رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل السادس والعشرون 26 هى رواية من كتابة سعاد محمد سلامة رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل السادس والعشرون 26 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل السادس والعشرون 26 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل السادس والعشرون 26
رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل السادس والعشرون 26
منذ أن عادوا من المشفى،اتخذت جود
من النوم سبيلًا للهروب من قسوة ما تشعر به من خسائر متلاحقة انتهت كُل طاقتها على التحمُل، أنهكت روحها وهي تُجاهد للتماسك كي لا تصرخ… صارت تغفو ساعات طويلة بلا وعي، لا راحة فيها ولا أحلام، فقط ظلامٌ كثيف يُغلف عقلها وقلبها
حتى وجنتاها، اللتان كانت تحملان يومًا بقايا ابتسامة، خفت لونهما وتيبّس الشعور فيهما،تشعر كأن الحياة انسحبت منهما … لا تود أن تجيب على أسئلة من حولها حتي عن صحتها، كل ما تريده أن يتوقف الزمن، أو على الأقل يتوقف ذلك الألم الذي ينهش وجدانها،خسارتها ليست هينة
خسرت جنينها الذي لم تنبت به الروح بعد…ربما أخذ روحها هي معه… شعور مرير، قلبها نبض للمرة الأولى… إحساس لشخص خاطئ… هى دُمرت ليس فقط معنويًا فقدت الإحساس لا تشعر ولا تود أن تشعر.
غص قلب وجدان من حالة جود… كأن الحظ يتكرر مرة أخري معها
زواج فاشل
لا فرق بين
حاتم ونوح
الإثنين لا يُقدران مشاعر من معهم، يتعاملان بقسوة، وإن كان حاتم أسوء من نوح
نوح لم يكُن
مخادعً ولا مُنتقم مثل حاتم…
تنهدت بأسي صغيرتها الرقيقة كانت أسوء حظً منها… فقدت جنينها …تقبلت ذلك بـ ربما ذلك رحمة من الله عليها لا يكون بقايا رابط بينها وبين حاتم ويخرج من حياتها ومعه الألم.
تركت وجدان جود نائمة وخرجت من الغرفة، تقابلت مع كوثر التي مثلت الحزن قائلة بنهجان من أثر صعودها السلم:
فين جود.
أجتبتها وجدان:
نايمة.
تنهدت كوثر بأسي مُصطنع:
هو إيه اللى حصل لها، وبعدين فين جوزها.
ردت وجدان:
معرفش، عدم وجوده أفضل.
زفرت كوثر بحقد:
بدل ما يحمد ربنا إنه ناسب نسب مكنش يحلم بيه، يسيبها كده وميسألش عنها هو…
قاطعتها وجدان بحسم:
بلاش السيرة دي، وجود مش لوحدها، أنا وطوفان جنبها.
بحقد تفوهت كوثر بتحريض:
طوفان المفروض كان يعمل زي حاتم ما عمل فى جود، دُرة مش بنت خال حاتم.
زفرت وجدان بغضب قائلة بحسم:
“ولا تزر وازرة وزر أخرى”
ربنا قال إكده وبعدين قولت بلاه الحديت ده كفاية.
ارادت كوثر نفخ النار لكن حكمة وجدان كانت الفائزة.
❈-❈-❈
بمنزل عزمي
دلف إلى المنزل بخطوات هادئة، مزاجه هادئ بل صافٍ ، حتى أنع يُدندن إحد الأغنيات الفلكلورية الشهيرة بنغمة خفيفة على لسانه…
لكن سرعان ما خفتت ابتسامته، وتأفف في صمت حين وقعت عيناه على سامية، بوجهها المتجهم كعادته. تمتم باستنكار وهو يمر بجانبها:
ـ بومة… متعرفش تضحك ولو مرة فوشي.
بينما سامية، رمقته من طرف عينها، ورفعت حاجبًا في سخرية وغضب كان مكبوت وأعطت له الصراح قائلة بإستهجان:
داخل الدار رايق وبتغني ومتغرفش المصيبة اللى احنا فيها.
إستغفر بين نفسه ثم نظر لها باستفسار سائلًا بنزق:
يا ساتر يارب، خير، إيه هي المصيبة.
بغضب يزداد أجابته:
طبعًا قافل موبايلك ومروق دماغك والدنيا تضرب تقلب ولا فى دماغك، أنا اللى شايلة هم الدار ده.
نظر لها بحنق مُتهكمً سائلًا ببرود عكسها:
طول عمرك سدادة… إيه هي المصيبة اللى حصلت.
بغضب عارم أجابته:
إبنك وليد الشرطة جت وخدته من الدار.
رغم بروده لكن إدعي اللهفه سائلًا:
وخدته ليه، عمل إيه تاني.
نظرت لها بإستهجان قائلة:
معملش حاجه، إنت ليه مفكر إن إبنك الإجرام فى دمه،اللى خدته هي شرطة الجيش…إتصلت عليك وعلى اخويا أنتم الاتنين موبايلاتكم خارج الخدمة … خدوه مقدرتش أمنعه لو شوفته وهمت بياخدوه قلبك هيتقطع عليه… مش قادرة انسي منظره وهو بيستنجد أنه ميروحش معاهم، إنت لازم تتصرف وتشوف حل للمصيبه دي أنا عاوزه إبني يرجعلي.
نظر لها بإزدراء لكن تفوه عكس إرادته:
تمام انا هتصل أشوف إيه حصل، يمكن فى غلط فى الموضوع.
بغضب تفوهت:
تتصل على مين، إنت تروح تشوف خدوه فين وتجيبه أنا عاوزه إبني مش كفايه قبل إكده إتحبس شت شهور مع المجرمين.
تهكم لكن أظهر عكس ذلك، ثم غادر فقط ليبتعد عن وجهها.
بالاعلى بغرفة والديه
تسحب ريان للغرفة يترقب حوله يمين ويسار، حتى دلف الى الغرفة وارب الباب ثم ذهب نحو تلك الخزنه الصغيرة، حاول فتحها لكن فشل… وقف يزفر نفسه بغضب، بنفس الوقت دلفت سامية وجدته إندهشت من وقوفه سألته باستفسار:
واقف كده ليه يا ريان.
تعرق وجهه وإرتبك قائلًا بتعلثُم:
انا… أنا… كنت… كنت…
رغم الارتباك الواضح عليه وتعلثمه لكن لم تهتم بذلك ظنت أنه يريد شيء ويتردد فى طلبه… إقتربت منه ربتت على كتفه قائلة:
قول عاوز إيه انا دماغي هطير مني… بسبب أخوك.
توتر قائلًا:
كنت محتاج مبلغ مالي…
توقف للحظات ثم برر طلبه:
عاوز أحجز كُتب الجامعة.
جلست على الفراش تشعر بإنهاك قائلة:
والمبلغ ده قد إيه.
أجابها بقيمة المبلغ المُبالغ فيه، لم تعترض ونهضت نحو تلك الخزنة، لاحظ تلك الأرقام التى فتحتها بها وسحبت له قيمة ما طلبه… ثم اعادت إغلاق الخزنه… ظل ريان يُحملق بالمال الكثير الموضوع بالخزنه كذالك بعض المصوغات الخاصة، بها عقله حفظ تلك الارقام، وعاود يتذكرها حتى يحفظها…لم ينتبه الا حين مدت يدها له بالمال قائلة:
الفلوس ايه يا ريان انا عاوزاك تتجتهد فى الجامعه متبقاش زي الثانوية وتاخد السنة فى اتنين.
أخذ المال منها قائلًا بمهاودة:
حاضر متقلقيش.
بمجرد أن لمس المال توجه نحو باب الغرفة مغادرًا… بينما عادت سامية تجلس تشعر بانهاك وغضب تنتظر إتصال من عزمي.
بينما خرج ريان من الغرفة متوجهًا الى مغادرة المنزل، لكن قبل ذلك جلس فى سيارته يضرب رقم هاتفي قائلًا:
جبت مبلغ محترم عاوز حاجه محترمة اتكيف بها.
****
وعلى الناحية الاخرى كانت ضحكة ظفر تدوي وهو يقول:
قولتلك هيرجع مدمن وأهو.
ولخباثة الآخر ضحك هو أيضًا قائلًا:
برافوا عليك، عاوزك تطمعه، فترة بس وبعد كده مهما دفع ممنوع تطاوعه، عاوزه ينتهي عالبطئ.
❈-❈-❈
مساءً
عاد طوفان الى المنزل
تلاقي مع شكرية التى تبسمت له، سألها:
الحجة وجدان فين.
أجابته:
شوفتها من شويه كانت داخلة أوضة جود، تحب أحضر العشا.
أومأ راسه بـ لا … صعد السلم توجه نحو غرفته أولًا… توقع وجود دُرة لكن كانت الغرفة خالية… تنهد بغيظ جذب هاتفه قام بإتصال سمع جواب الآخر زفر نفسه بجمود اغلق الهاتف… توجه نحو الحمام أخذ حمامً باردًا ربما يزيل عن كاهله بعضًا من التوتر والضغط النفسي الذي ينهش صدره… خرج بعد دقائق، يلف المنشفة حول خصره، وقطرات الماء تنحدر على جسده، مرر يده في شعره المبلل وهو يتجه نحو الخزانة ليبدل ملابسه…ثم خرج من الغرفة توجه نحو غرفة جود، دخل بعدما طرق على باب الغرفة… إبتسم حين وجد وجدان تضع صنية صغيرة جانبًا بعدما إنتهت جود من الطعام… إقترب من جود وجلس جوارها على الفراش يُقبل رأسها سائلًا:
أزيك دلوقتي.
أجابتته ببسمة طفيفة رغم ذاك الشعور القاسي الذي ينتهك روحها:
الحمد لله بخير.
غص قلبه فالحقيقة تعكسها ملامحها الواهنة المسؤمة…
نظرت لهما وجدان بغصة قوية، الإثنين يتحملان أكثر من طاقتهما، بالأخص طوفان
قدره دائمًا عكس ما يتمني، ربما الشئ الوحيد الذي تمناه وناله هو “درة” رغم عنادها الا أنها على يقين أنها مثل طوفان تعشقه وهذا ما غفر لها وتقبلت زواجه منها بحذر فى البداية حتى تاكدت من ذلك… لو ظلت معهما بالغرفة قد تبكي، تحججت قائلة:
أنا مخدتش العلاج هروح أخده وأرجع لكم هاخد معايا الصنية مش هغيب.
اومأ لها الإثنين… خرجت وجدان توقفت على جانب الغرفة تمسح دموعها، مازالت تشعر بألم صدمتها حين علمت بمرض جود وإجهاضها وكيف أخفي طوفان الامر عليها الى أن إستعادت جود وعيها حتي لا تراها بمنظر أسوء مما كانت عليه… الا يكفي أنها عاشت القسوة… جود كانت بعيدة عن قسوة نوح لكونها فتاة، عاشت الدلال بكنف طوفان لا بكنف أبيها… لكن كانت القسوة فى إنتظارها مع أحمق.
****
بداخل الغرفة… إقترب طوفان أكثر من جود التي نظرت له ثم لم تعد تحتمل ما تكبته بصدرها… إنفجرت باكية،
شعر طوفان بهزة أعصار قوي توغل من قلبه يكاد يجعله يُقدم على إقتلاع قلب حاتم من صدره لو طلبت جود ذلك.. ضمها لصدره سريعًا وهي تبكي، وبكاءها يزداد وهي تضم طوفان،تركها تبكي رغم قسوة ما يشعر به،ربما البكاء يكون تنفيس عن مكنون صدرها… حتى شعرت بهدوء وخفت صوت بكائها… ضمها قائلًا:
إحكي لي بالراحة إيه اللى حصل.
رغم وجع قلبها من سردها لما حدث كأنها تعيشه مره ثانية، سردت لـ طوفان ما حدث.
ضمها طوفان بقوة يشعر بغضب قائلًا:
من يوم الصباحية وأنا كنت ملاحظ أفعاله وكنت ساكت مش عاوز أفرض السوء، لكن أنا صبرت عليه كتير وإنتهي صبري، دلوقتي عاوز منك قرار يا جود.
بلا تفكير كان ردها:
الطلاق.
لم ينصدم، جود قدمت تنازلات كثيرة مع حاتم وإن أختارت شيء غير ذلك لن تكون جود الذي رباها أن كبريائها أولًا…
لكن لن يكون ذلك سهلًا ولا بدون ثمن
لكن لـ جود أيضًا مشاعر أخويه، ضمت طوفان قائلة:
مش عاوزه غير أني أطلق يا طوفان، أنا مش مسامحة حاتم بس مش عاوزاك تبقي زيه جاحد متأكدة إن ربنا هيخلص حقي منه، بس مش عاوزه تبقي إنت سبب فى أذية حد حتى لو كان أكتر شخص أذاني، بس إنت لك مكانة تانية عنه، إنت مش هتبقي زيه وتختار الإنتقام… أنا عارفة قلبك أبيض، واللي جواك أنقى من إنك تلوثه بالغضب والانتقام…
إنت سندي، ولما بشوفك بحس بالأمان… بس كمان بخاف عليك من نفسك…
خليني أنا اللي أتحمل الوجع، خليني أختار الطريق اللي يخليني أخرج من الليلة دي بكرامتي، مش بدموع وندم.
نظر لها بعين ممزوجة بالحنان والغضب، لكن كلمتها الأخيرة كانت كأنها برد على جمرة قلبه…
هزّ راسه، قائلًا بصوت مخنوق:
خلاص يا جود، الطلاق هيكون…
بس أوعديني، أوعديني إنك مش هتسبي نفسك لكسرة قلبك… ولا هتخلي أي وجع يحني ضهرك…
أنا معاكي، في وش الدنيا دي كلها.
شدت جود على إيده، قائلة بضعف:
أنا عايزه أبدأ من جديد… بس أكيد أنا مش لوحدي.
مد إيده على وجهها يمسح دموعها، وضمها قائلًا ببث ثقة فيها:
عمرك ما كنتِ لوحدك… من أول ما اتعلمتي الكلام ونطقتي قولتي إسمي ” يا طوفان”، بقيت نَفسك التانية…
وحقك، لو ما جاش على إيدي… هييجي من ربنا اللي عمره ما بيخذل المكسورين.
وساد بينهما صمت دافيء، خالي من الخوف…
صمت طمأنينة إن اللي جاي، مهما كان صعب، في ليست وحيدة.
******
بعد وقت
خرج من غرفة جود سمع صوت سيارة نظر من ذلك الشباك الذي بالممر زفر نفسه بغضب حين رأي دُرة تترجل من السيارة، ظل واقفًا تلاقت عيناه مع عيني درة التي رفعت رأسها رغم ان الضوء خافت لكن رأت تغضُن ملامحه لوهلة إرتجف قلبها لكن أكملت سير وتوجهت الى داخل المنزل، بينما توجه طوفان نحو الغرفة الخاصة بهما… ينتظر دُرة التي دلفت الى الغرفة نظر لتلك الساعة بيده ثم لها قائلًا بإستهجان:
كنتِ فين لحد دلوقتي؟.
لاحظت على ملامحه الغضب، إزدردت ريقها قائلة بهدوء بارد:
كنت عند ماما.
عاد ينظر للساعة بيده قائلًا:
كنتِ عند مامتك للساعة حداشر ونص مش ملاحظة إن الوقت إتأخر ولا كنتِ ناوية تكملي وتباتي هناك.
عادت تبتلع ريقها، هي فعلًا أرادت المبيت بمنزل والدها لكن لم تود إثارة سؤال والدتها فعادت رغمً عنها، ظلت صامته.
زفر طوفان نفسه بغضب قائلًا:
ساكته ليه مش بتردي.
ظلت دُرة واقفة أمامه تنظر له بثبات رغم ارتجاف داخلها، لم ترد، فاقترب منها خطوة وتحدث بنبرة منخفضة مشحونة بالغيظ:
بتتصرفي من دماغك وترجعي وقت ما تحبي… كل ده ليه عشان…
قاطعته بغضب تلمع الدموع بعينيها قائلة:
عشان طردتني من المكتب الضهر ومكنتش ناوية أرجع هنا، بس…
صُدم طوفان من ردها ولم ينتظر بقية حديثها قاطعها بغضب:
بس إيه يا دُرة….
لم يُكمل حديثه حين هطلت دموع دُرة وبمفاجأة بدأت تسعُل بشدة.
هلع قلب طوفان وتبدلت عصبيته الى قلق سريعًا توجه نحو تلك الطاولة وبحث عن البخاخ… توجه نحوها جذبها لأحد المقاعد جلست…:
وسريعًا أمسك بوجهها بين يديه وهو يهمس بقلق:
دُرة، خدي نفس… اهدي شوية، أنا معاكِ.
أخرج البخاخ ورفعه نحو فمها المرتجف، وضعه بحذر وهو يثبت يدها المرتعشة علي البخاخ، ضغط هو بخفه
أطاعته رغم اضطرابها، وحاولت الضغط على البخاخ لكن تركت له ذلك… أخذت شهيقًا متقطعًا وهي تميل برأسها على كتفه دون وعي…. ضمها طوفان إليه بحنان وهو يمسد على ظهرها برفق…
شعرت بنبضه يتسارع مثلها، كأن قلبه يسعل معاها، كأن وجعه أكبر من وجعها…
بضعف حاولت دفعه عنها تبكي تتحدث من بين سُعالها بصوت متقطع تلومه:
إنت طردتني من المستشفى وكمان طردتني من مصنعك… ناقص تطردني من البيت هنا.
ضمها بندم قائلًا:
مستحيل يا درة.
زفر نفسه يتحمل كثيرًا
همس مرة أخرى، لكن هذه المرة نبرة صوته حملت رجاءً:
خليني أساعدك تاخدي شاور.
هدأت قليلًا،هزت رأسها بنفي قائلة بحشرحة صوت:
لاء مش محتاجة شاور، بس هغير هدومي وأنام.
لم يعترض ساعدها على النهوض وتبديل ثيابها، حتى تمددت على الفراش، ظل واقفً جوار الفراش لحظات حتى تحدثت له:
مش هتنام.
أجابها ببساطة هنام.
رسمت بسمه وهو يتوجه للناحية الاخري وتمدد على الفراش نظرت له تود أن يقترب منها ويضمها،لكن منعها كبريائها مازالت تشعر بالإنزعاج منه…بينما طوفان تنازل وإقترب منها يضمها لصدره يشعر بضياع وتشتُتت.
غفت دُرة بينما هو ظل مُستيقظً حتي سطوع شعاع الشمس…تسلل من جوار دُرة و نهض من فوق الفراش،ذهب نحو زجاج الشُرفة،أزاح الستائر قليلًا ونظر للخارج…وذكرى تطوف أمام عيناه
«قبل بضع شهور قبل مقتل حسام بحوالي أسبوعين تقريبًا…
صدفة،أم قدر قاسي يُزيد من جرح قلبه
بأحد مطاعم القاهرة الفخمة
كان يجلس مع روزان وأحد العملاء غداء عمل
أثناء ذلك نظر عبر واجهة زجاج المطعم الى الخارج…لوهلة ثم عاد بنظره،لكن شيئًا ما جذبه ليتلفت مرة أخرى، لم يكن يعلم ما الذي دفعه لذلك، حتى وقعت عيناه عليها…
لكن سُحق قلبه وهو يرا حسام يمد يده لها كي يدخلا سويًا الى داخل المطعم، لم ترفع درة يدها وتجاهلت يده ودخلا معًا
تجمد في مكانه، ولم ينتبه لـلـ الحديث الدائر بين روزان والعميل ، لم يعد يسمع شيئًا سوى دقات قلبه التي خذلته فجأة، دقات متسارعة تندفع من بين ضلوعه … ظن أن الوقت كفيل أن يجعله حتي يتناسي غصبً، لكن رؤيتها أحيت لهيب الجرح… شعر بحرارة تغزو كيانه، تحجج ونهض، ذهبً الى الحمام، وقف لحظات ثم توجه يغسل وجهه ربما تمحو المياة صورة دُرة، لكن عبثً حين فتح عيناه ورفع رأسه تصنم للحظات حين رأي إنعكاس حاتم بالمرآة…تمسك بالهدوء وإستدار
تلاقت عيناهم….كاد طوفان أن يتجاهله لكن حسام كان خبيثً وتعمد الحديث:
مفيش حتى بينا سلام…حتى السلام لله…يا طوفان.
نظر له طوفان صامتً ثم كاد يتحاشي ويغادر لكن وقف متصنمً حين سمع حسام يقول بنبرة
نصر:
على فكرة أنا ودرة حددنا ميعاد زفافنا خلاص خلال شهر بالكتير.
كلمات قليلة لكنها كانت كصرير رياح تكاد تقتلع قلبه… لكن إستقوى طوفان وعاد تلك الخطوات أصبح أمام حسام، تمركزت عيناه بعيناه وتفوه بنبرة ثقة:
متأكد إن الزفاف ده مستحيل هيتم، ومتأكد إن درة هي اللى هتنهي القصة دي كلها.
نظر له حسام بنظرة نصر وثقة قائلًا:
متنساش إن أنا ودُرة مكتوب كتابنا يعني متجوزين رسمي الزفاف مجرد تحصيل حاصل… درة… مراتي.
إبتسم طوفان بسخرية مريرة، لكن ملامحه لم تهتز، رد بنبرة باردة كأنها صفعة:
كتب الكتاب مش حبل غليظ، دي ورقة ممكن تتبدل بسهولة.. ومتأكد درة هتفوق وتعرف حقيقتك… وساعتها… إنت اللى هتفتكر الكلام ده وتتحسر عليه.
اقترب منه خطوة، حتى صار الفارق بينهم شبه منعدم، ثم أكمل بصوت منخفض لكنه يحمل في طياته تهديد خفي:
متأكدة دُرة مشوشة، ومتأكد إن إنت اللى وصلت لها الڤيديو… بس صدقني دُرة فى لحظة هتتراجع وتفهمك على حقيقيتك الإنتهازية يا حسام.
تحدث طوفان بذلك ثم تركه ، ومضى بخطى ثابتة، لكن بقلبه نسمات حامية تحرق داخل صدره.
ظل حسام واقفًا مكانه، يلاحق طوفان بعينيه المشتعلتين… الشرر يتطاير منهما…
قبض على قبضته بقوة، يحاول كبت الغضب، لكنه نطق بين أسنانه بغيظ:
بتحلم يا طوفان مستحيل يحصل اللى بتقوله…
ثم أكمل بتصميم:
درة من نصيبي.
لم ينتظر وعاد مرة أخرى الى تلك الطاولة التي تجلس دُرة خلفها… تبسم قائلًا:
طلبتِ الأكل… معليشي إتأخرت تعرفي شوفت مين هنا فى المطعم.
رفعت رأسها عن ذلك الكُتيب الصغير قائلة بإستفسار:
فعلًا إتأخرت وقولت للجرسون يستني رجوعك، ومين اللى شوفته هنا فى المطعم.
تمركزت عيناه على وجهها ثم تفوه بخباثة:
طوفان… “طوفان مهران”
هنا فى المطعم شوفته قاعد مع بنت واضح بينهم إنسجام.
شعرت دُرة بخفقان فى قلبها كأن الهواء إنسحب من رأتيها… تجمدت ملامحها لثوانٍ، ثم سرعان ما تمالكت نفسها وأغلقت الكُتيب ببطء.
نظرت لحسام نظرة غامضة، لا هي صدمة ولا غضب… نڟرة بلا معني قائلة باندفاع:
يمكن عميلة، وبعدين هو حُر، خلينا نتغدا أو الأفضل نمشي حاسة بصداع.
شعر حسام بالغيظ وندم على إخبار دُرة… لكن حاول تصليح ما أفسده بالخطأ… قائلًا:
أكيد الصداع من الجوع خلينا نتغدا وبعدها هتحسي إنك بقيتي أفضل.
لم تقتاط سوا القليل وطلبت منه المُغادرة… غصبً امتثل حسام يشعر بإنسحاق، لكن لن ينهزم ويترك دُرة، فلقد إقترب الوصول الى هدفه… ربما أخطأ بذكر طوفان، لكن أصاب حين قال أنه يجلس مع امرأة بإنسجام.
نهضت درة وحسام وخرجا من المطعم، توقفت دُرة لحظات أمام باب السيارة، رفعت رأسها لأعلى حقًا، رأت طوفان يجلس مع امرأة لم ترا الشخص الثالث، وهو لم يراها كان يحاول التركيز فى هدف اللقاء وهو العمل، رغم لان روزان زوجته لكن ليس هذا هو سبب اللقاء بل لقاء عمل بحت… زاد من غصة درة هو رؤيتها أخذ طوفان كوب المياة من يد تلك المرأة… صعدت للسيارة تشعر بوخزات تخترق قلبها مثل الإبر الساخنة، تشعل وجعًا لم تعرفه بهذا الشكل من قبل…
بلعت غصتها بصعوبة، ويداها ترتجفان وهي تُغلق باب السيارة، نظرت من الزجاج الجانبي نظرة أخيرة، علها تُكذب عينيها… لكن لا، ما رأته كان واضحًا كالشمس، وضوح ألمه شديد
بداخلها تشعر بشيء انكسر…
صوت داخلي ينهرها:
مش من حقك تزعلِي، كُل واحد بقي فى طريق بعيد… فوقي يا دُرة إنتِ لسه مشاعرك إتجاه طوفان بتتحكم فيكِ، كفاية لازم تاخدي قرار حاسم.
بينما طوفان هو الآخر لن يستطع رؤية دُرة وهي تُغادر مع ذلك الأفاق، نهض مُعتذرًا وغادر ظنًا أنهما مازالا بالمطعم،غادر من إتجاة آخر»
عاد طوفان من تلك الذكرى المريرة يلوم نفسه…
هل كان أعمى لدرجة أنه ظن أن أخلاق حاتم لا تُشبه أخلاق حسام..
هل خدعته ملامح الرجولة الهادئة أم الكلمات المزيفة التي كان حاتم يتقن حبكها، وصمت جود .
نظر أمامه كان هنالك سكون نهاية الليل… رغم ذلك لم يمنحه طمأنينة، بل أشعل في صدره نارًا لم تهدأ….
أطلق زفيرًا طويلًا، وكأنه يطرد شيئًا ثقيلًا يجثم على صدره، لكنه لم ينزاح…
يشعر أنه مع الجميع ينساق نحو إعصار،
يبدوا أن القدر قرر أن يُلقيه دومًا في قلب العاصفة… كي يتذوق مرارة مذاق الخذلان مرة أخرى.