رواية لأجلها امل نصر الفصل العشرون 20 بقلم امل نصر
رواية لأجلها امل نصر الفصل العشرون 20 هى رواية من كتابة امل نصر رواية لأجلها امل نصر الفصل العشرون 20 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية لأجلها امل نصر الفصل العشرون 20 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية لأجلها امل نصر الفصل العشرون 20
رواية لأجلها امل نصر الفصل العشرون 20
اتبع فؤادك ولا تنظر لعقبات او معوقات، كُن دائما على استعداد لالتقاط الفرصة، او اخلقها بنفسك.
لا يصح لك التراخي وقلبك معلق بالوصال
حتى وان واجهت الرفض مرات، لا تكف عن المحاولة
اشحن طاقتك دائما باليقين، وكن على ثقة أن ما تسعي سوف يصير.
#بنت_الجنوب
*******************
الساعة الثامنة صباحًا.
جالسًا على الأريكة الخشبية التي أتى بها خصيصًا في هذا المكان المميز بالقرب من منزله الذي لم ينته بعد من تشطيبه، والمواجه مباشرة لمنزل معذبته، تلك التي أسس من أجلها كل شيء هنا ، وهو الان في انتظار الطلة الصباحية منها، ان يشبع عينيه من وجه القمر وملامح العزة والعند، تلك الصفات الاخيرة التي قد يكرهها الرجل في المرأة، انما عندها هي فلا والف لا..... خصالها وان كانت عيوب فهو واقع بها إلى حد الثمالة، حتى وهي تتمنع عن اعطاءه ولو امل بسيط، ولكنه صابر ومثابر في طريقه للقرب منها .
مزيونة الحرة على وشك الخروج الان من منزلها، وهذا ما يبدو واضحا من حركة الباب الخشبي القديم الذي يهتز بحركة فتح مغلقه من الداخل، انتبهت حواسه في تركيز شديد ومتابعة، ولكن خاب رجاءه مع ظهور هذا الفتى ابن شقيقها، متوجهًا نحوه بابتسامة سمجة قد تكون بريئة ومع ذلك لا يقبلها منه، فيكفي انه نال مكانة القرب منها بعد زواج ليلى:
- صباح الخير يا عم حمزة، انت دايما صاحي بدري كدة؟
بابتسامة صفراء بادله التحية والرد على مزحته الثقيلة على قلبه:
- صباحك فل يا حازم باشا، طبيعتي يا سيدي ومجدرتش ابدا اغيرها، بس انت بجى اللي مش من عوايدك تصحى بدري .
تبسم الاخير يجيبه بمرح:
- هو فعلا مش عوايدي، بس في حاجات مينفعش فيها التأخير زي مشاوير الجامعة اللي طلباتها مبتخصلش، عن اذنك بجى احصل مشواري .
- اذنك معاك يا حبيبي
غمغم بها يطالع اثر الفتى حتى اختفاءه لينقل نحو الباب الذي مازال مفتوحًا ولم يغلق بعد مردفًا بحديث نفسه بضجر:
- ايه الحكاية ؟ مش ناوية تطلعي بجى ولا اروح اخبط عليكي بأي حجة انا على اخري وورايا مصالح.
وكأنها أتت على النداء، ضربت ريح منعشة صفحة وجهه وكأنها بشارة، قبل أن تطل بكليتها امامها، تلملم أطراف الحجاب الكبير وهي تلفه حول وجهها، لتفاجأ برؤيته كما يحدث في كل مرة، فتلقي اليه التحية بارتباك:
- صباح الخير
رد تحيتها بنبرة يتخللها شيء من الارتياح:
- صباح الفل يا نسيبتنا عاملة ايه؟
تلك الاخيرة التي يتمسك بها في كل حوار معها، لفتح باب للحديث وحتى تظهر تلك الابتسامة الصغيرة بثغرها رغم تحفظها الدائم:
- حمدلله يا ابوريان تشكر على سؤالك الدايم.
كانت تهم بالذهاب ولكنه اوقفها باستفساره:
- اااا هي ليلى اتصلت بيكي؟
التفت اليه بابتسامة مستترة لتجده قد نهض تاركا محله وخطواته تقترب منها بتأني، بحجج مكشوفه أصبحت تعتاد عليها:
- اتصلت يا ابو ريان وفرحت جلبي بحكاويها هي ومعاذ، على كد اشتياقي ليها، على كدة ما انا جلبي بيرفرف مع كل كلمة اسمعها منهم، ربنا يديم عليهم السعادة
ردد خلفها بتمني:
- اللهم امين يارب، خلاص اسبوع العسل قرب يخلص وكلها بكرة ولا بعدة وتلاقيها جات وتشبعي منها، ياللا بجى، واللي خدتو راحة وز وز هيطلع عليها الايام اللي جاية بط بط في المذاكرة .
بقلق لا يفارقها، تحدثت معقبة على كلماته:
- ربنا يعينها عاد ويعدي السنة اللي باجية دي على خير، اسيبك انا واشوف اللي ورايا .
- ايه هو اللي وراكي؟
سألها باندفاع تغاضت عنه رغم تحفظها، لتجيبه بمراوغة:
- شوية مشاوير كدة في البلد يعني مش مستاهلة تعب ولا موصلات، يتاخدوا كعابي.... فوتك بعافية يا ابوريان
حسنا لقد فهم على قصدها الاخير وهي تقطع عليه الطريق بعرض خدماته في توصيلها بسيارته، لكن لا بأس، في جميع الأحوال سيعرف وجهتها، ليتمتم ردا لها
- الله يعافيكي يا نسيبتنا.
................
وفي عرض البحر
داخل يخت الأحلام الذي تم استئجاره هذا اليوم من اجل القيام برحلة ترفيهيه مختلفة عن كل ما سبق ولتنضم إلى قائمة من الأنشطة التي قاما بها الثنائي للاستمتاع بالأيام الأولى لزواجهم
خلف السياج الحديدي وقفت بملابسها الفضفاضة المشرقة، تطالع المياه الزرقاء بأمواجها المتلاطمة بدلال حولها، وبعض الأسماك التي تفاجأها بالقفز للأعلى على حين غرة ثم تعود لموطنها لتزيدها شغفا وانبهارًا حتى اندمجت ولم تشعر بذاك الذي أتى من خلفها يرفعها من خصرها ممازحًا:
- انزلك تنطنطي في المية زيهم؟
صرخت بين يديه تتمسك بطرف السياج الحديدي:
- معااااذ، بلاها هزارك البايخ لاقع من يدك.
هزهزها يزيد من رعبها ضاحكًا:
- طب عشان هزارك البايخ دي انا هنزلك فعلا.
علت صرختها هذه المرة ليتركها مضطرا:
- يخرب مطنك صوتك مسمع في البحر كله فضحتينا، هو انا كنت هنزلك صح يعني؟ مفكيش عقل؟
- لكزته بقبضتها على كتفه بغيظ مرددة:
- لاه مفياش عقل، وانت الغلطان عشان هزارك التقيل، انا فعلا حسيت انك هترميني يا معاذ وسط السمك اللي بيفطفط ده عشان أغرق ولا القرش كمان ياكلني وتبقى شيلت ذنبي.
برق بابصاره معها ضاحكًا باندهاش:
- كل ده جاه في مخك في الثواني اللي رفعتك فيهم، لدرجادي خيالك واسع يا ليلى؟
هتفت به بتذمر:
- انا برضو اللي خيالي واسع ولا انت اللي غلس؟ بَعد من وشي يا معاذ عشان متعصبش عليك.
كادت ان تزيحه من أمامها وتتخطاه ذاهبة ولكنه اخمد اعتراضها بتكبيل يديها الاثنتان مقهقًا:
- وان مبعدتش هتضربيني يعني؟ طب اعمليها ، دا حتى بيجولو ان ضرب الحبيب زي اكل الذبيب.
تراخت ذراعيها عن دفعه ناظرة اليه بعتب ودلال يعشقه، فواصل بترضيتها:
- دا انا ارمي نفسي للحوت يبلعني ولا اعملها، اقدم روحي للموت نفسه ولا أذي حبيبتي بشوكة تسطها حتى .
تمتمت تسعده بكلماتها بعد ان ذهب الغضب عنها:
- بعد الشر عليك متجولش كدة .
ابتسامة رائقة حلت بثغره يشاكسها بالقرص على وجنتها بطرفي اصباعيه:
- دا انا اجول كدة وابو كدة كمان، ولا ان لوله حبيبتي تزعل مني، حبة القلب ونن العين.
ضحكت تقفز بحركات طفوليه لا تحضرها الا معه، لتلف ذراعيها حوله تعبر عن امتنانها ردًا له:
- وانت جلب جلبي من جوا يا معاذ.
جلجت ضحكته يسخر من تعبيرها مشددًا باحتضانها هو الاخر:
- جلب جلبك من جوا، تيجي ازاي دي يا فهيمة؟ انا اول مرة اسمع عنها.
خرجت من حضنه فجأة تشرح له بجدية:
- جلب جلبي يعني المركز، او اعمق حتة جواه، دي اللي انت ساكن ومربع فيها يا ناصح، فهمت بجى؟
وهل كان غبيا ولم تصله من البداية، لا والله، ولكن الشرح منها زاد على تعبيرها روعة دغدغت عاطفته حتى جعلته يريد الصراخ بعشقها، من اعلى قمه في العالم كي يصل صوته الى سائر الكرة الأرضية، وليس بعرض البحر فقط.
حاوط بكفيه على جانبي وجهها يضغط عليهم بشغف مرددًا:
- يا بوي عليكي وعلى كلامك الحلو، طب اعمل فيكي ايه دلوك؟ وانتي عليتي على كل الغزل ولا الوصف اللي اعرفهم في عمري كله بكلمتينك الصغيرين دول، الاقي فين في قواميس الحب كلها اللي يكفي ولا يوفي، انتي طلعتيلي منين يا بت مزيونة؟ طلعتيلي من فين؟
ودنى برأسها يطبع قبلات متفرقة شغوفة على أنحاء بشرتها قبل ان يصل لوجهته الرئيسية بثغرها، فتوقفه بكفها الصغير تمنعه:
- اعجل يا معاذ، احنا في عرض البحر يعني مكشوف لأي حد يشوفنا
وعى لحقيقة وضعهم يوزع ابصاره في الأجواء حولهما قائلا:
- انا مش شايف حد على مستوى عيني وعلى العموم.....
توقف يدنو بجسده ثم يرفعها من أسفل ركبتيها مردفًا:
- احنا برضو ناخد حرصنا ونتحدت جوا براحتنا.
هم ان يتحرك بها لتهتف بمرح:
- معاااذ انت نسيت انك كنت نازل البحر
اجاب سؤالها وخطواته تتسارع نحو وجهته الى داخل اليخت:
- يا ستي عني ما نزلت البحر ولا شوفت ميته حتى، الوقت بيعدي وانا لازم اشبع منك انت الأولى يا جلب معاذ فاهمااني.
- فاهماك
قالتها وانطلقت ضحكاتها حتى اختفيا الاثنان داخل المقصورة ليخطفا مزيدًا من لحظات السعادة الخاصة بهما.
................
عودة إلى البلدة
وقد وقف خليفة يراقب السيارة التي دلفت من مدخل الباب الحديدي ، تخترق محيط منزل العائلة، لتقترب حتى توقفت بالقرب منه، فترجل منها الصغير أبن شقيقه يركض نحوه بتهليل:
- عمي خليفة
تلقاه المذكور يضمه اليه مقبلا رأسه بحنو قبل أن ينقل بابصاره نحو تلك الجميلة التي تقابله بابتسامة رائعة لا تدري بحجم تأثيرها على القلب الملتاع، تحدثه بنبرة عادية كما تفعل دائما لتذكره بتلك الصفة القاتلة التي أخبرته به قديما واجهضت احلامه، بأنها تراه شقيقها:
- عامل ايه يا خليفة؟ أبن اخوك مكانش متحمل حتى الاسبوع معايا قال عشان واحشينه قال.
تبسم في استجابة لها يضم ريان اليه معقبًا:
- عشان راجل والراجل ميبعدتش عن بيته، مش كدة يا واض؟
- كدة يا عمي.
ردد بها الصغير قبل أن يتركهما مهرولا نحو مجموعة من ابناء عمومته، كانت تلعب بالقرب منهم، فخلت الأجواء عليها وعليه.
كان من الممكن أن تكون فرصة جيدة للحديث معها ولكن كيف يحدث؟ وقد بدا واضحا امامه ان ذهنها مشتتًا بالبحث بعيناها حوله ونحو الباب الداخلي خلفه، في انتظار شخص يعلمه جيدًا:
- معلش بجى حمزة مش موجود.
اجفلها بقوله حتى شعرت بالاحراج، لتنكر مبررة:
- لأ انا مش بدور على حمزة، هي الحكاية بس اني اتفاجأت بعدم وجوده، رغم اتصالي بيه قبل ما اجي ابلغه اني هجيب الولد بنفسي، لدرجادي هو مشغول ؟
تلقى سؤالها الاخير بهدوء شديد، يرمقها بنظرة مبهمة، لا يعلم ان كانت تفهمها او لا؟ ولا داعي للتفكير، يكفي ان يذكر نفسه دائما..... انه لا فائدة.
ليجيبها بعد وقت من الصمت، مشيرا بذقنه:
حمزة وصل اهو وبيركن العربية وراكي، ما انتي عارفة كيف معزة ولده عنده
سمعت منه لتلتف خلفها نحو حمزة الذي كان قد ترجل من سيارته ليستقبل صغيره بالمعانقة والتقبيل، قبل أن يتركه اخيرا ويأتي اليهما مرحبا بطريقته:
- يا مرحب يا روان، جاعدة هنا ليه مش تدخلي جوا البيت تسلمي على حريم الدار، ايه هو انتي غريبة؟
جاء ردها بنبرة يتخللها لهفة واضحة:
- لا مش غريبة طبعا، بس ايه الداعي يعني؟ انا وصلت الولد واطمنت عليه وسطكم.
- وافرضي يعني؟ برضو ميمنعش انك تدخلي حتى تسلمي على الحجة حسنية؟
تمتم بها حمزة بمودة، لتبادله الرد بجدال منها حتى تطيل الحديث، متوقعة تطورا ما في علاقتهما الخاملة على نفس الحالة منذ الانفصال، غافلة عن ذلك المتابع لما يجري بين الاثنين بفهم متعمق، ولكنه يفضل الصمت كعادته.
دوى فجأة صوت الهاتف في جيب حمزة، ليخرجه الاخير على الفور ويرفعه الى أذنه مجيبا المتصل من الجهة الأخرى وقدميه تتحرك في الابتعاد عنهما:
- ايوة........... امممم وايه تاني كمان؟.......... بتقول راحت فين؟.......... طب اجفل اجفل.
أنهى المكالمة يعود بالهاتف الى داخل جيب الجلباب، مرددًا بعجالة نحوهما:
- طب معلش بجى، اصل ورايا مشوار مهم وضروري، عن اذنك يا روان البيت بيتك عاد
لم يترك لها الفرصة حتى في الاستفسار، وقد ختم كلماته واختفى سريعا لخارج المنزل، فظلت ابصارها معلقة في اثره بصدمة حتى تحدث اليها خليفة بلهجة تبطنها السخرية:
- مدام طلع بسرعة كدة، يبجى فعلا الأمر مهم، مش هتدخلي بجى مع ريان البيت حتى تسلمي على هالة.... دي اكيد مشتاقة للحكاوي معاكي، ما انتي عارفة بتحبك ازاي!
............................
وصل إلى منزل شقيقته في أقل من عشر دقائق من بعد الاتصال الذي ورده والتحرك مباشرةً، ليضغط على جرس المنزل بعنف حتى فتح له أحد ابناءها، فدلف سريعًا إلى الداخل يخاطبه بعجالة:
- ازيك يا واض، امك ولا أبوك فين؟
- الاتنين جاعدين يا خال.
سمعها منه ولم يعطي اهمية ليكمل باحثًا عما أتى من اجله، فوجد شقيقته خارجة من غرفتها اليه بخمارها الذي تلفه حول وجهها مجفلة بحضوره المفاجيء:
- حمزة! خير يا واض يا بوي.
رد بتحفز وعيناه تجول في المكان:
- خير يا بت ابوي، هي مش مزيونة برضو دخلت عندك هنا؟..... ولا لحقت تطلع يعني انا مش شايفها؟
- مزيونة اااه
تمتمت بها بابتسامة استفزته لتضاعف من حنقه وهي تردف:
- بأه يا حمزة بهزر معاك، على العموم هي فعلا مزيونة عندنا بس جوا في الاوضة مع جوزي
- في الأوضة مع جوزك ! ما تنجي كلامك يا زفتة.
ردد خلفها باستهجان وقدميه تتحرك للذهاب نحو ما أشارت، فتفأجئه في محاولة لاعتراض طريقه:
- وانت متعصب ليه بس يا حمزة ولا ايه الغلط يعني؟ دي مزيونة زي اختي، ثم تعالى هنا، انت مينفعش تدخل عليهم الأوضة اصلا.
برقت عينيه خلف اعتراضها وتلك الجملة الاخيرو التي ترن بإذنه كمسمسار يحك بها ، لتخرجه عن اتزانه:
- هو ايه اللي مينفعش ادخل عليهم الأوضة يا مخبلة انتي؟ طب بعدي من جدامي واجفلي خشمك عشان مصورش جتيل دلوك بعدي
وبرد فعل سريع رددت، قبل ان تغلق بكفيها على فمها :
- تمام انت حر اها.
رمقها بارتياح لفعلها وتوجه مواصلا طريقه، يدفع باب الغرفة إلى الداخل دون استئذان وكانت المفاجأة غير سارة له على الإطلاق.
وذلك حين وقعت ابصاره على الأريكة المقابلة له مباشرة، وتلك السيدتين الجالستين عليها، امرأة غريبة لأول مرة يراها، ظهر على وجهه الزعر كما اجفلت بجوارها مزيونة، ما ارتد عليه بحرج شديد، جعله يبتلع ريقه بصعوبة مبررًا بتقطع:
- اا... انا اسف يا جماعة،فتحت الأوضة وانا فاكر جوز اختى اللي فيها بس......
- ما بسش ولا حاجة انا فعلا جاعد هنا يا ابوريان.
أتى صوت منصور الذي كان بجهة أخرى داخل الغرفة، بعيد إلى حد ما عن السيديتين، بابتسامة خبيثة ينهض ليرفع عنه بعض الحرج:
- معلش يا جماعة اصل حمزة متعود معايا على الهزار التقيل ده،.... اتفضل يا ابو ريان انت مش غريب، دي الست مزيونة نسيبتكم وجمبها الابلة اعتماد زميلتي في المدرسة....
تمنى لو تنشق الأرض وتبلعه، لا يعلم كيف يتصرف في هذا الموقف المخزي، ليتقدم خطوتين نحو الاثنتان بأسف مرحبًا:
- يا اهلا وسهلا بالأبلة اعتماد نورتينا، اهلا يا ام ليلى معلش اعذريني بجى.
أومأت مزيونة برأسها ردا له، يعلو تعابيرها غموض وابتسامة على جانبي ثغرها لم تقوى على اخفاءها، كادت ان تصب بقلبه ابتهاجًا، لولا انتباهه لنظرة المرأة الأخرى والتي كانت ترمقه بشر مطلق وكأنه طالب من طلابها قل بأدبه معها، ليرتد بقدمه للخلف مكررًا اعتذاره:
- طب اسيبكم انا وو...... مستنيك هنا برا يا منصور ماشي
هتف بالاخيرة وخرج سريعًا من امامهم، صافقا الباب من خلفه، يلتقط أنفاسه التي انحاشت في تلك اللحظات العصيبة، يدخل الأكسجين داخل رئتيه، حتى إذا تمالك بأسه، تطلع نحو تلك الغارقة في ضحكات مكتومة بالقرب منه، فانقض يقبض على قماش عبائتها يهزهزها بغل:
- وكمان بتضحكي يا أؤس المصايب انتي؟ ما جولتيش ليه ان في واحدة غريبة جوا؟.
خرج صوتها بصعوبة من فرط ضحكاتها:
- طب.... طب وانت اديتلي فرصة،،،، ما انا كنت عايزة اقولك بس..... بس انت اللي دخلت مستعجل وقولت اخرصي.....
غض بأسنانه على شفته السفلى يزيد من هزهزتها:
- لا وانتي بتسمعي الكلام جوي، دا برضو مغرز تعمليه فيا انتي وجوزك.
خرج الاخير على مشهدهما، ليسارع على الفور بالتدخل حاجزًا ومدافعًا عن زوجته:
- وماله جوزها بس يا عمنا؟ شيل يدك عنها يا حمزة، هي حملك اصلا.
نجح سريعا في ابعادها عنه بعد ان تركها حمزة بإردته
ليصب اهتمامه عليه مغمغمًا بخطورة:
- عندك حق، هي فعلا متتحملش، لكن انت بجى تتحمل وتستاهل.
وما كاد ينهيها حتى قبض بكفيه على عنقه مردفًا:
- شكلي هخش فيك اللومان يا منصور، عشان مصر تطلع عليك شيطايني.
بابتسامة مستترة رغم ألم القبضة الحديدية حول عنقه:
- طب وانا عملتلك ايه بس يا بوي؟ هتموتني وتيتم عيالي كدة من غير سبب.
تدخلت منى تلكم شقيقها على ساعده تنهيه:
- حمزة انت مش حاسس بنفسك، ارفع يدك عن منصور احسنلك، الكلام ده مفيهوش هزار.
- ومين قالك اني بهزر
تمتم بها، ورفع كفيه عن منصور مستطردا بغضب حقيقي:
- انتي وجوزك تستاهلوا اللي يتعمل فيكم، بس لما افضالكم، المهم دلوك انا عايز اعرف ايه الحكاية، مزيونة جات هنا ليه؟ ومين المرة المكشرة اللي معاها جوا؟
اعترض منصور رغم الابتسامة التي غلبته:
- المرة المكشرة! عيب عليك يا حمزة، أستاذة اعتماد دي ست فاضلة.
حدجه بنظرة نارية:
- وانا هتجوزها ياض؟ انا عايزة اعرف هي هنا ليه؟
- وانت تطول؟
غمغم بها بمشاكسة جعلت حمزة كاد أن يفتك به هذه المرة لولا منى التي لحقت تجيبه قبل أن يقضي على زوجها:
- جايبها عشان تدرسلها وتتفق معاها على المواد والحاجات المطلوبة منها قبل ما يدخلو في الجد ، ما هو جالك المرة اللي فاتت انها هتكمل سنتها الاخيره في الاعداية.
اومأ بتفهم يستوعب كلماتها، ليستدرك فجأة على شيء ما، جعله يعود ناظرًا بشر نحو صهره:
- معنى كدة انك عملت الإجراءات ورجعتها للدراسة من تاني .
- ايييوة .
تفوه بها منصور بعفوية كادت ان تؤدي لهلاكه مرة اخرى حين باغته بالقبض تلابيب جلبابه هادرًا بصوت خفيض يشبه الفحيح:
- عملتها برضو من غير ما تبلغني، وانت عارف اهمية الأمر بالنسبالي ايه؟
همت منى ان تفصلهم مرة اخرى ولكن منعها الصوت الذي أتى قريبا منهم، ينبيء بخروج الاثنتان من الغرفة،
ليلحق حمزة ويتركه سريعا، ليعدل من هيئته، يتابع شقيقته التي حاولت منعهما:
- ايه ده ايه ده؟ انتوا طالعين من غير ما تبلغوني؟ هو انا لحقت اجعد معاكم يا ست انتي وهي .
جاء رد مزيونة بابتسامة ساحرة كعادتها اما الاستاذة اعتماد فقد وجهت نظرة حانقة نحو حمزة قائلة:
- معلش يا حبيبتي وجت تاني ان شاءالله، انا اصلا ورايا مشاغل كتير والايام لسة جاية كتير عن اذنكم
وتحركت ذاهبة تتبعها منى في الإلحاح لتمنعها من المغادرة، اما منصور فقد حاول معها برزانتها المعهودة ليتركا المجال لهذان الاثنان، وقد خجلت مزيونة من الخروج على الفور، فبادرها هو بحديثه:
- شكل الابلة اعتماد خدت فكرة عفشة عني، رغم اني اتأسغت وجولت اني مش جاصد
تبسمت قائلة بمرح:
- معلش اديها عذرها، الست جد جوي ومعندهاش تهاون.
تبسم يعقب بطرافة:
- وانا حظي ميجيش غير معاها، ياللا بجى، المهم انتي هتعرفي هتتعاملي معاها كيف؟ وهي خشنة كدة.
لم تعجبها الاخيرة منه فردت بنوع من العتاب:
- ابلة اعتماد مش خشنة ولا حاجة، هو بس قرف الشغل وهموم الدنيا اللي بتطفي الست، مع حمل المسؤولية اللي يخليها مش طايقة نفسها، انا جعدت معاها وفهمتها رغم حدتها في الحديت احيانا ، بس الظروف القاسية تعمل العجب في البني ادم
شعر بغصتها التي أصابت قلبه، تعاطفها الشديد مع المرأة ما هو إلا انعكاس للقهر الذي تعرضت له على مدار عمرها الصغير، ياليتها تعطيه الفرصة ليعوضها عن كل ما فات.
- شكلي مخربط النهاردة من كله، ابلة اعتماد ست الستات كمان يا ستي ولا يهمك، انا كل تركيزي معاكي انتي بصراحة، مع ان زعلت انك جصدتي منصور في موضوع أجدر انا احله برنة تليفون، رجوعك للدراسة دا احب ما عليا، انك تعيشي لمزيونة وتعوضي كل اللي فات منها، دي حاجة مش هينة واصل عندي.
طغي اللون الوردي المحب على وجنتيها وبعض المناطق من بشرتها وهي تبرر له:
- ما هو انا مش هعرف بعلاقاتك يعني، انما الاستاذ منصور مدرس وعارف الإجراءات، وعلى العموم ملحوقة ان شاء الله، لو عوزت اي حاجة مش هتأخر ان اقولك.
- ياريت انه ميبجاش كلام وبس عشان ترضيني، انا اخدمك بعيوني ، بس انتي أشري.
قالها بصدق جلي، تصرخ به العيون ويصل إلى قلب العاصي مباشرةً، ولكنها كالعادة تتهرب منه ومن أي نقطة التقاء بينهما، فترد بروتينة وتحفظ:
- تشكر يا ابو ريان، دا عشمنا دايم فيك، افوتك بجى واروح على البيت.
قالتها وهمت بالتحرك ولكنه اوقفها بمرواغة:
- جوام كدة، دي حتى الحجة تزعل منك لو طلعتي من غير ما تاخدي واجبك، انتي نسيتي انك بقيتي من اهل البيت؟ دي حتى تبجى عيبة في حقها.
بابتسامة عذبة ردت تعارضه:
- لا طبعا منسيتش، بس انت نفسك جولت اني من اهل البيت، يعني الواجب يتأجل في وقت تاني، ورايا عشا العرسان اللي هيوصلوا بكرة ان شاء الله، ومرة اخوي زمانها مستنياني في البيت تساعدني هي كمان، فوتك بعافية بجى .
- الله يعافيك يارب
تمتم يتبع اثرها براحة اكتسحته من الداخل، يذكر نفسه ان القرب منها يوما عن يوم يحدث، ومادامت ليلى من الغد سوف تصير أمانته، فهذه وحدها بادرة ليست بالهيئة في طويق الوصول إلى قلبها.
..........................
مساءًا
وفي عرض البحر ، على سطح ذلك اليخت الذي كان كان يبيتان ليلتهما الاخيرة به، يخبئها بحضنه تحت السماء الصافية بنجومها الشاهدة فقط عليهما يلف حولها شال كبير كالغطاء.
لا احد ولا بشر سوى هي وهو في عالم لهما وحدهما، يتنعما بليلتهما الاخيرة قبل العودة إلى أرض الواقع وما ينتظرهما من مسؤوليات.
وقد كان حديثهما الان عنها:
- بكرة هرجع للمذاكرة وقرف الثانوية من تاني يا معاذ، ياما كان نفسي الاجازة تطول اسبوعين ولا شهر حتى .
تبسم يشدد على ضمها اليه بذراعه مرددا:
- اسبوعين ولا شهر يا ليلى، انا نفسي عايز العمر كله، مش هاين عليا والله نرجع، انتي تنشغلي بدراستك، وأنا كمان اسبوع ولا اسبوعين وارجع شغلي في القاهرة، هسيبك كيف بس؟ مش عارف اتجبلها والله ما جادر اتجبلها
جلجلت ضحكتها خلف صياحه الاخير لتعقب في الأخير بلهجة خالية من العبث، تتمسح كالقطة بصدره:
- حتى لو مش عايزين لكن مضطرين غصب عننا نقبل، انت تسافر كل أسبوع ولا اسبوعين، وانا احط همي في المذاكرة عشان اجيب المجموع اللي بتمناه، دا اختيارنا من الاول ، ولازم نتحمل نتائجه....... تفتكر هنجدر يا معاذ.
رد بثقة يشملها الحماس ناظرًا بعيناه داخل خاصتيها:
- الوصف الصح هو اننا هننجح، دا اللي لازم تبجي متأكدة منه، انا وعدتك كتير وبكرة تشوفي لما اوفي .
ظلت تتأمله بصمت أبلغ من إلف كلمة، دائما ما يطمئنها، دائما ما يقويها بكلماته، يبث اليها أجمل مشاعر الحب والدفء التي كانت تتمناها، هو فارسها وحبيبها الذي حلمت به وكافئها الله به في الحقيقة.
- معاذ انا بحبك جوي
تلك العبارة التي تختم بها كل لحظة من لحظات الحب بينهما، ويبادلها الرد بعملية، فيدنو برأسه منها يقتطف ثغرها بقبلاته الشغوفة مرددًا:
- وانا بعشجك يا جلب معاذ، بحبك يا بت.
تمنعت بدلال كالعادة:
- تاني يا معاذ هفكرك، احنا على السطح المكشوف
توقف ناظرا اليها بصمت، ليأتى بفكرته العبقرية سريعا يرفع الشال ليغطي وجهها ووجه، قائلا:
- كدة بجى محدش شايفنا، يبجى ناخدو راحتنا
وكان ردها ضحكة عالية قبل أن تستجيب اليه، وتسرق معه وقتها من السعادة
.....................
وداخل محبسه في غرفة الحجز التي أصبحت مقره منذ فترة ليست بالقليلة بفضل ذلك الفاسد والذي تفاجأ به يدلف إليه الان دون خوف او قلق، وكأنه ابتلع حبوب الشجاعة، ليعلق متهكمًا في استقباله:
- جاي لحد عندي برجليك، مش خايف يا حلو لا اتهجم عليك وارجدك في المستشفى زي المرة اللي فات .
جاءه رد عطوة بثقة تثير الدهشة:
- وماله يا عرفان اعملها لو عايز، بس ساعتها هتبقى انت الخسران،، جولت بنفسك ان جايلك لحد عندك، يبقى اكيد عندي كلام مهم اجوهولك .
اعتدل عرفان عن جلسته على الارض، ليقف بجسده الضخم مقابلا له:
- كلام ايه يا روح امك اللي متشجع وجاي تتحفني بيه؟ اسمع يا واض اما معنديش وقت للعب التعايين وحوارتك المكشوفة، اللي اعرفه هو انك تشهد بالحقيقة واطلع براءة من تهمة الزور اللي ورطتني فيها، غير كدة مش عايز.
وبهدوء شديد جاء رد عطوة الذي لا يغلب في حيله:
- والله لما تسمعني اكيد هتلاقي الحل اللي يريحك. انما لو مش عايز خلاص، ارجع بجى لمكاني احسن .
صمت عرفان يطالعه بصمت دام للحظات مضيقا عينيه بتفكير متعمق، لكن سرعان ما قطعه قائلا:
- تمام، اشتري منك واشوف اخرتك ايه؟ جول يا وش الفقر، غني واشجيني، قبل ما ارجع في كلامي
....يتبع
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا