رواية بنات الحارة الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نسرين بلعجيلي
رواية بنات الحارة الفصل الثامن والعشرون 28 هى رواية من كتابة نسرين بلعجيلي رواية بنات الحارة الفصل الثامن والعشرون 28 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بنات الحارة الفصل الثامن والعشرون 28 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بنات الحارة الفصل الثامن والعشرون 28
رواية بنات الحارة الفصل الثامن والعشرون 28
في وسط جامع الحاره، الرجالة متجمعة والوجوه مشدودة، الجو كله توتر واستنكار. الشيخ واقف بنظرة صارمة، وصوت الخطوة على البلاط مِسمعة.
دخل صاحب معرض الأجهزة وهو شايل فاتورة بإيده.
الشيخ قال : الحمد لله إنك جيت. قُلنا بقى، الحاجات اللي إشترتها صفية بكام؟
صاحب المعرض : أنا بعتلها الأجهزة الكهربائية كالتالي :
ثلاجة شارب نوفروست 14 قدم بـ 12 ألف جنيه.
غسالة فول أوتوماتيك سامسونج 9 كيلو بـ 11 ألف.
بوتاجاز يونيفرسال 5 شعلة بـ 6500 جنيه.
شاشة سامسونج 43 بوصة بـ 7500 جنيه.
مكنسة كهربائية تورنيدو بـ 2500 جنيه.
خلاط كينوود بـ 1500 جنيه.
يعني الإجمالي: 41 ألف جنيه. بس هي دفعت مقدم صغير، والباقي كله قسط، ولسه عليها 30 ألف جنيه قسط.
حامد اتنحنح وقال : أنا كنت مديها 60 ألف جنيه في إيدها علشان تجهز هاجر.
الشيخ بص بحدة : يبقى فين باقي الفلوس؟
الحاج عثمان قال : إستنوا، فيه كمان اللبس والمفارش اللي جابتهم من جهاز زينب، فيه ورقة كانوا كاتبين فيها الأسعار فاكر يا شيخنا لما خالها و خالتها جم هنا وسلموا الحاجه؟ وفيه الهدوم الحريمي، ما انت عارف حاجه العروسه.
شيخ الجامع : أيوه فاكر جدا، خالها وصى عليها وكمان كان فاتح ليها دفتر توفير فيه مبلغ علشانها
فين الحاجه يا حامد؟
حامد دخل إيده في جيبه وطلع ورقة قديمة وقال : أهي، المفارش والفوط وأطقم السرير بـ 4 آلاف جنيه، والستائر بـ 3 آلاف، وأطقم المطبخ والكاسات والأطباق بـ 5 آلاف.
ابو محمد قال : يعني كده عندكم غير الكهربائيات كمان 12 ألف جنيه فوق الـ 41 ألف. يعني الإجمالي 53 ألف جنيه.
شيخ الجامع : ودفتر التوفير فيه فلوس؟
حامد : آه والله أهو ماقربتش منه خالص.
صفيه اتصدمت فكرت إنها مشت كلامها عليه بعدما أقنعته يطلع منه الفلوس.
وهنا دخل صاحب محل الذهب.
الشيخ قال له : إنت بعت صفية ذهب بكام؟
صاحب محل الذهب : بعتلها غويشتين وزنهم 20 جرام، وسلسلة تقيلة 15 جرام، كله على بعضه بـ20 ألف جنيه.
الشيخ قال بصوت عالي : يعني الست صرفت من ال60 ألف أقل من 25 ألف جنيه، وكل الباقي قسط وذهب.
حامد بص لصفية بغيظ : يبقى إنتِ يا وليه خذتي فلوس بنتي اليتيمة ولبسها، أخذتيه لبنتك وسايبة الديون عليا.
الشيخ قال بحسم : بصي يا صفية، معاكِ لحد صلاة الظهر يا إما ترجعي الفلوس والذهب بالكامل، يا إما نعملك محضر سرقة وتبديد مال يتيم.
نسرين بلعجيلي
صفية صوتها علي وبصوت مليان سم : أنا اللي غلطانة إني عملت معاكم خير وربتها ، عايزين ايه ؟ ما هي عانس مش كفاية إنها بومة، من ساعة أمها ما ماتت و الحاجه مرميه، تستفيد بيهم بنتي و نسترها.
الحاج عثمان ضرب عصاه بالأرض وقال : إخرسي، ماحدش هيسيب حق زينب يضيع، ولو مش هترجعيه، أنا اللي هروح أبلغ فيكِ بنفسي. و عانس إيه؟ دي لسه صغيره. إنتِ ازاي تدي حق لنفسك تاخذي حاجة بنت يتيمه .
الشيخ ختم الكلام وقال : "اللي ياكل حق اليتيم، ربنا يحاسبه حساب عسير في الدنيا قبل الآخرة. وانتِ يا صفية شوفي هتعملي إيه، وإلا هتبيتي في السجن."
شوفوا بقى عشان الكلام يبقى واضح وصريح، الأجهزة الكهربائية لوحدها بـ42 ألف جنيه. الأدوات المنزلية اللي هي الأطباق والحلل والخلاط والمكواة دي بـ9 آلاف جنيه. أما الملابس والستائر والمفارش اللي خال زينب جابهم، دول ثمنهم 6 آلاف جنيه وفيهم ورقة بالحساب. وفوق ده كله، صفيه إشترت سلسلة و2 غوايش ذهب بـ21 ألف جنيه، وده باعتراف صاحب محل الذهب.
يعني المجموع كله 78 ألف جنيه،
وأنا بقولها لك قدام الكل يا صفيه : المبلغ ده لازم ترجعيه قبل صلاة الظهر. إما ترجعي الفلوس والذهب والمفروشات، يا إما نكتب محضر رسمي، وساعتها لا هيكون فيه فرح ولا غيره. وخلوا الحاج عثمان يمسك الفلوس والذهب عشان يجهزوا بيهم زينب لما تيجي تتجوز.
الكلام واضح وأي لعب بعد كده يبقى المحضر هو اللي هينطق.
الرجالة اتفرقت لكن كلها بتبص لصفية باشمئزاز، وصفية واقفة في نص الدائرة، لا عارفة ترد ولا تهرب، وحقدها في عينيها بيغلي.
صفية دخلت البيت وزقت الباب برجليها كأنها داخلة على حرب.
وراها حامد، صوته عالي وصبره اتقطع : إنتِ وشك ما اتكسفش من اللي اتقال عليكِ قدام خلق الله؟ مش كفاية بهدلتينا وسط الرجالة يا ست إنتِ.
صفية رمت الشبشب برجليها وقالت بغل : وسط الرجالة؟ وسط الرجالة اللي ماسكينلك عيبك؟ أنا مش ناقصاك إنت كمان. هو أنا كنت باشتري حشيش؟! أنا بجوز بنتي يا جدع انت.
حامد غلا في قلبه وقال : بتجوزي بنتك من عرق مين يا صفية؟ من عرق اليتيمة؟ 40 ألف تمن جهاز زينب، و12 ألف على المفروشات وادوات المطبخ، وذهب بـ18 ألف، وحاجات تانية ملهاش ثمن، كله سرقاه بدم بارد؟
صفية بحده : آه سرقته، وهاعمل أكتر من كده. أنا مش هافرج الناس على بنتي و يقولوا دي اتجوزت على الحديدة. كان فيه كراتين و جهاز مركون ولا لسه صاحبتهم اللي يا عالم هتتجوز امتى ؟
حامد : أنا إديتلك 60 ألف جنيه يا صفية، مش 6 ساغ. كنت تعملي كل حاجة من عرق جبيني، لكن لا كذبتِ عليا وقلتِ هتصرفيهم وإنتِ كنتِ بتلمّي من حق بنتي.
صفية عنيها ولعت : أنا قلت مش هتخسر، زينب مش هتتجوز، واللي عايز يحوش يحوش لنفسه. أنا عايزه بنتي تتجوز بعز، مش الناس تضحك عليها.
حامد : العز اللي على حساب مين يا صفية؟ على حساب بنتي؟ والله حرام فيكِ اسم ست. الشيخ قالها 78 ألف جنيه لازم يرجعوا، مش بفلوسك دي بفلوس اليتيمة.
صفية زعقت : فلوس إيه وبتاع إيه؟ أنا بعت ذهب قديم عندي وجبت حاجة جديدة، وأنا بكيفي. واشتريت حاجات جديدة وإنت لو راجل فعلاً، كنت صرفت على بنتك زي ما باصرف على بنتي.
حامد بصوت واطي وعينه فيها قهر : أنا ....انا..... راجل يا صفية، وانتِ اللي ست مالكيش أصل. والله لو ما رجعتِ كل قرش وزيادة، لا تشوفي يوم الكل يضحك عليكِ، ده الشيخ عثمان حاطط العين عليكِ.
نسرين بلعجيلي
صفية : عيب عليك يا حامد، أنا ست بيتك، بتبيعني عشان بنتك؟
حامد : ببيعك عشان الحق، عشان اليتيمه اللي سايبها تتبهدل في الدنيا وأمها في قبرها مش عارفه ترتاح منك.
صفية : هاتشوف يا حامد، والله لهوريكم أنا مين. مش هسيب حقي يضيع، لا مني ولا منكم.
حامد بصلها بغل وقرف وقال : حقك إنتِ؟ إنتِ اللي واخذه حاجات مش حقك ولسه حتشوفي مني. أقسم بالله ما هسكت، وحخلي الحارة كلها تشهد عليكِ لو ما رجعتِ كل جنيه وكل معلقة وكل الهدوم لزينب.
صفية ضربت كفها في بعضها وقالت : ماشي يا حامد، وريني هتعمل إيه. أنا قلتها وحقولها، أنا ما بخافش منكم.
وخلت عنيها في الأرض ومشت على أوضتها، وهي بتشد هدومها بعصبية، وعينيها بتقول "لسه في جعبتي كلام وحركات، إنتم لسه ماتعرفوش مين هي صفيه "
في إيطاليا، تحديدًا في مدينة ميلانو جنب محطة القطار وسط البلد، كان أحمد قاعد ومعاه كذا شاب مصري، قاعدين بيشربوا وبيتحرشوا بالبنات اللي معديين.
لحد ما شافهم راجل وراح لهم.
الراجل : عيب عليكم.
أحمد لفله عنيه وهو ماسك الكاس، وقال للراجل بسخرية : عيب علينا إيه يا عم الحاج؟ إنت شايف نفسك في جامع مش جنب المحطة.
الراجل بص له بحدة : إنت في بلد ناسها محترمة، مش في حارة عشوائية، عيب تتكلموا كده وتبهدلوا سمعة المصريين هنا.
واحد من الشباب اللي مع أحمد ضحك وقال : يا عم سيبنا نفرج عن نفسنا، الدنيا هنا سايبه.
الراجل : سايبه؟! سايبه للي معندوش ضمير. إنما انت وأمثالك بتعملوا مصايب، والبوليس لو شافكم كده مش هيرحمكم. وعيب تمسكوا في بنات الناس كده في الشارع.
أحمد وقف واتزنق في الكلام، لكن غروره ما خلاهوش يسكت : إنت مالك، هو إنت أبونا هنا ولا محامي عنهم؟ إحنا رجالة وبنعرف نتصرف.
الراجل قرب منه وقال بصوت هادي بس ثقيل : رجالة؟ الرجولة مش سُكر وتحرش، الرجولة لما تحترم نفسك وتحترم اللي حواليك. لو مش خايف على نفسك، خاف على شكلك قدام العالم. إنت مصري مش كده؟!
أحمد وشه أحمر وبان عليه الخوف شوية، خصوصًا لما شاف الراجل بيقرب كأنه حيبلغ البوليس.
الراجل قال : أنا سايبكم المرة دي، بس لو شُفتكم تاني بتعملوا كده هخلي البوليس يشدكم شد. إتفضلوا من هنا بدل ما نعمل فضيحة.
الشباب بدأوا يتحركوا واحد ورا التاني، وأحمد رمى الكاس برجله واتنرفز، بس مشي وراهُم، وهو بيشتم الراجل في سره.
وراحوا قعدوا في مكان فيه شباب مصريين مشغلين أغاني مهرجانات وقاعدين يرقصوا.
أحمد : مالك يا عم؟ شايل طاجن ستك على دماغك كده ليه؟
علي : النهاردة رحت قدمت ورق الطلاق للمحامي، وطلعت من البيت وسكنت مع الرجالة اللي معايا في الشغل.
كريم : إيه؟ إنتَ عايز تطلق ماريا؟
علي : أيوه.
كريم : حرام عليك يا أخي، تقول لربنا إيه؟ الست دي شالتك ووقفت جنبك بعد ما كنت نايم في الشارع، دخلتك بيتها واتجوزتك وأخذت الإقامة والجنسية، وبقت وحشة دلوقتي؟
أحمد : مش دي اللي كانت معاك، واللي بتحبك؟ المرة اللي فاتت جاتلك على البار وانت سكران وتعبان.
علي : أيوه هي.
كريم : طب عملتلك إيه عشان تطلقها؟
علي كان متأثر جدًا وقال بصوت مخنوق : المصيبة إنها ما عملتش حاجة، بس أمي كل يوم تتصل بيا وتقول لازم تطلقها.
كريم : أمك دي ست قادرة، مش كفاية عايشة من رزقك اللي انت بتبعثُلها من هنا، وبتصرف على إخواتك، وفي الآخر جوزتك لما نزلت وماريا قبلت وسكتت. دلوقتي بقت عايزاك تطلقها، عارف ليه؟ عشان ما تصرفش عليها ولا على عيالك، وكل فلوسك تبقى ليها. نسيت لما عملت العملية، ماريا هي اللي بعثت الفلوس لأمك؟ نسيت لما ساعدتك تبني بيتكم في البلد؟ خلاص بقى ماريا مالهاش لازمة، قال يعني أكبر منك.
أحمد : ولا باين عليها، ست حلوة، ومش باين عليها سنها، مش زي بتوعنا، عاملين زي الغُفر.
كريم : أسكت إنت شكلك سكرت وابتديت تخرف. قولي بقى، ماريا عارفة إنك حتطلقها؟
علي : لأ.
كريم : بص يا صاحبي، إسمع مني، اللي بتعمله ده حرام. الست دي وقفت معاك في المرة قبل الحلوة، وشُفت الخير على إيديها، نظّفتك كده وبقيت تلبس ماركات، علمتك السواقة، وجابتلك عربية، سفرتك ولفيت معاها أوروبا كلها، وفي الآخر تتجوز فلاحة بس عشان أمك عايزاها تخدمها في البيت؟ وفوق كل ده، دفعت دم قلبك فيها، لا بتحبها ولا طايقها، بس كل ده عشان خاطر أمك اللي ما تعرفش ربنا، وقال إيه؟ منقبة!
أقسم بالله كل كلمة قالتها على ماريا هتتحاسب عليها يوم الدين. لا بقى اللي إنت بتعمله ده بيشوّه سمعة المصريين أكتر ما هي مشوهة، نتجوز هنا علشان الإقامة، وبعد ما تخلص المصلحة نطلق.
ماريا بتحبك وإنت بتحبها أمك دي عايزة فلوسك وبس، لو ولعت انت بجاز مش هيهمها. بلّغها كده إنك تعبان وسِبت الشغل، وشوف هتعمل معاك إيه. سلام يا صاحبي. عقلك في راسك تعرف خلاصك.
نرجع لحارتنا...
الليل مزيّن شوارعها بالأنوار والضحك. زينب كانت قاعدة في أوضتها، ورن تليفونها.
زينب : ألو؟
فارس : إزيك يا زينب؟
زينب : الحمد لله، وحضرتك عامل إيه؟
فارس : مافيش داعي للرسميات دي يا زينب.
زينب : حاضر.
فارس : كله تمام معاكِ؟
زينب : أيوة الحمد لله، النهاردة كانت حنة أختي.
فارس : ألف ألف مبروك، عقبالك يا رب.
زينب : شكراً.
فارس : طيب، ممكن تعرفيني على نفسك أكتر؟
زينب : ما انت تعرفني.
فارس : عايز أعرفك أكثر وأقرب. بصي يا زينب، أنا مش عايز أضحك عليكِ ولا أضيع وقتي ووقتك في هزار وكلام فاضي، أنا معجب بيكِ، ولو حصل قبول بينا هاجي أخطبك، أنا عايز أتجوز بجد.
زينب : مش عارفة أقولك إيه، بس يا فارس، أنا بنت من حارة شعبية، يتيمة الأم، وكبرت مع مرات أبويا اللي إنت شفتها. ماكملتش تعليمي، وقفت عند الثانوية العامة، وزي ما انت شايف باشتغل بياعة في محل هدوم. وانت باين عليك من عيلة غنية، ربنا يزيدكم، فـفي فرق كبير بينا.
فارس : كل ده أنا عارفه، وبعدين أنا مش غني أوي زي ما انت فاكرة. أنا عندي 30 سنة، اشتغلت في الخليج 10 سنين، أصلاً كنت عايش هناك علشان والدي الله يرحمه كان مدرس ثانوي هناك، ومعانا كمان أمي. بس بعد تقاعدها نزلنا مصر.
عندي أختي اللي بعتبرها بنتي مريهان، وأمي ربنا يطول في عمرها.
أنا وأختي و امي فتحنا حضانة أطفال، وأنا عندي مكتب صغير .
وهي بتكلم فارس، الباب إتفتح بعنف، دخلت صفية وعينيها كلها شر وقالت بصوت تقيل ومرعب : مين اللي بتكلميه يا بومة؟
زينب وشها شاحب، قلبها بيدق بسرعة، التليفون وقع من إيدها من الخضة.
عينين صفية بتلمع كأنها هتاكلها حية بس صفيه كانت شايله حاجه في إيديها.........
نسرين بلعجيلي
روايات نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili
القلوب السودة عمرها ما بتربح حتى لو كسبت الجولة، الخسارة مستنياها عند أول حساب.
اللهم اكفني شر من يكيد لي في الخفاء، وأخرجني من بين يديه سالمة، وأبدل خوفي أمنًا، وضعفي قوة، ورد لي حقي يا عادل يا منتقم.
يتبع ......
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا