رواية بنات الحارة الفصل الخامس عشر 15 بقلم نسرين بلعجيلي
رواية بنات الحارة الفصل الخامس عشر 15 هى رواية من كتابة نسرين بلعجيلي رواية بنات الحارة الفصل الخامس عشر 15 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بنات الحارة الفصل الخامس عشر 15 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بنات الحارة الفصل الخامس عشر 15
رواية بنات الحارة الفصل الخامس عشر 15
كريم بعصبية : هو إنتِ مش بتحسّي؟ باقولك ما معييش فلوس، عايزة تسافري إزاي يعني؟
فايزة بهدوء ممزوج بالوجع : وأنا قلتلك إديني فلوس؟ إحجزلي تذكرة رايح بس، ومش عايزة حاجة منك.
كريم بشك : آه، قولي كده… شكلك مدكنة فلوس من ورا ضهري؟
فايزة بضحكة موجوعة : حوش؟! حوش! إيه بس الفلوس اللي أنا مدكنّاها؟ اللي يسمعك يقول بتغرقني بالألوفات… ده يادوب ملاليم!
كريم بنبرة غضب مكتوم : بتعايريني يا فايزة؟
نورهان كانت قاعدة في أوضتها وهي سامعة خناق أخوها مع مراته.
خناقة كل يوم..
بعد ما تعبت من صوتهم العالي
طلعت عندهم.
نورهان : إستهدوا بالله يا جماعة، في إيه؟
كريم : إيه؟ الهانم بتعايرني إني بديها ملاليم؟
فايزه : أنا مش بعايرك، أنا قلت الحقيقه. أنا عايزه أروح عند أمي أرتاح، هو أنا قاعده في سجن؟ تعبت وعايزه أرتاح نفسيًا شويه، حرام عليك.
كريم اتعصب ومسكها من دراعها بقوه، خلّاها تطلع صوت من الوجع.
كريم : حرّمت عليكِ عيشتك، إنتِ شكلك الحمل جنّنك.
Nisrine Bellaajili
نورهان بعدت أخوها عن فايز اللي راحت أوضتها بتعيط .
نورهان سكتت لحظة، بصّت على فايزة اللي واقفة وسط الأوضة بتلم شنطتها بإيد وبتمسح دموعها بالإيد التانية.
نورهان : طب وإنتِ رايحة فين كده؟
فايزة : هامشي، حتى لو برجلي، مش قادرة أعيش كده تاني.
نسرين بلعجيلي
نورهان : فايزة، أنا عايشة معاكم باشوف بعيني وساكتة علشان البيت ما يتهدش، بس بجد كريم بيغلط.
كريم كان واقف عند باب الأوضة، سامع الكلام، وشه مكشر.
كريم : إنتِ بقى كمان؟! لسه ناقص تقوليلي إني ظالم؟ يا ست إنتِ لو عايشة مكاني يومين كنتِ عرفتِ إني اللي مستحمل مش العكس.
نورهان بحدة : لا يا كريم، اللي شايل البيت دا هو فايزة، بتقوم الصبح تعبانة وبتطبخ وتنظف، وما بتسمعش منك غير شتيمة أو خصام. وكل ما تطلب منك حاجة تقول ما معييش، طب وهي ذنبها إيه؟
وكريم اتنهد : خلاص... خلاص، أسكتي انتِ وهي. هجيبلك تذكرة يا فايزة، بس مش علشان ضغط ولا زن، علشان ترتاحي وارتاح أنا كمان.
فايزة بصوت واطي : مش عايزة منك حاجة، بس شكراً إنك أخيراً إفتكرت إني بني آدمة.
سابت الشنطة و راحت تقعد في الصالة، نورهان بصتلها بحنية، وبعدين بصت لكريم بنظرة فيها عتاب ثقيل.
نورهان بهدوء : الجواز مش سجن يا كريم، ولو فايزة مش لاقية في بيتها أمان، يبقى البيت ده محتاج يتبني من أول وجديد.
كريم : إزاي يتبني من أول وجديد؟
نورهان : يعني تمسك مراتك، وتتكلموا كويس، وتتفاهموا على سبب الخلافات اللي بينكم.
كريم : بذمتك يا نورهان، هو وقته تسافر وأنا مزنوق، مش معايا فلوس اديهالها في إيديها، أمها تقول إيه؟ تقول إني مش راجل ومش مكفّي بيتي؟ إنتم مش حاسين بيا… أنا موظف، يادوب المرتب مش عامل حاجه، وبشتغل على أوبر بالليل علشان أسدّد الديون اللي عليا، والباقي بنصرف منه. أنا تعبت، بروح لأصحابي أستلف كل مره.
نورهان : هي كمان تعبت، الستريس اللي إنت فيه بيخليك على طول متنرفز وعصبي، وردّة فعلك وحشة معاها. هي غريبة هنا، وأمها بعيدة، وكمان حامل.
كريم : يا سبحان الله! بتدافعي عنها وإنتم على طول خناق؟
نورهان : دي حاجات عاديّة، بس ده ما يمنعش إننا بنحب بعض. وأنا ما كنتش فاهمة إن الحمل بيخليها عصبية. إسمع مني يا كريم، غيّر معاملتك ليها… إنت قاسي.
كريم : غصب عني.
نورهان : ماعلش، إحنا حمل عليك.
كريم : الطشك قلمين على الكلام ده! عيب تقولي كده، الديون هي اللي ضغطاني.
نورهان : ربنا يعينك.
كريم : يارب...
نورهان : طيب، أنا معايا ٥٠٠ جنيه، خذهم واديهم لمراتك من غير ما تقول إنهم مني، خليها تحس إنك اتصرفت علشانها.
كريم حضن أخته من غير ولا كلمة، حضن فيه كل حاجة، شكر، وراحة، وامتنان. حضن لأنها ساعدته، وطيّبت خاطره، وحسّت بيه.
ساعات الكلام ما بيعرفش يعبّر عن اللي جوانا، بس الحضن بيقول كل حاجة.
طلع كريم بره البيت ورجعت فايزة أوضتها، قفلت الباب وراها بهدوء، وقعدت على السرير ساندة على الحيطة. كانت دموعها لسه على خدها، بس المرة دي ماكنتش من زعل بس، كانت دموع تعب من كل حاجة.
فايزة في سرّها : هو أنا غلطت لما حبيت؟ ولا غلطت لما صدقت إن الحب ممكن يغلب الفقر؟ ولا الجواز كان هو الغلطة؟ هو ليه دايمًا الست اللي بتشيل؟ وليه لما الراجل بيضيع لازم هي اللي تلاقي الطريق؟
فضلت تبص في سقف الأوضة كإنها بتدور على جواب، بس مافيش. كل اللي حواليها صمت، صمت بيوجع أكثر من الكلام.
فايزة : الفقر والجواز والحب، التلاتة ماينفعوش يكونوا في كفة واحدة. لما الحب يدخل من غير ظهر بيتكسر. ولما الجواز يبقى من غير أمان، يبقى سجن. ولما الفقر يسيطر، بيقتل كل حاجة حلوة.
سحبت البطانية، غطت نفسها،
بس رغم التعب، النوم ماكانش جاي. كانت بتفكر هل تستسلم وتروح؟ ولا تكمل الطريق اللي ماكانش يوم سهل؟
رحاب كانت قاعدة في أوضتها،
وماسكة تليفونها.
رحاب : يا بن اللذين يا جمال، عملت ليّا بلوك؟ بس أنا هفضل وراك وراك لحد ما أوقعك. فاكر إنك هتهرب مني بسهولة؟! ده أنا رحاب، وأنا اللي علمت الرجالة يعني إيه لعب على المضمون.
وقفت قدام المراية، ظبطت شعرها، وبصّت لنفسها بإعجاب.
رحاب : اللي زيك ما يتسابش، يا جمال. بس اللي زيي ما يتضحكش عليه.
خذت نفس طويل.
رحاب فضلت تفكر توقع جمال إزاي في حبها... دخلت أمها.
أم رحاب : يا آخرة صبري مش تهزي طولك تساعديني؟
رحاب : في إيه؟ ليه كلما تشوفيني قاعدة رايقة تيجي تنكدي عليا؟
أم رحاب : أنكد عليكِ يا بنت بطني؟؟
رحاب : أووووف بقى، زهقتيني في عيشتي.
راحت على الدولاب، أخذت عباية سودا، لبستها وطلعت.
أم رحاب : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ربنا يهديكِ يا بنتي...
صفية كانت في شقتها...
هاجر : مالك يا ما؟
صفية : نار قايدة جوايا يا بت. على آخر الزمن اللي ما يتسمّوا يعلموا عليا.
هاجر : يا ما حرام عليكِ، سيبيها في حالها.
صفية : لا والله، دلوقتي أسيبها في حالها؟ بصي على الشقة عاملة إزاي، أنا رُكبي واجعاني، وانتِ منك لله، طول الليل سهرانة وبالنهار نايمة، ومافيش حد يعمل الأكل. وأبوكِ يا أختي، قال إيه واخد على خاطره ومش بيكلّمني. كل ده علشان خاطر السنيورة.
هاجر : يا ما انتِ مكبرة الموضوع، يمكن زعلان شوية وحيعدي.
صفية: زعلان شوية؟ ده مابقاش يدخل البيت غير عشان ينام، وكل حاجة بقت على مزاج الهانم، وأنا اللي مش شايفة راحة في بيتي.
أما في شقة بطة سابقًا، كانت زينب لسه راجعة من الشغل.
أسماء : حمدلله على السلامة.
زينب : الله يسلمك، تعبانة موت، رجليا مش شايلاني.
أسماء : خشي ياختي إستحمي على ما أغرف الأكل.
زينب : ماعلش ياختي بتأخر في شغلي، وإنتِ اللي بتعملي الأكل وتروّقي البيت.
أسماء : يا ستي، أهو بكرة نشتغل مع بعض، ولا الحاج غير رأيه؟
زينب : لا والله، على أول الشهر نشتغل سوا.
دخلت زينب تستحمى، وافتكرت أيامها السودة في بيت صفية. كانت ترجع من الشغل تخش المطبخ على طول، تجهز الأكل وتخدم صفية وهاجر، وفي الآخر تاكل على الماشي وتروح تنام على الأرض. كانت بتحس إنها خدامة مش بنت.
طلعت من الحمام، لفت الفوطة على شعرها، ولبست هدومها. خرجت لقت أسماء حاطة الأكل على السفرة.
زينب بابتسامة صغيرة : ريحة الأكل طالعة من أول الشارع.
أسماء : عارفة إنك بتحبي المسقعة، عملتهالك مخصوص.
قعدوا ياكلوا سوا، وزينب كانت كل شوية تبص حواليها وكأنها مش مصدقة إن بقى ليها بيت تهرب فيه من الذل.
أسماء وهي بتشيل الأطباق : عارفة يا زينب، كل يوم ببص حواليّا وأقول الحمد لله. لو ما كانش الحاج عثمان إدانا الشقة دي، كنا لسه كل وحده فينا بتعاني وكنا لسا بنعدي على الجيران ناخذ ميه من تحت السلم.
زينب : فعلاً ربنا جبر بخاطرنا. بس للأسف، صفية مش عاجبها الوضع، زعلانة علشان الحاج وقف جنبنا.
أسماء : اللي زيها ما بيرضاش يشوف حد مرتاح. بس إحنا نشتغل ونثبت نفسنا، وكل حاجة هتتعدل.
وهم بيتكلموا، سمعوا خبط على الباب.
أسماء : مين اللي هاييجي عندنا دلوقتي؟
زينب وهي بتبص على الساعة : أكيد واحدة من البنات.
أسماء راحت تفتح الباب، ولما شافت رحاب واقفة، وشها اتغير. هي مش بتحبها ومش بترتاحلها، بس كتمت في نفسها.
زينب بابتسامة مصطنعة : أهلاً يا رحاب، إتفضلي.
رحاب وهي بتبص حوالين الشقة :
والله وبقى ليكم بيت بجد.
زينب بحدة خفيفة : إيه الكلام ده يا رحاب؟ ليه الأسلوب ده؟
رحاب ضحكت بخفة وهي بتحاول تخفف الجو : يا لهوي، انتِ بقيتي تقفشي بسرعة. أنا بهزر معاكِ يا زينب، مالك؟
رحاب رجعت تبص على أسماء وقالت : باقولك إيه، أنا اتصلت بالبنات، قلتلهم ييجوا نشرب شاي سوا. طبعًا بعد إذنك يا أسماء، أنا عارفة إنك طيبة ومعندكيش مانع.
أسماء بابتسامة باردة : أهلاً وسهلاً، البيت بيتكم.
رحاب دخلت الشقة بثقة وكأنها صاحبتها، وزينب بصت على أسماء نظرة فهم، وهي بتحاول تغيّر الموضوع.
رحاب كانت لسه بتتكلم، وفجأة الباب خبط تاني. أسماء قامت تفتح، ولقيت نورهان وصفاء واقفين.
نورهان بابتسامة : السلام عليكم يا بنات.
صفاء وهي داخلة : الله! البيت حلو أوي، ربنا يفرحكم بيه.
زينب حضنتهم : وعليكم السلام يا حبايبي، نورتوا الشقة.
رحاب وهي قاعدة على الكنبة :
قلت أجيبلكم معايا صحبة حلوة بقى، نكسر الملل.
أسماء بصوت خافت وهي داخلة المطبخ : ده شكلها ناوية على قعدة طويلة.
نورهان وهي بتبص حوالين المكان : ما شاء الله، الشقة دي كانت فاضية بعد ما بطه عزلت ، إزاي الحاج عثمان وافق يديها لكم؟
زينب : الحاج عثمان ربنا يكرمه، قال يساعدنا ويشيلنا من الهم اللي كنا فيه. بصراحة يوم ما خرجت من تحت يد صفية، حسيت إني رجعت أتنفس.
صفاء وهي قاعدة : أنا كنت هموت وأقولكم مبروك، بس قلت أستنى لحد ما أشوف بعيني.
رحاب : أهو شُفتِ بعينك! ناقص بس نولع شمعة ونغني على الشاي.
ضحكوا البنات، وأسماء طلعت من المطبخ بصينية الشاي.
أسماء وهي بتحط الكوبايات : يلا يا بنات، كل واحدة تحكيلي أخبارها، بس بالراحة، أصلي مش ناقصة وجع دماغ.
زينب ضحكت : اللي عندها وجع دماغ إحنا، بس يلا نضحك بدل ما نعيط.
رحاب : نحكيلك؟ هو إنتِ صدقتِ نفسك إنك مننا؟!؟!
البنات كلهم إستنكروا موقف رحاب،
بس أسماء ما سكتتش ليها.
أسماء : ...
بقلم روايات نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili
اللي بيتحمل فوق طاقته، مش ضعيف… ده إنسان لسه عنده أمل في الناس حواليه، لكن لما الأمل ينكسر، حتى أهدى القلوب بتنفجر.
اللهم إنّا استودعناك قلوبنا مما أثقلها، وهمومنا التي لا يعلمها إلا أنت،
اللهم اجعل لنا من كل ضيق فرجًا، ومن كل كسر جبرًا، ومن كل همّ مخرجًا،
وإن تعبنا من صبرنا، فلا تُتعبنا من أملك…
اللهم ارزقنا بيوتًا هادئة، وصحبة صافية، وقلبًا لا يُهزم مهما ضاقت الأيام.
يتبع .......
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا