رواية بنات الحارة الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم نسرين بلعجيلي
رواية بنات الحارة الفصل الخامس والعشرون 25 هى رواية من كتابة نسرين بلعجيلي رواية بنات الحارة الفصل الخامس والعشرون 25 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بنات الحارة الفصل الخامس والعشرون 25 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بنات الحارة الفصل الخامس والعشرون 25
رواية بنات الحارة الفصل الخامس والعشرون 25
أسماء طلعت السلم، ووشها لسه منور من دموع كانت حارة، بس عينيها فيها لمعة تحدّي.
رحاب فتحتلها الباب وهي عاملة فيها خايفه عليها بس لسانها سِم.
رحاب بصوت عالي وهي بتضحك : ما شاء الله على السنيورة، واقفة تحت مع أسامة، من غير خوف ولا خشا، على عينك يا تاجر. إيه البجاحة اللي إنتِ فيها دي؟
أسماء بتنفض عن نفسها : وأنا واقفة مع راجل ، مش عيل من عيال الحارة. إتلمي يا رحاب قبل ما أزعلك.
البنات طلعوا من المطبخ، صفاء بصت باستغراب، نورهان قلبها وقع، وزينب قربت.
زينب بقلق : حصل إيه؟ في إيه؟ إنتي كويسة يا أسماء؟
أسماء بصوت هادي وعيونها منكسرة : لأ، مش كويسة. حنان لسه هناك وماحدش قدر يطلّعها، لا أنا، ولا القانون.
نورهان قربت وحضنتها : تعالي ادخلي، إحنا معاكِ.
رحاب لسانها مابيهداش : أهو شوفتوا؟ قعدت تتنطط وتعمل نفسها بطلة وفي الآخر رجعت بخفي حنين.
زينب بحدة : كفاية بقى يا رحاب، ده مش وقتك، واللي فيها مكفيها.
صفاء وهي بتجيب ميّه : أقعدي هنا يا أسماء، إغسلي وشك و اشربي واهدي، إحنا وراكِ.
أسماء وهي بتاخذ نفس طويل : أنا مش جاية أعيط، أنا جاية أقولكم إن اللي حصل مش هيعدي. أنا مش هاسكت، وهاشتغل وهفضحهم واعمل حاجات كثير.
كانت بتتكلم بدون ترتيب الكلام.
نورهان : إحنا معاكِ، من غير نقاش.
زينب : ودي تبقى أول خطوة حقيقية لنا. من النهاردة 4Cats مش كلام، دي حركة، وحنان هتكون أول واحدة نرجع لها حقها.
رحاب ضحكت ضحكة شريرة جدًا جدًا.
رحاب : 4Cats إيه؟ وبنات حارة إيه؟ هو إنتم مصدقين نفسكم؟ إطلعوا من الخيال اللي إنتوا فيه وارجعوا للواقع، اللي بتقولوه ده مش في الواقع، وكمان جمعية نسائية؟! موت يا حمار لحد ما يتحركوا!
أسماء سابت الكوباية من إيدها، وقامت واقفة، وشها اتشد.
أسماء : على فكرة يا رحاب، إحنا مصدقين نفسنا وإنتِ اللي شكلك مش مصدقة إن فيه ناس عندها قلب ولسان.
رحاب بصتلها بتحدي، بس ما اتكلمتش.
زينب وقفت جنب أسماء : اللي بيتريق النهاردة هو أول واحد هيروح يجري لما تحصله مصيبة. وإحنا مش مستنيينك تصدقي، إحنا شغالين سواء معاكِ أو من غيرك.
نورهان بهدوء : لو كل واحدة قالت "مش هينفع"، يبقى عمر البلد دي ما هتنظف. كلمة بتتقال، صوت بيرتفع، قضية بتتفتح. كل ده بيغيّر.
رحاب إبتلعت كلامها، حسّت للحظة إنها لوحدها، وحتى سخريتها ما غطتش على إحساسها بالخوف اللي بدأ يسكن قلبها.
في شقة فتحية..
إبراهيم : وبعدين يا فتحية؟ بتعيطي ليه؟!
فتحية : إنت ما سمعتيش الدكتور قال إيه؟!
إبراهيم : قالك ترتاحي وما تتحركيش، وإن نسبة نجاح العملية قليلة، بس لو نفذتِ تعليمات الدكتور، كل حاجة هتبقى تمام.
أهو إنتِ هنا في المستشفى تحت المراقبة.
فتحية : خايفة أوي أقولك الصراحة، حلمت بـ نوارة كانت حامل وكلها دم، وقالتلي : "هو إنتِ على ما قتلتوني عايزة تفرحي؟ إنتِ السبب في موتي"
إبراهيم يتعوذ بالله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قتل إيه يا فتحية؟ إستهدي بالله.
فتحية : والله يا إبراهيم، مش أول مرة أحلم بيها.
إبراهيم : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، شكلها عايزة حقها في اللي أذوها.
فتحية : شفت قلت إيه؟ يعني هي عايزة حقها مني.
إبراهيم : إنتِ ما عملتيش حاجة،
حقها في رقبة أمك وأخوكِ اللي هرب.
فتحية : بس أنا السبب لما طلبت فلوس من أمي.
إبراهيم : أديكي قولتيها، طلبتِ فلوس، ما قلتيش لها: "خذي ذهب نوارة".
فتحية : بس لما بلغتني باللي هي ناوية تعمله ما عملتش حاجة.
إبراهيم : باقولك إيه، إستغفري كتير،
ربنا يسامحنا، إنه غفور رحيم. وحطي رُقية شرعية قبل ما تنامي.
أنا حامشي، ورايا شغل.
تاني يوم..
– في مكتب أسامة..
أول ما وصل المكتب، طلع ملف قضية نوارة، قرأ فيه شوية، وبعدها إتصل بالظابط.
الظابط : إزيك يا صاحبي؟ فكرت إنك مش هتتصل بيا تاني بعد اللي حصل.
أسامة : ليه تقول كده؟ ده أنا أصلاً متصل بيك مخصوص في موضوع مهم.
الظابط : خير؟
أسامة : فاكر قضية والدي؟
الظابط : أيوه.
أسامة : الحاج اليزيدي هو اللي قتل أبويا، أنا عمري ما أنسى وشه.
الظابط باندهاش : إنت متأكد؟!
أسامة : جداً، مهما عدت سنين، عمري ما أنسى شكله.
الظابط : يا سبحان الله! إنت بقالك سنين بتدور، وبقيت محامي مخصوص علشان تاخذ حق أبوك،
تيجي هنا وتشوفه؟
أسامة : لأني عندي يقين إني هقابله. كل ليلة بادعي ربنا إنه يساعدني آخذ حق أبويا وحق أمي اللي مرمية في السرايا الصفراء بسبب اللي شافته الليلة دي. عارف تنام والدعاء في بقك؟ مش سهل وربنا ما خيبنيش. ربنا كبير شوف تدابيره، سبحانه وتعالى. أساعد بنت غلبانة، واروح لحد البلد علشان أقابل المجرم.
الظابط : ونِعم بالله. عارف؟ الحق بيظهر مهما حصل، وحق المظلوم بيرجع حتى لو بعد حين.
.أسامة : أنا عايزك تساعدني.
الظابط : أكيد يا صاحبي. قولي، قلت لأسماء الكلام ده؟!
أسامة : طبعًا لا.
الظابط : كويس. على فكرة، أنا عملت حاجة كده خارج عن القانون.
أسامة باهتمام : عملت إيه؟
الظابط : كان فيه عسكري معايا، وكان معاه كاميرا صغيرة صوّر كل حاجة حصلت صوت وصورة. وامبارح، خليت واحد يعملها لي على شريحة، وبعثت تقرير مفصل مع الفيديو للجمعية النسائية. بس طلبت منهم ما يقولوش لحد علشان ده ممكن يضرني في شغلي. بس بجد، البنت صعبت عليّا. وشّها كان وارم.
أسامة : فعلاً، وحتى إزاي كانت خايفة. يا رب نلحقها قبل ما تموت زي نوارة. مش عارف أشكرك إزاي على اللي عملته، أختها طول الطريق وهي بتعيط.
الظابط : بس اللي عاجبني إن أختها صغيرة، بس شخصيتها قوية. قولي بقى، أساعدك في إيه؟
أسامه : عايز كل التفاصيل على اليازيدي.
داخل الجمعية النسائية – وحدة الحماية القانونية...
في مكتب صغير فيه مكتبيين وجهاز كمبيوتر، كانت الأستاذة هالة، المسؤولة عن وحدة الحماية، قاعدة قدام شاشة اللابتوب، بتراجع الإيميلات.
دخلت مريم، الموظفة الجديدة، وسلّمت ظرف مغلق.
مريم : الظرف ده جاي من ظابط إسمه كريم فؤاد، فيه فيديو لحالة عنف منزلي ضد سيدة حامل، ومعاه تقرير مختصر عن اللي حصل.
هالة بهدوء وهي بتفتح الظرف : بعثولنا كتير، بس لما ظابط يبعث بنفسه، أعرف إن الموضوع كبير.
شغّلت الفيديو…
الصوت كان واضح، الصورة كمان. ست حامل، باين عليها آثار ضرب، بتقول إنها وقعت بس عينيها كانت بتقول غير كده، عينيها كانت بتقول "إلحقوني".
هالة رفعت سماعة التليفون الداخلي.
هالة : نادوا لي الأستاذة نجلاء من وحدة القانون، ومدام ندى من الشؤون الاجتماعية.
نسرين بلعجيلي
بعد شوية، قعدوا الثلاثة على الطاولة.
نجلاء محامية : بصوا، اللي في الفيديو ده إسمه "تعنيف منزلي"، ولما الضحية تكون حامل، فده إسمه "خطر على سلامتها الجسدية والنفسية". وعلى طول بنرفع بلاغ للنيابة، ده حق قانوني، مش معروف عند ناس كثير. وبالمناسبة المادة 11 من الدستور بتقول: إن الدولة مسؤولة عن حماية المرأة من كل أشكال العنف، والمادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات بتجرّم أي تهديد أو ضرب، وبتشدد العقوبة لو كان المعتدي من أهل البيت.
ندى أخصائية اجتماعية : وأنا شايفة إن البنت دي محتاجة حماية فورًا، خصوصًا إن أهلها واضح إنهم سايبينها تواجه لوحدها. بس أختها وقفت معاها، وده مهم.
هالة بهدوء : طيب نبدأ بالخطوات:
1. نجهز بلاغ رسمي للنيابة بالحالة دي، ومعاه الفيديو والتقرير.
2. نطلب قرار حماية من النيابة للبنت، لو النيابة وافقت، ممكن يتمنع عنها أي شخص أذاها.
3. نبعث طلب عاجل لوحدة الطب الشرعي علشان يكشفوا عليها ويثبتوا الإصابات.
4. نبعَت لأختها ونفهم منها أكتر.
نجلاء : في القانون، أي واحدة بتتعرض للعنف – حتى لو ما عندهاش شهود – لو عندها علامة على جسمها، أو رسالة تهديد، أو صوت، أو حد صور، تقدر تفتح بلاغ.
خلص الإجتماع و هاله كانت متحمسه و سجلت فيديو صغير تنزله في السوشيال ميديا
هالة : وإحنا هنا علشان نقول لكل بنت إنتِ مش لوحدك، ومافيش حاجة إسمها "مافيش فايدة" طول ما فيه صوت بيقول:
"أنا مش مستحملة أكتر من كده".
.إحنا هنا علشان نقول لكل بنت لو اتعرضتِ لعنف، ماتسكتِيش.
السكوت مش بيحمي، السكوت بيخلي الألم يكبر.
قانونًا، أي واحدة بتتعرض للضرب أو التهديد، حتى لو جوا بيتها، ليها حق تشتكي، وليها حماية.
والدولة عاملة خط ساخن علشان تسمعك وتساعدك
📞 15115 – المجلس القومي للمرأة.
لو مش قادرة تيجي، إبعثي بلاغ، إبعثي رسالة، خلي صوتك يوصل.
إنتِ مش لوحدك ومش لازم تكملي لوحدك.
أنا هالة، وباشتغل كل يوم علشان أسمع صوت زي صوتك، صوت مش عايز غير الأمان.
خلصت الفيديو و بتفكر في حالة حنان، لأنها عارفه حاله صعبه و سط مجتمع ذكوري في بلد ريفي مع أهل سلبيين.
صفاء كانت واقفة على الرصيف، قلبها بيدق بسرعة، عينيها بتدور عليه بين الناس. أول ما شافته، سابت كل حاجة وجريت عليه. إترتمت في حضنه، كأنها بتخبّي جوا صدره خوفها وقلقها من الأيام اللي فاتت.
ريان قال بصوت هادي، فيه شوق حقيقي : يا روح قلبي، وحشتيني.
هي رفعت راسها وبصت له :
وحشتني أوي أوي أوي.
هو حضنها تاني، بإيده اللي مش متعودة على الشغل والتعب، لكن دلوقتي كانت بس بتحضن قلبه: أنا مش عايز أطلّعك من حضني، بس الناس بتبص علينا.
صفاء اتكسفت، بِعدت شوية، لكن ما قدرتش تخبي الضحكة اللي طلعت غصب عنها.
ريان مسك إيديها وسحبها ناحيته :
تعالي، أقعدي شوية معايا.
قعدوا سوا على طرف الرصيف، الهوا بيعدّي بينهم، بس قربهم كان دافي، كانت إيده في إيدها، سُكوته أهدى من الكلام، عينه بتلمع وهو بيبص لها، وهي قلبها بيرتعش من نظرة ما بين الحب والوجع.
قال لها بصوت شبه الهمس : كنت خايف تكوني زعلانة مني، بس لما شفتك، نسيت كل حاجة.
ردت عليه بصوت متقطع : أنا ما زعلتش كنت مستنياك.
سكتوا، لكن سكاتهم كان فيه كلام كثير. وفي اللحظة دي، الدنيا كلها كانت بتدور حوالينهم بس.
ريان : حبيبتي، غصب عني والله. إنتِ عارفة مشاكلي، وعارفة إني عايز أشوفك، بس أعمل إيه؟ كل شوية باروح البلد علشان أساعد عمي، على أمل ربنا يرضى عني ويديني حقي. وكمان شغلي هنا، أنا ما بعدتش عنك. قلتلك بس إستنيني.
صفاء : بس أستنّاك وإنت حاططني قدام خيار صعب؟ يا أتجوزك عرفي، يا تروح تتجوز بنت عمك؟
ريان : أنا متلخبط جدًا اليومين دول، ومش عارف أحدد قرار في أي حاجة. شايف حياتي واقفة. إنتِ مش فاهمة واحد كان بيلعب في الفلوس، فجأة يلاقي نفسه على الحديدة! واحد كانت عنده شقة ملك وعربية، بقى ساكن في أوضة فوق السطوح وبيركب مواصلات.
أنا عارف إنك استحملتي كتير عشاني، وخايف أهلك يجوزوكِ، فقلت نتجوز عرفي، وعلى فكرة ما كنتش هلمسك وكمان قلتلك نتجوز عند مأذون شرعي.
صفاء : مأذون شرعي من غير وكيل؟ أنا والدي لسه عايش، على وش الدنيا.
ريان اتنهد، وبص بعيد كأنه بيهرب من نظرتها : أنا مش عايز أخسرك والله العظيم، لو عليا أكتب كتابي عليك النهاردة، أعملها بس إنتِ شايفة الظروف، أنا بقايا راجل يا صفاء. كل اللي فاضللي كرامتي، ولو راحت، مش هيفضل مني حاجة
صفاء مسحت دمعة كانت هربت من عينها من غير ما تحس وقالت بصوت مكسور بس قوي : ما تقولش كده أنا ما حبتكش علشان عربية ولا شقة، أنا حبيتك علشان كنت راجل واقف جنبي زمان، بس دلوقتي إنت اللي واقف ضدي.
ريان قرب منها تاني، حاول يمسك إيديها بس هي سحبتهم بهدوء:
أنا مش ضدك أنا ضد العرفي أنا بنت ليها أهل وليّا كرامة، ولو اتجوزتك كده، أبقى أنا اللي دست على نفسي بإيدي وأنا مش ضعيفة حتى لو قلبي ضعيف قدامك
ريان عض شفايفه، وحاول يمسك نفسه من الانهيار وبص في الأرض :
طب يعني نضيع كده؟ نضيع بعد اللي عشناه؟
صفاء ردت بصوت حاسم : لو ضاع يبقى ما كانش حب حقيقي، وإن كان على قلبي، أنا قلبي معااااك بس مش هاقبل أبيع نفسي علشان أشتريك.
سادت لحظة صمت ثقيلة، الشارع حواليهم هادي، والهوى بيعدي كأنه شاهد على الوجع.
ريان رفع راسه وبص في عينيها : هتستنيني؟
صفاء بصتله من غير كلام، بس نظرتها قالت : "آه، بس مش للأبد"
مافيش خوف بيعيش جنب الوعي،
ومافيش بنت تقدر تكمل ضعيفة طول عمرها. في يوم هتلاقي صوتها، وهتصرخ: "أنا كفاية عليا كده!"
اللهم إجعلني قوية على الوجع، صبورة على البلاء، ثابتة في المحن ولا تجعلني يومًا أحتاج إلا إليك،
وإذا ضاقت بي الدنيا فافتح لي أبواب رحمتك."
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا