رواية بنات الحارة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نسرين بلعجيلي
رواية بنات الحارة الفصل الثالث والعشرون 23 هى رواية من كتابة نسرين بلعجيلي رواية بنات الحارة الفصل الثالث والعشرون 23 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بنات الحارة الفصل الثالث والعشرون 23 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بنات الحارة الفصل الثالث والعشرون 23
رواية بنات الحارة الفصل الثالث والعشرون 23
دخلت فتنة جوه، قابلتها بطة.
بطة : في إيه؟!
فتنة : أخت اللي ما تتسماش جايبة ليّا العمدة والظابط، قال إيه حابسة أختها.
بطة (ضربت على صدرها) : يا لهوي! دي مصيبة.
فتنة : إطلعي فوق فهّمي مقصوفة الرقبة إنها تنكر إننا بنمنعها تشوف أهلها.
بطة : البت وشها متشلفط، هتعملي إيه؟!
فتنة : يا بطة، صحصحي معايا، حُطّي ليها أي حاجة تِداري، آه خليها نايمة على ضهرها، ونقول لهم إنها تعبانة، والدكتور مانع عليها تقوم.
بطه طلعت، وفتنه راحت على المكتب تتصل بالحاج اليزيدي.
بره على الباب...
أسامة : هتفضلوا واقفين؟!
الظابط : الأصول أصول، نستنى راجل البيت، ولا إيه رأيك يا عمدة؟
العمدة : أنا قلت لكم إن اللي بتعملوه مش هيجيب فايدة.
الظابط : هو إنت خايف من إيه؟
العمدة : أنا مش خايف، بس الحاج اليزيدي مش هيسكت، ده هيبلّغ الناس الكبيرة ومش بعيد يشيلني من العمدية.
أسامة : هي بلطجة وخلاص؟
بطه فتحت الباب لَقِت حنان ملفوفة في الأوضة زي الذبيحة.
بطه : إسمعي يا بت، إنتِ لمي الدور، إنتِ واقعة بين ضروس فتنة، دي بنت عمي وانا اعرفها كويس ومن يومها ست قادرة،
وإنتِ يا ولية غلبانة.
حنان وهي بتعيط : أعمل إيه؟ هو في ايه؟؟
بطه : اختك جايبه العمده و الضابط قال ايه حابسينك داري اللي في وشك من الحاجات اللي بتحطوها على وشكم، ونامي على ظهرك وانكري أي حاجة تقولها أختك. الدكتور مانع عليكِ الحركة، فاهمة ولا مش فاهمة؟
حنان كانت بتسمع كلمات بطه وهي حاسة إنها بتغرق أكثر وأكثر في حفرة مالهاش آخر. جسمها بيرتعش، ودموعها نازلة من غير صوت، مش قادرة حتى ترد.
قلبها بيخبط في صدرها زي الطبول، وكل كلمة من بطه كانت بتخبط في روحها قبل ودنها.
قعدت على طرف السرير، وشها باهت، متورم من كثر البكا، وعينيها زي الزجاج، مش بتلمع.
مدِّت إيديها المرتعشة للشنطة الصغيرة اللي مخبياها تحت المخدة، طلعت منها منديل قديم، مسحت دموعها، وبدأت تداري آثار الكدمات بكريم باهت ريحته خانقة.
قامت بالعافية، ورمت نفسها على السرير، وحطت الغطا لحد رقبتها.
تشهّدت في سرّها وهي سامعة صوت النَفَس داخلها بيتكسر من الخوف وقالت :
"يارب.. نجّيني. أنا مش عايزة غير أشوف أختي، وأقول لها كلمة. بس كلمة."
وهي نايمة على ضهرها، وشها متغطي بنص وشاح، حسّت إنها مش في بيت، دي في زنزانة.
حنان دلوقتي كانت جسد بينضرب، وقلب مكسور، وصوت ممنوع يتكلم، بس جواها، فيه روح بتصرخ.
على الطريق، حد قطَر أبو حنان وأمها وأخذهم على جنب.
أسامة إبتدى يزهق، لحد ما شاف عربيتين داخلين على البوابة.
العمدة : الحاج اليزيدي وصل.
اتفتحت البوابة، ودخلوا العربيات جوه وطلع الحاج اليزيدي بكل هيبته.
الغفير سمح ليهم بالدخول.
الحاج اليزيدي : خير يا حضرة الظابط، هو انت مش عارف إنت جاي لمين؟
الظابط بكل برود : عارف أنا جاي لمين. لو سمحت، الآنسة أسماء عايزة تشوف أختها وتتطمن عليها بشكل ودي.
عصام : وهي علشان تشوف أختها تجيبكم كده؟! هو في إيه؟ هو الكلام ده يخش على مين؟ وبعدين من إمتى بنات البلد تركب عربيات مع رجالة؟
الظابط : خلينا في موضوعنا.
الحاج اليزيدي : هو ده العشم يا أسماء؟
أسماء : أنا جيت هنا وماحدش فتح لي، وأمي وأبويا جم كذا مرة، أختي محبوسة عندكم.
عصام : بالراحة على نفسك، قال محبوسة قال!
وهنا طلعت فتنة بكل جبروتها.
نسرين بلعجيلي
الحاج اليزيدي : الكلام اللي بتقوليه ده غلط وعيب وما يصحش، أختك تعبانة وما ينفعش تطلع، الدكتور مانع عليها الحركة، وأيوه، أمك وأبوك كانوا هنا من يومين.
أسماء : كذب، إنتم مش بتخلّوا حد ييجي عندها، وكمان أختي فيها حاجة، هي كلّمتني وقالت لي "الحقيني".
عصام : إنتِ اتجننتي ولا هَبّت منك؟! إزاي تتكلمي مع الحاج كده؟
أسماء وقفت قدام الحاج اليزيدي والدموع على طرف عينيها، بس صوتها كان ثابت.
أسماء : أختي مستنجدة بيا، لو ما فيهاش حاجة، خلوني أشوفها، بس كده، مش عايزة أكثر من كده.
الحاج اليزيدي لف وشه ناحية فتنة وسألها بنبرة هادية بس فيها تحذير
الحاج اليزيدي : البنت فين دلوقتي؟
فتنة : نايمة، حالتها ما تسمحش تقابل حد.
طلعوا فوق بخطوات ثقيلة، وسكون يخوف.
أسماء قلبها بيخبط في صدرها، ونَفَسها ضايق كأنها بتجري من خوف قديم رجع فجأة.
وصلوا قدام أوضة حنان، فتنة سبقتهم وفتحت الباب، وقالت بسرعة.:
البنت نايمة يا حضرة الظابط، وممنوع عليها الحركة. الدكتور قال ترتاح يومين على الأقل.
بس أول ما اتفتح الباب، أسماء شافت أختها نايمة على الظهر، مغطية نص وشها، والدموع سايبة نفسها من تحت جفنها.
أسماء قربت بخطوتين سريعين :
حنان، أنا أسماء، حبيبتي، مالك؟!
حنان ردت بصوت مخنوق :
أنا كويسة، تعبانة بس.
أسماء قربت أكثر وشالت الغطا من على وش أختها، لقته مورم، خدها فيه علامات.
أسماء شهقت : إنتِ مين اللي عمل فيكِ كده؟!
الحاج اليزيدي اتجمد مكانه، بص لفتنة، ووشه قلب نار.
الظابط بهدوء وهو بيخرج الكشكول من جيبه : واضح إننا مش جايين على الفاضي.
عصام دخل الأوضة، صوته عالي :
يا حنان، قولي الحقيقة، إنتِ وقعتِ من السلم، مش كده؟! ما حدش ضربك
حنان بصت لأسماء، وعينيها مليانة رجاء : أنا، أنا وقعت.
أسماء ما سكتتش، رفعت صوتها :
كذبة! أختي ما بتعرفش تكذب، بس مرعوبة. حضرة الظابط، أختي كانت بتبعتلي من تليفون حد تاني وقالتلي إنها محبوسة ومضروبة. اللي بيحصل هنا جريمة، مش تعب ولا راحة.
فتنة : جريمة!!! هو إنتِ اتجننتي ولا إيه؟!
أسماء : شوف يا حضرة الظابط، اللي في وشها ضرب، مش وقعة على السلم!
فتنة : لا حول ولا قوة إلا بالله، يا بنتي استهدي بالله. ضرب إيه؟! وجوزها كان مسافر هو والحاج، واتصلت بيهم وجُم على ملا وشهم. أختك مع الحمل بقت مهبّطة كده، مش بتاكل، داخت وهي نازلة، وقعت على وشها. الحمد لله إنها جات على قد كده.
الظابط : عندك شهود على الكلام ده؟
فتنة : آه طبعًا، إسأل الخدم كلهم، هيقولوا لك اللي حصل.
الحاج اليزيدي (غاضبًا) : اللي بيحصل في بيتي لا يمكن أقبل بيه، بتتهمونا إننا بنعتدي على مرات إبننا، اللي حامل في احفادي؟! أنا مش هاسكت على الكلام ده.
أسامة كان في عالم تاني من ساعة ما شاف الحاج اليزيدي، ومش قادر يبعد عينيه عنه، لدرجة إن الكل لاحظ ده.
شريط حياته عدّى قدام عينيه. آه، عدى عليه 18 سنة، بس كأنه امبارح. إفتكر إزاي إثنين جرّوا أبوه من البيت، وأسامة بيستنجد بالناس، بس ماحدش سمع. في أوضة ضلمة، قعدوا يضربوا فيه لحد ما قطع النفس وهربوا.
نفس العينين، نفس الصوت، نفس النظرة.
الظابط قرب منه، وقال : إنت كويس؟
أسامة سرح في نظراته، كان واقف قدام شبح من الماضي، صوت الظابط رجّعه للواقع، بصله وقال بنبرة مخنوقة.
أسامة : آه، أنا كويس.
لكن عينيه كانت بتقول غير كده. الظابط حس إنه فيه حاجة، بس الوقت مش مناسب.
جات بطه دخلت
بطه : هو في إيه يا فتنه؟ الناس تحت جنب البوابة بيقولوا إنه هيقبضوا عليكم.
فتنه : نعم نعم؟ هما مين اللي هيقبضوا علينا؟ يا حاج شوفلك حل، أنا ضغطي عِلي. على آخر
الزمن، مفعوصة لسه ما طلعتش من البيضة تجيب لنا البوليس؟ كلم حبايبك وانهِي المهزلة دي.
وقربت من حنان وبصت لها بصه بعينيها كأنها بتحذرها،حنان فهمت البصه.
فتنه : وإنتِ يا أختي، ما تقومي تصلبي طولك كده وتقولي لأختك ما يصحش اللي هي بتعمله.
أسماء : شُفت يا سعادة الظابط؟ بتتكلم معاها إزاي، شوف عينيها مليانة شر إزاي.
وراحت على أختها.
أسماء : تعالي يا حبيبتي، أنا مش هسيبك هنا.
عصام : هو إيه اللي بيحصل يا جدعان؟ وإنتِ يا بت، بتعملي إيه؟
سيبي مراتي مرتاحة في فرشتها.
وبص لأبوه وقال..
عصام : ما تتكلم يا حاج.
الحاج اليزيدي : أنا كده عداني العيب، طلعت وشُفت مراة إبني،
يبقى تتفضلوا من غير مطرود
الظابط : بص يا حاج، مع احترامي ليك، أنا جيت مع الاثنين عساكر بس علشان ما نعملش شوشره، بس أخت مرات إبنك عملت محضر إن أختها بتتعرض للعنف، وكمان مانعين عليها زيارة أهلها، وممنوع حد يتواصل معاها. مرات ابنك إتصلت على أختها من تليفون إبنك وقالت ليها "الحقيني"، وانقطع الخط.
الحاج اليزيدي : إتكلمي يا بنتي، طمنيني، هو احنا مانعينك؟
حنان عينيها بتلف يمين وشمال ومش عارفة تعمل إيه.
أسماء : إتكلمي يا حبيبتي، ما تخافيش.
فتنة : لا حول الله، وتخاف من إيه؟ دي حتى حنان حبيبتي حامل في حفايِدي، ربنا يقومها بالسلامة.
الظابط بص لحنان : لو عندك حاجة تقوليها، إحنا هنا علشان نسمعك. وصدقيني، أمانك أولويتنا.
حنان فضلت ساكتة، عينيها فيها خوف وارتباك، وبصّت على فتنة، اللي كانت واقفة مبتسمة بس عينيها فيها تهديد صامت.
أسماء قربت منها، مسكت إيدها :
أنا جنبك يا حبيبتي، إتكلمي محدش هيقدر يأذيكِ تاني.
حنان بصت لها، ودمعة نزلت على خدها، بس شفايفها ما نطقتش بكلمة.
الحاج اليزيدي اتنهد وهو بيحاول يسيطر على الموقف.
الحاج اليزيدي : البت تعبانة، وحامل، وضغط الزيارة دي مش مناسب ليها دلوقتي. أنا ما عنديش مانع إنها تشوف أختها، لكن بهدوء ومن غير مشاكل.
الظابط : مع احترامي، اللي بيحصل مش طبيعي. فيه بلاغ رسمي، ولازم يتم التأكد من وضع الست دي، وهنطلب تقرير طبي رسمي من دكتور محايد.
عصام (بغضب) : ده بيتنا، وحنان مراتي، ومحدش له عندنا حاجة.
اسامة (دخل في الكلام بنبرة هادية بس حاسمة) : طالما مافيش حاجة تخوف، ليه الزعل؟ التقرير الطبي هيثبت كل حاجة، والحق هيبان.
أسماء : أنا مش جاية أخذها منك، أنا جاية أطمن عليها، ده حقي، زي ما هي مراتك هي أختي.
الظابط : طيب، علشان نهدّي النفوس، حنان هتتنقل للمستشفى، وهناك دكتور مختص هيكشف عليها، ولو كل شيء سليم، هنمشي، ولو العكس، القانون هيتصرف.
الحاج اليزيدي بص لفتنة، اللي وشها اتشد فجأة وقالت..
فتنة : أنا مش موافقة، إحنا أهلها، وإحنا نقرر.
الظابط (بحزم) : القانون فوق الكل، واحنا ماشيين بيه.
الحاج اليزيدي طلع بره يعمل مكالمة.
في نفس توقيت دخول أهل حنان، دخلوا الأوضة.
فتنة حست بانتصار.
فتنة : أهو أبوها وأمها جم، يرضيكم اللي بنتكم عملته؟! قال إيه عاملة علينا محضر وعايزة تاخذ أختها المستشفى تطلع لها تقرير.
أبو حنان : إيه الجنان ده؟!!
الظابط : بنتك بتتعرض للعنف، وأختها عملت محضر، وكمان ممنوع حد يزورها، بمعنى أصح، حماتها مانعة الزيارة.
أبو حنان : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يا حضرة الظابط، أنا لسه كنت في زيارة امبارح هنا، ولما وقعت من على السلم، الست فتنة كلمتنا، كثر خيرها، وفضلت أمها جنبها لحد وش الفجر.
أسماء : إيه اللي انت بتقوله ده؟ بتكذب ليه؟ خايف من إيه؟
أبو حنان رفع إيده وضربها.
أسامة تدخل ولفّها ورا ضهره.
الظابط : اللي بتعمله ده غلط.
أبو حنان : إيه الغلط إني أربي بنت قليلة الرباية؟ عايزة تطلع من طوعي وتخرب على أختها؟!
أم حنان : ما تنطقي يا بت، إنتِ هنا كويسة؟!
حنان خلاص، كانت عايزة تطلع من الوضع كله.
حنان : أنا كويسة، وبخير، وجوزي وأهل جوزي كويسين معايا، أنا بس وقعت من السلم. أسماء فهمت غلط، أنا كنت بكلمها لما وقعت، وقلت لها "إلحقيني"، هي فهمت غلط.
أسماء ما كانتش مصدقة.
أسماء : كده يا حنان؟ بعد اللي بعمله علشان أنقذك؟ نقول أبوكِ طماع أو هما هددوه، إنتِ في إيدك تنقذي نفسك.
وصلت مكالمة للظابط، ووشه اتلوّن و ارتبك فضل بس يقول : حاضر ونعم.
بطة ركزت على أسامة، وعرفت إنه هو المحامي اللي رافع الدعوى على إبنها. وراحت له، ومسكت قميصه.
بطة : إنت يا خراب البيوت، إنت اللي خرّبت بيتي وطفّشت إبني.
"اللي بيغلط وبيخبي، مش بس بيظلم غيره، ده كمان بيمنع الحق من إنه يبان."
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا