رواية هيبة نديم وليلي الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الخامس والعشرون 25 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل الخامس والعشرون 25 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل الخامس والعشرون 25 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل الخامس والعشرون 25

رواية هيبة نديم وليلي بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الخامس والعشرون 25

_ أبعد من النجوم! _ :
راحت السيارة تنهب الطريق في صمتٍ ثقيل، لا يقطعه إلا صوت المحرّك المنتظم، كنبضٍٍ رتيب داخل صدر مريض يحتضر ..
كانت "ليلى" ساكنة في المقعد الخلفي، ملقاة ولا زالت غائبة عن الوعي، جفناها يتحركان ببطء، كمن يصارع الغرق من حلمٍ ثقيل نحو السطح ..
بدأت تحسّ بثقل جسدها، التنميل يكمُن في أطرافها، والضباب يعشش في عينيها .. 
الرؤية أمامها مشوّشة، خطوط الأشياء مهزوزة كأن الزمن نفسه يهتزّ.. وتوقّفت السيارة فجأة ..
لحظة صمت قصيرة تسبق فتح الباب ..
انفتح بجانبها، ومن الظلال برز هو، ذلك الكائن الضخم المألوف الذي حملها بين ذراعيه كما يُنتشل الغريق من بحرٍ لا قرار له، لم تُبدِ مقاومة، ولا استطاعت، فقط شعرت بجسده يتحرّك بثبات، خطواته تخترق الأرض بثقة باردة ..
دخل بها إلى مكانٍ ما، الضوضاء من حوله كانت عبارة عن أصواتٍ مكتومة تحت سطح الماء، حتى اخترق أذنها صوتٌ واضح، غاضب، لأنثى تحمل في نبرتها لهب المواجهة:
-عملت إللي في دماغك وجبتها بردو يا زين؟
لم يلتفت، لم يتباطأ، فقط ردّ بصوتٍ خالٍ من الانفعال:
-أنا ماعملتش غير إللي أمر بيه جدي.. وأوامر جدي سيف على رقبتي بنفذها.
-عمتك غنيمة على وصول! أول ما عرفت والدنيا قايمة. وكمان سليمان مقوّم العيلة كلها وبيقول لو الناس عرفوها يبقى لازمًا تتقتل!
-عمتي غنيمة منها لجدي!.. قالها ببرودٍ أكثر، كمن يلقي حجراً في ماء راكد وتابع:
-وزيها سليمان لو عرفوا يقفوا قصاده يتفضلوا يوروني هايعملوا إيه. لكن دلوقتي رجوع ليلى ووجودها في البيت ده أمر واقع.. وكلكوا مجبورين تقبلوه.
ولم يُضِف كلمة ..
تابع السير، وصعد بها درجات طويلة، كل درجة كأنها تكشف طبقة من الغموض، من المصير المحتوم ..
وصل أخيرًا إلى وجهته، فتح باب غرفة واسعة غمرها هدوء كثيف ودفءٍ ملموس، وضعها برفقٍ فوق سرير وثير، كأنها زهرة تُعاد إلى تربتها بعد عاصفةٍ طال أمدها ..
تراجع خطوتين. تنفّس أخيرًا دون أن يرفع أنظاره عنها، الآن بدأ الفضول يتملّكه لرؤيتها بوضوح، تلك الفتاة من دمه لكنه لم يعرف بها إلا مؤخرًا ..
كما يرى ويعرف أيضًا، فإنها موضع نزاعٍ بين عائلته والرجل الذي كنفها، وهو ليس والدها بالتبنّي كما المتوقع، بل إنه الرجل الذي تربّت وترعرعت بمنزله وشبّت تحت رعايته، الرجل الذي أسترد ثمن كفالتها غاليًا قبل أن يختطفها "زين" اليوم.. "نديم الراعي" ..
ألد عدو لعائلة "نصر الدين" الآن، ليس لأنه هتك عِرض ابنتهم ولوّثها فقط، بل أيضًا لإصراره على النيل منها، وعدم تركه لها بعد كل ما فعله، يريدها لنفسه بعد أن حقق أطماعه بها، إنه لا يريد بهذا إلا تحويلها إلى عاهرة تحت يده في أيّ وقت، تعيش بمنزله، تكون بمتناوله وقت يشاء، وفي سريّة دون أن يشكّ أحد بأمره ..
ولكن هيهات!
ما كان "زين" ليسمح بذلك، إن لم يكن قد تمكن من أخذها اليوم بسهولةٍ، كان ليقتحم حصن "الراعي" وينتزعها من قبضته عنوةً وهو ينظر بعينيه، ما كان لشيء بقادر على منعه من تحقيق مأربه هذا إلا الموت ..
والآن.. صارت "ليلى" بحوزته.. عادت إلى عائلتها حتى ولو تلطّخت بوحل الخطيئة.. صارت أبعد من النجوم لكي يطالها "نديم".. ولن يقدر ..
عبس "زين" وهو ينظر إليها عن كثب، إلى جفنيها المرتعشين، إلى وجهها البريئ الذي بدأ يستعيد ملامحه، كأنها تخرج من غيبوبة طويلة ..
كانت على وشك الاستيقاظ ..
راقب جسدها يتململ بثقلٍ، أنينٍ خافت ينبعث من صدرها، ثم جفناها يتباعدا ..
في نفس اللحظة التي أقتحم فيها "رياض نصر الدين" الغرفة لاهثًا، كأنه قطع المسافات إليها مسابقًا الزمن ..
تعلّقت نظراته بحفيده أولًا، يرمقه بنظرة فخرٍ واعتداد، ثم صوّب ناظريه إليها ..
جمد لوهلةٍ حابسًا أنفاسه، خيّل إليه للحظة بأن تلك الراقدة هناك فوق السرير ليست سوى ابنته الصغيرة "دهب".. ابنته التي كانت في وقتٍ خلى أقرب أبنائه إلى قلبه وأحبهم إليه قبل أن تهون عليها كرامته ..
كانت الفتاة نسخةً من أمها، عدا الشعر المصبوغ بشقرة باهتة بشرتها البيضاء، كانت "دهب" مائلة للسمرة أكثر ..
لكنها حتمًا تحمل دمائها، وملامحها بلا استثناء، كانت هي ...
-نديم!
كان أسمه هو أول أسم تنطقه فور صحوتها ...
______________________________________________
الهواء في الباحة كان كثيفًا، زوبعة ضبابية في الأفق، كأنه مشبع بدخانٍ لا يُرى ..
الحرس يتحركون في كل اتجاه، و"نديم" واقفٌ في المنتصف، كبركان على وشك الانفجار، نظراته حادة، وجهه مشدود، والعرق يتسلل من صدغه كمنبّه على الحريق الذي يشتعل داخله ..
هرول نحوه فردان من رجاله، أنفاسهما متلاحقة، وملامحهما مشوّهة بخوفٍ من غضبٍ ينتظرهما ..
-لاقيتوها؟.. خرج السؤال من فم "نديم" كلسعة سوط
-مالهاش أثر يا باشا!.. ردّا وهما يحاولان ترتيب أنفاسهما
كان "مهران" بجواره، عيناه متوجستين من العاصفة المترتب عليها هذا الجواب، وقبل أن تنفجر، وضع كفه على كتف "نديم" بقوة أمر للحرس بحدة:
-دوروا تاني. اطلعوا بالعربيات وفتشوا المنطقة حتة حتة.. هاتوها لو تحت سابع أرض.
هزّا رأسيهما بطاعة، وانطلقا من جديد كمن يهرب من سكينٍ فوق عنقه على وشك الهبوط ..
التفت "مهران" صوب "نديم" قائلًا وهو يحاول أن يحقنه بشيء من الاتزان وسط تلك الفوضى العارمة:
-اهدى يا نديم!
استدار إليه "نديم" والنار تشتعل في عينيه، نبرته تنذر بجهنم تحت أنفاسه:
-اهدَى؟ ليلى اتسرقت مني.. ليلى يا عمي. ازاي بتطلب مني أهدى؟
-بطلب منك تهدا عشان مافيش قدامك اختيار تاني. الغضب هايعمل إيه؟ احنا مانعرفش هي فين أصلاً!
انفلتت أعصابه الان، صرخ بضراوة وقد مزّق صوته الهواء:
-لأ أنا عارف هي فين. أكيد هو إللي خدها. رياض نصر الدين دخل بيتي. غفّلني وخطفها من ورا ضهري. هو إللي خدها يا عمي.. بس أقسم بالله ما هاسيبه. مش هاسكت على كده زي ما هو فكر ده بيحلم!!!
-يابني محدش قال هانسكت. هو انت مفكر ليلى دي تخصّك لوحدك؟ دي بنتي. دي مكتوبة على أسمي. كل حاجة في صفنا. بس بالهداوة. مش كده يا نديم!
نديم وهو يكاد يشتعل فعليًا وقد تضرج وجهه بحمرة قانية:
-مافيش هداوة! الراجل ده كان هايقتل بنته! كان هايقتل ليلى نفسها لولاك انت ..
وبتر عبارته مرددًا وهو يمرر نظره في الفراغ يمنى ويسرى:
-ده كمان عرف. عرف إللي عملته معايا… يعني هايقتلها! هايقتل ليلى يا عمي! ده أنا اقتله هو وعيلته كلها قبل ما يفكر يلمس منها شعرة!
وانطلق فجأة نحو البوابة، كأن كل شيء بداخله يدفعه للهجوم الآن بغير انتظار لحظة أخرى، لكن "مهران" لحق به مسرعًا قبل أن يبتعد كثيرًا، أمسكه من ذراعه بقوة، نبرته صارمة وصلبة وهو يهتف به:
-نديم! استنى هنا. إللي بتقوله ده مش هايحصل. رياض نصر الدين مش نيته يقتل ليلى.. لو كان لسا شايفها عار ماكانش جه وطالب بيها حتى بعد ما عرف بغلطتها معاك. كان سابها لنا ورحم نفسه من الفضيحة. لكن مش هايقتلها. صدقني مش هايعملها.
لم يهدأ "نديم" مثقال ذرة وهدر بخشونةٍ:
-أنا مش بسلم دماغي للصدف.. أنا مش هفضل واقف مكاني وماعرفش عنها حاجة!
ثم صاح بينما غضبه يفيض على كل شيء كوحشٍ مسعور:
-أنا عملت كل حاجة عشان أضمن إنه هايبعد عنها! كل حاجة! وفي الآخر عرف ياخدها مني؟ يخطفها من بيتي؟؟؟؟؟
في تلك اللحظة.. انضم إليهما فردٌ آخر من العائلة ..
جاءت "مشيرة" زوجة "مهران".. خرجت من الداخل.. وجهها يحمل طيفٌ من النعاس وقلقًا كبيرًا وهي تتساءل بريبة:
-إيه اللي بيحصل؟ في إيه يا مهران؟ صوت نديم جايب البيت كله أنا صحيت مفزوعة!!
أدار "مهران" وجهه ناحيتها، نظرته كئيبة، ممتلئة بالضيق، ولم يرد ..
لكن "مشيرة" لم تكن بحاجة لرد، بنظرة واحدة إلى عينيّ "نديم".. وإلى الصمت المطبق.. استدلت الحقيقة دون كلمات ..
-ليلى طبعًا! .. تمتمت بصوتٍ خافت وهي تهز رأسها بإدراكٍ
ما من سواها بقادر على زعزعة تماسك الرجل الأكثر صلابة الذي رأته "مشيرة" طوال حياتها.. ما من سوى "ليلى" وحدها بقادرة على تحويل هذا الرجل إلى مجنونٌ بها.. ومجرد خاتمٌ بإصعبها.. رغم جبروته وصورته الحازمة أمام بقيّة العائلة قبل الناس جميعًا بالخارج ..
وسكن الهواء لثوانٍ، كأن البيت كله يحبس أنفاسه.. البيت الذي كأنما افتقد استقراره للتو بفقدان "ليلى" ...
_______________________________________________
الغرفة غارقة في سكون ثقيل، لا يُسمع فيها سوى صوت أنفاسٍ راكدة، وأنين قلبٍ موشك على الاستيقاظ ..
بدأت "ليلى" تتحرك ببطء، أجفانها ترتعش، وجهها غائم من أثر النوم الثقيل والدوّار المستمر، حاولت أن تفتح عينيها، فارتبكت الصورة أمامها للحظات .. 
ظلال تتحرّك فوق الجدران، سقفٌ غريب، ورائحة غير مألوفة ..
ينطلق أسمه مرةً ثانية من بين شفتيها، أول ما نطقت، وكأن الاسم محفورٌ في قلبها ويسبق لا وعيها:
-نديم ..
تصلّب "زين" أكثر بنطقها لأسمه مرةً أخرى، واقفًا بجانب السرير الآن، و"رياض" بجواره مستندًا إلى عصاه ذي الرأس الفضّي ..
صدره يتأجج بنارٍ غير مرئية، الغضب في عينيه لم يكن مجرد لحظة مكتسبة، بل تاريخًا، كل نظرة يوجهها نحو تلك الفتاة لا تخلو من مرارة الندم لتركها بلا حماية بين براثن العالم بقبحه وغدره، ولا من لهيب الغيظ تجاه من أفسد شرف العائلة وأستغلّها أحطّ استغلال ..
-نديم! .. تنطقه للمرة الثالثة وقد استعادت وعيها كاملًا 
شدّ "زين" فكه، وكأن الاسم الذي نطقت به "ليلى" مجددًا أهان كرامته علانيةً ..
أدارت "ليلى" رأسها مصطدمة برؤية وجوهٍ غريبة، نظرتها بدأت تستعيد وضوحها كليَّةً، وبدأت تدرك واقعها ..
تلفّتت حولها بخوفٍ، جسدها ما زال ضعيفًا، لكنها دفعت نفسها للأمام قليلًا، واستندت إلى يديها المرتعشتين وهي تقول بصوتٍ واهن:
-إنتوا مين؟ أنا فين؟
ثم وبنبرة مرتعشة أعلى، تناديه كأنها تبحث عن طوق نجاة:
-نديـم؟.. يا نديـــم!!! 
لكن صوتًا آخر قاطعها بحدة كالسيف …
-مابقاش في نديم يا حلوة!
كان صوت "زين" غليظًا، قاسيًا، لا يرحم وهو يستطرد بقساوة:
-انتي تنسي الاسم ده خالص. وإياكي أسمعك تنطقيه من اللحظة دي. سامعة؟!
انتفضت "ليلى" من على السرير، دموعها انسابت بلا إذن، قامت بصعوبة، تتراجع للخلف حتى التصقت بالحائط، وكأن الحائط وحده هو السند الأخير الذي يحميها من التداعي أمام هؤلاء ...
-إنتوا مين.. عايزين مني إيه.. أنا ماعرفكوش.. فين بابا.. فين نديم.. أنا عايزة نديم.. يا ندييييييم ...
صرخ "زين" بصوتٍ وحشي وهو يخطو نحوها خطوة مُهددة:
-لو نطقتي اسمه تاني. هاخليكي تندمي ندم عمرك!
جسدها بدأ يرتعش، الدموع انهمرت أكثر من عينيها.. أين قوتها؟ أين ذهبت ناريتها التي لطالما جابهت بها ابن عمها المتسلّط؟
لماذا لا تستطيع مواجهة هؤلاء؟ لماذا يرعبونها هكذا؟
انبعث صوت بكاءها المكتوم كأنها طفلة ضائعة في كابوس لا أفق له، ولا نهاية، وفي تلك اللحظة، خرج "رياض" عن صمته أخيرًا ..
صوته هادئ، لكنه ملييء بالصرامة المبطنة وهو يقول:
-زين!
نظر إليه "زين".. لم يزده تعبير "رياض" الصارم إلا صمتًا ...
-هملّني معاها لوحدنا… يلا يا ولدي!
أدار "زين" رأسه بتردد، ثم انصاع أخيرًا، خرج من الغرفة وأغلق الباب وراءه ..
وسكنت الأجواء من جديد ..
صارت "ليلى" وحدها، وجهاً لوجه مع رجل عجوز لا تعرفه، لكنه يحدّق فيها وكأنه يعرف كل تفاصيلها، وكأنه يعرفها هي شخصيًا ..
اقترب منها على مهل، صوته أكثر ليونة الآن وهو يخاطبها:
-ماتخافيش.. انتي هنا في أمان.
سألته بعينين واسعتين من الخوف والارتباك:
-إنت مين؟
وقف أمامها، الفاصل بينهما مجرد خطوتين، نظرت إلى ملامحه الخشنة التي لم ترى مثلها من قبل، لكنها تحمل شيئًا من ماضٍٍ لم يُدفن بعد ..
قال بهدوء: أنا رياض نصر الدين.. بتّي تبجى دهب إللي هي أمك الحجيجية… يعني أنا أبجى جدك!
استقرت الكلمات في أذنيها كصفعة صامتة، لكن صداها دوّى في أعماقها بشدة، وزلزلها للحظاتٍ وهي لا تزال تحملق فيه بقوة غير قادرة على الرد!............................................................................................................................. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبــــــع ...

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا