رواية حياة بعد الطلاق من الفصل الاول للاخير بقلم ديانا ماريا

رواية حياة بعد الطلاق من الفصل الاول للاخير بقلم ديانا ماريا

رواية حياة بعد الطلاق من الفصل الاول للاخير هى رواية من كتابة ديانا ماريا رواية حياة بعد الطلاق من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية حياة بعد الطلاق من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية حياة بعد الطلاق من الفصل الاول للاخير
رواية حياة بعد الطلاق من الفصل الاول للاخير بقلم ديانا ماريا

رواية حياة بعد الطلاق من الفصل الاول للاخير

امتى بقى يا حبيبي تطرد البومة اللي عندك دي ونتجوز أنا زهقت!
متقلقيش يا حبيبتي خلاص أنا قربت امضيها على ورثها من أبوها الله يرحمه وأول ما تمضي وكل حاجة تبقى بتاعتي هطلقها وأرميها ونتجوز.
نفخت بضيق:بقالي فترة بتقولي كدة أنا جبت أخري، امتى بقى!
توسلها قائلاً: خلاص هانت والله يا حبيبتي المشكلة علشان أبوها اتوفى من قريب الدنيا كانت زحمة ومعرفتش أقعد أتكلم معاها اصبري عليا النهاردة بس.
أغلق معها الهاتف وهو يعتزم تنفيذ ما خطط له اليوم فلقد مل من هذا الوضع ويرغب في التخلص منه في أسرع وقت ممكن والحصول على إرث زوجته ليحقق أحلامه ويتزوج حبيبته.
كانت حلا عائدة من منزل والدتها في طريقها لمنزلها، لقد مر شهر على وفاة والدها كان أصعب وقت في حياتها على الإطلاق، دمعت عيناها وهي تتذكر والدها فأخذت نفسا عميقا لتهدأ نفسها، لقد نصحتها أمها بالعودة لأنها قضت أيام كثيرة بعيدة عن منزلها ويجب أن تنتبه لنفسها وزوجها.
دخلت إلى المنزل لتجد بسام جالس على الأريكة ويبدو أنه شارد يفكر في أمر ما، نادته فانتبه لحضورها.
لاحظت أنه متوتر فقالت بهدوء: ازيك يا حبيبي، أنت جيت امتى؟
رد بسام بضيق: كويس يا حلا، مش أن الأوان ترجعي البيت بقى؟ ولا هترجعي تباتي هناك تاني.
اقتربت منه حلا بابتسامة شاحبة: خلاص يا حبيبي أنا هبات في البيت من النهاردة، أنت عارف الفترة اللي فاتت كانت عاملة إزاي قصرت غصب عني متزعلش.
أومأ برأسه وكان واضحا بأنه لا يعيرها الانتباه بل هناك ما يشغل باله فنهضت قائلة هغير هدومي وأحضر العشا.
بعد أن بدلت ملابسها ودخلت إلى المطبخ، كانت تعد الطعام بذهن شارد، لا تعلم لما يراودها شعورا مؤخرا بأن هناك تغيير ما أصاب زوجها، فهي تشعر بتغيير كبير به ولكن كانت ترجع دائما هذه الأمور إلى ضغط العمل أو ربما هي من تبالغ خصوصا منذ وفاة والدها.
تنهدت وأكملت إعداد الطعام بصمت، فيما راح بسام يفكر بذهن محموم في الصالة كيف ينجح في سلب إرث حلا منها وتنفيذ خطته دون أن تلاحظ أو تشك في شيء حين توصل للفكرة المناسبة فأرجع ظهره للوراء مبتسماً بانتصار.
كانا يتناولان الطعام بهدوء حين وضعت حلا يدها على يد بسام قائلة: لسة مضايق برضو؟ أنا لاحظت أنه بالك مشغول النهاردة.
ابتسم بسام ووضع يده الأخرى فوق يدها: لا يا حبيبتي أنتِ بس وحشتيني ووحشني وجودك مكنتش عارف أقعد من غيرك، وبعدين مليش حق اضايق أنتِ طبعا المفروض تقفي جنب أمك في ظروف زي دي الموضوع مكنش سهل عليكِ كمان.
تنهدت حلا والدموع تتجمع في عينيها، شهقت وهي تمسح دموعها: معلش يا حبيبي مش قصدي.
أسرع يضمها إليه: لا يا حبيبتي عيطي براحتك أنا عارف أد إيه كان غالي عليكِ.
انهمرت حلا في البكاء مرة أخرى، لقد فقدت والدها الحبيب، كان والدها ذات أهمية كبيرة بالنسبة لها حتى وإن كانت له أخطائه ووفاته المفاجئة كانت صدمة لهم جميعاً، بقى بسام ليواسيها حتى هدأت فابتعدت ومسحت دموعها.
تطلعت له بامتنان: شكرا يا حبيبي تعبتك معايا رغم أني عارفة أنك مشغول الفترة دي لدرجة مكنتش بتلحق تقعد عندنا.
ابتسم بخبث خفي: أمال لو متعبتش علشانك هيبقى علشان مين؟ أنتِ عارفة أني بعمل كل حاجة لمستقبلنا.
مرت بضعة أيام كان فيها بسام يعاملها بشكل مراعي للغاية مما أشعر حلا بالراحة النفسية وقد بدأت تتخطى أزمة وفاة والدها وتعود لحياتها الطبيعية.
عاد بسام في المساء مهموماً من العمل فسألته حلا باستغراب: مالك يا بسام؟ حصل حاجة؟
تنهد ولم ينطق بكلمة مما أثار قلقها فألحت عليه: يا بسام قولي مالك يا حبيبي قلقتني!
قال بصوت متعب: مفيش يا حبيبتي شوية مشاكل في الشغل.
أحست بأن هناك أكثر مما قاله لذلك قالت بإصرار: لا فيه حاجة أكبر أحكي لي يا تامر أنا مراتك متخبيش عليا.
رد بسام: فيه مشكلة كبيرة في الشغل ممكن تضرني واضطر أسيب الشغل يا حلا.
شهقت حلا بذهول: للدرجة دي؟ طب ليه كل ده؟
نفخ بسام بضيق زائف: المدير حاططني في دماغه وأنا شكلي هسيب الشغل فعلا.
ربتت حلا على كتفه بعطف: طب وهتعمل إيه يا حبيبي؟
قال بحزن: مش عارفة يا حبيبتي أنا مكنتش عامل حسابي لكل المشاكل دي لكن....
وصمت عن عمد فقالت بتساؤل: لكن إيه؟
أخذ نفسا قبل أن يقول: كنت بفكر من فترة أعمل المشروع اللي قولتلك عليه طبعا كنت مستني احوش الفلوس لكن دلوقتي مش عارف هعمل إيه خسرت الشغل ومش هقدر أعمل حاجة، حتى مش هعرف أخد قرض.
سارعت تقول: لا يا حبيبي بلاش قرض حرام ده بيدخل البيوت بالخراب بإذن الله نلاقي حل.
تردد عن قصد: فيه....فيه حل ولا خلاص بلاش.
احتارت حلا: يا بسام قول بلاش كدة.
قال بتوتر: ممكن استلف منك فلوس المشروع ثم أسرع يضيف: دول هيبقوا سلف بس وهردهم لك علطول في أول مكسب للمشروع يا حبيبتي صدقيني.
حدقت إليه حلا بدهشة فبدأ حيله في إقناعها: أنا عارف أنك سايبة الميراث على جنب لأنك اتشغلتي الفترة اللي فاتت بس فكري فيها كدة يا حبيبتي إحنا نقدر نعمل بيه مشروع نأمن مستقبلنا ومستقبل ولادنا ونضمن أنه الفلوس مش هتتصرف في حتة غلط.
كانت الدهشة مازالت تتملك حلا فاقترب منها بسام وهو يضع يديه على كتفيها بحب: أنا كنت متردد أقولك بس عارف أنك مش هتفهميني غلط يا حبيبتي وعلى العموم ممكن تعمليلي توكيل علشان أقدر أتصرف وكل حاجة هتبقى بتاعتك برضو وتضمني حقك.
كانت حلا تفكر في كلامه فقال بسام حتى لا يعطيها وقت للتفكير: لو مش واثقة فيا أنا هقدر ومش هزعل.
قالت حلا بسرعة: لا طبعا يا حبيبي الموضوع مش كدة خالص.
كانت حلا مشتتة وتشعر بالحيرة الشديدة فعل تعطيه التوكيل كما يريد أم يجب أن تفكر في الأمر أولا؟
لكنها قررت الوثوق في زوجها، استدارت له بابتسامة: أنت معاك حق، ده هيبقى كويس لمستقبلنا، شوف هتبدأ في الإجراءات امتى وأنا معاك.
كبت بسام تنهيدة ارتياح وقال بهدوء قدر المستطاع: شكرا يا حبيبتي مش هنسى لك جِميلك ده أبدا.
احتضنته حلا برقة: مفيش جمايل بين الراجل ومراته يا حبيبي.
ابتسم بسام بخبث وقد شارفت خطته على النهاية وقد تبقى الخطوة الأخيرة فقط.
في اليوم التالي أحضر لها بعض الأوراق التي قال أنه حصل عليها من محامي صديق له: ولو عايزة تقرأيها براحتك برضو يا حبيبتي.
انتظر بتوتر مخافة أن تقرأها فعلا ولكن حلا ابتسمت ووقعت على الأوراق بثقة: مفيش داعي يا حبيبي أنا واثقة فيك.
كبت بسام صيحة السعادة التي كانت على وشك أن تنطلق منه لقد نجح أخيرا!
سحب الأوراق بسرعة دون أن تنتبه: طيب يا حبيبتي أنا هرجعهم للمحامي علشان يوثقهم.
رغم ثقة واقتناع حلا إلا أن كان هناك شيء داخلها يشعر بعدم الراحة ولكنها أخبرت نفسها أنه حين تستقر الأمور بهما سيتلاشى كل ذلك التوتر الذي تشعر به.
بعد عودته دخلت المطبخ لتحضر العشاء ولكنها تذكرت أنها لم تخبره بذهابها لوالدتها غدا لذلك تركت ما بيدها وتوجهت لغرفة النوم.
كان بسام يتحدث في الهاتف ويقول بفرح: أيوا يا حبيبتي زي ما بقولك كدة أخيرا خليتها تمضي على التنازل بتاع الورث خلاص كل حاجة بقت ليا وهطلقها ونتجوز أنا وأنتِ في أسرع وقت!
يتبع.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
توقفت حلا مكانها تشعر كأن هناك من صب عليها دلو من الماء البارد فتجمدت مكانها.
بالتأكيد هي لم تسمع ما سمعته الآن؟ تقدمت ببطئ لتجد بسام يجلس على السرير وظهره لها بعد أن أنهى مكالمته، كانت تنظر له بمزيج من الرعب والألم الخالص جراء الخيانة التي تلقتها.
انتبه لوجودها فنهض بتوتر: حلا! أنتِ هنا من امتى يا حبيبتي؟
امتلأ صوتها بالمرارة وهي تجيب: من ساعة ما كنت بتحتفل بالتنازل مع الهانم اللي هتطلقني علشان تتجوزها!
شحب وجهه فلم يكن يتوقع أن ينكشف أبدا وبهذه الطريقة، حاول التبرير بارتباك: أكيد أنتِ فاهمة غلط مفيش حاجة من دي يا حبيبت.....
قاطعته صارخة بقهر: أوعى تقولي حبيبتي دي! أوعى تكدب تاني يا كداب يا خاين! أنا مش قادرة أصدق ولا استوعب! طب ليه؟ ليه!
وقف متوتراً فتقدمت منه تضربه بحرقة: ليه عملت فيا كدة ده أنا كنت واثقة فيك أكتر من نفسي وأمنتك على كل حاجة، خونتني وكمان سرقتني يا واطي!
أبعدها عنه بحدة: اعقلي يا حلا أحسن لك، أنا بحاول أتصرف معاكِ طبيعي متقلبيش الدنيا.
صرخت به: ده أنا اللي هقلب الدنيا على دماغك يا حرامي، ترجعي لي فلوسي اللي سرقتها ياما هوديك في داهية!
قال بسام بتحذير: واطي صوتك يا حلا أحسن وبلاش فضايح.
صاحت بمرارة: هو أنت خليت فيها فضايح! أنا بحذرك ترجعي لي حقي وفلوسي اللي أديتهملك علشان أساعدك وفي الآخر طلعت قليل الأصل.
ضحك بسام بسخرية: فلوس إيه يا أم فلوس، كل حاجة ملكي وبتاعتي وبالقانون كمان وأنتِ اشربي من البحر.
ظلت تحدق إليه بعدم تصديق كيف تحول في لحظة إلى ذلك الشخص الغريب المؤذي؟ هل هذا هو نفسه زوجها الذي أحاطها بحبه ورعايته الأيام الماضية؟
لوح لها بتهكم: ويلا اطلعي برة أنا هطلقك وهتجوز البنت اللي بحبها، مش عايزة أشوف وشك!
ابتسمت بألم وقالت باحتقار: طبعا هتوقع إيه من واحد في ندالتك! بس لأن حظي أسود وكنت عامية يوم ما اختارتك، لا أصل ولا حتى دين! أنت متقدرش تطلقني يا بيه علشان الطلاق وقت الحيض للمرأة لا يقع وباطل وعلشان كدة متقدرش تطلقني دلوقتي.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظر لها بدهشة وقال بعدم اهتمام: وإيه يعني الكلام ده! روحي عند أمك وهبعت لك ورقة طلاقك هناك.
حاولت إخفاء الألم وراء ابتسامة مرتعشة: واضح أنك مخطط لكل حاجة ونسيت أهم حاجة يا بسام، يا ترى عمك لما يعرف أنك عايز تطلق مراتك وتطردها وسارق فلوسها هيعمل معاك إيه؟
توتر بسام بمجرد ذكر تلك السيرة فازدادت ابتسامة حلا وسط دموعها: شوفت بقى أنك محسبتش كل حاجة؟ وغصب عنك مضطرة أفضل وأقعد وهقعد ووريني اخرك يا بسام!
ظل صامتاً يحدق إليه بوجه مشحون ثم بخطوات متسرعة خرج من الغرفة ثم الشقة لتنهار حلا بعد رحيله.  
وضعت يدها على قلبها لشدة الألم الذي تشعر به، بكت حتى جفت دموعها.
همست بتوعد: والله يا بسام لأدفعك التمن غالي على حرقة قلبي والأيام الجاية لو طالت أو قصرت لأرجع حقي منك وأندمك.
صرخت جالا بغضب: أنت بتهزر! طلاق إيه اللي مينفعش تطلقه دلوقتي! هو أنت دخل عليك الكلام ده!
زفر بسام يحاول التبرير بضيق: هي حلا بتفهم في الدين عني فأكيد مش بتقول أي كلام وخلاص وكلها كام يوم وهطلقها.
صاحت به باهتياج: الكلام الاهبل ده مش بياكل معايا قول أنها عرفت تضحك عليك بدل الكلام العبيط اللي عمال تقوله ده ومش هتعرف تخلص منها!
غضب بسام ورد: أنا مش بقول كلام أهبل يا جالا افهمي هي عايزة تقول لعمي وأنتِ عارفة عمي وأنه مش هيرضى أبدا أطلقها من غير سبب وكمان دلوقتي لو هي فعلا زي ما بتقول فأنا هستنى كام يوم بتوعها وبعدين أطلقها وأقول لعمي أي حجة لأنه غير كدة عمي هيهد الدنيا على دماغي لو راحت قالت له إني مضيتها على تنازل.
نفخت جالا بحنق: وأنت خايف من عمك كدة إزاي؟ بعد كل السنين دي و كل الفلوس دي بقت معاك ولسة بتخاف منه؟
رد بسام بغيظ: جالا الأحسن من اللي بتقوليه ده نفكر سوا في حل علشان أطلقها بسرعة ومن غير ما عمي يغلطني يعني الحق يبقى معايا أنا.
حاولت تهدئة نفسها: طب تعالي ونفكر في حل نخلص بيه من ست حلا دي أنا قرفت منها.
حين وجدت حلا أن لا جدوى من البكاء والنواح نهضت من مكانها تحاول أن تجد حل في تلك المصيبة التي حلت على رأسها أنها لم تتعرض للخيانة فحسب بل للسرقة أيضا!
أنبها ضميرها بشدة وعاتبت نفسها على ما فعلته، لقد تصرفت بغباء دون تفكير على أساس ثقتها به لأنها أرادت مساعدته ولم تعط نفسها الوقت حتى بتفكر أو تستشير أحد والآن هي على وشك خسارة كل شيء!
فكرت أنها يجب أن تستغل نقطة ضعف بسام الأكبر وهي عمه وتجعله في صفها فهذا ما سيسهل عليها مهمتها الصعبة ولكن كيف ستحقق ذلك؟
رن هاتفها فأسرعت إليه لتجد رقم والدتها.
أجابت على الفور: نعم يا ماما؟
أتاها صوت ابنة خالتها: حلا الحقي خالتي وقعت ونقلوها على المستشفى.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
دون أن ترد نهضت حلا على الفور لترتدي عباءة سوداء وتركض للمستشفى لم يكن هناك مجال حتى لاستيعاب الصدمة كل ما يهمها هو الإطمئنان على والدتها فهي لن تتحمل أن تخسرها.
كانت تقف بجانبها في المستشفى فيما والدتها نائمة ويتصل بذراعها محلول معالج.
قال الطبيب بهدوء: هي ضغطها عالي وصحتها النفسية مش كويسة.
قالت حلا بحزن: أيوا والدي اتوفى من فترة قريبة.
أومأ الطبيب: لازم تاخد العلاج في ميعاده وتأكل كويس وبإذن الله تخرج بكرة.
نظرت حلا بحزن لوالدتها النائمة ويظهر على ملامح التعب وآثار الحزن بوضوح، تنهدت لم يكن ينقصها هذا الأمر ولكن توالي الصدمات عليها لم يدع لها مجالا للتفكير.
دلفت ابنة خالتها حبيبة وبيدها كوبين من الشاي أعطت إحداهما لحلا التي أخذته بتعب شاكرة: شكرا يا حبيبة تعبتك معايا.
جلست حبيبة بجانبها: ولا تعب ولا حاجة يا حبيبتي متنسيش أنها خالتي، ماما اتخضت لما عرفت وجاية علطول مع بابا، هي كانت رايحة يوم وراجعة علطول والحمد لله أني كنت معاها.
تنهدت حلا: الحمد لله المهم تكون بخير.
ربتت حبيبة على يدها: هتكون بخير بإذن الله متقلقيش.
ثم تابعت بتساؤل: أمال فين جوزك؟ أنتِ بلغتيه باللي حصل؟
تنبهت حلا للأمر الذي نسيته كليا وغاب عن ذهنها بسبب مرض والدتها المفاجئ!
نظرت لحبيبة باستيعاب: لا.... كان في الشغل ملحقتش أقوله.
أومأت حبيبة بتفهم بينما فكرت حلا أن مرض والدها شغلها عن التفكير في هدفها ويجب أن تجد وقت للتصرف على الفور.
حين اطمأنت على والدتها وأصرت حبيبة على البقاء معها غادرت حلا على أن تعود في وقت لاحق، لم تكن تريد العودة إلى ذلك البيت فقد أحست بالاختناق من مجرد التفكير به.
فكرت في الذهاب لصديقتها المقربة ربما يمكنها مساعدتها في مشكلتها وتفضي إليها بحزنها.
فتح لها الباب شقيق صديقتها الأصغر مرحبا بها بابتسامة عريضة: إيه ده حلا عندنا البيت نور اتفضلي.
دلفت حلا وهي تبتسم لشادي ابتسامة شاحبة: تسلم يا شادي عامل إيه في مذاكرتك؟ الامتحانات قربت ولا لسة؟
زفر شادي بتذمر: بلاش سيرة المذاكرة دي بتضايقني هي الإمتحانات مش هتطير.
ثم تابع بعبث: مش ناوية تغيري رأيك وتتجوزيني بقا؟ شوفتي أنا مستني بقالي كام سنة؟
ضربة تلقاها شادي على مؤخرة رأسه فتأوه بصوت عالي من الألم لتضحك حلا ضحكة خفيفة وهي تحدق لإسراء أخته الكبرى وصديقتها.
قالت إسراء بحنق: مش كفاية عليا تقل دمك ومش عارف تحترم الأكبر منك، روح ذاكر أما نشوف هتجيب لينا إيه بالثانوية العامة بتاعتك دي.
تأفف شادي بضيق وغادر لغرفته لأنها أحرجته أمام حلا.
رحبت إسراء بحلا ولاحظت علامات التعب والحزن في عينيها فسألتها بقلق: مالك مضايقة من حاجة؟
قالت حلا بتعب: لما ندخل أوضتك بس.
سردت لها كل ماحدث من خداع بسام وخيانته مما تسبب في صدمتها الكبيرة.
قالت إسراء بانفعال: الواطي الخاين! لا وكمان بجح! إزاي يعمل حاجة زي دي معاكِ إزاي!
تابعت إسراء بعصبية: أنا مش فاهمة جايب البجاحة دي منين هو كان يطول يتجوزك من الأول! أنتِ لازم ترجعي حقك منه.
قالت حلا بحيرة: ماهو ده اللي بفكر فيه هرجعه إزاي أنا حاسة أني في دوامة، ومش قدامي وقت كتير يدوب ٦ أيام أو أسبوع وبعدين أنا خايفة يخطط لحاجة تطلعني وحشة قدام عمه!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
عقدت إسراء حاجبيها بتساؤل: هو أنتِ متأكدة من موضوع بطلان الطلاق وقت الحيض ده؟
ردت حلا بنفاذ صبر: مش عارفة مش عارفة! أنا كنت باخد دورة دينية قبل كدة وسمعت الشيخ قالها معرفش ده الحكم الوحيد ولا فيه أحكام تانية، دي الحاجة الوحيدة اللي جت في بالي ساعتها علشان أعجزه.
ناشدتها بعيون متوسلة: أعمل إيه يا إسراء؟ أنا في حيرة كبيرة أوي.
ظلت إسراء تفكر حتى قالت فجأة بصوت عالي: هكري تليفونه!
نظرت لها حلا بدهشة فجلست إسراء أمامها تقول بذكاء: أيوا لازم تهكري تليفونه وتشوفي كل اللي عليه يعني الشات اللي بينه وبينها علشان تعرفي خططهم وناويين على إيه لازم تكوني سبقاهم بخطوة وعارفة كل حاجة، بالمرة تعرفي مين الزبالة دي اللي خانك معاها ده هيساعدك كتير أوي.
قالت حلا بحيرة: طب أعملها إزاي دي؟
نهضت إسراء قائلة بهدوء: شادي!
سألتها حلا بتعجب: ماله شادي.
ردت إسراء: شادي أخويا يعرف ناس ليهم في الكلام ده ومصاحبهم يقدر يطلب من واحد منهم الخدمة دي.
ثم تابعت بتردد: بس كدة هو لازم يعرف كل حاجة، على العموم فكري وقرري.
قالت حلا بحزم: معنديش حتى وقت أفكر، أنا ضيعت نفسي يوم ما مضيت له بنفس راضية ومش هسيب أي حاجة ممكن تساعدني أرجع حقي، نادي شادي.
نادت إسراء شادي فقامت حلا بشرح له الموقف ودوره في مساعدته إلا أن شادي هب واقفا بغضب كبير: يعني إيه يعمل معاكِ كدة هو مش عارف أنه وراكِ رجالة ولا إيه أنا هوريه.
أمسكته إسراء من ياقة قميصه قبل أن يتحرك: مش وقت رجولة دلوقتي، المهم اللي قولتلك عليه هتعمل إيه؟
قال شادي بجدية: أنا عارف واحد صاحبي شاطر في الحاجات دي هكلمه النهاردة وأفهمه كل حاجة.
قالت له حلا بامتنان: شكرا يا شادي مش عارفة أقولك إيه.
رد شادي بعفوية: متشكرنيش ده واجبي وبعدين مفيش شكر بيننا، أنا معرفش إزاي اختارتي الراجل الجربوع ده وسيبتيني، أنا محبتوش من الأول.
ابتسمت له حلا بود فهي تعلم طبيعة مزاحه: يا شادي قولتلك قبل كدة كتير أنت أخويا الصغير وأنت عارف كدة من زمان يا حبيبي ده أنا أكبر منك بأكتر من عشر سنين، بإذن الله تلاقي واحدة من سنك تسعدك وتريح قلبك.
لوى فمه باعتراض: وفيها إيه مش فاهم يعني!
قالت إسراء بصبر: أنت عارف أنه حلا أختك الكبيرة زيي بالضبط يا حبيبي، المهم دلوقتي مصلحتها أكيد مترضاش حد يعمل معايا كدة.
قال شادي باقتناع: أنا لو حد عمل كدة معاكِ أنا ساعتها هرفع له القبعة أنه قدر يضحك عليكِ أصلا!
صفعة أخرى هبطت على مؤخرة رأسه من إسراء التي صاحت بغيظ: عقابي! أنت عقابي في الدنيا وخيبة أملي.
هرب شادي قبل أن تضربه مرة أخرى فأغلقت الباب ورائه بقوة ثم زفرت بشدة حتى تُهدئ نفسها.
قالت إسراء بحنق: بغض النظر عن المستفز ده بس المهم هيعمل المطلوب منه أنتِ متقلقيش.
تنهدت حلا: وماما يا إسراء؟ ماما تعبانة ومش هقدر أسيبها لوحدها.
قالت إسراء بجدية: مش لازم تسيبيها لوحدها يا حلا وتشتتي نفسك بس لازم كل تركيزك الأيام اللي جاية تكسبي بسام قبل ماهو يكسبك، وده من مصلحتها كمان أمك لو عرفت حاجة زي دي ممكن تتعب أوي.
أردفت بحكمة: دلوقتي روحي البيت واستني مكالمة مني لما شادي يقولي نعمل إيه وراقبيه كويس.
أومأت حلا بطاعة ونهضت لتعود إلى المنزل، كانت خطواتها ثقيلة فهي لا تريد العودة، لا تصدق كيف انقلبت حياتها في يوم واحد ولكن ذلك قدرها.
ناداها عم زوجها أثناء صعودها لشقتها فعادت لتدخل إليه لتجد حماتها وبسام أيضا جالس هناك حيث لم تره إلا حينما دخلت.
أشار لها بالجلوس فجلست بتوتر.
وجه لها فهمي نظرة حادة وقال بنبرة حملت بعض اللوم: صحيح الكلام اللي سمعته من جوزك ده يا حلا؟
نظرت له حلا بدهشة ثم لبسام الذي وجدته يحدق إليها بابتسامة خبيثة على شفتيه، ازدردت ريقها بصعوبة وعادت تحدق إليه وهي تفكر ماذا يمكن أن يكون بسام قد أخبره حتى يقلب الأمور عليها لصالحه؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
قالت حلا بتوتر: قالك إيه يا عمي؟ أنا معرفش حاجة.
تحدث فهمي بعتاب: حكالي حاجات أنا مكنتش متوقع تطلع منك أنتِ يا حلا، أنتِ عارفة يوم ما دخلتي بيتنا أنا قولت أنك عاقلة إنما إيه اللي سمعته من حاتم ده! بيقول مش عايزة ترجعي بيتك ومصرة تفضلي عند مامتك وكمان كنتم هتتخانقوا لأنه بيقولك تقعدي في بيتك يوم، هو مش العزا خلص خلاص؟ دلوقتي الأهم بيت جوزك!
لم تعرف حلا بما تجيبه فقد كان فهمي من الأشخاص الذين يؤمنون بشكل تام أن ولاء المرأة الأول يكون لبيت زوجها مهما كانت الظروف مع أنه يعلم أنها كانت تواسي والدتها الوحيدة وتقضي الليالي معها حتى يصبح حالها أفضل كما كان الوضع صعبا عليها كذلك.
فركت يديها بتوتر وهي لا تعرف بما تجيبه خصوصا مع نظرات بسام التي تستفزها فقالت بصوت خافت: ممكن أتكلم مع حضرتك على انفراد يا عمي؟
قطب فهمي بتفكير للحظات فيما تطلع إليها بسام بريبة.
قال فهمي موافقاً: طيب تعالي معايا.
أخذها لغرفة أخرى تحت نظرات بسام المغتاظة.
قال بترقب: ها؟ عندك إيه بقى؟
فكرت حلا في شيء سريع تخبره به وأيضا تجعله في صفها، حينها تذكرت القهر الذي تعرضت له على يد بسام فتجمعت الدموع في عينيها.
قالت بصوت حزين: بسام يا عمي مش عارفة أقولك إيه بس متغير بقاله فترة، مبقاش عاجبه أي حاجة فيا ولا في البيت ودايما انتقاد على أي حاجة، حضرتك عارف إني قعدت مع ماما لأنها لوحدها ولسة جديدة عليها صدمة وفاة بابا وأنت فاهم في الأصول رغم كدة بسام عمره ما بات معايا مرة حتى لو إحنا الاتنين لوحدنا ومكنش بيقعد كتير أيام العزا أنا مستغربة أنه بيشتكي مني.
قررت حلا استغلال الألم الذي تشعر به حتى تقنع عم بسام بروايتها مع أن كثير منها حقيقيا إلا أنها لم ترى الأمر على حقيقته إلا الآن وهي تعلم أن عمه سيستاء منه بالتأكيد لأنه لا يقبل تلك التصرفات فهو من وجهة نظره يجب على بسام التواجد أثناء العزاء كفرد من العائلة وليس ضيفاً.
تنهد فهمي بضيق وهو يحك ذقنه مفكرا: الواد ده أنا تعبت وغلبت معاه وأفهمه الأصول من صغره مفيش فايدة.
نظر لحلا: خلاص يا بنتي متزعليش أنا فهمت الوضع دلوقتي وهفهمه، قومي اطلعي على شقتك ولا كأن حاجة حصلت.
كتمت حلا ارتياحها داخلها لأنه صدقها بسهولة، حين كانت تمر بجانب بسام ابتسمت له نصف ابتسامة مما أثار دهشته وتوتره في نفس الوقت.
صعدت حلا بسرعة واتصلت بإسراء لمعرفة أي معلومات منها تساعدها على الفور لأن بسام لن يظل صامتا بعد أن يوبخه عمه بشدة.
قالت لها إسراء: شادي قالي ابعتي لي رقمه وصاحبه هيتصرف أنتِ ابعتي الرقم بسرعة، وأي كلمة منه اقفي قدامه ومتخافيش اوعي تبيني له ضعفك.
أغلقت معها حلا وهي تفكر ماذا يحدث في الأسفل،طالما كره بسام عمه منذ طفولته حين توفى والده وتزوج هو بأمه كما اقتضت العادات وقتها، فقد كان يعامله بحزم وقسوة ولا يغفر له خطأ ونشأ وهو يخاف منه ومن غضبه، كما أنه لم يعطه كامل المال كما يريد بسام بل على قدر احتياجه فقط مما تسبب في حسرة بسام لأنه حتى لا يملك الذمة المالية الكافية ليبتعد عن سيطرة عمه.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
 في الأسفل كان فهمي يوبخ بسام بشدة: قولنا أنك كبرت وعقلت إيه كل اللي بسمعه ده؟ أنت راجل أنت؟ لما تسيب مراتك وحماتك لوحدهم؟ 
ظل بسام صامتاً وهو يحدق إلى الأرض فتابع فهمي بنقذ لاذع: هتفضل عيل صغير طول عمرك مش هتكبر ولا هتبقى راجل.
نظر له بسام بحدة وداخله حقد كبير ناحية عمه فاقترب منه يقول باستهجان: إيه مش عجبك كلامي ولا إيه؟
حاولت والدة بسام تهدئة الموقف كعادتها: لا طبعا يا حاج بس أنت عارف بسام طايش شوية إنما هو شاب كويس والله.
أشاح له بيده: قوم أمشي يلا.
نهض بسام وداخله أمواج من الغضب ناحية عمه الذي دائما منذ صغره يقلل من شأنه لقد كرهه لذلك ورغب دائما في التمرد ولكنه مع ذلك يهابه ولم يستطع يوما أن ينفذ ما يجول بخاطره.
صعد إلى أعلى ليجد حلا تجلس على الأريكة وتنتظره بابتسامة استفزته: أوعي تفكري أني هعدي لك اللي حصل تحت ده، كله بحسابه.
رفعت حاجبها وردت ببرود: وريني اللي عندك ده لو عندك أصلا.
زاد ردها من غيظه فتوعد لها: ماشي يا حلا هتشوفي مين هيكسب في الآخر والأسبوع مش طويل.
دلف ليبدل ملابسه ثم غادر بسرعة فانتظرت حلا بفارغ الصبر إسراء حتى تخبرها ما حدث بعد أن بعثت لها برقم بسام.
أتتها رسالة منها تقول أن صديق شادي نجح في تهكير هاتف بسام ويجب أن تأتي على الفور.
لم تطق الانتظار وهبطت تتحجج بموعد ضروري، ما إن فتحت لها إسراء الباب حتى بادرتها بنفاذ صبر: فين وريني!
قالت إسراء بهدوء: مستنين صاحبه يبعت لنا شات الواتس أدخلي خدي نفسك الأول.
جلست تنتظر تلك الرسائل بنفاذ صبر فكم تشعر بالفضول لتعرف من هي عشيقة زوجها وهل هي تعرفها أم فتاة مجهولة.
قال شادي فجأة: الرسائل جت.
أسرعت حلا تقف بجانبه وعينيها تبحث في تلك الرسائل أمامها، شعرت بغصة في قلبها وهي ترى تلك الرسائل الغرامية المتبادلة بين زوجها وفتاة أخرى.
قالت بصوت مرتعش: صورتها موجودة؟
أجاب شادي: اه استني.
أراها الصورة فأخذت منه الهاتف على الفور وهي تحدق إليها بصدمة كبيرة حين تعرفت على الفتاة صاحبتها.
قالت بعدم تصديق: أنتِ؟ جالا؟ لا مستحيل!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
جلست حلا من الصدمة فقالت لها إسراء بتعجب: مالك؟ أنتِ تعرفيها؟
هزت حلا رأسها بتيه وهي تتذكر جالا، لقد تعرفت عليها حين تزوجت من بسام فهي جارتهم التي تزوجت من رجل غني يكبرها في العمر ثم طُلقت منه ورغم ذلك عاشت في منطقة أخرى بعيدة مع والدتها التي توفيت منذ فترة، لقد أخبرها بسام أن جالا مثل أخته وستكون أيضا أخت لها ولكن حلا لم تتقرب منها فلم ترتح لها وكانت مقابلاتهم طوال سنوات زواجها معدودة للغاية.
أهذه هي من يخونها معها بسام وخدعها حتى يسرق مالها ويتزوجها؟ لما لم يتزوجها من البداية وهي كانت جارته سنوات طوال قبل أن يتعرف على حلا؟ لما تزوجها هي بالمقابل وخانها معها؟
بدأ رأسها يؤلمها فتركت الهاتف ووضعت يديها على رأسها وقسمات وجهها متجعدة بألم.
اقتربت منها إسراء بقلق: مالك يا حلا تعبانة؟ حاسة بأيه؟
حلا بألم: دماغي مش قادرة من كتر الصداع يا إسراء.
التفتت إسراء لشادي الذي وقف بتأهب: روح بسرعة هات حاجة من الصيدلية يا شادي.
أومأ شادي رأسه بطاعة وذهب بسرعة بينما ساعدت إسراء حلا على التمدد لترتاح.
مسحت إسراء على رأسها بحنان: حاولي ترتاحي ومتفكريش في حاجة.
ردت حلا بصوت مبحوح والدموع تنهمر من جانبي عينيها: مفكرش إزاي يا إسراء؟ أنتِ متخيلة حياتي اتقلبت إزاي؟ متخيلة بعافر ضد مين؟ ضد جوزي اللي هو المفروض سندي وحمايتي! هو اللي خاني وسرقني!
حاولت إسراء مواساتها قدر الإمكان رغم أنها تدرك صعوبة ما تمر به وأن لا شيء تقوله سيخفف من معانتها، أحضر شادي الدواء وظل يقف بالخارج قلقا على حلا حتى شعرت بتحسن وطمأنته بنفسها.
قالت له بتعب: هات التليفون يا شادي.
رفض حتى لا تتعب أكثر فأصرت عليه بحدة: قولتلك هات التليفون.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
أعطاه لها بتردد فأكملت حلا قراءة ما بينهما من رسائل بإشمئزاز طغى على ملامحها حتى هتفت بعدم استيعاب: كان بيجيبها البيت! كانت بتيجي وأنا مش موجودة حتى في موت بابا!
شعرت بالمرض حتى أنها أرادت التقيؤ ولكن لماذا صدمها هذا؟ ألم تعلم عنه ما يكفي حتى لا يصدمها أي شيء يفعله.
راقبها كلا من إسراء وشادي بشفقة فقال شادي بغضب: متعمليش في نفسك كدة ميستاهلش!
قالت حلا بمرارة: الزعل والحسرة على نفسي مش على حد تاني، أنا إزاي كنت مغفلة كدة!
بكت بحرارة حتى أن إسراء تأثرت وتجمعت الدموع في مقلتيها حزناً عليها ولأنها لا تحب البكاء قالت بغضب: مش هتفضلي قاعدة كدة يا حلا لازم تفوقي علشان تاخدي حقك وهو اللي يبكي بدل الدموع دم!
قال شادي بحماس: أنا عندي فكرة، صاحبي اللي ساعدني يقدر برضو يراقب تليفونه وأي مكالمات ولا محادثات بينه وبينهم نكون عارفينها.
توقفت حلا عن البكاء قائلة: معاك حق كفاية بكى لحد كدة.
قالت إسراء بجدية: شادي معاه حق يا حلا الموضوع ده مهم جدا أنتِ لازم تمسكي دليل عليه ده هيساعدك أوي، لازم يبقى معاكِ دليل عليه وعليها يوديهم في داهية.
فكرت حلا لدقيقة قبل أن تتطلع لشادي:كلم صاحبك يا شادي وأي فلوس يطلبها هياخدها، المهم ينفذ.
سألتها إسراء: وأنتِ هتعملي إيه؟ هتتعاملي معاه إزاي لما تروحي؟ لازم متبينيش ضعفك ليه اجمدي علشان يخاف.
ضحكت حلا بسخرية: أنتِ متعرفيش بسام مش دي الطريقة اللي تيجي معاه، بسام لأنه ضعيف بيحب يحس اللي قدامه أضعف منه علشان يطلع عليه نقصه ويعوض اللي بيعمله فيه، أنا عارفاه كويس.
ثم تحولت قسمات وجهها للصرامة: وعارفة أنا هتعامل معاه إزاي.
كان بسام يجلس في شقة جالا فيما هي تسير في أنحاء الصالة بغضب.
قالت له والغيظ يكاد يحرقها: إزاي تسيبها تعمل كدة! اهي قلبت عمك عليك وبقى في صفها!
فرد يديه بسام بحنق: طب أعمل إيه سمعت كلامك ومعرفش إزاي قلبته ضدي! 
ظلت تفكر بشكل محموم قم لمعت عيناها بخبث، ذهبت بسرعة وجلست بجانبه: أنا عارفة تعمل إيه، المرة دي ضمان نخلص منها نهائي ده كمان هيطلع معاك الحق وتقدر تطلقها وترميها في الشارع والناس كلها تتعاطف معاك لما يعرفوا أنها....
لم تتابع كلامها عن عمد ليتسائل باستغراب: أنها إيه؟
أفصحت شفتيها عن ابتسامة ماكرة متابعة: أنها خاينة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
صُدم بسام مما قالته وهتف بعدم تصديق: خاينة إزاي!
جالا بذكاء: أيوا لما الناس تعرف أنها كانت بتخونك مع حد تاني ويا سلام لو كان فيه شهود، ساعتها بس عمك ده اللي هيجبرك تطلقها ومحدش هيصدق أي حاجة بتقولها.
نظر لها بسام ورد بغباء: بس هي مش بتخوني.
أمسكت جالا نفسها من أن ترد رداً لاذعاً بسبب غباءه ولكنها أخذت عدة أنفاس عميقة حتى تتمكن من النقاش معه.
قالت بحنق: إحنا بنتكلم هي خانتك ولا لا! إحنا بنقول هنطلعها كدة قدام الناس وتقدر تخلص منها وتاخد الورث من غير ما حد يقولك كلمة.
حدق إليها بحيرة: طب إزاي؟
ضحكت: إزاي دي سيبهالي أنا، أنا هتعرف أتصرف بس أنت أسمع الكلام وبعدين لازم تغير طريقة تصرفك دلوقتي علشان خطتنا تمشي صح.
استمع بسام باهتمام: يعني أعمل إيه؟
وضعت يدها على كتفه بدلال: يعني يا بسومي أنت هتجر ناعم معاها وتديها الأمان، تبين لها أنك ندمت أو بتفكر تاني علشان تطمن على الآخر وساعتها نضرب ضربتنا الكبيرة على غفلة.
تردد بسام: متأكدة أنها هتنفع؟
رفعت حاجبها بتحدي: وأنهي خطة خططتها قبل كدة منفعتش؟
ضحك بسام: إذا كان على كدة فأنتِ من زمان مصاحبة إبليس!
ابتسمت بزهو لنفسها وقالت بمكر: ٦ أيام! كلها ٦ أيام وكل حاجة تبقى بتاعتنا وملكنا إحنا يا بسام وحلا هتترمي في الشارع ولا تسوى.
أرادت إسراء أن تفهم ما تفكر به: طب قوليلي هتعملي إيه؟
قالت حلا بهدوء آثار الريبة: هرجع حقي زي ما اتاخد مني بالضبط.
تابعت بوعيد: كلها ٦ أيام يا بسام وهتدفع أنت وهي تمن كل القرف عملتوه فيا وكدب وخيانة السنين دي كلها!
عادت إلى البيت ولم يعد بسام تلك الليلة فافترضت بشكل تلقائي أنه يقضي الليلة عند جالا، رغم كل تماسكها لازالت تجد صعوبة في تصديق حقارتهما ومدى دناءة المخطط والخداع الذي تعرضت له ولكن لأن ليس هناك أي وقت للانهيار تماسكت ولينتظر ذلك الألم.
في اليوم التالي دلف للمنزل ليجدها تجلس على الأريكة في مواجهته، كان عابسا فتذكر حديث جالا ليعدل من تعبير وجهه أما حلا فظل تعبيرها هادئا لترى ما سيفعل.
تذكر خطة جالا فذهب لغرفة النوم وتركها مفتوحة عن عمد ثم رفع الهاتف وتظاهر بأنه يتحدث فيه.
قال بصوت عالي حتى تسمعه: يعني الكلام اللي بتقوليه ده؟ بعد كل اللي عملته علشانك؟
نظر بطرف عينه ليرى إن كانت حلا تستمع أم لا ثم أردف بغضب مصطنع: أنتِ طلعتي خاينة وغدارة وأنا غلطان أني خربت بيتي علشانك وسيبت مراتي اللي متتقدرش وكنت مستعد أطلقها علشان خاطر خاينة زيك!
أغلق المكالمة المزعومة ورمى الهاتف بعصبية وهو يزفر بصوت عالي وتساءل بينه وبين نفسه إن كانت حلا استمعت له وصدقت تلك التمثيلية التي قام بها الآن حتى تكون بداية طريقه في استمالتها.
أخفت حلا ابتسامة سخرية لطالما كان التمثيل أكثر ما يفشل فيه بسام وخصوصا اصطناع العصبية فهو يخفق إخفاق تام وتكشفه تعبيرات وجهه المزيفة بسرعة ولا تستطيع نبرة صوته المفتعلة أن تقنع طفل صغير حتى.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
خرج إلى الصالة ليجدها مازالت جالسة فأخفت مشاعرها وراء قناع من الجمود، تقدم ليقف أمامها بتردد مفتعل: حلا... ممكن نتكلم؟
فكرت حلا إذا كان يريد اللعب فلما لا تتسلى قليلا هي الأخرى؟
نظرت بعيداً وقالت بنبرة ألم: عايز إيه؟ مش مستني الأيام تخلص علشان تطلقني؟ مفيش كلام بيننا.
جلس أمامها يستجديها حتى تستمع إليه: يا حلا صدقيني أنا غلطت بس ندمت، ندمان أوي أني عملت كل ده وخربت بيتنا علشان واحدة متستاهلش دي غلطة متهديش كل السنين دي علشان غلطة ونزوة ممكن تحصل لأي راجل.
كتمت بداخلها الرد المناسب الذي أرادت رميه في وجهه حتى تتركته يتابع كذبته.
أمسك بيديها فحاولت السيطرة على الاشمئزاز الذي يموج بداخلها لأنها لم ترد أن يلمسها على الإطلاق وتابع: أدينا فرصة تانية يا حلا وأنا أوعدك أني هتغير.
تظاهرت بالتردد والحيرة فاستغل الفرصة وضمها لصدره، تغيرت قسمات وجهها للتقزز وهي ترغب في الإبتعاد عنه على الفور: أديني فرصة وكل حاجة هترجع زي الأول؟
قالت حلا ببرود: وحقي؟
صمت للحظات وهو لم يفكر في أنها ستسأله عن ذلك، أسرع في الرد حتى لا تشك به: هرجعه طبعا يا حبيبتي علشان تعرفي أن نيتي خير.
ابتعدت عنه ونظرت لوجهه بتحدي: رجعه.
توتر بسام فلم يتوقع طلبها أو استجابتها بهذه السرعة.
قال بارتباك: طبعا.....طبعا هرجعه يا حبيبتي بس أنتِ سامحيني وأديني فرصة تانية.
أخفت وجهها حتى تستطيع التظاهر بالبكاء دون أن تضحك من سخرية الموقف الذي به: أسامحك إزاي بعد اللي عملته فيا أنت جرحتني أوي وأنا خلاص خسرت ثقتي فيك.
ضمها له مرة أخرى بنبرة متوسلة وعينيه تلمع بالخبث: أنا هرجع الثقة دي يا حبيبتي، صدقيني الأيام الجاية هتبقى حاجة تانية خالص وهثبت لك كلامي.
رأسها مستند على صدره نظرت حلا للأمام بتوعد وهي تجيب بصوت خافت: وأنا مستنية أشوف.
في اليوم التالي أخبرتها إسراء أن الشخص الذي يعرفه شادي يريد مقابلتها شخصيا ورغم استغرابها افترضت أنه يريد الحصول على بعض المعلومات منه فذهبت مستغلة غياب بسام عن المنزل.
حين ولجت للداخل رأت شاب يجلس مع شادي نهض حين رآها، كان يبدو عليه أنه في أواخر العشرينات من عمره.
تقدمت حلا حتى وقفت على مسافة مناسبة، نظرت له لتجد أنه يبادلها التحديق ولكن بنظرات شعرت بها غريبة وليس غرضها التعرف لأول مرة، كان ينظر إليها كأنه يعرفها وكان ينتظرها.
قام شادي بالتعارف بينهما: حلا ده مالك اللي حكيت لك عنه، ودي مدام حلا يا مالك أنا قولتلك على مشكلتها.
أومأ مالك برأسه وقال بصوت هادئ: أهلا يا مدام حلا.
شعرت حلا بالتوتر دون أن تدري السبب وأجابت إجابة مناسبة بصوت خافت.
قال شادي بمرح: اقعدوا أنتوا على ما أعمل شاي وأجي، عليا شوية شاي عمركم ما دوقتوا زيه قبل كدة.
قالت إسراء بسخرية: يوجع البطن.
تجاهلها شادي وهو يغادر للمطبخ، عم الصمت على المكان فلم تتحدث حلا وانتظرت من مالك أن يبدي أي إشارة للحديث عن الموضوع الذي أتت من أجله.
سمعوا فجأة صوت لشيء يقع وصراخ شادي يصلهم من المطبخ فنهضت إسراء بملل: هروح أشوف كسر إيه وأجي علطول.
بقيت حلا جالسة بتوتر شديدة لا توجه أي نظرات لمالك بل تنظر ليديها بإحراج حتى سمعته يقول: متوقعتش أقابلك تاني بعد السنين دي كلها.
رفعت رأسها بذهول: تقابلني تاني؟ أنت تعرفني أصلا!
حدق إليها بنظرات شاخصة وابتسامة خفيفة: أنتِ مش عارفاني؟ يمكن معاكِ حق لأنك ملحقتيش تشوفيني أصلا.
ركزت حلا على وجهه وهي تحاول أن تفكر من أين أتى بهذا الثقة وهي أول مرة تقابله في حياتها هو اليوم؟ 
حين تفحصت ملامح وجهه أكثر أحست بالفعل بأنها مألوفة بشكل ما ولكن بطريقة مبهمة ثم وكأن ذاكرتها عادت فجأة اتسعت عيونها بصدمة وقالت: هو أنت؟ أنت اللي ضربت بسام يوم فرحنا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لم تحتج حلا لإجابة فقد كانت النظرة في عينيه كافية لتخبرها.
تذكرت منذ أربع سنوات حين كان يوم عقد قرانها على بسام بعد إتمام القران كانا يرقصان معا بسعادة وسط الناس حين استدعى أحدهم بسام فجأة وحين تأخر قلقت حلا حتى أنها انسحبت من وسط الناس بهدوء وهبطت لترى ثم تفاجأت برؤية شاب يضرب بسام زوجها ضرباً مبرحاً وبسام لا يقوى على إبعاده.
صرخت وهي تركض إليهم فترك الشاب بسام ليسقط على الأرض وتسرع حلا إليه ترفعه وتتفحص وجهه الدامي من كثرة الضربات مع نزيف أنفه وفمه.
رفعت بصرها لتتطلع بكره إلى ذلك الشاب الذي ضرب زوجها وخرب فرحتها، كان يقف على مسافة منهما يدير نصف وجهه لهما ورغم إضاءة الشارع الضعيفة استطاعت يومها رؤية الألم الطاغي في عينيه مع الغضب الحارق، لا تعلم إن كانت مخيلتها التي صورت لها وجود دموع خفيفة في عينيه وهو يحدق إليها، ترقبت بخوف إن كان سيعود ليضربه من جديد ولكنه استدار وغادر بخطوات واسعة.
نظرت له بذهول فابتسم ابتسامة خفيفة.
وقفت بانفعال: وأنت جاي بعد كل ده غرضك إيه؟ تنتقم منه عن طريقي؟ أبقى وسيلة بالنسبة لك علشان تعمل اللي عايزه؟
نظر لها نظرة صارمة وقال بهدوء: اتفضلي أقعدي علشان نقدر نتكلم وأقولك غرضي إيه.
زفرت بحدة وجلست بنفاذ صبر وهي تدير وجهها بعيدا تنتظر سماع تبريره.
بدأ مالك الحديث: معرفتي ببسام مبدأتش من ساعة ما شوفتيني، معرفتنا بادئة من زمان أوي يمكن من ساعة ما اتولدنا إحنا كنا جيران من صغرنا ساكنين في شارع واحد، من وأحنا صغيرين وبسام عنده كره غريب ليا مع أننا مكنش صحاب ولا حتى قريبين من بعض ولا حتى أذيته في حاجة بس كان بيكرهني لأني.....
توقف قبل أن يكمل بابتسامة ساخرة: لأني أحسن منه، كانت دايما الناس بتحبني وتشكر فيا وفي أخلاقي على عكسه هو طبعا دايما مشاكله مع عمه معروفة بين الناس غير أنه كان علطول يشتكي منه ولأني كنت عكسه في كل حاجة كرهني وكره حب الناس ليا وسمعتي الكويسة رغم أني معملتلوش أي حاجة بالعكس يوم ما حاولت اصاحبه صدني جامد، كان بيحاول يعمل معايا أي مشاكل بس كنت بتجنبه لراحة بالي أنا في النهاية إنسان مش بحب وجع الدماغ لحد ما ......
طال صمته هذه المرة وهو شارد وشعرت حلا بأنها ترى نفس نظرة الألم التي شاهدتها قبل سنوات الآن مرة أخرى في عينيه.
قال بصوت يظهر فيه الصغينة: أذاني، كان عايز يوجعني ووجعني في أغلى حاجة عندي منتقمش مني لأي سبب إلا لأني أحسن منه وبس فكان عايز يقهرني.
نظر لها بابتسامة شعرت من خلالها بالكراهية الموجهة لبسام والتي أخافتها مردفاً: هتصدقي لو قولتلك أنه المقابلة بعد السنين دي صدفة ومكنتش أعرف أنه أنتِ في الأول بس على العموم علشان كدة متستغربيش أني عايز أخد حقي منه أنا كمان.
نظرت له حلا بشك: وأنا أتأكد أنك بتقول الحقيقة إزاي؟
رفع كتفيه بلامبالاة: والله ده اختيارك الشخصي أنا قولت اللي عندي ومعنديش أي سبب علشان اكدب عليكِ.
في تلك اللحظة عادت إسراء مع شادي قبل أن ترد حلا وتبين أن شادي أحرق يده، احتارت حلا هل تصدقه أم لا لكنها بناءاً على الظروف الراهنة لم يكن أمامها أي خيار غير تصديقه وطلب مساعدته.
قال مالك لحلا بنبرة جدية: أنا هراقب كل محادثاته وأي حاجة توصل هبلغك بيها فورا عن طريق شادي.
أومأت حلا برأسها بهدوء فنهض مالك حتى يغادر وقبل أن يذهب ابتسم لها ابتسامة غامضة زادت من حيرتها ناحيته وأحست بأن هناك أكثر مما أخبرها به مازالت لا تعلمه ولرغبة ما داخلها شعرت بأنها لا تريد أن تعلم.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في ذلك الوقت كان بسام يجلس عند جالا يشعر بالملل: أنا زهقت هنعمل إيه!
نظرت له جالا بضيق بينما تفكر في حل ثم ضحكت بفرح: لقيتها!
قال بسام بلهفة: إيه قوليلي!
ابتسمت جالا بخبث: الناس مش هتصدق أي كلام بدون دليل، حتى رسائل الواتس مبقتش مضمونة ممكن تنكر أنها متفبركة بس لو دليل حي عمر ما هتقدر تنكر ولا حد يصدقها أبدا.
سألها بسام بتعجب: دليل حي زي إيه؟
نظرت له بتسلية: زي رجل معاها في الشقة مثلا.
حدق إليها بسام بذهول: أنتِ بتقولي إيه!
رفعت حاجبها: بقول إيه؟ أحسن حل ومضمون ساعتها حلا مش هتقدر ترفع عينها في حد وسمعتها في الأرض.
صمت لدقيقة كأنه يفكر: مش عارف.
وجهت له نظرات حادة: مش عارف إيه! ولا عايز تستنى لحد ما متعرفش تطلقها وتاخد كل حاجة منك تاني!
قال بسرعة: لا لا يا حبيبتي مش قصدي بس هتحصل إزاي دي؟ 
قالت بزهو: أنا هقولك تحصل إزاي، فاكر سعيد؟
عقد حاجبيه يفكر للحظات قبل أن تتسع عيونه بدهشة: يااه سعيد!
أومأت بتأكيد: أيوا هو ده اللي هيخلص لنا كل حاجة، اتفاق واحد زي زمان وخلاص كسبنا.
نظر لها بسام وضحك بانهبار: بصراحة يا حبيبتي أنتِ كل مرة بتدهشيني بذكائك ده.
ابتسمت بغرور: أقل حاجة عندي يا حبيبي.
كانت حلا تفكر في الذهاب لمحامي حتى يجد مخرج لمشكلة التنازل الذي وقعت عليه فيجب أن تسترجع ذلك الحق كما سُلب منها قبل أن تنتهي تلك الأيام ويقوم بسام بتوثيق ذلك التنازل رسميا وعندها تكون خسرت كل شيء للأبد ويجب أن تحكم خطتها في تعاملها مع بسام فالأيام تمر ويجب أن تكون تحركاتها وتصرفاتها دقيقة للغاية.
وصلتها رسالة من إسراء تخبرها أن مالك علم أن بسام تواصل مع شخص يدعى سعيد يطلب مقابلته وقد استطاع مالك إيجاد صورته وبعثها لشادي وطلب منه أن ترى حلا تلك الصورة لأنه شعر بأن الموضوع له علاقة بها فطلبت حلا باستغراب أن تبعثها لها.
نظرت حلا بتركيز لتلك الصورة فقد كان شخصاً غريباً ولكن بعد لحظات أحست بأنها رأته من قبل، زفرت بضيق وهي تبحث بلا جدوى في ذاكرتها حتى أخبرت إسراء بأنها لا تتذكر حاليا إن كانت تعرفه أم لا وحين ستتأكد ستراسلها لتخبرها.
شعرت بالنعاس وذهبت حتى تخلد إلى النوم، وضعت رأسها على الوسادة وأغمضت عيناها بإرهاق تتمنى لو ترتاح قليلا من تلك الفوضى، حينها فكرت بحسرة في أول مرة قابلت بها بسام ودخل لحياتها.
فتحت عيونها على أوسعها وجلست بصدمة وهي تدرك أنها بالفعل تعرف ذلك الشخص!
اضطربت أنفاسها وهي تمسك بهاتفها بسرعة وتتصل بإسراء.
حين أجابت صاحت بها حلا بإرتياع: إسراء أنا افتكرت! ده الشخص اللي بسام أنقذني منه في أول مرة اتقابلنا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ردت إسراء بعدم تصديق فهي لم تستوعب كلامها بالكامل لأنها كانت على وشك النوم هي أيضا: أنتِ متأكدة يا حلا؟ الموقف ده من سنين!
ردت بنبرة مرتعشة: أيوا متأكدة دي من أسوأ ذكريات حياتي أنساها إزاي!
تابعت بإصرار: أنا عايزة أقابل مالك بكرة ضروري يا إسراء! أنا حاسة أني في متاهة كبيرة أوي وكل شوية أكتشف حاجة أسوأ من اللي قبلها أنا كنت عايشة سنين في كدبة!
أغلقت معها حين أكدت لها إسراء بأنها ستذهب لمحادثة شادي حالا حتى يتصل بمالك، ألقت الهاتف جانبها بفتور.
شردت في تلك الحادثة التي كانت السبب في تعرفها على بسام منذ أربع سنوات ونصف، كانت في فترة الامتحانات الخاصة بجامعتها فقد كانت في السنة الأخيرة وكانت في طريقها للمنزل بعد أن انتهت من محاضرة مراجعة للمادة الأخيرة حين كانت تمر في شارع هادئ وفجأة هاجمها شخص محاولا اختطاف حقيبتها منها، رغم صدمتها إلا أنه كانت ردة فعلها الأولية هي التمسك بالحقيبة بشدة حينها ضربها ذلك الشخص المقنع في بطنها، تألمت حلا ولكنها أصرت على التمسك بحقيبتها وهي تصرخ للمساعدة وتطلع حولها إلا أن الشارع كان فارغ من أي شخص عداها والسارق.
ضربها السارق مرة أخرى على وجهها ليجعلها تُفلت الحقيبة بدون فائدة، مدت حلا يدها محاولة نزع قناعه ونجحت جزئيا حتى انخلع القناع فجأة مع سقوطها على الأرض، في تلك اللحظة ظهر بسام الذي أمسك بالسارق ومن بين رؤيتها المشوشة استطاعت رؤية أنه يضربها قبل أن يدفع السارق بسام ويهرب ورغم أن تلك الرؤية تتعد الثواني إلا أن صورته بقيت في ذاكرتها لأنها من أسوأ ذكريات حياتها فهي قد ظلت فترة لا بأس بها غير قادرة على نسيان الرعب الذي عاشته تلك الليلة، أوصلها لمنزلها تلك الليلة وقد شكره والدها بشدة عندما علم بما حدث ثم بدأ بعد ذلك دخول بسام لحياتها حين تكررت زياراته وأعجبت به وشعرت بأنه هو أيضا معجب بها وبعد فترة تقدم لخطبتها فوافقت.
عادت للاستلقاء على الوسادة ولكن النوم لم يعرف لعينيها طريق تلك الليلة فقد ظلت تفكر ما الذي يربط بين بسام وذلك السارق؟ وهل هناك صدمة جديدة هي على وشك اكتشافها؟
في اليوم التالي جلست تنتظر حضور مالك بترقب والفضول يكاد يحرقها حتى تعلم ما توصل إليه، ظلوا جالسين وحلا شاردة حتى أن إسراء حاولت الحديث معها بضعة مرات بدون فائدة حتى حضر مالك فتنبهت حلا إليه بكل حواسها.
أخذ نفسا عميقا قبل أن يبدأ الحديث مما أشعر الجميع بأن ما سيقوله ليس سهلا: شادي بعت لي إنك تعرفي الشخص ده فبدأت أبحث علشان ألاقي أي معلومات عنه وبعتت لواحد صاحبي كمان وجاني معلومات أنه الراجل ده إسمه سعيد بلطجي وعنده سوابق قبل كدة سرقة وغيره.
عقدت حلا حاجبيها وهي تربط الأمور ببعضها: وليه بسام عايز يقابله؟ إزاي يعرفه أصلا!
نظر لها مالك بتفحص: أنتِ اتعرفتي على بسام إزاي يا مدام حلا؟
سردت له سريعاً الموقف الذي أدى لتعارفهما فقبض مالك على يده وارتجف فكه نتيجة للغضب الذي يشعر به.
قال بنبرة حادة: ولحد دلوقتي أنتِ موصلكيش هو يعرفه إزاي؟ بلطجي معروف يعرف بسام من سنين وواضح بينهم اتفاقات ومعرفة قوية وبيقابله يبقى إيه! يبقى كل دي كانت لعبة عملها ساعتها علشان يتعرف عليكِ وتثقي فيه ودلوقتي شكله محتاج له تاني علشان يعمل عليكِ لعبة تانية! أنتِ إزاي لحد دلوقتي مش مستوعبة اللي بيحصل؟ 
نظرت له بذهول فرغم الصدمة الجديدة التي تحاول استيعابها أتى توبيخ مالك كأنه يزيد عليها، طفح الكيل بها فلم تستطع التحمل ونهضت تصرخ به: لا موصلنيش! هيوصلني إيه؟ أنه كل الكدب والخداع اللي عمالة اكتشفه ده بيحصلي من حد المفروض أقرب إنسان ليا؟ الشخص اللي المفروض يكون أماني هو سبب كل وجعي؟ أنه خدعني من سنين علشان يدخل حياتي زي ما بيخدعني دلوقتي علشان يخرج منها؟ المفروض أفهم أني كنت طول الوقت مغفلة وغبية!
صرخت بآخر عبارات بقهر وانهمرت دموعها وهي تحدق إليه بانهيار، كان مالك صامتاً لا يدل أي شيء من تعبيرات وجهه على تأثره إلا عيونه التي ظهرت فيهما جميع انفعالاته.
انهارت حلا تجلس على الأريكة تبكي بشدة وقد أخفت وجهها بين يديها، جلست إسراء بجانبها تضمها لها وتواسيها، كان مالك يقف يحدق إليها بمزيج من العجز والحزن.
قال شادي بانفعال وقد أحزنه مرأى حلا: أوعي تعيطي ميستاهلش دمعة واحدة منك، لو عايزة أروح ادغدغه دلوقتي هروح!
وضع مالك يده على كتف شادي حتى يتركها لتفرغ ما بداخلها من ألم.
همست وسط انتحابها بصوت متشنج: ليه أنا؟ ليه عمل فيا كدة ليه؟
أدار مالك ظهره وهو يتنفس بصوت مسموع فهو لم يعد يتحمل رؤيتها على تلك الحالة الصعبة، حين هدأت جلس مالك أمامها وخاطبها بنبرة عطوفة: مدام حلا لو سمحتِ اسمعيني.
حدقت إليه بعيون حمراء من كثرة البكاء فتابع بنبرة حازمة: أنا عارفة أنه كل الصدمات دي مش هينة عليكِ أبدا وأنك اتظلمتي ظلم كبير علشان كدة أنا بوعدك أني أجيب لك حقك منه.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
اتسعت عيونها بدهشة فتابع بهدوء: أنا إنسان بحترم نفسي وحدودي كويس وبحترم أنك إنسانة متجوزة، اعتبريني أخ ليكِ بيساعدك مش أكتر.
مسحت حلا دموعها بقوة: أنا متشكرة ليك بس دي معركتي لازم أنا اللي أقف وأحارب فيها بنفسي.
ابتسم مالك ابتسامة خفيفة: وماله؟ اعتبريني جندي معاون.
توترت حلا من حديثه فتطلعت لإسراء: أنا لازم ألاقي محامي كويس النهاردة أروح له.
تدخل مالك في الحديث: اعذريني على المقاطعة بس أنا أعرف محامي كويس جدا يقدر يساعدك زي ما أنتِ عايزة.
أومأت حلا برأسها موافقة فتحدث مالك من المحامي الذي يعرفه فقد كان محامي مخضرم ومشهور ولكنه قال له أنه في إجازة مرضية ولن يستطيع مساعدته حاليا لذلك رشح له محامي يعرفه بارع للغاية وسيتمكن من مساعدتهم، شكره مالك بعد أن أخذ عنوان المحامي وأخبر حلا بذلك.
طلبت منه حلا الذهاب يوم فاصطحبها مع إسراء التي أصرت على ألا تتركها لوحدها، انتظروا بهدوء في مكتب المحامي حتى يحين ميعادهم بينما كانت حلا شاردة أمامها لقد نالت كفايتها من الصدمات حتى شعرت بنفسيتها المتعبة تتسبب في تعبها جسديا كأنها تعرضت للضرب.
تحدثت السكرتيرة في الهاتف الذي أمامها قبل أن تقول بابتسامة وهي تنهض: تقدروا تتفضلوا أستاذ حسام جاهز يقابلكم دلوقتي.
دلفوا ليجدوا حسام يقف في انتظارهم بترحيب، مد مالك يده مصافحا: حضرتك أستاذ حسام؟ أنا جاي من طرف الأستاذ جلال.
صافحه حسام بابتسامة: أيوا الأستاذ جلال كلمني وبلغني أنكم جايين اتفضلوا اقعدوا.
جلسوا ليبدأ مالك الحديث: الأستاذ جلال قال لحضرتك أي حاجة؟
هز حسام رأسه نافياً: الحقيقة لا هو قال إني هفهم منكم.
تطلع مالك لحلا حتى يحثها على الكلام فقالت بتردد: الحقيقة المشكلة عندي أنا.
زفرت قبل أن تتابع: بابا مات من فترة قريبة وليا ورث جوزي مضاني على ورق باعتبار أنه توكيل طلع تنازل واكتشفت أنه بيخوني وناوي يطلقني بعد ما خد مني ورثي بالتنازل ده وأنا مش عارفة أعمل إيه.
نظر حسام للقلم الذي يتلاعب به بين يديه بعبوس وسألها: طيب هو عمل أي حاجة بالتنازل ده لحد دلوقتي؟
هزت رأسها: لا لأني بشكل ما هددته أنه ميقدرش يطلقني دلوقتي وهو مستني علشان لما يجي الوقت يطلقني وياخد كل حاجة بالتنازل ده.
رن هاتف حسام حين كان على وشك الرد عليها فاعتذر منهم ثم رد بهدوء: أيوا يا حبيبتي فيه حاجة؟ 
ظهر القلق على وجهه: إيه تعبانة؟ طب مالها؟ طيب أنا هتصل أحجز عند الدكتور وأخلص واجي علطول.
أغلق الهاتف واعتذر مرة أخرى: أنا آسف بس الظاهر بنتي تعبانة مضطر أنهي الإجتماع بسرعة.
وجه حديثه لحلا بجدية: المهم يا مدام حلا تعرفي التنازل ده فين؟ أو تقدري تلاقيه؟
فكرت حلا بحيرة: لا معرفش هو فين ممكن أدور عليه في البيت.
قال حسام مؤكداً: ياريت لو تقدري تلاقيه على العموم هحدد معاد تاني بكرة بإذن الله تيجوا فيه علشان نتناقش وأعرف التفاصيل بشكل أدق.
في تلك اللحظة فُتح الباب ليتفاجأ الجميع بدخول إمرأة شابة باكية مع طفلة بين ذراعيها وأخرى بين يدي السكرتيرة.
أسرعت لحسام تقول باكية: شوف مرام يا حسام تعبانة أوي.
نهض حسام بذهول: أنتِ كنتِ جاية في السكة يا هديل طب كنتِ قوليلي.
تناول منها الطفلة وتفحصها وسألها بحنان:مروم حبيبة بابا مالك؟
أشارت مرام لحلقها وقالت بصوت طفولي منخفض: زوري.
قال بحنان: زورك بيوجعك يا حبيبتي؟ فيه حاجة تانية بتوجعك؟
هزت مرام رأسها فقالت هديل باعتراض: لا كانت بتكح كمان من شوية.
أخذ حسام نفساً عميقاً وقد هدأ قلقه فنظر لزوجته بعتاب: مجرد وجع زور ممكن يكون من الآيس كريم اللي كلت منه امبارح إنما البنت الحمدلله مش سخنة ولا عندها برد شديد يعني الحمد لله حاجة بسيطة مش مستاهلة القلق ده كله.
قالت هديل بتذمر: بس أنا خوفت يمكن تتعب أكتر فجأة ولا حاجة.
أدركت هديل فجأة في تلك اللحظة أن هناك ثلاثة أشخاص في الغرفة معها واحمر وجهها من شدة الإحراج للازعاج الذي سببته.
قالت بإحراج: أنت كنت بتشتغل أنا فكرت معندكش حد دلوقتي أنا آسفة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظر لها الثلاثة بعطف وقالت حلا: ولا يهمك على العموم كنا ماشيين.
قالت هديل بسرعة: لا لا اقعدوا مش عايزة اعطلكم.
قال لها حسام بصرامة: أقعدي الأول ارتاحي من المشوار.
جلست وضمت ابنتها الأخرى مريم بينما جلس حسام وأجلس مرام على ساقه.
نظر لها بتسامح: الحمد لله البنت بخير متقلقيش وتشيلي نفسك يا حبيبتي.
ابتسمت له بخجل فقد كان يتحمل نوبات قلقها الغير منطقية بشأن صحة توأمهما ولكنها لا تستطيع ألا تقلق فهي قد رزقت بهما بعد عناء ولا تستطيع تحمل إصابتهما بأي مكروه.
نظر حسام للأشخاص الجالسين وقال بفخر: أحب أعرفكم مراتي هديل وبناتي التوأم مرام ومريم بفضل الله قربوا يتموا ٤ سنين.
قالت إسراء بابتسامة: أهلا مدام هديل ماشاء الله ربنا يحميهم لك ويبارك فيهم.
ابتسم مالك للطفلتين بينما نظرت لهم حلا بحنين فقد كانت دوماً تتمنى الحصول على طفل ولا تعرف سببا لعدم إنجابها حتى الآن ولكنه كان يؤلمها دائما لأنها تحب الأطفال كثيراً.
قالت لهديل بصدق: بصراحة يا مدام هديل مفيش حاجة تعتذري عليها أنا لو مكانك هعمل أكتر من كدة كمان.
ضحكت هديل بخجل ونظرت لها ولمالك: بإذن الله بكرة ربنا يرزقك بس متتعذبيش عذابي ده.
وتابعت موجهة حديثها لمالك: وربنا يعينك لأن حسام شايف مني اللي محدش شايفه أبدا.
توترت حلا ونظرت لمالك في تلك اللحظة لتلتقي أعينهما فأبعدتها بسرعة بارتباك، لقد ظنت هديل بلا سبب أنهما زوجان وقبل أن تصحح لها اعتقادها الخاطئ نهض مالك وقال: نستأذن إحنا يا أستاذ حسام وبإذن الله على ميعادنا بكرة.
نهضت حلا بارتباك مع إسراء التي التزمت الصمت، يعد ذهابهم ولجت سارة قائلة لحسام: أستاذ حسام عندك ميعاد بعد ساعة.....
قاطعها حسام بلامبالاة: لا لا أجليه لبكرة مش فايق لمواعيد تانية النهاردة.
نظرت لها هديل بانزعاج وقالت بأمر: وهاتي لينا اتنين قهوة ومتخليش حد يزعجنا.
احمر وجه سارة بغيظ ولكنها أومأت بطاعة وغادرت فيما ابتسمت هديل فإذا كانت ساعدتها سابقاً فهي لم تتوقف عن الشعور بالغيرة خصوصا أن سارة كانت تتعمد إزعاجها في بعض المناسبات ولكن هديل تعلمت ألا تترك لها الفرصة وتذكرها بمكانها.
أسند حسام مرفقه على مسند الأريكة واستند بوجهه على يده ناظراً لهديل بقلة حيلة ممزوجة بالمحبة: طب أعمل فيكِ إيه بس على اللي بتعمليه فيا!
ابتسمت هديل بدلال بينما تميل عليه وتسند رأسها على صدره: هتعمل إيه يعني يا حبيبي؟
قبل قمة رأسها بحنان وأردف بحب: هحبك أكتر.
عادت حلا للمنزل بعد أن افترقت عن إسراء ومالك ورغم شعورها بقلقهم عليها إلا أنها كانت تريد الانفراد بنفسها.
إن كانت فكرت سابقاً بأن بسام قد تخطى كل الحدود فهي مخطئة يبدو أن لا حدود لدنائته ويبقى السؤال الأهم هو لماذا؟ لماذا فعل معها كل هذا؟ لما يريد أن يحطمها بهذا الشكل؟ ولماذا تزوج بها منذ البداية بدلا من عشيقته إن كان لا يحبها!
عادت للمنزل وهي متعبة جسدياً ونفسياً للغاية، سمعت صوت بسام يجلس مع عمه ووالدته فامتلأ قلبها بالكراهية ناحيته، أدركت أن عليها التصرف بحذر لذلك صعدت وولجت بهدوء.
ابتسمت لهم ابتسامة مصطنعة: السلام عليكم ورحمة الله عاملين إيه؟
ابتسم لها عمه وزوجته بينما نهض بسام فورا وقد تذكر دوره: اهلا يا حبيبتي كنتِ فين كل ده رجعت ملقتكيش.
عقد فهمي حاجبيه: يعني إيه؟ خرجتي من غير ما تقولي لجوزك يا حلا؟
أدركت حلا ما يحاول بسام فعله لذلك قالت بهدوء: لا طبعا يا عمي قولتله قبل ما أخرج.
ثم نظرت لبسام: بس شكله نسي زي عادته.
لم يجب فقال فهمي: قومي يا حلا يلا هاتي الأكل مع حماتك علشان نأكل كلنا مع بعض.
أطاعته حلا وجهزت الطعام مع حماتها، كانت تسير بطبق الحساء ناحية الطاولة مارة ببسام حين ابتسمت بخبث.
قالت بنبرة حاولت جعلها عادية: ممكن تاخد مني الطبق سخن أوي.
نهض ومد له يديه بملل وحين لمست يديه الطبق ليأخذه منها أمالته ناحيتها لينقلب ويقع الحساء على الأرض وقد أصاب بعضا منه قدمها.
صرخت بألم وهي تبتعد ثم نظرت لبسام بعتاب: ليه كدة يا  بسام حرام عليك! عملت لك إيه علشان توقع عليا طبق الشوربة السخن!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظر لها بسام بصدمة وهو لم يعي ما حدث إنه لم يكد يلمس الطبق حتى!
بكت حلا: الشوربة كانت سخنة أوي يا بسام رجلي حاسة كأنها اتسلخت.
انتفض عمه واقفاً بغضب: إيه اللي أنت عملته ده! مش بتشوف؟ عجبك لما حرقت رجل مراتك؟
رد بسام بارتباك: ااا.... أنا مخدتش بالي و......
قاطعه بتوبيخ عنيف: طبعا مش هتاخد بالك أنت واخد بالك من حاجة أصلا! طول عمرك مستهتر ومهمل!
تغيرت قسمات بسام للضيق الشديد من توبيخ عمه الذي لا يعطيه فرصة حتى للحديث فحاولت والدته التدخل لتهدأ الوضع: يا حاج براحة عليه أكيد مش قصده.
نهرها فهمي بخشونة: مش قصده إيه هو عيل صغير؟ مش راجل كبير متجوز وفاتح بيت علشان يعمل حركات حتى العيال بطلوا يعملوها!
كتم غضبه داخله فقد كان أجبن من أن يُصرح به أمام عمه الذي كان يهابه طوال حياته، أخفت حلا ابتسامة رضا وانتهزت الفرصة.
وقفت بجانب بسام قائلة بصوت ضعيف: محصلش حاجة ياعمي لكل ده بسام أكيد مش قصده.
نظر لها فهمي بعدم رضا: لا حصل أنتِ مش شايفة رجلك يا بنتي؟
أمسكت بذراع بسام لتستند عليه وتابعت: أيوا بس ده أكيد غضب عنه الطبق كان سخن جدا وبسام مش هيقصد يأذيني صدقني. 
تنهد فهمي وهو يهز رأسه ويعود ليجلس فيما حدق بسام إلى حلا باستغراب لدفاعها عنه وتسائل في نفسه هل فكرت في كلامه وسامحته لذلك دافعت عنه أمام عمه؟
ابتعدت عنه دون أن تنظر إليه وقالت بصوت منخفض: اعذروني هطلع أشوف مرهم لرجلي.
صعدت لأعلى وعالجت قدمها وهي تعلم أن بسام لن يطيق وسيصعد خلفها حتى يرضي فضوله بشأن تصرفها، طالما كان توبيخ عمه أكثر ما يثير غضبه ولم يكن أحد من إخوته يحاول التدخل لأنه يعلمون أنه محق بسبب مشاكل بسام واستهتاره الذي لم يتخل عنه يوماً لذلك تعلم أن موقفها اليوم سيكون نقطة في صالحها.
ولج بسام فتجاهلته وهي تلف قدمها بشاش طبي، جلس أمامها فانتظرته حتى يبدأ الكلام.
قال بتردد: حلا أنتِ سامحتيني؟ أنا متوقعتش تدافعني عني قدام عمي.
كانت تحدق للأرض لأنها خشيت أنها حين تنظر إليه ستكشف عيناها ما تشعر به.
ردت بنبرة حزن مصطنعة: بسام أنا مش عارفة سامحتك ولا لا بس أنت جوزي وطبيعي مش هسمح لحد يهينك أنا عملت واجبي.
جلس بجانبها ووضع يده على كتفها فأشاحت بوجهها للناحية الأخرى: أنت وجعتني أوي ومش سهل أنسى.
توسلها بنبرة رقيقة حتى يستميلها: غلطة يا حلا متهديش سنين بيننا علشان غلطة وقولتلك هصلحها.
نظرت له وقالت بنبرة مبهمة: وحقي؟
ابتسم ابتسامة مصطنعة: هرجعه طبعا يا حبيبتي الموضوع بس أنه الأمور القانونية دي بتاخد شوية وقت.
أقترب منها مردفاً: المهم تسامحيني وتديني فرصة تانية مع بعض.
تظاهرت بالتفكير وأخيرا ردت بقلة حيلة: هحاول يابسام يمكن مع الوقت أقدر.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كاد يبتسم فرحاً لظنه بأنه نجح في إقناعها بينما حدقت حلا للأرض حتى تخفي القرف اللي تشعر به ناحيته، عليها الصبر فقط أيام قليلة لتتخلص منه وكم ستكون تلك الأيام ثقيلة على قلبها!
وصلت رسالة لهاتف بسام فالتقطته وهو يبتعد عن حلا، كانت الرسالة من جالا تخبره بضرورة المجئ لأنها تحدثت مع سعيد وهو على وشك الوصول.
نهض قائلا: هروح مشوار على السريع عند واحد صاحبي وأجي يا حبيبتي مش هتأخر.
حين غادر تحاملت حلا على نفسها رغم ألم قدمها حتى تبحث عن التنازل كما طلب حسام، بحثت في خزانته بدقة وأدراجه الخاصة دون فائدة حتى أنها أخرجت كل أغراضه.
نظرت إلى الفوضى حولها بيأس فأين يمكن أن يكون قد أخفاها؟
وصل بسام قبل وصول سعيد فجلس ينتظره مع جالا.
جلس سعيد والذي كان رجل في منتصف الثلاثينات يقول بمرح: أنا مصدقتش نفسي لما مدام جالا كلمتني بعد كل السنين دي.
ابتسمت له جالا: لما بنقع مش بنلاقي أحسن منك يحل لنا المشاكل يا سعيد.
قال بسام بجدية: المهم يا سعيد إحنا عايزينك في حاجة مهمة وضرورية كمان...
قاطعته جالا موجهة حديثها لسعيد: عايزينك تعمل زي ما عملت من خمس سنين كدة بس بشكل مختلف شوية.
تضايق بسام من مقاطعة جالا لكلامه فهو كان سيقول نفس الكلام بالتأكيد فلما لما تمنحه فرصة!
تابعت جالا بحزم: الخطة دي مهمة جدا تنجح يا سعيد وأوعدك نصيبك المرة دي هيرضيك أوي.
فرك سعيد يديه ببعضها فقد أعجبه المقابل المغري: طب إيه المهمة يا ست الكل وأنا رقبتي سدادة.
ابتسمت جالا برضى: كدة اتفقنا، المهمة بسيطة خالص.
ثم شرحت له ما يجب أن يفعله وختمت قولها: ومتقلقش دخولك هيبقى سهل وبسام هيديك نسخة من المفتاح قبلها.
نظر لها بسام بدهشة فهما لم يتفقا على هذا الأمر، انتظر حتى رحل سعيد وقال باعتراض: مفتاح إيه اللي عايزاني أديه لسعيد لا طبعا!
رفعت حاجبها ونظرت له نظرة انتقاد: ومينفعش ليه؟ 
تردد بسام في الإجابة فقد شعر بأنه من الخاطئ إعطاؤه مفتاح المنزل وتذكر موقف حلا معه اليوم وصمت.
نهرته جالا بحدة: أمال هيدخل من الشباك السحري! أنت تسيبي لي أنا الموضوع ده خالص لأنك هتغرفنا بتفكيرك ده
اعترض بسام بقوة: هغرقنا! وماله تفكيري؟
نهضت جالا وقالت بقوة: تفكيرك غبي ومبتعرفش تحسبها 
اتسعت عيون بسام بدهشة: أنا تفكيري غبي!
قالت جالا ببرود: مش أنا اللي بقول تصرفاتك هي اللي بتقول ومتنساش هدفنا اللي عيشنا مستنينه السنين دي كلها يا بسام مش هنضيعه في كام يوم على حاجات تافهة بعد كدة تسكت أنت خالص وأنا اللي هتكلم.
صمت بحنق من طريقة تعاملها معه وتذكر مجدداً موقف حلا فهي دافعت عنه ولم تقلل من شأنه كما تفعل جالا الآن، نظر لها بغضب ثم غادر وأغلق الباب بقوة كبيرة خلفه.
زفرت جالا بضيق فبسبب غباء بسام قد يضيع الهدف الذي انتظرت تحقيق طوال تلك السنوات.
عادت لتجلس وأمسكت هاتفها لتتصل على سعيد مجدداً: أيوا يا سعيد عايزاك تعدي عليا الليلة تاني في أمر ضروري.
ألقت الهاتف جانبها بعد أن انتهت مكالمتها ثم نظرت أمامها، شبكت يديها على ركبتها وتغيرت قسمات وجهها لتعاطف زائف: يا حرام! أنا بحبك أوي يا بسام بس سامحني يا حبيبي الورث ده أصغر من أنه يتقسم على اتنين!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
حينما استمع مالك للحوار الذي دار بين جالا وسعيد وما يخططون له اتصل على الفور بحسام وطلب مقابلته فوراً ورغم أن الوقت يتعدى ساعات عمل حسام إلا أنه وافق على مقابلته على أن يكون اللقاء في مكتبه في المنزل.
فتح له حسام الباب فدلف مالك باستحياء حتى لا يحرج زوجته، أشار له حسام وهو يسير: اتفضل المكتب من هنا.
حين جلسوا قال حسام باهتمام: أنا قلقت لما أتصلت بيا حصل حاجة جديدة؟
نظر مالك له وقال بنبرة جدية: أنا عرفت حاجة خطيرة جدا وكان لازم أبلغك بيها.
عقد حسام حاجبيه حاجبيه بانتباه: حاجة إيه؟
تردد مالك قبل أن يقول بصرامة: أنا هكرت تليفون بسام جوز حلا وده ساعدنا نعرف حاجات كتير منها أنه كان متفق مع واحد قبل كام سنة علشان يمثل دور حرامي قدامها وبسام ينقذها منه ودي الطريقة اللي دخل بيها حياتها ودلوقتي عرفت أنه رجع يتوصل مع نفس الشخص ده تاني، إسمه سعيد بلطجي ليه سوابق والمرة دي....
صمت والغضب يظهر بشكل واضح على وجهه فانتظر حسام حتى يتحدث.
قال بانفعال: اتفقوا معاه المرة دي يلبسوا حلا تهمة شرف.
نظر له حسام بصدمة: أنت متأكد!
زفر مالك بعمق: أيوا أنا مهكر تليفون بسام وقدرت أعرف.
نظر حسام أمامه مفكراً: المعلومات اللي معاك دي مهمة بس...
ثم أردف وهو يحدق إليه بتحذير: بس التهكير ده غير قانوني ويعتبر تجسس.
قال مالك بضيق: علشان كدة جايلك فيه حل يخليه قانوني ولا لا وده يبقى دليل عليهم؟
بعد أن فهم ما يُرمي إليه قال حسام: هحاول أشوف طريقة وأعمل كل جهدي، المهم لو عرفت أي حاجة جديدة تبلغني بيها.
أومأ مالك ثم نهض ليغادر فقال حسام بابتسامة: شكرا يا مالك المعلومات دي مهمة جدا لحلا.
نظر له مالك نظرة غريبة: أنا أعمل أي حاجة مفيدة لحلا بس ياريت محدش يأذيها.
صمت حسام وهو يحدق لعيون مالك وكأنه فهم ما يدور بداخله فربت على ذراعيه: متخافش بإذن الله محدش هيأذي حلا.
غادر مالك بينما جلس حسام بشرود أحس وكأنه يعود بالزمن لسنوات إلى الوراء لقد رأى في مالك نفسه منذ سنوات وذلك الألم الذي يسكن عينيه يعرفه جيداً لأنه اختبره من قبل.
في تلك اللحظة دخلت هديل باستغراب: إيه ده هو مشي؟ أنا كنت لسة هعملكم قهوة.
ابتسم حسام وهو يمد يده لها فأمسكت بيده وجلست على ساقه.
رفع وجهه لها: كان جاي في حاجة مستعجلة ومشي بسرعة بس معنديش مانع تعملي لي أنا قهوة.
ضحكت هديل بدلال: لا طالما كدة نعملها بمزاج.
نظر لها بتأمل ثم قبل جبينها: ربنا يحفظك ليا دايما.
وضعت رأسها على صدره بارتياح:وأنت كمان يارب يا حبيبي.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
حضر سعيد كما طلبت منه في وقت متأخر من تلك الليلة فقال بتعجب: في إيه يا ست الكل مش إحنا اتفقنا على كل حاجة الصبح؟
ابتسمت جالا: وماله لما نتفق تاني؟ بس المرة دي الإتفاق هيعجبكم أوي.
حك رأسه بحيرة: إتفاق إيه؟
نظرت له حلا بمكر: ١٠٠ ألف جنيه.
نظر لها سعيد بعيون مفتوحة من الذهول: إيه!
أمالت رأسها جانباً: مش عجبك؟
قال بسرعة: لا لا عاجبني طبعا بس عايزة إيه؟
جلست بثقة: كدة تعجبني، أول حاجة تنسى الخطة بتاعت الصبح هنغيرها شوية، زي أنه مثلا بدل ما تدخل عليها وبسام يشوفكم تقتلها وبسام اللي يلبسها؟
فغر فاهه من الصدمة فتابعت بخبث: ومتخافش الخطة محبوكة أوي ومش هتتكشف وهتطلع منها بمكسب كبير كمان.
فكر سعيد فقد كان العرض مغري رغم المطلب الخطير: طب مش أنتِ وهو سوا؟
قالت جالا بصرامة: ملكش فيه المهم موافق ولا لا؟
ابتسم سعيد ابتسامة جانبية:موافق طبعا.
اتسعت ابتسامة جالا بارتياح فهي ستنال الثراء التي طالما حلمت به ولم تتمكن من تحقيقه حين تزوجت من رجل يكبرها لأنه طلقها ولم تنل منه غير هذه الشقة: كدة اتفقنا.
كانت حلا مازالت تبحث بإحباط عن مكان الأوراق حين فكرت أنه ربما قد وضعه عند جالا؟ ولكن كيف ستتأكد من ذلك؟
سمعت صوت الباب يُفتح فتصنمت مكانها وهي تنظر للفوضى التي أحدثتها كيف ستبرر له الآن سبب ما فعلته؟
فكرت بسرعة في حل فخرجت من الغرفة راكضة وهي تصرخ: فار يا بسام الحق فيه فار كبير في أوضة النوم!
نظر لها بسام بدهشة: فار! وده جه منين ده؟
أمسكته من ذراعه بخوف وهي تشير للغرفة: معرفش أنا كنت في الأوضة وسمعت صوت حاجة في الدولاب بتاعك لما فتحت لقيت فار كبير بعدين معرفش راح فين.
قال بسام بإشمئزاز: واشمعنا أختار الدولاب بتاعي ما الشقة واسعة!
نظرت له حلا باستهزاء خفي وسألته: هنعمل إيه دلوقتي لازم حد يخرجه.
أبتعد ولوح بيده: مش هعمل أنا نازل أبات تحت.
تحرك نحو باب الشقة ثم توقف: مش هتيجي معايا؟
قالت بشعور من خيبة الأمل منه لأنه ليس حتى قادراً على التصرف في مثل هذا الموقف البسيط: لا أنا هنام في الصالة.
قال بلامبالاة: براحتك بس نضفي الأوضة كويس بقى.
هزت رأسها بيأس منه وفكرت كيف يمكنها الإستفادة من مثل هذا الوضع؟
فجأة أتت فكرة جعلتها تضحك بدهشة وأسرعت لهاتفها حتى تتصل بإسراء.
قالت حلا بفرح: إسراء أنا جات لي فكرة علشان الورق بس لازم أكلم مالك!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
سألتها إسراء بفضول: فكرة إيه قوليلي؟
قالت حلا بنفاذ صبر: مش وقته هتعرفي وقتها بس لازم شادي يكلم مالك ضروري مبقاش فيه وقت يا إسراء الأيام بتعدي.
قالت إسراء بروية: حاضر هقوله يكلمه يجي الصبح.
أغلقت معها الهاتف وهي تنتظر طلوع الصباح بفارغ الصبر، هبطت لأسفل فوجدت بسام يتناول الإفطار مع عمه ووالدته.
دعاها فهمي لتنضم لهم: تعالي افطري معانا يا بنتي واقفة عندك ليه.
ذهبت لتجلس بجانب بسام وبدأت تأكل في صمت فنقل فهمي بصره بينهما وقال بنبرة غامضة: صحيح أنا لقيت بسام نايم هنا امبارح حصل حاجة بينكم؟
ارتباك بسام وترك طعامه فإذا علم عمه أنه نام عندهم بسبب فأر فلن يتردد عن تحقيره.
نظرت حلا لبسام ثم حدقت لفهمي وقالت بثبات: امبارح كنت عصبية وحاسة بالضغط وبسام نزل يبات هنا علشان متحصلش بيننا مشاكل.
رفع فهمي حاجبه وهو يحدق لبسام كأنه لا يصدق ما يسمعه عن تصرفه ثم وجه نظراته لحلا وقال بحزم خفيف: على العموم يا بنتي لازم يبقى عندك حُسن تصرف أحسن من كدة مينفعش الراجل يبات برة بيته أبدا خصوصا لو فيه مشاكل.
تحكمت حلا في لسانها حتى لا تسأله بسخرية ماذا سيقول إذا عن الرجل الذي يقضي الليلة عند عشيقته!
نظر بسام لحلا من زاوية عينه وشعور من الامتنان يجعله يرغب في شكرها لأنها أنقذته مرة أخرى أمام عمه وتذكر معاملة جالا التي قللت من شأنه وشخصيته.
علمت حلا ما يفكر به ناحيتها لذلك بدأت في تناول طعامها بهدوء وابتسامة خفيفة تتكون على ثغرها، إنها تشعر أن الخطة التي تتبعها الآن هي أنجح من أي طريقة هجوم يمكن أن تُمارسها على بسام أبدا وهذا ما سيسهل لها الوصول لهدفها كثيراً.
كانت جالا جالسة تفكر بأنها يجب عليها مصالحة بسام ولا تترك له الفرصة ليفكر حتى لا ينقلب ضدها لذلك اتصلت به على الفور.
رن هاتفه بينما كان يأكل لذلك توقف وأخرجه، كاد الطعام يقف في حلقه حين رأى إسم جالا على الشاشة ونظر للأشخاص على الطاولة بتوتر، شعرت حلا بتوتره وأحست بأنها جالا من تتصل به لذلك نظرت له باستغراب مصطنع: في إيه يا بسام ما ترد.
رد باضطراب ونسى أن فمه ملئ بالطعام: ااه اه هرد أهو.
نظر له فهمي بإشمئزاز بسبب الطعام الذي تناثر من فهمه على الطاولة وقال بعتاب: من أول ما الطفل بيبقى يفهن بنعلمه ميتكلمش والأكل في بوقه، شوف اللي أنت عملته دلوقتي.
نظر له بسام بضيق ونهض ليرد بينما نظرت حلا لفهمي وقالت برقة: معلش ياعمي اعذره أنت عارف أنه بسام عفوي شوية.
هز فهمي رأسه بيأس: وهيفضل لحد امتى!
قالت والدة بسام بدفاع: أنت شايفه بقاله فترة مش بيعمل حاجة تضايقك متبقاش قافش عليه أوي كدة يا حاج.
نظر لها فهمي بصرامة: أنا بعلمه علشان يبقى راجل، لو كان متعلم كان زماني ريحت نفسي من وجع القلب.
قال بسام ببرود: نعم عايزة إيه؟
ردت جالا بصوت باكي: بسام لو سمحت ممكن تيجي بسرعة؟
تعجب من نبرة صوتها وقال بقلق: فيه حاجة؟ مال صوتك؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
توسلته قائلة: تعالى الأول وهتعرف كل حاجة.
تنهد وأجاب: ماشي مسافة السكة وجاي.
استأذن منهم بسام وأخبرهم أنه ذاهب لصديق له لأمر عاجل ثم غادر فابتسمت حلا ببرود لأنها تعرف وجهته الحقيقية.
قال لها فهمي بتعاطف: والله يابنتي ربنا يعينك.
اتسعت ابتسامتها وهي تنهض حتى تغادر بدورها لبيت إسراء: يارب ياعمي بس صدقني بسام متغير كتير.
بينما تعطيه ظهرها أحست وكأنها تصل لهدفها فأمام فهمي والذي بلا شك سيخبر كل العائلة هي الزوجة المعطاءة التي تتفهم طيش زوجها وهذا أهم عامل أرادت تحقيقه.
وصل بسام لشقة جالا ففتحت له الباب وسحبته من ذراعه وهي تقول بسرعة: أدخل بسرعة يا بسام.
أغلقت الباب بقوة فنظر لها بسام بدهشة، استندت على الباب بابتسامة عريضة وقالت بدلال: وحشتني.
نظر لها بسام وتفحص مظهرها بدهشة فقد كانت ترتدي فستان جميل طوله فوق الركبة وتضع مساحيق التجميل بعناية ولا يدل مظهرها على حدوث شيء مقلق.
عقد حاجبيه باستغراب: أنا فكرت فيه حاجة.
اقتربت منه وتلاعبت بأزرار قميصه وهي تقول بعبوس: يعني فيه حاجة أكتر من أنك وحشتني وعايزاك معايا.
رفع حاجبه باستهزاء: امبارح مكنش عاجبك غبائي.
رفعت عيونها إليه بعبث محبب له: أنت عارف إني عصبية شوية لأني كنت خايفة خطتنا تبوظ وأحنا بقالنا سنين مستنيين.
ثم وضعت رأسها على صدره وتابعت: بس رجعت فكرت في غلطي مينفعش أسيبك تزعل مني أبدا أنا بحبك من سنين يا بسام.
شعر بالتشتت ثم لف ذراعيه حولها وابتسم: وأنا مقدرش أزعل منك أبدا.
لمعت عيونها بالنصر لنجاح خدعتها، جلس بسام براحة: طب بقولك فيه حاجة نشربها سوا؟
ضحكت جالا: عيوني كل اللي تطلبه.
ذهبت للمطبخ وأحضرت بعض المشروبات ثم عادت لتجده ممسك هاتفه ويقول بحنق: أنت إيه حكايتك أنا شكلي لازم أجيب تليفون جديد.
سألته بتعجب وهي تضع الصينية أمامه ثم تجلس بجانبه: فيه إيه؟
قال لها بسام بانزعاج: التليفون من امبارح مش عارف ماله فيه حاجة عمالة تختفي زي صور ومحادثات ومش لاقيه شكله هنج.
فكرت جالا فيما يمكن أن يكون الخطب ثم توسعت عيونها بذهول، اختطفت الهاتف من بسام على الفور وفتشت فيه للحظات قبل أن تنهض وتلقيه على الأرض، دعست عليه بقوة عدة مرات حتى تحطم لأجزاء.
نظر بسام بصدمة لما فعلته ثم نهض وقال بعصبية: إيه اللي عملتيه ده!
صرخت جالا في وجهه باهتياج: إيه اللي عملته!  إيه اللي أنت عملته ده هتودينا في داهية! أنا أنقذتنا طالما طول عمرك هتفضل مستهتر تليفونك متهكر يا بيه!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظر لها بسام بعدم تصديق: متهكر إزاي يعني؟
كادت جالا تنفجر من شدة الغيظ من سذاجته: يعني متهكر يا أستاذ! يعني كل حاجة عليه متراقبة وعند حد تاني بيتجسس عليك وعارف كل أسرارك! طالما فيه شاتات وصور مختفية يبقى حد سحبهم!
عقد حاجبيه لأنه لا يستوعب من يمكن أن يهكر هاتفه هو ولماذا سيفعلها؟ ماذا سيستفيد من ذلك؟
قال لجالا باستغراب: طب ليه؟ أنا أصلا يعني معنديش حاجة تهم حد!
فكرت جالا بانفعال حتى توصلت لاستنتاج معقول نظرت لبسام بحدة: لا طبعا مين قال ده أنت عندك حاجة مهمة أوي! أنت نسيت أنه حلا عارفة أنك بتخونها يبقى أكيد هي اللي عملتها علشان تعرف أنا مين!
فكر بسام لبعض الوقت هل يمكن أن يكون ذلك حقيقي؟ حلا تلعب من ورائه وتظهر أمامه بنية غير التي بداخلها؟
قالت له جالا بحدة: أنت لازم تروح دلوقتى وتلاقي طريقة تعرف بيها الحقيقة ولازم ننفذ خطتنا في أسرع وقت ممكن أنت فاهم؟ 
نظر لها بعبوس ولم يجب وهو يفكر أحقا حلا تكون قد فعلتها؟
ضرب مالك بقبضه على المكتب أمامه بعنف أنه لا يعلم متى أغفل ووقع في خطأ كلفه الآن انقطاع اتصاله بهاتف بسام! لابد أنه علم الآن أنه كان مخترق لذلك عليه تحذير حلا لتتصرف.
برغم أن لديه رقم هاتفها إلا أنه لم يرد الإتصال به من قبل حتى لا تنزعج ولكن الآن ليس لديه خيار آخر فلا وقت حتى يخبر شادي وينتظر إخباره لحلا.
اتصل بها على الفور فردت حلا باستغراب لأن الرقم غريب عليها: السلام عليكم مين معايا؟
قال مالك باستعجال: أنا مالك يا مدام حلا بعتذر أني بتصل عليكِ بس فيه أمر ضروري لازم تعرفيه.
دُهشت حلا حين سمعت صوته فرددت بدهشة: مالك؟ فيه إيه؟
رد مالك بجدية: أنا فقدت السيطرة على تليفون بسام وغالبا كدة اكتشفوا أنه متهكر، أنا اتصلت أحذرك لأنه أكيد ممكن يشكوا فيكِ علشان محدش ليه مصلحة لكدة غيرك.
ذعرت حلا مما سمعته وردت بتوتر: طب أنا المفروض أعمل إيه ده أنا حتى لحد دلوقتي ملقيتش الورق!
تنهد مالك يحاول التفكير حتى يعطيها حل لتهدأ: أنا هكلم حسام النهاردة لو الورق ده لازم وضروري بس أنتِ أهدي أنا قولتلك علشان تعملي حسابك.
شعرت بالعصبية من الموقف فهي بالكاد وجدت فكرة لتساعدها فوجدت نفسها تغرق من جديد.
تذكرت الخطة فقالت بسرعة: مالك أنا كان عندي فكرة علشان الورق ده بس مش عارفة دلوقتي هتفيد ولا لا يمكن بسام يرجع البيت في أي لحظة!
طرأت فكرة على باله فقال بثقة: أنا كمان عندي حل كويس لو تقدري نتقابل دلوقتي عند شادي وده هيفيدك أكتر قبل ما بسام يرجع.
ردت على الفور: تمام أنا جاية دلوقتي.
غادرت حلا قبل أن يأتي بسام بسرعة لبيت إسراء ومن شدة توترها نسيت حتى أن تسأل مالك من أين أتى برقم هاتفها.
قال شادي بدهشة حين اجتمعوا: عرفوا أنه متهكر؟ يعني كدة ممكن يأذوا حلا؟
ابتسم ابتسامة جانبية وتابع بنبرة شقية: كدة نقدر ناخد حقنا منه بإيدنا.
وجه له مالك نظرات حازمة:مش وقته الكلام ده يا شادي لازم نتصرف بحكمة.
فركت حلا يديها بعصبية: أنا كان عندي فكرة علشان الورق بس مش عارفة ليها لازمة دلوقتي ولا لا.
استمع لها مالك باهتمام: قولي مهما حصل أكيد الورق ليه لازمة.
علمت أن التوتر لن يفيد بشيء فاستجمعت هدوئها: أنا امبارح لما كنت بدور بسام دخل فجأة وكان لازم أفكر في حل علشان الأوضة كان مكركبة أوي فقولتله أنه فيه فار وهو بيقرف نزل يبات تحت، فكرت أنه ممكن حد يدخل بدتلبيت بحجة أنه بيرش البيت من الفيران ويدور هو على الورق بشكل أحسن مني وأنا ألهي بسام بعيد لحد ما يخلص.
تدخلت إسراء قائلة بهدوء: بس لازم نلاقي حد ثقة للأسف مالك مش هينفع علشان بسام عارفه ولا حتى شادي.
أطرق مالك رأسه مفكراً حتى نظر لهم جميعاً وقال بثقة: سيبوا الموضوع ده عليا.
عادت حلا تقول بقلة حيلة: طب وأنا هعمل إيه أما أروح؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظر لها مالك بابتسامة استغربتها وقال ببساطة: أنتِ موبايلك اتسرق.
نظرت له باستنكار: اتسرق إزاي يعني ماهو معايا أهو!
ضحك مالك بخفة صحة صغيرة قبل أن يقول بهدوء: مينفعش ترجعي بالموبايل ده البيت لأنه أكيد هيكون شاكك وممكن يفتش موبايلك أو يستغل أي فرصة ويفتحه علشان كدة أنتِ هتسيبي موبايلك هنا كأنه اتسرق وتروحي من غيره.
رمقته حلا بتعجب وهي معجبة بالحل الذي خرج به فهو مناسب للغاية ولن يستطيع بسام تتبع الهاتف أو حى التفكير في هكذا فكرة.
نهض مالك وهو يقول: أنا هتصل بحسام أقوله برضو على خطتنا علشان يبقى عنده علم بكل حاجة.
تحدث معه قليلاً على الهاتف ثم عاد ليقول لها: هو قال لو ملقيناش التنازل هنقدر نتصرف إنما هو كان عايزه علشان ميبقاش فيه حاجة في أيد بسام ضدك.
عادت حلا للمنزل وبنظرة سريعة في أرجاءه استنتجت أن بسام لم يعد بعد لذلك دخلت على الفور وجلست بملابسها تنتظر عودته سريعاً، لم تمر خمس دقائق حين سمعت صوت الباب يُفتح فحاولت أن تتصنع البكاء.
توقف بسام بدهشة وهو يراها تبكي بصوت عالي فتقدم منها قائلاً بتساؤل: إيه في إيه؟
التفتت له وهي تقول بخرقة: التليفون بتاعي اتسرق يا بسام!
ارتفع حاجبيه بذهول: اتسرق؟ امتى وإزاي؟
نظرت أمامها حتى لا تتوتر من النظر لوجهه: كنت عند إسراء ومروحة لسة بطلع التليفون وهتصل على ماما حد كان راكب موتوسيكل خده مني وجري علطول ملحقتوش ولا حد لحقه.
نظر بسام لها بشك وهو يفكر فهي تبدو صادقة ولكنه عاد يتسائل بينه وبين نفسه إن كانت جالا على حق؟ الآن الهاتف ضائع فلا سبيل ليتبين إن كانت هي من فعلتها أم لا ولكن حلا ليست بذلك الذكاء حتى تفكر بتهكير هاتفه! بالتأكيد ليست هي من فعلتها!
ابتسم وهو يربت على كتفها: متزعليش أنا هجيب لك واحد غيره إن شاء الله.
ابتسمت ونظرت له بامتنان: شكرا يا بسام أنا بجد كنت مقهورة أوي بس متخيلتش تراضيني كدة.
ابتسم بسام بزهو لنفسه: ولا يهمك يا حبيبتي وبعدين أنا قولتلك هعوضك عن كل حاجة وأخليكِ تثقي فيا تاني.
ابتسمت حلا وهي تخفض عيناها لأسفل وأجابت بتأكيد: طبعا يا حبيبي طبعا!
قالت له حين تذكرت: صحيح كان فيه موضوع كنت هقولك عليه بس الموبايل خلاني أنسى.
رد بسام بنبرة عادية: موضوع إيه؟
قالت حلا بعفوية: موضوع الفار! أنا فكرت طالما لقينا واحد يمكن فينا تاني وأحنا مش عارفين نخرجه قولت نكلم الناس اللي بتعرف وتيجي ترش شقتنا.
انتفض بسام حين سمع ذكر الفأر ثم قال لحلا بموافقة سريعة: طب مستنية إيه اتصلي بسرعة يا حبيبتي أنتِ معاكِ حق!
فردت حلا يديها الفارغتين أمامه: أنت نسيت مبقاش معايا موبايل.
أخرجه هاتفه وأعطاه لها يحثها بإصرار: خلاص اتصلي من عندي لو تعرفي لهم رقم المهم يجوا أنا مش هعرف أبات تحت تاني.
قالت حلا بخفة: طيب إسراء اللي عارفاهم أنا هتصل عليها تتصل بيهم يجوا بالليل.
أومأ برأسه بعدم اهتمام فاتصلت حلا برقم إسراء وقالت بنبرة ذات مغزى: إسراء أنا قولت لبسام وهو موافق، اتصلي على الناس وأحنا مستنينهم بالليل.
أتى الليل وحلا تجلس بجانب بسام بملل فهي ليس معها هاتفها حتى لتلعب به قليلاً بينما هو مشغول كليا في هاتفه.
رن جرس الباب فقالت له حلا: أكيد دول الناس روح أفتح على ما ألبس.
نهض بسام بينما دلفت حلا لتضع حجاب على رأسها وخرجت، توقفت مكانها بصدمة وعيونها متسعة بشدة وهي تحدق أمامها، كان يقف أمامها رجل طويل يرتدي الزي الخاص بشركات رش الحشرات ويضع قناع وقاية على وجهه، عرفته حلا حين نظرت له على الفور، نظرت بعدم تصديق لعيونه التي تحدق إليها لقد كان مالك!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
توترت حلا بشدة ونظرت لبسام الذي كان يتكلم مع العامل الآخر ثم لمالك بخوف إلا أن مالك نظر لها بثقة يحثها بعيونه أن تهدأ.
أسرعت لبسام تشده من ذراعه وهي تقول بتوتر: بقولك يا بسام ما تيجي ننزل تحت.
أدار لها وجهه باستغراب: ننزل ليه؟
أظهرت الاشمئزاز على وجهها وهي تقول: على ما يرشوا ويصطادوا الفار ويشوفوا فيه فران تاني ولا لا.
رد بسام بحيرة: بس كدة هنسيب الناس لوحدها؟
عقدت حاجبيها باستنكار: ما إحنا أصلا لازم نسيب الشقة علشان الرش أنت مش شايف الماسك اللي هما لابسينه!
تفحصهم بسام وقال بانزعاج: معاكِ حق.
نظر لهم بسام وقال: هنستناكم تحت لحد ما تخلصوا.
سحبته حلا بسرعة وألقت نظرة أخيرة على مالك قبل أن تهبط فوجدت عيناه تبتسمان لها فأحست بشعور من الاطمئنان يتسرب إليها.
هبطت معه لأسفل تاركة كل الحرية لمالك الذي حين تركوا الشقة ذهب وأغلق الباب بإحكام ثم خلع القناع قائلاً لزميله بصرامة: قدامنا ١٥ دقيقة بالضبط مش عايزين نضيع دقيقة منهم يا كريم فاهم؟
أنزل كريم القناع وغمز مالك بمرح: في دقيقتين كمان يا معلم لو عايز.
بدأوا على الفور في البحث دون تضييع ثانية حريصين ألا يحدثوا أي فوضى تثير الشك، في نفس الوقت كانت حلا تجلس مع بسام في الأسفل بملل لأنها لا تجد شيء تفعله.
كان بسام يلعب بهاتفه فقالت له بعفوية مقصودة: ما تديني تليفونك كدة شوية يا بسام.
توتر بسام وأخفض الهاتف قائلة بابتسامة مصطنعة: ليه يا حبيبتي فيه حاجة؟
عقدت حاجبيها بشك واقتربت وعلى حين غفلة اختطفت الهاتف قائلة بمزاح: إيه مالك لازم يكون فيه حاجة؟ عايزة ألعب شوية.
حدقت للهاتف في يدها واستغربت لأنها تلاحظ لأول مرة أنه ليس هاتف بسام وهي لم تنتبه حين أخذته لتتحدث مع إسراء في وقت سابق.
قالت بتساؤل وهي تحدق إليه: إيه ده يا بسام؟ ده مش تليفونك أنا لسة واخدة بالي.
شحب بسام ولم يعلم بما يجيبها وحاول يفكر في حل سريع فقال بارتباك: اااه ما أنا نسيت أقولك يا حبيبتي ده تليفون واحد صاحبي.
رفعت حلا حاجبها بعدم رضى وقالت بريبة: وتليفونك فين؟
ابتلع ريقه بصعوبة: تليفوني هنج فجأة ومكنش بيفتح، عديت على محل موبايلات وأنا جاي علشان يتصلح وقالي هاخده بعد كام يوم كلمت صاحبي سلفني تليفون معاه زيادة مش بيستعمله.
علمت حلا تلقائياً من ذلك " الصديق" الذي تحدث عنه بسام، بالتأكيد جالا هي من أخذت هاتف بسام حين اكتشفت أنه تعرض للاختراق وأعطته هاتف آخر.
فكرت حلا فجأة بإدراك هل يمكن أن جالا بطريقة ما أعطته هذا الهاتف حتى تعلم ما يدور هنا وتستفيد منه مثلما فعلت هي؟
يجب أن تعلم على الفور وتأخذ حذرها قم قالت لنفسها بمكر وتستغل الفرصة جيداً لصالحها.
لم يعد بسام يتحمل حتى لا تكتشف أن هذا الهاتف لجالا فأخذه منها بضيق: مالك يا حلا إيه الاستغراب في كدة يعني؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
استندت على ظهر الأريكة ورائها وهي تقول باسترخاء: لا عادي أصلك نسيت تقولي طبيعي استغرب لما أشوف تليفون غير تليفون في إيدك ولا إيه؟
أومأ بسام برأسه وعاد ليحدق إلى الهاتف، استرق بزاوية عينه نظرة لحلا التي كانت تركز عيونها عليه فعاد يعبث بالهاتف بلا هدف حتى لا يثير شكوكها.
كان مالك يبحث في كل أرجاء البيت حتى أنه لم يترك أي مكان حتى لو كان صغير وغير مهم، زفر بنفاذ صبر حين لم يجد شيء، وضع يديه في خصره ونظر أمامه لم يتبق غير غرفة النوم وهو لا يعلم هل من الصحيح دخولها أم لا ولكنه يجب عليه إيجاد تلك الأوراق بأي ثمن فخطى إليها ودخلها.
نظر مالك في أرجائها وشعور من الضيق يطبق على صدره، هنا تتشارك حلا مع بسام حياتها لا يعلم لماذا فكر في ذلك الآن ولم يفكر به حين دخل للشقة، حاول أن يطرد ذلك الشعور وتغافل عن الأشياء التي توحي بوجود حلا في الغرفة وهو يبحث بكد عن تلك الأوراق، فتح الخزانة الخاصة ببسام وفتشها بدقة دون أن يعثر على الأوراق، قاوم اليأس الذي يتسرب إليه ورمى الملابس على الأرض باندفاع من الغضب.
لفت نظره في تلك اللحظة زاوية من الخزانة لا تبدو كما مفترض فاقترب ومد يده يتفحصها وجد أن الخشب الموجود في هذا الجزء يتحرك فحاول خلعه بقوة أكبر حتى تحرك من مكانه فنظر مالك بدهشة حين وجد الورق مخبأ في تلك الزاوية، لقد وضعه بسام الورق في مكان أشبه بالمخبأ السري! 
أمسكه مالك وفتحه بنفاذ صبر ليتأكد إن كان هو أم لا وابتسامة انتصار عريضة ارتسمت على شفتيه حين تأكد أنه وجد أوراق التنازل أخيرا!
نظر للفوضى حوله ولم يعرف كيف سيتصرف ولكنه بالتأكيد لن يلملم ثياب بسام! لذلك ارتدى القناع مرة أخرى وخرج وهو ينادي على زميله ليخبره بانتهاء مهمتهم.
كانت حلا تنظر للساعة بترقب فهل وجد تلك الأوراق أم لا؟ ثم نظرت لبسام بخوف ماذا أن علم بسام أن مالك يوجد فوق؟
وقفت وهي تقول بعبوس: إزاي إحنا قاعدين لحد دلوقتي مسألناش لو هيشربوا حاجة ولا لا.
رفع بسام بصره لها بتعجب: إحنا لازم نقدم لهم حاجة؟
قالت حلا باستنكار: طبعا أمال يقولوا علينا ناس بخيلة؟ أنا هطلع أسألهم حالا.
صعدت بسرعة دون انتظار رده خوفاً من أن يعرض هو الصعود مع علمها أن بسام لن يفعل ذلك ولكنها توترها حثها على توقع كل شيء.
دلفت للشقة وهي تلتفت حولها بحثاً عن مالك ثم انتفضت مكانها حين وجدته أمامها فجأة.
قالت باستياء: إيه خضتني!
ابتسم مالك بخفة وهو يخفض القناع فقالت بترقب: ها؟ لقيت حاجة؟
نظر لها مالك بصمت لثواني قبل أن يرفع أمام وجهها الأوراق التي في يده قائلاً بثقة: إيه رأيك؟
نظرت حلا للأوراق التي في يده بفرح وارتياح عارم يغمرها، زفرت بشدة وهي تكاد تبكي من السعادة التي تشعر بها، تلك الأوراق التي بها سلبها بسام كل ما تملك أخيرا هي في يدها الآن!
نظرت لمالك بعيون دامعة وقالت بامتنان كبير: شكرا....أنا مش عارفة أقولك إيه غير شكرا بجد!
ابتسم مالك ابتسامة لطيفة: لا شكر على واجب.
عادت قسمات وجهه للجدية متابعاً: إحنا لازم نمشي حالا بس المكان مكركب جوا معرفتش أعمل فيه حاجة.
طمأنته حلا بنبرة واثقة: أنا هلاقي بس لازم تمشي دلوقتي علشان بسام مياخدش باله.
أومأ برأسه وقال لها بينما يعيد ارتداء القناع: أنا هكلم حسام علشان أسلمه الأوراق وهو يتصرف.
هبطت حلا بسرعة تقول لبسام باستهجان: شوفت طلعت لقيتهم خلصوا حتى ملحقتش أقدم لهم حاجة.
نهض بسام بينما يهبط كريم ومالك، تقدم بسام وهو يخرج حافظة نقوده قائلاً بابتسامة: شكرا تعبناكم معانا الحساب كام؟
نظر مالك لكريم بطرف عينه ففهم وتحدث هو لبسام: مفيش شكر يا فندم الحساب وصل مع الآنسة اللي اتفقت معانا.
عقد بسام حاجبيه بشدة ثم أدار وجهه لحلا التي قالت بضحكة: أكيد إسراء اللي حبت تعمل معايا واجب إحنا لازم نشكرها.
في تلك الأثناء كان يحاول مالك طوال وقوفهم سوياً تجنب النظر لعيون بسام حتى لا يكتشف أمره.
هز بسام رأسه وهو يعيد النقود للمحفظة فقال كريم: نستأذن إحنا هنمشي.
استدارا ليغادرا فشعر بسام غامض وغير مفهوم فيما يحدث وفكر وهو يعيد محفظته مكانها، رفع رأسه وحدق إلى ظهر مالك باهتمام.
تجمدت حلا من الرعب مكانها بينما تسمع بسام يقول: أنت! استنى عندك!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
توقف مالك مكانه فعقد بسام حاجبيه لأنه شعر بشيء مألوف وغريب في الشخص الذي أمامه، ابتلعت حلا ريقها بخوف وهي ترى بسام يتوجه نحو مالك وحاولت التفكير في حل سريع حتى تخرج من هذا المأزق فإذا نظر بسام لمالك بالتأكيد سيعرفه على الفور!
اضطربت أنفاسها ونادت على بسام بصوت لاهث: بسام الحقني!
التفت بسام ومالك ليجدوا أن حلا على وشك الوقوع فأسرع لها بسام ليمسكها وحين تحرك مالك لاشعوريا وضع كريم يده على كفته لينبهه فتوقف مكانه.
أسندها بسام وهو يمسكها من خصرها فقالت بصوت واهن: حاسة أني دايخة أوي قعدني.
أومأ برأسه: طب تعالي اقعدي وشك أصفر.
في تلك الأثناء وحين لم يكن بسام منتبهاً أشارت حلا بعينيها لمالك حتى يغادر ففهم ما تفعله وابتسم وغادر مع كريم.
أسندها بسام حتى جلست على الأريكة فجلس بجانبها وهو يقول بتعجب: مالك حصلك إيه؟
هزت رأسها بتعب: مش عارفة حسيت أن هيغمى عليا فجأة كدة مش عارفة ليه.
تنهد ثم نظر حوله ولم يجد مالك ولا كريم فقال دهشة: إيه ده! دول مشيوا!
جارته حلا قائلة بذهول مصطنع: ااه فعلا.
ثم وضعت يدها على كتف بسام: أكيد مشيوا لما شافوني تعبانة يا بسام الناس عندهم ذوق.
عقد حاجبيه بحيرة كبيرة بتفكير: حسيت أنه فيه حاجة غلط خصوصاً اللي مبيتكلمش ده غريب جدا.
فكرت حلا في تبرير لإقناعه: ما يمكن أخرس يا حبيبي أصل كمان لما طلعت أسألهم واتكلم معاهم هو متكلمش خالص وزميله هو اللي كان بيرد عليا.
هز رأسه وقد حاول الاقتناع برأيها وتمرير الأمر، ثم نهضوا بفزع حين سمعوا صرخة والدته الآتية من المطبخ فركضوا إليها ليجدوها ممددة على الأرض وواضح على وجهها الألم الشديد.
أسرعوا إليها يسندونها حتى تجلس فتأوهت من الألم وهي تمد يدها لساقها.
سألها بسام بقلق: مالك يا ماما حصل إيه؟
قالت والدته بألم: اتزحلقت على رجلي مش قادرة يا بسام.
قالت حلا لبسام: أسندها معايا لحد أوضتها وبعدين أتصل بالدكتور.
أومأ برأسه وساعداها على الوقوف بصعوبة حيث كانت تتألم بشدة ثم أوصلاها لغرفتها، كانت حلا تساعدها على التمدد بينما يتصل بسام بالطبيب ليأتي.
قام الطبيب بفحصها وأخبرهم أن إصابة قدمها هي مجرد التواء ولحسن الحظ لم يصل للكسر ولكن يجب عليها الراحة وعدم التحرك لمدة أسبوع على الأقل حتى تُشفى.
أتى فهمي على الفور حين سمع ماحدث ليطمئن إلى زوجته واتصل بباقي أبنائهم وإخوة بسام والذين هم ثلاث فتيات منهم واحدة متزوجة وتعيش مع زوجها بالخارج وأخ أكبر من بسام، حضر الثلاثة سريعاً.
كان عادل الابن الأكبر يجلس بجانب فهمي ورغم أنه عمه فقد كان يناديه "بابا" لأنه هو من رباه بعد وفاة والده رغم تربيته الصارمة للغاية إلا أنه أحبه.
نظر عادل لفهمي: الدكتور قال إيه يا بابا؟
قال فهمي بهدوء: قال ترتاح ومتتحركش وبإذن الله بعد أسبوع هتقدر تمشي عليها، المهم متتعبش نفسها وتدوس عليها.
أمسكت سارة بيد والدتها بقلق: حاسة بأيه يا ماما؟
ابتسمت لها والدتها بوهن: كويسة الحمد لله يا حبيبتي.
ابتسمت رنا التي كانت تجلس بجانب حلا في زاوية الغرفة: والله يا ماما الحمدلله أنك بخير أنا جيت بسرعة حتى قولت لجارتي تخلي بالها من فرح لو جت من المدرسة.
نظرت لها والدتها بتعب: تعبتكم معايا يا ولاد معلش.
حين نهضوا ليغادورا بعد قليل قال فهمي بحدة: إيه يا بنات محدش فيكم هيفضل مع أمكم علشان يساعدها؟
نظرت سارة ورنا بتوتر لبعضهما ثم لوالدهما.
قالت سارة بارتباك:  الله يا بابا أنت عارف أنه جوزي جاي من الشغل النهاردة وكان مسافر بقاله شهر.
تابعت رنا بنفس الارتباك: وأنا سايبة فرح لوحدها وزمان مازن رجع دلوقتي يا بابا.
عقد فهمي حاجبيه وهو ينظر لهم بعدم رضى وفتح فمه ليتكلم حين سبقته حلا وقالت: أنا قاعدة معاها هنا يا عمي وهساعدها.
نظرت لسارة ورنا بابتسامة وتابعت: كل واحدة فيهم ليها بيت وأكيد أمورها هتتلغبط وبعدين يا عمي معقولة أنا موجودة معاها هنا في البيت ومساعدهاش؟
ابتسمت فهمي لها رغم عدم رضاه عن ابنتيه وحين غادر الجميع سألها بسام بسذاجة: ليه قولتي أنك اللي هتفضلي ماكنت تخلي سارة ولا رنا هنا وخلاص وبعدين إصابة ماما مش كبيرة أنه حد يفضل معاها أصلا!
قالت له حلا بحدة: بسام أنت بتقول إيه!
رفع كتفيه بلامبالاة: مش بقول حاجة يعني قصدي أنه عادي تعمل بنفسها.
قال فهمي بصوت غاضب: وبتكرر كلامك الخايب زيك تاني!
نظر له بسام بتعجب: ماله كلامي مش فاهم؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظرت لهم حلا دون أن تتكلم فهي تعلم حين يغضب فهمي بشدة لا يجب أن يتدخل أحد ولكن رغم ذلك حاولت والدة بسام التبرير له بتوتر: يا حاج مش قصده.....
نظر لها فهمي نظرة حادة أخرستها: أنتِ سبب فساد الواد ده طول عمرك بتدافعي عن غلطه لحد مبقاش عارف يفرق الغلط من الصح وأنتِ دلوقتي أول واحدة يجي عليها بسبب أنانيته!
ثم رمق فهمي بسام بنظرات الاستهجان: أمك التعبانة دي بدل ما تقعد تحت رجليها تخدمها وهي تعبانة قاعد تسأل مراتك هي ليه عايزة تقعد بدل أخواتك البنات! طول عمرك غبي وهتفضل غبي!
استشاط بسام من الغيظ وقد طفح الكيل من إهانات عمه له، نهض ليقف أمامه: أنا مش غبي يا عمي وأنت عارف كدة كويس.
نهره فهمي بشدة: لا غبي ومستهتر وقليل الأدب كمان بترد عليا يا ولد!
حدق إليه بسام بتحدي وكأنه نسي خوفه من عمه وعدم قدرته على عدم مواجهته طوال السنين ليقول: أنا لو قليل الأدب كنت رديت الرد اللي المفروض أرد بيه عليك من البداية!
اتسعت عيون فهمي من الدهشة: بتقول إيه؟
تابع بسام بوقاحة: أيوا زي ما سمعت كدة أنا لحد دلوقتي محترم نفسي قدامك وإلا كنت قولت كلام تاني!
رفع فهمي يده لتهبط على خد بسام صفعة قوية أمالت رأسه للجانب فشهقت كل من حلا ووالدته بصدمة.
نظر له فهمي بعصبية وقد احمر وجهه من الغضب وقال بأنفاس ثقيلة من شدة الانفعال الذي يشعر به: لو في يوم من الأيام كنت شكيت أنك هتقف قدامي بكل الوقاحة وتبحج فيا كدة أنا كنت كسرت ضلوعك لحد ما تعلمت الأدب وبقيت محترم من نفسك! كان نفسي تطلع راجل طلعت العيال الصغيرة أرجل منك!
نهضت حلا بسرعة وتوجهت لفهمي تتمسك بذراعه وقالت برجاء: لو سمحت ياعمي أهدى العصبية مش كويسة علشان صحتك بسام ميقصدش كل ده صدقني، تعالى معايا ياعمي يلا.
كان فهمي مازال ينظر بغضب لبسام الذي مازال يحدق للأرض بنفس وضعيته ثم استجاب لحلا ببطء وخرج معها من الغرفة.
قالت والدة بسام بشفقة: بسام تعالى عندي.
لم يستجب لها فرفعت ذراعيها له وناشدته بتوسل: تعالى يا حبيبي بالله عليك.
تقدم لها ببطئ ثم عندما وقف أمام سريرها ركع أمام السرير فضمته لأحضانها تقول بحزن:متزعلش يا حبيبي عمك مش قصده أنت عارف أنه عايز مصلحتك بس أنت غلطت فيه يا بسام وفيا؟ زعلان أنه حلا بتساعد أمك ده كدة بنت كويسة وزوجة مطيعة عايزة تسعدك.
شعرت به يبكي فمسحت على شعره بحنان، قال بها بسام بعتاب: ليه عملتي كدة؟ 
قالت باستغراب: عملت إيه؟
تابع بسام بصوت مكتوم: ليه اتجوزتيه؟ ليه اتجوزتيه بعد وفاة بابا ليه!
تجمعت الدموع في عيون والدته: يابني ده كان الصح أنا عملت كدة علشان مصلحتكم أنا بعد وفاة أبوك بقيت مطمع للناس والحل أني اتجوز عمك هو هيحافظ على ورثكم ويساعدني في تربيتكم.
رفع بسام عيونه له بلوم: أنتِ السبب في كل حاجة!
نظرت له بذهول لا تستطيع أن تصدق ما تسمعه منه: أنا يا بسام؟
ابتعد عنها بحدة ونهض وأردف بحقد: أيوا أنتِ علشان اتجوزتيه وخلتيه يعمل معايا كدة ويحرمني من ورثي! أنتِ السبب في كل ده وكل حاجة حصلتلي!
لم تستطيع والدته تصديق أنه يلومها فقالت بعدم تصديق: أنت بتتهمني يا بسام! 
لم يجب وهو ينظر لها بغضب تشوبه الضغينة فقالت بنبرة باكية: يابني عمك مسرقش ورثك هو بيحافظك لك عليه وبيديك نصيبك كل شهر أنت ناسي يا بسام أنت كنت هتضيعه إزاي وهو كل مرة ينقذك، ناسي النصاب اللي كان هينصب عليك لولا أنه لحقك؟ عمك مش قاسي هو كان بيعاملك كدة من كتر المشاكل اللي بتعملها اشمعنا أنت بتكرهه ما أخواتك كلهم بيحبوه أنت من صغرك بتكره.
صاح فيها بسام بكراهية: علشان ظالم وجبار!
بكت والدته بشدة: مش ظالم يابني بس حاول يحميك من نفسك وأنت كنت بترفض كل حاجة يقولك عليها تعمل عكسها كل حاجة يحذرك منها تروح تعملها!
وقف أمامها بسام بشموخ: علشان أنا أعمل اللي أنا عاوزه ومش من حقه يقولي أعمل إيه ومعملش إيه ومش من حقه ياخد فلوس ويحرمني منها!
تابع وقد تغيرت قسمات وجهه ونظرات عينيه وظهر فيهما الرغبة الانتقامية بشكل أخاف والدته: وحقي هيرجع وأنا عارف إزاي هرجعه ومحدش هيقدر يتكلم معايا بعد كدة نص كلمة!
خرج من الغرفة بسرعة دون أن تستطيع أن توقفه فظلت تبكي بحسرة، شاهده من بعيد عمه وحلا التي كانت جالسة معه فهو رأسه بيأس منه.
ربتت حلا على يده بمواساة: متزعلش نفسك يا عمي غلط عليك كدة.
قالت فهمي بنبرة متعبة: هقول إيه يابنتي هو دون أخواته كلهم تاعبني وتاعب قلبي طول عمري بيخترع المشاكل من مفيش علشان بس يعصبني! مستهتر ومهمل وعديم المسئولية طول عمره!
ابتسمت حلا في سرها فهي رغم أنها تحب عم بسام رغم صرامته واختلافها معه في آرائه ووالدته لطيبة قلبها إلا أنها سعيدة بما آلت إليه الأمور لتكون هذه فرصتها لتستغل ما حدث لصالحها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
قالت له حلا بهدوء: ياعمي متتعبش نفسك بإذن الله بسام بكرة يعقل ويفهم المهم أنت متزعلش نفسك.
تنهد فهمي ثم نهض: أنا هقوم أنزل علشان أهدى شوية منه لله حرق دمي.
حين خرج من المنزل جلست حلا وهي تبتسم لقد شارفت اللعبة على النهاية أخيراً وقد انقلبت الموازين لصالحها تماماً، إن غداً هو اليوم الأخير من اتفاقهما وسيتذوق بسام وجالا من نفس كأس المرارة التي شربت منه وستحرص هي تماماً على ذلك!
رن هاتفها لترى أنها والدتها، شعرت بالضيق من نفسها لأنها لم تعط والدتها الإهتمام الكافي هذه الأيام وها هي ستعتني بوالدة بسام ولكنها أرجعت ذلك لانشغالها هذه الأيام وبعد ما ينتهي ما تفعله لن يشغلها شيء عن والدتها أبدا.
كان بسام غاضب للغاية فاتصل بجالا حتى يحاول التهدئة من غضبه.
أجابت جالا بدلال: أيوا يا حبيبي؟
قال بسام باحتدام: أنا زهقت يا جالا امتى هاخد فلوسي من عمي وأعيش مرتاح بدل الذل اللي معيشني فيه ده!
قالت له جالا بمكر: أهدى يا حبيبي مفيش حاجة مستاهلة انت بس تطلق حلا ونتجوز وأنا هجيبلك حقك لحد عندك متقلقش.
قطب بسام وتذكر حلا ثم تذكر كلام والدته عن كيفية أن تطوعها لخدمتها تجعله زوجة جيدة ومطيعة فسأل جالا فجأة: جالا هو لما نتجوز أنتِ هتخدمي أمي؟
صمتت جالا بذهول من سؤاله ثم قالت له: أنت مجنون؟ بتقول إيه يا بسام؟
ألح عليها قائلاً: بسألك يا جالا بعد الجواز لو ماما تعبت مثلا هتخدميها؟
قالت له جالا بحنق: لا ده أنت شكلك مش طبيعي دلوقتي خالص وبعدين أمك مين اللي أخدمها؟ أنا كنت بتجوزك علشان أروح أخدم!
رد بسام بانزعاج: ما تردي عدل يا جالا مالك!
قالت جالا بنفاذ صبر: ما تتكلم أنت عدل الأول وشوف بتقول وأعقل كدة علشان شكل حد لعب في دماغك ولما تعقل أبقى كلمني!
أغلقت الهاتف في وجهه فنظر له بذهول قبل أن يلقيه أمامه على الأرض بضيق.
تذكر حلا وقارن بينها وبين جالا خصوصاً في الأيام الأخيرة، إن حلا لم تقلل من شأنه كمان تفعل جالا دائما وتعتبره شخص غير جدير بالمسؤولية مثل عمه لقد أحب جالا ولكنه سأم من أفعالها ومعاملتها له! كما أن حلا لا تجد أي مشكلة في خدمة والدته وإطاعة أوامره فهي تجعله يشعر بأهميته.
بعد تفكير طويل حسم الأمر أخيراً وهمس لنفسه بخبث: أيوا أنا هختار حلا أكمل معاها هي اللي بتسمع كلامي مش زي جالا، هختارها بس فلوسها وورثها هيفضلوا معايا وباسمي أنا مش هرجع لها حاجة، الفلوس هتبقى ملكي وحلا تحت إيدي!
شعر برضى لما توصل إليه فقد ضمن زوجة كما يرغب كما أنه سيحتفظ بالمال لنفسه ليتمتع به وسيجد طريقة ليخدع حلا وقد كسب الأمرين معاً بضربة واحدة!
كانت جالا تجلس بقلق بعد مكالمة بسام الغربية، فكرت يديها بغيظ: الغبي ده مش عارفة ناوي يضيع كل حاجة ولا إيه! بس أنا مش هستنى لازم الخطة تتنفذ في أسرع وقت!
أمسكت هاتفها لتتصل على سعيد وتأمره بصرامة: سعيد التنفيذ هيكون بكرة بالليل وتنفذ كل حاجة قولتهالك بالحرف الواحد أنت فاهم؟
وضعت الهاتف أمامها بارتياح وقد اطمئنت أن كل شيء سيسير كما ترغب وستتخلص من بسام وتحصل على المال كله لها بضربة واحدة!
سهر بسام مع صديقه تلك الليلة ولم يعد إلى المنزل فاتصلت به حلا.
رد بصوت ناعس: أيوا مين؟
قالت له حلا بقلق مصطنع: أنت فين يا بسام؟ مرجعتش امبارح قلقت عليك.
تنبه بسام من نومه لينهض ويرد عليها: أنا بخير يا حبيبتي بس عند واحد صاحبي.
لم تصدقه حلا طبعاً إلا أنها قالت: طب هترجع امتى؟
رد بسام بضيق وقد تذكر ما حدث البارحة: مش عايز أرجع البيت اليومين دول يا حلا.
قالت حلا برجاء: أنا عارفة أنك مضايق بس ارجع النهاردة علشان خاطري يا بسام.
زفر بعمق فتابعت بإصرار: هستناك ها؟ مع السلامة يا حبيبي.
أغلقت دون انتظار رده فقال بدهشة لنفسه: حبيبي؟
ابتسم لنفسه بزهو وقد فكر أن حلا لانت أخيرا فوجد أن عليه العودة الليلة واستغلال تلك الفرصة.
عاد في المساء وفتح باب المنزل ثم توقف مكانه بذهول، لقد كان المكان مظلم إلا من عدة شمعات تشع ضوء بسيط وحالم في المكان فدلف وأغلق الباب ورائه ينادي بحيرة: حلا!
اتسعت عيونه بصدمة حين أتت حلا وهي ترتدي قميص نوم طويل فوقه الرداء الخاص به وقد وزينت وجهها بمساحيق التجميل وتركت شعرها منسدلا على كتفيها، كان ذلك المظهر كفيل بإبهار بسام من جمالها.
وقفت أمامه مبتسمة بدلال: حمدا لله على السلامة يا حبيبي، إيه مالك واقف كدة ليه؟
ابتلع ريقه بصعوبة وقال بعدم استيعاب: حبيبي؟
تقدمت منه حلا وعبثت بأزرار قميصه بمرح: اه حبيبي أنت مش حبيبي ولا إيه؟
نظر حوله بعدم تصديق: أنا.... أنا بس مش مصدق أنتِ سامحتيني؟
اقتربت منه حلا ووضعت رأسها على صدره قائلة بابتسامة: الصراحة أنا فكرت كتير جدا الأيام اللي فاتت بس لما مرجعتش البيت امبارح فهمت فعلا أني سامحتك ومقدرش أعيش من غيرك وقولت ليه ميبقاش لينا فرصة مع بعض.
أرجعت رأسها للوراء لتنظر إلى وجهه: ولا أنت إيه رأيك؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
قال بلهفة على الفور: طبعا معاكِ حق يا حبيبتي أنا مش مصدق من فرحتي بس.
ضحكت حلا بصوت منخفض: لا صدق.
سحبته من يده حتى الطاولة التي أعدتها وقالت ببهجة: أنا عملت لك الأكل اللي بتحبه إيه رأيك؟
ابتسم لها بسام وقد شعر بمدى صواب قراره: أي حاجة من إيدك لازم تبقى جميلة يا حبيبتي.
ابتسمت بخجل: طب يلا أقعد نأكل.
تناولا الطعام في جو ملئ بالانسجام والاسترخاء على ضوء الشموع التي على الطاولة بينما كان بسام سعيداً بتحول الأمور.
مدت له حلا بكأس العصير الذي أمامه: خد يا حبيبي العصير اللي بتحبه أنت لحد دلوقتي مشربتش حاجة.
أخذه منه وشربه وهو ينظر إليها مبتسماً بعد دقيقة جلسوا على الأريكة بعد أن انتهوا من تنازل الطعام، شعر بسام بشيء غريب ودوار خفيف يجتاحه واسترخاء تام ينتشر في أطراف جسده حتى بعد قليل لم يعد يعي على أي شيء.
استيقظ بسام في الصباح وقد وضع يده على رأسه فهو يشعر بصداع خفيف، فتح عيونه ثم نظر جانبه.
فتح فمه من شدة الذهول لرؤيته حلا تنام جانبه في نفس السرير وانتفض جالساً على الفور، فكر في ليلة أمس وحاول التذكر هل حدث بينهما شيء أم لا؟ ولكن هذا ما يبدو من وضعهما الآن!
كان يحاول استيعاب الأحداث وعلى حين غرة منه انفتح الباب بقوة ودخلت منه جالا التي توقفت بصدمة وهي تجد بسام وحلا نائمين معاً.
نظر لها بسام بصدمة مماثلة فكيف دخلت جالا لشقته؟ بل لغرفة نومه! وكيف حصلت على المفاتيح ولماذا أتت!
صرخت فيه جالا وهي تستشيط من الغضب: إيه اللي بتعمله ده يا بسام!
نهض بسام من السرير بارتباك فيما نهضت حلا بهدوء ووضعت رداء القميص الذي كانت ترتديه عليها.
حاولت التبرير لها بارتباك: جالا اسمعي بس....
قاطعته صارخة بجنون:أسمع إيه ما أنا شايفة كل حاجة قدامي أنت قايل لي إنك مبقتش تقرب منها من شهور بتخوني يا بسام!
ابتسمت حلا بسخرية وقالت بصوت منخفض متهكم: بيخونك مع مراته! أول مرة تحصل في التاريخ!
نظرت لها جالا بحقد ثم عادت تنظر لبسام بعيون حمراء من الغضب: أنت نسيت كل حاجة بيننا؟
لم يعرف بسام بما يجيبها فتقدمت حلا وكتفت يديها بثقة: مالك يا حبيبتي داخلة كدة ليه؟ أنتِ لقتينا في شهر مفروشة! واحد ومراته وقرروا يتصالحوا أنتِ مضايقة ليه؟
ثم ابتسمت وهي تُلقي شعرها للوراء بيدها بدلال أغاظ جالا: قررنا نرجع لبعض إحنا حُرين.
نظرت جالا لبسام وهي لا تصدق أنه على وشك إفساد كل ما عملت على تحقيقه وتخريب كل الخطط التي خططت لها طويلاً.
هزته من ذراعيه بقوة وهي تقول بغل: ما ترد وتكلمني ساكت ليه؟
قالت حلا باستياء: لا لا أنتِ أسلوبك وحش خالص أنا مش عارفة إزاي أنت كنت متحملها يا حبيبي.
ودت جالا لو تهجم عليها ولكنها عادت تصرخ في وجه بسام بجنون: ما ترد ساكت ليه!
ذهبت حلا وأحضرته شيئاً من على الطاولة ثم استدارت لهم وهي تمسك بيديها أوراق وتمدها لهم حتى يروها بوضوح بينما تقول بغُنْج: يعني متعصبة كل ده علشان رجعنا لبعض أمال لما تعرفي أنه بسام حبيبي امبارح مضى لي على أوراق تنازل جديدة منه ليا ورجع لي ورثي!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كادت عينا بسام وجالا تخرجان من محجريهما عند رؤيتهما لتلك الأوراق في يد حلا التي ترفعها أمامهما بتفاخر ونظرة الانتصار في عينيها.
تقدم لها بسام وعيناه شاخصتان في تلك الورقة: إي..... إيه ده؟
رفعت حاجبها وابتسمت بتهكم: إيه يا حبيبي ماهو قدامك أهو مش بتعرف تقرأ؟
ابتلع ريقه بصعوبة ونظر إليها: بس أنا موقعتش على حاجة.
جن جنون جالا التي اقتربت تحاول الهجوم على حلا فأدركها بسام ليمسكها وهو مازال ينظر للورقة التي في يد حلا بشعور من الخدر.
حاولت جالا الإفلات منه فصرخت بعصبية: سيبني! بقولك سيبني عليها ياغبي دي خدت مننا كل حاجة!
نظرت لها حلا ساخرة: لا لا يا بسام مش معقول كدة كويس أنك ماسكها يعني يرضيك تضرب مراتك حبيبتك.
وضعت يدها على بطنها ثم تابعت: ده أنا حتى ممكن أكون حامل دلوقتي يرضيك تأذي ابنك اللي جاي؟
نظر بسام لبطنها بصدمة أكبر بينما فغرت جالا فاهها من شدة المفاجأة، ابتعدت عن بسام وضربته على صدره وهي تصرخ به بعدم تصديق: كمان! يعني بعد ما كنت بتديها حبوب منع الحمل السنين دي كلها جاي تبوظ كل ده دلوقتي وتدمر كل خططنا!
في تلك اللحظة شعرت حلا كأن قلبها توقف للحظة ثم عاد ينبض مجدداً ارتفعت عيونها تحدق إلى بسام، كان عدم التصديق الذي يسكن عيناها يتخلله خيبة الأمل التي تحرق قلبها مما سمعته للتو.
هو من كان يضع حبوب منع الحمل لذلك لم تتمكن من الحمل أبدا خلال كل هذه السنوات وهي من كانت تظن أن المشكلة بها هي! طوال السنوات الماضية كانت تتعذب وتتحرق شوقاً حتى يصبح لديها طفل لأنها تحب الأطفال وترغب في طفل خاص بها وكانت تسأل نفسها لما تأخر حملها حتى أن بسام لم يبد قلق من ذلك التأخير أبدا أو من احتمالية وجود مشكلة عن أحد منهما وحين حدثته طمأنها بأنه ليس قلق وأن وجودها يكفي وليس بحاجة للأطفال قد سبب ذلك أن شعرت بالذنب لأنه ربما يكون العيب لديها وهي سبب حرمانه من أن يصبح أب وأمضت ليالي عدة لم تذق طعم النوم خلالها، لكن سماعها ذلك الآن من جالا قد أشعل النار في قلبها من القهر.
نظرت له حلا وملأ الكره قلبها تجاهه لدرجة أنها لم تطق حتى النظر إليه.
أخفض بسام رأسه فرمقته حلا بإشمئزاز: صحيح أنا مستغربة ليه؟ هتوقع إيه من واحد كان بيخون مراته السنين دي كلها وبيخطط علشان يسرق ورثها ويتمتع بيه هو وعشيقته!
نظرت لها جالا باستهزاء وضحكت وهي تشبك ذراعيها أمام صدرها بغرور: هو أنتِ اعتبرتي نفسك مراته بجد يا حلوة؟ لا فوقي دي كانت جوازة مصلحة بالأمر أمري أنا وطلاقك برضو بأمري أنا، كل ده كان متخطط من سنين أنا أخطط وهو ينفذ فمتنسيش نفسك يا حلوة أنتِ مجرد لعبة في إيدي أنا!
هزت حلا رأسها وقالت بإحتقار: المشكلة أنك شايفة نفسك ذكية وأنتِ مجرد حقيرة كان عندي حق لما مرتحتلكيش رغم أنك حاولتي تعملي نفسك صاحبتي وناوية تغدري بيا ماهو طبيعي من صفات الناس اللي ملهاش أصل زيك.
قبضت جالا على يديها وهي تكاد تنفجر من الغيظ فأسرعت نحو حلا لتهاجمها إلا أن بسام حال بينها وبين حلا مرة أخرى وهو يفكر في كلماتها عن إحتمال حملها.
دفعها وهو يقول بنفاذ صبر: كفاية يا جالا لحد كدة اسكتي خالص وسيبيني أتكلم.
نظرت له جالا بذهول لأنه لأول مرة يدفعها ويصرخ في وجهها بهذا الشكل.
عاد بسام يحدق إلى حلا وإلى الأوراق التي في يدها: حلا فهميني أنا مش فاكر أني وقعت على حاجة إزاي ده حصل؟
ضحكت حلا بشدة حتى نظر إليها كل من بسام وجالا بتعجب، فور أن تخلصت من نوبة الضحك التي امتلكتها نظرت إليه وقالت بثبات: علشان أنت غبي يا بسام.
ارتفع حاجبيه بدهشة فتابعت بشعور من الشماتة وهي ترى أثر تردد كلمات عمه على مسامعه منها على وجهه: أيوا غبي زي ما عمك دايما بيقول وهتفضل غبي اللي يخون مراته ويغدر بيها ويرجع بكل سهولة متوقع أنها تصدق لعبته وترجع علشان يضحك عليها تاني ويرميها يبقى أكبر غبي في الدنيا!
تغيرت قسمات وجهها وقالت بدهاء: أنت فاكر هيكون مين اللي هكر تليفونك يا بسام؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ازداد ذهوله فتابعت باستهزاء: أيوا تليفونك اللي قولتلي عليه يا حرام أنه بايظ عارفة أنه اتهكر علشان أنا اللي هكرته.
ضحكت بخفة حين رأت صدمته العميقة: إيه؟ مش متوقع صح؟ معاك حق حتى أنا متوقعتش كدة من نفسي بس الضرورة تحكم طبعا.
اقتربت منه ونظرت في عينيه مباشرة بثبات: من أول ما عرفت بخيانتك وأنا كان لازم أعرف ناوي على إيه ومين دي اللي بتخوني معاها وعرفت كل حاجة قذرة كنت بتعملها.
نظرت لجالا التي بادلتها التحديق بتكبر فأردفت بفتور: وعرفت أنك بتخوني مع الهانم لا وكمان من سنين وكل ده بتخدعوني علشان تعملوا مصلحة على قفايا.
ابتسمت ابتسامة أشبه بالتكشيرة: وعرفت عن سعيد كمان اه لا متستغربش أوي كدة يعني حتى ده هتيجي عليه ومش هعرف؟ يا راجل ده حتى دورك البطولي كان في الهوا.
أخذت نفساً عميقاً وقالت بمرارة وهي تنظر لكلاهما: وساعتها كان لازم أفوق لنفسي وأرجع حقي اللي أنا خدته بالكدب والغش لا وراجع مفكرني هصدق لعبتك الهبلة تاني! لا أنا طيبة بس مش هبلة ولا يمكن كنت أسامحك على اللي عملته أبدا وسرقتك ورثي من بابا الله يرحمه حقي اللي خدته واعتبرته بكل ندالة حقك كان لازم يرجع لي!
تنهدت ثم أردفت ببرود وهي تلوح بالورقة أمام وجهه: أما بالنسبة لده حصل إزاي فهو بسيط يا حبيبي لأنك غبي تاني وبتحب الألعاب لعبت معاك لعبة بسيطة خالص، امبارح العصير اللي شربته كان فيه دوا مهدئ فلما أنت شربت وبدأت تهلوس جيبت الورق وخليتك توقع عليه يعني ده توقيعك يا بسام مش مزور ولا حاجة أصل الحركات دي متطلعش إلا منك.
كان بسام في تلك اللحظات في دوامة من الصدمة وعدم الاستيعاب مما سمعه منها حتى أنه لم يرد عليها بينما هي تنظر له بتشفي واضح.
قالت جالا بسخرية: لا طلعتي ذكية وبتعرفي تفكري يا حلوة بس أنتِ فاكرة بقى أنت كدة كسبتي؟ 
نظرت لها حلا بملل فأمسكت جالا بذراع بسام وهزته بعنف: بسام فوق إحنا لازم نرجع حقنا شوفت استغفلتك إزاي؟ إحنا لازم نعلمها الأدب يا بسام لازم!
انتظر كل من جالا وحلا رد فعل بسام بترقب حتى حدق بسام إلى حلا وقال بصوت غاضب: لعبتيها صح يا حلا بس نسيتي النهاية والنهاية دي هتبقى بتاعتنا إحنا.
ابتسمت جالا بارتياح لأنها كانت خائفة من ألا صفها أخرى ثم نظرا هما الإثنان لحلا، بسام بسخط وجالا بخبث، تقدما نحوها ببطء  فأحست حلا بالخوف وهي تتراجع للوراء وتحدق إليهم بريبة لأنها شكت في نيتهم نحوها.
توقفا فجأة على صوت إسراء التي اقتحمت الغرفة وهي تهجم على جالا بشراسة: اقفوا عندكم اللي هيقرب خطوة واحدة منها هأكلوا بسناني أنتوا هتتلموا عليها ده أنتوا يومكم مش معدي!
حاولت جالا أن تقاوم هجوم إسراء المفاجئ عليها فيما استغلت كلا دهشة بسام من وجود إسراء وأسرعت لترتدي ملابس أخرى وحجاب فوق ملابسها لأنها تعرف ما سيأتي بعد قليل.
حاولت جالا أن تقاوم إسراء التي كتفت ذراعيها دون فائدة وهي تصرخ بها قالت إسراء لحلا بنبرة عابثة: ده الحفلة النهاردة هتبقى حلوة أوي.
التفت بسام لحلا واقترب منها باحتدام قائلاً بنبرة ثائرة: أنا نفسي أعرف أنتِ قدرتي تعملي كدة؟ إزاي يا حلا؟ رتبتي وخططتي ونفذتي كل ده إزاي! أنا عارف ومتأكد أنك مش هتعملي ده لوحدك يبقى مين اللي عمل معاكِ كل ده؟ مين اللي ساعدك؟ مين اللي كان معاكِ في لعبتك دي مين!!
ارتفع صوته في آخر جملة بشكل هستيري وهو لا يجد إجابة على أي من أسئلته التي تحيره، نظرت له حلا ببرود ولم تجبه ثم ابتسمت ابتسامة غامضة زادت من ثورته وجنونه.
ارتفع في تلك اللحظة صوت من وراء بسام يقول بثقة: أنا.
توجهت نظرات حلا لما وراء بسام بنفس الابتسامة بينما استدار بسام ببطء وعقله يخبره بتشوش بأن ذلك الصوت ليس بغريب عليه حتى تجمدت نظراته على الشخص الذي يقف أمامه، كان آخر شخص يتوقعه بسام على الإطلاق فردد بعدم تصديق: مالك!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
بقيت نظرات بسام شاخصة في مالك الذي يقف مكتفي الذراعين ثم ابتلع ريقه حين رأى النظرات التي يوجهها إليه مالك وقد أدرك أخيرا ما كان يحدث حوله، عاد يحدق إلى حلا بأنفاس مضطربة وقال بتيه: مالك؟ أنا مش مصدق اللي شايفه!
رفع مالك حاجبه باستهزاء:تحب أعملك نضارة نظر علشان تتأكد؟
عاد ينتقل بنظراته بين حلا ومالك بذهول ثم ضحك بعدم تصديق: هي دي؟ هي دي اللعبة اللي كنتِ عاملاها؟ أنتوا الاتنين اتفقتوا عليا؟
توقف وفكر لثانية قبل أن يقول: كنتِ بتتقفي عليا مع عدوي؟ بتخونيني معاه؟
تحفز مالك ليهاجم بسام ولكن قبل أن يتحرك طال خد بسام صفعة قوية من حلا وهي تقف أمامه بكل غضب تحمله داخلها: ليه فاكرني قليلة الأصل زيك؟ خاينة للعيش والملح والعِشرة! أنت عارف كويس أن عمري ما هوصل لليفل القذارة اللي وصلت له أبدا يا بسام!
صرخت به بكل الحرقة التي تملأ قلبها: أي حاجة أنا عملتها عمرها ماهتوصل لحقارة اللي عملته أبدا! تحب ابدأ بعمايلك منين؟ من سعيد اللي أجرته من سنين علشان تعملوا عليا لعبة أنت وهو تدخل بيها حياتي؟ ولا اتفاقك عليا مع الزبالة اللي وراك دي؟ ولا سرقتك ليا؟
توقفت حتى تستطيع تمالك نفسها وإيقاف الدموع التي تهدد بالانهمار على وجهها ثم تابعت بقهر يظهر بوضوح في صوتها وملامح وجهها: عارف كل اللي فات ده ولا حاجة بجد ولا حاجة جنب أنه راجل يقرر يعمل أوطى حاجة ممكن تخطر على بال حد ويطعن مراته في شرفها!
توسعت عيون بسام بصدمة فكيف علمت عن ذلك، فهمت حلا ما يدور في رأسه فابتسمت بألم: إيه؟ مصدوم أني عارفة؟ تخيل والله متوقعتهاش منك متخيلتش توصل للمستوى ده أبدا! إزاي واحد يتقال عليه راجل يقبل على مراته حاجة زي دي؟ ده أنا حتى شرفي هو شرفك يا أخي، كرامتي هي كرامتك وسُمعتك من سُمعتني! إزاي قبلتها على نفسك إزاي؟ قدرت تعملها إزاي دي!
قالت جملتها الأخيرة مرفقة بضربة قوية على صدره فلم يحرك بسام ساكناً، تقدم مالك في تلك اللحظة ثم توقف عند جالا التي مازالت تُمسكها إسراء بقوة، نظر في وجهها بإشمئزاز وقال ببرود: بالمناسبة سعيد اتقبض عليه امبارح لو بتسألي نفسك هو مختفي فين لحد دلوقتي.
حدقت إليه جالا بذهول فرمقها مالك بتهكم ثم وجه حديثه لبسام: تعرف يا بسام أنه مهمة سعيد اتغيرت وبقت أنه يلبسك تهمة قتل حلا علشان الشرف بأمر من حبيبة القلب؟ وأنها هتدي له نصيب أكبر لو نفذ المهمة وأنت اللي لبستها؟
وقعت كلماته كوقع الصاعقة على بسام الذي التفت لجالا بسرعة فأردف مالك بابتسامة: سعيد أعترف بكل حاجة امبارح وأنها اتفقت معاه بعد ما أنت ما مشيت وغيرت خطتها علشان تاخد الفلوس كلها لنفسها.
نظرت له جالا بفزع وحاولت التبرير بارتباك: ب...بسام متسمعش حاجة منهم...دول بيحاولوا يوقعوا بيننا.
نظر لها بسام بألم وغضب من الخيانة التي يحس بها الآن أما حلا فلم تبالي فهو وجد من يطعنه في ظهره كما سبق وفعل معها بدون تردد.
هجم بسام على جالا التي صرخت لتفلت منه فقام مالك بإبعاد بسام عنها بالقوة وبالفعل رجع بسام للوراء حتى كاد يقع.
نظر له بسام بغيظ لأنه أبعده عن جالا فاندفع نحوه بتهور: أنت بتتدخل في اللي ملكش فيه ليه، راجع بعد كل السنين دي تنتقم علشان خدتها منك!
لم تفهم حلا مقصده فعقدت حاجبيها بحيرة فيما أمسك مالك ببسام مرة أخرى ودفعه حتى سقط على الأرض قائلا باحتقار: أنا لو كنت عايز انتقم منك كنت انتقمت من زمان إنما أنا كنت بساعد حلا علشان ترجع حقها منك وتشوف حقيقتك بنفسها.
ابتسم بقسوة وتابع: جهز نفسك لأنه البوليس في السكة.
في تلك اللحظة حضر شادي الذي قال باعتراض: لا هي جت عليا يعني!
تقدم شادي الذي ابتسم لبسام ابتسامة مريبة فنظر بسام له باستغراب.
قال شادي وهو يحك يديه ببعضهما بنبرة عابثة: كنت مستني اللحظة دي من زمان يا بسام تعالى يا حبيبي علشان لينا حق لسة.
هجم شادي على بسام يضربه قدر ما استطاع وبسبب أن بسام مازال متأثر بسبب المخدر الذي شربه في الليلة الماضية لم يستطع مقاومة شادي وبعد عدد من الضربات قام مالك بإبعاد شادي بكل هدوء ثم نظر له وقال بنبرة عملية: عيب يا شادي مش بنضرب كدة.
وجه نظراته التي تحولت للكراهية إلى بسام وقال بنبرة جدية يشوبها الحقد: بنضرب كدة.
ثم لكم بسام بشدة وتوالى عليه بالضربات التي لم تكن تشبه ضربات شادي الخفيفة في شيء وفي تلك الأثناء كانت إسراء تضرب جالا التي لم تستطع الإفلات منها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كانت حلا تراقب ضرب مالك لبسام ولأول مرة لا تشعر بالشفقة عليه حتى من صرخات استغاثته.
نادتها إسراء بحماس: تعالي خدي حقك أنتِ هتسيبيها تمشي كدة من غير تذكار!
اندفعت حلا نحو جالا بحقد وتعاونت مع إسراء على ضربها وهي تتذكر ما كانت تخطط له من أجلها.
أمسك مالك بياقة بسام الذي كان ينزف من أنفه وفمه والكدمات التي تلقاها واضح أثرها في سائر أنحاء وجهه.
قال مالك لحلا بجدية: عايزة حاجة تاني؟
وقفت حلا ورائهم وهي تنظر لوحه بسام الدامي وقالت بصوت جامد: يطلقني، عايزة يطلقني دلوقتي.
هزه مالك من ياقة ملابسه وقال بصرامة: طلقها.
نظر له بسام ثم ضحك بصوت منخفض فعقد مالك حاجبيها باستغراب منه.
قال بسام بخبث: عايزني أطلقها؟ لسة عندك أمل بعد السنين دي كلها؟ حتى لو طلقتها المهم أني عملت اللي أنا عايزه وحرقت قلبك السنين دي كلها وكسبتك.
ابتسم مالك بقسوة: لو كنت أنت حرقت قلبي السنين اللي فاتت فدلوقتي قلبك هو اللي هيتحرق الباقي من عمرك وأنت بتقضيه في السجن ولو أنا خسرت مرة فأنت خسران دلوقتي كل حاجة طول عمرك!
ثم لكمه حتى أن بسام بصق الدم من فمه فعاد مالك يقول بحدة وهو يهزه بقوة أكبر: طلقها!
نظر بسام لحلا لعيون زائغة وقال: أنتِ....أنتِ طالق.
أغمضت حلا عيناها بشدة ودمعة تسللت من جفنها لتنهمر على خدها وهي تشعر بالخلاص أخيرا من كل شيء كان يحاوطها.
فتحت عيونها على اقتحام رجال الشرطة مع حسام الشقة وقد أشار لهم حسام: دول يا حضرة الضابط المتهمين ومعايا كل الأدلة والإثباتات اللي تثبت تورطهم في خداع موكلتي في كل التهم الموجهة ليهم.
نظر كل من جالا وبسام بفزع لرجال الشرطة قبل أن ياخذوهم فاستندت حلا على الطاولة ورائها بتعب وهي تشرد لتتذكر ما حدث حين غادر بسام المنزل بعد مشاجرته مع عمه فقد أتصل بها مالك ليخبرها بخطة جالا وبسام مع سعيد وأنها يجب أن تحذر ثم أحضر لها عن طريق شادي أوراق التنازل الجديدة التي كانت يحب أن يوقع عليها بسام في أسرع وقت وقد تم القبض على سعيد في نفس يوم تنفيذ الخطة حتى لا تستطيع جالا الوصول إليه وكشف ما يحدث.
ثم تذكرت حين وقع بسام على تلك الأوراق نتيجة الهلوسة من تأثير المخدر، حينها أتت إسراء وأخذت النسخة الأصلية لتعطيها لحسام ولكنها أصرت على الاحتفاظ بنسخة حتى تتفاخر بها أمامهم حين تحين هذه اللحظة، زفرت بعمق وهي لا تصدق أن كل شيء انتهى أخيرا ونهاية لصالحها أيضا.
أفاقت من شرودها على يد إسراء التي وُضعت على كتفها وهي تقول بفرح: وأخيرا يا حلا الحمد لله حقك رجع لك.
أومأت حلا بابتسامة باهتة ثم نظرت حولها بتنبه فأين ذهب مالك؟ فجأة تذكرت كلمات بسام وركزت فيما قاله.
فمن التي أخذها بسام من مالك للانتقام؟ ولما أراد مالك الانتقام أساساً؟ شعرت بشيء غريب وراء تلك الكلمات وحاولت دفع الإحتمال الذي يدور في بالها بعيداً وهي تسأل إسراء بسرعة: مالك راح فين؟
هزت إسراء رأسها: مشي دلوقتي.
ركضت حلا بسرعة حتى تلحقه متجاهلة نظرات إسراء وندائها المندهش، وجدت يسير وحيداً على مسافة منها فلحقته بسرعة حتى أدركته.
نادت بصوت عالي: مالك!
توقف مالك مكانه ثم التفتت ببطء وسأل بتعجب: فيه حاجة؟
أومأت حلا برأسها بقوة وقالت بريبة: مين اللي بسام أخدها منك يا مالك؟
تجمد مالك مكانه وقد تحجرت قسمات وجهه مظهرة رفضه الكامل للإجابة.
ازداد الشك داخلها ولم تستطع تحمل الأسئلة التي تدور في خُلدها فطالبته بإصرار: ليه كنت عايز تنتقم من بسام؟ إيه سبب العداوة اللي بينكم كل السنين دي؟ وليه ساعدتني من البداية؟ وإيه الكلام الغريب اللي كان بينكم جوا؟ مين اللي أخدها منك علشان يحرق قلبك؟ رد عليا مين!
ظل صامتاً وقسمات وجهه جامدة حتى ظنت للحظة أنه لن يجيب ثم حدق إليها بمرارة تلتمع داخل عينيه رغم وجهه الذي لا يُظهر أي تعبير وهو يقول بصوت أبح هادئ: أنتِ.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
اتسعت عيون حلا بصدمة وهي لا تستوعب ما تسمعه منه فهزت رأسها بعدم تصديق ليؤكد لها مالك بهدوء: أيوا أنتِ كان عايز يوجعني فيكِ أنتِ لأني.....
حاول أن يجد الكلام المناسب ليعبر عما يريد قوله ثم تنهد بقلة حيلة: لأني حبيتك.
كانت ترفض تصديق ما تسمعه بالتأكيد الحقيقة ليست ما يقوله مالك الآن.
ابتسم مالك بألم: عارف أنك مش مصدقة اللي بتسمعيه بس دي الحقيقة واللي حصل من سنين.
عاد مالك بذاكرته للوراء ورغم أن عدم الارتياح بينه وبين بسام يعود لسنوات طوال تشمل طفولتهم ومراهقتهم إلا أن الأمر احتد عند بلوغ مرحلة الشباب فقد كان بسام يكره بشدة سماع المديح لمالك من جميع من حوله لأنه رغم صغر سنه فقد كان مسؤول عن إعالة نفسه ووالدته بعد وفاة والده وقد تحمل المسؤولية منذ صغره عكس بسام الذي كان عمه يؤنبه دائما بسبب انعدام مسؤوليته واستهتاره الدائم على الرغم من أنه ومالك في نفس العمر ولكن حب بسام للعبث واللهو كان المسيطر على حياته وقد سئم عمه وجميع من حوله من نصحه لتغيير نمط حياته وعلى الجانب الآخر فقد كان جميع من في منطقتهم يمدحون مالك وأخلاقه دائما لذلك كرهه بسام رغم أن مالك لم يتطرق له يوماً بسوء إلا أن جاء ذلك اليوم.
حين كان بسام قد أشترى ثياب جديدة بالنقود التي أعطتها إياه والدته خلسة من وراء عمه بعد أن منع عنه النقود عقاباً على مشكلة افتعلها فارتداها ثم هبط من المنزل ليلحق بموعده مع جالا.
كان هناك عدة أولاد يلعبون الكرة ولسوء حظ ذلك الولد فقد ركلها لقوة فاصطدمت بصدر بسام وتترك بقعة كبيرة من الطين عليها.
نظر بسام لملابسه المتسخة بذهول ثم عاد يحدق بغضب للطفل الذي يبادله التحديق برهبة.
خطى بسام بسرعة وعصبية نحو الطفل الذي شعر بالخوف حتى أنه تراجع ليمسكه بسام من ياقة ملابسه صارخاً بغضب: إيه اللي أنت عملته يا حيوان! أنت عارف القميص ده بكام علشان تبوظه؟
كان الطفل ينظر إليه بخوف ولم يجب فهزه بسام بقوة أكبر هو يتابع بغيظ: أنت غبي ومتربيتش علشان تعمل كدة!
كان مالك عائد من عمله في ذلك الوقت ورأى ماحدث حين كان يعبر من الشارع فاقترب يقول باستغراب: في إيه؟ أنت ماسكه ليه كدة؟
لم ينظر له بسام وهو يقول بحنق: ملكش دعوة أنت متدخلش.
وضع مالك يده على كتف بسام وقال برزانة:مش شايف نفسك مسخرة وأنت عامل عقلك بعقل طفل وماسكه بالشكل ده؟
ترك بسام الطفل ليهرب خوفاً بينما يلتفت لمالك وينظر له بحنق: أنت قولت إيه؟
نظر له مالك من أسفل لأعلى بسخرية خفيفة وقال ببرود وهو على وشك الذهاب لأنه ترك الطفل أخيرا:شوف طولك وطوله قبل ما تتخانق معاه.
أمسكه بسام من ياقة قميصه بشدة وهو يحدق إليه بغيظ فنظر مالك لموضع يده ثم لبسام بطريقة جعلت بسام يرخي من قبضته عليه.
أبعد مالك يده كأنه ينفض شيء عن ملابسه واستدار ليغادر فتملك بسام الغضب الشديد ونظر حوله ليجد أنظار الجميع مسلطة عليه معنى ذلك أن مالك أهانه أمام الجميع ويجب أن يرد على إهانته حالا وإلا سوف يفقد كرامته.
قال بسام بصوت عالي:رايح فين ولا خايف تقف قدامي؟
أكمل مالك سيره بلامبالاة فنظر بسام حوله وهو يبتلع ريقه بصعوبة لشدة الإحراج الذي يشعر به.
ارتفعت زاوية فم مالك بابتسامة لأنه يعلم أن ذلك أقصى ما عنده ولكن بسام كان يحاول إيجاد أي شيء يحفظ ماء وجهه لذلك انطلقت الكلمات التالية من فمه دون تفكير:طبعا لازم تخاف هستنى إيه من عيل يتيم بيجري على أمه الفقيرة علشان يعرفوا ياكلوا وأبوك معلمكش تقف زي الرجالة هتقف إزاي قدام اللي أعلى منك!
توقفت مالك في مكانه فجأة وثبتت عيناه أمام دون تعبير أما بسام نظر له بانتصار بعد أن علم أن كلماته أصابت هدفها وانتظر الجميع بترقب رد فعل مالك على تطاول بسام عليه.
التفت مالك ببطء ووجه نظرة من عينيه لبسام نظرة جعلت بسام يتراجع للحظة عن موقفه ثم قال بصوت جامد: موتك على إيدي النهاردة.
وفي ثلاث خطوات كبيرة كان قد وصل لبسام ولكمه بشدة حتى أن بسام وقع على الأرض، لم يتوقف مالك للحظة بل مال عليه ورفعه ليلكمه من جديد وتتابع الضرب بتلك الطريقة هناك من رأى وخاف الإقتراب بسبب الغضب الظاهر على وجه مالك فقد خاف أن ينال شيء من بطشه إن تدخل وهناك من وقف متفرجاً بلامبالاة وبعضهم بتشفي لأن من نظرهم يستحق بسام ذلك على كلماته الحقيرة.
حين رأى البعض أن مالك يكاد يفتك ببسام تدخلوا وحاولوا إبعادهم عم بعضهما أو بالأحرى إبعاد مالك عن بسام الذي أشبعه مالك ضرباً دون أن يرد له واحدة حتى من ضرباته، كان مالك يمسك بسام بقوة حتى أن الأمر تطلب مجهود بضعة رجال ليبعدوه وذلك لا يعود لقوة مالك الجسدية حينها بل لشعوره بالحرقة من حديث بسام عنه وعن والديه.
أتى في تلك اللحظة عم بسام وأخواته فقال فهمي بتساؤل: إيه اللمة دي في إيه؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لمح بسام الملقي على الأرض بطرف عينه فنظر له بصدمة وتقدم إليه: إيه اللي عمل فيك كدة؟
قال مالك ببرود: أنا اللي عملت فيه كدة.
نظر له فهمي بدهشة فتابع مالك بنفس البرود: ولو كان بإيدي كنت شوهت ملامح وشه كلها.
نظر مالك لفهمي وقال بهدوء: ولو عايز تعرف اللي حصل أسأله.
ثم استدار وغادر فتلفت فهمي حوله بحيرة ليسأل: إيه اللي حصل حد يرد عليا!
تطوع أحد الرجال الواقفين وشرح ما حدث سريعاً وما قاله بسام لمالك فتسبب في إثارة غضب مالك.
تحول وجه فهمي وتغيرت قسماته بسبب الذهول ونظر لبسام بعصبية.
نظر لعادل وقال بحدة: هاته ورايا على البيت!
كان غضب فهمي يتأجج ولم يدخر قولاً في توبيخ بسام عن فعلته الشنيعة حتى عادل وبقية إخوة بسام حاولوا تهدئة فهمي دون فائدة وقد جلس بسام مطرق الرأس وازدادت كراهيته لمالك وتوعد له بالانتقام ففي المساء هبط من المنزل وترقب خروج مالك من منزله.
حين خرج مالك اختبئ بسام حتى لا يراه وتبعه منتظر فرصة لينفرد به ويأخذ حقه، سار ورائه حتى وصل مالك لمكان وانتظر فانتظر بسام هو أيضا باستغراب.
اعتدل مالك عند خروج فتاة من المكان وراقبها مبتسماً ثم تبعها حتى وصلت لمنزلها وقد استنتج بسام أن هذه الفتاة هي التي يحبها مالك وبعدما عاد لمنزله ظل يفكر كيف يمكن أن يأخذ حقه بأكثر طريقة مؤلمة ممكنة، علم مكان سكن تلك الفتاة فذهب في اليوم التالي وجمع عنها بعض المعلومات ولم تكن فكرة بسام في البداية أن يتزوجها ولكن حين تحدث أمام جالا عن مالك وما فعله ثم المعلومات التي عرفها عن الفتاة وأنها ابنة وحيدة لرجل مقتدر فكر في البداية في أخافتها ولكن جالا أعطته الحل الأنسب فقد رأت في ذلك فرصة لا تعوض إن تزوج بسام من تلك الفتاة الغنية سيتوفر لهم المال الذي يمنعه عنهم عم بسام ورغم ذهول بسام في البداية ورفضه إلا أنه اقتنع وأسرع يعرض الأمر على عمه معتبراً ذلك الطريق الذي سيتمكن من تقويمه وإصلاح حياته فوافق عمه لعل ذلك يكون الطريق لنضوجه وبدأ بسام وجالا في تنفيذ خططهم لدخول حياة حلا.
وبعد فترة علم مالك بخطوبة حلا ولكن لم يعلم من العريس فكان ذلك صدمة له وألم لقلبه ولكن الصدمة الكبرى أتت حين علم من العريس في يوم عقد القران فذهب إلى هناك لا يرى أمامه من شدة الغضب وطلب من أحدهم استدعاء بسام فحين رآه بسام ابتسم بخبث ليتقدم مالك ويضربه بجنون ورغم أن مالك يضربه كان بسام يضحك في وجهه فقال له: شوفت خدت حقي إزاي؟ اه مش قدام الناس زي ما كان نفسي بس حرقت قلبك العمر كله.
جن جنون مالك ليضربه بقوة أكبر وبسام يتظاهر بالاستسلام حتى أن من يراهم يظن أن مالك يعتدي على بسام وبسام لا حول له وقد كان في تلك اللحظة التي هبطت بها حلا لترى ذلك المشهد.
كان مالك ينظر لها وهي تصرخ عليه لأجل بسام وقد أصبحت زوجته هو ولا شيء يمكن أن يعبر عن قلبه الذي يحترق داخله ثم غادر وقد غادر مالك تلك المنطقة مع والدته التي توفيت بعد فترة.
عاد مالك للحاضر وهو يحدق لحلا التي كانت تجد صعوبة كبيرة في تصديق ما سمعته الآن، رغم كل ما علمته عن بسام ورغم ظنها أنه وصل الحد النهائي من الحقارة تعلم أمرا جديدا يثبت خطأها.
رأى مالك صدمتها فقال بنبرة مشتدة مغلفة بالحزن: أنا عارف أنك مصدومة وبتسألي نفسك ليه رجعت بعد كل ده بس أنا بجد بحترم نفسي وبحترمك أنا عملت ده علشان أساعدك وبس ومش عايز أي حاجة تانية.
انهمرت دموعها على وجهها وتسارعت أنفاسها فهزت رأسها بشدة وهي تتراجع للوراء، تقدم مالك خطوة وهو يرفع يده لاشعوريا ويقول برجاء: حلا.....
نظرت له للحظة ثم استدارت وهي تركض بشدة فنظر مالك ليده المعلقة في الهواء وأغلق يده على قبضته بعجز، نظر لها بنفس العيون الدامعة كما فعل منذ سنوات في يوم زواجها بينما تبتعد وتختفي عن ناظريه فابتسم بمرارة والتفت ليغادر.
عندما عادت حلا للمنزل وجدت عم بسام ووالدته قد عادوا بعد زيارة المستشفى للاطمئنان على قدمها لأن حلا قد أقنعتهم أن ذلك أفضل حتى يروا مدى تحسن حالتها وقد وجدوا الأمر غير طبيعي فاضطرت حلا أن تشرح لهم ما حدث.
جلس عم بسام على الأريكة مصدوم بينما صرخت والدة بسام بفزع: مستحيل! مستحيل يعمل كدة!
نظرت لهم حلا بإشفاق: للأسف يا ماما الكلام كله صح وبالأدلة كمان.
نهض فهمي وضرب بعصاه الأرض وهو يقول بصلابة: خديني هناك حالا.
خافت حلا فأطاعت أمره كانت والدة بسام على وشك مرافقتهم حين رفع العصا في وجهها وأمرها بحدة: خليكي هنا لحد ما أرجع وعلى ما أرجع أقعدي وفكري إيه اللي عملناه في حياتنا علشان يطلع لنا ولد كدة.
وصل فهمي لمركز الشرطة وانتظر بينما تنتهي التحقيقات مع بسام وجالا وطلب أن يحظى بفرصة ليتحدث مع بسام.
دخل مع حلا إلى غرفة التحقيق التي كان بسام يجلس فيها مقيد اليدين، نظر له بسام بلامبالاة بينما وقف فهمي يرمقه بإشمئزاز جلي.
نفخ بسام بملل: ناوي تقف كدة كتير؟
نظر له فهمي بعدم تصديق: وكمان بجح! أنت إزاي كدة؟ طلعت كدة إزاي وامتى؟ قصرت في إيه معاك علشان تطلع زبالة كدة!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظر له بسام بكره: وأنت عملت إيه معايا علشان أطلع غير كدة؟ طول عمرك حارمني من حقي ومن كل حاجة حلوة في حياتي!
أمسكه فهمي من ياقة ملابسه ليقف أمامه، بصق فهمي في وجهه فشهقت حلا وأغمض بسام عيونه بقوة ليسيطر على غضبه.
هزه فهمي وهو يقول بانفعال شديد: حارمك من حقك اللي كنت عايز تبعتره يمين وشمال وبحافظ لك عليه! كل حاجة حلوة زي إيه؟ صحابك الصيع! ولا البت اللي كنت ماشي معاها وعايز تتجوزها وسمعتها سبقاها في كل مكان! حياة الصياعة والاستهتار وقلة القيمة هو ده اللي حرمتك منه؟ علشان كنت عايزك تبقى راجل وبدل ما ترفع رأسي وطيتها وكسرت ضهري وفضحتنا!
أنهى كلامه بصفعة قوية على وجه بسام من شدة غضبه وخيبة أمله الذان يشعر بهما.
نظر له بسام بكره ودفعه وهو يصيح بحنق: كفاية بقى أنا بكرهك وبكره كل حاجة عملتها معايا ولو كنت أطول كنت خدت حقي منك ومنكم كلكم ورميتك في الشارع بس أنا هوريك وهتشوف!
أسرعت حلا بذعر وأمسكت بفهمي قبل أن يقع على الأرض فاسندته بقلق: أنت كويس يا عمي؟
نظر فهمي لبسام بعدم استيعاب مما حدث فحثه حلا برفق وهي تنظر لبسام باحتقار: تعالى يا عمي أقعد برة وارتاح.
عادت حلا مجدداً وجلست أمام بسام الذي جلس بفعل إجبار العسكري.
قالت ببرود: أحكي.
فهم مقصده فاعتدل وهو يضع يديه على الطاولة وقال بمشاكسة: أحكي إيه يا قلبي؟ من بداية حبي ليكِ؟
رمقته حلا بتقزز من أسلوبه وقالت بحزم: لا من بداية حقارتك مع مالك.
رفع حاجبه: كمان بتناديه مالك؟ ده واضح الموضوع متطور أوي.
ضربت على الطاولة بعنف: الحركات دي بتاعتك أنت دلوقتي تتكلم وتقول كل حاجة فاهم؟
زفر بضيق ثم بدأ الكلام: مالك ده أنا كنت بكرهه طول عمري كان دايما عامل نفسه أحسن مني لحد ما حصلت خناقة بيننا وكنت عايز أخد حقي ومشيت وراه لقيت واقف بيراقبك وبعدها عرفت عنك كل المعلومات، جالا هي كان صاحبة فكرة أني اتجوزك كدة هقدر اقهره وأخد حقي منه وفي نفس الوقت نستفيد علشان أبوكِ غني.
لم يتابع كلماته فتابعت حلا بابتسامة ألم: علشان لما بابا يكون تعرف تستغلني وتسرق الورث زي ما عملت؟
لم يجب وهو يشيح بوجهه عنها فقالت حلا بأسى: ياخي سبحان الله أنا كل مرة بتفاجئ أنت ممكن توصل لأقصى مستويات الحقارة علشان خاطر الفلوس.
كان الألم الذي بداخلها هائلا فهي كانت مجرد دمية في لعبة قذرة طوال الوقت.
ابتسمت له وقالت بتشفي: بس شوفت الدنيا بتدور إزاي؟ اللي أنت عملت علشانها كل ده كانت ناوية تغدر بيك علشان الفلوس وأنت خسرت كل حاجة حتى الفلوس.
نظر لها بسام بغيظ شديد فتابعت حلا بشماتة: خسرت كل حاجة أنا رجعت حقي وأطلقت منك وأنت هتقضي وقت كبير أوي من عمرك في السجن ومالك اللي قهرته قبل كدة هو دلوقتي اللي قهرك وفاز عليك.
لمعت عيون بسام وقد أثار جنونه ما تقوله، نهضت هي بثقة وكانت على وشك الذهاب وهي ترميه بنظرات انتظار، حين استدارت نهض بسام وقال بنبرة هستيرية: اللعبة لسة مخلصتش يا حلا مش بسام اللي يخسر!
وقبل أن تدرك أسرع وضرب العسكري الذي في الغرفة بقوة وسرعة وخطف منه مسدسه فصرخت حلا بصوت عالي وهي تضع يدها على فمها.
وجه المسدس ناحيتها كان الحنون يسيطر على قسمات وجهه ويظهر في عينيه التي يحدق بهما إليها بينما حلا تقف مشلولة ولا تقوى على إبداء أي رد فعل.
قال بهوس: لا أنتِ ولا مالك هتكسبوا عليا أبدا!
حدث كل شيء في لحظات معدودة وكأنه استسلام لمصيرها الحتمي رفعت يديها تغطي وجهها فيما يضغط بسام على الزناد وتنطلق الرصاصة خارجة من المسدس.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كانت حلا ساكنة تماماً بينما عم الهرج المكان سقطت يديها بجانبها وعيناها تنظر أمامها ولكن في نفس الوقت كانت لا ترى شيء مما يحدث وكأنها في عالم آخر فلم ترى الشرطة تقتحم ويمسكون ببسام أو فهمي الذي دخل ووقف بجانبها ينظر لها بصدمة.
كانت تتسائل هل ماحدث حقيقي؟ ربما لم يطلق بسام النار؟ فهي لا تشعر بأي ألم.
انخفضت عيونها بتمهل حين شعرت بشيء يسيل من كتفها فنظرت له لتجد أنها تنزف دماً، ابتلعت ريقها برعب وبدأت الرؤية تتشوش أمامها وأنفاسها تثقل فعلمت أنها ستفقد الوعي، كانت أذنيها صماء عن كل ما حولها إلا من صرخة باسمها سمعتها من خلفها 
كانت على وشك الوقوع حين التقطتها ذراعين بقوة، رفعت عيونها وقد وجدت نفسها تنظر لعيون مالك الذي يحدق لإصابتها برعب، حينها استسلمت كلياً للظلام الذي أحاط بها، أغمضت عيونها ورأسها يقع للوراء فاقدةً للوعي.
كانت نائمة باسترخاء كأنها لم تنم من زمن طويلة وهذا هو ما تشعر به أنها كانت ترتاح بعد عناء طويل وخروج بسام وعشيقته من حياتها.
عقدت حاجبيها عند ذكر تلك النقطة بسام! إن آخر ما تتذكره هو القبض عليه ثم الذهاب لمركز الشرطة و..... وإطلاقه النار عليها!
فتحت عيونها وهي تنظر حولها بهلع، تحول شعورها للاستغراب حين أدركت أنها في غرفة مستشفى، نظرت لكتفها لتجده مضمد في حمالة للذراع.
ابتلعت ريقها الجاف بصعوبة لم يكن هناك أحد في الغرفة، حاولت النداء بصوت ضعيف على أي أحد حتى فُتح الباب فجأة ودخلت الممرضة لتتفاجئ بها مستيقظة.
ابتسمت لها: إيه ده أخيرا صحيتِ.
سألتها حلا بتعب: هو إيه اللي حصل؟
أجابت الممرضة بينما تفحصها بشكل سريع: اتصابتِ برصاصة في كتفك بس الحمدلله جت سليمة المشكلة أنه مكناش لايقين فصيلة دمك خالص لأنك نزفتِ كتير بس الأستاذ اللي معاكِ كتر خيره فضل يدور ويلف على المستشفيات لحد ما لقاها.
قطبت حلا بتعجب: أستاذ؟ أستاذ مين؟
أشارت الممرضة لمكان خارج الغرفة: الأستاذ اللي نايم برة.
رفعت حلا رأسها ودهشت حين رأت مالك ممدد على كراسي الانتظار أمام الغرفة ويضع يده تحت رأسه ويبدو عليه التعب.
نظرت لها الممرضة بابتسامة بينما تتفحص كتفها: أنا معرفش هو خطيبك ولا جوزك بس عايزة أقولك أنك محظوظة وربنا بيحبك ده كان قلقان عليكِ جدا وفضل يدور على دم كتير أوي وكمان اتحايل على الدكتور يسمح له يبات معاكِ ورفض يروح بعد ما بقية أهلك مشيوا وكل شوية يسألني على صحتك.
كانت حلا تستمع لحديث الممرضة بصمت فيما تحدق لمالك النائم وتذكرت حين أُصيبت وكانت على وشك الوقوع ومالك هو من أمسك بها قبل أن تسقط وتفقد الوعي.
أبعدت نظراتها وهي تسأل الممرضة: لو سمحتِ هو الدكتور هيجي امتى؟
أمعنت الممرضة النظر بها: فيه حاجة بتوجعك؟
كأن في تلك اللحظة قرر كتفها التعاون حتى لا تضطر للكذب فتجعد وجهها بألم حقيقي: أيوا بيوجعني أوي.
أسرعت الممرضة وقامت بتعبئة إبرة: الإبرة دي هتريحك وتخليكي تنامي للصبح لحد ما الدكتور يجي بإذن الله.
أراحت حلا رأسها على الوسادة وبينما يتسلل إليها النوم ذهبت عيناها بشكل تلقائي إلى مالك وكان آخر مشهد رأته قبل أن تغط في نوم عميق.
استيقظت في اليوم التالي لتجد الطبيب في الغرفة فحصها وتحدث معها بلطف وأخبرها أن في خلال أسبوع ستتمكن من الخروج من المستشفى.
قبل أن يخرج قال فجأة كمن تنبه لأمر: صحيح الشاب اللي برة بات هنا وكان قلقان عليكِ جدا أنا معرفش صلة القرابة لكن أعتقد هو حابب يشوفك يقدر يدخل؟
ترددت حلا للحظة وهي تحدق أمامها لكن لم يبدو من العدل أن بعد كل ما قدمه لها ترفض مقابلته خصوصاً وهي تريد أن تشكره على ما فعله من أجلها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
عدلت من جلستها وهي تنتظر حتى دخل مالك وهو يرمقها بنظرات كم يتأكد إن كانت بخير حقا أم لا، تقدم حتى وقف أمام السرير وقال بابتسامة باهتة: حمدا لله على السلامة.
أجابت حلا بهدوء: الله يسلمك.
نظر حوله بتوتر ثم عاد يحدق إليها: شكلك أحسن الحمدلله حاسة بأيه؟
أومأت حلا: الحمد لله بخير.
أخذت نفساً عميقاً ثم قالت وهي ترمقه بامتنان: أنا مش عارفة أشكرك إزاي على اللي عملته معايا بجد شكرا ليك الممرضة قالتلي أنت تعبت أد إيه على ما لقيت الدم.
ابتسم ابتسامة جذابة وقال بصوت عميق: مفيش شكر أبدا أنا عملت واجبي.
أظلم وجهه وتابع بنبرة حادة: أصلا كل اللي حصلك ده بسببي.
نظرت له بدهشة فتابع وهو يوجه اللوم لذاته: بسام عمل معاكِ كل ده علشان ينتقم مني وعرفك عن طريقي لولا كدة مكنش حاجة من دي حصلت أنا آسف بجد.
لم تعرف كيف ترد في البداية وفكرت هل معنى هذا أنه فعل ما فعله البارحة بسبب شعوره بالذنب؟ لا تدري لما لم تلق لديها هذه الفكرة أي ترحيب.
رفعت وجهها له وقالت برقة: مفيش داعي للكلام ده أبدا كل اللي حصل كان قدر والحمدلله عدى على خير وبعدين أنت ساعدتني كتير أوي ولولاك بعد ربنا مكنتش هعرف أرجع حقي ولا أعمل حاجة لوحدي.
خف العبوس من وجه وعاد ليبتسم فبادلته ابتسامته، في تلك اللحظة دخلت والدتها التي كانت تبكي وأسرعت إليها لتضمها قائلة بقلق: مالك يا بنتي؟ إيه اللي حصلك أنا لسة معرفش حاجة إلا دلوقتي.
دلف ورائها إسراء وشادي فقالت إسراء: إحنا مكناس عايزين نقلقها لحد ما نطمن عليكِ علشان كدة مقولناش حاجة امبارح ودي كانت نصيحة مالك.
نظرت حلا لمالك بامتنان فأومأ بتفهم ثم انسحب بهدوء حتى يتركهم على راحتهم فقالت حلا بهدوء تطمئن والدتها: أنا كويسة الحمدلله يا ماما متقلقيش.
نظرت لها والدتها بحسرة: بخير إزاي يا بنتي وأنتِ في حالتك دي إزاي تخبي عليا كل ده ومتحكيش؟ كنتِ قوليلي على الأقل أشاركك همك.
أغمضت حلا عينيها بقوة وقالت بتعب: بالله عليكِ يا ماما بلاش السيرة دي أنا مش عايزة أتكلم دلوقتي.
نظرت لها والدتها بقلق: مالك فيكِ حاجة أنادي الدكتورة؟
هزت رأسها: لا بس مرهقة شوية.
تقدمت إسراء منها وعانقتها بحنان: حمدا لله على سلامتك يا حبيبتي كنا هنتجنن عليكِ.
قال شادي بمرح: تخيلي مقعداني جنبها طول الليل ومش راضية تخليني أنام طب أنا مالي!
نظرت له إسراء بتوبيخ وكانت على وشك أن تضربه فتراجع بخوف لتضحك حلا بخفة ثم تنهدت أخيرا ارتاحت من حِمل ثقيل.
دق الباب فذهبت إسراء لتفتح، ذُهل الجميع فقد كان فهمي وزوجته أي والدة بسام هم من يقفوا هناك.
قالت والدة حلا بغضب: جايين هناك تعملوا إيه مش كفاية اللي هي فيه؟ بقى يرضيك اللي عمله ابن أخوك يا حاج؟ هي دي الأمانة اللي سيباها عندكم!
وضعت حلا يدها على ذراع والدتها: ماما مفيش داعي الكلام ده دلوقتي.
تقدم فهمي وقال بهدوء: عندك كل الحق يا أم بس دلوقتي أنا جاي اطمن على صحة حلا وبس.
دخلت ورائه والدة بسام بصمت ولمحت حلا من طرف عينها مالك ينظر لهم بريبة قبل أن تغلق إسراء الباب.
قال فهمي لحلا باهتمام: عاملة إيه يا بنتي؟
أجابت حلا بخفوت: الحمد لله يا عمي.
كانت والدة بسام تقف قربه صامتة فنظرت لها حلا بتوتر: عاملة إيه يا ماما؟
رمقتها والدة بسام بنظرات غريبة وقالت باستهجان: بتسأليني عاملة إيه؟ هكون عاملة إيه بعد كل اللي عملتيه في ابني!
هدر فهمي بحنق: أنتِ بتقولي إيه! اسكتي!
انفلتت أعصاب والدة بسام فارتفع صوتها: بقول الحقيقة هي السبب في كل حاجة حصلت لابني ودلوقتي اترمى في السجن وعمره هيضيع جوا بسببها!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظر لها الجميع بصدمة فيما امتقع وجه حلا من الإتهامات الموجه إليه من والدة بسام.
صرخ بها فهمي: أنتِ جرا لعقلك حاجة! بتقولي إيه وهي كان مالها أنه ابنك فاسد وغدار!
نظرت والدة بسام لحلا وعيناها تحمل الضغينة: هو غلطه يستاهل كل ده! هو غلط اه بس ميستاهلش بقية عمره يضيع جوا السجن ويا عالم هيخرج امتى!
نظرت لفهمي بلوم: كل اللي حصله غلطك أنت هو كان دائما يشتكي وأنا أقوله استحمل، أنت علطول كنت بتضغط عليه وبتهزقه ومن كتر الضغط مستحملش!
زجرها فهمي بحدة: كلمة كمان ويمين الطلاق اللي عمري ما حلفت بيه أبدا هيترمي عليكِ النهاردة أنتِ فاهمة!
توترت ونظرت للأرض بضيق فتنهد فهمي وقال لحلا: معلش يا بنتي اعذريها هي مهما كان أم وقلبها واجعها على ابنها.
عاتبته والدة حلا بحرقة: وبنتي يا حاج فهمي كانت عملت إيه علشان ابنك يعمل فيها ده كله؟ هي محروق قلبها طب أنا أعمل إيه لما أعرف أنه بنتي حصل فيها كل ده؟ ابنك مجرم وبنتي كانت ضحية وكل ده جاية بكل بجاحة تلومها أنها بتاخد حقها ده كلام عاقلين يا ناس! ده ربنا حرم الظلم!
تابعت بغضب وهي تنظر لوالدة بسام: جاية تلومي بنتي وهي راقدة في المستشفى بدل ما تروحوا تشوفوا ابنكم اللي معرفتوش تربيه ومعرفش يحافظ على بنات الناس وكان ماشي مع واحدة شبهه على مراته يرضي مين ده يا أم عادل ده لو حكمنا الشيطان هيقول مليش دعوة!
أخفض فهمي رأسه فقد كانت محقة في كل كلمة، كان الجميع حين دق الباب ودخل مالك قائلاً بهدوء: أنا آسف بس صوتكم عالي وسمعت كلامكم.
وقف أمام والدة بسام وأردف: أنا عارف ومتفهم غضبك وحزنك كأم بس أنتِ لازم تعرفي وتفهمي كويس أنه مش من حقك تلومي حد أنه بياخد حقه وعلشان تبقى الصورة واضحة قدامك أكتر أنا هحكي لك كل حاجة.
سرد لها مالك تفاصيل مشاجرته مع بسام منذ سنوات والتي أدت لانتقام بسام منه في الزواج منه حلا بالاتفاق مع جالا ثم خداعها ومحاولتهم الإيقاع بها وحياكة المؤامرات ضدها.
كان الجميع يستمع في صدمة إلا حلا اخفضت رأسها لأنه سماع مالك يتحدث عن تلك المعاناة مرة أخرى يجعلها تشعر بالاختناق.
سقطت دموع والدة بسام وهي تهز رأسها غير مصدقة لما تسمعه من مالك عن ابنها نعم تعرف أنه مستهتر وطائش لكن لم تتخيل أبدا أن يصل لهذا المستوى من الدناءة وانعدام الضمير!
أدارت رأسها تحدق لفهمي الذي شحب وجهه بشدة فقد أخبرتهم حلا عن خيانته وسرقته لها ولكن لم تتحدث عن الباقي.
اقتربت من فهمي وهي تهز رأسها بعدم تصديق: لا لا يا فهمي أكيد مش بيقول كدة عن بسام أكيد بيتكلم عن حد تاني صح؟ رد عليا يا فهمي رد عليا!
نظر لها فهمي للحظة قبل أن يمسك بقلبه ويتأوه، ترنح فأسرع مالك وشادي إليه قبل أن يسقط ليسندوه.
صرخت والدة بسام: مالك يا فهمي حصلك إيه؟
أمر مالك شادي: روح نادي للدكتور بسرعة.
وقف البقية يحدقوا إليه بخوف بينما تبكي والدة بسام بذعر حتى أتى الطبيب مع ممرضين ونقلوا فهمي للفحص.
ضربت والدة حلا يديها ببعضها: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
طلبت منها حلا برجاء: لو سمحتِ يا ماما روحي وخليكي هناك مع طنط وطمنيني على عمي.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كانت والدتها على وشك الإعتراض بشدة حين قالت حلا بتعب: مهما كان يا ماما هما في ظروف صعبة دلوقتي أنا الحمد لله كويسة ورجع لي حقي إنما صدمتهم كانت أكبر علشان خاطري اسمعي الكلام.
نظرت لها والدتها بعدم رضى وعلى مضض خرجت من الغرفة لتذهب فبقيت لوحدها مع إسراء.
ظلت حلا تنظر للاسفل فالتزمت إسراء الصمت حتى رفعت حلا عينيها المليئة بالدموع إليها وهمست: إسراء.
أسرعت إسراء لتجلس بجانبها وتضمها فيما انهارت حلا وأخرجت كل الحزن الذي في داخلها والذي لم تجرؤ على البوح به أمام والدتها حتى لا تضايقها أكثر.
سمعتها إسراء تهمس بصوتها المبحوح بألم: ليه؟ ليه أنا؟ ليه كل ده!
شددت إسراء من حضنها وقالت بحنان:بس يا حبيبتي متعمليش في نفسك كدة الحمدلله حقك رجع وبإذن الله ربنا هيعوضك بكرة.
قالت حلا بنبرة معذبة: تعبانة يا إسراء تعبانة أوي.
مسحت إسراء على رأسها بعطف وهي لا تملك الكلمات التي سوف تخفف من عذابها لذلك ظلت تضمها حتى هدأت حلا أخيرا.
حاولت تغيير الموضوع فقالت بمرح: بس مالك طلع وراه حكاية طويلة أوي أنا مكنتش أتوقع كدة.
نظرت لها حلا باستغراب: قصدك إيه؟
غمزتها: طلع بيحبك من زمان وبسام خدك منه ده حتى هو اللي أصر يبات في المستشفى.
تحركت حلا بعدم ارتياح: الكلام ده كان زمان يا إسراء هو دلوقتي ساعدني علشان كان حاسس بالذنب ده الموضوع مش أكتر.
ظلت إسراء تنظر لها بتشكك فأردفت حلا بصرامة: وياريت يتقفل وميتفتحش تاني.
خرجت حلا بعد بضعة أيام وقد ذهبت للعيش مع والدتها، ظلت فترة منغلقة على ذاتها حتى تستطيع تخطي ما حدث لها وفي تلك الفترة لم تتركها إسراء أو ابنة خالتها التي أتت خصيصاً لتبقى معها حتى هديل التي كانت تتواصل معها من حين لآخر، فلقد أتت هديل لزيارتها في المستشفى وبعد أن عملت الحقيقة وتخطت صدمتها كانت تتواصل معها لتطمئن عليها.
علمت بعدها أن فهمي خرج من المستشفى بعد شفائه من الجلطة التي أصيب بها فارتاحت، بعد مرور ثلاثة أشهر بدأت تتعافى وتخطط لبدء حياتها مرة أخرى، في البداية فكرت في البحث عن العمل ولكن اكتشفت أنها لا تريد أن تعمل عمل تقليدي بل شيء تحبه ويناسب شغفها، اقترحت عليها إسراء افتتاح متجر للإكسسوارات المصنوعة يدوياً فأعجبت بالفكرة على الفور لأنها طالما كانت محبة لها وبمساعدة مساعدة الذي أوصلها بأخصائي مالي لترتيب أمورها استطاعت بعد شهرين من البحث والتخطيط إيجاد المكان المناسب والترتيب لافتتاحه وقد تبقى أسبوع على الافتتاح وكانت متحمسة للغاية.
كانت تستعد لحضور احتفال ميلاد التوأم لقد قامت هديل بدعوتها وأكدت عليها عدة مرات للحضور، ارتدت فستان جميل مناسب وحجاب بسيط واكتفت بأحمر شفاه وردي وبعض الكحل.
كانت تنظر للحضور بتوتر وهي واقفة على باب الشقة حتى لمحتها هديل التي كانت تتحدث مع صديقة لها فاقتربت منها بترحيب: أهلا يا حلا نورتِ.
ابتسمت حلا بخجل: بنورك كل سنة وهم طيبين.
ابتسمت هديل بخفة: وأنتِ طيبة يارب يا حبيبتي.
نظرت حولها ثم قالت لحلا بقلة حيلة: كان نفسي تشوفيهم بس هما متجننين باللعب مع صحابهم.
ضحكت حلا: ولا يهمك ربنا يعينك عليهم.
أومأت هديل بامتنان: يارب يا حبيبتي تعالي ادخلي.
بعد مرور عدة دقائق بدأت حلا تسترخي وذهب عنها التوتر فتعرفت على عائلة هديل وبعض صديقاتها وبادلتهم الحديث والمزاح.
كانت تضحك حين وقع نظرها على مالك الذي كان ينظر إليها فتجمدت مكانها واختفت ضحكتها وهي تنظر له بصدمة.
خطى مالك إليها فنظرت حلا ليديها بتوتر.
قال بصوت رخيم: ازيك يا حلا عاملة إيه؟
قالت بتوتر: الحمد لله بخير وأنت؟
ابتسم مالك: زي ما أنتِ شايفة قدامك.
نظر حوله وقال برزانة: مكنتش أعرف أني هشوفك هنا أنا حسام عزمني من كام يوم وجيت علشان خاطره.
قالت حلا بهدوء: أنا وهديل بنتكلم من وقت للتاني وهي اللي عزمتني.
أومأ بتفهم ثم قال بود: على العموم صدفة سعيدة آخر مرة شوفتك كان من شهور أخبارك إيه دلوقتي؟
فكرت في المتجر الذي كانت على وشك افتتاحه فقالت بعفوية: أنا كويسة جدا الحمدلله وكمان هفتتح محل صغير للإكسسوارات الهاند ميد.
قال بتلقائية: اه ما أنا عارف.
اتسعت عيونها بدهشة فأسرع يصحح حديثه: قصدي يعني أنا مبسوط علشانك كنت سمعت هديل بتقول حاجة زي دي لحسام مرة بس معرفش تفاصيل.
ظلت تنظر إليه بشك إلا أنها وجدت تفسيره منطقي فاقتنعت، بعد قليل انسحب ليتحدث مع حسام وأتت هديل للوقوف معها، كانت تشرب العصير حين كان يركض أحد الأطفال الذي اصطدم بها فوقع بعض من العصير عليها.
نظرت لفستانها بذعر بينما قالت هديل بكياسة: روحي الحمام بسرعة وأنا هحاول أشوف لك حاجة تلبسيها بداله.
أسرعت إلى الحمام وحاولت تنظيفه قدر المستطاع ونجحت لحد ما حين تأكدت أن البقعة أصبحت شبه مختفية خرجت من الحمام لتبحث عن هديل وتخبرها أنها قامت بإصلاح الفستان ولا داعي لتحضر لها بديل.
كانت تمر من أمام غرفة المكتب حين توقفت لسماعها أصوات عالية فوقفت رغماً عنها تستمع بصمت.
قال حسام بنفاذ صبر: مينفعش اللي أنت بتعمله ده هتبوظ كل حاجة قولتلك لازم تصبر!
رد مالك بتوق: أنا هفضل صابر لحد تاني امتى! أنا صبرت سنين ومش عارف هل فيه أمل أصلا ولا لا يا حسام أنا بحبها وبحبها من زمان أوي وعملت كل حاجة ممكنة علشان تحس بيا ومنفعش أنا مبقتش عارف أعمل إيه تاني!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
جمدت مكانها وهي تستمع لكلمات مالك، لم ترد الاستماع للمزيد فابتعدت عن الباب على الفور وسارت عدة خطوات إلى الأمام باضطراب. قابلتها هديل التي قالت مبتسمة: "كنت بدور عليكِ، ها عملتي إيه؟"
رفعت حلا بصرها بشرود، فلاحظت هديل وجود خطب ما بها فسألتها بقلق وهي تلاحظ وجهها الشاحب: "مالك؟ حصل حاجة؟"
كانت حلا مضطربة للغاية، فأجابتها بتوتر: "أنا... أنا...."
وصمتت لأنها لم تجد ما تجيب به، فشعرت هديل أن هناك ما حدث، فقالت لها بجدية: "طيب، مش هينفع نتكلم هنا. تعالي نتكلم في أوضة الضيوف بعيد عن الدوشة."
أمسكت حلا بيد هديل، وجرّتها حتى غرفة الضيوف، كانت الغرفة تتوسطها سرير ضخم، بجانبه أريكة مريحة استقرت عليها الفتاتان.
شعرت حلا بشيء من الشحوب، فسألتها هديل برفق: "أجيب لك حاجة تشربيها؟"
هزت حلا رأسها بالرفض، لكن نظرة شرودها دفعت هديل للسؤال مجددًا: "طب حصل إيه؟ شكلك مش مطمئن بجد."
أخذت حلا نفسًا عميقًا، لكن الغصة في حلقها منعتها من النطق. نظرت إلى هديل، فصُدمت الأخيرة بدموع حلا المتجمعة في عينيها. اقتربت منها، تربت على يدها بقلق: "قلقتيني بجد، مالك؟"
فتحت حلا فمها، لكن صوتها ارتعش وهي تتحدث: "أنا...سمعت م..مالك وهو بيقول أنه..."
أغمضت عينيها، تسترجع ما سمعته، ونبضات قلبها تتسارع بشدة داخل صدرها.
تابعت بارتباك: "أنه بيحبني."
استرخت ملامح هديل القلقة، وهي تنظر بثبات إلى حلا. بادلَتها حلا بنظرة مشوبة بالقلق، وسألت بتساؤل: "إيه مالك؟"
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي هديل وقالت بهدوء ممزوج بالتعجب: كل الحالة اللي أنتِ فيها دي علشان عرفتِ أنه مالك لسة بيحبك؟
عقدت حلا حاجبيها، مُدركةً عدم استغراب هديل وهدوئها الغريب الذي بدا وكأنه يتناقض مع مشاعرها المضطربة. تحركت بعدم ارتياح، وأجابت بصوت منخفض: "أيوا، طبعًا... أنا متوقعتش أنه لسة بيحبني بعد كل ده."
ارتفع حاجبي هديل في دهشة وبدا على وجهها تعبير من الفكاهة، زفرت حلا بضيق: هديل أنتِ عارفة اللي حصل لي من بسام مش هين! أنا قولت هبدأ حياتي من جديد وأركز على نفسي قولت أنه خلاص نساني وكان بيساعدني  بس لأنه حاسس بالذنب.
عادت ملامح هديل للهدوء، ثم أمسكت بيد حلا بين يديها، وصمتت للحظة وكأنها تبحث عن الكلمات المناسبة. أخيرًا، قالت بصوت عميق وحنون: "حلا يا حبيبتي، يمكن متتخيليش، بس أنا أكتر واحدة حاسة بيكِ في الدنيا."
ظهر الاستغراب على وجه حلا، فوقعت عينا هديل على نظراتها المتسائلة، فتابعت بابتسامة شابها مرارة: "أنتِ متعرفيش أني كنت متجوزة قبل حسام، صح؟"
اتسعت عينا حلا من الذهول، فاستطردت هديل بصوت خافت مليء بالذكريات المؤلمة: "كانت أسوأ خمس سنين في حياتي كلها... سنين من العذاب والقهر والظلم، لدرجة أني كنت فاكرة مش هخرج منها أبدًا. أنا وحسام كنا بنحب بعض من زمان، لكن الظروف فرّقت بينا غصب عننا. ولما وقعت في محنة كبيرة، وكان سببها جوزي الأول حسيت أن الدنيا كلها ضدي... محدش مد لي إيده غير حسام. كان الوحيد اللي وقف جنبي، يحارب عشاني، ويساعدني بأي طريقة يقدر عليها."
تنفست هديل بعمق، وأكملت بابتسامة دافئة: "الحمد لله خرجت من المحنة دي على خير، وكنت وقتها أرملة. حسام مضيعش أي وقت، عرض عليا الجواز على طول. تفتكري كان ردي إيه؟"
رفعت حلا حاجبيها بفضول واللهفة واضحة في عينيها تتطلع إلى إجابة هديل التي فاجأتها بضحكة قصيرة، قائلة: "رفضت!"
بانت الصدمة على وجه حلا، وتصاعدت حيرتها، فسارعت هديل لتهدئتها بابتسامة هادئة، والعاطفة تتوهج في عينيها وصوتها. تابعت قائلة: "كنت خايفة جدًا، يمكن أكتر منك، رغم أني لسة بحبه. كل اللي مريت بيه كان واقف بيننا، خصوصًا أن ثقتي بنفسي كانت معدومة، وكنت حاسة أني لو وافقت هظلمه، هو يستاهل واحدة أحسن مني."
ازدادت أنفاس حلا توترًا، فقد لمست كلمات هديل أعماقها، إذ كانت تلك هي نفس المخاوف التي تجتاحها حيال مالك.
زفرت هديل بشدة، وأخذت نظرة حزن خفيفة تعلو وجهها، ثم تابعت: "بس هو مستسلمش. كان عارف وفاهم كل مخاوفي، كان بيحبني وعايزني، علشان كدة كان قابل بيا بكل شكوكي ومخاوفي، لأنه عارف أني مكنتش خايفة منه قد ما كنت خايفة من نفسي. مكنش عايزنا نضيع وقت تاني بعيد عن بعض." توقفت للحظة، ثم أضافت بصوت منخفض وكأنها تكشف سرًا عميقًا: "تعرفي... هو كمان كان عارف أني مستحيل أخلف."
تجمدت حلا في مكانها، وشعرت بدوار طفيف، كما لو أن هديل اختارت هذا اليوم لتقلب موازين أفكارها رأسًا على عقب، وتكشف حقائق لم تكن يوماً تتخيلها!
تابعت هديل بصوت دافئ: "بس حتى ده مكنش هامه وصمم أننا نتجوز."
نظرت هديل لحلا، عيناها مليئتان بالثقة والحنان، وسألتها: "تفتكري تقدري ترفضي حب زي ده؟"
بدا التردد يلمع في عيني حلا، وقد أثرت كلمات هديل في أعماق قلبها، فصوت هديل المليء بالإصرار والصدق جعلها ترى الأمور من منظور آخر.
قالت حلا بعد لحظة من التفكير: "بس هديل، أنا خايفة... مش خايفة بس، أنا مرعوبة. الصراحة، مالك شخص كويس جدًا، بس افرضي أنا اللي مقدرتش... مقدرتش أحبه ولا قدرت أدي له اللي يستحقه."
انخفض صوتها بشكل ملحوظ، وكأن الكلمات تتعثر في حلقها، وأردفت: "افرضي مقدرش أكون الشخص اللي هو عايزه."
تابعت هديل النظر إلى حلا بعينيها المتفهمتين، وهي تشعر بمدى حيرة صديقتها لكنها أرادت أن تعيها للواقع فقالت ونبرة التحدي تظهر في صوتها: تفتكري لو مكنتيش الشخص اللي هو عايزه كان فِضل مستني السنين دي كلها؟
شعرت حلا بضغط هذه الكلمات عليها، وكأنها تسلط الضوء على مخاوفها، لكنها كانت تغرق في حيرتها فربتت هديل على يدها بتفهم: فكري يا حلا ومتتسرعيش، حاولي تفكري في مستقبلك لو مالك موجود فيه، هو بيحبك بجد.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
تلاعبت ابتسامة تسلية على ثغر هديل: وهو كان عارف أنك جاية علشان كدة جه النهاردة وأقولك كمان هو اللي كان بيزن ليل نهار عايز يعرف عزمناكِ ولا لسة ويتأكد أنك هتيجي علشان يقدر يشوفك ويتكلم معاكِ.
بعد كل الصدمات التي تلقتها، أحست وكأن هذا الأمر لم يدهشها كثيرًا، فظلت صامتة، تغرق في أفكارها.
قالت هديل بخفة، محاولة كسر الصمت: "لو حاسة نفسك أحسن، يلا نطلع علشان محدش يقلق."
نظرت حلا إلى هديل، وأحست بشيء من الراحة في وجودها، خف الحِمل الذي تشعر بثقله على قلبها قليلاً لذلك نهضت معها وقبل أن يخرجوا أكدت لها هديل بعطف: مترهقيش نفسك كتير وفكري براحتك وصدقيني مش هتندمي.
ابتسمت حلا برفق لها، وشعرت بالاضطراب يزول من عقلها. لكن حين خرجت، وجدت مالك يقف مع حسام على مسافة قريبة منهما، مما جعل الاضطراب يعود إليها فجأة.
ظهر التوتر على وجهها، وبدأت أنفاسها تتسارع وهي تنظر إلى هديل، تضغط على يدها بشكل غير إرادي. كانت عيناها تبحثان عن دعم في وجه هديل، كأنها تريد أن تستمد منها القوة لمواجهة مالك بثبات.
ردت هديل بضغط يدها بتعاطف، وعيناها تشجعانها بثقة،بينما كانت حلا تقف هناك، مشاعر مختلطة تتصارع داخلها.
تقدم مالك وحسام نحوهما، لمحت حلا في عينيه تلك النظرة التي جعلت قلبها ينبض بسرعة.
قال حسام باستغراب لهديل وهو يقف بجانبها ويضع يده على ذراعها: كنتوا فين يا حبيبتي؟ وإيه الغياب ده كله؟
ابتسمت هديل حتى لا تثير شكوكه وقالت بمرح: بنتكلم في شوية حاجات يا حبيبي وحلا حست أنها تعبانة شوية فقولت لها تقعد لحد ما تحس نفسها كويسة.
تقدم مالك خطوة للأمام لا إراديا، قال وعيناه تبحث في وجه حلا بقلق: أنتِ كويسة؟
أجابت حلا بصوت خافت تتعمد عدم النظر إليه: أيوا الحمد لله بقيت أحسن.
إلا أنه كان يظهر عليها العكس تماماً وكأنه واضح حدوث شيء عكر مزاجها أو ضايقها شعر مالك بشيء غير طبيعي فقال بلطف: محتاجة حاجة أجيبها من الصيدلية؟
أحست بأنها إن لم تنظر إليه ستلفت انتباهه لوجود وضع غير طبيعي فرفعت بصرها وقالت بابتسامة ضعيفة: لا شكرا أنا بخير.
لكن ابتسامتها كانت باهتة ولم تنجح في إخفاء التوتر من عينيها.
تنقلت نظرات حسام بين مالك وحلا بتفحص وفطن لوجود شيء ما غير معتاد في الأجواء، أخبر نفسه أنه سيستخلص الحقيقة من زوجته حين يكونان وحدهما حاول تلطيف الأجواء قائلاً: طب يلا علشان نقطع التورتة البنات مستنين وكانوا بيدوروا على هديل.
لكن نظرة حسام لم تفلت من مالك، الذي شعر بتوتر الموقف. تبادل نظرة سريعة مع حلا، التي بدت وكأنها غارقة في أفكارها، مما زاد من قلقه.
مرت بقية السهرة بسرعة، كأنها ضباب يلتف حول عقل حلا. كانت مشاعرها تتأرجح بين التوتر والانشغال بأفكارها. وعندما حان وقت الذهاب، تقدم مالك نحوها، تتلألأ في عينيه الرغبة في المساعدة، ولكنه بدا مترددًا.
"تحبي أوصلك؟" سأل بصوت هادئ.
حلا، التي ظهرت بوادر الرفض على وجهها، شعرت بيد هديل تضغط على ذراعها ولم تترك لها فرصة للرد "اه، ياريت والله علشان متروحيش لوحدك دلوقتي، وممكن متلاقيش تاكسي." 
نظرت حلا إلى هديل بعتاب، وكأنها تلومها على ورطتها في هذا الموقف المحرج. كان قلبها ينبض بشكل أسرع، وعقلها يصرخ بأن هذا هو آخر ما كانت تحتاجه. مشاعرها كانت متضاربة: من جهة، كانت تخشى أن وجودها مع مالك قد يجعل الأمور أكثر تعقيدًا، ومن جهة أخرى، لم تستطع التفكير في أي حل للخروج من هذا الموقف المحرج الذي وضعتها فيه صديقتها.
أخيرا، أومأت بصمت وتبعت مالك للخارج، حيث فتح لها باب سيارته بلطف ووجه هادئ لا يظهر تعبير، استشعرت نسمات الهواء البارد تلامس وجهها، مما جعلها تشعر بارتباك أكبر. ركبت السيارة بهدوء، محاولة تجاهل نظرات مالك المتفحصة.
بينما أغلق الباب خلفها، تساءلت في داخلها: "ماذا سيحدث الآن؟"
استدار مالك حول السيارة ليركب في مقعد السائق، مما زاد من توتر حلا. كانت لا تعرف كيف سيكون الوضع بينهما طوال الطريق. جلست مشدوهة، محاطة بصمت غير مريح.
قال مالك فجأة مما أفزعها لأنها كانت شاردة: متأكدة أنك كويسة؟
أومأت برأسها عدة مرات ورغم أنها تعرف مدى بلاهة موقفها إلا أنها لم تتمكن من إبداء رد فعل أخر.
قالت بارتباك: أيوا الحمدلله بس يمكن مرهقة شوية علشان كدة مش مركزة.
رغم عدم الاقتناع البادي على وجهه إلا أنه صمت إزاء إجابتها، بدا أنه يفكر بعمق في أمر ما فكانت تراقبه خفية من تحت جفونها.
بدأ الحديث بجدية: حلا أنا عايز أقولك حاجة مهمة.
انتظرت حديثه بترقب والخوف يملأ قلبها لأنها لا تعرف كيف ستكون إجابتها أو ردة فعلها إن صرح لها بحبه.
ابتلع ريقه وقال: أنا....
إلا أنه صمت عن الكلام وضغط على المكابح بشكل مفاجئ حين لمح شجرة كبيرة واقعة في منتصف الطريق.
نظرت لها حلا بتيه وقال مالك بانزعاج: إزاي الشجرة تكون في نص الطريق كدة أنا هنزل أشوف لو أعرف احركها.
هبط من السيارة بسخط واضح وتقدم نحو الشجرة وهو يضع يديه في خاصرته ويفكر كيف سيزيحها عن الطريق، راقبته حلا بفضول ثم اتسعت عيونها بشدة حين ظهر فجأة مجموعة مكونة من ثلاثة أشخاص حول مالك ويمسكون بعدة أسلحة بيضاء.
ارتفع صدرها وهي تتنفس بسرعة من الخوف، حدقت إليهم برعب وقلبها يدق بعنف وعقلها لا يستوعب ما يحدث في اللحظة التالية وبكل مفاجئ ضرب أحدهم مالك بعصا على ظهره.
اتسعت عيون حلا بصدمة وفي لحظة من الرعب صرخت بنبرة مفعمة بالفزع: مالك!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ملأت صرختها الخائفة أرجاء المكان، فتجمد مالك في مكانه، وشعر بشيء لم يألفه من قبل. كانت هذه المرة الأولى التي يسمع فيها اسمه ينادي من بين شفتيها بتلك النبرة التي امتلأت بالرهبة، شيء غريب لم يستطع تفسيره، جذب انتباهه بقوة أكبر من الألم الذي كان مسيطراً عليه.
رفع عينيه ببطء نحوها، بينما كان راكعًا على الأرض، تجمد الزمن بينهما للحظات، وارتسم الخوف الصافي على وجهها، أما هو، فقد بقي عالقًا بنظرتها، يتأمل الذعر في عينيها.
قبل أن ينطق بحرف، تقدم أحد الرجال نحوه بخطى واثقة، ثم قال بنبرة ساخرة" من أولها كدة نمت؟ ولا الكتكوت مش قادر يقف؟"
رفع مالك عيونه بغضب ونهض على قدميه قائلا بنبرة صرامة بها تهديد خفي: طب العبوا على ادكم الأول.
ابتسم أحدهم بسخرية: وأنت يا روح أمك اللي هتعلمنا نلعب إزاي طب متخليناش نلعب معاك.
قبض على يده بعصبية ونظر للرجل نظرة غضب شديد بسبب ذكر والدته التي كان يحبها بشدة ولا يتخيل أن يذكرها أحد بسوء.
نظر للرجل وقال باستفزاز متعمد: اللعب بيبقى مع الرجالة، مبلعبش مع نسوان.
تغيرت ملامح الرجل أمام استفزاز مالك وتقدم حتى يضربه فرفع مالك يده وأمسك بالعصا قبل أن تصل إليه ولكم الرجل في وجهه ليتراجع للوراء، أسرع البقية وتكاتفوا على مالك ليضربوه، حاول مالك مقاومتهم ولكن لم يستطع بسبب كثرة عددهم ليسقط على الأرض.
راقبت حلا ما يحدث بصدمة، عينيها تتسعان مع كل ضربة يتلقاها مالك، وكأنها عاجزة عن الحركة أو الصراخ. قلبها يخفق بقوة وهي ترى جسده يتعرض للركلات واللكمات من كل جانب.
صرخت بصوت مختنق وهي تهبط من السيارة وتهرع نحوهم، لا تبالي سوى بإنقاذه: "كفاية! سيبوه!"
لم يعرها أحد اهتمامًا، فتقدمت أكثر تحاول خلع أساورها الذهبية وعينها تلمع بالدموع: "هسيب لكم كل حاجة، خذوا اللي عايزينه بس سيبوه!"
اندفع أحد الرجال نحوها لينتزع منها الأساور الذهبية، فيما بقي الباقون يضربون مالك، حتى لمحتهم يبتعدون على عجل بعد أن سمعوا صوت سيارة شرطة قادمة.
أسرعت حلا نحو مالك الذي كان ملقى على الأرض، جثت بجانبه ويدها ترتعش وهي تلمس وجهه المغطى بالكدمات. همست وهي تكتم دموعها بصعوبة: "مالك... إنت سامعني؟"، ومالك بالكاد فتح عينيه، محاولًا الحفاظ على وعيه وهو يلمح خوفها الواضح عليه إلا أنه بعد عدة لحظات فقد الوعي لتصرخ حلا بذعر: مالك! رد عليا!
كانت جالسة على كرسي المستشفى شاردة والدموع تتساقط من عينيها، أغمضت عيونها بقوة حين تذكرت كيف ضربوه تعلم من داخلها أنه حاول حمايتها وقد سمعت ذلك قبل أن يضربوه، فتحت عيناها ونظرت للجدران التي أمامها بشرود تنتظر بلهفة أن يطمئنها أحد عن حالته، أن يخبروها أنه بخير.
رفعت رأسها حين سمعت خطوات تقترب منها، لتجد حسام وهديل أمامها. كان وجه حسام متجهمًا، وعيناه تحملان قلقًا عميقًا، بينما بدت هديـل متوترة.
سألها حسام بصرامة: "إيه اللي حصل؟"
تجمعت الدموع في عينيها ونظر لها الاثنين بدهشة حين ارتمت باكية في أحضان هديل.
أشارت هديل لحسام الذي أومأ برأسه بتفهم وابتعد قليلا يبحث حتى يجد طبيب ليتحدث إليه بينما ربتت هديل على ظهر حلا بعطف: أهدي يا حبيبتي بإذن الله خير فهميني بس اللي حصل.
قالت من بين شهقات بكائها: حر...حرامية طلعوا علينا وضربوا مالك.
لم تستطع الإكمال وظلت تبكي فلم تضغط هديل عليها وتركتها حتى تهدئ، جلست هديل وأجلست حلا بجانبها التي وضعت رأسها على كتفها.
أتى حسام بعد قليل مع الطبيب فنهضت حلا على الفور تقول بقلق: طمني يا دكتور؟
الطبيب ابتسم بهدوء ليطمئنها، ثم قال: الحمد لله مالك وضعه مستقر هو أصيب بنزيف وكسر في ذراعه، بس الحمدلله الإصابة كانت سطحية ومش نزيف داخلي.
تألقت عيون حلا بالدموع مرة أخرى وهي تقول: يعني… يعني هو هيكون بخير؟
أومأ الطبيب مطمئنًا: بإذن الله متقلقيش الوضع مش خطير ويقدر يخرج بعد أسبوع.
أطلقت حلا زفرة طويلة وكأن حملًا ثقيلًا قد انزاح عن صدرها، بينما ابتسمت لها هديل بتشجيع، تمسك بيدها لتعطيها دعمًا إضافيًا. لكن حسام، بعينيه الذكيتين، لم يتوقف عند السطح؛ رصد تفاصيل صغيرة في ملامح حلا، طريقة ارتجاف يديها وقلقها رغم حديث الطبيب.
فكر حسام بعمق، وبقى ينظر لها متسائلاً في صمت.
قال الطبيب فجأة بابتسامة: تقدر تشوفوه بعد شوية هيكون فاق بإذن الله.
تجمدت حلا وهي تشعر بتوتر غامض يسري داخلها لسبب ما أحست أنها لن تقدر على مواجهة مالك أبدا.
بعد قليل، التفت إليها حسام وقد بدا عليه الحزم وقال بهدوء: "يلا نروح نشوفه، الدكتور قال إنه فاق."
بدأ حسام وهديل في التحرك بخطوات ثابتة نحو الغرفة، لكن بعد خطوتين، لاحظا أن حلا لم تتحرك من مكانها. استدارا نحوها باستغراب، وظهرت في عيني هديل حيرة صامتة.
سألتها هديل باستغراب: "واقفة مكانك ليه؟ مش هتيجي؟"
شعرت حلا بارتباك واضح، وأبعدت نظرها عنهما كأنها تخشى من انكشاف مشاعرها. أجابت بصوت منخفض: "روحوا... وأنا جاية وراكم."
تفهمت هديل حالة التشتت والضياع التي تمر بها حلا بينما نظر لها حسام نظرة غريبة، وضعت هديل يدها على ذراع حسام وحتثه بهدوء: طب يلا إحنا يا حسام.
أومأ حسام برأسه، لكنه استمر في التحديق في حلا بنظرة حملت خليطًا من الفضول والشك، وكأنّه يحاول قراءة ما بداخلها. شعرت حلا بتلك النظرة فزادت من توترها
شدّت هديل على ذراع حسام مرة أخرى وقالت بصوت منخفض، كأنها تحاول كسر تلك اللحظة الغريبة لأنها ترى مدى توتر حلا: "حسام، يلا."
ذهبوا في هدوء ونظرات حلا تتبعت خطواتهم وهي تشعر بالذنب واللوم لذاتها على جبنها وضعفها.
لم تستطع الانتظار أرادت رؤيته بنفسها والاطمئنان عليه كان الشوق يضغط على قلبها، وجدت الباب نصف مفتوح، فتجرأت ورفعت رأسها لتنظر من خلال الفراغ، تأمل ألا يراها.
خفق قلبها بقوة حين أبصرت عينيه مفتوحتين. كان يتحدث بصوت هادئ، يملؤه التعب، مع حسام وهديل الواقفين بجانب سريره. رأت الشاش يلف رأسه، وذراعه المكسورة بجانبه على وسادة مرتفعة.
شحب وجهها، لكن قلبها خفق بقوة لا تقاوم عندما رأت تلك الابتسامة الخفيفة التي ارتسمت على شفتيه المتعبتين، رغم آثار الألم الواضحة. تنفست بارتياح، وارتسمت على وجهها ابتسامة باهتة لأنها رأته بخير.
لكن فجأة، أدار رأسه نحو الباب، كأن إحساسه أدرك وجودها هناك، شهقت بخفوت وتراجعت بسرعة، قلبها ينبض بعنف من الرهبة، وأملت من أعماقها ألا يكون قد رآها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في تلك اللحظة التفتت حلا حين سمعت شخص يناديها فوجدت إسراء وشادي يقتربان منها، أسرعت إليهم حلا تقول بارتباك وهي تتنفس باضطراب واضح على وجهها: إسراء عايزة أقولك على حاجة مهمة أوي.
نظرت إسراء باندهاش لحالتها قبل أن تقول بتفهم: طب تعالي نقعد تحت.
قال شادي بعفوية: هروح أنا أشوف مالك.
أوقفته حلا بهلع وهي تضع يدها أمامه حتى تمنعه وصرخت به: لا!
تداركت ردة فعلها المبالغة حين رأت ذهوله: قصدي مش دلوقتي يا شادي الدكتور قال لازم يرتاح تعالى معانا تحت لو سمحت.
أطاعها رغم أنه لم يفهم سر موقفها الغريب وهبطوا للأسفل.
بقيت عينا مالك معلقة على الباب قبل أن ينتبه يعود ويكمل حديثه مع حسام.
ابتسم له حسام وقال مازحاً لتخفيف الأجواء: بس شايفك زي الفل رغم كل الضرب اللي كلته.
ضربته هديل بمزاح على ذراعه: قول ماشاء الله مش شايف دماغه ودراعه المكسور.
ابتسم مالك بضعف بسبب التعب الذي يشعر به ويظهر على وجهه فقال حسام بجدية: على العموم متقلقش اللي عملوا كدة هيتجابوا ويتعمل معاهم الصح.
أومأ له مالك وحدق إليه بامتنان وقال بصوت مبحوح: شكرا يا حسام.
وضع حسام يده على كتفه وشد عليه بحزم: عيب، مفيش بيننا شكر.
عاد مالك يحدق إلى الباب عيناه تظهران الانتظار الذي يشغل عقله وكأنه يتوقع أن تظهر حلا في أي لحظة، فهم هديل وحسام ما يجري فتبادلا النظرات ثم قال حسام لمالك بوقار: هنيجي بإذن الله بكرة من بدري أنت نام وارتاح دلوقتي.
عاد مالك يحدق إليه وفي عينيه سؤال غير منطوق كان يتحرق شوقا للنطق به لكنه تنفس بعمق وقال: تمام، شكرا ليكم.
غادروا بينما بقى مالك وحيدا تغمره حالة من الحزن، في الأسفل كانت حلا تبكي على كتف إسراء وقد باحت لها بكل ما حدث في الحفلة حتى الحادث الذي تعرضوا له وتناست وجود شادي في الغرفة.
هتفت بها إسراء بعدم تصديق وعيناها تتسعان في دهشة: هو قال كدة بجد؟
تنهدت حلا واضعة وجهها بين يديها: أيوا مصدقتش اللي سمعته يا إسراء أنا قولت....
توقفت للحظة ثم تابعت بصعوبة: أنا قولت كان بيساعدني شفقة أو إحساس بالذنب متخيلتش أنه لسة بيحبني.
ضحكت إسراء بحماس، عيناها تتألقان بالفضول: طب وأنتِ كان رد فعلك إيه؟
نظرت لها حلا بتعجب: رد فعلي؟ أنا معرفتوش أني سمعت حاجة أصلا.
نظرت لها إسراء بعدم رضى وعلامات الاستغراب تملأ وجهها: ليه يا حلا؟
أجابتها حلا باستنكار ظاهر على وجهها كأنها ترفض تصديق ما تسمعه: ليه يا إسراء؟ هو أنتِ بتهزري صح؟
تغيرت قسمات وجه إسراء للصرامة: لا مبهزرش؟ أنا مش فاهمة رد فعلك أبدا! 
بقيت حلا تناظره بعدم تصديق فعادت إسراء تؤكد بنبرة انتقاد لحلا: أيوا! أنتِ عرفتِ أصلا أنه كان بيحبك من زمان قبل ما الزفت ياخدك منه ويتجوزك هو وساعدك ترجعي حقك ولحد دلوقتي بيحبك إيه المشكلة بجد؟ فيه عيب؟ بالعكس أنا شايفاه شخص كويس جدا.
وقفت حلا قائلة بانفعال، عيناها متقدتان بالألم: "أيوا هو كويس، وأنا أعمل إيه؟ أنتِ عارفة أنا اتدمرت إزاي من اللي حصلي، عايزاني أعيده تاني!"
إسراء، وقد ارتفعت حاجبها وضحكت بدهشة، ردت: "تعيده؟ هو أنتِ مقتنعة بكلامك ده؟"
 تابعت بلوم: "ولا دي محاولة هروب علشان تقنعي نفسك بعذر شايفاه كويس ومتديش لمالك فرصة، وهو أحق واحد بيها!"
تصاعد الإضطراب داخل نفس حلا وهي تعلم أن إسراء محقة لكنها لم تطق سماع أي شيء في هذه اللحظة فقالت بحدة محاولة إخفاء مشاعرها: خلاص يا إسراء!
غضبت إسراء من موقف حلا الذي تراه ظالمًا لمالك بوضوح فقالت بحدة أكبر: لا مش خلاص لحد ما تعقلي من الجنان اللي أنتِ فيه ده!
كانت الأجواء متوترة بشدة في غرفة الانتظار حين قال شادي فجأة بمزاح لكسر تلك الأجواء: تعرفي أنا المرة دي موافق جدا يا حلا.
نظرت له حلا عاقدة حاجبيها كأنها تذكرت وجوده فتابع وهو يرفع كتفيه لأعلى بعبث: لأول مرة هقف في صف حد بياخدك مني وأكون معاه بس مالك مفيش زيه بجد كفاية والله أنه فضى نفسه خالص علشان يساعدك.
رغم عنها ابتسمت وهي تعي أنها كشفت جميع أسرارها أمام شادي، قالت إسراء بجمود: يلا نمشي دلوقتي علشان الوقت أتأخر وهنيجي بكرة تاني بإذن الله.
نظرت لحلا وقالت بتأكيد: كلنا.
لم ترد حلا وغادروا عائدين لمنازلهم، كانت والدتها تنتظرها حين عادت فهتفت بها بعتاب: إيه يا بنتي كل ده قلقتيني عليكِ!
تنهدت حلا وهي تجلس بجانبها ثم سردت لها ما حدث في طريق عودتها مع مالك.
شهقت والدتها وهي تضرب على صدرها بعدم تصديق: ياحبيبي يابني!
أردفت والدتها بتعاطف: طب عامل إيه دلوقتي؟ المفروض بإذن الله نروح له من بدري ده ملوش حد ياعيني ياخد باله منه.
نظرت حلا لوالدتها بذهول فكيف تعرف مالك وأنه ليس لديه أقارب؟ 
سألتها بتعجب: وأنتِ عرفتِ منين أنه ملوش حد يا ماما؟ وبعدين نروح بصفة إيه؟
بهتت والدتها للحظة وردت بتلعثم: عادي عرفت لما كان في المستشفى وبعدين نطمن عليه ده ساعدك كتير يا بنتي.
ابتسمت بحنان وتابعت: راجل شهم وحنين ربنا يشفيه ويبارك له وقد المسؤولية ربنا يجعله من نصيبك يابنتي.
انتفضت حلا: نصيبي إيه يا ماما إيه اللي بتقوليه ده؟
زفرت والدتها بحنق ونظرت لها بتأنيب: أيوا فيها إيه؟ ماهو بيحبك من زمان وكلما عرفنا وبعدين تعالي هنا فيكِ إيه كدة؟ ماله الراجل؟ هو أنتِ فاكرة كان مين اللي واقف جنبنا الشهور اللي فاتت دي كلها؟
اتسعت عيونها بصدمة فتابعت والدتها: أمال أنتِ فاكرة إيه! إحنا لوحدنا بعد ما خالك اضطر يسافر وإحنا بعد وفاة أبوكِ ملناش حد حتى لو بنت خالك موجودة هنعمل إيه وأنتِ حتى في حالة ما يعلم بيها إلا ربنا! فاكرة مين يعني اللي كان بيقف جنبنا وياخد باله مننا ده الراجل كان بيجيب طلبات البيت لحد هنا علشان مطلعش برة اتبهدل بين الناس!
لمعت عيون والدتها وتابعت بحزن: ويا حبيبي لما عرفت أنه أمه ميتة وملوش حد في الدنيا قولتله اعتبرني أمك وكنت ساعات ببعت له أكل بدل ما كل الوقت مقضيه أكل من برة ونسي طعم أكل البيت!
عادت والدتها تنظر لها بحدة بينما حلا تستمع في ذهول: اعقلي يابنتي وفكري بدل ما تخسري الراجل شاريكِ في الحلال وبيتمنى لك الرضا فكري علشان هتخسري بجد!
ثم نهضت وتركتها في دوامة من المشاعر المتضاربة، لما لا يفهموها! أنها تعلم كل ذلك بالفعل، تعلم أن مالك شخص جيد للغاية وأنها حتما ستخسر إن لم تكن معه لكنهم لا يفهمون أنها لا تخاف منه بل من نفسها! 
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
مازالت تشعر أنه يستحق الأفضل، شخص أفضل منها يمكنه أن يعطيه الحب الذي يستحقه!
وضعت رأسها بين يديها بشعور من الانهاك، ماذا لو قبلت وندم هو على اختياره لاحقا؟
مر أسبوع وحلا تذهب لمتجرها في الصباح وتعود متأخرة في المساء، تذكرت حين ذهبت إليها إسراء في اليوم التالي بعد الحادثة لتذهب معها للمستشفى رفضت حلا بعناد الذهاب مما أدى لمشاجرة أخرى بينهم وقد صاحت بها إسراء بحنق: أنا مش فاهمة أنتِ غبية كدة إزاي! ده شادي قالك الراجل ساب شغل أسبوع في واحدة من أكبر شركات البرمجة واشتغل علشان خاطرك هكر وكل اللي عملوا علشانك ده ومش كفاية ليكِ! طب حتى المحل اللي فتحتيه ده مفكرة مين اللي سهل الدنيا عليكِ؟ أيوا هو وحتى ده مش مخليكِ تعقلي كلنا شايفين هو بيحبك أد إيه وبيعمل علشانك إيه خليكي أنتِ العامية وعيشي دور الضحية براحتك بس مترجعيش تندمي!
لا تعلم لما تصر على عنادها ذلك لكنها تخاف من ترك قلبها ليحب مالك بحرية! لقد أدركت أخيرا أنها تحبه وكيف لا تحبه؟ لقد اعترفت بينها وبين نفسها أنه بقى في أفكارها طوال تلك الشهور التي لم تره فيها ولكنها كانت تخبر نفسها أن ذلك أمراً طبيعياً وسيذهب مع الوقت لكنها الآن تعترف أنها تحبه ولكن شعور الذنب والنقص الذي عاد إليه يشتتها كثيراً.
كانت ترتب شيئا على الرف حين فُتح الباب من ورائها فالتفت بابتسامة ترحيب تجمدت على وجهها حين رأت من الزائر.
تقدم حتى وقف على بُعد خطوتين منها كان هناك ضمادة صغيرة على رأسه وقد خف أثر الكدمات وذراعه مرفوعة بحامل على عنقه، نظراته متسائلة، كأنه يقرأ أفكارها. قال بنبرة هدوء واثقة: "ازيك يا حلا؟"
لم تتمكن من الرد في البداية، شعرت بضغط في صدرها وكأن الكلمات عالقة. تلعثمت، أخيرًا قالت: "أ.. الحمدلله. أنت خرجت امتى من المستشفى؟"
أجاب بنبرة عادية، لكن عينيه تحملان معاني غير مرئية: "من شوية."
قالت بتوتر جلي: "حمدا لله على السلامة."
رفع حاجبه، وتجلت مشاعر العتاب في نظراته، فتابع: "الله يسلمك. مش حاسة أنها متأخرة شوية؟"
خفضت نظراتها بحرج، وجدت نفسها تفكر في كل تلك الأيام التي قضتها بعيدًا عنه. تابع: "يعني أنا متوقعتش أنك بتكرهيني لدرجة أنك متجيش ولا مرة تشوفيني في المستشفى!"
رفعت رأسها وانكرت على الفور بقوة: أنا مش بكرهك!
هز رأسه وطالبها بإجابة: أمال مجتيش ليه؟ ولا مرة؟ حتى متصلتيش!
لم تعلم كيف ترد عليه فقلبت بصرها بعيداً، قال بحزم: أنا جاي النهاردة طالب منك رد ومش عايز غيره وأيا كان الرد أنا هقبله منك، أنا متأكد أنك عارفة مشاعري كويس علشان كدة مفيش داعي للف والدوران.
نظرت له بترقب وهي تتنفس ببطء فقال بوضوح: أنا بحبك تقبلي تتجوزيني؟
شعرت أنه سيغمى عليها فلم تتوقع أن يقولها بكل تلك الصراحة في وجهها ولم تكن مستعدة بتاتاً لهذه المواجهة، تداخلت الأفكار في رأسها، وبدأت تراجع كل اللحظات التي قضتها معه، وكل المشاعر التي كانت تخفيها في أعماقها.
"مالك، أنا..." بدأت تتلعثم، لكنها لم تستطع إكمال جملتها وزفرت بإحباط.
طالبها بإصرار: أنا سامعك وعايز إجابة واضحة يا حلا وصدقيني لو كانت سلبية أنا هتقبلها وهخرج من حياتك ومش هتشوفيني تاني أبدا بس أنا تعبت ومبقتش عايز أبقى تايه تاني وبرفض المعاملة دي منك أنا ممكن أتفهم أي حاجة إلا كدة!
انخفض صوته قليلاً و ظهر فيه خيبة الأمل: أنا كان بدأ يبقى عندي أمل لما شوفتك قلقانة عليا وكنت مستعد استنى لحد ما تبقي مستعدة بس كل اتمحى لما مجتيش حتى تشوفيني.
أغمضت عيونها بندم وهي ترغب في ضرب نفسها بشدة على غباءها فهي لا تتحمل سماع خيبة أمله فيها بهذا الشكل، كان يجب أن تكون أكثرا شجاعاً، لم يجب عليها فعل كل تلك الأمور الغبية لكنها فعلتها بدافع الخوف.
حاول استشفاف الحقيقة من وجهها فبحث بعينيه عن أي إجابة، لم تتحمل النظر في عينيه فاستدارت وبدأت دموعها في الهبوط كأنها تعبر عن مشاعرها التي لم تستطع التعبير عنها.
سمعت مالك يقول من خلفها، صوته يحمل نبرة مؤلمة: أعتقد كدة وصلتني الإجابة.....أوعدك مش هتشوفيني تاني.
شعرت بقبضة باردة تمسك قلبها من الرعب من فكرة عدم رؤيته مرة أخرى، فكرة خروجه للأبد من حياتها كفيلة بجلب المرض لها وعدم الرغبة في الحياة مرة أخرى.
التفتت بسرعة لتجده يخطو نحو الباب ويرفع يده ليمسك المقبض. صرخت لاشعوريًا: "استنى!"
تجمدت يده على المقبض، وأسرعت لتقف خلفه، تشعر بالدموع تنهمر على وجنتيها. "متمشيش،" قالت باكية، صوتها يرتجف.
تحت ضغوط مشاعرها، شعرت أن كل شيء ينهار حولها. لم يكن بإمكانها تحمل فكرة فقدانه، لذا واصلت حديثها، محاولة إيصال مشاعرها إليه. "أنا آسفة على كل شيء، على غبائي، على تصرفاتي وغلطي معاك واللي أنت أكيد متستاهلوش بس أنا كنت خايفة والله."
توقفت لحظة، تشعر بأنفاسها تتقطع، ثم تابعت: "كنت خايفة أوي وأنا أنانية علشان خوفي ده كان على نفسي، كنت خايفة أجرب وأحاول تاني، كنت خايفة انجرح تاني، كنت خايفة أكون مش كفاية، أنا عارفة أني غلطت كتير ويمكن اللي بقوله يكون متأخر بس أنا مش عايزة أخسرك أنا... أنا بحبك."
كان مالك لا يزال واقفًا، لكنه لم يتحرك، وكأن حياته تعتمد على هذه اللحظة.
تابعت حلا، متمسكة بأمل أن تصل إليه: "صدقني العيب مش فيك أبدا كان فيا وجوايا أنا عارفة أنك شخص كويس جدا علشان كدة كان جوايا إحساس بالنقص بعد كل اللي حصل أني مكنش كويسة كفاية ليك، الخداع اللي عشته كان صعب عليا جدا اتجاوزه، كان صعب عليا أني أصدق أنه سنين عشتها من حياتي كانت كلها كدب وخوفت أفشل، علشان كدة اتصرفت غلط أنا آسفة بجد.
حاولت الاقتراب أكثر، لكن الخوف من رد فعله كان يعصر قلبها. "أنا مش عايزاك تمشي بس لو مش قادر تسامحني، أنا هفهم أنا اتصرفت بطريقة مش كويسة خالص وأنت معاك حق تزعل."
ظل صامتًا للحظة، ثم أخيرًا، قال بصوت منخفض، يكاد يُسمع: "حلا..."
انتظرت بترقب وقلبها يكاد يتوقف عن النبض لانتظارها إجابته،نظرت إليه بعينيها الممتلئتين بالأمل والخوف معًا، تشعر بأن كل لحظة تمر تزداد ثقلاً على قلبها. كأنها تعيش على حافة قرار قد يغير حياتها بالكامل.
التفت أخيراً وابتسم لها كانت ابتسامته صافية، تملؤها الراحة والتفاؤل، وكأن اعتراف حلا فتح أمامه أبوابًا جديدة للأمل. لمعت عيناه بحنان دافئ، واسترخى وجهه بطريقة لم يعتدها، وكأن حملًا ثقيلًا قد زال أخيرًا عن كاهله. ارتسمت على شفتيه ابتسامة عفوية، ليست فقط ابتسامة، بل انعكاس لمشاعر جياشة غمرت قلبه.
نظر إليها بحب لم تستطع أن تخطئه. لم تكن هناك حاجة لكلمات كثيرة؛ فقط تلك النظرة، وذلك الوميض في عينيه. قال بصوت يملؤه السعادة والراحة: أنا.... أنا مش قادر أصدق اللي بسمعه ده!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كانت كلمات بسيطة، كفيلة بأن تحرك مشاعر حلا بقوة. ابتسامته، ذلك النور الدافئ في عينيه، أزاح عنها كل الشكوك والخوف. 
أكمل مالك بعمق وهو ينظر في عينيها: "أنا استنيت ده كتير أوي لدرجة مش قادر أصدقه."
شعرت حلا برعشة خفيفة من التأثر، ولم تستطع منع نفسها من الابتسام بخجل.
توردت وجنتا حلا وهي تبتسم بخجل، تشعر بدفء كلماته يتسلل إلى أعماق قلبها. لم تكن تتوقع أن تعبيرها الصادق سيُحدث هذا الأثر العميق في نفسه ولكنها قالت بشجاعة غير معتادة منها: لا صدقني بجد، ولو عايزني أثبتت لك مستعدة أثبتت لك.
نظر مالك إليها بابتسامة واسعة، وكأن كلماتها أزاحت آخر ذرة من الشك في قلبه. شعر بتلك الشجاعة التي ظهرت فجأة في عينيها، وجعلته يزداد تعلقًا بها. اقترب منها خطوة أخرى، وقال بصوت دافئ: "صدقيني، أنا مش عايز غير إننا نبدأ من جديد مع بعض، من غير أي خوف أو تردد."
شعرت حلا بقلبها يرفرف من السعادة، وكأن كل مخاوفها بدأت تتلاشى. همست: "معاك، مستعدة أبدأ من جديد."
مر كل شيء بسرعة لدرجة لم تستوعبها فحين صحبها مالك بعد ذلك للمنزل تفاجأت بوجود الجميع والذين كانوا يعدوا المنزل ويزينوه للاحتفال.
قالت بدهشة: إيه كل ده؟
اقتربت منها إسراء تنفخ بالون وقالت ببهجة ممزوجة بالسخرية: حفلة الخطوبة أصلنا كنا بندعي ربنا تعقلي والحمد لله الدعوة استجابت.
حين أخذوها لإبدال ملابسها على عجل وقد ارتدت فستان جميل وواسع من اللون الأبيض معه حجاب مناسب، وقد ساعدتها إسراء وهديل وابنة خالتها بسعادة ووضعت زينة خفيفة على وجهها.
ذهبت للجلوس بجانب مالك بخجل الذي كان ينظر لها بسعادة وقد أبدل ملابسه وهي لا تفهم كيف لبدلة أنيقة وهو لم يغادر.
لحظات وسمعت حسام يدلف ويقول: من هنا ياعم الشيخ.
رفعت رأسها بصدمة: الشيخ؟ 
نظرت بهلع لإسراء التي اقتربت ووضعت منديل كتب الكتاب المزين باسمها واسم مالك وسألتها: هو فيه إيه؟
قالت إسراء بتهكم: أصل إحنا عارفين أنه أنك هبلة ومحدش يضمنك فقولنا نضمن نفسنا أحسن.
قالت حلا لمالك وقد ارتجف صوتها: "إحنا يعني… هنتجوز دلوقتي؟"
شعرت حلا بارتباكها يتزايد، لكن لم يكن لديها الوقت لتفكر كثيرًا. كان مالك ينظر إليها بترقب، وكأن تعبيرات وجهه تقول لها: "لا تخافي، أنا هنا معك."
عاد تحدق لذلك المنزل المزخرف باسميهما وتسربت الطمأنينة إليها واكتمل عقد القرآن بسلاسة بينما يراقبهم الجميع بسعادة.
لم تصدق حين وقعت أنها أصبحت زوجة مالك بالفعل! 
نظرت إليه بعيون مليئة بالدهشة والسعادة. كانت الابتسامة ترتسم على وجهه، وكأنها تنير المكان من حولهما. لم يكن هناك شيء يمكن أن يعكر صفو هذه اللحظة، أعلن الشيخ زواجهما فانطلقت التهاني من كل حد وصوب حولهم واحتضنت حلا والدتها التي كانت تبكي بسعادة.
قالت لها بتأثر: ربنا يهنيكي ويسعدك يا بنتي.
قبلتها حلا على خدها بحب واستقبلت التهاني من إسراء وهديل وابنة خالتها حتى شادي الذي كان يمزح بفرح.
قالت والدتها بحنان: هتمشي والبيت هيفضى عليا من تاني أهم حاجة تكوني مبسوطة.
اقترب مالك منهما وأمسك بيد والدة حلا وقال بنبرة واثقة: إحنا مش هنمشي في حتة من غيرك يا ماما.
نظرت له حلا ووالدتها بدهشة التي سارعت تقول: لا طبعا يابني أنت بتقول إيه!
قاطعها مالك بصرامة: مش هقبل أي أعذار منك، هتيجي تعيشي معانا بإذن الله بعد ما نرجع من شهر العسل وبعدين أنتِ عارفة أني محروم من حنان الأم من سنين يرضيكي دلوقتي تبخلي عليا بحنانك؟
تأثرت والدة حلا بشدة: لا طبعا يا حبيبي.
نظرت له بمزيج من الإعجاب والتقدير أنه لا يتوانى عن فعل ما يجعلها تحترمه أكثر فأكثر، بعد انتهاء الحفل أصرت والدة حلا على ذهابهما لوحدهما وأنها ستنتقل بعد شهر العسل كما قال مالك.
أوصلهم حسام بسبب إصابة يد مالك، كان يمسك بينما يصعدان لشقته ونظراتهما لا تفترق، فتح الباب بحماس وقال بلهفة: اتفضلي ياريت تعجبك ولو عايزة تغيري حاجة قوليلي.
رفعت حلا فستانها ودلفت بخطوات حذرة وهي تستكشف المكان بابتسامة خجولة، وقف في منتصف الصالة وقالت له بابتسامة عريضة: ماشاء الله شكلها جميل.
لاحظت نظراته المطولة لها فأخفضت نظراتها بخجل، مدي يده السليم ليضعها تحت ذقنها ويرفع وجهها له ويحدق في عينيها قائلا بصوت أجش: أخيرا.
فهمت ما يعينه ولكن كانت المشاعر أكبر من الكلمات فلم تتحدث، غمرته العواطف في تلك اللحظة فضمها إليها أخيرا بكل قوته رغم يده المصابة وهو يدفن وجهه في عنقها فيما حاوطته حلا بذراعيها عناقه يمدها بالأمان والسكينة، كانت هذه اللحظة دافئة وخاصة للغاية وقد تبخر كل شيء آخر من حولهما وبقى هما وحدهما ليمدا بعضهما بالحب والعطاء كأنه وعد لحياة جديدة مليئة بالحب والسعادة والثقة.
بعد أربع سنوات كان قد خرج من السجن بعد قضاء عقوبته في محاولة القتل وقد تنازلت حلا عن بقية التهم إكراماً لعمه ووالدته ورغبة منها في بدء حياة جديدة كلياً خالية من الماضي تماماً، كان السجن قد لقمه درساً قاسياً ليخرج إنسان آخر راغباً في تطهير نفسه من ك
راغباً في تطهير نفسه من كل خطاياه السابقة فذهب واعتذر من والدته وحاول أشقائه الإصلاح بينه وبين عمه فسمح له عمه بالعودة للمنزل وبعد بعض الوقت سامحه وبدوره اعترف أيضا أنه أخطأ في بعض النواحي، بدأ العمل في ورشة العائلة بدون تذمر وقد لاحظ الجميع التغيير في شخصيته خصوصا أنه أصبح أهدأ على غير العادة وكان يعمل بصمت ولا يعلموا أنه قد احترق حين أفاق وأدرك فظاعة أفعاله وضعف شخصيته السابقة وكم كان قريباً من تدمير حياته دون رجعة للأبد أمضى الوقت نادماً منذ ذلك الحين ويتمنى أن تسامحه حلا في يوم، كان يعمل بصمت وجد حين اقترح عليه عمه الزواج مرة أخرى بعد أن تأكد بنفسه من تغير شخصيته.
كان يجلس بصمت بينما عمه يعرض عليه الأمر وهو لا يستطيع أن ينكر أنه يرغب في البدء من جديد، أخبره عمه أنها أرملة لديها طفلة في الثانية من عمرها وتوفى زوجها حين كانت حامل.
كان يستمع بصمت حين قال عمه: الست هند عارفها؟
بحث في ذاكرته حين تذكر أنه بالفعل يعرفها لقد أتت عدة مرات بسبب تعامل بينهم.
حين رآه عمه صامت قال: إيه رأيك فيها؟
ليس بإمكان بسام إنكار إعجابه بها لقد كانت سيدة مكافحة رغم صغر سنها وتحملها المسؤولية بعد وفاة زوجها.
قال بسام بخفوت: اللي تشوفه ياعمي.
ابتسم فهمي برضا وهو يشير بعصاه: يعني عاجباك! أنت فاكرني مش عارفك يا واد!
ابتسم بسام خفية ليتابع عمه بجدية: على العموم أنا كلمتها وحسيت من ناحيتها قبول وهي متعرفش أي حاجة عن اللي حصل، خلي الماضي ماضي وطالما ربنا سترنا ندعي يكملها بالستر دايما.
أومأ بهدوء وقد أختفت ابتسامته وشعر بالتوتر من تذكر ذلك الماضي ربما عمه محق فلا داعي لذكر ذلك الماضي.
فجأة تطرق عمه لموضوع حساس وقال بتحذير: وأهم حاجة لازم تراعي ربنا في البنت الصغيرة دي، فاهم؟ أنا بنفسي هقف لك لو حسيت في يوم أنك بتبص لها بصة مش عاجباني ولا كلمتها كلمة تزعلها، دي أمانة.
قال بسام بحزم، عاقدا العزم: مش محتاج تقول ياعمي في عيوني.
لم يكن يحتاج لتلك الوصية فهو قرر من نفسه أنه لن يسئ معاملتها أبدا لقد تغيرت شخصيته بالفعل ولن يعود لأي من أفعاله السابقة ويرغب بصدق في إنشاء عائلة.
تنهد فهمي بعمق وقال بحكمة: أنا بنصحك لمصلحتك يابني، لازم تتقي ربنا فيها علشان ربنا يبارك لك، واسمع مني لو مقدرتش في يوم تكون أب، أوعى أبدا تكون جوز أم!

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا