رواية بنات الحارة الفصل الرابع عشر 14 بقلم نسرين بلعجيلي
رواية بنات الحارة الفصل الرابع عشر 14 هى رواية من كتابة نسرين بلعجيلي رواية بنات الحارة الفصل الرابع عشر 14 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بنات الحارة الفصل الرابع عشر 14 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بنات الحارة الفصل الرابع عشر 14
رواية بنات الحارة الفصل الرابع عشر 14
صفية خرجت من البيت، ووشها كله غضب ومكر. مشيت على الرصيف وهي بتكلم نفسها :
فاكرة نفسها هتهرب مني؟ أنا أعرف الحارة دي كلها وأعرف كل واحد ممكن يخبّيها.
عدّت على محل البقالة، سألت عم سيد البقال..
صفية : زينب… ما شوفتهاش؟
عم سيد : أنا؟ لا، ما شفتهاش من امبارح، خير في إيه؟"
صفية : ولا خير ولا حاجة، بس ليّا عندها حساب بسيط لازم يتصفى.
عم سيد بص لها بريبة بس مردش، وهي كمّلت طريقها. راحت عند ورشة عم رزق اللي كان واقف بيصلّح عربية.
صفية : يا رزق… زينب جاتلك؟
عم رزق رفع حاجبه : زينب؟ لا والله. وانتِ مالك ومالها ؟
صفية قالت بنبرة مموهة : قلقانة عليها بس. أصلها سابت البيت فجأة، وأنا خايفة تكون إتأذت من حد مهما كان دي مسؤوليه .
عم رزق ضحك بسخرية وقال : البنت الوحيدة اللي لو جالها أذى،
هيكون من الناس اللي كانت عايشة معاهم.
صفية عضّت شفايفها من الغيظ وقالت :
شكراً، أنا هعرف أجيبها حتى لو دخلت تحت الأرض.
صفية ركبت توك توك وراحت ناحية بيت الحاج عثمان. وقفت بعيد تراقب من أول الشارع، وبتشوف مين داخل ومين خارج.
قالت في نفسها : هنا… أكيد هنا. مش بعيد يكون هو اللي مخبّيها.
عم رزق اتصل على إبنه حسن.
حسن : معلش يا بابا، اتأخرت عليك، مسافة السكة.
عم رزق : بقولك إيه، صفية جات هنا بتسأل على زينب، الوليّة دي مش هتجيبها البر. إسأل أمك كده لا تكون مخبياها ولا حاجة.
حسن : تخبّي مين؟
عم رزق : زينب يا ابني. أنا راجل كبير ومش عايز مشاكل، لو أمك تعرف مكانها، خليها تقول. ترجع البنت مالهاش غير بيت أبوها.
حسن : حاضر يا بابا.
ياسر : في إيه؟؟
حسن : مافيش، مشاكل الحارة مش بتخلص خالص. الصبح صحينا على زعيق، مين؟ لقيت حامد، وشكله صفية ضربت زينب وسمعت الناس في الحارة بيقولوا إنهم شافوا زينب شايلة شنطتها، يا طردوها، يا هربت، الله أعلم. ودلوقتي أبويا بيقولي إن صفية جات تسأله عليها.
نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili
ياسر : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
حسن : أبويا لما بينزل الورشة، بيبهدلها ربنا يسهل .
في البلد تحديدًا...
حنان كانت نايمة على السرير وهي بتسمع شتيمتها وساكتة.
فتنة : أهو في الآخر رجعتيِ بيتك.
كان لازمتها إيه الفضايح اللي عملتيها؟ الراجل بيفضل راجل، يعكّ ويرجع حضن مراته. وبعدين العيب منك، لو كنتِ ست الستات، ماكانش جوزك بص بره. وبعدين دي كانت حتّة خدامة، لا راحت ولا جات، حتى يعني هي مقامها من مقامك. ألا قوليلي، هو إنت كنتِ بتاكلي إيه عند أهلك؟ سمعت إن الجيران كانوا بيشحّتوا ليكم الأكل.
حنان بتسمع الكلام ودموعها على خدها.
فتنة : ما تردي يا بت؟ ساكتة كده ليه؟؟
حنان : أنا تعبانة ومش قادرة أتكلم.
فتنة وقفت وحطت إيديها على وسطها..
فتنة : نعم ياختي؟ هو إنتِ نسيتي نفسك ولا إيه؟ إنتِ هنا خدامة لجوزك و ليا، إوعي تنسي نفسك.
ولما تخلفي هبقى أشوف أخلّيكِ هنا ولا أمشّيكِ. إبني هجوّزه بنت عيلة تليق بمقامنا، إنتِ دخلتِ بيتي غصب عني.
حنان : حرام عليكِ، ذنبي إيه؟ إن ابنك حبني؟ أنا ماكنتش عايزاه من الأول.
فتنة : ولا أنا عايزاكِ ولا طايقاكِ. إبني لو اشتكى منك، ما تلوميش إلا نفسك. وأهلك، عقاب ليهم هتفضل كل حاجة ممنوعة عنهم لمدة شهر أو أكتر، أنا ومزاجي.
حنان بخوف : يعني إيه؟؟
فتنة : أهلك غلطوا، وأمك نسيت نفسها واتكلمت مع أسيادها بقلة أدب، وعقاب ليهم إنهم هيفضلوا في المخروبة اللي هما فيها. وأبوك مالوش عيش عند أي حد، وابقي شوفي هياكلوا منين.
حنان قامت من على السرير وهي بتحاول تمسح دموعها وقالت بصوت مخنوق...
حنان : أنا مش جايه آخذ منك حاجة، أنا جايه أعيش في حالي، وأربي اللي في بطني بعيد عن القرف ده.
فتنة بضحكة ساخرة : حالي؟ إنتِ هنا مالكيش حال ولا كلمة تتقال من غير إذني، ولا نفس يتنفس إلا برضاي.
حنان : كفاية ظلم، أنا لا سرقت إبنك ولا طلبت منه يتجوزني، اللي حصل ده نصيب.
فتنة بصوت عالي: نصيب إيه يا بنت الشحاتين؟ دي حيلة، ولفّ ودوران. وآه، فاكرة إني مش عارفة أبوك جابك وراكب العيب، وأنا اللي دفعت تمن غلطك.
حنان : أنا لا غلطت ولا جيت غصب، أنا بنت ناس، حتى لو فقرا، بس ما نمدّش إيدينا ولا نبيع نفسنا.
فتنة قربت منها خطوة بخطوة، وعينيها نار..
فتنة : إسمعي يا حنان، من هنا ورايح هتنزلي تعملي كل حاجة في البيت، تنظفي، تطبخي، تغسلي، وتخدمي جوزك زي الجارية، ولو اتنفستِ بكلمة، أهلك مش هيشوفوا حتى تراب العيش.
حنان عضّت على شفايفها وهي بتبص لها بخوف، بس جواها نار مكتومة.
فتنة بصوت أوطى بس أخطر : وما تحلميش إن العيال اللي في بطنك هيمسكوكِ حاجة من اللي عند إبني، ده مجرد سبب يخليكِ هنا مش أكثر. وماتنسيش إنك هنا غصب عني.
عدا اليوم بس فتنه كانت مستنيه عصام علشان تشحنه على حنان و تمت مهمتها بنجاح.
حنان قاعدة على السرير تعبانة من الحمل، إيديها على بطنها، باين عليها الإجهاد. عصام دخل وهو مكشر، واضح إنه جاي بعد كلام سخن من أمه.
عصام بحدة : إيه الحكاية؟ كل ما أخرج ألاقي مشاكل مع أمي؟
حنان بتنهيدة : أمك مش سايباني فحالي، من ساعة ما صحيت وهي بتغلط فيا وتزق الكلام، وأنا ساكتة.
عصام رافع صوته : ساكتة؟! دي بتعيطلي وبتقولي إنك بقيتي بتردي عليها وبتتجاوزي حدودك، هو ده اللي اتعلمتيه من بيتكم؟
حنان بوجع : أنا تعبانة يا عصام، حامل في توأم، ومش لاقية كلمة طيبة منكم، حتى منك، كل اللي باعمله إني بحاول أعيش، أتحمل وأسكت، بس كرامتي ليها حدود.
عصام يقاطعها بعصبية : كرامة إيه؟ اللي يجي على أمي يبقى غلطان مهما كان. أنا مش هقف أتفرج على مراتي وهي بتتحدى أمي في بيتها.
حنان بكسر ودموعها بتنزل : ده مش بيتها، ده بيتنا، وإنت وعدتني إنك هتسندني، مش ترميني فوش النار وتسيبني لوحدي.
عصام يشاور لها بعنف : خليكِ في حدودك، وأنا مش ناقص وجع دماغ. أمي خط أحمر ومافيش حاجة إسمها بيتنا… البيت ده ليها قبلك وبعدك، فاهمة؟
حنان تسند نفسها بإيدها بصعوبة، بتبص له بنظرة وجع وحسرة، صوتها واطي بس مليان قهر : يعني أنا ولا حاجه بالنسبالك؟ حتى وأنا حامل في عيالك؟
عصام بجفاف وهو يلف ويمشي : إتصرفي، ماعدش عندي طولة بال لكلام النسوان. و حاجه كمان خافي على أهلك أمي مش هتسكت.
-----------------------------------------------
صفيه رمت سمّها في الحارة إنها قفشتها بتتكلم مع واحد، وإن عيارها فلت، وإن ماحدش قادر عليها. الستات بقوا يقولوا إن الكلام كتر على زينب، وأكيد مافيش دخان من غير نار.
صفية كانت في بيت الحاج عثمان.
إحسان : عيب اللي عملتيه.
صفية : نعم يا ست أحسان؟ أنا عملت إيه لكل ده؟ هو إنتم جايين عليا ليه؟ علشان أنا مرات أبوها يبقى أنا الوحشة الشريرة؟
أحسان بحدة: البت كانت شايلة بيتكم على راسها، وكنتي بتنزلي تقولي ليها اشتغلي، وانتِ أول واحدة تاكلي من تعبها، وبعدين تطلعي تشوهي سمعتها؟ عيب.
صفية بصوت عالي : أنا ما شوّهتش سمعة حد، اللي شافوه الناس قالوه، وأنا ما كذبتش. لو كانت ماشية عدل ماحدش كان اتكلم.
إحسان واقفة وبتتكلم بمرارة): ماشية عدل؟ دي طول عمرها راسها في الأرض ومالهاش دعوة بحد، بس الظلم لما بيزيد، ربنا هو اللي بيقتص.
صفية بتهز كتفها باستفزاز : اللي عنده دم ما بيهربش، وأنا ماهمّنيش كلام الناس، كل واحد بياخذ جزاءه.
الحاج عثمان دخل وسمع آخر الكلام : بس كفاية كده! البيت ده عمره ما كان مكان للظلم ولا القسوة. وزينب لو رجعت، هترجع مرفوعة الراس، ومش هسمح بكلمة عليها تاني.
الحاج عثمان راح شقة حسام كانوا الرجالة متجمعين.
ياسر وصل البيت عند والدته.
ياسر : السلام عليكم.
إحسان وصفية ردوا السلام.
ياسر : الحاج اتصل بيا وقالي تعالى حالاً، هو فيه حاجة؟؟
صفية : أيوه يا بني، أصل زينب هربت، والحاج عثمان كثر خيره جابها هنا وكلم رجالة الحارة.
هنا قاطعتها إحسان :
إحسان : روح يا بني شقة أخوك، أبوك هناك.
ياسر بص بطريقة وحشة على صفية.
إحسان : أنا هقوم أشوف زينب.
صفية : قايمة معاكِ أكلّمها.
دخلوا الأوضة اللي كانت قاعدة فيها، أول ما شافتها صفية، راحت لها مسكتها من شعرها.
صفية : كده يا مقصوفة الرقبة، تعملي مشكلة بيني وبين أبوكِ وكمان تهربي؟ عايزة توقفي جوازة البت؟ قولي إنك غيرانة منها، لأنها أصغر وأحلى منك.
تدخلت إحسان :
إحسان : إوعي كده قطع إيدك، يا شيخة منك لله. إطلعي برّه.
صفية : انتِ بتطرديني يا حاجة إحسان؟
إحسان : عايزاني أعملك إيه؟ إنتِ ما فيش في قلبك رحمة؟
نسرين بلعجيلي
صفية خرجت من الأوضة وهي مغلوبة على أمرها بس النار بتاكلها من جوه، عينها كانت كلها شر.
صفية : ماشي يا إحسان، يا زينب… اليوم اللي هتشوفي فيه راحة مني يبقى يوم مالوش طلعة شمس. أنا هربيكم كلكم.
إحسان قفلت الباب ورجعت تبص على زينب، اللي كانت قاعدة على السرير ودموعها سايبة.
إحسان : إهدي يا بنتي. والله ما هسيبك تروحي ولا تجيبيها على نفسك تاني. دي ست ظالمة، بس ربك كبير.
زينب بصت لها بخوف..
زينب : أنا تعبت، كل مرة باستحمل أكتر من طاقتي، أنا مش ناقصة كمان الناس تقول عليّا كلام ما حصلش.
إحسان : ومالهم الناس؟ هو إنتِ عاملة حاجة؟ الناس بتتكلم، وبكرة يبلعوا كلامهم ويخرسوا.
في اللحظة دي خبط الباب…
فتح ياسر، لقى أبوه، الحاج عثمان، واقف ومعاه حامد.
حامد داخل وهو باين عليه الندم، عينه على بنته، قلبه واجعه…
حامد : زينب، تعالي يا بنتي، عايز أتكلم معاكِ.
زينب بصت له، سكتت، بس قلبها بيقول كثير.
حامد : بصي يا بنتي، قدّام الحاج عثمان - كثر خيره - هيدينا شقة بطه بعد ما اشتراها، نوضبها وتقعدي فيها مع البنت الجديدة اللي ساكنة فوق السطح، بثمن رمزي. وإنتِ تفضّلي شغالة وتصرفي على نفسك، وكمان هيدفع فاتورة الهدوم علشان ما يتخصمش منك حاجة، واهو تفضلي تحت عيني. مش هاقولك إن القرار ده سهل عليّا، بس أعمل إيه؟
زينب أول ما سمعت الكلام ده، إتفجأت جدًا جدًا، وقامت حضنت أبوها.
مهما كان الأب وحش أو سلبي، البنت محتاجة تحس إنه ليها سند، ليها راجل يحميها.
زينب بعد اللي عاشته، صعب تكمل تعيش مع صفيّة، ولا حامد يسمح لبنته تكون عايشة بعيد.
روايات نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili
الحاج عثمان لاقى حل وسط، بس هل الحل ده يناسب صفيّة؟ ولا زينب هتواجه الحارة إزاي بعد الكلام اللي اتقال؟
للي بينام مظلوم، بيصحى مرفوع الراس… لأن ربنا ما بيرضاش بالظلم، ولو سكتنا عليه عمر
اللهم إنك تعلم كم ذُقنا من القهر بصمت، وكم تظاهرنا بالقوة ونحن مكسورون،
فكن لنا معينًا حين لا يُنصفنا أحد،
وكن سندًا حين يسقط من كنا نظنهم سندًا،
وارزقنا راحة من كل ما أتعب أرواحنا،
وردّ لنا كرامتنا ممن أهانها، وأبدلنا بعسرنا يُسرًا لا يفارقنا أبدًا.
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا