خرجت الطبيبة من الحجرة و خلفها الجدة ووالدة حسين

وقفت الجدة أمام سور الدرج ثم نادت لزوجتا الذي أتى و خلفه جميع أحفاده عدا ” نصار” الذي كان يسمع لما يدور في الخارج وقف الجد و قال:

_ خير يا حاجة ؟

ردت الجدة و قالت:

_ البت براءة

تنفس بعمق وهو ينظر لحفيده ثم قال:

_ غيث اتصل على دكتور من صحابك عشان يكشف على واد عمك .

رد ” حسين” و قال:

_ انا راجل و ارجل من اي حد و معايا اللي يثبت اني دخلت عليها كمان يا جدي أنا اصلا ا غت صبتها عشان كدا سترت عليها و اتجوزتها

صدمة احتلت وجوه الجميع إعترافاتٍ عدة تشهدها العائلة، خرجت من غرفتها و هي تفجر ما لديها من قنا بل موقوتة بالنسبة لهم حين قالت بعصبية:

_ كداب أنا ابليت عليه و قلت عمل كدا عشان اهرب من جوازة اخويا اللي تعر و تكسف بس لو كنت اعرف إن كل دا هيجرا لي مكنتش عملت كدا ابدا و رضيت بقسمتي و نصيبي .

قبض غلى شعرها بقوة تكاد تجزم أنه كان سيقتلع خصلات شعرها بين يده حاولت الهروب لكنها لم تفلح هدر الجد بصوته الغاضب و قال:

_ بس اكتم أنت و هي فضحتونا وسط الخلايج

أمرها بالصعود لغرفتها و احتجاز حفيده ختى يأتي طبيب المتخصص و يعرف صحة مرض ” حسين” من عدمه، نظر للجميع ثم عادت ببصره إلى ” غيث” و قال :

_ الداكتور صاحبك ياجي في السر مش ناجصين فضايح

رد ” غيث” و قال بسخرية:

_هخبي يعني يا جدي ؟

حدثه الجد بعصبية و قال:

_ مش وجت مألسة يا بجم أنت المعنى من حديتي ميعرفوش جاي ليه

_ اللي تشوفه يا جدي حاضر .

*******

بعد مرور ثلاث ساعات

انضم ” راشد” للجلسة مع اخوايه ” نصار و غيث” داخل غرفة الضيوف الرئيسة يتبادلون أطراف الحديث حول آخر أهم الأخبار كان “غيث” يستند بجبنيه على قبضة يده شاردًا في اللاشئ و بين الحين و الآخر تلوح إبتسامة صغيرة على جانبي ثغره، نظر له توأمه و قال بخفوت:

_ ميضحكش عليه يا غيث .

نظر له و “غيث” و قال ببراءة :

_ وه ! نو الضحك حُرم ولا إيه ؟

_لا بس مش على مصايب الناس !

رد بنبرة صادقة و قال:

_ حد الله و الله ما ديه أبدًا اللي في بالي !

تتدخل ” راشد” وقال باسما:

_ الصراحه عنده حج البت كيف البُغاشة كيف جدر يجعد وياها تلات شهور كِده ديه جلبه جاعد جوي يابوي !

ضحك الأثنان على طريقة أخيهم في طريقة التعبير عن رأيه

اعتدل “غيث” في جلسته و قال:

_ دلوجه ضحكت انما أني حرام عليّ مش كِده؟

_ لا أني بضحك على كلام اخوك مش مصيبة حسين !

فرغ فاه ليتحدث لكن قاطعه صوت صراخ و عويل زوجة عمه و هي تستنجد بأحدهم، هرولا ثلاثتهما حيث غرفتها

لكنهم وجدوها داخل غرفة ابنها ” حسين” الذي قام بقطع شريانه ليفارق الحياة قبل قدوم الطبيب، حاول “غيث” إسعافه لكنه فشل، تمتم الجميع بعبارات حزينة مرددين أن البقاء و الدوام لله وحده .

*******

في مساء اليوم التالي

انتهى اليوم الأول من الوفاة بصتوبة بالغة كان يومًا شاق على الجميع، ام تجد من يحتويها و يربت على كتفها، تشعر بأن الجميع يحملها ما حدث له، قررت العودة للقاهرة بعد قضاء أيام العزاء، حدث الجد في هذا الأمر لكنه قابل طلبها بالرفض القاطع قائلًا :

_ جوزك لسه دمه مجريش في تُربته و أنتِ ها تهملي عزات و تمشي من اهنى ؟

_ أنا قلت لك يا جدي إن لما العزا يخلص يعني بعد تلات أيام

نظر لها ااجد و قال بهدوء و حكمة :

_ لما يخلص العزا يبجى لنا كلام تاني .

جلست في غرفتها لا تشاركهم الحديث أو الطعام، كانت في عزلة تامة تعيد حساباتها من جديد، تبكي على ما آلت إليه في الفترة الأخيرة، طرقات خفيفة ثم ولجت بعدها الجدة باسمة لها فبادلتها الإبتسامة جلست جوارها و قالت بنبرة حانية:

_ عاوزة تهملينا ليه يا حبيبتي ؟

_ بصراحة و من غير زعل بعد اللي حصل مليش وش اقعد هنا دا المعاملة اتغيرت تماما ف على إيه بقى احرج نفسي بوجودي هنا .

_ بس أنتِ مرت ولادنا و عيبة في حجنا نهملوكي كده وحدك !

ابتسمت بخفة ثم قالت :

_ الله يرحمه و يسامحه مكنش قابل بيا اصلا مراته وفرضت نفسي عليه كمان و هو ميت هفرض نفسي عليه ؟

_ وحدي الله يا بتي وبلاش حديت ماصخ أنتِ اهنى واحدة مننا

تابعت بفضول قائلة:

_ اومال فينه اخوكي مش بتجولي ليكي اخو ؟

ابتسمت بمرارة و هي تقول:

_ كلمته في التليفون و عرفته قالي مات الله يرحمه خلص العزا وابقي تعالي .

ردت الجدة بدهشة و ذهول شديدان :

_ اعوذ بالله من دا اخو !

ردت” وصال” بنبرة مختنقة إثر الدموع و قالت:

_ اومال أنا كنت عاوزة اهرب من سجنه ليه ؟

تابعت بهدوء و هي تتنفس بعمق و قال:

_ يلا ربنا يعينه هو بردو معاه عيال و مراته مصاريف كتيرة عليه بردو .

بعد مرور قرابة الساعة و نصف من تلك الجلسة غادرت الجدة جحرة ” وصال” متجهة حيث غرفتها وجدت زوجها يتناول دوائه جلست جواره و قالت:

_ بالشفا إن شاء الله

_ عملتي إيه وياها ؟

_ مصممة تمشي بتجول مكدش عاطيها وش هتجعد ليه و تفرض نفسها

_ بالسلامة سكة اللي يودي و ميرجعش

عاتبته بهدوء قائلة:

_ ليه كِده يا حاج طول عمرك تسامح الكل

_ أنتِ يا مخبلة كنك مش عايشة ويانا و دريتي باللي حُصُل ؟

_ لا دريت بس هي هتعمل إيت يعني و هما بيتهموها في شرفها يا واد عمي !! إلا الشرف دي يا روح ما بعدك روح في !

_ جفلي على السيرة ديه أني خلاص مبجيتش جادر اسمع سيرتها .

*******

في صباح اليوم التالي

هبطت”وصال” بعد أن أمر الجد لها بذلك على الرغم أنها لا تريد الالجلوس معهم على نفس المائدة لكنها مجبرة الآن

القت التحية قائلة:

_ صباح الخير عليكم

لم تجد الرد من أي فرد في العائلة تدا الجد التي مسدت على كتفها و قالت:

_ يسعد صباحك يا حبيبتي اجعدي جاري اهنى .

رد الجد بعصبية و قال:

_ صباح إيه اللي يسعدها بيه يا خرفانة أنتِ و جوزها ميت عشية !!

_ معلش يا حاج مش جصدي و الله .

كادت تكمل وصلة الاعتذار لكنه قاطعها و هو يشير بيده ثظ ناد لأحد الغفر الذي أتى مسرعًا و قال بأدبٍ:

_ أمرك يا كبير

_ بعد ما تفطر تاخدها لمحطة الجطر .

كان يشير بيدت بطريقة منفر لأي شخصٍ مكانها لكنها تقبلتها بصدرٍ رحب وقفت تن مقعدها و قالت بأبتسامة واسعة :

_ فطرت الحمد لله يلا يا قناوي

تابعت و هي تنظر للجميع :

_ اشوف وشكم بخير .

ختمت حديثها وهي تنظر للجدة قائلة:

_ شكرًا ليكي .

كادت أن تغادر المنزل لكن استوقفها الجد و قال:

_ استني عندك

دس يده داخل جيب جلبابه ليخرج مبلغ مالي القاه أرضًا و هو يقول :

_ خُدي دول ينفعوكي اليومين الجاين على ما تلاجي واحد تاني ترمي بلاكي عليه .

لم ترد على إهانته و لم تميل لتلتقط نقوده بل تابعت سيرها

و خلفها أحد الغفر، ربتت الى كتفه و قالت :

_ خليك مكانك يا قناوي أنا عارفة سكتي كويس .

ما أن غادرت المنزل بل البلدة بأكملها دوت صرخات والدة حسين المكان هرولا الجميع حيث غرفة “وصال” ليجدوها

تمزق ملابسها و تحرق البعض الآخر، خاول “نصار و غيث” تهدأتها لكنها لم تهدأ أبدًا، حدثها غيث و قال:

_ و حدي الله اومال جدي طردها خلاص يا مرت عمي اللي بتعملي ديه نافيش منيه فايدة

_ ازاي يطردها ازاي المفروض يقت|لها دي قت/لت جوزي وابني فرقت بيتي و دمرتنا منها لله .

رفعت رأسها للسماء و قال بقلبٍ مفطور :

_ ربنا يوجع قلبك و ماتشوفي يوم واحد حلو بعد النهاردا يا وصال يا بنت أمينة .

كانت هذه دعوتها التي كررتها مرارا إلى أن غابت عن وعيها

خرج الجد من غرفتها و هو يتحامل غلى نفسه ليتابع يومه و استقبال العزاء لليوم الثاني.

في مساء نفس اليوم

كانت جالسة على الأريكة المطلة على الخارة واضعة يدها أسفل خدها تشاهد المارة، بينما كانت زوجة أخيها تسخر منها قائلة:

_ و رجعت ريما لعادتها القديمة

لم ترد على سخريتها و لم تعقب هي في حالة مزاجية لا تسمح لها بالنقاش الطويل مع البشر، أتى أخيها وجلس جوارها وقال بغمزة من عينه:

_ المعلم مرتضى بيسلم عليكي وبيقولك يجغلها آخر الأحزان

فهمت مغزى حديثه سألته بندوء قائلة:

_ هو أنت يا محروس يا خويا مبتزهقش ؟

_ يابت يا اللي بترفسي النعمة برجلك دا المعلم مرتضى اللي صيته واصل لحد المريخ

_ ايوة و المعلم دا صيته واصل المريخ بإيه يا محروس بتجارة المخدرات يا خويا !

_ كدب دا تاجر أجهزة منزلية قد الدنيا

_ لا يا محروس مش كدب و لو عيل لسه نازل من بطن أمه هيقولك تاريخه الاسود مع الحكومة و بلاش كتر كلام في الموضوع يا خويا الله يرضى عليك .

ربتت زوجته على كتفه و قالت:

_ متتعبش نفسك يا خويا دي واحدة وش فقر ملهاش في الطيب نصيب قوم قوم عشان تتعشى .

بعد مرور عدة أيام من عودة ” وصال” للقاهرة كانت تشعر بتصرفات مريبة من زوجة أخيها ظلت تراقبها إلى أن توصلت أنها خائنه لكنها لا تعرف من الشخص الذي تهاتفه باستمرار في غياب أخيها، حتى أتى اليوم الموعود كما قالت “وصال” خرجت لتعطيها المساحة باستدراكه في المنزل و بعد أن اطمنت زوجة أخيها لمغادرتها اتصلت غلى عشيقها لقضاء بعض الوقت، ما أن وصل الرجل هبطت بخفة دون أن يشعر أحد بخطواتها ضربت بيدها على صدرها و قالت بخفوت :

_ مع ابن خالتك يا زبالة !

مر أكثر من عشر دقائق ثم ولجت عليهما و هي ترفع هاتفها المحمول للأعلى قليلًا و قالت :

_ و الله ما انتوا مفترقين عن بعض نصور بقى فيديو حلو كدا عشازدن لما يجي محروس اخويا يشوفه وو

فجأة و بدون سابق إنذار تلقت ضربة قوية على رأسها جعلتها تسقط أرضا غارقة في دما ئها، وقف عشيقها يرتعد و هو ينظر لها ثم ينظر لتلك المطرحة أرضا و قال:

الله يخربيتك البت ما تت

أنت لسه هتتصدم ايدك بسرعة نلفها في السجادة و نرميها على الطريق و تبان إنها خادثة عربية قوام قبل ما حد ياخد باله .