رواية انا لها شمس الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون 27 بقلم روز امين
رواية انا لها شمس الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون 27 هى رواية من كتابة روز امين رواية انا لها شمس الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون 27 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية انا لها شمس الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون 27 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية انا لها شمس الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون 27
رواية انا لها شمس الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون 27
إقترب عليها فور إغلاقه باب إحدى الغرف الجانبية داخل قصر “علام زين الدين”، إلتصـ,طح09ق بجسدها ثم تعلقت الأعين لتذوب وهي تتنقلُ بين النظراتٍ والتطلع للشـ,ـفاة المرتعشة من شدة الاشتياق، وبلحظة مال عليها ليلتـ,ـقط كريزتيها ويذ.وب كلاهما بتذوق أول قُبلة لهما، طال الوقت وهو ينهلُ من شهد شفتيها المُمتلئة وما زاد من شعور السعادة لديه هو تجاوبها معهُ برغم عدم خبرتها،لم يمنعها حيائها الكبير من الاستمتاع بمذاق القُـ,ـبلة الاولى والحُضن الأول مِن مَن امتلك قلبها،جنبت حياؤها مقابل التنعُم بإقتراب الحبيب، حاولت جاهدة التجاوب معهُ وبالأخير تركت لهُ الدفة ليديرها هو، إبتعدا كلاهما لحاجتهما المُلحة للتنفس، تطلع عليها فسحبت عنه بصرها سريعًا وكأنها شعرت للتو فظاعة ما اقترفته، أمسك بأنامله ذقنها ورفعها للأعلى كي يجبرها على النظر إليه، همس أمام شفتيها مما بعثر كيانها:
-هو أنا قولت لك قبل كده إن عيونك حلوة قوي؟
-إمم…همهمت مع حركاتٍ من رأسها أثا.رت جنون ذاك العاشق الذي نطق بصوتٍ هائم وعينين بالعشق مكتظتين:
-أنا طول عمري وأنا بشوف عيونك أجمل عيون في الكون ، بس القُرب زادهم سحر يا خاطـ,ـفة قلبي
وتابع بابتسامة زادتهُ حُسنًا:
-اتاري الحلال ليه طعم تاني، شعور الراحة اللي انا حاسة وأنا ببص لك وبلمس أديكي، ميتوصفش بكلام يا نور عيوني
-بالراحة عليا يا يوسف…قالتها بشفاهٍ مرتجفة لتتابع وقلبها يزدادُ رجفة:
-أنا أصلاً لسه مستوعبتش إنك رجعتني تاني لحضنك
-ومين قال لك إنك فارقتي حضني لحظة واحدة يا واجعة قلبي… تبسمت على طريقتهِ الجديدة بلصق صفةٍ لها بقلبهِ، تدللت وهي تسألهُ بميلٍ بسيطًا من رأسها:
-تقصد إيه يا چو، فسر لي أكتر؟
لم يستطع تمالُك حالهُ من شِدة سحرها عليه فمال على شفتيها يلتقطهما بين خاصتيه لتذوب معهُ بعزفٍ جديد تشاركاه واستمتع به كلاهما، ابتعد من جديد ليسحبها إلى أحد المقاعد ويجلسها فوق ركبتيه، حاوط وجنتيها ثم نطق بمناغشة:
-إحنا كنا بنقول إيه؟
ضغطت على شفتها السُفلى بأسنانها وهي تُبعد عنه نظراتها من شدة شعورها بالحرج، ليعيدهُ إليه مرةً أخرى قبل أن ينطق بحزمٍ ناعم:
-مش مسموح لك تبعدي عيونك عني، إنتِ ناسية إنك بقيتي ملكي ولا إيه
تعمقت بعينيه لتنطق بهيامٍ:
-أنسى إزاي وأنا عيشت عمري كله أحلم باللحظة دي يا يوسف
وسألته بنعومة مبالغ بها:
-يوسف، هو أحنا فعلاً إتجوزنا؟
بكل فخر رفع قامتهِ وتعمق بعينيها قائلاً:
-حضرتك وبلا فخر بقيتي حرم حضرة الظابط يوسف المنياوي
واسترسل بحالمية:
-بقيتي مراتي يا بوسي
فرت دمعة من عينيها تأثرًا بصدق كلماته وروعتها ليلتقطها سريعًا بأصابعه يجففها وتحدث ينبهها برفقٍ:
-إوعى أشوف دموعك دي تاني
نطقت بإبتسامة تشق دموعها:
-دي دموع فرحتي يا حبيبي
-حتى لو كانت دموع فرح،مش عاوز اشوفها… ليتابع متأثرًا بما حدث لهما طيلة الفترة المنصرمة:
-كفاية علينا اللي شوفناه وعيشناه،من النهارده مش عاوز أشوف غير ضحكتك وبس،فهماني يا عمري؟
وتابع مؤكدًا:
-ضحتك وبس
اتسعت ابتسامتها ورفعت أصبعها تتلمسُ ذاك الخاتم الألماسي وفصوصهُ المبهرة لتنطق مفتتنةً بجماله:
-الخاتم حلو قوي يا يوسف، كان هيغمى عليا من كتر الفرحة وإنتَ بتلبسهولي قدام الكل
-كنت متأكد وانا بشتريه إنه هيعجبك…نطقها بثقة وتذكر اليوم الذي ابتاعهُ لأجلها هو والبدلة التي ارتداها بذاك اليوم المشؤوم، هتفت وهي متلهفةً بحماس:
-هو عجبني بس يا حبيبي، ده هوسني يا چو، ومش انا بس، دول صاحباتي وبنات العيلة كانوا هيتجننوا عليه
وتابعت وهي تبتسم بدلالٍ مفرط:
-كلهم حسدوني عليه وعليك يا حبيبي
وبلحظة تحولت عينيها لمشتعلة وهي تقول:
-النار قادت في قلبي وانا بشوف نظرات الإعجاب مالية عيونهم وهما بيبصوا عليك
بنعومة أجابها:
-وحبيبي زعلان ليه، خليهم يبصوا، أنا أصلاً لا شوفت ولا بشوف ولا هشوف غير عيونك، قلبي اتختم بعشق عيونك يا عيوني
ومال يرفع كفها ليقربه من فمه، تلمس الخاتم بشفتيه ثم تجول بهما يتنقل على أصابعها جزًا جزًا يقبلهُ على حدا مبللاً إياهم برطوبة شفتيه الغليظة مما جعل جسدها ينتفضُ شوقًا
رفع رأسهُ يتطلع على عينيها المغرمة لتبتسم برقة ثم ألقت برأسها فوق كتفه وتنهدت براحةٍ وسلام لم تشعر بهما منذ الكثير،لفت ذراعها حول عنقه لتزيد من جنونهُ وهي تداعب شعيرات رأسه بنعومة جعلته يغمض عينيه ويتنفسُ بعمقٍ ليدخل في حالة من جنون العشق حين شعر بأنفاسها الحارة تلفح عنقة،ضمها بجنونٍ وبات يتذوق شفاها مرارًا حتى فزعا كلاهما على صوت فتح الباب ليجحظ يوسف وهو يتطلع على ذاك المشاكس الصغير الذي دفع الباب على مصراعيه لتتسع عينيه من المشهد،تحمحم يوسف بينما هبت بيسان واقفة يعتريها الخجل بعدما استمعت إلى صوت الصغير:
-إنتوا بتعملوا إيه؟!
ازدرد يوسف ريقهُ لينطق متلعثمًا نتيجة تعثُر الكلام:
-إيه اللي عملته ده يا مالك؟!
وتابع بحزمٍ بعدما استطاع تمالك حاله:
-إنتَ ازاي تدخل علينا كده من غير استئذان؟!
-إنتوا بتعملوا إيه يا يوسف؟… نطقها متجاهلاً لوم أخيه الذي ارتبك من سؤال الصغير لينقذهُ دخول عزة التي هرولت عليه تنتشلهُ من ذراعه وهي تقول:
-يا واد إيه اللي دخلك هنا، مش أنا وأبوك قولنا لك متدخلش
هتف صائحًا في محاولة منه للفكاك من قبضتها:
-إوعي يا زوزة، هقعد مع يوسف حبة
-يوسف مش عاوز يشوف خلقتك… قالتها وهي تُجاهد مع ذاك المشاكس بجذبه من رسغه لينجح في إفلات حاله منها ويُسرع إلى يوسف المتخشب، سألته عزة بعدما لاحظت وقوفه متخشبًا:
-مالك يا يوسف؟
ثم تابعت بعدما نظرت على تلك المنكمشة على حالها:
-فيه إيه، إنتوا واقفين مبلمين كده ليه إنتوا الاتنين؟!
تحمحم يوسف لينطق وهو يسحب بيسان من كفها يحثها على الجلوس:
-مفيش يا عزة
لم يتراجع وكرر السؤال:
-هو انت كنت مقعد بوسي على حجرك ليه يا چو؟!
-ينيلك يا شبر ونص… نطقت بها عزة وهي تحاوط فكها بينما هتف يوسف بحدة:
-مالك، عيب اللي بتقوله ده
بتلك اللحظة دخل فؤاد الصغير وتحدث إلى شقيقته:
-بوسي، بابي بيقول لك يلا علشان تسلمي على جدو عليوة ونانا قبل ما يروحوا
أغمض يوسف عينيه يستدعي الصبر ليفتحهما من جديد وهو ينظر على حبيبته التي تعلم جيدًا أن أباها استدعاها لعدم راحته لوجودها مع الحبيب خلف الأبواب المغلقة، تآسفت بعينيها ليُشير لها باستسلامٍ نحو الباب، وبرغم حيائها لم يمنعها وجود الجميع من الإقبال عليه والإرتماء داخل أحضانه، وبدورهِ ضمها بساعديه القويين ومال يقبل رأسها لتبتعد ناطقة بدلالٍ حزين:
-كلمني أول ما تروح، وأول ما تصحى من النوم كمان كلمني
-متقلقيش يا حنينة هيكلمك…جملة ساخرة نطق بها فؤاد الذي ولچ للتو ليشهد ذاك المشهد الدرامي، طالعهُ كلاهما ليتابع بابتسامة:
-روحي علشان بباكي وابقي تعالي بكرة إفطري معاه في الجنينة
ونطق وهو يغمز بعينيه إلى نجلهِ:
-عزة هتجهز لكم احلا فطار للعرايس
واسترسل موجهًا حديثهُ إلى عزة:
-متنسيش تجهزي لهم الفطير والعسل يا عزة، واتوصي بالحمام المحشي فريك
-عيني… قالتها بإشارة بين عينيها لتنطق الفتاة بلهفة تسأل حبيبها:
-هو أنتَ هتبات هنا بجد يا يوسف؟!
رفع كتفيه مع مط شفتاه بعدم المعرفة ليجيبها فؤاد:
-بتسألي مين يا ماما ده قرار علام باشا
وتابع حديثهُ إلى يوسف يعلمهُ:
-زينة طلعت تغير هدومها وهتنام مع تاج، وإنتَ يلا علشان الباشا مستنيك يشرب قهوته معاك
تحرك ليُقبل عليهما ثم جذب الفتاة لأحضانه وتحدث مقبلاً رأسها:
-مبروك ياقلبي
ابتسمت ودفنت حالها بأحضان ذاك الخال الحنون وهي تقول:
-ميرسي يا خالو
تركها ليجذب ذاك الواقف امامه وبحنان الكون بأكملهِ شدد من احتضانه رافقتهُ كلمات ذاك الحنون:
-مبروك يا حبيبي
-الله يبارك فيك يا بابا… نطقها بحبٍ وامتنان اهتز لهُ قلب فؤاد الذي شدد من ضمته ليقطع اندماجهما دخول إيثار حيث تحدثت إلى بيسان:
-بوسي، مامي اتصلت تستعجلك
نطق ذاك المعترض بجدية بعدما فاض به:
-هو فيه إيه، لا فيه إيه بجد؟!
وتابع بحدة اظهرت كم استيائه:
-على فكرة النهارده كتب كتابنا، يعني من حقي أقعد مع مراتي شوية
تنفس فؤاد بعمقٍ قبل أن ينطق بجدية:
-مخلصتش يا يوسف، الأيام جايه كتير والعمر كله قدامكم
مال على أذنه هامسًا:
-الراجل خايف على بنته وعنده حق، ولا نسيت اللي عملتوه في المسـ,ـتشفى ومكنش فيه بينكم حاجة، فما بالك وهي خلاص، بقت مراتك شرعي يا حبيبي.
أخذ نفسًا عميقًا ليزفره بقوة كي يخرج غضبه، اقتربت إيثار لتتمسك بكف الفتاة المتشبثة بأرضاها تتطلعُ بتيهةٍ وحالمية على رجل أحلامها الذي أصبح للتو ملكًا لها، وتحدثت:
-يلا يا حبيبتي، ماجد زمانه مشعلل ولو اتأخرتي خمس دقايق كمان هييجي ياخدك بنفسه
-حاضر يا إيثو…قالتها بحزنٍ لتقترب من يوسف من جديد وتُلقي بحالها داخل أحضانه واضعة رأسها فوق موضع قلبه مباشرةً كي تستمع إلى دقات قلبه الصارخة بعشقها، مال فؤاد على أذن زوجته:
-شايفة البنت هتمـ,ـوت عليه ازاي، مش عاوزة تخرج من حضـ,ـنه، مش زي ناس همـ,ـوت وادخل معاها الچاكوزي بقى لي اسبوع وهي مطنشاني
بنبرة ظهرت جادة تحدثت:
-تصدق بالله يا فؤاد، أنا هخلي الباشا يشيل لك الچاكوزي ده من هنا ويهد الأوضة كلها
-ده كده يبقى بيهد تاريخ فؤاد علام كله وساعتها هيبقى عليا وعلى أعدائي…نطقها بجدية أدخلتها في نوبة من الضحك لينتبه يوسف ويطلب من بيسان المغادرة، انصاعت خلف طلبه وخرجت بصحبة شقيقها المتبرم من موقفه.
خرج من الحجرة بعد عدة دقائق قليلة تاركًا الجميع، رأى عصمت تحتضن الفتاة بسعادة، أقبل عليهما لتنطق عصمت وهي تقترب عليه تحتضنهُ:
-مبروك يا حبيبي، ألف مبروك يا يوسف
-الله يبارك يا تيتا
نطق فؤاد الصغير وهو يزفرُ ضجرًا:
-يلي يا بوسي
اشار لها بعينيه لتمضي بطريقها مع شقيقها وتحدثت عصمت للشاب:
-الباشا مستنيك في الليفنج روم يا يوسف
-هطلع أخد شاور سريع وانزله بسرعة… نطقت بجدية:
-بس متتأخرش، إنتَ عارف جدك بيحب ينام بدري
-متقلقيش يا حبيبتي، أقل من نص ساعة وأكون عنده.
_______________
أما بداخل الغرفة مازال الزوجين يتحدثان ليقطع حديثهما ذاك المشاغب:
-بابي، عارف يوسف، كان مقعد بيسان على حجره وبيبو.سها من بوقها
اتسعت عيني إيثار التي صاحت بارتباكٍ:
-ولد، إطلع على اوضتك يَلا
أمسكه فؤاد قبل أن ينطلق مهرولاً وتحدث بابتسامة مزيفة:
-لا يطلع مين، ملوك حبيب بابي هيقعد هنا
واجلسه فوق المقعد ليتابع وهو يربت على ساقيه كالاسد الذي يجهز فريـ,ـستهُ قبل أن يلتهمها:
-ويحكي لي على كل حاجة بالتفصيل الممل، مش كده يا حبيب بابي؟
تشجع الابله وبدأ يحكي بلهفة وحماس تحت ارتباك ايثار التي بدأت بلـ,ـطم خدها برفقٍ:
-بص يا بابي، انا قولت لـ زوزة،يا زوزة أنا عاوز أدخل عند چو أقعد معاه،هي قالت لي مش هينفع عشان هو عريس
كان يستمع إليه محركًا رأسه بإيمائة تصاحبها ابتسامة مرسومة بدقة تحت ارتعاب إيثار التي لوت فاهها تنتظر انفـ,ـجار البركان، ليتابع الصغير هامسًا بحماسٍ:
-أنا بقى فضلت مراقبها، وخليتها دخلت المطبخ تعمل لـ نانا الشاي بالنعناع اللي طلبته منها
واشار بكفيه في مشهدٍ تمثيلي:
– واتسحبت وروحت فاتح الباب بسرعة، علشان لو خبطت زوزة هتسمعني وهتيجي تقفشني
-بسم الله ماشاء الله عليك، عبقري يا حبيبي…قالها بهدوء ما قبل الانفـ,ـجار ليتابع محفزًا:
-كمل يا بابا كمل تحفز ليكمل:
-روحت فاتح الباب بسرعة، لقيت چو قاعد على الكرسي اللي هناك ده، وبوسي قاعدة على حجره، عارف يا بابي لما جدو بيقعدني على حجره ويبوسني من هنا
وأشار على خده ليتابع بابتسامةٍ بلهاء وهو يشير على شفتيه:
-بس چو كان بيبوسها من هنا
-كمان هتشبه جدك وتسوء سُمعته…قالها فؤاد بهدوء قبل ان يهب واقفًا وبكامل صوته صاح:
-يا عـــزة، إنتِ يا هانم
ارتجف جسد إيثار وحضرت عزة مهرولة:
-نعمين يا باشا؟!
تطلع يرمقها بافتراسٍ ثم هتف من بين أسنانه بزمجرةٍ:
-أنا مش مأكد عليكِ متسبيش الواد ده لوحده ومتخليهوش يدخل عند أخوه
أشارت بكفها اظهر كم الر..عب الذي سكنها جراء هيأته التي توحي بوشوك انفجارٍ:
-وغلاوتك عندي يا باشا فضلت مرقباه، بس سهاني لما دخلت أعمل للست الدكتورة كباية شاي بالنعناع، اصلها متشربوش أبدًا غير من إيدي، آه
وتابعت بثرثرة كالعادة وهي تهز رأسها بافتخارٍ متناسية غضب الآخر:
-بتقول لي يا عزة أنا مبتمزجش غير من كباية الشاي بالنعناع اللي بشربها من….
قطع حديثها بذهولٍ، حتمًا ستصيبهُ تلك المرأة ذات يومًا بسكتة دماغية:
-إنتِ إيه يا ست إنتِ، إنتَ عاوزة تجننيني؟!
سألتهُ بذهولٍ من حدته:
-ليه يا باشا،هو أنا عملت حاجة؟!
تدخلت إيثار حين رأت زوجها يقترب على عزة كالأسد المنقض على فريـ,ـسته فهرولت لتخبأها خلفها وبدورها تمسكت الأخرى بثوبها كالفأر المذعور،لتنطق إيثار هامسةً من بين أسنانها:
-إخلصي وانطقي من غير رغي كتير أبوس إيدك
-عيني… لتتابع ومازالت تختبيء خلف ايثار:
-وهو راح مسهيني ودخل عند أخوه، وغلاوتك عندي هو ده كل اللي حصل يا باشا
استدار ناحية نجله فهرولت إيثار إلى ذاك الصغير الجالس يهز ساقيه ببلاهةٍ ولا مبالاة ووقفت امامهُ تمنعُ بذراعيها اقتراب زوجها وهي تترجاه:
-علشان خاطري بلاش تنكد عليه في يوم زي ده، أخوه بايت وفرحان بلمة اخواته حواليه
توقف يطالعها بحدة لتتابع وهي تربت بكفها على صدره:
-وحياتي عندك يا فؤاد
لم يستطع الصمود أمام توسلاتها وتحدث بكظمٍ:
-خليها تاخده من قدامي تطلعه أوضته وميخرجش منها لحد ما اشوف هعمل معاه إيه
-حاضر…قالتها بطاعة وتابعت وهي تقترب عليه:
-تعالى نطلع اوضتنا علشان تغير البدلة وتلبس ترنج مُريح
فهم مغزى حديثها التي تعمدته كي تهدأ من ورعه،أغمض عينيه وزفر ليخرج شحنة غضبه بينما انتشلت عزة الصغير وهرولت للخارج وهي تقول:
-تعالى يا أخرة صبري يلي قالل قيمتي معاك وجايب لي الكافية
___________________
في منزل ماجد
ولچت بصحبة الفتى لتجد والديها يجلسان في بهو المنزل فتحدثت وهي تجوب المكان بعينيها:
-فين جدو ونانا
-مشيوا لما لقوكي اتأخرتي…قالها ماجد فتيقنت أن أباها استدعاها للخوف عليها ليس إلا
وتحدث بوجهٍ بشوش:
-اطلعي يا حبيبتي غيري هدومك وارتاحي
وقفت فريال لتحتضن الفتاة وهي تقول:
-مبروك يا روح قلبي
-ميرسي يا مامي… نطقتها وسعادة الدنيا تقطن فؤادها.
______________
صعد يوسف إلى غرفته وخلع عنه حِلته وبدأ يفك ربطة عنقه واذ برنين هاتفه يرتفع معلنًا عن وصول مكالمة هاتفية،نظر بشاشته وزفر حين رأى نقش اسم “عمرو البنهاوي”وهو يكرر اتصاله اللاعدد له اليوم وبكل مرة يواجه نفس المصير”عدم الرد” ، قرر الإجابة لغلق ذاك الموضوع وتحدث بحدة:
-أفندم
صرخ ذاك الواقف تحت البناية الخاصة بنجلاه وحولهُ رجال حراسته قائلاً:
-إنتَ فين يا محترم، مرجعتش بيتك لحد الوقت ليه؟
هتف يوسف بحدة مماثلة لحدة ذاك الغاضب:
-وإنتَ إيه اللي يخصك إذا كنت أرجع ولا ما ارجعش؟، وبعدين إنتَ عرفت منين أصلاً إني مش في البيت؟!
صاح بغضبٍ نم عن كم الإنزعاج:
-لأني واقف متلقح قدام بيتك من ساعة ما حفلة كتب كتاب إبني المحترم ما خلصت، جاي أبارك لابني اللي معزمنيش، إبني اللي صغرني وفضحني وفضح نفسه قدام الناس كلها
وصرخ يلومهُ:
-بقى بتكتب كتابك من غير أبوك يا يوسف، ومش كده وبس، رايح تخلي الراجل اللي سرقك مني وكيلك في العقد؟!
صاح بحدة بالغة مدافعًا عن فؤاد:
-قصدك أبويا اللي رباني وخد باله مني لما أنتَ رمتني وهربت علشان تعيش حياتك وتتجوز وتخلف
صرخ بجنونٍ يدافع عن حاله:
-قولت لك ألف مرة أنا مهربتش، هو اللي لفق لي تهمة بالإتفاق مع أمك علشان يبعدوني عنك
بنبرة تقطرُ اشمئزازًا أجابهُ:
-هو أنتَ مبتزهقش من كذبك ده
هتف مدافعًا عن نفسه:
-أنا مش بكذب يا يوسف، وعيب تكلم أبوك بالطريقة دي
صاح يجيبهُ بحدة:
-إنتَ اللي بتجبرني إني اعاملك بالشكل ده،ولعلمك،أنا مكتفتش بكلام عزة ليا عن الماضي واللي إنتَ واهلك عملتوه في أمي
وتابع مسترسلاً مع تزامن دخول إيثار التي استمعت إلى صوت نجلها فحضرت لتطمئن عليه:
-أنا تحريت من خلال مصادري وعرفت بشاعة حقيقتكم، عرفت اللي أفظع بكتير من اللي قالتهولي عزة
وتابع بتحذيرٍ:
-وقبل ما تخترع كذبة جديدة إفتكر إني بقيت ظابط في المخابرات الحربية، يعني معلوماتي كلها موثقة بأدلة
تنهد عمرو بعدما فشل أمام دهاء نجلهِ وتحدث مغيرًا الموضوع:
-هتيجي أمتى؟
نطق بجدية:
-أنا بايت، ريح نفسك وارجع لمراتك وعيالك
احتد داخله وهتف رافضًا:
-انا مش موافق إن بنتي تنام برة بيتها، اتفضل هاتها لي على بيتي حالاً
نطق بحدة متهكمًا:
-اجيبها لك علشان تشغلوها خدامة تاني، ده في أحلامك، وبعدين امتى كانت زينة بنتك؟
وزفر ليكمل باستياءٍ من حاله:
-أرجوك كفاية لحد كده وإقفل، لأني مش حابب أغضب ربنا وأغلط فيك أكتر من كده
-ماشي يا يوسف، أنا هسيبك لأن من الواضح إنهم عرفوا يكرهوك فيا صح،بس مش هيأس من محاولاتي، وأكيد هييجي اليوم اللي هعرف ارجعك لحضن أبوك تاني
اشمئز يوسف وأغلق لتتنهد إيثار وهي تقول:
-عايز منك إيه؟
نطق بابتسامة ساخرة:
-الباشا بيلومني علشان وكلت أبويا عني في كتب الكتاب، وإزاي معزمهوش؟
تنهدت بأسى ظهر بعينيها ثم زفرت لطرد تلك المشاعر السلبية، أقبلت عليه لتحتوي وجنتيه قائلة بابتسامة أدخلت على قلب الفتى السلامَ:
-حبيبي، النهاردة أسعد أيام حياتك، خليك في فرحتك وإوعى تدي لأي حد الفرصة في إنه ينزع منك سلامك
وتابعت:
-إدخل خد شاور على ما اطلع لك ترنج من الدولاب، وانزل بسرعة علشان جدك واخواتك مستنيينك تحت
احتوى كفيها وقرب احدهما من شفتيه يقبلهُ، ثم تعمق بعينيها وتحدث مُمتنًا:
-لو عيشت عمري كله أشكرك على كل اللي عملتيه علشاني مش هقدر أوفيكي حقك
نطقت بملاطفة كي تخرجه من حالة التأثر تلك والاندماج بها ووصولهما للبكاء:
-بطل كلام خايب ويلا علشان متتأخرش على جدك.
اومأ لها وتحدثت هي:
-ادخل الحمام وأنا هحضرلك هدومك.
_____________
انتهى يوسف من الاستحمام ونزل إلى الطابق الارضي وجد الجميع بانتظاره، قضى ليلة سعيدة مليئة بالضحات والحديث المثمر وبعد مدة اتجه كلٍ على غرفته ليخلدوا للنوم،سوى فؤاد الذي أصر على الاستمتاع مع زوجته داخل حجرة الچاكوزي وبالفعل اتجها واستمتعا معًا ليسرقا من الزمن سعادتهما .
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بعد مرور يومين
إتصل يوسف بـ والد زوجته وأخذ منه الإذن بأن يصطحب”بيسان” في جولة إلى مزرعة الخيول لقضاء بعضًا من الوقت، وافق”ماجد”، حدد يوسف الموعد الرابعة عصرًا والأن أصبحت الثانية والنصف، خرجت من الحمام مرتدية “البرنس”أخذت نفسًا عميقًا وهي مغمضة العينين مما دل على وصولها لحالة عالية من الإسترخاء،تحركت إلى هاتفها الجوال والتقطته من فوق الطاولة لتضغط رقم”سَيدُ قلبها” انتظرت سماع صوتهِ بإبتسامة رائعة وكأنها تنتظرُ بزوغ فجر العيد.
على الجهة الأخرى، كان يغط في سباتٍ عميق فوق فراشهِ، استمع إلى رنين هاتفه الجوال فتمللَ وفرد ذراعيه بتكاسُلٍ، بسط ذراعهِ يلتقطُ هاتفه كي يجيب على “آسرة القلب”، يعلم أنها هي لذا أجاب سريعًا لينطق بصوتٍ أجش بفضل نُعاسهِ الشديد:
-حبيبي
-نعم!…قالتها وهي تتخصر لتتابع بتبرمٍ:
-شكلك لسه نايم يا حضرة الظابط؟
ابتسم ليجيبها بأجفانٍ مُغلقة:
-ما أنتِ صحتيني أهو يا حبيبي
نطقت بانزعاجٍ ظهر بين نبراتها الحادة:
-إنتَ بتهرج يا يوسف، هتلحق تجهز إمتى؟،لسه هتاخد شاور وتلبس وتسوق من عندك لحد هنا
وتابعت بصوتٍ يملؤهُ خيبة الأمل:
-هنروح المزرعة إمتى،اليوم هيخلص ومش هنلحق نركب خيل
سحب جسدهِ ليستند على ظهر التخت قبل أن يتحدث بنبرة تدعوها للسلام:
-يا قلبي إن شاء الله هنلحق نعمل كل اللي خططنا له وأكتر كمان،ثقي في حبيبك بقى
نطقت بجدية تحثهُ على الإسراع:
-طب يلا إتحرك يا أستاذ،ولا هتفضل تكلمني كده من على السرير؟
ضيق بين عينيه ثم سألها:
-وإنتِ عرفتي منين إني لسه على السرير؟!
بصوتٍ يحملُ كل معاني العشق تحدثت:
-علشان حافظة أنفاسك يا حبيبي، من صوتك ونفسك أقدر أفهم وأعرف اللي لسانك منطقش بيه.
أغلق معها وبأقل من النصف ساعة كان يخرج من غرفته ليجد شقيقتهُ جالسة تتطلعُ امامها بشرودٍ وقد استوطن الحزن ملامحها، تحدث إليها متسائلاً:
-قاعدة كده ليه يا زينة
انتبهت لخروجهُ ثم اجابته بوجهٍ ارتسم العبوسُ عليه:
-مفيش، بريح دماغي من المذاكرة شوية
تنهد بحزنٍ لأجلها ثم تحدث قبل ان يتحرك:
-ذاكري وخلي بالك من نفسك،ولو احتجتي أي حاجة رني عليا وتابع يخبرها:
-انا طلبت لك غدا البواب هيستلمه من الدليفري ويطلعهولك بنفسه، وانا مش هتأخر إن شاء الله
-حاضر يا يوسف، روح وانبسط مع بوسي ومتشيلش همي،أنا كويسة.
قاد سيارته وزفر بقوة ليعود بذاكرته إلى ما قبل العشرة أيام،حيث هاتف رامي وطلب منه تحديد موعدًا وبالفعل تقابلا في مكانٍ عام،بعد الترحيب تحدث يوسف بجدية:
-أنا هدخل في الموضوع مباشر لأني مبحبش اللف والدوران
-ولا أنا بحبهم يا باشمهندس… قالها رامي لينطق يوسف من جديد:
-كده نبقى متفقين
وسأله مباشرةً:
-إنتَ عاوز إيه من أختي يا رامي؟
ارتبك الشاب قليلاً ثم استجمع نفسه ليجيب بجدية وصدق:
-عجباني أخلاقها وشخصيتها
سأله يوسف بجدية:
-وبعدين؟
أجاب الشاب:
-هتقدم لها أكيد، بس مستني أخلص السنة دي وأستلم شغل وكنت هتقدم لها على طول
-كده تمام قوي، إنتَ اثبت لي إنك راجل محترم، علشان كده هكلمك بكل وضوح قبل ما تفكر تتقدم
واكمل يشرح له وضع زينة وكل ماضي والديها بكل شفافية،وترك له حرية الاختيار ، لم ينسى تلك الصدمة التي رأها على وجه الشاب وهو يخبره بماضي سُمية، لم يكن يتمنى أن يفعل هذا ولكنه أراد حسم ذاك الموضوع قبل ان تتورط شقيقته أكثر بالتعلق بالشاب وبعدها يحدث ما لا يُحمد عقباه وتتعرض لانتكاسة جديدة تجبرها للعودة داخل قوقعتها،طلب رامي من يوسف منحه بعض الوقت للتفكير قبل أن يتخذ قرارًا مصيريًا كهذا،
بينما يوسف تحدث بجدية:
-أنا مش مستني منك رد ولا عاوز أحطك في موقف محرج لينا إحنا الاتنين، انا شرحت لك كل حاجة بالتفصيل وبأمانة علشان تبقى عارف كل حاجة عن البنت اللي المفروض هتكون مراتك
وتابع مدافعًا عن شقيقته:
– وأظن انا مش محتاج أتكلم على أخلاق أختي اللي إنتَ بنفسك أشَدت بيها وكانت السبب الرئيسي للفت انتباهك، كل اللي بطلبه منك لما تاخد قرار تبقى راجل وإنتَ بتنفذه، يعني لو قررت تكمل ياريت تبلغني، ولو قررت تبعد يبقى من الأفضل تكلم زينة وتقول لها إنك فكرت في موضوعكم وحسيت إن شخصياتكم مش مناسبة لبعض
وتابع بحزمٍ:
-بس من اللحظة دي تبعد عن أختي نهائي وتبلك كل حسابتها من عندك، لأني لو عرفت إنك مكمل رغم قرارك
لم يدعه يكمل تهديده لينطق:
-مفيش داعي لكلامك ده يا باشمهندس، أنا عندي أخت واللي مرضهوش عليها مقبلهوش على بنات الناس، وحتى لو أنا وحش، مش زينة اللي يتعمل فيها كده
زفر يوسف بقوة وعاد بتفكيره للواقع، بعد قليل كان يقف مستندًا على سيارته أمام منزل ماجد في انتظار بيسان حيث أخبرها عبر الهاتف أنه ينتظرها بالخارج، خرج ماجد عليه ليعتدل يوسف بوقفته إحترامًا لذاك الذي أقبل عليه يسألهُ بجدية:
-واقف برة ليه يا باشمهندس؟
-مستني بيسان حضرتك…قالها بجدية لينطق الآخر بنبرة تحملُ بين طياتها لُطفٍ ولين لأول مرة يلتمسهما:
-طب أدخل استناها جوة، عيب وقفتك دي يا يوسف، إحنا بقينا أهل خلاص
تشوش عقلهُ ولم يستوعب ما إذا كان هذا الشخص الذي يقف أمامهُ هو ماجد بشحمهِ ولحمه، ذاك الرجل الذي لم يبغض شخصًا بحياتهِ مثلما بغضه،لينطق الآخر مسترسلاً حديثهُ بتأثرٍ ظهر عليه:
-أنا عارف إنك مستغرب كلامي ومش مستوعب تحولي الجذري في معاملتي ليك، بس أنا عاوز أبدأ معاك صفحة جديدة، أنا سلمتك بنتي خلاص، أغلى حد في حياتي، وعرفت إني قد إيه كنت غلطان لما شوفت سعادتها في عنيها
وتابع ماجد بتنهيدة حزينة:
– من يوم ما اتنقلت من هنا وحتى من قبلها بكام شهر، مشفتش الضحكة طالعة من قلب بنتي غير وإحنا في المستشفى،وبرغم إنها كانت تعبانة بعد كمية الدم اللي نزفته، إلا إنها بمجرد ما دخلت عليها واتكلمت معاها بنتي دبت فيها الحياة من تاني، وكأن روحها كانت سيباها ورجعت لها معاك
كان يستمع إليه والذهول حال عقله، فأخر شخص توقع أن يستمع منه تلك الكلمات هو ماجد، لم يكتفي بما قاله فقد باغته بالتمسك بكفيه وهو يترجاهُ بعينيه:
-علشان كده بطلب منك تخلي بالك منها،إوعدني إن اللمعة اللي ظهرت في عيونها مع رجوعك تفضل سكناها
وتابع يحثهُ على الوعد فبالنهاية هو أب يحمل مشاعرًا بقلبه لا يسعها الكون:
– إوعدني يا يوسف
ازدرد ريقهُ كي يتخطى صدمته ليجيبهُ بجدية:
-قبل ما أوعدك يا دكتور عاوزك تعرف حاجة مهمة هتريحك لو فهمتها
تمعن ماجد ليتابع يوسف بصدقٍ شديد:
-بيسان هي النفس اللي من خلاله لسه عايش ومكمل،وياريت تفهم إن أنا وهي جسدين بقلب وروح واحدة،يعني مينفعش حد فينا يكمل من غير التاني،ولا حد فينا يجرح التاني، لأن بقاء كل واحد مننا بخير، معتمد على سعادة التاني
صدق كلماته وصل إلى عمق قلب ماجد ليتابع الآخر يوعدهُ:
-وبالنسبة للوعد فأنا هوعدك باللي يطمن بالك ويريحه، أنا بوعدك إني أتقي الله فيها وأعاملها باللي يرضي ربنا، وهعاملها بالمعاملة اللي اتمنى يتعاملوا بيها اخواتي”زينة” و”تاج”
تنهد ماجد براحة ليقطع اندماجهما خروج بيسان التي اقتربت عليهما بترقبٍ وريبة خشيةً من أن يكون والدها قد أزعج حبيبها كما المعتاد، ليفاجأها ماجد بابتسامة وهو يحتويها بذراعه ليقول إلى يوسف:
-خلي بالك منها يا يوسف، وأكد على “سلامة” يخلي باله من ربط السرج بتاع زغلول وأمانه
نطق بهدوءٍ:
-متقلقش يا دكتور،أنا بنفسي هربط لها السرج وأمن عليه
تخطت سعادتها عنان السماء وهي ترى ذاك الحوار الدائرُ برُقيٍ بين احب رجلين والأقرب إلى قلبها، فتح يوسف الباب إلى بيسان لينطق ماجد وهو يفك ذراعه من حول كتف الفتاة:
-إبقى هات زينة وتعالوا بكرة اتعشوا معانا يا يوسف
اتسعت أعين بيسان، فقد فاق حديث والدها جميع التوقعات، نطق يوسف بهدوءٍ:
-إن شاءالله يا دكتور، بعد إذن حضرتك
استقلت مقعدها ليغلق لها يوسف الباب ثم انطلق وما ان ابتعد عن اعين ماجد حتى فتح ذراعه يستقبلها:
-تعالي
فكت حزام الامان لتهرول ترتمي بين احضانه،لف ساعده يحتويها ثم مال يقبل رأسها مع متابعته للطريق، نطق بصوتٍ حنون:
-وحشتيني يا عمري
شددت من احتضانه وباتت تتمسحُ بوجهها على صدره كي تُشبع روحها من حنانه ورائحة عطرهِ الرجولية، ابتعدت بعد مدة لينطق وهو يضحك متهكمًا:
-دكتور ماجد ده غلبان قوي، قال إيه بيطلب مني أاكد على “سلامة” يأمن لك سرج الحصان بتاعك
جذبها بقوة لترتطم بصدره ثم نطق وهو يغمز لها بعينه:
-ميعرفش إن حبيبي هيركب معايا على نفس الحُصان، وهخده قدامي علشان يكون قريب من قلبي
رجفة قوية اصابت قلبها وتضاعفت ضر,باته وعلى إثره بدأ صدرها يعلو ويهبط،وجهها تلون بالاحمر الداكن وتدفقت به دماء الخجل مما زادها حُسنًا وضاعف جمالها،بعد قليل كان يتحركا داخل المزرعة بايادٍ متشابكة متجهين إلى الاسطبل،أسرع عليهما “سلامة” متحدثًا:
-يا ألف اهلاً وسهلاً بالعرسان، نورتوا المزرعة
-متشكر يا عمي سلامة… قالها يوسف ليتابع الأخر بنبرة حماسية:
-عشر دقايق وهكون مجهز لكم زغلول و زهرة
نطق بجدية:
-جهز زهرة بس يا عمي سلامة
ضيق الرجل بين عينيه ليسأل:
-ليه يا باشا، هي الست بيسان مش هتركب الحصان بتاعها؟!
هتركب معايا يا سلامة… قالها ثم تابع بجدية:
-ولو فؤاد باشا أو دكتور ماجد أو أي حد سألك، هتقول إن كل واحد ركب حصانه، إتفقنا يا سلامة؟
ارتبك الرجل من نظرات يوسف لينطق متلبكًا:
-اوامرك يا حضرة الظابط
وانطلق سريعًا نحو الاسطبل لتتحدث هي:
-حرام عليك رعبت الراجل، ده من كتر ما اترعب من بصاتك افتكر انك ظابط ولأول مرة يقولك يا حضرة الظابط
قهقه ليجيبها:
-كان لازم البصة دي علشان يخاف وميفتنش علينا، خالك أكيد مش هيفوت الموضوع و هيسأله
ابتسمت له، ثم هرولت حين لمحت زهرة لتتلمس وجهها وهي تقول:
-وحشتيني يا زهرة
باشر يوسف بنفسه على ربط السرج وتأمينه ثم صعد على ظهر الفرسة وثبت حاله، أمسك كف الحبيبة وجذبها لأعلى لتجلس أمامهُ بقلبٍ ينتفضُ عشقًا ممتزج بالخجل، إنطلق بها نحو الاراضي الواسعة ليختفي من أمام ذاك الذي نطق بحيرة:
-ده إيه الورطة اللي اتحطيت فيها دي يا سلامة، لو كذبت على واحد فيهم والتاني عرف هيخفيني ورى الشمس،ده واحد مستشار والتاني ظابط، ده غُلب إيه ده بس يا ربي.
عودة إلى العاشقان، أسرعت الفرسة ورمحت بهما بسرعة فائقة بناءًا على توجيهات يوسف لها،باتت ترمح بانسيابية تحت استمتاع الحبيبين بقرب روحيهما،فعلاوةً عن أنهما يمارسان هوايتهما المفضلة”ركوب الخيل”،تتلاصقُ أرواحهما والأجساد،يا لها من سعادة تخطت جميع الحدود،مر الوقت وبدأ الظلام يخيم على المكان تحت استمتاع كلاً منهما، وجه يوسف الفرسة إلى أن تهديء من حركتها فباتت تتهادى بمشيتها ، أمسك رأس حبيبته ليريحها للخلف فاستقرت على كتفه وتحدث هو :
-عارفة أنا بحلم باللي إحنا عايشينه ده من أمتى؟!
نطقت وهي سارحة في السماء تتطلع على لمعة نجومها بانبهارٍ وسعادة:
-من إمتى؟
-من لما كنا في أولى ثانوي،اول مرة اتمشينا فيها لوحدنا بالاحصنة وكنا ماشيين بالراحة زي كده بالظبط،وقتها اتكلمنا كتير قوي، فاكرة؟
تابعت هي لتكمل على حديثهُ بتأكيد:
-طبعًا فاكرة، كانت أول مرة تعترف لي فيها بحبك بالكلام،قبلها كانت النظرات هي اللي بتتكلم
يوسف بقلبٍ ينطق عشقًا:
-من أول ما بدات أوعى لنفسي وانا بحبك يا بيسان،ده يمكن كمان من أول ما وصلت للقصر مع ماما
نطقت بهمسٍ حالم:
-وأنا كمان يا يوسف،من أول ما عيوني فتحت على الدنيا لقيتك إنتَ قدامي، أول نبضة من قلبي كانت بإسمك، حبيتك بجنون وكنا وقتها في إعدادي،حبيتك قوي لدرجة إني كنت بمـ,ـوت من الغيرة لما كنت ألاقيك واقف من بنت غيري
ابتسم يعترف لها للمرة الاولى:
-كنت بتعمد أقف مع البنات علشان أشوف غيرتك وهي قـ,ـتلاكي،وبعدها كنتي بتصعبي عليا وأبقى عاوز اجري عليكِ وأحضنك،وأقول لك متزعليش،أنا قلبي مفيهوش غيرك
مطت شفتها وهي تقول:
-ده أنتَ طلعت شرير بقى يا حضرة الظابط
-والله أبدًا،أنا كنت بحاول أتأكد من حبك ليا مش أكتر
تنفست براحة لتسألهُ بعدم استيعاب:
-يوسف، هو احنا بجد اتجوزنا؟
قهقه عاليًا ونطق يجيبها:
-أنا ليا تلات أيام كل يوم بأكد لك الخبر وبردوا مش مصدقة وتسألي
ثم جذبها ليقربها عليها وهو يقول:
-شكلك حبيتي موضوع الإثبات العملي وانا وحياة أمي ما هخزلك
جذبت حالها منه لتنطق مرتجفة بعدما ألصقها بشدة:
-إبعد يا يوسف، مينفعش اللي إنتَ بتعمله ده
وتابعت وهي تتلفتُ من حولها:
– وبعدين حد يشوفنا
نطق مفسرًا:
-أولاً طول ما احنا مع بعض مش عاوز أسمع كلمة مينفعش وميصحش،إنتِ مراتي وكل حاجة تنفع وتصح
وتابع وهو يتطلعُ من حوله في الظلام المحيط بهما:
-ثانيًا الدنيا ليلت ومحدش يقدر يشوفنا،ده غير إن المنطقة مقطوعة هنا أصلاً،يعني حججك كلها فارغة،شوفي لك حجة تانية
تبسمت ليجذبها من جديد ويعيش معها لحظاتًا طالما تمناها كلاهما.
بعد مدة أخذها وذهب إلى مطعم وتناولا عشائهما باستمتاعٍ هائل.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
صباح اليوم التالي مباشرةً
مر على منزلها واصطحبها حتى يوصلها بطريقهُ إلى الجامعة، توقف بسيارته ليترجل ثم استدار يفتح لها باب السيارة، تمسكت بكفه وترجلُت لترفع قامتها بكل فخرٍ، أخيرًا تزوجت بمن عاشت حياتها تتمنى قُربه، ليتحقق الحلم وينول كلاً منهما المراد، تأبطت ذراعهُ ليُسرع عليهما زملاء دراستها، حيث أن اليوم هو الاول لنزولها إلى الجامعة، بعد قليل انفض الجميع من حولهما ليتفاجأ بوقوف ذاك الحقود جانبًا مع صديقه وهو يرمقهما بنظراتٍ حاقدة،تحدث إليها بهدوء:
-خليكِ مكانك وراجع لك على طول
تمسكت برسغه تحثه على التوقف:
-بلاش يا يوسف علشان خاطري
طالعها باطمئنان وهو يربت على كفها بحنانٍ بالغ رغم ما يشعر بهِ من نارٍ مستعرة:
-متخافيش
تركها ترتجفُ وتحرك باتجاه ذاك الحقود وبدون مقدمات سألهُ بحدة ظهرت بنظراته والكلمات:
-إنتَ إيه اللي جابك الجامعة تاني،مش أبوك قال للباشا إنه هيسفرك ويخلص الناس من قرفك
نطق بمراوغة وبرود استفز به الآخر:
-أب وغلط،هنعلق له المشانق ولا إيه يا هندسة
وتابع بابتسامة مستفزة:
-ولو جاي تحاسبني على كلام أبويا، روح الأول حاسب أبوك على أفعاله
قطب جبينهُ يسأله بحدة:
-ومال ابويا بكلامنا
نطق بغلٍ:
-البيه أبوك هو اللي جه لحد عندي وشجعني على الخطة اللي عملتها، ساعدني علشان أفرق بينك وبين حبيبة القلب
هتف يوسف مشككًا:
-إنتَ كذاب
رفع كتفيه واجاب بلامبالاة:
-وأنا هكذب في حاجة زي كده ليه، قدامك نادر أهو حتى إسأله
وتابع ساخرًا:
-وهنروح بعيد ليه، متروح تسأل الباشا أبوك، ده حتى راجل واصل وهينفعك، هو اللي ظبط لي كل حاجة وبعت لي رجالته تراقب الدنيا لحد ما الموضوع ظبط
وتابع وهو يتطلعُ على نادر:
-ما تقوله يا نادر
هتف بقوة أظهرت صرامته:
-لا يقول لي ولا أقول له، أنا اللي هقول لك كلمتين ولو حابب تتقي الله في نفسك تسمعهم وتنفذهم بالحرف، ولو مش حابب يبقى أنتَ الجاني على روحك، ومتنساش إنك واقف قدام ظابط في المخابرات
تنفس بعمقٍ ثم تابع بجدية وصرامة:
-بيسان خلاص بقت مراتي وتخصني، يعني لو فكرت بس تبص لها من بعيد، والله، والله كمان مرة يا نبيل ما هرحمك
واسترسل بتهديدٍا مباشر:
– وقد أعذر من أنذر.
لم ينتظر الرد وتحرك باتجاه حبيبته المترقبة بجسدٍ ينتفضُ رعبًا،لينطق نادر بجدية:
-أحسن حاجة إنك كشفت له وش أبوه الحقيقي،الواطي اللي ورطك وطلع منها زي الشعرة من العجينة
ربع ساعديه ونطق بهدوءٍ مميت:
-مش نبيل السرجاوي اللي يتختم على قفاه ويسكت يا نادر،لا ومن بجاحته متصل بيا يهددني لو جبت سيرته.
إنتهى الفصل