رواية جمالها مباح من الفصل الاول للاخير بقلم اسمايعل موسي

رواية جمالها مباح من الفصل الاول للاخير بقلم اسمايعل موسي

رواية جمالها مباح من الفصل الاول للاخير هي رواية من كتابة اسماعيل موسي رواية جمالها مباح من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية جمالها مباح من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية جمالها مباح من الفصل الاول للاخير

رواية جمالها مباح من الفصل الاول للاخير بقلم اسمايعل موسي

رواية جمالها مباح من الفصل الاول للاخير

وسط ضربات الطبله وصوت الموسيقى والاغاني الشعبيه إلى بترقص عليها البنات والشباب وصلت دكتورة راما، تبارك للعروسه صديقتها من ايام الدراسه
 مكنتش لابسه ملابس ملفته رغم جمالها وجسدها المغرى وكانت بتتعمد تلبس ملابس واسعه علشان تهرب من عيون الرجال، راما بعمر ٢٤ أصغر دكتوره فى جامعتها
مشيت راما بثبات وسط الزحمه ناحيت العروسه ومن اول
ثانيه لاحظت العين الى بتبص عليهآ والى من اول خطوه ليها فى الفرح  بتراقبها
سلمت راما على  منى واخدتها بالحضن وسلمت على جوزها وهى مقرره تمشى، لكن والدة منى إلى كانت تعرفها وياما زارت بيتها حلفت انها لازم تشرب حاجه وتنور الفرح شويه وهمست فى ودن راما يمكن نلاقيلك عريس هنا؟
ضحكت راما والدة منى مش بتبطل تلمح لها عن الجواز وان عمرها بقى ٢٤ والزمن بيهرب منها.
قعدت راما وسط الحريم، متجنبه انها تبص ناحيت الرجاله او عينها تلتقى بنظرة راجل متطفل
لكن عقلها الفضولى خلاها تبص على الراجل إلى كان بيبص عليها اول ما دخلت
كان شاب تلاتينى بلحيه وشعر مشذب ولبسه أنيق واقف مع شابه رقيقه وجميله جدا كل حته فيها بتهمس بالجمال وكانو بيتكلمو مع بعض فى انسجام واضح
وسألت راما نفسها واحد زى ده معاه بنت موزه ليه يبص ناحيتها او ناحيت غيرها غير لو كان انسان قذر؟
ولما لاحظ الشاب ان راما  بصت عليه بطرف عينها، ساب كل حاجه فى ايده وقعد يبص عليها، حتى انه ساب ايد البنت إلى كان ماسكها
اوف، تنهدت راما بغضب، ايه القرف ده معقول يكون خاطب وسايب خطيبته وبييص على بنات الناس وازاى مش خايف من زعل خطيبته؟
الشاب مرفعش عينه من على دكتوره راما لحد ما حست جسمها متلبش، ولما وقفت بسرعه تودع العروسه وتهرب من نظراته لقيته بيمشى ناحيتها، راما عملت نفسها مش شايفه حاجه، ودعت العروسه واخدت طريقها ناحيت باب القاعه وفجأه لقيت الشاب دا قدامها كان بيتحجج انه ماسك حاجه فى ايده ومش عارف يتحرك وبص فى عنيها بتركيز وهمس ممكن نتعرف؟
كتمت راما صرخه علشان الناس والفضيحه وهمست انت انسان قذر، يا اخى احترم خطيبتك او اختك إلى معاك وبطل تبص على بنات الناس
همس الشاب، لكن دى من مش اختى ولا خطيبتى على فكره !!
همست راما من غير ما حد ياخد باله، وانا مالى؟ من فضلك ابعد عن طريقى خلينى امشى
طيب مش تعرفى مين الموزه إلى معايا دى فى الأول؟
همست راما مش عايزه اعرف حاجه ومن فضلك وسع كفايه فضايح !!
همس الشاب وهو بيعمل نفسه مش واخد باله انه واقف فى طريق راما
دى مش خطيبتى!!
وانا ايه دخلى همست راما بصوت أكثر ارتفاع وهى على وشك الانفجار
قال الشاب وعلى وشه ابتسامه ساخره دى مراتى
نهار اسود !! غمغمت راما فى سرها، مراتك وبتبص على بنات الناس؟ انت ايه يا اخى حيوان؟، ابعد من طريقى شخصيات مقرفه  !
مش هبعد همس الشاب بتصميم وهو يتأمل ملامح راما
__فكرت راما ان تصرخ.... ، لكنه فرح، والكلام هيوسع والشوشره وسمعتها
همست راما اقسم بالله لو مبعدتش خلال لحظه لروح لمراتك واقلها عن عمايلك القذره
وعلى وجهه ابتسامه ساخره بثبات الشاب متحركش من مكانه وهمس بجد رهيبه 
____راما لفت نفسها ودون تردد مشيت ناحيت مراته
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
مشيت راما ناحيت مراة الشاب ووشها كله غضب، لحد ما قربت منها
ثم بلا تردد همست راما ممكن اتلكم معاكى دقيقه؟
أطلقت جين ابتسامه من عيونها البندقية وابتسمت برقه هامسه اتفضلى....
الجدع إلى واقف هناك تعرفيه كويس؟..... وكان راما تعتقد حتى تلك اللحظه انه خدعة
همست جين برقه ، ايوه دا جوزى ادم
.راما .... جوزك ؟... ازاى
جين... ليه حصل آيه ؟
راما..... طالما جوزك ممكن تخليه يبطل يعاكس بنات الناس ويحترم نفسه، او يحترم وجودك على الأقل.. ؟؟
__وصل ادم وعلى وجهه ابتسامه سمجة، ايه انتو اتعرفتو على بعض من غيرى؟
.. جين..... دى كانت بتشتكيلى من حضرتك يا استاذ، ميت مره اقولك بطل أعمالك ااحقير_ة  دى واحترم نفسك وانا معاك
مد ادم ايده ومسك ايد جين.... اسف حبيبتى وطبع على اليد الدافئة قبله طويله، لكن هى دى
فتحت جين..... فم ضيق وبوجه خجول همست بتقول ايه؟
ادم.... باحراج هى دى يا حبيبتى
جين..... بفرحه مشوبه بالحزن... اخيرا؟
ادم..... وعيونه هتدمع ايوه
جين بتأثر انا اتمنالك كل خير يا آدم
... راما واقفه مش فاهمه اى حاجه ومصدومه من ردة فعل زوجه جوزها ببعترف بخيانته ليها قدام عنيها
مقدرتش تستحمل كل ده همست بغضب لو انتو مجانين دى حاجه تخصكم لكن ابعدى جوزك عنى لو سمحتى
_____ جين. بحزن ..... مقدرش.... ادم انتظر كتير اللحظه دى
لا بقا... فكرت راما فى سرها انا افضل حاجه امشى من هنا قبل ما اتجنن
وسعت راما طريقها بايدها وبعدت جسم ادم إلى سادد الطريق وبصت على جين نظرة احتقار وهمست انا ماشيه
عالم..... منخوليه
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
جين.... لحظه من فضلك، احنا منعرفش عنوانك
____راما بغضب واحتقار ابعدى عنى انتى شكلك مجنونه
... جين بتوسل من فضلك استنى؟
راما بغضب وصوت عالى ابعدى عنى من فضلك
___ادم..... بنبره رقيقه، سيبيها يا حبيبتى كفايه إلى حصل لحد دلقوتى...
جين بصت فى عيون ادم...... حبيبى انت تستحق اكتر من كده، روحى كلها مش كفايه لو قدمتها ليك ..
خطت الدكتوره راما نحو باب القاعه وعقلها يكاد ينفجر
معقول الأوضاع وصلت لكده؟
انهيار اخلاقى وانحلال وقلة ادب... لدرجة ان زوجه بتقف فى صف زوجها وهو بيعاكس بنات الناس؟
فين الكرامه والكبرياء؟ فين الشرف؟
ولما خرجت من باب القلعه وقفت تاكسي ومشيت فورا وهى بتسب وتلعن
... جين بغضب مخاطبه... ادم... ليه سبتها تمشى؟..
كان لازم توقفها بأى طريقه علشان تاخد عنوانها
ليه سبت الفرصه تهرب كده منك؟؟ 
... ادم بحنان، متزعليش نفسك، الزعل مش حلو علشانك
جين... ولو.. كان لازم تتصرف يا ادم، ايه السلبيه دى بتاعتك+؟؟
... ادم بخجل، عجبتك؟
جين بخجل وحزن، عجبتنى جدا دى نفس لونا يا آدم
لازم تجيب عنوانها وتتواصل معاها انا استنيت اللحظه دى كتير جدا
.... والدة منى العروسه  بفزع وهى بتقطع الطريق قدام جين وادم ناحيت باب القلعه وماسكه شنطه فى ايدها وبتهمس الدكتوراه راما نسيت الشنطه
... ادم.. بسرعه تفكير مد ايده تسمحيلى اوصلها الشنطه؟
انت مشغوله بالفرح؟
والدة العروسه.. مش عايزه اتعبك يا ابنى... ؟
ادم... مفيش تعب ولا حاجه، بس ممكن العنوان؟
اخذ ادم عنوان الدكتوره راما والحقيبة فى يده ووقف جوار جين.... والعنوان فى ايده
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
وصلت دكتوره راما شقتها وكان عقلها لازال يفكر..... ان ما حدث معها ليس امر هين
على قدر الغرابه فأنها مندهشة، لقد بدا الشاب أنيق جدا وواثق جدا وزوجته حتة قمر ولا تعرف اى سبب قد يدفعهم لهذا الكلام المجنون
من عادت راما ان تلقى حقيبتها على الأريكه عند دخولها الشقة
لكن حقيبة كتفها مكنتش موجوده واستغربت ازاى ما اخدتش بالها
كلمت والدة منى صديقتها اكتر من مره لكن الست كانت مشغوله ومخدتش بالها
ياه هرجع هناك واشوف الأشخاص المقرفين دول تانى؟
وهى وسط تفكيرها سمعت خبط على باب شقتها
فتحت الباب وبحركه لا اراديه جسمها رجع لورا
انت ؟؟..... انت بتعمل ايه هنا وعايز ايه؟ صرخت دكتوره راما فى رعب
____همس ادم وهو بيمد ايده بالشنطة... متخفيش يا دكتوره
اتفضلى... وترك الحقيبه معها ونزل درجات السلم
راما مصدقتش فكرت انه هيتهجم عليها، فتحت الشباك وبصت عليه
... ادم وصل عربيته وركب جنب جين ومشى بالعربيه بعيد عن العماره.
جين... ها حصل ايه يا ادم....؟
ادم بأبتسامه ميته.... محصلش حاجه يا حبيبتى
... رفعت جين حاجبها... اتكلمت معاها؟
... ادم... لا
__جين كان لازم تتكلم معاها انا زعلانه
ادم..... اسف، متزعليش غصب عنى
.. جين بدلال لا زعلانه!!
ادم.... طيب وايه يرضى حبيبتى علشان ترضى عنى؟
جين... انك تحاول تتكلم معاها تانى ارجوك
ادم... حاضر هحاول مره تانيه ممكن بقا نغير الموضوع ده شويه
جين... مفيش مانع
بتوتر فتشت راما شنطتها تبحث عن سرقه او رساله، اصل مش معقول شخص سمج زى ده يجيب الشنطه من غير ما يسيب بصمته ، مكنش فيها حاجه ناقصه بس شمت ريحة عطر مميز، عطر ادم...
اخدت راما حمام ساخن طويل وحاولت تنسى إلى حصل
حاولت تنسى ادم، وجين الجميله
قدامها يوم عمل طويل بكره
الصبح راحت على الجامعه ودخلت المدرج وخلصت محاضراتها وفى فترة الاستراحه وهى بتفتش فى تليفونها
جه قدامها رقم منى صديقتها
اتصلت بيها وبنوع من الفضول سألتها عن جين لو كانت تعرفها
منى.... فكرت شويه بعدين قالت الحقيقه معرفش يمكن تكون صديقة اختى لو عايزه تعرفى عنها حاجه ممكن اسألها
حست راما بالخجل فقالت لا خلاص دا كان مجرد سؤال
وروحت شقتها عادى لتقضى يوم ممل اخر من نوعية الايام إلى بتقضيها كل بنت
وعدى اكتر من يومين من غير اى إحداث جديدة وعلى غير توقعها، الشاب دا محاولش يتواصل معاها ولا جت لقيته واقف قدام الشقه ولا مستنيها تحت العماره
ودا على عكس اهتمامه بيها فى الحفله، وظهر فى عقلها الحوار كله من جديد
كلام ادم ومراته المريب ووسط شرودها وصلها اتصال من منى
وبعد السلامات المعتاده التى تمتد لربع ساعه دخلت فى الموضوع على طول
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
البنت إلى كانت بتسأل عنها راما اسمها جين، موظفه فى وزارة الخارجيه وزوجها اسمه ادم صاحب شركه صغيره
.... بس ليه كنت بتسألى عنها يا راما؟
راما... مفيش اصل شفتها صدفه واتكلمت معايا
وانتهت المكالمه بتمنيات متبادله بالسعاده وظلت راما وسط اندهاشها واستغرابه لأكثر من اسبوع لحد ما كانت خارجه مع صديقتها تشترى حجات وهناك شافت جين مع ادم فى المول
ادم حاضن ايد جين وماشين فى انسجام بيضحكو بين المحلات، وقفت دقيقه مستغربه لحد ما صديقتها اخدت بالها انها بتبص عليهم فسألتها انتى تعرفيهم؟
لا... ردت راما بسرعه، يلا بينا نمشى
نمشى ليه يا راما احنا لسه مشتريناش حاجه
اختفى ادم وجين وبعد ما تسوقت دكتوره راما وصديقتها
وهم نازلين على السلم لقيت ادم وحين فى وشها
ابتسم ادم وجين لراما، لكن راما اديتهم وش خشب ومشيت من جنبهم كأنها متعرفهموش
اعترض ادم طريقها وبص فى عنين راما بتركيز إلى كانت بتحاول تبص بعيد عنه
... طيب حتى قولى شكرا
راما... اقول شكرا على ايه حضرتك؟
ادم، الشنطه وشاور على كتفها
.. اه الشنطه افتكرت، شكرآ لحضرتك، يلا بينا ميراج
ابتعدت راما وميراج
جين باين عليها صعب اووى مش
ادم.. فعلا
طيب ايه مش هتمشى وراها، اعمل اي حاجه يا اخى متضيعش الوقت؟
ادم... مش شايفه بتعاملنى ازاى؟
احنا لازم نصرف نظر
جين بغضب نصرف نظر ازاى؟ د انا ما صدقت لقيت واحده زيها، سبنى انا اتصرف
ادم... بلاش انتى يا جين
جين بتحدى، لاما تتصرف انت لاما اتصرف انا
ادم حاضر هتصرف
جين طيب ومستنى ايه، يلا روح وراها
ادم بارتباك حاضر
قبل أن تركب دكتوره راما سيارة ميراج سمعت صوت ينادى باسمها
راما؟
استدارت راما لما سمعت اسمها ولما شافت وش ادم جسمها تخبل
ثم بنبره اندفاعيه همست عايز ايه؟
.. ادم... عايز اتكلم معاكى بعد اذنك
.. راما.. عايز ايه؟
بص ادم ناحيت ميراج، ميراج قالت اه انا هركن على العربيه شويه لحد ما تخلصو كلامكم
راما بغضب، لو كنت هتستمر فى كلام الهبل إلى قولته فى الفرح فأنا مش عايزه اسمع حاجه
ابتسم ادم، انتى عصبيه جدا على فكره
.. راما.. وانت بارد جدا على فكره..
تنهد ادم وهمس المشكله انك عاجبه جين ودا نادر الحدوث جدا
راما... انا مالى يا جدع انت بجين ولا غيرها، ممكن تبعد عنى انت ومراتك؟ انا مش عايز اشوف وشك ولا وش مراتك
ادم.. من فضلك انا مسمحلكيش تغلطى فى جين
وقبل ما راما تغضب، قال ادم، ممكن تقبلى عزومتى انا وجين ليكى فى شقتنا؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
دعوتك مرفوضه وياريت بعد اذنك تتفضل وتسبنى فى حالى ممكن؟
ادم... مكمن طبعا اتفضلى، اسف لو كنت ازعجتك
راما... انت فعلا ازعجتنى جدا والله وياريت دى تكون اخر مره اشوفك فيها..
ادم بخجل، للدرجه دى مش طايقانى؟
راما.. بغموض اعتبر اه والقت بجسدها داخل السياره انطلقت ميراج وعلى لسانها سؤال واحد
ميراج... راما مين من الشاب الموز ده؟
راما... سوقى من سكات بلا موز بلا لوز
ميراج... لا بجد دا حتة سكر كان عايز منك ايه؟
راما... بسخريه كان بيعزمنى على العشا فى شقته وهو ومراته
ميراج.... وانتى رفضتى؟
راما... ايوه رفضت
ميراج...... ليه
راما.... مش مستريحلهم خالص
ميراج.... ملكيش حق والله
راما... بغضب لو حابه ممكن تروحى انتى مكانى
ميراج بهزار يا ريت
راما.... طيب وقفى العربيه
ميراج ليه يا مجنونه؟
راما هخليكى تروحى مكانى طالما الاسره السعيده عجباكى للدرجه دى
ميراج... لا بجد هما عايزين ايه منك.. وتعرفيهم ازاى
حكت راما إلى حصل معاها ومسراج بتسمع بتركيز
لما حصلت راما ميراج قالت غريبه فعلا الموضوع مريب
لكن ليه مفكرتيش تروحى هناك وتعرفى عايزين ايه
راما.... مستحيل طبعا
ميراج ليه؟... هما هيخطفوكى يعنى؟ يابنتى انتى دكتوره جامعيه خلى دماغك أكبر من كده شويه
انا حاسه ان فيه سر فى الموضوع ولو اتعرف كل الشكوك دى مش هيبقى ليها لازمه
.  اروح فين يا بنتى، انتى اتجننتى؟ ازاى اروح عند ناس معرفهومش؟
فكرى بس لحظه يا راما... همست ميراج لو الناس دى عايزه حاجه وحشه كان زمانهم سكتو لحد الآن؟
دول اتكلمو معاكى قدام الدنيا بحالها، انتى بس إلى مكبره الموضوع
يحدث احيان ان يستطيع شخص اقناعك لكنك لا تعترف، رغم انك اقتنعت رغم ذلك تبدو غير مقتنع
ودا إلى حصل مع راما حتى انها قررت أن تمنح ذلك الشخص
على اعتبار انها لا تعرفه ولا تعرف ان اسمه ادم واسم زوجته جين
حسنآ، هذا الشخص اذا اعترض طريقها مره تانيه هتديه فرصه، ستسمع له واذا اقنعها ربما تقبل دعوته
فقد كان داخلها فضول ان تتحدث مع مدام جين الجميله وتفهم سبب اهتمامها بيها
لكن الايام اثبتت العكس، مرت الايام ولم يتعرض لها احد
ان ما يزعج راما تحديدا ليس لقاء حدث صدفه ثم لم يتكرر
بل الغموض، السر الذى يدفعها للتفكير كل ليله تقريبا
عن ما قد تحتاجه زوجه وزوج من فتاه، مجرد فتاه لا يعرفها
ولما مضى أكثر من شهر دون لقاء، تأكدت دكتوره راما ان تلك العائله لا تستقصدها بسوء ولا تسعى خلفها
كان يوم مشمس رغم ان الوقت شتاء، نعم كان السابع عشر من شهر يناير والجو لطيف مما دفع راما لارتداء تنوره وقميص وحذاء بياقة عنق طويله ونظارة شمس سوداء جعلت وجهها الأبيض يضوى مثل كريستاله تعيش داخلها جنيات من الفراشات
وكان فى اذنها قرط بحلقات كبيره، كان مظهرها مدهش لدرجه بعيده، راما لم يكن ينقصها الجمال ولا الجاذبيه ولا الاناقه
وصلت الجامعه ومرت على شؤن الطلبه وفى أثناء تحركها نحو مكتبها لمحت ادم داخل الجامعه
ادم كان ماشى وهو بيتكلم فى سماعة ايربوذ واضع يده فى جيب بنطالة ونظاره شمس فوق عيونه
كان يشبه بودى جارد بهيئته الرياضيه وبدت ملابسه ملائمه تماما للطقس الدافيء
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كان ادم يمشى غير مبالى بالطلبة او الطالباااات رغم انه بعضهم يتمععون بالجمال والأناقة، على عكس تقدير راما التى اعتقدت أن شخص بعين زايغة لا يمانع فى وقت معاكسة فتاه جميله.
ترددت راما لحظه وكان ادم قريب منها ثم مشت تجاه مكتبها القريب، لو كان ادم وصل يدور عليها أكيد هيوصل عندها
وقبل ان تصل مكتبها كان ادم قد ابتعد بعيد عنها ناحيت مكتب رئيس الجامعه
من باب الفضول تابعت دكتوره راما دخول ادم وخروجة بحماس
ثم انشغلت مع طالبه كانت تسألها عن بعض النقاط فى مادتها
ولم تدرى الا وادم يقف بالقرب منها
وكان يتحدث فى هاتفه بصوت صارم كأنه يطمأن شخص بعيد عنه
وسمعته يهمس يا بنتى تعالى خلاص، اه انا خلصت كل حاجه
لا متقلقيش انا هشرب حاجه فى الكافتيريا واستناكى
ثم مشى تجاه الكافتيريا وجلس يلعب فى هاتفه ينتظر القهوه
انهت راما محاضرتها ولما خرجت شافت ادم ماشى مع بنت جميله جدا، لكن إلى آثار انتابهها ان البنت دى شبه جين
نسخه مصغره منها
ولما ركزت راما اكتشفت ان البنت دى طالبه عندها فى السكيشن، البنت إلى لما شافت دكتوره راما ماشيه ابتسمت ومشيت ناحيتها مع ادم
دكتوره راما...... همست البنت وهى بتشاور
وقفت راما ولما ادم وصل وقف بخجل من غير ما يفتح بقه
همست البنت انا لورين طالبه عند حضرتك
... راما فعلا انا فاكره شكلك، اهلا لورين
لورين... اعرفك بأدم جوز اختى...
راما بتردد ازيك استاذ ادم !
ادم.. بخجل وعنية فى الأرض ازيك دكتوره راما
لورين باستغراب، انتو تعرفو بعض؟
ادم... بكسوف اتقابلنا صدفه قبل كده
راما.... اه كان هو ومراته اعتقد انها اختك صح؟
لورين.... اه جين اختى
لورين طيب يا استاذ ادم طالما الموضوع كده وصى دكتوره راما عليه شويه؟
راما بأبتسامه انتى مش عايزه توصيه يا لورين طالما من طرف ادم وجين اكيد هحطك فى عنيه
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
رفع ادم وجهه خمرى حاد وجميل وحدق فى وش راما باندهاش إلى هو ازاى يعنى بتقولى كده وانتى مش طايقانى
ثم اطلق ابتسامه رائعه سحرت راما وهمس متشكر دكتوره راما
بالمناسبه دى اسمحلي اعزمك على فنجان قهوه يا استاذ ادم طالما انت فى جامعتى
ادم بتردد،بيحاول يعرف راما بتتكلم بجد ولا بتسخر منه
اكتسى وجه راما بالجديه مما دفع ادم انه يمشى وراها
بينما ذهبت لورين إلى المحاضره
كانت راما مذهله عندما عاينها ادم، جلست بأناقه وطلبت فناجنى قهوه
وبصت فى عيون ادم، اتفضل، اتكلم انا قدامك اهو
انصدم ادم من جدية راما وتمنى ان لو كانت جين معاه
خاف يبوظ الدنيا كلها
أسمى ادم
همست راما عارفه، وانا أسمى راما تبارك
ادم.... انا شفتك فى الفرح لأول مره ثم صمت دقيقه يزن كلماته
راما ها كمل
ادم.. واعجبت بيكى
راما فى سرها صبرنى يا رب، ازاى يقول معجب بيكى وهو مجوز؟
كمل ادم وفرحت جدا لما جين أعجبت بيكى وقبل ما راما ما تغضب او تصرخ فى وشه
همس انا كنت بفكر انى  اتجوزك يا دكتوره راما...
فتحت راما بقها فى صدمه، تتجوزنى مره واحده؟
ادم ايوه، وقبل ما دماغك ما تروح لبعيد وتظنى فى ظنون وحشه انا بحب جين جدا
جين حب عمرى، لكن فيه ظروف تدفعنى ان اتجوز عليها ومكتتش ممكن اعمل كده لولا اصرار جين
انا مكنتش اعرف انك دكتوره جامعيه ومكنتش مهتم بشغلك
لكن بعد ما عرفت انك دكتوره جامعيه
صرفت نظر، انتى دكتوره وجميله ومش مضطره ترتبطى بواحد زى
علشان حاولت اكتر من مره اعتذرلك لكن جين كانت مصره
والحمد لله انى قابلتك هنا علشان اعتذرلك، انا هبلغ جين
انك رفضتى العرض وبكده اكون خلصتك وخلصت نفسى من الاحراج
راما بتردد، كويس لكن ممكن اعرف جين عايزاك تتجوز ليه؟
همس ادم مش مهم يا دكتوره، لانى عارف ردك هيكون ايه
وصلت لورين محاضرتها اتلغت إلى خلى ادم يوقف كلام
وبعد شويه استأذن ومشى ورحل مع لورين
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
شعرت راما بتوتر بعد رحيل لورين وأدم
يمكن لو لورين تأخرت شوية كانت قدرت تفهم ايه المشكله وليه جين عايز يتجوز
لكن! مجرد التفكير فى الموضوع ده خلاها تشعر بالعصبيه
إلى هو ازاى انا شاغله نفسى عايز يتجوز ليه ومش عايز يتجوز ليه ولما فكرت اكتر ولقيت الموضوع كله يتعلق بيها
وانها كمان هتبقى زوجه ثانيه عصبيتها زادت جدا لدرجة انها لغت المحاضره وروحت شقتها.
بالصدفه وهى بتلكم ميراج قالت إنها قابلت ادم فى الجامعه وان اخت مراته بتدرس عندها فى الكليه
ميراج بكل برود ها واتكلمتو؟
__راما بثقه ايوه اتكلمنا
ميراج انطقى حصل ايه!؟
راما، مفيش يا ستى المجنون دا ومراته افتكرو انى ممكن اكون زوجه تانيه
بيقول ان مراته أعجبت بيا وانها كانت فكرتها
ميراج...... بس غريبه اووى يعنى
راما... غريبه ازاى؟
ميراج... دول اتنين ذى القمر وبيحبو بعض ليه مراته تطلب منه يجوز عليها؟
معقول الحب ممكن يوصل لكده
راما...... لا طبعا اعتقد مراته مش بتخلف ومش عايزه تظلمه معاها
ميراج وارد برضه لكن انا حاسه ان فيه سبب تانى
اصل اتنين بالتوافق ده موضوع الخلفه مش هيفرق معاهم جامد
راما بتفكر تصدقى عندك حق، ناس كتير متجوزه ومفيش خلفه وعايشين زى الفل
تفتكرى السبب ايه؟ همست ميراج بفضول
 راما.... وانا مالى الموضوع خلص خلاص
ميراج بخبث، راما؟ هو انتى ممكن تفكرى انك تتجوزى ادم؟
راما.. باندفاع طبعا لا، ازاى اجوز واحد متجوز
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
هى الرجاله قطعت خلاص؟
ميراج لكن ادم لذيذ، شاب أنيق ووسيم تحسى ان فيه شيء مميز كده
راما.. طيب روحى اتجوزيه انتى طالما عاجبك
ميراج... ياريت، لو مكنتش مجوزه كنت وافقت
راما.. اسكتى بقا متعصبنيش، ليه تتجوزى واحد مجوز؟
ميراج... لانه مش بتاع لف ودوران ومكدبش عليكى وبيحب مراته
تصورى شخص يحبك الحب دا كله؟
راما... لا يا ستى يفتح الله، يلا سلام عشان انتى مجنونه يا ميراج وانا مش ناقصه
لكن كلمة شخص يحبك الحب دا كله فضلت معلقه فى دماغها
لطالما اعتبرت راما الحب تفاهه حتى بلغ عمرها العشرين
وبعد أن عينت فى الجامعه معيده كانت تعتبر الحب ديكور بيزين جدران البيت
الأن راما فى الرابعه والعشرين وبعد الليالى التى قضتها وحيد تعتقد أن الحب ضروره
لطالما حلمت ان تحب وتحب، ان تعيش علاقة حب
حتى انها قرأت روايات العشق والغرام مثل مراهقه تافه
وضعت راما الوساده فوق دماغها ربما يتوقف تفكيرها
كانت بلباس النوم الخفيف
تتقلب على الفراش الصامت عندما وصلها صوت رقيق من خلال الهاتف، رقم غير مسجل فى دفتر عناوينها
بعد لحظات عرفت راما المتصل، كانت جين زوجة ادم
قالت جين انا بكلمك من ورا ضهر ادم، لأنه بعد إلى حصل فى الجامعه ادم طلب منى انسى موضوع جوازه منك
  راما..... اتجوزه إلى هو ازاى يعنى؟ وليه؟
تنهدت جين، ادم شخص كويس جدا والله وطيب وجدع
وابن أصول
راما ربنا يهنيكى بيه لكن انا مالى؟
جين...... انا بقول كده علشان اعرفك ان ادم انسان كويس
ولو كنتى خايفه اننى اشاركك فيه، انا بعد الجواز هخرج من حياتكم
راما بصدمه واستغرب وتعملى كده ليه اصلا؟
دا جوزك وبيحبك وانتى بتحبيه ليه تبعدى عنه؟
جين بنبره مكسوره حزينه، انا افضل متكلمش فى الموضوع ده، وقبل ما راما تغضب وتتعصب
قالت جين، دكتوره راما؟ ارجوكى فكرى مره تانيه انا كلى امل انك ممكن تتجوزى ادم وانا مش هكون عائق ما بينكم
ولو عايزانى اطلق هطلق مفيش مشكله
بخجل هسمت راما... هو السبب الخلفه؟
يعنى انتى مش بتخلفى مثلا؟
جين بضحكه، لا ابدا مش كده، ادم مش بيفكر بالطريقه دى ا
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
حست راما بالخجل لما لقيت نفسها بتسأل عن حجات خاصه بالعلاقه بين جين وادم وان دا بيعنى تلقائيا انها مهتمه بالموضوع وكادت ان تتوقف، لكن راما انسانه عمليه وتعرف انها مهمته بالموضع اصلا وتحتاج لأجوبه ترضى فصولها على الأقل، رغم ذلك صمتت لحظه تستجمع انفاسها
جين.. ؟ استخدمت راما نبره صارمة وحازمه، نبرة كفيلة بقطع الخشب
ليه عايزه ادم يتجوز؟
ايه السبب إلى يخلى واحده بتحب جوزها تقدمه لغيرها على طبق من فضة؟
جين... بهمس خجل، افهم من كده انك مهتمه بالموضوع؟
راما... بدفاع، لا طبعا، هو فضول مش اكتر
جين بحزن... مقدرش اقلك حاجه طالما الموضوع مش فى دماغك دا كان اتفاقى مع ادم من ول لحظه شافك فيها
تنهدت راما بغضب، طيب ليه انا؟ ليه مش اى واحده تانيه؟
جين... بنبره متردده معرفش، يمكن، لأن ادم أعجب بيكى ودا كان السبب فى البدايه، لكن انا كمان أعجبت بيكى
جين.... هو انتى ممكن توافقى يا دكتوره راما؟
لا.. ردت راما بسرعه، بعدين همست مش عارفه
جين يبقى فيه آمل يعنى؟ ارجوكى فكرى علشان خاطرى
راما، موضوعكم غريب وفيه أسرار كتيره يا جين
جين لو وافقتى هتعرفى كل حاجه حاجه، اقدم هيقعد معاكى ويقلك الحقيقه كلها
راما..... ليه مش دلوقتى يا جين؟
جين.... هيبقى ايه الفايده طالما انتى مش هتوافقى والمضوع مش فى دماغك؟
راما، عمليا معاكى حق لكن منطقيا موضوع يخوف
انتو قاتلين حد وعايزين تلبسونى التهمه ولا ايه؟
مزحت راما غصب عنها
جين قبل ما تقفل... فكرى يا راما، رقمى عندك لو قبلتى الموضوع رنى عليه هتعرفى كل حاجه
انتهت المكالمة وشعرت راما بالحيره، إلى بيحصل معاها يشبه فيلم بوليسى غامض
شربت عصير فرش وعقلها شغال يفكر، انا محدش يقدر يجبرنى على الجواز دى
وقفت قدام المرايه قارنت بينها وبين جين، متقدرش تقول انها اجمل من جين او اكثر اغراء وجاذيبه منها
طيب ايه السر؟
مررت أيدها فى شعرها الطويل ومن غير تفكير حطت اصبعها فوق شفاهها
متعودش افضل فى الحيره كتير كده؟
ثم بنظره وابتسامه شريره همست، انا هقبل لازم اعرف السر
وبعدها براحتى اقرر اقعد او ارحل
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
رغم كده استنت راما يومين قبل ما تقرر تكلم جين
لكن إلى رد ادم
همس بنبره رقيقه مين؟
بخجل قالت انا راما
ادم، اعلا دكتوره لحظه واحده انادى جين...
راما.. لا انا عايزه اتكلم معاك انت
ادم بتردد... معاكى اتفضلى
 راما.. لا مش هنا، احنا لازم نتكلم وش فى وش
امتى سأل ادم؟
راما.. دلوقتى حالآ
ادم حاضر هغير هدومى واقابلك
فى المقهى كانت راما قاعده فى مكان منعزل عن الصوت
ادم حضر بقميص موف وستره لبنيه وبنطال لبنى حذاء لامع
كان فى منتهى الاناقه فقد كان اختيار مميز
سلم ادم على راما، التقت  يدين مرتعتشين على سطح الطاوله
بصت راما على ادم، انا فكرت فى عرض جين وعرضك
جين بتقول انى لو عايزاها تتطلق هتتطلق علشان الموضوع يتم
ادم، رفع وجه صارم جاد ، مش ممكن دا يحصل ابدا
راما.. بتحدى حتى لو كان دا شرطى علشان أوافق على عرضك؟
ادم دون تفكير وهو بيتأمل ملامح راما، حتى لو كان دا شرطك يا دكتوره
وأدرك ادم ان الموضوع انتهى، راما ستتركه فى مكانه وترحل غاضبه
لكن راما أطلقت ابتسامه بعد أن تجهم وجهها وهمست جميل
تمسك بيها عجبنى وخلاني اغير كتير من معتقداتى ناحيتك
ادم يعنى مش زعلانه منى؟
راما، لا مش زعلانه
ادم، كنت فاكرك هتزعلى وأبقى خسرتك إلى الأبد
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
اطلقت دكتوره راما ابتسامه ساخرة وهى تتأمل ملامح ادم، غريب أمر الرجال تكاد تشعر ان لديه أكثر من قلب فى جوفه
وكانت تعرف انها جميلة
فعندما تقف راما امام المرأه ولأنها انثى تعرف انها بكل المقايس الرجاليه جميله وجذابه
تقدر تقولى يا استاذ ادم، ايه إلى يجبرنى اتجوز شخص بيحب مراته؟
انت عارف انى دكتوره ولى مكانتى ووضعى ولست اقل جمال من جين مراتك
ليه اقبل اتجوزك وانت بتحبها وانا عارفه انك مش بتحبنى ولا يمكن تحبنى
وقبل ما ادم يفتح بقه همست راما وياريت متقولش الحب بيجى بعد الجواز والكلام ده
اما عايزاك تقنعنى الان واحنا قاعدين ليه انا ممكن اقبل كده
ليه بتقولى انى مش هحبك؟
راما... لانك بتحب مراتك ولا يمكن تتخلى عنها
ادم.. رفع وجه قلق، انا ممكن اعترفلك بحاجه لكن متسألنيش عن اسباب؟
راما.. ممكن... لكن لو اقتنعت
ادم.... انا فعلآ ميال ليكى يا دكتوره من اول ما شفتك ارجوكى متسأليش ازاى دا ممكن يحصل
وازاى ممكن احب شخصين فى وقت واحد
راما... اه، دا الموضوع كبير بقا وانا معرفش؟
يعنى انت مثلا بتحبنى من اول ما شوفتى؟
ادم، فعلا، انا معجب بيكى واتمنى اتجوزك ولو وافقتى تتجوزينى هتعرفى قد ايه انا ميال ليكى جدا
راما.. بتقول ميال؟ يعنى حتى مش قادر تقول بحبك؟
ادم...... متعدوتش اكدب او اقول كلام لا اعنيه
انا مش بتاع لف ودوران يا دكتوره راما  !! ولو حتى هخسرك لا يمكن اكدب عليكى، مش ممكن أعلى مصالحى الخاصه فوق مصلحتك
انا واضح جدا، صفحه بيضاء، اضع نفسى أمامك فوق الطاوله عارى من الزيف والقرار قرارك
كلام جميل وضحت راما وهى بتبتسم، لكن مفيهوش ضمانات يا استاذ ادم
ادم بعيون كسله، الضمان الوحيد يا دكتوره انى هقدرك واعرف مكانتك، عمرى ما ازعلك ثم بهمس وقلبى يكون ليكى
ارتعش جسد راما، ارتج قلبها الصلب، انه قلبه سيكون ملكها
ادم....؟ سألت راما، هو فيه حاجه بينك وبين جين لازم اعرفها؟
ادم...... بص فى عيون راما الواسعه ورأى فيها نفسه
رأى فيها أيامه القادمه ومستقبله
قولى موافقه وانا هقلك على كل حاجه
ممم... دا لوى دراع يعنى يا ادم ولا ايه؟ انت قولت انك صريح ومش بتاع لف ودوران
ليه بتحاول دلوقتى انك تكون حويط؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
وبعدين يا اخى ان طلبت اقعد معاك  يعنى من غير فزلكه معناه انى مهتمه بالموضوع
ادم بنبره ضعيفه هو انا ممكن اثق بيكى؟
راما. طبعا ممكن تقف بيا
ادم حتى لو مكنش لينا نصيب مع بعض؟
راما.. بنبره صارمه اكيد يا ادم
تنهد ادم، شرد للحظه، اخرج سيجاره، تأمل وجه راما وهيئتها
كانت جميله لدرجه لا تحتمل
تستحق بعض التنازلات لانه يريدها له، انا وجين حاجه غريبه
انا اتجوزت جين عن حب ولسه بحبها وهفضل احبها
لكن علاقتنا الخاصه معقده شويه
راما يعنى ايه؟
ادم يعنى يا دكتوره انا بحب جين، لكن مقدرش أقرب منها
راما.. بغموض وشك، ازاى يعنى؟
ادم وكانت نبرته واضحه لا تحتمل الشك ولا المواربه
بعد الجواز جين اصيبت بمرض، وقعدنا شهور نجرى على الدكاتره والمستشفيات لحد ما ربنا كتبلها الشفا، انا طبعا مش بتذمر ولا اى حاجه وعمرى ما اشتكيت ولا هشتكى لان جين حته منى زى ما أنتى هتكونى حته منى، لكن جين قلبها ضعيف وطبيا منعآ لأى تدهور حتى لو كان مجرد شك
انا مقدرش أقرب من جين، ومكنش عندى اى مشكله فى ده ومرت سنين لكن جين بدأت تلح عليه انها مش مرتاحه كده
وانا مصلحتها مش ممكن تكون اهم من مصلحتى وحصل بينا مشاكل كتير بسبب ده وكنت برفض كل محاوله منها لارتباطى بغيرها
لحد ما شوفتك فى الفرح وحركتى حاجه جوايا، حاجه مليش يد فيها
راما.. يعنى انت بقالك سنين مش بتقرب من جين؟
ادم بثبات ايوه
راما.... بتردد وجين هتعيش معانا لو وافقت؟
ادم، طبعآ الا لو كان ليكى رأى تانى
راما..... صمتت للحظه، بالعكس جين لازم تكون موجوده
ادم يعنى انتى موافقه؟
راما بشرود، ادينى وقت افكر، استنى منى تليفون
ادم حاضر، خدى وقتك، هنتظر قرارك
خلصت القعده وكل واحد راح على بيته وكانت راما أكثر تشتت وارتباك، سألت عن ادم وشركته وعرفت ان مكانته الاجتماعيه كويسه، وعرفت كمان ان ملوش علاقات نسائيه
كان شخص مميز وغامض
سألت جين ادم عشرين مره عن إلى حصل معاه هو وراما
وكان ادم يحكى لها إلى حصل مع اقتطاع نقطة اعترافه لراما
لان جين كان أملها ان راما توافق من غير ما تعرف حاجه عن إلى بينها وبين ادم
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
مالك يا بنتى شارده كده وبالك مشغول ودى مش عوايدك؟ قالت ميراج وهى بتربت على كتف راما
رفعت راما عنين تعبها السهر والتفكير، مش عارفه !! مش قادره افكر، انا فى حاله من عدم الاتزان
ميراج بضحك، بقا القمر الجميل ده يدخل فى حالة من عدم الأتزان؟ دا إلى يزعلك انا ادبحه   !!
ترغى المرأه بما لا تعنيه ونص كلامها يحتمل التأويل
ميراج... هو الموضوع نفسه صح
راما بهدوء..... اه هو مش قادره اخد قرار
ميراج..... انتى قولتى انك صرفتى نظر ايه إلى حصل جديد؟؟
راما، انا قابلت ادم واتكلمت معاه وتقريبا كده قدر يقنعنى
طيب فين المشكله؟
المشكله انى خايفه يا ميراج، خايفه ومرعوبه دى اول مره اتحط فى اختبار زى كده
ميراج... بصى يا راما انا صديقتك من زمان واعرفك كويس شايفه ان عندك قبول لادم والتجربة كلها توكلى على الله ولو مرتحتيش افسخى الخطوبه.
_____
بعد ليله قضتها فى نوم قلق ولما بصت راما فى المرآيه إلى فى وشها لما صحيت من النوم
اكتشفت راما مقدار الفوضى التى حلت بشعرها 
يشبه شعرها كائن بحريآ ضخما يثير الرعب بهروبه من سباته الطويل لتمتد مجساته فى كل الاتجاهات، مقوضا الواقع، باحثآ عن حياة العذارى ومطالبآ بالتضحيه بمائة زجاجة من مرطبات الشعر  باهظة الثمن
اطلقت دكتوره راما آنه طويله، ربما على الرجال ان تطالب باختبار الوجه الحقيقى لأى امرأه عندما تفتح عينيها وتستقيظ من النوم، هذا الدمار الهائل الذى يحل بذلك الكائن الضخم الذى يقبع فوق رأسها مستعد لالتهام كل من يقترب منه
مسحت راما شعرها واخضعته لعقوبة الفرشاه، غسلت اسنانها وتجرعت شفطة ماء
كان التليفون مرمى على الطاوله قدامها، قضت راما ليله طويله من التفكير العميق حتى توصلت لقرار
بمعده فارغة قبضت راما على هاتفها وبعد دقيقه كان هاتف جين بيرن
انا موافقه كانت هذه الكلمه التى استطاعت راما ان تنطقها
ثم اعتذرت وانهت المكالمه
صرخت جين... ادم، راما وافقت
ادم...... من المطبخ بجد
جين... ايوه بجد انا لسه مخلصه معاها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ادم... طيب كويس
جين.... على فكره لو قلتها بنفس مش هزعل منك، انا عارفه انك عايزها
ادم.... انا مكنتش عايز فى حياتى غيرك يا جين، لكن انى كنتى مصره انى اتجوز
جين.... اوعى تقول كده قدام راما انا ما صدقت انها وافقت
ادم.... مش بايدى يا حبيبتى دى حجات خارجه عن ارادتى
جين..... لا، لازم تمسك نفسك، عايزاك تعاملني ببرود مش عايزه راما تزعل
ادم..... اعاملك ببرود ازاى يعنى؟
جين..... يعنى بلاش تقولى حبيتى وروحى قدامها وبلاش تقول انك متقدرش تستغنى عنى بلاش تكسر بخاطرها
ادم..... صعب يا جين اعمل كده
جين... بحنان ودلال علشان خاطرى يا ادم ؟ ومضت يديها إلى صدرها فى وضعية سندريلا
لا يحتاج الرجل مبرر لخيانة حب المرأه فلا تعتقدى انك مميزة
همس ادم وهو يجذب جين إلى حضنه، دا امر فى غاية الصعوبه لكن هعلمه علشانك
ثم واصل بدلال، مش هتبقى زعلانه لو عملت كده؟
جين المغموره بالحنان... لا
ادم... حتى لو زودتها شويه مش هتزعلى
جين.... مش هزعل لكن هتزودها ازاى يعنى؟
ادم.... يعنى ممكن اكلمها بلطافه وممكن اكلمك ببرود علشان تقتنع؟
جين... مفيش مشكله انا حافظاك يا حب
ربما كانت تعرف جين ان ادم مضطر... ربما كانت تعرف انه ملزم بعمل ذلك حتى لو كان غصب عنه
لكنها شعرت بغزة فى قلبها، شوكه تحت ظفر يدك وانت تعمل فى المطبخ
جين بنبره خافته.... ادم اتصل على راما، الذوق بيقول انك تكلمها وتتفق معاها هتعملو ايه
ادم... مش عايز
جين.... عشان خاطرى
ادم... حاضر، تحدث ادم مع راما إلى كانت خجوله اكتر من الازم، اتفق معاها يعملو خطوبه فى اى مكان تحبه
لكن راما أصرت الخطوبه تكون فى شقة ادم وجين
عرض عليها ادم، نادى، قاعة أفراح
بس راما كانت اخدت قرارها  شقة ادم
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ادم.... يعنى هو لازم الخطوبه تكون فى شقتى؟
راما.. ببرود ايوه ولو عايز تأخد رأى جين معنديش مانع
.. همس ادم انتى فاكره انى مقدرش اخد قرار لوحدى؟
راما... لا ابدا، لكن انا شايفه ان كل قرارتكم مشتركه يعنى مفيش مانع تاخد رأيها؟
لا، الخطوبه هتكون فى شقتنا انا وجين تحبى تبقى امتى؟
بعد يومين مفيش مانع لو كان يناسبك
ادم.... مفيش داع للتأخير احنا كنا منتظرين اللحظه دى من زمان، خلاص بعد بكره يا راما
شعرت راما بالراحه، كانت اختارت الشقه لاثبات شيء معين
اختبار مشاعر جين تجاه الوضع ده، حست ان الخطوبه فى شقة ادم وجين هتكشف لها غموض العلاقه بين ادم وجين
وممكن تعرف نواياها الحقيقيه.
لما وصل ادم الشقه استقبلته جين بأبتسامه، ها حصل ايه؟
همس أدم الخطوبه بعد بكره
جين... ياه بسرعه كده؟
مش انتى كنتى عايزه كده يا جين؟
همست جين ايوه
ادم بنبره صارمه، الخطوبه هتكون هنا فى الشقه
جين .. ازاى كده؟ ليه مفيش مكان ينفع غير شقتنا يا ادم؟
همس ادم متنسيش ان راما هتكون قاعده معانا فى الشقه هنا
وبعدين دا كان طلب راما
انا حاولت اقنعها نعمل الخطوبه فى قاعة أفراح او نادى لكنها كانت مصره ان الخطوبه تتعمل هنا
سكتت جين دقيقه، يمكن عايزه تتأكد انك عايزها
او بالتحديد انى عايزاها ومتقبلاها فى حياتنا؟
معرفش يا جين لكن هو دا إلى حصل، القى ادم الكلمات كأنه غير معنى بالقصه كلها وان جين هى المسؤله
جين، عادى هى كده كده هتبقى مراتك ايه المانع نعمل الخطوبه هنا، انا كده لازم اجهز نفسى واجهز للخطوبه
هى هتعزم حد؟
معرفش، ممكن انتى تسأليها يا جين؟
جين.. ماشى انا هكملها واتفق معاها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
شعر ادم بارتياح ان جين تفهمت الأمر لكن عقله ظل مشغول
لم يفهم إلى الآن سبب اصرار راما ان الخطوبه تكون فى الشقه هنا
أخبرت راما جين انها مش هتعزم ناس كتيره صديقتها ميراج
ومنى صاحبتها ووالدتها
يعنى هتكون خطوبه على الضيق ومفيش داعى لأى مصاريف فاضيه
وقف ادم بسيارته تحت شقة راما إلى نزلت لابسه فستان جميل
فتح لها باب السياره بجنتله وهمس اتفضلى راما
شكلك جميل جدا على فكره، انتى مذهله
ولما وصلو الشقه عند جين طلعو مع بعض وكانت جين هى إلى فتحت الباب
ربما كان امر متوقع ومنطقى لكن جين شعرت ان قلبها يتمزق
شكل ادم وراما ثنائى مرعب الجمال والاناقه الاستثنائية
احتضنت جين راما بلطف، ثم احتضنت زوجها الآخر
كان حركه فطريه غير محسوبه وكان على راما ان تكتم غيظها، تكتم غيرتها التى اشتعلت جواها
تردد ادم لحظه لكنه مسك ايد راما ناحيت المقعد ولما لاحظ ان جين واقفه سحبها معاه
لا يعرف ادم كيف ممكن ينتهى الموقف ده والى متى ستصمد جين او راما
جلست راما، واجلست جين ادم جنب راما علشان ميشعرش بالخجل
ثم انشغلت فى تجهيزات العشاء والحلويات وغيرها
كان ادم وراما واقعين فى حديث خافت والابتسامات تتوزع على شفاههم وجين كلما نظرت صدفه شعرت بالضيق
تركت راما ايدها فى ايد ادم إلى لبسها الدبله وسط زغاريد ام منى ومنى
جين مش متعوده ان ادم يبعد عنها فتره كبيره كده، ان لا تسمع منه كلام حلو
ان لا يشاكسها ويمازحها، امال لما يتجوزها هعمل ايه؟
امسكى نفسك يا جين دى ليله وهتعدى
وكان ادم سعيد، تحركت داخله اشياء ظن انها ماتت من زمن
وراما إلى حست ان ادم اختيار موفق، حبت كلامه وطريقته
وتلميحاتة إلى خلتها تخجل
بعد كلامه كانت راما عارفه ان ادم محروم مثله مثل كل رجل لديه قدره على التحمل
ممكن جين هتكون مراته زيها، لكن ادم هيكون ملكها وحدها
ولم يخفى عليها جمال جين واناقتها
جين إلى رغم ان جوزها هيتجوز عليها لابسه فستان جميل وانيقه
كانت جين انيقه وجميله بطريقه مستفزه ربما أرادت ان تكون جميله اكتر منها
بعد ما الحفله انتهت، جين قالت لادم انها داخله تنام
ولما ادم اعترض تحججت انها تعبانه
لكن ادم حس انها متضايقه ومش على طبيعتها
ادم همس... جين ممكن نتكلم شويه
جين... لا يا ادم انا تعبانه خليها لبكره
بكره امتى يا جين؟
بكره بالليل يا ادم
لكن بكره انا سهران مع راما هنخرج نتفسح شويه
تتفسحو؟
يعنى تتفسحو؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في اليوم التالي للخطوبة، استيقظت جين مبكرًا،رغم أنها كانت متعبة من ليلة الأمس، إلا أن النوم كان آخر ما استطاعت فعله،ظلت مستيقظة تفكر في كل كلمة وحركة حدثت أمامها،المشهد الذي لم يفارق ذهنها كان آدم وهو يضع الدبلة في إصبع راما، النظرة التي اختفت من عينيه معها منذ زمن، لكنها ظهرت مع راما
شعرت جين بحريق جواها، نظرة ادم لراما نظره جين تعرفها كويس نظرة لهفه واشتياق اختفت من حياتهم من كده طويله
أخذت كوب القهوة وجلست في الشرفة، تنظر إلى الشارع الخالي تقريبًا، وكأنها تبحث عن شيء لا تعرفه فجأة، سمعت صوت خطوات آدم يقترب.
آدم: "صباح الخير."
جين، دون أن تنظر إليه: "صباح النور."
جلس آدم بجوارها بصمت لثوانٍ، ثم قال: "إنتِ كويسة؟"
جين ببرود: "ليه بتسأل؟"
آدم بتردد: "لأني عارف إن الوضع مش سهل عليكِ."
رفعت جين عينيها إليه ببطء، نظرتها حادة لكنها ممتزجة بالحزن: "الوضع؟ قصدك إنك كنت بتحط دبلة في إيد واحدة تانية قدامي وأنا قاعدة أصفق زى العبيطه ثم خلقت ابتسامه ساخره وهمست ، أكيد ده وضع مش سهل."
حاول آدم الرد، لكنه لم يجد الكلمات، شعر وكأن جين تلقي بكل ما كتمته داخليًا في كلمات مختصرة لكنها ثقيلة
انها تحمله شيء قد رغبت فيه أكثر منه
آدم: "جين، أنا... مش عارف أقول إيه."
جين: "مش لازم تقول حاجة، أنا عارفة إنك بتحاول تعمل الصح، لكن غصب عنى
ثم غادرت المكان ودخلت غرفتها
---
فى المساء عاينت جين ادم وهو بيلبس هدومه كان فيه اهتمام اكتر من الازم ان يبدو أنيق جدا
راقبت جين ادم من غير ما تتكلم ثم اختفت قبل أن يتمكن من ملاحظتها
خرج آدم مع راما كما خططا،كانت راما ترتدي فستانًا بسيطًا لكنه أنيق، وابتسامتها لا تفارق وجهها،كانت تحاول أن تستحوذ على انتباه آدم بالكامل، تتحدث معه عن أحلامها وخططها للمستقبل.
آدم حاول أن يبدو مهتمًا، لكنه كان شارد الذهن في لحظات. جزء منه كان مع جين في الشقة، يتساءل عما إذا كان قد تسبب في جرح لن يُشفى.
راما: "آدم، في إيه؟ حاسة إنك مش مركز معايا."
آدم بابتسامة باهتة: "لا، أنا معاكِ. قولتِ إيه؟"
راما: "قولت إني شايفة حياتنا مع بعض هتكون جميلة. إنت راجل استثنائي، وبصراحة... أنا محظوظة بيك."
ابتسم آدم مجاملة، لكنه لم يرد لم يعرف كيف يرد على كلماتها التي تحمل توقعات لم يكن متأكدًا إذا كان قادرًا على تحقيقها.
لكنه بعد عدت دقائق وجد نفسه منسجم مع راما، يضحك يبتسم، أخذهم حديث شيق
راحت جين ترحل من عقله رويدا رويدا حتى اختفت تماما
---
عندما عاد آدم إلى الشقة، وجد جين تجلس على الأريكة، تقرأ كتابًا، رفعت عينيها إليه لثوانٍ ثم عادت إلى الكتاب، وكأنها لا تريد أن تسأله أي شيء.
آدم: "جين، ممكن نحكي شوية؟"
جين: "دلوقتي؟ ما كنتش بتفسح مع خطيبتك؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
آدم: "بلاش الكلام ده. أنا عارف إنك زعلانة."
جين وضعت الكتاب على الطاولة ونظرت إليه مباشرة: "زعلانة؟ آه، طبعًا بس الموضوع أكبر من كده يا آدم. الموضوع إني مش فاهمة أنا دوري في حياتك إيه دلوقتي."
آدم: "إنتِ دايمًا هتكوني جزء مني، جين. مهما حصل."
جين بمرارة: "جزء؟ زي إيه؟ كتاب قديم بتحطه على الرف
ادم متخفيش يا جين انتى مكانتك هتفضل زى ما هى
جين مكانتى هتفضل زى ما هى لكن انت هتكون فى حضن راما
انا هكون زى الديكور الجميل إلى بيزين جدران شقه
جين؟ همس ادم لو عايزنى أنهى كل حاجه ههنهيها انا مش مستعد اخسرك
همست جين لا، كل حاجه لازم تمشى زى ما هى انا هتعود على الوضع ارجوك استحملنى شويه
انتى قلبى يا جين متقوليش كده وضمها ادم لحضنه
حضن طويل غمرها بالحنان
-------
في صباح اليوم التالي، بدا الجو مختلفا، الشمس التي اعتادت جين أن تراها من نافذتها بدت باهتة وكأنها تحمل في طياتها شحنة من القلق
 كانت جين قد قررت أن تواجه اليوم بشكل عملي، متجاهلة مشاعرها قدر المستطاع.
آدم خرج إلى عمله مبكرًا، بينما جلست جين وحدها ترتب الشقة، كانت تحاول التركيز على التنظيف، لكن صوت خطوات راما وهي تدخل الشقة دون استئذان أفزعها.
جين بدهشة: "راما؟ إزاي دخلت؟"
راما بابتسامة: "آدم اداني نسخة من المفتاح،قال ان الشقه هتبقى بتاعتى زيك وانى لازم اتعود على الوضع وانتى كمان يا جين
شعرت جين أن شيئًا ثقيلًا استقر فوق صدرها، لكنها حاولت كبح غضبها.
 ما كانش المفروض يديلك المفتاح بدون ما يقولي.
انا مش قادره اتخيل ادم عمل ازاى كده، بعدها بصت على راما ولا انتى ازاى قدرتى تقبلى كده اصلا
انتى لسه خطيبته مش مراته
راما هو انا عملت حاجه غلط؟
انا اخدت المفتاح وانا عارفه انك هنا
بعدين ادم قالى استناه فى الشقه عندك لأننا هنخرج سوا
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في الأيام التي تلت دخول راما إلى حياتها اليومية، بدأت جين تشعر أن الشقة التي كانت ملاذها أصبحت تضيق عليها شيئًا فشيئًا،الذكريات الجميله اغتصبت حرمتها
 كان وجود راما يشبه ظلًا ثقيلاً، حتى في غيابها الكلمات التي ألقتها عليها تلك الليلة، عن كون الشقة ستصبح "بيتها"، كانت تدور في رأس جين بلا توقف
 وبينما كانت جين تجلس في المطبخ تحتسي قهوتها بصمت، دخل آدم
 بدا وكأنه يشعر بالثقل الذي يخيّم على المكان  "جين، محتاج اتلكم معاكى 
جين رفعت عينيها ببطء وقالت بنبرة باردة: "الكلام مش بيغير حاجة، يا آدم."
آدم جلس أمامها، محاولًا كسر الجدار الذي شعر به بينهم  "أنا عارف إن الوضع صعب عليك  بس أنا مش عايزك تحسي إنك لوحدك، إنتِ جزء مهم من حياتي، و..."
قاطعت جين حديثه بنظرة حادة: "جزء؟ أنا كنت حياتك كلها، آدم. ودلوقتي، أنا مجرد جزء؟"
صمت آدم للحظة، ثم قال بصوت منخفض: "ما كنتش أقصد أقلل منك، جين، بس أنا محتاج أمضي قدام."
جين شعرت وكأن الكلمات خنقتها وقفت فجأة، محاولة أن تُخفي ارتجاف يديها
 "عارف؟ يمكن أنت اللي لازم تكون صريح مع نفسك
 مشكلتك مش إنك عايز تمضي قدام، مشكلتك إنك مش عارف تختار
جين؟ همس ادم قلتلك لو عايزانى افسخ الخطوبه هفسخها؟
صرخت جين، انت ليه بتضغط عليه بموضوع الخطوبه؟
كل ما اكلمك تقول افسخ الخطوبه؟
انت عارف عملت ايه؟ انت دبحتنى؟ ازاى قدرت تدى راما مفتاح الشقه؟
مفكرتش فى مشاعرى؟ كرامتي؟
اهدى جين، متنسيش ان راما هتبقى مراتى وهتعيش هنا؟
مش ناسيه واصلت جين صراخها وبعد اذنك انا مش عايزه اتلكم دلوقتى
---
في المساء، عادت راما إلى الشقة كانت ترتدي ثوبًا أنيقًا وتحمل هدية صغيرة دخلت بابتسامة واسعة وقالت لآدم: "حبيبي، جبتلك حاجة بسيطة!"
جين، التي كانت تجلس في زاوية الغرفة، شعرت وكأن راما تتعمد تجاهل وجودها
آدم أخذ الهدية وابتسم مجامِلة، لكن نظراته لم تستطع أن تتجنب جين، وكأنه يشعر بثقل كل شيء في الغرفة.
راما، التي لاحظت التوتر، قالت بنبرة متعمدة: "آدم، أنا فكرت إننا نعيد ترتيب الشقة  نحط لمسات جديدة عشان تناسب حياتنا
صفعت جين  الكتاب الذي كانت تمسكه بعنف على الطاولة، وقالت بحدة: "مش لما تبقي رسميًا جزء من الحياة دي الأول؟"
راما حاولت أن ترد بابتسامة متوترة، لكن كلمات جين كانت واضحة: "لحد ما تبقي زوجته، ما حدش له حق يغير أي حاجة هنا 
---
آدم شعر أن الأمور تخرج عن السيطرة، حاول أن يخفف التوتر بينهما، لكنه وجد نفسه عالقًا بين امرأتين، كل واحدة منهما تمثل جزء منفصلا من حياته
همس يا جماعه ميصحش كده
جين انتى مراتى وحبيتى وعشرة عمرى
وراما هتبقى مراتى وهنعيش كلنا مع بعض، لازم نتقبل الحياه بالشكل ده
وقفت راما، انا اتهنت يا ادم، اتهنت قدام عينك، جين مرمغت بكرامتى الأرض
لكن معاها حق انا مش مراتك ليه ادخل شقتك؟
انت قولتلى ان جين موافقه على جوازنا لكن واضح جدا انه كان كلام عيال
جين مش موافقه وانت اجبرتها، انا مش ممكن اقبل وضع زى ده
ثم نزعت الدبله من أصبعها ووضعتها على الطاوله، كده كفايه كل واحد مننا يروح لحاله
وعلى العموم شكرا يا جين، انا كنت قبلت الوضع ده عشانك
غادرت راما الشقه تحت نظرات ادم وصمت جين
رحلت وهى تترك فوران غاضب على وشك الانفجار
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
زفر ادم بغضب، نظره إلى الدبلة الملقاة على الطاوله ثم نظر إلى جين وهمس بغضب عملتى إلى انتى عايزاه؟ ثم ترك مكانه وخرج من الشقه
عندما أغلق آدم الباب خلفه، خيم الصمت على الشقة، لكنه لم يكن هدوءًا مريحًا، بل فراغًا متوتّرًا كأن الهواء نفسه يترقب الانفجار التالي
جلست جين على الأريكة، عيناها معلّقتان بالمكان الذي وقفت فيه راما قبل لحظات، كان أثرها لا يزال حاضرًا، العطر الخفيف الذي خلفته في الهواء، الصوت المتردد لكعب حذائها وهي تبتعد، وحتى الفراغ الذي تركته على الطاولة بعد أن نزعت الدبلة ورحلت
أمسكت جين كوب القهوة الذي برد بين يديها، ولم تشرب، شعرت بتناقض غريب داخلها، وكأنها انتصرت في معركة لم تكن تريد خوضها من الأساس
لم تكن تخطط لطرد راما، ولم تكن تتوقع أن تتخذ الأخيرة قرارًا بهذه السرعة، لكن في أعماقها، كان هناك جزء منها راضٍ جزء منها أراد أن يثبت لآدم أن ليس كل شيء يمكنه أن يُفرض عليها، أن وجود راما هنا لم يكن أمرًا مسلمًا به.
لكن، هل انتهى الأمر فعلاً؟
في الخارج، وقف آدم على الرصيف، لا يدري أين يذهب، نظر إلى السماء المعتمة فوقه، شعر بثقل غريب يجثم على صدره، راما رحلت، لكنه لم يشعر بالخسارة بعد،كان الأمر أسرع من أن يستوعبه، كان كمن يستيقظ من حلم لم ينتهِ بعد.
أخرج هاتفه من جيبه، تردد للحظة، ثم كتب رسالة قصيرة:
"فينك "
انتظر، لكن لم تصله أي إجابة.
عاد بذاكرته إلى اللحظة التي نزعت فيها راما الدبلة من إصبعها، إلى نظرتها التي لم تكن غاضبة فقط، بل مجروحة، وإلى جين التي لم تحاول أن تخفي ارتياحها الممزوج بالصمت.
زفر ببطء، ثم أعاد الهاتف إلى جيبه، لم يكن متأكدًا مما إذا كان يريد أن يلحق براما أم أن يعود إلى الشقة، كلا الخيارين لم يبدُ سهلاً.
في الداخل، نهضت جين أخيرًا، حملت كوب القهوة الفارغ، وسارت إلى المطبخ، وضعت الكوب في الحوض، ثم وقفت للحظة، تنظر إلى انعكاسها في الزجاج.
لم تبدُ منتصرة. ولم تبدُ منهزمة أيضًا.
فقط، شعرت بأنها سعيده
___
ركبت راما سيارتها وقادتها بغضب لأول مره تشعر بالهزيمه
اجل ما يزعجها ليس خسارة ادم بل الطريقه التى خرجت بها مذلوله من حياته
ضربت عجلة القياده بغضب وعصبيه ثم اطلقت صرخه مروعه
وصلتها رساله من ادم، لكنها لم ترد القت الهاتف بقوه أمامها
هل انتهى كل شيء؟
كيف انتهى بها الامر لهزيمه سريعه غير متوقعه
وصلتها رساله تانيه من ادم ان اسف راما حقك عليه
جين متقصدش تزعلك
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
وصلت راما شقتها تقراء رسائل ادم التى تصلها بأستمرار
دون أن ترد
وقفت امام المرأه ثم تنهدت بصمت، اخيرا مسكت هاتفها وردت على ادم
تركته يشرح
يتأسف
يعتذر
قبل أن تصرخ انا كرامتى اتهانت قدام عنيك  يا دم
جين حبيبة قلبك مسحت بكرامتى الأرض
جين متقصدش يا راما ارجوكى افهمينى جين بتغير منك لانك أجمل منها
احسن راما ببعض الارتياح
وبعدين انا بعتذر ليكى من الصبح
مش انت إلى لازم يتعتذر يا ادم، جين إلى لازم تعتذر
لو كنت عايزنى ارجع
همس ادم بتردد حاضر هخليها تعتذر لك يا راما مبسوطه كده؟
همست راما بدلال يعنى شويه
طيب افردى وشك بقا، يا شيخه انتى خضتينى
راما بدلال اكتر حاضر
أراد ادم ان يتحدث لكن راما صدته انا منتظره اعتذار جين
يا ريت منمش وانا زعلانه
اغلقت راما المكالمه وهى تشعر بارتياح بينما عاد ادم إلى الشقه
كانت جين قاعده فى الصاله، عاجبك إلى حصل ده يا جين؟
جين طبعا لا
ادم كل دا مكنش له لازمه
جين.... انا تعصبت شويه اسفه
مكنش احب ان كل حاجه تنتهى كده
معلهش بكره تلاقى احسن منها
مفيش حاجه خلصت جين
جين بتربص تقصد ايه؟ راما مشيت خلآص
ادم لا راما ممكن ترجع
جين ترجع ازاى؟
ادم... لو انتى صححتى غلطك واعتذرتى ليها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
رفعت جين حاجبها بأستنكار ..... انتى عايزنى اعتذر يا ادم!؟
جلس ادم، تحت مقعد جين، مسك حضن ايديها بأيديه
جين انتى متغيره ليه؟ احنا كنا متفقين مع بعض، وانتى كنتى متحمسه اكتر منى، ايه إلى جرى؟
ارتعش جسد جين كان داخلها اشياء ترغب بقولها، ان تصرخ بها لكن كبريائها منعها
عندما تكون راما هنا لن يكتفى ادم بحضنها مثلما يفعل معها ، تعرف ذلك، ربما يحملها نحو غرفتها وربما وربما
الكثير من ربما وهى جالسه فى غرفتها تسمع ضحكاتهم
ان ما تسعى له سيحطمها، سيجعل موتها أقرب مما تعتقد
كانت شارده وادم يداعب يديها الناعمه
عايزنى اعتذر يا ادم؟
ايوه يا جين راما مش هترجع غير لو اعتذرتى راما مستنيه اعتذارك
همست راما، عارفه انى انا الى ضغطت عليك تخطبها انا الى طلبت تتجوز
لكن كل ما اشوفها معاك بحس بنار فى صدرى عارف ليه يا ادم؟
ليه يا جين؟
لانها هتديك حاجه مش هقدر اديهالك يا ادم
متزعليش نفسك يا جين، جلس ادم على الأرض، خلاص انا مش عايزها
لا هسمت جين متقولش كده؟ انا مش هظلمك معايا
مش هخلى حياتك تبقى جحيم بسبب رغباتى
لكن يا ادم هقولك حاجه، لو شفتك بتضحك معاها قدامى هقتلك
حاضر يا جين
ومتقربش منها خالص؟
حاضر ياجين
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كانت تعرف ان ما تقوله مجرد هراء جنون لكنها ودت بشده ان تقوله ان تشعر به، ودت ان تسمع ادم يقول ذلك
خلاص انا هكلمها عشانك واعتذر لكن انت كمان غلطت ولازم تصحح غلطك
غلطت فى ايه يا جين؟
انتى اديتها مفاتيح شقتى يا دام من غير اذنى، انت جرحتنى اووى
وحتى لو كانت هتبقى مراتك فدا لسه محصلش
راما مش هتدخل الشقه غير لما تنجوزك يا ادم دا شرطى
حد منها المفتاح يا ادم مش عايزه اشوفها هنا غير بفستان الفرح
تردد ادم ، شعر بحجم الورطة إلى وقع نفسه فيها لكنه قال حاضر
اتفقنا
مسكت جين تليفونها وكلمت راما، تعمدت ان تكون بارده يلا مشاعر
اعتذرت لراما عن حدتها، وضحت لها انها تحبها وان ما حدث كان سوء فهم
اغلقت جين الهاتف وبصت على ادم
يلا دورك جه، خد المفتاح منها
راما مش هتدخل الشقه غير وهى على زمتك دا كان شرطى
همس ادم حاضر يا جين 
هنفذ وعدى راما مش هتدخل الشقه غير وهى على زمتى
يلا طيب مستنى ايه؟ روح هات المفتاح منها ولا مكسوف؟
ماشى، هروح يا جين، هريحك
غادر ادم الشقه، اتصل براما، اعترف انه مشتاق لرؤيتها
وانه ينتظرها تحت العماره
وهو ينتظرها راح يفكر فى الطريقه التى يستطيع بها ان يخبرها بطلبه دون أن يسير حنقها دون أن يجرح كرامتها
نزلت راما فى فستان بسيط وجميل واول ما ادم شافها أدرك انه يحتاجها، يحتاجها بشده أكثر مما يتخيل
كانت الساعه تعدت منتصف الليل عندما طرق ادم باب الشقه
جين الملهوفه فتحت باب الشقه بسرعه
وجدت ادم وفى حضنه راما يقفان فى مواجهتها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لاحظ أدم ابتسامه ترتعش على طرف شفتى جين وان جفنها يرمش بأستمرار
؟ إيه دة هو فيه آيه؟ ادم انا قولت ايه... ؟
انا اتجوزت راما يا جين..
اتجوزت راما؟ اه اتجوز راما كانت جين بتتكلم مع نفسها وكأنها هتقع من الصدمه
إيه مفيش مبروك؟ تدخلت راما فى المحادثه رغم ان ادم ضغط على ايدها
كان اتفق مع راما انهم ميضيقوش جين وانهم يحتفظو بكلمات الحب والغرام لنفسهم لما يتقفل عليهم باب
وعلى ما يبدو أن جين فقدت الاحساس للحظات وفقدت الشعور بالمكان والزمان
فتحت جين فمها وهمست الف مبروك ثم اجبرت نفسها تحضن راما
بعدها بصت على ادم وقالت الف مبروك يا ادم
__الله يبارك فيكى يا روحى
جين.... طيب اتفضلو انتم غيرو هدومكم وانا هحضر العشا واوصله غرفتكم
حاول ادم ان عنيه تقابل عنين جين، لكن جين كان باصها بعيد عنه
للمره التانيه ادم يتعمد اهانتها، فى البدايه منح راما مفتاح الشقه
وعندما اعترضت جين  مقدرش حتى ياخد المفتاح من راما خاف على زعلها واتجوزها عشان يوفى بوعده لجين
جسد جين كان بيرتعش وقلبها محروق ولو كانت الشقه فاضيه كان زمانها بتصرخ وتكسر كل حاجه جوة الشقه
لكنها الان تحافظ على ما تبقى من كبريائها، من كرامتها
لن تنهار الان، كان ادم يقسم لها كل ليله انه يحبها
وهى متأكده ان ادم يحبها، ايوه ادم بيحبنى
وحتى لو كان حبى نقص فى قلبه دا ميعنيش انى أضعف واتنازل
فى غرفة النوم. همست راما، ادم؟ مش شايف ان رد فعل جين بارد شويه؟
ادم.. بارد ازاى؟
راما... يعنى من شوية ساعات جين طردتنى بره الشقه ودلوقتى بتعاملنى عادي ولا كأن حاجه حصلت
لا غريبه ولا حاجه يا راما، جين طيبه، هى كانت متعصبه شويه مش اكتر
ومن فضلك انتى كمان يا راما  لازم تهدى وتعامليها كويس
وقبل ما يخلصو كلامهم، خبطت جين على باب الغرفه
ادم وسع بعيد عن راما بسرعه ودخلت جين  شايله صنية الاكل حطتها على السرير
شكرا جين همس ادم، مكنش لازم تتعبى نفسك ؟
تعبك راحه يا ادم، راما عروسه ولازم اهتم بيها لكن بعد ما شهر العسل ما يخلص احنا هنتشارك فى شغل البيت
تركت جين ابتسامتها داخل الغرفه وخرجت بوجه حزين
ما ان اغلقت الباب حتى ركضت والقت بنفسها على الأريكه
ادم مع واحده غيرها، ادم فى حضن واحده غيرها وكادت ان تشهق لكنها تذكرت انها ليست وحيده بعد الآن
فهناك واحده تشاركها كل شيء.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
مش هتسامح آبدآ، هتخاصمه وتقاطعه، ليس لأنه تزوج
فهذا شأن خاص به وقد طلبته منه
لكن يتجوزها كده فجأه من غير ما ياخد رأيها او حتى يديها خبر؟
هو كان منتظر ايه يعنى لما يقف على باب الشقه وايده فى ايدها؟
منتظرنى انفجر؟
اصرخ
وياترى كانت فكرة مين ان يدخل عليه الشقه من غير ميعرفنى حاجه؟
سواء كانت فكرة ادم او حتى فكرة راما وادم وافق عليها النتيجه واحده لن تغفر لأدم ابدا
فى الوقت الذى عليها ان تنفجر مطالبه ان تكتم غيظها
تحدثت مع ادم وراما كأن لا شيء حدث، لم تعاتب ادم حتى لا يظن ان كلامها نابع من الغيره
نعم انها أنثى تغار لكن تحتفظ بغيرتها لنفسها
غضبها من ادم كان بسبب امر اخر لا علاقه له بالغيرة
حاولت جين تنام مقدرتش، السرير إلى كان يجمعها بادم كان واسع جدا جدا بعرض ميل، الغرفه بارده وكل حاجه جواها بتتربص بجين، الحيطان والمقاعد والطاولات، المرآيه والتسريحه حتى مصباح الغرفه كان بيبص عليها
__وبعدين؟ شهقت جين، انا حاسه روحى بموت انا مش قادره اتنفس ليه كده؟
غرقت وشها فى المخده وبكت، سمحت لعيونها ان تندبح
جين انتى الى طلبتى كده زعلانه ليه؟
كان ليكى لوحدك وقولتيلة اتجوز؟ جين متأكدة من كل فكره تدور فى رأسها لكن عمرها ما تخيلت ان الوجع يكون بالشكل ده
. مقدرتش تنام، طلعت على المطبخ تعمل فنجان قهوة وتشغل نفسها بأى حاجه
عدت على باب الاوضه، ادم وراما جوة الاوضه مع بعض وهى واقفه بره
وقفت جين لحظه كان هناك همسات وضحكات خافتة
لم تجرب جين ذلك الشعور، منذ خطوبتها وهى مريضه
وحتى بعد أن تزوجت ظل المرض رفيقها 
معقول يا جين انتى تعملى كده؟ تتجسسى على ادم وراما؟
لكن الهمسات مرهقه متعبه، لا تعرف عن ماذا يتحدثان ولا ماذا يقول ادم هذا الوغد مدعى الحب
معقول يقلها كلام حلو زى إلى كان بيسمعهولى؟
حركت جين قدمها، جرتها كأنها مقيده، هربت إلى المطبخ
عملت قهوه وشربتها
طلعت اكل وطبخته كان عايزه تشغل نفسها بأى حاجه
قبل الفجر خرج ادم وراما قاصدين الحمام، تفاجيء ادم بوجود جين ولم يكن فى يده شيء يمكنه ان يفعله
كان صدرة عارى ولا وقت للهرب
انتى؟ انتى؟ صاحيه لحد دلوقتى يا جين؟
ارغمت جين نفسها على عدم النظر وهمست، مجنيش نوم قلت استغل الوقت واطبخ اكل لبكره
اكيد تحتاجو تفطرو وتتغدو، خدو راحتكم انا خلصت خلاص ثم دخلت جين غرفتها وهناك سمحت لدموعها ان تنفجر
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كانت جين جالسه فى الصاله عندما خرجت راما من غرفة النوم، مرتديه قمي_ص النوم وروب احمر قصير وكان وجهها متورد مثل زهره فى مطلع الشمس..
راما __ صباح الخير جين
جين _ صباح النور راما
راما _ عامله ايه
جين _ هعمل ايه، عادى يعنى
راما _ تخلت عن فكرة الذهاب إلى الحمام، جلست على المقعد فى مواجهة جين
جين__ همست جين، راما إياكى ان تبدأى، سأتقبل الأمر بمفردى ولا أحتاج لشفقتك او توضيحاتك
راما __ ربما كانت راما صادقه فى نيتها، أرادت ان تخفف عن جين، ان تطلب منها ان لا تحزن ولا تغضب نفسها وانها مثل اختها وهذا الكلام الفارغ
لكن اعتراضات جين فتحت أمامها باب أخرى اشعرها بالحماس والسعاده
راما ___انا مش جايه اشفق عليكى ولا حاجه يا جين
ادم دلوقتى جوزى زى ما هو كمان جوزك!!
جين __ رفعت جين وجه باهت مخطوف وهزت رأسها تستفهم ؟
راما __ انا ست حقانية ومش ممكن اجى على حقك، بعد ما شهر العسل ما يخلص، ادم هيقسم الآيام بينى وبينك
اربع ايام عندى وتلاته عندك
جين __ بدت جين مندهشة، ليس من فكرة راما، على كل حال كان لابد أن يحدث هذا الكلام ان يقسم ادم ايام الاسبوع بينها وبين راما
لكن نبرة راما المستفزة واصرارها على اغضابها بدت لها غير مفهومه
تمالكت جين اعصابها، __ ليه انا تلت ايام وانتى اربعه يا راما؟
راما __ فتحت راما فمها بأبتسامه، دى عايزه سؤال يا جين؟ واردفت بسخريه، انا مراته الحقيقية، انا الى هيخلف منى وريثة واعتقد من حقى يوم زياده
وبعدين انتى زعلانة ليه يا جين ؟ هو هيعمل ايه عندك؟
على حسب معرفتى، ادم مش بيقرب منك من يوم جوازكم
ربنا يشفيكى طبعأ، انا مش شمتانه والله لكن عايزاكى تكونى منطقيه، وفى النهايه احنا كل إلى يهمنا سعادة ادم.
شعرت جين ان ساطور صديء شرخ جسمها نصفين
طلبت من ادم ان يحتفظ بهذا السر بينه وبينها
ان يخبر راما انها فقط لا تنجب، عميقه لأنه من غير المهم ان تتعرف راما على أسرارها
جين __همست بضعف وجسدها كله يتصدع هو قالك كده؟
راما __ ايوة، ادم حبيبى مش بيخبى عليه حاجه من اول يوم !! ثم انتى زعلانه ليه؟ هو المرض الناس بتتكسف منه؟
جين __ لا، مش بنتكسف منه، الحمد لله على كل شيء
بس مستغربه ان ادم قالك على اسرارنا الخاصه ؟
راما ___ بسخريه أسرار ايه بس يا جين تلاقى الدنيا كلها عارفه مرضك!!
_أرادت جين ان تصرخ ان تحطم رأس راما، ربما هذا رد الفعل الطبيعى لما كانت تشعر به
لكن جين وجدت نفسها مهزومه داخلها، نعم كانت مثل جندى اسير فى يد جيش العدو يتلقى الصفعات والاهانات بصمت
__نهضت جين، ركضت نحو غرفتها، لم ترغب ان ترى راما انهيارها عندما وصلت باب غرفتها خرج ادم ورأى جين تدخل غرفتها راكضه وتصفع الباب خلفها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ادم __ فيه ايه؟ حصلت حاجه...
راما __وهى بتحط رجل على رجل،، لا مفيش حاجه
أدم.... امال جين بتجرى ليه ناحيت غرفتها بالشكل الغريب ده؟
راما... ودى عايزه كلام يا ادم يا حبيبى
ادم... تقصدى ايه
راما __مينفعش اقول
ادم... بقلق، قولى من فضلك
راما.. هقول لكن متفهمش جين غلط من فضلك
ادم... ها
راما...دى الغيره يا ادم، مش سهل الست تشوف واحده تانيه فى حضن جوزها
واحده تقدر تديله إلى هى متقدرش تديهوله انا مشفقه عليها بجد، ادم؟ حبيبى ادخل اقعد معاها شويه عشان خاطرى
ادم _هاخد حمام وادخلها
هسمت راما ، هتاخد حمام لوحدك؟
وضع ادم يده على فم راما، تغيرت ملامحها التعيسه واشرق وجهه، ادخلى قدامى من سكات.
انهمرت الدموع من عيون جين، لقد عايرتها راما بمرضها
انها تفهم جيدا حجم السخريه فى نبرتها
بقا كده يا ادم؟ حتى أسرارى الشخصيه قلتها لراما؟
كانت دموع راما غرقت الوساده لما دخل ادم، قرب منها
مالك يا حبيبتى؟ ووضع يده على كتف جين
جين _ابعد ايدك عنى لو سمحت، انا عايزه اقعد مع نفسى شويه
ادم..... جين؟ انا ادم حبيبك، لو فيه حاجه ضايقتك قوليلى؟؟
فكرت جين ان تخبر ادم عن كلام راما
بس كان عارفه كويس ان ادم مش هيصدقها، هيقول ان راما مكنتش تقصد حاجه، وفرت على نفسها الكلام ومسحت دموعها، انا تعبانه شويه مش اكتر
اخرج اقعد من مراتك يا عريس ميصحش تسيبها تقعد لوحدها
همس ادم.... جين؟
صدته جين  اخرج يا ادم، اخرج واقفل الباب وراك
بعد الضهر لقيت جين الشقه فاضيه، ادم وراما كانو فى غرفتهم كان واضح انهم نايمين
انتهزت جين الفرصه، دخلت استحمت وخرجت من الحمام تروح غرفتها، كان لابسه قميص ولافه الفوطه على شعرها
مشيت ناحيت غرفتها بسرعه
لكن باب غرفة انفتح وخرجت منه راما
اطلقت راما ابتسامه شعرتها جين تذبحها، ايه إلى انتى عملاه دا يا جين؟
جين من غير ما تبص عليها، عامله ايه يعنى، كنت بستحم
راما بسخريه؟ كنتى بتستحمى؟ ها ها
جين خليكى واضحه عايزه تثبتى ايه باللبس ده؟
عايزه تغرى ادم؟
حست جين بقها عاجز عن الكلام، وجدت صعوبه فى نطق الكلام
انتى ليه بتعملى كده يا راما؟ ليه بتتعمدى تضايقينى؟
راما.... بالعكس جين اسألى انتى نفسك ليه اللف والدوران ده؟ بطلى جين شغل الحربايات ده
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لم ترغب جين فى إجراء تلك المحادثه الأن بالذات، وشعرت انها تدفع دفعآ نحو المنطقة الغامقة
إذا أنت راما تستنكرين  ان اخذ دش فى شقتى وتلمحين إلى اننى تعمدت ذلك لأثير إعجاب ادم؟
سأكون واضحه يا راما، سأتحدث معك باللغه التى تفهمينها
انا الى اقنعت ادم يتجوز علشان ظروفى، يعنى كان ممكن تكون اى واحده غيرك، وكان فيه فعلا اكتر من واحده قبلك
لكن الأمور تعطلت لتفاصيل صغيرة لأن بعضهم كان ليه تحفظات ومطالب لم نقبلها انا ولا ادم
ثم أطلقت جين ابتسامه.. وابتسامة جين جميله مثل وجهها
لحد ما ظهرتى انتى يا راما ومن حسن حظننا مكنش ليكى اى مطالب....
انا مراة ادم زيك وانا الى جبتك هنا، وليه حقوق زيك، دى شقتى زى ما هى شقتك، فبطلى شغل العيال بتاعك ده إلى لا يليق بدكتوره جامعيه
عشان بس اكون واضحه، انا بحب احد حريتى فى شقتى، البس براحتى اقلع براحتى واقعد براحتى والمفروض ده ميضيقش حد
انا قلت انك دكتوره وعقلك كبير وهتكونى متفهمه طبيعة الموقف والعلاقة إلى بينا
لكن واضح انك مش بتفهمى غير لغة المواجهه
اى كلمه منك يا راما على سلوكى او لبسى هتلاقى رد مش هيعجبك!
وبعدين يعنى عشان اريحك، انتى بتعيرينى بمرضى وانى مش بخلف؟ وان مفيش علاقه بينى وبين ادم
احب اقلك ان كل دا ممكن يتغير انا لسه بتعالج
وحتى لو محصلش نصيب فأدم جابك عشان تخلفى ليه وريث، مش علشان بيحبك واعتقد ادم كان واضح فى النقطه وقلك انه بيحبنى؟
من النهرده كل واحده فينا هيكون ليها جزء فى شغل البيت والطبخ
وانا افضل ان ايام الاسبوع تتقسم ما بينا لأنى بصراحه مش عايزه اتشارك معاكى فى اى حاجه
ظلت راما صامته مثل الاباجوره التى تضيء فوق رأسها
احتقن وجهها وشعرت بغضب عارم
قصدت جين غرفتها، يلا راما أجرى على ادم، روحى ابكى واشتكى أظهرى معدنك الاصلى
داخل غرفتها لم تكن جين مسرورة من كلامها، كانت مجبورة ان تدافع عن حقوقها وتضع الحدود امام راما التى تعمدت جرحها اكتر من مره
انطفأت الحماسه فى عيون راما، لا تعرف ما يحدث معها
لم ترغب فى كسر جين او هزيمتها
لكن طبيعتها النرجسيه المتحكمة سطت عليها، لكنها تشعر الان بالهزيمة
جين رغم مأساتها تبدو صامده وهى التى تشعر بالقهر
همس ادم   مالك... ؟
مفيش يا ادم مفيش
ازاى مفيش؟ انتى كنتى خارجه من هنا وشك منور وراجعه زى ما يكون ميت ليكى ميت؟
اتخانقت مع جين يا ادم
ليه؟ جين مش بتحب المشاكل
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
يعنى تقصد انى انا الى آخترعت المشكله؟ انت شوفت بعينك قبل كده كيف جين وجهت لى الآهانه قدام عينك ! °
ادم؟؟ همست راما
قاطعها ادم، راما، انا مش هتخلى عن جين دى اول حب فى حياتى
راما بغضب وانا ايه ان شاء الله؟
ادم ربت على كتفها انتى الحب إلى دخل حياتى فجأه يا راما
انتى الحاجه الحلوة إلى كنت بنتظرها وحصلت
يعنى انت بتحبى يا ادم؟
طبعا راما بحبك
وبتحب جين؟
ايوه بحبها
دا مستحيل يا ادم ازاى بتحبنا احنا الإتنين فى وقت واحد؟
تنهد ادم، راما، جين ليها ظروفها الخاصه وعمرها ما هتقدر تشاركني فيكى
هو ده مش كافى ليكى راما؟
جين مش هينفع تبقى فى حضنى، ارجوكى متستكتريش عليها شوية حب
مهما صدر من جين او عملت هتفضلى انتى الى فى حضنى راما
مش شايف اى حاجه تخليكى تغييرى من حين او تعتبريها عدوة محتمله
واغير منها ليه يا ادم؟ هى احلى منى مثلا؟
اهو انتى قولتى بنفسك يا راما، جين مش احلى منك، بلاش تحطيها فى معادله معاكى
ا نتى شخص مميز وجميل خليكى كده على طول
بتحبى يا ادم؟
يوه همس ادم وهو يطبع قبله فوق وجه راما، احنا هضيع اليوم كله فى الكلام؟ تعالى بقا
استقرت الأوضاع داخل الشقه، كانت راما بتروح الجامعه
وادم بيروح شغله وجين فى الشقه تمارس حياتها الممله
بعد أن ابتعدت عنها راما شعرت براحه
توقفت عن ازعاجها وان كانت عيونها بتقول حاجه مختلفه
كان على راما ان تؤدى خدماتها داخل الشقه ثلاثة أيام فى الاسبوع
وكانت تفتقد ادم ثلاثة أيام فى الاسبوع
احيان كانت راما تطلب مساعدة جين فى الطبخ وكانت جين تقدم لها المساعده بصدر رحب
الحقيقه جين مكنتش رافضه فكرة انها تهتم بالشقه طوال ايام الاسبوع لكن بداية راما كانت خاطأه
كان يوم سبت وكانت راما محشوره داخل المطبخ تقطع البصل وتطبخ الأرز وتجهز الخضروات
عندما بدرت منها صرخه آلم وسقطت فى المطبخ
سمعت جين الصرخه، ركضت على المطبخ وجدت راما واقعه على الأرض
مالك يا راما؟
دايخه يا جين وعايزه ارجع
. ارتج قلب جين!!  انتى حامل!
معرفش يا جين
ساعدت جين راما على تبديل ملابسها ورافقتها إلى الطبيب
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
فحص الطبيب راما، مبروك يا مدام انتى حامل فى الشهر التانى
بجد يا دكتور؟
ايوه بجد ولازم تستريحى ومتبذليش مجهود لحد ما الحمل يستقر ثلاثة أشهر على الأقل
احتضنت جين راما، كان حضن حقيقى ودمعت عيونها
اتصلت بادم وطلبت منه يجى على العياده
فيه ايه يا جين؟
راما تبعت وأخدتها على الدكتور
ادم بقلق هى كويسه؟
جين ايوه كويسه، مبروك يا ادم، هتبقى اب
صرخ ادم من الفرحه بجد يا جين؟
ايوه بجد يا ادم، راما حامل
طيب اقفلى وانا هاجى على العياده بسرعه
وصل ادم العياده غير مصدق احتضن راما وجين وهمس انتى كويسه يا راما؟
ايوه كويسه يا ادم
بين جين وادم وصلت راما العربيه وساق ادم على الشقه بوجه منشرح وكل شويه يبص على راما كأنه خايف انها تتبخر
لما وصلت راما سريرها قال ادم انتى تقعدى فى سريرك ومتعمليش اى حاجه، حتى اكلك انا هجيبو ليكى فى السرير
طيب وشغل البيت؟
ملكيش دعوه بشغل البيت، انا هجيب خدامه
مش هنجيب خدامه يا ادم انا هتكفل بشغل البيت خلى راما مستريحه
بخجل قال ادم، مش عايز اتعبك يا جين؟
تتعبنى ازاى يا ادم ابنك هو ابنى، مرت لحظات مشحونه بالعاطفه، جين وادم بيبكو من الفرحه،
انا فرحنالك اووى يا ادم، اخيرا حلمك هيتحقق
همس ادم دا حلمك انتى كمان يا جين، الطفل دا هيكون ابنك زى ما هو ابنى
جين، انا هجيب خدامه، مش هرغمك تخدمى راما؟
متقلش كده يا ادم، انا علاقتى براما بقيت كويسه ومعدش فارق معايا اى حاجه
بعد ما راما عرفت إنها حامل، كانت الأيام بتمشي ببطء، كأن الزمن نفسه بيحاول يستوعب اللي حصل،جين كانت بتراعيها كويس، بتجهّز لها الأكل، بتأكد إنها بتاخد الفيتامينات، حتى بتراقب نومها،آدم كان فرحان، بس كان فيه حاجة في عينيه، حاجة أعمق من مجرد الفرح، كأنه مش قادر يصدّق، أو يمكن خايف.
في الليالي الأولى، كان كل شيء هادي،راما بتنام بدري، وجين بتوضّب المطبخ، وآدم بيقعد جنبها على الكنبة، عينه على الأرض،مفيش كلام، بس فيه حاجة تقيلة في الجو، حاجة مش بتتقال.
وفي ليلة، جين وهي بتنضف الترابيزة، سمعت صوت نفس آدم العميق، رفعت عينيها، لقته بيبص لها، نظرته غريبة.
— "إنتِ كويسة؟"
— "كويسة."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
— "متأكدة؟"
وقفت للحظة، سابت الفوطة اللي في إيدها، وقعدت جنبه
— "إنت اللي مش كويس، مش كده؟"
آدم خد نفس، طوّل وهو بيطلّع الهوى، كأنه كان شايله من زمان
— "حاسس بحاجة غريبة، جين... مش عارف أوصفها
سكت لحظة، بص للسقف، وكمل:
— "راما حامل، وكل حاجة المفروض تبقى كويسة، بس حاسس كأن... كأن فيه حاجة مش طبيعية."
جين مسحت إيديها في بنطلونها، حسّت بنفسها مشدودة،
— "حاجة زي إيه؟"
— "مش عارف. خايف. خايف إن الحلم دا يتكسر، خايف إنها تتأذي. خايف إني..."
بلع ريقه، صوته واطي:
— "إني أخسرها زي ما خسرتك."
الكلمة وقعت في المكان زي حجر تقيل،جين ماحركتش ساكن ، ولا حتى غمضت عينيها، كانت فاهمة هو بيقول إيه، كانت فاهمة أكتر مما كان متخيل
ربما تصالحت جين مع راما لكنها لم تسامح ادم ابدا كان قلبها مجروح منه حتى انها لم تسمح له النوم فى غرفتها لو حتى احتضانها
— "إنت ماخسرتنيش، آدم."
آدم ضحك ضحكة قصيرة، مش ضحكة حقيقية، كأنها مجرد رد فعل، وبعدين هز رأسه 
— "وأنا المفروض أصدق كده؟ بعد كل اللي حصل؟ بعد السنين اللي بينا؟"
جين سكتت، عرفت إن اللحظة دي كانت جاية، بس ماكنتش متخيلة إنها هتحصل كده، فجأة، في نص الليل، في بيت مليان سكون 
— "مش لازم نفتح الكلام ده تاني."
آدم هز راسه، قام وقف هو انتى ممكن تسامحينى؟ 
جين ماعرفتش ترد، كانت حاسة إن أي كلمة هتقولها هتبوّظ كل حاجة أكتر، قامت، دخلت أوضتها، وقفلت الباب.
بس آدم ما اتحركش. فضل واقف في الصالة، عارف إن الليلة دي مش هتنتهي بسهولة، وإن فيه حاجات كتير جوّاهم، حاجات مش بيتقال عنها حاجة، بس موجودة، عايشة بينهم
شعور عميق برغبته احتضان جين ولمسها
دخل ادم غرفة راما، وقعد جنبها، قبل جبينها وحاول يحضنها
راما انت بتعمل ايه؟
ادم مش بعمل حاجه، عادى
راما، لا يا استاذ الدكتور قال ممنوع تلمسنى للا بعد تلت شهور
بدلال همس ادم طيب وانا اعمل طول المده دى كلها؟
راما بمزاح روح لجين
غطس ادم دماغه فى حضن راما انتى عارفه ان دا مينفعش
جين متقدرش تاخد مكانك فى الحاله دى
جين آخرها تطبخ تمسح تكنس تنضف الشقه  وأطلق ضحكه كبيره
مكنش يعرف ان جين بالصدفه كان واقفه ورا الباب وسمعت كل حاجه
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
دخلت جين غرفتها وأغلقت الباب بهدوء وقفت لثوانٍ طويلة، تنظر إلى الفراغ، تحاول تستوعب اللي سمعته، شعرت بجسدها ثقيلًا، كأن كل طاقتها تبخرت فجأة.
عيناها امتلأتا بالدموع قبل حتى أن تشعر بها، لم تكن دموع غضب، بل شيء أعمق، شيء يشبه الانكسار  ببطء، سحبت نفسها إلى حافة السرير وجلست، ظهرها منحني، يداها متشابكتان في حجرها، تحاول أن تحتضن نفسها 
لماذا شعرت بهذه الطريقة؟ ألم تكن تعرف مسبقًا؟ ألم تكن تدرك ان مكانتها فى تنازل مستمر؟ 
لكن أن تسمعها بهذا الشكل... أن تسمع آدم يضحك، يتحدث عنها كأنها مجرد شيء في الخلفية، شيء لا قيمة له سوى أنه يطبخ، يمسح، ينظف... هذا ما كانت عليه بالنسبة له؟ مجرد ظل في حياته
ادم يعتبرها خادمة؟ 
ابتلعت جين ريقها بصعوبة، لكن الغصة لم تختفِ، كانت معدتها متقلصة، وداخلها يرتجف، لم تكن تريده أن يراها بهذا الضعف، لم تكن تريد لأحد أن يرى، لكنها وحدها الآن، ولا داعي للتظاهر.
ببطء، رفعت يديها إلى وجهها، وأغمضت عينيها، محاولة حبس الدموع، لكنها سقطت رغمًا عنها، دموع بطيئة، بلا صوت، كأنها تعبر عن تعب سنوات، عن إحباط تراكم ولم تجد له مخرجًا.
استلقت على سريرها، عيناها مسمرة بالسقف، عقلها يدور في دوامة من الأفكار،للحظة، فكرت في الرحيل، أن تحزم حقائبها، أن تترك هذا المكان، أن تبدأ من جديد. لكنها لم تتحرك.
اغرقت جين الوساده بدموعها على مايبدو فأنها ستحتاج تلك الوساده ليالى طويله أخرى
سمعت جين طرق على باب الغرفه، مسحت دموعها بمنشفة ثم فتحت الباب
كان ادم
انا لقيتك محضرتيش العشا جهزته بأيدى يلا تعالى هتدوقى الذ اكله فى حياتك
اسفه،  اعتذرت جين، مش هقدر اكل، كلو انتو انا سبقتكم
مالك؟ سألها ادم
مفيش شوية صداع ثم صكت الباب
احتاجت جين يومين لتستعيد توازنها، مارست اعمالها المعتاده تنظيف الشقه، الغسل والطبخ
كانت تتجنب الحديث مع ادم وراما اذا كانا يعتبرانها خادمه
ستكون خادمة
وبعد اسبوع خرجت جين من الشقه منذ فتره طويله ولم ترجع الا قبل المغرب
وجدت الشقه غارقه فى الفوضى، راما لا ترفع قشه من الأرض ادم يحذرها من ذلك
حتى الأطباق التى تأكل فيها تتركها لجين لتغسلها وتنظفها
تنهدت جين بغضب، نظفت الشقه واعدت الطعام
وكان ادم يشعر بغضبها  الغير مبرر وعزى ذلك لهرمونات النساء
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لم يكن يعرف انها سمعت كل شيء وانها تتقطع وكان يمارس حياته باستمتاع ويمازح راما ويضع اذنه على بطنها
كان مضى اسبوع وكانت جين جالسه بين ادم وراما عندما وصلها اتصال
سحبت جين الهاتف ودخلت المطبخ ثم عادت بعد دقائق مبتسمه
ادم:
ضحكينا معاكى طيب
جين:
مفيش، اصلى نازله شغل من بكره
ادم : بذهول شغل؟
جين :
ايوه شغل
ادم : هو انا قصرت معاكى فى حاجه؟
جين.... لا
راما......
طيب ومين هياخد باله من شغل البيت، انا حامل ومش هقدر اعمل حاجه؟
جين ببرود.... ادم هيجيب خدامه
ادم...... جين انا
جين... من فضلك ادم انا اخدت القرار خلاص، انا مش هعمل حاجه غلط
ولا انت عايزنى افضل هنا امسح واكنس واطبخ كأنى خدامه؟؟
ادم.... مين قال كده يا جين؟ انتى حبيبتى ومراتى ولا يمكن اتستغنى عنك
شوفى الفلوس إلى هتاخديها مرتب وانا هديها ليكى
جين،...... مش موضوع فلوس يا ادم انا عايزه كده
وبعدين ايه المشكله؟
انت مش هتفقد حاجه، اكلك وشربك ولبسك هيكون جاهز
هو انا هقدر اقدملك حاجه اكتر من كده؟
بعد اذنكم انا داخله انام لانى هقوم من النوم بدرى بكره
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
مع شعور آدم بعدم الارتياح تجاه قرار جين، بدأ يدرك أنها لم تعد كما كانت، لم تكن مجرد نزوة أو رغبة في التغيير، بل كانت رسالة واضحة، لكنها ليست تلك التي كان مستعدًا لفهمها
 كانت جين قد تحولت من امرأة تحاول إرضاء الجميع إلى امرأة قررت أن تضع نفسها أولًا، حتى لو لم يكن هذا مناسبًا له.
في صباح اليوم التالي، استيقظت جين قبل الجميع. ارتدت ملابسها بعناية، كأنها تتهيأ لحياة جديدة، وربطت شعرها إلى الخلف بحزم، وقفت أمام المرآة للحظة، لم تكن تبتسم، لكنها لم تكن حزينة أيضًا، كانت هادئة... وهادئتها كان يحمل شيئًا مختلفًا، شيئًا أشبه بالتصميم.
عندما خرجت من الغرفة، وجدت آدم يجلس في الصالة، بدا كأنه لم ينم جيدًا، رفع عينيه إليها، تطلع في مظهرها المختلف، في الحقيبة التي تحملها على كتفها.
قال بصوت خافت:
"أنتِ فعلًا رايحة الشغل؟"
أجابت بهدوء، دون أن تنظر إليه:
"أيوه."
وقف آدم فجأة، كأنه يحاول أن يجد الكلمات، لكنه لم يفعل. مر بجوارها، وكاد يمد يده ليمسك بها، لكنه توقف، لم يكن يعرف ما إذا كان هذا سيجدي نفعًا.
أما جين، فلم تتوقف. لم تستدر لتنظر إليه. فتحت الباب وخرجت.
وربما، للمرة الأولى منذ زمن طويل، لم تشعر أنها مجرد ظل في حياة أحد.
حصلت جين على وظيفة مساعدة إدارية في شركة استيراد وتصدير متوسطة الحجم، لم يكن اختيارها لهذا العمل عشوائيًا، بل كانت تبحث عن شيء يمنحها الاستقرار والاستقلالية بعيدًا عن الدور الذي حُصرت فيه لسنوات.
في اليوم الأول، جلست على مكتبها الصغير، أنيقة بزي عملي بسيط، تراقب حركة الموظفين من حولها وتحاول استيعاب سير العمل،لم تكن لديها خبرة سابقة، لكن الحدس الذي طورته من سنوات التنظيم والتعامل مع التفاصيل جعلها تتكيف بسرعة.
بدأت مهامها بتنظيم المراسلات، تنسيق الجداول الزمنية، وإعداد الملفات، لكنها سرعان ما لاحظت وجود خلل في نظام الأرشفة، وثغرات في تنظيم الاجتماعات،لم تكن جريئة كفاية لطرح آرائها منذ البداية، لكنها كانت تراقب، تسجل الملاحظات، وتتعلم.
مع مرور الأسابيع، بدأت تترك بصمتها، لاحظ مديرها أن الأمور أصبحت أكثر تنظيمًا، أن الاجتماعات تُدار بسلاسة أكبر، أن الملفات التي كانت تضيع باستمرار باتت مرتبة وفق نظام واضح.
في أحد الأيام، أثناء اجتماع فريق الإدارة، لاحظت خطأ في أحد التقارير المالية، كان خطأ صغيرًا لكنه قد يسبب مشكلة في الحسابات،توقفت للحظة، تفكر فيما إذا كان عليها التحدث، ثم قررت أن تخطو تلك الخطوة الأولى.
"عذرًا، لكن هناك خطأ في هذا الجدول، خانة التكاليف غير متطابقة مع البيانات السابقة."
التفت إليها المدير، ثم راجع الورقة، صمت لثوانٍ قبل أن ينظر إليها باهتمام جديد، اهتمام لم يكن موجودًا عندما كانت مجرد موظفة جديدة صامتة.
"أحسنتِ الملاحظة، جين."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كان ذلك أول اعتراف ضمني بقدرتها، وأول دليل على أنها لم تعد مجرد موظفة تؤدي أوامر، بل عنصرًا حقيقيًا في العمل.
خارج المكتب، بدأت جين تعيد بناء حياتها وفق شروطها كانت تستيقظ مبكرًا، تتناول فطورها بهدوء، ثم تنطلق إلى عملها دون أن تلقي بالًا لآدم أو راما
 لم تعد تنتظر تعليقاتهما، ولم تعد تكترث بما إذا كانت الأمور في المنزل تسير وفق توقعاتهما أم لا.
في المساء، بدأت تأخذ دروسًا في مهارات الحاسوب، تعلمت كيفية إعداد التقارير، كيفية التعامل مع برامج الإدارة الحديثة أدركت أنها لم تعد تريد مجرد وظيفة، بل مستقبلًا مهنيًا، شيئًا تستطيع الاعتماد عليه حتى لو تغيرت الظروف.
أما علاقتها بآدم، فقد أصبحت رسمية وباردة،لم يعد يحاول إقناعها بالتراجع، لكنه كان يراقبها بحذر، كأنه يحاول فهم المرأة التي أصبحت عليها،أما راما، فقد بدت مستاءة من انسحاب جين من دورها التقليدي، لكنها لم تملك حيلة لإيقافها.
في أحد الأيام، وبينما كانت جين تراجع بريدها الإلكتروني، وصلها إشعار من المدير: "نحتاج إلى تنظيم جديد لأرشيف الشركة، وأعتقد أنك الشخص المناسب للإشراف عليه،هل يمكنك إعداد خطة لهذا الأمر؟"
قرأت الرسالة ببطء، ثم أخذت نفسًا عميقًا، لأول مرة، لم يكن يُطلب منها مجرد تنفيذ المهام، بل اقتراح حلول، هذه لم تكن مجرد وظيفة بعد الآن، بل بداية جديدة.
ابتسمت، أغلقت البريد 
لكن ادم القريب لاحظ ابتسامتها، قرب منها وبص فى شاشة الاب توب
ممكن اشوف الايميل ده؟
ليه سألته جين ببرأة؟
ضغط ادم على الايميل دون انتظار ردها فتح الرساله وقراء البريد
هو المدير ده عمره كام سنه؟
جين... معرفش يمكن خمسين سنه او اكتر
انتى موظفه جديده فى الشركه ليه يقرر يعتمد عليكى وعنده موظفين كتير غيرك؟
جين... لانى ببذل مجهود فى الشغل ومجتهده
مجتهده؟ صرخ ادم، انتى من  شهر واحد كان أكبر إنجازاتك غسل الاطباق وتحضير الأكل
عايزه تقنعينى انك فى المده القصيرة دى عملت الإنجازات إلى تخلى مديرك يقرر كده لله فى لله ان يعتمد عليكى؟
جين بعدائيه ... تقصد ايه يا ادم؟
اقصد انك هتردى على مديرك وهتقولى انك متقدريش تعمل كده، تحججى بتعبك او قلة خبرتك لو كنتى عايزه تفضلى فى الشغل
فتحت جين بقها، انت بتتهددنى يا ادم؟
اعتبريه زى ما تعتبريه يا جين
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
نظرت جين إلى آدم بحدة، قلبها ينبض بقوة بين الغضب والدهشة، لم يكن صراخه هو ما أثارها، بل الطريقة التي تحدث بها، وكأن نجاحها أمر مشبوه، وكأنها تحتاج إلى مبرر لتكون جيدة في شيء آخر غير خدمة المنزل.
أغلقت حاسوبها المحمول ببطء، وقفت، وقابلته بنظرة لم يعهدها منها، لم تكن غاضبة فقط، كانت حازمة.
"لو كنت فاكر إنك تقدر تتحكم فيَّ، فأنت غلطان."
ضحك آدم بسخرية، ومرر يده في شعره بتوتر،
"أنا مش بتحكم، أنا بحاول أحميكِ، الدنيا مش وردي زي ما إنتِ فاكرة، والناس مش بتدي فرص كده لله، لازم يكون في مقابل."
"مقابل؟" كررت الكلمة كأنها لم تستوعبها، ثم هزت رأسها، "إنت فعلاً شايفني بالشكل ده؟ بعد كل السنين دي؟"
تقدم خطوة، كأن كلمتها ضربته في نقطة حساسة،جين، مش قصدي... بس انتي متعرفيش الناس دي، وأنا مش مستعد أشوفك بتتأذي."
أخذت نفسًا عميقًا، كأنها تستوعب أن هذا الحوار لم يعد عن الوظيفة أو المدير أو حتى مستقبلها،كان عن آدم، عن الرجل الذي لم يرها يومًا كشخص قادر على صنع حياته بنفسه.
"إنت مش خايف عليّ، إنت خايف من إني أخرج من الدور اللي رسمته لي."
لم يعترض، لكنه لم يؤكد أيضًا،كانت نظراته كافية لتخبرها أنها على حق.
"آدم، لو كنت بتحبني، كنت هتدعمني بدل ما تحاول توقفني."
لم يجد ردًا، لم تكن لديه كلمات تعيدها إلى المكان الذي كانت فيه، جين لم تعد هي المرأة التي عرفها.
استدارت واتجهت إلى غرفتها  قبل أن تغلق الباب ، التفتت إليه مرة أخيرة، بعينين لم تعد تبحثان عن إذنه أو موافقته.
"مش هعتذر عن كوني ناجحة، ولو كنت شايف إن ده تهديد ليك، فالمشكلة مش عندي."
آدم بقي واقفًا في مكانه، يشعر لأول مرة أن جين لم تعد جزءًا من عالمه، وأنه لا يملك أي سلطة ليعيدها.
بعد أن دخلت جين غرفتها، بقي آدم واقفًا في مكانه، يحدّق في الباب المغلق وكأن بإمكانه اختراقه بنظراته
ثم استدار فجأة، متجهًا إلى الصالة حيث كانت راما تجلس على الأريكة، ساقاها متشابكتان، ويديها تمسكان بهاتفها، لكنها كانت تراقبه من طرف عينيها.
شوفتى  اللي حصل؟" سألها بصوت منخفض لكنه مشحون بالغضب.
وضعت راما هاتفها جانبًا، رفعت حاجبها باستهجان، ثم قالت: "طبعًا سمعت، واضح إن جين قررت تتقمص دور المرأة القوية، بس إحنا عارفين إنها مش كده فعلًا."
جلس آدم بعصبية، وضع مرفقيه على ركبتيه، وأسند رأسه إلى يديه للحظات قبل أن ينظر إلى راما، "مش هسيبها تخرج عن السيطرة، لازم نفهمها إن المكان اللي راحت له مش مكانها."
ابتسمت راما بمكر ونعمل إيه؟ نحاول نرجّعها لطبيعتها القديمة؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
"بالضبط." قال آدم، ثم تابع بعد لحظة من التفكير: "بس مش بالقوة، لازم نخليها بنفسها تحس إنها مش قادرة تكمل."
راما مالت نحوه، عيناها تلمعان باهتمام. "إنت عارف إن عندي طريقة لكل حاجة، بس عاوزة أفهم، إحنا بنتكلم عن تدمير شغلها؟"
آدم لم يتردد هذه المرة. "مش تدميره، بس نخليها تحس إنه مش مكانها، شوية ضغط، شوية فوضى، شوية إحباط... وهتلاقيها بنفسها بتقرر ترجع لنا."
أومأت راما برضا. "أنا ممكن أساعد في كده."
"إزاي؟" سألها آدم باهتمام.
راما ابتسمت ابتسامة بطيئة، ثم نهضت وأخذت هاتفها من جديد، وبدأت تكتب شيئًا بسرعة.
نظر إليها بشك، لكنه لم يسألها عن التفاصيل، كان الهاتف فى يدها وعقلها يعمل بسرعة، كانت تعرف أن الضغط على جين وحده لا يكفي، كان يجب أن تسقط تمامًا، أن تفقد عملها بنفس الطريقة التي حصلت عليه بها: بسرعة وبدون إنذار
قم رفعت رأسها، ادم انت لسه متذكر عنوان بريد مدير جين إلى بعت منه الرساله؟
ضيق ادم عينيه تقريبا ايوه
راما بأبتسامه طيب سيب الباقى عليه 
فتحت بريدها الإلكتروني، كتبت عنوانًا بسيطًا، ثم بدأت في كتابة الرسالة إلى مدير جين:
**"السيد المحترم،
أعلم أنك مدير يهتم بموظفيه، ولهذا شعرت بأنني مضطرة مراسلتك،
أكتب لك بخصوص جين، ربما لا تعرف أن عملها معكم يهدد حياتها الشخصية، منذ أن حصلت على الوظيفة، تغير كل شيء في منزلها،علاقتها بأسرتها تتدهور، وهناك مشاكل كبيرة بينها وبين زوجها بسبب ضغط العمل، هي على وشك فقدان بيتها واستقرارها، وكل هذا بسبب المسؤوليات المتزايدة عليها.
أعتقد أنك الشخص المناسب لمساعدتها، ربما لو وجدت طريقة لتخفيف الضغط عنها أو حتى إعفائها من العمل، ستكون قد أنقذتها من مستقبل كارثي، جين ليست مستعدة لهذه البيئة، ومن الأفضل لها أن تعود إلى حياتها الطبيعية قبل أن تخسر كل شيء.
أنا واثقة أنك ستعرف كيف تتصرف بطريقة مهنية، بحيث لا تشعر أن الأمر مدبر ضدها، بل كأنه قرار إداري طبيعي. أعتقد أن هذا سيكون في مصلحتها على المدى الطويل."**
أنهت راما الرسالة، قرأتها مرة أخيرة بابتسامة صغيرة، ثم ضغطت على زر الإرسال.
الآن، لم يتبقَّ سوى انتظار النتيجة.
في صباح اليوم التالي
في المكتب، كانت جين تعمل بجد كعادتها، تحاول تجاوز التوتر الذي بدأ يتراكم حولها بسبب الإشاعات والضغوط، لكنها لم تكن تعلم أن القشة الأخيرة كانت قد زُرعت بالفعل.
بعد الظهيرة، استدعاها المدير إلى مكتبه، جلست أمامه، تنتظر، لكنه لم يبتسم هذه المرة كما كان يفعل في السابق. بدلاً من ذلك، بدا مترددًا، كأنه يبحث عن الكلمات الصحيحة ليقولها.
"جين، أردت التحدث معكِ بخصوص عملكِ هنا."
رفعت حاجبها، متوترة قليلاً. "هل هناك مشكلة؟"
تنهد المدير، ثم مال إلى الأمام،بصراحة، أشعر أن الضغط عليكِ كبير، وربما هذا ليس المكان المناسب لكِ.
 أداؤكِ لم يكن سيئًا، لكن هناك بعض الأخطاء في الملفات، وبعض الشكاوى من الزملاء بأنكِ لا تتكيفين معهم بالشكل الكافي."
شعرت جين أن الغرفة تدور بها للحظة. "لكن... لقد كنت أبذل جهدي، والملفات—" أرادت ان تتحدث عن رسالته امس ومدحه عملها وشطارتها لكن مديرها  
قاطَعها بلطف، وكأنه يُحاول أن يبدو متفهماً:
"أعلم ذلك، ولهذا أعتقد أن الأفضل لكِ هو البحث عن بيئة عمل أقل توتراً، لا أريد أن أضعكِ في موقف صعب، لذا سأمنحكِ فرصة لتقديم استقالتكِ بنفسكِ حتى لا يؤثر ذلك على مستقبلكِ المهني."
تجمدت الكلمات على لسانها، كان هذا يحدث بسرعة، بسرعة غير منطقية.
خرجت من مكتبه وهي تشعر وكأنها طُردت من عالم كامل، وليس فقط من وظيفة. 
وحين عادت إلى الشقه  وجدت راما في انتظارها بابتسامة باردة، وكوب شاي في يدها، أما آدم، فقد نظر إليها بهدوء قبل أن يسأل:
يعنى رجعتى من الشغل قبل ميعادك هو فيه حاجه حصلت؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
'' 'أنا سبت الشغل 
همست جين  ثم وضعت حقيبتها جانبآ ،  وتوجهت إلى المطبخ لتحضير القهوة
كان هناك شيء داخلها يتحرك ببطء، شعور غريب كاد يكون غير مألوف، لكنه كان هناك، يتسلل في الظلال مثل دخان كثيف يملأ الرئتين دون أن تلاحظه في البداية
كان الفراغ.
لم تبكِ، لم تصرخ، لم تثر، فقط صنعت القهوة، وشربتها، ثم وقفت تنظر إلى فنجانها الفارغ.
أحست بأن عظامها ثقيلة، وكأن الهواء حولها صار أكثر كثافة
نظرت حولها، إلى الشقه التى اعتادت أن تراه كشيء مؤقت، مجرد محطة بين الأماكن التي تذهب إليها، المكتب، الاجتماعات، القهوة السريعة في الصباح قبل أن تبدأ يومها.
لكن الآن...
الشقه لم تكن محطة!! الشقة  هى كل ما تبقى.
تحركت ببطء إلى غرفة المعيشة، جلست على الأريكة، لم تنظر إلى آدم أو راما، ولم تعلق على كلماتهم، حتى عندما سألتها راما بلطف زائف عن السبب، لم ترد 
لقد أدركت شيئًا، شيء جعل قلبها ينبض ببطء مخيف
لم يكن لديها مكان آخر تذهب إليه.
الوظيفة؟ انتهت
المستقبل؟ كان فارغآ 
جلست هناك، غير قادرة على الحركة تقريبًا، بينما بدأ عقلها في تدوير الأفكار ببطء قاتل.
كيف حدث هذا؟
متى حدث هذا؟
قبل أسابيع فقط، كانت جين مختلفة،كانت تحلم، تخطط، تضحك، والآن؟
كان كل شيء كأنه سُحب منها دون أن تشعر 
تحركت نظراتها بلا هدف، ووجدت نفسها تنظر إلى يديها.
أصابعها كانت نظيفة، بشرتها ناعمة، لم تكن يدا عاملة منزلية، لم تكن هذه يدا امرأة من المفترض أن تقضي يومها في ترتيب المنزل، في تنظيف الصحون، في طي الملابس
لم يكن ذلك ما يؤرقها تحديدآ لكن ان تكون هذه وظيفتها؟
جعلها الأمر تشعر بالغثيان بعد أن توقفت عن كونها خادمه لراما وادم. 
لكن غدًا؟ وبعده؟
ماذا ستفعل؟
ستستيقظ صباحًا،ستجد الصحون غير مغسولة،ستجد الغبار على الطاولات، ستجد الملابس بحاجة إلى ترتيب.
وستفعلها.
دون أن تشعر، ودون أن تحتاج إلى التفكير.
تمامًا كما فعلت اليوم عندما دخلت المطبخ وصنعت القهوة
حتى مع وجود الخادمه 
المشكلة لم تكن في العمل المنزلي  لم تكن حتى في فقدان الوظيفة.
المشكلة كانت في أنها ستتعود.
ستتعود على هذا الإيقاع البطيء، على هذا المكان الضيق، على هذا الشعور بعدم الجدوى.
(أدركت أنها لا تشعر بالغضب الكافي، ولا بالحزن الكافي، وكأن هناك شيئًا داخلها كسر  وتوقف عن المقاومة.!! 
راما، التي جلست تراقبها بعينين ذكيتين، ابتسمت لنفسها عندما رأت الفراغ في نظرة جين لقد بدأت تنهار.
______💨💦
استيقظت جين في الصباح، نهضت من السرير، وغسلت وجهها، ثم جلست على حافة السرير لعدة دقائق، تنظر إلى الجدار المقابل دون أن تفكر في شيء محدد.
كانت تفعل ذلك كل صباح.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كأنها تعيد برمجة عقلها ليتذكر أن هذا هو العالم الجديد الذي تعيش فيه.
ثم، وكما توقعت، وجدت الصحون في الحوض، غسلتها، وجدت الغبار على الطاولة، فمسحته،وجدت الملابس غير مرتبة، فطوتها.
ولم يسألها أحد لماذا تفعل ذلك.
راما، التي كانت تراقبها دائمًا، لم تعلق سوى بابتسامات صغيرة وكلمات عرضية عن كيف أن المنزل صار أكثر ترتيبًا منذ أن "حصلت جين على بعض الوقت لنفسها".
أما آدم، فكان أكثر هدوءًا معها، لم يعد يتحدث عن العمل، ولا عن الوظيفة التي فقدتها، وكأن الأمر لم يكن يستحق الذكر منذ البداية.
وجين؟
في البداية، كانت تفكر في البحث عن وظيفة أخرى، لكن كلما خطرت الفكرة في بالها، كان هناك ثقل غريب يجعلها تؤجلها،
"غدًا."
"الأسبوع القادم."
"ليس الآن، لستُ مستعدة."
وفي كل مرة، كانت تشعر أنها تخذل نفسها، لكنها لم تكن تملك الطاقة للقتال مجددا 
شيئًا فشيئًا، بدأت تتجنب النظر في المرآة كثيرًا، لأن كل ما رأته هناك كان امرأة تشعر أنها تذوب.
لم تعد تتحدث كثيرا، كانت ترد بإجابات قصيرة، مبتسمة بشكل تلقائي عندما يستدعي الأمر، لكن بدون أي شعور حقيقي.
في المساء، عندما تجلس وحدها في غرفتها، كانت تسمع ضحكات راما في الصالة، صوت آدم وهو يتحدث عن أشياء لم تعد تفهمها، وكأنهما يعيشان في عالم موازٍ، عالم لم تعد جزءًا منه.
وفي الليل، عندما تطفئ الأضواء وتستلقي في سريرها، كانت الأفكار تأتيها ببطء.
هل هذا هو قدَري؟
هل سأبقى هنا إلى الأبد؟
ماذا لو لم أقاوم؟ ماذا لو توقفتُ تمامًا؟
وهكذا، مع مرور الأيام، صارت جين شيئًا يشبه الظل
💨
لم يكن من الممكن أن تستمر في هذا الجمود، في هذا الفراغ الذي يبتلعها ببطء، كانت تشعر بأنها تنكمش، وكأنها تتلاشى داخل هذه الشقة، داخل هذا الدور الذي رُسم لها دون أن تدرك.
لذلك، في إحدى الصباحات، استيقظت قبل الجميع جلست على حافة السرير للحظات بعيون تائهه تتذكر اخر لقاء بها مع مدير الشركه، لم تخطاء فى اى شيء تعرف ذلك
لكنها نالت العقاب كما نالته فى حياتها الشخصية 
ثم نهضت، ارتدت ملابسها، ورتبت شعرها، وكأنها تستعد ليوم عادي، كما كانت تفعل دائمآ، لكن الفرق هذه المرة أنها كانت ستخرج، ستبحث عن شيء يعيد لها ملامح الحياة التي فقدتها.
لم تخبر أحدًا، لم تبرر، فقط أخذت حقيبتها وخرجت.
لكن عندما عادت في المساء، كان آدم في انتظارها.
وقف في منتصف غرفة المعيشة، عاقدًا ذراعيه، عينيه مسمرة عليها وهي تدخل.
كنتى فين ؟
لم يكن صوته غاضبًا، لم يكن مستفهمًا حتى، كان هادئًا جدًا، لكنه حمل في طياته شيئًا يجعل التوتر يتسلل إلى العظام.
وضعت جين حقيبتها جانبًا، خلعت معطفها ببطء، ثم نظرت إليه.
"كنت برا."
"عارف." أشار بيده إلى الطاولة حيث وُضعت بعض الأوراق "رحتِ تدوري على شغل؟"
لم ترد
 لم يكن هناك حاجة للرد، فقد كان يعرف الإجابة بالفعل.
تنهد آدم، مرر يده في شعره، وكأنه يحاول استيعاب الأمر
"إنتِ مش محتاجة تشتغلي، جين." انتى جربتى وفشلتى
انت مش مستعده تواجهى العالم المتوحش برة الشقه 
'' رفعت جين  حاجبها "مش محتاجة؟"
اردف ادم "كل حاجة هنا جاهزة، عندك بيت، أمان، مفيش داعي تضيعي وقتك في حاجة مش مناسبة ليكِ."
كلماته كانت ناعمة، لكنها حملت شيئًا آخر، شيئًا جعل جين تشعر وكأنها عادت خطوة للوراء، وكأنها تُدفع إلى نفس الفراغ الذي حاولت الهرب منه.
تقدمت نحوه قليلاً، عيناها تراقبانه.
"أنا مش بدور على شغل علشان محتاجه" قالت بصوت  مستنزف  "أنا بدور على شغل علشان أنا مش هقدر أكمل كده " كافحت جين لتمنع دموعها من الهطول 
للحظه أدرك ادم حجم الأحباط فى نبرتها، كان صوتها يدعوة لشيء اخر، شيء يشبه الإنقاذ 
 نظر إليها للحظات طويلة، ثم أومأ ببطء، كأنه فهم شيئًا لم يكن واضحًا له من قبل، ثم غادر المكان
اسقطت جين جسدها على الأريكه فى الأيام الماضيه أصبحت علاقتها بأدم شبه رسميه بعد أن ابعدته عنها
لكن رغبة تلك اللحظه فى حضن طويل يعتصرها ويعيد لها توازنها
شخص يخبرها ان كل شيئ سيكون بخير
لكن عندما نظرت من حولها ورأت ادم يربت على معدة راما أدركت انها وحيده، وحيده جدا حتى وسط ذلك الصخب
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
جلست جين على الأريكة، جسدها مستنزف، وعقلها ممتلئ بأفكار متشابكة لا تستطيع فك خيوطها
 كانت يداها فوق ركبتيها، أصابعها مشدودة قليلًا، وكأنها تحاول التمسك بشيء غير مرئي، شيء يمنعها من الانزلاق أكثر في الفراغ الذي بدأ يبتلعها منذ تركت عملها.
لكنها لم تكن بحاجة إلى النظر لترى المشهد خلفها،لم تكن بحاجة إلى الالتفات لترى آدم يربت على معدة راما، ابتسامتهما المريحة لبعضهما، وكأنها لم تكن هنا،وكأنها مجرد ظل، جزء من الديكور.
أخذت نفسًا عميقًا، ثم نهضت ببطء، خطت إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها دون أن تصدر أي صوت.
الهدوء كان خانقًا.
ألقت بجسدها على السرير، حدقت في السقف، وعرفت شيئًا واحدًا.
لا أحد سينقذها.
لا أحد سيتدخل ليعيد لها حياتها. لا أحد سيأخذ بيدها ويخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام.
لأنها ببساطة لم تكن جزءًا من شيء بعد الآن.
في اليوم التالي، استيقظت بنفس البطء الذي أصبح عادة لها، نهضت من الفراش، غسلت وجهها، جلست للحظات في سريرها، ثم ارتدت ملابسها كما تفعل كل يوم، لكن الفرق هذه المرة أنها لم تفكر في الأعمال المنزلية، لم تفكر في الصحون التي تحتاج إلى تنظيف، أو الطاولات التي يغطيها الغبار.
خرجت من الغرفة، تجاهلت المطبخ، تجاهلت الصالة، وتوجهت مباشرة إلى الباب.
لم يكن هناك سبب للبقاء هنا أكثر.
لكن قبل أن تصل إلى المقبض، سمعت صوتًا هادئًا خلفها
"خارجه ؟"
استدارت، لتجد راما تقف هناك، ترتشف قهوتها الصباحية، وعيناها السوداوان ترصدانها 
"اه خارجه ." ردت جين ببرود، لم تحاول حتى إخفاء ذلك النفور الذي بدأ يتشكل بداخلها تجاه راما
ابتسمت الأخيرة، وضعت فنجانها على الطاولة، وأردفت بلهجة ناعمة  "طيب حاولي ما تتأخريش انتى عارفه ادم؟
وكانت نبرتها كما أرادت نبرة تحمل مجرد نصح
تصلبت جين للحظة أرادت ان تنفجر لكنها أومأت مرة  رأسها واحدة، وخرجت دون أن ترد.
في الخارج، كان الهواء باردًا، منعشًا بطريقة أذهلتها قليلًا كم من الوقت مر منذ أن شعرت بشيء حقيقي؟
بدأت تمشي بلا هدف، خطواتها تائهة، لكنها لم تتوقف لم يكن لديها وجهة، لم يكن لديها خطة، لكنها كانت تعلم شيئًا واحدًا—كان عليها أن تفعل شيئًا.
المقاهي كانت تمتلئ بالعاملين الذين يأخذون استراحاتهم، الشوارع مليئة بالحركة، السيارات تسرع، البشر يركضون لإنهاء يومهم، كل شيء كان يتحرك.
وجين؟
وقفت عند مفترق الطرق، شعرت أن العالم أمامها مفتوح بطريقة لم تكن تتوقعها.
ربما، فقط ربما، لم يكن كل شيء قد انتهى بعد.
ربما لا يزال هناك طريق للخروج من هذا السجن غير المرئي الذي وجدت نفسها فيه.
أخذت نفسًا عميقًا، أخرجت هاتفها، وبدأت تبحث. عن عمل. عن بداية. عن أي شيء يمكن أن يعيدها إلى الحياة قبل أن تصبح مجرد ظل آخر في شقة لم تعد تشعر فيها بأنها تنتمي إليها.
جلست جين في أحد المقاهي القريبة، هاتفها بين يديها، وعيناها تتنقلان بين الإعلانات الوظيفية
كانت الكلمات تتكرر أمامها: "مطلوب موظف إداري"، "فرصة في مجال التسويق"، "خبرة لا تقل عن سنتين"…
لكن عقلها لم يكن يركز حقًا على التفاصيل.
كانت هناك فكرة واحدة تضربها باستمرار، تنبض تحت جمجمتها كإيقاع متواصل—
لقد أصبحت بلا قيمة.
قبل أسابيع فقط، كانت تقضي يومها بين الاجتماعات،  كان اسمها موجودًا في تقارير العمل، في البريد الإلكتروني.
والآن؟
كانت تجلس هنا، تحاول فقط العثور على وظيفة تُشعرها بأنها لا تزال حية.
أبعدت الهاتف جانبًا، رفعت يدها إلى شعرها وسحبت نفسًا عميقًا.
لا !! لن تسمح لهذا الشعور بأن يلتهمها مجددًا.
أمسكت هاتفها مجددًا، هذه المرة بعزيمة أكبر بدأت في إرسال طلبات التوظيف، رسالة بعد الأخرى، وكأنها ترمي طوق نجاة لنفسها قبل أن تغرق تمامًا.
لكن كل ذلك لم يغير الحقيقة—
كانت البداية بطيئة، والفراغ في داخلها لم يتراجع بسهولة.
عادت إلى الشقة في المساء، متأخرة قليلًا عن المعتاد.
كانت الإضاءة في الداخل خافتة، والجو هادئًا بطريقة جعلت كل شيء يبدو غير حقيقي.
لكن آدم كان هناك، جالسًا على الأريكة، عينيه موجهتين نحوها وهي تدخل.
توقف الزمن للحظة.
لم يقل شيئًا في البداية، فقط نظر إليها، نظر طويلًا جدًا حتى كادت تشعر أن الكلمات التي لم ينطق بها كانت تتسلل إليها رغمًا عنها.
ثم أخيرًا، بصوت هادئ للغاية، قال:
جين؟ 
تصلبت يداها حول حزام حقيبتها 
عيناها تحركتا إلى راما، التي كانت مستلقية على الأريكة الأخرى، ساقاها متشابكتان، وفنجان قهوتها في يدها.
لم تتحدث، فقط رفعت حاجبًا، وابتسمت ابتسامة صغيرة، وكأنها تعرف شيئًا لا تعرفه جين.
أدركت جين فجأة أنها لا تريد أن تكون هنا.
لا تريد أن تكون محاصرة بين هدوء آدم المريب، وبين نظرات راما التي تتسلل إلى جلدها مثل إبر باردة
خير يا ادم؟
كنت بره فيه مشكله انى اخرج؟ 
ثم سارت بصمت نحو غرفتها، وأغلقت الباب خلفها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لكن حتى وهي جالسة هناك، على سريرها، أدركت شيئًا مهمًا—
لن يكون الهروب إلى غرفتها كافيًا هذه المرة.
إذا أرادت حقًا أن تستعيد نفسها، فعليها أن تقاتل.
ولكن هل لا يزال لديها القوة لذلك؟
مرت الأيام التالية ببطء، لكنها لم تكن فارغة تمامًا.
جين تلقت عدة ردود على طلبات التوظيف، معظمها كانت رفضًا، وبعضها كان دعوات للمقابلات.
كان جزء منها خائفًا من العودة إلى هذا العالم، من مواجهة احتمالية الرفض المتكرر، من الشعور بأنها لم تعد كافية
لكنها لم تعد تملك رفاهية التردد.
في صباح يوم جديد، ارتدت ملابسها بعناية، وخرجت دون أن تنظر خلفها.
هذه المرة، لم تخبر أحدًا إلى أين ستذهب.
وهذه المرة، لم يكن يهمها إن كان آدم أو راما سيلاحظان غيابها.
لأنها كانت تعرف شيئًا واحدًا—
هذه ستكون بداية النهاية لهذا الفراغ الذي كاد يبتلعها.
كان الهواء في الخارج باردًا رغم أشعة الشمس المتناثرة، لكنه منح جين شيئًا نسيته منذ فترة—الإحساس بالحركة، بالحياة، بعد أيام طويلة من الركود.
سارت بخطوات ثابتة إلى العنوان المحدد على هاتفها، مبنى زجاجي شاهق، اسمه محفور على لوح معدني عند المدخل.
توقفت أمامه للحظة، ثم تنفست بعمق ودخلت.
كان المكان صاخبًا، مليئًا بأشخاص يتحركون بسرعة، كل واحد منهم غارق في عالمه.
وجدت نفسها تفكر كيف كانت واحدة منهم، كيف كان لها مكان في هذا المشهد المتسارع، وكيف انتهى بها الأمر إلى أن تصبح شخصًا يراقب من الخارج بدلًا من أن يكون في قلب الحركة.
لكن لا بأس.
اليوم كانت هنا لتستعيد جزءًا من نفسها.
جلست في غرفة المقابلة، يداها متشابكتان على الطاولة أمامها، تحاول ألا تُظهر توترها.
الرجل الجالس أمامها، مدير التوظيف، ألقى نظرة على سيرتها الذاتية، ثم رفع عينيه إليها.
هناك فجوة في سجلك المهني؟ 
شعرت بعضلاتها تتصلب، لكنها لم تخفض عينيها.
"واجهت بعض الظروف الشخصية." قالت بصوت ثابت، دون أن تشرح أكثر.
الرجل لم يسألها عن التفاصيل، فقط نظر إليها لثانية طويلة قبل أن يقول:
"ما الذي تبحثين عنه بالضبط، جين؟"
كان سؤالًا بسيطًا، لكنه جعلها تتوقف.
ما الذي تبحث عنه؟
وظيفة؟ نعم.
استقرار؟ ربما.
لكن الأهم من ذلك كله—
"أريد أن أعمل مرة أخرى." أجابت أخيرًا، بصدق كامل.
نظر إليها الرجل مرة أخرى، ثم ابتسم قليلاً، وكأنه رأى شيئًا في عينيها جعله يتخذ قراره
"حسنًا، لنرَ ما يمكننا فعله."
عندما خرجت من المبنى، كانت الشمس قد تحركت في السماء، وأشعتها أصبحت أكثر دفئًا.
وقفت للحظة عند الرصيف، الهواء يعبث بخصلات شعرها، بينما عقلها يستوعب ما حدث.
لم تحصل على الوظيفة بعد، لكنها لم تعد مجرد ظل بلا اتجاه
كان هذا كافيًا الآن.
استدارت وعادت أدراجها، خطواتها أكثر ثباتًا، للمرة الأولى منذ فترة طويلة.
لكن عندما عادت إلى الشقة، وجدت آدم ينتظرها مجددًا.
لم يكن يجلس هذه المرة، بل كان واقفًا، يداه في جيوبه، كتفاه مشدودتان.
عندما أغلقت الباب خلفها، قال بصوت منخفض:
"رحتِ مقابلة عمل، صح؟"
لم يكن سؤالًا بقدر ما كان ملاحظة.
وضعت جين حقيبتها بهدوء، التقت عيناها بعينيه، ثم أجابت دون تردد:
"نعم."
لمعت عيناه للحظة بشيء لم تستطع تحديده، لكنه لم يتحدث على الفور.
ثم أخيرًا، بعد صمت طويل، قال بصوت هادئ جدًا:
"إنتِ فعلاً مش ناويه تتراجعى عن نفسي قرار الشغل؟ 
هذه المرة، لم تتردد جين.
"أيوه."
ولأول مرة، بدا وكأن آدم لم يعرف كيف يرد
فتح ادم فمه بابتسامه ساخره المرة الماضيه تخلى عنك مديرك كأنه حشرة جين
انا خائف عليك، خائف على قلبك ومشاعرك
كادت حين أن تضحك منذ مده طويله نسيت ان لديها مشاعر مثل بقية البشر
هى مشاعرى مهمه فعلا بالنسبه ليك؟
وقبل ان يرد ادم قالت جين بصوت صارم لو مشاعرى مهمه بالنسبه ليك سبنى براحتى ادم
انا محتاجه الشغل وكادت ان تبوح ان تقضح ضعفها لكنها صمتت
جين راما محتاجه عنايه، دا حلمنا يا جين ولا انتى نسيتى؟
منستش يا ادم
راما معاها خدامه بتاخد بالها منها ولا انت شايف ان خدامه واحده مش كفايه على راما؟
انا مقلتش كده يا جين انتى فهمتينى غلط انا كل إلى يهمنى راحتك
راحتى فى الشغل يا ادم قررت جين
سبها براحتها يا ادم متضغطش عليها انا هبقى كويسه
جين ان بتمنى تلاقى شغل وبالك يرتاح
سيبك من ادم
ادم بس قلقان وخايف  عليكى من العالم إلى بره لإنه مش بيرحم
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
مرّت الأيام ببطء، لكنها لم تكن كالسابق، جين بدأت تستعيد شيئًا من نفسها، شيئًا صغيرًا، لكنه مهم.
كانت تستيقظ كل صباح، ترتدي ملابسها، تخرج دون أن تخبر أحدًا إلى أين تذهب
 لم تكن بحاجة إلى تفسير، ولم يكن آدم يسأل.
لكنها كانت تشعر بنظراته، تشعر بذلك الثقل في الجو عندما تعود، وكأنه ينتظر منها أن تتوقف، أن تعود إلى الجمود.
لكنه لم يقل شيئًا.
في إحدى الليالي، عندما دخلت إلى الشقة، كانت راما على الأريكة، مسترخية كما لو أن كل شيء يسير وفق مخطط وضعته مسبقًا.
رفعت عينيها نحو جين، ابتسمت نصف ابتسامة، وكأنها تعرف أكثر مما يجب.
"إنتِ بتدوري على شغل، صح؟"
جين لم تتفاجأ. لم تحاول حتى الإنكار.
"آه."
"هتلاقي؟"
"أكيد."
لم تكن كلماتها لطيفة، لكنها لم تكن قاسية أيضًا. كانت فقط... راما.
في الصباح التالي، جين تلقت اتصالًا.
الشركة التي قدمت إليها الأسبوع الماضي أرادت إجراء مقابلة ثانية.
عندما وضعت الهاتف، أخذت نفسًا عميقًا، شعرت بشيء يشبه القلق، لكنه كان أفضل من الفراغ.
ذلك المساء، عندما عادت، كان آدم في المطبخ، يحضر قهوته، لكنه توقف عندما رأى تعبيرها.
"إيه؟"
"اتصلوا بيا."
رفع حاجبه. "مين؟"
"الشركة."
آدم لم يرد فورًا، فقط نظر إليها للحظة طويلة، ثم أومأ برأسه ببطء.
"كويس."
لكن نبرته لم تكن سعيدة، ولم تكن غاضبة.
كانت فقط... حذرة
لم تنم جين جيدًا تلك الليلة
تقلبت في فراشها، أفكارها تتشابك مع ظلال السقف،كانت المقابلة غدًا، وكان عليها أن تكون مستعدة، لكنها لم تكن متأكدة مما يعنيه ذلك بعد الآن.
قبل أشهر فقط، كانت ستدخل إلى تلك الغرفة بثقة، ستتحدث عن خبرتها، عن مهاراتها، عن كيف أنها ستكون إضافة رائعة للفريق.
لكن الآن؟
الآن، كانت شخصًا يحاول إعادة بناء شيء تهدم دون أن تدرك متى أو كيف حدث ذلك.
في الصباح، استيقظت مبكرًا، ارتدت ملابسها بعناية أكثر من المعتاد، وقفت أمام المرآة، تحدق في انعكاسها.
كان هناك شيء جديد في نظرتها،شيء لم يكن موجودًا قبل أسابيع.
ليس القوة تمامًا، ولكن إرادة خافتة، كأنها شرارة صغيرة وسط رماد كثيف.
عندما خرجت من الغرفة، كانت راما جالسة في الصالة، ترتشف قهوتها بهدوء.
رفعت عينيها نحو جين، تأملتها للحظة، ثم ابتسمت ابتسامة خفيفة، شبه مسلية.
"طالعة بدري النهاردة."
لم ترد جين، لكنها رأت اللمعان في عيني راما، وكأنها كانت تتوقع هذا اليوم منذ زمن.
وصلت جين إلى الشركة، جلست في غرفة الانتظار، يداها مشدودتان على حقيبتها.
المكان مألوف، لكنه بدا غريبًا في نفس الوقت،كانت تسمع همسات الموظفين، رنين الهواتف، خطوات الأحذية الرسمية على الأرضية اللامعة.
كان هذا عالمها القديم.
لكنها لم تكن متأكدة إن كان لا يزال يناسبها.
عندما نادوا اسمها، وقفت، أخذت نفسًا عميقًا، ثم سارت إلى الداخل.
المقابلة لم تكن صعبة، الأسئلة كانت مألوفة، والإجابات كانت تخرج منها بشكل آلي تقريبًا.
لكن في منتصف الحديث، سألها المدير سؤالًا جعلها تتوقف للحظة.
"أين ترين نفسك بعد خمس سنوات؟"
كان سؤالًا بسيطًا، سؤالًا سمعته من قبل عشرات المرات.
لكن هذه المرة، لم تعرف الإجابة فورًا.
خمس سنوات؟
في شركة؟ في شقة صغيرة مثل التي تعيش فيها الآن؟ في حياة تشعر فيها أنها مجرد ظل؟
ضغطت على أصابعها قليلًا، ثم ابتسمت.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
"أرى نفسي في مكان يجعلني أشعر أنني حية."
المدير رفع حاجبه قليلاً، وكأنه لم يكن يتوقع هذه الإجابة لكنه لم يعترض.
"إجابة مثيرة للاهتمام."
عندما عادت إلى الشقة، كان آدم في الصالة، جالسًا على الأريكة، هاتفه في يده، لكنه لم يكن يركز على الشاشة.
نظر إليها عندما دخلت، لم يقل شيئًا في البداية، ثم سأل بهدوء:
"إزاي كانت المقابلة؟"
جلست على الكرسي المقابل له، تنهدت، ثم رفعت كتفيها قليلًا.
"ماعرفش."
"متعرفيش؟"
"عملت اللي عليا."
آدم أومأ ببطء، كأنه كان يتوقع هذه الإجابة،ثم قال بصوت منخفض:
"لو ماخدتيش الشغل، هتعملي إيه؟"
نظرت إليه للحظة، ثم اجابت ببرود 
"هدور على غيره."
نظر إليها طويلًا، كأنه كان يحاول أن يفهم شيئًا لم يكن واضحًا من قبل، ثم ابتسم ابتسامة صغيرة، شبه مستسلمة.
"كويس."
مرت ثلاثة أيام دون أن تسمع جين أي ردٍّ بشأن المقابلة،في اليوم الرابع، وصلها بريد إلكتروني مختصر:
"نشكرك على وقتك. للأسف، اخترنا مرشحًا آخر لهذه الفرصة نتمنى لك التوفيق في مسيرتك المهنية."
ظلت تحدق في الشاشة لثوانٍ، تقرأ الكلمات مرة بعد مرة، كأن عقلها يرفض استيعابها.
لم تكن غاضبة، لم تكن محبطة تمامًا... فقط شعرت بالفراغ مجددًا.
فقدان شيء لم تحصل عليه أصلاً له نوع مختلف من الخيبة.
وضعت الهاتف جانبًا، قامت بتحضير القهوة، ثم جلست على الطاولة تحدق في السائل الداكن داخل الفنجان.
شعرت أن الدائرة تعود للإغلاق عليها مجددًا.
هل ستبقى هنا؟ هل ستستسلم لهذه الحياة التي تُدفع إليها ببطء؟
لا.
لم تنهض من السرير كل صباح، لم تغسل وجهها، لم تخرج من تلك الشقة لمجرد أن تقف عند أول عثرة وتتراجع.
كان عليها أن تحاول مجددًا.
في اليوم التالي، بدأت تبحث عن وظائف أخرى.
لكن شيئًا ما تغير هذه المرة.
لم تكن تبحث عن مجرد وظيفة فقط، بل عن شيء يشعرها بأنها تتنفس.
في المساء، بينما كانت تجلس على الأريكة تتصفح هاتفها، دخلت راما وجلست على الكرسي المقابل، متشابكة الذراعين، وعيناها تراقبان جين باهتمام.
"شكلك مركزة أوي."
لم ترفع جين عينيها عن الشاشة وهي تجيب ببرود:
"بدور على شغل."
راما ابتسمت ابتسامة صغيرة، وكأنها كانت تتوقع هذه الإجابة.
"وليه كل ده؟ الحياة هنا مش وحشة."
جين لم ترد مباشرة. لكنها رفعت عينيها في النهاية، نظرت إلى راما للحظات، ثم قالت بصوت هادئ لكنه حازم:
"مش كل الناس بتحب تكون تابعة."
في اليوم التالي، خرجت مجددًا، أجرت مقابلة أخرى، ثم مقابلة ثالثة
لم يكن الأمر سهلاً. لكنها لم تتوقف.
وفي إحدى الليالي، عندما عادت إلى الشقة، وجدت آدم في المطبخ، يعد القهوة.
لم تكن قد تحدثت معه كثيرًا في الأيام الماضية، لكن عندما نظر إليها، لم يسألها عن أين كانت.
بدلاً من ذلك، دفع فنجان قهوة نحوها.
"شكلك تعبانة."
أخذت الفنجان، ارتشفت رشفة بطيئة، ثم تنهدت.
"شوية."
ظل ينظر إليها للحظة، ثم قال بصوت خافت:
"هتفضلي تحاولي؟"
لم ترفع عينيها عن القهوة وهي تهمس:
"مش ناوية أوقف."
أومأ ببطء، ثم ارتشف قهوته بصمت.
في تلك اللحظة، شعرت جين أنها، ولو للحظة صغيرة، لم تكن وحدها تمامًا
شعرت انه يهتم بها، شعرت انه لو اولاها بعض الاهتمام ربما لكانت توقفت عن كل ذلك
راما كانت تجلس بغضب، ليس كل شخص يحب أن يكون تابع
لقد فكرت كثيرا فى تلك الكلمه واقسمت ان لا تتوقف حتى تفسد كل خطط جين حتى تعود منكسره مره اخرى
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لم يكن هناك شيء درامي في الأيام التالية. لم تكن هناك لحظة فاصلة، لم يكن هناك انتصار ساحق أو انهيار مفاجئ.
فقط الاستمرار.
جين تستيقظ كل صباح، تغسل وجهها، تحضر قهوتها، ثم تخرج.
لم تعد تتحدث كثيرًا، لكنها أيضًا لم تعد صامتة تمامًا. أصبحت تشعر أنها تتحرك بين العالمين—عالم راما وآدم الذى تحاول أن تهرب منه وعالمها الجديد الذي لم يُفتح لها بعد.
في إحدى الأمسيات، عندما عادت إلى الشقة، كانت راما في غرفة المعيشة، جالسة على الأريكة، تتصفح هاتفها، قدمًا فوق الأخرى.
بمجرد أن رأت جين، رفعت عينيها ببطء، ثم قالت بنبرة خفيفة:
"أنا بجد مش فاهمة، بتتعبي نفسك على إيه؟ عندك كل حاجة هنا. بيت، راحة، حتى آدم بقى متفاهم معاكي."
 توقفت جين أخيرًا، التفتت ببطء لتنظر إلى راما عيناهما التقتا للحظات.
ثم قالت جين بصوت هادئ، لكنه قاطع:
"وإنتي، إيه اللي يخليكي متضايقة من ده؟
لم تكن من عادة جين ان تدخل فى نزاعات تعتبرها سوقيه لكنه كيلها كان قد طفح ولم يعد لديها مقدره على الكتمان 
دى حياتى الخاصه راما وزى ما انا مش بتدخل فى حياتك ولا بطلب منك انك تقعدى فى الشقه وتسيبى شغلك لأن زى ما أنتى شايفه معدتك أصبحت مثل جالون ميه
شغلى يا جين؟
انتى بتقارنى شغلك بشغلى؟
انا دكتوره جامعيه، دى أعلى درجه علميه فى البلد
لكن شغلك هيكون ايه؟
سكرتيره؟
موظفه اداريه فى شركه رخيصه؟
جين لم تبتسم، لم ترد، فقط استدارت وأكملت طريقها إلى غرفتها، لكن الشعور لم يغادرها.
راما لم تكن تحاول فهمها، راما كانت تحاول إبقاءها هنا.
في اليوم التالي، جين تلقت مكالمة،كانت مقابلة العمل الأخيرة قد نجحت.
لأول مرة منذ وقت طويل، شعرت بشيء يشبه الأمل.
لكنها لم تقل شيئًا لآدم أو لراما. لم تشاركهم الخبر.
احتفظت به لنفسها، كما لو كان كنزًا صغيرًا، كما لو كانت تخشى أن يختفي إن نطقت به بصوت عالٍ.
لكنها عرفت شيئًا واحدًا.
كان هذا التغيير حقيقيًا، وكان سيحدث، سواء أرادت راما ذلك أم لا
وان راما لن تصفى لها مهما حاولت أن ترضيها
شيء اخر هناك شيء داخل جين كان يرغب بالقتال
في الصباح، استيقظت جين قبل الجميع، كالعادة. لكن هذه المرة، لم تقف على حافة السرير تتأمل الجدار الفارغ، لم تبكى على حياتها الضائعة 
نهضت بخفة، وكأن الهواء صار أقل ثقلًا.، اليوم كان مختلفًا اليوم ستبدأ العمل.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ارتدت ملابسها بعناية، رتبت شعرها، ثم خرجت من الغرفة في المطبخ، كانت راما تجلس تحتسي قهوتها، ترفع حاجبًا عندما رأت جين بكامل أناقتها.
"رايحة فين؟"
جين لم تتوقف، تناولت حقيبتها بهدوء، ثم ردت دون أن تنظر إليها:
"عندي شغل."
للحظة، لم تقل راما شيئًا. ثم وضعت كوبها ببطء، مالت بجسدها للأمام قليلًا وقالت بصوت هادئ:
هو انتى لقيتى شغل؟ وكانت نبرتها ساخره 
هذه المرة، توقفت جين عند الباب، التفتت لتنظر إلى راما مباشرة
اه شغل فى شركه رخيصه على قد حالى ،ثم خرجت، مغلقة الباب خلفها.
الهواء في الخارج كان باردًا، لكنه لم يكن قاسيًا.
جين مشت بخطوات ثابتة، لكن قلبها كان ينبض بسرعة. لم يكن الخوف، لم يكن التوتر، كان شيئًا أقرب إلى الحياة تعود إلى جسدها ببطء.
لم تكن تعرف ما الذي ينتظرها في هذا العمل الجديد، لكنها كانت تعرف شيئًا واحدًا، لن تعود كما كانت.
في المساء، عندما عادت، وجدت آدم يجلس في غرفة المعيشة، هاتفه في يده، لكنه لم يكن ينظر إليه.
كان ينتظرها.
عندما دخلت، رفع عينيه ببطء، تفحص مظهرها، ثم قال بهدوء:
"كيف كان يومك؟"
لأول مرة منذ وقت طويل تشعر ان نبرته ودوده، ابتسمت جين ابتسامة صغيرة، لكنها حقيقية.
"كان جيدًا."
آدم لم يرد فورًا، فقط أومأ، وكأنه يستوعب الأمر، ثم قال بصوت منخفض:
"أنا مبسوط عشانك "
هذه الكلمات، رغم بساطتها، جعلت شيئًا في قلب جين يهدأ
لم تكن وحدها تماما وراح عقلها يعمل بطريقه جد غريبه
احقا يعنى قوله؟ 
_______
٣٤
كان الجو باردًا في الخارج، والمطر بدأ يهطل برفق، يرسم خيوطًا شفافة على زجاج النوافذ جين دخلت الشقة، أغلقت الباب بهدوء، ثم خلعت معطفها المبلل.
آدم كان في المطبخ، يسكب القهوة في كوبين، عندما التفت ورآها، رفع حاجبه قليلاً.
"اتأخرتِ النهارده."
لم يكن في صوته عتاب، فقط ملاحظة عابرة، لكنها حملت في طياتها شيئًا دافئًا.
جين اقتربت منه، نظرت إلى الكوبين ثم إليه، وكأنها تحاول فك شفرة هذا المشهد.
"كنت مستنينى ؟"
آدم لم يرد فورًا، فقط أعطاها الكوب الثاني. "اتفضلي."
أخذت القهوة وجلست على الطاولة، شعرت بدفئها في يديها، لكنها لم تشرب فورًا.
"يومك كان عامل إيه؟" سأل بصوت هادئ.
جين، التي لم تكن معتادة على هذا النوع من الأسئلة منه، نظرت إليه للحظة قبل أن ترد.
"كان طويل شوية، بس كويس."
أومأ آدم، ثم ارتشف قهوته، وكأن المحادثة لم تنتهِ بعد. وبعد لحظة من الصمت.......
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
جين؟ همس ادم، ثم تردد لحظه وهو يتأملها كلها، اشتقت لك  ::
رفعت راما رأسها كانت حتى تلك اللحظه تداعب هاتفها
تورد وجه جين، بدا لها انها نسيت ما تعنى تلك الكلمه
ادم؟ اذا كنت تفكر اننى سأترك عملى لمجرد كلمتين فأنت مخطيء
لا، رفع ادم يده ان سعيد من أجلك، سعيد فعلا، كل شيء يجعلك سعيده يعجبنى
رفعت جين حاجبها، ما الذى يحدث معها
كانت نظرة ادم صادقه، كانت حقيقه، ادم اشتاق لها
لم تعرف جين ما عليها قوله، شعرت انها فتاه شابه تتلقى الإعجاب من حبيب غامض، انا هدخل غرفتى بعد اذنك
كان صوت راما يصل اذنها، ادم هو فيه ايه؟
فيه ايه؟ رد ادم
انت وجين؟ حاجه غريبه يعنى
جين مراتى يا راما وانا قصرت معاها كتير المده إلى فاتت
وانا كمان مراتك يا ادم ؟
عارف يا راما وانا مش مقصر معاكى فى حاجه
لكن انا قررت انى أقضى ايام جين معاها فى غرفتها
انصدمت راما، صخره سقطت فوق دماغها
هتعمل ايه؟
ايام جين هقضيها معاها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
طيب وانا؟
انتى مالك؟
طفلك يا ادم إلى فى بطنى
ودا ايه علاقته بجين؟
ترددت راما، ادم ايه إلى تقدر تيدهولك جين اكتر منى؟
الموضوع مش كده يا راما جين متوتره، حاسه بالضياع ولازم اكون جنبها
قلبك حنين اوى يا ادم، همست راما بسخريه
تقصدى ايه؟ صرخ ادم، جين مش واحده جايبها من الشارع
دى مراتى زيك ولازم تحترميها
رفعت راما حاجبها بأستنكار، ايه النغمه الجديده دى يا سى أدم؟
اهى قدامك روحلها، اشبع بيها، نهضت راما دخلت غرفتها وصكت الباب بكل قوة
اشعل ادم سيجارة لم يخطط لتلك الثورة، لكن ان يرى جين تنحدر نحو هوة لا متناهيه من الضياع امر لن يقبله ابدا
طرق ادم باب غرفة جين!!
يا منذ متى؟ لا تتذكر جين اخر مره طرق فيها ادم باب غرفتها
همست جين ادخل!
اطفيء ادم سيجارته كانت جين قاعده على حرف السرير
عينيها معلقه بالسقف
دون تردد جلس ادم جوار جين، جسده كان دافيء عندما لمس جسدها
انا اسف جين؟
اسف على كل حاجه، انت كنت شخص سيء جدا معاكى
انسان انانى مش بيفكر غير فى نفسه
فرحتى بطفلى نستنى كل حاجه، بعدت عنك واهملتك
مش هقدر اسامح نفسى ابدا يا جين على إلى عملته فيكى
كان جسد ادم يرتعش باضطرابات قويه
بدا مثل طفل بليد شقى واحمق يجلس امام والدته ينتظر عفوها
انا محتاجك اوى يا جين، اووى واسند ادم رأسه على صدر جين
بتردد حاوطت جين جسد ادم قبل أن تضغط عليه وهى تهمس كل حاجه هتبقى كويسه انا مش زعلانه يا ادم
بدأت الدموع تنزل من عيون ادم هطلت بلا توقف وارتفع نحيبه الصامت...
هس، هس كفايه يا ادم، كفايه، احضننى يا جين، انا محتاج حضنك اووى
ظل ادم فى حضن حين حتى هداء جسده وعادت أنفاسة لطبيعتها
جين؟
نعم ادم
ممكن انام عندك الليله؟
ممكن يا ادم
فى حضنك!!
تمدد ادم على السرير، نزعت جين حذائه ورفعت البطانية فوق جسده
هغير هدومى وارجع يا ادم
فى الصاله كانت راما قاعده، ترفع حاجبها حرف اكس تقاطع قطار حديد
لم تفتح فمها، لم تعلق، لكنها بصقت فى المنفضه وتنهدت بصوت صاخب
استحمت جين، خرجت مرتديه ملابس النوم، رغم مرور الشهور لازالت محتفظه برشاقة جسدها
جسد لا تمتلكه راما بعد أن تكورت معدتها واصبحت مثل سخان اولمبيك
متزوقه يعنى يا جين؟
لم ترغب جين بالرد، أرادت ان تتجاهل راما وترمى كل كلامها خلف ظهرها
لكنها قالت اخيرا وايه المانع؟
راما... انا عايزه اعرف بس ايه فايدة كل ده؟
قميص ومكياج وانتى عارفه ان مفيش حاجه هتحصل
عمرك ما هتعرفى ترضى ادم يا جين....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في اليوم التالي، استيقظت جين قبل آدم، لم تتحرك من مكانها مباشرة، فقط ظلت مستلقية للحظات، تنظر إلى السقف، تسمع أنفاسه الهادئة بجانبها.
كانت الليلة الماضية غريبة، ليس بسبب آدم فقط، بل بسببها هي. كيف انتهى بها الأمر إلى السماح له بالبقاء؟ كيف وجدت نفسها تصدقه؟
نهضت بهدوء، سحبت البطانية فوقه قبل أن تتجه إلى الحمام. فتحت الماء البارد، تركته يتدفق بين يديها للحظات قبل أن تغسل وجهها. نظرت إلى انعكاسها في المرآة، عيناها لم تكونا متعبتين كعادتهما، لكن هناك شيء آخر فيها، شيء لم تستطع تحديده بعد.
عندما خرجت، كان آدم قد استيقظ، جالسًا على حافة السرير، ينظر إليها بصمت.
"صباح الخير." قال بصوت منخفض.
لم ترد فورًا، فقط وقفت هناك، ثم قالت أخيرًا: "صباح النور."
كان هناك شيء غريب في الجو بينهما، ليس توترًا، بل إدراكًا لحقيقة أن هذه اللحظة قد تكون نقطة تحول، للأفضل أو للأسوأ.
آدم وقف، مشى نحوها لكنه لم يلمسها، فقط وقف أمامها وقال: "أنا مش هضغط عليكي في حاجة، جين. بس عايزك تعرفي إن أنا مش هتخلى عنك، هنفضل سوا مهما كانت العقبات 
جين أومأت، لم تجبه، فقط التقطت حقيبتها واتجهت إلى الباب.
"هترجعي إمتى؟" سألها.
لا أعرف
لم تكن تعرف فى الحقيقه متى ستعود، كان عقلها مشوش جدا
وتشعر بثقل على صدرها 
ثم خرجت.
★★
في المطبخ، كانت راما قد استيقظت بالفعل، جالسة تحتسي قهوتها، قدماها ممدودتان بكسل على الطاولة، نظرت إلى جين بنظرة طويلة، ثم قالت بنبرة ساخره "العروسة خارجة بدري النهارده."
لم تتوقف جين، لم ترد، لكنها سمعت راما تضيف بسخرية: "أتمنى تكوني فاهمة إن آدم ملكى 
جين توقفت للحظة عند الباب، لم تلتفت، لكنها قالت بصوت ثابت: "لو كانت ملكك مش عايزاه 
ثم خرجت، وأغلقت الباب خلفها.
★★
الهواء في الخارج كان باردًا، لكنه منعش، جين مشت في الشارع بخطوات ثابتة، حقيبتها على كتفها، عقلها مشغول بأشياء كثيرة، لكن الأهم كان فكرة واحدة:
هي لم تعد تنتظر. لا أحد سينقذها. هذه حياتها، وعليها أن تعيشها بشروطها.
******************
كان المكتب بسيطًا، بلا فخامة زائدة، مجرد مساحة عملية مليئة بالمكاتب والملفات وصوت لوحات المفاتيح وهي تُطرق بوتيرة ثابتة.
عندما جلست جين خلف مكتبها، أخذت نفسًا عميقًا، حاولت استيعاب حقيقة أنها هنا الآن، في وظيفة، في مكان لا يعرفها فيه أحد، حيث لا أحد يراها كزوجة آدم أو منافسة راما،هنا، كانت جين فقط، مجرد موظفة جديدة في شركة لا تهتم بماضيها.
لكن حتى هذه الفكرة لم تمنحها الراحة،كان هناك شيء ثقيل داخلها، شعور بأنها غريبة، كأنها تحاول الانتماء إلى عالم لا يعرفها ولا يعنيه وجودها.
مرّ اليوم الأول ببطء، وجدت نفسها تراقب زملاءها من بعيد، تحاول فهم الطريقة التي يتفاعلون بها، كيف يتحدثون عن العمل، كيف يضحكون بين المهام، كيف يشعرون بالراحة في هذا المكان، وكأنهم ينتمون إليه حقًا.
أما هي؟ كانت تجلس هناك، تؤدي مهامها بصمت، تحاول التركيز، لكنها كانت تشعر وكأنها تؤدي مشهدًا في مسرحية لا تفهم نصها.
★★
في المساء، جلست في المقهى القريب من الشركة، كوب القهوة أمامها، عيناها تحدقان في الشارع من خلف الزجاج.
لماذا لم تشعر بشيء؟
لطالما فكرت أن العمل سيكون بداية جديدة، خطوة نحو استقلالها، نحو شيء يشبه الحرية. لكنها الآن تشعر بأنها هاربة، لا حرة.
العمل لم يملأ الفراغ بداخلها، لم يمنحها القوة التي كانت تبحث عنها. فقط جعلها تدرك كم كانت بعيدة عن نفسها.
لم يكن الهروب من آدم أو راما هو الحل، المشكلة لم تكن فيهم فقط، المشكلة كانت في الداخل، حيث يقبع شعور عميق بعدم الاكتفاء، بعدم الانتماء، بعدم اليقين.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
مدت يدها إلى هاتفها، ضغطت على اسمه دون تفكير.
رن الهاتف مرتين، ثم جاءها صوته، هادئًا، دافئًا.
"جين؟"
لم تقل شيئًا، فقط أغلقت المكالمة بسرعة، وضعت الهاتف جانبًا، وأغمضت عينيها.
هي ليست مستعدة بعد.
لكنها عرفت شيئًا واحدًا.
هي لا تريد العودة إلى ما كانت عليه.
*********
لم تذهب جين إلى المنزل مباشرة بعد إنهاء عملها، اختارت أن تسير بلا هدف في الشوارع، تطالع الأرصفة المبتلة ببقايا المطر، تمرر أصابعها على الحواف الباردة للمقاعد العامة، تشاهد الغرباء وهم يعبرون حياتها للحظات ثم يختفون.
كان هناك شيء مطمئن في فكرة أنهم لا يعرفونها، أنهم لن يتذكروا وجهها غدًا.
لكنها، رغم ذلك، لم تستطع التوقف عن التفكير فيما ينتظرها في المنزل.
★★
عندما وصلت أخيرًا، كان الليل قد حلّ، الأضواء في الشقة كانت خافتة. دخلت دون أن تصدر صوتًا، خلعت حذاءها بحذر، لكنها لم تكن بحاجة إلى التسلل—لم يكن أحد يهتم.
في المطبخ، وجدت آدم واقفًا، ممسكًا بكوب قهوته، ينظر عبر النافذة، لكنه التفت فور أن شعر بها.
"اتأخرتِ." لم يكن صوته يحمل عتابًا، مجرد ملاحظة أخرى، كما اعتاد أن يكون.
"كنت بحاجة للمشي."
أومأ آدم، ثم نظر إليها طويلًا، وكأنه يريد قول شيء لكنه تراجع.
وقفت جين على الجانب الآخر من الطاولة، أدارت كوبها بين يديها، ثم قالت أخيرًا:
"مش عارفة أنا بعمل إيه."
رفع آدم حاجبه قليلًا. "في الشغل؟"
هزت رأسها. "في كل حاجة."
كان من المفترض أن تكون هذه بداية جديدة، لكنها لم تشعر بأنها جديدة على الإطلاق. كل شيء بداخلها كان متشابكًا، مجروحًا، مرتبكًا.
"لسه بتحسي إنك تايهة؟" سأل بصوت منخفض.
لم ترد فورًا، فقط رفعت عينيها إليه، بحثت عن أي شيء في ملامحه قد يدل على أنه يفهم.
"أنا بس مش عايزة أحس إني عايشة في انتظار حاجة مش هتحصل."
"إيه الحاجة دي؟"
لم يكن لديها إجابة واضحة، لكنها شعرت أن آدم، لأول مرة منذ وقت طويل، يستمع حقًا.
"مش عارفة، بس مش عايزة أفضل كده."
ظل آدم صامتًا للحظة، ثم قال بهدوء:
"مش لازم تفضلي كده."
لم يكن هذا وعدًا، لم يكن حلًا، لكنه كان اعترافًا بأن الأمر ممكن، أن التغيير ليس مستحيلًا، لكنه يحتاج إلى قرار، إلى خطوة أخرى، وربما إلى شخص لا يزال يؤمن بها، حتى عندما لا تستطيع هي أن تؤمن بنفسها.
جين لم تقل شيئًا، فقط ارتشفت قهوتها، وتركت الحرارة تنساب في داخلها، تدفئ شيئًا ظنّت أنه مات منذ زمن.
****
داخل غرفتها، جلست جين على طرف السرير، تتأمل حقيبتها المفتوحة على الأرض. كانت الملابس مطوية بعناية، لكنها لم تضع شيئًا بعد.
كان قرارها واضحًا، لكنها لم تتحرك بعد.
رفعت يديها إلى وجهها، مررت أصابعها على ملامحها وكأنها تحاول التعرّف على نفسها مجددًا. هل هذا هو الحل؟ الرحيل؟ ترك كل شيء وراءها؟
أم أنها تهرب؟
شعرت بداخلها بصراع غير مرئي، كما لو أن شخصين يتجادلان بصمت داخل عقلها. جزء منها كان يخبرها أن الرحيل هو السبيل الوحيد لتكون نفسها، أن تبني حياة تستحقها بعيدًا عن هذه الفوضى. والجزء الآخر كان يهمس: "وأين ستذهبين؟"
أغمضت عينيها للحظة، وتذكرت اللحظة التي دخلت فيها هذه الشقة لأول مرة. كيف كانت تشعر؟ هل كانت تظن أنها ستجد الأمان هنا؟ أم كانت فقط تتشبث بما تبقى من حياة لم تعد تعرفها؟
نظرت إلى الحقيبة مرة أخرى.
هذه المرة، نهضت، فتحت الخزانة، وبدأت بوضع الأشياء بداخلها. لم تتوقف هذه المرة.
لم يكن هناك شيء درامي في قرارها. لم يكن هناك انهيار أو لحظة كشف مذهلة.
فقط الاستمرار.
عندما أغلقت الحقيبة، عرفت أن الأمر انتهى.
الليلة ستكون الأخيرة لها هنا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في صباح اليوم التالي، خرجت جين من الشقة بحقيبتها، أغلقت الباب خلفها دون أن تلقي نظرة واحده للخلف 
 لم تخبر آدم، لم تواجه راما، فقط تركت المكان الذي أصبح عبئًا على روحها.
.
كان العثور على شقة بمفردها تحديًا حقيقيا، الأسعار كانت مرتفعة، أصحاب العقارات لم يبدوا اهتمامًا بتأجيرها لامرأة شابة بدون ضمانات، الأماكن المتاحة كانت إما صغيرة جدًا أو في أحياء لم تشعر فيها بالأمان.
قضت ساعات تتنقل بين المكاتب العقارية، تتصل بأرقام الإعلانات، تزور شققًا باردة، فارغة، تشعر وكأنها ليست لها،كل باب يُغلق في وجهها كان يزيد من ثقل القرار.
مع اقتراب المساء، بدأت تشعر بالإرهاق. لم يكن لديها مكان تقيم فيه. 
في النهاية، استقرت على شقة صغيرة، بالكاد تتسع لها،لم تكن مثالية، لكنها كانت كافية،كانت البداية.
لكن الحياة الجديدة لم تكن أقل قسوة من الحياة التي تركتها.
فى العمل كان عليها أن تبدأ من الصفر، أن تتعلم كيف تتعامل مع الضغط، مع الرؤساء الصارمين، مع الزملاء الذين لا يعرفونها ولا يهتمون بها،كانت تُرتكب أخطاء، وكانت تتحمل توبيخًا مستمرًا، وكأن الجميع يختبر صلابتها.
في بعض الأيام، كانت تعود إلى شقتها وهي بالكاد قادرة على الوقوف، تلقي بجسدها على الفراش، تحدق في السقف وتتساءل:
"هل أخطأت؟ هل كان علي البقاء؟"
لم يكن هناك أحد يشاركها تفاصيل يومها، لم يكن هناك صوت مألوف يملأ الصالة ، لم يكن هناك سوى صمت ثقيل، وبرودة لا تطاق.
كانت تنهض كل صباح، ترتدي ملابسها، ترسم وجهًا تائهأ ، ثم تخرج إلى العمل وكأنها لم تفكر في البكاء الليلة السابقة.
لكن مع كل يوم يمر، كانت تتعلم شيئًا جديدًا.
كانت تدرك أنها قوية، رغم كل شيء.
وأنها، رغم الوحدة، رغم التعب، لم تندم.
كانت الأيام تمر ببطء، لكنها كانت تمضي.
جين استيقظت كعادتها، فتحت النافذة لتسمح للهواء البارد بالتسلل إلى الشقة الصغيرة،كانت هذه طريقتها في تذكير نفسها بأنها لم تعد في ذلك المكان، بأن حياتها بدأت تتغير، حتى لو لم تشعر بذلك بالكامل بعد.
في العمل، لم يكن أحد يعاملها برفق.
كانت أخطاؤها تُلاحظ بسرعة، وكانت تسمع تعليقات زملائها، بعضها ساخر، وبعضها مشفق،لم يكن هناك من يمسك بيدها ليشرح الأمور، كانت تُترك لتتعلم بالطريقة الأصعب.
في أحد الأيام، ارتكبت خطأ بسيطًا في أحد التقارير، خطأ بالكاد يُذكر، لكن مديرها لم يتركه يمر،كان صوته باردًا عندما استدعاها إلى مكتبه، وعيناه محايدتان بشكل مؤلم.
"جين، إذا لم تتمكني من أداء المهام الأساسية دون أخطاء، فلا أعتقد أن هناك مستقبلًا لكِ هنا."
كانت تلك الجملة كفيلة بإشعال نار القلق داخلها.
هل ستفقد هذا العمل أيضًا؟ هل كانت تحاول عبثًا؟
لكنها لم تقل شيئًا، لم تعتذر بتوسل، فقط أومأت بصمت وغادرت المكتب.
في المساء، جلست على سريرها، تقرأ الأوراق من جديد، تدرسها كطالبة تذاكر لامتحان مصيري. لم تكن مستعدة للفشل، ليس الآن.
لكن القلق لم يتركها.
عقلها ظل يدور حول آدم، حول راما، حول ما قد يقوله الجميع لو علموا أنها تواجه صعوبة،كانت تتخيل راما تبتسم بسخرية، ترفع حاجبها، وتقول: "قلت لكِ، لن تنجحي."
لكنها لم تكن مستعدة لإعطائها هذا الرضا.
في الأيام التالية، بدأت جين تعمل بضعف المجهود،كانت تصل مبكرًا، تبقى لوقت متأخر، تعيد مراجعة التقارير عشرات المرات قبل تسليمها،التعب كان يلتهمها، لكن الخوف من الفشل كان أقوى.
في إحدى الليالي، أثناء عودتها، تلقت رسالة.
من رقم مجهول.
"سمعتِ أنكِ تعانين في العمل. هل تفتقدين حياتك القديمة؟"
وقفت في منتصف الرصيف، تحدق في الشاشة.
كانت هذه رسالة من راما.
كانت تعرف.
لكن جين لم ترد.
أغلقت هاتفها بسرعه كأنها تهرب من ظل مجرم قاتل، تابعت سيرها، وعرفت أن هذه المرة، لن تعود للخلف. 
في الأيام التالية، أصبحت جين أقرب إلى ظل متحرك،لم تكن تتحدث كثيرًا، لم تكن تضحك، ولم تعد تهتم حتى بالوجوه التي تمر بها في المكتب، كل شيء أصبح يتمحور حول العمل—إتقانه، تجنّب الأخطاء، البقاء بعيدة عن أي ملاحظة جديدة من مديرها.
لكن الضغط كان ينهشها ببطء.
في إحدى الليالي، وهي تجلس على الأرض في شقتها الصغيرة، وسط أكوام من الأوراق والتقارير، شعرت أن عقلها يطفو بعيدًا، وكأنها لم تعد تملك السيطرة على جسدها.
ما الذي كانت تفعله؟ لماذا كان الأمر بهذا الصعوبة؟
كانت تحاول إثبات أنها قادرة على الحياة وحدها، لكن الحقيقة كانت واضحة: هي تكافح، تكافح بشكل يائس.
جاءتها رسالة أخرى من راما، هذه المرة أكثر مباشرة:
"إلى متى ستستمرين في هذا العناد، جين؟ مقعدك فى الصاله ينتظرك 
أغلقت الهاتف. لم ترد.
لكن الكلمات ظلت تتردد في عقلها طوال الليل.
في الصباح التالي، أثناء اجتماع العمل، كان عقلها مرهقًا، كأنها تسير وسط ضباب كثيف، لم تلحظ أن مديرها يتحدث إليها حتى ارتفع صوته:
"جين، هل أنتِ معنا؟"
ارتجفت أصابعها فوق القلم، ثم تمالكت نفسها بسرعة.
"نعم، آسفة."
نظر إليها المدير نظرة تقييم، ثم قال بحدة: "لا مجال للأخطاء اليوم. هذا الاجتماع مصيري."
أومأت، لكنها كانت تعرف أن تركيزها لم يكن في أفضل حالاته.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
وبالفعل، بعد دقائق، وبينما كانت تشرح إحدى النقاط، أخطأت في معلومة مهمة.
لحظة صمت ثقيلة سقطت في القاعة.
نظرات زملائها كانت كفيلة بإشعال النار داخلها.
أحنى المدير رأسه قليلًا، زفر ببطء، ثم قال بصوت جليدي:
"جين، تحدثي معي بعد الاجتماع."
كانت هذه الجملة كفيلة بأن تجمدها في مكانها.
بعد الاجتماع، جلست أمامه في المكتب، يداها مشدودتان على حجرها، قلبها ينبض في أذنيها.
"هل لديكِ فكرة عن حجم الخطأ الذي ارتكبته اليوم؟"
لم تستطع الرد.
"هذا ليس مكانًا للمتعثرين، جين. إما أن تتجاوزي هذا الارتباك، أو لا مكان لكِ هنا."
كانت هذه الجملة، رغم قسوتها، بمثابة إنذار.
خرجت من المكتب، خطواتها متثاقلة، أفكارها متشابكة.
في الخارج، كان الهواء باردًا.
وقفت للحظة، أغلقت عينيها، ثم فتحتها ببطء.
لم تكن ستسمح لنفسها بالفشل.
لكنها أيضًا، عرفت أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار جديد.
إلى متى ستستمر في هذه الدوامة؟ وإلى أين ستأخذها؟
في الأيام التالية، شعرت جين أن العالم يسير بسرعة لا تستطيع مجاراتها.
في العمل، كانت تحاول بجهد مضاعف لتثبت أنها ليست ضعيفة، أنها تستحق الفرصة التي حصلت عليها. لكن الضغط كان يكبر بداخلها، يثقل أنفاسها، يجعل كل خطأ صغير يبدو وكأنه نهاية العالم.
في الليل، كانت تعود إلى شقتها الصغيرة، ترمي حقيبتها، وتجلس بصمت. لم يكن هناك أحد ليسألها عن يومها. لم يكن هناك من ينتظرها خلف الباب.
الهدوء كان قاتلًا.
حاولت أن تشغل نفسها—العمل، قراءة الكتب، حتى مشاهدة التلفاز بصوت مرتفع. لكن صوت أفكارها كان أقوى من أي شيء آخر.
في إحدى الليالي، بعد يوم طويل من الاجتماعات المتوترة، جلست على سريرها، الهاتف في يدها، تتصفح المحادثات القديمة مع آدم.
لم يكن هناك شيء جديد. لا رسائل منه. لا سؤال عما تمر به.
أما راما، فكانت ترسل بين الحين والآخر، لكن نبرة رسائلها لم تتغير—مزيج من السخرية والنصح غير المرغوب فيه.
"متى ستتوقفين عن هذا العبث وتعودين؟"
"لا أحد ينجح وحده يا جين."
"آدم لم يعد كما كان.. لكنه أيضًا لم يتغير تمامًا."
أغلقت الهاتف، ووضعت رأسها بين يديها.
هل ارتكبت خطأ؟ هل كانت غلطة أن ترحل؟
لكنها تعلم الإجابة.
الرحيل لم يكن غلطة، لكنه لم يكن الحل أيضًا.
كانت تحاول بناء شيء جديد، لكن البناء أصعب من الهدم.
في اليوم التالي، كانت تتناول قهوتها في المكتب عندما طرق زميل لها على مكتبها.
"جين، المدير يريدك حالًا."
ارتجف قلبها، لكنها نهضت بثبات.
عندما دخلت المكتب، كان المدير يراجع بعض الملفات. رفع رأسه، وأشار إلى الكرسي أمامه.
"كيف حالكِ جين؟"
"بخير."
"سمعت أنكِ تعملين بجهد كبير."
أومأت، تنتظر الجملة التالية.
"لكن الجهد وحده لا يكفي."
رفعت رأسها، وعرفت أن ما سيأتي لن يكون جيدًا.
"أنتِ ذكية، لديكِ إمكانيات، لكنكِ مشتتة،إذا لم تتحسن الأمور قريبًا، سنضطر لإعادة تقييم وضعكِ في الشركة."
لم يقلها بصريح العبارة، لكنه كان تحذيرًا واضحًا: إما أن تثبت نفسها، أو تخسر وظيفتها.
عندما خرجت من المكتب، شعرت أن الأرض تهتز تحتها.
كانت بحاجة إلى العمل. بحاجة إلى الاستقرار.
لكنها كانت أيضًا بحاجة إلى شيء آخر...
حاجة لم تستطع تحديدها بعد
حاجه للآمان الذى فقدته
يصبح العالم بارد وخاوى جدا عندما لا يوجد أحد جوارك
ان تكرر كل ما تفعله كل يوم
عندما تنظر جين إلى الحياه التى فقدتها قبل ظهور جين تدرك قدر الحماقه التى ارتكبتها فى حق نفسها
شعرت جين بتوعك فى معدتها فجأه حتى انها لم تتمكن من نصب طولها
كان الم مبرح سكاكين تقطع  فى معدتها نظرت حولها لم يكن هناك شيء سوى مقاعد وطاوله
امسكت هاتفها بحثت عن رقم ادم وكادت ان تطلبه
ماذا تنتظر من شخص لا يهتم بك، اخرجك من حياته كليآ
لكن ادم بدا اقل حده قبل رحيلها، كان يحاول ان يعيد المياه إلى مجاريها
صرخت جين من الوجع كان الألم غزاها بلا رحمه سقطت على الأرض وبالكاد وصلت إلى سريرها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
الليل كان ثقيلاً، مثل جدار أسود يطبق على صدرها. الألم لم يكن مجرد إحساس عابر، كان موجات من التقلصات الحادة تشتد مع كل نفس، تذكرت فجأة.
 هذا الألم لم يكن جديدًا عليها.
لكنها لم تواجهه وحدها من قبل.
كان هناك طبيب أخبرها ذات يوم، بنبرة حيادية، أن فرصها في الإنجاب ضئيلة، إن لم تكن معدومة، كان الأمر أشبه بحكم نهائي، بلا استئناف.
"حالتكِ تجعل فرص الحمل شبه مستحيلة. سيكون هناك ألم، بعض الأعراض ستشتد تحت الضغط والتوتر. لكن بخلاف ذلك... لا شيء يستدعي القلق."
لا شيء يستدعي القلق؟
كيف يمكن لشيء كهذا ألا يكون مدعاة للقلق؟
رفعت يدها المرتجفة إلى بطنها، تحاول تهدئة الألم، تحاول أن تتجاهل الحقيقة التي كانت تعرفها دائمًا لكنها لم تجرؤ على مواجهتها.
كانت دائمًا ترى الأطفال في الشوارع، تراقبهم من بعيد، لم تكن تحلم بأمومة تقليدية، لم تكن تتخيل نفسها تحتضن طفلاً في الليل وتغني له، لكن فكرة أنها لا تملك هذا الخيار على الإطلاق؟
كانت مثل باب مغلق بإحكام أمامها.
لكن الليلة، وحدها في شقتها الباردة، مع الألم الذي يفتك بها، شعرت بكل شيء يسقط فوقها دفعة واحدة.
ضغط العمل، الوحدة، راما، آدم، المرض، المستقبل الذي لم تستطع رؤيته بوضوح.
أخذت نفسًا عميقًا، ثم زفرت ببطء، محاولة استجماع قواها.
لا مجال للانهيار الآن.
بصعوبة، تحاملت على نفسها، بحثت عن هاتفها واتصلت بأقرب مستشفى، لم تكن تريد الذهاب، لكنها لم تكن تملك رفاهية الرفض.
بعد أقل من ساعة، كانت مستلقية على سرير المشفى، الضوء الأبيض الحاد فوقها يعميها قليلاً، وجهاز مراقبة ضربات القلب ينبض بإيقاع ثابت بجانبها.
"الإجهاد الزائد تسبب في تفاقم حالتكِ." قالت الطبيبة وهي تفحص ملفها. "أنتِ بحاجة إلى الراحة."
الراحة؟
كادت تضحك.
لكنها لم تقل شيئًا.
أغمضت عينيها للحظة، ثم سألَت بصوت خافت:
"هذا لن يزداد سوءًا، صحيح؟"
التزمت الطبيبة الصمت لوهلة.
"الأمر يعتمد عليكِ. إن لم تهتمي بصحتكِ، فقد تصبح الأمور أكثر تعقيدًا."
جين أومأت بصمت، ولم تسأل المزيد
اتسمحى لى بفحصك؟
همس طبيب تراه جين لأول مره
انا اعرف حالتى جيدا ولا فائده لمزيد من الفحوصات قالت جين وهى تنهض
اعرف !! قال الطبيب، لكن انا متشكك من امر اخر
نهضت جين، شكرآ لك لا مزيد من الفحوصات.
كان الطبيب يتأمل التغضينات اسفل عين جين وعندما لمحها خارجه، هذا رقم هاتفى اذا عاودك الوجع قبل اسبوع لا ترددى فى مهاتفتى...
شكرته جين كانت تعرف انها لن تتصل به ولا مزيد من التجارب الفأرنيه
القت بطاقة الطبيب فى سلة المهملات وعندما استدارت وجدته ينظر نحوها
شعرت جين بالخجل تناولت البطاقه مره اخرى وضعتها فى حقيبتها ثم رحلت.
عندما خرجت من المشفى في صباح اليوم التالي، كان الهواء باردًا، والسماء رمادية.
سارت ببطء، يداها في جيوب معطفها، تفكر.
كانت تعرف أنها لا تستطيع الاستمرار بهذا الشكل. الضغط، الوحدة، الخوف، كل شيء كان يستهلكها ببطء.
لكن العودة لم تكن خيارًا.
لأول مرة منذ فترة، سمحت لنفسها بالتفكير في المستقبل.
ماذا لو لم تستطع الاحتفاظ بوظيفتها؟ ماذا لو لم تجد مكانًا تنتمي إليه؟
وماذا لو استمرت الأمور بالتدهور؟
رفعت رأسها، زفرت بخارًا في الهواء البارد
ادم...... 
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كانت تحاول ألا تفكر به.
 أن تبقيه بعيدًا كما أبقاها بعيدًا.
لكن في لحظات الوهن، عندما كان جسدها يرتجف من الحمى والمعدة تتلوى كأنها تمزقت من الداخل، لم تستطع منع نفسها من التمسك بالفكرة الوحيدة التي بدت وكأنها طوق نجاة:
"ماذا لو اتصلت به؟"
لم تكن تريد الاعتراف بهذا الضعف. لكنها كانت مرهقة، وحيدة، مرعوبة.
نظرت إلى هاتفها، أناملها ترتجف وهي تبحث عن اسمه بين قائمة الأسماء.
كان لا يزال هناك. كما تركته.
ضغطت على الرقم.
ظل الهاتف يرن… ويرن…
ثم توقف.
لا رد.
انتظرت، وعقلها يصرخ: ربما لم يسمع… ربما كان مشغولًا…
لكن لا شيء.
مرت دقائق، ثم ساعة.
ولم يأتِ شيء.
لا رسالة. لا اتصال. لا سؤال عمّا أرادته.
كأنها لم تكن شيئًا أبدًا.
كأنها لم تكن جزءًا من حياته يومًا.
وضعت الهاتف بجانبها، عيناها تحدقان في السقف، والدموع الساخنة تنزلق بصمت.
لم تبكِ بصوت مسموع.
لم تكن هناك فائدة من ذلك.
كانت تعرف الآن يقينًا، بدون شك، أن آدم تخلّى عنها تمامًا. ليس لأنه غاضب. ليس لأنه مشغول.
بل لأنه لم يعد يهتم.
وذاك كان أسوأ من أي شيء آخر.
---
المرض والوحدة
مع مرور الأيام، أصبح جسدها أضعف.
لم تعد تستطيع النهوض بسهولة. لم تعد قادرة على الخروج إلى العمل.
المطبخ كان على بعد خطوات، لكنها كانت تحتاج إلى قوة لم تعد تملكها للوصول إليه.
كل شيء أصبح معركة.
مجرد النهوض من الفراش كان كأنه صعود جبل.
الحمى كانت تأتيها على شكل موجات، تجرفها بعيدًا، تجعلها تهلوس بأصوات الماضي، بذكريات لم تعد تعرف إن كانت حقيقية أو مجرد أوهام صنعها عقلها المتعب.
راما، آدم، المنزل القديم، الأيام التي لم تكن تعاني فيها… كلها تداخلت في ذهنها، حتى لم تعد تعرف أين كانت ومتى كانت.
لكن الشيء الوحيد الذي لم يتغير، الشيء الذي كان يقف في مواجهة كل هذه الفوضى، هو الفراغ الذي يحيط بها.
لا أحد يطرق الباب.
لا أحد يسأل إن كانت بخير.
لا أحد يعرف حتى أنها تمرض وحدها، في غرفة باردة، في شقة بالكاد تستطيع دفع إيجارها.
في النهاية، كان هذا أسوأ شيء على الإطلاق.
ليس المرض.
ليس الضعف.
بل الوحدة.
الوحدة التي التهمتها ببطء، دون رحمة.
....... 
كانت جين تعرف أن بإمكانها الاتصال بلورين،أختها الوحيدة. الشخص الوحيد الذي قد يأتيها دون سؤال، دون تردد.
لكنها لم تفعل.
لم تسمح لنفسها بذلك.
كانت لورين غارقة في دراستها، بالكاد تجد وقتًا لنفسها بين المحاضرات والعمل. كانت توازن حياتها بصعوبة، تحاول إثبات نفسها في جامعة لم تكن ترحم المتأخرين، في مدينة لم تكن تمنح الفرص بسهولة.
كانت جين تعرف ذلك.
كانت تعرف أن مجرد مكالمة منها ستشغلها، ستقلقها، ستجعلها تشعر بأنها يجب أن تترك كل شيء وتركض إليها.
وجين لم تكن مستعدة لأن تكون عبئًا.
حتى وهي تترنح بسبب المرض، حتى وهي تعاني من الوحدة التي بدت وكأنها تزداد يومًا بعد يوم، حتى عندما كان الجوع يقرص معدتها، لم تستطع أن ترفع هاتفها وتطلب المساعدة.
لأنها كانت تعرف أن لورين ستأتي، وستكون هذه أنانية منها.
بعد  ايام، وبينما كانت تحاول أن تنهض من السرير لتسخّن كوبًا من الحساء البارد، تهاوى جسدها فجأة، ارتطم ركبها بالأرض، وارتعش جسدها بالكامل من الحمى.
زحفَت حتى الجدار، أسندت ظهرها عليه، وسمحت لنفسها أن تغلق عينيها للحظة.
فكرت في لورين.
فكرت في أن ترسل لها رسالة قصيرة، فقط تخبرها أنها ليست بخير.
لكنها لم تفعل.
بدلًا من ذلك، أخذت نفسًا مرتعشًا، وحاولت أن تنهض مجددًا.
وحيدة.
كما اعتادت أن تكون.
تذكرت جين كلمات الطبيب، اذا عاودك الالم قبل اسبوع لا تتردى الاتصال بى
بصعوبه امسكت هاتفها وطلبت رقم الطبيب
الذى همس فورا كنت اعرف ذلك، لا تغادرى مكانك سأحضر فورا مع سيارة الإسعاف
نقلت سيارة الإسعاف إلى المشفى ثم إلى قسم الاشعه والتحاليل والفحوصات
ثم فجأه إلى غرفة العمليات، أخبرها الطبيب انها تحتاج لعمليه طارئه لا يمكن تأجيلها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كانت الأضواء فوقها بيضاء، باردة، كأنها شمسٌ صناعية لا تمنح أي دفء. أصوات الأجهزة الطبية تملأ الغرفة بإيقاع ثابت، والوجوه حولها مطموسة بالكمامات والقبعات الجراحية.
سمعت صوت الطبيب الذي تحدث معها سابقًا، صوته كان هادئًا لكنه يحمل نبرة قاطعة:
"جين، نحن مستعدون. سنبدأ الآن."
أرادت أن تقول شيئًا، أن تسأل إن كان هذا الألم سينتهي، لكنها كانت مرهقة جدًا. الجسد لا يقاوم كما اعتاد.
شعرت بوخزة في ذراعها، ثم بدأ العالم يبتعد.
ظلام.
ثم، لا شيء.
الضوء يعود ببطء.
شعرت بجسدها كما لو أنه ليس لها، كأنه قطعة ثقيلة موضوعة على السرير. حاولت أن تفتح عينيها، لكن الجفن كان أثقل مما تتذكر.
أصوات خافتة حولها، خطوات تقترب، ثم صوت مألوف، الطبيب.
"جين؟ هل تسمعينني؟"
حاولت الرد، لكن صوتها لم يخرج. اكتفت بإيماءة ضعيفة، بالكاد واضحة.
"لقد انتهت العملية بنجاح."
كلماته عبرت إليها ببطء، كما لو كانت تأتي من بُعد آخر.
"الورم الذي كان يسبب لكِ الألم… تم استئصاله بالكامل."
أرادت أن تسأله ماذا يعني هذا. أرادت أن تفهم.الفصل
عندما استيقظت جين بعد الجراحة، لم يخبرها أحد سوى بالحقيقة المجردة: الورم أُزيل، العملية نجحت، والآن عليها أن تركز على التعافي.
لا أحد ذكر أي شيء عن المستقبل.
لا أحد أشار، ولو بكلمة واحدة، إلى شيء آخر.
حتى الطبيب الذي تابع حالتها كان حذرًا في كلماته. لم يقل سوى أن الأمور تحسنت، لكن دون وعود، دون احتمالات، دون ترك أي مجال للأمل.
وربما هذا ما جعلها تتقبل الأمر بسهولة.
لم تتوقع شيئًا.
لم تفكر فيما بعد.
استمرت في عيش أيامها كما هي، تتعافى ببطء، تعيد بناء حياتها من جديد، دون أن تفكر في أي شيء آخر سوى أن تكون بخير.
بعد أسابيع من الجراحة، في موعد الفحص الدوري، جلست جين أمام الطبيب، يديها متشابكتان فوق حجرها، تستمع إليه وهو يتحدث عن نتائج الفحوصات الأخيرة.
كل شيء بدا طبيعيًا. صحتها تتحسن، جسدها يتعافى كما هو متوقع.
لكن عندما قلب الطبيب الصفحة الأخيرة في ملفها، صمت للحظة.
كأنه رأى شيئًا لم يكن في الحسبان.
"هناك شيء آخر…" قال أخيرًا، نبرته تغيرت قليلاً.
رفعت جين عينيها نحوه، انتظرته ليتابع، لكنها لم تتوقع ما سمعته بعد ذلك.
"جين، لقد أظهرت الفحوصات الأخيرة أن جسدكِ بدأ في استعادة وظائفه الطبيعية… بشكل لم نكن نتوقعه."
"ماذا تقصد؟"
"إزالة الورم لم تكن مجرد حل لمشكلتكِ الصحية… بل كان لها تأثير غير متوقع على قدرتكِ الإنجابية."
مرت لحظات من الصمت، كأن الزمن توقف للحظة.
ثم…
"جين، بناءً على هذه النتائج… لم تعدي عقيمة."
رفعت رأسها ببطء، حدقت فيه وكأنها لم تفهم ما قاله للتو.
"ما الذي تقوله…؟" همست، بالكاد تسمع صوتها.
"لم نكن نعلم ذلك قبل الجراحة، لكن يبدو أن الورم كان يعيق عمل أعضائكِ بشكل أكبر مما كنا نعتقد. الآن، بعد إزالته، جسدكِ بدأ في استعادة توازنه الطبيعي… وهذا يعني أن لديكِ فرصة للحمل."
لم تستطع جين النطق بكلمة.
عقلها لم يكن مستعدًا لهذا.
لم يكن هذا واردًا، لم يكن حتى احتمالًا، والآن فجأة…
شيء ما تحطم بداخلها.
كانت سنوات طويلة من التصديق أن هذا مستحيل. سنوات من بناء جدران حول نفسها، من إقناع ذاتها أن هذا الباب مغلق، أن هذه الفكرة يجب أن تُدفن.
لكن الآن، وبدون سابق إنذار، فُتح الباب الذي لم تكن تجرؤ حتى على لمسه.
"أنا…" تلعثمت، لكن الكلمات خانتها.
لم تكن تعرف إن كانت سعيدة أم مرعوبة.
لكنها كانت تعرف شيئًا واحدًا:
لم يكن أحد يعلم أن هذا سيحدث.
ولا حتى الأطباء أنفسهم.
لقد كانت معجزة لم يتوقعها أحد.
عندما خرجت جين من عيادة الطبيب، كان الهواء باردًا، لكنه لم يكن يضاهي البرودة التي اجتاحت صدرها.
لم تستطع استيعاب الأمر بعد.
ظلت تسير في الشارع دون هدف، خطواتها بطيئة، عقلها مزدحم، والمشاعر تتدافع داخلها بعنف لم تعهده من قبل.
فرح؟
خوف؟
صدمة؟
كل شيء كان مختلطًا، كأنها سقطت فجأة في دوامة لا تعرف كيف تخرج منها.
كيف يمكن لشيء كانت تظنه مستحيلًا أن يصبح فجأة حقيقة؟ كيف يمكن للحياة أن تغير قواعدها بهذه السهولة؟
الفرحة المربكة
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في أعماقها، هناك جزء منها أراد أن يبتسم. أن يشعر بشيء يشبه السعادة، أو على الأقل، الارتياح.
لطالما كانت فكرة العقم مثل ظل ثقيل فوق حياتها. شيء لم تختَره، لكنه فُرض عليها.
كانت قد تعلمت أن تتعايش معه، أن تقنع نفسها بأنه لا يهم، أنه مجرد جزء من قصتها، لكنه لم يكن كل شيء.
لكن الآن؟
الآن، تغيرت القصة.
والجزء الذي كانت قد اعتقدت أنه مفقود للأبد… عاد إليها.
هل كان عليها أن تكون سعيدة؟
أرادت أن تكون.
لكنها لم تستطع.
الخوف الذي يخنقها
لأن الفرح لم يكن الشيء الوحيد الذي اجتاحها.
كان هناك خوف… خوف أعمق مما توقعت.
لأن هذه الفرصة لم تأتِ معها ضمانات.
لا أحد أخبرها أنها ستكون قادرة على الحمل بسهولة. لا أحد قال إن الأمر مضمون.
كان مجرد احتمال.
واحتمال يعني أنه يمكن أن يتحقق… أو لا.
وهي لم تكن متأكدة إن كان بإمكانها تحمل خيبة أمل أخرى.
ماذا لو تعلقت بهذه الفكرة؟ ماذا لو سمحت لنفسها أن تحلم، ثم اكتشفت لاحقًا أن الحلم مجرد وهم آخر؟
لقد اعتادت أن تعيش مع فكرة أنها لن تصبح أمًا.
لكنها لم تعتد بعد على فكرة أن تكون هناك فرصة… ثم تُسلب منها مجددًا.
الدهشة التي تربكها
الأمر كله كان غير منطقي.
لماذا الآن؟
لماذا بعد كل هذه السنوات، بعد أن تعلمت كيف تتقبل الواقع، تغيرت القواعد؟
لو أن أحدهم أخبرها بهذا قبل سنوات، لكانت حياتها مختلفة بالكامل.
لكن الآن… بعد كل ما حدث… بعد كل ما فقدته… هل كان لا يزال هناك مكان لهذا النوع من الأمل؟
كانت تدرك أن الحياة لا تعطي إجابات واضحة.
لكنها تمنت، ولو للحظة، أن تعرف ماذا عليها أن تشعر.
هل تبتسم؟
أم تبكي؟
أم تخاف؟
أم تترك الأمر يمر، كما لو أنه لم يكن شيئًا مهمًا على الإطلاق؟
لكنها كانت تعرف الحقيقة.
مهما حاولت أن تتجاهل الأمر…
لن يكون مجرد شيء عابر.
لقد تغيرت حياتها بالفعل.
سواء أدركت ذلك الآن… أو لاحقًا.
في الليالي التالية، كانت جين تستيقظ على صوت أفكارها.
كان عقلها ساحة معركة، بين رغبة دفينة في الإمساك بهاتفها وإخباره، وبين خوف يشلّ أصابعها عن فعل ذلك.
أن تخبره؟
أن تبقي الأمر سرًا؟
كان عليها أن تختار.
لكن كيف تختار بين أمرين كلاهما يبدو خاطئًا؟
لو أخبرته...
ماذا سيحدث؟
هل سيفرح؟ هل سيهتم؟
أم أنه سيقابل الخبر ببرود، كما فعل عندما احتاجت إليه في مرضها؟
هل ستتحمل أن ترى في عينيه اللامبالاة، بعد كل ما مرّت به؟
كان هناك احتمال آخر، احتمال لم تستطع منعه من التسلل إلى عقلها...
ماذا لو اعتقد أن هذا الخبر محاولة منها لاستعادته؟
لم تكن تعرف إن كان آدم لا يزال يحمل لها أي شيء... أي شيء حقيقي.
لكنها كانت متأكدة من شيء واحد:
إن اعتقد أنها تستخدم هذا كوسيلة لإعادته إلى حياتها، فسيرحل مجددًا... وهذه المرة، لن يعود أبدًا.
ولو أخفت الأمر...
هل تستطيع العيش مع ذلك؟
مع حقيقة أنه هناك، في مكان ما، لا يعرف أن الحياة منحته شيئًا لم يكن في الحسبان؟
هل تملك الحق في أن تحجب عنه هذا السر؟
لكن في النهاية، ألم يكن هذا ما فعله هو أيضًا؟
حين تركها دون كلمة، دون سؤال، دون حتى محاولة بسيطة ليفهم كيف كانت تتألم وحدها؟
حينها لم يكن يهتم.
إذن، لماذا قد يهتم الآن؟
الصراع بين القلب والعقل
القلب أراد أن يخبره.
العقل قال لا تفعل.
كانت تمشي في شقتها الصغيرة، جيئة وذهابًا، كأنها تستطيع الهروب من القرار، لكن أينما نظرت، كان السؤال ينتظرها هناك، يلاحقها كظلّها.
في النهاية، لم تكن الإجابة واضحة.
لكنها أدركت شيئًا واحدًا...
لم تكن مستعدة لأن يعرف بعد.
لم تكن مستعدة لرؤية خيبته أو صدمته أو، الأسوأ من ذلك، لا مبالاته.
لذلك، وضعت الهاتف بعيدًا.
وأبقت السر في قلبها.
على الأقل... لبعض الوقت.
وفى يوم امسكت هاتفها وطلبت ادم، كان على لسانها كلمه واحده وقبل ان تنطق صرخ ادم راما ولدت انا شايل ابنى يا جين
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
صمتت جين لحظه، كان على لسانها كلام كتير لكن المفاجأه اخرصتها، شعرت انه ليس وقت للعتاب، ولا ان تسأل ادم
لما لم يرد على اتصالتها السابقه
حتى همس ادم والسعاده باديه فى صوته، معلهش جين مقدرتش ارد عليكى الفتره إلى فاتت كنت مضغوط جدا وراما على طول تعبانه لدرجة انها مكنتش بتروح الحمام غير بمساعدتى.
وكادت جين ان تنطق، طيب وانا؟ مليش حق عليكى
ازاى تسبنى بالطريقه ومتفكرش تسأل عنى؟
انا كنت بموت لكن جين اعتادت ان تكون وحيده، تعودت ان تتحمل الألم بمفردها
اخيرا قالت جين.... مبارك لك ادم
هتيجى امتى؟ صرخ ادم انا فرحان اووى يا جين عنوان المستشفى............
انهت جين الاتصال ورمت التليفون جنبها، مفيش فايده همست وهى بتنهض تاخد شور
ادم مبقاش لى
كيف ينتهى حب سنين دفعه واحده؟ وكيف يستطيع انسان ان يكذب عندما يقول احبك وسأظل طوال عمرى احبك؟
على المرء الا يبرم اتفاق بالحب ابدا حتى فى الجحيم طالما انه لن يفى بوعده
تذكرت جين الماضى الذى راح يعصف بعقلها عندما كان ادم معها
أطل الماضى بوجهه القبيح، همسات، ابتسامات، قبلات وعود زائفة
خرجت جين من تحت الماء الساخن، قطراته تتساقط على أرضية الحمام، لكنها لم تشعر بالدفء. كان البرد قادمًا من الداخل، حيث تتجمد المشاعر وتتشابك الذكريات كعاصفة لا تهدأ.
جلست على طرف السرير، أناملها ما زالت ترتجف، ليس من البرد، ولكن من إدراكها القاسي: لم يعد هناك "نحن". لم يعد هناك "أنا وأنت".
آدم ذهب.
ذهب حتى دون أن يلتفت وراءه، دون أن يتساءل كيف مرت الأيام عليها، كيف كانت تسند جسدها الهزيل على الجدران لتصل إلى المطبخ، كيف كانت تغمض عينيها وتقاوم الدموع التي لم يعد هناك من يجففها.
والآن؟
عاد فقط ليشاركها سعادته، سعادته هو، وكأنها لم تكن يومًا جزءًا من حياته، وكأن الألم الذي تركه خلفه لم يكن يستحق حتى لحظة اهتمام.
نظرت إلى المرآة، حدقت في عينيها، كأنها تحاول التعرف على تلك المرأة التي تحدق بها.
هذه ليست جين التي عرفتها.
هذه ليست المرأة التي حلمت أن تكونها.
هذه امرأة خدعها الحب، مزقها الغياب، ثم علمها الألم كيف تقف وحدها.
ببطء، مدت يدها إلى بطنها، حيث كان السر مدفونًا. السر الذي لم يعرفه آدم، السر الذي قد يغير كل شيء... أو ربما لا يغير شيئًا على الإطلاق.
هل تخبره؟
هل يهم إن عرف؟
هل يستحق أن يعرف؟
ابتلعت غصة في حلقها ونهضت، ارتدت ملابسها بعناية، كأنها تغلف نفسها بدرع يحميها من الانكسار مجددًا.
آدم اختار طريقه.
وهي، لأول مرة منذ فترة طويلة ربما عليها ان تختار  طريقها.
جلست جين في زاوية الغرفة، يديها متشابكتان فوق ركبتيها، تنظر إلى الفراغ بعينين خاليتين من الحياة.
كانت مستعدة أن تمنحه كل شيء.
حتى حياتها.
حتى أنفاسها الأخيرة.
لو طلب منها أن تحمل طفله، لوافقت، رغم أنها تعرف أن قلبها قد لا يتحمل، رغم أن الأطباء لم يمنحوها أي ضمانات.
لكن آدم لم يسأل.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لم يكلف نفسه عناء البحث عنها عندما اختفت، لم يهتم إن كانت بخير أو تحتضر وحيدة في غرفة باردة.
والآن؟ الآن يعود ليخبرها عن سعادته، عن راما التي تحتاج مساعدته، عن حياته التي استمرت بدونها كأنها لم تكن موجودة قط.
كأنها لم تكن يومًا حبيبته.
كأنها لم تكن مستعدة للموت من أجله.
أحست بأن شيئًا بداخلها تحطم بصمت، شيئًا لم يكن صاخبًا لكنه كان نهائيًا.
لم تعد تفكر في أن تهبه طفلًا.
لم تعد تفكر حتى في أن تخبره بالحقيقة.
لم تعد تريده أن يعرف.
لأنه لو عرف، ربما لن يفرح، ربما لن يهتم، ربما لن يلتفت إليها كما لم يلتفت عندما كانت على حافة الموت.
والآن، لم يعد هناك شيء ليُقتل بداخلها.
للحظه كانت تعرف عن ذلك القلب الضعيف الذى ينبض داخلها بوهن مستعد ان يمنح السعاده إلى غيره حتى على حساب نفسه
لكن ادم قبلها بمرضها، قبلها وهو يعرف انها لا تنجب وقلبها لا يسمح لها بالحمل، لقد كان شخص جيد عندما تعرفت عليه وعندما عاشت معه سنينها الأولى
ولا يمكنها ان تلقى على تهمة اهمالها فقد كانت هى التى زرعت نبتتة عذابها بيدها
كاد الصداع ان يفتك برأس جين، صراع بين الحب والكرامه
لكنه يستحق التهنائه، على كل حال
غيرت جين ملابسها وقصدت المشفى، دلفت داخل غرفة الولاده، احتضنها ادم فجأه
كانت السعاده باديه على وجهه
انظرى جين هذا طفلى
ثم صمت لحظه وطفلك أيضآ يا جين، الان يمكنك أن تعيشى المشاعر التى كنتى تحلمى بها
صوبت راما نظره مقيته على جين وهمست محدش هيربى ابنى غيرى
وعندما اقترب ادم ليسمح لجين ان تحمل الطفل اعترضت
راما تحججت ان الطفل يحتاج الرضاعه
مبروك ادم، همست جين، انا سعيده من أجلك
تحقق حلمك اخيرا
ثم جلست على المقعد تابعت ادم وهو يداعب طفله وزوجته
لقد نسيها تمامآ وكأنها غير موجوده
على بعض البشر ان يبقون على الهامش يتأملون سعادة الأخرين
لقد كنت كذلك ردح من الزمن حتى أدركت ان لدى سعادتى الخاصه
واننى لست بحاجه للنظر لما فى يد الغير لأنه لا يناسبنى لأنه لن يكون لى
تابعت جين الطفل الصغير، وجه الجميل عيونه
لطالما تمنت ان تحمل طفل، تابعت أيضآ نظرات راما  الساخره
طفل جميل همست جين بشرود، يشبهك يا ادم، أدارت راما وجه الطفل للناحيه بعيد عن جين
ثم بدأت تتألم بدلال، الجرح يا ادم يؤلمنى، اه هناك وجع هنا
وهنا
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
راقبت جين المشهد أمامها بصمت، كأنها مجرد زائرة عابرة في حياة لم تعد تنتمي إليها.
آدم كان غارقًا في راما وطفلهما، يهرع إليها مع كل أنة تتصنعها، يمسك يدها بحنان، يهمس لها بكلمات المواساة.
وراما، بوجهها الشاحب المصطنع، تنظر إلى جين من طرف عينها، وكأنها تقول: انظري، لقد فزت.
جين لم تتحرك من مكانها، لم تنطق، لم تحاول حتى أن تفرض نفسها على اللحظة.
لم يعد ذلك يهم.
كان يكفيها أن ترى آدم سعيدًا، ولو كان ذلك يعني أنها أصبحت مجرد ظل في حياته.
لكن رغم كل شيء، لم تستطع منع الألم الذي تسلل إلى قلبها، رغم كل محاولاتها لإقناع نفسها أنها لم تعد تبالي.
حلمها القديم، أمنيتها التي دفنتها لسنوات، طفل يحمل ملامح آدم… كان الآن بين يدي امرأة أخرى.
شعرت بجسدها يبرد، ليس من الحسد أو الغيرة، بل من الإحساس القاسي بأنها لم تكن يومًا جزءًا حقيقيًا من هذا المستقبل.
ربما لم يكن مقدرًا لها أن تكون.
آدم لم يعد يلتفت إليها، كان منشغلًا تمامًا براما وطفلهما، كأن جين لم تعد سوى ضيف غير مرحب به.
لم تلتئم جراحها بعد، ولم تستعد قوتها بالكامل، لكن شيئًا ما في داخلها دفعها للحضور. ربما كان الأمل الأخير أن تجد في عيني آدم اهتمامًا، أن يلحظ شحوبها، أن يسأل ولو لمرة واحدة: "هل أنتِ بخير يا جين؟"
لكن لا، لم يسأل.
كان مشغولًا تمامًا، غارقًا في فرحة طفله، في كلمات راما الناعسة، في الدور الذي تبنّاه بكامل كيانه: الأب الحامي، الزوج المتفاني.
أما جين؟
كانت مجرد طيف عابر في تلك الغرفة.
كلما زادت حدة الألم في بطنها، وضعت يدها عليه برفق، كأنها تحاول تهدئته، إخفاءه. ليس فقط الألم الجسدي، بل ذلك الألم الآخر، العميق، الذي لم يكن هناك دواء له.
للحظة، كادت تنطق. كادت تخبره.
"آدم، لقد حدث شيء لم يتوقعه أحد. الأطباء قالوا لي ذات يوم إنني لن أتمكن من الحمل، لكن بعد الجراحة… الأمور تغيرت. أنا… أنا أستطيع الآن. أنا أيضًا قد أحمل طفلك، آدم."
لكنها لم تستطع.
ترددت الكلمات في حلقها، ثم تلاشت تمامًا عندما رأت نظراته المليئة بالحب وهو يراقب راما تحتضن الطفل.
كيف يمكنها أن تبوح بشيء كهذا؟ هل كانت تتوقع منه أن يلتفت إليها، أن يشعر بشيء تجاه هذا الخبر؟ أم كانت فقط تتشبث بوهم قديم؟
الواقع كان أوضح من أي وقت مضى:
آدم لم يعد لها.
كانت قد حلمت بأن يشاركها هذا الحمل يومًا ما، أن يكون بجانبها، أن يطمئنها عندما تخاف، أن يمسح على جبينها عندما يؤلمها شيء… لكنها رأت الآن الحقيقة جلية أمامها:
لو أخبرته، لن يهمه الأمر.
ولو شعر بشيء، فسيكون شيئًا شبيهًا بالشفقة.
وجين لم تعد تحتمل الشفقة.
عندما تحججت راما بالألم وأبعدت الطفل عنها، شعرت وكأن قلبها قد ضُغط بين يدي شخص ما بلا رحمة.
حاولت أن تبتسم، أن تتظاهر بأن الأمر لا يعنيها، لكنها شعرت بجرحها ينبض، كأنه يذكرها:
"أنتِ لستِ قوية كما تحاولين أن تظهري، جين. أنتِ تتألمين."
حاولت تغيير وضع جلوسها حتى لا تفضح ارتجافة جسدها، لكن لا شيء كان يساعدها. الألم ازداد، عيناها امتلأتا بالدموع، لكنها أبت أن تسقطها.
التفتت إلى آدم، عله ينظر إليها، يلاحظ ارتجاف أنفاسها، شحوب وجهها، يدها التي كانت تمسك ببطنها دون وعي.
لكنه لم يفعل.
لم يكن هناك.
آدم، الذي كان يومًا كل عالمها، لم يعد يراها حتى.
عندها فقط، فهمت.
أخذت نفسًا عميقًا، وحاولت تثبيت صوتها، ثم همست:
— "أنا سعيدة من أجلك، آدم."
لكنها كانت تكذب.
عندما يتخلى عنك أكثر شخص تحبه، لا يكون الأمر مجرد حزن عابر أو جرح يمكن مداواته ببعض الوقت.
لا، إنه أشبه بانهيار عالمك بالكامل، كأنك كنت تسير على أرض صلبة وفجأة تدرك أنها لم تكن سوى سراب، وأنك الآن تسقط… ولا أحد هناك ليمسك بك.
الألم لا يكون صراخًا، بل صمتًا مطبقًا.
 إنه الجلوس لساعات طويلة دون أن تدرك كيف مرّ الوقت. إنه أن تمسك هاتفك عشرات المرات ثم تعيده دون أن تفكر حتى في الاتصال، لأنك تعلم أن الشخص الذي كنت تنتظر منه أن يسأل… لن يسأل.
 أن تمشي في الشوارع التي كنتما تمشيان فيها معًا، فتبدو مألوفة لكنها غريبة في الوقت نفسه، كأنها فقدت لونها.
 أن تجلس في مقهى كنتما تزورانه، وتكتشف أن الكرسي المقابل لك بارد وخاوٍ، تمامًا كما تشعر من الداخل.
 أن تستيقظ في منتصف الليل دون سبب، قلبك يضرب بشدة وكأنك كنت تحلم بكابوس… ثم تدرك أن الكابوس ليس في المنام، بل في الواقع. وأن هذا الواقع هو أنك وحدك الآن، ولن يعود أحد ليطمئن عليك.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
أن تحاول أن تملأ الفراغ، بالعمل، بالأصدقاء، بأي شيء… لكن كل شيء يبدو ضجيجًا لا معنى له.
 لأن الفراغ الحقيقي ليس في يومك، بل في داخلك، حيث كان يسكن هذا الشخص.
وهناك لحظة معينة، قاسية أكثر من كل ما سبق، عندما تستوعب أخيرًا أنه لا يشعر بما تشعر به.
أن الأمر لا يعنيه كما يعنيك.
أن قلبه لا ينزف كما ينزف قلبك.
أنك كنت شيئًا مهمًا في يومٍ ما، والآن أصبحت مجرد ذكرى قد لا يلتفت إليها أبدًا.
وجين، وهي جالسة هناك، تراقب آدم الذي لم يلاحظ حتى شحوبها أو ألمها، شعرت بهذا كله. ليس دفعة واحدة، بل كأن ألف خنجر صغير يغوص في صدرها ببطء.
لقد أحبته بكل ما فيها.
وكان مستعدًا لنسيانها بكل بساطة.
نهضت جين ببطء من مقعدها، وكأن وزن العالم كله يرزح على كتفيها.
 شعرت بوهن في ساقيها، كأن قوة غير مرئية كانت تحاول إبقائها هناك، تُجبرها على البقاء شاهدة على سعادته التي لم تكن جزءًا منها.
لكن ما الجدوى؟ لم يعد هناك شيء تربطه بها، لم يعد هناك شيء يبقيها هنا.
خطت خطوة، شعرت بوخز في مكان الجراحة، ألم خفيف لكنه مستمر، تمامًا كالحزن الذي استوطنها.
ضغطت يدها على موضع الألم، وكأنها تحاول أن تسيطر عليه، أن تخفيه كما اعتادت دائمًا.
تحركت ببطء، خطواتها مترددة، وكأنها تتوقع أن يستوقفها، أن ينطق باسمها، أن يلاحظ حتى أنها على وشك السقوط. لكنها لم تسمع شيئًا سوى صوت راما، تهمس له بشيء، ثم ضحكته الخافتة.
عند الباب، توقفت للحظة، التفتت لتلقي نظرة أخيرة.
آدم كان هناك، يحمل طفله، يبتسم لرُاما، وجهه يشع بسعادة خالصة، سعادة لم تكن جين جزءًا منها.
لم يكن ينظر إليها. لم يكن يشعر حتى أنها واقفة هناك.
أخذت نفسًا مرتجفًا، شعرت أن قلبها يضيق في صدرها، أن الألم في موضع الجراحة لم يكن شيئًا مقارنةً بما تشعر به الآن.
ثم استدارت… ورحلت.
ترنحت خطواتها وهي تسير في الممر الطويل للمستشفى، الجدران البيضاء بدت باهتة، الأضواء فوقها تتراقص أمام عينيها، تداخلت الأصوات من حولها لكنها لم تكن تسمع شيئًا بوضوح.
عندما وصلت إلى الباب الخارجي، كان الهواء البارد ينتظرها، لفح وجهها كأنه يريد أن يوقظها من هذا الكابوس. لكنها كانت مستيقظة تمامًا. مستيقظة على الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن إنكارها بعد الآن:
آدم لم يعد لها.
فتحت جين باب شقتها بخطوات متعثرة، وكأنها عبرت صحراء كاملة قبل أن تصل إلى هنا.
كانت الشقة مظلمة وباردة، تمامًا مثل قلبها.
 لم تكلف نفسها عناء إضاءة الأنوار، بل دفعت الباب بضعف خلفها، ثم استندت عليه للحظة، تستجمع أنفاسها.
لكن الألم لم يمهلها.
هاجمها فجأة، كخنجر مغروس في أحشائها، التوت ملامحها، شهقت وهي تضع يدها على بطنها حيث كان الجرح نابضًا، كأن شيئًا بداخله يحترق.
 الهواء حولها أصبح ثقيلًا، جسدها لم يعد يقوى على حملها، شعرت بدوار يجتاح رأسها.
حاولت التقدم، لكن قدميها خانتاها، فسقطت على الأرضية الباردة.
شهقت، ليس فقط بسبب الألم الجسدي، بل لأن مشاعرها كلها انفجرت دفعة واحدة.
لقد عاد وحده. لم يسأل عنها. لم يلحظ حتى وجودها.
عقلها يعيد المشهد مرارًا—آدم يحمل طفله، ينظر إلى راما بحب، يتجاهلها وكأنها لم تكن هناك أبدًا.
ضغطت أصابعها على صدرها، وكأنها تحاول إيقاف الانفجار الذي يحدث داخله، لكن لا شيء يمكنه إيقاف هذا النزيف الداخلي.
كانت محطمة. مدهوسة. محترقة حتى الرماد.
ارتجف جسدها، ليس فقط من الألم، بل من الوحدة القاتلة التي أحاطت بها. كم كانت سخيفة عندما فكرت للحظة أن تخبره، أن تشاركه السر، أن تبحث عن دفء منه، عن اهتمام منه.
هو لم يهتم بها وهي تكافح الموت، فكيف سيهتم الآن؟
شهقت شهقة أخرى، هذه المرة خرجت كأنها اعتراف مؤلم:
— "أنا وحدي… دائمًا وحدي."
وبقيت هناك، على الأرض الباردة، تتألم بصمت، كما اعتادت دائمًا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
فتحت جين عينيها ببطء، تشعر بأنفاسها ثقيلة وكأن صدرها يرفض أن يتمدد بما يكفي.
الأضواء البيضاء الساطعة فوقها بدت ضبابية، تتراقص كأنها نجوم بعيدة، وأصوات الأجهزة الطبية تملأ الغرفة بإيقاع رتيب.
كانت في المستشفى.
حاولت تحريك يدها، فشعرت بوخز الإبرة المغروسة في وريدها، وبأنابيب المصل الممتدة من ذراعها. عندما حاولت التذكر كيف وصلت إلى هنا، لم تجد سوى ذكريات متشابكة… الألم، سقوطها على أرضية شقتها، رقم هاتف الطبيب الذى ظهر أمامها، الفراغ الذي ابتلعها، الظلام الذي جرها بعيدًا عن الواقع.
شعرت بشيء رطب على خدها، لم تكن دموعها، بل قطعة قطن مبللة وضعتها ممرضة تبتسم لها برفق.
— "أنتِ مستيقظة، هذا جيد."
جين لم ترد، كانت الكلمات ثقيلة على لسانها، كأنها لم تعد تجيد التحدث. نظرت حولها، الغرفة كانت شبه فارغة، لا زوار، لا أحد بجانبها.
كما توقعت، كانت دومًا وحدها.
مرّت الأيام ببطء، أو ربما لم تكن أيامًا بل مجرد ليالٍ طويلة متشابهة، تذوب في بعضها دون أن تترك فرقًا يُذكر.
كل ما تتذكره هو خطوات الأطباء وهم يدخلون غرفتها، نبرة أصواتهم الرتيبة وهي تشرح حالتها، وملفات الفحوصات التي يتبادلونها فيما بينهم.
قالوا إن هناك مضاعفات بعد الجراحة، شيء غير متوقع. جسدها لم يتعافَ كما ينبغي، وهناك علامات نزيف داخلي بسيط لم ينتبهوا له من قبل.
— "نحتاج إلى مراقبتك عن قرب، جين."
لم تهتم. لم يعد هناك شيء يستحق الاهتمام.
لكنهم فعلوا. أخضعوها لسلسلة من الفحوصات، صور الأشعة، التحاليل التي تتكرر يومًا بعد يوم، الإبر التي اخترقت جلدها مرات لا تحصى.
— "هناك أمر آخر…"
قال الطبيب ذات ليلة، وهو يقلب نتائج تحليلها الأخير
. نظرت إليه بعينين خاليتين من الترقب.
_لم تكن بحاجة لسماع المزيد، كانت تعرف أن جسدها خائن مثل كل شيء آخر في حياتها._
لكنه تردد، ثم أضاف بصوت منخفض:
— "جين، لقد أعدنا فحص كل شيء، والنتائج… تشير إلى احتمال ضئيل للحمل في المستقبل، لكنه ليس مستحيلًا كما كنتِ تعتقدين."
لم تنطق بكلمة. لم يظهر على ملامحها أي تعبير.
هل كانت هذه مزحة قاسية من القدر؟ أن تخبرها الحياة أخيرًا بأنها قد تحصل على ما أرادته ذات يوم…
 ولكن في الوقت الخطأ، بعد أن فقدت الشخص الوحيد الذي رغبت في مشاركة هذا الأمر معه؟
لم تقل شيئًا. أومأت برأسها فقط، وعندما خرج الطبيب، عادت إلى صمتها العميق.
الليل في المستشفى لا يشبه الليل في أي مكان آخر.
لا نجوم تُرى من النوافذ، لا أصوات مألوفة في الخارج، فقط أنين المرضى في الغرف المجاورة، وقع أقدام الممرضات، وصفير الأجهزة الطبية التي لا تتوقف عن العمل.
في تلك الساعات، كانت تستلقي على سريرها، تنظر إلى السقف، تتساءل: لو أن الأمور سارت بشكل مختلف، لو أن آدم لم يبتعد، لو أنها لم تكن مجرد ظل في حياته… هل كان سيجلس هنا بجانبها الآن؟ هل كان سيمسك يدها، يواسيها، يخبرها أن كل شيء سيكون بخير؟
لكن الإجابة كانت واضحة.
لم يسأل عنها. لم يبحث عنها. لم يهتم حتى عندما اختفت.
في إحدى الليالي، استيقظت على صوت المطر بالخارج. نهضت ببطء، اقتربت من النافذة، ولم ترَ سوى شوارع فارغة، أضواء خافتة تنعكس على الإسفلت المبلل.
في تلك اللحظة، شعرت بأنها لم تعد تنتمي إلى أي مكان. لا إلى المستشفى، لا إلى حياتها القديمة، ولا حتى إلى نفسها.
ضغطت يدها على بطنها، حيث كان الجرح نابضًا بألم خافت، وخرجت منها شهقة لم تستطع كتمها.
كان ذلك الليل طويل جدا جدا 
كانت السماء رمادية حين غادرت جين المستشفى.
 لا مطر، لا شمس، فقط هواء بارد ينساب بين المباني وكأنه يواسيها بصمته.
 لم يكن هناك أحد بانتظارها، لا يد تمتد لتساعدها، لا صوت مألوف يرحب بها خارج أبواب ذلك المكان الذي احتجزها لأسابيع.
استندت للحظة إلى الباب الزجاجي قبل أن تبدأ بالسير ببطء. جسدها كان ضعيفًا، لكنه لم يكن أضعف من روحها.
عندما دخلت شقتها، وجدت كل شيء كما تركته: الأضواء مطفأة، الهواء ساكن، الصمت يملأ الزوايا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
أغمضت عينيها للحظة، وكأنها تحاول أن تعتاد من جديد على هذا الفراغ.
ثم اتجهت مباشرة إلى الطاولة، سحبت هاتفها، وكتبت رسالة قصيرة.
"آدم، أريد مقابلتك."
لم تنتظر طويلًا. ردّ بعد دقائق.
"أين؟"
"في المقهى القريب من المستشفى. بعد ساعة."
عندما دخل آدم المقهى، لم يكن يبدو متفاجئًا برؤيتها، لكن في عينيه ظهر شيء… مزيج من الحذر والاستفهام.
جلس أمامها بصمت، ونظر إليها كما لو كان يراها لأول مرة بعد زمن طويل.
_جين لم تبتسم. لم تحاول حتى أن تبدو بخير._
— "كيف حالكِ؟" سألها بصوت هادئ.
نظرت إلى كوب القهوة أمامها، ثم إليه.
— "لن أضيّع وقتك، آدم." قالت بهدوء، ثم وضعت أمامه ظرفًا صغيرًا.
لمس الورق بأطراف أصابعه 
— "جين، ما هذا؟"
رفعت عينيها إليه، نظرتها كانت مستقرة، ثابتة بطريقة لم يكن يتوقعها.
— "أوراق الطلاق."
صمت. للحظة، بدا وكأنه لم يسمعها بشكل صحيح، ثم فتح الظرف وسحب الأوراق. عينيه مرّتا على الكلمات المكتوبة، لكن شفتيه ظلتا مغلقتين.
— "جين، هل هذا حقيقى؟ 
ضحكت ضحكة صغيرة، بلا مرح قبل أن تردف 
— "لا تسألني وكأن الأمر مفاجئ لك، آدم. نحن انتهينا منذ وقت طويل. أنا فقط أضع نهاية رسمية لهذا كله."
أغلق الملف ببطء، ثم نظر إليها بجدية.
— "لماذا الآن؟"
شعرت بحرارة في صدرها، لكنها حافظت على هدوئها.
— "لأنني لم أعد أريد أن أعيش كظل، كخيار مؤجل، كشيء يمكن تركه جانبًا دون أن يؤثر على حياتك.
لأنني استحق أن أكون أكثر من مجرد ذكرى في عالمك، وأنت لم تعد في عالمي بعد الآن."
آدم لم يرد. عيناه كانت تقرآن ملامحها، وكأنهما تبحثان عن تردد، عن شك، عن لحظة ضعف قد تجعله يوقفها. لكنه لم يجد شيئًا.
جين نهضت، وضعت معطفها بهدوء، ثم دفعت الأوراق نحوه مجددًا.
— "وقّعها، آدم. لا أريد شيئًا منك، فقط هذا."
نظرت إليه نظرة أخيرة، تلك النظرة التي كانت تحمل وداعًا صامتًا لكل شيء كان بينهما، ثم استدارت ومشت نحو الباب.
هذه المرة، لم تنتظر أن يناديها.، لأنها عرفت أنه لن يفعل
وحتى لو فعل لن تلتفت نحوه
فى الخارج بدت لها الشوارع التى مشت فيها للتو غريبه عنها
كان تستطلع وجوه الناس كأنها تخشى ان يكون أحد يعرف ما يحوى ذلك المظروف آلقابع فى يدها
لاشيء سهل على الأطلاق حتى إلذى نرغب به ونسعى له بقوة يفقد قيمته عندما يصبح بين ايدينا
اسدلت جين الستارة على قلبها الذى ينبض بعنف، كشراعه منزل تطل على شارع مترب...
يتبع
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لم تنظر جين خلفها وهي تخرج من المقهى، ولم تشعر بأي شيء حين أغلقت الباب خلفها.
لم يكن هناك ارتجاف، لا لحظة تردد، لا وخزة ندم.
فقط صمت داخلي ثقيل، أشبه بصفحة فارغة بعد انتهاء قصة طويلة.
عندما عادت إلى شقتها، لم تفعل شيئًا سوى الجلوس على الأريكة والتحديق في الجدران. لا دموع، لا أفكار متلاحقة، فقط هدوء غريب كأن عقلها قد قرر أخيرًا منحها استراحة من كل شيء.
مرت الأيام ببطء، لكنها لم تتوقف،كانت تستيقظ كل صباح، تعدّ فنجان قهوتها، تفتح نافذتها، ثم تحاول أن تتذكر كيف كانت حياتها قبل أن يصبح آدم جزءًا منها. لكنها لم تستطع.
بعد أسابيع، التقت به صدفة. لم يكن مخططًا، لم تكن مستعدة له، لكنها لم تهرب.
كان يسير مع راما، يدفع عربة طفلهما، بينما كانت هي تخرج من متجر صغير، تحمل كيسًا ورقيًا مليئًا بأغراض لا تتذكر حتى لماذا اشترتها. 
عيونهما التقت لثوانٍ، كأن الزمن تجمّد للحظة خاطفة بينهما، 
آدم فتح فمه لقول شيء، لكن جين سبقته.
— "مساء الخير، آدم."
قالتها بنبرة هادئة، طبيعية، وكأنهما مجرد شخصين يعرفان بعضهما معرفة عابرة.
أغلق فمه، أومأ برأسه، ثم قال:
— "مساء الخير، جين."
راما كانت تنظر بينهما، نظرة فضول أو ربما راحة، لا يهم،
فبعض الناس لا تشعر بالسعاده الا على حساب راحة الأخرين
ارعشت جين شعرها لم تكن فى احسن حالاتها لكن الابتسامه لم تفارق وجهها، ليس عناد او غيره بل لأنها كانت كذلك
 ألقت جين نظرة أخيرة على الطفل النائم في عربته، ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة، مجرد رفع بسيط لزاوية شفتيها، واستدارت لتكمل طريقها. 
في الليالي التي تلت ذلك اللقاء، لم تعد تستيقظ فزعًا، لم يعد قلبها ينبض بقوة وكأنها تنزف من الداخل كان هناك ألم، نعم، لكنه أصبح مجرد صوت خافت، كأن جرحها أصبح ندبة قديمة لم تعد تؤلمها إلا حين تلمسها دون قصد.
ومع الوقت، بدأت جين تستعيد نفسها، لم تكن بحاجة إلى معجزة أو حب جديد أو لحظة اكتشاف عاطفية،فقط بدأت تفهم أنها لم تكن بحاجة إلى أن تكون "جزءًا" من حياة أحد لتشعر بأنها موجودة.
وفي يومٍ ما، حين فتحت نافذتها، شعرت بشيء لم تشعر به منذ زمن طويل.
الهواء كان باردًا، لكنه لم يكن مؤلمًا.
كان نقيًا.
وكانت تتنفس أخيرًا.
البعض يستسلم والبعض ينهض من جديد، ربما يعتبر شيء عبثيآ ولكن الأهم ان تعيش الحياه التى كنت ترغب بها
سواء نائم او تركض خلف الحياه أفعل ما يجعلك سعيد
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في الأيام التي تلت ذلك، بدأت جين تفكر بجدية في حياتها بعد الطلاق ليس من باب الهروب، بل من باب إعادة البناء. كانت قد اعتادت أن تكون جزءًا من قصة تتمحور حول آدم، والآن وجدت نفسها في بداية فصل جديد، فصل لا يحمل اسمه.
لم يكن الأمر سهلاً، الوحدة كانت ثقيلة في بعض الليالي، لكنها لم تعد تخيفها كما من قبل كان هناك شعور مختلف، ليس سعادة تمامًا، لكنه ليس بؤسًا أيضًا،شيء يشبه السلام، أو على الأقل محاولة للوصول إليه.
شعور مزعج ان تنام وتستقيظ وانت تعرف ان لا أحد يهتم
ان تكون مريض او حتى بصحه جيدة. 
العودة إلى العمل
لم يكن الأمر سهلًا في البداية. نظرات البعض كانت تلاحقها، ليست شفقة بقدر ما كانت فضولًا.
البعض تساءل همسًا كيف يمكن لامرأة أن تنفصل عن زوجها بهذه البساطة، كيف يمكنها أن تتابع حياتها دون أن تنهار
كانو يلقون الأحكام عليها كأنها مجرمه 
لكن جين لم تكن تفكر في ذلك، كان لديها ما يكفيها من المعارك الداخلية، ولم تكن مستعدة لخوض معارك مع المجتمع أيضًا.
عادت إلى عملها في الشركة ولكن ليس بنفس الدور، لم تكن تلك المرأة التي اعتادت أن تكونها، لم تعد تسعى لإثبات شيء لأي أحد، لم تعد بحاجة إلى أن تكون "الأفضل" أو أن تكسب إعجاب أحد.
عملت بجد، بصمت، وأثبتت نفسها بطريقة مختلفة هذه المرة—ليس لأنها بحاجة إلى التقدير، بل لأنها أرادت بناء شيء لنفسها، شيء لا يعتمد على أي شخص آخر.
لم تكن جين ساذجة، كانت تعرف أن لقب "مطلقة" سيجعل البعض يضعونها في خانة معينة.
في الاجتماعات العائلية، كانت هناك نظرات خفية، أسئلة غير مباشرة، محاولات لتقديم "حلول" وكأن حياتها أصبحت مشكلة يجب إصلاحها.
— "هل تفكرين في الزواج مجددًا؟"
— "ما زلتِ صغيرة، لماذا لا تحاولين إعطاء الحب فرصة أخرى؟"
لكن أكثر ما أثار استغرابها لم يكن تلك التعليقات، بل الصمت أحيانًا. كأن البعض لم يعرف كيف يتعامل معها بعد الآن. لم تكن زوجة، لم تكن أمًا، لم تكن جزءًا من القالب الذي توقعه الناس لها.
لكن جين لم تحاول تفسير ذلك أو تغييره. لم تكن بحاجة إلى تبرير حياتها لأحد.
لم تكن جين قوية لأنها تحدت المجتمع أو أثبتت شيئًا ما، بل لأنها تعلمت كيف تكون سعيدة وحدها.
في بعض الأيام، كانت تشعر بالوحدة، وفي بعض الليالي، كان الحزن يعود بصمت، لكنه لم يعد يستهلكها كما كان من قبل.
كانت تعمل، تخرج، تضحك مع زملائها، تقرأ كتبًا، تذهب إلى السينما وحدها، تملأ أيامها بأشياء بسيطة، لكنها حقيقية.
بدأوا يرونها كما هي: امرأة تعيش حياتها، بكل ما فيها من تحديات وخيارات… دون اعتذار.
رمت نفسها في العمل، ليس كوسيلة للنسيان، بل كطريقة لاستعادة إحساسها بذاتها، لم تعد ترى الصباحات كأوقات فارغة، بل كفرص جديدة. بدأت تأخذ مشاريع أكثر، تخرج من مكتبها، تقابل أشخاصًا جددًا
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لم يكن التعافي رحلة قصيرة أو سهلة، لكنه كان حقيقيا، جين لم تستيقظ في صباحٍ ما فجأة خالية من الألم، بل كان الشفاء عملية بطيئة، تتسلل إليها في تفاصيل يومها دون أن تشعر.
في البداية، كان الأمر مجرد محاولات: أن تنهض من السرير دون أن تفكر كثيرًا، أن تنهي يوم العمل دون أن تتساءل عما كانت ستفعله لو كانت حياتها مختلفة، ثم شيئًا فشيئًا، بدأت تلاحظ الفرق—لم يعد قلبها يثقلها عند ذكر اسمه، ولم تعد نظرات الفضول من حولها تثير بداخلها أي شعور.
بدأت تستعيد لياقتها البدنية، تذهب إلى صالة الرياضة بانتظام، ليس لهدف معين، بل لأنها أرادت أن تشعر بالقوة في جسدها كما بدأت تشعر بها في داخلها، أصبحت تستمتع بمشيها الصباحي قبل الذهاب إلى العمل، تعتاد على روتين جديد لم يكن مرتبطًا بأي أحد سواها.
في العمل، بدأت جين تبني سمعة مختلفة عن تلك التي كانت تمتلكها في الماضي، لم تكن مجرد الموظفة المجتهدة التي تريد إثبات نفسها، بل أصبحت الشخص الذي يعتمد عليه الآخرون، الذي يعرف كيف يدير الأزمات بهدوء، الذي لا يخشى تحمل المسؤولية.
لم يكن هناك إنجاز ضخم واحد يثبت نجاحها، بل سلسلة من الخطوات الصغيرة: عروض ناجحة، قرارات دقيقة، اجتماعات خرجت منها وهي تشعر بأنها سيطرت على الأمور تمامًا.
لم يكن الأمر سعيًا وراء إثبات شيء، بل كان تعبيرًا عن ذاتها، عن القوة التي وجدتها بعد أن ظنت أنها فقدتها.
بدأت تحصل على فرص أفضل، ترقيات لم تطلبها لكنها استحقتها، وصوتها أصبح مسموعًا أكثر في الاجتماعات، لم تعد تلك المرأة التي يشعر الآخرون بالشفقة عليها، بل أصبحت امرأة يحترمونها، يعترفون بقدراتها دون الحاجة إلى أي سياق آخر يفسر وجودها.
لم تكن جين تبحث عن حب جديد، ولم تكن ترفضه أيضًا. لكنها عرفت هذه المرة أن الحب، إن أتى، يجب أن يكون إضافة لحياتها
كانت تخرج مع أصدقائها، تسافر في عطلات قصيرة، تملأ وقتها بما يجعلها سعيدة، وليس بما يُشغلها عن الفراغ.
وفي أحد الأيام، بينما كانت تمشي في أحد شوارع المدينة، شعرت بنسمة هواء باردة على وجهها، وأدركت أنها لم تعد تفكر بالماضي بنفس الطريقة لم يعد يطاردها، لم يعد يشكل هويتها.
كان مجرد جزء منها—لكنه لم يكن كل شيء.
كان مساءً هادئًا عندما قررت جين الخروج إلى المقهى الذي اعتادت الذهاب إليه، ليس لسبب محدد، بل لمجرد رغبتها في الجلوس مع كتابها وكوب القهوة المعتاد.
 لم تكن تبحث عن شيء، لم تكن تنتظر أحدًا، لكنها لم تكن تعلم أن بعض اللحظات تأتي دون دعوة، تمامًا كما حدث تلك الليلة.
عندما دخلت المقهى، كان مزدحمًا أكثر من المعتاد، بحثت عن طاولة فارغة، لكن لم يكن هناك سوى مقعد واحد متاح بجانب شخص بدا منشغلًا في حاسوبه المحمول. ترددت للحظة، لكنها تقدمت وسألته بهدوء:
— "هل يمكنني الجلوس هنا؟"
رفع رأسه، نظر إليها لثوانٍ قبل أن يبتسم بلطف ويغلق حاسوبه قليلاً.
— "بالطبع، تفضلي."
شكرته وجلست، لم تكن تنوي التحدث، لكنها لاحظت أنه كان يرسم على دفتر صغير بجانبه، لم تكن رسومات عادية، بل خطوط دقيقة، حادة، تحمل نوعًا من الدقة التي لفتت انتباهها، لم تستطع منع نفسها من التعليق:
— "رسوماتك جميلة… تبدو وكأنها تصاميم هندسية أكثر من مجرد رسومات."
ابتسم، وأدار الدفتر نحوها قليلًا.
— "أنتِ قريبة جدًا من الحقيقة. أنا مهندس معماري، وهذه مجرد أفكار أولية لمشروع أعمل عليه."
نظرت إلى التفاصيل في رسمه، كانت هناك عناية واضحة بكل خط، بكل ظل، لم تكن تفهم كثيرًا في الهندسة، لكنها رأت الشغف في الطريقة التي يتحدث بها.
— "هذا واضح… يبدو أنك تحب عملك."
ضحك بخفة، ثم قال:
— "أحبه كثيرًا، لكنه لا يتركني وشأني حتى عندما أقرر أخذ استراحة."
لم تكن جين معتادة على الانخراط في محادثات مع الغرباء، لكن هناك شيء في أسلوبه جعل الأمر سهلًا، لم يكن يحاول إثارة إعجابها، لم يكن متصنعًا، فقط شخص يتحدث عن شيء يحبه.
بعد بضع دقائق، نظر إليها وقال:
— "أنا أدرك أن هذا قد يكون غريبًا، لكن… بما أنكِ منحتِني رأيك في رسمي، هل يمكنني أن أعرف اسمك؟"
ترددت للحظة، لكنها لم تجد سببًا للرفض.
— "جين."
مدّ يده بابتسامة واثقة:
— "تشرفت، جين. أنا بدر 
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
صافحته بسرعة قبل أن تسحب يدها، لكنه لم يُظهر أي انزعاج من حذرها.
في تلك الليلة، لم يكن هناك شيء درامي، لم يكن هناك شيء يشبه الأفلام الرومانسية. كان مجرد لقاء بسيط، مصادفة غير متوقعة، لكنها غادرت المقهى وهي تفكر أنه ربما، فقط ربما، هناك أشياء جميلة يمكن أن تحدث دون أن تخطط لها.
ومع الأيام، وجدت بدر  يحاول الاقتراب منها… ليس بإلحاح، بل بصبر واهتمام، وكأن الأمر بالنسبة له لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل بداية شيء قد يكون مختلفًا.
لم يكن بدر رجلاً يندفع نحو العواطف بسهولة،كان يفكر دائمًا قبل أن يسمح لأي شخص بالاقتراب منه أكثر مما ينبغي،ربما كان ذلك بسبب تجاربه السابقة، أو ربما لأن قلبه تعلّم أن يكون حذرًا حتى لا يُكسر مرة أخرى.
في ماضيه، لم يكن الحب غائبًا، لكنه لم يكن رحيمًا أيضًا،كان قد أحب مرة، حبًا ظنّه ثابتًا، لكنه انتهى على غير ما توقع. كانت هناك خيبات، كانت هناك وعود لم تصمد أمام الزمن. ليس لأنه لم يكن كافيًا، بل لأن البعض لا يعرفون كيف يبقون، مهما قدمت لهم.
لهذا، عندما بدأ يلاحظ جين، عندما بدأ يشعر بشيء مختلف وهو يتحدث معها، كان الأمر مربكًا بالنسبة له، لم يكن معتادًا على أن يأخذه الإعجاب بهذا الشكل، لم يكن معتادًا على أن يجد نفسه يتطلع للقاء شخص ما دون أن يدرك متى بدأ ذلك.
كانت جين مختلفة. لم تكن تحاول لفت انتباهه، لم تكن تبحث عن شيء، لكنها كانت ببساطة هي… وهذا ما أبهره.
في كل مرة كان يلتقي بها، كان يراها تتصرف بطبيعتها، دون تصنع أو محاولات لإثارة الإعجاب،لم تكن تحاول إثبات شيء لأي أحد، وكانت هذه الثقة الصامتة أكثر ما جذبه إليها.
رآها امرأة عاشت ما يكفي لتعرف أن الحياة لا تنتظر أحدًا، لكنها رغم ذلك لم تفقد قدرتها على الاستمتاع بها. كان يرى في عينيها بقايا حزن قديم، لكنه لم يكن حزنًا يُغرق، بل حزن امرأة تعلّمت كيف تسبح ضد التيار.
وبدون أن يشعر، وجد نفسه يريد أن يعرفها أكثر، ليس لأنه كان يبحث عن حب جديد، بل لأنه شعر بأن هناك شيئًا فيها يستحق أن يُكتشف.
لكن الحذر لم يتركه بسهولة،كان يخشى أن يعيد نفس الأخطاء، كان يخشى أن يدخل إلى شيء قد ينتهي كما انتهى كل شيء من قبل.
لكن مع جين، بدأ يدرك أن الخوف ليس دائمًا سببًا كافيًا للتراجع.
وأكثر ما كان يخيفه… أنه لم يكن متأكدًا إن كان يريد التراجع أصلًا.
لم تكن جين امرأة يسهل إبهارها، ولم تكن مستعدة لفتح قلبها مجددًا بعد كل ما مرّت به، الطلاق لم يكن مجرد انفصال عن آدم، بل كان قطيعة مع فكرة الحب كما عرفتها من قبل.
لقد عرفت ما يعنيه أن تبني عالمك حول شخص ثم تراه ينهار، عرفت كيف يكون الحب جميلًا في البداية، ثم يصبح مع الوقت شيئًا آخر، شيئًا مؤلمًا، شيئًا يشبه الخيبة أكثر مما يشبه السعادة.
لهذا، عندما بدأ بدر يقترب منها، شعرت بالقلق أكثر مما شعرت الإعجاب، لم يكن الأمر متعلقًا به كشخص، بل بها هي… بمخاوفها، بجروحها التي لم تندمل بالكامل، برغبتها في أن تعيش حياتها دون أن تربط مصيرها مرة أخرى بشخص قد يرحل يومًا ما.
كانت تعرف أن بدر مختلف، كانت تراه بوضوح، تلاحظ حذره هو الآخر، تلمح في عينيه شيئًا مألوفًا، كأنه يفهم تمامًا لماذا تخشى أن تخطو خطوة أخرى في هذا الاتجاه.
لكنها لم تكن مستعدة، لم تكن تريد خوض علاقة لم تكن واضحة، لم تكن تريد شيئًا بلا إطار رسمي، بلا التزام حقيقي، بلا يقين.
— "أنا لا أبحث عن شيء مؤقت، بدر."
قالتها بهدوء ذات مساء، عندما لمح بطريقة غير مباشرة أنه يودّ قضاء المزيد من الوقت معها، أن يتعرف عليها أكثر.
نظر إليها بصمت للحظات، كأنه كان يتوقع هذه الكلمات، لكنه لم يعرف كيف يرد عليها فورًا. ثم قال بصوت هادئ:
— "ولا أنا."
لكن حتى هذه الإجابة لم تكن كافية لتهدئة مخاوفها. لأنها لم تكن تخشى فقط أن تقع في حب شخص قد لا يكون مستعدًا لها بالكامل، بل كانت تخشى أن تقع في الحب مرة أخرى، بكل ما يحمله ذلك من احتمالات الألم.
لهذا، حاولت أن تضع مسافة، أن تبقي الأمور في إطار الصداقة، أن تتجاهل كيف يجعلها وجوده أكثر راحة، كيف تشعر معه بشيء لم تشعر به منذ زمن طويل… بشيء يشبه الأمان.
لكن ما لم تكن تدركه، أن بعض المشاعر لا يمكن تجنبها إلى الأبد.
لم يكن بدر رجلاً يندفع نحو القرارات الكبيرة بسهولة، كان يفكر طويلًا، يحلل الأمور، يتريث قبل أن يخطو خطوة قد تغير مسار حياته،الحب لم يكن فكرة سهلة بالنسبة له، بل كان شيئًا معقدًا، محفوفًا بالمخاطر.
لقد رأى كيف يمكن للعلاقات أن تنهار رغم البدايات الجميلة، رأى كيف يصبح الشغف صمتًا، وكيف يتحول الارتباط إلى عبء إذا لم يكن قائماً على أسس قوية، لم يكن يريد الوقوع في هذا الفخ، لم يكن يريد أن يخسر نفسه في علاقة غير واضحة، أو أن يصبح جزءًا من قصة أخرى تنتهي بالخذلان.
لكن جين… كانت مختلفة.
كانت حذرة مثله، مترددة كما هو، تخشى الحب لكنها في الوقت نفسه تترك أثرًا لا يُمحى. لم تكن تحاول لفت انتباهه، لكنها فعلت. لم تكن تسعى لتكون مميزة في نظره، لكنها كانت.
معها، لم يكن بحاجة إلى الأقنعة، لم يكن مضطرًا لإثبات أي شيء. كان يستطيع أن يكون هو، ببساطته، بحذره، بكل شيء يحمله داخله من مخاوف وطموحات.
ومع الوقت، أدرك أنه لا يريد أن يفقدها.
لهذا، رغم كل تردده، رغم كل المخاوف التي لم تختفِ تمامًا، وجد نفسه يتخذ قراره أخيرًا.
في إحدى الأمسيات الباردة، عندما كانا يجلسان معًا في مقهى صغير، ينظران إلى الشارع المزدحم أمامهما، قال بصوت هادئ لكنه ثابت:
— "جين، أريد أن أتزوجك."
رفعت عينيها إليه ببطء، وكأنها لم تكن متأكدة مما سمعته للتو. كانت تعلم أن بدر لم يكن رجلاً يلقي بالكلمات عبثًا، وأن هذه الجملة لم تخرج منه بسهولة.
لكنها أيضًا شعرت بشيء آخر… خوفها.
التفتت إلى نافذة المقهى، راقبت الأضواء المنعكسة على زجاجها، ثم همست:
— "بدر… أنا خائفة."
أومأ برأسه، كأنه توقع هذه الإجابة.
— "وأنا أيضًا." قالها بصراحة، دون محاولة إخفاء الحقيقة.
التفتت إليه، نظرت في عينيه، ورأت فيهما انعكاسًا لمخاوفها، لكنه لم يكن تراجعًا، لم يكن ضعفًا. كان إدراكًا أن الحب ليس مجرد لحظة شغف، بل قرار.
— "لكننا لن نعرف أبدًا ما ينتظرنا إذا لم نحاول، أليس كذلك؟" تابع بصوت هادئ لكنه يحمل يقينًا لم يكن موجودًا من قبل.
صمتت للحظات، ثم زفرت ببطء، كأنها تحاول طرد مخاوفها مع أنفاسها.
ثم، أخيرًا، رفعت عينيها إليه وقالت بصوت خافت، لكنه كان يحمل في طياته بداية جديدة:
— "فلنحاول إذًا."
بعد ثلاثة أيام كانت جين فى طور التفكير وصلتها رساله غريبه من راما
اريد ان القاك باقصى سرعه يا جين لأمر هام
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ألقت جين الهاتف على الطاوله، ثم بدر منها شبح ابتسامة
الم يكفيها ما فعلته حتى الآن؟
اعادت جين الهاتف ليدها وقامت بحذف رقمها ورقم ادم
بعدها شعرت بأرتياح فائق، يشبه دخول الحمام بعد ساعات من اللف فى الشوارع
كان بدر لازال يلح عليها وكانت تحتاج للتفكير بعمق وهدوء
وصلتها رساله أخرى من راما
لدى كلام عليك أن تسمعيه قبل أن تتخذى اى خطوة متهوره
ادم تعبان من الممكن أن يفعل شيء فى نفسه، هعمل كل إلى انتى عايزاه 
تنهدت جين بغضب، كيف وصل الخبر إلى راما؟
راما تراقبنى؟
لا يموت الحب المنتحر يرعى على جنبات الطرق بين حشائش الحلفه والغبيرة واللبينه
كتبت جين رساله سريعه، غدا فى مقهى براما الجانبى....
وصلت جين متأخره عن موعدها وجدت راما فى المقهى تحتسى القهوة
جلست جين
خير ان شاء الله؟
صبرك؟ همست راما بعفويه تشربى ايه
معنديش وقت يا دكتوره راما لو عندك حاجه يا ريت تنجزى بسرعه
بصى يا ستى ادم بعد طلاقك منه حاله تبرجل مبقاش كويس خالص عصبى على طول وخس وحياته بقت صعبه
وانا مالى يا راما، دا جوزك حاولى تحتويه
جين؟ همست راما، ادم مش قادر يتخطاكى، علشان ادم
لازم ترجعى لادم تانى
نرجع نعيش مع بعض زى زمان
اسفة، رفعت جين ايدها، مش هينفع
ليه؟
لأنى هتجوز قريب يا راما
تتجوزى؟!؟ فتحت راما فمها
ببرود قالت جين ايوه وياريت من فضلك متحاوليش تتواصلى معايا تانى
انا عايزه انسى كل حياتى المقرفه الماضيه
يعنى مفيش آمل يا جين؟
لا
راما طيب فكرتى كويس فى قرارك ده؟
دى حاجه تخصنى ملكيش دعوه بيها
انا خايفه عليكى يا جين، مش كل الرجاله زى ادم هيقبلوكى على عيبك، محدش هيستحمل حالتك
الا لو اتجوزتى راجل مجوز ومعاه عيال، مش عايز خلفه يعنى
هو خطيبك دا يعرف الحقيقه؟ 
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
شكرا للنصيحه، ابتسمت جين وغادرت المقهى لكن صدرها كان يحترق
ماذا لو لم استطع ان امنحه ما يرغب به؟
ليه أظلم بدر معايا
نعم كان هناك آمل أن تحمل وتنجب لكنه يظل آمل ضعيف
ربما راما محقه، بدر لابد أن يعرف الحقيقه
أخبرت جين بدر بمخاوفها، قالت قبل أن تتورط ان لا يمكننى ان انجب
عليك أن تعرف ما انت مقبل عليه يا بدر
ابتسم بدر، انا اقبلك هكذا جين، من منا يضمن مستقبلة او حاضره؟
من فضلك حددى موعد للزواج واتركى كل تلك التخيلات بعيد عنك
لم تكن جين قد تخيلت يومًا أنها ستدخل في علاقة جديدة، ناهيك عن الزواج مرة أخرى. ومع ذلك، ها هي الآن تخطو نحو حياة جديدة مع بدر، رجل لم يكن مجرد فرصة أخرى، بل كان اختيارها الواعي بعد كل ما مرّت به.
كان بدر عمليًا في تعامله مع فكرة الزواج، لم يكن يريد احتفالات ضخمة ولا ضجة اجتماعية، لكنه كان يحرص على أن يكون كل شيء مريحًا لجين. أما هي، فقد أرادت زواجًا بسيطًا، بلا مظاهر زائدة ولا ضغوط عائلية.
عندما بدأت جين في البحث عن فستان زفاف، لم يكن الأمر كالسابق
. لم تكن تبحث عن الفستان المثالي لإبهار الجميع، بل كانت تبحث عن شيء يعكس بساطتها وراحتها. وجدت فستانًا ناعمًا بلون عاجي، بتصميم أنيق دون بهرجة زائدة، وحين جربته أمام المرآة، رأت نفسها مختلفة—امرأة اختارت حياتها بنفسها هذه المرة.
أما بدر، فلم يكن يكترث كثيرًا للتفاصيل. كل ما أراده هو أن يرى جين سعيدة.
كان الزفاف صغيرًا، مقتصرًا على العائلة والأصدقاء المقربين، في حديقة مفتوحة بأضواء ناعمة وديكورات بسيطة. لا ضجيج، لا حشود ضخمة، فقط دفء وراحة.
في يوم الزفاف، كانت جين واقفة أمام المرآة، تتأمل نفسها قبل أن تبدأ خطوة جديدة في حياتها. لم يكن هناك قلق هذه المرة، بل كان هناك شعور غريب بالطمأنينة.
عندما مشت نحو بدر، لم يكن هناك رهبة، بل شعرت بأنها تسير نحو مستقبل لم تعد تخاف منه.
أمسك بدر يدها بلطف وهمس لها وهو ينظر في عينيها:
— "هل أنتِ مستعدة؟"
ابتسمت جين، لم تتردد هذه المرة، وقالت بصوت ثابت:
— "نعم، أنا مستعدة."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
بدأت جين حياتها الجديدة مع بدر بشيء من الحذر، ليس منه، ولكن من نفسها.
كانت تخشى أن يعيدها الزواج إلى دوامة الألم القديمة، أن تستيقظ ذات يوم فتجد نفسها وحيدة من جديد، أو أن تكتشف أنها لم تكن مستعدة لهذه الخطوة.
بدر كان صبورًا معها، لم يطالبها بشيء، لم يضغط عليها، بل منحها الوقت لتتأقلم مع وجوده في حياتها.
بدا الأمر كنجمتين فى أقصى قطبى الأرض تحاول كل واحده منهم الوصول إلى الآخر 
 كان يشعر بحذرها لكنه لم يواجهها به مباشرة، بل اكتفى بأن يكون بجانبها، صبورًا، متفهّمًا لصمتها، لشرودها أحيانًا، لارتباكها عندما يقترب منها أكثر مما تحتمل.
كانت الليالي الأولى غريبة، ليست كالأفلام التي تتحدث عن شغف البدايات، بل كانت أكثر واقعية، وأكثر هدوءًا مما توقعت جين لم تكن خائفة من بدر كشخص، بل كانت خائفة من أن تكون غير قادرة على منحه كل ما يستحقه.
وفي إحدى الليالي، بعد مرور أسابيع على زواجهما، كانا يجلسان سويًا في الشرفة، صامتين، يشربان الشاي نظر بدر إليها وسألها بهدوء:
— "أنتِ خائفة، أليس كذلك؟"
لم تحاول الإنكار. تنهدت، أبعدت عينيها عنه وهمست:
— اجل خائفه 
رفع حاجبه بسؤال صامت، فأكملت:
— "أنا لا أعرف كيف أكون زوجة جيدة، لا أعرف كيف أفتح قلبي مجددًا، لا أعرف إن كنت قادرة على أن أعطيك كل ما تحتاجه…"
أمسك يدها برفق كأنه يخشى أن يفزعها، وقال:
— "جين، أنا لم أتزوجك لأضعك في اختبار، ولم أفعل ذلك لأنني أبحث عن صورة مثالية للزواج، أنا تزوجتك لأنني أحبك، وأريد أن أكون معك، كيفما كنتِ."
نظرت إليه، لأول مرة منذ فترة طويلة شعرت بأن أحدهم يراها كما هي، بكل ندوبها، بكل خوفها، بكل ماضيها، ولم يحاول أن يغيرها.
ابتلعت ريقها وهمست بصوت مرتجف:
— "وأنا… أريد أن أحاول."
كان هذا كل ما احتاجه بدر منها ليس وعدًا، ليس يقينًا، فقط استعدادها للمحاولة.
وفي تلك الليلة، لأول مرة، لم تشعر بالخوف عندما نامت إلى جانبه.
استيقظت جين في الصباح التالي وهي تشعر بشيء غريب، إحساس لم تعهده طوال عمرها، لم يكن فرحًا كاملاً، لكنه أيضًا لم يكن ذلك الحزن العميق الذي اعتادت عليه.
كان هناك هدوء ما، كأن روحها توقفت عن الصراع للحظة، كأنها كانت تسبح طوال عمرها ضد تيار جارف، والآن وجدت نفسها أخيرًا تطفو فوق الماء دون خوف من الغرق.
ظلت مستلقية للحظات على ظهرها تنظر إلى السقف، تحاول استيعاب هذا الشعور الجديد والغريب والممتع احيانا
لم تكن متأكدة إن كان ارتياحًا، أم مجرد تعب من المقاومة. هل كانت مستعدة لهذه الحياة الجديدة؟ أم أنها فقط استسلمت لما هو قادم؟
استدارت قليلًا، فرأت بدر مستغرقًا في النوم بجانبها، أنفاسه هادئة، ملامحه مستقرة كأن لا شيء في العالم قادر ان  يعكر صفوه.
تأملته بصمت، شعرت بشيء يشبه الامتنان، لكنه كان ممتزجًا بحذر قديم لا تستطيع التخلص منه بسهولة.
وضعت يدها فوق صدرها، حيث كان قلبها ينبض ببطء، لم يكن ينبض بجنون كما اعتادت عندما كانت تحب آدم، لم يكن يضرب بعنف، لم يكن يصرخ، كان ينبض بهدوء، وكأن شيئًا ما بداخله قد تغيّر.
نهضت من السرير ببطء، سارت نحو النافذة، فتحتها قليلًا، فدخل هواء الصباح البارد أغمضت عينيها للحظة، استنشقت الهواء العذب، وهمست لنفسها بصوت خافت:
— "أنا هنا… وما زلت على قيد الحياة."
لم تكن تعرف ما الذي تعنيه هذه الكلمات بالضبط، لكنها شعرت أنها خطوة ! خطوة صغيرة، لكنها لها.
عندما افرح اركض بكل قوتى هربآ من الحياه، اتوارى داخل الازقه المظلمه بعيد عن عيونها، اتسكع فى اماكن لا يمكنها توقعها، احتفظ بفرحتى أكبر قدر ممكن قبل أن تسلبها منى.
في مساء هادئ، كانت جين تجلس على الأريكة، تحتسي كوبًا من الشاي بهدوء، عندما رن هاتفها، نظرت إلى الشاشة، فتجمدت أناملها للحظة كان اسم آدم يلمع أمامها، كذكرى غير مرحب بها.
ضغطت زر الرفض دون تردد، لكن الهاتف رن مجددًا تجاهلته، ثم رن مرة ثالثة، شعرت بغضب مكتوم، فكتبت له رسالة قصيرة:
"لا تتصل بي مجددًا. احترم حياتي الجديدة."
لكن آدم لم يستسلم بسهولة. وصلت رسالة أخرى منه بعد لحظات:
"أحتاج أن أتحدث معك، الأمر مهم."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ضغطت جين على الهاتف بقوة، تشعر بنبضات قلبها تتسارع  لم يعد هناك شيء مهم بينهما، لم يعد له حق في اقتحام حياتها.
كتبت له بوضوح:
"أي شيء تود قوله، احتفظ به لنفسك. أنا امرأة متزوجة الآن، ولا أريد أي تواصل بيننا، لا تكرر المحاولة."
لا تعرف جين ان الرجل يركض خلف الانثى التى ترفضه أكثر من التى ترغبه وكلاهما يستحق الصفع فى لحظة ما 
أرسلت الرسالة، ثم حظرت رقمه  وضعت الهاتف جانبًا وأغلقت عينيها للحظة هذه المرة، كانت متأكدة أن الباب قد أُغلق إلى الأبد.
القى ادم الهاتف على الطاوله وهو يشعر بالخيانه، كانت داخله ثائر، كيف تلقى بنفسها فى حضن رجل اخر؟ كيف استطاعت ان تفعل ذلك به؟
الذين يعدون ان يظلو بالجوار طول العمر هم أكثر الخائنين والمغادرين
اذا أخبرك أحدهم انه سيظل طوال عمره جوارك ولن يتخلى عنك
امنحه ابتسامه بارده فقد أعلن رحيله بالفعل
وضعت جين الهاتف بعيدًا عنها، وكأنها تضع ماضيها جانبًا. كانت تعلم أن آدم لن يجرؤ على تجاوز هذا الحد بعد الآن، لكنها لم تستطع إنكار الاضطراب الخفيف الذي شعرت به في صدرها.
لم يكن اشتياقًا، ولا حنينًا، بل كان مجرد شعور غريب، كأنها أغلقت نافذة قديمة ظلت مفتوحة لسنوات، فتغيرت رائحة الغرفة أخيرًا.
سمعت صوت خطوات خلفها، فالتفتت لترى بدر يقف هناك، ينظر إليها بقلق خافت.
— "كل شيء بخير؟"
ابتسمت له جين مطمئنة، لكنها لم تخبره عن مكالمة آدم. لا لشيء سوى لأنها لم تعد تهم.
اقترب بدر منها، يمد يده ليلمس وجنتها بلطف، وكأنه يحاول أن يطمئنها قبل أن يطمئن عليها.
— "كنتِ شاردة، هل هناك ما يزعجكِ؟"
هزت رأسها بابتسامة هادئة.
— "لا شيء، فقط أفكر."
— "في ماذا؟"
أخذت نفسًا عميقًا وهي تتكئ على صدره، تسمح لدفئه بأن يحيطها كما اعتادت منذ أن أصبحت زوجته.
— "في الماضي… وكيف انتهى كل شيء أخيرًا."
مرر بدر أصابعه في شعرها بلطف وهمس:
— 
رفعت رأسها لتنظر إليه، إلى الرجل الذي اختارها رغم كل شيء، والذي لم يطالبها يومًا بأن تكون شيئًا آخر غير نفسها
— "أحبكِ، جين."
شعرت بجدران قلبها، تلك التي بنتها لسنوات، تتشقق ببطء أمام دفء كلماته.
 لم تكن معتادة على أن تكون محبوبة بهذه الطريقة—بلا شروط، بلا مطالب، بلا خوف من الفقدان.
ابتسمت له أخيرًا، ابتسامة خفيفة لكنها صادقة، ثم همست:
— "وأنا أيضًا، بدر… أحبك."
في تلك اللحظة، أدركت جين أن الحب الحقيقي ليس ذلك الذي يجعلك تقاتل وتتمزق وتتوسل بل هو ذلك الذي يمنحك السلام.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
بدأت الأيام تتسلل بهدوء، مثل قطرات المطر التي تمحو آثار الغبار عن النوافذ، ومعها بدأت أطلال الماضي تتلاشى ببطء، تتراجع إلى الخلف، تبهت كصورة قديمة لم تعد تحمل نفس الثقل في قلب جين.
كان بدر مثل ضوء خافت في غرفة مظلمة، لم يجبرها على النسيان، لم يطلب منها أن تتوقف عن الشعور، لكنه كان هناك، دائمًا، بصبره الذي لا ينفد، بحضوره الذي لا يطالب بشيء سوى أن تكون كما هي.
لم يكن حبًا جامحًا، لم يكن صاخبًا مثل العواصف التي دمرت حياتها سابقًا، لكنه كان شيئًا أعمق—حبًا يشبه الجذور، يمتد بعمق، يمنحها ثباتًا لم تختبره من قبل.
كان يعاملها كأنها شيء ثمين، ليس لأنه خائف من فقدانها، بل لأنه يراها حقًا، يفهمها، يتقبلها.
"بدر، لماذا تحبني؟"
سألته ذات ليلة، وهي مستلقية إلى جانبه، تستمع إلى أنفاسه المنتظمة، وكأنها تحاول فهم هذا الحب الهادئ الذي منحها إياه.
ولأن المرأه بلا شك أكثر كائن على وجه الأرض يسأل لماذا تحبنى؟ فأن الاجابات المختصرة لا تفلح 
ابتسم، لم يتعجل في الرد، فقط أخذ يدها بين يديه وقبل أطراف أصابعها، ثم همس:
"لأنكِ أنتِ، لا أكثر ولا أقل." ثم اردف، اعتذر فأنا لست فالح فى قول الكلمات الجميله
في تلك اللحظة، أدركت أن الحب الحقيقي ليس في المحاولات المستميتة لإرضاء شخص آخر، ولا في الخوف من الرحيل، بل في أن تجد من يختارك كما أنت، دون أن تضطر إلى أن تكون نسخة مشوهة من نفسك.
ومع مرور الأيام، وجدت جين نفسها تتغير دون أن تدرك،
لم يعد الماضي يلاحقها بنفس الشراسة، لم تعد تستيقظ فزعة من كوابيس قديمة، لم تعد تشعر أن الحب معركة يجب أن تكسبها أو تخسرها.
لم تكن سعيدة طوال الوقت، لكنها كانت بخير، وكانت هذه المرة الأولى التي تشعر فيها أن "كونها بخير" كافٍ تمامًا.
أما آدم، فكان مجرد ظل تلاشى في الخلفية، لم يعد له مكان في قصتها، لم يعد اسمه يبعث أي رجفة في قلبها.
لقد كانت هنا، مع بدر، مع حاضرها، وأخيرًا، كانت مستعدة للمضي قدمًا.
مضت الأيام مع بدر في إيقاع هادئ لكنه ثابت، حياة لا تخلو من اللحظات الصغيرة التي تصنع الدفء، ولا من التحديات التي تكشف عن جوهر العلاقة بينهما.
لم يكن زواجًا مثاليًا، لم يكن كل شيء فيه سهلاً أو بسيطًا، لكن ما ميّزه هو أنه كان حقيقيًا، متزنًا، بعيدًا عن الدراما التي استهلكت التى تصور كل شيء ورديآ جدا لحد الازعاج 
كان بدر يستيقظ قبلها دائمًا، يحضر قهوته ويجلس على الشرفة يقرأ الجريدة أو يتأمل الشوارع الهادئة.
أحيانًا كانت جين تستيقظ على رائحة القهوة، فتجد نفسها تتجه نحوه دون تفكير، تجلس بجانبه بصمت، يتشاركان كوبًا واحدًا وهي لا تزال شبه نائمة.
لم يكن يزعجها بالكلام، فقط وجوده الهادئ بجانبها كان يكفي.
"كيف تنجح في أن تكون هذا الكائن الصباحي؟"
سألته ذات مرة وهي تتثاءب، فضحك وأجاب:
"وكيف تنجحين في أن تكوني بهذا البطء في الاستيقاظ؟"
لمحت في عينيه ذلك المزاح الخفيف الذي بدأ يدخل بينهما مع مرور الوقت، ذلك النوع من الألفة التي لا تحتاج إلى الكثير من الكلمات.
في بعض الليالي، كانا يجلسان في الشرفة يتحدثان عن كل شيء، وأحيانًا عن لا شيء، كانت جين تخبره عن طفولتها، عن الأشياء الصغيرة التي نسيتها منذ زمن، عن الكتب التي كانت تقرأها، عن الأيام التي شعرت فيها أنها تائهة.
وكان بدر يستمع، دائمًا يستمع، لم يكن يحاول أن يصلحها، أو يعيد تشكيلها، فقط كان هناك، يسمعها كما لم يسمعها أحد من قبل.
لم يكن بدر من النوع الذي يحب البقاء في مكان واحد لفترة طويلة. ذات يوم، استيقظت جين لتجده يحزم حقيبة صغيرة.
"إلى أين؟"
"رحلة قصيرة، نحتاجها."
لم يكن الأمر مخططًا له، ولم تكن بحاجة إلى سبب، فقط وجدت نفسها بعد ساعات في سيارة بصحبته، يستمعان إلى موسيقى قديمة، يضحكان، يقفان عند مطاعم صغيرة على الطريق، يتذوقان أطعمة جديدة.
كانت الرحلات معه مختلفة عن أي شيء عاشته من قبل، لم يكن يبحث عن الفخامة، ولم يكن يخطط لكل تفصيل، بل كان يترك للأشياء أن تحدث كما هي، وهذا ما أحبته جين فيه.
بالطبع، لم تكن الحياة دائمًا سهلة، كان هناك أيام تتشاجر فيها معه على أشياء صغيرة—نسيانه إطفاء الأضواء، أو تركه للصحف مكدسة في كل مكان، أو حتى طريقته في القيادة.
لكن أكثر ما كان يميز بدر هو أنه لم يكن يتشبث الخلافات، لم يكن يصر على الفوز بأي جدال، كانت جين أحيانًا تتوقع أن يحتد، لكنه كان يبتسم ويقول ببساطة:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
"حسنًا، لا بأس. لن أكررها."
وكان يكررها بالطبع وسيكررها، لكنها كانت تحب هذه الطريقة الهادئة التي يحل بها الأمور، دون صراخ، دون دراما زائدة.
لم يكن هناك لحظة محددة شعرت فيها أن حبها لبدر أصبح يقينًا، بل كانت سلسلة من اللحظات الصغيرة—عندما ضبطت نفسها تفكر فيه خلال يومها دون سبب، عندما أصبحت تعتاد على وجوده لدرجة أنها لا تتخيل الصباحات دونه، عندما شعرت أنه المكان الوحيد الذي تنتمي إليه.
لم يكن حبًا يشبه النيران التي تحرق كل شيء في طريقها، بل كان كالماء، يتسلل إلى كل جزء من حياتها بهدوء، دون أن تدرك متى بدأ بالضبط، لكنه كان هناك، وكان حقيقيًا.
وفي إحدى الليالي، بعد يوم طويل، جلست جين بجانبه على الأريكة، وضعت رأسها على كتفه، وأغلقت عينيها.
"أنا سعيدة."
لم تقلها باندفاع، لم تقلها لتقنع نفسها، بل لأنها شعرت بها حقًا.
أحاط بدر كتفيها بذراعه، قبل جبينها همس:
"وأنا أيضًا."
....... 
كان صباحًا هادئًا حين شعرت جين بوخزة خفيفة في معدتها، لم تهتم في البداية، لكنها ازدادت حدّة مع مرور الوقت. حاولت تجاهلها، ظنّت أنها مجرد إرهاق أو توتر بسيط، لكن الألم بدأ يتكرر على مدار الأيام التالية، أحيانًا مفاجئًا، وأحيانًا خفيفًا كظلّ لا يرحل.
في إحدى الليالي، كانت جالسة بجانب بدر تشاهد فيلمًا عندما شعرت بتقلص مفاجئ جعلها تضع يدها على معدتها دون وعي. لاحظ بدر ذلك على الفور.
"هل أنتِ بخير؟" سألها بقلق.
"مجرد ألم بسيط، لا تقلق."
لكن عينيه كانتا تقولان إنه لن يقتنع بسهولة.
"منذ متى تشعرين بهذا؟"
حاولت التهرب، لكنها عرفت أنه لن يتجاهل الأمر.
"منذ بضعة أيام... لكنه ليس شيئًا مهمًا."
نهض من مكانه وأمسك بيدها بلطف، لكنه كان حازمًا.
"غدًا صباحًا سنذهب للطبيب."
لم تجد في نفسها القوة لتجادله، فوافقت بصمت.
•••
في صباح اليوم التالي، جلست جين في غرفة الفحص، تشعر بغرابة الموقف، لم تتوقع أن تجد نفسها هنا بسبب شيء ظنّت أنه مجرد إرهاق عابر او عن ذلك المرض اللعين عاد إليها مره اخرى 
بعد الفحص، نظر الطبيب إليهما بابتسامة هادئة قبل أن يقول الجملة التي لم تتوقعها جين أبدًا:
"جين، أنتِ حامل."
شعرت كأن الغرفة بأكملها صمتت للحظة. نظرت إلى بدر الذي بدا وكأنه لم يستوعب الكلمات في البداية، ثم اتسعت عيناه بدهشة خالصة.
"أنا… ماذا؟" تمتمت جين وكأنها غير متأكدة مما سمعته.
ابتسم الطبيب وأعاد تأكيده بلطف:
"أنتِ حامل في أسابيعك الأولى. هذا هو سبب الأعراض التي شعرتِ بها."
لم تعرف جين بماذا تشعر. المفاجأة؟ الفرح؟ القلق؟ خليط غريب من كل شيء. نظرت إلى بدر مجددًا، فرأت كيف تحول وجهه من الدهشة إلى سعادة خالصة، كأن الكون كله انحصر في هذه اللحظة وحدها.
أمسك بيدها وضغط عليها برفق، وكأنه يخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام.
"هل أنتِ بخير؟" سألها بصوت هادئ، يراقب ملامحها بتركيز.
استغرقت لحظة قبل أن تبتسم أخيرًا، ابتسامة خفيفة لكنها مليئة بالدهشة، ووضعت يدها على معدتها كأنها تحاول استيعاب الحقيقة.
"أنا… لم أكن أتوقع هذا."
ضحك بدر، ضحكة دافئة خرجت من أعماقه، ثم مال ليقبل جبينها.
"ولا أنا… لكنه أجمل خبر سمعته في حياتي."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
في الأيام التي تلت الخبر، وجدت جين نفسها تعيش مشاعر لم تعهدها من قبل.
لم تكن مجرد سعادة عابرة، بل كان إحساسًا غامرًا يغمرها من الداخل، كأن شيئًا سحريًا استيقظ بداخلها، شيئًا لم تكن تعرف أنه كان مفقودًا طوال هذا الوقت.
للمرة الأولى منذ سنوات، شعرت جين أن جسدها لم يعد ساحة معركة، لم يعد مجرد ذكرى للآلام والخسارات، بل أصبح الآن وطنًا صغيرًا يحتضن حياة جديدة، حياة هي مسؤولة عنها، حياة تنمو بداخلها يومًا بعد يوم.
لم تستطع مقاومة رغبتها في لمس بطنها بين الحين والآخر، وكأنها تحاول أن تستوعب أن هناك كائنًا صغيرًا، جزءًا منها ومن بدر، يكبر هناك بصمت.
في البداية، كان الأمر غريبًا، شعورًا يشبه الدهشة أكثر من أي شيء آخر، لكنها سرعان ما وجدت نفسها تتعلق بفكرة الأمومة، تتعلق بطفلها القادم كما لو أنها كانت تنتظره طوال حياتها دون أن تدري.
•••
لم تكن جين من النوع الذي يخطط لكل شيء مسبقًا، لكنها وجدت نفسها تغرق في التفاصيل الصغيرة بحماس لم تجربه من قبل.
كانت تمضي ساعات في تصفح المتاجر بحثًا عن ملابس صغيرة، تلك القطع القطنية الناعمة التي بدت أصغر مما تتخيل، لكنها كانت تتخيل طفلها فيها، وتتساءل أي الألوان ستكون أجمل عليه.
"هل تعتقد أنه سيكون صبيًا أم فتاة؟" سألت بدر ذات مساء، وهي تمسك بفستان صغير بلون أزرق فاتح.
ابتسم وهو يتأملها، ثم قال: "لا يهمني، طالما أنه يشبهك."
ضحكت جين، لكنها شعرت بحرارة في قلبها، تلك الكلمات البسيطة كانت كافية لتملأها بالسعادة.
•••
اختارت غرفة صغيرة في المنزل، قررت أنها ستكون لطفلها. في البداية، لم تكن متأكدة مما يجب أن تفعله بها، لكنها بدأت تملأها بالأشياء تدريجيًا—سرير صغير بلون أبيض ناعم، بطانية محاكة يدويًا وجدتها في متجر قديم، رفوف صغيرة وضعت عليها ألعابًا محشوة.
كانت تمضي وقتًا طويلًا هناك، وكأنها تحاول أن تجعلها تشعر بالدفء حتى قبل أن يأتي طفلها إلى العالم.
في إحدى الليالي، وجدها بدر جالسة على الأرض وسط أكوام من الملابس الصغيرة، تمسك بحذاء طفل صغير بين يديها، تحدق فيه وكأنها لا تصدق أنه حقيقي.
"هل تتخيلين كيف سيبدو فيه؟" سألها بابتسامة، وهو يجلس بجانبها.
أومأت برأسها، ثم همست: "أشعر أنني أحلم."
وضع يده على بطنها، نظر إليها بعينيه العميقتين، وقال بصوت هادئ: "إنه حقيقي، وجميل."
مع مرور الأشهر، بدأت ملامح الحمل تظهر على جين بوضوح، وبات من المستحيل تجاهل وجود الحياة الصغيرة التي تنمو بداخلها.
 كان بطنها يزداد استدارة يومًا بعد يوم، ومع كل ركلة صغيرة كانت تشعر بها، كانت ابتسامتها تتسع أكثر، كأن الطفل يذكرها بأنه هنا، حي، وأنه جزء منها.
لكن ما كان يشغل تفكيرها أكثر من أي شيء آخر هو جنس الطفل.
"أشعر أنها فتاة." قال بدر بثقة ذات ليلة وهو يضع يده على بطنها، محاولًا أن يستشعر أي حركة.
رفعت جين حاجبها بسخرية، وقالت: "وأنا أشعر أنه صبي، ولنغير الرهان، أنا متأكدة من ذلك."
ضحك بدر وهز رأسه، وكأنه غير مقتنع، ثم قال: "سنرى من منا على حق."
•••
عندما جاء موعد الفحص لمعرفة جنس الجنين، كانت جين متحمسة لكنها أيضًا قلقة. جلست على سرير الفحص في العيادة بينما الطبيب يمرر الجهاز على بطنها، وعيناها معلقتان بالشاشة، تنتظر الإجابة بفارغ الصبر.
ابتسم الطبيب بعد لحظات من التركيز، ثم قال:
"مبروك، إنه صبي."
التفتت جين إلى بدر بانتصار واضح في عينيها، بينما رفع هو حاجبيه بدهشة قبل أن يبتسم ويهز رأسه.
"حسنًا، لقد خسرت الرهان." قالها وهو يضغط على يدها برفق، لكنه كان يبدو سعيدًا تمامًا كما لو كان يتمنى صبيًا طوال الوقت.
جين، رغم أنها كانت واثقة من إحساسها، إلا أن سماع التأكيد جعل الأمر أكثر واقعية. الآن، لم يعد مجرد فكرة أو تخمين، بل أصبح ابنها، ابنها الصغير الذي ستراه قريبًا.
•••
بعد أن استوعبا الخبر، جاءت الخطوة الأصعب—اختيار الاسم.
"حسنًا، بما أنكِ كنتِ على حق، سأدع لكِ حرية اختيار الاسم." قال بدر ذات ليلة، بينما كانا يجلسان على الأريكة في غرفة المعيشة.
ابتسمت جين، ثم قالت وهي تفكر: "وماذا لو اخترناه معًا؟"
"صفقة عادلة، هيا، ما رأيكِ؟"
بدأت رحلة البحث عن الاسم المثالي، تصفحت جين قوائم طويلة من الأسماء، قرأت معانيها، وناقشتها مع بدر لساعات طويلة.
"ما رأيك في ريان؟" قالت ذات مرة، وهي تنظر إليه بترقب.
هز بدر رأسه بتفكير، ثم قال: "جميل، لكنه لا يشبهه."
ضحكت جين: "وكيف عرفت؟ لم نره بعد!"
"مجرد إحساس."
استمرت النقاشات بينهما لأسابيع، كلما وجدت اسمًا جميلًا، كان بدر يجد سببًا لرفضه، وحين يقترح هو اسمًا، كانت جين تتردد.
حتى جاء اليوم الذي سمعت فيه اسمًا في أحد الكتب التي كانت تقرأها، وعندما نطقت به، شعرت بشيء مختلف.
"ماذا عن… يزن؟"
نظر بدر إليها، وكأن الاسم استقر في ذهنه للحظة، ثم ابتسم وقال: "يزن… يعجبني."
كررت جين الاسم بصوت خافت، وكأنها تجرب كيف سيبدو عندما تنادي به طفلها. شعرت أنه الاسم المناسب، الاسم الذي سيحمله ابنها معه طوال حياته.
"إذن، اتفقنا؟"
ابتسم بدر وهو يضع يده على بطنها، وقال بحنان: "مرحبًا بك في هذا العالم، يزن."
كان كل شيء يبدو مثاليًا.
كانت جين قد جهزت غرفة يزن بعناية، اختارت سريره الصغير بلمسات حنونة، علّقت فوقه مجسمات النجوم التي تتحرك ببطء كلما هبت نسمة هواء خفيفة.
اشترت له الملابس القطنية الناعمة، ورتبتها في أدراجه كما لو كانت ترتب أحلامها فيه،كل شيء كان جاهزًا لاستقباله.
لكن الحياة لا تسير كما نخطط دائمًا.
•••
بدأ الألم خفيفًا، كشدٍّ بسيط في أسفل ظهرها، لم تهتم له في البداية، ظنته إرهاقًا عاديًا، ربما بسبب يوم طويل من تحضير أغراض الطفل أو ترتيب المنزل،لكنها عندما استلقت على السرير تلك الليلة، شعرت بشيء غريب.
وخزة حادة. ثم أخرى.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
وضعت يدها على بطنها، تنتظر أن تشعر بحركة يزن، الركلات التي اعتادت عليها، لكنها لم تشعر بشيء.
"بدر…"
كان صوتها مرتجفًا عندما نادته، لم تعرف لماذا، لكنها شعرت بالخوف لأول مرة.
نهض بدر فورًا، نظر إلى وجهها وعرف أن هناك شيئًا غير صحيح.
"ماذا هناك؟"
وضعت يدها على بطنها مجددًا، انتظرت… انتظرت… ولا شيء.
"لا أشعر به."
كانت الجملة كفيلة بأن ينعقد حاجباه بقلق، لم يسألها إن كانت متأكدة، لم يحاول تهدئتها بكلمات مطمئنة، بل أمسك يدها وقال: "نذهب إلى الطبيب الآن."
•••
في المستشفى، كانت جين مستلقية على سرير الفحص، وبدر بجانبها، يمسك يدها بإحكام.
كان الطبيب يمرر الجهاز فوق بطنها، وجهه جامد، عينيه مثبتتان على الشاشة.
لكن الصوت الذي انتظرته لم يأتِ.
لا نبض.
لا شيء.
وكأن الزمن توقف.
"أنا آسف."
لم تتقبلها جين في البداية،نظرت إلى الشاشة، انتظرت أن تسمع أي صوت، أي حركة، لكنها لم تجد سوى الصمت القاسي.
"لا… لا… أعد الفحص، إنه حي، أنا متأكدة، لقد شعرت به أمس."
لكن الطبيب لم يكن بحاجة إلى إعادة الفحص، الحقيقة كانت واضحة، واضحة جدًا ومؤلمة جدًا.
يزن لم يعد هنا.
"لا!"
كان صراخها مخنوقًا، كأن الهواء ذاته لم يعد يصل إلى رئتيها كانت يدها لا تزال على بطنها، كأنها تستطيع إعادته إن أمسكت به بقوة كافية.
"جين…"
كان صوت بدر مبحوحًا، محطمًا.
لكنها لم تسمعه، لم تشعر بشيء سوى الفراغ الهائل الذي حل محل ابنها، الطفل الذي حلمت به، الذي انتظرته، الذي منحها الأمل بعد كل شيء، الآن… لم يعد موجودًا.
•••
مرّت الساعات التالية كأنها حلم سيئ، أو كابوس رفضت أن تصدقه.
كان عليها أن تضع طفلها رغم أنه لم يعد حيًا،كان عليها أن تمر بالمخاض، أن تعاني الألم، أن تبكي، أن تدرك أنها ستخرج من هذه الغرفة فارغة اليدين.
لم تصرخ، لم تبكِ كثيرًا أثناء الولادة، وكأن روحها كانت قد ماتت بالفعل قبل أن يخرج يزن من جسدها.
لكن عندما حملته بين يديها… تحطم كل شيء.
كان صغيرًا، هادئًا، كما تخيلته تمامًا،لكن عينيه كانتا مغلقتين إلى الأبد.
"يزن… صغيري…"
لم تكن تعلم أن قلب الإنسان يمكن أن يتحطم بهذا الشكل، أن الألم يمكن أن يكون بهذه الوحشية.
بدر كان بجانبها، لم يترك يدها، لكن لم يكن بيده فعل شيء، رأته يمسح دموعه بصمت، رأته ينحني ليقبل جبين طفل لم يُكتب له أن يرى النور.
"أنا آسف، جين…"
لكن ما الجدوى من الأسف؟ لن يعيد ذلك ابنها، لن يعيد لها نبضه، حركته، ركلاته الصغيرة التي ملأت حياتها بهجة.
كانت الغرفة صامتة جدًا، لكنها في داخلها كانت تصرخ.
كانت الأيام ثقيلة.
أثقل مما تصورت جين يومًا أن تتحمله.
في البداية، لم تستوعب الأمر، كانت تضع يدها على بطنها كأنها تتوقع أن تشعر بركلة صغيرة تخبرها أن كل هذا مجرد كابوس، مجرد وهم ستستيقظ منه في أي لحظة،لكن لم يكن هناك شيء.
كل شيء كان فارغًا.
السرير الصغير الذي اختارته بحب، الملابس التي اشترتها بحماس، حتى الاسم الذي قضت شهورًا تناقشه مع بدر… كل ذلك أصبح بلا معنى. كأن طفلها لم يوجد يومًا، كأنه لم يكن سوى حلم لم يكتب له أن يصبح حقيقة.
في الأيام الأولى، كانت تحدق في السقف لساعات، عيناها جافتان من كثرة البكاء، كأنها فقدت القدرة حتى على الحزن بالطريقة الصحيحة.
بدر كان هناك، دائمًا، لكنه لم يعرف كيف يصل إليها.
كان يحاول… يا الله، كم كان يحاول.
كان يحضر لها طعامًا لا تأكله، يتحدث إليها ولا تجيب، يضع يده على كتفها لكنها لا تشعر.
وفي ليلة ماطرة، وجدها جالسة في غرفة الطفل، تتلمس حواف السرير الصغير بأطراف أصابعها.
"جين…" نادى اسمها بحذر.
لم تلتفت إليه، فقط همست بصوت بالكاد يسمع:
"لماذا اشتريت هذا السرير؟"
لم يكن سؤالًا. لم يكن شيئًا ينتظر إجابة.
اقترب منها، جلس على الأرض بجانبها، وضع يده فوق يدها، ولم يقل شيئًا.
لم يكن هناك كلمات يمكن أن تصلح شيئًا.
•••
مرت الأسابيع، ثم الأشهر، وجين لم تعد كما كانت.
كانت تتحرك كأنها ظل لنفسها القديمة، تبتسم أحيانًا لكنها لا تشعر بشيء. تخرج مع بدر لكنها لا تكون حاضرة حقًا.
كان الحزن مثل موجة تجذبها للأسفل، وفي بعض الأيام، كانت تشعر أنها تغرق بالكامل.
لكن في أحد الأيام، بينما كانت تجلس في الحديقة تحدق في الفراغ، شعرت بشيء مختلف.
بذرة صغيرة من شيء لم تشعر به منذ زمن.
الهواء كان دافئًا، الشمس لطيفة، والأصوات من حولها—أصوات الحياة—كانت موجودة.
لم تكن مستعدة بعد، لكنها فكرت… ربما يومًا ما، ستتمكن من العيش مجددًا.
ليس اليوم، ليس غدًا، لكن ربما يومًا ما.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
مرّت أشهر طويلة، وجين تحاول أن تجد طريقًا للخروج من الظلام الذي سكنها.
 لم يكن الأمر سهلاً، ولم يكن بدر وحده قادرًا على انتشالها مما شعرت به، لكنها بدأت تلاحظ أن الحياة من حولها لم تتوقف، حتى لو كانت حياتها هي قد توقفت في لحظة فقدان يزن.
وفي إحدى الليالي، بينما كانت تحدق في السقف كعادتها، همست لنفسها:
"أريد أن أحاول مجددًا." لدى كل الحق ان أفعل ذلك 
كانت الفكرة قد بدأت تترسخ في عقلها منذ أسابيع، لكنها لم تتجرأ على نطقها بصوت عالٍ حتى تلك اللحظة.
أرادت أن تشعر بالحياة بداخلها من جديد،  أن تعود إلى ذلك الشعور بالفرح، بالترقب، بالحلم… كأنها بذلك ستملأ الفراغ الذي تركه يزن خلفه.
لكنها لم تخبر بدر مباشرة، لم تكن تعرف كيف سيتلقى الأمر، وإن كان سيفهم رغبتها أم سيخاف عليها؟
وعندما زارت طبيبها أخيرًا، كانت كلماته كالصاعقة.
"جين… لا يمكنك المخاطرة بهذا مجددًا."
لم تفهم في البداية، أو ربما رفضت الفهم.
"ماذا تعني؟" سألت بصوت بدا غريبًا حتى على مسامعها.
"حملك السابق أضعف قلبك بشكل كبير، والضغط الناتج عن الولادة كان أكثر مما يستطيع جسدك تحمله،هناك احتمال كبير… كبير جدًا… أن لا يتحمل قلبك الحمل القادم."
"أن لا يتحمل قلبي…؟"
ظلت الكلمة تدور في رأسها مرارًا وتكرارًا، حتى شعرت أن الغرفة بأكملها تدور معها.
"ولكن… ولكن هناك حالات نجت، أليس كذلك؟ هناك نساء تعرضن لما تعرضت له واستطعن إنجاب أطفال بعد ذلك، صحيح؟"
نظر الطبيب إليها بأسى، ثم قال بصوت هادئ لكنه حازم:
"جين، لا أستطيع أن أخبرك أن هذا مستحيل، لكنني أستطيع أن أخبرك أن المخاطر أكبر مما يمكنك تحمله،لا أتحدث فقط عن الصعوبة الجسدية، بل عن احتمال فقدانك لحياتك."
الحياة.
هل كانت تملك حياة لتخسرها؟
خرجت من العيادة كأنها كانت تسير في مستنقعات حلم كئيب ، أو بالأحرى… في كابوس.
لم تكن تعرف ما الذي تشعر به، هل هو الغضب؟ أم الحزن؟ أم الخوف؟
شعرت كأنها محاصرة بين جدران غير مرئية، كأن جسدها لم يعد لها، كأن الحياة نفسها اختارت أن تحرمها مما أرادته أكثر من أي شيء آخر.
عندما عاد بدر إلى المنزل تلك الليلة، وجدها واقفة أمام النافذة، عيناها معلقتان بالخارج لكنها لم تكن ترى شيئًا.
"جين؟"
لم ترد.
اقترب منها، لمس كتفها برفق، وعندما استدارت إليه، رأى الدموع التي لم تسقط بعد لكنها كانت تلمع في عينيها.
"ما الأمر؟"
نظرت إليه طويلًا، وكأنها تحاول العثور على الكلمات المناسبة، ثم همست:
"لا يمكنني إنجاب طفل آخر."
رأى الألم في عينيها قبل أن تسمعه في صوتها، ولم يكن بحاجة لأن تسهب في التفسير.
"يقولون إن قلبي لن يحتمل، وإنني قد أموت أثناء الولادة."
كان يمكنه أن يقول الكثير في تلك اللحظة،كان يمكنه أن يحاول إقناعها بأن حياتها أهم، أن يخبرها بأنه لا يريد أن يخسرها، أنه لا يريد أن يواجه الحياة بدونها… لكنه لم يقل شيئًا.
بدلًا من ذلك، احتضنها.
ضغط عليها بقوة، كأنه يريد أن يؤكد لها أنها هنا، وأنه هنا، وأن الحياة لم تنتهِ بعد، حتى لو شعرت بأنها كذلك.
لكن رغم كل شيء… رغم الخوف، والألم، والتحذيرات… لم تستطع جين قتل تلك الرغبة بداخلها.
كانت هناك نار تشتعل في أعماقها، نار لم تستطع إخمادها.
ورغم أنها لم تقلها بصوت عالٍ، إلا أن الفكرة بقيت هناك، تتغلغل في عقلها وقلبها، تخبرها أن القصة لم تنتهِ بعد… وأنها قد تكون مستعدة للمخاطرة بكل شيء، حتى بحياتها، من أجل فرصة واحدة… فرصة أن تصبح أمًا من جديد.
©©©©©®££€€
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كان آدم يقود سيارته تحت المطر، عائدًا إلى المنزل بعد يوم طويل، الطريق كان زلقًا، والسماء ملبدة بالغيوم الثقيلة، لكن فكره كان مشغولًا بشيء آخر،لم ينتبه للضوء الأحمر إلا بعد فوات الأوان.
صرير مفاجئ… ضوء قوي… ارتطام مدوٍّ.
عندما وصلت سيارة الإسعاف، كان آدم فاقدًا للوعي، محاصرًا داخل سيارته المهشمة، الدماء غطت جبينه، وأنفاسه كانت ضعيفة، لكنه لا يزال على قيد الحياة.
في المستشفى، كان الأطباء يكافحون لإبقائه مستقرًا،إصاباته كانت خطيرة، نزيف داخلي، كدمات في الدماغ، وأضلاع مكسورة اخترقت رئتيه، لكنهم كانوا متفائلين—هناك فرصة، حتى لو كانت ضئيلة.
مرت الأيام، وراما لم تفارق سريره، كانت تمسك بيده، تهمس له بكلمات لم تعرف إن كان يسمعها،كانت تصلي، ترجو، تتوسل للقدر أن يبقيه معها.
لكنه لم يعد.
في اليوم الرابع، توقفت الأجهزة عن إصدار أصواتها المعتادة، وخيم الصمت الثقيل في الغرفة،الأطباء أعلنوا الوفاة رسميًا. راما لم تبكِ في البداية، فقط حدقت في الجسد المسجّى أمامها، وكأن عقلها يرفض التصديق.
لكن الحقيقة لم تكن بحاجة إلى تصديقها لتكون حقيقية.
عندما سمعت جين الخبر، شعرت بنفس البرودة التي اجتاحتها يوم فقدت يزن، كانت تعرف الألم، تعرف الصدمة، تعرف الفراغ الذي يتركه الموت خلفه،لهذا لم تتردد في زيارة راما، رغم أن قلبها كان يثقلها بالخوف من مواجهة الحزن مرة أخرى.
عندما دخلت منزل راما، كان الهدوء يخيم عليها، أصوات خافتة، همسات حزينة، وأعين محمرة من البكاء، كان المكان يحمل ثقل الفقد، وجين شعرت به في كل زاوية.
وجدت راما جالسة على الأريكة، صامتة، تحدق في الفراغ، بدت كأنها شخص علق بين عالمين—عالم الماضي حيث كان آدم حيًا، وعالم الحاضر حيث لم يعد موجودًا.
اقتربت جين ببطء، وجلست بجانبها دون أن تقول شيئًا،لم تكن هناك كلمات يمكن أن تخفف من هذا الألم، لكنها مدت يدها وأمسكت بيد راما، ضغطت عليها برفق، محاولة أن تنقل إليها بعض الدفء وسط هذا البرد القاسي.
"أنا آسفة،" همست أخيرًا.
لم تقل راما شيئًا، لكنها أومأت برأسها ببطء، وكأنها تعترف بالألم لكنها لم تعد تملك القوة للرد عليه.
بعد لحظات، سمعت جين صوت بكاء طفل صغير، التفتت لترى ابن آدم بين يدي إحدى قريبات راما، كان صغيرًا جدًا، بالكاد يفهم ما يجري، لكنه شعر بأن شيئًا قد تغير، بأن والده لم يعد هنا.
بإحساس غريزي، مدت جين يديها وأخذت الطفل بين ذراعيها، ضمته برفق، وقبلت جبينه الصغير،شعرت برجفة خفيفة تسري فيها، كأنها تلمس جزءًا من آدم، كأن الحياة تحاول أن تجد طريقها وسط الموت.
ثم التفتت إلى راما، وبدون تفكير، انحنت وقبلت جبينها أيضًا. لم تكن مجرد تعزية، كانت مشاركة في الحزن، اعترافًا بالصمت الذي يحيط بهما، وربما… وعدًا غير منطوق بأنهما ستجدان طريقة للعيش رغم الخسارة وللحظه شعرت بما ينتظرها
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
منذ البداية، لم تُخفِ راما كرهها لجين،كانت نظراتها باردة، وكلماتها قاسية كلما تحدثت عنها،او كلما التقت بها، لم يكن الأمر مجرد استياء أو نفور، بل شيء أعمق—رفض كامل لوجود جين في حياتها.
لكن الموت يغيّر الأشياء، يزيل بعض الحواجز، حتى لو لم يمحها تمامًا.
بعد وفاة آدم، وجدت جين نفسها تزور منزل راما أكثر من مرة.
 لم تكن تفكر كثيرًا في السبب، لكنها شعرت أن عليها أن تفعل ذلك، ربما لأنها فهمت الفقد جيدًا، وربما لأنها رأت شيئًا في عيني راما يشبه ما رأته في المرآة يوم فقدت يزن.
ورغم إعلان راما الصريح أنها لا ترغب في رؤيتها، لم تمنعها فعليًا من الدخول، لم تطردها، لم تصرخ في وجهها، فقط كانت تجلس بصمت بينما جين تأتي وتذهب، او تنهض لتصنع الشاى او القهوة وتضعها بصمت امام جين.
في إحدى الزيارات، وجدت جين راما تحاول إطعام طفلها لكنها بالكاد تلمس الطعام بنفسها،لم تسألها إذا كانت بخير، لأن الإجابة كانت واضحة، وبدون أي تعليق، أخذت جين الملعقة وبدأت تطعم الصغير، بينما راما راقبتها بصمت.
في زيارة أخرى، كانت راما جالسة على الأرض، تحتضن وسادة آدم، وصوت أنفاسها المرتجفة يملأ الغرفة
 لم تقل جين شيئًا، فقط جلست بجانبها، لأول مرة، لم يكن هناك كلمات لاذعة، لا نظرات حادة، فقط صمت مشترك بين امرأتين جرفتهما العاصفة ذاتها.
كان بينهما شيء لم تعترفا به أبدًا—شيء يشبه الهدنة غير المعلنة.
لم يكن صداقة، لم يكن تقاربًا حقيقيًا، لكنه أيضًا لم يكن عداءً خالصًا. كان شيئًا هشًا، متناقضًا، يشبه الألم حين يخفّ لكنه لا يزول.
ورغم كل شيء، كانت راما لا تزال تكرر كلما سنحت لها الفرصة: "أنا أكرهك."
وجين، للمرة الأولى، لم تهتم بما تقوله راما،لأنها كانت ترى الحقيقة في عينيها، في ذلك الصمت الطويل الذي حلّ بينهما بدلًا من العداء المعتاد، لأنها لم تكن تعرف الكرهه حتى لو حاولت أن تبدى غير لك، فقد كان قلبها يمتلك من الرقه ما يعتبره البعض ضعف والبعض الآخر قد يحتقرها
*********
وراما كرهت وجود جين ، كرهت ماضيها، كرهت حتى نبرة صوتها حين تتحدث بهدوء كأنها تفهم، كأنها تعرف شيئًا عن الألم الذي تمزق به راما 
لكنها في كل أسبوع، كانت تجد نفسها تنتظر.
لم تعترف بذلك أبدًا، حتى لنفسها، كانت تقنع ذاتها بأن جين لا تعني لها شيئًا، وأنها لا تهتم بزياراتها.
لكنها رغم ذلك، في كل مرة كانت عقارب الساعة تقترب من موعد الزيارة الأسبوعية، كانت تشعر بذلك التوتر الغريب في صدرها، بذلك الخوف الخفيف من أنها ربما لن تأتي هذه المرة.
وحين كانت جين تدخل المنزل، بنفس الخطوات الهادئة والنظرة التي تحمل خليطًا من الحزن والتفهم، كانت راما تشعر بالغضب.
غضب لأنها أتت.
غضب لأنها شعرت بالراحة قليلًا حين رأتها.
غضب لأنها لم تكن تريد أن تعترف بأنها بحاجة لوجودها.
كل شيء كان متناقضًا.
كانت تكره كيف تتحرك جين في منزلها وكأنها تعرفه، كيف تلمس الأشياء برفق وكأنها تخشى أن تكسر شيئًا، كيف تتعامل مع طفل آدم وكأنها جزء من حياته.
لكنها في الوقت ذاته، لم تكن تمانع ذلك.
كان هناك شيء غريب في وجود جين، لم يكن يشبه المواساة، لم يكن يشبه العطف، كان مجرد… وجود. غير ثقيل، غير متطفل، فقط موجود.
وفي بعض الليالي، عندما كانت تجلس وحدها في الظلام، كانت تهمس لنفسها بشيء لن تعترف به أبدًا:
"لماذا لا تأتي في الأيام الأخرى أيضًا؟"
لكن في الصباح، كانت تستيقظ بنفس الجدار العالي، بنفس الحدة، بنفس الكلمات القاسية التي كانت تلقيها في وجه جين كلما شعرت أنها تقترب أكثر مما يجب.
لأنها إن سمحت لها بالاقتراب، فقد يعني ذلك أنها لم تعد تكرهها حقًا.
وراما لم تكن مستعدة بعد للتخلي عن ذلك الكره، لأنه كان الشيء الوحيد الذي يمنعها من الاعتراف بالحقيقة المخيفة—أنها لم تعد وحدها تمامًا كما كانت تعتقد.
لم يكن هناك حديث صريح عن الأمر، لم يجلسا يومًا ليتفقا على موعد محدد، لم تقل راما لجين "تعالي" ولم تسألها جين إن كان مرحبًا بها.
لكن رغم ذلك، كان هناك نمط خفي يتشكل بينهما.
كانت جين تأتي.
وكانت راما تنتظر.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
ليس انتظارًا واعيًا، ليس لهفة صريحة، لكنها في الأيام التي اعتادت أن تراها فيها، كانت تجد نفسها تلتفت إلى الباب أكثر من المعتاد، كانت تنظر إلى عقارب الساعة بنظرة محايدة ظاهريًا، لكنها تحمل قلقًا خفيًا لم تكن مستعدة للاعتراف به حتى لنفسها.
وعندما كانت جين تتأخر… كان هناك شعور غريب يزحف إلى صدر راما، شيء يشبه الضيق، أو ربما شيء أسوأ.
كانت تخبر نفسها بأنها لا تهتم، بأنها ستتابع يومها كما هو، لكن عقلها كان يظل معلقًا باحتمالات لا تريد التفكير فيها—ربما قررت جين التوقف عن المجيء، ربما أدركت أن لا فائدة من هذه الزيارات، ربما… لا، لا يهم.
لكن عندما كانت جين تظهر أخيرًا، بعد تأخير غير مقصود، ربما بسبب ازدحام الطريق أو أي ظرف آخر، كانت راما تجد نفسها تتنفس براحة لم تدرك أنها كانت بحاجة إليها.
لم تسألها عن سبب التأخير، لم تقل إنها لاحظت حتى، رغم ذلك تكون واقفه فى الشرفه تراقب الطريق بقلق ولهفه وعندما تظهر جين عندما تتقابل عيونهم ، كانت تستقبلها بنفس الجفاء المعتاد، بنفس النظرات الباردة، بنفس الكلمات التي تبدو أقرب إلى الطعنات منها إلى الحوار العادي.
لكن جين لم تكن تتراجع.
وراما، رغم كل شيء، لم تتوقف عن فتح الباب لها.
**********
"يجب أن تزوريني."
قالتها جين  فجأة ذات يوم، وهي تمسح يدها بعد أن انتهت من تحضير كوب الشاي لنفسها.
نظرت إليها راما ببرود. "لماذا قد أفعل ذلك؟"
"لأنني أزورك طوال الوقت."
"لم أطلب منك ذلك."
رغم ذلك لابد أن تزورينى فى شقتى همست جين بنبره بارده
راما __لن أفعل ورفعت راما كتفها
__ستفعلين أصرت جين وهى تنهض 
لكن الزيارة حدثت على أي حال.
لم تكن راما تعرف كيف وجدت نفسها تقف أمام باب شقة جين بعد بضعة أيام.
 ربما لأنها لم تستطع التعامل مع الإلحاح الهادئ لجين، أو ربما لأنها شعرت—ولو للحظة—أنها مدينة لها بشيء ما.
كان بدر، زوج جين، هو من فتح الباب.
نظر إليها للحظة بدهشة، وكأنه لم يكن يتوقع أن يرى راما هنا، ثم تنحى جانبًا ودعاها للدخول.
"جين في الداخل، سأخبرها أنكِ هنا."
لم تتحرك راما على الفور، بل نظرت حولها بفضول خفي الشقة كانت مرتبة بدفء، لا فوضى فيها، لا برود،كانت تحمل شيئًا يشبه شخصية جين—هادئًا، بسيطًا، لكنه يحتوي على تفاصيل كثيرة مخفية.
عندما دخلت جين الغرفة، لم تخفِ مفاجأتها.
"لم أتوقع أن تأتي فعلًا."
"ولا أنا." ردت راما بجفاء
جلسا معًا، ولم يكن هناك توتر،بدر راقبهما بصمت، يحدق في راما وكأنه يحاول فهم هذه العلاقة الغريبة التي نمت وسط كل ذلك العداء.
كان يعرف أن زوجته ليست امرأة تنكسر بسهولة، لكنها لم تكن أيضًا من النوع الذي يصر على اقتحام حياة من يرفضها. ومع ذلك، كانت هنا، جالسة مع امرأة أعلنت كرهها لها مرارًا.
لقد كان هناك شيء فى تلك الجلسه يقلقه، ذلك التواطيء الغريب المعقد جعل قلبه يضطرب 
كان يعرف ان راما سبب كل المشاكل التى وقعت فيها جين
وكان متأكد ان زوجته لا تغفر بسهوله
ثم إن تلك النظره الحزينه التى كانت تكسو وجه جين منذ أكثر من أسبوع محيرة أكثر من الأزم
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
كان الهواء في الشقة راكدًا بعض الشيء، رغم أن النافذة كانت مفتوحة قليلًا، مما سمح لنسيم بارد بالتسلل إلى الداخل. كانت الستائر تتحرك ببطء، والضوء الخافت القادم من الخارج يلقي ظلالًا ناعمة على الجدران الأرضيه الخشبية
راما جلست على الأريكة، قدمها ممدودة قليلًا، ويديها متشابكتان على حجرها، بينما كانت تحدق بصمت في جين التي تجلس على السجادة أمامها، تلاعب يوسف بتركيز غريب.
كانت جين تهز لعبة صغيرة أمام الطفل، تصدر أصواتًا خافتة كلما ضغطت عليها، فيما كان يوسف يضحك بصوت عالٍ، ضحكته الصغيرة تملأ المكان بشيء يشبه الحياة، شيئًا لم تكن راما مستعدة تمامًا للاعتراف بأنه يريحها.
 لكن رغم ذلك، لم تقل شيئًا، ولم تطلب من جين التوقف.
كانت نظرات راما متناقضة، نصفها يعكس الرفض المعتاد، والنصف الآخر… شيء آخر. شيء لم ترغب في تحليله.
لكن بعد لحظات، تغيرت ملامح جين، يدها التي كانت تحرك اللعبة تباطأت قليلًا، ونظرتها أصبحت مشتتة.
قطبت جبينها، وكأنها تحاول فهم شيء ما، ثم وضعت يدها على معدتها بحركة لا إرادية.
"هل أنتِ بخير؟" سألتها راما بحدة، رغم أن صوتها بدا وكأنه صادر عنها دون تفكير.
جين أغمضت عينيها لثانية، ثم فتحتها ببطء، كأنها تقاوم شعورًا غير مريع "لا أعلم… معدتي تؤلمني قليلًا."
"قليلًا؟" كررت راما بتهكم، لكن عينيها بقيتا معلقتين بجين، تراقبها عن كثب.
جين حاولت أن تبتسم، لكنها توقفت فجأة، وضغطت أصابعها على بطنها مجددًا.
وجهها شحب قليلًا، وملامحها انقبضت للحظة، كأنها تحاول إخفاء ألم أكبر مما تدعيه.
راما لاحظت ذلك، لاحظت كيف أنفاسها أصبحت أبطأ، كيف لمست رقبتها في محاولة غير واعية للتهدئة، كيف تحركت قليلًا في جلستها وكأنها تبحث عن وضع أكثر راحة، لكنها لم تجد.
ورغم أن راما كانت تتظاهر باللامبالاة، إلا أن جسدها تحرك قبل أن تفكر حتى، نهضت عن الأريكة واقتربت بخطوات ثابتة، ثم انخفضت قليلًا بجانب جين.
"ما الذي يحدث معكِ؟"
"لا شيء، فقط… دوار بسيط، سيزول."
لكن لم يزول.
بل ازداد.
بعد دقائق، كانت جين تمسك رأسها بيد، ومعدتها بالأخرى، تحاول بوضوح كتم شعور بالغثيان، فيما كان يوسف قد توقف عن اللعب، وكأنه شعر بأن هناك شيئًا خاطئًا.
راما ضغطت فكها بقوة، ثم نهضت فجأة.
"انهضي."
جين رفعت نظرها إليها ببطء. "ماذا؟"
"قلتُ انهضي، سنذهب إلى المشفى."
"راما، هذا ليس ضروريًا، أنا بخير، فقط بعض الإرها—"
لكن راما لم تنتظر أن تنهي جين جملتها، بل أمسكت بمعصمها، سحبتها للوقوف رغم مقاومتها الطفيفة، ثم استدارت نحو يوسف وحملته دون تردد.
"راما، لا داعي لكل هذا، أنا حقًا—"
"اصمتي وامشي."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
"اصمتي وامشي."
لم يكن هناك مجال للنقاش.
---
كانت رحلة السيارة إلى المشفى صامتة، لكن الصمت لم يكن مريحًا. كان مشحونًا، مشدودًا، مثل وتر على وشك أن ينقطع.
جين جلست في المقعد الجانبي، عيناها مغمضتان، وملامحها لا تزال متوترة قليلًا. أما راما، فكانت تقود بتركيز مبالغ فيه، قبضتها مشدودة على المقود، وفكها متصلب كما لو أنها تحاول منع نفسها من قول شيء قد تندم عليه لاحقًا.
كل بضع دقائق، كانت راما تلقي نظرة جانبية سريعة على جين، وكأنها تتأكد أنها لا تزال بخير، لكنها لم تقل شيئًا.
وعندما وصلا إلى المشفى، كانت الحركة أسرع مما توقعت جين. لم تمضِ دقائق حتى وجدت نفسها في غرفة الفحص، بينما كانت الطبيبة تطرح عليها أسئلة معتادة، فيما وقفت راما عند الباب، ذراعاها معقودتان، وملامحها متجهمة، لكن عينيها تحملان شيئًا مختلفًا.
قلق.
قلق لم تكن مستعدة للاعتراف به.
ثم جاءت النتيجة.
كانت الطبيبة تتحدث بنبرة هادئة، بينما جين تحدق فيها وكأنها لم تستوعب الكلمات بعد. ثم استدارت ببطء لتنظر إلى راما.
"أنا…"
لكنها لم تكمل.
لأن راما فهمت.
فهمت من الطريقة التي اتسعت بها عينا جين، من الطريقة التي وضعت بها يدها على بطنها لا إراديًا، من الطريقة التي بدت بها وكأنها تلقت صدمة لم تكن مستعدة لها.
راما لم تقل شيئًا،فقط حدقت فيها للحظات طويلة، ثم أدارت وجهها بعيدًا، ووضعت يديها في جيب معطفها، وهي تتنفس ببطء، وكأنها تحاول استيعاب الأمر.
لكنها لم تستوعب.
ولأول مرة منذ وقت طويل، لم تكن تعرف ما الذي يفترض بها أن تشعر به.
*****
كانت الطبيبة تقلب الملف الطبي أمامها، ثم رفعت عينيها نحو جين، وكأنها تزن كلماتها بعناية قبل أن تنطق تتنحنح قليلًا وتقول بنبرة هادئة لكنها جادة:
"أريد التحدث معكِ على انفراد، جين هانم هذا مهم."
جين قطبت جبينها، ألقت نظرة خاطفة نحو راما التي كانت لا تزال واقفة عند الباب، ذراعاها معقودتان، وعيناها تراقبان كل شيء بصمت مشحون.
"راما، هل يمكنكِ…" بدأت جين، مترددة قليلًا.
لكن راما لم تحتج إلى تفسير، فهمت أن الأمر ليس للنقاش، زفرت ببطء، ثم استدارت وخرجت من الغرفة دون أن تنطق بكلمة، لكنها بقيت قريبة، متكئة على الجدار في الممر، تنقر بأصابعها بخفة على معطفها، وعقلها يدور في دوائر لا نهائية.
في الداخل، الطبيبة أغلقت الملف بلطف، ثم مالت قليلاً للأمام، خفضت صوتها، وقالت............... ***... ***.. ***
---
خرجت جين من الغرفة بعد دقائق، خطواتها كانت هادئة، لكنها لم تكن مسترخية، كان هناك شيء في ملامحها، خليط معقد بين الفرح والتوجس، بين الصدمة والقلق.
عندما رفعت عينيها، وجدت راما تنتظرها،لم تقل الأخيرة شيئًا، فقط حدقت فيها للحظة، كأنها تحاول قراءة أفكارها.
لكن قبل أن تنطق أي منهما، كان بدر قد وصل.
دفع الباب الزجاجي بخطوات متعجلة، عينيه تبحثان عن زوجته.
وعندما وجدها، تسمرت نظراته عليها، على وجهها الذي بدا مضطربًا رغم الابتسامة الصغيرة التي حاولت رسمها.
"جين؟" نادى اسمها بصوت خافت وهو يقترب.
نظرت إليه جين، وفجأة شعرت بشيء ثقيل في صدرها، شيء لم تستطع تفسيره تمامًا.
كان يفترض أن تكون سعيدة، وكان يفترض أن تركض نحوه، أن تخبره على الفور، لكنها لم تستطع.
بدر وقف أمامها الآن، عينيه تمسحان ملامحها وكأنهما تحاولان استيعاب ما يجري،ثم، ببطء، نظر نحو راما التي كانت تراقب المشهد بصمت، وكأنها ليست متأكدة إن كان عليها البقاء أو المغادرة.
"ماذا يحدث؟" سأل أخيرًا.
جين ابتسمت بخفة، لكنها لم تكن ابتسامة حقيقية تمامًا،كان هناك شيء ما في عينيها، شيء جعل بدر يشعر بعدم ارتياح، رغم أنه لم يكن يعرف السبب بعد.
"أنا… حامل، بدر."
قالتها بهدوء، بصوت منخفض، لكنه كان كافيًا ليجعل الزمن يتباطأ للحظات.
بدر حدق فيها، وكأن الكلمات استغرقت ثانية إضافية حتى تصل إليه، حتى تصبح حقيقية.
ثم، كما لو أنه استعاد أنفاسه، امتدت يده نحو يدها، قبض عليها بخفة، وكأنها شيء هش يخشى أن ينكسر بين أصابعه.
لكن رغم الفرحة التي بدأت تتسلل إلى ملامحه، لم يستطع تجاهل تجهم وجه جين، الطريقة التي بدت بها وكأنها تحمل سرًا لا تريد الإفصاح عنه.
وراما، التي كانت تراقب كل ذلك من بعيد، لم تفوّت ذلك أيضًا.
---
عندما وصلوا إلى الشقة، كان الجو داخلها ساكنًا،بدر لم يترك يد جين منذ أن خرجوا من المشفى، وراما كانت تسير خلفهم بصمت، لا تزال غير متأكدة لماذا أتت معهم أصلًا، لكنها لم تفكر كثيرًا في الأمر.
بمجرد أن دخلوا، اتجه بدر مع جين نحو غرفة النوم، ربما ليتحدثا، ربما ليهدئ مخاوفها التي لم تقلها صراحة بعد أما راما، فقد بقيت في المطبخ.
لم تكن تفكر حين بدأت بتحضير الطعام، فعلت ذلك كأنها في منزلها، بطريقة غريبة لم تكن قد سمحت لنفسها بها من قبل. أخرجت بعض الخضروات، وضعت الماء ليغلي، وبدأت بترتيب الطاولة دون أن تسأل.
عندما خرجت جين بعد قليل، وجدت راما تقلب الطعام في المقلاة، نظراتها محايدة، لكن حركاتها كانت دقيقة.
"ما الذي تفعلينه؟" سألتها جين، بنبرة شبه متفاجئة.
"ألا ترين؟ أجهز العشاء."
"لم أطلب منكِ ذلك."
"ولم أسألكِ إن كنتِ تريدين."
جين نظرت إليها، ثم إلى الطاولة التي بدأت تأخذ شكلًا منزليًا دافئًا، وكأن المكان لم يعد مجرد شقة، بل صار… مأهولًا.
شيء في صدرها انقبض للحظة، لكنها لم تعلق، فقط مشت نحوها، ثم توقفت بجانبها، تراقبها بصمت.
---
حلّ الليل، وكان الوقت قد تأخر أكثر مما خططت له راما.
نهضت عن الطاولة بعدما أنهت طعامها، سحبت معطفها بخفة،وامسكت بيد يوسف ابنها  واستعدت للخروج دون أن تقول شيئًا، لكن قبل أن تصل إلى الباب، أوقفتها جين.
"انتظري."
راما التفتت ببطء.
"بدر سيوصلكِ."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
راما رفعت حاجبها، نظرت إلى بدر، الذي لم يقل شيئًا، لكنه كان قد نهض بالفعل، وكأنه أخذ الأمر كحقيقة لا جدال فيها.
"هذا ليس ضروريًا." قالتها راما بجفاف.
"بل هو كذلك." أصرت جين، نظرتها كانت حازمة، لكن صوتها كان يحمل شيئًا آخر، شيئًا لم ترغب في تحليله الآن.
راما تنهدت ببطء، ثم استدارت، واتجهت نحو الباب دون تعليق إضافي.
وبدر، دون أن ينطق، أخذ مفاتيحه، ولحق بها.
وجين، التي وقفت تراقبهما، لم تستطع أن تتجاهل الطريقة التي شعرت بها.
ذلك الشعور الغريب الذي لم تكن مستعدة لمواجهته بعد.
*********
لم يمضِ وقت طويل قبل أن تبدأ صحة جين في التدهور. لم يكن الأمر مجرد تعب عابر أو غثيان حمل معتاد، بل إرهاق مستمر، بشرة شاحبة، عيون غارقة في الهالات السوداء، ودوار متكرر كاد أن يسقطها أكثر من مرة.
في البداية، حاولت جين تجاهل الأمر، أقنعت نفسها أنه مجرد إرهاق طبيعي، شيء يمكنها التكيف معه. لكنها لم تستطع إخفاء الأمر طويلًا، خاصة عن بدر… وعن راما.
كانت راما تراقب بصمت،لم تقل شيئًا في البداية، لم تسألها كيف تشعر أو إن كانت بحاجة لشيء،لكنها كانت هناك، دائمًا، بطريقة ما.
أصبحت زياراتها أكثر تكرارًا، غير منتظمة لكنها ثابتة، مثل ضربات قلب غير متزنة لكنها لا تتوقف، لم تعد تكتفي بالجلوس أو المراقبة كما اعتادت، بل بدأت تأخذ الأمور على عاتقها، كما لو أن شيئًا داخلها كان يرفض ترك جين تواجه ذلك وحدها.
كانت تصل أحيانًا في الصباح، تجد المنزل صامتًا، تشم رائحة الطعام المحترق لأن جين حاولت الطهي ولم تكمل، دون أن تقول كلمة، كانت تنزع الغطاء عن المقلاة، تنظف الفوضى، وتبدأ في تحضير شيء آخر.
في أيام أخرى، كانت تأتي مساءً، تجد جين مستلقية على الأريكة، نظراتها زجاجية، تعاني من دوخة خفيفة لكنها لا تشتكي، كانت راما تجلس على بعد خطوات، لا تحاول تقديم المواساة، لا تهمس بكلمات التعاطف، فقط تبقى هناك، تنتظر بصمت.
وعندما كانت جين تغفو أخيرًا، كانت راما تتجول في المنزل، ترتب الأشياء، تمسح الغبار عن الطاولة، تتأكد أن الأطباق نظيفة، ثم تعود للجلوس وكأنها لم تفعل شيئًا.
لكن شعور النفور لم يفارقها.
كان شيئًا لزجًا في صدرها، يخنقها في كل مرة ترى فيها جين مستلقية بتعب، في كل مرة تجبر نفسها على سكب الشاي الساخن لها، في كل مرة تدرك أنها بدأت تهتم دون أن تريد ذلك.
كرهت ذلك،كرهت أنها تهتم، كرهت أنها لم تعد قادرة على أن تكره جين بالكامل كما اعتقدت دومًا،ورغم ذلك، لم تتوقف عن المجيء.
******
، كانت راما لا تزال تحتفظ بجدارها، تتعامل مع جين وكأنها تقوم بواجب ثقيل، كما لو أن وجودها هناك ليس سوى مسؤولية فرضتها الظروف، وليس شيئًا اختارته بإرادتها.
لكن العداء الذي كانت تبديه بدأ يفقد حدّته تدريجيا، لم تختفِ نظراتها الباردة بالكامل، ولم تتوقف عن إلقاء التعليقات الجافة بين الحين والآخر، لكنها لم تكن كما كانت من قبل.
جين، من جهتها، لم تحاول استغلال ذلك،لم تشر إلى التغير، لم تحاول إجبار راما على الاعتراف بأي شيء، فقط تقبلت الأمر كما هو، كما تقبلت من قبل عداءها الصريح دون أن تبعدها عنه.
كانت هناك لحظات صغيرة، لمحات خاطفة من شيء يشبه الهدنة، وربما شيء آخر أكثر تعقيدًا.
في إحدى المرات، كانت جين تحاول رفع صندوق ثقيل، وعندما كادت أن تفقد توازنها، مدت راما يدها تلقائيًا وأمسكته عنها،لم تقل شيئًا، لم تعلق حتى، فقط فعلت ذلك وكأنه أمر طبيعي، وكأنها لم تكن قبل أشهر ترفض حتى النظر إليها دون احتقار.
وفي مرة أخرى، عندما سقطت جين في الدرج الصغير المؤدي إلى المطبخ، لم تكتفِ راما بمساعدتها على النهوض، بل بقيت بجانبها لبضع لحظات أطول مما يجب، كأنها تريد التأكد أنها بخير حقًا.
حتى الحوارات بينهما، رغم أنها لم تكن طويلة أو عميقة، بدأت تأخذ طابعًا مختلفًا.
"طريقتك في تحضير الشاي سيئة." قالت راما ذات يوم، وهي تتأمل الكوب الذي أعدته جين.
رفعت جين حاجبًا، مبتسمة قليلاً. "إذن حضّريه بنفسك."
حدقت بها راما للحظة، ثم أخذت الكوب منها بهدوء، سكبت الشاي وأعادت تحضيره دون أن تقول كلمة.
كانت تلك الأشياء الصغيرة هي ما شكلت الفرق، لم تكن هناك مصالحة درامية، لم تكن هناك اعتذارات أو اعترافات، فقط تفاصيل تتراكم، ببطء، دون أن يدركا أنهما لم تعودا كما كانتا من قبل.
وفي إحدى الليالي، عندما كانت جين مستلقية على الأريكة، تشعر بالضعف أكثر من المعتاد، فتحت عينيها لتجد راما جالسة بجانبها، صامتة، لكن حضورها كان ثابتًا.
"لستِ مضطرة للبقاء." همست جين، صوتها ضعيف لكنه واضح.
نظرت إليها راما للحظة، ثم شردت بعينيها في الفراغ، قبل أن ترد بهدوء، دون أن تنظر إليها مباشرة:
"أعرف."
لكنها لم ترحل.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
          الأخيرة
بدأت جين تشعر بالإرهاق الشديد، جسدها المنهك لم يعد يحتمل الأعباء اليومية التي كانت تؤديها بسلاسة من قبل، 
 لم يكن الأمر مجرد تعب عابر، بل ثقل يضغط على عظامها ويمنعها من القيام بأبسط المهام.
 غسل الصحون أصبح مجهودًا مرهقًا، تنظيف الأرضية مهمة شبه مستحيلة، وحتى تحضير وجبة بسيطة صار يتطلب منها وقتًا أطول مما ينبغي.
في البداية، حاولت جين إخفاء الأمر، لكنها لم تستطع مواصلة التظاهر لفترة طويلة.
 لاحظت راما ذلك، ولم تنتظر أن تطلب منها المساعدة، دون أن تتردد، تولّت معظم الأعمال المنزلية
كانت راما عملية وسريعة الحركة، تنظف، ترتب، وتعد الطعام وكأنها اعتادت هذا الدور طوال حياتها، لم يكن الأمر مجرد إحسان لجين، بل كان دين قديم عليها سداده 
أما بدر، فقد لاحظ التغيير لكنه لم يعلّق عليه مباشرة،في البداية، كان وجود راما ويوسف في الشقة غريبًا عليه، لكنه لم يستغرق وقتًا طويلًا حتى اعتاد عليه.
 صوت يوسف الطفولي، حركته المستمرة، وحتى لعبه بأغراض لا تخصه، كل ذلك صار جزءًا من يوميات الشقة، أما راما، فقد أصبحت حضورًا مألوفًا، تدير المنزل بحيوية مختلفة، دون أن تفرض نفسها أو تشعر أحدًا بأنها دخيلة.
بمرور الأيام، لم تعد جين تقلق بشأن عدم قدرتها على الاعتناء بكل شيء، لأن راما كانت موجودة، ولأن بدر لم يبدِ أي انزعاج حقيقي، شيئًا فشيئًا، أصبح وجودهما طبيعيًا، كما لو أن الشقة اتسعت لاحتوائهما دون مقاومة
لقد كانت رغبت جين التى أحترمها بدر رغم عدم فهمه بقاء راما فى الشقه مع طفلها ، رغم هذا الجفاء الظاهر قبل الولادة المتعثرة
*****
لم تكن جين تتوقع أن تكون أيام حملها الأخيرة بهذا القدر من الصعوبة.
 كانت قد تحملت شهورًا من الإرهاق والغثيان، لكنها ظنت أن النهاية ستكون أكثر رحمة،إلا أن جسدها كان له رأي آخر.
في الأيام التي سبقت الولادة، كانت جين تشعر بآلام حادة في ظهرها وأسفل بطنها، أقوى من أي شيء عانته من قبل.
 لم يكن مجرد انزعاج عابر، بل موجات من الألم تأتي وتذهب، تتركها لاهثة، متعرقة، غير قادرة على الحركة، كلما حاولت الوقوف، شعرت أن الأرض تميد تحتها، فتتمسك بأقرب شيء إليها كي لا تسقط.
راما كانت تراقبها بقلق، تحاول مساعدتها قدر المستطاع، لكن جين لم تكن مستعدة للاعتراف بأنها بحاجة إلى المساعدة.
"أنا بخير، فقط قليل من الإرهاق." كانت تقول ذلك دائمًا، حتى عندما كانت أصابعها ترتجف وهي تمسك بحافة الطاولة لتمنع نفسها من الانهيار
لكن في إحدى الليالي، تغير كل شيء،استيقظت جين على ألم مفاجئ، كأن سكينًا حادة مزقت بطنها من الداخل، حاولت النهوض، لكن قدميها لم تحملاها، شهقت وهي تشعر برطوبة غريبة بين ساقيها، وعندما أدركت ما حدث، اجتاحها الذعر.
"راما!" صوتها خرج ضعيفًا، لكنه كان كافيًا لإيقاظ المرأة التي كانت تنام على الأريكة في الصالة القريبة،هرعت راما نحوها، وعندما رأت وجهها الشاحب، لم تحتج إلى تفسير.
"جين، يجب أن نذهب إلى المشفى الآن."
لكن جين كانت بالكاد قادرة على التقاط أنفاسها،الألم كان يمزقها، ينهكها بسرعة مرعبة، شعرت بأن جسدها لم يعد ملكها، كأنه يتمرد عليها، يدفعها نحو حافة مجهولة لا تملك أي سيطرة عليها.
عندما وصلت إلى المستشفى، كان الأطباء بالفعل مستعدين، لكن نظراتهم لم تكن مطمئنة،همساتهم المنخفضة، الحركة السريعة من حولها، الأجهزة التي بدأت تصدر أصواتًا متوترة—كل شيء أخبرها أن الأمور ليست على ما يرام.
ثم جاء القرار الحاسم: العملية القيصرية الفورية.
وفي اللحظة التي انجرفت فيها نحو غياهب التخدير، كانت جين تدرك شيئًا واحدًا فقط—هذه الولادة لن تكون عادية، وستترك أثرها في حياتها إلى الأبد.
في غرفة العمليات  كانت الأضواء البيضاء القاسية تلقي بظلال باهتة على وجه جين الشاحب.
أجهزة المراقبة تصدر أصواتًا متقطعة، كأنها تراقب سباقًا غير متكافئ بين الحياة والمجهول.
يد الأطباء تتحرك بسرعة، العرق يتصبب من جباههم تحت الأغطية المعقمة، ورائحة الكحول الطبي الحادّة تملأ الهواء.
"ضغط الدم ينخفض!" جاء صوت أحد الأطباء، مشدودًا، حازمًا.
"أعطوها جرعة أخرى من الإبينفرين!" صاحت طبيبة التخدير وهي تراقب الشاشة أمامها، حيث كانت المؤشرات الحيوية تتراقص في خطر.
في زاوية أخرى من الغرفة، كان بكاء طفل يصدح، لكنه لم يكن قادرًا على الوصول إلى جين، التي كانت تغرق في بحر من الظلام.
كانت عيناها نصف مفتوحتين، نظرتها ضائعة، وكأنها ترى العالم لكنه لا يراها.
بعد دقائق طويلة بدت كالأبدية، خرج الطبيب الجراح إلى الممر حيث كانت راما تنتظر، يداها مشدودتان في حجرها، وقلبها يدق بجنون.
"المولود بخير." قال الطبيب، لكن صوته لم يكن يحمل نبرة الاطمئنان التي كانت تتوق لسماعها.
"وجين؟" سألت راما بلهفة، ولم تحتج سوى لنظرة واحدة على وجه الطبيب لتفهم أن الإجابة لن تكون سهلة.
*****
رائحة المطهرات كانت تخترق الأنف، تمتزج مع البرودة الغريبة التي تسكن جدران المستشفى.
 كانت جين ممددة على السرير، جسدها نحيل أكثر مما ينبغي، أنابيب متصلة بأنفها، مغذيات موصولة بمعصمها، والأجهزة تواصل إصدار نغماتها الرتيبة، كأنها تتحدث لغة لا يفهمها أحد.
الأطباء قالوا إن النزيف كان حادًا، وإن جسدها لم يتحمل الصدمة.
 على السرير الأبيض، بدت جين أضعف مما اعتاد الجميع رؤيتها، لكن عينيها هذه المرة لم تكونا فارغتين، كان هناك ضوء، واهن لكنه موجود.
راما جلست بجوارها، تمسك بيدها بحذر، كأنها تخشى أن ينكسر هذا التحسن الهش إن تحركت بسرعة. "كيف تشعرين؟" سألتها بصوت ناعم.
جين لم ترد فورًا، أخذت نفسًا عميقًا، وكأنها تحاول تذكر كيف يفعل الناس ذلك، ثم، بابتسامة صغيرة، همست: "متعبة... لكنني بخير."
كان هذا كافيًا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
عندما أحضروا الطفل إليها، لم تستطع رفعه بذراعيها، لكن راما وضعته برفق على صدرها.
كانت أنفاسه دافئة، صغيرة، ويداه تتحركان ببطء فوق ثوبها. نظرت إليه، وكأنها تراه لأخر مره، ثم همست له بشيء لم يسمعه أحد غيره. ربما كان اعتذارًا، ربما كان وعدًا، وربما مجرد همسة حب.
بدر وقف عند الباب، لا يقترب، لكن عينيه لم تفارقا المشهد، كان معتادًا على رؤية الألم، لكنه لم يكن مستعدًا لهذا النوع من الهشاشة، لهذا النوع من القوة التي تتحدى الضعف بأبسط الحركات.
**خذيه راما همست،، جين بأرهاق، اعتنى به كأنه ابنك، ثم اشاحت بوجهها كأنها تهرب منه 
رفعت راما حاجبها بغير فهم ثم مدت يدها وحملت الطفل ، كانت جين  تجد انفاسها بصعوبه كأنها تختنق وقطرات دمع تترقرق فى عيونها، اقترب منها بدر ضغط على يدها، سيكون كل شيء بخير يا جين
انا اسفه همست جين بصوت ضعيف، لم اتمكن من اسعادك بالطريقه التى كنت تتوقعها، ثم اغمضت جين عينبها وهى تنتحب اتركوني بمفردى من فضلكم  
في منتصف الليل
أول ما شعرت به جين كان بردًا مفاجئًا، غريبًا، كأن الدماء توقفت عن الجريان في عروقها
 ثم جاء الألم، لم يكن حادًا، بل كان أشبه بشيء ثقيل يجثم على صدرها، يمنعها من التنفس.
عندما اندفعت الأجهزة تصدر إنذاراتها، كان بدر أول من وصل إلى الغرفة.
وجدها تتنفس بصعوبة، عيناها نصف مغمضتين، وشفتيها شاحبتين بطريقة مقلقة.
"جين؟!" ناداها، لكنه لم يحصل على رد.
الممرضات والأطباء تدفقوا إلى الغرفة، أحدهم صرخ: "انخفاض حاد في ضغط الدم!"
"نحتاج إلى ٥ ملغ من الإبينفرين، الآن!"
كانت الغرفة تعج بالأصوات، بصفير الأجهزة، بصوت العجلات المعدنية لعربة الطوارئ.
 كان كل شيء سريعًا، فوضويًا، وراما تقف في الممر، طفل جين بين ذراعيها، تهمس دون أن تدري: "لا... ليس الآن..."
لكن جين، وسط كل هذا، كانت تغرق مرة أخرى في الصمت، في الظلام، في الغياب الذي لا يعرف أحد إن كان له عودة هذه المرة.
نزيف داخلي، فشل مؤقت في وظائف الكلى، وانخفاض شديد في ضغط الدم جعل دماغها يدخل في حالة طوارئ، يطفئ نفسه ليحافظ على طاقته.
"نعطيها 2 ملغ من الدوبامين، ونراقب الوظائف العصبية كل أربع ساعات." قال الطبيب بصوت منخفض وهو يسجل الملاحظات في ملفها الطبي.
كانت الجرعات تُضخ في جسدها، محاليل تغذيها، ومسكنات تهدئ أي ألم قد تشعر به رغم غيابها عن الوعي. لكن السؤال ظل معلقًا في هواء الغرفة العقيم: متى ستعود؟ وهل ستعود حقًا؟
في الخارج، كانت راما تحمل الطفل الصغير بين ذراعيها، تحاول تهدئته، لكنه كان يصرخ، كأن روحه الصغيرة تشعر بأن أمه ليست معه، كأن شيئًا ناقصًا في عالمه الجديد.
أما بدر، فكان يقف بعيدًا، عيناه معلقتان بالزجاج الفاصل، يراقب جين بصمت.
لأول مرة، كان يشعر أن الحياة يمكن أن تأخذ كل شيء في لحظة، دون تحذير، دون رحمة.
*********
بعد ساعات 
كانت المستشفى أهدأ مما ينبغي،الأصوات المعتادة—صفير الأجهزة، خطوات الممرضات، همهمات الأطباء—بدت بعيدة، كأن الجدران ابتلعتها فجأة.
 في الغرفة الباردة، لم يكن هناك سوى سكون ثقيل، سكون يحمل في طياته أكثر مما تستطيع الكلمات وصفه.
كانت جين مستلقية على سريرها، ملامحها هادئة بشكل مخيف، وكأنها نائمة، لكن صدرها لم يكن يعلو وينخفض كما كان. يداها، اللتان كانتا تداعبان طفلها قبل ساعات، أصبحتا ساكنتين، بلا دفء.
استاذ بدر الطبيب يحتاجك من فضلك!! نهض بدر من على مقعده فى الرواق دلف إلى الغرفه مسرعا
لم يحتاج شرح او توضيح جين ماتت
وقف بدر عند حافة السرير، عيناه تحدقان في وجهها كأنه ينتظر منها أن تستيقظ، أن تفتح عينيها، أن توبخه لأنه تأخر عليها أو لأنها لم تحب مذاق الطعام الذي أحضره لها،لكن جين لم تقل شيئًا.
مرت لحظات طويلة قبل أن يستوعب الحقيقة، قبل أن ينهار على ركبتيه بجانبها، رأسه منحني، أصابعه تمسك بيدها الباردة كأنه يحاول أن يعيد إليها بعض الحياة. لكنه لم يستطع.
لم يبكِ بصوت عالٍ، لم يصرخ. فقط جلس هناك، يضغط على يدها بصمت، عيناه فارغتان، كأن جزءًا منه رحل معها ولم يعد له وجود في هذه الغرفة.
راما كانت في الممر، تحمل الطفل الذي لم يدرك بعد ما خسره، عندما سمعت صوت الجهاز يطلق إنذاره الأخير، عندما رأت الممرضات يغطين جسد جين، عرفت.
شعرت بشيء ينكسر داخلها، شيء لن يُصلح أبدًا،تراجعت للخلف، احتضنت الطفل بقوة، وكأنها تستطيع أن تحميه من هذا العالم الذي أخذه من أمه قبل أن يعرف حتى من تكون.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
لم تستطع الدخول إلى الغرفة فورًا،لم تستطع مواجهة بدر، مواجهة الصمت القاتل الذي حل بعد الرحيل. فقط وقفت هناك، تهمس للطفل بصوت مبحوح:
"أنا آسفة... آسفة جدًا."
كان المشفى لا يزال ينبض بالحياة حولهم، لكن بالنسبة لهم، كان العالم قد توقف عند تلك اللحظة، عند ذلك الوداع الذي لم يكن لديهم وقت للاستعداد له.
*******'
 المشفى يعج بالحركة، لكن بالنسبة لبدر، بدا كل شيء ضبابيًا.
 لم يستطع التركيز على كلمات الأطباء، ولا على الإجراءات الورقية، ولا حتى على الممرضات اللواتي تحدثن إليه بلطف شديد.
كل ما كان يسمعه هو صدى نبضات جين التي لم تعد، وكل ما كان يراه هو جسدها الملفوف في الملاءة البيضاء، استعدادًا لنقلها بعيدًا إلى الأبد.
راما تولت معظم الترتيبات، أدارت الأمور بصمت، عينها على بدر الذي كان بالكاد يستطيع الوقوف. لم يعترض عندما طُلب منه توقيع الأوراق، لم يسأل عن شيء، فقط وقف هناك، شاحبًا، عيناه مثبتتان على النعش حين أُحضر. وحين حان وقت المغادرة، تعثر في خطواته كأن قدميه لم تعودا قادرتين على حمله.
في الجنازة، لم يقل بدر كلمة واحدة، وقف صامتًا، ويداه متشابكتان أمامه، بينما الدموع التي رفضت أن تنزل في المستشفى بدأت تسيل الآن، بطيئة، صامتة، لكنها لا تنتهي. عندما وُضعت جين في القبر، انهارت قواه تمامًا، سقط على ركبتيه، أصابعه تغوص في التراب، وكأن يده وحدها لن تسمح لها بالرحيل، لم يحاول أحد إبعاده، لأنه كان واضحًا أن لا شيء سيعزيه.
راما، من ناحية أخرى، لم تنتظر أن يُطلب منها شيء،منذ اللحظة الأولى، احتضنت الطفل كأنه ابنها، أرضعته من زجاجته، هدّأته عندما بكى، وسهرت بجانبه ليلاً عندما رفض النوم. كان بين ذراعيها دائمًا، حتى بدأ يميز رائحتها وصوتها، حتى أصبح يستدير نحوها حين يسمعها تتحدث، وحتى بدأ يبتسم لها عندما تقترب.
لم تكن تفكر في الأمر كثيرًا، لم تكن تسأل نفسها لماذا تفعل ذلك، لكنها كانت تعلم شيئًا واحدًا: لن تدع هذا الطفل يكبر دون دفء، دون حب، دون شخص يمسك بيده كلما شعر بالخوف.
لم يكن قرارًا اتخذته في لحظة واحدة، بل كان شيئًا تسلل إلى قلبها تدريجيًا، حتى أصبح يقينًا لا يقبل الجدل.
 راما لم تكن فقط تهتم بالطفل، بل كانت تحبه، تحبه كأنه جزء منها، كأنه ابنها بالفعل.
في الأيام الأولى، حاولت الموازنة بين عملها في الجامعه وبين رعاية الصغير، لكن سرعان ما أدركت أن ذلك مستحيل.
 كان الطفل يحتاج إلى أكثر من مجرد ساعات متفرقة من الاهتمام، يحتاج إلى أم تحمله عندما يبكي، تغني له حتى ينام، تطمئنه عندما يستيقظ مفزوعًا في منتصف الليل.
وعندما فكرت في جين، في وعدها لها وهي على سرير المشفى، لم تتردد.
قدمت استقالتها دون تفكير طويل،بعض زميلاتها حاولن ثنيها عن القرار، وبعضهن سألنها إن كانت متأكدة، لكنها لم تكن بحاجة إلى التأكيد.
عادت إلى الشقة، إلى الطفل الذي بدأ يتعرف عليها أكثر فأكثر، وعندما حملته بين ذراعيها تلك الليلة، شعرت بشيء مختلف. لم يكن هذا مجرد طفل فقد أمه، ولم تكن هي مجرد امرأة تؤدي واجبًا.
لقد أصبح هو عالمها، وهي عالمه.
ومع مرور الأيام، بدأ بدر يلاحظ ذلك،بدأ يراها وهي تهدهده، تطعمه، تغير له ملابسه، تبتسم له كأنه ابنها، في البداية، لم يقل شيئًا، لكن في إحدى الليالي، وبينما كانت تحمله وتسير في أرجاء الشقة حتى يهدأ، نظر إليها وقال بصوت خافت:
"لقد وفيتِ بوعدك."
              وصية جين: القرار الأخير
كانت الليلة هادئة، لكن عقل بدر لم يكن كذلك، منذ وفاة جين، أصبح الليل زمنًا للأفكار، للذكريات التي لا تهدأ. وفي لحظة من الحنين، وجد نفسه يقف أمام خزانة ملابسها، يتلمس الأقمشة كما لو كان يبحث عن بقايا دفئها.
عندما سحب أحد الأدراج، وجد مظروفًا أبيض، نظيف الحواف، كُتب عليه بخط يدها المرتب: "إلى بدر.. عندما يحين الوقت."
جلس على السرير، يداه ترتجفان وهو يفتح المظروف، وقلبه يخفق وكأنه يخشى ما سيجده.
**"حبيبي بدر،
إذا كنت تقرأ هذه الرسالة الآن، فهذا يعني أنني لم أعد هنا، أعلم أنك ستكرهني لأنني لم أخبرك بالحقيقة، لكنني فعلت ذلك لأنني كنت أعرفك، كنت أعرف أنك لن تسمح لي بالاحتفاظ بهذا الطفل لو علمت بالمخاطر.
كنت ستجبرني على الاختيار، وأنا لم أكن أحتاج إلى الاختيار، لأنني كنت أعرف دائمًا أنني أريده، حتى لو كان الثمن حياتي.
لكنني لا أكتب لك لأبرر قراري، بل لأطلب منك طلبًا أخيرًا.. لطفلنا.
بدر، أنا لا أريد أن يكبر ابننا يتيمًا بلا أم، ولا أريدك أن تغرق في الوحدة والألم من بعدي.
أعلم أن الحزن سيأخذك، وأنك سترفض فكرة المضي قدمًا، لكنني أرجوك، لا تدع ذلك يمنعك من منح طفلنا عائلة.
راما... نعم، راما.
أعرف أن طلبي غريب، لكنني رأيت الطريقة التي تهتم بها بطفلها ، رأيت الحنان في عينيها. إنها قوية، حنونة، وستكون أمًا رائعة له.
لهذا، أطلب منك أن تتزوجها. لا تفعل ذلك بدافع الواجب، ولا بدافع الوصية. لكن إن وجدت في قلبك مaكانًا لها، وإن شعرت أن طفلنا يستحق أمًا تحبه بصدق، لا تتردد.
أنا أثق بكما.. وأثق أنك ستفعل ما هو صواب.
إلى أن نلتقي من جديد، سأظل أحبك.. دائمًا.
جين."**
أعاد بدر الورقة إلى المظروف، وهو يشعر بأن قلبه يضيق وكأنه لم يعد يتسع لأي شيء، لقد عاش كل لحظة مع جين وكأنها ستدوم للأبد، لكنه الآن يدرك أنها كانت تعرف.. كانت تعرف أن الوقت كان ينفد.
جلس في الظلام طويلًا، يفكر في كل شيء، وفي راما، التي لم تتخلَ عن الطفل لحظة.
 لم يكن يعرف ما سيفعل، لكنه كان يعرف شيئًا واحدًا—وصية جين لم تكن مجرد كلمات، بل كانت وعدًا لم يقطعه بعد.
انتهت

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا