهم بالليل هعدِّي عليك عايزك في موضوع مهم. 
-تمام أوكيه..قالها وأغلقَ الهاتف، ثم
اتَّجه بنظرهِ الى غرام: 
-زي مااتوقَّعت، مايعرفشِ إنَّها كانت حامل. 
-إنتَ متأكِّد إنِّ رحيل مراته؟. 
-أيوة ياغرام، هوَّ الراجل بتاعنا عبيط، وجابت توأم كمان. 
-طيب ليه خبِّت عليه؟.
-معرفش معرفش..قالها وهو يضرب على المقود، وتابع حديثه الغاضب:
-ومتعرفش أنه رجعها، دي رايحة تثبت الولاد بوثيقة الطلاق 
-طيب عملت ايه ..هشوف إلياس الاول ، خليتهم يمشوا الورق طبعًا هعمل ايه، مش ضامن بعد ماتعرف أنه رجعها، دي حرمته أنه يعرف انها حامل، تخيلي بعد ماتعرف أنه رجعها، اكيد هتاخد ولاده وتهرب بيهم، طيب انا عرفت بالصدمة من السفارة هناك، لازم اعرف ايه اللي وصلها لكدا، اللي اعرفه عنها انها شخصية كويسة جدا 
ربتت على كفيه:
-حبيبي إن شاءالله كل حاجة هتكون تمام 
بعد مرور أكثر من سنة واليوم الذي يتم به تنفيذ حكم اعدام راجح، وصلت رحيل الى أرض مصر الحبيبة، تحمل طفلا والدتها تحمل الاخر، مع تحرك أحد الرجال الذي يبدو عليه الهيبة بجوارهما، يتحدث مع رحيل مبتسمًا، سارت متجهة إلى سيارة الاجرة، وهي تعطيه الطفل، وتفتح باب السيارة لوالدتها، تحمل ابنتها،  بخروج كريم من مطار القاهرة وهو يتحدث بهاتفه مع يزن:
-رجعت من المؤتمر  ياابو نسب، طمن ايمان أنا جاي في الطريق رنيت عليها بس شكل فونها مغلق ..لكنه توقف وهو يرى شخص بجوار راحيل يحمل طفلًا وهي تحمل الآخر ليهمس بتقطع 
-رحيل معاها طفلين ..طب ازاي 
استمع يزن إلى كلماته ليهب من مكانه 
-إنت بتقول ايه...!!!


انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا