رواية قسمتي غرام من الفصل الاول للاخير بقلم بتول عبدالرحمن
رواية قسمتي غرام من الفصل الاول للاخير هي رواية من كتابة بتول عبدالرحمن رواية قسمتي غرام من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية قسمتي غرام من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية قسمتي غرام من الفصل الاول للاخير
رواية قسمتي غرام من الفصل الاول للاخير
كانت نايمه على سريرها في اوضتها وصحيت على صوت دوشه وحاجات مزعجه بتتحرك ، فاقت واتعدلت وهيا معندهاش اي فكره ايه اللي بيحصل تحت ، لسه هتقوم من مكانها الباب خبط خبطه خفيفه وهيا سمحت للي بيخبط يدخل، الباب اتفتح ودخلت واحده باين عليها الحزن وحاولت ترسم ابتسامه على وشها بس متعدتش شفايفها وهيا بتقول بحزن " صحيتي يا حبيبتي ؟!"
بصتلها بتفحص وقالت بهدوء " اه صحيت بس هو في ايه، ايه الأصوات دي وايه اللي بيحصل، والأهم انتي متضايقه ليه كده"
بصتلها بحزن حاولت تخفيه وقالت " سيبك من كل اللي بيحصل وانزلي كلمي حسن بيه، وعشان خاطري يا نور متزعليش من اللي هيحصل لأن كله في مصلحتك "
بصتلها وهيا بتحاول تحلل كلامها اللي مش فاهمه نصه وقالت بعبوس " ايه اللي هيحصل، بتتكلمي بألغاز ليه ؟ "
اتنهدت وقالت بنفاذ صبر " حسن بيه في اوضته روحيله بسرعه "
قالت كلامها وجت تخرج لقت نور مسكت فيها وقالت برجاء " قوليلي في ايه عشان خاطري، مش انتي زي ماما، متخبيش عليا وقولي في ايه ؟"
بصتلها بحزن وقالت " انا مش بخبي، هتعرفي كل حاجه دلوقتي بس هيبقى احسن لو مش مني "
هزت راسها بتفهم وخرجت تروحله بسرعه، بمجرد ما خرجت من اوضتها لقت أشخاص غريبه بياخدوا كل حاجه موجوده، جريت على اوضة عمها حسن ودخلت وهيا مذهوله، بصلها بابتسامه حاول يظهرها وقال " صباح الخير "
قربت منه وقالت بحيره " هو في ايه، ايه اللي بيحصل بره ومين دول وليه كل حاجه في البيت مش في مكانها ؟"
سكت شويه وبعدين قال بهدوء "بصراحه كده الڤيلا والعربيات والفلوس اللي في البنك كلهم اتحجزوا ... كل حاجه اتحجزت مؤقتا لأن زي ما انتي عارفه اخر مشروع دخلته للاسف فشل ولازم اسدد الديون فمحتاج شوية وقت اقدر ارجع بيها كل حاجه "
بصتله بصدمه وتدراكت الموقف وقالت "اه وبعدين"
اتنهد وقال بضيق " هتروحي عند أهل مامتك فتره علي ما اتصرف في الدين ده وهديكي مبلغ تمشي بيه حالك وكل فتره هبعتلك "
خلص كلامه وبعدها قال بتذكر قبل ما هيا تتكلم " واه نقلتلك جامعتك هناك "
قالت بزهول " ليه هي هتطول؟ وبعدين ما حضرتك عارف اني مبحبش اروح هناك بأي طريقه، ولما بروح بيكون يوم مش اكتر، فتطلب مني اقعد هناك فتره والله اعلم هتكون لامتى ؟"
قالها بحنان ابوي " يا نور يا حبيبتي انتي عارفه أنه غصب عني بس انا مضطر، كل حاجه محجوز عليها وأنا لو وقتي خلص من غير ما ادبر الدين، وكده هتحبس فلازم ابعدك دلوقتي عن المشاكل دي، ركزي في دراستك دلوقتي وده عندي المهم "
سكتت شويه وبعدها قالت باستفسار " طب وحضرتك هتروح فين؟ "
"عند واحد صحبي كده علي ما اشوف ايه اللي ممكن يحصل "
قالت بسرعه "طب هو مينفعش اروح معاك ؟"
قال برفض قاطع" لا طبعا مينفعش أنا شايل هم نفسي هشيل همك انتي كمان وبعدين هما هناك بيحبوكي وهياخدوا بالهم منك كويس واحسن مني، استحملي يا نور ده وضع مؤقت "
شبكت ايديها بتوتر وقالت بملل" طب هو أنا هروح هناك امتى ؟"
قال باقتصاب " انهارده ودلوقتي، سمير هيوصلك لحد باب البيت"
بصتله بزهول "بالسرعه دي؟"
" انتي شايفه ايه ؟!"
قالت بنبره حزينه "طيب أنا هطلع اجهز حاجتي "
طلعت اوضتها وهيا مش مصدقه اللي حصل، ازاي هتسيب كل حياتها وتتنقل لحياه جديده تماما، ازاي هتعيش في بدل تانيه وهيكون ليها بيت تاني ومع أشخاص تانيه، ازاي هتسيب كل حاجه وتمشي، صحابها وجامعتها ودنيتها كلها،لمت حاجاتها وبصت لاوضتها بصه اخيره واتمنت انها ترجع تاني في اقرب وقت، ودعت كل حاجه في البيت بحزن وكأنها حاسه انها مش هترجع تاني ونزلت لتحت ودعت عمها ومشيت بعد ما بصت علي البيت بصه اخيره ، طول الطريقه كانت سرحانه في شكل حياتها الجاي هيكون ازاي وايه هو مصيرها، حياتها الجايه غامضه اوي ومعندهاش ادني تفكير ايه اللي ممكن يحصل، اتفاجئت بدموعها اللي نزلت بصمت واتمنت لو كان باباها ومامتها موجودين وعايشين معاها زي اي حد عنده اب وام، افتكرت ازاي كانت سعيده في وجودهم واليوم اللي العربيه اتقلبت بيهم وهيا الوحيده اللي نجت، وقتها حصل جدال كبير بين أهل باباها ومامتها عن مين اللي هياخدها لحد ما انتصر عمها في الاخر وراحت تعيش في بيته، فاقت من ذكرياتها بعد وقت طويل لما العربيه وقفت ولقت نفسها وصلت، اخدت نفس عميق قبل ما تنزل من العربيه ولقت الكل في انتظارها،
دخلت سلمت عليهم كلهم واول حد استقبلها كانت جدتها اللي بصتلها بابتسامه واسعه وقال "ازيك ي نور ي بنتي بسم الله ماشاء الله ملامحك كلها زي شيرين يا حبيبتي "
ابتسمت بتكلف" الحمد لله ي تيته وحشتيني كتير "
ابتسمت ببشاشه وقالت"ما أنا لو كنت وحشتك كان زمانك اتصلتي عليا وطمنتيني عليكي "
سكتت وبتدور على رد فاتدخل جدها وقال "خلاص يا صفيه مش اول متيجي سيبك منها يا نور وقوليلي انتي عامله ايه يا حبيبتي "
سلمت عليهم كلهم وطلبت بخجل انها تطلع اوضتها الجديده وانسحبت بهدوء، اخدت نفس طويل وقعدت على اقرب كرسي وحطت راسها بين ايديها بتعب، ملل، شعور هيا مش فاهماه بالأدق، بدأت تنقل حاجاتها بس قاطعها خبطه خفيفه على باب اوضتها، فتحت الباب ولقت ساره بنت خالتها، بصتلها باستفسار وقالت
" في حاجه يا ساره؟"
قالت بابتسامه "كانوا بينادولك تحت عشان الغدا "
" تمام انزلي انتي وأنا هنزل وراكي "
نزلت ولقت الكل موجود، قعدت بصمت والجو عائلي هيا مش متعوده عليه، كانوا بيحاولوا يخرجوها من المود وبيسألوها اسئله عاديه بس كان ردها هزه بدماغها، قامت وقفت وكلهم بصولها فقالت بحرج " طالعه اوضتي "
ردت عليها مرات خالها نهال وقالت " مأكلتيش ليه ؟ ليكون مش عاجبك اكلي يا نور "
ابتسمت بتكلف وقالت " لاء والله تسلم ايدك بس الأكل تقيل اوي ولو اكلت اكتر من كده وزني هيزيد بسرعه "
قالت بعتاب" مقولتليش ليه كنت عملتلك اكله خفيفه مفيهاش كوليسترول كتير "
رد جدها وقال " خلاص يا نهال اديكي عرفتي، وانتي يا نور مش غريبه يا بنتي، البيت بيتك واللي عايزاه اطلبيه هيكون عندك "
شكرته وطلعت اوضتها، الوقت بيعدي ببطء والجو ممل، فتحت فونها قلبت فيه وقفلته علطول، حاسه بالملل، بدأت تنقل باقي حاجاتها وقاطعها خبط الباب
فتحت الباب بملل ولقت بنات العيله قدامها، بصتلهم بحيره وواحده منهم اسمها ندى قالتلها بود "ممكن نقعد معاكي شويه ؟"
ردت بابتسامه وقالت "اه اتفضلوا طبعا "
دخلوا كلهم وقعدوا وندى قالتلها " ها بقا يا ست نور، مالك واخده جنب ليه ؟؟"
قالت بتبرير" مفيش والله بس انا بس مش واخده على المكان مش اكتر، يعني شويه وهاخد على الجو إن شاء الله "
ردت ايمان اخت ندى وقالت بابتسامه بشوشه " متقلقيش شويه وهتتعودي علينا و هتحبينا كمان "
بدأوا يتكلموا معاها كلهم وكانوا خمس بنات ندى وإيمان ساره وهبه وملك، اندمجت معاهم فعلا في الكلام بس قاطعهم صوت عالي جاي من تحت، خرجوا كلهم يشوفوا في ايه اللي بيحصل
يتبع........
خرجوا كلهم يشوفوا في ايه اللي بيحصل وكان في واحده صوتها عالي هيا اول مره تشوفها، وقفوا يتابعوا الحوار والواحده دي قالت بصوت عالي
" أنا مش همشي من هنا غير وابني معايا "
رد عليها محمد خال نور بغضب وقال "انتي فعلا شكلك اتجننتي ومحتاجه وقفه فعلا، وأنا اللي سمحتلك تتمادي "
علت صوتها اكتر وقالت بغضب " انت لسه شوفت جنان ده أنا هوريك الجنان على أصوله "
رد عليها الجد وقال بهدوء "امشي من هنا يا هدي وبطلي مشاكل مش كل اما تتزنقي في فلوس تيجي تقولي عايزه ابني ابنك اللي بتقولي عليه ابنك ده مش طايقك اصلا من اخر مره اخدتيه فيها، هو فرحان ومبسوط معانا هنا ولو فاكره أن ابني هيتكفل بيكي تبقى غلطانه، انتي خلاص بقيتي طليقته وملكيش حقوق هنا "
حافظت على نبرة صوتها العاليه وقالت "اه مهو ابنك وطبعا لازم تدافع عنه "
بصلها محمد بنفاذ صبر وقال "لا ده انتي زودتيها اوي ومحتاجه حد يلمك فعلا "
حطت ايديها على وسطها وقالت بردح "يلم مين يا راجل يا خرفان ،شكلك انت اللي عايز حد اللي يلمك "
أما نهال اللي كانت متفرجه بصتلها باشمئزاز وقالت " ادم ابني أنا مش انتي وانا اللي مربياه مش انتي وهو عندك اسأليه، لو اختارك انتي يبقى خديه "
بصتلها بحقد وقالت" اه مانتي خلفتك كلها بنات ومصدقتي تاخدي ابني مني"
بصت لمحمد وقالتلها بحقد اكبر" أنا مش عارفه اصلا انتي ازاي عايشه معاه بعد لما سابك وجالي"
راحت وقفت جنب جوزها وحطت ايديها في أيده وقالت بابتسامه هاديه " أولا أنا راضيه بخلفتي جدا والحمد لله عليها وعندي بنت من بناتي أحسن من ميت راجل ثانيا أنا اللي قولتله يتجوز عشان يجيب الولد اللي نفسه فيه وعمره ما كان هيبصلك لو انا مقولتلهوش "
اتكلمت صفيه بحنق وقالت "خلاص يا نهال مانتي عارفه انها مجنونه ايه الجديد يعني "
وزعت نظراتها على الكل وبصتلها بحقد"طبعا مهيا اللي مرات ابنك بس "
رد عليها محمد بتأكيد "اه لانك مش على ذمتي حاليا ويلا بقا اطلعي بره وقتك خلص"
قالت الجمله اللي بتقولها للمره الألف قبل ما تخرج "أنا هعرف أنا هاخد ابني ازاي وهسجنكوا كلكوا "
"يوووه بقا انتي معندكيش غير ام الكلمتين دول " قالتها نهال بصوت واطي بس اتفاجئت بيها بترد عليها " بس يا أم البنات انتي مهياش نقصاكي "
كانت لسه هترد بس محمد ضغط على ايديها وبصلها تسكت وهو قرب منها شدها لبره تحت تهديداتها ومقاومتها ليه ، زقها لبره وقال بغضب شديد " لو عتبتي هنا تاني هرد عليكي بطريقتي، متختبريش صبري اكتر من كده "
بصتله بفحيح " انت لسه مشوفتش حاجه، لسه هتشوف يا محمد، خليك مستعد "
اما نهال فشافت ادم اللي كان واقف بيتابع الحوار بصمت وراحتله، قبل ما تتكلم قالها بحزم " عارف كل الكلام اللي هتقوليه، ومش متضايق "
قالتله بحنان" مش هقولك زي كل مره، انت خلاص عارف اللي فيها، بس مش هبطل اقولك انك ابني انا، وعمري ما هنكر الحقيقه دي لو ايه اللي حصل "
رسم ابتسامه مزيفه وقال " ربنا يخليكي ليا "
سابها ومشي وهيا مراقباه لحد ما اختفي وابتسامتها اختفت مع اختفائه
عند البنات بعد ما دخلوا الأوضه تاني سألت نور بفضول " مين اللي كانت بتزعق تحت دي؟ "
ردت عليها ندى بملل " دي حكايه طويله "
ايمان وملك اتكلموا مع بعض في نفس الوقت فملك قالت " اتكلمي انتي "
اتعدلت في قعدتها وبدأت تشرحلها " بصي يا ستي، انتي عارفه أن احنا ٣ بنات بس من ام واحده وادم من ام، ماما لما خلفت اول مره كانوا كلهم عايزين ولد "
بصت لندى اختها وقالت " بس شرفنا احنا، وتاني مره كانوا برضو عايزين ولد بس شرفت الاستاذه ملك، اما المره التالته"
قاطعتها نور بحيره " مره تالته؟ مش انتوا 3 بس "
حركت راسها بموافقه وقالت " منا جيالك في الكلام اهو، المره التالته كانت التابته، ماما وقتها كانت حامل في ولد فعلا بس للاسف "
اتوقعت وقالت بزهول" مات ؟!"
" مش كده بالظبط، بس وقتها قبل الولاده بكام يوم جالها نزيف وخسرت الطفل والرحم كله كمان، فبكده أي امل كان موجود انها تخلف تاني اصلا اتنسف"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كانت بتسمع بزهول ومش مستوعبه صدمة نهال والكل وقتها، كملت ايمان " بدأ وقتها الزن بقا، من جدو بالتحديد وأنه عايز ولد يشيل اسمه وبابا كان رافض الفكره بس مع إصرار جدو وطلب ماما منه اتجوز هدى "
سألت باستفسار " دي اللي كانت تحت؟"
حركت راسها بتأكيد وكملت " قبل ما بابا يتجوزها مضحكش عليها وقالها السبب وقالها أنه بيحب ماما بس مضطر يتجوز وهيا وافقت علطول عادي بس هيا كانت ليها خطه تانيه، كانت عايزه تاخد مكان ماما وتمشيها، كانت عارفه مكان الدهب بتاع تيتا وفي مره اخدت منها خاتم تقيل وغالي وراحت تحطه في دولاب ماما ولما تيتا اكتشفت أنه ناقص شكت في هدى بس قالت انها مش هتتكلم دلوقتي وتفهم في ايه وبعدها بدأت تراقب حركاتها وتصرفاتها وهدي لما لقت أن تيتا مفيش رد راحت خدت كمان خاتم وحطته لماما بس تيتا وقتها شافتها وعرفت وبعدها عرفت ماما وبابا اللي حصل ولأنها كانت حامل وقتها مكانوش عارفين يتصرفوا ازاي فتيتا قالتلها أن في دهب ناقص من عندها فعيطت وقالت مخدتش حاجه ودوروا عندي بس شرطت انها قبل ما تدور عندها تدور عند ماما كمان فتيتا وكلهم فهموا هيا عايزه ايه ولما لاقوه عند ماما ماما قالت إنها متعرفش عنه حاجه وهما قالوا قدام هدي انهم مش مصدقينها عشان خاطر يشوفوا هيا عايزه ايه ووقتها بابا قال لماما تروح عند تيتا لحد ما هدي تولد "
كانت بتسمع بزهول وقالت باعتراض " بس ليه يمشي طنط اصلا وهو عارف ان هدي دي هيا السبب اصلا "
وضحت بهدوء " عشان هيا كانت حامل في ادم وبعد ما خلفت بابا رجع ماما تاني والمشاكل بقت اكتر انتهت بطلاق بابا منها "
سألت بحيره" طب وهيا ايه اللي جابها دلوقتي مش المفروض خلاص كده؟ "
هزت أكتافها بلا مبالاه وقالت " عشان الفلوس اكيد "
اتدخلت ساره وقالت " يعني البنت لسه جايه وقعدتوا تحكولها المشاكل كلها من اول يوم؟"
قالت نور بزوق" ادينا بنتكلم مع بعض وبنعرف بعض اكتر "
سألتها ايمان بشك " صدعتي مني ؟"
نفت براسها" لا والله مصدعتش، وبعدين منا كمان رغايه يا بنات "
سألتها ندى بفضول " طب اتكلمي عنك يلا ؟؟"
سألتها بمراوغه " عايزه تعرفي ايه ؟!"
عملت نفسها بتفكر وقالت بمرح " لاء قولي من الاول يلا ؟!"
ابتسمت وقالت بهدوء " انا حياتي عاديه عادي مفيهاش اثاره يعني عشان احكيها، هو بس بعد وفاة بابا وماما بقيت عايشه مع عمو وكل سنه تيتا وجدو بيجولي زياره، يعني حياه عاديه جدا"
بصتلها ملك وضيقت عينيها وقالت" تؤ تؤ انتي كده بتهزري، كل ده احنا عارفينه عادي، بصي انا الشخص هنا الاكثر فضوليه فهتلاقيني أقل تحدثا وبقولك انتي كده محكيتيش حاجه، احنا نبدأ من الاول خالص، ليه باباكي وعمتو ماتوا اصلا والسبب اللي خلاكي تيجي هنا هو ايه، والسبب اللي كان مخليكي مش عايزه تيجي برضو، بصي مش هنخرج غير لما تقولي"
أكدت هبه كلامها وقالت " بالظبط، انا كمان فضوليه وأقل تحدثا فممكن نسمع بقا!"
قبل ما تتكلم نور قالت ساره بغضب " ايه يا جماعه هو تحقيق؟ مهي قالت اللي حصل ومش عايزه تقول تفاصيل يبقى خلوا عندكوا دم واتكتموا شويه "
ردت نور عليها " علفكره انتي خلقك ضيق اوي واحنا متفقناش على كده "
بصتلها وكشرت " انا بتكلم عشان انتي لسه جايه انهارده وهما نازلين اسأله، يعني عشانك"
ابتسمت وقالت " انا مش متضايقه عادي "
اتنهدت وقالت " بابا وماما ماتوا في حادثه ووقتها كان في جدال عليا ومين هياخدني اقعد عنه لحد ما استقروا على عمو وبس دلوقتي كل ممتلكات عمو حصل عليها ضرايب وكل حاجه اتحجزت فجيت هنا "
الباب خبط ودخلت نهال، بصتلهم وقالت " يلا يا بنات كفايه عليكوا كده وسيبوها ترتاح "
اعترضوا كلهم وهيا قالت بنفاذ صبر " سيبوها شويه انتوا بقالكوا شويه قاعدين، زهقتوا البت "
ردت نور بابتسامه " لاء انا مش زهقانه عادي، بالعكس خرجوني من المود "
قالت ندي بانتصار " شوفتي، اسكتي بقا "
هزت راسها بقلة حيله " طب شويه بس متطولوش "
قبل ما تخرج سألتها ساره باهتمام " ادم فين ؟!"
" في اوضته، قالي هينام "
حركت راسها بتفهم ونهال خرجت وسابتهم، قعدوا كلهم مع بعض وبدأوا يتعرفوا على بعض اكتر، الوقت اتاخر جدا وكل واحد راح لاوضته ينام وهيا حاولت تنام بس معرفتش لأن المكان جديد عليها، خرجت البلكونه شويه لأنها حاسه بملل، وقفت شويه وبعدها لمحت حد واقف تحت
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
وقفت شويه وبعدها لمحت ادم واقف تحت وباصص للاشئ قدامه وسرحان، حست انها عايزه تنزل تتكلم معاه بس اتراجعت، هيا مالها اساسا، وقفت تبصله وفي صراع جواها بين انها تنزل أو لاء وفي الاخر قلبها انتصر وقررت تنزل تتكلم معاه بس شويه، نزلت وقفت وراه ومش عارفه تبدأ كلام ازاي، حمحمت وهو مخدش باله، قربت خطوه لحد ما وقفت جنبه وخدت نفس طويل وقالت بابتسامه " ادم ؟!"
مردش فعلت صوتها اكتر لحد ما انتبه اخيرا، بصلها وعينيه حمرا ورد بصوت متحشرج " انتي هنا من امتى ؟ مخدتش بالي "
حاولت تهزر معاه " اللي واخد عقلك ؟"
بصلها بعبوس وحاول يرتب كلامه بس معرفش فقال باختصار " انا عادي مفيش حاجه "
غير الموضوع وقال بفتور " في حاجه انتي عايزاها ؟"
تقبلت تغييره للموضوع وقالت بابتسامه " انا بس مش عارفه انام فقولت انزل اتمشي شويه في الجنينه "
حرك راسه بتفهم وقال بايجاز " تمام، هسيبك براحتك"
قالت بسرعه " لا لا خليك انا مش نازله اضايقك، خلاص خليك انت وانا هطلع احاول انام "
نفى كلامها وقال " لا عادي مش هتضايقيني ولا حاجه، انا قولت اسيبك براحتك عادي "
" عادي خليك واقف "
سألها باهتمام " يعني مش هتتضايقي "
نفت بسرعه " لاء طبعا، يعني انت اللي كنت واقف اصلا وانا اللي جايه عليك "
هز راسه بخفه ورجع بص قدامه وعدي لحظة صمت قطعتها لما قالتله بمخزى " عسى أن تبدل احزانكم فرحا قريبا "
بصلها بعدم فهم وقال باستغراب " ليه بتقولي كده؟!"
اتنهدت وهيا لسه باصه قدامها وقالت بهدوء " حسيت اني لازم اقولك كده "
اجابتها حيرته اكتر فسالها " ايوه بس ليه يعني مش فاهم ؟"
بصتله وقالت " يمكن حالتك اللي انا شايفاها هيا اللي خلتني اقولك كده "
سألها بزهول " حالتي؟ شايفاني بشد في شعري يعني ولا بقطع شراييني "
كشرت وبصتله بلامبالاه وقالت بسخريه " لاء شايفاك هتموت من الفرحه والضحكه مش مفارقه وشك "
تجاهل سخريتها وسألها باهتمام " طب وضحي اللي عايزه تقوليه يمكن افهمك اكتر "
اخدت نفس طويل واتنهدت وبدأت توضحله بهدوء " انت حاسس ان الدنيا ضاقت وملقتش غيرك تديله هموم، ويمكن تكون مفكر أن وضعك ده صعب وان مفيش حد عنده ام مش بتحبه زي مامتك، ده اللي انت شايفه صح ؟!"
هز أكتافه بحيره وقال " يمكن "
" لاء مش يمكن، ده فعلا اللي انت حاسس بيه، بس لو بصتلها من ناحيه تانيه هتلاقي أن عندك ام تانيه اساسا غير دي، بتحبك بجد وعمرها ما فرقت بينك وبين حد من ولادها، غير كل ده انت مميز جدا في عيلتك، ليك عيله واخوات بتحبك وزعلك بيفرق معاهم كلهم وغيرك اصلا مش لاقي لا ام ولا عيله ولا حتى اخوات، دلوقتي انت سايب كل ده وباصص لحاجه انت اوريدي عندك بديل ليه واحسن كمان، المفروض متسيبهاش تضايقك اكتر من كده"
سألها بحيره " والمفروض اعمل ايه يعني ؟!"
اخدت نفس طويل طلعته على مراحل وقالت بهدوء " المفروض دي عندك انت، انت عارف كويس انت هتعمل ايه ؟"
سألها بمراوغه " ولو مش عارف ؟!"
بصتله بابتسامه " يبقى تعرف، تعرف ازاي تتعامل معاها، اتكلم معاها وقولها انك مش عايزها وهيا وقتها مش هتلاقي حجه تيجي بيها تاني "
بص قدامه وقال بحزن " الكلام مفيش اسهل منه، عارفه لما تكون ام والمفروض انها امي، بعد تصرفاتها دي كلها المفروض اكرهها بس هيا امي، غصب عني بسأل نفسي ليه هيا مش بتحبني، انا ممكن اسيب كل حاجه، كل حاجه عشانها بس لو ضامن انها عايزاني فعلا مش عايزه فلوس تمشي بيها حياتها وتأمن نفسها، ممكن اتخلي عن العيله دي واتخلي عن كل حاجه، بس اشوف الحب في عينيها، نظرة حب بس هتخليني اختارها هيا، بس هيا مش بتحبني"
جت تتكلم بس كمل كلامه " نفسي لما تيجي هنا ادافع عنها بس غصب عني بقف اتفرج من بعيد واشوفها كل مره بتتطرد ومببقاش قادر اعمل حاجه، فكرت اسافر بس مش عايز اسيب عيلتي وامشي، محدش فاهمني ولا عارف انا بحس بايه في كل مره تيجي فيها هنا وتقول انها عايزاني، لوهله بفرح بس بفتكر انها عايزه فلوس، المشكله انها لسه مفكراني العيل الصغير اللي كانت بتضحك عليه زمان، بحاول افتكرلها حاجه تشفعلها بس مش فاكر غير الذل والاهانه والضغط المستمر على بابا انها تتنازل عني مقابل فلوس"
ضحك بوجع وكمل " متخيله أن ام تخطف ابنها علشان تساوم عليه بفلوس، حقيقي كل مره تيجي بتصحي جوايا كل الذكريات السيئه اللي مش عايز افتكرها "
خلص كلامه وهيا كانت عايزه تتكلم بس حست أن الكلام كله هرب منها، ربتت على كتفه وقالت بحنيه " هييجي يوم وهتعرف تتعامل معاها، هتواجهها وتقولها انك مش عايز تشوفها تاني، هتبعد عنك وهتسيبك مرتاح، دي برضو مامتك ويهمها راحتك "
ضحك بسخريه وقال باستنكار " يهمها راحتي ؟! بجد يهمها راحتي؟ مش بقولك انتي مش فاهمه حاجه "
" بس دي مهما كانت مامتك؟ يعني اكيد بتحبك ولو بنسبه بسيطه، ولو اتكلمت معاها وقولتلها اللي جواك ممكن تقدر ده "
رد بيأس " مش بتحب غير هدى وبس، مبتحبش حد تاني "
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
غير الموضوع وقال " انسي، انتي اتأقلمتي ولا لسه شويه هنا، البنات شكلهم قعدوا معاكي وحكولك كل حاجه"
قالت باحراج " انا اللي سالت مش هما اللي قالوا "
بص في ساعته وقال بجمود " الوقت اتأخر تصبحي على خير "
انسحب وهيا بصت لآثره بحزن
تاني يوم الصبح الكل كان متجمع على سفرة الفطار كالعاده، الجو كان صامت قطعه عبد الحميد الجد وسأل نور " عرفتي هتروحي كليتك امتى يا نور ؟!"
هزت راسها بابتسامه " اه يا جدو، كلمت عمو امبارح وقالي كل حاجه "
طلب منها بحنان" اي حاجه تحتاجيها انا موجود يا نور، انا جدك هنا واي حاجه تطلبيها هتكون موجوده "
بصتله بابتسامه" حاضر يا جدو "
خلصوا فطار وكل واحد كان هينسحب لاوضته بس ندى وقفتهم وقالت بحماس " انهارده الجمعه علفكره "
رد ادم بهدوء " عايزه ايه يعني ؟!"
بصتله ورفعت حاجبها وقالت " لا والله ؟"
قال بنفاذ صبر " يا بنتي اخلصي عايزه ايه ؟!"
" هنتفرج كلنا على فيلم كرتون، ماما بتعمل فشار في المطبخ "
رفض بهدوء " لاء انا خارج "
قالت بضجر " ادم بقا، هنشغل اللي انت عايزه ايه رايك ؟!"
اتنهد بملل" يا بنتي والله خارج، مليش مزاج "
رفعت أكتافها وقالت " مليش دعوه، مفيش اعذار لحد "
بصت لكل واحد وسألت واحد واحد والكل وافق فبصتله وقالت بمرح " ملكش حجه "
فكر شويه وبعدها قال " the lion king ؟ "
بصتله وضيقت عينيها وقالت" أنا اللي قتلت موفاااساااا"
اعترض" بالنسخه الاجنبيه ؟"
" بالنسخه الاجنبيه "
كلهم اتجمعوا وشغلوا الفيلم والجو كان لطيف لحد ما الفيلم خلص، الكل كان قاعد مكانه ومحدش قادر يقوم، نهال اقترحت " بقولكوا ايه ؟!"
الكل بصلها بانتباه وهيا كملت " انهارده مول فينيسيا عاملين عروض تحفه، روحوا كلكوا وابقوا كلموني هناك علشان في حاجات كنت عايزاها "
كلهم بصوا لبعض بحماس بس ساره قالت " طب ليه متجيش معانا ؟"
" لسه عايزه اعمل الغدا وورايا شوية حاجات عايزه اخلصها "
اتدخلت نور وقالت بلطف " انا هقعد اساعدك "
بصتلها ايمان وسألتها بمرواغه " يعني انتي مش عايزه تخرجي معانا وتستكشفي ؟!"
قالت بلا مبالاه " عادي الأيام كتير "
ردت نهال بود " لا يا حبيبتي اخرجي انتي معاهم "
" انا عادي والله مش شر........."
قاطعتها" لاء اخرجي انتي ملكيش دعوه بيا، بس ترجعوا قبل الغدا، متخلوش الوقت يسرقكوا "
بعد مناقشات كتير واعتراضات اتفقوا انهم يروحوا كلهم مع ادم اللي كان معترض بس اقنعوه بالعافيه
الكل طلع اوضته يجهز ونزلوا خرجوا كلهم وكل مره نور بتحس انها مش غريبه ابدا بينهم وأنها عارفاهم من سنين
نهال بعد ما خرجوا كلمت جوزها محمد وعرفتهم أن محدش في البيت وأنهم خرجوا كلهم
نور وإيمان وساره كانوا واقفين مندمجين وبيتناقشوا في كذا حاجه يختاروها وسمعوا صوت واحد وراهم مسك حاجه هما مساكينها وقال " حلوه دي "
ساره بصتله ولسه هتزعق بس سكتت واتجمدت مره واحده مكانها
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ساره وإيمان ونور لفوا ولسه ساره هتزعق بس سكتت واتجمدت مره واحده مكانها وهيا مش مصدقه نفسها وقالت بصدمه هيا وإيمان " يوسف ؟!"
فاقوا من صدمتهم وحضنوه بحب وساره سألته بزهول " انت هنا ازاي ؟ جيت ازاي وامتى"
رد بابتسامه جذابه " نهال قالتلي انكوا هنا، قولت اجيلكوا بنفسي "
قالت ايمان بفرحه" دي احلى حاجه عملتها بجد، ده انت يعم عاش من شافك "
ابتسملها وهو بيبص حواليه وسأل" اومال فين الباقي ؟!"
شاورت ساره على مكان قدامهم" قدامنا هنا "
هز رأسه وهو بيبص لنور وسأل " صاحبتكوا؟!"
هزت ايمان راسها بنفي وعرفته بيها " دي نور بنت عمتو شيرين "
بصت لنور وقالت " يوسف، ابن عمتو واخو ساره وهبه "
هزت نور راسها بابتسامه كترحيب وهو علق بسخريه " بنت خالتي وعمري ما شوفتك، كنتي خايفه تيجي ناكلك ولا ايه ؟!"
بصتله ساره وقالت بسخريه " ده على اساس ان حضرتك موجود معانا هنا علطول، ده انا شوفتك ٥ مرات من أول ما اتولدت "
بصلها بلامبالاه وغير الموضوع " طب هروح اشوف الباقي انا، خلصتوا ولا لسه؟! "
ردت بسرعه" لاء استني جايين معاك"
خرجوا كلهم وراحوا الباقي اللي أول ما شافوه صدمتهم مقلتش عن ساره وإيمان ورحبوا بيه ترحيب حار، بعد مناقشات واسئله كتير خرجوا كلهم وروحوا البيت، وصلوا ونهال كانت في انتظارهم، ندى جريت عليها وقالت بلهفه " يوسف جه، يوسف جه"
ردت بابتسامه واسعه " عارفه جه هنا الاول "
كشرت وقالت " ومقولتيش ليه أنه جاي ؟"
رفعت أكتافها وقالت " ابوكي اللي كان عارف انا مالي "
اتجمعوا كلهم بفرحه وقعدوا في جو مرح بس نور كانت واخده جنب وحاسه بملل في وسط كلامهم وضحكهم اللي هيا مكانتش جزء منه، كانت عايزه تشتأذن وتطلع اوضتها بس حاسه انها محرجه واتشاهدت لما نهال قالت " كفايه عليكوا كده سيبوا الواد يرتاح، من ساعة ما جه وانتوا نازلين لوك لوك الواد جاي من السفر تعبان وعايز يرتاح"
بصله وقالت بحب " اطلع يا يوسف غير هدومك دي وخدلك دش يفوقك على ما اكون جهزت الغدا وبعد ما تتغدى نام "
قام وقف واتمطع وقال " انا جعان نوم، هعمل اسكيب للغدا دلوقتي "
" طب نام براحتك بس كل الاول "
" اكلت في الطياره، يلا تصبحوا على خير "
انسحب ونهال قالتلهم " اطلعوا غيروا هدومكوا يلا وانزلوا يكون الغدا جهز "
الكل طلع اوضته يغير هدومه ونزلوا اتغدوا في جو صامت، بالليل نور في اوضتها الجو ممل وهيا بتحاول ترن على صحبتها للمره الالف من ساعة ما جت بس مفيش رد، فونها رن برقم غريب فردت واتفاجئت بصاحبتها " داليا ؟!"
سألتها بلهفه" نور، نور انتي فين ؟!"
ردت بلهفه مماثله" انتي اللي فين ؟ برن عليكي بقالي يومين وفونك مقفول "
قالت بغيظ " بابا خد مني الفون ومكانش معايا "
سألتها باستغراب" وبتكلميني من مين؟ "
" فون في الشارع، انا هربت من البيت "
لفت حواليها وكملت " ومعرفش انا فين بالظبط بس انا بعيده عنهم "
قالتلها بصدمه " هربتي ؟!"
ردت بتأكيد" اه، وروحتلك محدش رد، انتي فين ؟؟"
ردت بهدوء" انا في اسكندريه "
داليا اتفاجئت وقالت" اسكندريه ؟! بتعملي ايه هناك، انتي ليكي ايه هناك اصلا "
اتنهدت بضيق " ده حوار طويل هقولك عليه بعدين، المهم انتي، هربتي ليه اصلا ؟!"
سكتت شويه وبعد كده قالت " بابا عايز يجوزني لمصطفى، حلف عليا أنه هيجوزهولي وأنا لما لقيت الفرصه هربت، ومش عارفه اعمل ايه ؟!"
فكرت شويه وقالت " طب بصي، هبعتلك فلوس على الرقم اللي بتكلميني منه وشوفي اي اوتيل نامي فيه على ما نشوف هنعمل ايه "
" انا معايا فلوس، بس مش عارفه هتكفي ولا ايه ؟!"
" هبعتلك، لازم يكون معاكي فلوس احتياطي "
سألتها" طب انتي فين بالظبط اصلا يا نور؟ "
قالت وهيا بتنزل على السلم " انا عند جدو، هنزل دلوقتي احولك والصبح كلميني من الاوتيل اللي انتي فيه ؟!"
" تمام"
قفلت معاها ونزلت لقت الجو هادي، نزلت براحه ولسه هتخرج الجنينه شافت يوسف قاعد بيشتغل على اللابتوب، لقته مندمج فاتسحبت براحه لحد ما راحت ناحية عربيتها وفتحتها فعملت صوت، غمضت عينيها بانزعاج ولعنت غبائها، ركبت العربيه بسرعه وخرجت ناحية البوابه بس كانت مقفوله
يوسف كان بيكمل شغله ومركز وقطعه صوت عربيه بتتحرك، قام من مكانه يشوف مين وراح ناحية البوابه لقاها بتحاول تفتحها، قرب منها وسألها " انتي بتعملي ايه ؟!"
لفتله بخضه وبلعت ريقها بصعوبه واخدت نفسها بصوت عالي
سألها مره تانيه بحيره" ايه؟ روحتي فين؟!"
بصتله وحاولت تتماسك وقالت اول حاجه جت على بالها " خارجه "
بصلها وضيق عينيه وقال بتعجب " خارجه!"
هزت راسها وقال " اه اخرج، في ايه ؟!"
بص في ساعته وقال " دلوقتي؟! "
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
قالت بتأكيد " اه دلوقتي، هو في ايه ؟!"
رفع حاجه وسالها " بجد بتسألي؟! انتي عارفه الساعه كام ؟!"
قالت بلامبالاه" مش مهم، المهم اني لازم اخرج وسيادتك معطلني "
سألها بنفاذ صبر " طب حضرتك عايزه تروحي فين دلوقتي ومستعجله كده "
" عايزه اروح اي سوبر ماركت قريب من هنا ؟!"
سالها باستغراب " ليه ؟!"
طنشت سؤاله وسألته " تعرف أي سوبر ماركت ولا لاء، انا فتحت Google maps وقالي ان اقرب سوبر ماركت بعد ٣ كم "
اقترح" قولي عايزه ايه وانا هروح اجيبلك اللي انتي عايزاه، مينفعش تخرجي دلوقتي اساسا "
سكتت فقالها " حاجه مش عايزه تقوليها طيب، لو مش عايزه تعرفيني حتى دايركت قولي لنهال وهيا تعرفني بدل التردد ده "
نفت بسرعه " لا لا عادي"
طلعت فلوس من شنطتها وقالت " عايزه أحول الفلوس دي "
بص للفلوس الللي في ايديها وبصلها وسألها بزهول " كل ده علشان تحولي فلوس ؟!"
هزت راسها ببراءه فسأل " لمين دول وليه دلوقتي؟! "
بصتله بضيق وقال " هو تحقيق ؟!"
رد بتبرير " حضرتك عايزه تخرجي بسرعه ودلوقتي فأكيد حاجه مهمه، قولي السبب يمكن اقدر اساعدك "
حكتله الموضوع باختصار فهز راسه بتفهم، في نهاية كلامها قالتله " فأنا لازم أحول الفلوس دي ضروري "
بصلها بتفكير وسأل " انتي عارفه مكانها فين بالظبط ؟!"
هزت راسها بتأكيد فسحب فونها وجاب لوكيشن لمكان وقال " خليها تروح هنا ؟!"
سألته بفضول " ده ايه ده ؟!"
جاوبها " اوتيل بتاع واحد صاحبي، قوليلها تنزل فيه ولما توصل ترن عليكي وانا هتصرف "
بصتله بتردد فقال بتشجيع " كلميها يلا مستنيه ايه؟!"
فتحت فونها تكلمها وهو راح قفل البوابه ورجع العربيه مكانها ورجع يكمل شغله، بعد ما كلمتها راحتله وقالت " كلمتها ولما توصل هتعرفني "
" تمام، اقعدي طيب لحد ما ترن "
قعدت باحراج وهو كمل شغله، قامت وقفت فبصلها فوضحت " هعمل قهوه؟! اعملك ؟!"
بص للفناجين اللي قدامه وقال " اعملي "
مشيت ورجعت تاني سألته " بتشربها ايه؟!"
" ساده "
لمحت الفناجين اللي قدامه فشهقت وهيا بتعدهم وقالت بزهول " كل دول ؟!"
بصلها بلامبالاه " عندي شغل، عايز اصحصح"
قالت باعتراض " بس كده غلط، انت عارف تأثيرها على القلب ايه؟"
هز راسه" عارف، بس انتي عرضتي عليا، اقولك لاء يعني؟ "
ردت بتأكيد" اه طبعا تقولي لاء، اومال تشرب كتير "
سألها بمراوغه " يعني انتي تشربي وانا لاء؟ "
قعدت مكانها وقالت " خلاص مش عايزه، انا اصلا هطلع انام "
قالها بجديه" لو عايزه تشربي اشربي عادي انا بهزر "
قالت بلامبالاه" لاء عادي، مش مهم يعني، اصلا القهوه مضره" كملت باقتراح"بس لو عايز تشرب حاجه ممكن مثلا اعمل hot chocolate "
رفع حاجبه بسخريه" hot chocolate! دي عيلت خالص "
كشرت وقالت بعبوس" علفكره انا بعمل hot chocolate جامد، ودايما بشربه وبيكون حلو، اعمله وتدوق؟!"
رد بضحك " مش هقولك لاء، اجي اساعدك "
قالت بتذمر" بعرف اعمله لوحدي "
اتراجع" خلاص يستي انا اسف، اتفضلي "
انسحبت للمطبخ وهو ابتسم بخفوت، بعد شويه رجعت لاقته ساند راسه على الكرسي ومغمض عينيه،فكرته نايم فندهتله ندهه خفيفه، رد عليها " اقعدي انا صاحي "
قعدت وقالت" فكرتك نمت "
رد بتمنى" ياريت "
سألته " وايه اللي مانعك ؟!"
بص للابتوب قدامه وقال بملل " كتير، كتير اوي"
قالت بلامبالاه" ليه يعني؟، اطلع نام عادي"
اخد كوبايته وهو بيقول " لما اخلص شغلي ان شاء الله "
شرب بوق وابتسم " تسلم ايدك "
قالت بفرحه " عجبتك "
ابتسم وقال " طرش الطرش "
كشرت وقالت بحيره " يعني وحشه ولا حلوه؟! "
بصلها وحاول يشرحلها" يعني حاجه احلى من كلمة حلوه "
ابتسمت وقالت " بجد؟!"
" بجد "
عدى شوية صمت وفونها رن، ردت وبصت ليوسف " وصلت "
مدلها أيده " هاتي الفون "
ادتهوله وهو قام وقف بعيد شويه وبعد شويه رجع اداها الفون وقال " تمام، كل حاجه تمام، لو احتاجتي اي حاجه بعد كده متتردديش تقوليلي "
ابتسمت " بجد شكرا، مش عارفه اشكرك ازاي "
طلعت اوضتها مبتسمه وحاولت تنام بعد ما كلمت داليا تتطمن عليها بنفسها
يتبع....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
الصبح نور نزلت من أوضتها لقت نهال بتجهز بالفطار، دخلت صبحت عليها بابتسامه وساعدتها، الكل اتجمع ع الفطار والجو كان هادي، يوسف كان قاعد وبيفكر في حاجه، بص لخاله وقال " لو طلبت منك حاجه تخص نور وهتفرق معاها هتقول ايه؟ "
نور بصت ليوسف بتساؤل، وحست إن في حاجة ورا سؤاله، كانت عاوزة تعرف هو بيفكر في إيه، بس فضلت ساكتة لحد ما يوسف كمل كلامه، بص لخاله وكرر بجدية "لو طلبت منك حاجة تخص نور، وكنت متأكد إنها هتفرق معاها، هتوافق؟"
فكر لحظة قبل ما يرد، وبعدها قال بابتسامة "لو ده هيفيدها ويخليها مرتاحة ليه لأ؟ لازم ندعمها في أي قرار هتاخده لو هيفيدها"
نور كانت متابعة الحوار عن كثب، وهي مش فاهمة بالظبط هو فين التلميح في كلام يوسف، بصت له وقالت بلهجة هادية " ممكن افهم إيه اللي بتقترحه بالضبط؟"
يوسف ابتسم ووضح "أنا كنت بفكر إن داليا صاحبتك ممكن تيجي هنا تقعد معانا، هي محتاجة مكان آمن،وده ممكن يساعدها وتكون متطمنه"
نور اتفاجأت من الاقتراح، وقلقت شوية، لكن في نفس الوقت كان فيه جزء منها بيشوف الفكرة ممكن تكون حل
سألت ندى " مين داليا ؟!"
اتنهدت نور قبل ما تتكلم بوضوح " صاحبتي، كانت علطول معايا وشبه ساكنه معايا في نفس البيت، من حوالي شهر كده باباها حبسها في البيت واليومين دول بيجبرها تتجوز حد هيا مش عايزاه فهربت "
كلهم كانوا بيسمعوها بانتباه ونهال سألت " وهيا فين دلوقتي ؟!"
رد يوسف " في اوتيل عند واحد صاحبي، فكنت بقول لو ينفع تيجي هنا وتكون مع صاحبتها، يعني شوفت أن ده حل كويس"
محمد رفع عينيه وقال بابتسامة "طبعًا، مفيش مشكله، اعتبريها مننا، ودي فرصة نساعدها" يوسف حسّ بالارتياح من رد خاله، ونور كانت مشوشة شوية، مش عارفة إذا كانت داليا هتوافق ولا لا، لكن في نفس الوقت كانت حاسة إنها خطوة صح
نور قررت تكلم داليا وتشرح لها العرض اللي قدمه يوسف وابتسمت لما شافت الكل متقبل الفكرة ومرحب بيها، أخدت نفس عميق وحسّت بارتياح، رفعت عينيها وبصّت حواليها، عقلها مشغول بقد إيه وجود داليا معاها هيكون مفيد ليها، بس في نفس الوقت، عرفت إن الفضل كله يرجع ليوسف اللي فكر في الحل ده من الأساس، الكل بدأ يقوم من على السفره وهيا استنت للأخر، يوسف بصلها وحس انها عايزه تقول حاجه فقالها " عايزه تقولي ايه ؟!"
ابتسمت ابتسامه خفيفه"كنت عايزة أشكرك على اللي عملته،على فكرة إنك تقترح إن داليا تيجي تقعد معايا،مكنتش بفكر في الحل ده، بس هو فعلاً أفضل حاجة ممكن تحصل دلوقتي"
يوسف بصّلها بثبات وقال ببساطة "إحنا عيلة يا نور، وده الطبيعي. لما شوفتك متضايقة، كان لازم أفكر في حاجة تساعدك، ومادام ده هيخليكي مرتاحة، يبقى أكيد قرار صح."
نور ابتسمت وشعرت براحة أكبر "أنت دايماً بتساعدني، حتى من غير ما أطلب، بجد شكرًا"
ابتسم ابتسامة جانبية، وقال بنبرة خفيفة" ده واجبي"
ضحكت بخفه وطلعت اوضتها بحماس ومسكت فونها وهيا متحمسه تطمن صاحبتها ضغطت على اخر رقم كلمتها منه وبعد ثواني ردت عليها بنبره حزينه
"ازيك يا نور؟"
قالت بابتسامه"ازيك أنتِ؟ كله تمام؟"
بصت حواليها بحزن " احسن من امبارح اكيد"
قالت بحماس " وهيكون احسن، داليا، تعالي اقعدي معايا"
داليا سكتت لثواني، كأنها مش عارفة ترد. نور حسّت بترددها، لكن حاولت تخلي صوتها يكون أكتر حيوية "أنتِ مش لوحدك، أنا عارفة إنك مش في أحسن حالاتك، بس لازم تيجي تقعدي معايا، هتكوني مرتاحة هنا، وأنا هكون جنبك طول الوقت، زي ما انا جنبك دايما وانتي جنبي"
داليا كانت مش عارفه تعمل ايه، نزلت دمعة من عينيها من غير ما تحس، حسّت بالحزن لكن في نفس الوقت كان فيه شيء في صوت نور بيخليها تحس بالأمان، ردت اخيرا "أنا مش عايزة أكون عبء علي حد، نور مش عايزة أزعج حد، انتوا كلك...."
قاطعتها نور بسرعة بحزم " داليا الكل اصلا مرحب بالفكرة ،ومفيش حاجة اسمها عبء، داليا إحنا صحاب ومش هنتخلى عن بعض، انتي دلوقتي محتاجاني وانا كمان محتاجاكي، وبقالي كتير مش عارفه اوصلك"
داليا شوية شوية بدأت تتأثر بكلام نور، وحسّت بشوية أمل، بعد لحظات من الصمت، قالت أخيرًا بصوت هادي "طيب، خلاص هاجي"
نور ابتسمت براحة، قلبها اتطمن، ردت بابتسامه" هستناكي، مش عايزاكي تشيلي هم اي حاجه، فكري في نفسك وبس"
"شكراً يا نور بجد، أنتِ مش عارفة قد إيه ده هيساعدني."
نور حست إن داليا بدأت تحس بشوية راحة، وإن قرارها كان صح، ختمت المكالمة وهي حاسّة بالاطمئنان، وكأنها شالت جزء من هموم صاحبتها
عدى الوقت وهيا في اوضتها، قاعده على طرف سريرها بملل، بتبص للساعه اللي عقاربها بتمر ببطء، بالرغم من أنهم نادولها على الغدا بس رفضت تنزل نهائيا والتزمت باوضتها، اتنهدت، قامت ناحية البلكونه وفتحتها، يمكن الهوا يغيّر الإحساس اللي مخلي صدرها ضيق، تحت في الجنينه لمحته قاعد على كرسي خشب، اللابتوب على رجله، مركز فيه كأن الدنيا كلها مش موجودة، عينيها سرحت فيه وفكرت" هو إزاي بيلاقي حاجة تشغله في أي وقت؟ ليه أنا حاسه بالملل وهو لأ؟"
فضلت واقفة بتراقبه وهو بيتنقل بين ازرار الكيبورد بسرعه، أحيانًا بيكتب بسرعة، وأحيانًا بيقف لحظة كأنه بيفكر، فضلت واقفة وعنيها لسه عليه وفجأة رفع راسه كأنه حاسس بعيونها عليه، وبص ناحيتها للحظة، مكنتش عارفة تعمل إيه تتحرك؟ تدخل وتقفل البلكونه؟ تفضل مكانها؟ بس هو سبقها ورفع حاجبه، وقال بصوت واضح رغم المسافه "إيه؟ زهقانة؟"
اتلخبطت هو كان عارف؟ طب هو دا باين للدرجة دي؟ حاولت ترد عليه بنبرة عادية، بس صوتها طلع أهدى مما قصدت "يمكن"
ضحك وقفل اللابتوب وسابه على الترابيزة اللي جنبه ومد إيده ياخد ازازة مايه من الأرض، بعد ما شرب قال
"طيب ما تنزلي بدل ما واقفة تتفرجّي؟"
سكتت، فكرة النزول مكنتش سيئة بس برضو مكنتش عارفة لو عندها طاقة تتحرك ولا لاء، فضلت ساكتة وهو استنى لحظة وبعدين لمّ كتفه وقال "براحتك، بس لو فضلتِ كده كتير هتموتي من الملل"
أخدت نفس وبخطوات بطيئة راحت عند الباب وفتحته، يمكن لو نزلت تحس إن اليوم بقى أخف، نزلت السلم بخطوات هادية، الدنيا هاديه كالعاده في الوقت ده، خرجت وراحت ناحيته لقته لسه قاعد في نفس مكانه، بس لما لمحها ابتسم ابتسامة خفيفة كأنها مش مفاجأة بالنسباله، رفع اللابتوب من على حجره وحطه جنبُه، وقال "معجزة! قررتِ تخرجي من اوضتك اخيرا"
لفت عينيها وقالت وهي بتقعد على الكرسي اللي قصاده "بطل تريقة"
"مش بتريق، أنا منبهر"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
سندت على ظهر الكرسي، عينيها بتلف في الجنينة بصمت، سألته بعد لحظة "كنت شغال على إيه؟"
"حاجة كده، شوية كود"
رفعت حاجبها باهتمام خفيف"برمجة؟"
"أيوه، عندي مشروع صغير شغال عليه"
سكتت شوية، بعدين قالت بنبرة أخف
"طب ما تعلّمني؟"
رفع عينه ليها، كأنه مش متأكد إذا كانت بتهزر ولا بتتكلم بجد. ولما لقاها بتبص له بنفس الجدية، ابتسم وقال"ماشي، بس متشتكيش بعدين إنك مش فاهمة حاجة"
ضحكت ضحكة صغيرة لكنها حقيقية، يمكن لأول مرة من ساعة ما انتقلت البيت ده وهو بدل ما يعلّق فتح اللابتوب وقرب الكرسي اللي جنبه وقال وهو بيشاور لها تقعد جنبه
"تعالي بقى نشوف هتستحملي قد إيه قبل ما تزهقي"
وقعدت وحسّت إنها أخيرًا خرجت من الأوضة، مش بس بجسمها، لكن بعقلها كمان، قعدت جنبه وبصت للشاشة اللي مليانة سطور كود معقدة، معرفتش تفهم حاجة بس الفكرة لوحدها كانت غريبة عليها، إنها تتعلم حاجة جديدة مع حد مش متعودة تقعد معاه ،حرك الماوس وفتح ملف جديد، وكتب أول سطر وهو بيقول "بصي، البرمجة مش معقدة أوي زي ما شكلها بيقول، هي زي أي لغة، ليها قواعد ولو فهمتي الأساسيات، هتلاقي نفسك بتكمّلي بسهولة."
عقدت حواجبها وهي بتحاول تركز، وبعد دقيقتين، قالت بنبرة شبه يائسة "طب وإيه فايدة السطور دي كلها؟"
ضحك وقال "فايدتها إنها تخلّي الجهاز ينفذ اللي إحنا عاوزينه، زي السطور دي مثلاً، ممكن تخلي زرار يشتغل أو صفحة تظهر أو حتى لعبة كاملة تتصمم."
حاولت تستوعب بس دماغها لسه حاسّة إنه عالم غريب عليها، رغم كده كان عندها فضول، مدت إيدها وخدت اللاب منه، وقالت بتحدي خفيف"طب ورّيني، خليني أجرب"
رفع حاجبه كأنه مش متوقع حماسها المفاجئ، بس سابها تحاول ، صوابعها كانت بطيئة على الكيبورد بس بعد أول كلمة بدأت تحس بإحساس جديد، إحساس إنها مش زهقانة، الجنينة بقت هادية حواليهم، والهوى بيلعب بخصل شعرها بس هي مكنتش حاسة بحاجة غير بالكود اللي قدامها، ويوسف اللي بيعلّمها، والوقت اللي بيعدّي من غير ما تحس، قعدوا مع بعض لساعة كاملة، وهو بيشرح ليها أكتر عن البرمجة، وهي بتحاول تكتب الكود بنفسها، أول ما نفّذت أمر بنجاح وظهرت النتيجة على الشاشة، حست بحماس وصقفت بفرحه وقالت " نجحت اخيرا"
بصلها وهو بيبتسم"شوفتي؟ الموضوع مش صعب زي ما كنتِ فاكرة"
ابتسمت هي كمان وأخذت نفس عميق، حسّت بشيء غريب جواها، يمكن كان في مساحة جديدة بدأت تفتح قدامها، مش بس في البرمجة، لكن في حاجات تانية كمان، قالت" انا بجد كنت حاسه بملل، شكرا انك علمتني حاجه جديده"
ابتسم" مش هتبطلي كل ما اعمل حاجه معاكي تشكريني، انا مش غريب علشان تشكريني"
" بس بجد مكنتش اتخيل اني هكون مبسوطه وأنا بعمل كده "
قال ببساطه " أي حاجه جديده أول ما تبدأي فيها بتبقى صعبه، لكن لو استمريتي هتلاقي نفسك مش بس قادره على التعامل معاها، لكن كمان هتحبيها"
نور بصت للشاشة قدامها وهي بتحاول تستوعب كلام يوسف، فعلاً مجرد فكرة إنها قادرة تكتب سطور من الكود وتشوف النتيجة على الشاشة كان إحساس جديد عليها، ومختلف تمامًا عن أي حاجة كانت متعودة تعملها، خصوصا وسط الملل ده، رفعت عينيها ليه لقته بيتابع رد فعلها، مستني يشوف هي هتقول إيه، ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت "معاك حق، مكنتش متخيلة إن البرمجة ممكن تكون ممتعة كده، كنت شايفاها حاجه معقده جدا "
يوسف مال براسه شوية وقال بنبرة هادية "كل حاجة جديدة ممكن تكون صعبة في الأول، بس مع الوقت بتبقي أسهل، وأمتع كمان"
فضلت لحظة ساكتة بتفكر في كلامه، يمكن هو ما يقصدش أي حاجة أكتر من البرمجة، لكن هي حسّت إن كلامه بينطبق على حاجات كتير في حياتها، أخدت نفس عميق وقالت بصوت أقرب للهمس "يمكن ده ينطبق على حاجات تانية غير البرمجة كمان"
يوسف بص لها باهتمام، كأنه بيحاول يفهم هي بتفكر في إيه بالظبط، لكنه فضل ساكت، الهوا كان بيلعب بخصل شعرها، والدنيا بقت هادية حواليهم، نور حسّت إن اللحظة دي كان ليها معنى مختلف، كأنها بتكتشف مش بس مهارة جديدة، لكن كمان شعور جديد، حاجة عمرها ما فكرت فيها قبل كده، فتحت فونها تشوف الساعه وقالت " المفروض اطلع انام عشان عندي كليه الصبح "
يوسف رفع حاجبه باهتمام "كليتك؟ بتدرسي إيه؟"
رجعت خصلات شعرها ورا ودنها وقالت "هندسة"
يوسف بصّ لها بإعجاب "هندسة؟ جميل، وأي قسم؟"
نور ابتسمت " ميكانيكا"
يوسف هز رأسه باحترام "ده مجال كبير ومحتاج تركيز، بتلاقي نفسك فيه؟"
نور فكرت شوية، وبعدين قالت "الصراحة هو صعب، بس بحاول استسهله "
يوسف ابتسم وقال"طبيعي تحسي كده، أي حاجة جديدة بتكون تحدي في الأول، بس لو فضلتي تحاولي، هتلاقي نفسك بتحبيها أكتر مع الوقت."
نور بصت له بتأمل، كلامه حسسها ببعض الطمأنينة، ابتسمت وقالت "يمكن،المهم دلوقتي إني أروح أنام علشان ألحق محاضراتي في مكاني الجديد"
يوسف ضحك بخفة "روحي، بس أوعي تنامي في المحاضرة"
نور رفعت حاجبها وقالت بمزاح، "وأنت مالك؟"
يوسف ابتسم وهو بيشاور لها بإيده "يلا يا باشمهندسة، تصبحي على خير."
نور ضحكت وهي طالعة على أوضتها، وهي حاسة إن كلامه خلّاها تفكر في دراستها بشكل مختلف شوية
يتبع.......
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تاني يوم الصبح نور وادم كانوا مع بعض في المطبخ بيشربوا قهوتهم بسرعة قبل ما يروحوا كليتهم، نور وهي ماسكة فنجان القهوة بصّت لآدم وسألته بهدوء "مشوفتكش امبارح خالص علفكره، كنت فين كده؟"
آدم وهو بيشرب من قهوته من غير ما يرفع عينه عنها "كنت مع صحابي عادي قضيت اليوم معاهم"
نور استنت لحظة وبعدها سألت باستغراب "ورجعت متأخر؟"
آدم اكتفى بإيماءة بسيطة "اه، قعدنا شوية ورجعت"
نور وهي بتميل برأسها ناحيته باهتمام "ليه حاسه إنك مش عايز تتكلم أو مخنوق؟"
آدم رفع عينه أخيرًا ونبرته كانت هادية لكنها واضحة "مش دي الحكايه ، بس مش حاجة تستاهل كلام كتير، مجرد قعدة وخلاص"
نور وهي بتلعب في حافة الكوب بصوابعها "ماشي، بس لو حصل حاجة تانية، يعني لو كنت مضايق أو فيه حاجة شغلاك، عادي تتكلم بما انك واخد جنب من الكل كده "
آدم ابتسم ابتسامة خفيفة ورفع كوب القهوة قدامه وهو بيقول بهدوء "عارف"
نور شربت قهوتها وقررت ما تضغطش عليه أكتر وسابوا الصمت المريح يملى المكان، نهال دخلت المطبخ وبصّت لنور وآدم اللي قاعدين على الترابيزه وكل واحد فيهم ماسك فنجان القهوة بتاعه، رفعت حواجبها وقالت بنبرة عتاب خفيفة "بجد؟ قاعدين بتشربوا قهوة وأنا لسه كنت هجهز الفطار؟"
نور ابتسمت بخفة وهي بتحط الكوب على الترابيزة "إحنا كنا محتاجين حاجة تفوّقنا قبل ما نخرج مش اكتر"
آدم بص في ساعته وقال بهدوء وهو بيقوم من مكانه "وأصلاً مش هنلحق نفطر، أنا عندي محاضرة بعد نص ساعة ولازم نمشي حالاً، يدوب نلحق"
نهال بصّت لهم بإحباط وقالت " مقولتليش ليه أن عندك محاضره بدري كنت قومت بدري شويه حضرت الفطار"
ادم قرب منها وحضنها بحنية "حقك عليّا يا ماما بجد، بس معلش لما نرجع نتغدى بقا "
نهال هزت راسها وبصتله "طب على الأقل خدوا معاكم أي حاجة تاكلوها في الطريق "
آدم لمّ حاجته بسرعة وقال وهو بيتحرك ناحية الباب "هنشوف حاجة من الكافيتيريا، متقلقيش"
نور لملمت حاجتها بسرعة وسلمت على نهال قبل ما تلحق بآدم عند الباب وهي بتوعدها " بكره هقوم بدري وانزل احضر معاكي الفطار بنفسي "
نهال ابتسمت رغم إحباطها ولوّحت لهم بإيدها وهي بتقول "يلا روحوا قبل ما تتأخروا، بس متعودونيش على كده!"
آدم ونور خرجوا بسرعة، مستعدين ليوم دراسي جديد
نور راحت مع أدم لحد الكلية وأدم وعدها إنه هيساعدها في أي حاجه تحتاجها وهيفهمها كل حاجه وصلوا مع بعض لحد باب الكلية، شاف قلقها فحاول يطمنها "خديها ببساطة، وإن شاء الله هتتأقلمي ع الجو، أنا معاكِ طول الوقت"
وصلها للمدرج بتاعها واستأذن يلحق محاضرته وهي كانت متحمسة وقلقانة في نفس الوقت، دخلت المدرج وقعدت في البنش التالته، كان الدكتور لسه مدخلش وبعد شوية دخل الدكتور وابتدى يحضر اللاب الخاص بالمادة، الدكتور بدأ يشرح المحاضرة وهيا مركزه وبتكتب وراه، في حاجات كتير مكانتش فاهماها بس حاولت تفهم اللي الدكتور بيشرحه حاليا
يوسف دخل شركته بعد غياب طويل وكل حاجة كانت مش واضحة ليه، أول ما دخل المكتب كان تيمور صاحبه ومدير الشركة ومساعدينه سيف ونسرين واقفين في المكتب مستنيين يوسف اللي دخل بابتسامة رسمية لكنه كان شايف إن فيه حاجة غريبة في الجو وكأنهم متوترين، تيمور سلم على صاحبه بحراره ويوسف قعد مكانه وبص لتيمور وقال بهدوء "إيه آخر الأخبار؟ سمعت إن أوضاع الشركة مش زي الأول وحابب أعرف كل حاجة عن الوضع الحالي"
تيمور كان لسه هيتكلم بس يوسف قاطعه بصرامه " وبكل صراحه، متخلينيش اندم اني سيبتلك كل حاجه واعتمدت عليك "
تيمور حمحم وقال " مش هكدب عليك وأقول ان الأوضاع مستقره، بس يشهد عليا ربنا اني بحاول على قد ما اقدر، ممكن تكون الأمور خرجت عن السيطره بس لسه في فرصه قدامي بحاول استغلها "
سيف بصله بشك وبعد شوية صمت يوسف بصله وقال بحذر " عايز أشوف بعض الملفات المتعلقة بالوضع المالي والتقارير الأخيره "
حاول يبتسم وقال بتوتر "أيوه طبعاً، بس ممكن تشوفهم بعد شوية، في شوية أمور عاوزين نخلصها الأول"
يوسف كان عارف إن فيه حاجة مش تمام، لكن هو فضل صامت لفترة قصيرة وهو بيركز في تعابير وشوشهم التلاته وقال بنبرة حاسمة "لا أنا مش هستنى، دلوقتي عاوز كل التفاصيل قدامي وإلا هنبدأ في مراجعة كل شيء من أول وجديد"
نسرين بصت ليوسف وقالت " باشمهندس يوسف، إحنا بنحاول نحل الأمور بهدوء، بس لو عندك أي استفسار إحنا مستعدين نجاوب"
يوسف كان عارف إن في حاجة غلط وكان مصمم أنه يعرف الحقيقه اللي تيمور بيحاول يخبيها
تيمور طلب من نسرين وسيف يخرجوا علشان يقدر يتكلم مع يوسف براحتهم، ولما خرجوا قعد تيمور قدام يوسف على المكتب وقاله "بص، الأوضاع مش مستقرة شوية، بس إحنا بنحاول نتعامل مع الموضوع"
كان واضح إنه مش راضي عن الكلام ده، بص في عيون تيمور وقاله "قولي الشركة مالها؟! وبكل صراحه خلينا نختصر وقت، ولاحظ اني لسه محافظ على هدوئي"
تيمور اتنهد وابتسم ابتسامة صغيرة بعدها اتعدل في قعدته وقال "اللي بيحصل إن في شركة اسمها الدمنهوري هي اللي مسيطره على الجو دلوقتي، وعامله تعاقد مع الشركات الكبيرة وواخده حصة السوق وإحنا مش قادرين نسيطر على الوضع ده، الوضع المالي للشركه نازل وبحاول الم الدنيا بس لما بملها من ناحيه بتبوظ من الناحيه التانيه "
يوسف اتضايق جداً وعينيه وسعت وقال "يعني إيه؟ الشركة دي دخلت مع الشركات الكبيرة وعمالة تاخد السوق؟! وأنا مش هقدر أوقفهم؟"
كان واضح إن يوسف مش قادر يستوعب ده، وده كان بالنسبة له صدمة كبيرة
تيمور حاول يهديه وقال "أنا مش قاصد إني أضايقك، بس دي الحقيقة، وده الوضع اللي إحنا فيه دلوقتي، في شركاء اقويه والشركة التانية دي دخلت بقوة، فإحنا دلوقتي في موقف صعب"
يوسف اتنفس بعمق وحس بإحباط، بس قرر إنه مش هيخلي الوضع ده يستمر كده، بص في عيون تيمور بغضب، وصوته كان متوتر وهو بيقول "إيه اللي بيحصل في الشركة؟! أنت لحد دلوقتي مخبي عليا كل حاجة؟! لو كنت عارف الوضع ده من زمان، كنت حليت المشاكل دي من الأول، ليه مخبي عني؟ ليه لما حسيت أن في حاجه غلط من الاول معرفتنيش؟" غضبه كان ظاهر في كل كلمة قالها وكان واضح إنه مش قادر يتقبل الوضع اللي هو فيه ،تيمور حاول يهديه لكن يوسف ما استحملش ووقف من مكانه وقال "مش هقبل أي تبريرات دلوقتي، أنا مش جاي هنا عشان أسمع الكلام ده، المفروض انك صاحبي ومدير شركتي وأنا المفروض أكون على علم بكل حاجة بتخص الشركة، إزاي تخليني في الضلمه كده ؟ يمكن لو كنت عرفت من البدايه كنت لحقت الوضع"
تيمور كان بيحاول يلاقي كلمات هادية عشان يقنع يوسف وقال "أنا عارف انك المفروض تكون عارف كل حاجه بس الوضع كان صعب علينا كلنا، فيه حاجات كان لازم أخبيها علشان أقدر أكون في وضع أقوى وأنا بحاول أدير الشركة، وكنت مفكر أن الوضع هيتحسن بس كان بيسوء اكتر وم......"
يوسف قاطعه بغضب وقال" لو كنت عرفتني كل حاجه من الاول انا متأكد ان الوضع كان هيكون احسن من كده، حتى لو مش احسن حاجه بس اكيد كان هيكون افضل"
الحوار بينهم كان مليان توتر، وكل كلمة كانت بتزيد من غضب يوسف، يوسف وقف شوية وهو بيحاول يهدا، لكن الغضب كان واضح في عيونه
يوسف بصله وقاله " عملت ايه طيب علشان تحاول ترجع الوضع "
تيمور سكت لحظة وحس بشوية توتر في نفسه "حاولت أعمل اتفاقيات وأعمل توازن مع الشركات التانية، بس شركة الدمنهوري اقوى مننا في السوق وشروطهم احسن بكتير ، وده خلى الأمور أصعب بكتير من المتوقع"
يوسف حط إيديه في جيوبه وقال بنبرة حادة "يعني كل اللي بتعمله ده مش كفاية؟ مش هتقدر تواجههم لو مكنتش صريح معايا من البداية، إحنا لو متعاونين مع بعض كنا هنقدر نوقفهم ،مش معقول تفضل تجري وراهم وتخلي الشركه تنزل أكتر"
تيمور حس بتقل الضغط عليه وقال بصوت خافت " مكنتش اعرف ان الامور ممكن تخرج عن السيطره، مكنتش عايز اشغلك وأنا عارف انك مشغول اصلا والحمل عليك تقيل "
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
يوسف سكت شوية وهو بيفكر وبعدين قال بصوت هادي " كنت تسيبني انا اللي أقرر يا تيمور، لكن كده انت زودت عليا الحمل اكتر "
تيمور هز راسه وقال "أنت عندك حق، مش هخبي عليك تاني، هنحاول نحل كل حاجة مع بعض"
نور خرجت من المحاضرة وقعدت في الكافتيريا تستريح شويه، بعد شوية آدم جه وقعد جنبها وسألها بحماس " ايه الاخبار؟ الدكتور اللي دخلك كان كويس ؟!"
نور ابتسمت وقالت "كان كويس اه ، شرح بأسلوب مريح بس عندي شوية حاجات مش واضحة"
"متقلقيش، هساعدك في كل حاجه عايزاها، لو مش فاهمه حاجه ممكن افهمك عادي"
سألته " ازاي وانت قسم مختلف عني؟! "
وضحلها " ميكانيكا وميكاترونكس في مواد مشتركه بينهم منهم مادة الدكتور ده "
قالت بتفهم " اه فهمت"
كمل بابتسامه " فلو احتاجتي حاجه ممكن تقوليلي وهحاول افهمك بما اني مش بعرف اشرح اوي "
ضحكت بخفه وقالت " معاد محاضرتك الجايه امتى ؟!"
بص في ساعته وقال " نص ساعه المفروض "
قامت وقفت وقالت " انا بتاعتي قدامها ١٠ دقايق "
وقف هو كمان وقالها " تشربي قهوه طيب قبل المحاضره ؟!"
نور هزّت راسها باعتراض خفيف وقالت وهي بتلمّ شعرها ورا ودنها "لاء يا آدم، أنا أصلاً شربت الصبح، وكمان القهوة مضرة لو زادت عن حدها"
آدم ابتسم بخفوت وقال بمزاح " بس لو ١٠ فناجين في اليوم مش هيكون زياده عن الحد، ولا انتي مش متعوده تشربي قهوه ؟!"
ضحكت وهي بتعدل شنطتها على كتفها "بشربها، بس باعتدال، غيرك أنت، ممكن تعيش على القهوة بس"
آدم بصّ لها بابتسامة جانبية وقال "طيب، بما إن القهوة مش عاجباكي، تشربي شاي؟"
نور فكّرت لحظة قبل ما تهز راسها وتقول "ماشي، الشاي مقبول"
راحت معاه ناحية الكافيتريا وهو طلب وجه اداها كوبياتها وقال " اتفضلي يا باشمهندسه "
ابتسمت واخدتها منه وشكرته، بصت في ساعتها وقالت "يلا محاضرتي المفروض هتبدأ "
ودّعوا بعض بسرعة وكل واحد راح على محاضرته، نور كانت ماشية ناحية المدرج وهيا بتبص في كل مكان في الكليه وفجأة وهي ماشيه خبطت في حد والشاي اللي معاها وقع على هدوم الشخص ده، شهقت بصدمه وردت بسرعة وقالت باعتذار "اووووه ، بجد آسفة!"
اما هو كان بينفض هدومه وهيا طلعت مناديل من شنطتها وادتهاله بحرج، بص لها بنظرة مش متوقعه وبص للمناديل اللي في ايديها وقال بضيق " حصل خير ، بس ياريت بعد كده تاخدي بالك "
سابها ومشي وهيا حست باحراج خصوصا انها لسه ماده ايديها بالمناديل، سحبت ايديها وهيا بتبص حواليها بحرج، جريت بسرعة ودخلت المحاضره علشان تلحقها قبل ما الدكتور يدخل ، قعدت في البنش الاخيره لانه المكان الوحيد المتاح، الدكتور دخل وهيا اتفاجئت لما شافت إنه هو نفس الشخص اللي خبطته، عيونها وسعت وتعابير وشها اتغيرت فجأة، الدكتور وزع نظراته على كل الطلبه بابتسامه، سأل كذا سؤال من المحاضره اللي فاتت وبدأ يشرح، ونور حسّت إن الجو بدأ يهدأ شوية من توترها الملحوظ، كانت مشغولة جداً في الكتابة وبدأت تركز معاه لكن مع مرور الوقت بدأت تلاقي إن فيه بعض النقاط مش واضحة ليها، ومش قادرة تمسك التفاصيل زي ما هي عايزة، المحاضرة كانت مستمرة والدكتور بيتكلم بحماس شديد وهو يشرح، لكن نور لسه مش قادرة تلاحق بعض الحاجات اللي بيقولها ،بدأ يعيد اللي شرحه تاني وهيا كانت بتتأكد من الملاحظات اللي كتبتها، وحاولت تراجع بعضها، لكن لسه كانت حاسة إن في حاجات مش مفهومة تماماً، أخيراً خلصت المحاضرة والدكتور قال "لو اي حد احتاج اي سؤال يجيلي في مكتبي انا موجود لآخر محاضره "
الطلاب بدأوا يتجمعوا حواليه يسألوه وهيا كانت عايزه تسأل ولما لقت كذا حد بيسأله قربت هيا كمان واستنت للآخر
ابتسم الدكتور لما شافها وقال " اتفضلي "
قالت نور بتردد " في حاجات مفهمتهاش في الشرح، ممكن توضحهالي لو سمحت؟"
قال بهدوء "طبعًا، قولي اللي مش فاهماه ايه ؟"
قالتله اللي مكانتش قادره تفهمه وهو بدأ يشرح لها كل حاجة بالتفصيل، بدأت تحس إنها بتفهم أكتر وتربط الامور ببعضها، خلص شرحه وسألها " محتاجه حاجه تانيه ؟!"
شكرته وبدأت تلم حاجتها وهو سألها باهتمام " انتي جديده هنا ؟!"
ردت بخجل "أه لسه محولة من القاهرة، ده اول يوم ليا هنا "
ابتسم بتفهم "أهلاً وسهلاً بيكي هنا، دي بداية جديدة وإن شاء الله هتتأقلمي بسرعه، لو احتجتي أي حاجة أنا موجود في مكتبي لو حبيتي تسألي"
نور ابتسمت وهي بتشكره، خرجت من القاعة وهي بتحاول تسترجع المعلومات اللي كتبتها، الدكتور شافها وهي بتخرج وابتسم ابتسامة خفيفة، خلصت محاضراتها وخرجت لقت ادم في انتظارها وروحوا بصمت كان اليوم طويل، نهال سألتها عن يومها في الكليه وهيا ردت عليها بإيجاز، كانت متحمسه لوصول داليا ومستنياها توصل بفارغ الصبر، وصلت داليا بعد فترة، ونور كانت متحمسة تشوفها، بمجرد ما شافتها، سلموا على بعض بحرارة وفيه نوع من الفرح في عيونهم، قعدت معاها وبدأت تحكيلها كل اللي حصل معاها ومن جوانا مرتاحه أن في حد معاها في حياتها الجديده
نور دخلت أوضتها بعد ما سابت داليا ترتاح، قفلت الباب بهدوء ولفت ناحية مكتبها، خدت نفس عميق وبعدها فتحت كُشكول المحاضرات وبدأت تراجع اللي أخدته النهارده، عينها كانت ماشية على السطور بتحاول تفهم وتستوعب، لكن عقلها كان سرحان في حاجات كتير، نقلت نظرتها من الكشكول للموبايل اللي كان مرمي على المكتب، فكرت لحظة إنها تبعت لآدم تسأله عن نقطة مش واضحة لكنها تراجعت وقررت تحاول تفهمها لوحدها الأول، مرت الدقايق وهي غرقانة في المذاكرة، بتكتب ملاحظات وتقلب الصفحات، لكن كل شوية تلاقي نفسها سرحانة، رجعت تكمّل مذاكرة ومصمّمة تفهم كل نقطة، وقررت إنها بكرة هتسأل الدكتور لو فضلت مش فاهمه ،بعد شوية سابت القلم وسندت ضهرها على الكرسي، وفكرت في يوسف، اختفى طول اليوم، لا شافته الصبح ولا حتى بعد ما رجعت، كان واضح إنه اتأخر، بس ليه؟ وفجأة، سألت نفسها "هو أنا ليه بفكر فيه كده؟"
هزت راسها كأنها بتطرد الأفكار دي، وقامت وقفت عند الشباك، بصت للشارع وللهدوء اللي كان مسيطر على الجو، في وسط تفكيرها شافته داخل بعربيته، نزل منها ودخل البيت علطول وهيا حست أنه تعبان أو مرهق، فكرت تنزل تتكلم معاه شويه بس اتراجعت، حست بنعاس بعد يوم طويل، راحت على السرير وأول ما حطت راسها على المخدة حست بجسمها بيخف، وبسرعة راحت في النوم من غير ما تحس
يتبع.........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
صباح يوم جديد، صحيت الصبح بالعافيه وكانت محتاجه لنوم اكتر خاصة أنها نايمه متأخر، فاقت وقامت من على سريرها بكسل وقررت تنزل تساعد نهال في تحضير الفطار زي ما وعدتها امبارح نزلت ودخلت المطبخ بابتسامة وقالت بحماس "صباح الخير يا طنط، تحبي أساعدك في حاجة؟"
نهال بصتلها بود وقالت "صباح النور يا حبيبتي، انا خلاص خلصت فاضل بس أرص الأكل، اطلعي نادي العيال اللي بره دول "
خرجت الصالة ولقت البنات قاعدين بيتكلموا، فسألتهم بحماس "بتخططوا لإيه؟"
ندى ردت وهي بتضحك" هما اللي بيخططوا، لسه شوية طلبه يعيني "
بصتلها نور وسألتها " وانتي مش طالبه؟! "
قالت بفرحه" الحمد لله خلصت، اللهم ديمها نعمه"
" خلصتي؟!! مش انتي يا بنتي مع ساره "
صححت " كنت، لكن انا خلصت السنه التربوي بعد الأربع سنين وخدت العلقه مره واحده، لكن ساره اجلتها فبتحصد نتيجة تأجيلها"
هزت راسها بتفهم وافتكرت نهال فقالتلهم وكلهم قاموا معاها، بعد ما رصوا السفره طلعت تنادي داليا، نور خبطت على باب أوضة داليا، داليا فتحت لها، دخلت بابتسامة وسألتها " صباح الخير؟ نمتى كويس ولا معرفتيش تنامي؟!"
داليا قعدت وابتسمت بخفه " بحاول اهرب من واقعي بس غصب عني مش عارفه، بابا عمره ما هيعرف اني في اسكندريه بس لو عرف مش عارفه ممكن يعمل ايه ؟!"
نور قعدت جنبها "متقلقيش، كله هيبقى تمام مع الوقت، وهو مش هيعرف انك هنا ومش هيعرف يوصلك، ولو وصلك حتى فانتي صح يا داليا، هو بيجبرك على حاجه انتي مش عايزاها، كفايه أنه منعك تروحي كليتك، وماشي ورا مراته اللي معندهاش دم دي "
داليا بترتجف شوية وقالت "مش عارفة أعمل إيه، هو حلف عليا أتجوز مصطفى وهيا السبب، ازاي بتملى دماغه كده ونجحت تخليه زي الخاتم في صباعها، لو لقاني انا واثقه أنه مش هيرحمني"
نور قربت منها أكثر وحطت إيدها على كتفها وقالت "أنتِ مش لوحدك في دا، وأنا معاكِ لو احتجتي أي مساعدة ومتنسيش ده ، ولو حتى مجرد حد تسمعي منه كلام حلو، أنا هنا ومفيش حد يقدر يضغط عليكي ولازم دايمًا تحطي نفسك رقم واحد مهما كان، في فرصة دايمًا إنك تلاقي حريتك وتعملي اللي يناسبك"
بصتلها بامتنان وقالت " مش عارفه من غيرك كنت هعمل ايه، انا ربنا بيحبني أنه خلاكي في حياتي "
نور ابتسمت وقالت " إحنا هنا لبعض، ودلوقتي انزلي افطري معانا، وأنا واثقة إن اليوم هيمر أحسن بكتير والظروف هتتعدل وتبقى احسن "
نزلت معاها وقعدوا كلهم يفطروا ونهال كانت بتحاول تهزر مع داليا وتخرجها من المود
نور كانت كل شوية تبص ناحيته كرسي يوسف واستغربت ليه منزلش يفطر وقالت في نفسها ممكن يكون لسه نايم لانه راجع متأخر، ساره سألت نهال "هو يوسف لسه نايم ولا ايه ؟! ده محدش شافه امبارح يعني"
ردت بنفى "لاء مش نايم، نزل من بدري وقال إن عنده شغل "
سألت هبه باستنكار" يعني هو نازل عشان شغله بقا ؟!"
" يا بنات متسألونيش انا، هو صحي بدري وخرج علطول حتى من غير ما يفطر، قالي أن عنده ضغط شغل، اتحايلت عليه يفطر بس رفض "
هزوا راسهم بتفهم وكملوا فطار، بعد ما خلصوا الفطار، بدأ كل واحد يستعد ليومه نور مسكت شنطتها ونادت على آدم "يلا نتحرك قبل ما نتأخر"
يوسف كان قاعد في مكتبه قدامه كومة ملفات وعلامات الإرهاق ظاهرة على وشه. تيمور كان قاعد قدامه هو كمان مشوش، لكن مش نفس توتر يوسف، الجو في المكتب كان كئيب والورق اللي قدامهم كله بيأكد إن وضع الشركة أصعب مما كانوا متخيلين، يوسف مسح وشه بإيده وبص لتيمور بعتاب "أنا متضايق جدًا من اللي حصل، كان لازم نكون فاهمين الوضع قبل ما يتعقد بالشكل ده"
تيمور زفر ببطء وقال بصدق "أنا كنت بحاول أفهم بس الموضوع أكبر مما كنت متخيل، في حاجات كتير مش واضحة وحسيت إن في حاجة غلط، بس مقدرتش أوصل لحاجة أكيدة، كلها مجرد شكوك"
يوسف سكت لحظة وهو بيفكر بسرعة وبعدين رفع عينه لتيمور وقال بحزم "خلاص هتصرف، ابعتلي كل الموظفين المهمين، المدير المالي، مدير العمليات، أي حد عنده صلاحيات كبيرة في الشركة، عايز أقابلهم كلهم النهاردة، قولهم إن في اجتماع مهم كمان نص ساعه"
تيمور هز راسه بسرعة وقال "حاضر، هبلغهم حالًا"
يوسف سحب ملف تاني وفتحه، وهو عارف إن اللي جاي مش سهل، بس كان لازم يسيطر على الموقف قبل ما الأمور تخرج عن السيطرة أكتر، على الأقل لسه في فرصه ، يوسف كان مركز في الملفات اللي قدامه، لكن فجأة رفع عينه لتيمور وسأله بجدية "إيه اللي وصلنا لكده؟ إيه اللي خلّى وضع الشركة يتأزم بالشكل ده فجأة؟"
تيمور أخد نفس عميق وقال وهو بيحاول يرتب أفكاره "بصراحة الأمور كانت ماشية تمام، مكنش في أي مشاكل واضحة، لكن فجأة الشركات اللي كانت متعاقدة معانا لغت العقود بتاعتها واحدة ورا التانية."
يوسف عقد حواجبه وقال بشك "لغوها ليه؟ ايه السبب برضو مش فاهم"
تيمور زفر وقال "لأنهم كلهم راحوا للدمنهوري."
يوسف شد عضلات فكه، وعينيه لمعت بغضب "الدمنهوري؟!"
تيمور هز راسه بجدية "أيوه، كل الشركات اللي انسحبت من عندنا مضوا معاه، وكأن حد كان بيشتغل علينا في السر وبيسحب العملا من تحت إيدينا"
يوسف سكت لحظة، عقله بيشتغل بأقصى سرعة وبعدين قال بصوت منخفض لكنه مليان غضب "يبقى الموضوع مش صدفة، حد كان بيخطط لده من زمان."
شد يوسف نفس عميق ورمى القلم اللي كان ماسكه على المكتب وهو بيحاول يسيطر على أعصابه، بص لتيمور بحدة وقال "لازم نعرف إيه اللي بيحصل بالظبط، مين اللي بيلعب علينا بالطريقة دي!"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تيمور هز راسه بتأكيد وقال "أنا كنت بفكر في نفس الحاجة، بس لحد دلوقتي مفيش أي دليل واضح، بس اللي متأكد منه إن الموضوع مترتب له كويس."
يوسف ضرب بإيده على المكتب وقال بحسم "مش هستنى الدليل ييجي لوحده، لازم نتحرك."
بص لتيمور وسأله "إحنا عندنا أي عقود شراكة لسه قايمة ولا كله طار؟"
تيمور فتح ملف قدامه وقال "لسه في شركتين مترددين، مجمدين العقود بس مفسخوش بشكل رسمي."
يوسف ابتسم بسخرية "يبقى مش هيعدي كتير وهما كمان هيروحوا للدمنهوري، عشان كده لازم اتحرك بسرعه والا العواقب هتبقى وخيمه"
سكت لحظة وهو بيفكر وبعدين قال بحدة "أنا عايز اجتماعات مع مديري الشركات دي في أسرع وقت، ولازم أعرف كل تفصيلة عن اللي بيحصل."
تيمور سأل بحذر "وأنت ناوي تعمل إيه؟"
يوسف نظر له بثبات وقال "أكشف اللعبة اللي بتتلعب علينا وأوقف النزيف ده قبل ما الشركة تنهار"
يوسف سكت لحظة وهو بيحاول يربط الخيوط ببعضها ورفع عينه لتيمور وقال بجدية "إحنا مش بس بنخسر عملاء، إحنا بنخسرهم لصالح الدمنهوري تحديدًا، ده معناه إن في حد جوه عندنا بيسرب معلومات، والحد ده تبع الدمنهوري"
تيمور اتفاجئ لكنه بعد لحظة فكر وقال "بصراحة دي وجهة نظر منطقية، كل حاجة كانت ماشية طبيعية وفجأة كل الصفقات اتلغت في وقت واحد! حد لازم يكون بيبلغهم بتفاصيل شغلنا."
يوسف شد نفس عميق وقال بحزم "يبقى أول خطوة لازم نعرف مين اللي بيلعب علينا من جوه. هات لي تقارير عن كل المديرين الكبار في الشركة وخاصة اللي ليهم علاقة مباشرة بالصفقات اللي خسرناها."
تيمور هز رأسه بتأكيد "تمام، هشتغل على ده فورًا."
يوسف سكت لحظة وهو بيحرك القلم في إيده، بعدين قال بصوت واطي لكن كله تصميم "واللي خان مش هيطلع منها بسهولة."
بعد ما خلصت نور محاضرتها بدأت تحس إنها بدأت تتأقلم مع الوضع الجديد حتى لو لسه في شوية صعوبات، كانت بتحاول تستوعب المواد بالرغم من إن بعض التفاصيل كانت معقدة عليها ومع الوقت حست إن الأمور بدأت توضح شوية.
في نص اليوم قررت تاخد استراحة فقعدت في الكافيتيريا مع آدم اللي كان واضح عليه إنه مجهز حاجة ليها
فجأة طلع من شنطته مجموعة ورق وحطها قدامها بابتسامة، وهي بصت لهم باندهاش
سألته وهي بتقلب في المحاضرات "إيه ده كله؟ جبتهم منين؟"
ضحك بخفة وقال "من واحدة زميلتي، طلبت منها تجمعهم بما إنك لسه جديدة ومحتاجه تلحقي اللي فاتك"
نور رفعت عينيها له بامتنان حقيقي، ابتسمت وقالت بإخلاص "بجد متشكرة يا آدم، كنت محتاجة ده جدًا."
رد عليها ببساطة "لا شكر على واجب، المهم إنك تظبطي الدنيا بسرعة."
حست بسعادة خفيفة جواها، وعرفت إن وجود آدم جنبها في الكلية هيخلي الموضوع أسهل عليها بكتير
تيمور خرج بسرعة علشان يبدأ في تنفيذ طلب يوسف وسابه غرقان في تفكيره. كان حاسس بالغضب، بس الأهم كان الإحساس بالخيانة، إنه يدي ثقته للناس وفي الآخر يلاقى حد منهم بيطعنه في ضهره، مسك الملفات اللي قدامه وبدأ يقلب في العقود القديمة ويراجع كل تفصيلة، يمكن يلاقي حاجة تساعده. بس وسط تركيزه موبايله رن، بص للشاشة ولقي اسم سارة
أخذ نفس ورد بسرعة "أيوه يا سارة؟"
صوتها جاله فيه عتاب واضح "أنت فين يا يوسف؟ مختفي فين كده، من ساعة ما رجعت من السفر وانت غرقان في الشغل!"
يوسف سكت لحظة وحس فعلًا إنه مشغول عنهم، بس كان مضطر، مسح على وشه بإيده وقال بصوت هادي "عارف بس عندي ضغط شغل"
سارة قالت بإصرار "ماشي، بس ده مش معناه إنك تختفي! انت جاي علشان الشغل ؟!"
حس بالعجز ومش عارف يوزن بين شغله واخواته فاتنهد وقال " غصب عني بجد، مكنتش عامل حسابي ان الوضع هيكون صعب كده، حقكوا عليا "
سارة سكتت لحظة وبعدين قالت بصوت أهدى " ماشي يا يوسف بس مش للدرجادي، احنا متفقناش على كده، انا لسه مش قادره اصدق انك متعرفتش على اسلام"
ابتسم بخفوت وقال " اظن نهال قالت إنها عازماه الخميس، يوم الخميس هفضي نفسي وهستقبله بنفسي، اوعدك"
نهى المكالمه وبص للورق اللي قدامه لكنه فقد تركيزه للحظة، كلام سارة خلى إحساس التقصير يسيطر عليه، لكنه في نفس الوقت عارف إنه لازم يخلص اللي وراه الأول لأن شركته لو وقعت، كل حاجة هتتأثر، فتح الموبايل ولقى رسالة صوتية من هبة، ضغط على الرسالة وسمع صوتها "أنت فين يا يوسف؟ مش قادرين نشوفك، ودايمًا غرقان في شغلك بالرغم انك لسه جاي، المفروض تكون موجود معانا اكتر من كده، كل ما اسأل عنك مش بلاقيك"
يوسف حط الموبايل على جنبه وحس بهم كبير على عاتقيه، رجع تاني للرسالة وأخذ نفس عميق قبل ما يرد عليها
فتح الرسالة وكتب لها " هبه، عارف اني مقصر بس لسه مكلم ساره وقولتلها اني هحاول افضي نفسي، انتي عارفه أن مفيش حاجه تمنعني عنكوا بس غصب عني "
قفل الفون وزفر بضيق ورجع لشغله تاني
وبعد دقايق فونه رن وكانت نهال، اتنهد بضيق قبل ما يفتح عليها، ردت بابتسامه " يوسف، قدامك قد ايه ؟!"
بص للملفات قدامه وقال بجهل " مش عارف، بس لسه شويه "
" المهم أن الكل مستني وصولك، حتى جدك هنا واول ما جه سأل عليك، فقولي هتيجي امتى علشان اظبط معاد الغدا على رجوعك"
يوسف حَسّ بالضغط خصوصا أنه مش قادر يرفض، هو مش هينفع يرفض اساسا، أخذ نفس عميق وقال "طيب، هاجي الساعه 7 كده"
"تمام، بس متتأخرش عن 7 الكل هيكون موجود "
قفل معاها وبيفكر هيراجع كل الملفات دي ازاي، قاطع تفكيره دخول السكرتيره وبلغته أن قاعة الاجتماعات جاهزه، خرج من مكتبه وكان قلبه مشغول، عارف إنه لازم يعرف إيه اللي بيحصل في شركته، خاصة بعد اللي اكتشفه من تيمور عن التعاقدات اللي توقفت فجأة مع الشركات، دخل غرفة الاجتماعات والجو كان مشحون، كل الوجوه كانت جادة، وكل واحد منهم كان في وضعية انتظار، بدأ يتصفح الوجوه عشان يحاول يحدد مين فيهم ممكن يكون خاين أو مش واضح، لكن زي ما كان متوقع، مفيش حاجة بتوضح، كل واحد كان بيظهر قدام يوسف وكأنه بريء، ما فيش حد بيعكس أي شبهة خيانة، بس كان في حاجة جوا يوسف بتقول له إن في حد فيهم مش صريح، قعد في مقدمة الترابيزه وابتدى يوزع النظر على كل الحضور، بيحاول يقرأ بين السطور، حاول يطرح أسئلة بشكل عادي عن الوضع الحالي في الشركة وعلاقاته مع الشركات الأخرى، لكن الإجابات كانت بمعني واحد من الكل "إحنا في مرحلة صعبة، بس هنعديها مع بعض"
بعد الاجتماع فضل يوسف قاعد في مكانه شوية، مش قادر يحدد بالظبط مين فيهم ممكن يكون متورط أو خاين، هو متأكد أن في حد منهم خاين ، وإنه لازم يكتشف الحقيقة مهما كانت الصعوبة
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
يوسف دخل البيت وكان الكل في انتظاره.
رحب بجده وجدته وقال لهم بابتسامة " السلام عليكم"
قرب منهم وسلم عليهم وباس أيديهم وهما كانوا فرحانين بشوفته، نهال خرجت من المطبخ لما سمعت صوته ولما شافته قالته بابتسامة " حالا الأكل هيكون جاهز "
بصلها وقال " تمام "
استأذن منهم " بعد اذنكوا هطلع اغير هدومي بسرعه ونازل "
طلع اوضته ولاحظ أن البنات كلهم قاعدين في صالة الدور اللي فوق، دخل يسلم عليهم وهبه وساره جريوا عليه بلهفه
ساره قالتله" اخيرا شرفت "
" شوفتي "
وزع نظراته على الكل وشاف نور وسطهم فابتسملها، نور ردت ابتسامته بخفة، عينه جات على داليا اللي قاعده جنبها فسأل " دي داليا صح ؟!"
نور ابتسمت وقالتله " اه "
بصلها وقال بترحيب " اهلا بيكي "
ردت " شكرا "
واكتفت إنها ترجع تركز مع البنات اللي كانوا بيتكلموا بحماس يوسف قعد على الكنبة وهو بيبص لهم باستغراب وقال بنبرة ساخرة "واضح إن في اجتماع سري وأنا اللي اقتحمت عليكم المكان!"
هبة ضحكت وقالت "بالعكس يا يوسف، أنت الضيف اللي كنا مستنينه!"
ندى أضافت بمزاح "أيوة، بس بعد ما وقعت في إيدنا مش هتقدر تهرب بسهولة"
يوسف رفع حاجبه وقال "طيب ربنا يستر"
سارة قربت منه وقالت بحماس "كفاية غياب بقى، إحنا مفتقدينك بجد، حتى وإحنا بنهزر عايزينك معانا"
بص للبنات بابتسامة دافية وقال "عارف يا سارة، وأنتوا كمان وحشتوني أكتر مما تتخيلوا"
ملك ابتسمت وقالت "هو إيه اللي مخليك مشغول بالشكل ده؟ مش معقول كل ده شغل!"
نور بصت ليوسف وكانت حاسة إنه تعبان ومشغول، بس مش بيحب يبين ده قدامهم.
يوسف مسح على وشه وقال "الشغل، المسؤولية، حاجات كتير بس خلونا ننسى الكلام ده شوية ونتكلم عنكم، إيه الأخبار؟"
البنات بدأوا يحكوا عن يومهم في الكلية وهو بيسمعهم باهتمام، نهال نادتلهم فيوسف راح اوضته يغير هدومه بسرعه قبل ما ينزل، بعد شويه الكل كان قاعد والصمت مالي المكان
محمد بص ليوسف وقال بهدوء " ايه يا يوسف؟ عامل إيه في الشغل؟"
"تمام، الحمد لله، مفيش جديد."
بصله وحس أنه متوتر فقال بلهجه خفيفه "سمعت إن وضع الشركة مش زي الأول، الأمور شوية متوترة."
نفى بسرعه "لا الحمد لله، في شوية تحديات لكن إحنا شغالين على حلها."
ماكانش مقتنع من كلامه فحذره "خلي بالك يا يوسف، الحياة مش دايمًا بتكون سهلة، وأنا معاك في أي حاجة تحتاجها."
اكتفى بابتسامة خفيفه وقال " شكرا ، هقدر أتعامل مع الموضوع."
"أنا مش عايز أخوفك يا يوسف، بس لو وضع الشركه استمر كده هتخسر حاجات كتير وممكن متعرفش تلحق الوضع، انت عارف ان الشركات الكبيره اللي زي دي بتبقى محتاجه متابعه باستمرار، ولو احتاجت اي حاجه انا موجود"
يوسف اتنفض من كلامه واتغيرت نبرته وحس إنه مش مستعد يسمع الكلام ده دلوقتي، فكر ينسحب يمكن ينهي الجدال بس أتراجع علشان جده اللي كان متابع الحوار بصمت فرفع صوته وقال بحدة "أنا عارف شغلي كويس، أنا مش طفل عشان تكلمني بالطريقة دي! وأنا عارف أنا بعمل إيه، الشركة دي بتاعتي، ومش هسمح لأي حد يهددها!"
محمد اتفاجئ من رد فعله، حاول يهدئ الموقف وقال بصوت أخف "مش ده قصدي يا يوسف، انا بس قلقان عليك، بس لو عندك خطة أو فكرة لحل الوضع، لازم تشتغل عليها بسرعة."
يوسف تنفس بعمق وحاول يسيطر على عصبيته وقال "أيوة عندي خطة "
محمد بصله وقرر يخفف عنه شوية وقاله "أنا معاك يا يوسف، بس لازم تخلّي بالك، إنت مش لوحدك، لو محتاج مساعدة، قول."
يوسف هز راسه وقال بإيجاز "مش هقدر أطلب مساعدة من حد دلوقتي، ده موضوع لازم أتعامل معاه بنفسي."
عبد الحميد بص ليوسف " انا واثق فيك يا يوسف، وخليك متأكد أن كلنا وراك لو احتاجت اي حاجه، لكن متضغطش على نفسك ولوحدك "
يوسف بصله وقال بإيجاز وهو بينهي الموضوع " شكرا يا جدو "
بعد الغداء يوسف خرج من البيت وفضل يدور في دماغه على الخطوة الجاية، بيفكر في أي حل ممكن يعمله علشان يرجع شركته تاني لوضعها القديم، هو مش هيسمح أن شركته تقع مهما كان
البنات كانوا قاعدين مع بعض وكل واحد بيفكر في حاجه مختلفه
سارة قالت بحزن " مكنتش اعرف ان يوسف مضغوط اوي كده، لاء وكلمته قولتله أنه مقصر معانا، بدل ما نسانده عاتبناه "
ملك سكتت شوية وبعدين اتنهدت وقالت
" الكل حسسه بالذنب وحسستوه أنه مقصر مع انكوا عارفين أنه في وضعه الطبيعي مبيقصرش ابدا "
ندى هزت راسها ببطء وقالت بصوت هادي " هو فعلا عمره ما قصر مع حد فينا كلنا، بس محدش كان عارفه أنه مضغوط كده "
هبة قاطعتها وقالت بأسف "وأنا كمان كنت عايزه اعرف ازاي شغله اهم بس مكنتش اعرف ان الوضع صعب "
سارة عقدت إيديها وقالت بحزن
"أنا اللي بدأت وعاتبته، وكمان هاجمته، وأنا أصلا مش عارفة هو بيمر بإيه!"
ملك زفرت بضيق وقالت "هو مش هيقول حاجة، حتى لو كان تعبان أو مضغوط، دايمًا بيداري كل حاجة لوحده"
وهما قاعدين سمعوا صوت عربية، هبة قامت بسرعة ناحية البلكونة علشان تشوف مين اللي وصل، قلبها كان حاسس إنه يوسف، بس أول ما بصّت لتحت لمحت آدم وهو نازل من عربيته
ندى سألتها "يوسف؟"
هبة هزت راسها وقالت "لاء، آدم "
ساره سألتهم " هو ادم يعرف حاجه عن يوسف؟ "
ندى ردت " معتقدش، تعالوا ننزل نقوله يمكن وجوده جنب يوسف يخفف عليه "
قاموا كلهم ونزلوا على الصالة، في اللحظة اللي كان آدم داخل فيها
أول ما شافهم كلهم متجمعين، رفع حاجبه وقال
"إيه ده؟ مالكوا"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ردت ملك وقالت" كنا بنحسبك يوسف "
سألها " ليه هو فين ؟!"
سارة تنهدت وقالت "خرج بعد الغدا، واضح إنه كان مضغوط"
آدم كشر وقال بحدة "مضغوط من إيه؟"
" بابا كلمه عن الشغل وقاله إنه سمع إن الشركة وضعها مش مستقر ، بس يوسف كابر وقاله أنه عارف هو بيعمل ايه، وخرج علطول بعدها "
ملامح آدم شدت وصوته بقى حاد وهو بيقول "وهو ليه معرفنيش أي حاجة؟! اصلا من ساعة ما جه وهو واخد جنب مش فاهم ليه"
ندى حاولت تهديه وقالت "يمكن مكنش عايز يزعجك وعايز يحل مشكلته بنفسه، انت عارف أنه مش بيحب يحسس اللي حواليه باللي بيمر بيه "
آدم زفر بانفعال وقال "يوسف عنيد، بس مش للدرجة دي، كان لازم يكلمني! ده لو كان بيعتبرني اخ فعلا "
سكت شويه وبعد كده قال "أنا مش هفضل قاعد، هطلع أكلمه بنفسي."
سارة قالت بتردد "هو أصلاً مشغول اليومين دول يا آدم، يمكن م..."
بس قبل ما تكمل كان آدم خلاص طالع السلم بخطوات سريعة وهو ماسك موبايله، دخل أوضته وقفل الباب وطلع رقم يوسف واتصل بيه
أول ما رد عليه قال بعصبية "يوسف، أنت بتهزر؟! هو أنا آخر واحد لازم يعرف إن شركتك في خطر؟!"
اتنهد بضيق "مش كده يا آدم، كنت ناوي أحكيلك بس كنت محتاج أفهم الدنيا الأول، انا لسه مش فاهم حاجه"
آدم قال بانفعال "تفهم الدنيا الأول؟! يعني أنا مش محسوب عليك ولا إيه؟"
يوسف سكت لحظة، بص قدامه بشرود وقال بصوت هادي لكن فيه تعب " ادم متنساش انك لسه بتدرس والمفروض تركز في كليتك، حافظ على تقديرك احسن ومتشغلش نفسك بيا، انا عارف اظبط اموري"
آدم ضحك بسخرية وقال "برافو، برافو عليك، يعني تشيل لوحدك وتخسر أعصابك وبتكابر! ده تفكير منطقي جدًا يا يوسف!"
يوسف مسح وشه بإيده وقال بحسم "أنا هتصرف يا آدم، انت عارف اني لو محتاج مساعده انت اول حد هطلب منه، وانت عارف اني كنت هقولك اصلا "
آدم قال بجدية "وأنا معاك في أي حاجة، بس بطل تتصرف لوحدك، فاهم؟"
يوسف ابتسم وقال "فاهم يا آدم"
بعد ما قفلوا المكالمة، آدم تنهد وشبك إيديه ورا راسه، هيفضل لحد امتى كده، ليه دايما حاسس بالنقص، نفض تفكيره تماما ومسمحش لنفسه يفكر وقام يشوف وراه ايه "
البنات تحت قعدوا مكانهم، جت نهال شافتهم وقالت " انتوا قاعدين كده ليه ؟ معندكوش مذاكره وكليات ؟!"
ساره قالتلها " مستنيين يوسف "
" وانتي عارفه هو هييجي امتى، ممكن يرجع متأخر "
مكملتش لسه كلمتها وسمعوا صوت عربيته، أول ما سمعوا صوت العربية، كلهم بصوا لبعض وقاموا بسرعة ناحية الباب. سارة كانت أول واحدة اتحركت، وهبة وندى وملك مشوا وراها، ونور وداليا فضلوا قاعدين مكانهم
نهال هزت راسها وقالت وهي بتضحك "يا بنات اهدوا شوية، كأنه جاي من السفر تاني!"
سارة فتحت الباب قبل ما يوسف حتى ينزل من العربية، وقفت مستنياه وهو بينزل وهو باين عليه الإرهاق، لكنه أول ما شافهم ابتسم بخفة وقال "إيه، مستنينني على الباب؟!"
هبة عقدت إيديها وقالت "طبعًا، احنا عندنا كام يوسف يعني "
يوسف ابتسم أكتر وقال بهدوء " وانا عندي كام هبه يعني، بس برضو مش فاهم ليه متجمعين كده "
سارة زفرت وقالت "احنا كنا قلقانين عليك، مش بس قلقانين، إحنا حاسين بالذنب، المفروض نساندك مش نضغط عليك أكتر."
يوسف هز راسه وقال " خالو هوّل الأمور بس مش اكتر، لكن انا عارف اتصرف متقلقوش، الموضوع محتاج شوية وقت مش اكتر "
اتدخلت ملك وقالت "كلنا فينا مشكلاتنا، بس المهم إنك متحسش إنك لوحدك، إحنا هنا جنبك، حتى لو الموضوع مش في أيدينا "
يوسف شاف نظراتهم الحنونة وابتسم بخفة وقال "أنا متشكر ليكم، واوعدكم اني هحاول اكون معاكوا اكتر بمجرد ما أحل مشكلتي "
نهال طبطبت على كتفه وقالت "أوعى تبقى قاسي على نفسك يا يوسف، احنا كده موجودين علشانك "
ابتسملهم بحب وشكرهم على اهتمامهم
يوسف كان قاعد في الجنينة مغمور في أفكاره، عيونه مثبتة على نقطة بعيدة لكن عقله كان مليان بالضغوط والمشاكل، نور نزلت وهي حاسة إنه مش في حالته الطبيعية، قربت منه بهدوء وقالت بنبرة خفيفة "يوسف، أنا محتاجة أخرج أجيب شوية حاجات من بره، تيجي معايا؟"
رفع عينه ليها وكان تعبان وملامحه مرهقة، لكنه قال بهدوء "دلوقتي ؟!" مش ممكن تأجليهم للصبح؟ بعد الكلية مثلًا؟"
نور هزت رأسها بإصرار "لاء محتاجاهم ضروري، ومش هينفع يتأجلوا"
"طب خلاص، قوليلي إيه اللي محتاجاه وأنا أجيبه"
نور رفعت حاجبها "طب وليه متجيش معايا وخلاص؟ التغيير مش هيضر، بالعكس ممكن يفيدك، الا بقا لو مش عايز تيجي معايا، عادي هخرج لوحدي "
يوسف بص لها للحظة وبعد تفكير بسيط قال وهو بيقف "تمام، يلا بينا "
نور ابتسمت بانتصار خفيف، ومشيت معاه وهي متأكدة إن الخروجة دي ممكن تفرق في حالته حتى لو هو مش حاسس دلوقتي، يوسف كان مستعجل ورايح ناحية عربيته لكن قبل ما يمد إيده ويفتح الباب نور وقفته وقالت بسرعة
"تعالى نتمشى، المكان مش بعيد عن هنا."
" ماشي، براحتك "
يوسف كان ماشي جنب نور ملامحه مشدودة وعينيه فيها شرود واضح، كأنه عايش جوه دماغه أكتر ما هو موجود في الشارع
نور حسّت إنه مخنوق، وحاولت تفتح معاه كلام، سألت عن أي حاجة خفيفة عن يومه، عن حاجات عادية، لكنه كان بيرد بإجابات قصيرة.
بعد شوية وهي بتحاول تقرب من تفكيره، قالت فجأة "على فكرة، لو محتاج مساعدة في حاجة تخص الشركة، قولي يمكن أقدر أساعدك."
يوسف لف وشه ليها بسرعه وقال "نور، انتي مش هتعرفي تساعديني في حاجة، أكيد المجال ده بعيد عنك."
نور رفعت حاجبها وقالت بثقة "متنساش إني مهندسة، يعني ممكن أفهم حاجات ليها علاقة بشغلك."
يوسف ابتسم بسخرية خفيفة وقال "بس متنسيش إنك ميكانيكا، يعني مالكيش علاقة مباشرة بالشغل اللي عندي، وبعدين انا مش محتاج مساعده، انا رافض حد يتدخل، انا عارف احل اموري "
نور وقفت فجأة في مكانها وبصت له بتركيز وقالت "طب احكيلي الأول وبعدها قرر، يمكن اقدر اساعدك حتى لو بالكلام"
يوسف فضل باصص لها للحظة، مكانش عايز يتكلم عن مشاكله وكان عايز يحلها بنفسه، شافت تردده فبصتله وقالت بهدوء
"بص، إنت جوه المشكله، لكن لما تكون بره المشكله هتشوف افكار تانيه خالص عن أفكارك وأنت صاحب المشكله، فقولي يمكن اقدر اساعدك في حاجه تايهه عنك"
يوسف رفع حاجبه وهو بيبصّلها بشك "إنتي شايفة إنك ممكن تلاقي حل أنا مش شايفه؟"
نور هزّت كتفها وقالت بثقة "ليه لأ؟ أنا مش جوه المشكلة زيك، ومخي مش مشغول بمليون تفصيلة زي دماغك دلوقتي، فممكن أشوف حاجة إنت مش واخد بالك منها."
يتبع.......
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
أخد نفس عميق وبعد لحظة صمت قال بصوت هادي لكنه مشحون " الوضع مش بالسوء اللي ممكن تتخيليه، بس مش مستقر يعني، الشركات اللي كنا متعاقدين معاهم بدأت تنسحب واحدة ورا التانية وبدون أي سبب واضح، دي المشكله "
نور كانت بتسمعه بتركيز، فكرت شويه وقالت "أكيد في سبب، الشركات مبتلعبش كده وخلاص، خصوصًا لو كان بينكم تعاملات كويسة قبل كده."
يوسف هز راسه وقال بجديه " ما انا عارف أن اكيد في سبب لكن مش قادر احدده بالظبط، والمشكلة إن معظمهم بيتجهوا لشركة معينه "
نور رفعت حاجبها وقالت بتفكير " يعني فسخوا عقودهم معاكم علشان شركه تانيه ؟ صح كده ؟!"
يوسف شدد حواجبه وقال "بالظبط، وكأن في حد بيشتغل من تحت لتحت علشان يوقعنا لصالحهم، اكيد في خاين في الشركه بيوصل معلومات "
نور بصّتله بجدية وقالت "إنت متأكد إن في حد بيخونك جوه الشركة؟"
يوسف اتنهد وقال بحزم "أيوه حاسس بده، ومتأكد إن فيه حد من جوه بيسرب معلومات أو بيلعب من ورايا، بس المشكلة إني مش قادر أحدد مين بالضبط."
نور فكرت للحظة قبل ما تقول "طب وإنت بتفكر ازاي حاليا ؟"
يوسف قال بحدة واضحة في صوته "بفكر أغير كل الموظفين دفعة واحدة، أجيب ناس أنا واثق فيهم، وبكده أقطع الشك باليقين."
نور رفعت حاجبها بدهشة وقالت بسرعة "إيه! تغيّر كل الموظفين مرة واحدة؟ يوسف ده مش حل، ده ممكن يدمّر الشركة بدل ما ينقذها!"
يوسف زفر بضيق وقال " عارف بس كانت مجرد فكره غبيه مني، بس عايز اكشف الخاين في اسرع وقت "
نور شبكت إيديها قدامها وبصّت ليوسف بتركيز وهي بتقول "طب إنت فكرت إن ممكن أصلاً ما يكونش فيه خاين من الكبار؟ يعني مش شرط يكون حد من المديرين الكبار هو اللي بيسرب المعلومات."
يوسف عقد حواجبه وقال "أمال مين؟ محدش عنده صلاحيات زيهم أنه يعرف معلومات عن اي صفقه بنعملها "
نور حركت إيديها وهي بتوضح فكرتها "ممكن يكون حد من الموظفين العاديين، حد ليه صلاحية يدخل مكاتب الإدارة أو حتى ينضفها، حد بيشتغل في الخلفية محدش بياخد باله منه، ولو كده يبقى مش بيبيع المعلومات مباشرة، ممكن يكون زرع أجهزة تسجيل صوتي صغيرة أو حتى كاميرات مراقبة في المكاتب، وده اللي بيخلي أي حد يقدر يعرف اجتماعاتكم وقراراتكم قبل ما تتحركوا."
" فكرت جديا في كده، بس انا واثق أنه مش حد من الموظفين، ولا حتى حد من الاداره الماليه، راجعت امبارح كل حاجه بنفسي واتأكدت، وخلال يومين هكشف الخاين بنفسي"
نور سألته وهي مركزة مع كلامه "طب الشركات كلها انسحبت؟ ولا لسه في حد متعاقد معاك؟"
يوسف هزّ رأسه وقال "لا، لسه في شركتين ما فسخوش العقود بشكل نهائي، ومعتقدش انهم هيفسخوها، لأنهم هيتعاملوا معايا انا مباشرة "
نور ابتسمت وقالت بحماس "دي فرصة كويسة جدًا! لازم تستغلها بأحسن طريقة ممكنة، وتثبت لهم إن شركتك أقوى مما يفتكروا، ولو قدرت تكسب ثقتهم، مش بس هتحافظ عليهم، ممكن كمان ترجع شركتك زي ما كانت واللي فسخوا يرجعوا يتعاقدوا معاك تاني "
بصلها وقال " ومين اللي قالك اني هرجع اتعاقد معاهم تاني اساسا، هما انسحبوا بمزاجهم اه، بس مش هيرجعوا غير بمزاجي "
نور ضحكت بخفة وقالت "ثقة عالية أوي، بس مش غلط، المهم إنك تفضل ماسك أوراق اللعبة في إيدك."
يوسف ابتسم جانبيا، كان عارف إن كلامها فيه منطق بس برضه عنده كبرياؤه، مش سهل عليه ينسي اللي حصل، خد نفس عميق وقال"أنا مش بلعب، دي شركتي وسمعتي، واللي سابوني وقت الأزمة، مش هرحب بيهم لما أقف على رجلي تاني"
نور هزت راسها بتفهم وقالت بهدوء "مش بقولك ترجعهم، بس خليك دايماً الشخص اللي الخيارات في إيده، مش اللي الظروف بتتحكم فيه."
رد بإيجاز "عندك حق"
وقف وسألها " احنا مش بنوصل ليه ؟ فين المكان اللي قولتي عايزه تجيبي منه حاجتك"
نور ابتسمت وقالت "لا أنا مكنتش عايزه حاجه، بس قلت أخرج معاك شوية علشان أحاول أخفف عنك شوية أو على الأقل نتكلم مع بعض."
يوسف وقف في مكانه وبصلها وقال بنبرة هادية "يعني استدرجتيني عشان تخرجيني من المود اللي أنا فيه؟"
نور ضحكت بخفة وقالت وهي بترفع كتفها بلا مبالاة "ولو فرضنا إن ده حصل، هتزعل؟"
يوسف هز راسه بابتسامة صغيرة، حس إنه رغم كل الضغط اللي عليه نور قدرت تخفف عنه حتى لو بكلمة، وده شيء كان محتاجه أكتر مما هو متخيل
"بالعكس، شكراً." قالها بصوت هادي لكنه صادق
بصتله وقالت بهدوء "عارفة إنك مش بتحب تشارك مشاكلك مع حد، بس أوقات لما تطلع اللي جواك حتى لو مجرد كلام، بيكون أخف على قلبك."
يوسف أخد نفس عميق وهو بيبص قدامه، كان عارف إنها عندها حق بس هو مش متعود يشارك حد همومه بسهولة ولا حتى يقول لحد خططه، بس معرفش ازاي وقع بلسانه قدامها، أخد خطوة لقدام وقال"يلا نرجع؟"
نور ابتسمت وهزت راسها بالإيجاب، ومشيوا جنب بعض، الجو كان هادي بينهم والصمت سيطر عليهم للحظات قطعته لما سألته بترقب "اختفيت فين بعد الغدا صحيح ؟ اختفيت ومحدش شافك يعني "
يوسف رد بهدوء "كان مشوار خاص."
نور سألت بتعجب "مشوار خاص؟"
هز راسه فسألته " يعني كنت مع بنت ؟!"
يوسف ضحك ورد بثقة "لا مكنش كده، كان مشوار تاني بعيد عن كل ده"
نور سألت بتساؤل أكبر "يعني مكنتش بتقابل بنت؟ اصلك بتقول مشوار خاص."
يوسف رد بهدوء "لا طبعا مش فاضي للارتباط حاليا، عندي مسؤوليات تانية أهم، وبعدين ايه علاقة المشوار الخاص بالبنات يعني ؟!"
" هيا معروفه كده، يعني المشوار الخاص بيكون مقترن ببنت انت مرتبط بيها "
هز راسه بنفي " ملهاش علاقه لاء "
سيطر صمت بسيط بينهم لثواني وبعدين يوسف قرر يطمنها وقال " لما بحس أن الدنيا جايه عليا واني مش عارف افكر في حل مشاكلي متعود اني اتبرع بمبلغ صغير "
نور بصتله بإعجاب وقالت " تحفه، بجد تفكيرك كويس جدا "
يوسف ابتسم وكمل "ده بيساعدني أرتاح شوية، يعني متعود اصلا لما اقع في ازمه اعمل كده "
نور هزت رأسها بإعجاب، كملوا مشيهم في هدوء
سألها "وأنتِ عاملة إيه؟ الكلية أخبارها إيه معاكِ؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نور بصت له وابتسمت بخفة وقالت "الحمد لله، بحاول اذاكر اللي فاتني لأن الميدتيرم قرب، بس طبعا في حاجات كتير مبكونش فاهماها، بس ادم جابلي كل المحاضرات اللي ناقصاني "
يوسف هز راسه بتفهم وقال
" هندسة مش سهلة، بس انتي قدها "
نور ابتسمت وقالت " إن شاء الله خير والسنه دي تعدي على خير "
يوسف ابتسم وهو سامع كلامها، كان واضح إنها بتحب دراستها رغم تعبها، فسألها "بتحبي مجالك بجد ولا دخلتيه وخلاص؟"
نور بصت قدامها للحظات وقالت بصوت فيه صدق "لاء بحبه فعلا يمكن يكون صعب ومتعب، بس كل مرة بخلص حاجة لوحدي أو بفهم حاجة جديدة بحس إني بعمل حاجة ليها قيمة."
يوسف هز راسه وهو سامع كلامها، حس إنها فعلًا شغوفة بمجالها وده خلى عنده فضول يعرف أكتر، بس قبل ما يسألها حاجة تانية رن تليفونه، طلع فونه وبص على الشاشة، كان تيمور اللي بيتصل، رد بسرعة وهو بيقول "خير يا تيمور؟"
قاله بحماس "يوسف، عندي خبر مهم ليك."
يوسف وقف في مكانه وسأله بترقب "إيه الموضوع؟"
" شركه من الشركتين قرروا يكملوا معانا، مش هيتعاقدوا مع الدمنهوري"
يوسف عقد حواجبه وسأل بسرعة "إزاي؟ مش كانوا مترددين في الأول؟"
"أيوه، كانوا، بس قرروا يثبتوا "
يوسف أخد نفس عميق، حس إنه رغم كل اللي حصل، فيه حاجات بتتعدل لصالحه.
سأل بتركيز "تفاصيل العقد؟ فيه تغييرات؟"
"بنسبة كبيرة نفس الشروط، بس في بعض التفاصيل اللي هنناقشها في اجتماع رسمي بكرة"
يوسف فكر لثواني قبل ما يرد بحزم "تمام، متبلغش حد بالاجتماع ده يا تيمور، عايزه يكون سري، يكفي نسرين وسيف بس"
قفل معاه ونور سألته "إيه الأخبار؟"
يوسف لف ناحيتها وقال " في شركه قررت تكمل معانا "
نور ابتسمت بسعادة وقالت بحماس
"شايف! كنت لسه بقولك إن الوضع هيتحسن"
يوسف ابتسم بخفة وقال بصوت هادي لكنه واثق "آه، ولسه اللي جاي أحسن."
تاني يوم كان يوسف في شركته وقدامه كل المديرين اللي طلبهم، بص في وشوشهم كلهم وهو متأكد اني في حد فيهم خاين، بدأ يتكلم في أمور عامه وهو مركز في كل واحد منهم، كان شاكك في كذا حد وجمعهم مخصوص علشان يختار اللي شاكك فيهم منهم ويعرفه بطريقته، لكنه قرر يركز على الاجتماع الأول، بعدها لكل حادث حديث.
في القاعة، كان تيمور ونسرين وسيف قاعدين مستنيين، وعلى الطرف التاني كان "زين عابدين" صاحب الشركة اللي قررت تجدد العقد.
بمجرد ما يوسف دخل، وقف زين بابتسامة هادية ومد إيده يسلم عليه
"يوسف البنا! مكنتش متوقع انك اللي ماسك الشركة دي، بقالنا سنين متقابلناش."
يوسف رمش بعينه للحظة، افتكر الاسم كويس وبعد ثانية رد الابتسامة وقال "زين عابدين، صدفة غريبة فعلاً."
زين قعد على كرسيه وهو بيقول "أنا لما عرفت إنك المسؤول عن الشركة، حسيت إن التجديد معاك هو القرار الصح، عارف إنك شخص يعتمد عليه."
يوسف رفع حاجبه وسأل بجدية "طيب لو كده، ليه كنتوا مترددين في الأول؟"
زين ضحك بخفة وقال "بصراحة، كان في ناس بتحاول تقنعنا إن التعامل مع شركتك بقى مخاطرة، لكن لما دققنا في الأرقام والمشاريع اللي نفذتوها، اكتشفنا إنكم أقوى مما كانوا بيحاولوا يوصلوا."
يوسف اتضايق، كان متأكد إن في حد بيحاول يوقعه فعلاً، لكنه قرر يركز على النقطة الأهم حالياً.
"وأنا شاكر ثقتك، خلينا ندخل في تفاصيل العقد."
بدأ الاجتماع، يوسف كان حاضر بكل تركيزه، بيدرس مش بس الكلام، لكن كمان لغة الجسد، كل حركة، كل نظرة، وكل كلمة.
كان عايز يفهم أكتر مين اللي بيحاول يوقعه، وإزاي يقدر يقلب الطاولة عليهم ، تيمور بدأ يعرض بنود العقد الجديد، يوسف كان مستمع بتركيز، لكنه كان بيراقب زين كمان، بيحاول يفهم دوافعه أكتر. زين كان بيتكلم بثقة وكأنه متأكد إن الشراكة دي هتكون مربحة للطرفين.
"إحنا مش بس جددنا العقد، إحنا كمان بنفكر نزود حجم التعاون بينا في الفترة الجاية، شركتك تقدر تثبت قوتها في السوق بكل سهوله، مش عايزين نفوت الفرصة."
يوسف اتكأ بضهره على الكرسي وقال بنبرة هادية لكنها مدروسة
" انا عارف كل ده، لكن أنا عايز أفهم أكتر، مين اللي حاول يأثر على قراركم ضدنا؟"
زين بص له للحظة قبل ما يرد
"مش هقدر أقول أسماء، لكن في جهة معينة بتسعى تستحوذ على السوق، وللأسف كانوا بيحاولوا يخلوا الشركات التانية تبعد عنكم بأي طريقة، سواء بترويج إشاعات أو تقديم عروض مغرية جدًا."
يوسف شدد حواجبه وقال "طيب، وإنت ليه قررت ما تمشيش وراهم؟"
زين ابتسم وقال ببساطة "لأن الأرقام لا تكذب، إحنا حللنا السوق كويس ولقينا إنكم أفضل شريك ممكن نتعامل معاه، بغض النظر عن الإشاعات، ولما عرفت مين صاحب الشركه انا ثقتي بقت تامه، لاني عارف مين هو يوسف البنا "
يوسف حس بنوع من الارتياح، لكنه كان متأكد إن الحرب لسه ما خلصتش، ابتسم بود " كلامك يعني كتير بالنسبالي "
نسرين قاطعت الحوار وقالت
"أنا شايفة إن الخطوة دي هتكون مفيدة جدًا، وإحنا مستعدين نبدأ العمل فورًا."
يوسف بص لتيمور اللي كان مركز جدًا في تفاصيل البنود وقال له " ملف الصفقه هتحطه في عيونك يا تيمور، مش عايز أي مفاجآت في اللحظة الأخيرة، والا انت اللي هتبقى مسؤول "
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تيمور كان لسه هيتكلم لكن قبل ما ينطق زين وقف وهو بيجمع أوراقه وقال بنبرة واثقة "إحنا مستعدين نمضي."
يوسف أومأ برأسه وبدأوا في توقيع العقود، كل بند كان بيتراجع بدقة وكل توقيع بيتحط مكانه الصح.
بعد لحظات، زين مد إيده يسلم على يوسف وهو بيقول بابتسامة خفيفة "على فكرة عندي خبر ممكن يهمك."
يوسف رفع حاجبه باهتمام وزين كمل "الشركة التانية اللي كانت مترددة في التجديد معاكم، بنسبة كبيرة هتوافق بما إننا مضينا، مسأله وقت وهتلاقيها بتكلمكوا علشان يجددوا معاكوا "
يوسف ابتسم بخفة ومد إيده يسلم عليه
"شكراً يا زين، وجودك فرَق معانا النهاردة."
زين أومأ وقال بثقة "أنا متأكد إن القرار اللي خدناه هو الصح، هنتكلم قريب"
الكل خرج وتيمور كان لسه قاعد مكانه مش بيتحرك، عيونه مثبتة على يوسف.
أخيرًا بعد لحظة صمت قال بصوت هادي لكنه جاد "انت شاكك فيا؟"
يوسف رفع عينه ببطء وقابل نظراته بنظرة ثابتة، ساد الصمت بينهم للحظة قبل ما يوسف يرد بثبات "أنا مش شاكك فيك يا تيمور."
تيمور رفع حاجبه لكنه ما قالش حاجة، مستني يسمع باقي كلام يوسف
يوسف كمل بنفس الجدية "لو كنت شاكك فيك ماكنتش خليتك تكون المدير ولا كنت عرفتك كل تفاصيل الصفقة اللي هتنقذني من وضع سوداوي ولا حتى كنت سبت الملف معاك."
تيمور راقب ملامح يوسف للحظة، وبعدين ابتسم بخفة وقال "كويس، لأن آخر حاجة كنت محتاجها دلوقتي إنك تكون بتشك فيا."
يوسف رد بابتسامة جانبيه "لو كنت شاكك كنت هتعرف من طريقتي معاك ، مش كده؟"
تيمور ضحك بخفة وقال "بالضبط، بس برضو أنا هساعدك تلاقي اللي فعلاً بيحاول يوقعنا."
يوسف أومأ برأسه وقال "وعشان كده أنت مكاني هنا يا تيمور"
كمل بنظرة ثابتة "بس أنا عرفت بنسبة كبيرة مين الخاين، فاضل اتأكد"
تيمور عقد حواجبه باهتمام وسأل بسرعة "مين؟"
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية مليانة غموض وهو بيقول بنبرة متأنية "مش وقته."
تيمور اتضايق من رده الغامض لكنه عارف يوسف كويس، وعارف إنه مش هيقول دلوقتي
سأله بجدية"يعني إنت هتسيبه كده؟"
يوسف رد وهو بيحرك القلم في إيده
"لاء طبعا، بس عايزه يحس إنه لسه متكشفش، عشان يغلط غلطة أكبر، وساعتها مش هيبقى عنده أي فرصة للهروب"
تيمور فكر في كلامه للحظة، وبعدين هز رأسه بتفهم وقال بابتسامة خفيفة
" فهمتك "
يوسف ابتسم ابتسامة خفيفة وسابه وخرج
نور قاعده مع ادم يتكلموا عن المحاضرات والمواد وبتسأله في كذا حاجه وهو كان بيجاوبها ، سرحت شوية وهي بتفكر في يوسف وبتفكر عمل ايه انهارده في شغله
ومن غير ما تفكر كتير سألت آدم " هو يوسف هيرجع امتى من شغله "
آدم رفع حاجبه وقال " مش عارف بس هو عنده شغل كتير اليومين دول، احتمال يتأخر"
نور عضّت شفايفها بتفكير وبعد لحظة قالت له بنبرة عادية "طب ممكن تبعتلي رقمه؟"
آدم استغرب وبص لها باهتمام "ليه؟"
اتلخبطت للحظة وردت بسرعة وهي بتحاول تبان عادية "كنت طالبة منه حاجة وعايزه اسأله عنها، ونسيت اخد رقمه "
آدم حس إن في حاجة لكنه مهتمّش يسأل أكتر، طلع موبايله وبعت لها الرقم وقال وهو بيرجع تليفونه جيبه "خلاص ابعتيله أو كلميه."
نور خدت الرقم وهي عايزه تكلمه تتطمن عليه أو تسمع صوته، ادم قام يروح محاضرته وهيا قعدت مكانها متردده تكلمه دلوقتي ولا تستنى بالليل احسن، وهيا سرحانه افتكرت محاضرتها وبصت في الساعه لقت أن عدى ربع ساعه من وقت المحاضره، لمت حاجاتها بسرعه وكانت بتدعي وهي ماشية إنها تلحق تدخل لكن لما وصلت لقت الباب مقفول خبطت عليه بتوتر وبعد لحظات اتفتح دخلت وهي بتاخد نفس عميق، لكنها وقفت مكانها متجمدة لما شافت مين اللي واقف قدامها، نفس الدكتور اللي دلقت عليه الشاي قبل كده.
كان باصص لها بتمعن ومش عارف يدخلها ولا يمنعها، هو معروف عنه إنه مابيدخلش حد متأخر، عنده مبدأ إن الالتزام جزء من النجاح. لكن في نفس الوقت، هي لسه جديدة هنا، ومتعرفش طباعه كويس
سألها بصوت هادي لكنه صارم "متأخرة ليه؟"
اتوترت وقالت اول حاجه تيجي على بالها " كنت بذاكر في الكافتيريا ومخدتش بالي من الوقت "
فضل ساكت لثواني، وبعدها أشار لها إنها تدخل ،حست براحة ودخلت بهدوء وقعدت في أقرب كرسي وحاولت تركز في المحاضرة وفجأة صوت خبط على الباب قطع الجو الهادئ في المدرج، كل العيون اتجهت ناحية الباب، فتح الباب ودخل طالب شكله متردد واعتذر عن التأخير، الدكتور بص له بحدة وكان واضح إنه ماكنش ناوي يدخله
لحظة صمت سادت المكان والكل كان متوقع إنه هيرفض، لكن بعد تردد أشار له يدخل، الطالب دخل بسرعة وقعد ونور كانت مستغربه، ليه دخله وهو كان واضح إنه مش عايز؟ بعد ثواني استوعبت أنه دخله لانه دخلها ومش عايز يظهر إنه بيعمل تفرقة بين الطلاب
المحاضره خلصت والدكتور قال بصوت هادي لكنه واضح "أي حد عنده أسئلة يتفضل يسأل، الميدتيرم هيكون الأسبوع اللي بعد اللي جاي، ولو حد وقف قدامه أي سؤال أنتوا عارفين مكتبي فين."
بعض الطلبه بدأوا يتحركوا ناحيته، كل واحد عنده استفسار ونور كانت قاعدة مكانها مترددة. كانت مجمعة كذا سؤال بس مش قادرة تاخد خطوة وتسأله، حسّت إنه هيبصلها بنظرة "إزاي مش عارفة دول؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
لكن بعد لحظات شجعت نفسها، مافيش مجال للخجل، قامت بخطوات مترددة وقفت جنب زمايلها وهي ماسكة كتابها مستنية دورها.
الطلبة اللي قدامها خلصوا أسئلتهم واحد ورا التاني، دورها جه والدكتور بصلها مستنى اسألتها، رفعت إيدها بتوتر وهي بتشاور على أكتر من مسألة وقالت بصوت مش ثابت تمامًا "أنا كنت بذاكر، لكن مش عارفة دول اتحلوا إزاي "
الدكتور بص للكتاب، وبعدها رفع عينه لها وسألها بنبرة مستغربة "كل دول؟"
بلعت ريقها وقالت بهدوء "أيوه."
اتنهد الدكتور وبص في الكتاب بتركيز، وبعدها بدأ يشرح لها أول مسألتين، كانت مركزة جدًا معاه وبتحاول تفهم كل كلمة، لكنه فجأة وقف عن الكلام لما دخلت دكتورة تانية المدرج وقالتله باحترام "دكتور آسفة على المقاطعة، بس عندي محاضرة هنا حالًا."
بصلها الدكتور وهز راسه وبص لنور وقال "تعالي نكمل في مكتبي."
نور فتحت بُقها شوية بدهشة، تكمل في مكتبه؟!
قالت بسرعة بتوتر لما لاقته بيلم حاجته وهيمشي "بس أنا معرفش مكتب حضرتك فين."
الدكتور رفع حاجبه وقال ببساطة "تعالي معايا."
مشي وهيا مشيت وراه وهي حاسة بتوتر غريب، كانت بتبص حواليها وهي خارجة من المدرج، الدكتور كان ماشي بخطوات ثابتة، متعود على الطريق، أما هي فكانت بتحاول تواكب سرعته بدون ما تبان مرتبكة، لما وصلوا قدام باب مكتبه وقف وفتح الباب وهو بيقول "اتفضلي."
دخلت نور بخطوات مترددة، بصت حواليها، المكتب كان بسيط ومرتب، عجبها وده بان في نظراتها، قعد الدكتور على كرسيه وأشار لها تقعد على الكرسي اللي قدامه، قعدت وهي ماسكة كتابها، الدكتور مد إيده وأخده منها، بص فيها لحظات وبعدين رفع عينه لها وقال "أنتِ بتذاكري لوحدك ولا مع جروب؟"
قالت بسرعة "لوحدي، انا قلت لحضرتك اني جديده هنا "
هزّ رأسه وبدأ يشرح لها المسائل واحدة واحدة، كان شرحه واضح جدًا وأسلوبه مختلف عن المحاضرة، كأن طريقة شرحه وهي لوحدها أهدى وأبسط.
نور كانت مركزة جدًا وبتحاول تفهم كل كلمة، وكل ما تسأله على حاجة كان بيرد بهدوء وبدون أي ملل.
بعد حوالي نص ساعة، نور حسّت إنها استوعبت الموضوع أكتر، الدكتور بصلها وقال"دلوقتي فاهمة كل حاجة؟"
هزّت رأسها بسرعة وقالت بابتسامة خفيفة "أيوه، شكرًا جدًا."
نور رفعت عينيها له بتردد وكانت عايزة تعتذر عن تأخيرها، حست إنها كانت غلطانة ولازم تعترف بده، قالت بصوت هادي لكنه محرج "أنا آسفة على التأخير، مكانش قصدي، ومش هيتكرر تاني."
بصلها بنظرة ثابتة وقال بجدية "أنا دخلتك النهاردة عشان دي أول مرة، أنا مش بقبل أي حد يدخل بعدي أبدًا."
"تمام، مفهوم، مش هيحصل تاني."
"حصل خير، لو احتاجتي اي حاجه اديكي عرفتي مكتبي "
هزت راسها وقالت " انا معرفش اسم حضرتك ايه؟!"
بصلها لثانية وبعدها ارتسمت على وشه ابتسامة صغيرة لكنها مفيهاش أي مشاعر واضحة وقال بهدوء "مروان الدمنهوري."
نور حسّت إن الاسم ده مش غريب عليها لكنها ما فكرتش فيه كتير، هزّت رأسها وشكرته للمرة الأخيرة قبل ما تخرج من المكتب، بمجرد ما خرجت أخدت نفس عميق كأن مكانش في هوا جوه
يوسف كان مستغرق في شغله، عينه على الأوراق قدامه، لكن عقله مشغول بتحليل كل حاجة حصلت مؤخرًا، بيدرس كل حاجه في دماغه، فونه رن برقم غريب، بص ليه للحظة قبل ما يرد بنبرة هادية "ألو؟"
جاله صوت نور المتردد من الناحية التانية
"مساء الخير يا يوسف، أنا نور."
يوسف اتفاجئ للحظة لكنه بسرعة استعاد هدوءه وقال بنبرة دافيه " ازيك يا نور! أخبارك إيه؟"
نور سكتت لحظة، وبعدين قالت بتوتر واضح "أنا أخدت رقمك من آدم، آسفة لو كلمتك فجأة كده، بس كنت عايزة اتطمن عملت ايه في اجتماعك"
يوسف ابتسم لا إراديًا، عجبته طريقتها واهتمامها، رد بصوت هادي "متقلقيش، كل حاجة عدت على خير، الشركة قررت تجدد العقد، وزيادة على كده في احتمال كبير إن الشركة التانية توافق هي كمان."
نور اتنفست براحة وقالت بحماس صادق "بجد؟! كنت واثقة إنك هتتصرف، بس كنت عايزة أسمعها منك."
يوسف حس بسعادة خفية من كلامها، لكنه أخفى ابتسامته وقال بمزاح خفيف "يعني لو كنت فشلت، مكنتيش هتبقي عايزة تسمعي مني؟"
نور ضحكت ضحكة خفيفة وقالت بسرعة "طبعًا لاء! كنت هكلمك برضه، بس كنت هحاول أشجعك بدل ما أباركلك."
يوسف ابتسم أكتر وهو بيرد عليها بنبرة صادقة"وجود حد بيشجعك دايمًا حاجة مهمة."
نور سكتت للحظة وبعدين قالت بهدوء "أكيد، طيب مش هطول عليك، كنت بس حابة أطمن."
يوسف حس إنه عايز يطول المكالمة أكتر، لكنه قال بصوت دافي "شكرًا يا نور على اهتمامك."
نور ردت بابتسامة باينة في صوتها "بالتوفيق دايمًا "
وأنهت المكالمة، ابتسم بخفه ورجع يركز في شغله
العيلة كلها كانت متجمعة في الصالة، الكل بيتكلم ويضحك، لكن إيمان دخلت من الباب حابسة دموعها وكل ملامح وجهها كانت بتعكس إنها على وشك العياط، دخلت ورمت عليهم السلام بسرعة وكان صوتها خافت جدًا، زي ما كانت مش قادرة تتحمل أكتر وما لقيتش غير إنها تطلع على أوضتها بسرعه قبل ما يحسوا بحالتها.
بعد ما إيمان طلعت على أوضتها، ندى مابقتش قادرة تسكت وسألت سارة بقلق "إيمان كويسة؟ في حاجة حصلت؟"
كانت عيونها مليانة تساؤلات ولاحظت إن سارة مش مرتاحة.
سارة بصت لنظرات ندى وقالت بهدوء "مش عارفة، بس في حاجه غريبه، يمكن حاجة مضايقاها"
ندى قامت وقفت وقالت بصوت واطي لساره "هطلع اشوفها "
ساره هزت راسها وندى طلعت بسرعة تشوف اختها
يوسف رجع البيت بعد يوم طويل ومرهق، لكنه كان راضي بالنتايج، وهو داخل المدخل الرئيسي لمحت عينه عربية نور وهي خارجه، عقد حواجبه باستغراب وسأل نفسه ايه اللي مخرجها لوحدها وليه، كان بيفكر يمشي وراها يشوفها رايحه فين أو حتى يتصل عليها يسالها لكن صوت خطوات سريعة قطع تفكيره التفت بسرعة فشاف داليا جاية ناحيته وهي بتنهج وواضح إنها كانت بتجري "يوسف! بسرعة، امشي ورا نور!"
ركبت جنبه في العربية قبل ما حتى يسألها، وعنيها مليانة قلق
"إيه اللي بيحصل، هيا رايحة فين؟" سألها وهو بيشغل العربية لكن داليا قالت بنبرة قاطعة "امشي بس! هقولك كل حاجة بعدين."
يوسف حس إن الموضوع مش عادي، خصوصًا مع نظرات داليا المضطربة.
بدون نقاش أكتر، ضغط على البنزين واتحرك بسرعة ورا عربية نور، قلبه بدأ يدق أسرع، وكان عنده إحساس قوي إن الليلة دي مش هتعدي على خير
يتبع........
نور خرجت بسرعه وليه ؟
ايمان مالها وايه حصلها ؟
مين مروان الدمنهوري ؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
يوسف مشي ورا نور ومش فاهم هيا رايحه فين وليه، مستناش كتير قبل ما يسألها بصوت فيه حدة واضحة " في ايه ؟ نور رايحه فين ؟"
داليا أخدت نفس عميق كأنها بتحاول تلم شجاعتها وقالت بصوت مش مستقر تمامًا " تقريبا لمعتز ، خطيبها القديم "
يوسف شدد إيده على الدريكسيون للحظة، حس بانقباض غريب في صدره, بص لها بسرعة وسألها وهو بيحاول يسيطر على انفعاله " رايحاله ليه ؟ مش انتي بتقول كان خطيبها ؟!"
داليا هزت راسها وبدأت تحكيله اللي حصل
Flash back
كانت قاعده في اوضتها وفونها رن برقم غريب، خافت ليكون باباها أو حد تبعه، مردتش لكن الاتصال كان مستمر، عملت فونها صامت وفضلت بصاله لحد ما جالها رساله، فتحتها وكان مضمونها " ردي، انا معتز "
قرات الرساله ولقته بيرن فردت وقالت " عايز ايه ؟!"
قال بغرور "عايز أكلم نور."
داليا رفضت بسرعة "انسى، مفيش حاجة اسمها تكلمها."
لكن صوته كان بارد وهو بيرد "لو ما وصلتنيش بيها، هكلم أبوكِ وأقوله مكانك، ووقتها هتتجوزي مصطفى غصب عنك."
حست بجسمها بيتجمد، لكن حاولت تسيطر على نفسها وسألته "عرفت إزاي؟ انت عارف مكاني ؟!"
ضحك بسخرية وقال "أنا عارف حاجات كتير محدش يعرفها، روحي ادي الموبايل لنور أو خليها ترد على تليفونها بنفسها."
داليا كانت بتحاول تبين إنها مش خايفة فشدت نفس عميق وقالت ببرود مصطنع "اخبط راسك في الحيطة، مش هقولها حاجة."
قفلت المكالمة بسرعة، بس قلبها كان بيدق بعنف، فجأة موبايلها رن برسالة، فتحتها، لقته كاتب
"بكرة الصبح هتكوني في بيتك يا عروسة."
إحساس الخوف زاد جواها ومبقتش عارفه تعمل ايه، فونها رن تاني فردت بسرعه، قال بهدوء ممزوج بسخريه "إيه يا عروسة، قررتي إيه؟"
داليا كانت مش قادرة تسيطر على أعصابها، قالت بحدة "إنت واحد حقير، ربنا ياخدك عايز إيه منها؟"
رد عليها بصوت قاسي وقال "إنتي مالك؟ روحي اديها الفون وملكيش دعوة."
مكانتش عارفة تعمل إيه، حست كأن العالم وقف بيها رغم إنها عايزة ترد عليه، لكنها قررت إنها تاخد شوية وقت عشان تقدر تتصرف صح فقالتله"ثواني، هشوفها وهرن عليك."
قفلت وفكرت تعمل ايه بس موصلتش لحل، راحت لنور وخبطت عليها، نور فتحت ولما لقتها هيا راحت مكتبها تكمل مذاكرتها وقالت " حاسه بملل صح ؟!" كانت متوترة لدرجة إنها ما قدرتش ترد أو تدي اي ريأكشن، نور بصتلها فداليا قالت بتوتر
"في موضوع مهم لازم تعرفيه."
نور حست بقلق وبصتلها "في إيه؟"
داليا أخدت نفس عميق وقالت "معتز؟!"
نور بمجرد ما سمعت الاسم حسّت بضيق شديد وقالت "مش عايزة أسمع اسمه تاني."
داليا اترددت شوية لكن كملت وقالت " كلمني وهددني أنه هيرجعني لبابا لو انتي مردتيش عليه "
اتصدمت فتحت فونها وبدأت تشوف الميسدات الكتير اللي جاية من رقم غريب، بصت لداليا وقالت "احنا مش خلصنا بقى، عايز إيه مني؟"
قبل ما داليا ترد فون نور رن برقمه، أخذت نفس عميق قبل ما ترد، لازم تواجه الموقف ده لكنها مش مستعدة تسمع أي حاجة تانية من معتز، فتحت المكالمة وقالت بصوت هادئ وحازم "عايز إيه؟"
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
معتز رد عليها بلهفة "متعرفيش صوتك ده وحشني قد إيه؟"
نور كانت على حافة الانفجار، ردت بغضب وقالت "اخلص وقول عايز ايه، بتكلمني ليه تاني؟ مش خلصنا؟"
معتز ببرود واضح رد وقال "لاء لسه، أنا لسه عايزك يا نور، تعالي نرجع."
ضحكت بسخريه وقالت "ده في أحلامك الوردية."
ضحك معاها بس قالها بتهديد "يبقى استحملي تشوفي خسارة أعز ناس على قلبك، صاحبتك اللي باباها هيعرف مكانها فورا، وعمك اللي مسحول في مشاكله، الاتنين هتخسريهم، وعليهم يوسف البنا."
نور اتصدمت وما عرفتش ترد، قلبها كان بيدق بسرعة وما قدرتش تستوعب التهديد ده، كمل ببرود "قررتي إيه؟ أنا هنا في إسكندرية في مكان قريب من اللي أنتي ساكنة فيه، هبعتلك اللوكيشن وخلال نص ساعة لو مكنتيش عندي، أنا هنفذ تهديدي، وإنتي أكتر واحدة عارفاني يا نور."
قفل المكالمة في لحظة ونور كانت لسه مصدومة، مش قادرة تستوعب اللي سمعته ، داليا سألتها بقلق "في إيه؟"
نور بصت لها بتوهان، مش قادرة ترد أو تشرح لها الوضع، لفت انتباهها صوت رساله جات على موبايلها وفتحتها بسرعة لقت اللوكيشن اللي بعته معتز.
نور خرجت من اوضتها بسرعه وداليا خرجت وراها على طول مش فاهمة إيه اللي بيحصل، نور نزلت وخرجت من الباب الخلفي اللي اكتشفته مؤخرا علشان محدش يشوفها وكانت سريعة في خطواتها، ركبت عربيتها بسرعة وداليا كانت مش قادرة تلحقها لكن قررت تجري وراها علشان ما تسيبهاش لوحدها في الوقت ده
back
داليا كانت متوترة وهيا بتقول ليوسف اللي حصل، اما هو فملامح وشه مليانة توتر وغضب، حاسس إنه هينفجر، أخد نفس عميق وطلع موبايله بسرعة ورن عليها ، كان بيرن لكن مفيش رد، ضرب بايديه على الدركسيون بكل غضب وهو بيلعن في سره
عند ندى، دخلت أوضة إيمان وهي حاسة إن في حاجة مش مظبوطة، لقيتها قاعدة على سريرها بتعيط، قلبها وقع وجريت ناحيتها وسألتها بسرعه "مالك يا إيمان؟"
إيمان حضنتها بقوة وفضلت تعيط في صمت، وكل ما ندى تحاول تهديها أو تسألها ايمان مش بترد، ندى حست إن قلبها بيتحطم وكانت مش قادرة تتحمل ال silence ده أكتر من كده، فسألتها بخوف "إيمان في حاجة؟ قوليلي، إنتي مش لوحدك."
إيمان ما قدرتش تتحمل وسابت دموعها تنزل أكتر وقالت بصوت مهزوز "فاكرة أياد اللي قولتلك عليه؟ اللي كان عنده كانسر؟"
ندى بصت لها وقالت بتردد "آه، ماله؟"
حاولت تقاوم دموعها قالت بنبرة مكسورة "أياد... مات."
ندى اتصدمت وعرفت سبب انهيار اختها ايه، هيا عارفه كويس اياد يعني ايه بالنسبالها، ايمان كملت وقالت " كان عندي امل يخف، بالرغم من أن المرض انتشر في جسمه كله ونسبة شفائه كانت تكاد تكون معدومة لكنه اخد قطعه من قلبي معاه، انا عارفه أنه كده ارتاح لأن الكيماوي صعب اوي وهو مكانش بيستحمله بس ليه علقني بيه، طب احنا ليه بندرس وندخل طب لما احنا مش هنقدر ننقذ اللي احنا بنحبهم، ليه"
ندى حاولت تهديها وقالت " ايمان ده عمره، انتي هتكفري ولا ايه؟ انتي سبب علشان تنقذي حالات ربنا كاتبلها تعيش، لكن مش علشان تغيري المكتوب وترجعي حد من الموت، انا عارفه أنه صعب عليكي بس ده عمره، لسه هتلاقي حالات تانيه ومنهم هيفارق بس فيه منهم هيخف"
ايمان عيطت اكتر وندى كملت "أنتِ مش لوحدك، كلنا جنبك، هتعدي وكل حاجة هترجع لمجراها، بس خليكي قوية".
نور وصلت للمكان، نزلت من عربيتها بسرعة وبصت وراها قبل ما تدخل العماره، ركبت الأساسنير وطلعت شقته، خبطت على الباب بتوتر، بعد ثواني الباب اتفتح وابتسامة كبيرة على وشه، بصلها بإعجاب وقال "كل يوم أحلى من اللي قبله."
قالتله بلهجة جافة "عايز إيه؟"
رد عليها ببرود وقال "أكيد مش هنتكلم على الباب."
دخلت الشقة بضيق، بمجرد ما دخلت قفل الباب بالمفتاح، حست بالخوف وبصتله وقالت "قفلته ليه؟ افتحه."
قرب منها وقال بهدوء "متخافيش يا نور، لما تمشي هفتحه."
هزت راسها برفض وقالت بأمر"افتح الباب"
تجاهلها تماما وراح قعد على الكنبه ورفع رجله على الترابيزة، مسك كاس في أيده وشرب منه وهو بيبصلها بتفحص
يتبع......
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
مسك كاس في أيده وشرب منه وهو بيبصلها بتفحص "الوصول ليكي متعب أوي، بس قدرت أوصلك وأجيبك لحد عندي اخيرا"
نور رجعت وقفت عند الباب وقالت "قول عايز إيه يا معتز، خليني أمشي."
رد عليها ببرود "عايزك."
قالت بغضب "انسى نرجع، إنت عارف إن علاقتنا كانت بيزنس ومنجحش."
"لاء يا نور نجح، بس إنتي اللي انسحبتي ولأسباب تافهة، فيها إيه يعني شوفتيني مع واحدة؟ ما أنتي كنتي برضو قفل وأنا احترمت ده "
قام وقف وقرب منها وقال بهمس "لكن النهاردة لاء، النهاردة هتكوني ملكي أنا وبس، هعيشك ليله مش هتنسيها بس سيبيلي نفسك، انا وانتي وبس"
اتوترت وبعدت عنه وقالت "أنا جيت علشان أحذرك تبعد عني وعن داليا مش أكتر، غير كده انسى."
قرب منها ووقف قدامها وقال بنفس الهمس "أنا ممكن أنسى أي حاجة غيرك."
بعدت عنه وهو ضحك وراح ناحية الترابيزه ومسك ورق وقال "الورق ده ناقصه إمضتك يا نور، كل حاجة جاهزة ماعدا إمضتك"
بصّت له بعدم فهم وقالت "ورق إيه؟"
رد عليها ببرود "ورق جوازنا، جاهز وفاضل إمضتك." قرب منها ومدلها القلم وقال بأمر "إمضي"
هزت راسها برفض قاطع وقالت " مستحيل طبعا، نجوم السما اقربلك "
أخد نفس عميق "إنتي مش هتخرجي من هنا غير بمزاجي، عايزه تخرجي يبقى يا تمضي، يا اما هعتبرك مضيتي."
بعدت اكتر وقالت بعند " مش همضي"
قال بنفاذ صبر "لاخر مرة يا نور هقولك امضي، إمضي يا حبيبتي يلا. أنا مستني اليوم ده من زمان."
بصت حواليها وجريت بسرعه وهو اتعصب من تصرفاتها وجري وراها، لقت اوضه قدامها فتحتها بسرعه ودخلت وقبل ما تقفل الباب لقته بيزق الباب بعنف ودخل، ابتسم بخبث وقال بمكر "شاطرة إنك جيتي هنا، أنا لسه كنت بفكر إزاي ادخلك هنا."
رجعت لورا وتوترها بيزيد ولما قفل الباب بدأ قلبها يدق بسرعة، بصت حواليها لقت فازه جنبها، مسكتها بسرعة وكسرتها وأخذت حتة منها وحطتها على إيدها وقالتله بتهديد "أٰموت أكرملي من أني أمضي على ورقة تربطني بيك
حتى لو يوم."
قرب منها فقالت بتحذير "لو قربت همٰوت نفسي."
قرب أكتر وتجاهل كلامها وتحذيرها وهي جرحٰت نفسها ولسه هتكمل فرجع بسرعة وقال "اهدي، اهدي خلاص!"
نور وقفت مكانها بعد ما جرحٰت إيدها جرٰح صغير وقالت "ابعد عني وخرجني من هنا "
كان لسه هيتكلم لكن سمع الجرس بيرن، نور حاولت تخرج لكن هو وقف قدام الباب مانعها تخرج ، مسك ايديها بقوة وشد منها القطعه، لف إيدها وراها وقال "مش هسيبك يا نور، انتي بتاعتي."
حاولت تفك إيدها، لكن هو كان ماسكها بقوة، الباب كان بيخبط بقوة ونور حاولت تصرخ بصوت عالي، لكن حط إيده على بوقها ورجع بيها للحيطه وقال "اسكتي يا نور اسكتي."
ركلته بكل قوتها وهو اتأوه من الألم، استغلت اللحظة وخرجت بسرعة، خرج وراها وسحبها من شعرها بعنٰف وفي اللحظة دي اتفتح الباب فجأة وشافت يوسف وداليا قدامها، بمجرد ما شافتهم سمحت لنفسها تنهار ووقعت اغم عليها تحت صدمتهم التلاته
في شركة الدمنهوري...
كان قاعد على مكتبه والكل حواليه ساكت والجو كان متوتر جدًا، واحد من المديرين بدأ يتكلم وهو بيشرح الوضع "شركة يوسف البنا كانت في وضع سيئ، بس من أول ما نزل بنفسه وبدأ يتحرك والشركات اللي كانت مترددة قررت تكمل معاهم، رغم العرض اللي قدمناه ليهم، وده معناه إن شركته مش بس هترجع السوق، لاء، دي هتبقى أقوى من شركتنا كمان!"
صاحب الشركة اتعصب وضرب بإيده على المكتب وبصله بحدة وقال "وأنت هناك ليه؟! لو مش عارف تخلي الشركتين دول ينسحبوا يبقى وجودك مالوش أي لازمة! كل اللي عملناه هيضيع في لحظة!"
أخد نفس عميق وقال "هو لسه ميعرفش إن في حد جوه شركته بينقل أخبار الصفقات وبيحاول يوقع شركته، لسه بيدور"
واحد من اللي قاعدين قال بقلق
"يوسف البنا مش سهل، أكيد شاكك في حاجة ومش بعيد يكون عارف مين الخاين كمان، ده من زمان وهو معروف بذكائه وطريقة إدارته لشركاته بره مصر."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
صاحب الشركة ابتسم بسخرية وقال"طب هو واكل السوق بره، يسيبلنا السوق هنا بقى!"
بص للي بينقله كل اخبار الشركه وقاله بنبرة كلها تحدي "أنا عايز أعرف كل حاجة عن الصفقة الجديدة، كل تفصيلة، لو معرفناش، تعبنا كله هيروح في الهوا!"
فضلوا ساكتين لثواني قبل ما واحد من المديرين يتكلم بصوت هادي بس مليان خبث "الطريقة الوحيدة اللي نوقعه بيها ونخلي زين عابدين ينسحب، هي إننا نغرّقه في مشاريع خسرانه، وقتها مش هيعرف يوقف شركته على رجليها تاني وهتكون النهاية بالنسباله."
ابتسامة خبيثة ظهرت على وش صاحب الشركة، وبص لشخص معين وقاله بثقة "يبقى نخليه يدخل... ودخوله هيعتمد عليك!"
يوسف كان كل تركيزه على نور اللى واقعه على الأرض وكان حاسس بالذعر، داليا جريت ناحية نور تحاول تفوقها ويوسف بص لمعتز اللي حاول يخرج من الشقه، وقف قدامه بكل غضب وبدأ يضٰربه بغل وقوه، معتز حاول يدافع عن نفسه لكن يوسف كان طايح، معتز طلع مطٰوه من جيبه وعوره في جنبه، تجاهل وجعه ومسك ايده جامد حاول يوقعها منه لحد ما وقعت وكمل ضرب فيه لحد ما وقع اغمى عليه، جري على نور بسرعة وكانت داليا بتحاول تفوقها، بدأ ينادي عليها برفق "نور... نور، افتحي عينيكي" كان قلبه بينبض بسرعة وحاسس بخوف خصوصا انها مش راضيه تفوق، بص حواليه لحد ما لمح ازازة مايه، جابها بسرعة وبدأ يرش على نور بخفة وحذر هو مش قادر يستوعب كل اللى بيحصل، بدأت تفتح عينيها ببطء وبصت حواليها وكان واضح عليها الارتباك، لكن لما شافت يوسف وداليا حست بشوية راحة، يوسف وهو بيبص في عيونها بقلق "أنتِ كويسه؟ ردي يا نور، اوديكي المستشفى؟"
حاولت تتعدل بس حست انها مش قادره وقالت بتوهان "مش عارفة، بس... أنا... مكنتش متخيلة كده."
داليا بصتلها وقالت بعتاب " اومال متخيله ايه يا نور، يعني انتي عار......"
قاطعه يوسف بحده " مش وقته، المهم هيا دلوقتي "
بصلها وسألها " حاسه بايه طيب، تروحي المستشفى ؟!"
هزت راسها برفض وبدأت تستجمع قوتها، بصت ليوسف وقالت بصوت ضعيف "أنا مش عايزة أرجعله تاني "
يوسف طمنها وقال "مش هترجعيله، وعد مني، المهم دلوقتي انتي وبس، قادره تقومي؟!"
حاولت تقوم وبمجرد ما وقفت كانت هتقع فسندها هو وداليا، يوسف شال نور وخرجوا بسرعه، نور حاولت تعترض بس هو كمل طريقه برغم وجعه اللي بدأ يحس بيه لكنه حاول ميظهرش أي ضعف، كل اللي فكر فيه في اللحظة دي كان إنها تبقى بأمان، وصلوا للعربيه ونور قالت " نزلني انا كويسه والله "
" خلاص وصلنا اساسا"
فتح الباب وحط نور جوا وبص لداليا علشان تقعد جنبها لكنها بصتله وقالت " انت كويس ؟!"
" اه انا كويس"
بصتله بقلق وبصت لقميصه وقالت " بس مش ده الواضح"
فهم قصدها فقال " دي حاجه بسيطه عادي "
" انت بجد شايف انها حاجه بسيطه، لازم تروح المستشفى "
يوسف حاول يتجاهل كلامها وقال "مش دلوقتي، نور لازم تتطمن الأول، مش مهم حالتي دلوقتي "
نور مكانتش سامعه كلامهم فبصتلهم وقالت " في ايه ؟!"
رد يوسف بسرعه " مفيش هنتحرك اهو، وهبعت حد ياخد عربيتك متقلقيش "
داليا بصتلها وقالت " اظن لازم نروح المستشفى "
يوسف بصلها ونور قالت " مفيش داعي، انا كويسه والله "
يوسف بص لداليا بتحذير " قالتلك كويسه ، يلا اركبي "
تجاهلت تحذيره وقالت لنور " مش عشانك يا نور، عشان يوسف "
نور اتوترت ونزلت وبصت ليوسف بسرعة، لمحت التعب في عينيه ومسكت إيده بحذر، حسّت برجفته وقالت بقلق "يوسف، انت كويس؟"
حاول يبان ثابت وهزّ راسه بإصرار "أنا تمام، متقلقيش."
لكن داليا كانت واقفة متحفزة، إيديها على وسطها وقالت بحدة "تمام إيه يا يوسف؟ إنت بتنٰزف!"
نور شهقت لما بصت تاني على قميصه، الٰدم كان بدأ ينتشر أكتر، حسّت بقلبها بيضرب بسرعة وقالت بجدية "لازم نروح المستشفى حالًا!"
يوسف اتنهد وقال "بلاش دراما، جٰرح بسيط وهيخف."
داليا زفرت بغضب وقالت "آه طبعًا، وهيخف أكتر لما تنٰزف لحد ما تروح في غيبوبة!"
يوسف بصلها بغيظ ونور قربت منه أكتر، حطت إيدها على جرحٰه برقة، رفعت قميصه شويه علشان تشوف الجٰرح ولقته عميق جدًا، فشهقت من الصدمة "يوسف!" قالتها وهي مش قادرة تصدق اللي شافته "إيه ده؟ الجٰرح ده... إزاي؟"
يوسف حاول يتماسك وقال "مفيش حاجة، ده جرٰح بسيط"
بصت في عينيه برجاء وقالت بصوت هادي لكنه حاسم "يوسف... أرجوك."
بصلها شوية وكأنه بيقاوم، لكنه استسلم في الآخر، لفّ وشه وقال وهو بيتنهد "طيب... نروح المستشفى."
داليا ابتسمت بانتصار وركبت بسرعة، نور قالت " هسوق انا، انت هتتعب اكتر "
اعترض " مش للدرجادي، نور انا كويس صدقيني، ده جرح سطحي وأنا هروح المستشفى عشانك مش اكتر "
" بس ممكن تتعب، عشان خاطري متجادلنيش"
وافق تحت إصرارها وركبوا وراحت لأقرب مستشفى
يتبع........
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
وصلوا المستشفى بسرعة، نور نزلت وهي شبه بتجري على باب الطوارئ، وقفت جنب يوسف وهو نازل وحاولت تسنده لكنه مسك إيدها بهدوء وقال بابتسامة صغيرة " يا بنتي والله انا كويس ومش حاسس بحاجه اساسا، وعارف امشي "
نور زفرت بضيق، مش مصدقة إن عنده القدرة يبتسم ويهزر وهو في الحالة دي، قالت بقلق "يوسف أنت بتنزف، ووشك شاحب فبلاش العناد."
ابتسم أكتر وقال وهو بيبعد إيدها عنه "أنا مش عنيد، بس بجد كويس، وبعدين مش عايز الناس تفتكر إني جاي بمصيبة."
بصت له بحدة بس سكتت ومشيت جنبه، مش هتجادل معاه أكتر من كده دلوقتي، دخلوا الطوارئ بسرعة، والدكتور بدأ يفحصه
الدكتور بصله بعد ما شاف الجرح وقال بجدية "إنت محظوظ إنه مجاش في مكان خطر، بس المفروض ترتاح وما تعملش أي مجهود عشان الجرح ميفتحش تاني."
نور كانت واقفة جنب يوسف وبتسمع كلام الدكتور بانتباه ، كمل بجديه بعد ما خلص تطهير الجرح وخياطته "الجرح محتاج يتغير عليه كل كام ساعة عشان ميحصلش التهاب، وتجنب أي مجهود عنيف لأنه ممكن يفتح تاني."
نور هزت رأسها بتأكيد وقالت "أنا بعرف أغير على الجروح، هعمل كل اللي لازم."
الدكتور ابتسم وقال "كويس جدًا، هشرحلك إزاي تعملي ده بطريقة صح "
بدأ يشرح لها بخطوات واضحة ونور كانت مركزة جدًا في كلامه، بتسأل في كل تفصيلة عشان تتأكد إنها مش هتغلط.
أما يوسف فكان قاعد على السرير ببرود، ومش مهتم بالكلام اللي بيتقال، كان ساكت وعيونه نص مقفوله من التعب ومش مهتم بالتحذيرات.
بعد ما خلصوا خرجوا من المستشفى، يوسف كان ماشي بخطوات عادية وكأنه مش متعور أصلاً، وصلوا البيت ووقفهم عند العربية وقال بنبرة هادية لكنها حاسمة "محدش يعرف عن الجرح، ولا اللي حصل، مش عايز أي حد يقلق أو يسأل."
نور اعترضت "بس انت لازم ترتاح، وكلهم لازم يعرفوا علشان محدش يطلب منك حاجه فوق طاقتك "
هز راسه وقال بحزم "قلت محدش يعرف، أنا تمام، والموضوع انتهى."
نور عقدت حواجبها وقالت"بس....."
قاطعها "ولا كلمة يا نور، الموضوع خلص على كده."
فتح باب العربية وأخد الجاكت بتاع بدلته ولبسه وقفله كويس عشان يغطي أي أثر للجرح، وبعدها قال بنبرة آمرة
"يلا ندخل."
دخلوا ونور كانت متوترة وخاصة لما شافت نهال، نهال قربت منها بسرعة وهي بتقول بانفعال "إنتي كنتي فين يا نور؟! ازاي تخرجي كده؟! إنتي مش عارفة قلبت الدنيا عليكي إزاي؟! أنتي وصاحبتك دورت عليكم في كل حتة! ولما طلعت أوضتك وملقتكيش خوفت، ومبقتش عارفة أعمل إيه وأقول لمحمد ولا لاء"
نور حسّت بالذنب، معرفتش ترد فورًا بس حاولت تبان ثابتة وقالت بصوت هادي "أنا آسفة بس كنت مع داليا... وحصلت شوية مشاكل بس أنا كويسة."
نهال بصتلها بشك وقالت "مشاكل إيه؟ انتي تمام؟ شكلك مش مطمني."
نور ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت "أنا فعلاً كويسه ، متقلقيش."
نهال لفت نظرها ليوسف اللي كان واقف هادي، لكن عيونه كانت فيها أثر تعب واضح، بصت له بتركيز وقالت بريبة "وإنت مالك واقف ساكت كده؟! إنتو كنتوا فين بالظبط؟"
يوسف بص لنور وداليا بسرعة كأنه بينبههم، وبعدها قال بهدوء مصطنع "مكانش في حاجة خطيرة، نور كانت محتاجة تغيير جو، وداليا كانت معاها، وأنا قابلتهم بالصدفة."
نهال فضلت تبص له شوية كأنها مش مقتنعة، لكن قبل ما تتكلم نور قالت بسرعة "أنا تعبانة شوية، هطلع أوضتي."
نهال قربت منها أكتر وقالت بحنية "طيب لو تعبانة بجد قوليلي، شكلك مش مرتاح."
نور لمست إيدها بحنان وقالت "متقلقيش، بجد أنا كويسة، بس محتاجة راحة."
نهال سكتت للحظة وبعدين قالت "طيب، بس لو حسيتي بأي حاجة قوليلي فورًا، ماشي؟"
نور هزت راسها بموافقة وطلعت بسرعة، ويوسف وداليا كانوا وراها على طول، داليا دخلت اوضتها ونور قبل ما تدخل اوضتها بصت ليوسف وقالت بجدية "مش هتتحرك ولا هتبذل مجهود، مفهوم؟"
يوسف كان بيبصلها بنظرة هادية لكن عنيدة في نفس الوقت، وبعدين قال بنبرة فيها سخرية خفيفة "حاضر يا دكتورة، أي أوامر تانية؟"
نور زفرت بضيق وقالت "يوسف، بلاش تهريج، أنا بتكلم جد، الجرح ممكن يفتح لو اتحركت كتير، مش عايزة أشوفك بتستهتر بصحتك."
ابتسم ابتسامة جانبية وقال "ماهو أنا أساسًا روحت المستشفى عشان خاطرك، يعني مش هعاندك أكتر من كده."
نور بصت له شوية كأنها مش متأكدة من كلامه، وبعدين قالت بنبرة جادة "نام كويس، ومتخليش أي مايه تلمس الجرح، ومتتحركش كتير."
يوسف هز راسه بموافقة، لكن ابتسامته كانت لسه موجودة وقال بهدوء "حاضر يا نور، هسمع الكلام"
نور فضلت بصاله لحظة وبعدين قالت بهدوء "تمام، تصبح على خير."
يوسف رد وهو بيبصلها بتمعن "وأنتي من أهله."
نور دخلت أوضتها وهي بتحاول تهدي ضربات قلبها، مكانتش عارفه سببها، بس اللي كانت متأكدة منه إنها مش هتسيبه لحد ما تتأكد إنه فعلاً بخير، أما يوسف ففضل واقف قدام باب أوضته للحظات، عيونه متعلقة بالباب اللي نور دخلت منه، اتنهد بصوت هادي ودخل أوضته أخيرًا وقفل الباب وراه، قعد على طرف السرير وهو بيفك أزرار الجاكيت ببطء، رمى الجاكيت على الكرسي، وبعدين مسك تليفونه، قرب الفون من ودنه وهو بيرن على شخص
ثواني وسمع صوت رجولي هادي على الناحية التانية "أوامرك، يوسف بيه."
يوسف بص قدامه بجمود، نبرته كانت حادة وواضحة "معتز، عايزه يختفي لحد ما أقولك العكس، مش عايز يظهر خالص الفتره دي "
الشخص على التليفون رد بسرعة "مفهوم، هيتنفذ فورًا."
يوسف قفل المكالمة بدون أي كلمة زيادة، سحب نفس عميق وهو بيضغط على الموبايل، عارف إن اللعبة لسه في أولها، وإنه مش هيسمح لمعتز يهدد نور تاني، مش هيسمح له يكون خطر في حياتها
صحيت نور بدري شويه على صوت المنبه اللي ضبطته، كانت لسه مش مستوعبة في البداية، لكن بمجرد ما افتكرت إنها ضبطته عشان تغير ليوسف على الجرح، فتحت موبايلها بسرعة وبعتتله رسالة "صاحي؟"
دخلت حمامها تجهز نفسها وخرجت فتحت فونها تشوف رده " اكيد"
ابتسمت بخفة وراحت ناحية أوضته، وقفت لحظة قدام الباب، بعدها خبطت بخفة وبعد لحظات فتح لها.
بمجرد ما شافته لمحت الإرهاق في عيونه، ملامحه كانت مجهدة شوية لكنه كان ثابت كالعادة، دخلت الأوضة وقالت وهي بتبصله بقلق "انت نمت ولا لسه صاحي؟"
رفع كتفه بلا مبالاة وقال "كان عندي شغل بخلصه."
اتضايقت من طريقته ومن إهماله لنفسه ومن كل حاجة عقدت دراعها وقالت بحدة طفيفة "وهتنام إمتى بقى؟ أنت عارف إنك المفروض ترتاح، مش كفاية إني حاسة بالذنب لأني السبب في جرحك؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
وقف قدامها بثبات، نبرته كانت هادية لكنها حازمة "مش عايزك تحسي بالذنب، ده مش ذنبك، وان كان عليا فأنا كويس."
نور زفرت بضيق، كان عندها كلام كتير جواها، لكنها قررت تبرر اللي حصل، تحاول تشرحله اللي حصل، خفضت عينيها وقالت بصوت هادي لكنه متوتر "أنا مش عارفة أنا روحتله ليه ولا ازاي أصلاً، بس خفت من تهديداته، هو شخصية مؤذية ومتدلع جدا، أوامره مجابة، وهددني أنا وداليا، ومش عارفة لو مكنتوش جيتوا، كان زمان حصل إيه دلوقتي"
بصلها بعتاب وقال بنبره هاديه ممزوجه بمشاعر مكبوته "مش أنا قلتلك لما تقعي في مشكلة تعرفيني؟ ولو أنا مساعدتكيش يا ستي متعرفنيش تاني، بس تصرفك كان غلط"
حست بالندم أكتر من الاول، فضلت صامتة لثواني وهي بتجهز الأدوات عشان تغير له على الجرح، فضلت مركزة في تجهيز الأدوات، رفعت عينيها له أخيرًا وقالت بصوت واطي لكنه متوتر "أنا لما بكون متهددة مش بعرف أفكر، باخد رد فعل سريع، وده عيب فيا بحاول أصلحه، اي حد ليحاول يهددني وخاصة بحاجه بحبها مش بعرف افكر وبيكون كل تفكيري وقتها ازاي اخلي الشخص ده يتراجع عن تهديده "
بصّلها بثبات قال بهدوء "كلميني وهكون عندك حتى لو في اخر الدنيا، وفكري معايا، عمري ما هقفل بابي في وشك، اي حاجه تحصل يا نور لازم تكوني معرفه اي حد"
قالت بصوت مهزوز شوية "بس معتز مش هيسيبني، خصوصًا بعد اللي حصل، هيفضل ورايا"
بصّلها بنظرة حادة، وقال بنبرة حازمة وقاطعة "لا معتز ولا عشرة زيه يقدروا يضايقوكي طول ما أنا موجود، انسي إنه يقدر يقرب منك يا نور، طول ما أنا هنا محدش هيقدر يلمسك."
نور فضلت ساكتة، مش قادرة ترد، قلبها كان بيدق بسرعة، مش عارفة من إيه بالظبط.. من خوفها؟ ولا من إحساس الأمان اللي حسّت بيه فجأة بسبب كلامه؟
قربت بخطوات هادية، وحطّت الأدوات على الكمود جنب السرير، وبدأت تغير له على الجرح بايدين بتترعش خفيف، لاحظ توترها بس فضل ساكت وهو بيبصلها بتفكير وعايز يعرف ايه اللي بيدور في دماغها بس استناها تتكلم، بعد لحظات من الصمت، قالت بصوت مخنوق ومهزوز وهيا بتجاهد متعيطش "بس أنت متعرفوش، معتز لما بيحط حاجة في دماغه بيعملها."
رفع وشها ليه وبص لعينيها وهو بيطمنها "وأنا كمان يا نور، لما بحط حاجة في دماغي بعملها، عايزك تثقي فيا شويه "
دمعه من عينيها نزلت وهيا بتقول "حتى لو إنت شايف إن معتز مش هيقدر يعمل حاجة، أنا مش متطمنة، هو متهور وعنده وسايل تخلي الواحد يحس إنه محاصر، وأنا مش عايزة أعيش كده، مش مستعده "
" قولتلك ثقي فيا وبس، مش عايزك تفكري فيه ولا حتى في اللي حصل، انسي امبارح خالص وركزي في امتحاناتك وبس، ولو اي حاجه تانيه حصلت لازم اكون اول واحد عارف"
هزت راسها وهيا بتمسح دموعها بسرعة وقالت بصوت مهزوز شوية "ربنا يستر بقى..."
زفرت بصوت واطي وهي بتحاول تهدي نفسها وقالت وهي بتربط الضمادة الأخيرة على جرحه "أنا مش عايزة مشاكل أكتر، ولا عايزة حد يتأذي بسببي، لاني اصلا مش قادره اسامح نفسي على اللي حصلك"
رد عليها بسرعه بنبرة كانت أقرب للوعد "إنتي مش سبب أذية لأي حد، ولو حد حاول يأذيكي هو اللي هيدفع التمن مش إنتي."
وقفت بعد ما خلصت ومسحت إيديها في منديل وقالت بهدوء وهي بتبصله أخيرًا "خلاص، كده تمام، بس أوعى تهمل الجرح ، ولا تتعب نفسك."
بصلها لثواني، ملامحه كانت هادية لكن نظرته كان فيها إصرار واضح وكأنه بيقول لها من غير كلام إنه مش هيسمح لحاجة تأذيها، حاول يخفف الجو فقال بنبرة أخف "حاضر، مش ههمل الجرح، بس انتي كمان لازم تهتمي بنفسك شوية، متخليش تفكيرك في اللي حصل يشغلك عن امتحاناتك، اتفقنا ؟!"
هزت راسها بتفهم وقالت بهدوء "هحاول."
ابتسم بخفة وقال "حاولي جامد."
نور لفت وشها بسرعة عشان تخبي ابتسامة صغيرة ظهرت غصب عنها وقالت وهي بتحاول تخرج بسرعة " هروح اجهز علشان عندي محاضره بدري "
خرجت وقفلت الباب وراها، وقفت للحظة برا الأوضة، خدت نفس عميق وحاولت تهدي اللي جواها
بعد ما خرجت فضل قاعد مكانه، عيونه كانت مثبتة على الباب اللي قفلته وراها، مدد رجله على السرير وزفر نفس طويل، حسّ بتعب مفاجئ، مش بس جسدي، لكن كمان عقلي، غمض عيونه لحظه يحاول يريح دماغه شويه
نور كانت بتجهز بسرعة، لبست هدومها ورتبت شعرها بسرعة قدام المراية، لكن كل شوية كانت بتاخد نفس عميق وتحاول تركز، وتبعد تفكيرها عن كل اللي حصل، اخدت شنطتها ونزلت بسرعة للدور الأرضي، لقيت آدم مستني عند الباب وكان ماسك مفتاح العربية وبيبص في موبايله، لكن أول ما شافها رفع عينه وقالها " ماما في المطبخ بتحضر الفطار وقالتلي لما تنزلي اقولك تدخلي تفطري"
قربت وهيا بتقول " هفطر في الكليه مش هلحق"
حس انها مش طبيعيه لكن متكلمش في الأول، ركبوا العربيه وفي طريقهم سألها بهدوء "إنتي كويسة؟"
نور اتفاجئت بالسؤال لكنها حاولت تخبي توترها وابتسمت ابتسامة خفيفة "أه، تمام."
آدم ما قالش حاجة لكنه كان ملاحظ انها سرحانه ومش بتتكلم زي العاده، بعد شوية قال بنبرة هادية "مش نايمة كويس؟"
نور بصت له بسرعة وبعدين رجعت تبص قدامها وقالت وهي بتحاول تخلي صوتها طبيعي"يمكن، كنت سهرانه شويه امبارح "
آدم هز راسه بتفهم، بس كان عارف إن في حاجة تانية، قرر ميسألش أكتر بس قال بهدوء وهو مركز على الطريق "لو في حاجة مضايقاكي، عارفة إنك ممكن تقوليلي، صح؟"
نور بصتله وابتسمت بخفة وقالت "عارفة."
وصلوا الكليه ونور نزلت وقالتله بابتسامة خفيفة "شكراً يا آدم، أشوفك بعدين."
هز رأسه بابتسامة صغيرة وقال "ماشي، خلي بالك من نفسك."
نور دخلت الكلية، وقررت تشغل نفسها باليوم الدراسي، تحاول تهرب من التفكير اللي مش عايزة تغرق فيه أكتر
ملك دخلت أوضة هبة بخطوات سريعة، قربت من السرير وهي بتقول بصوت واطي "هبة… إنتي بقيتي كويسة ولا لسه تعبانة؟"
هبة حركت نفسها بصعوبة، صوتها طلع متكاسل وهي بتقول بنبرة مرهقة "مش هروح النهارده، تعبانة."
ملك قعدت جنبها على السرير، بصتلها بقلق وقالت "طب يا بنتي روحي لدكتور يكشف عليكي بدل ما انتي حاسة بتعب كده."
هبة فتحت عيونها بسرعة كأن كلامها نبهها، وهزت رأسها بنفي مستعجل "لا لا، مفيش داعي… أنا أصلاً باخد علاج."
"بس العلاج مش جايب نتيجة، شوفي حاجه اقوى"
هبة اتنهدت وقالت بصوت ضعيف "لاء، ده مريحني"
ملك مدت إيدها على الكومود عشان تاخد شريط البرشام وتديها منه، اخدته بس كان فاضي، رفعت حاجبها وقالت وهي بتقلبه في إيدها "ده خلص… مفيش تاني؟"
هبة شاورت بتعب ناحية الدرج "في علبة في الدرج."
ملك فتحت الدرج بسرعة، طلعت علبة الدوا وأخدت منها شريط جديد، وهيا بترجع الشريط شافت حاجه صدمتها وخلت إيديها تتجمد مكانها، حسّت بدقات قلبها بتعلى فجأة، مدت إيديها بتردد، رفعت الاختبار ببطء، وبمجرد ما شافته بوضوح… شهقت بصوت مسموع
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
" ايجابي؟! يعني حمل؟ ازاي؟ حامل ازاي وليه ومن مين؟ "بصوت مهزوز خرج الكلام بصعوبة من ملك
هبه أول ما شافت الاختبار في إيد ملك وسمعت كلامها عيونها وسعت برعب، قامت بسرعة وخطفته منها بعصبية وهيا مش عارفه تقول ايه، ملك همست بصوت مليان صدمة "هبة… ده بتاعك؟"
هبة ما ردتش، كان وشها شاحب، عينيها بتتهرب، كأنها مش عايزة تواجه الحقيقة.
ملك خدت خطوة لقدام، صوتها بقى أعلى وفيه مزيج من القلق والغضب "جاوبيني يا هبة! الاختبار ده بتاعك؟"
هزت راسها وملك شهقت، دماغها مش مستوعبة اللي بيحصل. قربت منها أكتر وهمست بخوف "إزاي؟! إزاي ده حصل؟! وامتى…؟!"
هبة رفعت إيديها قدامها كأنها بتحاول توقف سيل الأسئلة وقالت بسرعة" معرفش، سيبيني في حالي"
ملك بصتلها بعدم تصديق، لكن أكتر حاجة خوفتها في اللحظة دي… كانت نظرة هبة.
نظرة شخص مش بس خايف… نظرة حد عارف إن المصيبة اللي وقع فيها أكبر بكتير من إنه يهرب منها، نظره مسالمه تماما وكأنها فاقده الامل، ملك فضلت واقفة مكانها، الإختبار في إيديها، إحساس بالدوار سيطر عليها، حسّت إنها بتحلم، مستحيل اللي قدامها يكون حقيقي، بصت لهبة اللي كانت متوترة، عنيها متعلقة بالأرض، بتتحاشى تمامًا النظر لملك، الغضب بدا يتسلل لصوت ملك وهي بتقول بحدة "فهميني، اللي بيحصل ده حلم ولا علم؟ برري وقولي حاجه تانيه، اكدبي حتى وطمنيني"
هبة رفعت عينيها ببطء، الدموع ملمعة فيهم، صوتها طلع ضعيف وهي بتقول بارتباك "ملك… أنا… مش بإيدي."
"مين اللي عمل كده؟!"
هبة فضلت ساكتة، صوت أنفاسها بس هو اللي كان مسموع، ملك شبكت حاجبيها، قلبها كان بيصرخ بالجواب قبل ما تنطقه، لكنها رفضت تصدق، بصوت منخفض لكنه كان زي الطعنة، همست "عبد الرحمن… صح؟"
هبة غمضت عينيها ودموعها نزلت بغزارة، مجرد بكاء صامت لكنه كان أبلغ من أي كلمة، ملك اتراجعت خطوة لورا، حطت إيدها على رأسها وهي بتحاول تهدي رعشة جسمها، همست بعدم تصديق
"أنا حذرتك… أنا فضلت أقولك تبعدي عنه… وانتي بعدتي فعلاً… رجعتيله تاني ليه؟! ليه؟!"
نفت براسها" مرجعتش"
"يعني إيه؟! أومال ده حصل ازاي…؟!"
هبة خدت نفس متقطع، عنيها متغرقة دموع، مش قادرة تتكلم، ملك قربت خطوة، صوتها بقى واطي بس كله ارتجاف وغضب وخوف" قولي الحقيقه "
سكتت فملك كملت بمراره "إيه اللي هيحصل دلوقتي؟! ليه مفكرتيش في الكل؟! يوسف؟ بابا؟ جدو؟ انتي أكيد بتهزري… انتي عارفة لو يوسف عرف؟!"
هبة رفعت وشها بسرعة، عيونها مليانة رجاء وخوف وهي بتهز راسها بضعف، ملك كملت "انتي دمرتي نفسك… ازاي؟! ازاي تفرطي في أغلى حاجة عندك كده؟!"
هبة فتحت بُقها كأنها هتتكلم، لكن ملك قاطعتها قبل ما تنطق، صوتها كان بيعلى مع كل كلمة، إحساسها بالكارثة كان بيخنقها "إيه اللي المفروض يحصل دلوقتي؟! دي كارثة! انتي دمرتي نفسك وضيعتيها!"
بصتلها من فوق لتحت، كأنها لأول مرة تشوفها، وبعد لحظة، شهقت بصدمة وقالت "ده السبب اللي مخليكي حابسه نفسك هنا؟ ليكي حق… أصل هتعملي إيه؟! بعد ما ضيعتي نفسك… هتعملي إيه؟! هتواجهي العالم ازاي"
هبة انفجرت في بكاء هستيري، انهارت تمامًا، كانت عايزه تتكلم وتنطق بالحقيقه، قالت وصوتها بيرتجف " انا......"
ملك قاطعتها قبل ما تكمل، صوتها كان عالي ومليان صدمة وغضب ومرارة
"ضيعتي نفسك! أنتي ضيعتي نفسك، برافو عليكي...برافو! مستقبلك كله اتدمر مين هيقبلك دلوقتي؟! محدش حتى هو نفسه مش هيقبلك!"
همست بضعف "أنتي متخيلة نتيجة ده إيه؟! طفل... طفل حرام... هنعمل إيه دلوقتي؟!"
هبة كانت بترتعش، دموعها نازلة بغزارة، قلبها بيدق بسرعة مش قادرة تتنفس من كتر الخوف حاولت تتكلم، تحاول تنطق بالحقيقة اللي كانت بتقتلها من جوه، لكنها كانت مخنوقة، الحروف كانت بتخونها...
لحد ما خرجت الكلمة، الكلمة اللي كانت سجنها"أنا... اغتـ ـصِبت"
يوسف كان قاعد في مكتبه، عيونه مثبتة على شاشة الكمبيوتر، لكن عقله مشغول بمليون حاجة في نفس الوقت، فجأة رنة فونه قطعت تفكيره، بص للشاشة ولما شاف اسم المتصل ابتسم تلقائيًا
رد بهدوء " الريك حبيبي"
جاله صوت ريكاردو من الطرف التاني بنبرة فيها عتاب خفيف " حبيبك ايه بقا ما خلاص، شكلك نسيتنا خلاص"
يوسف ضحك بخفة وقال "مش ناسيك طبعا، بس مشغول جدًا، الوضع طلع أصعب مما كنت متخيل."
ريكاردو سكت لحظة، وبعدها قال بجدية "ومعرفتنيش ليه؟ عارف إنك بتحب تحل أمورك بنفسك، بس إحنا إخوات قبل أي حاجة."
يوسف اتنهد وقال بثقة "عارف، بس أنا قادر أحل مشاكلي هنا، وأنت مع نفسك هناك، سايبلك مهمة كبيرة"
ريكاردو ضحك وقال بمزاح "يا جوزيف مش عايزك تضغط نفسك، وقولي لو في حاجة مضايقاك، لأني سامع في صوتك حاجة مش مظبوطة."
يوسف مسح وشه بإيده وقال بنبرة منخفضة " عندي خاين في الشركه وشاكك في كذا حد ومش عارف إذا كان خاين واحد ولا كذا واحد "
ريكاردو سأل باهتمام " كام واحد شاكك فيهم "
" اربعه"
عرض عليه بتفكير " طب وصلني بسيستم شركتك وأنا هتصرف"
يوسف اعترض" لاء يا ريك خليك في شغلك وأنا هنا عارف اتصرف"
ريكاردو قال بحسم "وصلني بكل شيء تعرفه، وأنا هتصرف في الباقي."
يوسف قال بحزم "لا، خليك في شغلك أحسن، أنا هتصرف هنا."
زفر بضيق وقال " وانت مالك يا جوزيف؟ أنا عارف شغلي، خلينا نخلص، المهم عندي تخلص مشاكلك بسرعة عشان ترجع."
يوسف ابتسم بخفة وقال " هرجع قريب يا ريك، بس سيبلي انا موضوع الخاين ده وانا هحتاج منك حاجه تانيه قريب اوي"
انهى المكالمه ولقى باب المكتب بيخبط، دخل تيمور وقال بنبرة عملية "عندنا ميتينج كمان نص ساعة، ويدوب نتحرك دلوقتي."
يوسف رفع عينه وبص للساعة بسرعة، وبدأ يلم حاجته وتيمور قال"في كام حاجة كنت عايزك تراجعها وتوقع عليها."
"امضي انت، أنا مش راجع بعد الميتينج."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تيمور رفع حاجبه وسأله "ليه؟"
يوسف قال بهدوء وهو بيحط الملفات في شنطته "عايز أروح بدري، خطيب سارة جاي ووعدتها اني هكون في استقباله"
تيمور هز رأسه بتفهم بس أصر "طيب، ممكن تراجع الأوراق في وقت تاني؟ أنا عايز توقيعك انت عليها."
يوسف ضحك بخفة وقال "انت زيك زيي، ليه بقى؟ أنت عارف إن توقيعك هو توقيعي، مفيش فرق."
تيمور بصله بجدية وقال" عشان انا مش عايز حد يعرف المعلومات اللي في الفايل غيرك، حتى انا مش عايز اعرفها"
يوسف ضيق عينيه باستغراب " ايه السبب، انا بثق فيك وانت عارف ده كويس"
تيمور ابتسم ابتسامة غامضة وقال "معلش، زيادة أمان، عايزك انت بس اللي تعرفها."
يوسف اتنهد وقال "طيب، تعالى بالليل بالورق وهراجعه."
تيمور هز رأسه بالنفي وقال "الورق مش معايا، زين عابدين بعته بس محدش فتحه، انت بنفسك افتحه وقت ما تكون فاضي"
بعد ما يوسف خلص الميتينج، رجع البيت وهو حاسس بإرهاق شديد، لكن كان محتاج يجهز نفسه لاستقبال إسلام وعيلته. دخل أوضته، رمى الجاكيت على الكرسي، وبدأ يفك ازرار قميصه وهو بيتجه للحمام، فتح المياه الباردة ووقف تحتها شوية يحاول يصفّي ذهنه من ضغط الشغل والمشاكل اللي محاوطاه، بعد ما خلص، خرج وهو بينشف شعره بالفوطه، فتح دولاب هدومه واختار قميص كحلي مع بنطلون رمادي، لبس بسرعة وبعدها نزل للدور الأرضي.
وصلت عيلة إسلام، وكان يوسف واقف مع محمد عند باب الفيلا في انتظارهم. أول ما نزلوا، اتقدّم يوسف بابتسامة وهو بيمد ايده لإسلام، واللي بدوره صافحه بحرارة، بعدها بدأ التعارف بينهم وبين يوسف في جو ودي، وكان واضح إن إسلام شخص هادئ ومتزن، وكلامه مرتب، اتناقشوا شويه لحد ما نهال حضرت الغدا وكلهم اتجمعوا ع الغدا
بعد ما خلصوا الغدا، القعدة فضلت مستمرة في الصالون، الجو كان هادي ومريح، والحديث ماشي بسلاسة، يوسف كان قاعد بيتكلم مع اسلام وبيحاول يفهم شخصيته ويفهمه اكتر، محمد كان بيتكلم مع والد إسلام في مواضيع عامة، في حين إن نهال كانت بتتكلم مع والدته بلطف، سارة كانت قاعدة بهدوء بتسمع كلامهم وبتشارك في الكلام لما يكون مناسب
داليا دخلت اوضة نور وهي شايلة صنية الأكل، ابتسمت وهي بتحطها قدام نور وقالت بخفة " طنط بعتت الأكل ده بما إننا مش هنشارك معاهم"
نور بصتلها وضحكت " جعانه جدا بجد "
داليا قعدت جنبها واتشاركوا الغدا وبعد لحظات داليا سالت "معتز حاول يضايقك تاني؟"
نور رفعت عينيها من على الطبق وبسرعة نفت "لاء مكلمنيش خالص... مش عارفة إزاي استسلم كده! "
داليا استغربت وسألتها "يمكن مستسلمش... بس حد وقفه عند حده؟"
نور عقدت حواجبها بتفكير وسألتها ببطء" تقصدي إيه؟"
داليا رفعت أكتافها كأنها مش متأكدة، لكن نظرتها كانت بتقول إنها شاكة في حاجة. نور فهمت بسرعة وقالت بحذر"قصدك إن ممكن يكون يوسف عمله حاجة؟"
داليا لمعت عينيها بلمحة خبيثة وقالت بنبرة غامضة "جايز... انتي عارفة إن معتز عمره ما هيكست، ومعنى إنه ساكت إن في حد سكّته"
نور حست بقشعريرة خفيفة، فركت كفها بتوتر وهي بتحاول تستوعب الاحتمالات اللي داليا بتلمح لها، فضلت ساكتة وهي بتحاول تستوعب كلام داليا، رفعت عينيها لداليا وسألتها بنبرة فيها بعض القلق" لو كان يوسف فعلاً عمل حاجة... تفتكري عمل إيه؟"
داليا ضحكت بخفة وقالت" معرفش بس ياريت يعلمه الادب شويه"
حركت المعلقة في طبقها وهي سرحانة، وهمست وكأنها بتكلم نفسها"طيب ليه؟"
داليا سمعتها وابتسمت بمكر
"ليه إيه؟ ليه معتز ساكت؟ ولا ليه يوسف بيحميك؟"
نور اتوترت ونفت بسرعة "لا لا، قصدي... قصدي معتز طبعًا"
داليا ضحكت أكتر وقالت "آه طبعًا!"
نور تجاهلت تلميحها وكملت أكلها بسرعة عشان تنهي الحوار، لكن عقلها كان شغال
نهال دخلت أوضة هبة بهدوء، شايلة صنية عليها أكل خفيف وكوباية عصير، قربت منها وقعدت جنبها على السرير، حطت الصينية قدامها وقالت بحنية "هتفضلي صايمة لحد إمتى؟ كلي لقمة على الأقل."
هبة بصتلها بعدم رغبة، بس تحت إصرار نهال، خدت معلقه على مضض، نهال فضلت ساكتة شوية وهي بتراقبها، وبعدها قالت بحذر " وضعك بيسوء ليه، اتصل بالدكتور ييجي يشوفك؟!"
هبة رفعت عينيها بسرعة، وقالت بصوت واطي"لاء انا بس تعبانة شوية ، هبقى كويسة بكره او بعده متقلقيش "
محبتش تضغط عليها، فضلت قاعدة معاها لحد ما أجبرتها تخلص اكلها ، وبعدها غطتها وسألتها "تحبي أنام جنبك النهاردة؟"
هبة بسرعة هزت راسها بالنفي، فنهال ابتسمت وقالت بهدوء "طيب نامي وارتاحي، وأنا هبقى أطمن عليكي."
خرجت من الأوضة وسابتها نايمه
لما الوقت بدأ يتأخر، إسلام وعيلته استأذنوا، يوسف خرج معاهم لحد الباب وصلهم للعربيه وبعدها رجع للبيت وهو حاسس أنه مرتاحله، دخل البيت ولقى ساره في انتظاره، راحتله وسألته " ايه رايك؟! شكلك بيقول أنه دخل دماغك"
" المهم يدخل دماغك انتي، هو انا اللي هتجوزه؟!"
" يوسف مترخمش، بسألك بجد"
ابتسم وقال بجديه "إنسان راقي ومحترم، وأهله ناس كويسة، يارب يكون خير الزوج ليكي"
سارة ابتسمت بسعادة، يوسف سألها " اومال فين هبه؟ مشوفتهاش انهارده ليه؟!"
"تعبانة شوية، في أوضتها بترتاح."
يوسف ضيّق عيونه ورفع حاجبه وهو بيسأل "تعبانة من إيه؟ وليه مقولتليش؟"
سارة حاولت تهديه وقالت بسرعة "معدتها تعباها شوية، مش حاجة تقلق يعني."
يوسف مقتنعش وقام يتطمن عليها بنفسه
طلع السلم بسرعة، أول ما وصل قدام أوضة هبة خبط خبطتين خفاف، ولما ما سمعش رد فتح الباب ودخل بهدوء، كانت نايمة على جنبها، حاضنه نفسها وملامحها شاحبة جدًا،
قرب منها، قعد على طرف السرير ونادى بصوت واطي لكنه حازم "هبة... انتي صاحية؟"
هبة فتحت عينيها ببطء، ولما شافته حاولت تقعد، لكنه مد إيده ومنعها بلطف "لاء خليكِ زي ما انتي، مالك؟"
هبة ابتسمت ابتسامة ضعيفة وقالت بصوت واطي "مفيش، شوية تعب وهبقى كويسة."
يوسف ضيق عيونه وهو بيبصلها، واضح إنه مش مقتنع بكلامها وخصوصا لما شاف شكلها، سألها "كلتي؟"
هزت راسها ببطء، فاتنهد وقال وهو بيحاول يخفف من نبرة قلقه "طيب، لو حسيتي بأي حاجة غريبة، قوليلي فورًا، مفهوم؟"
هبة بصتله للحظة، كان في قلق واضح في عيونه، فهزت راسها بالموافقة
وقف وسحب الغطا عليها أكتر، وبص لها للحظة قبل ما يقول بحزم "هخلي دكتور يجي يكشف عليكي الصبح."
هبة بسرعة رفعت عيونها ليه وقالت بقلق "لاء، مفيش داعي، أنا بجد كويسة!"
لكنه كان واخد قراره، وبنبرة ما تقبلش نقاش قال "أنا اللي هقرر ده، مش انتي."
وبدون ما يقول حاجة تاني طلع من الأوضة، سابها غرقانة في توترها وخوفها من اللي ممكن يحصل بعد كده
دخل أوضته وسحب فونه من جيبه، فتحه بسرعة ولقي رسالة من نور، ابتسم وهو بيفتحها.
"وقت ما تفضى كلمني أغيرلك ع الجرح."
ضحك بخفة ورد بسرعة"مستنيكِ."
عدي ثواني قبل ما يوصله ردها "ربع ساعة وهكون عندك."
رمى الفون على السرير وغير هدومه واستناها
بعد شوية، الباب خبط فقام يفتحه وشافها قدامه، ابتسمت وسألته "إيه الأخبار؟"
رد بابتسامة وهو بيبصلها " الحمد لله، تمام"
جهزت الحاجات بسرعة وقالت بحماس "يلا؟!"
استغرب سرعتها وسألها "إيه الاستعجال ده؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
قالتله وهي شغالة بتحضر الأدوات "بذاكر وعندي امتحان لكذا مادة فمكسلة أضيع وقت."
رفع حاجبه وقال بهدوء "طب لو حاجة وقفت قدامك، ممكن تسأليني."
بصتله وقالت بمزاح "وأنت هتعرف؟"
ضحك وقال بثقة "عيب عليكي! أي حاجة هجاوبك عليها."
ابتسمت وبدأت تغيرله على الجرح، لمستها كانت حذرة، وحركتها سريعة لكنها خفيفة، خلصت بسرعة وقالت بارتياح"كويس إنك ماجهدتش نفسك النهاردة، شاطر"
ضحك بخفة ورد عليها "ده عشان إسلام كان هنا مش أكتر."
شدت نفس وهي بتبصله بجدية وقالت
"ده مش معناه إنك لازم تتعب نفسك في الأيام العادية، صحتك أهم."
كان بيسمعها بانتباه وابتسامه بلهاء على وشه، سألته فجأة "أنت نمت إمتى النهاردة؟"
رد بهدوء وهو بيعدل قعدته "نمت ساعة الصبح قبل ما أنزل."
بصتله بصدمة "إزاي ساعة واحدة كفتك؟!"
ابتسم وقال بنبرة عادية كأنه بيقول شيء بديهي "متعود على كده، ده أمر عادي بالنسبالي."
هزت رأسها بعدم اقتناع، لكنها قررت تأجل أي محاضرة تانية عن النوم ليوم تاني، يوسف بصلها بابتسامة خفيفة وقال بهدوء "يلا روحي كملي مذاكرتك، وزي ما قلتلك، لو حاجة وقفت قدامك، عرفيني."
نور هزت راسها بابتسامه، وشالت الحاجات بسرعة وهي بتقول "ربنا يسهل."
خرجت وهو فضل باصص وراها لحظة، بعدين أخد نفس عميق وقرر يحاول ينام شوية، رمى نفسه على السرير، لكنه كان عارف إن النوم مش هييجي بسهولة، دماغه كانت شغالة، مليانة أفكار، غمض عينيه، يمكن يقدر يريح جسمه شوية قبل ما يبدأ يوم جديد، مليان مسؤوليات ومفاجآت
يوسف فتح عينه بتقل، حس بجسمه مرهق وكأن النوم كان تقيل بشكل غريب، بص حواليه في الأوضة وهو بيحاول يستوعب الوقت، عينه وقعت على الساعة... كانت 2.
حس أنه واخد كفايته من النوم من فتره طويله ،دخل الحمام بسرعة وأخد شاور علشان يفوق وبعدها خرج وفتح موبايله، مجرد ما فتحه، لمحت عينه سيل من الميسد كولز والرسايل من تيمور، استغرب، ليه كل ده؟! ده يادوب نام ساعتين، إيه اللي حصل؟
رن على تيمور، واول ما رد ساله "إنت فين يا يوسف؟ مش بترد ليه من امبارح؟!"
يوسف عقد حواجبه وقال باندهاش "امبارح؟!"
"آه، رنيت عليك بالليل أكتر من مرة، والصبح كمان، ومفيش أي رد منك! كنت نايم ولا إيه؟"
يوسف حس إن حاجة مش مظبوطة، بص تاني في ساعته... كانت 2، بس مش الفجر زي ما كان متوقع، دي 2 الضهر!
اتسمر في مكانه للحظة، إزاي؟! هو كان متأكد إنه نام ساعتين بس... فإزاي اليوم كله عدى من غير ما يحس؟!
يوسف وقف في مكانه للحظة، دماغه بتحاول تستوعب اللي حصل، طب إزاي الوقت جري بالشكل ده؟
"يوسف، إنت معايا؟!" صوت تيمور شدّه من أفكاره
"معاك، بس كنت مفكر أن الساعه ٢ الفجر"
"أنت نايم كل ده بجد؟!"
يوسف مرر إيده في شعره، هو مش متعود ينام بالشكل ده أبداً!
" ايوه، وأنا بقول برضو انا ليه صاحي واخد كفايتي من النوم"
غير الموضوع " طب إيه اللي حصل؟ ليه كنت بتتصل؟"
"مش عايز اكلمك ع الفون، هعدي عليك في البيت "
يوسف قفل مع تيمور بسرعة وهو لسه مش مستوعب فكرة إنه نام طول اليوم بالشكل ده، لكن ماكانش في وقت يفكر، رن على الدكتور علطول بمجرد ما قفل مع تيمور
"دكتور عماد، محتاجك تيجي البيت حالًا، أختي تعبانة."
الدكتور سأله عن الأعراض لكن يوسف اكتفى بجملة قصيرة "مش متأكد، بس هي وشها مخطوف ومش في حالتها الطبيعية، بتقول معدتها السبب"
قفل معاه وراح على أوضة هبة، فتح الباب بسرعة ولقاها قاعدة على السرير، ملامحها شاحبة بشكل يخض، عيونها فيها لمعة تعب واضحة وحركتها بطيئة جدًا، قرب منها بقلق وقال " في ايه؟ مالك؟!"
هبة رفعت عينيها ليه وردت بصوت واطي
"كويسة..."
قال باستنكار وقلقه زاد من نبرتها " كويسه ازاي بس، انتي مش شايفه شكلك، أنا طلبت الدكتور، هييجي يكشف عليكي حالًا."
هبة رفعت رأسها بسرعة، الخوف بيلمع في عيونها "لاء مش عايزة دكتور، يوسف بلاش!"
يوسف ضيق عينيه، توترها قلقه اكتر "ليه؟"
"عشان... عشان أنا كويسة خلاص، مش محتاجة حد يكشف عليا."
قالتها بسرعة وهي بتحاول تبعد نظرها عنه، لكنه كان مركز معاها كويس جدًا، قبل ما يرد الباب خبط ودخلت ملك، كانت ماسكة صينية فيها أكل خفيف جايباه لهبة "جبتلك اكل تعرفي تبلعيه اهو، ياريت تاكلي بقا"
لكن قبل ما تخلص جملتها، عيون هبة كانت عليها، نظرات مليانة توسل واستنجاد، ملك استغربت ووقفت مكانها، سحبت نفس وسألت "في إيه؟"
هبة قالت بصوت متوتر "قوليله إني مش عايزة دكاترة، مش عايزة."
ملك نقلت نظراتها بينهم وهيا بتفكر جديا تقول ليوسف اللي حصل، لازم يعرف اصلا، يوسف لاحظ تغيير تعابير ملك، بصلها بتركيز وقال بحدة "ملك؟ في إيه؟"
ملك أخدت نفس عميق، عقلها بيدور بسرعة، هل تقوله دلوقتي؟ هل هبة مستعدة ؟!
لكن لا... دي مش حاجة ينفع تتدارى أكتر من كده.
"يوسف... بلاش دكاترة." قالتها بتردد وهي بتبص في عينيه، مستنية رد فعله.
يوسف استغرب أكتر، صوته جه مشكك "ليه؟"
ملك بلعت ريقها، وحاولت تتكلم بأهدى شكل ممكن، لكن صوتها كان مهزوز، كانت عارفه أنها مش هتعرف تهرب من يوسف ونظراته
"علشان هبة مش تعبانة تعب عادي..."
سألها بشك وهو عارف ان بعد الجمله دي هيسمع حاجه هو مش عايز يسمعها "إزاي يعني؟"
ملك غمضت عينيها للحظة قبل ما تنطق الكلمة اللي هتقلب كل حاجة " هبه، هبه "
هبه بتبصلها بتوتر ويوسف سأل " هبه ايه ؟!"
ملك اخدت نفس عميق قبل ما تقول " هبه اتعرضت للاغتـ ـصاب، وهيا دلوقتي حامل "
يتبع...........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
"هبه اتعرضت للاغتsاب، وهيا دلوقتي حامل"
اتجمدت الملامح على وش يوسف، للحظة حسّ كأن الدم اتسحب من جسمه، وكأن المكان كله لف حواليه، عينيه كانت مثبتة على هبة اللي كانت متشبثة بالغطا وكأنها بتحاول تخفي نفسها جواه، ملامحها مرعوبة، دموعها محبوسة في عينيها، وشفايفها بتترعش، حسّ بنار بتشتعل جواه، قلبه بيضرب بعنف، مكنش مستوعب اللي سمعه، سأل بعينيه قبل لسانه " قولتي ايه؟"
ملك بلعت ريقها بخوف، بصت لهبة اللي كانت مغمضة عينيها، دموعها نزلت من غير صوت، وكأنها مستعدة تتلقى أي حاجة، أي رد فعل، أي عاصفة جايه في وشها
يوسف لفّ عينيه بين ملك وهبة، عقله رافض يصدق، جسمه كله متشنج، وبعدين بص لهبة مباشرة وسألها بصوت كله غضب مكبوت، نبرته كانت أشبه بsكينه بتقطع في قلبه قبل ما يقطع في أي حد "مين؟ بتتكلم عن مين؟!"
هبة شهقت بخوف ودموعها انهارت أكتر، كانت بتهز رأسها بضعف، مش قادرة تتكلم، مش قادرة حتى تواجهه، يوسف ضرب بإيده على الكومود جنبها بعنف، صوته طلع هادر ومرعب " كلميني هنا وردي عليا، ايه اللي انا بسمعه ده؟!"
هبة انتفضت من الخضة، شهقت بصوت عالي، ضمت رجليها لصدرها كأنها بتحاول تحمي نفسها
"هبة"
یوسف هدر باسمها بصوت زلزل المكان، خطا خطوة واحدة بس ناحية السرير، كانت كفيلة إن هبة تترعش أكثر، لكنها رفعت راسها وبصتله، والخوف في عنيها زود النار اللي مولعة جواه
"مين؟"
الصوت كان قاتل مش سؤال كان تهديد واضح
هبة هزت رأسها بضعف دموعها نازلة بدون توقف، لكن الرفض كان واضح في عينيها
"بقولك مين؟!"
يوسف زمجر وكان خلاص هيمد إيده عليها يهزها، يفوقها غصب عنها، يفهم مين ال ** اللي لمسها. لكن ملك اتحركت بسرعة مسكت ايده بقوة، وصوتها كان عالي لأول مرة "يوسف إهدى !"
سحب إيده منها بخشونة، وعيونه كانت مشتعلة "إهدى؟! اهدى إزاي وأنا لسه سامع إن أختي... أختي، حصلها كده ؟!"
صوته كان بيترعش من العصبية، والدم اللي كان بيغلي في عروقه كان هيخليه ينفجر في أي لحظة، بص لهبة اللي كانت بتبصله برجاء، بعجز، بكسر يقtله أكثر من أي حاجة تانية
"قوليلي مين، وإلا هطلع دلوقتي ألف البلد كلها واحد واحد وأخليهم يعترفوا "
هبة كانت بتنهار أكتر، صوت شهقاتها كان عالي، حاولت تقول حاجة لكن صوتها كان ضعيف، بالكاد همست "أنا... مكنتش... قادرة..."
يوسف قرب منها بسرعة، مسك إيديها المرتعشة بإيديه اللي كانت بتترجف برضو وقال بصوت أهدى لكنه مليان وجع "هبة، حبيبتي، بصّيلي... مين اللي عمل فيكي كده؟ قوليلي وأنا مش هسيبه، هجيبه، وهخليه يتمنى لو mات قبل ما يفكر يقرب منك."
هبة رفعت عينيها له، دموعها مغرقاها، صوتها كان واطي وضعيف، لكنها هزت راسها بضعف وقالت برجاء "متعملش حاجة... بلاش، يوسف بلاش..."
يوسف شدّ نفسه، قام واقف، لف ورا، كأنه بيحاول يسيطر على الغضب اللي كان هينفجر، مسح وشه بيده، عيونه كانت بتلمع، لكن ملامحه كانت كأنها حجر، بص لملك وقال بجفاء "إزاي متقولوليش؟ من إمتى وانتي عارفة؟"
ملك بلعت ريقها وقالت بحذر "لسه عارفه... بس هبة كانت خايفة، كانت مش عايزة حد يعرف، كنت بحاول أساعدها بهدوء..."
يوسف سخر، ضحكة مليانة غضب وألم خرجت غصب عنه "بهدوء؟ يعني أنا مش موجود؟ أنا مش المفروض أبقى أول واحد يعرف حاجه ** زي دي؟ إزاي ده يحصل وازاي انا محستش"
ملك قالت بسرعة "يوسف، إحنا كنا خايفين عليك زي ما كنا خايفين عليها، أنت مش هتفكر بهدوء، مش هتسيب اللي عمل كده، مش عارفين هتعمل ايه معاه، هو يستاهل بس انت مش هتفكر بعقل"
يوسف بص لها بنظرة نارية، عيونه كانت سودا " عقل اه، انتوا خليتوا فيها عقل"
يوسف وقف مكانه صدره كان بيعلى وينزل بسرعة، كأنه بيقاوم نفسه، بيقاوم الوحش اللي جواه اللي عايز يطلع ويدمر كل حاجة،لفّ فجأة وبأقوى ضربة عنده، راح رامي كل حاجة على الكومودينو جنب السرير!
كل حاجة اتكسّرت في لحظة، اللمبة، كوباية الماية، علبة الدوا، كلهم وقعوا على الأرض بصوت فرقع في الاوضة وخلى هبة تصرخ، وملك شهقت ورفعت إيديها لوشها بخوف
بقبضة إيده، ضرب الحيطة بكل قوته، لدرجة إن عروق دراعه كانت بارزة بشكل مخيف، لما شاف انهيارها حس إن الألم اللي في قلبه أكبر بكتير من أي انتقام
"هبه"
نطق اسمها بصوت مبحوح، وركع على ركبه قدامها مسك إيديها اللي كانت بتترعش بشدة، وضغط عليها بحنان رغم النار اللي كانت بتأكله من جوه "أنا عارف إنك خايفة... وعارف إنك موجوعة... بس أنا مش هسكت، مستحيل أسكت، اللي عمل كده مش هرحمه، اقسم بالله لهندمه "
هبة شهقت وغطت وشها بإيديها، ماقدرتش تبص في عينيه، ماقدرتش تواجه الغضب اللي فيهم، ولا الكسرة اللي كانت واضحة رغم كل العنف اللي ظهر منه.
"مين؟!"
يوسف قالها بصوت واطي، لكن النبرة كانت أخطر من أي صريخ
"مين الحيوان اللي عمل كده؟!"
ملك حاولت تتدخل، كانت عارفه أنه لو عرف رد فعله هيكون قاسي
"ملك، متحاوليش تمنعيني، قوليلي مين!"
هبة هزت رأسها برجاء، مسكت إيده بقوة وكأنها بتحاول تمنعه "يوسف، لو بتحبني، متعملش حاجة..."
يوسف بصلها، ولأول مرة من ساعة ما سمع الخبر، عيونه كانت بتلمع بدموع حاول يسيطر عليها، نطق بكلمة واحدة، لكنها كانت مليانة بكل أوجاع الدنيا "مقدرش."
هبة وسط دموعها اللي ما بطلتش، رفعت وشها وبصت له بضعف، بصوت مهزوز لكنها حاولت تثبّت نفسها قالت
"زميلي في الجامعة يا يوسف… اسمه عبد الرحمن، وواحدة من اللي كانوا صحباتي… هي اللي خدرتني وسلمتني ليه."
اللحظة دي، كل حاجة اتجمدت، وكأن الزمن وقف، يوسف حس بكلمة "سلمتني" دي زي الطعnة في قلبه، عنيه ضاقت، وعضلات فكه تشدت، ازاي في خيانه من النوع ده، اومال لو مكانتش بنت زيها، قال بصوت حزين "إزاي عشتي كل ده لوحدك؟ إزاي مقدرتش أعرف؟"
هبة عضت شفايفها تحاول تمنع شهقتها، لكن يوسف كمل، عيونه سابت كل الغضب واتحولت لذنب وندم "لو كنتي قولتيلي وقتها… والله العظيم، وحياتك عندي، ما كنت سبته يوم مرتاح، أقسم لك… إني هخليه يندم على كل لحظة افتكر إنه أقوى منك فيها، هخلي أضعف بنت في العالم أرجل منه! هنتقملك منه يا هبة، هنتقملك!"
فجأة… الباب اتفتح بعنف ودخلوا باقي أفراد البيت، صوت يوسف العالي وصوت شهقات هبة جذبوا الكل.
"يوسف! في إيه؟!"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
سألت نهال بقلق ولما شافت منظر الاوضه شهقت، كلهم واقفين في حالة ذهول، ملامحهم متجمدة من الصدمة.
هبة قاعدة على السرير، جسمها بيرتعش من البكا، وملك واقفة جنبها بقلق، ويوسف واقف في وسط الأوضة… شبه العاصفة اللي مستنية لحظة الانفجار
"حد يفهمنا إيه اللي بيحصل؟!"
آدم سأل بصوت عالي وكلهم مترقبين، ملك بصت لآدم بحذر، صوتها كان هادي لكنه مليان ثقل، كأنها شايلة جبل على كتفها
"هبة… هبة اتعرضت لحاجة وحشة جدًا، حاجة محدش يستحملها."
نهال قربت، عيونها بتدور بينهم، وشها كان مليان قلق وخوف، سألت بصوت مهزوز
"حاجة زي إيه؟"
يوسف كان لسه مغمض عينيه، كأنه بيحاول يسيطر على الغضب اللي جواه، لكن كل عضلة في وشه كانت مشدودة، كل نفس كان بيخرج منه بصعوبة، وبعد لحظات من الصمت… فتح عينه وبص لنهال مباشرة.
"هبة اتعرضت للاغتsاب، والوsاخة دي كانت مدبرة من أقرب الناس ليها."
الصمت اللي ساد بعد الجملة دي كان مرعب، كل اللي في الأوضة اتصدموا، ندى وإيمان حطوا إيديهم على بقهم بذهول، آدم ساب نفسه يقعد على الكرسي وكأنه مش مصدق، ونهال… نهال كانت مصدومة لدرجة إنها مقدرتش تنطق ولا كلمة.
هبة كانت بترتعش، دموعها بتنزل بغزارة، صوتها كان مليان وجع وهي بتتكلم "أقسم بالله كنت خايفة، كنت مرعوبة، كنت حاسة إني لو قلت هخسر كل حاجة، كنت عايزة أنسى، كنت عايزة أكمل حياتي وكأنه محصلش."
يوسف قرب منها أكثر صوته كان هادي لكنه مليان قوة وإصرار "إنتي أقوى من كده بس يا هبة ليه؟ ليه سكتي كل ده؟ ازاي عيشتي الوحدة دي وانتي وسطنا؟ "
"أنا مش هسكت على ده اسمه إيه بالكامل ؟ عبد الرحمن إيه؟"
يوسف قالها بصوت قاطع، مستعد يتحرك في اللحظة دي بدون أي تفكير، هبة رفعت عينيها له، كان فيه خوف، لكن في نفس الوقت... كان فيه إحساس بالأمان لأول مرة من شهور
هبة مسحت دموعها بارتجاف، حسّت للمرة الأولى إنها مش لوحدها، بس الخوف كان لسه مسيطر عليها، بصت ليوسف وقالت بصوت متقطع "عبد الرحمن… عبد الرحمن السيد، في نفس الدفعة معايا"
"والبنت اللي كانت صاحبتك… اللي سلمتك ليه، اسمها إيه؟"
هبة شهقت وهي بتفتكر، عيونها كانت مليانة غدر وألم، وقالت بصوت ضعيف "ريهام… ريهام نبيل"
هبة كانت مرعوبة من اللي يوسف ناوي عليه، مسكت إيده وقالت بتوسل "يوسف… متعملش حاجة تتسبب في اذيتك، أنا عارفة إنك غضبان، بس أرجوك فكر الأول."
يوسف بصلها، شاف في عيونها الرجاء، لكنه كان خلاص خرج عن السيطرة، قرب منها وحط إيده على كتفها وقال بصوت هادي لكنه حاسم "أنا هجبلك حقك، مش هسيبهم، مش هرتاح غير لما أدمر حياتهم زي ما دمروا حياتك."
يوسف خرج بسرعة من الأوضة، خطواته كانت تقيلة لكن مليانة غضب، إحساس جديد كان مسيطر عليه، إحساس بالعجز والضعف، كأنه اتكسر من جواه لإنه مقدرش يحمي أخته. إيده كانت مقبوضة بقوة، ومخه شغال بألف فكرة، كلها بتودّيه لنفس الطريق… الانtقام
داليا اول واحده كسرت الصمت بعد خروج يوسف وقربت من هبة وحضنتها بحنان، مسحت على ضهرها وقالت "إحنا معاكي، ومش هنسيب حقك يضيع."
قبل ما يوصل للباب، نور لحقت تجري وراه، وقفت قصاده ومدت إيديها تمنعه من الخروج، عنيه كانت حمرا، مليانة وجع أكتر من الغضب، أول ما رفعت عينيها ليه حسّت بكمّ الألم اللي جواه، من غير تفكير، قربت وحضنته، كأنها بتحاول تمسكه قبل ما يضيع في نوبة الغضب اللي مسيطرة عليه.
يوسف وقف لحظة، لكن بعد ثانية بس، بعد عنها بهدوء، عيونه لسه مضطربة، كان هيخرج بس مسكت دراعه جامد تمنعه، سحب دراعه بقوه وهيا قالت "يوسف بلاش، جرحك بينزف وشكله فتح، متعرضش نفسك للخطر"
يوسف بص لنور بنظرة باردة، إحساسه دلوقتي كان متجلّد، مش حاسس بأي حاجة غير الغضب، والخذلان اللي حاسه تجاه العالم كله.
"فيه حاجات أهم ، فيه جروح متتضمدش ولا بتطيب."
نور حاولت تتكلم، تمسك إيده من تاني، لكنها تفاجئت إنه سحبها بقسوة
"يوسف، أرجوك…" صوتها كان مهزوز، عيونها بتترجاه.
قرب منها خطوة، عيونه كانت بتلمع بشيء مظلم، شيء مرعب، وقال بصوت واطي بس حاسم
"إنتي متعرفيش أنا حاسس بإيه دلوقتي، متعرفيش يعني إيه تحس بالعجز قدام أختك اللي اتدمرت حياتها ومقدرتش احميها، متعرفيش يعني إيه تكوني متأكدة إن اللي أذاها لسه بيتنفس نفس الهوا اللي إحنا بنتنفسه… متعرفيش، فبلاش تحاولي تمنعيني وتعمليلي فيها العاقله ، لإنك مش هتقدري، متضيعيش وقتي أكتر من كده احسنلك"
نور شهقت بصمت، حست انها واقفه قدام شخص غريب، حاولت تتكلم، بس هو قطعها بصوت أقسى"بطلي دور الضمير الحي، أنا مش عيل صغير عشان توجهيني، ومش محتاج حد يفكرني إن الدنيا مش دايمًا أبيض وأسود. أنا فاهم كويس أوي أنا بعمل إيه، وأي كلمة تانية منك مش هتفرق معايا، وفري نصايحك لحد تاني"
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
الكل في حالة صدمه وسكون، نهال كانت لسه مصدومة، لكن لما استوعبت إن يوسف راح لوحده وهو في الحالة دي، بصت لآدم وقالت بسرعه "لازم حد يروح وراه، يوسف وهو غضبان مش بيفكر، ودي أكبر مصيبة."
بصلها وقال بصوت ثابت " أنا هكون معاه وهشجعه على اي حاجه يعملها حتى لو رايح جهنم، هروح معاه وهنط معاه في النار لو ده هيرضيه"
نهال بصّتله بعيون مليانة خوف، صوتها كان مهزوز وهي بتقول "آدم، يوسف دلوقتي مش في وعيه، أنت عارف إنه لما بيتعصب بيعمل حاجات ممكن يندم عليها بعدين. متخلوش يعمل حاجة تضيّعه."
آدم قاطعها بنبرة حاسمة وهو بيبصّ في عينيها مباشرة "مش فارقة، مش هسيبه لوحده ومش هفوقه، مش هخلّيه يحارب المعركة دي لوحده."
نهال شهقت بصدمة، قربت خطوة منه وهي بتحاول تمسك دراعه تمنعه، لكن هو سحب دراعه بهدوء وقال بصوت أهدى بس كان فيه غضب مكبوت "اللي حصَل لهبة مش حاجة نقدر نسكت عليها، مش حاجة ينفع نعالجها بالكلام والمواساة، في ناس لازم تدفع التمن، وأنا مش هكون مجرد متفرّج"
نهال بلعت ريقها بضعف، دموعها كانت بتلمع في عينيها، لكنها قالت بصوت متقطّع " اتعاملوا بذكاء يحبيبي، بس بلاش تهور"
آدم ضحك ضحكة قصيرة، لكنها كانت مليانة مرارة وقال "مين قالك إننا لسه عايزين نكون أذكياء؟ مين قالك إن الحق بيرجع بالحكمة؟ أحيانًا، العنف هو الجواب الوحيد اللي بيفهموه."
نهال حست بالعجز، دموعها نزلت وهي بتحاول تلاقي أي حاجة تقولها توقفه، لكنه فجأة لمس خدها بإيده ومسح دموعها بإبهامه، صوته بقى أهدى لكن كان فيه حزن غريب "متحاوليش تمنعيني، المرة دي… مفيش حاجة ممكن توقفني."
وبدون ما يستنى ردها، لفّ وخرج بسرعة
يوسف لفّ وخرج بسرعه، نور أخدت نفس عميق، حسّت برعشة في جسمها، دموعها نزلت بهدوء من غير صوت، وهي واقفة في مكانها مش عارفة تتحرك، فضلت واقفة في مكانها، عنيها مثبتة على الباب اللي يوسف خرج منه، بس كأنها مش شايفة أي حاجة، كأن الدنيا كلها فجأة بهتت، واتحولت لصورة مشوشة، قلبها كان بيدق بسرعة من الصدمه، المرة دي حسّت كأنه شافها مجرد عائق، مجرد حاجة في طريقه، واتخلص منها بأسرع ما يمكن، شهقت بصوت واطي وهي بتحاول تبلع الغصة اللي في حلقها، حست بعيونها بتدمع، بسرعة مسحت دموعها، مش وقت ضعف دلوقتي، في حاجات أكبر بكتير من وجعها الشخصي.
في اللحظة دي، آدم كان نازل بسرعة من فوق، عيونه كانت زي العاصفة، خرج يلحق يوسف بسرعه"يوسف!" نده عليه، لكن يوسف ماردش
آدم لحقه، مسك دراعه جامد عشان يوقفه
"إنت رايح فين؟ مش هتتحرك خطوة لوحدك."
يوسف لفله بحدة، نظراته كانت مليانة تحذير، لكنه مردش
"أنا جاي معاك، لو هتواجهه، مش هتكون لوحدك."
يوسف خد نفس عميق، كأنه بيحاول يسيطر على اللي جواه، وبعدين قال بصوت ثابت لكنه حاسم "اركب عربيتك، وخليك ورايا."
آدم بصله لحظة، كأنه بيحاول يقيس مدى جديته، لكنه في الآخر هز راسه من غير كلام، يوسف ما استناش رد، لف بسرعة وراح لعربيته، فتح الباب وركب، وبدون أي تردد شغل المحرك وانطلق.
نور رجعت للأوضة، كانت لسه سامعة صوت عياط هبه، والجو المشحون اللي مال المكان.
ملك كانت قاعدة جنب هبة، ماسكة إيديها، وبتحاول تهديها، وعلى الناحيه التانيه نهال حاضناها وهيا بتمسح على ضهرها بحنية، عيونها مليانة قلق وحزن، نور وقفت عند الباب لحظة، قلبها واجعها على هبة، بس كانت حاسة إنها مش عارفة تعمل حاجة، خدت نفس عميق وقررت تدخل، قربت بخطوات هادية، وقعدت جنبها، صوتها كان رقيق لكنه ثابت "هبة... إحنا معاكي، انتي مش لوحدك."
هبة رفعت عيونها ليها، كانت منتفخة من العياط، ونبرتها كانت متكسرة وهي بتقول بصوت واطي"أنا مش عارفة... أعمل إيه."
ملك ضغطت على إيدها أكتر، كأنها بتحاول تطمنها، ونهال قربت أكتر وقالت بحزم لكنه دافي"تعيشي حياتك يا بنتي، متفكريش في اللي حصل ابدا، أنا مش هعاتبك دلوقتي ولا هطلب منك غير انك تنسي"
هبة رفعت عيونها لنهال، نظرتها كانت مليانة وجع، كأنها بتحاول تستوعب كلامها، لكنها هزت راسها ببطء، صوتها كان متكسر وهي بتقول بصوت واطي مش مسموع "إزاي أنسى؟ إزاي أعيش حياتي عادي وكل حاجة جوايا مكسورة؟"
يوسف كان بيفكر ازاي يوصله، كان عنده كذا طريقه بس اختار الطريقه الأسرع، فتح فونه ودور على صفحة الكليه بتاعت هبه وجاب رقم عميد الكليه، كلمه واضطر يستخدم نفوذه، العميد كان متردد ورفض يدي معلومات طالب عندهم لحد لكن يوسف هدده بطريقه غير مباشره فطلب منه شوية وقت لان المفروض اليوم اجازه، يوسف استنى شويه وبعد دقايق فونه رن باسم العميد، أخد منه العنوان وابتسم بشر وهو بيتجه لواجهته
فتح فونه ورن على آدم، أول ما يرد هيقوله" بعتلك لوكيشن، استناني هناك، عايزك تعرف مين اللي في البيت هناك وكلمني"
آدم اتردد وساله" وانت رايح فين، واللوكيشن ده بتاع مين؟"
يوسف أخد نفس عميق قبل ما يرد" آدم بلاش اسئله دلوقتي، مش ناقص بجد"
آدم سكت وغير اتجاهه ويوسف كمل طريقه
يوسف وصل اخيرا، العربية وقفت قدام العمارة، نزل منها بخطوات تقيلة، حادة، عيونه سودة، مش من الغضب بس، لا… من الحقد، من النار اللي شغالة جواه، دخل العمارة من غير ما يسأل حد، طلع السلم بسرعة، كل خطوة كانت بتغلي أكتر، دقات قلبه بتزيد، ومع كل درجة بيطلعها، كان بيتخيل وش عبد الرحمن تحت إيده، بيترمي على الأرض، بيصرخ، بيشوف نفس الرعب اللي خلى هبة تحس بيه.
وصل عند الباب وبضربة واحدة برجله على الباب الهلكان، الباب اتفتح بعنف شديد، عبد الرحمن كان قاعد في الصالة، ماسك تليفونه، أول ما الباب خبط بالشكل ده، اتنفض مكانه، عيونه وسعت برعب، قام بسرعة وهو بيقول"إنت مين؟ إنت عاوز إيه؟!"
لكن قبل ما يكمل جملته، يوسف هاج عليه، مسكه من قميصه بعنف، رفعه عن الأرض، خبطه في الحيطه، الصوت كان عالي كأنه صدى انفجار في دماغ عبد الرحمن.
يوسف همس بصوت عميق، مليان غضب بارد يخوف أكتر من الصراخ
"أنا؟ أنا جاي أوريك جهنم "
عبد الرحمن رفع إيده يحاول يدافع عن نفسه، لكن يوسف ما ادلوش الفرصة، إيده اتحركت بسرعة ولكمه لكمة عنيفة في وشه، صوت العضم وهو بيتكسر تحت إيده كان موسيقى مرعبة في الصاله، عبد الرحمن وقع على الأرض، مناخيره بتنزل دم، بص ليوسف برعب وهو بيحاول يتحرك، لكن يوسف نزل عليه، مسكه من شعره، ورفع راسه بالعنف الكافي إنه يحس كل عضلة في رقبته بتتشد
"كنت فكرها هتفضل ساكتة، صح؟ فاكرنا مش هنعرف، مش كده؟"
عبد الرحمن حاول يتكلم، لكن يوسف ضربه تاني، المرة دي في بطنه، عبد الرحمن شهق بقوة، وقع على الأرض وهو بيتلوى من الألم
"إنت مش راجل، إنت حشرة، وانا هطحنك النهاردة تحت جزمتي."
عبد الرحمن كان بيحاول يتكلم، يحاول يبرر، يحاول حتى يصوت على حد ينقذه، لكن يوسف مسكه تاني، رفعه من هدومه ورماه على الكنبة، قرب منه، بص في عيونه مباشرة وقال بصوت حاسم "من هنا ورايح، حياتك انتهت… دي أول ليلة من العذاب، ولسه اللي جاي أسوأ."
مسكه من قميصه وسحبه بعنف كأنه ميت مش بني آدم، عبد الرحمن كان بيصرخ، بيتوسل، لكن يوسف ودانه قفلت، مفيش صوت بيدخل غير صوت قلبه اللي بيخبط من كتر الغضب
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
فتح باب الشقة وهو ساحب عبد الرحمن زي الكلب، وخرج بيه برا… وقبل ما يجرجره على السلم لقى الباب الشقه اللي قدامه بيتفتح وخرجت منه ست
الست شهقت لما شافته متبهدل، هدومه مشققة، ووشه كله دم وكدمات، جريت ناحيته بسرعة وقالت بصوت مفزوع
"يا لهوي!! عبد الرحمن! إيه اللي بيحصل؟!"
عبد الرحمن شهق بألم، قال وهو بيترعش"ماما… ماما إلحقيني… هيقتلني!"
لكن قبل ما تلمسه حتى، يوسف سحبه تاني لتحت وخرج بيه للشارع تحت توسلات مامته وصويتها ورماه قدامها، بص لها بعيونه اللي كانت عاملة زي النار، وقال بصوت بارد، صوته كان مليان قوة تخوف أكتر من الصراخ "إنتِ أمه، مش كده؟ كويس… شوفي ابنك بقى، شوفي اللي ربيتيه؟"
الست اتوترت، بصت بين يوسف وابنها، كانت بتترعش، حسّت إن في كارثة بتحصل قدامها، سألت بقلق وهي بتحاول تقف قدام ابنها تحاول تحميه "إنت مين؟ وعاوز إيه؟"
يوسف ابتسم… ابتسامة كانت مليانة قهر، ابتسامة راجل شاف الدنيا كلها بتنهار قدامه. قرب منها وقال بصوت واضح علشان كل سكان العمارة اللي خرجوا يسمعوا، والناس اللي فتحت الشبابيك وبيتفرجوا يسمعوا
"ابنك… المغtصب… الحيوان اللي دمر حياة اختي ويا عالم كام واحده تانيه غيرها."
الشارع سكت… الست اتجمدت، لونها اختفى، جملته خبطت فيها زي الطوبة.
"كذب… مستحيل!"
يوسف ضحك، ضحكة قصيرة… ضحكة كانت أسوأ من الغضب، وبعدين شد عبد الرحمن من شعره وخلاه يبص في عين أمه مباشرة وقاله "انطق… قولها… قول لمامتك عملت إيه، وريها الواد اللي كانت فاكراه ملاك طلع شيطان."
عبد الرحمن كان بيهتز، مرعوب، جسمه كله متخشب، حاول يبص بعيد، لكن يوسف مسك وشه بعنف وخلاه يبص لها غصب عنه.
"بصلها، احكيلها وقولها، وريها تربيتك الوsخة."
الست كانت بتنهج، عينيها بتلف بين يوسف وابنها، مش مصدقة، مش مستوعبة، وقبل ما تنطق… عبد الرحمن انفجر، صوته كان متقطع وهو بيقول"أنا غلطان… أنا غلطان، بس سامحوني، أقسم بالله الشيطان ضحك عليا… أقسم بالله!"
يوسف ضربه على دماغه بقوة خلت رأسه تخبط في الأرض وقال بصوت عالي"الشيطان؟ الشيطان هو اللي خدرلك بنت محترمة وبعتها؟ الشيطان هو اللي بقا كلب، كلب ميت زيك؟"
عبد الرحمن كان بيصرخ، والست كانت بتحاول توقف يوسف لكنها كانت مرعوبة، كل الناس كانت سامعه، الناس وقفت في الشارع، الفضيحة بقت علنية، مستحيل تتلم.
يوسف ساب عبد الرحمن، بصله باشمئزاز، وبعدين بص لأمه وقال لها كلمة واحدة قبل ما يمشي"ابنك ده… ربنا يعينك عليه."
بمجرد ما قال كلمته الأخيرة وبص في عيون أمه، لف ناحيته تاني، وبدون أي مقدمات، سحبه من هدومه وهو بيصرخ ويتوسل. الناس بدأت تتجمع أكتر، صوت الهمسات والصدمة كان في كل مكان.
"إنت رايح بيا فين؟!"
عبد الرحمن صرخ وهو بيحاول يفلت، لكن يوسف زود ضغطه عليه، قرب من ودنه وقال بصوت كله غضب " لجهنم اللي وعدتك بيها، هعيشك كل لحظه أختي عاشتها"
عبد الرحمن جحظت عينه، بدأ يترعش أكتر، حاول يتوسل
"والنبي بلاش! أقسم بالله كانت غلطة، كانت لحظة شيطان!"
يوسف وقف فجأة، وبإيد واحدة، مسك عبد الرحمن من رقبته وزقه على الحيطة بقوة، عنيه كانت مولعة غضب، صوته كان هادي لكنه مرعب أكتر من الصراخ "غلطة؟ غلطة؟ فاكر اللي عملته حاجة بسيطة؟ أنتَ دمرت حياة، فاهم يعني إيه دمرت؟ إنتَ مش بني آدم، وانسى انك تفلت مني"
سحبه تاني، جرّه ناحية عربيته، الناس واقفة مصدومة، مش عارفة تتدخل ولا لأ، أمه كانت بتصرخ وتترجاه يسيبه، لكن يوسف كان مصمم
بمجرد ما وصل عند العربية، فتح الباب الخلفي ورماه جوا، عبد الرحمن كان بيحاول يهرب، لكن يوسف قفله عليه ورزع الباب بعنف، قبل ما يركب، بص لأم عبد الرحمن وقال بحسم "خليكي مستعدة… المرة الجاية اللي هتشوفيه فيها، هيكون في المحكمة، هيقضي عمره كله هناك، وده وعد مني، من يوسف البنا"
ركب العربية، داس على البنزين، والعربية اختفت عن أنظارهم… وساب وراه أم مرعوبة، وشارع كله شهود على نهايته
يوسف ساق بسرعة جنونية، إيده كانت بتضغط على الدركسيون لدرجة إن عروقه كانت بارزة، كل نفس بيأخده كان بيزيده غضب، كل ما يفتكر شكل هبة وهي بتترعش، عيونها اللي كانت مليانة خوف، بيحس إنه ممكن يفقد السيطرة تمامًا
عبد الرحمن في الكرسي الخلفي كان بيترعش، بيحاول يفتح الباب، لكن يوسف كان متوقع ده، كان قافل السنتر لوك، قرب بوشه للمراية الداخلية وبص له ببرود مرعب "حاول تفتح الباب تاني… وشوف هيحصلك إيه."
عبد الرحمن بلع ريقه، ضهره غرق عرق، عارف إنه في مصيبة، مصيبة أكبر من أي حاجة تخيلها في حياته "ارجوك… أرجوك، اسمعني، أنا كنت… كنت ساعتها مش في وعيي، ريهام هي اللي…"
قبل ما يكمل جملته، يوسف داس فرامل فجأة، العربية وقفت بحدة، وجسم عبد الرحمن اندفع لقدام واتخبط في الكرسي، قبل حتى ما يستوعب اللي حصل، يوسف لف عليه بسرعة، مسكه من هدومه وسحبه لقدام، عينه كانت مليانة كره "ريهام؟! ريهام عملت إيه؟ جابتلك الضحية لحد عندك؟ طعمتك بايدها؟ وإنتَ كنت غلبان؟! مظلوم؟!"
عبد الرحمن كان بيحاول يتكلم، لكن يوسف مكانش عاوزه يتكلم… عاوزه يتألم، عاوزه يحس بجزء بسيط من اللي حسته هبة.
بص حواليه، كانوا في طريق جانبي بعيد عن الناس، مسك عبد الرحمن ورماه برا العربية، وقع على الأرض وهو بيتأوه، حاول يزحف بعيد، لكن يوسف خرج، قفل الباب ووقف فوقه، ظله مغطيه بالكامل
"يوسف… أرجوك… أنا آسف."
يوسف بصله، ضحك ضحكة قصيرة مليانة سخرية، وبعدها نزل على ركبته قدامه، مسك وشه بإيد واحدة، عنيه كانت عاملة زي النار "آسف؟ كلمة سهلة قوي، مش كده؟ بس تعرف إيه اللي مش سهل؟ إنك تعيش كل يوم بالخوف، تعيش كل يوم مكسور، تخاف تبص لنفسك في المراية، تتمنى الزمن يرجع، تتمنى تموت بدل ما تعيش الذل. إنتَ خدت منها ده كله، وبتقول آسف؟"
رفع إيده، قبل ما يعمل أي حاجة، موبايله رن… بص للشاشة، كان آدم، ضغط على سنانه، وقف، أخد نفس عميق، رد عليه وبعدين رجع لعبد الرحمن، سحبه من هدومه ووقفه بالعافية، قال بصوت بارد "بدل ما أكسر رقبتك هنا، هخليك تدفع التمن بالطريقة الصح."
سحبه معاه بالعافية ورماه في العربية تاني، بعد شويه وقف العربية في مكان معزول، مكان مفيهوش أنفاس بشر
عبد الرحمن كان بيتنفس بسرعة، مخه بيدور يحاول يفهم يوسف ناوي على إيه، لكنه كان مرعوب لدرجة إنه مقدرش ينطق بأي كلمة.
يوسف طلع موبايله، فتح الاتصال، وداس على رقم تيمور
رد عليه بسرعه وقال" عايز ايه؟!"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
يوسف كان واقف بعيد شويه عن عربيته لكن عبد الرحمن سامعه، صوته كان ثابت، هادي، لكنه مليان تهديد" عايز اطلب حاجه بس تنفذها في أسرع وقت"
تيمور شدّ نبرته بقلق "قول، شكلك ناوي على مصيبة."
يوسف تجاهل كلامه، قال ببرود وهو بيبص لعبد الرحمن
"عايز واحد… واحد شاz، حد مش هيفرق معاه يعمل أي حاجة، واحد… مفترس."
تيمور سكت لحظة، وبعدين قال باندهاش "إيه؟ يوسف، إنتَ بتقول إيه؟! عايز واحد زي ده في ايه"
يوسف صوته بقى حاد، قاطع، مفيهوش أي تردد
"اللي سمعته، هتبعتلي واحد دلوقتي، على اللوكيشن اللي هبعتهولك"
تيمور حس بقلق، يوسف عمره ما طلب حاجة غريبة زي دي، مقدرش يسأله عن السبب تاني "تمام، ثواني وهكلمك اديك الاوكيه"
يوسف قفل المكالمة بدون رد، بص لعبد الرحمن اللي كان بيترعش، عنيه كانت مليانة دموع خوف، بدأ يهز راسه بسرعه "يوسف، أرجوك، أنا غلطت، بس مش للدرجة دي! أنا مش وحش زي ما إنتَ متخيل!"
يوسف ضحك ضحكة خفيفة، لكن ضحكته كانت أبرد من الجليد، قرب منه وقال بهمس قاتل "مش وحش؟ أنا اللي وحش، وسئ بطريقه لا يمكن حد يتخليها وعشان كده النهاردة… هخليك تحس بنفس إحساس الضحية."
رفع موبايله، بعت لوكيشن للمكان اللي هو فيه، ووقف مستني.
عبد الرحمن كان بيترعش، نفسه سريع وعينيه بتلف في كل مكان كأنه بيدور على مهرب، لكن يوسف كان واقف قصاده، عيونه سودة، مليانة حاجة أخطر من الغضب… برود قاتل.
عدت ساعه وعدت عربية سودا وقفت على بعد أمتار، الباب اتفتح ونزل منه راجل شكله غريب، طويل، جسمه ضخم، وعينيه فيها نظرة شهوانيه، جسمه مليان تاتوهات ووشوم في كل مكان
الراجل بص ليوسف وسأله بصوت تقيل "هو ده؟"
يوسف ساب ابتسامة باردة تطلع على وشه وهو بيبص لعبد الرحمن اللي كان على وشك فقدان الوعي من الخوف، قرب من ودنه وهمسله"حسيت بإيه لما هبة كانت في نفس الموقف؟ لما كانت مرمية ضعيفة معندهاش لا حول ولا قوه"
عبد الرحمن شهق، دموعه نزلت، حاول يزحف بعيد لكنه مقدرش، صوته طلع متقطع "يوسف، والنبي! أنا غلطت، بس مش كده، مش كده!"
يوسف رجع خطوتين، إداله نظرة واحدة، نظرة باردة خلت عبد الرحمن يحس إن الحياة خلاص انتهت بالنسباله، قرب من الراجل وهمسله في ودنه بصوت مسموع خلت عبد الرحمن يصرخ بأعلى صوته وهو بيتوسل وبيطلب الرحمه، راسه اتحركت بسرعة وهو بيهزها بالنفي، صوته طلع متقطع وهو بيصرخ "يوسف لا! لااااااا! والنبي، حرام عليك، حرام، متعملش كده!"
"خده" قالها يوسف ببرود وبنبره مفيهاش اي تردد
الراجل قرب، سحب عبد الرحمن بسهولة وهو بيصرخ ويتوسل، يوسف لف ظهره، مش عايز يسمع، مش عايز يحس بأي شفقة تجاهه. كان عارف إن اللي بيعمله ده نقطة اللاعودة… لكنه كان مستعد.
بعد لحظات، سمع صوت باب العربية بيتقفل، وبعدها صوت الموتور وهو بيختفي، وقف مكانه، خد نفس عميق وهو بيحاول يهدّي البركان اللي جواه
وبدون ما يبص وراه، ركب عربيته واتحرك، الهدف التاني
نهال رفعت راسها وبصّت للبنات اللي كانوا قاعدين حوالين هبة، نظراتهم مليانة قلق وخوف، بس مكانوش عارفين يعملوا حاجة، خدت نفس عميق وقالت بصوت حاسم، لكنه هادي عشان ميضغطش على هبة أكتر "إنتوا عندكم امتحانات، قعدتكم هنا مش هتقدم ولا هتأخر، أنا قاعدة معاها."
الرفض كان واضح على وشوشهم، ملك رفضت وقالت" انا هبقى معاها"
" قعدتك معاها هتعمل ايه يعني؟!"
" معلش سيبيني على راحتي"
ندى قالت" انا معنديش حاجه اساسا، هنفضل معاها"
ردت داليا وقالت" وأنا كمان"
نهال سكتت قدام اصرارهم وبصت لايمان ونور وقالت " انتوا روحوا ذاكروا، مش عندكوا ميدتيرم، يلا البنات قاعدين معاها، وأنا هقوم اكلم محمد وأعمل شوية شوربه وحتة فرخه يسندوها"
خرجت تشوف شغلها، وإيمان ونور طلعوا على أوضهم
نور دخلت الأوضة وقفلت الباب وراها، وقفت في نص الاوضة لثواني، حاسة إن أنفاسها مش منتظمة، قلبها لسه بيدق بسرعة، ومخها مش قادر يوقف التفكير، كل المشاعر اللي كتمتها بدأت تهاجمها
مشيت ببطء لغاية السرير وقعدت، حطّت وشها في إيديها، وكأنها بتحاول تهرب من كل اللي بيحصل. دماغها كانت مليانة، يوسف وطريقته العنيفة، هبة وصدمتها، الشعور بالعجز اللي سيطر على الكل… وكلام يوسف الأخير اللي كان زي الtعنة، بدأت تفتكر كلامه، افتكرت إيده وهو بيبعدها بعنف، البرود اللي كان في تصرفاته، وكلامه القاسي اللي خلّاها تحس بالعجز لأول مرة "بطلي دور الضمير الحي… وفّري نصايحك لحد تاني."
شهقت بضعف، حست بغصة في قلبها، كأن حاجة جوّاها اتكسرت مع كلماته، استهون بيها وكأنها ولا حاجة، وكأن مشاعرها ورأيها ملهمش أي قيمة.
نامت على السرير، بصت للسقف وهي بتحاول تهدي دموعها اللي بدأت تتجمع، بس معرفتش، الدموع خذلتها نزلت بصمت، وهيا بقت حاسه انها انسانه متطفله
يوسف وصل لآدم اخيرا وادم اول ما شافه نزل من عربيته
"ليه كل التأخير ده؟!"
يوسف تجاهل سؤاله وسأل " فكك مني، قولي مين اللي فوق؟"
"هيا بس، عملت زي ما قولتلي وحاولت اوزع كل اللي في البيت"
ابتسم بشر وهو بيتجه لجوا العماره وادم وراه
يتبع...........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
طلع السلم بخطوات سريعه واول ما وصل للباب ضغط على الجرس باستمرار، سمع صوتها بتبرطم"هو انا ورا الباب؟ حاضر...حاضر" الباب اتفتح وظهرت قدامه،
وقفت قصاده، ملامحها كانت باردة، لكنها رفعت حاجبها باستغراب "أنت مين؟"
يوسف زق الباب برجله ودخل وهيا اتخضت من اللي حصل، بس قبل ما تفوق من صدمتها قال "أنا يوسف، أخو هبة" قالها بصوت واطي لكنه كان تقيل
ريهام اتغيرت ملامحها، رجعت خطوة لورا، والخوف بدأ يظهر في عيونها "عايز إيه؟"
يوسف قرب ناحيتها، نبرته بقت أشد، مشاعر الغضب والغدر والوجع كانت كلها في صوته "عايز حقي"
بلعت ريقها بسرعة، ورجعت خطوة كمان لورا، ضهرها خبط في الترابيزه ، حسّت بضهرها بيترعش وهي بترفع إيديها بحركة دفاعية
"أنا مليش دعوة!" صوتها كان مهزوز، لكنها حاولت تخليه ثابت، حاولت تبين إنها مش خايفة.
يوسف مكنش بيتحرك، لكن نظرته كانت سيف مرفوع
"ملكيش دعوة؟" قالها بصوت هادي، لكنه كان أخطر من الصريخ، قرب خطوة بطيئة، عنيه مثبتة عليها، مليانة بغضب مكبوت، قعد على الكنبه وحط رجل على رجل وادم دخل وقفل الباب وراه، ريهام رجعت خطوة تانية، قلبها بيدق بجنون. حست إنها محاصرة، الحيطة وراها، وعيونه قدامها
"لو قربت مني ه…" حاولت تهدده، لكن صوتها خانها، خرج متقطع، ضعيف.
يوسف ابتسم بسخرية، ابتسامة خالية من أي رحمة "هتعملي إيه؟ هتصرخي؟" نبرته كانت شبه الهمس، لكنها وصلت لودانها بوضوح مخيف"جربي."
ريهام عضّت شفايفها، عقلها بيحاول يدور على أي حاجة، أي مخرج، لكن مفيش، شكله مش ناوي يسيبها، ومش ناوي يعديها بالساهل
"أنا… أنا مش السبب، صدقني!" نطقت بسرعة، تحاول تبرر، تحاول تهرب من النظرة اللي بتحاسبها "أنا، مكنتش… مكنتش أعرف إن الموضوع هيكبر كده!"
يوسف شد نفس بطيء، رفع حاجبه كأنه مش مصدق كلمة من اللي بتقوله" وكنتي فاكره ايه؟ سامعك"
عنيها لمعت بدموع محبوسة، لكن يوسف مكانش متأثر، ريهام حسّت إن الدم انسحب من وشها، قلبها بيخبط في ضلوعها بعنف، حاولت تبلع ريقها، بس حلقها كان ناشف كأنها بلعت رمل
"أنا مليش دعوة!" نطقتها بسرعة، بصوت مرتعش
يوسف مكانش بيتحرك، لكنه كان بيتفرج عليها بعينين ضيقة، مليانة احتقار وغضب بارد، عينيه سلاح، كلماته كانت رصاص مستني يخرج في اللحظة المناسبة
"مليش دعوة؟" صوته كان هادي، بس فيه تهديد واضح، وقف قرب خطوة بطيئة، عنيه مثبتة عليها "نسيتي؟ نسيتي إنتي عملتي إيه؟"
"أنا… أنا مكنتش عارفة! أقسم بالله مكنتش عارفة إن الموضوع هيكبر كده!"
ضحك ضحكة قصيرة، باردة، بدون أي أثر للمرح "مكنتيش عارفة؟" عنيه اسودّت وهو بيقرب أكتر، صوته بقى أخطر وهو يضغط على كل كلمة "إنتي اللي خدرتيها، إنتي اللي سلمتيها، وبكل بساطة دلوقتي بتقولي مكنتش عارفة؟"
ريهام شهقت، دموعها لمعت في عنيها، بس يوسف كان زي الصخر، مفيهوش أي تعاطف
"أنا…" صوتها كان ضعيف، زي واحد بيغرق وبيحاول يمسك أي حاجة.د "أنا كنت مجبورة… كان لازم…"
يوسف قرب أكتر، المسافة بينهم بقت شبه معدومة، نبرته كانت كلها اشمئزاز "كان لازم؟ كان لازم تدمري حياة بنت ملهاش أي ذنب؟"
ريهام حاولت تهرب بنظرها بعيد، بس مفيش مهرب، حست إن الدنيا بتضيق حواليها، نفسها بقى تقيل، وعرق بارد سرى في ضهرها
"كان لازم؟" كرر الكلمة، كأنه مستني يسمع تفسير منطقي، تفسير مستحيل "كان لازم تخدريها؟ كان لازم تسيبيها لمصيرها؟ كان لازم تبيعي صاحبتك؟"
ريهام هزت راسها بعنف، الدموع بتنزل على خدها، صوتها مرتعش "أنا مكنتش عارفة هيحصل كده… أقسم بالله! أنا… أنا كنت فاكراه هزار"
ضحك بصوته كله وقال" هزار؟ ده بجد؟ حلو الهزار ده، ايه رأيك لو هزرت معاكي نفس الهزار؟!"
ريهام شهقت، عينيها وسعت من الخوف، دموعها بتنزل بس يوسف مكنش متأثر،
رفع إيده ببطء ومسح على دقنه وهو بيبصلها بنظرة باردة، كأنها مجرد شيء تافه تحت رجله "هزار، صح؟" قالها بصوت منخفض، لكنه مليان تهديد "طب تعالي نجربه مع بعض، نشوفه كده هيكون ازاي"
ريهام حركت راسها بعنف، رجليها بترتعش، حست بقلبها بيدق جامد وهي بتحاول ترجع خطوة تانية، بس مفيش مكان تروحله "والنبي… أرجوك!" صوتها كان ضعيف، مهزوز، كانت عارفة إنها وقعت في شر أعمالها، ودلوقتي لازم تواجه العواقب، يوسف اتنهد ببطء، كأنه بيحاول يسيطر على غضبه، لكنه فشل، في لحظة، مسك إيدها بعنف وجرها ناحيته، صرخت، حاولت تفلت منه بس إيده كانت حديد.
"عارفة أنا جيت ليه؟" قالها وهو بيضغط على دراعها، نبرته مفيهاش أي رحمة "جيت أديكي طعم الخيانة اللي دوقتيه لهبة"
ريهام كانت بتترعش، دموعها بتنزل بدون توقف، حاولت تبعد عنه لكن مكنش في فايدة
"أنا غلطت… أنا ندمانة!" صرخت بيأس، لكن يوسف مكنش بيسمع، كان الغضب ماليه، اتنفس ببطء، قرب وشه منها وقال بصوت واضح "ندمانة؟ الندم مش كفاية، لازم تدفعي التمن."
وفجأة ساب إيدها، وريهام وقعت على الكنبة وهي بتنهج، عنيها مليانة فزع.
"أنا مش هلمسك حتى" يوسف قالها بسخرية "بس اللي مستنيكي مش هيكون بسيط"
لف لآدم اللي كان واقف عند الباب بيتابع بصمت "اتصل بالشخص اللي كلنا عارفين إنه هيفرح قوي لو عرف مستنيه ايه الليلادي"
ريهام رفعت عينيها بخوف "لاء… لاء، أرجوك!"
يوسف مالت شفايفه بابتسامة باردة، وهو بيقول آخر كلماته
"متخافيش، ده هزار بس… مش كده؟"
ريهام شهقت، غطت وشها بإيديها وهي بتترجّاه "أنا آسفة! والله العظيم أنا آسفة! مكانش قصدي"
يوسف شد نفسه لورا خطوة، أخد نفس طويل كأنه بيحاول يهدي الغليان اللي جواه، لكن عنيه فضلت مثبتة عليها، كلها احتقار" هقبل اسفك ماشي"
عينيها لمعت فكمل" بس لو عرفتي ترجعي الزمن وتمحي اللي حصل من ذاكرتي انا وهبه، وقتها هقبل اسفك، هل هتقدري؟!"
ريهام رفعت عنيها ليه بخوف، قلبها بيدق بسرعة "تقصد إيه؟"
ابتسم ابتسامة باردة جدًا " يعني لو مش هتقدري ترجعي الزمن يبقى وفري اعتذارك، لانه ورقه محروقه دلوقتي"
حاولت تتكلم أو تبرر بس خوفها سيطر عليها، مش عارفه تخلص نفسها ازاي
"عارفة الفرق بيني وبينك يا ريهام؟" سألها بصوت هادي، سخريته تقيلة زي السكينة على رقبتها "أنا مش بغدر، ولا بخون، ولا ببيع اللي وثق فيا، بس… لما حد يأذي اللي مني، مبشوفش، مبسمعش، وبنسى كل حاجة متربي عليها، بنسى الاصول وبنسي تربيتي، بنسى القيم والمبادئ والأخلاق ومش بفتكر غير حاجه واحده بس، اني ارجع حقي، ومبيفرقش معايا لو كان اللي قدامي واحد أو واحده "
قالت بصوت مبحوح" طب انت عايز ايه طيب وانا هعمله؟!"
ابتسامته وسعت، لكنها كانت مرعبة أكتر من أي تهديد نطقه "أنا؟ ولا حاجة، مجرد درس صغير، وعد مني، مش هتعرفي تبصي في وش حد بعد دلوقتي"
دقات قلبها بقت طبول حرب، إيديها بترتعش
"وهخلي أستاذ نبيل" نطق الاسم باستمتاع، عارف تأثيره عليها، عارف إن ذكر والدها في المعادلة كفاية يكسرها "موطي راسه طول عمره على تربيته الوسخة، هتشوفي بنفسك اللي هيحصل"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
الصدمة عقدت لسانها، عنيها وسعت، رعب صافي غطى ملامحها، الباب خبط وادم فتحه، دخل شخص طويل وعريض وشكله بشع، وقف مكانه وهو مستني الأمر، حاولت تترجاه للمره الألف بس بص لرعبها وخوفها باستمتاع وقال "خدها"
كانت كلمته الوحيدة، نطقها ببرود قاتل، كأنه بيطلب حاجة عادية
ريهام شهقت، عرفت إن الفرصة الوحيدة للهروب راحت خلاص، حاولت تتحرك، تبعد، بس إيديها كانت بتترعش وجسمها اتخدر من الرعب، الشخص اللي دخل قرب منها، مسك دراعها بقوة كأنها مجرد شيء بيتنقل من مكان لمكان
صرخت بقوه" استنى… أرجوك، اسمعني!" صوتها كان بيترجف، بتحاول تتمسك بأي فرصة أخيرة للخروج من اللي هي فيه
يوسف لف ناحيتها بخطوة بطيئة، ملامحه كانت مظلمة
"أسمعك؟" قالها بضحكة قصيرة مليانة سخرية" قولتلك انا مش جاي اسمع، بس مستعد اسمعك لو عرفتي ترجعي الزمن وتصلحي اللي حصل، غير كده لاء"
ريهام شهقت لما شدها الشخص اللي مسكها ناحيته، حسّت إن فرصتها الأخيرة في النجاة بتتبخر
" أنا غلطت! بس… بس كنت مجبورة!" قالتها بسرعة وهيا بتحاول توصل لأي حاجة توقف اللي بيحصل لكن يوسف مسح على دقنه ببطء، كأنه بيفكر للحظة، قبل ما عيونه تلمع بنظرة قاسية"مجبورة؟ ده اللي هتقوليه؟ طيب تمام… أنا كمان مجبر."
أشار للشخص اللي مسكها "طلعها برا."
ريهام صرخت، حاولت تقاوم، بس كانت ضعيفة قدام القوة اللي بتشدها لبرا، قلبها كان بيخبط في صدرها بسرعه وهي مش عارفة مصيرها هيبقى إيه
يوسف وقف في مكانه، أخد نفس طويل وملى صدره بالهوا كأنه بيحاول يطفي النار اللي جواه، حس إنه رجّع حق أخته، حتى لو مش كفاية، حتى لو لسه الغل جوّاه مش راضي يهدى
عينه جات على الباب اللي خرجت منه ريهام، سمع صوت خطواتها وهي بتبعد، وحس للمرة الأولى إنها فعلاً تحت رحمة غضبه، وإنها مش هتقدر تنسى اللي حصل النهاردة طول عمرها
ادم قرب منه وربت على كتفه وقال بهدوء " مش هينسوا الدرس"
يوسف لف ناحيته، عنيه لسه مليانة غضب، لكن فيه هدوء خبيث بدأ يحل محله، أخد نفس عميق وقال بصوت واطي لكنه تقيل "وأنا كمان مش هنسى اللي حصل"
ساره رجعت البيت لقته هادي، دورت على نهال والبنات بس ملقتش حد، طلعت لفوق وقررت تروح تشوف هبه، دخلت الاوضه ولقتهم حواليها فخافت تكون هبه تعبت اكتر، حسّت قلبها بينقبض، الجو التقيل في الأوضة كان كافي يقول إن فيه كارثة حصلت، وقفت في وسطهم وهي بتبص في وشوشهم، تدور على إجابة، لكن كلهم كانوا بيتجنبوا النظر فيها
"إيه اللي بيحصل هنا؟" صوتها طلع متوتر، لكن محدش رد
بصت لنهال اللي كانت عيونها مليانة دموع محبوسة لكنها فضلت ساكتة. سارة لفّت على بقية اللي في الأوضة الكل كان متجمد في مكانه كأنهم مش عارفين يقولوا إيه.
"أنا بكلمكوا! حد يفهمني في إيه؟!" صوتها علي، النبرة الحادة اللي فيه كانت مليانة قلق وخوف.
نهال أخدت نفس طويل وقالتلها اللي حصل، رد فعلها كان لا يقل عن رد فعلهم، اتصدمت ومصدقتش اللي حصل لاختها، بصت في وشوشهم كلهم، بمجرد ما بصت في وشوشهم عرفت ان اللي حصل بجد
عينيها اتحولت بسرعة لهبة اللي كانت قاعدة على السرير، وشها شاحب وعينيها غارقة في الفراغ شكلها كان مكسور بطريقة عمرها ما شافتها قبل كده، حسّت بقلبها بيتفتت، قعدت قدامها ومسكت إيديها المرتعشة، حسّت بعجز قاتل، لأول مرة في حياتها مش قادرة تعمل حاجة، مش قادرة تنقذ أختها، مش قادرة حتى تواسيها، دموعها نزلت وهيا بتحاول تستوعب اللي حصل
يوسف نزل وادم نزل وراه لقى تيمور تحت مستنيه، تيمور اول ما شافه قرب عليه وقال " في حد مضايقك ولا ايه لكل ده؟!"
يوسف هز راسه بنفي وقال "مفيش حد يقدر يضايقني، بس في ناس كان لازم تعرف حجمها الحقيقي."
تيمور ضحك ضحكة خفيفة بس كان متابع يوسف بنظرة فاحصه "طب تمام، هتعمل ايه دلوقتي، اخدت حقك مستني ايه "
يوسف بصله وقال " التنفيذ"
اتحرك ناحية عربيته وكل واحد ركب عربيته ومشيوا وراه
يوسف كان سايق بسرعة، عينيه ثابتة قدامه، آدم وتيمور وراه، كل واحد في عربيته، متابعين تحركاته من غير كلام، الدنيا كانت هادية، فجأة، يوسف داس فرامل بقوة، العربية وقفت في نص الطريق، آدم شد دراع الفرامِل وخرج بسرعة، تيمور برضه نزل وراهم، نظراتهم كلها قلق واستغراب
آدم قرب منه بخطوات سريعة "يوسف، في إيه؟!"
يوسف مردش، بصلهم لحظة بعينين ميتة، وبهدوء مريب بدأ يقلع الجاكت بتاعه، أول ما التيشيرت الأبيض ظهر، الصدمة سكنت ملامح آدم وتيمور، الدم كان مغرقه، مش بس نقطة ولا اتنين، لا... التيشيرت كله متغرق باللون الأحمر
تيمور شهق "إنت إزاي سايق كده وإنت نازف بالشكل ده؟!"
يوسف بصله، ابتسامة خفيفة مالت شفايفه، ابتسامة مفيهاش أي حياة، وقال بصوت هادي لكنه تقيل زي الجحيم "كنت مشغول بحاجة أهم."
آدم زعق فيه "يوسف، إنت لازم تروح مستشفى دلوقتي، ليه بتعمل في نفسك كده"
يوسف اتنهد، مسح إيده على رقبته كأنه بيحاول يفوق وقال ببرود "هنروح.. بس مش دلوقتي."
جسمه تمايل لحظة، كأنه فقد توازنه، بس مسك نفسه، عيونه بدأت تغيم، بس هو عنيد.
آدم قرب أكتر، مسك يوسف من دراعه وهو بيهزه بعصبية"إنت بتهزر؟ مش دلوقتي إيه؟ إنت هتموت على بعضك!"
تيمور كان واقف متوتر، مش قادر يستوعب إن يوسف استحمل كل النزيف ده من غير ما ينهار، قرب هو كمان وقال بحزم "مش هنسألك اصلا، هنروح المستشفى غصب عنك."
يوسف بصلهم بعيون تعبانة، بس لسه فيها العناد اللي يعرفوه كويس، بفُضَاحَة شال إيد آدم من على دراعه وقال بصوت هادي لكن مفيهوش أي مجال للنقاش "أنا اللي هحدد إحنا رايحين فين الأول."
تيمور انفجر فيه "يوسف! كفاية بقا! إنت فاكر نفسك حديد؟ جرحك مفتوح بقاله فتره، جسمك هيستسلم غصب عنك."
يوسف سابهم يتكلموا، وهو رفع إيده على الجرح، ضغط عليه شوية، الألم ضرب جسمه، بس هو ماظهرش عليه أي رد فعل، بعد لحظة صمت قال وهو بيبص قدامه "فيه حاجة لازم أخلصها الأول..."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
آدم جز على سنانه بغضب، خلاص بدأ يفقد أعصابه، شد يوسف من دراعه تاني " انا اه معاك في كل حاجه ومش بعارضك بس مش هسيبك تتهور أكتر من كده، لو مش هتيجي برجلك، هنشيلك وندخلك المستشفى بالعافية."
يوسف ضحك ضحكة قصيرة وناشفة، بص لآدم بعيونه اللي كانت بتقل مع الوقت وقال "جرب..."
قبل ما حد يرد عليه، يوسف حس الدنيا بتلف حواليه، رجليه خانته، وكل حاجة حواليه بدأت تبقى ضبابية... آخر حاجة سمعها كانت صوت آدم وهو بينده باسمه، وبعدها وقع على الأرض، آدم لحقه قبل ما يخبط دماغه في الأرض، مسكه بسرعة وهو بينادي عليه بعصبية "يوسف! يوسف!"
تيمور قرب بسرعة، لمس رقبته يدور على النبض، لقاه ضعيف جدًا، بص لآدم بقلق "لازم نتحرك حالًا! جسمه استسلم خلاص."
آدم شال يوسف بصعوبة وتيمور ساعده، حطوه في العربيه واتحركوا
في المستشفى...
كانوا واقفين مستنيين بقلق والصمت تقيل، مرّت الدقايق تقيلة لحد ما الباب اتفتح وخرج دكتور، نضارته نازلة على طرف مناخيره وهو بيبص عليهم بنبرة رسمية "هو كويس حاليًا، قدرنا نوقف النزيف، بس فقد كمية دم كبيرة، وده خلاه يدخل في حالة إرهاق شديد."
آدم قرب خطوه "يعني هيصحى؟"
الدكتور أخد نفس وقال" اه عادي، ويقدر يخرج لما المحلول يخلص، بس يستحسن بلاش مجهود"
أخد نفس بارتياح ودخلوا الاوضه يتطمنوا عليه، تيمور وقف عند الباب ساكت، بس ملامحه كانت بتقول كل حاجة، آدم قرب من يوسف وقعد على الكرسي جنبه
"إنت غبي... فاهم؟ غبي بمعنى الكلمة"
يوسف بصله ببرود وتجاهل كلامه " محدش من البيت يعرف اني كنت هنا، فاهم؟!"
" قولي بس ايه سبب الجرح ده؟!"
يوسف بص لتيمور وقال" عايزك توصل ريكاردو بسيستم الشركه "
تيمور قرب وقال باستفسار" ليه؟ "
"طالب منه شويه حاجات وعايزه ينفذها"
تيمور هز راسه بتفهم وادم سأل " يوسف! ايه سبب جرحك؟!"
" ادم، مش قادر اتكلم حرفيا، سيبني في حالي دلوقتي "
سابه على راحته ولما خلص المحلول خرج، تيمور روح باوبر وادم اخد يوسف وروحوا، قبل ما يدخلوا يوسف قال " ادخل انت، هعمل مكالمه"
ادم دخل ويوسف طلع فونه واتصل بريكاردو، ريكاردو رد بسرعة، لكن نبرة صوته كانت مستغربة "جوزيف! ايه اخبارك؟!"
يوسف دخل في الموضوع من غير مقدمات، صوته كان هادي لكن حاد "ريكاردو، محتاج نوع مضمون ينزل الحمل، حاجة سريعة ومن غير آثار جانبية واضحة"
ريكاردو سكت لحظة، كأنه بيحاول يستوعب الكلام، بعدين قال بحذر "جوزيف!… إنت متأكد من اللي بتقوله؟ الموضوع مش هزار، وبيختلف من حالة للتانية."
يوسف ضيق عينه ونفَسُه كان تقيل "ما سألتش رأيك، سألت عن الحاجة نفسها، عندك ولا لأ؟"
ريكاردو فضل ساكت لحظة، كأنه بيقيس الموقف، بعدين قال بصوت هادي بس فيه حدة"عندي، بس مش هديك حاجة من غير ما أفهم إنت بتعمل كده ليه، مين اللي عايزه تنزل حملها؟"
يوسف شد على مسكة الموبايل، نبرته بقت أخشن "ريكاردو، متحاولش تدخل في حاجة ملهاش دعوة بيك، قولي عندك إيه وخلاص."
ريكاردو ضحك بسخرية خفيفة وقال "عارف إنك عنيد، بس برضه الموضوع كبير، اللي بتطلبه ده مش حاجة ينفع تتجاب كده وخلاص، في حاجات أقوى بس ليها مضاعفات، وفي حاجات بتاخد وقت، إنت مستعجل؟"
يوسف لف وشه ناحية الشارع، عينه كانت باردة وهو بيرد "مستعجل جدًا."
ريكاردو أخد نفس بطيء، كأنه بيفكر قبل ما ينطق، وبعد لحظة قال "تمام، عندي حاجة تخلص الموضوع بسرعة، بس آثارها الجانبية مش سهلة، وإنت أكيد مش غبي عشان متبقاش عارف ده."
يوسف صوته كان حاسم وهو بيرد "مش مهم، هاتها."
ريكاردو فضل ساكت لحظة، وبعدها قال
"هتلاقيها عندك بكرة الصبح، بس جوزيف… متعملش حاجة تندم عليها بعدين."
يوسف ضحك ضحكة قصيرة بس مفيهاش أي روح وقال ببرود "ندم؟ الكلمة دي بطلِت تبقى في قاموسي من زمان."
ونهى المكالمة قبل ما يسمع أي رد
طلع لهبة لقاها قاعدة وسرحانة وساره وندى معاها ، أول ما شافته رفعت عينيها له باستفهام، مستنية تفهم هو عمل ايه
قرب منها وقعد جنبها بهدوء، ابتسامة خفيفة كانت على وشه وهو بيقول "متقلقيش… حقك رجع"
ندى وساره بصوله باستفسار، كلامه كان واضح، لكن في نفس الوقت غامض، كأنه قاصد ما يدخلش في تفاصيل
هبة ضيقت عينيها وهي بتراقب ملامحه، تحاول تفهم أكتر "إزاي؟" سألت باهتمام، لكنها ما أخدتش غير رد قصير منه "مش مهم إزاي، المهم إنه رجع."
سكتت لحظة، كأنها بتحاول تقرأ اللي في باله، بعدها سألت بهدوء "في إيه؟ عايز تقول حاجة؟"
بص لندى وساره وطلب منهم يسيبوه معاها، خرجوا وهو أخد نفس صغير، وبعدين سألها مباشرة "حملك… إنتِ عايزاه؟"
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
"حملك… إنتِ عايزاه؟"
هبة اتجمدت للحظة، متوقعتش السؤال، وكأنها كانت بتتجنب تفكر في الموضوع ده رغم إنه مش سايبها في حالها، قالت بعد تردد "مش عايزاه…" سكتت لحظة وبعدين كملت بصوت أهدى "بس خايفة أعمل أي عملية، مش عايزة أدخل في حاجة زي دي"
يوسف لاحظ الارتباك في صوتها، لكنه معلقش، قال بثقة
"ماتقلقيش، أنا هتصرف"
كلامه كان قاطع، كأنه فعلاً عارف هو هيعمل إيه، وده خلّاها تحس براحة صغيرة، حتى لو لسه مش مستوعبة الحل اللي في باله، بس سألته بتوجس "هتتصرف؟ تقصد إيه؟"
يوسف سكت لحظة كأنه بيختار كلامه وبعدين قال بصوت هادي "قصدي هتخلصي منه من غير عمليات، من غير تعب ولا خوف، حاجة آمنة، طبعا في آثار جانبية بس حاجه مضمونه"
هبة حسّت صدرها بينقبض، مش عارفة ليه رغم إنها بنفسها مش عايزة الحمل، بس فكرة إنه هينتهي كده ببساطة كانت تقيلة على قلبها
"إنت متأكد…؟" سألت بصوت واطي، وكأنها خايفة من ردّه.
يوسف بصّلها بثبات وقال "متأكد، متقلقيش الأمور هتكون بخير، طالما انتي مش عايزاه "
هبة عضّت شفايفها بتوتر، عينها اتحركت بعيد كأنها بتحاول تستوعب كلامه، بعد لحظات هزت راسها ببطء وقالت "أيوه… مش عايزاه."
يوسف وقف كأنه اعتبر الموضوع انتهى، وبصّ لها بجدية "خلاص، اعتبريه مشي من حياتك. ركّزي في دراستك، وفي نفسك، اللي حصل انتهى."
هبة رفعت عينيها له، وبدون ما تفكر سألت "إنت عملت إيه فيهم؟"
يوسف ابتسم، بس ابتسامته كانت خالية من أي مشاعر " متفكريش فيهم، انسي اللي حصل وانسيهم هما كمان، كده كده مش هتشوفيهم تاني طول حياتك"
قال كلامه وخرج من عندها وهو حاسس بثقل غريب على صدره، كأنه شايل حمل تقيل مش قادر يتخلص منه، دخل أوضته وقفل الباب وراه، وقف لحظة مكانه، عينه سرحانة، ودماغه بتلف في اللي حصل، إمتى بقى بالشكل ده؟ إمتى بقى قاسي للدرجة دي؟
بس الرد كان واضح، هو مستعد يعمل أي حاجه عشان اخواته، مستعد ينتقم من الدنيا بحالها لو شعره واحده بس اتأذت منهم
بأنفاس مرهقة، قلع الجاكيت ورماه على الكرسي، فك أول زرار في القميص، وبعده التاني والتالت، لحد ما صدره بقى مكشوف، لمس جرحه بخفه وافتكر نور، افتكرها وهي واقفة قدامه الصبح، عينيها اللي كان فيها حاجة مختلفة، مزيج من العتاب والخذلان، طريقته معاها كانت حادة، ردوده كانت جافة، ليه أتعامل معاها كده، سحب نفس طويل وهو بيتجه للسرير، رمى نفسه عليه بإرهاق، عينه مثبتة في السقف، وأفكاره شغالة بدون توقف، مدّ إيده ناحية موبايله، فتحه وبصّ في الشاشة، فكر يبعتلها رسالة، يكتب أي حاجة بس عشان تكلمه… بس تراجع، زي ما جرحها بكلامه وهيا قدامه، هيعتذر منها وهيا قدامه، زفر بضيق وهو بيرمي الموبايل جنبه، غمض عينيه بتعب وهو حاسس بالضيق، في وسط أفكاره الباب خبط، يوسف كان لسه مغمض عينه، بيحاول يبعد دماغه عن كل حاجة، لكن خبط الباب خلاه يفتح عينه بتثاقل، مسح على وشه بايده وقفل قميصه وهو بيقول بصوت مرهق"ادخل"
الباب اتفتح ودخلت نهال، لما شافها واقفة قدامه بعينين مليانة قلق، سألها بنبرة متعبة "في إيه؟"
وقفت قصاده وكتفت إيديها وهي بتبصله "أنا اللي أسأل، في إيه؟ كنت فين وعملت ايه؟!"
يوسف سكت لحظة، بصلها من غير ما يرد، نهال زودت المسافة اللي بينها وبينه، وقفت جنب سريره، دراعها متشابك قدامها وهي مستنية إجابة
" جبت حق أختي " قالها ببرود، صوته مفيهوش أي انفعال، كأنه بيقول حاجة عادية.
نهال رفعت حاجبها " عملت فيهم ايه يعني؟"
يوسف سحب نفس هادي، وقعد مستريح بضهره على السرير
" يعني خليتهم يجربوا اللي عملوه فيها"
نهال فضلت ساكتة لحظة، بصتله وقالت " إزاي يعني؟!"
قام وقف ودخل الحمام وهو بيقول " هسيبك تتخيلي"
سابها ودخل وهيا عقلها شغال بيفكر في كلامه
يوم جديد، نور في كليتها، كانت قاعدة في آخر الصف، عينيها على الدكتور بس عقلها في حتة تانية خالص، كان كلامه بيدخل ودنها ويخرج من التانية، ولا كلمة ثابتة، ولا معلومة مترتبة، دماغها مشغولة بحاجه تانيه
البنت اللي جنبها همست وهي بتزق كوعها بخفة "نور… الدكتور بينادي عليكي!"
فجأة، فاقت من شرودها، رفعت عينيها لقت الدكتور واقف، عينه عليها، ملامحه جدية بس فيهم لمحة استغراب
"اتفضلي يا باشمهندسه، اشرحي الجزئية دي لزمايلك."
اتوترت للحظة، حست بقلبها بيخبط في صدرها، بس بسرعة لمّت نفسها، قامت وراحت وقفت جنبه وهيا معندهاش ادنى فكره هتشرح ايه، عينيها عدت بسرعة على السطور المطلوبة، قرأتها في ثواني، وبعدها بدأت تشرح، في الأول كلامها كان مش واضح ، بس لما اندمجت، التوتر اختفى، صوتها بقا واضح، الكلام طالع منها بطلاقة، كأنها ما كانتش سرحانة من دقايق، كأن عقلها كان حاضر ومستعد طول الوقت، خلصت شرحها، بصّت للدكتور مستنية أي تعليق، سألها بهدوء"اسمك الثنائي؟"
"نور عز الدين"
هز راسه بتفكير، وبعدها سأل بصوت أوطى بالكاد هي اللي سمعته "كنتي سرحانة في إيه طول المحاضرة؟"
اتفاجئت، هو كان مركز معاها للدرجة دي؟ بسرعة أخفت ارتباكها وقالت بنبرة هادية "أنا كنت مركزة مع حضرتك."
مروان مالت شفايفه لابتسامة خفيفة، بس عينه فضلت متفحصة، كأنه مش مقتنع "انتي كويسة؟"
حركت راسها بإيماءة سريعة، وكأنها مش عايزة تكمل الكلام، وبعدها رجعت مكانها
يوسف وقف قدام اوضة هبه وهو ماسك العلبه اللي ريكاردو بعتهاله، دخل من غير ما يخبط، قفل الباب وراه وقال وهو بيبصلها بجدية "قولتِي إنك مش عايزة الحمل ده… لسه على كلامك؟"
هبة بصتله لثواني، بعدين هزت راسها ببطء "مش عايزاه… مش قادرة."
يوسف طلع العلبة الصغيرة اللي ريكاردو بعتها، ومدهالها من غير أي تعبير على وشه "خدي ده… وهتكوني بخير."
هبة بصت للعلبة في إيده، وبعد لحظة تردد، خدته منه وحطته على الكومود جنبها، قلبها كان بيخبط في صدرها، مش بس من القرار، لكن من الطريقة اللي يوسف بيتعامل بيها مع الموضوع، رفعت عينيها له وسألته بخفوت " برضو مش ناوي تعرفني عملت ايه، بردلي قلبي وعرفني"
"ما بلاش، ليه شاغله دماغك"
هبة حست بقشعريرة عدت في جسمها، لأنها فهمت إنه عمل حاجة كبيرة، بس كانت مصره تعرف عمل ايه، قعد جنبها ومسك ايديها يطمنها وحكالها باختصار، كانت مزهوله من اللي عمله لأنها كانت متخيله أنه اخد رد فعل عادي، قبل ما تتكلم قام وقف وسابها مزهوله، لف عشان يخرج، قبل ما يحط إيده على الباب قال من غير ما يبصلها "ركزي في دراستك… وانسي كل اللي حصل، وياريت تبدأي تنزلي كليتك"
المحاضرة خلصت والدكتور وقف قدام الدفعة وهو بيقول بصوته الواضح
"دي آخر محاضرة يا شباب، السكشن إن شاء الله هنغطي فيه كل الأفكار، عشان كده حضوره مهم جدًا، هيتأجل للخميس إن شاء الله، ياريت الكل يلتزم، أي حد عنده اي اسئله يجيبها في السكشن، اتفضلوا"
الطلبة بدأوا يجمعوا حاجتهم، الهمهمة عليت في المدرج، والكل بدأ يخرج على مجموعات
مروان وقف مكانه، عينه بتعدي على الوجوه، وبالصدفة لمح نور وهي خارجة، كانت ماشية جنب واحدة من صحباتها الجداد، بتتكلم معاها بهدوء، لكن فيه حاجة في ملامحها شدته… نظرة عيونها، طريقة مشيتها، كأنها في عالم تاني، فضل متابعها لثواني قبل ما يسيب المدرج ويخرج
يوسف كان قاعد في مكتبه بيراجع الشغل وفونه رن، بصّ في الشاشة، الاسم اللي ظهر كان متوقعه، ريكاردو، رفع السماعة وردّ بهدوء " سامعك"
ريكاردو قال بدون مقدمات "عرفت الخاينين بالظبط."
سأله بنبره بارده "مين؟"
ريكاردو بدأ يسرد الأسماء واحد واحد، ويوسف سمعهم من غير أي انفعال واضح على وشه، بعد ما خلّص ريكاردو كلامه، يوسف سأل بثبات "متأكد؟"
ريكاردو رد بسرعة وثقة "مليون في المية، عندي الأدلة وكل حاجة."
يوسف سكت لحظة، وبعدها قال بصوت واطي لكنه حاسم "ابعتلي كل اللي عندك، وسيب الباقي عليا"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ريكاردو ضحك ضحكة قصيرة وقال بنبرة فيها خبث " موفّق يا بنا "
قبل ما يقفل، صوته اتغيّر شوية كأنه متردد في حاجة وقال "جوزيف، في حاجة لازم أقولهالك، بقالي ٣ أيام شغال عليها."
يوسف عدّل قعدته، وقال بتركيز "قول."
ريكاردو خد نفس سريع وقال "قدرت أدخل على سيستم شركة الدمنهوري، اخترقت النظام بتاعهم وأخدت معلومات ممكن تدمرهم."
يوسف ضيّق عينه وهو بيقول " اممممم وبعدين"
ريكاردو سكت لحظة، وبعدها قال بنبرة فيها إحباط " اكتشفوا بسرعة إن في حد اخترق السيستم، وقفلوا كل حاجة، وغيّروه لبرنامج حماية أقوى، دلوقتي الدخول عليه صعب بس مش مستحيل، عندي معلومات دلوقتي ممكن تدمرهم"
يوسف سكت لحظة بعد كلام ريكاردو، وبعدها قال ببرود "ومين قالك إني عايز أدمره؟"
ريكاردو اتفاجئ من رده وسأل باستغراب "إنت مش عايز تستغل المعلومات دي؟ ده أنت حتى مش محتاج تبذل مجهود، عندك اللي يوقعه في لحظة!"
يوسف هز راسه وقال بحسم "سيبه يعمل اللي هو عايزه براحته، لو كنت عايز أوقعه، كنت عملت كده من زمان، أنا مش بلعب بنفس طريقته."
ريكاردو فضل ساكت للحظة، وبعدين قال ببطء "يبقى أنا ضيعت وقتي عالفاضي؟"
يوسف ابتسم بسخرية وقال "لا، لأن مجرد إنك قدرت تخترق النظام بتاعه، معناه إنهم مش محصنين زي ما هما متخيلين… وده في حد ذاته معلومة تهمني."
ريكاردو ضحك بخفة وقال "كعادتك، بتشوف الصورة الكبيرة."
يوسف رد عليه بنبرة هادية لكن قاطعة "لعبة الشطرنج ما بتتلعبش بالاندفاع، وأنا ما بحبش الحركات اللي من غير حساب."
ريكاردو اتنهد وقال "زي ما تحب، بس لو غيرت رأيك، أنت عارف أنا هنا ليه."
يوسف أنهى المكالمة وهو عينه فيها نظرة غامضة، كأنه بيحسب كل خطوة جاية بدقة
نور قاعدة لوحدها في الكافتيريا، عينيها مركزة في الموبايل، لكن ملامحها كانت شارده آدم دخل وهو بيبص حواليه لحد ما لمحها، ابتسم وقرب منها، سحب كرسي وقعد جنبها وهو بيقول "صباحو."
رفعت عنيها له، وابتسمت بخفة وقالت "خلصت؟"
هز راسه بالنفي وقال "لاء، لسه فاضل محاضرة."
هزت راسها بتفهم ورجعت تبص في الموبايل، لكنه لاحظ شرودها، قال بنبرة هادية لكن مهتمه "مالك؟ حد مضايقك؟"
هزت راسها بسرعة وقالت "لاء، ليه السؤال؟"
"مش عارف، بس حاسس إنك مش زي كل يوم."
نور أخدت نفس، وحاولت تبان عادية وهي بتقول "يمكن علشان الامتحانات قربت وأنا عايزة أركز في المذاكرة، حاسه اني مضغوطه وكده"
آدم ضيق عينيه شوية، واضح إنه مش مقتنع بالكلام ده، لكنه قرر ما يضغطش عليها، سند ضهره على الكرسي وقال بنبرة أخف "آه، عشان كده بتهربي من المحاضرات وبتقعدي هنا؟"
نور ضحكت وهي بتهز راسها "أنا مش بهرب، بس كنت محتاجة شوية هدوء، وكمان مش بحب محاضرة الدكتور ده مش بفهم منه حاجه"
آدم سند ضهره على الكرسي وقال وهو بيبص لها بتركيز " طب إنتي متأكدة إن المذاكرة هي السبب؟"
"إنت ليه مصمم إن في حاجة؟" قالتها بنبرة حاولت تكون عادية، لكنها نفسها سمعت التوتر اللي فيها.
آدم مالت شفايفه بابتسامة خفيفة، لكنه ما زال مركز معاها "لأنك مش نور اللي أعرفها، نظرتك بتقول إن في حاجة شاغلة بالك."
سكت لحظة، وبعدين كمل بصوت هادي لكنه واضح "لو في حاجة مضايقاكي قوليلي يمكن اقدر اساعدك"
"كل حاجة تمام يا آدم، متقلقش"
اكتفى بهزة راس بسيطة وقال "تمام، بس لو احتاجتي تحكي... أنا موجود."
نور ابتسمت بخفة، لكنها فضلت ساكتة
في قاعة الاجتماعات، كان يوسف واقف عند راس الطاولة، نظراته حادة وجادة، وملامحه باردة كعادته، مديرين الأقسام كانوا متجمعين، بعضهم متوتر، والبعض الآخر مترقب
رفع يوسف عينه وهو بيمسح الحضور بنظرة سريعة قبل ما يتكلم بصوت ثابت
"اجتمعت بيكم النهاردة لأن في قرارات مهمة لازم تتنفذ فورًا"
بعض المديرين تبادلوا النظرات بسرعة، واضح إن الكل متوقع قنبلة في الكلام الجاي، يوسف سحب ملف من قدامه، فتحه بهدوء، وبدأ يتكلم بصوت مليان ثقة "أولًا، تم إعادة هيكلة بعض الأقسام، وفي تغييرات في المناصب هتعرفوها حالًا. ثانيا، أي عقود جديدة مش هتتم إلا بموافقتي الشخصية، ولازم أطلع على التفاصيل بالكامل. ثالثًا، ودي أهم نقطة..."
وقف لحظة، رفع عينه وبص للكل نظرة مليانة حزم قبل ما يكمل "أي تواصل بين أي حد في الشركة وبين الدمنهوري كانت تحت اشرافي، وأي محاولة للتلاعب في أي تفاصيل مالية أو إدارية هيتم التعامل معاها بدون رحمة، الرسالة دي لازم توصله بشكل مباشر."
القاعة سكتت تمامًا، حتى صوت الأنفاس بقى مسموع، الخاينين كلهم اتوتروا، حسوا بحرارة الجو رغم التكييف، يوسف كان واضح جدًا... الحرب بينه وبين الدمنهوري بدأت رسميًا، يوسف خرج من القاعه لثواني
في اللحظة دي، ساد الصمت التام في قاعة الاجتماعات، العيون اتعلقت ببعضها في توتر، خاصة عيون اللي حسوا إن كلام يوسف مقصود بيهم، بعضهم حاول يخرج كأنه مش مهتم، لكن الصدمة نزلت عليهم لما لقوا الحراس واقفين قدام الباب بثبات، ملامحهم جامدة، وواحد منهم قال بصوت حازم "مفيش خروج لحد ما يوسف بيه يرجع."
اللي كانوا بيحاولوا يخرجوا وقفوا مكانهم، بعضهم اتوتر وحاولوا يسيطروا على تعابيرهم
بعد دقايق يوسف رجع، خطوته كانت واثقة، وابتسامته الباردة كانت كفاية تخلي أي حد قدامه يحس إن مصيره بقى في إيده، وقف قدامهم، نزل بكفه على الطاولة بخفة
"شكلكم متوترين ليه؟"
السكوت دام، محدش رد، لكن العيون كانت بتتكلم، يوسف لمّح بنظرة سريعة كل واحد فيهم، وعارف مين اللي خان، ومين اللي خايف، ومين اللي مستني يشوف إيه اللي هيحصل، خد نفس عميق وقال بصوت هادي لكنه كان مسموع بوضوح "أنا مش هطول، بس خلوني أوضح حاجة... اللي لعب في الضلمة، هيشوف النور بطريقة مش هيحبها، واللي افتكر إنه أذكى مني، هعرفه إنه غلطان."
عيونه سكنت على شخص معين في القاعة، شخص كان من أكتر المقربين للدمنهوري، وكان واضح إن الخيانة مش مجرد احتمالات، دي حقيقة، ابتسم يوسف ابتسامة باردة جدًا، وقال آخر جملة وهو بيستمتع بالقلق اللي شافه في عيونهم "خدوا نفس لأن اللي جاي مش سهل"
في اللحظة دي، الصمت سيطر على القاعة، والعيون اتحولت لنظرات مترقبة، مليانة خوف وقلق، الخاينين حسوا إنهم مكشوفين، إن لحظتهم الأخيرة في الشركة وربما في حياتهم المهنية كلها جات خلاص.
يوسف وقف بثبات، ملامحه جامدة، مفيهاش أي تردد، بص على كل واحد فيهم، واحد واحد، وكأنه بيسجل ملامحهم في ذاكرته للمرة الأخيرة، بعدين نطق بصوت هادي لكنه كان مليان بالهيبة والتهديد "مش هعاتب حد منكوا، ومش هسأل عن السبب... بس محدش يزعل من اللي هعمله."
الكلمات كانت تقيلة، كأنها إعلان لحكم نهائي، مفيش فيه استئناف، بعضهم بلع ريقه بتوتر، والبعض التاني حاول يحافظ على بروده، لكن العيون كانت كاشفة للخوف اللي في قلوبهم
يوسف لف ببطء، شايف إن التأثير اللي هو عايزه اتحقق، بعدين رفع إيده بحركة بسيطة، الباب اتفتح ودخل أربعه من الحراس ملامحهم كانت جدية
"اللي في القايمة دي..." يوسف قالها وهو بيرفع ورقة في إيده، عيونه لسه مثبتة على الموجودين "شكراً على خدماتكم، بس للأسف، وقتكم هنا خلص"
بمجرد ما قالها، الحراس اتحركوا، كل واحد فيهم راح لشخص معين، حاولوا يتكلموا، يعترضوا، يبرروا، لكن يوسف رفع إيده بإشارة سريعة، فالحراس اخدوهم وخرجوا تحت صدمتهم.
لكن كان في شخص واحد لسه قاعد في مكانه، الوحيد اللي يوسف ما استبعدوش، عيونه اتقابلت مع عيون يوسف، وحاول يخفي ارتباكه، لكنه كان عارف إن وجوده هنا مش بالصدفة، يوسف قرب ناحيته، بصله بنظرة ثابتة وقال بصوت واطي، لكنه كان مليان بمعنى أعمق بكتير "إنت الوحيد اللي لسه ليك دور... فمتخلنيش أندم إني سبتك"
حس بارتياح لحظة وقال بصوت هادي لكنه متوتر "شكراً على ثقتك."
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، بس مفيهاش أي طمأنينة، مجرد لمعة خفية في عيونه وهو بيرد بصوت تقيل، كل كلمة فيه محسوبة بعناية "دي مش ثقة، أنا سيبتك عشان توصل اللي أنا عايزه يوصل، لكن اللي مشيوا دول ما يلزمونيش..."
وقف لحظة، كأنه بيسيب للكلمات تأثيرها قبل ما يكمل، نبرته بقت أخف بس أخطر في نفس الوقت "وعشان أنا كريم، هسيبلك الاختيار، تكمل معايا ولا تحب تعرف حصلهم إيه؟"
أخد نفس عميق، حس إن رقبته محطوطة تحت سكينه، وإن أي كلمة غلط ممكن توديه في مكان مالوش رجوع، رفع عينه ليوسف، شاف النظرة الباردة اللي ما بتوحيش بحاجة غير السيطرة الكاملة بلع ريقه وقال بصوت ثابت رغم القلق اللي جواه "أنا معاك، وهعمل كل اللي تطلبه، وهوصّل كل حاجة زي ما انت عايز."
يوسف ما علّقش فورًا، بس ابتسامته الجانبية فضلت على وشه، كأنه متوقع الرد ده بالضبط، هز راسه ببطء، وبص له نظرة طويلة قبل ما يقول بنبرة هادية لكنها تقيلة "عقلاني… عرفت تختار صح."
لف وراه، ووقف ضهره للشخص اللي قدامه وهو بيكمل بصوت أخف، لكنه مليان تحذير خفي"بس خلي بالك… غلطتك الأولى هتكون الأخيرة."
في شركة الدمنهوري، كانت الأجواء مشحونة، المكتب مليان توتر وضغط بيخنق الجو، الدمنهوري كان قاعد على مكتبه، ملامحه متعصبة وعروقه بارزة من الغضب، مسك تليفونه بعصبية وهو بيحاول يلاقي حل للمصيبة اللي وقعت عليه، ضرب بكفه على المكتب بقوة وقال بصوت جهوري مليان غضب "أنا يتلعب بيا كده؟ ومن عيل؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
دراعه اليمين، اللي كان واقف متوتر قدامه، حاول يهدّي الموقف وقال بحذر
"لسه قدامنا فرصة يا أشرف بيه… لسه في واحد متكشفش، ولسه نقدر نصلح اللي حصل."
أشرف بصله بحدة، وبحركة سريعة مسكه من قميصه وشده ناحيته، عنيه كانت مليانه بالغضب وهو بيسأله بصوت واطي لكنه مرعب "والنظام اللي اتهكر ده؟ انت متخيل المعلومات اللي اتاخدت؟ دي ممكن تدمر الشركة!"
الراجل بلع ريقه، حس إن أي كلمة زيادة ممكن تكون غلطته الأخيرة، فحاول يرد بثبات "في برنامج أقوى اتحط مكانه، ولسه ممكن نضيعهم قبل ما يستخدموا اللي سرقوه ضدنا"
أشرف سابه، اخد نفس عميق وهو بيحاول يستوعب المصيبة، وبعدها شاورله ناحية الباب بنبرة حادة "اخرج بره دلوقتي… مش عايز أشوف حد لحد ما أفكر في حل الكارثة دي!"
الراجل خرج بسرعة، وأشرف فضل في مكانه، عينه على السقف كأنه بيحاول يلاقي أي خيط يخرّجه من الأزمة دي، مسك الموبايل ورن على ابنه، وبعد ثواني، جاله صوت مروان من الناحية التانية "ألو؟"
أشرف قال بنبرة واضحة فيها أمر مستتر "مروان، مش ناوي تيجي الشركة بقى؟"
مروان زفر بضيق، كان متوقع المكالمة دي، فرد بنبرة اعتراض واضحة "إحنا اتكلمنا في الموضوع ده كذا مرة يا بابا، وقلتلك مليش في شغل الشركات!"
أشرف سكت لحظة، وبعدها قال بصوت فيه تعب أكتر من غضب "يبني، أومال مين اللي هيمسك كل حاجة من بعدي؟ مين اللي هيكمل مكاني؟"
مروان كان عارف إن والده مش هيبطل ضغط عليه، لكنه رغم كل حاجة، مقدرش يمنع نبرة القلق اللي طلعت في صوته
"ربنا يخليك لينا يا بابا وتكمل انت، بس أنا لا!"
أشرف سكت، شرد للحظة، وبعدين قال بصوت أوطى لكن فيه استسلام واضح
"أنا مبقتش زي الأول يا مروان… أنا عايزك تبقى مكاني قبل ما أخسر كل حاجة."
مروان تجهم، كان متأكد إن والده مسيطر على السوق، فقال باستغراب "بس حضرتك قولتلي إن كل حاجة ماشية كويس، وإنك اكتسحت السوق!"
أشرف قفل عينه ومسح على وشه بتعب، وبعدها قال بصوت مرهق "دلوقتي لا… دلوقتي هخسر كل حاجة."
مروان حس بتوتر في صوت أبوه " ليه إيه اللي حصل؟"
أشرف اتحرك من مكانه، وقف عند الشباك وهو بيبص على الشارع، صوته كان هادي لكنه مليان غضب مكبوت " النظام اتهكر، معلومات حساسة اتاخدت، السوق بقا ضدي، والمنافسين مستنيين اللحظة اللي ينهشوا فيها كل اللي بنيته، محتاج حد في ضهري"
مروان شد نفس طويل، حاسس إن الموضوع أكبر من مجرد صفقة خسرها والده، فقال بتركيز "طب الحل؟"
أشرف لف ببطء، عينه كانت مليانة تفكير عميق، قال بحدة "الحل إنك تدخل معايا وتكون إيدي اللي أتحرك بيها"
مروان سكت، كان دايمًا رافض فكرة دخول عالم الشركات، لكن في حاجة في نبرة أبوه المرة دي خلته يفكر شوية، وبعدها قال "طيب… لو دخلت، هكون حر في قراراتي؟ مش هتتحكم فيا زي ما بتعمل مع الكل؟"
أشرف ابتسم ابتسامة خفيفة لكنها كانت مليانة مكر، قرب من المكتب، سحب كرسيه وقعد، قال بثقة "إنت هتكون حر… بس لازم تكسب، لأن لو خسرت، مش هترجع تخرج من اللي دخلت فيه بسهولة."
أخد نفس وقال بجديه " تمام يا بابا، بعد ما الامتحانات تخلص هكون عندك"
رفض بسرعه " لاء لاء مفيش وقت، لازم اكون جاهز في أي وقت، مش هقدر لوحدي"
اتنهد بملل وقال " حاضر يا بابا، لما الميدتيرم يخلص على الأقل، اسبوعين وهكون في شركتك، قبل كده مش هقدر"
أشرف ابتسم ابتسامة انتصار، وغمغم بصوت منخفض كأنه بيكلم نفسه
"كويس… اللعبة ابتدت"
عدى كام يوم ويوسف مشافش نور لحد اللحظة دي كأنها بتتجنبه، كانت الأيام بتمر من غير ما يحصل أي جديد، بالليل، يوسف كان في اوضته شغال على لابتوبه، ساب اللابتوب بتاعه على المكتب وفتح موبايله، بص على الرسالة اللي كان باعتها لنور قبل كده، لكنها لسه مشافتش الرسالة لحد دلوقتي بالرغم من إنه باعتها من كام يوم، قفل الموبايل ورماه جنبه على السرير، وبعدين قام ونزل تحت في المطبخ عشان يعمل قهوة تصحصحه شوية، الجو كان ممل وحاسس إنه عايز يعمل حاجة تخرجه من حالة الجمود دي، أول ما دخل المطبخ شافها، حس براحة غريبة، كأن بس وجودها قدامه كان كفاية يخفف شوية من الضغط اللي حاسه، بس الراحة دي ما طولتش، لأنها أول ما سمعته بيتكلم، لفت بسرعة وقالت ببرود "كنت بعمل قهوة، هسيبك براحتك."
الكلام كان واضح وصريح… عايزة تمشي، عايزة تبعد عنه.
نور اتحركت ناحية الباب، لكن قبل ما تلحق تخرج، يوسف مد إيده ومسك دراعها، وقفها قبل ما تهرب منه زي كل مرة
بصتله، عينيها كانت هادية من برا، بس جواها كان فيه حاجة مختلفة، حاجة مش عارف يفسرها
"بتهربي ليه؟" سألها بصوت هادي، لكنه كان مباشر جدًا.
سحبت دراعها براحة من إيده
"مش بهرب" ردت بهدوء وإيجاز
"طب وليه في أوضتك علطول؟ مش بشوفك حتى صدفه، ولا بتردي عليا " سألها وهو بيراقب تعابير وشها.
"عندي امتحانات وبذاكر." قالتها بسرعة كأنها كانت متوقعة السؤال، وبعدها لفت علشان تمشي، لكن صوته ناداها قبل ما تخرج "نور."
وقفت، بس ملفتش ليه، استنت بس تكمل تسمع كلامه
"أنا عارف إنك متضايقة مني، بس غصب عني… أنا لما بتعصب بنسى أنا بتكلم مع مين… آسف لو كنت رخم."
فضلت ساكتة لحظة، وبعدين لفتله، رسمت على وشها ابتسامة مزيفة وقالت "ولا يهمك، أنا متضايقتش أصلًا… انت عندك حق اساسا"
نبرة صوتها كانت هادية جدًا، بس كانت فيها حاجة وجعته أكتر من لو كانت زعقتله، لفت عشان تمشي بس وقف قدامها ومنعها تخرج، همس " طب وليه بتتجنبيني؟، ليه مش بشوفك خالص؟، بتوحشيني ليه؟"
رفعت عينيها ليه بسرعه وقالت بارتباك " ي...يوسف "
" عيونه"
ارتباكها زاد وضربات قلبها كانت بترقص، صوتها طلع واطي وهيا بتقول " لو سمحت سيبني امشي، كلامك كله لسه بيتردد في وداني ومش هنساه صدقني"
اتصدم من كلامها لانه متوقعش انها هتقول كده، اتعدل وقال برسميه" كلامي مكانش ليكي يا نور، بجد ساعات بنسى انا بكلم مين وبنسى بقول ايه، انا حتى مش فاكر انا قولت ايه وقتها، ياريت تقبلي اعتذاري"
لفت وشها بعيد عنه وقالت " مفيش داعي للإعتذار اساسا يا يوسف، انا مش زعلانه ولا حتى متضايقه"
سألها بشك" ده بجد ولا بتقولي كده وخلاص؟ "
بصتله وقالت " صدقني الموضوع مش مستاهل، تصبح على خير "
خرجت من المطبخ واخدت نفس طويل كأن الهوا كان محبوس جوا، حست بدقات قلبها بترقص وبقت طبول وابتسامه ظهرت على وشها، طلعت على اوضتها جري واخيرا حست بفرحتها كامله
تاني يوم، نور كانت واقفة مع آدم في الكلية بتضحك على حاجة كان بيحكيها، دكتور مروان كان معدي وشافها واقفه معاه، وقف لحظة، نظرته اتقلصت وهو بيبصلها، حس بانزعاج غريب مش قادر يتحكم فيه، ضيق عينيه وعضّ على سنانه وبعد ثانية اتحرك ناحية المدرج من غير ما يقول أي حاجة
نور وهي بتضحك مع آدم، لمحت مروان وهو داخل، رفعت إيدها تبص في ساعتها، لقت لسه فاضل وقت، آدم لاحظ شرودها وسألها "فيه إيه؟"
ردت بسرعة وهي بتشاور ناحية المدرج
"الدكتور دخل بدري، فافتكرت إن السكشن بدأ."
آدم هزّ راسه وقال بودّ "خلاص، طالما دخل، فادخلي."
ابتسمتله بسرعة واتحركت ناحية المدرج، دخلت وهي بتاخد نفس عميق، لقت الدكتور بيحضر البروجكتور، فقعدت في مكانها، والسكشن بدأ عادي.
في نهاية السكشن، وبعد ما خلص الشرح، مروان سحب نفس عميق وقعد على طرف المكتب، نظرته جابت كل الموجودين وهو بيقول بصوت هادي لكنه حاسم "عايز أتكلم معاكوا في موضوع يا شباب."
الكل ركّز معاه، مستني يسمع هو عايز يقول إيه، فتابع بنبرة واضحة
"طبعًا إحنا في جامعة محترمة، وكلكوا عارفين ده كويس، لكن للأسف، في ناس مش بتعمل اعتبار لحاجة زي دي، وبلاقي معظمكوا، كبنات أو أولاد، بتتعاملوا مع بعض كأنكوا مش في جامعة أصلاً."
نور حسّت بضيق وهي بتسمع كلامه، بس مروان كمل، نبرته واضحه،حادة وهو بيقول "مش طبيعي أبقى ماشي وأشوف بنت واقفة مع ولد بالطريقة اللي بشوفها… ياريت نخف شوية، كل واحد براحته طبعا، بس بره الجامعة، احترموا المكان اللي انتوا فيه، بدل ما كل واحدة تبقى ماشية على حل شعرها!"
الكلام الأخير خرج منه وهو مثبّت عينيه على نور، نور حست ببرودة في أطرافها، والأنظار اللي اتوجهت لها أو هيا حست بكده أكدت إحساسها… لكن أكتر حاجة أوجعتها؟ كانت نظرته
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
وزع نظره على الباقي وهو بينهي كلامه" طبعا في بنات محترمه هنا وعارفه كل الكلام اللي انا بقوله، اتمنى تتعلموا منهم "
نور شدّت على القلم اللي في إيدها، كانت متوقعة إنه يكمّل الجدال، لكنه ببساطة أنهى الموضوع بجملة مقتضبة "لو حد عنده أي سؤال يتفضل، وياريت نركز في الامتحانات، اتفضلوا"
قالها بصوت هادي لكنه واضح إنه مشحون بحاجة مكبوتة، وبعدها لفّ ناحية المكتب كأن النقاش ماحصلش من الأساس، نور بمجرد ما خلص مروان كلامه وقال لهم يتفضلوا، لمّت حاجتها بسرعة وخرجت من المدرج بسرعه
مسكت موبايلها بسرعة ورنت على ادم، أول ما رد قالت له بصوت واضح لكنه فيه حاجة مكبوتة "آدم، مش هقدر أكمل باقي اليوم، أنا هروح"
آدم استغرب نبرتها وسألها بقلق "إنتي كويسة؟ حصل حاجة؟"
نور هزت راسها رغم إنه مش شايفها وقالت بسرعة "لاء، بس مش عايزه احضر الباقي فقولت اروح"
" طب استني ربع ساعه وهجيلك نروح"
رفضت بسرعه " لاء كمل يومك عادي، انا اساسا خرجت من الكليه"
آدم فضل ساكت للحظة بس قال بودّ "طب خلاص، لو احتاجتي حاجه كلميني"
نور تمتمت بشكر سريع، وقبل ما يرد، قفلت المكالمة وهي بتاخد نفس عميق وتحاول تهدي ضربات قلبها اللي لسه مش مستقره
وصلت البيت ودخلت، وهيا داخله لمحت يوسف من بعيد كان بيتكلم في الموبايل، شاورلها استنى بس هيا طلعت على اوضتها بسرعه وكأنها مشافتهوش اصلا، دخلت اوضتها، رمت شنطتها على السرير ووقفت في نص الاوضه وهيا حاسّة إن دماغها هتنفجر من كتر التفكير، ليه مروان كان بيبصلها كده؟ ليه كلامه كان موجه لها بشكل واضح؟ وليه أصلاً هي متضايقة؟!
قبل ما تلحق تغرق أكتر في أفكارها، باب الأوضة خبط، خفقة قلبها زادت، راحت فتحت الباب ببطء ولقت يوسف واقف قدامها، عيونه بتراقبها باهتمام، كأنه عارف إنها متضايقة حتى لو مش بتقول، حط إيده على الحيطة جنب الباب وقال بنبرة شبه ساكنة لكنها جدية "إيه الموضوع؟ مالك؟"
ردت بسرعة، كأنها مستعدة للسؤال ده "مفيش حاجة."
رفع حواجبه وسألها بشك "لسه زعلانة مني؟"
نور هزّت راسها وقالت بإصرار "لاء، الموضوع خلص خلاص."
سألها باهتمام "طب وليه لما شاورت لك تستني مستنتيش؟"
نور عضّت على شفايفها وقالت "سوري، مخدتش بالي، كنت عايزني في إيه؟"
يوسف وقف للحظة، كأنه بيقرر يكمّل كلامه ولا لأ، لكن في الآخر قال بنبرة هادية "وقت تاني… لما تكوني أحسن."
مشي من قدامها من غير ما يسمع ردها وهيا خدت نفس عميق قبل ما تقف باب اوضتها
بالليل، كانت نور قاعدة على مكتبها، الكتب والمذكرات مفتوحة قدامها، لكنها كانت سرحانة أكتر ما كانت مركزة، كانت بتحاول تذاكر، لكن في حاجات كتير واقفة قدامها، وكأن عقلها رافض يستوعب أي معلومة جديدة، كل شوية ترجع لجزء معين في المحاضرة، وتحس إنها مش فاهمة، رغم إنها كتبت الملاحظات كويس، كان عندها كذا سؤال، وكانت ناوية تسأل مروان عنهم، لكن بعد كلامه النهاردة… لا، مستحيل، وهيا حست أنه كل كلمه قالها موجهه ليه، اتنهدت بضيق، وزقت الكتاب بعيد عنها، حاسة إن مفيش فايدة من المحاولة دلوقتي، فتحت فونها تفصل شويه ولقت رساله من البنات بيقولولها تنزل تقعد معاهم شويه، قبل ما تقفل فونها رن برقم غريب، بصت على الشاشة، رقم غريب. ترد ولا تسيبه؟ ترد.
فتحت وقالت بصوت عادي"ألو؟"
جالها صوت رجولي، تقيل ومليان قلق
"نور؟"
ضيقت عينيها، مش متعودة حد غريب يناديها باسمها كده "أيوه… مين معايا؟"
"أنا والد معتز."
اتشنجت للحظة، معتز؟ بيتصل عليها ليها؟
سمعته بيتنهد بعمق، وكأنه بيحاول يسيطر على توتره " هو فين؟"
سكتت، استوعبت سؤاله، بس ردت بجفاف
"إزاي يعني فين؟ أنا معرفش عنه أي حاجة، ومليش علاقه بيه"
"انتي متأكدة؟" صوته كان شاكك، كأنه مش مصدق.
"متأكدة طبعًا، وإزاي حضرتك بتسألني عنه أصلاً؟"
سمعته بياخد نفس عميق، وبعدها قال
"لأن آخر حاجة عرفتها إنه سافر وراكي… ومن وقتها ما رجعش، ومش بيرد على موبايلاته."
حاولت تسيطر على صوتها وقالت بحدة
"وأنا مالي؟ معرفش عنه أي حاجة."
"طيب لو عرفتِ أي معلومة، ياريت تبلغيني."
ردت بسرعة "مش هيحصل، لأن أنا أصلاً مش عايزة يبقى ليا أي علاقة بيه."
وبدون ما تستنى رد، قفلت المكالمة وهي حاسه إن عقلها خلاص مش قادر يستوعب اللي بيحصل، جابت رقم يوسف وبتردد رنت عليه، بعد لحظات وصلها صوته الناعس "ألو؟"
قالت بسرعه لما حست أنه صوته نعسان
"أسفة لو صحيتك، بس كنت عايزة أسألك عن حاجة."
صوته كان هادي وهو بيرد "اسألي."
اترددت لحظة، لكنها قررت تدخل في الموضوع مباشرة "معتز..."
حست إنه اتضايق، لكنه سأل ببرود "ماله؟"
قالت بتردد
"إنت عملتله حاجة؟"
يوسف سكت لحظه قبل ما يسألها بنبرة غريبة "بتسألي عليه ليه؟"
زفرت بضيق وردت بسرعة "أكيد مش بسأل عنه… بس باباه كلمني وسألني عليه، وبيقولي إنه عرف إنه سافر ورايا آخر مرة ومن وقتها مرجعش."
يوسف فضل ساكت ثواني، وبعدها قال بجملة قصيرة "هيرجع خلال كام ساعة."
قبل ما تلحق ترد لقته قفل الفون، اتنهدت بضيق وحاولت ترن عليه تاني بس مردتش، سابت فونها ونزلت للبنات
بعد شويه، يوسف نزل بسرعة، خطواته كانت مستعجلة، سارة رفعت عينيها من على الموبايل وسألته باستغراب "رايح فين؟"
رد بسرعة وهو بيكمل طريقه "عندي شغل."
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
خرج من البيت بخطوات ثابتة، ونور كانت متابعة تحركاته بعينين مترقبتين، استأذنت من البنات وخرجت بسرعة، لحقته قبل ما يركب عربيته، نادته بصوت واضح "يوسف!"
وقف مكانه، لفّ يبصلها، عيونه كانت هادية بس فيها تساؤل، قربت منه وحاولت تسيطر على نبضات قلبها اللي بدأت تسرع من غير سبب واضح
سألته بوضوح "معتز فين؟"
لمحت التغيير الطفيف في ملامحه، رفع حواجبه شوية، وقال بنبرة باردة "يهمك في إيه؟"
نور شدّت نفس عميق، ردّت بسرعة "يهمني."
رفع حاجبه وسألها بنبرة مش مفهومة " يهمك؟!"
هزت راسها بتأكيد ووضحت " يهمني اعرف عملت ايه معاه، لأني مش عايزاك تتأذي بسببه."
رد بنبرة هادية لكنها حادة "متشغليش بالك، أنا عارف أنا بعمل إيه."
نور عضّت على شفايفها، وقالت بسرعة
"ممكن تسيبه في حاله؟ ملكش دعوة بيه، وأنا هعرف أتصرف معاه، دي حاجه تخصني"
يوسف قفل باب العربية بقوة وبصّلها بصة طويلة قبل ما يسألها بتهكم "بتردّيهالي يعني؟!"
ضيقت عينيها وقالت باستنكار "إيه العلاقة؟! أنا بقول كده عشانك، معتز شخص مؤذي وأكيد مش هيكسِت، وصدقني، لو حصلك حاجة..."
سكتت فجأة تحاول ترتب كلماتها وهو سألها باهتمام "إيه؟ لو حصلي حاجة إيه؟"
نور بصّتله، اترددت لثواني، بعدين قالت بصوت واطي لكنه واضح "مش هسامح نفسي"
سألها بلا مبالاة "ويهمك أصلًا؟!"
نور خدت نفس عميق، بصتله بجدية، ملامحها كانت متوترة لكنها مصممه "آه، يهمني، أنا مش عايزة يحصل لك حاجة بسببي، معتز مش سهل."
يوسف قرب خطوة، سألها بحده "وأنا سهل؟"
اتوترت من قربه، لكنها حافظت على هدوئها وقالت "مش قصدي كده، بس أنا اللي لازم أتصرف معاه"
بصلها بصه أخيرة، نبرته كانت واضحة وقاطعة وهو بيقول"نور، انهي الكلام، معتز أنا عارف أنا هتصرف معاه إزاي، وانتي ملكيش دعوة بيه، ابدا "
فتح باب عربيته وركب بسرعة واتحرك من قدامها من غير ما يبصّ وراه، فضلت واقفه مكانها، بتتابع العربية وهي بتبعد، عقلها مشوش ومش عارفة تعمل إيه، فضلت واقفة مكانها، عينيها متعلقة بالمكان اللي يوسف اختفى فيه، عقلها مشوش، وأفكارها بتتصارع جواها، بعد لحظات، سمعت خطوات حد جاي ناحيتها، لفت ولقت داليا واقفة قدامها، ملامحها مليانة قلق
سألتها بصوت هادي "في إيه؟ مالك؟"
نور رفعت أكتافها بلا مبالاة، وكأنها بتحاول تخفي اللي جواها، وقالت بنبرة متعبة "معرفش... حاسة إني تايهة."
داليا عقدت حواجبها وسألتها بلطف "ليه؟ إيه اللي مخليكي كده؟"
نور زفرت ببطء قبل ما تقول بنبرة فيها شوق لحياة مش قادرة ترجع لها "يمكن... زهقت، عايزة أرجع لحياتي القديمة، جامعتي القديمة، صحابي، النادي، الحفلات المستمرة... كل حاجة عايزاها ومفتقداها، نفسي عمو يكلمني ويقولي ارجعي بيتك، خلاص كل حاجة خلصت."
داليا بصتلها بحنان، وربّتت على كتفها بخفة وهي بتقول بصوت مطمئن "قريب إن شاء الله، كل حاجة هتكون بخير."
فضلوا ساكتين شوية، كل واحدة فيهم غارقة في أفكارها. بعد لحظة، داليا قالت بنبرة فيها لمحة خفية من الفضول "مع إني حاسة إن في حاجة تانية، بس هسيبك تتكلمي وقت ما تحبي."
نور بصتلها بامتنان واكتفت بابتسامة صغيرة قبل ما تاخد نفس عميق، تحاول تهدي نفسها، وتحاول تقتنع إن كل حاجة هتكون بخير فعلاً.
طلعت اوضتها وحاولت تنام بس النوم ابعد ما يكون، وقفت في البلكونه فتره طويله أفكارها بتتزاحم، حاجات كتير بتفكر فيها ومش عارفه تعمل ايه في حياتها اللي اتقلبت دي، يكفي حتى أنها تخلص السنه دي كليتها وترتاح منها، ده لوحده حمل، في وسط أفكارها سمعت صوت عربيه بتركن، بصت وعرفت انها عربية يوسف وأنه اخيرا رجع
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نزلت بسرعة، لحقت يوسف وهو داخل،
نادت عليه بصوت فيه توتر واضح "يوسف!"
وقف مكانه، لفّ وبصلها ببرود "فيه إيه تاني يا نور؟ مستنيه لدلوقتي ليه؟ مش قولتلك متتدخليش!"
قربت منه بخطوات سريعة، نبرتها مشحونة بالغضب "ليه بتتصرف كأنك الوحيد اللي ليك حق تتحكم في كل حاجة؟ ليه كل ما أحاول أتكلم معاك تخليني أحس إني ماليش صوت؟"
ضحك بسخرية، حط إيديه في جيوبه "عشان واضح إنك مش فاهمة حاجة، أنا بعمل كده عشان مصلحتك، وإلا انا مالي"
عينيها لمعت بالغضب، رفعت صوتها شوية "وأنا مش طفلة! مش محتاجة حد يحميني، مش محتاجة إنك تاخد قرارات عني! معتز مش مشكلتك، مشكلتي أنا!"
قرب منها فجأة، نبرته بقت أهدى لكنها مشحونة بمشاعر مكبوتة "مشكلتك؟ وإنتي متأكدة إنه مش مشكلتي؟ نور، فاهمة إيه معنى إن حد يهددك وأفضل واقف ساكت؟ مستحيل، مش وأنا هنا."
بصتله بثبات رغم خفقان قلبها "يعني إيه؟ تقصد إيه بـ مش وأنا هنا؟"
يوسف أخد نفس عميق، كأنه بيحارب نفسه، وبعدين قال بصوت أخفض، لكنه مليان إحساس "يعني إني مش هسمح لحد يلمسك بسوء… مش هسمح لحد يقرب منك أصلاً."
نور كانت على وشك إنها ترد، لكن لقت نفسها ساكتة، فجأة كل الغضب اللي كان جواها اتبخر، رفعت عينيها لعينيه، ولأول مرة شافت الحقيقة واضحة فيهم، يوسف مش بيتحكم فيها… يوسف خايف عليها.
نطقت بصوت هادي، بس كان مليان مشاعر أكتر مما توقعت "يوسف… أنا، أنا فاهمه قصدك بس قولتلك قبل كده، انا خايفه عليك"
قرب خطوة صغيرة، بس كانت كفيلة تخلي قلبها يدق أسرع " من مين يا نور، انتي شكلك مش عارفاني كويس بجد، انا اللي بيتخاف مني، وخاصة لو حد قرب من حاجه تخصني، صدقيني مبفكرش ودي مشكله كبيره، لاني بدمر اللي قدامي لمجرد أنه أذى أو ضايق شخص بحبه، عشان كده متعاتبنيش، انا عارف انا بعمل ايه"
لحظة صمت طويلة، كانت حاسّة بيها كأنها أعمق من مجرد لحظات… وبعدها، هزّت راسها بهدوء، يوسف استنى ردها، ولما طولت في السكوت، قال بصوت هادي لكنه عميق "نور… متخلينيش أندم إني قلت اللي عندي."
رفعت عينيها ليه، نبرة صوتها كانت أهدى، لكن مشاعرها كانت فوضى " بس انا، انا حد عادي في حياتك، مش محتاج انك تدمر حد آذاني زي ما قولت"
ابتسم بس ابتسامة باهتة، كأنه عارف إنها هتقول كده، قرب منها خطوة صغيرة وخفض صوته "طب اسمعي قلبي… بدل ما تركزي في الكلام."
كلامه كان مباشر، أقوى من أي حاجة كانت متوقعة، قلبها دق بسرعة، بس حاولت تفضل متماسكة، حست انها متوتره ومش عارف تتكلم، كل الكلام هرب وكأنها مش عارف تتكلم بأي لغه، بعدت شويه وخدت نفس، حاولت تغير الموضوع بسرعة، تبعد عن التوتر اللي بدأ يملأ الجو، رفعت حاجبها وسألت ببرود مصطنع "طب ممكن تقولي عملت إيه مع معتز؟"
يوسف ضيّق عينيه، بصلها بضيق واضح، نبرته كانت حادة بس هادية في نفس الوقت "فكك من معتز بالله، مش مهم تعرفي ولا تسألي عنه."
نور عقدت دراعاتها قدام صدرها، مصرة تكمل "بس هو...."
قاطعها بسرعة، صوته كان قاطع، حاسم "ولو ضايقك تاني حتى بالغلط، ياريت تعرفيني."
نظرتها فضلت عليه للحظة، كانت عايزة تعرف أكتر، تفهم اللي وراه، بس عينيه كانت قاطعة، مش ناوي يقول أكتر، في الآخر، اتنهدت، وقررت تسكت… مش دلوقتي على الأقل
بعد لحظة صمت، يوسف غيّر الموضوع وسألها بنبرة أهدى، كأنه بيحاول يخرجها من التفكير اللي كانت غرقانة فيه "وإنتِ؟ عاملة إيه؟ ايه اخبار الدنيا معاكي؟!"
نور رفعت كتفها بلامبالاة وردّت عادي، نبرتها كانت هادية ومسطحة "تمام، مفيش جديد."
بصلها للحظة، كأنه مش مقتنع بكلامها، لكنه معلّقش، ساب لها مساحة تتكلم لو عايزة، لكنها اكتفت بكلامها المختصر.
سألها باهتمام "وإيه أخبار امتحاناتك؟"
ردّت بهدوء وهي بتعدل خصلات شعرها ورا ودنها "كان عندي مادتين الأسبوع ده، وعندي أربع مواد الأسبوع الجاي، والسته الباقيين على الاسبوع التالت"
هزّ راسه بتفكير وسألها "عارفة تذاكري كويس؟"
ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت بثقة "آه، بذاكر عادي… بس في أسئلة بتقف قدامي، وكنت عايزة أسألها للدكتور بس…"
سكتت فجأة، كأنها فاقت لنفسها قبل ما تحكي حاجة مش عايزة تقولها، يوسف لاحظ التردد في صوتها وسألها مباشرة "ايه...بس إيه؟"
حاولت تدارك الموقف بسرعة وقالت "بس كان عندي محاضرة بعده على طول ومعرفتش أسأله."
يوسف معلّقش على تبريرها، لكنه قال ببساطة "تمام، هاتي وأنا أذاكرلك اللي واقف قدامك"
نور رفعت عيونها له، ملامحها مستغربة عرضه المفاجئ وسألته باندهاش "إمتى ده؟"
قال بثقة وكأنه مش شايف أي مشكلة "دلوقتي، مش إنتِ فاضية؟"
هزّت راسها وقالت بتردد "بس الوقت اتأخر…"
رد عليها بثبات، وكأن كلامها مش مقنع بالنسبة له "وإيه المشكلة؟ بكرة إجازة."
سكتت وهي بتحاول تفكر في رد، لكنه سبقها وقال وهو بيشاور على الترابيزة اللي في الجنينة "اطلعي هاتي كتبك… هستناكي هنا"
نور فضلت واقفة لحظة، مترددة، بتفكر في كلامه… بس في الآخر، أخدت نفس عميق وقالت بصوت هادي "خلاص، هجيب كتبي وانزل"
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية وهو بيهزّ راسه، قعد على الكرسي في الجنينة، وطلع فونه يقلب فيه شويه على ما تنزل
نور طلعت بسرعة أوضتها، وقفت لحظة قدام المراية وهي بتحاول تستوعب الموقف، ليه أصلًا وافقت؟ يوسف ما كانش بيدّيها فرصة ترفض، طريقته دايمًا حاسمة، وكأن اللي بيقوله لازم يحصل.
لمّت كتبها بسرعة ونزلت، قربت من الترابيزه وحطّت الكتب قدامه وهي بتقول "ها… شوف هتفيدني بإيه بقى؟"
يوسف بصّلها بنظرة جانبية قبل ما ياخد الكتاب منها، فتحه وقعد يتصفحه بسرعة وهو بيقول بثقة "أنتِ فاكرة إني مش هعرف أشرح ولا إيه؟"
نور ابتسمت بخبث وهي بتسند دراعها على الترابيزه وبتحط راسها على كتفها "هو بصراحة آه، شاطر في ضرب الناس بس مش عارفة في المذاكرة إيه وضعك!"
يوسف رفع حواجبه، وبصلها بتحدي وهو بيقلب الصفحة ببطء قبل ما يقول بثقة "إنتي ناسية إني كنت الأول على دفعتي ولا إيه؟"
نور بصت له باندهاش مصطنع وهي بتفتح عينها بتمثيل واضح "بجد؟ أول مرة أعرف!"
يوسف ضحك بخفة وهو بيقلب الصفحة، وبدأ يشرح لها نقطة كانت واقفه معاها، كل ما كانت تسأل سؤال، كان بيرد ببساطة وثقة، وطريقته في الشرح كانت أسهل مما توقعت
بعد حوالي ساعة، نور كانت ساندة بضهرها على الكرسي، عينيها متعلّقة عليه وهو بيتكلم، بتتأمله من غير ما تحس، ملامحه وهو بيشرح، نبرة صوته الواثقة، وطريقته الهادية… كل حاجة فيه كانت مختلفة عن أي حد عرفته قبل كده، فجأة، وقف عن الكلام وبصلها، لاحظ نظرتها، فرفع حواجبه وسأل بخفة "إيه؟ سرحتي؟"
نور انتبهت بسرعة وحرّكت رأسها بارتباك "ها؟ لا… لا، كنت بس بفكر في حاجة."
يوسف ابتسم ابتسامة خفيفة، ومال بجسمه شوية لقدام، صوته بقى أهدى وهو بيقول "طيب، إنتي كويسة؟"
سؤال بسيط، لكنه كان مباشر زيادة عن اللزوم… وكأنه مش بيسأل عن حالها دلوقتي، كأنه بيسأل عن كل حاجة شاغلة بالها، نور بصت له للحظة، حسّت إنها ممكن تحكي، ممكن تقوله كل حاجة بتفكر فيها، بس في نفس الوقت… سكتت، وبدل ما ترد، اكتفت بابتسامة خفيفة وهي بتقول بصوت هادي "أنا كويسة."
يوسف فضل يبصلها للحظة، كأنه مش مقتنع، لكنه في الآخر قال بهدوء: "طيب… لما تبقي مش كويسة، قوليلي."
نور بصتله، ابتسامتها بقت أوسع، لأول مرة من فترة، حسّت إنها مش مضطرة تشرح، ولا تبرر… بس عرفت إنه بطريقة ما، فهم.
نور أخدت نفس عميق وهي بتبص للكتاب قدامها، كان لسه في نقط كتير محتاجة تراجعها، لكنها حست إن عقلها مش معاها، مشغولة بكلام يوسف وطريقته اللي حسستها إنه مهتم بجد، ومش مجرد سؤال وخلاص، يوسف قفل الكتاب بإيده وضرب عليه بخفة وقال "خلاص، كفاية كده النهارده، بكره نكمل."
نور رفعت عينيها له وسألت باستغراب "بكره؟ مين قال إني محتاجة درس خصوصي يومي؟"
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية وقال بثقة "مش قلتِ إن عندك أربع مواد الأسبوع الجاي؟ يبقى هنكمل."
نور قعدت تبصله لثواني، وبعدين هزّت راسها بخفة وهي بتقول بسخرية "واضح إنك مستمتع أكتر مني."
يوسف ضحك ضحكة قصيرة وقال بمزاح "يمكن… بس فعلاً، أنا بعرف أشرح، مش كده؟"
نور سندت على الترابيزه وهي بتضغط عليها بدراعها وقالت بمكر "أها… مش بطّال."
يوسف رفع حواجبه وقال بتحدي "مش بطّال؟ بس كده؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نور ضحكت وقالت بهزار "آه، لو كنت مدرس بجد، كنت ممكن أديك تقييم أعلى."
يوسف حط كوعه على الترابيزه وسند وشه على إيده وهو بيبصلها بنظرة ثابتة وقال بصوت هادي لكنه عميق "طب ماشي… لو كنت مدرس بجد، كنتِ هتركزي في اللي بقولُه، ولا هتفضلي تبصيلي كده؟"
نور اتفاجئت من كلامه، حسّت أن وشها بقا سخن، رفعت ضهرها بسرعة وعدّلت قعدتها، قلبت الصفحة قدامها بعشوائية وقالت وهي بتحاول تخفي توترها "إنت بتوهم نفسك، أنا كنت مركزة في اللي بتقوله عادي."
يوسف ضحك بهدوء وقال وهو بيرجع بضهره للكرسي "طبعًا… أكيد."
نور قررت تغير الموضوع بسرعة وقالت وهي بتقف "خلاص بقى، بجد الوقت بقى متأخر، وأنت كمان شكلك محتاج تنام"
يوسف هزّ راسه وقال بهدوء "لاء، أنا جعان."
نور رفعت حواجبها وقالت باستغراب "إنت مكلتش؟"
يوسف ضحك ضحكة خفيفة، لكنه قال بنبرة فيها عتاب مستتر "لاء، في واحدة رخمة كلمتني وصحّتني من النوم مخصوص وخلّتني أخرج على ملا وشي… عشان واحد ما يستاهلش."
نور حست بالحرج، ضغطت على كف إيدها بعصبية وقالت بسرعة "أنا آسفة، مكنتش…"
قاطعها قبل ما تكمل، نبرته كانت واضحة، ثابتة "إنتِ تعملي اللي إنتِ عايزاه يا نور، مش محتاج تبرير."
سكت لحظة، وبعدين كمل بنفس النبرة الهادية "يلا، اطلعي نامي إنتي، وأنا هقلب رزقي في المطبخ."
نور فضلت واقفة لحظة، وكأنها بتحاول تلاقي حاجة ترد بيها، نور بصّتله وقالت بتردد "طب… ممكن أعملك أكل؟"
يوسف رفع حاجبه بسخرية خفيفة وقال "وإنتِ بتعرفي؟"
نور بصّتله باندهاش وحطّت إيديها على وسطها وهي بتقول بنبرة شبه معترضة "إنت مستهون بيا؟"
يوسف ضحك ضحكة خفيفة وهزّ راسه وقال بسرعة "لاء، مين قال كده؟"
نور عقدت إيديها وقالت بثقة "تمام، استنى هنا، خمس دقايق وهكون مجهزة حاجة."
يوسف ابتسم وهو بيسند على الترابيزه وقال بمزاح "طيب، بس لو الأكل وحش، هتعوضيني بحاجة تانية."
نور رفعت حواجبها وقالت بتحدي "مش هتحتاج تعويض، بس لو عجبك… أنا اللي هطلب تعويض!"
يوسف ضحك وقال "اتفقنا!"
نور لفت بسرعة وراحت ناحية المطبخ، وابتسامة صغيرة بدأت تتسلل لملامحها… يمكن دي أول مرة تكون مرتاحة مع يوسف بالشكل ده
نور كانت لسه داخلة المطبخ وفجأة سمعت صوت خطوات وراها، لفت بسرعة ولقت يوسف واقف عند الباب، ساند على الحيطة بإيده وبيبصلها بابتسامة جانبية
نور رفعت حواجبها وسألته باستغراب "إنت جاي ورايا ليه؟ مش قلت استناني برا؟"
يوسف هز كتفه وقال ببساطة "حبيت أشوفك وإنتِ بتطبخي… أتأكد إنك مش هتحرقي المطبخ."
نور زفرت بضيق مصطنع وقالت وهي بتفتح التلاجة "حقيقي ثقتك فيّا رهيبة!"
يوسف ضحك وقال "ده أنا حتى مستنيكِ تثبتيلي العكس!"
نور طلعت شوية مكونات وحطتها على الرخامة وهي بتتمتم "هثبتلك، بس متتكلمش كتير."
يوسف قرب منها وهو بيحط إيده على الرخامه، صوته كان هادي " يعني لو أكلك طلع حلو هتطلبي مني طلب"
نور رفعت عينيها له وقالت بتحدي "أيوه، وهطلب حاجة صعبة كمان."
يوسف قرب أكتر، صوته بقى أهدى وهو بيقول "وأنا مستعد أنفذها"
نور عضت شفايفها بتفكير، وبعدين مدت إيدها قدامه وقالت بابتسامة "اتفقنا؟"
يوسف بصّ لإيدها للحظة، وبعدين مسكها بين إيده وضغط عليها بخفة وهو بيهمس "اتفقنا."
نور حسّت بحرارة لمسته، قلبها دق أسرع شوية، لكنها بسرعة سحبت إيدها وركّزت على تحضير الأكل وهي بتحاول تخبي ابتسامة صغيرة ظهرت غصب عنها
نور حاولت تتجاهل التوتر اللي سابتها لمسته على إيدها وبدأت تجهز الأكل، حطت الطاسة على النار وبدأت تسخن الزيت، بس يوسف لسه واقف مكانه بيتابعها باهتمام، بصتله بسرعة وقالت "إنت مش هتروح تقعد؟ الوقفة هنا مش هتفيدك بحاجة."
يوسف هزّ راسه وقال بثقة "لازم أشرف على الشيف، وأنا مش مسؤول عن أي حاجة تتحرق."
نور ضحكت بسخريه وهي بتقلب المكونات "متقلقش، الأكل هيطلع أحسن مما تتخيل."
يوسف قرب أكتر، ووقف جنبها وهو بيبص على اللي بتعمله، قال بنبرة ماكرة "يعني متأكده إنك مش محتاجة مساعدتي؟"
نور زوّدت النار شوية وقالت بنبرة متحدية "محتاجة بس تبعد عشان متلغبطنيش."
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، بس فعلاً رجع خطوة ورا وهو بيقول "حاضر، بس خلي بالك، لو الأكل ما طلعش على المستوى المطلوب، طلبي هيكون صعب انا كمان"
نور رفعت حاجبها وقالت بثقة "ولا يهمني، اتفقنا، مش كده؟"
يوسف حط إيده على الترابيزه وسند عليها وهو بيبصلها بنظرة عميقة "اتفقنا، بس ياريت متندميش."
نور حست بقلبها بيضرب أسرع، بس خفت توترها وهي بتكمل طبخ، وبعد فترة قصيرة كانت خلصت ووضبت الأكل في طبق وحطته قدامه وهي بتقول بفخر "اتفضل، واحكم بنفسك."
يوسف قعد قدام الطبق وبصلها، بعدين مسك الشوكة وبدأ يدوق الأكل، نور فضلت مترقبة وهي متأكدة إنه مش هيلاقي غلطة، لكنه فجأة رفع عينه لها وقال بجدية "مممم..."
نور ضيقت عينيها وقالت بتوتر "إيه؟ مش عاجبك؟"
يوسف أخد شوكه تانية وبعدين قال وهو بيهز راسه ببطء "مش عارف… محتاج لقمة كمان عشان أحكم."
نور ضربت على كتفه بخفة وقالت بضيق مصطنع "يوسف، كفاية تمثيل، الأكل حلو وأنا عارفة."
يوسف ضحك وقال أخيرًا "حقيقي، طلع حلو جدًا… بس ده معناه إن ليكي طلب، صح؟"
ابتسمت وقالت "أيوه، وطلبي هو…"
يوسف استنى، عيونه مثبتة عليها، ملامحه مليانة فضول…
نور اتنفست بعمق وهمست "عايزة أعرف إنت كنت هتطلب مني إيه لو الأكل ما طلعش حلو."
يوسف اتفاجئ من الطلب، بصلها للحظة، وبعدين ابتسم ابتسامة غامضة، قرب منها شوية وهمس بصوت خافت "كنتي هتعرفي في الوقت المناسب."
نور رفعت حاجبها وقالت بتحدي "يعني مش هتعرفني؟"
يوسف ابتسم وقال بنفس النبرة الماكرة "لأ، لأنك كسبتي الرهان… بس المرة الجاية، متأكد إنك هتخسري، وساعتها هتعرفي طلبي كان إيه."
نور حاولت ترد، بس لقت نفسها فجأة مستمتعة بالتحدي، وبدل ما تناقشه، قررت تسيب الموضوع مفتوح… وقالت " بما انك مش هتقولي كنت عايز ايه، يبقى لسه ليا طلب"
ابتسم وقال " سامعك"
فكرت شويه وقالت " هطلبه منك في الوقت المناسب "
ابتسم وقال " اقعدي كلي معايا"، قالها وهو بيحرك الطبق ناحيتها، لكنها هزت راسها بإصرار وقالت "مستحيل أكل قبل ما أنام."
رفع حاجبه باستغراب وسألها "ليه؟"
"غلط… ممكن أتخن."
يوسف ضحك بخفة وقالها بمزاح "وفيها إيه يعني؟"
نور بصتله بجدية وقالت "لأ طبعًا، إنت عارف أنا عانيت إزاي علشان أخس!"
يوسف لاحظ الجدية في صوتها، سألها باهتمام "إيه ده… إنتي كنتي تخينه؟!"
نور سحبت نفس عميق وقالت بهدوء "آه، والموضوع كان عامل لي عقدة."
يوسف ضحك وقالها بنبرة خفيفة وهو بيهز رأسه "عقدة إيه بس يا بنتي، المهم إنك حاليًا راضية عن نفسك، بس على فكرة…"
نور رفعت عينيها له مستنياه يكمل كلامه، فقال بابتسامة "لو كنتي مليانة، أكيد كنتي برضه حلوة، لأن شكلك دلوقتي مفيهوش حاجة مش حلوة."
نور اتفاجئت من كلامه، بصتله للحظة بارتباك قبل ما ترفع عينيها بعيد وهي بتقول بخفوت "إنت بتقول أي كلام وخلاص."
"لأ… أنا عمري ما بقول كلام مش مقتنع بيه."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نور حسّت بقلبها بيدق أسرع، لكنها بسرعة غيرت الموضوع وقالت وهي واقفة "أنا هطلع أنام، تصبح على خير."
يوسف راقبها وهي بتمشي، ابتسم وهو بيهز راسه
كان صابح الامتحان ونور قاعدة وسط كتبها، بتحاول تركز في مذاكرة مادة مروان، لكن عقلها كان في حتة تانية تمامًا، كانت ماسكة القلم وبتشغبط لا إراديًا في الهامش، خطوط عشوائية مالهاش معنى، لحد ما فجأة، لقت نفسها بتكتب حرف الـ Y، عقدت حواجبها باستغراب، بصت للحرف كأنها مش مصدقة إنها كتبته، وبسرعة شهقت بخفة وشغبطت عليه بقوة، كأنها بتحاول تمحيه من دماغها قبل ما تمحيه من الورق، سندت على ضهر الكرسي، سحبت نفس عميق، وهي بتحاول تشتت نفسها وترجع تركز… بس السؤال الحقيقي كان" ليه أصلاً كتبت الحرف ده؟"
نور حاولت تتجاهل اللي حصل، قلبت الصفحة بسرعة وقررت تركز في اللي قدامها، لكن عقلها كان رافض يسيبها في حالها، الحرف الصغير اللي كتبته من غير وعي كان عامل زي صفعة صحيتها من شرودها.
سابت القلم من إيدها، ومسحت على وشها بإحباط، حست إنها تايهة وسط أفكارها، قعدت تلوم نفسها "إيه اللي بيحصل لي؟ ليه دماغي مش قادرة تفصل؟"
وقبل ما تفكر زيادة، موبايلها رن فجأة، بصت للشاشة، وللحظة قلبها دق أسرع لما شافت الرقم… اتخضت وهيا شايفه اسم يوسف، ازاي كانت لسه بتفكر فيه ولقته بيكلمها، اترددت لحظة، بس في الآخر ردت "ألو؟"
جالها صوت واطي وواضح في نفس الوقت "ازيك يا نور؟"
نور اتعدلت وردت "تمام، كنت بذاكر."
سألها بتركيز "في حاجة واقفة قدامك؟"
هزت راسها وقالت بثقة "لاء، أنا راجعت كل الأفكار اللي ممكن تيجي في المادة دي."
"عظيم، يبقى لو جالك سؤال صعب في الامتحان هتتصرفي، مش كده؟"
ابتسمت بخفة وقالت " أن شاء الله "
فضل ساكت للحظة، كأنه بيفكر في حاجة، وبعدها قال "طيب، لو احتاجتي حاجة قوليلي، ماشي؟"
"ماشي، شكرًا."
تاني يوم، ركبت نور العربية مع آدم في طريقهم للكلية، كانت هادية، بتحاول تركز في آخر مراجعة قبل الامتحان، كانت بتراجع كويس وباين عليها متوتره
بصلها وقال " اهدي يا نور، مش انتي مذاكره كويس؟!"
بصتله وقالت بتوتر " مذاكره بس براجع"
قالها يحاول يطمنها " دكتور مروان امتحاناته سهله علفكره، صدقيني هتحلي كويس"
هزت راسها بقلق وهيا بتتمتم " يارب"
وصلوا ودخلت المدرج بسرعه، قلبها كان بيدق بسرعة، دخلت وقعدت وبدأت تراجع بسرعه قبل ما مروان يدخل
بعد لحظات، دخل مروان بابتسامته الواثقة، عينيه بتمسح المدرج كعادته، لكنه ركز نظره على نور للحظة أطول، حست بده ونزلت عينيها بسرعة، متجنبة أي لقاء نظرات بينهم، مروان شاور للمراقب اللي معاه وقاله بهدوء "وزع الورق."
بعدها رفع عينه على الطلبة وقال بصوت مطمئن "متقلقوش يا شباب، الامتحان كويس، اللي جاي مذاكر أكيد مش هيحس بصعوبة في الامتحان، هو في بس سؤالين فيهم فكره علشان يميزوا الناس اللي مذاكره"
كلماته كانت عادية، موجهة للجميع، لكن نور حسّت كأنها موجهة ليها بشكل خاص، خاصة أنه بيبصلها هيا، بلعت ريقها، أخدت نفس عميق، واستعدت لاستلام الورقة، بتحاول تبعد أي أفكار تانية عن دماغها دلوقتي، نور استلمت الورقة، أخدت نفس عميق، وبدأت تقرأ الأسئلة، كانت مركزة، بتحاول تفصل دماغها عن أي حاجة تانية، عدى الوقت وهي بتحل، كانت الأسئلة في مستوى توقعها، يمكن في كام نقطة صعبة، لكنها فاكرة إن يوسف شرح لها جزء كبير منها، افتكرت كلامه وإزاي كان بيتعامل بثقة وهو بيشرحلها، الابتسامة اللي لمحتها على وشه لما فهمت نقطة معقدة، وإزاي كان بيحاول يطمنها إنها هتعدي الامتحان بسهولة، خلصت أغلب الأسئلة، لكن في سؤال واحد وقفها. مسكت القلم، شغبطت شوية في الهامش، بتحاول تفتكر الخطوة اللي نسيّاها، وفجأة حست بنظرة حد عليها، رفعت راسها بحذر، وعينيها لاقت مروان واقف عند مكتبه، عيونه مستقرة عليها، للحظة، حسّت إن الوقت وقف، لكنه بسرعة حوّل نظره ناحية الطلبة التانيين كأنه مكنش باصص ليها من الأساس.
رجعت تاني للورقة، قلبها كان بيدق، بس حاولت تركز، لاء، دلوقتي مش وقت تفكير في أي حاجة تانية، لازم تخلص الامتحان.
مروان كان ماشي بين الطلبة، عيونه بتمشي على الورق قدامهم بسرعة، وكأنه بيقيم مستواهم بنظرة واحدة، مر جنب أكتر من طالب، وقف لحظات عند بعضهم، لكن لما وصل عند نور، وقف مكانه بدون ما يتحرك، نور كانت مركزة في ورقتها، بتحاول تحل السؤال اللي موقفها، لكن فجأة حسّت بظل واقف عندها، رفعت عينيها ببطء، وقلبها بدأ يدق بسرعة لما لقت مروان واقف جنبها، باصص للورقة اللي قدامها.
مقالتش حاجة، لكن إيده اتحركت ببطء، وشاور بقلمه على نقطة معينة في الورقة، بصتله باستغراب، وبعدين لعِبت بالقلم اللي في إيديها بتوتر، فهمت إنه بيديها تلميح، لكنه ماسبهاش تفكر كتير، لأن صوته الواطي وصل لها "ركزي هنا… كنتِ قريبة من الحل الصح."
رفعت راسها تبصله، لكنه سحب نظره بسرعة وكمل طريقه بين الطلبة، وكأن اللي حصل مكنش ليه أي معنى.
نور بصت للورقة، فكرت في كلامه، وفجأة النتيجة طلعت قدامها، ابتسمت بخفة، وكملت حلها، لكن عقلها كان مشغول بحاجة تانية… ليه ساعدها في حل السؤال ؟
مرت الدقايق الأخيرة بسرعة، وأخيراً، أعلنت اللجنة انتهاء الوقت، نور اتنفست بارتياح، جمعت حاجتها، ووقفت تستعد تخرج، لكن وهي في طريقها لباب المدرج، سمعت صوت هادي، لكنه واضح "نور، ثانية واحدة."
وقفت مكانها، لفتله ومشيت ناحيته، وقفت قدامه وسألته بحذر "نعم؟"
مروان وقف بطريقة مريحة، إيده في جيب بنطلونه وقال بابتسامة خفيفة "كنت عايز أعرف رأيك في الامتحان، كان سهل؟"
قالت بثقة "اه، كان في نقط محتاجة تركيز، بس الحمد لله، حليت كويس."
رفع حاجبه وهو بيبص لها وقال "تمام، لأنك كنتِ مترددة شوية في الإجابة اللي شاورتلك عليها، بس لحقتي نفسك."
نور حسّت إن الكلام فيه تلميح لحاجات تانية، بس قررت تطنش وقالت "اه، كنت بفكر فيها بس فهمتها في الآخر."
مروان سكت لحظة قبل ما يقول بنبرة أخف "حلو، ركزي في الفاينل، بالتوفيق"
قالت بسرعة "تمام، شكراً." وبعدها استأذنت ومشيت، لكن وهي خارجة، فضلت حاسة بنظراته عليها
نور خرجت من المدرج وهي بتفتح فونها، لقت "ميسد كول" من يوسف، ابتسمت لا إراديًا ورنت عليه فورًا.
يوسف رد بسرعة كأنه كان مستني مكالمتها "أخيرًا يا نور، ها.. الامتحان كان إيه أخباره؟"
قالت بحماس واضح "كان حلو جدًا، الحمد لله! كنت متوترة في الأول، بس لما بدأت أحل ارتحت"
يوسف ضحك بخفة وقال "طبعًا، أنا واثق إنك كده كده هتحلي كويس."
نور رفعت حاجبها وقالت بمزاح "واثق فيا أوي كده ليه؟"
قال بجدية ظاهرة في صوته "عشان عارف إنك شاطرة ومجتهدة.. ومش هتضيعي تعبك على الفاضي."
نور سكتت للحظة وهي بتحاول تخفي ابتسامتها، بعدين قالت "شكرًا على ثقتك."
رد بسرعة وبنبرة مازحة "الشكر بعد النتيجة."
ضحكت وقالت "خلاص، لما النتيجة تطلع، أول حد هيعرفها هيكون أنت."
يوسف قال بثقة "ده الطبيعي."
نور وقفت عند باب الكلية، وقالت "طيب هقفل دلوقتي، آدم مستنيني برا."
قال بهدوء "ماشي.. روحي، وهاتي لنفسك حاجة حلوة النهارده، تستاهلي."
نور ابتسمت وقالت " هاتهالي انت "
ابتسم وقال " من عنيا بس كده"
ارتبكت وقالت " يلا باي "
" باي يا قمر "
قفلت المكالمة وهي لسه مبتسمة، وبعدها أخدت نفس عميق ومشيت ناحية آدم
عدّت الأيام، وامتحانات الميدتيرم خلصت أخيرًا، نور كانت حاسة براحة غريبة رغم التعب، ويمكن السبب الحقيقي مش بس إنها خلصت الامتحانات، لكن لأنه خلال الفترة دي، يوسف كان جزء كبير منها.
كان دايمًا موجود بيساعدها في أي حاجة مش فاهماها، ساعات كان بيشرح لها بصبر، وساعات تانية كان بيغيظها لما تحس إنها متلغبطة، بس في النهاية كانت بتخلص مذاكرتها وهي مطمنة إنها فاهمة كل حاجة بفضله، بصت قدامها لعلبة الشوكولاته اللي قدامها، يوسف جابهالها لما طلبت منه يجيبلها حاجه حلوه، افتكرت لما ادهالها، بس عرف منين انها بتحب نوع الشوكولاته ده، بالرغم من أنها بتحب الشوكولاته بس مفتحتهاش، عايزه تحتفظ بيها لأخر عمرها، بدأت تحس إن وجوده بقى أساسي في يومها، وإنها متعودة على صوته، على كلماته، على طريقته وهو بيشجعها، كانت حاجة جديدة عليها.. إحساس غريب بيكبر جواها من غير ما تقرر أو حتى تاخد بالها في البداية.
نور كانت قاعدة قدام داليا، بتبصلها وبتحرك راسها بين كل جملة والتانية، بس الحقيقة إنها ما كانتش سامعة ولا كلمة من اللي بتقوله، صوت داليا كان مجرد همهمة بعيدة في الخلفية، وأفكارها كانت في مكان تاني تمامًا... عند شخص تاني تمامًا، كانت مستغرقة في دوامة تفكيرها، عايزة تفهم اللي بيحصل جواها، عايزة تلاقي تفسير لكل المشاعر اللي بدأت تحس بيها تجاه يوسف، إمتى بقى وجوده مهم بالشكل ده؟ وإزاي بقت بتفكر فيه من غير ما تقصد؟
"نور؟"
رمشت بسرعة ورفعت عينيها على داليا اللي كانت بتبصلها بتركيز واضح، حاجبها مرفوع وعلامات الشك على وشها
"هاه؟"
داليا شبكت دراعها وقالت بنبرة عارفة الإجابة مسبقًا "أنا بقالى خمس دقايق برغي، وانتي ولا هنا، في إيه؟"
نور أخدت نفس، ابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت بسرعة "لا، مفيش، كنت بفكر في حاجة."
داليا قربت أكتر وقالت بمكر "حاجة؟ ولا حد؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نور اتوترت، بس بسرعة قالت بنبرة هادية "لا طبعًا، حاجة."
بس داليا مصدقتش بسهولة، وقالت وهي بتضحك "أيوه يا نور، عارفة جدًا 'الحاجة' دي شكلها عامل إزاي."
نور قلبت عينيها وقالت "خلاص بقى، مش موضوع مهم."
داليا ضحكت وقالت بثقة "لو مش مهم، كان عقلك سابني وراح له؟"
سؤال داليا فضّل متعلق في الجو، ونور مكنتش عندها إجابة
نور حسّت بالذنب لأنها سرحت عن كلام داليا، حاولت تدارك الموقف وقالت بسرعة
"كنتي بتقولي إيه؟"
داليا زفرت بضيق وقالت "بابا لحد دلوقتي بيدور عليا، وانتي بتقولي إن يوسف رجّع معتز، ممكن معتز يقوله مكاني."
نور عقدت حواجبها، عارفة إن كلام داليا منطقي، معتز شخص مؤذي، وممكن جدًا يعمل كده لمجرد الانتقام، قلبها اتقبض، فكرت في يوسف، أكيد مش هيسمح بحاجه زي دي تحصل.
قالت بثقة "يوسف مش هيسمحله يعمل كده، ولو حصل، أكيد هنلاقي حل."
داليا ضحكت ضحكة صغيرة، وقالت بمكر "وانتي بقى ازاي واثقة فيه اوي كده؟"
نور اترددت لحظة، معرفتش ترد، مجرد ما الاسم طلع في الكلام، حسّت بقلبها بيدق أسرع
قالت بتوتر "علشان انا بقيت عارفه يوسف، وطول ما هو موجود خلاص مش هيسمح لحد وخاصة معتز أنه يعمل حاجه زي دي"
داليا رفعت حاجبها بخبث وقالت "هممم... بقى عرفتي يوسف؟"
نور اتوترت أكتر، حركت إيديها بعصبية وقالت بسرعة "أقصد... عرفت هو بيتصرف إزاي، يعني مش هيسيب حد يأذي حد قريب منه، بس كده."
داليا ضحكت بخفة وقالت "قريب منه، آه؟"
نور زفرت بضيق وقالت "داليا بطلّي! الموضوع مش كده."
داليا قربت منها وهمست "مش كده؟ متأكدة؟ أصل نظراتك بتقول حاجة تانية خالص."
نور اتوترت أكتر، بصّت بعيد وقالت "إحنا بنتكلم عنك، مش عني!"
داليا هزت راسها بضحكة وقالت "ماشي، هنشوف."
نور سكتت، لكن قلبها كان بيدق بسرعة، مش عارفة ليه كلام داليا خلّاها تحس إن في حاجة فعلاً جواها بدأت تكبر...
رن تليفونها فجأة، بصت في الشاشة ولقت اسم يوسف منور قدامها، قلبها ساعتها دق بسرعة غريبة، وحست إنها اتلغبطت لمجرد إنه بيتصل، بسرعة قفلت الصوت عشان داليا ما تاخدش بالها، وحاولت تتعامل عادي
داليا لمحت الحركة وقالت بفضول "مين اللي بيرن؟"
نور ردت بسرعة وهي بتحاول تبان طبيعية "صاحبتي من الكلية."
داليا بصتلها بمكر وقالت "طب ردي يمكن محتاجة حاجة!"
نور هزت راسها وقالت باستخفاف "مش وقته دلوقتي، هكلمها بعدين."
داليا ضيقت عينيها وهي بتبصلها بشك، بس في الآخر قالت "ماشي براحتك."
بعد ما سابت داليا ودخلت أوضتها، قفلت الباب ووقفت لحظة تاخد نفس عميق، بعدها طلعت موبايلها ورنت على يوسف، قلبها كان بيدق بسرعة وهي مستنية يرد.
بعد تالت رنة، صوته جه من الناحية التانية بنبرة هادية "أخيرًا افتكرتي إن ليكي تليفون؟"
ابتسمت بخفة وقالت "كنت مشغولة، معلش."
" بتذاكري يعني؟!"
" لاء كنت مع داليا، انت في البيت؟!"
يوسف قالها بهدوء " لاء أنا مش في البيت دلوقتي، وهتأخر شوية."
نور رفعت حواجبها وقالت "رايح فين؟"
ابتسم بخفة "معلش، تحقيق ولا مكالمة؟"
ضحكت وقالت "لا تحقيق طبعًا، جاوب."
رد بمزاح "شغل، وده اللي هسمح ليكي تعرفيه."
اتنهدت وقالت "ماشي يا سي يوسف، مش هضغط عليك."
فضلوا يتكلموا في مواضيع مختلفة، وعن أي حاجة عشوائية تخطر في بالهم، كل شوية كانت بتضحك على تعليقاته، وهو كان مستمتع بصوتها وهي بتحكي عن يومها بحماس.
بعد ساعة تقريبًا، يوسف قال "إنتي عارفة إننا بنتكلم بقالنا ساعة؟"
نور بصت للساعة بسرعة واتصدمت "معقولة؟! محستش بالوقت."
ضحك وقال "ولا أنا، نستيني الدنيا"
ابتسمت " انت عندك شغل صح؟!"
" صح، وحضرتك عندك مذاكره"
" اه عندي للاسف"
يوسف ضحك وقال " يبقى تروحي تذاكري، تصبحي على خير "
ردت بصوت هادي "وأنت من أهله."
كانت قاعدة في الجنينه، حاطة الـ headphones في ودنها وسرحانة مع الأغاني، وفجأة اتخضت لما حسّت بحد شدها منها، بصّت بسرعة لقت يوسف قاعد جنبها، وعينيه مركزة عليها
نور قفلت الأغنية بسرعة وقالت بتوتر "أنا جالي صرع"
يوسف رفع حاجبه وقال "علشان كنتي سرحانة… كنتي سرحانة في مين كده؟!"
بصّت قدامها وقالت بسرعة "مش سرحانة، عادي بسمع ميوزك."
رد بسخرية خفيفة "وعندك فاينل بكرة؟!"
قالت وهي بتتنهد "بفصل شوية… إيه، مفصلش؟"
ابتسم وقال "افصلي طبعًا يا روحي… بتسمعي إيه كده؟!"
قالتله بحماس بسيط "نانسي عجرم."
رفع حاجبه وقال "نانسي؟!"
هزت راسها وقالت "آه، بحبها."
سألها بفضول "وبتسمعي إيه لنانسي؟"
ابتسمت وقالت "ابن الجيران."
بصّلها باستغراب وضيق عينيه وقال "ابن الجيران؟! إيه ابن الجيران دي؟!"
ضحكت وقالت "اسمع بنفسك."
لبس السماعة وهي شغّلت الأغنية، وبعد ما خلصت شال السماعة ببطء وبصّلها بنظرة غامضة وقال "ومين ابن الجيران بقى؟!"
نور ضحكت وقالت "أغنية وخلاص، يعني لازم يكون في حد؟!"
يوسف بصّلها بنظرة مش مقتنعه وقال "معرفش… بس واضح إن الأغنية عاجباكي أوي!"
هزّت كتفها وقالت "عادية، يعني بحبها وخلاص."
قعد ساكت شوية وهو مركز فيها، وبعدين قال بهدوء "ماشي يا نور… بس لو فيه ابن جيران بجد، لازم أعرفه."
بصّتله بدهشة وقالت "يوسف، أنت بتتكلم جد؟!"
رد بضحكة خفيفة "مش اوي، بس مش هزار أوي برضه!"
نور حسّت بقلبها بيدق بسرعة، بس حاولت تستخبى ورا ضحكتها وقالت "طب يعني… أنا لو سمعت أغنية تانية، هتحللها برضه؟!"
قرب منها شوية وقال بصوت هادي "لو كانت بتوصف حالتك، آه."
حسّت بحرارة كلماته لفت حوالين قلبها، فحاولت تهرب من الموقف وقالت وهي بتقوم "أنا بقا هدخل أذاكر، خليني مركزة في الامتحان أحسن!"
مشيت وهو فضل قاعد شويه، هبة شافت يوسف قاعد لوحده وراحت قعدت جنبه"
"يوسف! بتعمل إيه هنا لوحدك؟"
رفع راسه وبصلها بابتسامة خفيفة "ولا حاجة، بشم شوية هوا"
" خير، شكلك سرحان"
قال " لا خير ولا شر، المهم انتي عامله ايه؟!"
هبة ابتسمت بخفة وقالت "الحمد لله، ماشي الحال."
لحظة صمت مرّت بينهم، وبعدها سألت هبة بصوت هادي "هو أنا فعلاً محدش هيقبل يتجوزني؟"
يوسف استغرب سؤالها وبصلها بتركيز "ليه بتقولي كده؟"
هبة اتنهدت وقالت بنبرة مليانة حيرة "عشان اللي حصل وكده..."
اتعدل في قعدته، قرب منها شوية وقال بحزم "إيه اللي حصل يا هبة؟ أنا مش شايف إن في حاجة حصلت أصلاً."
هبة بصتله بعيون حزينة وقالت "انت شايف الموضوع سهل... أو يمكن بتعمل إنك شايفه سهل علشاني، بس الحقيقة غير كده... محدش هيقبل يتجوز واحدة..."
سكتت فجأة، مقدرتش تكمل، وكأن الكلام اختفي
يوسف مدّ إيده بهدوء، مسك إيدها بين إيديه وقال بنبرة مليانة دفء وثقة "هبة، انتي أجمل بنت في العالم، وأي حد يتمناكي، اللي حصل ده مش بمزاجك، ومحدش يقدر يلومك عليه، متفكريش بالطريقة دي، وسيبيها على ربنا، هو اللي بيكتب لنا الخير."
هبة بصتله، عيونها فيها امتنان، بس برضو فيها خوف، مش قادرة تصدق إن ممكن حد يشوفها بالطريقة اللي يوسف شايفها بيها.
يوسف قعد يفكر في هبة، إزاي يقدر يساعدها تتخطى اللي حصل؟ عارف إن اللي مرت بيه مش حاجة سهلة، وإن أي كلام مش هيكون كفاية لوحده، بس برضو، هو مش ناوي يسيبها غرقانة في الأفكار دي، كان محتار يتصرف ازاي
أول حاجة قررها إنه يكون جنبها دايمًا، يديها إحساس بالأمان، يخليها تحس إنها مش لوحدها، عارف إنها ممكن تكون بتضحك قدام الكل، بس جواها وجع هي بس اللي حاساه، بتحاول تتخطي بس هيا لسه عند نقطة الصفر
يوسف قرر إنه مش هيخليها تحس إنها مختلفة أو ناقصة، بالعكس، هيفضل يعاملها كأنها زي ما هي، زي ما كانت دايمًا، عشان تفتكر نفسها الحقيقية، مش الصورة اللي هي رسمتها لنفسها بعد اللي حصل.
وعارف إن الموضوع محتاج صبر، بس هو مستعد.
تاني يوم نور خرجت من امتحانها وهي حاسة إن الامتحان كان فيه شوية صعوبة، بس مش كارثي، وقفت مع واحدة من صاحباتها اللي بدأت تراجع معاها بعض الأسئلة، وكانت نور بتسمع بس من غير ما تركز اوي، لحد ما اتفاجئت بصوت دكتور مروان بيسأل وهو بيبص عليهم
"عملتوا إيه؟! الامتحان كان كويس؟!"
نور هزت راسها بإيماءة خفيفة، أما صاحبتها فردت بسرعة "كان كويس، بس في كذا نقطة جت صعبة."
مروان بص لنور كأنه مستني يسمع تعليقها، لكنها فضلت ساكتة، استغرب وسألها مباشرة "وإنتِ يا نور؟ عملتِ إيه؟!"
رفعت عينيها له وردت بإيجاز "كان كويس."
رفع حاجبه وقال بنبرة خفيفة "يعني حليتِ كويس؟"
ردت بهدوء "الحمد لله."
هز راسه وقال "ركزوا في المادة الجاية، احتمال تيجي تقيلة شوية."
صاحبتها سألته باهتمام "يعني نركز على حاجات معينة؟!"
مروان رد بثقة "ذاكروا كويس بس، حلّوا كل الأمثلة اللي في الكتاب، والأفكار مش هتخرج منها إن شاء الله."
شكرته البنت بابتسامة، وهو نقل نظره لنور وسألها بنبرة أخف "متأكدة إن كل حاجة كانت كويسة؟!"
هزت راسها وقالت " اه، الحمد لله"
"كويس، بالتوفيق في اللي جاي."
مشي والبنت اللي مع نور بصتلها بفضول وقالت بابتسامة "هو الدكتور مروان دايمًا بيهتم بيكي كده؟!"
نور رفعت حاجبها وقالت بسرعة "إيه؟! لأ طبعًا، هو بس بيسأل زي ما بيسأل الكل."
صاحبتها ضحكت وقالت "أوكي أوكي، بس أنا ملاحظة إنه بيركز معاكي أكتر من أي حد تاني."
نور تجاهلت كلامها وحاولت تغير الموضوع
يوسف كان قاعد في مكتبه، بيراجع كل حاجه في الفتره الاخيره، الباب اتفتح ودخل الشخص المسؤول عن توصيل المعلومات الخاصة بعيلة الدمنهوري، يوسف رفع عينه بتركيز، ضهره كان مسنود على الكرسي بارتياح ظاهري، لكنه في الحقيقة كان بيراقب كل حركة قدامه.
الشخص وقف قدامه وقال بصوت هادي لكنه واضح "في حاجة مهمة لازم تعرفها، مروان الدمنهوري ناوي يمسك الشركة مع أبوه، التحركات بدأت فعليًا."
يوسف عقد حواجبه للحظة، وبعدين فرد ملامحه بهدوء، صوته طلع متزن "يعني رسمي داخل في الإدارة؟"
الشخص هز راسه بإيجاب "أيوه، أشرف بيمهدله الطريق، وبدأ يديله مساحة في القرارات المهمة."
يوسف لف القلم بين صوابعه، عينه بقت أعمق وهو بيسأل "وأشرف نفسه، إيه خطته؟"
"واضح إنه بيجهزه تدريجيًا، مش عاوز أي خطوة تتاخد بشكل مفاجئ، لكن اللي باين إن مروان عنده طموح إنه ياخد مكانه في أسرع وقت."
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، ابتسامة فيها معنى مش واضح، وقال ببطء "كل واحد عنده نقطة ضعف، وخصوصًا لما يكون لسه بيثبت نفسه... هلاقي نقطة ضعف مروان."
رفع عينه للشخص اللي قدامه وقال بحزم
"تابعلي تحركاته، عايز أعرف بيفكر إزاي، وعايز أي حاجة تخصه، جوه الشركة وبره... مفهوم؟"
الشخص أومأ بسرعة وقال "مفهوم، هجبلك كل حاجة في أقرب وقت."
يوسف سابه يخرج، وعينه فضلت ثابتة على نقطة بعيدة، تفكيره كان شغال بأقصى سرعة، وابتسامته اللي ظهرت بخفة أكدت إن الفكرة اللي في دماغه بدأت تتشكل، وبدأت المواجهه بين يوسف البنا ومروان الدمنهوري
يتبع..........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
مروان دخل شركة الدمنهوري بخطوات واثقة، هالته كانت مليانة هيبة وثقة، وكل اللي في الاستقبال وقفوا باحترام وهو عدى بينهم، كان لابس بدلة سودا مفصلة عليه بإتقان، ووشه مكنش باين عليه أي مشاعر، لكن عنيه كانت بتلمع بنظرة كلها تصميم.
دخل على السكرتارية، وبمجرد ما شافته قامت بسرعة وقالت باحترام "صباح الخير يا فندم، الأستاذ أشرف مستني حضرتك في مكتبه."
اكتفى بهزة بسيطة من راسه وكمل طريقه، فتح باب المكتب بثقة ودخل، لقى والده قاعد وبيبصله بنظرة تقييمية.
مروان قفل الباب ووقف قدامه من غير مقدمات وقال " وفيت بوعدي وجيت اهو"
أشرف سكت لحظة، بصله بنظرة طويلة قبل ما يتنهد ويقول بصوت هادي لكن متوتر "الشركة بتمر بمرحلة صعبة، ولازم حد يسندها."
مروان رفع حاجبه بسخرية خفيفة وقال
"وإنت شايف إن أنا الشخص المناسب بجد، انت عارف اني مليش في شغل الشركات، دايما بتقول أن محدش يجيب دماغك في الشغل "
أشرف اتكئ على مكتبه بإيده، واضح إنه مش في موقف يسمح له بالغرور أو العناد، وقال بنبرة اعتراف "اللي حصل خلاني أعيد تفكيري، مروان... أنا مش عايز الشركة تقع."
مروان قرب منه أكتر، نبرته كانت ثابتة، واثقة، لكن فيها تحذير واضح "أنا ممكن أرجّع الشركة وأوقفها على رجليها، بس لما أخد مكاني بالكامل، مش مساعد، مش مجرد ابن صاحب الشركة... أنا اللي هيديرها فعليًا."
أشرف حرك أنظاره بعيد، كأنه بيقاوم فكرة تسليم زمام الأمور كلها، لكنه في الآخر عرف إنه مش قدّ المواجهة دي، بعد لحظة صمت، قال بصوت شبه مستسلم "الشركة شركتك، ورّيني هتعمل إيه."
مروان ابتسم، ابتسامة انتصار خالية من الرحمة، وقال بهدوء "متقلقش، هتشوف كل اللي عمرك ما قدرت تعمله."
أشرف بصّله بصة طويلة، مزيج من التردد والرهبة، لكنه في النهاية هزّ رأسه باقتناع ضمني، كان عارف إن مروان عنده نظرة مختلفة، قوة مختلفة، والأهم… رغبة في إنه يثبت نفسه حتى لو على حساب أي حد
مروان ما استناش إذن تاني، لفّ حوالين المكتب وقعد على الكرسي الجانبي بثقة، فتح اللاب توب الخاص بيه وقال بدون ما يبص لأشرف "أول حاجة لازم نعملها، إننا نعيد هيكلة الشركة، نحدد الناس اللي فعلاً شغالين، واللي بياخدوا مرتبات على الفاضي."
أشرف عقد حواجبه وقال بحدة "إنت ناوي تمشي ناس؟! دول بقالهم سنين هنا، فيهم ناس وقفوا معايا من البداية."
مروان رفع عينه بثبات، وقال بجفاف
"وأنا مش ناوي أشيل حملة عاطفي على كتافي، الشركة محتاجة تبقى أقوى، مش أضعف بسبب المجاملات، أي حد مالوش فايدة... لازم يمشي."
أشرف فضل ساكت، كان متأكد إن مروان مش بيتكلم من فراغ، لكنه في نفس الوقت مش قادر يتقبل طريقته القاسية بسهولة
مروان كمل، وهو بيكتب ملاحظاته على اللاب توب
"تاني خطوة، هنعمل تعديل في العقود الجديدة، وهنبدأ حملات تسويقية مختلفة، السوق متغير، وإحنا لو ما اتغيرناش، هنخسر أكتر مما خسرنا الفترة اللي فاتت."
أشرف حط إيده على المكتب، اتنهد وقال "إنت مش ناوي تتراجع عن أي خطوة؟"
مروان ضحك بسخرية خفيفة، قفل اللاب توب وقال "أنا جيت علشان أخد مكاني... مش علشان أتراجع."
وقف وهو بيظبط كمه، بصّ لوالده بنظرة حادة قبل ما يسيب المكتب ويمشي
أما أشرف، ففضل قاعد مكانه، عارف إن ابنه بدأ اللعب فعلاً، وإن من اللحظة دي... مروان الدمنهوري مش هيكون مجرد اسم، بل قوة حقيقية في عالم الأعمال
يوسف كان قاعد في الجنينه، السما كانت ملبدة بالغيوم كأنها حاسة باللي جواه، كان ماسك اللابتوب، عينيه بتتنقل بين الملفات المفتوحة، بس تركيزه كان في حتة تانية خالص، بعد دقايق من المحاولات الفاشلة للتركيز، قفله بملل واتنهد وهو بيسند راسه على الكرسي.
حاسس إنه مهموم، الحمل اللي على كتافه بقى تقيل، ومهما حاول يرتب الأمور، فيه حاجة دايمًا مش مظبوطة، بس الغريب إنه فجأة لقى نفسه بيفكر في نور
هي عاملة إيه دلوقتي؟ بتذاكر؟ بتتكلم مع داليا زي العادة؟ ولا نايمة؟
ابتسامة خفيفة اترسمت على وشه من غير ما يحس، نور بقت جزء من يومه من غير حتى ما يقصد، وجودها، صوتها، حتى طريقتها في الجدال معاه... كل حاجة فيها بقت عالقة في ذهنه.
هو ليه بقى مهتم كده؟!
عدل قعدته ومسح على وشه كأنه بيطرد الأفكار اللي شاغلة دماغه، بس في الآخر قرر يستسلم لها، مدّ إيده ناحية اللابتوب، لكنه بدل ما يرجع للشغل، سحب تليفونه ورن عليها
بعد كذا رنه ردت عليه بهدوء "ألو؟"
اتعدل في قعدته وقال بصوته الهادي المعتاد "إيه الأخبار؟ بتعملي إيه؟"
نور ردت بنبرة شبه مرهقة "كويسة، كنت بذاكر شوية."
يوسف ابتسم بخفة وسألها وهو بيتكئ على الكرسي "طب وإيه رأيك تفصلي شوية؟ تعالي ننزل الجنينه، الجو حلو."
نور سكتت للحظة قبل ما ترد بتردد "دلوقتي؟"
يوسف رفع حاجبه وقال بثقة "أيوة، دلوقتي، مش أنتي اللي بتقولي لازم ناخد بريك وإلا مخنا هيوقف؟"
سمعها وهي بتتنهد، كأنها بتحاول تقنع نفسها قبل ما تقول بصوت هادي "طيب، نازله"
يوسف ابتسم وهو بيقفل التليفون، مكانش فاهم إيه اللي خلاه يطلب منها تنزل، بس اللي هو متأكد منه إنه كان محتاج يشوفها
نور نزلت للجنينة وهي بترجع خصلات شعرها ورا ودنها، كانت لسه حاسة ببقايا الإرهاق من المذاكرة، بس برضه كان عندها فضول تعرف يوسف عايز إيه، أول ما قربت منه، لقيته قاعد على الكرسي مميل راسه لورا وعينيه مغمضة كأنه شارد
وقفت قدامه وقالت بصوت هادي "يوسف!"
فتح عينه وبصلها بابتسامة خفيفة، وبعدها عدّل قعدته وقال وهو بيشاور على الكرسي اللي جنبه "تعالي اقعدي، كنتِ بتذاكري إيه؟"
قعدت قدامه وقالت "سيستم، حاساها تقيلة شوية."
يوسف ضحك بخفة وقال "دي مش جديدة، كل امتحان بتقولي نفس الكلام."
نور زفرت بضيق وقالت "ماهو على قد ما بذاكر، على قد ما دايماً بحس إني مش فاهمة حاجة كفاية."
يوسف اتكأ على الكرسي وقال بنبرة جدية "مشكلتك إنك بتذاكري كتير بس مابتحليش كتير، جربي تحلي أسئلة أكتر وهتشوفي الفرق."
نور بصت له بتأمل وقالت "إنت بتعمل كده؟"
ضحك وقال بثقة "أكيد، عشان كده دايماً بطلع الأول."
نور رفعت حاجبها وقالت بمكر "دايماً؟"
يوسف هز راسه بنفس الثقة وقال "طبعاً، ولا عمركِ سمعتي إني كنت التاني؟"
نور ضحكت وقالت وهي بتميل براسها
"طيب يا أذكى واحد في العالم، قولي بقا، نزلتني ليه؟"
يوسف بص قدامه بصمت للحظة، وبعدين قال بهدوء "مكنتش عايز أقعد لوحدي."
نور اتفاجئت بردو وسألته بنبرة أهدى "حصل حاجة؟"
يوسف لف وشه وبصلها، ابتسم ابتسامة صغيرة وقال "لاء، بس ساعات الواحد بيحتاج حد يقعد معاه... من غير كلام حتى."
نور بصتله للحظة، وبعدها سكتت
عدى شوية صمت قطعه يوسف وهو بيلعب بطرف القلم اللي في إيده، وبعدين قال بصوت هادي لكنه مشحون بالتفكير
"حاسس إني مقصر ناحية هبة... حاسس إني عايز أخرجها من اللي هي فيه."
نور فضلت ساكتة، بتسمعه من غير ما تعلق، يوسف بصلها وسألها بجدية "تفتكري ممكن أعمل إيه معاها ينسّيها اللي حصل؟"
نور اتنهدت قبل ما ترد، بصت بعيد وقالت بهدوء "أكيد نصايحي مش هتعجبك... ومعتقدش إنك عايزني أتدخل."
يوسف رفع راسه وبصلها، ضيق عينه بإحباط وقال بنبرة متضايقة "نور، إنتي لسه فاكرة؟ قلتلك مكنتش قاصد أقولك كده."
نور ردت بنفس النبرة الهادية، لكنها كانت حاسمة "وأنت طلبت مني كده وخلصنا."
يوسف اتنرفز، شد نفس عميق وهو بيحاول يسيطر على غضبه، لكنه فقد السيطرة ورفع صوته وهو بيقول "أنا مطلبتش كده! أنا قلت كلام مش قاصده في وقت عصبية، واعتذرتلك، وإنتي برضو مصممة تضايقيني!"
نور بصتله بثبات وقالت ببرود واضح "أنا مش بضايقك، بس بسمع كلامك... مخليّة نصايحي لحد تاني."
يوسف حرك رجله بعصبية وزق الترابيزة برجله، وقع اللابتوب على الأرض بصوت عالي ،نور اتخضّت، عينها راحت للابتوب للحظة، وبعدها رفعت عيونها له، لكنه كان واقف ومتشنج، غاضب بشكل واضح، خد نفس عميق، وبصلها نظرة أخيرة قبل ما يقول بنبرة جافة وقاطعة "ماشي يا نور... براحتك خالص، خلي الحد التاني ينفعك."
سابها ومشي، سابها قاعدة وسط الصمت اللي كان تقيل زي الصخر، وهي متجمدة مكانها، بتراقب ضهره وهو بيختفي بعيد عنها.
نور فضلت قاعدة في مكانها بعد ما يوسف مشي، قلبها مقبوض وإحساس غريب بيضغط على صدرها، بصّت للأرض بشرود، وحسّت بندم غريب بيخنقها.
"ليه قلتله كده؟ ليه حسسته إني متعمدة أضايقه؟"
رفعت إيديها وسندت راسها عليهم، أخدت نفس عميق وهي بتحاول تهدى، بس عقلها كان شغال بأقصى طاقته.
"هو كان عايز نصيحتي، وأنا... أنا عملت إيه؟ رديت عليه ببرود وكأني بتجاهله، مع إنه واضح إنه مهموم ومش عارف يتصرف!"
اتكت على الكرسي بضهرها، وغمضت عيونها لحظة، تحاول تستوعب الموقف أكتر، فاكرة كويس نبرة صوته لما قال "خلي الحد التاني ينفعك"... كانت تقيله عليها
"ليه حسيته صدمني بالكلمة دي؟ وليه حاسّة إن اللي حصل ده غلط؟!"
بصت قدامها بتوتر، كانت عايزة تقوم وتلحقه، تعتذر أو حتى تشرح له إنها مكانتش تقصد تعانده
نور قامت بسرعة وهي بتدور بعينيها على اللابتوب اللي وقع لما يوسف زق الترابيزة برجله، قلبها كان مقبوض أكتر وهي بتقرب منه، حست إنها لازم تتأكد إنه سليم، يمكن لأنها حست بالذنب... أو يمكن لأنها عارفة قد إيه يوسف متعلق بشغله.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
انحنت ترفعه، نفخت شوية تراب كان عليه، وفتحته بحذر. الشاشة اشتغلت، بس كان فيه شرخ صغير في الركن، اتنهدت بضيق، يوسف أكيد هيزعل لو شافه كده
"أنا السبب في ده... لو مكنتش رديت عليه بالطريقة دي، مكنش هيتعصب، ومكنش حصل كل ده!"
فضلت واقفة للحظة وهي ماسكة اللابتوب، عينها على المكان اللي يوسف اختفى فيه. جزء منها كان عايز يروح له فورًا، تعتذر وتوضح له إنها مكانتش تقصد تتجاهله... بس جزء تاني كان خايف، خايف يصدّها أو يفضل زعلان.
اتنهدت تاني، وضمت اللابتوب لحضنها وهي بتهمس لنفسها
"لازم أتكلم معاه...!"
نور راحت تدور على يوسف، لاقته واقف بعيد، ملامحه كانت متوترة وكان مخنوق، قربت منه بحرص، ندهت عليه بصوت واطي "يوسف..."
لفلها بسرعة، نظراته كانت حادة وقال ببرود "لاء، مش وقت نقاش، خلاص."
لكنها مستسلمتش، قربت أكتر وقالت بصوت هادي "أنا آسفة."
كور إيده بغضب وزفر بحدة "امشي يا نور، روحي شوفي وراكي إيه."
فضلت واقفة قدامه، عنيها بتدور على أي لمحة من اللي كان بينهم
"يوسف، أنا مكنش قصدي أضايقك... بس أنت اللي طلبت مني متدخلش في أي حاجة تخصك."
زفر بضيق، باصص بعيد عنها كأنه مش عايز يشوفها "أنتِ مصممة على اللي في دماغك، فاتفضلي!"
هزت راسها بإصرار، عنيها مليانة عتاب "لأنك مشوفتش نفسك يومها كنت بتكلمني إزاي، وبتبصلي إزاي... متعرفش أنا حسيت بإيه وقتها، حسستني إني ولا حاجة بالنسبالك."
سكتت لحظة، وكأنها بتجمع شجاعتها تكمل، وبصوت أوطى قالت "وأنا فعلاً ولا حاجة، وانت وقتها أكدتلي ده، لأن ببساطة... أنا مجرد بنت عادية جداً بالنسبالك، بحاول متخطاش حدودي وأنا مجرد واحده عاديه متطفله"
جت تمشي بس شدها من دراعها وقرب من شفايفها وباسها، باسها باشتياق، باسها بحب، باسها بنهم، حركه مفاجئه وكأنه بيقولها هيا ايه بالنسباله ،نور اتفاجئت، حاولت تبعد بس هو مسمحلهاش وكان حاكمها، ارتخت تماما واتجاوبت معاه وحست انها في دنيا تانيه وعالم تاني
كل حاجة وقفت للحظة... مفيش غير إحساسه اللي حاصرها، نظرته اللي مليانة مشاعر متدفقة، ودفء قربه اللي هز كيانها، كانت حاسّة بقلبها بيدق بسرعة، بجنون، وكأن اللحظة دي أخدت كل عقلها معاها، كانت عايزة تقاوم، تهرب، تقول إن ده غلط... بس مكنتش قادرة، الدفء اللي حاصرها، المشاعر اللي انفجرت جوّاها، والطريقة اللي يوسف ماسكها بيها، كلها حاجات خلتها تنسى العالم حواليها.
فجأة، وكأنها استوعبت، زقت يوسف بعيد عنها، عنيها مليانة ارتباك وصدمتها واضحة، رفعت إيدها لشفايفها وهي مش مصدقة اللي حصل، وهي لسه حاسة بإحساسه عليها.
"إنت..."
كان واقف قدامها، ملامحه مش مفهومة، مزيج غريب بين الغضب، التوتر، والشوق. كان واضح إنه متلخبط زيها تمامًا، يمكن أكتر، خد نفس عميق، كأنه بيحاول يلم شتاته، ومسح على وشه بايده
"أنا... أنا آسف."
كلمته نزلت على قلبها تقيلة، ليه بيعتذر؟ ليه صوته متوتر كده؟ ليه كل حاجة بينهم دايمًا معقدة؟ حسّت بدموعها على طرف عنيها، مش عارفة حتى ليه بتعيط.
هزّت راسها بسرعة وقالت بصوت مهزوز
"لأ... مش مفروض ده يحصل، أنا مش..."
مكملتش، لفت بسرعة ومشيت، أو بالأصح، جريت بعيد عن المكان، بعيد عن يوسف، بعيد عن الإحساس اللي هي مش قادرة تفهمه ولا تواجهه.
أما يوسف، ففضل واقف في مكانه، عيونه بتلمع وهو بيبص لمكانها، عارف إنه غلط، عارف إنه لغبط الدنيا أكتر، بس الأكيد، إنه مش ندمان.
نور دخلت أوضتها بسرعة وقفلِت الباب وراها، ضهرها اتسند عليه وكأنها فقدت قدرتها على الوقوف، رفعت إيديها وحطتها على شفايفها، المكان اللي يوسف لمسها فيه، ولسه الإحساس باقي.
كانت حاسّة بدقات قلبها بتخبط في صدرها، إحساس غريب، متلخبط، مش قادرة تحدد إذا كانت خايفة، متضايقة، ولا... حاجة تانية مش قادرة تسميها، عقلها بيعيد المشهد من جديد، عيونه، لمسته، الطريقة اللي مسكها بيها، وكأنها كانت ملكه، وكأنها فعلاً حاجة مهمة بالنسباله.
عضّت على شفايفها وغمضت عيونها تحاول توقف دماغها عن التفكير، لكن فجأة لقت دموعها بتنزل، دموع مش عارفة سببها بالظبط، هل لأنها مصدومة؟ ولا لأنها اكتشفت إن مشاعرها تجاه يوسف أعمق بكتير من اللي كانت بتقوله لنفسها؟
قربت من سريرها وقعدت عليه، دموعها بتنزل في صمت، مش عارفة حتى ليه وجعها ده كله، كل اللي كانت متأكدة منه إن اللي حصل مش مجرد لحظة عابرة... لا، ده شيء هيغير كل حاجة.
عدّت أيام ونور حرفيًا كانت مختفية، لا بتظهر قدامه ولا حتى بيشوفها بالصدفة زي الأول، كأنها عاملة حاجز بينه وبينها، كأنها بتتجنب وجوده بأي شكل، يوسف حسّ بيها، حسّ إنها بتتهرب، وده زوّد توتره
في الأول حاول يقنع نفسه إنها صدفة، وأنها اكيد مشغوله، بس مع مرور الأيام، بدأ يستوعب إن ده مش صدفة، دي متعمّدة تختفي، بتهرب
كل مرة يدخل الجنينة، كانت مش موجودة زي ما بتبقى معظم الأوقات، كل مرة يسأل حد عنها، كانت إما في اوضتها بتذاكر أو في كليتها بتمتحن، وكل مرة يبعتلها رسالة مكانتش بتشوفها اصىلا ولا بترد على اتصالاته، يوسف حسّ بفراغ غريب، كأن في حاجة ناقصة، حاجة اختفت من يوم ما نور قررت تبعد.
وفي يوم، وهو راجع من شغله، معدّي في الطرقه لمحها من بعيد، كانت واقفة مع هبة بتتكلم، ضحكت ضحكة خفيفة، لكنه لاحظ إنها مش ضحكتها العادية، كانت مجاملة أكتر منها طبيعية، وقف للحظة، يفكر، هل يروحلها؟ ولا يسيبها في بُعدها؟ لكنه عارف نفسه… وعارف إنه مش هيسكت على الوضع ده أكتر.
نور أول ما شافت يوسف، قلبها اتقبض تلقائي، حست بتوتر غريب، كأنها مش قادرة تواجهه بعد كل اللي حصل، بسرعة استأذنت من هبة بحجة إنها تعبانة وراحت أوضتها، قفلت الباب ووقفت وراه تحاول تلم أفكارها
يوسف من بعيد كان متضايق، كان متأكد إنها هربت منه تاني، وإنها مش ناوية تديه فرصة حتى يوضّح أي حاجة، زفر بضيق،
فضل واقف في مكانه لحظات، يفكر… هل يسيبها على راحتها؟ ولا يواجهها غصب عنها؟ بس هو مش متعود يستسلم بسهولة، مش متعود يسيب حاجة توجعه ويفضل ساكت
بخطوات ثابتة، اتحرك ناحية أوضتها، وقف قدام الباب، رفع إيده… وخبط.
نور كانت واقفة ورا الباب، قلبها بيدق بسرعة أول ما سمعت الباب بيخبط، خدت نفس عميق وهي بتحاول تهدي رعشة إيديها، لكن مكانها كان ثابت، مش قادرة تتحرك
يوسف خبط تاني، المرة دي بصوت أوضح، وقال بنبرة هادية لكن فيها إصرار "نور… افتحي."
فضلت ساكتة، عقلها بيحاول يلاقي أي مخرج، لكن مفيش، يوسف واقف بره ومش هيمشي.
عدت ثواني وهو لسه واقف مستني، ولما فقد صبره قال بصوت أهدى بس حاسم "مش هفضل واقف كده طول اليوم، افتحي الباب يا نور."
لحظة تردد، وبعدها إيديها اتحركت لوحدها، فتحت الباب ببطء، وعينيها كانت هربانة منه، مش قادرة تبصله.
اول ما فتحت دخل وقفل الباب، وقف قدامها، عيونه بتدور في ملامحها كأنه بيدور على إجابة، بصوته كان أهدى لكنه واضح "هربتي ليه؟"
نور عضت شفايفها بتوتر، مكنتش عارفة ترد تقول إيه، الحقيقة كانت واضحة بس مش قادرة تواجهها، مش قادرة تواجهه هو
كرر سؤاله بهدوء "هربتي ليه يا نور؟"
رفعت عينيها أخيرًا وبصتله، كان فيه حاجات كتير جواها، خوف، قلق، توتر… ومشاعر تانية مش قادرة حتى تسميها قالت بصوت واطي "مكنتش هعرف أبص في وشك."
رفع حواجبه وقال "ليه؟ علشان اللي حصل؟"
اتوترت أكتر، قلبها بيدق بسرعة، وقالت وهي بتحاول تبعد الموضوع عنها "يوسف… أنا مش عايزة اتكلم"
قرب منها خطوة، وكان صوته فيه إصرار أكتر "لا، هنتكلم، انتي مختفية بقالك أيام، مش بتردي عليا، مش عايزة حتى تبصي في وشي، ده معناه حاجة واحدة… انك خايفة من اللي حصل، صح؟"
اتنهدت وحاولت تحافظ على هدوئها، لكن صوتها طلع مهزوز وهي بتقول "أنا مش خايفة… بس—"
قاطعها بسرعة، عيونه كانت مثبتة عليها وكأنه شايف كل حاجة بتحاول تخبيها "بس إيه يا نور؟"
اتوترت أكتر، دموعها لمعت في عنيها، وقالت بصوت واطي "مش قادرة أفهم، مش قادرة أستوعب اللي حصل… ومش عارفة ده معناه إيه!"
يوسف سكت لحظة، وبعدها قال بهدوء "معناه إن اللي بينا مش عادي، وإنت عارفة ده كويس."
قالت بتوتر "يعني إيه؟"
قرب منها بخطوات هادية، مسك إيديها اللي كانت متلجة من التوتر، وضغط عليها برفق، وكأنه بيحاول يطمنها، وقال بصوت ثابت وواضح "يعني حب… اللي حصل ده مش بيدل غير على حاجة واحدة، وهي الحب."
شهقت بهدوء وهي بتحاول تستوعب كلماته، عيونها كانت مليانة اضطراب، قلبها بيخبط في صدرها، مش قادرة تستوعب اللي سمعته، حاولت تسحب إيديها، لكنه ماسكها بإصرار ممزوج بحنان.
قالت بصوت مهزوز "يوسف… إنت بتقول إيه؟"
بصلها بعمق، كأنه شايف جوة قلبها أكتر منها، وقال بنبرة مفيهاش تردد "أنا بقول الحقيقة، نور… إحنا الاتنين عارفين ده، مهما حاولتي تهربي، مش هتقدري تغيّري اللي بينا."
نزلت عيونها للأرض، مش قادرة تواجه نظرته اللي كلها يقين، عقلها كان مشوش، بس قلبها كان بيرفرف بخوف… وخجل.
رفع وشها وبص لعينيها، عيونه مكنش فيها غير الصدق، وضغط على إيديها أكتر، وقال بصوت دافي لكنه حاسم "أنا بحبك يا نور."
يتبع..........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
"أنا بحبك يا نور "
شهقت بهدوء، قلبها بيخبط بعنف في صدرها، وكأن كلماته نزلت عليها زي الصاعقة، عينيها لمعت بدموع مش قادرة تمنعها، وشفايفها اترعشت وهي بتحاول تستوعب اللي يوسف قاله، الحب؟ هو قالها بصريح العبارة… يوسف بيحبها.
حاولت تبعد إيديها تاني، لكن إيده كانت لسه مسكاها بإصرار، لمسة دافية وسط العاصفة اللي شغالة جواها، همست بصوت متلخبط، كأنها بتحاول ترفض اللي بيحصل "يوسف… أنت مش فاهم…"
رفع حواجبه وسألها بهدوء، كأنه واثق إنها بتحاول تهرب "مش فاهم إيه يا نور؟"
اتكتمت، عقلها مشوش، مش قادرة تلاقي كلمات مناسبة، كل حاجة حصلت بسرعة، ومشاعرها كانت متداخلة بطريقة تخوفها. حاولت تاخد خطوة لورا، لكنه قرب أكتر، صوته كان مليان يقين وهو بيقول "بصيلي في عيني وقوليلي إن كلامي غلط… قوليلي إن اللي بينا مجرد وهم، وإنك محسيتش باللي أنا حسيته."
نور عضت شفايفها، عيونها هربت منه، لكنها عارفة إنها لو بصتله، كل دفاعاتها هتنهار، يوسف كان مستني، صبره واضح، لكنه في نفس الوقت مكنش ناوي يسيبها تهرب أكتر، اتنفست بعمق، وأخيرًا رفعت عينيها، دموعها كانت على وشك النزول وهي بتهمس "أنا… أنا مش عارفة."
ابتسم ابتسامة خفيفة، كأن ردها أكدله حاجة كان واثق منها، وقال بصوت دافي "وأنا هساعدك تعرفي."
حست برعشة في قلبها، بتوليفة من الخوف والتوتر… لكن الأمان كان هناك برضه، في طريقته في الكلام، في لمسة إيده، في عيونه اللي كانت بتوعدها بحاجة عمرها ما توقعتها.
سكت لحظة قبل ما يهمس "بس قبل أي حاجة… بطلي هروب يا نور."
نور حسّت بكلماته كأنها لمسة خفيفة على قلبها، لكنها تقيلة جدًا على روحها، يوسف مش ناوي يسيبلها فرصة تهرب، مش ناوي يسمح لها تنكر اللي جواها… والمشكلة إنها مش متأكدة هي عايزة تهرب فعلًا ولا لأ
شهقت نفس مهزوز وهي بتحاول تهدي العاصفة اللي شغالة جواها، عقلها بيقول حاجة، وقلبها بيقول حاجة تانية خالص "يوسف… مش بالبساطة دي."
نظرته متهزّتش، بالعكس، زاد فيها الإصرار "بالعكس، هي بسيطة جدًا… إما بتحبيني أو لأ."
كانت عايزة تصرخ وتقوله إنها بتموت فيه، مش بس بتحبه، كانت عايزة تقوله إن تأثيره عليها بيخليها عايزة تشوفه طول الوقت، تسمع صوته، تبقى جنبه بدون سبب… بس صوتها اتحبس، مش قادرة تنطق، مش قادرة تعترف حتى لنفسها باللي بيحصل جواها.
يوسف كان عارف، كان شايف كل حاجة في عيونها المرتبكة، في رعشة إيديها، في الطريقة اللي كانت بتحاول تبعد بيها نظرها عنه ومش قادرة، ملامحه كانت هادية، لكنه كان أقرب ليها من أي وقت فات.
قرب منها، لمسته كانت دافية وهو بيرفع إيده بهدوء، وبدون مقدمات، طبع قبلة خفيفة على خدها، لمسة سريعة لكنها زلزلتها من جوا، شهقت بصوت مكتوم، همس بصوت عميق مليان يقين "تصبحي على خير"
قبل ما تقدر ترد، كان خرج من الأوضة، قفل الباب وراه بهدوء، سابها واقفة في مكانها، أنفاسها متلاحقة
فضلت واقفة في مكانها، قلبها بيدق بجنون، وإيديها لسه على خدها كأنها بتحاول تحتفظ بحرارة لمسته أطول وقت ممكن، كانت عايزة تصرخ، تضحك، تعيط… كل المشاعر امتزجت جوّاها بشكل مخيف، يوسف مش بس اعترف بحبه، لكنه لمسها بلطف، بنعومة، كأنه بيطمنها إنه هنا… وإنه مش ناوي يبعد.
قعدت على السرير، دموع فرح مالية عينيها، وهي بتسترجع كلماته في عقلها. كل تفصيلة في اللحظة اللي فاتت محفورة جواها، نبرة صوته، نظرته، لمسته… وقبلته على خدها، يوسف كان هنا، وكان بيحبها.
رفعت راسها للسقف وهي بتحاول تهدي مشاعرها، بس مفيش فايدة، قلبها كان سبقها بمراحل، ابتسمت لنفسها، ابتسامة حقيقية مكنتش تعرف إنه واحشها بالشكل ده، شهقت نفس عميق وهي بتهمس لنفسها "أنا بحبه… مش بس بحبه، أنا بموووت فيه."
لكن السؤال الحقيقي كان… هل عندها الشجاعة إنها تقولهاله؟
تاني يوم مروان كان قاعد في مكتبه في الشركة، عينيه بتجري بسرعة على الأوراق والجداول المالية قدامه، كل الأرقام بتقول إن الشركة ماشية كويس، الإنتاج مستقر، والمشاريع مربحة، فإيه اللي مقلق والده بالشكل ده؟ هو شايف إنه عبقري في الإدارة، قراراته دايمًا في محلها، وكل خطوة بيخدها مدروسة، فإيه اللي ممكن يكون غلط؟
شد الجرس واستدعى أحد المديرين عشان يفهم إذا كان فيه مشكلة حقيقية ولا مجرد قلق مالوش داعي.
دخل المدير بسرعة، ملامحه كانت متوترة، ومروان لاحظ ده على طول، سأله عن الوضع وايه اللي مقلق والده كده
المدير بلع ريقه وقال بحذر "السيستم اتهكر، وكل البيانات بقت مكشوفة، كل الملفات السرية، الصفقات، الحسابات… كلها معرضة للخطر، لو حد سرب المعلومات دي، الشركة ممكن تنهار بالكامل."
الصدمة ضربت مروان للحظة، لكنه أخفاها بسرعة، اتقوست حواجبه وهو بيقول بحدة "وعملتوا إيه عشان تصلحوا الموضوع؟"
المدير رد بصوت مهزوز "إحنا شغالين على الموضوع، بس محتاجين وقت عشان نغير كل المعلومات دي ونحط حماية أقوى… بس المشكلة إن كل حاجة كانت مكشوفة لمدة ساعات، ومش عارفين مين قدر يوصل لإيه."
مروان ضرب بإيده على المكتب، غضبه كان واضح، لكنه حاول يسيطر على أعصابه، خد نفس عميق قبل ما يسأل "مين اللي ورا ده؟"
المدير هز راسه وقال "لسه مش عارفين، بس الاختراق كان محترف جدًا، وكأن حد كان متابع كل حاجة جوه الشركة ومستني اللحظة المناسبة."
عرف أن قدامه مهمه صعبه بس لازم يكون قدها
يوسف كان قاعد في مكتبه، عينيه متسمرة على الملف اللي السكرتيرة لسه حطاه قدامه، بص ليها بإشارة خفيفة تفهم منها إنها تقدر تخرج، وبمجرد ما الباب اتقفل، فتح الملف وبدأ يقرأ
مروان الدمنهوري.
العيلة، الشركات، الاستثمارات… كلها معلومات عادية متوقعة، لكنه ما اهتمش بيها قد ما ركز على حاجة تانية.
دكتور في الجامعة.
ابتسامة ساخرة شقت وشه، مروان ده مش مجرد رجل أعمال زي باقي المنافسين، بالعكس، واضح إنه مش مهتم بالشغل العائلي أصلًا، عين يوسف نزلت بسرعة على باقي البيانات، بيدور على أي ثغرة، أي نقطة ضعف يقدر يدخل منها.
مش متجوز.
مش متورط في مشاكل مالية.
مالهوش في إدارة الشركات، بس ليه سمعة كويسة كدكتور.
يوسف قفل الملف للحظة، عقله بيشتغل بسرعة… ده معناه إن مروان مش غاوي سلطة ولا فلوس، لكنه أكيد عنده حاجة تهمه… بس إيه؟
رجع يفتح الملف تاني، عينيه جريت بسرعة لحد ما وقف عند سطر معين.
دكتور في كلية الهندسة الخاصة في الإسكندرية.
اتجمد لحظة
كلية هندسة… في إسكندرية؟
رفّع عينه عن الورق، عقله كان بيربط الخيوط ببعضها، والإجابة ضربته فجأة… دي نفس كلية نور.
يوسف شد نفسه في الكرسي، عينيه لمعت بحدة وهو بيستوعب المعلومة دي… مروان مش بس أي شخص عادي، لا، ده في نفس كلية نور، في دايرتها، بيشوفها علطول تقريبا لو هو الدكتور بتاعها، حس بضيق غريب شدّ صدره، إحساس خانق مالوش تفسير واضح، بس الفكرة لوحدها كانت كفاية إنها تولّع فيه، فرك صوابعه وهو بيحاول يهدى، لازم يفكر بعقل، مش بعاطفة.
الأيام كانت بتعدي، ونور غرقانة وسط امتحاناتها، بتحاول تركز وتخلص، لكن عقلها كان دايمًا بيهرب في اتجاه معين… يوسف.
أما يوسف، فكان سايبها براحتها، مش عايز يضغط عليها، بس برضو مش قادر يبطل يفكر فيها، كان قاعد في أوضته، مسك موبايله واتصل بيها، فضل مستني الرد، لكن مفيش… مردتش
اتضايق، وبعتلها رسالة، بس هي مشافتهاش، ورن عليها كذا مرة لحد ما أخيرًا سمع صوتها.
قال بسرعة، صوته فيه نبرة ضيق واضحة "مبترديش ليه؟"
نور ردت ببرود، كأنها بتحاول تتظاهر إنها مش حاسة بأي حاجة " واديني رديت "
يوسف سكت لحظة، ملامحه كانت جامدة وهو بيقول "نور، في إيه؟ انتي متضايقة مني بجد، ولا بتحاولي تصديني؟"
اتلغبطت من كلامه، مش متوقعة إنه يواجهها كده، قالت بسرعة "لا لا مش كده… أنا بس مشغولة."
رفع حاجبه، وقال بنبرة مفيهاش أي تصديق "وانتي على طول مشغولة، ولا بتهربي؟"
نور قعدت ساكتة، مش عارفة ترد، قلبها دق بسرعة، مش عايزة تعترف إنه فهمها، لكن هو فعلًا فهم.
سمع صوتها بعد لحظات من التردد "طيب… وعايز إيه؟"
يوسف قالها بثقة، وكأن الجواب بديهي بالنسباله "عايزك."
نور شهقت بخفة، مبهوتة من جرأته، وقالت بسرعة "نعم؟"
ابتسم ابتسامة هادية، وقال بصوته العميق اللي كان مليان ثقة "أنا نازل الجنينة شوية، المكان اللي بنقعد فيه دايمًا… هستناكي."
نور قالت بتصميم، كأنها بتحاول تهرب "مش هنزل."
رد بحسم وهو بيحسم الجدل "مستنيكي يا نور."
حاولت تتحجج "عندي امتحان، خلاص فاضلي مادتين وأخلص."
قال بهدوء، كأنه كان متوقع ردها "عارف، انزلي نص ساعة… مش هعطلك."
قفل معاها قبل ما تلاقي حجة تانية، ونزل يستناها
قعد مستنيها فترة، كان هيرن عليها تاني، لكن فجأة شافها قدامه، واقفة بعيد شوية، عيونها مليانة تردد، لكنها نزلت.
يوسف رفع عينه أول ما لمحها، ابتسامة خفيفة سحبت طرف شفايفه وهو شايفها واقفة بتردد، كأنها بتقاوم نفسها، لكنها في الآخر نزلت… وجت.
نور أخدت نفس عميق، مش عارفة ليه قلبها بيدق بالسرعة دي، ليه يوسف ليه تأثير غريب عليها؟ قربت منه بخطوات هادية، لكنها كانت حاسة كل خطوة تقيلة، كأنها ماشية على أرض مش ثابتة.
يوسف كان مستني، عيونه ثابتة عليها، أول ما وقفت قدامه، قال بصوته الهادي الواثق "عرفت إنك هتنزلي في الآخر."
نور عضت شفايفها، رفعت عيونها وبصتله وهي بتقول "لو مش هتعطلني… قولي عايز إيه؟"
ابتسم بخفة وقال ببساطة"عايز أشوفك."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
اتوترت أكتر، حسّت إن الإجابة دي ملهاش رد عندها، بس حاولت تبعد عن تأثيره، وقالت بسرعة "يوسف، بجد… مش وقته"
رفع حاجبه وقال بهدوء، كأنه بيتحداها تكذب مشاعرها "مش وقته، ولا مش عايزة تواجهي اللي بينا؟"
نور سكتت، بصت بعيد، حست إن قلبها هيخرج من مكانه، بس يوسف كان قريب… قريب بزيادة.
مد إيده بهدوء وسحب إيديها، مسكها بلطف، مش غصب، لكن بثبات، حط إيديها على قلبه وقال بصوت هادي لكنه مليان مشاعر "شوفي قلبي بينبض إزاي، وبيدق كل ما يشوفك، أنا سلمتهولك يا نور، قلبي ملكك للأبد، عمره ما دق ولا هيدق لحد غيرك."
نور حسّت بحرارة لمسته، بصتله بعينين متلغبطة، كانت عايزة تقوله إنها حاسة بنفس الإحساس، وإن قلبها بينبض باسمه من زمان، بس لسانها ماكانش راضي ينطق، كلماتها كانت محبوسة، كأن في حاجة بتمنعها من الاعتراف.
يوسف لاحظ شرودها، ابتسم ابتسامة خفيفة وكأنه عارف كل حاجة بتدور في دماغها، وقال بنبرة واثقة "مش مهم تقولي يا نور، أنا عارف كل كلمة انتي عايزة تقوليها… عارف إن قلبك بينبض باسمي من زمان."
شهقت نور بصدمة، عينيها وسعت، ازاي عرف؟ ازاي سمعها وهي حتى ما نطقتش؟ حسّت إن يوسف بقى فاهمها أكتر منها، وكأن قلبها بيتكلم معاه من غير ما تحتاج تنطق.
يوسف قرب أكتر، صوته بقى أهدى لكن أعمق "أيوه سمعتك… سمعتك عشان أنا عارفك كويس أوي."
حست برعشة خفيفة في قلبها، بعاصفة من المشاعر جوّاها مش عارفة تسيطر عليها، لكن جوّا العاصفة دي، كان فيه يقين واحد… يوسف فاهمها، وبيبصلها بطريقة تخليها متأكدة إنها عمرها ما هتقدر تهرب منه
نور حست إن قلبها ممكن يقف من كتر التوتر، عيونها لمعت وهي حاسة إن يوسف شايفها بوضوح يخوفها… يخوفها لأنها مش قادرة تخبي عنه أي حاجة.
إيده كانت لسه على إيدها، نبضات قلبه تحت صوابعها كانت قوية، سريعة، متوافقة مع نبضها هي، كأنهم روح واحدة… كأنهم واحد.
حاولت تسحب إيدها لكنها معرفتش، يوسف كان ماسكها بإصرار، مش بالقوة، لكن بالثقة، قال بصوت هادي لكنه عميق "مش هتهربي المرة دي يا نور."
رفعت عيونها ليه، همست بصوت مرتجف "يوسف… أنا..."
قاطعها بابتسامة دافية وقال "عارف، مش محتاج تقولي حاجة، نظرتك بتقول كل حاجة."
شهقت بهدوء، قلبها كان بيخبط بجنون، كأنها خلاص فقدت سيطرتها عليه، يوسف قرب أكتر، وشه بقى على بعد أنفاس منها، وقال بصوت خافت، مليان حب "نور، لو كنتي مش حاسه بأي حاجة ناحيتي… قوليها، وأنا همشي، مش هضغط عليكي."
نور اتجمدت في مكانها، عرفت إنها قدام لحظة حاسمة… لحظة ممكن تغير كل حاجة، حاولت تنطق، تقول أي حاجة، لكن مفيش كلام خرج منها.
كانت خايفه لو سكتت يوسف يفهم انها مش عايزاه، يوسف موجود اهو قدامها، كله بتاعها، ممكن تقوله انها بتحبه وأنها عايزاه هيا كمان، بصتله وشافت نظرته اللي مليانه حب
يوسف قرر ميضغطش عليها خاصة أنها متلغبطه جدا، غير الموضوع وسألها بهدوء "إيه أخبار الامتحانات؟"
نور رفعت عينيها له، شافته بيتكلم بنبرة هادية، لكنها عرفت إنه بيحاول يلهيها عن اللي كانوا بيتكلموا فيه من شوية، ردت بصوت واطي وهي بتبص بعيد "الحمد لله."
فضل يتكلم معاها شوية، بيحاول يخفف عنها، ولما حاس إنها بدأت تهدى، سألها فجأة " عندكوا دكتور اسمه مروان؟"
نور استغربت، هو ليه بيسأل؟ رفعت حواجبها باندهاش، لكنها هزت رأسها بإيجاب وقالت "آه، في دكتور عندنا اسمه مروان… ليه؟!"
يوسف قال بسرعة وبنبرة عادية، كأنه مش مهتم "بسأل عادي، متركزيش."
قالت " بتسأل عادي ليه برضو، ايه السبب، مهتم ليه؟!"
قالها بابتسامة جانبية غامضة "قولتلك، بسأل عادي، متكبريش الموضوع."
نور رفعت حاجبها بشك، كانت حاسة إنه مش مجرد سؤال عابر، يوسف عمره ما بيسأل عن حاجة من غير سبب، وعينيه كان فيها حاجة مختلفة، كأن في حاجة هو عارفها ومش ناوي يقولها.
قالت بإصرار وهي بتبص له بتركيز "لا، مش هسيب الموضوع، إنت عرفت دكتور مروان منين وليه مهتم تسأل عنه؟"
يوسف سكت لحظة، كان باين عليه إنه مش ناوي يجاوب بسهولة، وبعدها قال بصوت هادي لكنه واضح "مجرد صدفة، بتأكد من حاجه في دماغي"
نور قفلت الموضوع على مضض، لكنها فضلت حاسة إن وراه حاجة، يوسف مش من النوع اللي يسأل لمجرد الفضول، لكنه كان واضح إنه مش ناوي يقول أي حاجة أكتر.
عدى شوية صمت بينهم، وكل واحد كان مستغرق في أفكاره، لحد ما نور فجأة قالت بصوت هادي لكنه واثق "وديها لدكتور نفسي."
يوسف استغرب، ضيق عينيه وهو بيبصلها، وسألها باستفهام حقيقي "هي مين؟"
نور ردت بثقة، كأنها متأكدة من اللي بتقوله "هبة… كنت بتقول إنك مقصر معاها ومش عارف إزاي تخرجها من مودها، وسألتني عن اقتراحي، ده جوابي"
يوسف سكت لحظة وهو بيستوعب كلامها، قالها بنبرة فيها تحدي خفيف "قولتي رأيك يعني؟"
نور رفعت عينيها ليه وقالت بهدوء، لكن نظرتها كانت مليانة حاجات كتير "الموضوع بقى مختلف… انت دلوقتي..."
سكتت، مش عارفة تكمل إزاي، وكأنها بتحاول تلاقي الكلمات المناسبة، لكن يوسف مكنش من النوع اللي بيستنى، قرب منها خطوة وسألها بصوت أهدى، لكنه عميق "أنا دلوقتي إيه؟"
نور رفعت عينيها ليه، وفيها تردد واضح، لكنها في الآخر قررت تقولها، قررت تعترف بالحقيقة اللي بقت واضحة "بقيت حد تاني بالنسبالي."
رفع حواجبه، ابتسامة خفيفة ظهرت على زاوية شفايفه، وسألها وهو بيحاول يفهم أكتر "يعني؟"
نور خدت نفس عميق، وكأنها بتجمع شجاعتها، بعدين وقفت قدامه، عينيها كانت فيها لمعة مميزة وهي بتقول بصوت دافي وحقيقي "بقيت جزء مهم أوي من حياتي… تصبح على خير"
لفت ومشيت، وسابته واقف مكانه، عينيه متعلقة بيها، وكأنها لسه سايبة أثر كلماتها جواه… أثر مش هيعرف يتجاهله أبدًا.
يوسف كان قاعد في أوضته، عيونه متعلقة بالسقف، لكنه مش شايف أي حاجة… دماغه كانت مشغولة بشيء واحد بس...نور.
بقاله فترة بيديها المساحة، مستنيها تاخد وقتها، لكنه مش قادر يبعد أكتر، عايزها معاه، مش مؤقتًا، مش كحد بيدخل حياته ويخرج منها، لا… عايزها دايمًا.
بكرة آخر يوم امتحانات عندها، الفرصة المثالية… الفرصة اللي هيقرر فيها كل حاجة.
عدّل قعدته، خد نفس عميق، وقرر… بكرة لازم يروحلها، ولازم يكون جدي معاها.
مفيش لف ودوران، مفيش تخبط في المشاعر، هو عارف هو عايز إيه، ولازم يسمع منها هي كمان.
بكرة… كل حاجة هتتغير.
ابتسامة خفيفة ظهرت على وشه، إحساس بالرضا عن القرار اللي أخده، وأخيرًا، ولأول مرة من فترة، حس إنه مستعد للخطوة الجاية.
مروان كان قاعد في مكتبه، إيده بتلعب بالقلم بين صوابعه، لكنه مش مركز في أي حاجة قدامه. أفكاره كانت في مكان تاني… معاها.
إزاي حصل كده؟ إمتى بدأ قلبه يتشد لطالبته بالشكل ده؟ هو اللي دايمًا بيرسم حدود واضحة بينه وبين أي حد… دلوقتي بقى محبوس في دوامة مشاعره.
بكرة آخر يوم امتحانات… الفرصة الأخيرة إنه يفهم كل حاجة، لازم يعرف، لازم يواجهها، هل هي كمان حست بنفس اللي حسه؟ ولا هو لوحده؟
شد نفس عميق وحاول يطرد التردد من دماغه، مهما كانت النتيجة، هو لازم يواجه الحقيقة،بكرة… لازم يستغل الفرصة صح.
تاني يوم نور خرجت من الامتحان وهيا حاسه بالرضا، وقفت مع صاحبتها وهيا حاسه بفرحه انها اخيرا خلصت، كانت بتراجع معاها في مكان بعيد شويه عن الزحمه، وسط الضحك والكلام عن الامتحان، صاحبتها فجأة قالت إنها هترجع حالًا، وطلبت منها تستناها شوية، نور وافقت، وقفت مكانها تستنى، لكن فجأة سمعت صوت مألوف بينادي عليها.
رفعت عينيها بسرعة، لقت مروان واقف قدامها، نظراته كان فيها حاجة مختلفة. استغربت وجوده في الوقت ده، ليه مستنيها؟
"خير يا دكتور؟" قالتها بنبرة طبيعية، لكنها حسّت إنه واضح عليه التوتر
في نفس اللحظة، يوسف كان لسه داخل الكلية، إيده ماسكة بوكيه الورد، عيونه بتدور عليها وسط الزحمة، مش شايف أي حد غيرها… بيدور عليها لحد ما شافها واقفه بعيد
مروان كان واقف قدامها، عيونه ثابتة عليها، ملامحه جدية لكن فيها لمحة توتر.
قال بصوت واضح لكنه هادي " عايز اتكلم معاكي في الموضوع"
نور سمعته بانتباه وهو قال مباشرة من غير لف ودوران " بصراحه كده انا معجب بيكي يا نور، مش عارف امتى بس بجد انتي لفتتي انتباهي"
نور حسّت كأن الكلمات دي ضربتها فجأة. إيه؟ مروان… دكتورها… بيقول إنه معجب بيها؟ الدم اندفع في عروقها بسرعة، عينيها وسعت وهي بتبصله بعدم تصديق، مش عارفة حتى ترد.
مروان قرب خطوة، مسافة صغيرة بس كانت كافية تحسسها بمدى جدية كلامه.
صوته كان أهدى، لكنه مليان إحساس وهو بيسألها "هل أنا مشاعري من طرف واحد؟"
نور رفعت عينيها بصدمة، وقلبها بيخبط في صدرها بعنف، الهوا كان بيلعب في خصلات شعرها، زي ما لو الدنيا نفسها بتشارك في اللحظة دي، حاولت تتكلم، ترد، بس لسانها كان متلجم.
مروان مدّ إيده بهدوء، وبعد خصلة من على وشها بحركة بطيئة، كأنه بيحاول يخليها تركز معاه بس، عيونه متركزة عليها، صوته طلع هادي لكنه محمل بمشاعر واضحة وهو بيقول "تتجوزيني… يا نور؟"
يتبع.........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
يوسف وقف في مكانه لما شافها واقفه مع مروان، هو عارفه شكلا ومستغرب ليه واقف معاها في مكان بعيد شويه عن الكليه وليه قريب كده والأهم هيا ليه مش بتبعد عنه شويه وليه مش بتتكلم زي ما هو بيكلمها، شافه بيبعد شعرها ورا ودنها وابتسامته على وشه، ليه العلاقه بين دكتور وطالبه كده، يوسف حسّ إن الهوا اتسحب من حواليه، نور سكتت، مش بترد، مش بتبعد، مجرد واقفة بصاله، عقل يوسف بدأ يشتغل بسرعة… معقول؟ معقول هي مش بتحبه زي ما كان فاكر؟ معقول هو اللي كان بيضغط عليها طول الوقت وهي في الحقيقة مش حاسه بيه؟
معقول هيا بتحب دكتورها وقريبين اوي كده؟
الألم اللي حسه كان غير متوقع، خنقه، لكنه رفض يفضل واقف هناك يتفرج عليهم كده، حس أنه لو فضل هيروح يضربه لحد ما يموته، بدون تفكير، لف وساب المكان، مش قادر يستنى اكتر، رمى بوكيه الورد في أقرب باسكت قابله، وركب عربيته، داس على البنزين بعنف وخرج من الكلية بأقصى سرعة، مش عايز يفضل لحظة واحدة زيادة.
أما نور، فكانت لسه واقفة في مكانها، ملامحها متجمدة من الصدمة، إزاي… إزاي ده حصل؟ مروان، دكتورها، بيعرض عليها الجواز؟
بعدت خطوة لورا بسرعة، كأنها بتحاول تفصل نفسها عن اللحظة، عينيها لمعت بصدمة وهي بتبصله، قلبها كان بيدق بجنون، لكن مش من المفاجأة… من الرفض، من اليقين اللي كانت بتكابر عليه طول الفترة اللي فاتت.
هزت راسها بنفي، عينيها نطقت قبل شفايفها، صوتها طلع أخيرًا لكنه كان ضعيف، مهزوز "أنا… لا، أنا آسفة."
مروان وسعت عيونه باستغراب، مش مستوعب ردها، سألها بقلق "مالك يا نور؟"
مكنتش محتاجة تبرر أكتر… لأنها في اللحظة دي، أدركت الحقيقة الوحيدة اللي كان لازم تعترف بيها…
هي عايزة يوسف
نور أخدت نفس عميق، قلبها بيدق بسرعة لكنها قررت تحسم الموضوع، رفعت عينيها لمروان، ملامحها كانت ثابتة رغم الارتباك اللي جواها، وقالت بصوت واضح، حتى لو كان مهزوز شوية "أنا… أنا مرتبطة بحد تاني."
مروان سكت للحظة، كأنه بيستوعب كلماتها، كان حاسس بصدمه بس اتنهد وقال بسرعه وهو بيتدارك الموقف "أنا آسف، مكنتش أعرف… أصلِك مش لابسة خاتم."
نور هزت راسها بسرعة وقالت بصوت واضح رغم ارتباكها "الموضوع لسه مش رسمي… بس في حد في حياتي."
مروان سكت لحظة، كأنه بيحاول يستوعب الكلام، وبعدها ابتسم ابتسامة خفيفة، فيها شوية مرارة وقال بصوت هادي "فهمت… كان لازم أتأكد بس."
سكت للحظة قبل ما يكمل بصوت صادق
"أنا بجد آسف لو حطيتِك في موقف محرج."
نور ابتسمت بابتسامة خفيفة، مش عايزة تحسسه إنها متضايقة، وقالت بهدوء "مفيش مشكلة، حصل خير "
مروان أومأ براسه، وقال باقتضاب "تمام… موفقّة يا نور."
لف ومشى بعيدًا، ونور فضلت واقفة للحظات قبل ما تاخد نفس عميق، وبعدها بدون تفكير، بدأت تمشي بسرعة… هيا عايزه تهرب من المكان ده، مش عايزه تفضل دقيقه زياده
يوسف كان سايق بسرعة جنونية، أفكاره متلغبطة، والغضب مالي قلبه، فجأة، ضغط على الفرامل بعنف، وقف العربية على جنب الطريق، وسحب موبايله بسرعة.
اتصل بـريكاردو، وبمجرد ما رد، قال بصوت بارد وقاطع "عايز شركة الدمنهوري تنهار… والنهاردة."
ريكاردو سكت لثواني، مصدوم من كلامه، قبل ما يسأله بتردد "جوزيف… ليه؟ مش كنت رافض قبل كده؟"
يوسف رد بنفس النبرة الحادة "غيرت رأيي."
ريكاردو حس أن في حاجة غلط، نبرة يوسف كانت متغيرة، فيها حاجة مش مفهومة فسأله بحذر "مالك؟ حاسك متضايق."
يوسف اتنفس بعمق، حبس غضبه، وبعد لحظة صمت، قال بصوت منخفض لكنه مليان وجع "مفيش."
فضل ساكت لحظة، كأنه بيحاول يقرر يقول ولا لا، وبعدين نطق أخيرًا " بس أنا راجع النهاردة."
ريكاردو اتفاجئ، لكنه فرح وقال بحماس
"أخيرًا يا عم! طال الغياب أوي، بس مش حاسس ان ده السبب برضو"
يوسف رد بوجع "مبقاش ليا حاجة هنا أقعد عشانها… لما أجي، هقولك كل حاجة."
ريكاردو حس إن الموضوع كبير، وإن يوسف موجوع بطريقة مش طبيعية، بس مرضيش يضغط عليه في الآخر، المهم إنه راجع والباقي يعرفه لما ييجي "ماشي يا جوزيف، هستناك."
يوسف قفل المكالمة، رمى الموبايل على الكرسي جنبه، وشغل العربية من تاني، وعينه كانت مليانة قرار واحد… الرحيل.
نور خرجت من كليتها بسرعة، قلبها كان بيدق بعنف، مش مصدقة اللي حصل، بس كل اللي كان في دماغها دلوقتي إنها لازم تخرج من المكان ده، من الجو ده، من أي حاجة تخنقها أكتر.
بإيدين مرتعشة، طلعت تليفونها وبعتت لصاحبتها "أنا مضطرة أمشي، هكلمك بعدين."
ركبت أول أوبر ظهر قدامها، كانت بس عايزة توصل البيت، تهرب من الأفكار اللي كانت بتخنقها، طول الطريق، كانت ماسكة تليفونها بترن على يوسف، حاولت تتصل بيه أكتر من مرة، بس مفيش رد.
حست بضيق، طب فين يوسف؟ ليه مش بيرد؟ هو فين وهيرجع البيت امتى
فتحت الشات بسرعة، بعتتله رسالة مختصرة "يوسف، محتاجة أكلمك."
فضلت مستنية، لكن ولا إشعار، ولا رد، ولا حتى علامة إنه قرأ الرسالة.
يوسف وصل للمطار بخطوات سريعة، ماشي كأنه هربان من حاجة بتوجعه، من حاجة خلاص مش قادر يستحملها، قرب من الشباك، وصوته كان واضح وحاسم وهو بيقول "أول تذكرة لإيطاليا، أقرب رحلة ممكنة."
الموظف بص في الشاشة قدامه، وبعد ثواني قال "في رحلة بعد ساعة ، في درجة رجال الأعمال."
يوسف طلع بطاقته بدون تفكير، وهو بيرد بجفاف "احجزها."
خلص الإجراءات بسرعة، خد التذكرة، واتحرك ناحية صالة المغادرة، مفيش شنط، مفيش حاجة ياخدها معاه غير شنطة شغله… هو نفسه مشي، وبس.
قاعد على كرسي بعيد، ساكت، مخلي الموبايل في إيده، عينه عليه… ليه بترن؟ مش المفروض انها معاه دلوقتي؟ يمكن عايزه تكلمه وتقوله انها مش عايزاه، بس هو مش هيقدر يسمع منها الكلام ده
بسرعة، فتح جهات الاتصال ورن على محمد، خاله، بمجرد ما رد يوسف قال " انا راجع"
محمد قاله باستغراب "يوسف! في إيه يا بني؟"
يوسف رد بصوت هادي لكن حاسم "مفيش، بس هسافر، عندي شغل مفاجئ."
محمد سكت لحظة وبعدين قال "شغل مفاجئ؟ ومن غير ما تقول لحد ولا حتى تودعنا؟ ده حتى كان واجب تقول!"
يوسف خد نفس، وهو بيحاول ينهي المكالمة بأسرع وقت "مكانش في وقت، قررت فجأة، أنا كده كده هاجي على فرح سارة، وهاخد هبة معايا بعدها."
محمد زاد استغرابه، وحس أن فيه حاجة غلط، فقال بحذر "يعني إنت مش راجع بعد السفرية دي؟"
يوسف قال ببرود واضح "لاء، مش راجع."
محمد حاول يستوعب، لكن قبل ما يرد، يوسف كمل بسرعة "أنا دلوقتي خلاص طالع الطيارة، مش هلحق أطول، بس حبيت أطمنك."
محمد مكانش عارف يقول إيه… في الاخر قال بصوت هادي "ربنا يوفقك يا يوسف… بس أوعى تنسانا يبني وابقى كلمنا"
يوسف قفل المكالمة من غير ما يرد، شاف الطيارة اللي هيسافر بيها، وقام بخطوات سريعة… كان عايز يهرب، وكان ناوي مايبصش وراه أبدًا
نور رجعت البيت، أول ما دخلت شافت سارة وهبة وندى وملك قاعدين في الصالة، ملامحهم كانت متوترة، نظراتهم كلها قلق والحزن باين على وشوشهم، نور رفعت حاجبها باستغراب، قربت منهم وقالت بصوت حذر "مالكوا؟ في إيه؟"
ملك بصتلها وعينيها مليانة حزن، أخدت نفس وقالت بهدوء، لكن كل كلمة منها نزلت على قلب نور زي الصاعقة "يوسف مشي."
نور حست بكأن حد شد الأرض من تحت رجليها، رمشت بسرعة وهي بتحاول تستوعب الكلام، حركت شفايفها، لكن مفيش صوت طلع في الأول، كأن الكلام نفسه ضاع منها، قبل ما تتمكن أخيرًا من النطق "مشي؟ مشي فين؟"
هبة ردت ودموعها على وشك النزول "سافر… رجع إيطاليا."
نور شهقت بخفة، خطوة صغيرة رجّعتها لورا، نظراتها اتحركت على وشوشهم، بتحاول تلاقي أي تفسير، أي سبب، بس محدش كان عنده إجابة، قلبها كان بيخبط في ضلوعها بشكل مؤلم وهي بتهمس بضعف "إزاي؟ وليه؟"
ندى ردت وهيا بتبصلها باستغراب "قال إنه عنده شغل هناك، وإنه مش ناوي يرجع تاني غير للضروره"
نور بسرعة طلعت موبايلها، ضغطت على رقمه، استنت لحظات، بس اداها أن الفون مقفول، إيدها اترعشت، الموبايل وقع منها على الارض، عينيها اتملت بالدموع وهي بتهمس بذهول " يعني ايه؟!"
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كلهم بصولها وملك قامت قربت منها وقالت بهدوء " انتي كويسه؟!"
نور وقفت في مكانها، جسمها كله بارد، دموعها كانت واقفة في عينيها مش قادرة تنزل، عقلها بيرفض يصدق إن يوسف فعلاً مشي… وإنه اختفى من حياتها بالشكل ده.
سابت ملك واقفه وطلعت أوضتها بسرعة وقفلت الباب وراها، سندت ضهرها على الباب وهي حاسة أن قلبها وقف، يوسف فين؟ يوسف… حبيبها… سابها ومشي، طب ليه؟ ليه مقالهاش؟ ليه حتى مودعهاش؟
رجليها فقدت قوتها، وقعت على الأرض، ودموعها نزلت بغزارة، مش قادرة تمسكها، مش قادرة تفكر، عقلها كله كان دوامة من الأسئلة اللي ملهاش إجابة، حست بكتمة في صدرها، أنفاسها بقت سريعة ومتقطعة، كانت عايزة تصرخ، عايزة تكلمه، تفهم منه… ليه؟ ليه عمل كده؟ ليه علقها بيه لو في الآخر هيمشي ويسيبها؟
حطت ايديها على قلبها، ضغطة قوية كأنها بتحاول تمسك نفسها من الانهيار التام دموعها كانت بتنزل بسخونة، والخنقة كانت بتزيد لحظة بعد لحظة، فجأة، سمعت صوت خبط على الباب، بس كانت كأنها مش سامعة، مش مستوعبة أي حاجة حواليها، الخبط اتكرر، بعدها الباب اتفتح، ولقت داليا داخلة.
عين داليا وقعت على نور المقهورة على الأرض، وشها غرقان دموع، ونظراتها ضايعة، من غير تفكير، قربت منها بسرعة، نزلت على ركبتها واخدتها في حضنها، حضن دافي مليان حنية، نور أول ما حست بيها، انفجرت في البكاء أكتر، سابت نفسها بالكامل لضعفها، وكل اللي طالع منها كان صوت نحيب مكتوم وهي ماسكة في داليا كأنها حبل النجاة الوحيد ليها.
داليا فضلت ماسكاها، بتمسح على ضهرها بهدوء وكأنها بتشاركها المها
نور عيطت كتير، دموعها كانت بتنزل بدون توقف، كأنها بتفرّغ وجع عمرها كله في اللحظة دي، صدرها كان بيوجعها من كتر العياط، وإحساس الاختناق كان مسيطر عليها، حست إنها هتموت لو يوسف مرجعش… كأن روحها بتتسحب منها ببطء، كأن جزء منها مشي معاه وسابها فاضية، تايهة، مش عارفة تتنفس حتى.
داليا كانت حاسة بيها، كانت شايفة الألم في كل حركة وكل شهقة بتطلع منها، كانت عارفة قد إيه يوسف بقى جزء من حياتها، جزء من يومها، من تفاصيلها، من أحلامها حتى، قربت أكتر ومسحت على راسها بحنان، بصوت هادي بس مليان ثبات همست "نور… أنا معاكِ، مش هسيبك كده."
بس نور كانت غرقانة في الحزن، دموعها كانت أكبر من أي كلمة، وجعها كان أقوى من أي عزاء، كل اللي كانت حاسة بيه إن يوسف راح… ومش هيرجع.
يوسف كان قاعد في الطيارة، عينه سابت الشاشة اللي قدامه وبقت شاخصة ناحية الشباك، السما كانت سودة بره، بس جواه كانت أغمق وأشد ضلمه، قلبه كان بيتخبط في ضلوعه، بس عقله كان مصمم إنه مفيش رجوع.
فتح فونه وهو بيقرأ رسالتها، للدرجادي مستعجله تقوله انها مش عايزاه وأنها بتحب غيره، قفل الموبايل بعد ما قرأها، مسح بايده على وشه، حاسس إن التعب مسيطر عليه، بس الألم كان أقوى من أي تعب، الصورة اللي مش قادر ينساها كانت قدام عينه… نور، واقفة قدام مروان، ساكتة، مش بتتحرك، ومروان قريب منها بشكل استفزه لدرجة إنه حس إنه لو فضل ثانية زيادة كان هيكسر الدنيا، بس هو معملش كده، هو انسحب، قرر يختفي، لإنه فكر إن نور مش ليه، وإنه كان عايش في وهم كبير.
حاول يغمض عينه، بس كل ما يقفلها، يشوف نور، ضحكتها، نظرتها، خوفها، حتى حزنها لما كان بعيد عنها… فتح عينه بسرعة، خد نفس عميق وحاول يقنع نفسه إنه عمل الصح، حتى لو كان ده معناه إنه هيفضل عايش بعذاب مالوش نهاية.
وصل اخيرا ونزل من الطيارة وهو حاسس بتقل غريب في قلبه، كأنه سايب روحه وراه، المطار كان زحمة، بس هو مخدش باله من أي حاجة حواليه، عينه لمحت ريكاردو واقف مستنيه، وشه كان عليه ابتسامة ترحيب، بس عيونه كانت بتسأل أسئلة كتير.
ريكاردو قرب منه، فتح إيده وحضنه بقوة وقال بضحكة خفيفة "وأخيرًا! رجعت، بس شكلك مش مبسوط خالص."
يوسف اتنهد وقال وهو بيحاول يخبي صوته المليان تعب "أنا كويس، مضغوط شويه بس كويس"
ريكاردو هز راسه وهو بيبصله بتمعن وقال "تمام، بس اللي أعرفه إن جوزيف دايمًا عنده سبب لكل حاجة، وإنت المرة دي جاي هروب مش شغل."
يوسف لبس شنطته وقال ببرود مصطنع "خلاص يا ريك، هتفضل تحقق معايا ولا هنروح؟"
ريكاردو رفع إيده باستسلام وقال وهو بيقوده ناحية العربية "تمام يا صاحبي، مش هسأل دلوقتي، بس عارف إنك هتحكي كل حاجة بعدين."
ركبوا العربية، وريكاردو ساق في هدوء، بس جوه العربية كان في صمت تقيل، يوسف كان باصص برا، وريكاردو كان باصص عليه… عارف إن اللي جوه يوسف أكبر من أي كلام ممكن يتقال دلوقتي، بس قرر ميضغطش عليه ويسيبوا براحته
مروان كان قاعد في مكتبه، عيونه مثبتة على اللا شيء، حاسس بإحراج محسوش قبل كده، فكرة إنه يطلب من طالبة عنده الجواز كانت خطوة كبيرة، خطوة مكانش هياخدها بسهولة، لكنه أخدها لأنها كانت تستحق، بس للاسف طلعت مرتبطه بحد تاني، بس هل لو هيا مش مرتبطه كانت وافقت عليه؟!
اتنهد بعمق، بيحاول يستوعب الموقف، لو كان يعرف إنها مرتبطه بشخص تاني كان مستحيل يفتح الموضوع من الأساس، بس هو مكانش يعرف، ومعملش حساب حاجه زي دي، كان حاسس إنها قريبة منه، وإنه ممكن يكون ليه فرصة
دلوقتي، مش بس خسر فرصة إنه يكون معاها، لكنه كمان حاسس إنه فقد جزء من كرامته، ومع ذلك، رغم الإحراج والضيق، جواه إحساس أقوى... هو حبها فعلًا، وبجد.
قطع أفكاره دخول المدير المالي بدون استئذان، مروان رفع عينه بحدة، مستغرب من تصرفه، وقبل ما يعترض، المدير قال بسرعة، وصوته فيه توتر واضح "إحنا في مصيبة."
مروان اتوتر، وقف مكانه وقال بقلق
"حصل إيه؟!"
المدير اتنهد بعمق، وحاول يهدّي نفسه قبل ما يقول "الشركة بتعلن إفلاسها."
الصدمة ضربت مروان بكل قوتها، حاسس كأن جسمه كله اتجمّد للحظات، استوعب كلامه بصعوبة، وقال بحدة "إفلاس؟! وليه إن شاء الله؟!"
المدير بصله بقلق وقال "لأن كل المعلومات اتسرّبت، حد اخترق السيستم، والبيانات بقت عند الشركات المنافسة، كل المشروعات، كل الخطط، كل الأسرار التجارية بقت في أيد غيرنا."
مروان حس إنه مخنوق، وقع على كرسيه وهو مش قادر يصدق، عقله بيحاول يربط الخيوط ببعضها، مين اللي عمل كده؟ إزاي؟ وليه؟
المدير كمل، صوته كان مليان قلق "وفي عمال كتير انسحبوا، وبالمنظر ده مفيش حل غير الإفلاس."
مروان رفع عينه ليه بسرعة وقال بعصبية "مين اللي قال كده؟ فكّرت في كل الحلول؟!"
المدير هزّ راسه وقال بنبرة منهزمة "لو عندك حل، الحقنا بيه، لأن في الحالات اللي زي دي مفيش حلول، محتاجين يا إما شركة ضخمة تستثمر معانا، ودي حاجة شبه مستحيلة، أو ناخد قرض، وده صعب جدًا بوضعنا الحالي."
مروان ضرب إيده على المكتب بقوة، كان حاسس بالغضب، بالحيرة، بالعجز، حاسس ان كل حاجة في حياته بتنهار قدام عينيه...
نور كانت غرقانة في حزنها، عيونها ورمت من كتر العياط، مش قادرة تعمل أي حاجة غير إنها تفضل في سريرها، ترفض الأكل، ترفض الكلام، حتى النوم بقى صعب عليها، كانت بس بتعيط... وبتعيط.
وفجأة، حست بحركة جنبها، كأن في حد قاعد قريب منها، قلبها اتقبض، حركت راسها ببطء، واتعدلت في مكانها، عيونها تعلقت بالشخص اللي قدامها...
يوسف
شهقت بصوت مخنوق، عقلها مش قادر يستوعب... مستحيل يكون هنا، مستحيل يكون راجع!
نور شهقت، قلبها وقع في رجليها، مستحيل... يوسف؟!
حست إنها بتحلم، لمست وشها بسرعة وكأنها بتأكد لنفسها إنها واعية، بس هو كان هناك، ملامحه كانت واضحة قدامها، عيونه اللي كانت دايمًا دافية، دلوقتي كانت غامقة بطريقة تخوف.
يتبع..........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
فتحت بُقها علشان تتكلم، بس صوتها مطلعش، دموعها نزلت تلقائي، مش مستوعبة، مش عارفة ده حقيقي ولا خيال.
يوسف مد إيده ولمس خدها بلطف، صوته كان هادي لكنه مليان ألم "نور..."
هزت راسها ببطء، ولسانها أخيرًا نطق بصوت متكسر "إنت... إنت رجعت؟"
يوسف مسح دموعها بإبهامه وقال بهمس "كنتِ فاكرة إني هقدر أعيش بعيد عنك؟"
نور شهقت تاني، كانت عايزة ترمي نفسها في حضنه، عايزة تصرخ فيه، تعاتبه، تقوله إنه وجعها، بس في نفس الوقت، كانت خايفة لو قربت، يختفي... يطلع مجرد وهم.
غمضت عيونها وقالت برجاء. "قول إن ده حقيقي... قول إني مش بحلم يا يوسف."
يوسف ابتسم، بس كانت ابتسامة حزينة، قرب منها وهمس جنب ودنها "ولو كنتي بتحلمي... متصحِيش."
فاقت وهيا بتنهج، عيونها بتدور في الأوضة كأنها بتحاول تلاقيه، تدور عليه، قلبها كان بيدق بجنون، بتحاول تستوعب... بس مفيش حد.
كل حاجة كانت مجرد حلم.
شهقت بصوت مسموع، حطت إيديها على وشها وهي بتهمس بصوت مهزوز "كان هنا... يوسف كان هنا، والله كان هنا... قال إنه مش هيقدر يبعد عني... قال كده..."
داليا جريت عليها بسرعة، مسكت إيديها وهي بتبص في وشها بقلق "نور... فوقي! إنتِ بتحلمي!"
مكانتش قادرة تصدق، دموعها نزلت أكتر، كان حقيقي، كانت حاسة بيه، لِمسته، سمعته، مش ممكن يكون مجرد حلم... مش ممكن!
داليا قربت منها وحضنتها، دموعها نزلت على منظر صاحبتها اللي كانت بتنهار بين إيديها، قلبها بيتقطع عليها، وهي مش عارفة تعملها إيه... مش عارفة تقولها إيه يخفف عنها الألم اللي جوّاها.
مروان كان قاعد في مكتبه، عيونه مثبتة على اللا شيء، عقله بيحاول يستوعب كلام المدير.
يعني إيه الوضع ساء بالشكل ده؟يعني إيه الإفلاس بقى أمر واقع؟
هو لسه ملحقش يفهم حتى.
والناس اللي قرروا يسيبوا الشغل دول؟ ليه فجأة بيتصرفوا كأن المركب بتغرق وكل واحد بيحاول ينجي بنفسه؟ ليه الوضع بيسوء بالسرعة دي؟
حياته كلها بقت سلسلة من النكسات، سواء على المستوى المهني أو العاطفي.
في حياته الشخصية، نور رفضته، وفي حياته المهنية، الشركة اللي شافها بتكبر قدام عينيه بتنهار حرفيًا.
وأكتر حاجة مخوفاه... والده.
لو عرف، هينهار.
الشركة دي عمر بالنسباله، فصل كامل من عمره.
سنين، سنين طويلة وهو بيشوفها بتكبر وبتوصل للقمة، بس دلوقتي؟
خلاص.
هو هيعرف ومحدش يعرف إيه اللي هيحصل بعد كده.
رن تليفونه، شاف اسم والدته على الشاشة، حرك إيده بتردد ورد عليها "ألو، ماما؟"
جاله صوتها مهزوز، مليان قلق وخوف "مروان... اشرف..."
وقف مكانه، إحساس غريب مسك قلبه، كأنه عارف إن في كارثة مستنياه "في إيه؟!" سأل بصوت متوتر
" اشرف في المستشفى يا مروان..."
الكلمة ضربته في صدره، سرقت منه أنفاسه للحظة
"إيه؟! مستشفى إيه؟ حصله إيه؟"
والدته صوتها كان بيترعش، بتحاول تهدى نفسها، لكنها فشلت
"جاتله جلطه يا مروان... الدكتور قال إن جاله جلطه في القلب"
جلطه؟ وفي القلب؟
الدنيا لفت بيه، حس إنه فجأة فقد السيطرة على كل حاجة حواليه.
باباه اللي كان دايمًا قوي، اللي عمره ما شافه ضعيف أو مستسلم... دلوقتي مرمي في المستشفى
"أنا جاي حالًا."
قفل المكالمة، قلبه بيدق بجنون، ودماغه بتصرخ بسؤال واحد
هل لسه هيلحق ينقذ اللي باقي، ولا خلاص كل حاجة انتهت؟
يوسف دخل أوضته وقفّل الباب وراه، رمى شنطته على الأرض وهو حاسس بتعب مش طبيعي... مش تعب السفر، لا، تعب قلبه اللي كان بيتقطع وهو بعيد عن نور.
رمى نفسه على السرير، مسك راسه بإيديه وهو بيحاول يوقف سيل الأفكار اللي مش سايباه... نور.
يا ترى عاملة إيه؟ هل هي بخير؟ هل بتفكر فيه زيه؟ ولا نسيته من أول لحظة؟
حاول يقنع نفسه إنها مش بتاعته، إنها بتحب حد تاني، بس قلبه كان بيصرخ في عقله... طب ليه مقالتش؟ ليه سابته يصدق إنها ليه؟ ليه حسّسته إنها بتحبه وهيا أصلاً بتحب غيره؟
شهق بوجع، فتح محفظته وطلع صورة ليها، كان باصص فيها لنور وهي بتضحك ببراءة... ضغط على الصورة بإيده، وكأنه بيحاول يمسك حاجة بتفلت منه، عيونه غمقت وهو يهمس لنفسه "ليه يا نور؟ ليه لعبتي بيا؟"
مروان دخل المستشفى بخطوات سريعة، قلبه كان بيدق بقوة، كان حاسس إن في حاجة وحشة مستنياه، أول ما وصل، لقى أمه قاعدة على الكرسي برا غرفة الطوارئ، دموعها نازلة وهي بتحاول تستجمع نفسها.
قرب منها بسرعة وقال بقلق "إيه اللي حصل؟"
رفعت راسها له بعيون غرقانه في الدموع، صوتها كان بيترعش وهي بتقول "باباك... حالته ساءت فجأة، جاتله مكالمة، وبعدها وقع فجأة، مقدرتش أفهم إيه اللي حصل، بس كان ماسك قلبه وبيتنفس بصعوبه"
حس بجسمه بيتجمد، عقله مش قادر يستوعب الكلام، أكيد عرف بالحقيقة، أكيد وصله الخبر إن الشركة بتنهار، وإن الوضع أسوأ مما يتخيل، لو ملحّقش يصلّح اللي حصل، أبوه ممكن يضيع منه للأبد.
في اللحظة دي، الباب اتفتح وخرج الدكتور، كان شكله جدي وقلق واضح في عينيه، مروان قرب منه بسرعة وقال بلهفة "دكتور، بابا عامل إيه؟"
الدكتور اتنهد وقال بصوت هادي لكنه حاسم "جاله جلطة في القلب، حالته كانت خطيرة، بس تدخلنا بسرعة، دلوقتي في العناية المركزة، بس محتاج مراقبة مستمرة، الوضع لسه مش مستقر."
مروان حسّ إنه فقد السيطرة على كل حاجة، قلبه وقع في رجليه، حس إن الدنيا بتلف بيه، لكن كل اللي قدر يقوله بصوت مهزوز "ممكن أشوفه؟"
الدكتور قال بعمليه " ٥ دقايق بس "
مروان هز راسه والدكتور مشي
والدته كانت واقفه جنبه ودموعها مبتقفش، قرب منها وقال " مينفعش بابا يشوفك كده يا ماما، هو كويس وإن شاء الله هيكون احسن"
في اللحظة دي، الممرضة خرجت وقالت "هو بدأ يستعيد وعيه، بس لسه محتاج راحة، ممنوع أي ضغط عليه."
دخل الاوضه بخطوات تقيلة، حسّ بالجو المشحون، والدته سابقته وراحت بسرعه ناحيته، عيونها مليانة دموع وملامحها مرهقة من القلق.
قرب من السرير، شاف والده نايم، شكله أضعف من أي وقت شافه فيه، قرب أكتر، بصوت هادي لكنه مليان إصرار قال
"أنا هرجع الشركة تاني، وهصلّح كل حاجة، بس أنت خليك كويس... اوعي تكسرني "
أشرف مقدرش يرد، كان تعبان، لكن مروان حسّ بإيده وهي بتتشبث بإيده بقوة ضعيفة، كأنه بيتمسك بيه، كأنه بيحاول يقوله إنه واثق فيه.
مروان حبس أنفاسه للحظة، حسّ بثقل المسؤولية اللي وقعت عليه، بس ماكانش عنده خيار، لازم يلحق الوضع قبل ما يفوت الأوان
عدّت الأيام، ونور لسه محبوسة في أوضتها، كأنها فصلت نفسها عن العالم كله.
الكل كان بيحاول يخرّجها من الحالة دي... سارة، هبة، ندى، ملك، حتى داليا، بس كل المحاولات باءت بالفشل.
كانت قاعدة على سريرها، حاضنه نفسها، عنيها منتفخة من العياط، مش بتاكل، مش بتتكلم، حتى موبايلها رمتُه بعيد علشان ميبقاش في أمل إنها تشوف رسالة منه أو يسمع صوتها.
ملك دخلت عليها للمرة الألف، بصتلها بحزن وقالت "نور، كفاية كده... حرام عليكي، إحنا مش قادرين نشوفك كده."
نور بصتلها بعيون فاضية، مفيهاش أي حياة، وقالت بصوت متكسر "أنا مش عايزة حاجة... مش عايزة حاجة من حد."
ملك قربت منها وحطت إيدها على كتفها "طب كلميه، اسأليه ليه مشي فجأة، يمكن في سبب."
نور هزّت راسها بقوة "لا... لو كان عايزني، مكنش سابني ومشي."
ملك سكتت، مفيش كلام ممكن يداوي الجرح اللي جوه نور، بس لسه في أمل... بس نور، هل هتفتح قلبها تاني؟
الأيام كانت بتعدي ببطء، وكل اللي في البيت كانوا تايهين، مش عارفين يتصرفوا معاها.
حتى داليا، اللي كانت أكتر واحدة قريبة منها، مكنتش عارفة تقول إيه أو تعمل إيه علشان تطلعها من حالتها.
هبة حاولت تكلم يوسف، بس تليفونه مقفول، محمد حاول يسأل عليه، لكن محدش عارف يوصله، كأنه اختفى من الدنيا تمامًا.
نور كانت قاعدة في سريرها، بتبص للسقف بعينين مش شايفة، وكأنها في عالم تاني، كل اللي كانت حاسة بيه هو الفراغ... الفراغ اللي سابه يوسف وراه.
ندى قربت منها يوم وسألتها بهدوء "نور... لسه بتحبيه؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نور مردتش، بس دموعها اللي نزلت بصمت كانت كفاية للإجابة
في الناحية التانية، يوسف كان غرقان في شغله، بيحاول يلهي نفسه، لكنه كان حاسس إن قلبه مكسور، كل يوم بيعدي عليه كان بيسأل نفسه سؤال واحد، ليه نور عملت فيه كده؟ ليه خليته يحبها وهو مجرد خيار تاني في حياتها؟
ريكاردو كان ملاحظ شروده، حاول يتكلم معاه بس يوسف كان بيغير الموضوع
نور كانت قاعدة في أوضتها، ضامة رجليها لصدرها، عيونها ثابتة على نقطة في الفراغ، مش بتتكلم، مش بتعيط، كأن روحها خرجت منها.
داليا دخلت وهي ماسكة طبق أكل، قربت منها بحذر وقالت بصوت مليان قلق
"نور، حبيبتي، كلي حاجة، والله هتموتي نفسك بالطريقة دي."
لكن نور مردتش، فضلت على نفس حالتها، وكأنها مش سامعة.
ملك قربت منها وحطت إيدها على كتفها بلطف "طب لو مش عايزة تاكلي، اتكلمي، قولي أي حاجة يا نور، إحنا خايفين عليكي."
لكن مفيش رد... الصمت كان سيد الموقف.
هبة وقفت وهي متضايقة "إحنا مش هنعرف نسيبك كده، يا نور لازم تخرجي من الحالة دي."
لكن نور كانت حاسة إن كل حاجة بقت رمادية، مفيش طعم لأي حاجة، حتى صوتهم كان بعيد، بعيد أوي...
محمد كان واقف قدام أوضة نور، مش عارف يعمل إيه، كلهم حاولوا معاها، كلهم حاولوا يخرجوها من الحالة اللي بقت فيها، لكن هي كانت رافضة تتكلم، رافضة تخرج، حتى الأكل بالكاد بتمسه، قلقه عليها زاد، ومكانش قدامه غير حل واحد، حد ممكن يكون ليه تأثير عليها... حسن، عمها
رفع الموبايل وكلمه، طلب منه يجي يشوفها، يمكن هو يقدر يعمل حاجة، حسن جِه بسرعة، وعينه كلها قلق عليها، دخل أوضتها بهدوء، شافها نايمة على سريرها، عيونها منتفخة، ودموعها بتنزل في صمت.
بمجرد ما شافته، حسّت كأنها لقت أمان كانت فاقداه، قامت بسرعة، جريت عليه، وحضنته بقوة، كأنها بتتمسك بيه عشان ما تقعش.
حسن حَسّ بوجعها، حَسّ إنها محتاجة تتغير، تخرج من المكان اللي بقى خانق عليها.
"هآخدك معايا، هتروحي معايا."
من غير تردد، من غير تفكير، هزّت راسها بسرعة "ياريت "
يوسف كان قاعد في مكتبه بيحاول يلهي نفسه بالشغل، مش قادر يركز، مش قادر يفكر في حاجة تانية غير نور، في اللحظة دي، دخل ريكاردو المكتب بوجهه الجاد وقاله "إيه بقى، مش ناوي تقول مالك؟"
يوسف اتنهد بعمق وحط إيده على جبهته، كأنه عاوز يهرب من التفكير، رد عليه بنبرة متعبة "مالي يا ريكاردو؟"
ريكاردو بَصله بتركيز وقال بتهكم "إنت مش شايف نفسك؟ مش عارف تشوف إنك مش زي ما كنت؟"
يوسف غمض عينيه وهو بيحاول يركز، لكنه مقدرش، رد عليه بصوت منخفض وبحزن "حبيت."
ريكاردو فاجأه بردة فعل غير متوقعة، قاله بابتسامة صغيرة "طب دي حاجة حلوة، إيه اللي مضايقك؟"
يوسف بَدَّل مكانه على الكرسي، وحس إن كل كلمة بيفكر فيها بتزيده ألم، قاله بصوت مكتوم "بس... متحبتش."
ريكاردو فَجأة سكت، فهم دلوقتي سبب ضيق يوسف
داليا ونور خرجوا مع حسن، وعيون الكل كانت متعلقة بيهم بحزن، الجو كان كئيب، وكأن البيت كله فقد روحه.
هبة كانت واقفة على جنب، بتحاول تكتم دموعها، وملك كانت ماسكة إيدها بقوة، كأنها بتحاول تثبت نفسها وما تنهارش. ندى قربت من نور وهمست "هتوحشينا، يا نور."
نور حاولت تبتسم، لكن الابتسامة ماوصلتش لعيونها، قالت بصوت واطي "وأنتوا كمان."
ادم قرب منها وقال " هبقى اكلمك اتطمن عليكي، متنسيناش"
هزت راسها بابتسامه
نهال خرجت وهيا معاها اكل وادته لداليا وقالت " خليها تاكل الأكل ده كله يا داليا، لازم تاكل وترد روحها"
داليا هزت راسها ونور قالت " تسلم ايدك وكل حاجه بس مش هاكل اي حاجه"
نهال قربت منها وضمتها بود " الأكل موجود عشان الإنسان يقدر يعيش ويكمل حياته، فملهوش دعوه بالزعل، لو كلمت داليا وقالتلي أن الأكل زي ما هو هزعل منك "
محمد وقف جنب حسن وقاله "خد بالك منها يا حسن."
حسن هزّ راسه بثقة وقال "في عيني، متقلقش."
نور أخدت نفس عميق، وحست إن اللي جاي مش سهل، بس مكنش عندها طاقة تقاوم، ركبت العربية مع داليا، وكل ما العربية تبعد عن البيت، كانت حاسة إنها بتبعد عن نفسها أكتر وأكتر.
ريكاردو بصّ ليوسف باستغراب، كأنه مش قادر يستوعب كلامه وقال
"إزاي يعني؟ إنت بتقول إنك حبيتها، بس هي محبتكش؟ متأكد؟"
يوسف ضحك بسخرية، ضحكة مالهاش أي روح، وقال وهو بيبص للفراغ "أنا كنت فاكر إنها ليا... كنت حاسس بيها، بتعاملها، بشوف في عيونها حاجة، بس فجأة اكتشفت إنها بتحب غيري، أو على الأقل... مكنتش ليا لوحدي."
ريكاردو سكت لحظة، ملامحه بقت جدية، وقال "وإنت عرفت منين؟ سألتها؟ سمعتها بتقول إنها بتحب حد تاني؟"
يوسف زفر بضيق، مسح وشه بإيده وقال
"أنا شوفت، شوفت بنفسي... شوفتها واقفه مع الدكتور بتاعها في مكان بعيد شويه عن الكليه، هما الاتنين واقفين مع بعض وهو قريب منها جدا، وهيا واقفه عادي، مش بتمنعه أنه يقرب منها اكتر ويلمسها، يبقى ايه يا ريك"
ريكاردو مسح على دقنه بتفكير وقال
"وإنت مديتهاش فرصة تشرح ليه كانت واقفه معاه وليه سمحت أنه يقرب؟ ممكن يكون في حاجه انت مش فاهمها"
يوسف سكت، دماغه بدأت تلعب في تفاصيل المشهد، في كل حاجة حصلت، في عيونها اللي كان فيها حيرة أكتر من رضا... بس هز راسه بسرعة كأنه بيطرد الفكرة دي، وقال بحسم "المهم دلوقتي إنها مش في حياتي، وأنا مش في حياتها. لازم أركز في شغلي وخلاص."
ريكاردو هز راسه بأسف وقال بهدوء "وأنت شايف إنك قادر؟"
يوسف مع إنه ساكت، لكن عينيه كانت بتقول الإجابة... لا
نور كانت قاعدة في أوضتها الجديدة، الجو حواليها كان كئيب رغم إن المكان نفسه مريح، كل حاجة كانت غريبة عليها، لكنها في الحقيقة مكنتش حاسة بأي حاجة غير الفراغ اللي جواها، داليا كانت قاعدة جنبها، بتراقبها وهي ساكتة، عيونها شاردة وكأنها في عالم تاني.
قربت منها، لمست إيدها بلطف وقالت بصوت هادي لكنه مليان إصرار "سافريله يا نور، سافري وافهمي ليه قالك إنه بيحبك وبعدها سابك ومشي."
نور رفعت عيونها ببطء، كانت متفاجئة من كلام داليا، لكنها كانت مرهقة لدرجة إنها مش قادرة تفكر صوتها طلع ضعيف وهي بتقول "أسافر؟! وهو حتى مردش عليا، مشي وسابني وكأننا عمرنا ما كنا حاجة لبعض."
داليا قربت أكتر، مسكت إيديها وضغطت عليهم بحنان "طب وإنتِ راضية بكده؟ راضية تفضلي هنا وانتي مش فاهمة حاجة؟ هتقدري تكملي حياتك وإنتي مش عارفة هو ليه اختفى فجأة؟"
نور كانت حاسة إنها تايهة، مش قادرة تفكر، بس جوه قلبها كان فيه صراع، جزء منها كان رافض يسيب كل حاجة كده، وجزء تاني كان متألم وخايف من الحقيقة
نور هزت راسها بقوة، دموعها كانت محبوسة في عيونها، لكنها رفضت تنهار تاني.
"لأ، مش هسافر، مش هروحله." صوتها كان ضعيف لكنه حاسم.
داليا قالتلها برجاء "نور، دي فرصتك، متضيعيهاش."
بس نور كانت خلاص خدت قرارها، شدّت الغطاء عليها ولفّت جسمها للناحية التانية، بتحاول تهرب من كلام داليا، بتحاول تهرب من الحقيقة كلها.
داليا فضلت قاعدة شوية، بتبصلها بحزن، وبعدها تنهدت واستسلمت.
"طيب... نامي، بس متظلميش نفسك، ولا تظلمي حبك ليه."
نور قفلت عيونها، لكن عقلها كان شغال، قلبها كان بيوجعها، بس مهما حصل... مش هتروح.
يوسف كان قاعد في اوضته، النور الخافت بينعكس على ملامحه المتعبة، عيونه متثبتة على شاشة موبايله، ورقم نور ظاهر قدامه.
إيده كانت بتتحرك لا إرادياً ناحية زرار الاتصال، بس كل مرة يتردد، يحس كأنه هيكسر الحاجز اللي بناه بإيده.
كان عايز يسمع صوتها، حتى لو ثانية، مش مهم اي حاجه تانيه... المهم يعرف أخبارها، هل هي بخير؟ هل هيا عايشه عادي ولا هيا زيه
اتنهد بضيق، غمض عيونه ورن، حط الموبايل على ودنه، نبضات قلبه بتزيد مع كل رنة...
ثانية... ثانيتين...
يتبع...........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
سمع صوت "ألو؟ مين؟"
يوسف شد نفس عميق، كانت داليا، مش نور
فجأة، كل رغبته إنه يسمع صوت نور اختفت، كأنه اتشل، سكت للحظات، وبعدين... قفل المكالمة بدون كلمة.
حط الموبايل على المكتب، حاسس إن صدره بقى أضيق، وإنه رجع لنفس الدوامة اللي حاول يهرب منها.
ساب الموبايل على المكتب، عيونه متسمرة عليه، عقله مش قادر يستوعب اللي حصل، ليه داليا هي اللي ردت؟ ليه مش نور؟
نور فين؟ ليه مردتش بنفسها؟
فكرة واحدة ضربت عقله بعنف، معقول حصلها حاجة؟، معقول هيا مش كويسه
بمجرد ما وصل للفكره دي اتنفض من مكانه، قلبه دق بسرعة، مش هيقدر يستحمل لو نور مش كويسة، مش هيقدر يتخيل إنها تعبانة أو بتعاني بسببه مثلا، حاول يقنع نفسه إنها ممكن تكون نايمة، ممكن تكون سايبة الموبايل بعيد، لكن عقله كان بيرفض التصديق.
شد نفس عميق، وبدون تفكير، مسك الموبايل من جديد ورن عليها تاني.
جرس... جرس...
الجرس استمر لثواني طويلة لحد ما أخيرًا داليا ردت بصوت واضح فيه الحدة.
"ألو؟ مين؟"
يوسف بلع ريقه وقال بسرعة "أنا يوسف."
داليا اتسمرت للحظة، كأنها مش مصدقة، وبعدها نبرت صوتها بقت مشدودة وهي بتقول "يوسف؟! أنت عايز إيه؟"
يوسف قال بدون تردد "نور فين؟ هي كويسة؟"
داليا ضحكت بسخرية وقالت "ودي حاجة تهمك؟"
يوسف شد نفس عميق، بيحاول يسيطر على أعصابه "نور فين يا داليا، ردي! ليه إنتِ اللي بتردي على تليفونها؟"
داليا حسّت بقلقه الحقيقي، لمست الحب اللي بيحاول يخفيه في نبرته، عرفت إنه فعلا مضطرب وخايف، لكنه بالنسبالها ميستحقش الراحة، فقررت تخلّيه يتوجع أكتر "انساها يا يوسف، نور مكانتش تستاهل اللي عملته فيها، وبما إنك قدرت تكسر قلبها، يبقى تنساها."
داليا سكتت لحظة، وبعدين بصوت بارد قالت "انت السبب في كل حاجة حصلتلها، ومتتوقعش إنك تعرف عنها أي حاجة بعد اللي عملته."
يوسف شد نفس عميق، بيحاول يسيطر على أعصابه، لكن نبرة داليا وجملتها الأخيرة نزلت عليه كأنها صفعة.
صوته طلع متحشرج "داليا، نور فين؟ هي كويسة؟"
داليا سكتت لحظة، حس إنها ممكن تكون بتفكر ترد عليه ولا لأ، لكنه كان سامع أنفاسها المتوترة، وكأنها بتحاول تخبي أي حاجة ممكن تفضح حقيقة وضع نور.
"مش مهم هي فين يا يوسف، المهم إنك مش في حياتها خلاص."
يوسف حس بكلماتها بتخترق صدره زي السكاكين، قلبه كان بينبض بسرعة، وهو مش قادر يستوعب إن نور مش بخير، وإنه السبب.
"داليا بالله عليكي، طمنيني، نور كويسة؟ حصلها حاجة؟"
داليا رفعت صوتها بانفعال " دي حاجه متخصكش، انساها فاهم؟!"
وبدون أي تردد، قفلت السكة في وشه.
يوسف فضِل ماسك التليفون بإيد متشنجة، عينيه متثبتة على الشاشة اللي اسودّت بعد انتهاء المكالمة، وقلبه بيدق بجنون، كان بس عايز يتطمن عليها أو يسمع صوتها، معقوله نور مش كويسه، وبسببه، بسبب غباءه
كان هيتجنن، مش قادر يهدى، لازم يوصل لنور بأي طريقة، فتح جهات الاتصال بسرعة جاب رقم ساره ورن عليها بدون تردد.
أول ما ردت، سمع صوتها بيقول بعتاب واضح "يوسف! أخيرًا قررت تعبرنا وتحن علينا؟"
شد نفس عميق وحاول يسيطر على مشاعره، وقال بسرعة "سارة، مفيش وقت للكلام ده، أنا عايز أكلم نور."
سارة سكتت لحظة، وبعدها قالت بلهجة مختلطة بين الحزن والغضب
"خبيتوا علينا علاقتكوا يا يوسف...بس ليه؟ ليه بعد ما علقتها بيك، تسيبها وتمشي؟ نور انهارت، ومحدش كان فاهم ليه، لولا إن داليا قالتلنا، نور حرفيًا قلبها انكسر يا يوسف."
الكلمات نزلت على قلبه كالصاعقة، هو كان متأكد إنها كويسة، إنها مع مروان، بس دلوقتي؟ فهم الحقيقة، فهم إنها بتحبه، وإنه كان غبي لما صدّق العكس، بس ليه؟ ليه سمحتله يقرب منها وهي عارفة إنها ممكن تخسره لو شافها في وضع زي ده؟ ليه خلته يفكر إنها لحد غيره؟
صوت سارة قطعه من دوامة أفكاره
"إيه؟ روحت فين؟"
اتنفس بعمق وحاول يتمالك نفسه، وبعدين قال برجاء "وصليني بيها، سارة، لازم أكلمها."
لكن ردها زاده توتر "للأسف، نور مش هنا... نور رجعت القاهرة."
يوسف حس بصدمة جمدت ملامحه.
"رجعت؟ يعني إيه رجعت؟"
يعني مش هيعرف يوصلها بسهولة، مش هيقدر يسيبها كده، مش هيقدر يعيش وهو مش عارف عنها حاجة.
قفل مع ساره بسرعه وبدون تردد رن على داليا، استنى، مفيش رد، رن تاني وتالت، برضو مفيش رد، رن كتير لحد ما سمع
"الهاتف الذي طلبته مغلق حاليًا..."
يوسف كان هيتجنن، مش قادر يفضل بعيد عنها وهو عارف إنها مش كويسة، لازم يوصلها بأي طريقة.
مسك تليفونه بسرعة ورن على ريكاردو، وأول ما رد عليه، قال له بصوت مضطرب
"ريك، احجزلي أول طيارة نازلة مصر، مش فارق أي خطوط، أي معاد، أهم حاجة أسافر فورًا!"
ريكاردو استغرب توتره وسأله " في إيه؟ حصل حاجة؟"
يوسف مكنش عنده طولة بال للكلام، فقطعه بنبرة آمرة "ريك، لو صاحبي بجد، متسألش، احجز وخلاص!"
ريكاردو فهم إن الموضوع مش عادي، فقال بجدية "خلاص، اعتبره تم... هبعتلك التفاصيل خلال دقايق."
يوسف قفل المكالمة وهو حاسس إن قلبه بيتسابق مع الزمن، لازم يكون هناك بأسرع وقت ممكن، لازم يشوفها، لازم يعرف إنها كويسة، لازم يسمعها بنفسه!
نور كانت نايمة، بتحاول تهرب من أفكارها، تهرب من يوسف، من كل الذكريات اللي مش قادرة تنساها رغم محاولاتها، كانت عارفة إن النوم هو الحل الوحيد عشان تهرب، بس يوسف بيطاردها حتى في احلامها
فاقت على صوت داليا وهي بتناديها بقلق، قربت منها بسرعة وجريت عليها "نور! إنتي كويسة؟"
نور بصتلها بعينين تعبانة، حركت راسها بإيماءة صغيرة من غير ما تنطق، كأن الكلام بقى حمل تقيل عليها حتى وهي بترد على أقرب الناس ليها.
داليا قعدت جنبها ومسكت إيديها بحنية
"حاسة بإيه دلوقتي؟"
نور حاولت تبتسم، لكنها فشلت، مجرد نظره في عيونها كانت كافية تقول كل حاجة، تعب، وجع، فراغ، مشاعر متلخبطة مش قادرة تفهمها ولا تتعامل معاها.
داليا لما شافتها كده فكرت تقولها أن يوسف رن، كانت مترددة، قلبها بيقولها تقول، لكن عقلها بيحذرها، بصّت لنور اللي كانت مسندة راسها على كتفها، شكلها مرهق وكأنها فقدت كل طاقتها.
كانت عايزة تقولها إنه رن، إنه كان مصمم يكلمها، وإن صوته كان مليان قلق وخوف عليها، بس هل ده هيكون في صالحها؟ ولا هتزود المها اكتر
اتنهدت بخفة، وبصّت للسقف وهي بتحاول تقنع نفسها إنها عملت الصح، نور مش ناقصة وجع تاني، ولو يوسف فعلاً مهتم، فهو لازم يلاقي طريقه ليها بنفسه.
نور بصت لداليا وطلبت منها تنام لأن الوقت اتأخر
"نامي جنبي."
داليا مترددتش، حست إن نور محتاجة حد جنبها، فقربت منها ونامت جنبها، نور فضلت صاحيه، الأفكار بتهاجمها من كل اتجاه، كأن عقلها رافض يسيبها تهرب للحظة راحة، مدت إيدها بتردد ناحية موبايلها، عارفة إنها بتفتح على نفسها باب من الوجع، لكن مقدرتش تقاوم.
فتحت صورها مع يوسف اللي كانت بتاخدها من مره للتانيه، دموعها نزلت في صمت، خدت نفس مرتجف وهيا حاسه انها بتنهار جزئيا، رمت الفون وهيا بتحاول متفكرش، امتى هترتاح بقا
تاني يوم الصبح، يوسف كان وصل مصر مش عارف هو وصل إمتى ولا إزاي، كل اللي يعرفه إنه لازم يشوفها، عقله مشوش، لكن إحساسه ثابت...مش هيسيبها تاني.
حاول يعرف مكانها وبعد معاناه قدر يوصل لمكانها، عرف إنها نازلة في فندق، قلبه كان بيدق بسرعة وهو واقف قدام مدخل الفندق، بيحاول يستجمع شجاعته.
هل هي عايزاه؟ هل هتسامحه؟
دخل بخطوات سريعة، سأل عن اوضتها،
الموظف رد ببرود "آسف يا فندم، ممنوع ندي معلومات عن النزلاء."
يوسف اتعصب، حس إن الدنيا بتضيق حواليه، قرب من الكاونتر وضرب عليه بإيده بقوة وهو بيقول بغضب "أنا لازم أشوفها! مش بمزاجك، قولي رقم أوضتها!"
الموظف اتوتر، بص حواليه كأنه بيطلب مساعدة من الأمن، لكنه حافظ على هدوئه وقال "لو سمحت يا فندم، لو حضرتك ممشتش هضطر أطلب الأمن."
يوسف كان خلاص هيخرج عن شعوره، سحب محفظته من جيبه وطلع منها كارت مهم، حطه قدام الموظف بحدة وقال "بص كويس قبل ما تكلمني بالقوانين!"
الموظف بص للكارت، عيونه وسعت، وقف بتركيز، حس إن الشخص اللي قدامه مش سهل، بلع ريقه بسرعة وقال باحترام "أنا آسف يا فندم، مكنتش أعرف… لحظة واحدة."
يوسف كان متعصب، عارف إن وقته ضيق وإنه لازم يشوفها، ضغط على أعصابه وهو مستني الموظف يخلص اتصالاته، قلبه بيدق بسرعة، إيده متشنجة على الكاونتر… لحظات وهيكون قدام نور، لحظات وهيشوفها أخيرًا.
الموظف قاله رقم أوضتها، ويوسف مستناش لحظة، طلع بسرعة، خطواته كانت سريعة ومتلاحقة كأنه بيجري ضد الزمن، وصل قدام باب أوضتها، وقف لحظة يلتقط أنفاسه، وبعدها خبط بقوة.
"نور!"
صوته كان مليان توتر ولهفة، خبط تاني، أقوى من الأول
"نور، افتحي!"
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
لكن مفيش أي رد، وقف لحظة، قلبه بيدق بسرعة، حاول يسمع أي حركة من جوه… ولا صوت.
مد إيده على مقبض الباب وحاول يفتحه، لكنه كان مقفول ضرب الباب بقبضته بغيظ، وبص حواليه بسرعة، لقى واحدة من فريق الهاوس كيبينج ماشية في الممر، راح عندها بخطوات سريعة وقال بلهجة أمرية "افتحيلي الأوضة دي حالًا!"
طلعت مفتاح الماستر، وبعد لحظات كانت الأوضة بتفتح.
يوسف دخل بسرعة، عيونه بتدور في كل زاوية، قلبه بيدق بجنون… لكن الأوضة كانت فاضية
وقف في النص، أنفاسه كانت مش منتظمة، عيونه بتدور في المكان كأنه متأكد إنها لازم تكون هنا، لكن مفيش أي أثر ليها
يوسف نزل بسرعة، خطواته سريعه وعينيه بتمسح المكان بجنون، بيدور عليها في كل زاوية، كل ممر، كل تجمع، قلبه كان بيدق بسرعة، كأنه بيحاول يسبق الزمن عشان يوصلها قبل ما تضيع منه تاني.
عدى بين الناس من غير ما ياخد باله من أي حد، كان شايفها هي وبس… لازم يلاقيها.
وفجأة، وقعت عيونه عليها.
كانت واقفة بعيد، جنب داليا.
نور…
ملامحها كانت شاحبة، عيونها فاقدة بريقها المعتاد، وكأن الحياة انسحبت منها ببطء، واقفة بهدوء، لكن حتى من بعيد كان واضح إنها مش بخير.
وقف للحظة، كأن كل الأصوات حواليه اختفت، كل اللي كان شايفه هو نور…يا الله...ضعيفة...متعبة...منهكة.
حس بغصة في حلقه، وبدون تفكير، اتحرك ناحيتها بخطوات سريعة، مش هيسمح لها تهرب منه المرة دي.
قرب منهم، قلبه بيدق بسرعة، وعينيه مش قادرة تبعد عنها، مجرد ما شافته، اتصدمت، شهقت بهدوء وهمست لنفسها "يا ترى ده حلم ولا بجد؟"
ملامحها كانت مشوشة، كأن عقلها بيرفض يصدق اللي شايفه، داليا استغربت وجوده وكانت على وشك الاعتراض، بس صوته سبقها وهو بينطق اسم نور بصوت كله شوق
"نور؟!"
نور حسّت إن ده مش حقيقي، مستحيل يكون قدامها دلوقتي… غمضت عينيها بعنف كأنها بتحاول تصحى من حلم عالق في عقلها، بس لما فتحتها تاني، كان لسه واقف قدامها.
داليا نطقت بدهشة "يوسف؟! انت هنا ازاي؟"
نور سمعت صوتها، وكأن عقلها بدأ يستوعب الحقيقة، لا… مش حلم، يوسف هنا… يوسف رجع!
قرب منها أكتر، عينيه بتحاول تتعلق بأي تعبير على وشها، هو افتقدها بطريقة مكنش متخيلها، نور همست، صوتها كان مهزوز "انت… بجد؟"
يوسف قرب أكتر، صوته كان فيه حزن، ندم، شوق "أنا آسف…"
داليا اتدخلت، كانت لسه مش مستوعبة إزاي وصل هنا "انت جيت هنا إزاي؟ مين قالك على المكان؟"
يوسف بصلها بثبات وقال بهدوء واضح فيه إصرار "سيبينا لوحدنا شوية."
داليا عقدت حواجبها برفض، لكن قبل ما تنطق، شافت في عيونه أمر غير قابل للنقاش، نظره كلها رجاء وحدّة في نفس الوقت "لو سمحتي."
اترددت، كان نفسها تعترض، لكنها حسّت إن نور محتاجة اللحظة دي، وإنها لازم تسيبهم، أخدت نفس عميق، وبخطوات مترددة، مشيت بعيد عنهم، تراقب من بعيد.
نور فضلت واقفة مكانها، مش مصدقة إنه قدامها، إنه رجع بعد ما كانت متأكدة إنها مش هتشوفه تاني.
يوسف كان شايف كل التعب والوجع اللي على ملامحها، وشها الشاحب، نظرتها اللي فقدت لمعة السعادة، أدرك إنه هو السبب، هو اللي كسرها بالطريقة دي.
قلبه وجعه… نور بتحبه، بتحبه بجد.
فضلوا واقفين في مواجهة بعض، هي ساكتة، وملامحها متجمدة، وهو بيحاول يلاقي الكلمات الصح، لكن كل حاجة تاهت منه قدام عينيها اللي كانت مليانة وجع.
مد إيده بهدوء، كأنه خايف تهرب منه، صوته كان مكسور وهو بيقول
"نور، أنا... أنا غبي، أنا غلطت، بس صدقيني... مكنتش اعرف، مكنتش فاهم"
سكتت نور للحظات، دماغها مش قادرة تستوعب كلامه، صوتها كان ضعيف وهي بتقول "مكنتش فاهم إيه؟ مين فينا اللي مش فاهم؟ مين اللي انسحب واختفى فينا؟ علشان افهم بس"
بصتله بعيون مليانه وجع، كأنها بتحاول تصدق أنه واقف قدامها دلوقتي، أنه رجع بعد ما كسّرها.
"أنا كنت... ومازلت بموت، أنا..." صوتها اترعش وهي بتكمل، دموعها كانت على وشك النزول "أنا اتدمرت، قلبي اللي حبك اتكسر، فوضحلي... مكنتش فاهم إيه؟!"
يوسف خد نفس عميق، كأنه بيحاول يجمع شجاعته عشان يعترف
"أنا شوفتك..." صوته كان متردد، لكنه كمل "شوفتك معاه، مع مروان، كان قريب منك، وكان... بيلمسك، وانتي سمحتي أن ده يحصل، فكرتك رفضاني وبتحبيه"
عيونها وسعت بصدمة، اتجمدت مكانها، مش مصدقة اللي سمعته، هو مشي وسابها بسبب كده؟ هو افتكرها مع مروان؟ فكر أنها بتحب حد غيره؟ ده السبب؟!
حست كأن الأرض بتتهز تحتها، كأن كل الألم اللي مرت بيه كان بسبب سوء فهم سخيف.
رفعت عينيها له، مزيج من الغضب، الجرح، والخذلان باين في نظرتها
"أنت... سبتني عشان كده؟ ده السبب؟!" صوتها كان أشبه بهمس، بس كل حرف فيه كان مليان وجع.
يوسف بلع ريقه، مش قادر يواجه نظرتها، بس نور مسكتتش، كملت بصوت أعلى، مليان انكسار "افتكرتني بحب غيرك؟ افتكرتني ممكن أكون مع حد تاني؟"
شهقت وهي بتهز راسها بعدم تصديق، ضحكة مريرة طلعت منها
"ياااه... وأنا اللي كنت فاكرة أنك تعرفني، كنت فاكرة أن يوسف اللي بحبه مستحيل يكون سطحي كده، كنت الفتره اللي فاتت دي كلها بفكر ايه اللي ممكن اكون عملته عشان استاهل منك كده، عشان تكسرني كده؟!"
قربت منه خطوة، مركزه في عيونه، دموعها أخيرًا سابت حبسها ونزلت
"كنت مستنية تكلمني، تواجهنى، تسألني حتى، بس بدل ده، أنت اخترت تسيبني، اخترت تعاقبني وأنا حتى معرفش أنا غلطت في إيه."
يوسف حرك شفايفه كأنه عايز يقول حاجة، بس نور مدتهوش فرصة، بصتله بألم أعمق وهي بتهمس "أنا كنت بموت يا يوسف، كنت بموت كل يوم وأنت بعيد... وأنت سبتني عشان أوهامك."
لحظة صمت قاتلة وقعت بينهم، لكنه حس إنها أقوى من أي صراخ، حس إنه خسرها... مش بس بسبب سوء الفهم، لكن لأنه محاربش عشانها، لأنه صدّق بسهولة أنها مش ملكه.
بس هل لسه في فرصة؟ هل ممكن تسامحه؟
يوسف حس بقهر، الطريقة اللي قالت بيها إنها بتحبه، التوقيت، كل حاجة زادت وجعه، حس إنه كان غبي، كان أعمى.
صوته طلع ضعيف وهو بيقول
"لو كنت فضلت ثانية زيادة، كنت قـ ـتلته، كنت فاكرِك بتحبيه، قولت يبقى لازِمتي إيه في حياتِك لو إنتِ بتحبي حد تاني؟"
نور أخدت نفس سريع، كأنها بتحاول تهدي نفسها، لكن الألم كان واضح في ملامحها، قالت بمرارة
"بدل ما تواجهني... تسيبني وتمشي؟ أنا مش فاهمة، إنت ليه مشيت؟ ليه؟ إمبارح كنت بتقولي بحبك، وإنك مش هتسيبني، والنهارده تختفي وتقرر إنك مش راجع؟ طب وليه رجعت دلوقتي؟ ليه؟!"
يوسف قرب منها خطوة، عيونه بتترجاها تفهم، صوته كان مليان ندم "عشان بحبِك، مش قادر أبعد عنكِ أكتر من كده، فكرت... فكرت إن لازم أجي وأشوفك، أشوف إنتِ كويسة؟ عايشة حياتِك إزاي؟ عشان... بحبكِ."
نور بعدت خطوة، نظرتها كانت نار، صوتها خرج مرتعش، لكنه مليان غضب وقهر "أوعى تقول الكلمة دي تاني... يا كداب."
عينيها اتملت بالدموع، كأنها مش مصدقة إنه واقف قدامها وبيقول إنه بيحبها بعد كل اللي حصل، بعد ما دمّرها.
"إنت كداب، قدرت تسيبني، قدرت تتخلى عني، عيشتني أسوأ لحظات في حياتي!"
فجأة، بكل الألم اللي جواها، بكل القهر اللي حسّت بيه، رفعت إيديها وضربته بقوة في صدره، كأنها بتحاول تفرغ كل اللي فيها "أنا بكرهك يا يوسف! بكرهك!"
ضربته تاني، بصوت أعلى، دموعها بتنزل غصب عنها
"بكرهك! بكرهك وبكره قلبي اللي حبك! بكرهك!"
يوسف وقف مذهول، شايف الوجع الحقيقي اللي سببه ليها، شايف انهيارها قدامه، مش عارف يعمل إيه، مش عارف يقول إيه، فملقاش غير إنه يقرب منها، يمسكها من أكتافها بقوة، يحاول يهديها، يحاول يثبتها "لاء يا نور، إنتِ بتحبيني، وإنتِ عارفة كده كويس، وعارفه اني مقدرش أعيش من غيرِك!"
نور حاولت تبعد عنه، لكن إيده كانت ماسكة فيها، كانت بتحاول تهرب، تهرب من اللي بتحسه، تهرب من يوسف، تهرب من حبها ليه، لكن صوتها طلع مليان انهيار وهي بتقول "زي ما قدرت تبعد الفترة اللي فاتت، هتقدر تاني! إحنا مش لبعض، إحنا خلصنا، انتهينا!"
نور سحبت نفسها منه بعنف، عيونها كانت مليانة دموع لكنها رفعت رأسها بكبرياء مجروح "مستحيل أقبل أسفك، زي ما ظلمتني ومفهمتش مني، هتشوف يا يوسف... هتخطاك!"
يوسف وقف مكانه، شعره، أنفاسه، روحه كلها كانت مضطربة، نور كانت موجوعة منه، موجوعة أوي، وحس إنه خسرها... للأبد
يتبع............
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نور مشيت وسابته، اختفت من قدامه بسرعة رهيبة، كأنها كانت مستنية اللحظة دي عشان تهرب، كأنها خايفة لو فضلت ثانية زيادة قدامه تنهار أكتر، تعترف أكتر، تتألم أكتر.
أما هو، ففضل واقف مكانه، مصدوم، مبهوت، عقله مش قادر يستوعب إنها بتمشي، إنها بتسيبه، إنها بتمحيه من حياتها كأنه ولا كان.
بس هو مش هيقدر يسيبها.
هو بيعشقها.
محبش قدها.
محبش غيرها أصلاً.
عينه فضلت ثابتة على المكان اللي اختفت فيه، كأنه متأكد إنها هترجع، إنها لازم ترجع، لكن الوقت كان بيعدي، وهي اختفت خلاص.
فاق من أفكاره فجأة على صوت داليا، كانت واقفة جنبه، عيونها حزينة، صوتها هادي لكنه مليان صدق "نور موجوعة أوي، حبتك بجد، فهتلاقيها مجروحة منك أوي."
بصلها يوسف، كانت كلمتها زي سكينـ ـه في صدره، كأنه لأول مرة بيشوف جرح نور الحقيقي، لأول مرة بيشوف قد إيه هو السبب في ألمها.
داليا كملت بصوت أهدى، لكنها كانت بتطبطب على وجعه من غير ما تحس
"بس معاك كارت رابح، نور بتحبك."
يوسف ضحك بسخرية، سخرية حزينة موجوعة، بصلها وقال بمرارة "هتفرق؟ بعد ما قالتلي بكرهك؟ بعد ما بصت في عنيا وقالتها؟ هتفرق؟"
داليا هزت راسها بتأكيد، مفيش ذرة شك في صوتها وهي بتقول "نور بقت كويسة برجوعك يا يوسف، مادام رجعت، فهيا تقدر ترجع زي ما كانت، أوعى تسيبها، نور هتنهار لو سبتها، خليك وراها، متتنازلش عنها، متسيبهاش تضيع منك تاني."
يوسف بصلها، كان عايز يصدق كلامها، عايز يتعلق بيه كأنه طوق نجاة.
داليا قربت منه أكتر وقالت بحزم
"وأنا مستعدة أعمل أي حاجة عشانها، وعشان أشوفها مبسوطة تاني."
يوسف أخد نفس عميق، كأنه قرر، كأنه خلاص عارف هو هيعمل إيه.
مش هيسيبها.
مش هيفرط فيها.
ومهما قالت، مهما حاولت تبعد...
هترجعله.
نور طلعت اوضتها بسرعه، بمجرد ما الباب اتقفل وراها، كأن آخر خيط كان رابطها بالتماسك انقطع.
رجليها خانتها، وقعت على الأرض وهي بتحاول تاخد نفس، بس أنفاسها كانت متقطعة، مش منتظمة، كأنها بتغرق.
إيديها كانت بتترعش، ضمتهم على قلبها كأنها بتحاول تهديه، لكن نبضاته كانت عنيفة، مش راضية تهدا.
عيونها دمعت، بس الدموع ما كانتش مجرد دموع حزن… كانت دموع قهر، وجع، و... خوف.
خايفة من نفسها، خايفة من اللي حسّت بيه وهي قدامه، خايفة إنها تنهار أكتر، خايفة إن كل الكلام اللي قالته كان مجرد محاولة فاشلة لإقناع نفسها إنها فعلاً بتكرهه.
"بكرهك… مش بحبك…"
قالت الكلمات لنفسها بصوت متحشرج، كأنها بتحاول تزرعها جواها غصب عنها، بس قلبها ما صدّقش، ما استجابش، بالعكس… كان بينبض باسمه رغمًا عنها.
قامت بسرعة، كأنها بتحاول تهرب من أفكارها، راحت ناحية المراية، بصت لنفسها، شافت انعكاس وشها اللي كان مليان ملامح توتر، ضعف، ودموع.
"عمري ما هسامحك، ابدا"
قالتها وهي بتحاول تمسح دموعها بعنف، بس عيونها فضلت تلمع بالحزن، بالإحساس اللي كانت بتصارع نفسها عشانه.
حاولت تتنفس بعمق، تقنع نفسها إنها كويسة، بس الحقيقة كانت واضحة…
هي مش كويسة.
هي لسه بتحبه، بس مش قادرة تسامحه.
والتناقض ده… بيقتلها.
سمعت خبطة خفيفة على الباب، عرفت فورًا إنها داليا، أخدت نفس عميق، حاولت تظبط صوتها، لكن قبل ما حتى ترد، الباب اتفتح ببطء، وداليا دخلت.
"نور..." داليا نطقت اسمها بصوت هادي
نور لفت وشها الناحية التانية ومسحت دموعها بسرعة "أنا كويسة يا داليا"
داليا قربت منها "أيوه، واضح جدًا قد إيه إنتِ كويسة."
نور حاولت تهدى نفسها، لكن صوتها طلع مهزوز "أنا بس... اتفاجئت، مكنتش متخيلة أشوفه تاني."
داليا سكتت لحظة قبل ما تقول "وإحساسك إيه دلوقتي؟"
نور عضت شفايفها، مش قادرة تجاوب، مش قادرة تعترف إنها لسه بتحبه، مش قادرة تقول إنها نفسها تجري عليه وتحضنه وتقول له إنه وحشها كل يوم في بعده، لكنها مش هتسمح لنفسها بكده، مش بعد الوجع اللي عاشته بسببه.
"حاسه إن... كل حاجة بترجع تاني، وأنا مش عايزة كده، مش عايزة أوجع نفسي تاني."
داليا حطت إيدها على إيد نور وقالت بهدوء "بس إنتِ لسه بتحبيه، مش كده؟"
نور سحبت إيدها بسرعة "مش مهم! الحب مش كفاية، الحب هو اللي وجعني في الأول، الحب مخلانيش أنسى، الحب هو السبب في كل حاجة."
داليا بصتلها وقالت بجملة واحدة كانت كفيلة إنها تهزها "والبعد كان مريّحك؟"
نور اتجمدت مكانها، مش قادرة ترد.
الحقيقة إنها عمرها ما ارتاحت، عمرها ما نسيته، وكل يوم كان بيفوت عليها وهي بتتخيل شكله، صوته، لمساته.
لكنها عنيدة... وبتحاول تقنع نفسها إنها لازم تفضل قوية.
يوسف خرج من الاوتيل وهو تايه، مش حاسس برجله وهي بتتحرك، مش سامع أي حاجة غير صوتها وهي بتصرخ فيه
"أنا بكرهك! بكرهك وبكره قلبي اللي حبك!"
الكلمات دي كانت زي السكينـ ـه، كل حرف فيها كان بيجرحه، بيقطّع قلبه حتة حتة، كان متأكد إن نور مجروحة، متأكد إنها لسه بتحبه، بس برضو… مش قادرة تسامحه.
وقف قدام عربيته، حط إيده على السقف وحاول يهدّي أنفاسه، بس صدره كان ضيق، كأنه مش قادر ياخد نفسه، لأول مرة يحس بالعجز بالشكل ده، لأول مرة يحس إنه مش عارف يعمل حاجة.
فتح باب العربية بعصبية، ركب ومسك الدركسيون بإيدين بيترعشوا، ضغط بإيده عليه كأنه بيحاول يمسك نفسه، كأنه بيحاول يمنع إحساس الندم اللي كان بيكسر ضلوعه.
"أنا السبب… أنا اللي خليتها توصل للحالة دي."
غمض عيونه بقهر، افتكر عينيها اللي كانت مليانة دموع، ارتجاف صوتها وهي بتقوله إنه انتهى من حياتها، بس الحقيقة اللي كان عارفها أكتر من أي حد… إنه ما انتهاش، وهو مش ناوي ينتهي
بص قدامه، خد نفس عميق، وبعدها… لف مفتاح العربية وانطلق.
في مكان تاني.... معتز كان قاعد سرحان، عينه ثابتة على الكوباية اللي في إيده، بس عقله في مكان تاني خالص، ملامحه متوترة، كأنه بيفكر في حاجة مش قادرة تسيبه في حاله.
صاحبه اللي قاعد معاه لاحظ شروده، نفخ بإحباط وسأله "سرحان في إيه يبني؟"
معتز فضل ساكت لحظة، بعدين خد نفس طويل وقال بصوت هادي لكنه مليان غل "في نور."
صاحبه رفع حاجبه باستغراب وضحك بسخرية "إنت لسه محَرّمتش؟! نور إيه اللي لسه بتفكر فيها بعد كل اللي حصل؟"
معتز ساب الكوباية على الترابيزة، ضحك ضحكة مفيهاش أي فرحة وقال "لولا إن الزفت يوسف ده جه، كانت زمانها مراتي دلوقتي."
صاحبه قال وهو بيشاور بإيده " وخد بالك انه حذرك منه وقالك تبعد، وإنت عارف إنه مش بيهزر!"
معتز بصله بنظرة كلها جنون وقاطعه بسرعة "هيعمل إيه يعني؟ آخره إيه؟ تحذير فاضي؟"
صاحبه بصله بذهول وقال "إنت مش شايف نفسك حصلك إيه؟ ده خطفك شهر كامل، والناس كلها كانت بتسأل عليك! أومال لو مش بيحذرك كان عمل فيك إيه؟"
معتز شد فكه، عنيه مليانة حقد، صوته طلع هادي لكنه مرعب "وأنا مش هسكت، مش هسيب حقي، ولو هو فاكر إنه ممكن ياخد نور مني يبقى غلطان… يا إما نور تبقى ليا، يا إما مش هتكون لحد تاني خالص!"
بالليل رجع الأوتيل وحجز فيه من غير تفكير، هو مش بس عايز يكون قريب منها، هو مش ناوي يسيبها ابدا
تاني يوم صحي من نومه على صوت رسالة من داليا، فتحها وقرأها
"إحنا في كافيه الأوتيل، قدامنا نص ساعة لو عايز تيجي."
ابتسم ابتسامة خفيفة، حان الوقت أنه يبدأ المعركه
قام بسرعه لبس هدومه على عجله، وبخطوات ثابتة راح ناحية الكافيه، كان المكان هادي، صوت الموسيقى الخافت بيدّي جو مريح، وعينه ما أخدتش وقت عشان تلاقيها، كانت قاعدة مع داليا، بتتكلم، بتبتسم بخفوت، بس هو عارف الابتسامه دي... مش ابتسامه سعيدة، ابتسامة حد بيحاول يقنع نفسه إنه بخير.
داليا لمحته، وعينيها قالتله كل حاجة من غير كلام "اتصرف، بس بذكاء"
نور لاحظت أن داليا مش معاها، حسّت بحاجه غريبه، كأن الجو حواليها اتغيّر، كأن حد دخل المكان وسرق منه كل الأكسجين.
نظرتها اتحركت لا إرادياً ناحية الباب... وهناك كان واقف.
يوسف.
واقف بثقة، عيونه بتدور في المكان، ولما شافها، لمحت ابتسامة خفيفة جدًا على طرف شفايفه
حسّت بجسمها بيتجمد للحظة، ضربات قلبها سريعه
هو هنا.
قريب.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
فجأه، خدت شنطتها وانسحبت، داليا اللي كانت واخدة بالها من كل حاجة، قالت بهمس سريع "نور، استني، مت..."
لكن نور قامت من مكانها في ثانية، من غير ما تبص وراها، من غير أي كلمة، مجرد انسحاب صامت لكن واضح جدًا.
خطواتها كانت سريعة، أقرب للهرب، قلبها بيخبط في ضلوعها، مش عايزة تواجهه، مش قادرة تشوفه تاني، مش جاهزة تحس كل حاجة مؤلمة دفعة واحدة.
كانت على بعد خطوة واحدة من باب الكافيه، خطوة واحدة وتخرج من الدايرة اللي بقت تخنقها، من وجوده، من صوته، من إحساسها اللي بيضعف قدامه رغم كل شيء.
لكن قبل ما تخرج حسّت بإيد قوية بتمسك دراعها.
اتجمدت.
حاولت تسحب دراعها فورًا، لكن قبضته كانت محكمة، لفتله بسرعة، والغضب في عينيها متوهج، لكن أول ما شافته قدامها بالشكل ده، قريب كده، نظراته متسلطة عليها بقوة، فقدت الكلام للحظة.
يوسف كان ثابت، عيونه مفيهاش أي تردد، بالعكس، فيها تصميم قاتل، صوته خرج هادي لكنه كان نغمة أوامر مش طلبات
"هربتي كتير، كفاية كده."
نور حاولت تسحب دراعها بعصبية أكتر، لكن يوسف متراجعش، بالعكس، قرب خطوة، المسافة بينهم بقت شبه معدومة.
"سيبني "
"لاء"
نبرة كلمته قطعت أنفاسها، بسيطة، حاسمة، مفيهاش مجال لأي مقاومة.
بصتله بحده، نبرة صوتها كانت واطيه " انت مش بتعرف تقول غير لاء، لازم تبقى متحكم وبس؟!"
بصلها وقال بهدوء" لاء بعرف اقول غير لاء، بعرف اقول اني اسف واني ندمان وعايزك ترجعيلي"
يوسف كمل، باصص في عنيها بتركيز، مش عايز يسيب لها مجال تهرب تاني
"عارف إن آسف مش كفاية، وعارف إنكِ مش هتسامحيني بسهولة، بس كان لازم أقولها."
رفعت عينيها ليه، ملامحها كانت باردة، متماسكة رغم الارتجاف الخفيف اللي مر في صوتها وهي بترد عليه "أسفك مرفوض."
كلمتها نزلت عليه تقيلة، لكنه رفض يستسلم، قبضته ارتخت بس لسه ثابتة، عيونه بتحاول تقنعها إنها تسمعه، إنها تفهم
"نور أن........"
قاطعته قبل ما يكمل، نبرتها كانت حادة، حاسمة، مليانة وجع دفين "ومتضطرنيش اختفي يا يوسف"
وقف في مكانه، اتجمد للحظة، عنيه لمعت بانفعال واضح، لكن قبل ما يقدر يرد، هي كملت، صوتها كان أوطى، لكنه موجع أكتر
"لأني لو اختفيت، مش هتعرف توصلي، وهبقى على الأقل دوّقتك اللي أنا حسيته لما مشيت، بس الفرق إن اللي عملته فيا كان أسوأ... لأنك مشيت من غير حتى ما تفهمني حاجة."
الكلمات كانت زي السكـ ـينه، غرزت في قلبه ببطء، بس بدقة، خلته يحس بنفس الألم اللي عاشته، بنفس الضياع اللي غرقت فيه وهي بتحاول تفهم ليه سابها فجأة
قرب منها وقال "مش ببساطة يا نور، أنا كنت غلطان، غلطان في كل حاجة، ولو ينفع أرجع بالزمن وأغير أي حاجة، كنت هعملها، بس أنا قدامك دلوقتي، مش طالب حاجة غير إنك تعرفي إني بندم على كل لحظة وجعتك فيها."
نور فضلت ساكتة، مش قادرة تنطق، يوسف شاف ترددها، شاف نظرة الألم اللي حاولت تخفيها، وعرف إنه مهما كانت عنيدة، لسه في قلبها جرح بسببه... ولسه هو الوحيد اللي ممكن يداويه.
لكنه برضو عارف إن ده مش هيحصل بسهولة، فبهدوء، ولأول مرة، ساب دراعها... لكن قبل ما يبعد، بصّ ليها وقال بصوت خافت لكنه قوي "أنا مش مستني منك تسامحيني دلوقتي... بس مش هبطل أحاول، مش هبطل أثبتلك إنك عمرك ما كنتي مجرد مرحلة، ولا كنتي مجرد ذكرى، أنتِ بالنسبالي البداية... والنهاية."
وبعدها، من غير ما يستنى ردها، لف ومشي، سابها واقفة مكانها، بتحاول تستوعب كلماته، بتحاول تسيطر على مشاعرها اللي كانت هتفلت منها لأول مرة من فتره
عدى كام يوم بعد اللي حصل في الكافيه، نور كانت مصممة إنها تتجنب أي مواجهة تانية مع يوسف، وكانت قافلة على نفسها في أوضتها أغلب الوقت، مش عايزة تخرج كتير علشان متقابلهوش بالصدفة.
داليا كانت معاها طول الوقت، بتراقبها وهي بتتصرف كأن الموضوع كله مفرقش معاها، لكن داليا كانت عارفة إن ده مجرد تمثيل، وإن جواها بركان مشتعل
نور كانت قاعدة في الأوضة، بتقلب في موبايلها بشرود، داليا فجأة وقفت قدامها وقالت بحماس "قومي البسي، هننزل شوية."
نور رفعت عيونها "ننزل فين؟"
داليا ابتسمت بإقناع مصطنع " ننزل نفطر تحت في الكافيه، زهقت من الأكل في الأوضة، وبعدين الجو حلو، مش هتقعدي محبوسة كده طول الوقت!"
نور زفرت وهي بتقول بلا مبالاة "مش عايزة أنزل، روحي لوحدك."
داليا قربت منها وقعدت جنبها على السرير، لمست إيدها بلطف وقالت بصوت هادي "نور، عارفة إنك مش طايقة حاجة دلوقتي، بس بجد… انزلي غيري جو، هتفضلي هربانة كده؟"
نور عقدت حواجبها وقالت بحذر "أنا مش بهرب، بس مش عايزة اشوفه تاني، مفيش حاجة تتقال أصلاً."
داليا ابتسمت وكأنها موافقة، وهزت راسها "وأنا معاكِ، لو حصل أي حاجة، هنمشي فورًا، هااا؟"
نور فضلت تبصلها لحظة، بعدين زفرت بتوتر، أخيرًا استسلمت وقالت بضيق " تمام"
نور وداليا كانوا نازلين في الأسانسير، الأسانسير فتح في اللوبي، نور شافت يوسف واقف مستني، ملامحه هادية لكن عيونه مترقبة ليها.
نور وقفت فجأة، قلبها دق بسرعة، لفت لداليا فورًا بنظرة مصدومة " ده بجد؟!"
داليا مستحملتش تواجه نظرتها، فحركت راسها بسرعة وقالت "أنا آسفة، بس ده كان لازم يحصل."
نور اتصدمت، لفت بسرعة علشان ترجع للأسانسير، لكن داليا كانت أسرع، دخلت الأسانسير وقفلت الباب وراها
"داليا! افتحي الباب!" نور صوتها كان مشحون بالغضب، لكنها سمعت صوت داليا من الناحية التانية "هفتح… بس بعد ما تسمعيه."
نور عضت شفايفها بعصبية، لفت ببطء، وعيونها قابلت عيون يوسف، اللي قال بهدوء "أنتِ مجبرة تسمعيني."
ودي كانت بداية المواجهة اللي حاولت تهرب منها…
بصتله وقالت بصوت متحشرج "مش عايزة أسمع، عايزة أمشي."
"لما تسمعيني الأول."
الهدوء في صوته أربكها، خلاها تقف في مكانها للحظة، قبل ما تزفر بغضب وتكتف إيديها وهي بتبصله
يوسف اخد نفس عميق، وكأنه بيحاول يجمع شجاعته، قبل ما يقول بصوت هادي لكنه مليان يقين "عارف إنكِ موجوعة، وعارف كمان إنكِ ممكن تكوني كرهتيني فعلاً، بس قبل ما تحكمي على كل حاجة، عايز أوضحلكِ نقطة واحدة."
يوسف ركز نظراته عليها، وكمل بهدوء "أنا مش غلطان لوحدي."
نور اتصدمت للحظة، رفعت حاجبها بدهشة، يوسف حرك راسه بإصرار، عيونه كانت مليانة مزيج من الألم والصدق
"متستغربيش، أنا مش غلطان لوحدي، آه، غلطان، بس أنتِ كمان غلطانة."
نور عقدت حواجبها، لكن يوسف مسابش ليها فرصة ترد، كمل بسرعة قبل ما تقاطعه "لحد اليوم اللي مشيت فيه، عمري ما كنت متأكد من مشاعرك ناحيتي، اه كنتِ بتظهري حاجات، وكنت حاسس بيها، لكن عمرك ما قلتيها، كنتِ بتهربي دايمًا، كنتِ بتتفادي أي حاجة تتعلق بالمشاعر، كل مرة أحاول أفهمكِ… تهربي، كل مرة أسألكِ بشكل مباشر… تتجنبي الرد."
نور فتحت بُقها، عايزة تعترض، لكنه سبقها وقال بحزم "أنا مبقولش ده علشان أحط اللوم عليكِ، بس أنا منسحبتش لوحدي، أنتِ اللي اجبرتيني أعمل كده، افتكرت إنكِ مش بتحبيني… لأنكِ عمرك ما قلتيها، ولا حتى لمحتي بيها، فبالنسبالي… كنتِ مجرد حد قريب مني، لكن مش قريب كفاية إنكِ تحبيني فعلاً."
نور حسّت بقلبها بينقبض، عيونها اترعشت للحظة قبل ما تشد نفسها وترفع دقنها بتحدي "وأنتَ استنتجت ده وقررت تختفي؟ بدل ما تسألني، بدل ما تواجهني، بدل ما تخليني أقولها؟"
يوسف بصّ في عيونها، ابتسامة حزينة اترسمت على طرف شفايفه "كنتِ بتهربي حتى من السؤال… فإزاي كنتِ هتقدري تقولي الإجابة؟"
نور حسّت إن مفيش مفر من الحقيقة اللي قالها، مفيش هروب منها… لأنها كانت حقيقية، بس ده مكانش كفاية علشان تمحي وجعها.
"حتى لو كان عندي أخطاء… أنتَ اللي مشيت، وانت اللي اتخليت عني ومتمسكتش بحبي، فعمري ما هآمنك أبدا"
يوسف فضل ثابت مكانه، لكنه قال بصوت هادي مليان يقين "ده لأني مكنتش عارف مشاعرك بالظبط، حتى لو كنت حاسس بيها، لو كنتِ صريحة معايا، لو كنتِ قولتيها بوضوح، كنتِ وفرّتي علينا كل ده، لو أنا متأكد إنكِ ليا وإنكِ بتحبيني… كانت كل حاجة هتكون كويسة."
نور ضيّقت عيونها، صوتها طلع محمل بالغضب والوجع مع بعض "بجد؟ يعني أنتَ شايف إن اللي حصل كان غلطي أنا؟!"
يوسف زفر ببطء، قرب منها خطوة وقال بهدوء "مش بقول إنه غلطك لوحدك، بس اللي بقول عليه إن أي علاقة بين اتنين لازم يكون فيها وضوح، وإحنا كان عندنا نقص فظيع في النقطة دي، أنا كنت مستني أسمع منكِ، وأنتِ كنتِ مستنية إنّي أفهم لوحدي… وده محتاج عقل، وأنا عقلي وقتها مكانش موجود "
رفعت عيونها ليه وقالت بحدة "الموضوع انتهى خلاص، بما انك مش هتقدر تكون الشخص اللي بيفهمني، يبقى الموضوع خلص خلاص"
اتنهد وقال" بقول وقتها، نور الاعتراف بالحب عمره ما كان تلميح، والا اي واحده ساعدتني ولا ضحكتلي افهم انها بتحبني، الحب دايركت، ده كان قصدي"
نور قفلت إيديها بقوة، نظرتها كانت مليانة اضطراب، الكلام خلص ومكانتش عارفه تقول ايه، لفت وراحت ناحية الاسانسير، خدت نفس عميق قبل ما تفتحه وتدخل، سايباه بيبصلها وهو عارف انها بدأت تلين، بس محتاجه شوية وقت
يتبع.............
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
موبايل يوسف رن، كان ريكاردو، رد بسرعه "أيوه يا ريكو."
جاله صوت ريكاردو من الناحية التانية، هادي لكنه واضح فيه الاهتمام " ايه يبني؟ أخبارك إيه؟ مش بتكلمني ليه؟"
يوسف مرر إيده في شعره وقال بنبرة مرهقة "بصالحها، والموضوع مش سهل."
ريكاردو ضحك بخفة "عارفك عنيد، والستات مش ساهله، فربنا يعينك."
يوسف ابتسم بابتسامة صغيرة، لكنه مقالش حاجة، فريكاردو كمل "بالمناسبة، ساندرا سألت عنك كذا مرة، وجت تدور عليك، ولما عرفت إنك سافرت تاني كانت عايزة تكلمك، قالتلي اقولك علشان هيا مش عارفه توصلك"
يوسف زفر وقال بنبرة متفهمة لكنها حاسمة "هبقى أكلمها، بس… ياريت، ياريت متحطش أمل، أنا بجد مش عايز أخسرها، هي صديقة غالية عليا، بس لو لسه حاطة أمل، حاول تفهمها يا ريك."
ريكاردو سكت للحظة، وبعدها قال بصوت هادي "فهمتك، هبقى أقولها حاضر."
يوسف أوما براسه وقال بإرهاق "أشوفك قريب، سلام."
"سلام يا حبيبي"
نور كانت بتاخد شاور وداليا بعتت ليوسف وقالتله انها لوحدها دلوقتي ويستنى لما تخرج
لكنه مستناش، راح على أوضتها واستناها جوه، قعد على الكرسي جنب الشباك، عينه متثبتة على الباب، قلبه بيدق بسرعة، لازم ينهى الخصام ده
الباب اتفتح، ونور خرجت لافّة نفسها بفوطة، لسه بتمسح شعرها بالمنشفة الصغيرة، لكن بمجرد ما شافته، اتجمدت في مكانها، شهقة صغيرة خرجت منها وهي بتشد الفوطة عليها أكتر.
"يوسف؟!"
قالتها بصدمة، وعينيها مليانة دهشة
وقف بهدوء، قرب منها خطوة، بس هي اتراجعت بسرعة، وعصبيتها بدأت تظهر "إنت بتعمل إيه هنا؟ إزاي دخلت؟"
يوسف كان هادي، ملامحه مصممة، وعينيه متثبتة عليها، قال بنبرة ثابتة "مش هسيبك يا نور... لو فاكرة إني ممكن أمشي تاني، تبقي غلطانة، لأن أنا متأكد إنك بتحبيني."
نور اتوترت، شدّت المنشفة على شعرها بعنف وقالت بحدة "مين قالك إني بحبك؟ أنا خلاص مبقتش أحبك، وصدقني، أنا بتميز بحاجه حلوه جدا... بسرعة التخطي، يعني بنسى بسهولة."
يوسف ابتسم بسخرية، مد إيده على الحيطة جنبها، حاصرها بينه وبينها "ما عدا أنا... أنا مبتنسيش"
بصت في الأرض وقالت بثبات مزيف "تبقى غلطان... أنا مش بحبك، وسبق وقلتهالك، أنا بكرهك!"
يوسف قرب أكتر، همس بصوت خافت، لكن كلماته كانت قنابل بتفرقع في عقلها "بدليل إنك لحد دلوقتي بصيتي في كل مكان ما عدا أنا... بصيلي يا نور، وهتشوفي، بصيلي ووقتها هتعرفي إنك مش قادرة تنسيني."
نور كانت بتنهار، بس حاولت تسيطر على نفسها، دموعها لمعت، لكنها رفضت إنها تنزل، رفعت راسها وبصتله أخيرًا، والوجع ظاهر في عيونها "وعايز مني إيه؟ مش إنت اللي سبتني ومشيت؟ ارجع مكان ما كنت، ملكش دعوة بيا، إنساك أو لأ، دي حاجة تخصني!"
حاولت تبعد، لكنه قرب أكتر، زنق عليها زيادة وقال بلهجة أهدى لكن أعمق "أنا همشي يا نور..."
نور بصتله بصدمة، إيه؟ يمشي؟ يعني هيسيبها؟ عقلها رفض يصدق، قبل ما تسأل، كمل جملته "همشي بس في حالة واحدة..."
عينيها اتمسكت بعينيه، صمته خلاها تستنى، قلبها بيخبط في ضلوعها.
"لو بصيتي في عيني، وقلتيلي إنك بتكرهيني وإنك تخطتيني، وقتها همشي يا نور... وعد مني، همشي ومش هتشوفي وشي تاني."
نور كانت عايزة تثبت له إنها مش بتحبه، تثبت لنفسها إنه مش فارق معاها، لكنها عارفة إنها لو قالتها، هو فعلاً هيمشي، ومش هيرجع، هيمشي وهي هتنهار من جديد.
ما صدقت إنه رجع، ما صدقت إنها تاني حسّت بوجوده، بروحه اللي كانت ناقصة في حياتها.
يوسف قرب وشه من وشها، صوته كان دافي لكنه مليان حدة "إيه يا نور؟ قوليلي عايزة إيه عشان مزهقكيش اكتر من كده، علشان متبقيش مضطره تهربي مني وتحبسي نفسك هنا"
نور همست بضعف، وكأنها بتكلم نفسها أكتر منه "يعني... هتتخلى عني تاني؟"
يوسف بصلها بحدة وقال بحزم وهو بيقرب أكتر "ومين قال كده؟ أنا مش هتخلى عنك أبدًا... بس لو إنتي بتحبي حد غيري، وقتها مش هتردد لحظة واحدة إني أسيبك تعيشي حياتك... لأني مش هقدر أعيش مع حد مش بيحبني، حتى لو روحي فيكي"
نور سكتت، لكن قلبها كان بيعترف، بيعترف إنها عمرها ما حبت حد قد يوسف... وعمرها ما هتقدر تحب حد غيره.
نور فضلت ساكتة، قلبها بيدق بجنون، عينيها بتلمع، بس لسه في خوف، في تردد، في وجع متراكم، يوسف كان شايف كل ده، شايف عينيها اللي بتقوله إنها مش قادرة تنطق بالكلام اللي هي مش مؤمنة بيه.
قرب أكتر، المسافة بينهم بقت شبه معدومة، حرك إيده بهدوء، رفع وشها بصابعه عشان يخليها تبصله، وقال بصوت دافي لكن حاسم "انطقيها يا نور... قوليلي إني مش مهم، قوليلي إنك نسيتي، قوليها وخلاص، وأنا همشي، بس لو انتي صادقة بجد."
نور حاولت تتهرب من عينيه، لكن ما قدرتش، كانت حاسة إنها محاصرة، مش بجسمه، لكن بحبه، بالذكريات اللي ما بتفارقهاش، بالحنين اللي بيقتلها كل ليلة.
حركت شفايفها تحاول تنطق، تحاول تكدب، لكن صوتها كان ضعيف، مهزوز، كأنه بيرتجف قدام الحقيقة.
"يوسف... أنا..."
لكنها سكتت، عينها نزلت دمعة رغمًا عنها، دمعة فضحتها، فضحت ضعفها قدامه، فضحت إنها لسه بتحبه، وإنها عمرها ما تخطته.
يوسف شاف الدمعه دي، حس بيها قبل ما تنزل، وعرف إنها جوابه، عرف إنها الإجابة اللي كان مستنيها.
ما استناش أكتر، بصلها بقوة وقال بصوت خافت لكنه مليان يقين "أنا لسه هنا، ولسه بحبك، ولسه هفضل وراكي لحد ما تعترفي إنك بتحبيني، زي ما كنتي دايمًا."
نور عضت شفايفها تمنع رعشة صوتها، رفعت إيديها تحاول تزقه بعيد لكنها مقدرتش، جسمها كان بيسمع لقلبها مش لعقلها.
يوسف لمس خدها بلطف، مسح الدمعة اللي نزلت، وهمس وهو عينيه بتغوص في عيونها "مش هسيبك، مهما بعدتي، ومهما حاولتي، أنا راجعلك يا نور، ورجوعي المرة دي مفيهوش فراق تاني."
نور اخدت نفس عميق، بس مردتش، لأنها عارفة... إنها ضعيفة قدام يوسف، وإنها مهما حاربت، الحب اللي بينهم أقوى من أي حاجة.
حاولت تبعد عنه بس مسك أيديها بهدوء وقال " كفايه يا نور، كفايه بعد، لو انتي عايزه تبعدي، يبقى احسن لو بعدتي دلوقتي، بس لو مبعدتيش دلوقتي، يبقى متبعديش تاني"
نور بلعت ريقها، كانت حاسة إنها على وشك الانهيار، قلبها بيخبط في ضلوعها بعنف، ملامحها متلغبطة بين العناد والخوف والاشتياق اللي مش قادرة تخفيه أكتر من كده.
يوسف استغل لحظات التردد دي، قرب أكتر وهمس "أنا مستعد أبدأ من الأول، مستعد أصبر، مستعد لأي حاجه تطلبيها، بس قوليلي، بصدق، انتي عايزة تمشي؟"
نور رفعت عينها ببطء، شافت الإصرار في عيونه، شافت الحب اللي لسه حي، ورغم كل حاجة... عرفت إنها مش قادرة تمشي.
نزلت عيونها وقالت بصوت بالكاد مسموع "مش عارفة."
يوسف ابتسم ابتسامة خفيفة، زي واحد كسب جولة في معركة طويلة، قرب أكتر، لمس خدها بلطف وقال بثقة "هتعرفي قريب، وأنا هستنى... بس المرة دي، مش هسيبك تهربي."
نور مردتش، بس مبعدتش، وده كان كفاية بالنسبة له
قرر يكلمها ويفهم منها سبب قربها من مروان، كان لازم يفهم، كان لازم يعرف الحقيقة، فبصلها بحدة وسألها "إيه اللي بينك وبين مروان؟!"
نور عيونها وسعت بصدمة، مصدقتش إنه لسه بيسأل السؤال ده، لسه بيفكر بالشكل ده بعد كل اللي حصل، بعد كل الوجع، بعد كل اللي مروا بيه، بيسألها كده؟!
كانت تقدر ترد ببساطة، تقدر توضح، لكنها قررت تحرق دمه، قررت تخليه يتعذب زي ما اتعذبت، فقالت بنبرة مستفزة "وأنت مسمعتش؟! يعني بتقول إنك شوفت، بس يا ترى سمعت؟!"
يوسف عقد حواجبه بعصبية، قرب منها خطوة وقال بصوت غاضب "كنت بعيد، مسمعتش... إيه اللي بينكوا لدرجة إنك تسمحيله يقرب منك كده؟!"
نور بعدت عنه، لفت ضهرها له، كأنها بتديه الإجابة من غير كلام، قبل ما تقول بصوت ثابت "كان بيعرض عليا الجواز."
يوسف اتجمد، قلبه وقع حرفيًا، حاسس إنه فقد القدرة على التنفس للحظة، لفها بسرعة، مسك دراعها وقال بصوت مصدوم "نعم يختى؟! قلتي إيه؟!"
نور شافت الصدمة في عينيه، لكن بدل ما تهدى الموقف، قررت تستفزه أكتر، تقلب وجعه لنار تحرقه زي ما حرقها، فابتسمت بسخرية وقالت "مستغرب ليه؟! عمل اللي أنت مقدرتش تعمله."
يوسف تجاهل سخريتها، هو مش في حالة للرد على الكلام ده، عقله كان مركز على حاجة واحدة، سألها بصوت أوطى لكنه قاسي "وانتي قولتيله إيه؟"
نور فضلت ساكتة، ابتسامة خفيفة ظهرت على وشها، كأنها مستمتعة بتوتره، وده خلاه يعيد السؤال بانفعال "قولتيله إيه يا نور؟!"
نور رفعت عيونها ليه، بصتله بثبات وقالت بصوت مستفز "تفتكر إنّي قولتله إيه؟! هل رديت عليه بإيه؟!"
يوسف كان على حافة الجنون، عقله بيلعب فيه ألف سيناريو، صوته كان أشبه بزئير وهو يقول "نور مش وقت مماطلة، قولتيله إيه؟!"
نور رفعت حاجبها، قربت منه خطوة وقالت وهي بتتلاعب بأعصابه "قولتله... سيبني أفكر."
يوسف انفجر، ملامحه اسودت من الغضب، قرب منها بعنف وقال بصوت مش قادر يتحكم فيه "إحنا هنهزر؟!"
نور رفعت كتفها ببرود مصطنع وقالت بسخرية "بما إنك بتسألني عن ردي يبقى آه، بنهزر يا يوسف."
يوسف فقد السيطرة تمامًا، مسكها من كتفها بقوة، عيونه كانت بتولع غضب وهو يقول "يعرض عليكِ الجواز بتاع إيه **** ده؟! وإنتي إزاي؟! إزاي تسمحيله أصلًا؟! إزاي؟!"
نور حست بوجع في كتفها بسبب قبضته القوية، بس أكتر وجع حسته كان في قلبها، مش في جسمها، يوسف سابها بعد لحظة، كأنه فاق لنفسه، كأنه أدرك إنه ممكن يكون بيؤلمها فعلًا.
نور رفعت عيونها ليه، بنظرة كانت كلها تحدي ووجع في نفس الوقت، قبل ما تهمس بمرارة "ويا ترى هتمنعه إزاي يا ترى؟!"
يوسف حس بدمه بيفور، قلبه كان بيدق بسرعة جنونية، عيونه كانت مليانة غضب وهو بيقول بصوت واطي لكنه مرعب "إنتِ بتلعبي بالنار يا نور."
نور رفعت حاجبها باستفزاز واضح، ابتسامة جانبية ظهرت على شفايفها وهي بتقول "مش إنت اللي بعدت؟ مش إنت اللي قررت تسيبني؟ هو أنا كنت المفروض أستناك؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كلامها كان زي البنزين اللي اتصب على ناره مشتعلة، كان حاسس إنه هينفجر، بس نور مسكتتش، كانت عاوزة توصله لأقصى حد "وبعدين مروان شخص محترم، على الأقل كان موجود لما إنت اختفيت، على الأقل..."
قبل ما تكمل، يوسف اتحرك بسرعة، ضرب الترابيزه اللي كانت جنبهم بقوة، فكل حاجه كانت عليها وقعت اتكسرت، اتخضت وبعدت لورا بس فضلت محافظة على مظهرها الهادئ.
هو كان بيغلي، مسك الفازة اللي كانت جنبهم ورماها في الحيطة بكل قوته وقال بغضب "مش عايز أسمع اسمه على لسانك تاني!"
صوته كان مليان غضب حقيقي، كان بيحاول يتمالك نفسه بس مقدرش، كل حاجة كانت بتنهار جواه، وكلام نور كان زي السكاكين اللي بتغرس في قلبه.
نور رغم توترها، رفعت دقنها وقالت ببرود مصطنع "ليه؟ متضايق ليه؟ مش من حقك تعترض يا يوسف."
يوسف فقد السيطرة، بدأ يكسر كل حاجه حواليه، اي حاجه قدامه كان بيكسرها زي الوحش، نور أخيرًا حسّت بالخوف الحقيقي، يوسف مكانش بيهزر، كان واضح إنه وصل لمرحلة الانفجار، بصتله وقالت بصوت واطي "عملت اللي عاوز تعمله؟ ارتحت؟"
يوسف وقف في مكانه، أنفاسه كانت متسارعة، إيده كانت بتترعش من الغضب، لكنه مقدرش يرد، لأنه كان عارف إن الغضب اللي جواه ملهوش حل غير حاجة واحدة... وهي نور نفسها.
يوسف قرب منها بعصبية، عنيه كانت مليانة غضب وجنون، بصوت واطي لكنه مليان تهديد قال "كل حاجة فيكي بتاعتي، كل حاجة تخصني، ولا لسه اتخلق اللي يقدر ياخدك مني... انتي ملكي، خليكي فاكرة الكلام ده كويس!"
كمل وهو بيهمس في ودنها بهدوء كأنه مكانش متعصب من شويه "انتي بتاعتي يا نور، خلص الكلام... بالعافية أو بالذوق، النتيجة واحدة!"
نور حست إن الدم بيجري في عروقها بسرعة، بتحاول تفضل قوية قدامه، لكن كلامه كان زي السكينة اللي بتلف جوه قلبها، وبلهجه مليانة سخرية وشر، قرب منها أكتر وهمس بصوت واطي بس مرعب "مروان بتاعك؟ للأسف، وضعه بقى يصعب على الكلب نفسه!"
نور رفعت عينيها ليه باندهاش، قلبها دق بسرعة وهي بتسأله بحدة "تقصد إيه؟!"
يوسف ابتسم ببرود وقال بهدوء مخيف "أقصد إن أي حد هيقرب منك... هيندم، وده وعد مني!"
بصلها آخر نظرة، نظرة مليانة امتلاك وسيطرة، وبعدها لف وخرج من الأوضة، سابها واقفة مكانها مش قادرة تاخد نفسها، وهي مش عارفة إذا كان لازم تخاف منه... ولا تخاف على قلبها منه أكتر!
فضلت واقفة مكانها، عقلها مشغول بكلام يوسف، كان يقصد إيه؟ هو عمل إيه مع مروان؟ إحساس بالخوف بدأ يتسلل لقلبها، لازم تعرف الحقيقة.
في اللحظة دي، دخلت داليا الأوضة وبصتلها بتركيز قبل ما تسأل "إيه الأخبار؟"
نور رفعت عينيها ليها وقالت بسرعة "يوسف عمل إيه مع مروان؟!"
داليا رفعت حواجبها باستغراب "مروان؟ دكتورك؟!"
نور هزت رأسها بسرعة، داليا عقدت حواجبها وقالت "وهو ماله بيه؟ يعرفه منين أصلاً؟"
نور أخدت نفس وقالت "أنا مش عارفة، بس يوسف قال كلام غريب، حسسني إنه عمل فيه حاجة!"
داليا ضيقت عينيها وقالت بشك " هيكون عمل ايه يعني؟!"
نور كانت مشوشة، مش قادرة تفهم، لكنها عارفة إن يوسف مش بيقول حاجة من فراغ، قربت من داليا وقالت بحزم "أنا لازم أعرف... دكتور مروان حصله إيه!"
داليا فكرت لثواني، قبل ما ترد عليها "طب حاولي تعرفي في إيه الأول! يوسف ماله بيه اصلا ؟!"
نور عقدت حواجبها وهي بتحاول تلاقي طريقة توصل بيها لمروان، سألت داليا " هقولك بعدين بس إزاي؟ أوصله إزاي؟"
داليا ابتسمت فجأة وقالت "الليدر بتاع الدفعة! أكيد معاه رقم كل الدكاترة!"
نور لمعت عينيها وقالت بحماس "صح! أكيد هيبعتلي رقمه!"
بعد حوالي ساعه كان معاها الرقم، فضلت ماسكة التليفون بقوة، إيدها كانت بتترعش شوية من التوتر، رنت أكتر من مرة، قلبها بيدق بسرعة مع كل رنة، بس مفيش رد.
حاولت تهدي نفسها، بس عقلها مش قادر يوقف عن التفكير، يوسف عمل إيه؟ هل ممكن يكون حصل حاجة لمروان؟ لازم تعرف.
قررت ترن تاني، المرة دي سمعت صوت مروان أخيرًا، كان واضح إنه لسه صاحي من النوم، صوته كان نعسان جدًا وهو بيرد "ألو... مين؟"
نور حست بتردد للحظة، مش عارفه تبدأ كلامها إزاي، آخر لقاء بينهم كان متوتر ومحرج، بلعت ريقها وقالت بصوت هادي لكنه مليان قلق " دكتور مروان، أنا نور..."
سكت شوية، كأنه بيحاول يستوعب إنها بتكلمه دلوقتي، قبل ما يرد بصوت فيه استغراب "نور؟! في إيه؟"
هي نفسها مش عارفة تقوله إيه، ولا تبدأ منين، بس لازم تعرف الحقيقة، حتى لو اضطرّت تواجهه بأسئلة مباشرة.
نور حاولت تحافظ على هدوئها وقالت بسرعة "دكتور مروان، حضرتك كويس؟"
مروان كان لسه صوته نعسان، بس استغرب من نبرتها القلقة وقال " في ايه يا نور؟"
نور اخدت نفس عميق وحاولت تهدي توترها، قالت بسرعة "سمعت إن حضرتك مش بخير، فحبيت أطمن عليك."
مروان استغرب وسألها بنبرة فيها حيرة "وسمعتي إيه بالضبط؟"
نور حاولت تتكلم بهدوء عشان متبينش توترها وقالت " كانوا بيتكلموا على جروب الدفعه وبيقولوا أن حضرتك تعبان شويه؟! "
مروان رد عليها بإيجاز "أنا كويس، متقلقيش."
نور فضلت ساكتة لحظة، بعدين قررت تسأله عن حاجة شاغلة بالها "هو حضرتك فعلًا مش هتدرس لنا السنة الجاية؟"
مروان رد بثقة "آه، مش هنزل السنة الجاية أصلًا."
نور رفعت حواجبها وسألته باستغراب "ليه؟"
مروان اتنهد وقال بنبرة فيها بعض التعب "عندي شوية مشاكل، فمضطر آخد خطوة لورا شوية."
نور عقدت حواجبها وسألته بفضول "مشاكل إيه؟"
مروان استغرب من اهتمامها المفاجئ، لكنه قرر يرد بصدق "مشاكل في البيت، وشغل بابا، الوضع مش مستقر شوية، فلازم أكون موجود وأحاول ألم الدنيا، ولو الأمور اتحسنت، هشوف لو أقدر أرجع الكلية تاني ولا لاء"
نور سكتت لحظة، حسّت إن كلامه فيه حاجة مش مفهومة، كأن في حاجة مستخبية، لكنها قررت متضغطش عليه أكتر، قالت بهدوء "إن شاء الله الأمور تتحسن وترجع."
مروان ابتسم بخفة "يارب، شكرًا إنك سألتي."
قررت تقفل الموضوع "طبعًا، أهم حاجة تكون كويس، عن إذنك."
"مع السلامة."
نور فضلت ماسكة الموبايل في إيدها، عينيها ثابته على الشاشة، عقلها مش قادر يسيب الفكرة… مروان عنده مشاكل، لكنه متأكد إنه مش راجع السنة الجاية ليه؟ وليه يوسف كان بيتكلم عنه بالشكل ده؟ هل ممكن يكون في علاقة بين الاتنين؟
داليا دخلت الأوضة ولاحظت شرود نور، سألتها "عرفتي حاجة؟"
نور رفعت عينيها وقالت بجدية "هو قال إنه عنده مشاكل في البيت وشغل والده، بس أنا مش متأكدة إن ده السبب الحقيقي لغيابه."
داليا قربت منها وقالت " قصدك إيه؟"
نور قالت وهي بتحاول تربط الأحداث ببعضها "يوسف كان بيتكلم عنه بغضب، وبعدها مروان قرر يسيب التدريس فجأة… حاسة إن في حاجة مش مفهومة."
داليا عقدت حواجبها وقالت "يعني يوسف ليه يدخّل نفسه في شغل مروان؟"
نور هزت راسها وقالت بإصرار "أنا لازم أعرف في ايه"
نور كانت واقفة قدام أوضة يوسف، قلبها بيدق بسرعة، إيدها مرفوعة بتخبط على الباب، لكن مفيش رد، خدت نفس عميق، خبطت تاني بصوت أعلى، نادت بحذر "يوسف؟"
مفيش رد، الخوف بدأ يتسلل لقلبها، هو جوه؟ ولا مش موجود؟ حطت إيدها على مقبض الباب، دُفعته بهدوء، لقيته مفتوح، دخلت بخطوات مترددة، عينيها بتدور في المكان، كانت هتخرج ... سمعت صوت مايه جاي من الحمام
حاولت تناديه تاني، صوتها طلع مرتعش "يوسف؟ أنت سامعني؟"
خبطت على الباب كذا مره بس مفيش رد.
الباب مكانش مقفول بالكامل، كان متوارب، زقت الباب ببطء، دخلت بخطوات مترددة، قلبها بيدق بسرعة وهي بتحاول تفهم ليه يوسف مش بيرد عليها، صوت المياه كان شغال، والبخار مالي المكان
عينها وقعت على البانيو ، كان مقفول، والازاز المضبب مش مديها فرصة تشوف أي حاجة بوضوح، حست بتوتر أكتر، ندهت بصوت عالي، بتحاول تتحكم في رعشة صوتها "يوسف؟!"
قربت أكتر، رفعت إيدها على الباب الزجاجي وحاولت تفتحه، بس كان مقفول، قلبها بدأ يخبط بجنون، السيناريوهات الأسوأ بدأت تدور في دماغها، ممكن يكون تعبان؟ فقد وعيه؟
بسرعة، حاولت تفتحه تاني، بتشد الباب بقلق وهي تنادي عليه بحدة أكبر "يوسف، افتح! أنت كويس؟!"
يتبع.........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
وفجـــــأة، قبل ما تستوعب اللي بيحصل، الباب اتفتح بعنف، وإيد قوية سحبتها لجوه بسرعة، فقدت توازنها، وصدرها ارتطم بخفه بجسمه المبلول، شهقة صغيرة خرجت منها، الدم انسحب من وشها، وعينيها وسعت بصدمة.
يوسف كان واقف قدامها، جسمه مبلول، خصل شعره السوده ملتصقة بجبينه، وعينيه بتلمع بنظرة خطيرة، ملامحه كانت هادية... هدوء مرعب.
نور كانت بتنهج بسبب المفاجأه وبسبب القرب اللي بينهم، وحقيقة إنها اتحبست جواه، وسط البخار والحرارة وصدره العريان قدامها.
حاولت تتكلم، صوتها كان ضعيف لكنها قالت أول حاجة جت في بالها وهي بتبصله بذهول "انت بني آدم... مــهــزق!"
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، نظرة مليانه بالسخرية والتحدي وهو بيهمس بصوت خافت لكنه واصل لأعماقها "دخول الحمام... مش زي خروجه يا قلبو"
رفعت راسها وبصتله بحدة، صوتها كان متلغبط بين الغضب والتوتر "أنا غلطانة بجد... كنت قلقانة عليك، كنت فاكرة إنك حصلك حاجة، بس أنت...."
قبل ما تكمل، يوسف قاطعها، صوته هادي لكنه مش سهل، فيه سخرية مخفية تحت النبرة العميقة "وإنتي قلقانة عليّا ليه؟ مش إنتي بتكرهيني؟ مش بتقولي إنك مش بتحبيني؟"
نور شدت نفس، كانت عايزة ترد رد يوقفه عند حده، يوقف إحساسها المتلخبط ده، لكنه كان واقف قريب جدًا، وقربه بيلغبط عقلها أكتر، رفعت عينيها له وقالت بحدة "وكرهي ليك بيزيد!"
يوسف ابتسم ابتسامة هادية لكن وراها حاجة أخطر، بصلها وكأنه بيدرس ملامحها، كل تفصيلة فيها، قال بهدوء مستفز "ولما كرهك بيزيد... جيتي ليه؟"
نور بلعت ريقها، نزلت عينيها لحظة قبل ما ترفعها تاني، بتحاول تركز على سبب وجودها هنا أصلاً، بتحاول تفتكر إنها مش المفروض تتأثر بيه بالشكل ده، قالت بجفاف "جيت أسألك عن حاجة، بس أكيد مش هنتكلم هنا... تحت المياه! هستناك بره."
خطت خطوة لورا، لكن يوسف كان أسرع، مد إيده ومنعها، قرب أكتر وهمس بصوت أعمق، فيه شيء يشبه التملك "لاء... مفيش خروج."
نور رفعت عينيها له بحدة، قلبها بدأ يدق أسرع، صوت المياه كان بيملى المكان، لكن صوته كان هو الوحيد اللي سامعاه.
يوسف تابع بصوت أوطى، بنبرة خطيرة "عايزك تتكلمي وإنتي في حضني كده... عايز أشوف توترك ده كل ما تكوني قريبة مني، عايز أسمع نبضات قلبك السريعة، حاجات كتير نفسي أعملها، بس هكتفي بحضنك ده."
كلماته نزلت عليها كأنها صفعة، استوعبت معناه بسرعة، واتحركت لورا بعنف، كأنها بتحاول تهرب من تأثيره، لكنه كان مسيطر على المكان، مسيطر على الموقف، ومسيطر... عليها.
إيديها وصلت لمقبض الباب، حاولت تفتحه بسرعة، لكن الباب مفتحش! شهقت بخوف ولفتله، عينيها مليانة قلق وغضب "يوسف، افتح الباب!"
يوسف ابتسم ابتسامة خبيثة مليانة سخرية، وضحك ضحكة هادية وقال بمكر
"محتاجين حد يفتحلنا إحنا الاتنين."
عينيها وسعت بدهشة وهي بتهمس بارتباك "يعني إيه؟!"
يوسف قرب منها خطوة، كان واضح إنه مستمتع بتوترها، بتخبطها، بالقلق اللي باين على كل ملامحها.
بص في عينيها مباشرة وقال بنفس الصوت العميق اللي خلى عقلها يوقف عن التفكير "يعني الباب مش بيتفتح من جوه، انتي قفلتيه من جوه وهيا لازم يفضل مفتوح"
نور حست بأنفاسها بتتسارع، رفعت إيديها بسرعة لمقبض الباب وحاولت تلفه بعنف، لكن ما اتحركش، بدأت تحس بالخطر، رفعت عينيها له، لقت ابتسامته لسه ثابتة، باردة، وعيونه بترصد كل حركة منها.
قال بنبرة مليانة استمتاع "إنت اللي قفلتيه... ومحتاجين حد يفتحه."
نور حسّت بالتوتر، بدأت تستوعب الموقف أكتر، بدأت تدرك معنى كلماته، بدأت تفهم الورطة اللي هي فيها.
يوسف سند على الحيطة، لسه ابتسامته الساخره مرسومة على وشه، وكمّل بصوت واطي لكنه خطير "بس اللي هيفتح الباب هيقولك إيه بقى، وأنتِ هنا... في أوضتي، وحمامي، والبانيو بتاعي؟"
نور حسّت بدمها بيجري في عروقها بسرعة، رفعت عينيها له بسرعة وقالت بصوت شبه مهزوز "يوسف... افتح الباب حالًا!"
يوسف رفع إيده بإشارة بسيطة، وهو بيهز كتفه ببرود مفتعل وقال بنبرة هادية لكنها مستفزه "قولتلك... مش هعرف."
نور حست بقلبها بيتقبض، توترها زاد، عينها بدأت تلمع بدموع كانت على وشك النزول، إحساس بالاختناق بدأ يزحف على صدرها، خدت نفس مهزوز وهمست بصوت مرتجف "يوسف... لو بتهزر، بلاش."
يوسف كان بيراقب كل حاجة فيها، شاف القلق الحقيقي اللي في عيونها، الخوف اللي بدأ يسيطر عليها، حاجبه اتعقد بخفة وهو بيسألها بنبرة أقل حدة، فيها لمحة قلق "مالك؟"
نور حست إن الدنيا بتضيق حواليها، كل حاجة بدأت تتهز قدام عيونها، أنفاسها بقت مش منتظمة، قلبها بيدق بسرعة جنونية لكنها في نفس الوقت مش قادرة تاخد نفس عميق، صدرها بيضيق أكتر وأكتر.
حاولت تتكلم، ترد عليه، بس صوتها مطلعش.
رأسها لفت، إحساس بالدوخة اجتاحها، كل حاجة قدامها بقت ضبابية، وقبل ما تقدر تستوعب، رجليها خانتها، وجسمها بدأ ينهار.
بس قبل ما تقع، يوسف كان أسرع.
مد إيده، مسكها بسرعة، لف إيده حواليها وسندها على صدره، قلبه كان بيدق بقوة، رعشة خفيفة عدت في أطرافه وهو بيشوفها في الحالة دي.
عينيه وسعت بصدمة حقيقية، صوته كان مليان قلق وهو بيناديها "نور؟! نور، ردي عليا!"
كانت في حضنه، ضعيفة، هشة، ملامحها شاحبة، وإحساس بالخوف لأول مرة اخترقه... خوف حقيقي، مش على نفسه، لكن عليها.
يوسف فتح الباب بسرعة بالعافيه، لما مرضيش اضطر يشيل كالون الباب كله وهو شايلها بين إيديه، خرج بيها بخطوات سريعة، قلبه بيدق بعنف، وكل تفكيره إنها تفوق، إنها تفتح عينيها وتتكلم، طلعها على طول، نيمها على السرير، إيده كانت بتتهز وهو بيحطها برفق، وشها كان شاحب، وشفايفها بقت زرقة بشكل خلاه يحس برعب حقيقي لأول مرة.
"نور! نور، اسمعيني، فوقي!"
حاول يفوقها، ضرب كفوف خفيفة على خدها، قرب منها، مسح جبينها، حركها بلطف، بس مفيش استجابة، مفيش أي رد فعل.
"نور، بالله عليكي، فوقي!"
نبرته كانت شبه توسل، الخوف بدأ يتملك منه، كل عضلة في جسمه متوترة، عقله بيرفض يتخيل أي سيناريو سيئ، بس الوضع قدامه مش مبشر.
مد إيده بسرعة، بدأ يدلك إيديها، يحاول يرجّع الدفا لجسمها، قرب وشه منها، سمع أنفاسها الضعيفة، بس كانت مش مستقرة، وكأنها بتصارع علشان تاخد نفسها.
بص حواليه، مش عارف يعمل إيه، بس مش هيسيبها كده.
عمره ما حس بالرعب ده قبل كده... عمره ما كان عاجز بالشكل ده... بس دلوقتي، هو مستعد يعمل أي حاجة علشان نور تفتح عينيها وتبصله تاني.
كانت أنفاسها ضعيفة جدًا، وشفايفها بتزداد زرقة، ملامحها مرهقة وكأنها بتغرق في حالة من اللاوعي، قلبه كان بيخبط في ضلوعه بجنون، مش قادر يستوعب إنها بين إيديه كده وهو مش عارف يعمل حاجة.
بسرعة، قام وجاب مايه دافيه، بلل أطراف صوابعه ومسح بيها جبهتها وخدودها، حط شوية على رقبتها علشان يحاول يفوقها بأي شكل
"يلا يا نور، افتحي عينيكي، متخلينيش أتجنن!"
لحظة صمت مخيفة سادت الغرفة، بعدها، صدرها ارتفع بنَفَس أقوى، وأخيرًا، عينيها اتحركت ببطء شديد.
"نور!"
يوسف قالها بصوت مليان ارتياح وخوف في نفس الوقت، بصتلُه بعينين متعبة، بتحاول تستوعب اللي بيحصل، حاولت ترفع إيدها، لكنه سبقها، مسكها بحنان وقال بصوت مهزوز " الحمد لله... كنت هتجنن "
نور بلعت ريقها بصعوبة، حركت شفايفها وقالت بصوت ضعيف "أنا... أنا كويسة"
حاولت تتحرك، لكنه ضغط بخفة على كتفها، بيأمرها تفضل مكانها.
قام جاب منشفه ولفها بيه
"أنا كويسة..." همست نور بصوت ضعيف، بتحاول تهدي مخاوفه.
لكنه هز راسه بحدة، عينيه كانت مليانة قلق وهو بيرد بحزم "لا، مش كويسة، كنتي على وشك..." سكت، مش قادر حتى يكمل الجملة.
حاولت تتحرك، لكنها حست بالدوخة تاني، يوسف مسكها بسرعة، وكأن مجرد فكرة إنها تقع تاني مستحيلة بالنسبة له.
"خليكي مكانك يا نور."
حاولت تقوم وقالت بجديه" انا كويسه فعلا، كنت جايه علشان اقولك......"
قاطعها "مش وقته دلوقتي، روحي أوضتك، غيري هدومك عشان متاخديش برد."
نور بصتله بثبات "لما أتكلم معاك الاول "
يوسف اتنهد، كان واضح إنه بيحاول يتحكم في توتره، رد عليها بصوت أهدى لكنه ثابت "أنا مش هطير يا نور."
كانت هترد، لكنه سبقها قبل ما تنطق، نبرته أخدت طابع هادي لكنه مسيطر "جهّزي نفسك، أنا عازمك على العشاء، ونتكلم براحتنا هناك إيه رأيك؟"
نور كانت على وشك تعترض، لكنه ما ادهاش فرصة، بصلها بنظرة قاطعة قبل ما يكمل "هعدي عليكي كمان ساعة."
مروان كان قاعد في مكتبه، النور خافت والجو ساكن بشكل مخلي التفكير أعلى صوت في المكان، كان حاطط إيده على جبينه، وعينيه بتجري في الفراغ قدامه كأنها بتفتش عن مخرج.
كل اللي سمعه من شوية كان بيدوي جواه... "يوسف البنا".
الاسم ده بقى عبء على دماغه، مش قادر يفهم هو طلعله منين، وعايز منه إيه، وليه قرر يضرب شركتهم بالشكل ده، ضربة ناعمة بس موجعة، تخلّي الكل يترنّح من غير ما يفهم اللي حصل.
مرت أيام، وهو بيحاول يلم الخيوط، يرمم الفجوة اللي حصلت في السوق، يكسب العملاء اللي خسرهم، يصلّح سمعة اتشوّهت في لحظة، بس كل مرة كان بيقع في نفس الحفرة، مفيش حاجة بتنفع.
الشركة مش بترجع زي زمان، والثقة اللي راحت مش بترجع، والده حالته بتسوء كل يوم، حتى لما بيحاول يخبيه، هو شايف التعب بيزيد في عينيه، شايف الأمل بيقل.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
↚
مروان سحب نفس عميق، وقام من على كرسيه، لف حوالين المكتب وهو بيفكر بصوت عالي، مش هيقدر لوحده
وقف قدام صورة والده، وشه كان مليان تعب وندم، وقال بصوت واطي
"مفيش قدامي غير حل واحد، ولازم أختاره دلوقتي... قبل ما أخسر كل حاجة."
مسك مروان فونه بإيد مهزوزة خفيفة، كأن القرار تقيل عليه لكنه مضطر ياخده، دور على الرقم، ووشه اتبدل أول ما ظهرله الاسم… ضغط اتصال، وقبل حتى ما الرنة تكمل، الرد جه من الناحية التانية بصوت ساخر مليان طاقة "مروان الدمنهوري! عم عيالي، يا راجل!"
ضحك مروان غصب عنه، وقال بصوت باين عليه الارتياح
"عامل إيه يا حبيبي؟ مختفي كده ليه؟"
ضحك ضحكة عالية، وقال "مختفي؟ ده أنا في وش الدنيا! بس انت اللي متكبر وناسيني… إيه؟ وحشتك؟"
مروان اتنهد بخفة وقال "تعالى نشرب قهوة يا ياسين، عايزك في كلمتين مهمين."
ياسين بصوته اللي دايمًا فيه لمعة هزار حتى في الجد "قهوة إيه يا عم مروان؟ تعالى نولع 2 شيشه في أي قهوه ووريني إيه اللي خلى سي مروان الدمنهوري يتنازل ويتصل بيا"
مروان قال بهدوء بس نبرته فيها غموض
"تعالى بس، هتفهم كل حاجة… والشيشة عليا متقلقش"
ياسين ضحك وقال "ماشي يا عم، بس لو الكلام مش تقيل زي ما أنت مقلقني كده، هخليك تدفع العشا كمان."
مروان قفل المكالمة وابتسامة صغيرة على وشه… هو عارف إن ياسين مش سهل، بس لما يدخل موضوع، بيقلبه لعبته… وياسين؟ هو فعلاً شخصيّة مفيش زيها، دم خفيف، شقي، وسرسجي بدرجة شرف، بس لما ييجي الجد؟ الدنيا بتقف له.
نور دخلت أوضتها بخطوات سريعة، هو عزمها على العشا
نور لما دخلت أوضتها، استوعبت فجأة إنه عزمها على العشاء، فتحت الدولاب بسرعة، عينيها جابت كل قطعة جوه، بس ولا حاجة كانت مناسبة، هي أصلاً جت هنا ومعاها حاجات محدودة، وملهاش مزاج تلبس أي حاجة عادية في الليلة دي.
عضت شفايفها بتوتر، مش عارفه تعمل ايه، مسكت الموبايل وكلمت داليا، أول ما ردت عليها، قالت بسرعه "يوسف عازمني على العشا."
داليا شهقت بفرحة " بجد؟ طب دي حاجه حلوه، اوعي تقولي انك رفضتي"
" لاء هروح"
داليا ردت " طب وفين المشكله ؟!"
نور اتنهدت وهي بتبص على الدولاب بإحباط "أروح بإيه؟ مفيش حاجة عندي مناسبة، كل اللي معايا حاجات بسيطة."
داليا مترددتش لحظة، وقالت بحماس
"اشتري واحد دلوقتي، في مجله عندك فيها شوية فساتين تحفه، اختاري واحد منهم"
نور فكرت في كلامها " بس أنا عايزة حاجة حلوة، حاجة ملفتة، فاهمة قصدي؟"
داليا ضحكت "فاهمه من غير ما تقولي، إنتي عايزة تبقي قمر وتخليه يندم على أي لحظة فكر يبعد عنك فيها."
نور ابتسمت رغم توترها "تقريبًا، بس المشكلة إني مش عارفة اختار إيه."
داليا قالت بحماس "سيبي الموضوع عليا، هتصرف وأبعتلك حاجة تخليكي نجمة الليلة، إنتي بس جهزي نفسك على ما يوصلك الفستان."
نور ابتسمت، أخيرًا بدأت تحس بالحماس بدل القلق.
غسلت وشها، وحطت ماسك خفيف وهي بتفكر في يوسف، في نظرته لما يشوفها متألقة، في رد فعله لما يلاقيها بالشكل اللي عمره ما شافها بيه قبل كده.
الباب خبط، جريت بسرعة، فتحت، وخدت العلبة بشغف، قلبها كان بيخبط من الترقب.
فتحت العلبة... وانبهرت.
الفستان كان تحفة، مزيج بين الأناقة والأنوثة، لونه كان غامق وأنيق، قصته كانت مثالية على جسمها، مش مكشوف بشكل جريء، لكنه ملفت بطريقة راقية، لمسته كانت ناعمة، كأنها مصممة مخصوص علشان الليلة دي.
"داليا بجد عبقرية!"
لبسته بسرعة، وقفلت السحاب، وقفت قدام المراية، لمساتها كانت خفيفة لكنها مؤثرة، حطت طبقة خفيفة من الميكب برزت ملامحها، لون شفايفها كان جذاب، عينيها بقت أعمق وساحره، لمست رقبتها بلطف، قبل ما تمد إيدها وتلبس عقد راقي زادها أنوثة، مسكت برفانها المميز ورشت منه، شعرها سابته على طبيعته، بس بتسريحة زادته جاذبية، خصلاته انسدلت بنعومة على كتفها، كانت نظرتها في المراية كلها ثقة
سمعت الباب بيخبط، قلبها دق بسرعة، خدت نفس عميق، سحبت أطراف الفستان بنعومة، ومشيت بخطوات هادية ناحية الباب.
وقفت لحظة قبل ما تفتحه، ابتسامة صغيرة اترسمت على شفايفها، كانت متحمسة لرد فعله لما يشوفها بالأنوثة دي.
مدّت إيدها وفتحت الباب بسرعة، عيونها لمعت وهي شايفه ملامحه وهو بيبص عليها...
أول ما شافته، قلبها ضرب غصب عنها، كان واقف قدامها، ساند بإيده على إطار الباب، وشكله مز بشكل مستفز، استايله المرتب، قميصه المفتوح أول زرارين، ريحة برفانه اللي عشقتها… كل حاجة فيه كانت مغرية بشكل مزعج.
يوسف كان واقف، متوقع يشوف نور عادية، بس أول ما الباب اتفتح، ملامحه اتجمدت في مكانها، عينيه وسعت بذهول وهو بيتأملها.
الوقت وقف للحظات، وكأن عقله مستوعبش اللي شايفه قدامه، نور كانت واقفة بثقة وبصاله بتفحص، الفستان اللي لابساه كان بيبرز جمالها بأسلوب راقي، وشعرها كان منسدل بنعومة خلته يحس إنه عايز يمد إيده ويلمس خصلاته، عينيها متألقة، الميكب كان خفيف لكنه أضاف لمسة ساحرة، وعقدها الذهبي كان بيلمع عند رقبتها، زادها جاذبية.
يوسف بلع ريقه بصعوبة، حس إنه لأول مرة مش قادر يتحكم في تعابير وشه، نظراته مسحتها من فوق لتحت، مبهور بكل تفصيلة فيها، كل حركة، كل لمعة في عينيها، كل نفس بتاخده.
نور كانت شايفة رد فعله، وشايفة الصدمة اللي خلت عينيه تمسك بيها كأنه مش مصدق، ابتسامة صغيرة ظهرت على طرف شفايفها وهي بتقول بهدوء "مش هنمشي؟ هتفضل تبصلي كده كتير؟!"
يوسف ساب نفسه خطوة لورا، خد نفس عميق، حس إنه لازم يلمّ أعصابه بسرعة قبل ما يقول أو يعمل حاجة تفضحه، رفع عينه ليها من تاني، نبرته كانت أهدى، لكن عيونه فضحته "إنتِ... شكلك مختلف جدا النهاردة."
نور رفعت حاجبها بخفة، بنظرة كلها ثقة واستفزاز، وقالت "مختلف؟ قصدك ايه؟! احلى ولا اوحش"
يوسف ضحك ضحكة صغيرة، بس كانت كلها انبهار، قرب منها وهمس بصوت واطي لكنه مليان معنى "أحلى بكتير يا نور"
نور ضيّقت عينيها بخبث، حركت كتفها بخفة، وبصتله بنظرة كلها دلال واستفزاز في نفس الوقت، وقالت بنبرة بريئة مستفزة "قصدك إنّي كنت وحشة قبل كده؟"
هزّ راسه ببطء، نبرته كانت واثقة "لأ طبعًا... بس جمالك ده مختلف، مميز... قدرتي تظهريه"
نور رفعت حاجبها، مستمتعة بالطريقة اللي بيتكلم بيها، بالإعجاب اللي مش قادر يخبيه حتى لو حاول، قربت منه خطوة صغيرة وهمست "يمكن عشان أول مرة تاخد بالك؟"
يوسف كان هيتكلم بس اكتفي أنه يقول " أو يمكن انتي مميزه انهارده "
نور حست إن قلبها ضرب ضربة زيادة، لكنها أخفت تأثرها ورفعت دقنها بفخر، وقالت بخفة "طيب، مش هنمشي بقى؟"
يوسف بصّلها للحظة كأنه بيحاول يحفر شكلها في ذاكرته، وبعدين مدّ إيده ليها وهو بيقول بصوت هادي "يلا."
نور بصّت لإيده الممدودة قدامها، قلبها دقّ أسرع للحظة، لكنها مبينتش ده، رفعت عينيها لعينيه، شافت الإصرار في نظرته، الابتسامة الصغيرة اللي مش قادر يخفيها، والانبهار اللي لسه ما اختفاش.
مدّت إيدها بهدوء، لمست أطراف صوابعه قبل ما تمسك إيده، وقالت ببساطة "يلا."
أخدها لمطعم راقي، الجو كان هادي، الإضاءة خافتة بتدي إحساس بالراحة، لكن بين يوسف ونور، الصمت كان تقيل، رخم، وكأنه حاجز بينهم.
يوسف مال على الطاولة، قرب منها شوية وهو بيبصلها بعيونه اللي كان فيها تساؤل واضح، وقال بصوت هادي لكنه مباشر "أفهم من خروجك معايا إنك خلاص سامحتيني؟"
نور رفعت عيونها ليه، نظرة فيها تحدي، وبرود متعمد، وقالت بثقة "أنت اللي أجبرتني أخرج."
ابتسم يوسف ابتسامة خفيفة، كأنه كان متوقع ردها، وهزّ راسه وقال "أنا عارف إنك لو مكنتيش عايزة تخرجي، مكنتيش خرجتي أبدًا، فبما إنك معايا دلوقتي، يبقى إنتِ سامحتيني."
نور نقلت نظرها من عيونه للطبق اللي قدامها، لعبت في الأكل بالشوكة وهي بتقول بنبرة هادية لكنها حادة " بلاش نتكلم دلوقتي عن الموضوع ده"
يوسف مال أكتر ناحيتها، صوته بقى أعمق شوية وهو بيقول " هنتكلم عن كل حاجه يا نور، ياريت تجاوبيني"
رفعت راسها ليه، قابلت نظراته اللي كانت مستقرة عليها بثبات، وبعد لحظة صمت قالت "يبقى لسه مصفتش يا يوسف، محتاجة أفهم سبب قوي يخليني أقتنع إنك تنسحب فجأة وتسيبني في دوامة أفكار."
يتبع.........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
يوسف اخد نفس عميق، كأنه بيحضر نفسه للكلام اللي هيقوله، وبعدها بص ليها وقال بصراحة "خلينا نتكلم بالعقل... إنتِ وقتها يا نور، كنتِ دايمًا بتهربي مني، كل ما أكلمك تقوليلي بذاكر، عندي امتحانات، وكنت بحاول أفهم منك لو مشاعرك متبادلة، بس إنتِ موضحتيش، بالعكس، كنتِ سايباني أتخبط... وقتها قولت هستنى لآخر يوم في امتحاناتك وهجيلك، ووقتها هعرف منك مشاعرك بالظبط وأحط حد للموضوع."
وقف لحظة، كأنه بيسترجع المشهد في دماغه، بعدها صوته بقى أهدى، بس نبرته كانت مليانة وجع "ولما رُحت، دورت عليكي، ولقيتك بعيد عن كليتك... معاه، أنا كنت بموت ببطء، لما شوفتك قريبة منه، شوفته بيلمِسِك، وإنتِ ساكتة... مش بتعملي أي حاجة غير إنك ساكتة وبصَّاله، أنا وقتها فكرت إنك على علاقة بيه، وإنك عايزة ترفضيني بس بطريقة شيك."
نور فضلت ساكتة، بتراقب انفعالاته، وهو كمل بصوت متحشرج، بشوية غضب مكبوت "ده كان كل اللي في دماغي، كنت فاكر إني فارض نفسي عليكي، فقررت أمشي... أسيبك تعيشي حياتك زي ما إنتِ عايزاها."
بصلها بحدة وهو بيقول "لكن لو كنت متأكد إنك بتحبيني فعلًا... كنت روحت عدمته العافية، كنت عرفته إزاي يقرب منك، ويطلب حاجة زي دي منك... بس للأسف، بصفتي إيه؟ إنتِ حتى مقولتليش إنتِ عايزاني... ولا أنا جابرك؟"
نور فضلت بصاله، قلبها كان بيدق بسرعة، بس ملامحها فضلت متماسكة... عيونها قالت كلام، قالت بعتاب "طب وليه استعجلت ومشيت؟ ليه مسألتنيش للمرة الأخيرة؟ ليه سبتني أتخبط أنا كمان؟"
يوسف عيونه جت على عيونها بثبات، خد نفس عميق، وقال بصوت واضح وصريح "فكرتك عايزاه هو... قولت أريحك مني ومن رفضك، كنت شايف إن وجودي هيكون عبء عليكي، وإنك بتحاولي تتخلصي مني بأي طريقة، فقررت أسيبك في حالك."
سكت لحظة، عيونه اتحولت من الهدوء للحدة، وكأنه بيحلف على نفسه قبل ما يحلف لها، وقال بصوت مليان يقين
"لكن لو موقف زي ده اتكرر، عمري ما هاخد نفس رد الفعل... بعد ما اتأكدت من حبك ليا، عمري ما هسيبك، وأي حد هيقرب منك..."
ميل شوية ناحيتها، صوته بقى أعمق وأخطر، وعينه لمعت بلمعة تحذير "هنسفه من على وش الأرض."
نور بصتله بصدمة، قلبها كان بيدق بسرعة، مش متأكدة إذا كانت المفاجأة من كلامه... ولا من قد إيه كان صادق فيه.
بصّتله بتركيز، عقلها مشغول بسؤال واحد، وسألته مباشرة بصوت هادي لكنه مصرّ "ودكتور مروان؟ ممكن تفهمني عملت فيه إيه؟"
يوسف سكت، عيونه كانت جامدة، وكأنه مش ناوي يجاوب، وبعد لحظة قال بحزم "متسأليش يا نور، انتي عارفة إني مش هقولك"
لكنها مستسلمتش، بصّت له بتحدي واضح وقالت "بس أنا عايزة أعرف، بسببك هو مش هينزل يدرس السنة الجاية."
يوسف ضيّق عينيه وهو بيراقب ملامحها، حسّت إنه بيحاول يقرأها، يشوف ورا كلامها إيه، بصوته العميق والجاد، سألها مباشرة "وانتي عرفتي منين؟"
نور اتوترت، عقلها اشتغل بسرعة يدور على مخرج قبل ما يكتشف إنها رنت عليه بنفسها، لو عرف مش بعيد يتعصب وتحصل مشكله هيا في غنى عنها، فتجنّبًا لأي مشاكل، قالت بسرعة وهي بتبعد عينيها عنه " كانوا بيتكلموا على جروب الدفعة."
يوسف فضّل ساكت للحظة، كأنه بيقيم ردها، عنيه كانت مركزة عليها بشكل غريب، رفع حاجبه بسخرية وقال بثقة "وده أحسن، علشان يبقى بعيد عنك."
نور حسّت بغضب مكبوت، أخدت نفس وقالت بإصرار "بس أنا مش عايزة كده، مش عايزة أقطع شغله من هناك، اللي حصل ده بسببي... بلاش تحسسني بالذنب."
يوسف رد بصوت قاطع، وكأنه بيحط نقطة النهاية للموضوع "وأنا مش هقدر أعمل حاجة يا نور، خلاص الموضوع خلص."
نور مرضيتش تستسلم، مدت إيدها ولمست إيده، نظرتها كانت مليانة رجاء، وقالت بنبرة دافية "أنا عارفة إنك تقدر تتراجع يا يوسف... لو بتحبني بجد، ولو ليا خاطر عندك، سيبه في حاله."
يوسف شد نفسه شوية، أخد نفس عميق، وبعد لحظة قال بصوت أوطى لكنه مليان تحذير "بلاش يا نور تحلفيني بحبك... علشان غلاوتك عندي بالدنيا كلها، والموضوع مش مجرد إنه دكتورك وبس، شركته في السوق تبع والده، وبتنافسني اصلا، كنت عايز اخد معاه الإجراء ده من زمان، فمش انتي السبب برضو"
نور شدت على إيده أكتر، قالت بصوت هادي لكنه ملحّ "طيب فكّك منهم، خلينا نبدأ حياة جديدة مفيهاش مشاكل... بلاش، عشان خاطري."
يوسف فضّل ساكت شوية، كأنه بيقاوم، لكن في الآخر اتنهد، وعيونه لانت لأول مرة من بداية الحديث، وغمغم بصوت هادي لكنه صادق "حاضر يا نوري... خاطرك غالي أوي عندي."
نور ابتسمت ابتسامة صغيرة، عينيها لمعت براحة، وصوابعها فكت قبضتها عن إيده ببطء، وكأنها كانت متأكدة إنه هيستجيب لها في الآخر، يوسف بصلها للحظة، ملامحه كانت متناقضة، بين الرضا والتحدي، بين إنه عايز يحقق لها اللي هي عايزاه، وبين إنه مش مقتنع تمامًا.
لكنه استسلم لرغبتها في النهاية، وسند ضهره للكرسي، رفع كوباية العصير قدامه، وغمغم بنبرة أخف " طيب، بما انك قولتي نبدا حياه جديده، معاناها انك صفيتي"
نور ضحكت بخفة، رفعت حاجبها وقالت وهي بتسمك كوبايتها هي كمان " بحاول، اللي عملته فيا كان صعب"
يوسف بصّلها بتركيز، لمس في نبرتها بقايا الوجع اللي لسه مترسب جواها، واللي مهما حاولت تخفيه، كان واضح في عينيها، قال بصوت أهدى، لكنه مباشر "وأنا مش هسيبك غير لما الصعوبة دي تختفي... وتبقي زي ما كنتِ قبل ما أوجعك."
نور حست بقلبها يدق أسرع، كأنها ما توقعتش منه الاعتراف الصريح ده، لكنها برضو ما حاولتش تبين ضعفها، بالعكس، ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت بمكر "هتشيل ذنبك بقى؟"
يوسف ضحك ضحكة قصيرة، لكن عيونه كانت جدية وهو بيقول "هصلّحه... لو قبلتي."
"هنشوف."
يوسف بصّلها بتركيز، عارف إنها مش هتسامحه بسهولة، بس مجرد إنها هنا، وقاعدة معاه، وبتحاول... كان ده في حد ذاته أكتر حاجة تديله أمل.
عيونه كانت مستقرة عليها بحدة، صوته كان هادي، لكنه مباشر بشكل خلاها تتوتر "عايز أعرف اللي حصل بالظبط آخر يوم امتحاناتك، ليه سمحتيله يقرب منك؟ ولما قالك تتجوزيه، قولتِيله إيه؟"
خدت نفس عميق، رفعت عيونها له، بلعت ريقها وقالت بصوت حاولت تثبّته رغم التوتر اللي جواها "الموضوع مكانش زي ما انت فاكر، هو... هو فاجئني، مكنتش متوقعة إنه هيطلب مني حاجة زي دي، كنت مصدومة."
يوسف ضيّق عيونه، استوعب كلامها لكنه مكنش مكتفي، قال بصوت أعمق "مصدومه؟ طب وليه مرفضتيش على طول؟ ليه كنتي واقفة ساكتة بالشكل ده؟"
نور عرفت إنه مش هيسيب أي تفصيلة، فقررت تحكيله اللي حصل بدون لف ودوران.
"لما خلصت الامتحان، لقيته مستنيني، طلب يتكلم معايا، كنت حاسة بعدم ارتياح، بس قولت أسمع هو عايز يقول إيه... وأول ما وقفنا على جنب، قالي مشاعره، بكل بساطة، كأنه متأكد إني هقبل."
سكتت لحظة، افتكرت إحساسها وقتها، ازاي عقلها وقف، وازاي حست إنها مش قادرة تخرج أي كلمة.
"أنا مكنتش مستوعبة، كنت مصدومة بجد، حتى ملامحي كانت مشدودة، مش عارفة أرد، وهو استغل اللحظة دي وقرب... قرب بطريقة خلتني أتجمد في مكاني، كنت مصدومه من كلامه لدرجة اني مخدتش بالي هو كان قريب مني قد ايه"
يوسف كان بيتابع كلامها بانتباه شديد، صوته جه أعمق وهو بيسألها بحدة "وقلتيله إيه يا نور؟"
نور رفعت عيونها له، بصت جواه مباشرة، وقالت بوضوح "قلتله إني بحب حد تاني... وإني مش عايزة غيره."
يوسف حسّ بكلمة "بحب" بتخبط في قلبه، كأنه أول مرة يسمعها منها بالشكل الصريح ده، عيونه لمعوا بلون مختلف، إحساس بين الدهشة والانتصار، لكن الملامح اللي على وشه كانت جامدة، مش عايز يبين لها قد إيه الكلمة دي لمست فيه حاجة عميقة.
مال بجسمه شوية لقدام، صوته جه أعمق، وهو يقول ببطء "وبتحبيه لحد دلوقتي؟"
نور بصّتله بعيون ثابتة، مفيهاش هروب، مفيهاش تردد، ابتسمت ابتسامة خفيفة جدًا، وغمغمت "وأكتر من الأول كمان."
يوسف حسّ بحاجة جواه بتهدى، وبحاجة تانية بتشتعل، حاجة خلته يعشقها أكتر، مقالش حاجة في البداية، بس كانت نظراته هي اللي بتتكلم.
وبعد لحظة طويلة، بصّلها بحزم وقال بنبرة كلها يقين "وأنا مش هسمحلك تحبي غيري، ولا تفكري في غيري... فاهمة؟"
اتعاتبوا كتير واتكلموا اكتر في حاجات كتير
السهره خلصت وانسحبوا من المكان، في العربية الجو كان هادي، طول الطريق الصمت كان سيد الموقف، وصلوا ويوسف ركن عربيته، بص لنور اللي كانت نايمة بملامح هادية، وشها مسترخي كأنها مش حاسة بأي حاجة حواليها يوسف بصلها، ابتسامة خفيفة ظهرت على شفايفه، ندالها بصوت هادي
"نور... وصلنا."
ملامحها ما اتحركتش، أنفاسها كانت منتظمة، كأنها في عالم تاني.
حاول يهزّ كتفها بلطف، صوته بقى أهدى "يلا يا نور، فوقي."
متحركتش
اتنهد ، بص قدامه للحظة، بعدين رجع يبصلها، نزل من كرسيه ولفلها، فتح الباب وبهدوء، لفّ إيده تحت ضهرها، التانية تحت رجليها، ورفعها بين دراعه، جسمها كان دافي وناعم بين إيديه، أول ما استكانت في حضنه، خد نفس عميق، ملامحه اتشددت للحظة، بس بعدين كمل طريقه لجوا، وصل لاوضتها ودخلها جوه، الجو كان هادي تمامًا، الضوء الخافت من الأباجورة كان بيكشف ملامحها الرقيقة، اللي كانت أقرب للملاك وهي نايمة كده، قرب من السرير، حطّها عليه بالراحة، لكن قبل ما يبعد، حسّ بحاجة شدّته في مكانه.
نور كانت ماسكة في قميصه، صوابعها متعلقة بيه كأنها حتى في غفوتها مش عايزة تسيبه.
يوسف وقف، قلبه دقّ أسرع، بص على إيديها الصغيرة وهي متعلقة بيه كأنها جزء منه.
همس بصوت بالكاد طالع منه "إنتِ حتى وإنتِ نايمة بتعرفي تتعبي الواحد."
حاول يفكّ صوابعها، بس كانت شدّة أكتر، كأنها في عالمها الباطن مش عايزة تسيبه يروح.
يوسف بصّلها، عينه لمعت بمشاعر صعب تفسيرها، فضل واقف لحظة، وكأنه مش قادر يبعد، بعدين بكل هدوء فكّ إيديها من عليه، غطاها كويس، ووقف يتأملها للحظة أخيرة كأنه بيحفر ملامحها جواه قبل ما يلفّ ويخرج
بس وهو خارج، كان عقله بيدور على فكرة واحدة بس "إزاي هقدر أبعد وأنا عايز أفضل جنبها؟"
الصبح صحيت على صوت خبط متكرر على الباب، كانت غرقانة في النوم، عقلها لسه مش مستوعب أي حاجة، حاولت تفتح عينيها بصعوبة، حسّت بتقل في جسمها وكأنها نامت نوم عميق جدًا.
رفعت راسها ببطء من المخدة، عينيها لفت في الأوضة، بتحاول تستوعب اللي حصل ووصلت هنا ازاي ؟!
حاولت تسترجع آخر حاجة فاكراها، كانت في العربية مع يوسف، التعب كان غالبها، وبعدها... بعدها إيه؟
عقلها كان ضبابي، قلبها دقّ بقلق، إزاي وصلت هنا؟ هل هو...؟
الخبط زاد، قامت من السرير بسرعة، حست بجسمها متيبس كأنها نامت في وضع مش مريح.
فتحت ببطء، وقبل ما تستوعب أي حاجة، لقت داليا واقفة قدامها، داليا دخلت الأوضة وهي بتبص لنور من فوق لتحت، رفعت حاجبها باستغراب وقالت "إنتِ لسه بلبسك؟!"
نور بصّت لنفسها بسرعة، وكأنها لسه مستوعبة الموقف، لمست أطراف فستانها بحركة غريزية، وبعدين رفعت عينيها لداليا، ملامحها كانت متوترة وهي بتهمس "أنا... مش فاكرة أصلاً إيه اللي جابني هنا!"
داليا قربت منها، عينيها كانت مليانة فضول مستفز، وابتسامة واسعة بدأت تظهر على وشها وهي بتقول ببطء، نبرتها مليانة خبث "ويا ترى جيتي ازاي؟!"
نور بلعت ريقها، قلبها كان بيدق بسرعة، المشاهد المتقطعة اللي في عقلها مفيهاش أي إجابة واضحة... بس الفكرة نفسها كانت كفاية تخلي وشها يسخن.
داليا رفعت إيدها بإشارة تأمرية وهي بتقول بابتسامة واسعة "ادخلي غيري هدومك وتعالي احكيلي كل حاجة!"
نور رفعت حاجبها، نبرتها كانت مليانة تحفظ وهي بترد "كل حاجة إيه؟ مفيش حاجة أصلًا!"
داليا قربت منها أكتر، عينيها لمعت بمكر وهي بتقول "طبعا مفيش! عشان كده صحيتِ لقيتِ نفسك في سريرك ومش عارفة إزاي وصلتِ؟ يوسف جابك وشالك كمان، مش كده؟"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نور اتجمدت في مكانها للحظة، لمست طرف فستانها تاني بتوتر قبل ما تتهرب بسرعة "هخش أغير هدومي."
داليا ضحكت ضحكة خفيفة وهي بتهز راسها، وقالت بصوت عالي قبل ما نور تختفي " مستنياكي"
نور غيرت هدومها بسرعة، لكنها كانت مشوشة، دماغها مش قادرة تهدى من الأسئلة اللي بتدور فيها، أول ما خلصت، فتحت فونها ورنت على يوسف بس مردش، عقدت حواجبها بضيق، ليه مردش عليها؟
حاولت تبرر لنفسها، يمكن نايم، يمكن مشغول، يمكن سايب موبايله بعيد... بس الإحساس اللي تسلل لقلبها كان مختلف، حاجة جواها قالتلها إن في حاجة غلط، قررت ترن تاني، حطت الموبايل على ودنها، واستنت يرد بس نفس النتيجه مفيش رد، زفرت بضيق، قفلت المكالمة وهي حاسة بإحساس غريب بين القلق والانزعاج، يوسف مش من النوع اللي يتجاهلها، وده اللي مخلّيها مش مرتاحة.
هزت راسها تحاول تطرد الأفكار السلبية، وبعدها خرجت من الأوضة، عينيها وقعت على داليا اللي كانت مستنياها بفارغ الصبر، أول ما شافتها، ابتسمت بمكر وقالت "هااا، شكلك متوترة، كرفلك ولا ايه ؟!"
نور اتنهدت وهي بتقعد جنبها "رنيت مرتين ومردش، ومش عارفة ليه حاسة إن في حاجة غريبة."
داليا شبكت إيديها تحت دقنها، نظرتها كانت كلها خبث وهي بتقول "غريبة؟ ولا أنتي اللي مستعجلة عليه زيادة؟"
نور رمقتها بنظرة حادة، بس داليا ما تراجعتش، بالعكس، ابتسمت أكتر وهي بتقول "طب ما يمكن نايم؟ أو مشغول؟ أكيد هيكلمك أول ما يفضى."
نور عضت شفايفها بتوتر، كانت عايزة تقتنع بكلامها، بس إحساسها بيقول غير كده
داليا قالت " ايه اللي حصل امبارح؟! "
نور قلبت وشها الناحية التانية وهي بتتمتم "معرفش... مش فاكرة حاجة غير إني نمت في العربية."
داليا قربت أكتر وهمست بمشاغبة "طيب ما تسأليه بنفسك، يمكن هو يفكرك؟"
نور بصتلها بارتباك، رجعت تبص لموبايلها للحظة، وبعدين خدت نفس عميق، وهي بتفكر بجدية... هو ليه يوسف لسه مردش؟
"يا بنتي احكيلي بقى، مش كل يوم بتخرجي مع يوسف وبتنامي في العربية وهو يشيلك لفوق زي الأفلام!"
نور اتنهدت، خدت نفس وبدأت تحكي عن تفاصيل العشا، كلامهم، المواجهة اللي حصلت بينهم، ردوده، وإزاي لما رجعوا للفندق غلبها النوم في العربية، وبعدها مش فاكرة حاجة.
داليا كانت مستغرقة تمامًا، وكل شوية تقاطعها بأسئلة أو تعليقات لكن نور وسط كلامها، كانت كل شوية تبص على موبايلها، تفتحه وتقفله، تحاول تتحكم في قلقها لكنه كان واضح جدًا.
داليا لاحظت، قربت منها وقالت بمكر "ومين مستني منه مكالمة يا ترى؟"
نور قالت بتوتر " معرفش مش بيرد ليه؟ ولا حتى رن تاني"
داليا حاولت تطمنها لما شافتها متوتره فعلا
طول اليوم كانت قاعده متوتره، موبايلها في إيديها، عينهيا عليه طول الوقت، كل شوية تفتحه وتقفل الشاشة، مستنية اسمه يطلع قدامها، مستنية أي حاجة منه، بس لا كلمها ولا حتى رد على رسايلها.
القلق بدأ يزيد جواها، دقات قلبها بقت أسرع، فكرة واحدة كانت بتزن في دماغها "معقول؟ معقول مشي تاني؟ بعد كل ده؟"
حاولت تهدي نفسها، تلاقي أي مبرر، يمكن مشغول؟ يمكن بطاريته فصلت؟ لكن قلبها كان رافض يقتنع.
بعد شوية تردد، قررت تتحرك، قامت وراحت على أوضته، خبطت، لكن مفيش رد، ولا حتى صوت حركة من جوا.
حسّت بخوف حقيقي، ممكن يكون مشي؟! بس ليه المرادي؟ ليه وامبارح كان ؟ كان بيقولها أنه مستحيل يسيبها
نزلت سألت عنه لو موجود ولا لاء، عرفت أنه مش موجود بس لسه معملش شيك اوت، طلعت أوضتها بخطوات تقيلة، قلبها كان متلغبط، مش عارفة تفكر، مش عارفة تلاقي تفسير لاختفائه المفاجئ، قعدت على طرف السرير، كأنها بتحاول تستوعب، عينيها متعلقة بالموبايل، لكن مفيش أي إشعار منه، لا مكالمة، لا رسالة، لا حتى علامة إنه شاف رسايلها.
"لسه معملش شيك أوت..." الجملة دي فضلت تدور في دماغها، معناها إنه لسه موجود، بس فين؟ وليه سايبها كده؟
حاولت تفكر بعقل، يمكن عنده شغل؟ يمكن حصل حاجة اضطرته يخرج بسرعة؟ لكن جوه قلبها كان فيه إحساس بالخوف... خوف من إنه يكون فعلاً قرر يختفي تاني.
وقفت فجأة، مش هتفضل قاعدة مستنية، لازم تعرف مكانه، لازم تلاقيه، لكن السؤال كان... فين ممكن يكون؟
حاولت تهدي نفسها، تقنع نفسها إنه يمكن مشغول، يمكن حصلتله حاجة اضطرته يتأخر، لكن قلبها كان بيرفض يصدق أي تبرير.
قبل ما تفكر تعمل أي خطوة تانية، فجأة الموبايل رن.
شهقت بخفة وهي شايفه اسمه منور على الشاشة، الدم غلى في عروقها، نسيِت كل قلقها وكل خوفها، وكل اللي فضل جواها كان غضب مكتوم مستني ينفجر.
ردّت بسرعة، وقبل حتى ما تسمع صوته، صوتها طلع حاد وغاضب "إنت فين يا يوسف؟! إيه فكرة الاختفاء دي؟! فاكر نفسك بتعمل إيه؟! المفروض إني أصدق إنك مهتم وبعدها تروح تختفي بالساعات؟!"
كان لسه حتى منطقش، لكنها مديتلوش أي فرصة للكلام، صوتها كان بيعلى مع كل كلمة "أنا فضلت مستنياك طول اليوم! لا رديت على مكالماتي، ولا حتى كان ليك أثر في الاوتيل! كنت فاكرة إنك... إنك مشيت تاني!"
اتكتمت للحظة، حست بغصة في حلقها، لكنها بلعتها وكملت، بصوت أهدى لكنه مليان عتاب "ليه عملت كده؟ ليه تحسسني للحظة واحدة إنك اختفيت ؟!"
يوسف قال بهدوء "انزلي يا نور، أنا تحت مستنيكي، لازم نتكلم."
نور حسّت بقلق غريب، صوته كان هادي بطريقة مش مطمنة، مش يوسف اللي تعرفه، حست برجفة خفيفة في قلبها وهي بتسأله بحذر "في إيه؟"
رد بنفس النبرة الهادية، لكن حاسمة "انزلي وهفهمك كل حاجة."
زادت ضربات قلبها، حست إن حاجة مش طبيعية، بس كان لازم تواجهه وتعرف اللي بيحصل، أخدت نفس عميق وقالت بسرعة "نازلة."
قفلت المكالمة ونزلت بسرعه، عقلها شغال بسرعه، بترسم كل السيناريوهات اللي ممكن تسمعها منه، نزلت السلالم بخطوات سريعة، مقدرتش تستنى الأسانسير حتى، قلبها كان مقبوض، لحد ما وصلت للمدخل... وهناك، لمحته واقف مستنيها
قربت منه بسرعة، قلبها كان بيدق بقلق واضح، وقالت بحذر "في إيه؟"
يوسف رد بهدوء، لكن بجدية "هنتكلم، بس مش هنا."
اتحرك خطوة، وهي على طول سألته "يوسف، في إيه؟"
قال بصوت حاسم وهو بيتحرك قدام "هتعرفي دلوقتي."
مشيت وراه بخطوات مترددة، عقلها شغال بأقصى سرعة، مش قادرة تفهم هو ليه بيتكلم بالشكل ده، ليه مفيش وضوح في كلامه؟ ركبت العربية بعده، وهو بدأ يتحرك، والقلق في قلبها بيزيد كل ثانية.
حاولت تمسك أعصابها، لكن بعد لحظات سألت بصوت متوتر "إحنا رايحين فين؟"
قال بنفس النبرة الهادية اللي زودت خوفها "هتعرفي دلوقتي."
نور بلعت ريقها بصعوبة، المكان اللي حواليهم كان بقى مهجور وهادي بشكل غريب، كل ما العربية تقطع مسافة، القلق بيزيد، حاولت تهدي نفسها، لكن مقدرتش، فبصتله وقالت بحدّة "يوسف، في إيه؟ أنا قلقانه."
رد عليها بهدوء، لكنه كان مختصر جدًا "خلاص، قربنا نوصل."
العربية وقفت، نور بصّت من الشباك، كان المكان فاضي تمامًا، ضلمه، مفيهوش حد، قلبها دق بسرعه وهيا بتبص حواليها لحد ما سمعت صوته بيقول "وصلنا."
طفى موتور العربية وساب لحظة من الصمت تخيم بينهم، النور الخافت من عمود بعيد كان بيبين ملامحه اللي باين فيها التوتر، بس متحكم فيه كويس.
بص قدامه شوية، وبعدين لف وشه ليها، صوته كان هادي بس تقيل بكلام كبير
"نور... قبل ما أي حاجة تحصل بينا، وقبل ما نكمل خطوة زي الخطوبة أو الجواز، أنا لازم أقولك حاجة."
نور قلبها بدأ يدق أسرع، ضهرها اتسند في الكرسي لا إراديًا، وقالت بصوت واطي مليان قلق
" في ايه؟!"
اخد نفس طويل وقال " اترددت كتير اعرفك ازاي وقولت لازم اجهز نفسي كويس، لازم اعرفك وانتي تقرري، لاني مش هينفع ابني حياتي معاكي على كدبه أو اسرار"
قلقها زاد فقالت وقلبها بيخفق بشده
"يوسف، في ايه؟ قول، متعلقنيش كده."
اتنهد، وبص في عينيها مباشرة، نبرة صوته صافية ومكشوفة
"أنا مطلق."
يتبع.........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
صدمه، اتصدمت حرفيا، كل الأصوات اختفت، حتى دقات قلبها حسّت إنها اتجمدت للحظة، فتحت بقها تقول حاجة... لكن الكلام مش راضي يطلع، بصّتله باستغراب، توتر، دهشه؟ مشاعر كتير دخلت مرة واحدة.
"مطلق؟" الكلمة خرجت منها وكأنها مش مصدقة "إزاي؟ وإمتى؟... وليه؟"
يوسف فضل ساكت شوية، مديها مساحتها، قبل ما يرد
"من سنة ونص، الجوازة مكانتش ناجحة، واستحالة كانت تكمل، بس أنا مشيت من غير ما أظلم، ولا اتظلم، بس... مكانش ينفع أخبي ده عنك، حتى لو عارف إنه ممكن يغير نظرتك ليا."
نور بصّت بعيد عن عينه، بتحاول تستوعب، عقلها بيقلب كل حاجة
سكتت ثواني طويلة، بعدين قالت وهي بتبصله تاني، نبرتها مش مستقرة، بس صريحه، كلامها مش مترتب
"أنا مش عارفة أقول إيه... مش عشان الطلاق، بس عشان إنت مخبيتوش... بس في نفس الوقت... قولت."
يوسف قال فورًا، بصوت فيه رجاء خفي
"مكنتش ناوي أخبيه، والله، بس مستني اللحظة الصح، مكنتش عايز أدخل حياتك بكدبة أو نص حقيقة."
نور خدت نفس طويل، وبعد لحظة صمت مؤثرة، بصتله بعينين فيها توتر وأثر دمعة " احكيلي هيا مين وليه سبتها؟!"
يوسف بص قدامه لحظة، وبعدين رجع بعينه ليها وقال بصوت هادي
"اسمها ساندرا، اتجوزنا عن حب، كنا فاهمين بعض وقتها، أو على الأقل كنا فاكرين كده… بس لما الجواز بدأ، الحاجات اللي كنا شايفينها شبهنا، طلعت هي أكتر حاجة بتفرق بينا."
نور رفعت حاجبها وقالت بنبرة متوترة
"وبعدين؟ إنت لسه بتكلمها؟ بتشوفها؟"
يوسف رد فورًا، صوته فيه تأكيد
"لاء، مش بنتعامل غير في نطاق الشغل، هي كذا مرة حاولت ترجع، لكن خلاص... مفيش فرص تاني ترجعنا، احنا انفصلنا باحترام، واتفقنا نبقى أصدقاء بمعنى إن مفيش عداوة… لكن مفيش رجوع، وأنا لو كنت لسه بحبها، كنت رجعت، بس هي دلوقتي بالنسبالي صديقة، لا أكتر ولا أقل."
نور سكتت، بتحاول تستوعب، تحلل، تقرأ صدقه، وبعد لحظة قالت بنبرة هادية لكنها مباشر
"وإيه السبب؟ يعني، ليه اتطلقتوا؟"
يوسف أخد نفس عميق، وبص قدامه لحظة، كأنه بيرجع للمشهد
"اختلاف ثقافات، هي كانت عايزاني أكون شخص متفتح، بس أنا... عمري ما هكون بالصورة اللي هي شايفاها حرية، كنت بحاول أوازن بين مبادئي وبين اللي هي عايزاه، لكن في الآخر، هي مقدرتش تستحمل تحكمي، من وجهة نظرها."
سكت لحظة، ونبرته اتغيرت، بقت فيها مرارة خفيفة
"طلبت الطلاق، وقتها كنت رافض، متمسك بيها… بس في الآخر، قالتلي كلام كتير فيه اهانه غير مباشره، وقالتلي اتجوز واحدة من بلدك، يمكن تفهمك ومن وقتها، فهمت إنها خلاص... مش شايفاني راجلها، ولا شريكها، وساعتها، سبتها تمشي."
سكت يوسف، ونور كانت لسه ساكتة، بتحاول تجمع بين ماضيه وحاضرهم، الجو بينهم اتملى بصمت، وهو احترم الصمت ده، فضل ساكت، مستنيها تتكلم، لكن قلبه كان بيترجّ، لأنه حس بكل لحظة سكوت إنها مسافة بتبعده عنها أكتر.
بعد ثواني طويلة، نور أخيرًا اتكلمت، بصوت هادي، بس فيه رعشة صغيرة
"يعني... انت اتجوزت قبل كده؟ و... انتهت؟"
هز راسه، وقال ببساطة
"أه، وانتهت."
سكتت تاني، وبعدين خدت نفس عميق، وبصتله، نظرتها كانت مختلفة، فيها خضة، آه، لكن فيها قوة، ونضج، وحب.
"بص... أنا اتخضيت، أيوه، مش عشان أنت مطلق... لأ، عشان أنا مكنتش متوقعة، بس الطلاق ده مش نهاية الدنيا، والماضي بتاعك ده حصل وانتهى، أنا اللي فارق معايا دلوقتي هو إحنا... إحنا اللي بنبنيه سوا."
نور كملت وهي بتحاول ترسم ابتسامة صغيرة، رغم إنها كانت لسه متأثرة
"أنا بحبك يا يوسف... ومش هسيبك عشان حاجة حصلت قبل ما أعرفك، المهم إنت دلوقتي... والمهم إحنا نبقى صادقين مع بعض، وده اللي أنت عملته."
مد إيده ناحيتها بهدوء، وهي خدت إيده بهدوء أكتر، لحظة فيها كل القوة، وكل الحب، وكل قرار اتاخد من غير كلام كتير
بعد فتره يوسف نزل من العربيه وقال " انزلي "
نزلت ببطء، عينيها بتلف حوالين المكان، الخوف بدأ يتسرب لملامحها، بصّتله وقالت "في إيه؟"
مدلها إيده وقال بثقة "تعالي."
بصّت لإيده الممدودة، حسّت بتردد رهيب، سألت بصوت أقرب للهمس "في إيه بقا؟"
قال بنبرة فيها صبره بدأ ينفد "كفاية أسئلة، هتعرفي كل حاجة دلوقتي."
مدت إيدها بتردد، وحست بصوابعه وهي بتقفل على إيدها بحزم، مشي بيها شوية، وبعدها وقفها في مكان معين، بصّلها وقال بجدية "خليكي هنا شوية، جاي حالًا."
نور اتوترت أكتر، قلبها كان بيدق بجنون، بصت له بعيون واسعة وهي بتقول "أنت هتسيبني هنا؟ في المكان ده؟ لوحدي؟"
رد عليها بسرعة "هاجي على طول، في حاجة أهم لازم تكون موجودة."
قال كلمته ومشي، نور فضلت واقفة مكانها، بتراقب ضهره وهو بيبعد، إحساس بالخوف بدأ يتسلل لها، المكان كان صامت بطريقة تخوف، وحاجات كتير بدأت تدور في دماغها... ليه جابها هنا؟ وإيه الحاجة اللي أهم؟
بمجرد ما يوسف اختفى، فجأة الدنيا كلها بقت مليانة نور، الأضواء اشتعلت في كل مكان، الجو كله اتغير، وسمعت صوت صاخب بيهز المكان، قلبها دق بسرعة، مش مستوعبة إيه اللي بيحصل، ولما بصّت حواليها، لقت نفسها واقفة في نص حلبة مصارعة ضخمة!
صوت الجماهير المسجل كان شغال في السماعات، الهتافات العالية، الأضواء اللي بتتحرك بشكل درامي، كل حاجة كانت مهيأة لنزال قوي، نور وقفت في مكانها، عينيها بتلف حوالين المشهد وهي مش مستوعبة اللي بيحصل، وفجأة، الشاشة الكبيرة اللي في الحلبة نورت، ولقت مكتوب عليها بخط كبير "نور... بطلة قلبي بلا منازع!"
قبل ما تستوعب المفاجأة، المذيع الصوتي للحلبة أعلن بحماس شديد، وصوته كان عامل جو حماسي كأنها في عرض عالمي حقيقي "والآن، السيدات والسادة، نقدم لكم النزال الأهم في تاريخ المصارعة، بين أقوى خصمين على الإطلاق! في الزاوية الأولى، اللاعبة التي قلبت حياة خصمها رأسًا على عقب، القوية، العنيدة، صاحبة الابتسامة القاتلة... نور!"
نور شهقت بصدمة وهي شايفة نفسها على الشاشة الكبيرة، اسمها ظهر وسط مؤثرات بصرية كأنها بطلة محترفة داخلة منافسة شرسة، كل حاجة كانت واقعية لدرجة تخض، حتى صوت الجماهير اللي بتشجع.
والمذيع كمل بنفس الحماس "وفي الزاوية الأخرى... الرجل الذي حاول المقاومة لكنه سقط ضحية الضربة القاضية، العاشق الذي لم يجد مهربًا، المصارع الذي استسلم بلا رجعة... يوسف!"
نور لفت بسرعة، قلبها كان بيدق بسرعة وهي شايفة يوسف داخل الحلبة، لكن المفاجأة الأكبر كانت في لبسه، كان لابس تيشيرت عليه شعار كبير مكتوب عليه "Future Husband"، وابتسامته الهادية كانت مليانة ثقة وهو بيقف قدامها.
بصّلها بنظرة كلها تحدي، لكنه كان تحدي لطيف، وقال بصوت ثابت لكنه دافي
"أنا عارف إنك أقوى مني، وإنك هتكسري أي مقاومة عندي، فبدل ما نتعب بعض... تعالي نحسم المعركة."
نور كانت لسه واقفة مذهولة، مش قادرة تصدق اللي بيحصل، لحد ما شافته بيرمي ليها "حزام البطولة" اللي كان ماسكه.
بإيدين مرتعشة، خدته وبصّتله، ولقت عليه نقش فخم مكتوب عليه "زوجة يوسف الرسمية"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
رفعت عينيها له باندهاش، حست إن عقلها متوقف عن الاستيعاب، وقالت بصوت مضطرب "هو... إيه اللي بيحصل؟"
قرب منها، صوته كان هادي لكنه مليان دفا وهو بيسألها "انتي شايفة إيه؟"
نور بصت حواليها، كل حاجة كانت غريبة، مش مستوعبة اللي بيحصل، صوت الجماهير المزيف، الأضواء، الشاشة الكبيرة اللي مكتوب عليها لقبها، و... يوسف، اللي واقف قدامها بنظرة مختلفة تمامًا.
قالت بصوت متلخبط وهي تحاول تستوعب "مش مستوعبة يا يوسف... إزاي؟!"
قرب أكتر، المسافة بينهم بقت معدومة تقريبًا، وهمس جنب ودنها بصوت مليان إحساس "مبروك يا نور... انتي فوزتي. فوزتي بقلبي... وبيا أنا شخصيًا."
نور حسّت إن عقلها وقف للحظات، قلبها كان بيدق بسرعة، مش قادرة تفهم قصده بالضبط، فقالت بتوتر وهي بتحاول تستوعب "يعني إيه؟!"
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، وبهدوء طلع من جيبه علبة صغيرة، فتحها قدامها،
كان خاتم... مش أي خاتم، كان بسيط وأنيق، لكنه الأجمل في عينيها في اللحظة دي.
رفع عينه لها، نظرته كانت كلها حب وثبات، وهمس بصوته اللي كان دايمًا نقطة ضعفها "تتجوزيني؟"
نور فضلت واقفة، عينيها واسعه وملامحها متجمدة بين الصدمة والانبهار، حسّت للحظة إنها فقدت القدرة على النطق، يوسف واقف قدامها، ماسك العلبة المفتوحة، وعينيه مثبتة عليها باستمرار، منتظر منها رد.
بلعت ريقها بصعوبة، حسّت بقلبها بيدق بجنون، إيدها كانت بتترعش وهي بتبص للخاتم، رفعت عينيها ليوسف، همست بصوت مهزوز بالرغم من أنها كانت عارفه انه هيعرض عليها الجواز في يوم "يوسف... انت بتتكلم جد؟"
يوسف ابتسم ابتسامة دافية، أقرب لابتسامة انتصار، وقال بهدوء لكن بحزم
"عمري ما كنت جدي في حياتي قد اللحظة دي"
نور بصتله، لقت نفسها وسط مشاعر متلخبطة، بس الأكيد إنها كانت مشاعر حب، حب قوي لدرجة إنها مش قادرة تخبي أكتر.
اتنفست بعمق، مدت إيدها بخجل، وهو بابتسامة مشرقة لبسها الخاتم بحنية، وسط تصفيق وهمي من أصوات الجماهير في الخلفية.
يوسف قرب منها أكتر وهمس بابتسامة جانبية " بحبك"
بعد ما نور وافقت وضحكت، فجأة الأضواء في الحلبة خفتت شوية، وبدأت موسيقى هادئة تعزف في الخلفية، نور بصت حواليها باستغراب، لكن قبل ما تسأل، يوسف مد إيده ليها وقال "بما إنك فزتي بالجولة الأولى… لازم نحتفل، صح؟"
ابتسمت وهي بتحاول تخبي خجلها، لكنها مدت إيدها ليه، يوسف سحبها برقة للنص، ولأول مرة الحلبة تحولت من ساحة نزال لمكان دافي، مليان مشاعر هادية، حط إيده على وسطها، وهي حطت إيدها على كتفه، وبدأوا يرقصوا ببطء على أنغام الموسيقى.
الدنيا حواليهم اختفت، مبقاش فيه مصارعة ولا أضواء، بس همّا، ولحظة من العمر محفورة جوه قلوبهم.
يوسف شدّها أقرب، كأن المسافة بينهم لازم تفضل معدومة، كأنها جزء منه مينفعش يبعد، عيونه كانت ثابتة عليها، مليانة مشاعر مالهاش وصف، وحاجات كتير متقالتش، لكنها كانت واضحة في طريقته، في لمسته، في الطريقة اللي بيبص لها بيها.
نور حست بقلبها بيرقص مع خطواتهم، مزيج بين الدهشة والسعادة بيجري في عروقها، ضحكت بخفة وقالت بصوت واطي "حاسه إني في حلم."
يوسف مال عليها أكتر وهمس جنب ودنها " وده اللي انا كنت عايزك تحسيه"
كانت لحظة سحرية، لحظة مليانة حب وأمان، لحظة فيها كل الحاجات اللي تتمناها، واللي يمكن مكنتش تصدق إنها هتحصل بالشكل ده.
سألته وقالت " عشان كده كنت مختفي طول اليوم ؟!"
هز راسه وقال " عشان كده"
نور بصّتله بعيون مليانة عتاب، صوتها كان مخلوط بين الزعل والقلق وهي بتقول "يعني عشان كنت بتحضر لكل ده، اختفيت طول اليوم؟ سبتني أقلق وأدوّر عليك وأفكر في مليون احتمال؟"
يوسف اتنهد وقال بهدوء "عارف إني قلقتك، بس كان لازم تبقى مفاجأة… كنت عايز اللحظة دي تبقى مميزة، حاجة متتنسيش."
نور سحبت إيدها منه، لسه زعلانة، وعيونها بتلمع بمشاعر كتيرة مش قادرة تسيطر عليها "بس كنت تقدر تطمني… كنت تقدر تبعتلي رسالة واحدة بس تقول فيها إنك كويس، بدل ما أفضل طول اليوم حاسة إني تايهة."
يوسف بصّلها بأسف، قرب خطوة وقال بصوت دافي "حقك عليا، بس بصيلي كويس… هل بعد كل ده، لسه زعلانة؟"
نور عضّت شفايفها بتوتر، عينها جت على الحلبة، على الأضواء، على الخاتم اللي في ايديها… وفجأة لقت نفسها بتتنهد، بتحاول تبقى جدية لكنها مقدرتش تخبي لمعة الفرح في عيونها.
بصّتله وقالت بصوت أوطى شوية، كأنها مستسلمة لعذابه اللطيف "أنا مش عارفة أزعل منك أصلاً…"
يوسف ضحك، ابتسامته الوسعة ظهرت، وغمغم بخبث وهو بيقرب أكتر "كنت متأكد."
نور ضربته على كتفه بخفة، وهي بتحاول تبان متضايقة، لكن قلبها كان بيقول حاجة تانية خالص…
مسك إيدها الاتنين بين إيديه،بصّ في عيونها بجدية وهمس "نور… أنا بوعدك إن دي هتكون البداية لحياة مليانة حب وسعاده، أنا مستعد أكون ليكِ كل حاجة، بس انتي كوني معايا."
نور بصتله، ابتسمت بعيون مليانة حب، وقالت بكل يقين "أنا معاك يا يوسف… دايمًا."
ابتسم ابتسامة خفيفة وقال " عارف"
رفعت حاجبها وقالت " عارف؟ ايه الثقة دي؟!"
قرب أكتر، صوته كان هادي بس محمل بثقة غريبة "أنا الراجل اللي قلب حياتك، اللي خلاكِ تتجنني، اللي بقاله شهور شاغل بالك… صح؟"
نور بلعت ريقها، عرفت إنه مستفز وذكي، وبيحاول يجرّها للكلام، لكنها رفضت ترد، بس هو كمل، بصوته العميق اللي خلاها تفقد تركيزها "وأنا الراجل اللي كل ما تحاولي تكرهيه، تلاقي نفسك بتحبيه أكتر… مش كده برضو؟"
حست إن رجليها مش شايلينها، الموسيقى، الأجواء، القرب ده… كله كان أقوى من قدرتها على المقاومة.
حاولت ترد بهدوء وقالت "يوسف، بطل استفزاز بقى…"
قال بثقة، وعينه مسلطة عليها كأنها ملكه وحده "ده مش استفزاز، دي الحقيقة، تقدري تعترفي بالحقيقة دي دلوقتي؟"
" يمكن"
يوسف عرف انها بتتهرب، سحبها وراه وقال " تعالي"
ضحكت بخفه" فين تاني؟!"
" بطلي أسأله"
ضحكت بخفة لكنها مشيت معاه، مبهورة بثقته وسيطرته على الموقف، كان ماسك إيدها بإحكام، كأنه مش ناوي يسيبها ولا حتى ثانية، مشيت جنبه، ايديها في ايديه، لحد ما وقف قدام مكان هادي، لفّت عيونها حوالين المكان وقالت بفضول "يوسف، احنا فين؟"
ابتسم، لكن الابتسامة دي كان فيها لمعة خاصة، حاجة خلت قلبها يدق بسرعة، وقال بهدوء "مكان يليق باللحظة اللي احنا فيها."
نور بصت حواليها تاني… الإضاءة كانت هادية، الجو شاعري بطريقة غريبة، نسمة خفيفة بتحرك شعرها، وكل حاجة حواليها كانت بتقول إن الليلة دي مميزة، يوسف سحبها ناحيته أكتر، خلاها تقعد جنبه، وهي استكانت للحظة، حست بالأمان وهي جنبه
الصمت كان سيد الموقف، لكن مكانش صمت محرج، كان صمت مليان مشاعر، مليان إحساس متبادل مش محتاج كلمات، نور كانت شبه نايمة في حضنه، بتسمع دقات قلبه، بتحس بحرارة وجوده جنبها، وحاسة إنها خلاص… في المكان الصح.
عدّى وقت مش قليل وهما على الوضع ده، وبعدين حسّت بحركة خفيفة من يوسف، عدّلت جلستها وبصتله، عيونه كانت مركزة عليها بشكل غريب، كأنه بيحاول يحفر ملامحها في ذاكرته.
قالت بصوت واطي، شبه همس "يوسف؟"
رد بصوت هادي، لكن نبرته كانت تقيلة بالمشاعر "نعم؟"
اترددت لحظة، وبعدها قالت بحسم، وعينيها بتلمع بحب صادق "أنا بحبك… أوي."
يوسف اتجمد للحظة، كأن الكلمة دي ليها تأثير السحر عليه، ابتسامته وسعت، بس كانت ابتسامة فيها رضا، فيها انتصار، كأنه كان مستني يسمعها منها بوضوح، بدون أي خوف أو هروب.
مد إيده ولمس خدها بحنية، صوته كان هادي لكنه عميق "وأنا بعشقك يا نور… من زمان."
نور حسّت بالقشعريرة بتغزو جسمها، عرفت إن اللحظة دي… هتفضل محفورة في قلبها طول عمرها.
نور اتنهدت وقالت " يوسف، لازم عمو يكون عارف اول واحد، رأيه اهم مني"
يوسف قالها وهو عيونه مثبتة عليها، نبرته فيها مزيج من الجدية والإصرار " انا كنت عنده انهارده اساسا، وطلبت منه ايدك"
نور وسعت عيونها، استوعبت كلماته ببطء، لكن عقلها كان بيحاول يهضم الصدمة، رمشت بسرعة، صوتها طلع متلخبط بين المفاجأة وعدم التصديق "بجد؟!"
يوسف هز رأسه بهدوء، كأن الأمر كان طبيعي جدًا بالنسباله، وقال بصوته العميق الواثق "أيوه، كنت هناك، وقلتله إني مش ناوي أضيع وقت أكتر."
فضلت ساكتة للحظات، يتحاول تستوعب حجم اللي حصل، لكنه كمل بنفس النبرة اللي دايمًا بتقدر تهزها من جوا "قلتله إني عايزك مراتي… رسميًا، وبأسرع وقت ممكن."
شهقت نور وهي مش مصدقة، عينيها كانت مليانة انبهار ودهشة، الكلام أكبر من أي توقع كانت حاطاه لليلة دي، قالت بانفعال "يوسف، إنت بتتكلم جد؟!"
قرب منها أكتر، نظراته اخترقت أي محاولات للهروب من الحقيقة، نبرته كانت مستقرة، قوية، مفيهاش ذرة تردد "جدي جدًا… وزي ما انتي شايفة، مفيش نية للرجوع في القرار."
قلبها كان بيدق بجنون، كان عندها ألف سؤال وألف إحساس متلخبط، بس يوسف دايمًا كان سابقها بخطوة، رفعت عيونها ليه، صوتها كان شبه هامس، مليان توتر وترقب "وهو… وافق؟"
يوسف ضحك ضحكة خفيفة، فيها لمعة انتصار، وقال بثقة "كان عايز يقولي لسه بدري، بس أقنعته إن مفيش وقت بدري على اللي مستنينه من زمان."
نور حطت إيدها على قلبها، تحاول تهدي ضرباته اللي مش راضية تستقر، بصتله نظرة فيها مزيج من السعادة والرهبة، همست وهي بتحاول تترجم مشاعرها "وأنت… كنت هتستنى إيه؟"
قرب أكتر، عيونه سكنت عيونها، رفع كفها لحد ما بسطه بين إيديه، لمساته كانت دافية، مطمئنة، وقال بصوت رخيم هز كيانها "إني أسمعها منك الأول… وسمعتها."
نور حسّت بقشعريرة في جسمها كله، ابتسمت بخجل، لأول مرة مش قادرة تخفي فرحتها
بعد ما خلصوا كلامهم، يوسف مسك إيد نور وسحبها بهدوء "يلا، لازم نوثّق اللحظة دي."
نور ضحكت وقالت " هيا اصلا بقت متوثقه في عقلي خلاص"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
طلع فونه وفتحه، فتح الكاميرا واتصوروا صورة عفوية، فيها كل المشاعر اللي بينهم، ملامحهم مش واضحة تمامًا، بس المشاعر كانت طاغية.
يوسف رفع الصورة على الفيسبوك، كتب كابشن بسيط، رايق، بس فيه كل المعاني
"البطولات مش بالحزام… البطولات بالقلب، وأنا كسبت أهم بطولة في حياتي. 🖤🔥"
التعليقات انهالت، البعض مستغرب، البعض متحمس، بس نور؟ نور كانت واقفة جنبه، شايفة الفرحة في عيونه، وعارفة إنها خلاص… بقت له.
هو كان هادي، لكن إيده كانت بتطبطب عليها بخفة، كأنها حاجة غالية عنده وبيحافظ عليها، نور غمضت عيونها لحظة، سمعت صوت دقات قلبه المنتظمة، وإحساس الدفا لفّها بالكامل، ابتسمت بخجل وهمست "أنا حاسة إن الليلة دي مش حقيقية…"
يوسف شدّها أكتر وقال بصوت واطي لكنه واصل لقلبها قبل عقلها "دي أكتر ليلة حقيقية عشتها في حياتي."
نور رفعت راسها وبصت له، عنيها كانت مليانة فرحة، فرحة مش مصدقة إنها أخيرًا… بقت ملكه.
الجو كان هادي، مفيش كلام بينهم، كأنهم عايزين اللحظة دي تفضل للأبد.
نور كانت مستكينة في حضنه، عينيها مغمضة وكأنها في حلم، لكنه حلم حقيقي، ملموس، فيه كل اللي كانت بتتمناه، يوسف كان حاضنها بتملك، إيده بتحاوطها كأنه مش ناوي يسيبها أبدًا.
حسّت بنبضه المنتظم، بإيده اللي بتثبت وجودها جوه حضنه، بالأمان اللي عمرها ما حسّت بيه قبل كده بالشكل ده.
عدّت لحظات طويلة من الصمت، بس كانوا حاسين بكل شيء، بكل نفس، بكل دقة قلب.
نور اتحركت بهدوء، عدّلت جلستها وبصتله، عنيها مليانة مشاعر مكنتش محتاجة تفسير.
يوسف بصّلها باستفسار، مفيش استعجال، مستني يسمع منها اللي هو عارفه من زمان.
ابتسمت بخجل، بس صوتها كان واضح وثابت وهي بتقول "احنا كده اتخطبنا؟"
يوسف ابتسم بخبث، عيونه لمعت وهو بيرد عليها بهدوء "انتي شايفة إيه؟"
ضحكت بخفة، وهي لسه مش مستوعبة التفاصيل، كل حاجة حصلت بسرعة، وكأنها داخل دوامة مش قادرة تخرج منها. بس ما قدرتش تمنع السعادة اللي بدأت تسرق ملامحها، وقالت بخجل "لو خطوبة… فدي أحلى خطوبة شفتها في حياتي."
يوسف كان متابع ملامحها بحذر، وكأنه مستني يسمع اللي عايز يسمعه منها، لكنه حسم الموضوع بكلمتين كانوا كفيلين يقلبوا الكيان اللي هي فيه "خطوبة مدتها أسبوع."
رفعت عيونها بصدمة، كأنها سمعت غلط، وقالت باستنكار "يعني إيه؟!"
"يعني كتب كتابنا الأسبوع الجاي."
نور حسّت بكلمات يوسف بتخبط جواها زي الطبول، اتعدلت في قعدتها بسرعة، قلبها بدأ يدق بقوة، بصّتله باندهاش وهي بتحاول تفهم إذا كان بيتكلم بجد ولا بيهزر معها "إزاي يعني بعد أسبوع؟! يوسف، انت بتتكلم جد؟!"
يوسف مال ناحيتها، عينيه فيها ثقة غريبة، نبرة صوته كانت ثابتة وكأن الموضوع محسوم من زمان "أنا عرضت على عمّك، وقلتله إن مفيش داعي نضيّع وقت أكتر، وهو قال إنك حرة في قرارك."
نور حست إن مخها مش قادر يلاحق على الكلام، كل حاجة بتحصل بسرعة، أسرع من قدرتها على التفكير، وقالت بتوتر "بس… أسبوع قليل جدًا! مش هلحق أحضر أي حاجة، وبعدين المفروض كتب الكتاب قبل الفرح بأيام"
يوسف ابتسم بثقة، وكأنه متوقع اعتراضها وقال بهدوء "أنا عارف… عشان كده هنكتب الكتاب بعد أسبوع، وهنعمل الفرح بعد شهر."
شهقت نور بصوت مسموع، وسألت بانفعال "شهر؟! يوسف، ازاي نتجوز بعد شهر؟! ده وقت قليل جدًا!"
"فين المشكلة يا نور؟ كليتك بعد شهر ونص شهرين، يعني هنتجوز بعد شهر، وأكيد مش هعطلك عن دراستك، لو ده اللي هتتكلمي عنه، اي حاجه تانيه مقدور عليها"
نور حاولت تستوعب الكلام، قلبها كان بين دقاته فرحة وخوف في نفس الوقت، كانت مبسوطة، بس حاسة إن كل حاجة بتحصل بسرعة… بسرعة كبيرة جدًا.
رفعت عيونها ليه وقالت بخفوت "بس في حاجات كتير محتاجة تجهيز! شهر قليل جدًا!"
يوسف مسك إيدها وضغط عليها بحنان، نبرته كانت واثقة وهو بيقول "كل حاجة جاهزة أساسًا."
نور رفعت حاجبها باستنكار، بصّت له بعدم تصديق وقالت بحدة "لاء طبعًا، فين اللي جاهز ده؟!"
"من اللحظة دي يا نور، تقدري تجهّزي كل حاجة، أي حاجة انتي عايزاها هتكون جاهزة."
كانت لسه مش مقتنعة، حست إن الوقت مش كفاية، وإنه لازم يكون فيه تحضير لكل تفصيلة… بس قبل ما تتكلم، يوسف قطع أفكارها بصوته العميق "نور، انتي بتعجزيني ليه؟ لو مش عايزة تكوني معاي...."
قاطعته وهيا بتهز راسها بانفعال "أنا عايزاك من دلوقتي يا يوسف… عايزاك وبتمناك، بس لازم نحط في بالنا إن فيه حاجات لازم تكون جاهزة!"
يوسف قرب منها أكتر، لمس خدها بحنان وهو بيقول بصوت هادي لكنه قوي "وأنا قولتلك… كل حاجة هتكون جاهزة وزي ما انتي عايزاها، أنا مش فاهم بصراحة اعتراضك!"
"الوقت قليل بجد، مش هلحق!"
"وعد مني، هتلحقي، لو انتي فعلًا عايزة نتجوز في أسرع وقت."
نور سكتت، كانت بتحاول تفكر في كل حاجة، تحسب الأمور بعقلها، بس قلبها كان بيتصرف لوحده… وقبل ما ترد، يوسف سابقها وقال بصوت مليان دفا
" كل حاجه انتي عايزاها هتحصل، وهتحصل بسرعه، لو حسيتي انك مش لاحقه فممكن نأجله، بس اهم حاجه نكون في بيت واحد، واجيبلك فينو ولبن وأنا راجع من الشغل "
حست بقشعريرة بتجري في جسمها، كان بيتكلم بثقة، وبحب… بحب حقيقي.
ابتسمت أخيرًا، ابتسامة ناعمة، وقالت بهمس "ماشي… بس على شرط."
يوسف رفع حاجبه وقال بابتسامة جانبية "شرط؟ اشرطي يا نور، بس متأخريش الموافقة."
قربت منه وهمست بحب "إنك تفضل تحبني كده طول العمر…"
ضحك يوسف، ضحكة كلها راحة وامتنان، وسحبها في حضنه، وهمس جنب ودنها "ده مش حب مؤقت يا نور… ده حب العمر كله."
تاني يوم ،فتحت عيونها ببطء، شعور غريب مسيطر عليها… كأنها كانت في حلم جميل ومش قادرة تصدق إنه حقيقة، خافت تكون كانت كل ده بتحلم، لكن لما بصّت على إيديها وشافت الخاتم في صباعها، حسّت بقلبها بيدق بسرعة واتأكدت… ده مش كان حلم، ده واقع، اتنهدت بارتياح وهيا بتلمس الخاتم بايديها بفرحه
قامت بسرعة وهي حاسه بسعادة غريبة، جابت موبايلها ورنت على أول حد خطر في بالها… داليا، بعد ثواني قليلة، داليا ردّت بصوت واضح حماسي "ألوو… صاحيه بدري اوي كده ليه؟"
نور كان صوتها مليان حماس وهي بتقول بسرعة "داليا! مش هتصدقي… يوسف طلب أيدي رسمي، وأنا وافقت"
داليا ضحكت بخفة، كأنها مش مصدومة، وقالت بهدوء غريب "عارفة."
نور اتجمدت مكانها، رفعت حواجبها بدهشة وقالت باستغراب "إزاي يعني عارفة؟! انتي كنتي مستنية مني أقولك الخبر المفروض!"
داليا ضحكت وقالت بهدوء "يوسف قالي من امبارح، وأنا كنت عارفة كل حاجة."
نور شهقت وقالت بصدمة "إيه؟! يعني كل ده وأنا فاكرة نفسي أول حد يعرف؟!"
داليا ضحكت أكتر وقالت بمزاح "ما أنا كنت عارفة بس مقدرتش أقولك حاجة، كل شوية كنت بقولك إنه مشغول عشان متلاحظيش حاجة، مكانش ينفع أقولك أكتر من كده!"
نور عضّت شفايفها باندهاش، لكنها بسرعة نسيت كل ده وقالت بسعادة "مش مهم… المهم إنه معايا دلوقتي."
داليا ابتسمت وقالت بحماس "بجد، اتفقتوا على إيه؟!"
نور رفعت حاجبها وقالت بمكر "وإنتي مش عارفة برضو؟"
داليا ضحكت وقالت " اكيد لاء، انا كنت عارفه اللي يوسف بيخططله بس، لكن معرفش اكيد اللي هتتكلموا فيه"
نور اتنفست بعمق وقالت بسعادة "هنكتب الكتاب بعد أسبوع… والفرح بعد شهر."
داليا صرخت بفرحة، كانت سعيدة جدًا بالخبر، وقالت بضحكة "ده أحلى خبر سمعته! أخيرًا يا بنتي!"
نور ضحكت معاها، لكن بعدها لاحظت إن موبايلها فصل شحن، قامت بسرعة وحطته في الشاحن، وأول ما فتح، لقت سيل من الاتصالات الفائتة… اسماء كتير ظهرت قدامها، أصحابها، قرايبها، وحتى ولاد خالتها وخالها
ابتسمت تلقائيًا، قلبها دق بسرعة، وبدأت ترد على مكالمة ورا التانية، كل واحد كان بيباركلها، وكل واحدة من البنات كانت متحمسة وفرحانة ليها بطريقة مختلفة.
وبعد ما خلصت رد على الكل، فكرت في حد مهم لازم تتطمن عليه… عمها، جابت رقمه بسرعة ورنت عليه، وبعد لحظات قليلة، رد عليها بصوته الدافي "إزيك يا نور؟"
ابتسمت وقالت بحماس "أنا كويسة جدًا يا عمو… وكنت لازم أسمع موافقتك بنفسي."
ضحك عمها وقال بحنان "ربنا يسعدك يا بنتي، تستاهلي كل خير، يوسف راجل محترم، وأنا واثق إنه هيكون سند ليكي طول حياتك، ربنا يفرحكوا يارب"
نور حست بدفا في قلبها، وكأنها بتاخد بركة من عمها، صوتها كان هادي لكنه مليان امتنان وهي بتقول "ربنا يخليك ليا يا حبيبي… دعواتك أهم حاجة عندي."
قفلت المكالمة، بصّت لنفسها في المراية، شافت انعكاسها… وشافت في عيونها لمعة جديدة، لمعة الحب، الحلم اللي اتحقق… وأخيرًا، بقت لنور بداية جديدة، وحياة جديدة… مع يوسف
يتبع.........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نور بصّت في الساعة، الوقت بدري، حاولت تنام تاني، بس الفرحه مش سايعاها، كانت بتفكر في يوسف، اكيد دلوقتي نايم، فكرت تسيبه بس مقدرتش، فتحت موبايلها ورنّت عليه، استنت، مفيش رد، عقدت حواجبها بملل، خرجت من أوضتها وراحت على أوضته، خبطت بهدوء في الأول، مفيش استجابة، خبطت تاني، بصوت أعلى شوية، برضه مفيش رد، وقفت للحظة بتفكر، أكيد نايم ومش سامع.
طلعت الكارت اللي معاها، بصّتله ثواني بتردد، بس في الآخر، قررت تستخدمه، فتحت الباب بهدوء ودخلت.
وقفت مكانها، عيونها اتعلّقت بيه وهو نايم، كان هادي جدًا، ملامحه مرتاحة، أنفاسه منتظمة، وشعره متبعتر شوية كأنه كان بيتقلّب في النوم.
ابتسمت لا إراديًا، قربت بخطوات هادية، مش عارفة ليه حسّت إن اللحظة دي خاصة جدًا، وكأنها بتشوفه لأول مرة بالشكل ده… بعيد عن أي تصنّع
قربت أكتر، وهمست بخفوت وهي بتلمس كفه برفق "يوسف..."
بس مفيش استجابة، شكله فعلاً نايم بعمق ابتسمت وهي يتهمس لنفسها
"شكلك مستحيل تحس بحاجة دلوقتي."
كانت ناوية تمشي وتسيبه، لكن قبل ما تبعد، فجأة، إيده تحركت… وقبل ما تستوعب، شدها ناحيته، فقدت توازنها ووقعت على السرير جنبه، شهقة صغيرة خرجت منها وهي بتحاول تقوم، لكن يوسف لف إيده حواليها ومنعها تتحرك.
"يوسف!" همست بانفعال وهي بتحاول تفلت من قبضته.
لكن هو لسه مغمض عينيه، تمتم بصوت مبحوح وناعم " بتعملي ايه؟"
كانت لسه بتحاول تبعد، لكن قربه، حضنه، طريقته وهو ماسكها كأنها ملكه حتى وهو مش واعي، وصوته وهو لسه صاحي، كل ده خلى أنفاسها تتلغبط، حررت نفسها من قبضته وبسرعه وقفت عند طرف السرير، حاضنة إيديها قدامها وهي بتبص له بملامح متحفظة، لكن قلبها كان بيدق بسرعة، يوسف كان مستلقي على ضهره، عنيه لسه تقيلة وهو بيحاول يفتحها بصعوبة.
رفع إيده يمسح على وشه بكسل، وقال بصوت مبحوح "الساعة كام؟"
قالت وهي بتبص على الموبايل "تسعة."
يوسف زفر بضيق، رجع راسه على المخدة وقال بنبرة متذمرة "حرام عليكي يا نور… أنا منمتش!"
نور رفعت حاجبها بسخرية خفيفة، حطت إيديها على وسطها وقالت "وأنا عملت إيه يعني؟ يدوب ندهتلك بصوت واطي… نومك خفيف أعملك إيه؟"
يوسف فتح عينيه أخيرًا، وبصلها بنظرة فيها مزيج من الإنهاك والمشاكسة، صوته كان أجش وهو بيقول "نومي خفيف معاكِ إنتي بس… جربي تصحيّني بالطريقة الصح."
نور رفعت إيدها وحاولت تخبطه على دراعه بخفة، لكن هو مسك إيديها بسرعة، شدهّا ناحيته وهي اتفاجئت بقربه المفاجئ، عينيه كانت فيها لمعة خبث واضحة وهو بيقول بهمس "جربي تقوليلي صباح الخير الأول… بطريقة أحلى."
بصتله بحب وقالت " صباح العسل والسكر والحلاوه كلها"
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، نظرته كانت مليانة إعجاب وهو بيبصلها، قرب أكتر وقال بصوت أجش "كده؟ ده أحلى صباح ممكن أصحى عليه."
نور حست بحرارة نظراته، قلبها دق بسرعة، لكنها حاولت تسيطر على نفسها، فكت إيدها من قبضته بخفة وقالت وهي بتبعد بخجل مصطنع "يلا يا كسول، قوم بدل ما تفطر لوحدك."
يوسف ضحك بصوت واطي، قام وهو بيعدل شعره بإيده، قرب منها فجأة وقال بصوت واطي "طب ما تفطري معايا، بالمرة تعوضيني عن النوم اللي ضاع."
نور رفعت حاجبها وقالت بمكر "هنفطر بس تحت … مستنياك."
لفت بسرعة وخرجت من الأوضة قبل ما يرد، فضل واقف مكانه مبتسم وهو بيتمتم لنفسه " هتجنني…!"
مروان كان قاعد في مكتبه، وسرحان في كل اللي بيحصل حواليه، الحِمل بيزيد عليه يوم عن يوم، وكل الطرق بتقف قدامه، الشركة بتنهار، والمشكلة إن السبب الأساسي ورا كل ده هو شخص هو حتى ميعرفوش… يوسف.
من كتر التفكير، مسك فونه وفتح الفيسبوك، حس إنه لازم يعرف أكتر عن الراجل ده، كتب اسمه في البحث… ولقاه بسهولة.
دخل على صفحته، قابله اول بوست لسه نازل من ساعات… بوست خطوبته!
مروان رفع حاجبه بخفة، فضوله زاد، وقرر يدخل على أكونت العروسة… قرا الاسم، ودخل على البروفايل…
وهنا كانت الصدمة.
"نور؟!"
الاسم خبط في دماغه زي الطلق، قلب الصور بسرعة… مش مصدق.
"معقول؟! يعني يوسف ده هو خطيبها اللي كانت رافضاني عشانه؟!"
الدواير اتجمعت كلها في لحظة… وكل حاجة بقت منطقية.
"يعني هو دمر الشركة انتقام؟ علشانها؟"
الأسئلة خبطت في دماغه، والإجابات كانت زي السم.
حس إنه مخنوق، وكأن الهواء نفسه بقى تقيل…
مخنوق من كل حاجة بتحصل حواليه.
مخنوق من اللي وصله، من تعب أبوه، من حياته اللي اتقلبت ومن عجزه هو قدام اللي بيحصل.
حاسس إن حياته كلها بتبوظ، بتخرج من إيده واحدة واحدة…
وفوق كل ده، نور… اللي رفضته، كانت السبب، رفضته علشان يوسف… ويوسف كان السبب في خراب كل حاجة، بس ملحوقه، هو عارف هيتصرف ازاي
عند يوسف، دخل الحمام اخد شاور ونزل الكافيتريا، قرب منهم، لمح نور قاعدة مع داليا، ابتسم بخفة وهو بيقلع نضارته ويحطها على الترابيزه
"صباح الخير." قالها بصوت مبحوح شوية.
نور وداليا ردوا مع بعض "صباح النور."
يوسف سحب كرسيه وقعد، مد أيده اخد كوباية القهوه اللي قدام نور وشربها كلها على بوق واحد
نور بصّتله بصدمة وقالت "الفطار جاي على فكرة."
يوسف زفر بصوت مسموع وهو بيرجع الكوباية مكانها وقال
"أنا مصدّع بطريقة… كان نفسي أنام بجد، بقالى فترة مش بنام كويس."
نور رفعت حاجبها وقالت بمكر "متحسسنيش بالذنب بقى!"
يوسف ابتسم ابتسامة جانبية، مال ناحيتها شوية وقال "أنتِ شكلك كنتِ خارباها نوم… راجعين وش الصبح وحضرتك قدرتِ تنامي ساعتين وكفوكي"
قبل ما ترد، داليا اتدخلت "لو جينا للحق… فهي كانت بتهرب للنوم مش أكتر."
نور رمقتها بنظرة تحذيرية لكنها مردتش، في اللحظة دي، الويتر جه بالأكل ورصّ السفرة بعناية، وبعدها انسحب بهدوء.
نور بصّت ليوسف وقالت "أنت قافل فونك ولا عامله سايلنت؟"
يوسف رد وهو بياخد لقمة من التوست "عامله سايلنت من بالليل."
نور هزّت راسها وقالت "صحيت لقيت كمية اتصالات عندي، فأكيد انت كمان عندك أكتر، هتفضل طول اليوم ترد على الناس"
يوسف زفر وهو بيرجع ضهره على الكرسي وقال "أفوق بس… ونشوف الدنيا ماشيه ازاي"
بدأوا يفطروا وداليا قالت وهي متحمسة كالعادة "أنا لسه مصدومة إننا خلاص بقينا في العد التنازلي لكتب الكتاب والفرح! مش مصدقة إنكِ أخيرًا وقعتِ يا نور!"
نور ضحكت بخجل، لكن يوسف كان عنده تعليق جاهز، بص لداليا وقال بثقة "هي موقعتش، هي بس اعترفت بالحقيقة اللي كانت بتحاول تنكرها."
نور ضربته بخفة على دراعه وقالت "يوسف، بطل بقى، كفاية غرور!"
لكنه ضحك وقال بحماس وهو بيفتح فونه "مش غرور، ده الواقع."
وسط الضحك والأحاديث العفوية، كان يوسف بيتلقى مكالمات كتير جدًا، كل شويه موبايله بيرن، وكل ما يرد، صوت التهاني والمباركات بيكون واضح حتى من بعيد.
نور وداليا كانوا بيتفرجوا عليه وهو بيتكلم مع أهله وأصحابه، ابتسامة رضا واضحة على وشه، وكل كلمة كان بيقولها بتثبت قد إيه هو سعيد باللي بيحصل.
بعد ما خلص آخر مكالمة، فتح الواتساب ولاحظ إن الجروب بتاعه مع آدم، إيمان، هبة، سارة، ملك، وندى كان مليان رسايل.
كله كان بيبارك ويعبّر عن فرحته بيه.
آدم: "وأخيرًا الوحش وقع! مش مصدق إنك خطبت يا مجرم!"
إيمان: "يوسف بيه، فاكر لما كنت بتقول إن الجواز مش في بالك خالص الفتره دي؟ أهي نور قلبت الموازين."
هبه: "نور، إنتِ بطلة! إزاي قدرت تخليك تعترف بحبك وتتجوز بالرغم من رفضك؟!"
سارة: "المهم يا نور، متسيبهوش يعمل فيها القوي، إحنا معاكِ انتي!"
ملك: "خلاص بقى، حان وقت تجهيز الفرح بقى!"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ندى "أهم حاجة، مش هنسيبكوا تحتفلوا لوحدكم، عايزين حفلة قبل الفرح!"
يوسف قعد يضحك وهو بيقرأ الرسايل، وبعدها رفع عينه لنور وقال بمكر "شايفة؟ العصابة كلها متحمسة!"
نور ضحكت وقالت " حقهم"
داليا قعدت تضحك وقالت بمزاح " جهز نفسك يا عريس، الشهر ده هتتفرم"
يوسف رفع حاجبه وقال بثقة "مفيش مشكلة، أهم حاجة العروسة تكون جاهزة."
نور ابتسمت وقالت " اكيد جاهزه"
ضحك بخفه وهو شايف اللمعه اللي في عيونها، ريكاردو رنّ على يوسف، ويوسف أول ما شاف الاسم على الشاشة، وقف وراح يكلمه بعيد عنهم شوية، صوته كان واطي، لكنه باين عليه كان فرحان، نور كانت قاعدة وكل تركيزها عليه، مكنتش مصدقة اللي بيحصل… حسّت كأنها في حلم، عينيها مكانتش بتفارق يوسف، وكل حركة منه كانت بتخطف انتباهها، داليا لمحت نظراتها وابتسمت بخفة، كأنها فهمت اللي في قلبها من غير ما تتكلم.
ريكاردو بارك ليوسف بفرحة حقيقية، وفضلوا يضحكوا ويتكلموا كأنهم مستنيين اللحظة دي من زمان، اتفقوا ينزل على كتب الكتاب على طول مع الشلّة كلها، وريك كان متحمس جدًا، بعد ما يوسف قفل معاه، مسك موبايله وكلم تيمور، واللي أول ما رد عليه باركله بكل حرارة، يوسف اتطمن منه على الوضع هناك، وسأله على كل حاجه
بعد ما خلص معاه رن علي زين عابدين، وأول ما زين رد، كان السلام بحرارة وودّ كبير، فضلوا يتكلموا شوية، والضحك كان باين في صوتهم
نور كانت لسه متابعاه، عينيها متعلقة بيه، ومش قادرة تشيل عنه نظرها، قالت لداليا وهي بتحاول تخفي توترها "بقاله ساعة بيتكلم."
داليا بصتلها بهدوء وقالت بابتسامة خفيفة "وإنتي إيه مضايقك؟!"
نبرة صوتها كانت فيها دعابة، لكن عينيها كانت بتراقب نور باهتمام، كأنها شايفة كل اللي بتحاول تخفيه.
نور قالت وهي بتحاول تبان عادية "أكيد مش متضايقة… بس اليوم هيطير."
داليا ابتسمت وقالت بهدوء "أكيد عنده أصحاب كتير لسه هيكلمهم… وخصوصًا بنات إيطاليا."
عند الكلمة دي، نور رفعت عينيها وبصتلها بانتباه واضح، نبرتها اتغيرت وهي بتكرر وراها باستغراب "بنات؟!"
داليا ردت من غير تردد، ونظرتها فيها خبث بسيط "أكيد بنات، أومال إنتِ فاكرة إيه؟!"
قالت الجملة بابتسامة خفيفة، كأنها بترمي كلامها كده والسلام، لكن وقعها على نور كان تقيل، خلّى قلبها يدق أسرع من غير ما تبين.
طبعًا نور كانت متضايقة من فكرة البنات، وكل ما كانت تحاول تهدي نفسها، تلاقي عقلها بيرجع يتخيل حاجات أكتر توجعها.
داليا قالت " انا طالعه، هسيبكوا براحتكوا"
نور هزت راسها، داليا انسحبت ونور قامت من مكانها وراحتله، وهو لسه ماسك الموبايل وبيتكلم، كانت ناوية تكلمه، بس أول ما قربت منه، شاورلها بإيده تسكت لحد ما يخلص.
سكتت، وفضلت واقفة جنبه، عينها عليه وكلامه عادي، واضح إنه بيتكلم مع راجل، مش ست، خلص المكالمة وبصلها.
قالت بنبرة فيها شك شوية "بتكلم مين؟!"
رد من غير تردد "واحد صاحبي، في إيه؟!"
قالت وهي بتحاول تتحكم في غضبها "بقالك ساعة واقف بتتكلم هنا، متعرفش تتكلم وإنت قاعد يعني؟"
قال وهو مستغرب لهجتها "لاء، عادي، فيها إيه؟ إنتِ مكبّرة الموضوع ليه؟!"
نور سكتت ثواني، فكرت، وبعدين قررت تحرق دمه زي ما هو حارق دمها.
قالت بهدوء متعمَّد "كنت عايزة أطمن على وضع مروان."
بصلها بصدمة، عينيه وسعت، لكن هي كملت وعدلت كلامها بسرعة "أقصد دكتور مروان… يا ترى نفذت وعدك؟"
طبعًا ملامحه اتغيرت تمامًا، الغضب بان على وشه، اتعصب جدًا، عينيه ولعت وهو بيقول بصوت عالي "مين يختي؟!"
نور ردت بهدوء مصطنع بس كلامها كان حاد "يوسف متنساش وعدك، انت قولتلي هتساعده يرجع شغله تاني."
قرب منها بخطوات سريعة، ملامحه كانت مشدودة ونبرته غضبانة "أيوه، بس انتي ليه هو شاغلك؟! مش فاهم… ليه أصلاً يشغل تفكيرك؟!"
قالت وهي بتحاول تسيطر على انفعالها "دكتوري، وبسأل عنه… وانت وعدتني يا يوسف، متنكرش."
هز راسه بيأس، عينيه فيها وجع واضح، وقال "انتي ليه مصممة تعكنني أهم لحظات في الحياة؟ امبارح كان يوم حلو، ودلوقتي كنتي عادي، ليه جايه تنكشي وتجيبي سيرة الزفت ده… وانتي عارفة قد إيه أنا بكرهه؟!"
نور رفعت راسها بتحدي، والغيرة واضحة في نبرتها وهي بتقول "ما انت اللي واقف بعيد ومش راضي تيجي تقعد هناك وتتكلم، يا ترى ليه؟ عشان بتكلم بنات، صح؟! أكيد أصحابك وبتكلمهم عادي!"
يوسف حس بيها، وشاف اللي مخبيّاه في كلامها، فابتسم ابتسامة جانبية وقال "آه، انتي غيرانة… طب ما تقولي كده من الأول!"
رفعت حاجبها، وقالت بثقة وبنظرة كلها دلع "هغير من إيه؟! أكيد أنا أحلى منهم… صح؟!"
قرب أكتر، نبرته بقت أهدى بس فيها نغمة عاشقة، وهو بيبصلها "صح… وأجمل من الكل، بس متزعليش مني، عينيكي وهي زعلانة بتوجعني."
قالت بجدية "بس المرة الجاية، متقفش بعيد تتكلم… حتى لو الموضوع مش مهم."
يوسف ابتسم، وقال وهو بيشدها ناحيته بخفة "اتفقنا… بس انتي كمان، متجيبيش سيرة الزفت ده تاني، بيرفعلي ضغطي."
رجعوا الترابيزة بعد شد وجذب، كل واحد فيهم بيحاول يخبّي مشاعره لكن واضح إن التوتر والغيرة ما زالت في الجو، قعدوا سوا، وابتدوا يتكلموا في تفاصيل كتب الكتاب.
يوسف كان ماسك موبايله، وكل شوية بيرن، فيفصله بسرعة بنفَس متضايق… وبعدين قرر يسيب الموبايل على جنب ويتفرغ لها.
قال وهو بيبص في عينيها بجدية، لكن نبرته فيها دفا "قدامنا بالظبط ٦ أيام… فكرتي؟ عايزه كتب الكتاب يبقى إزاي؟ أكيد كان عندك أحلام من صغرك عن كتب كتابك… فقوليلي بسرعة كده، عايزاه يبقى إزاي وفين؟"
نور بصّت له بتحدي، رفعت حاجبها وقالت بنغمة فيها دلع "هتعرف تطلعه زي ما أنا عايزاه يعني؟!"
رف أكتافه وقال " مش عارف، لو في المعقول يبقى ليه لاء "
ضحكت نور وهي بتحرك راسها بنفي وقالت بإصرار " يبقى هيطلع مش زي ما بتمنى بالظبط"
قرب منها وقال بنفس التحدي اللي فيها "طيب… نبقى نشوف وقتها."
وبعدين رجع نبرته للهدوء وقال "المهم… قولي."
ابتسمت نور، وبصّت له بخفة وقالت "هقولك… بس متستسهلش، أنا دماغي فيها كتير!"
يوسف رد بسرعة وهو بيضحك " طيب قولي يلا، سامعك"
قالت وهي متحمسة "أنا عايزاه على جزيرة، مش أي جزيرة… تبقى جزيرة وسط البحر ، فيها شاطئ رملي ناعم، والمية حواليها شفافة لدرجة إني أشوف رجلي وأنا واقفة!"
يوسف رفع حاجبه وقال "ماشي… كمّلي!"
قالت بحماس أكتر "يكون المكان متزين كله بفوانيس زجاجية، تتحط على الأرض مش متعلقة، ونمشي ما بينهم لحد ما نوصل لشيخ كتب الكتاب، وبدل ما يكون لابس لبس تقليدي، لاء… يبقى لابس أبيض كله، والميكروفون شكله شيك… مش سلكه باين!"
ضحك يوسف وقال " انتي ماشيه بمبدأ اهم حاجه التفاصيل"
نور ضحكت وكملت "وأول ما يقول 'زوجتك'، يتفتح حواليّا دواير من الشموع المائية، ويبقى حوالينا زي هالة نور… آه، وعايزة الشمس تغرب واحنا بنقول 'قبلت'، ويبقى في طيارة صغيرة فوق بتصورنا من الجو، عشان الفيديو يبقى كأنه فيلم!"
قال يوسف وهو بيهز راسه من الدهشة "إنتي كنتي بتحلمي بده فعلاً؟"
ردت وهي بتبتسم وبتغمز "ده أقل حاجة… ده أنا كمان كنت عايزة أول ما نخلص نركب مركب خشبي، نمشي بيه شوية وإحنا لابسين لبس أبيض كله، وتترمي حوالينا ورد أبيض في البحر، والناس تصقف من بعيد على الشط!"
ضحك وقال "ده أنا محتاج ميزانية دولة!"
قالت " ما انا قولتلك صعب"
يوسف سكت شوية بعد ما سمِع كل كلامها، وبصّ لها بنظرة فيها ابتسامة ممزوجة بالعجز المزيف وقال " موعدكيش أن ده كله هيحصل بس كملي"
نور رفعت حاجبها، وقالت بهدوء "عارفة… عارفة إنه مش هيكون زي ما أنا عايزاه بالظبط، بس إنت اللي قولتلي قولي."
ضحك يوسف وقال "صح، عندك حق… طيب قوليلي بقى، التفاصيل يا نور… عايز أعرف أدق التفاصيل، حتى لو هتشبعي خيالي بس."
ابتسمت بخفة وقالت "عايزة الكراسي تكون شكلها حلو وجديد، وتبقى بيضا كلها ومتغطيه بشيفون ناعم بيطير من الهوا، عايزة الناس تبقى لابسة أبيض كأنهم جايين حفلة سماوية، وممنوع الألوان الصارخة، عايزة كل حاجة تكون هادية، صوت البحر يبقى مسموع، بس مش مغطي على صوت الشيخ."
بصت قدامها كأنها شايفة المشهد وقالت "وعايزة مفيش ميكروفون عادي، لأ، يبقى فيه مايك صغير شبه بتاع البرامج الوثائقية، يتسجل بصوت نضيف من غير دوشة، والمكان كله متزين بورود لونها أبيض وبينك فاتح، مش حاجات فاقعة… عايزة الجو كله يحسّسني بالسكينة، كأن ربنا بيبارك اللحظة."
يوسف كان بيسمع بكل تركيز، ملامحه اتحولت من الضحك للتفكير، و قال بهدوء " كملي..... قولي كل اللي نفسك فيه"
نور خدت نفس عميق وكملت وهي عنيها بتلمع بالحماس "وعايزة الممر اللي همشي فيه يبقى من ورد طبيعي، مرشوش على الرمل… مش ورد بلاستيك، ورد حقيقي، ريحته تملى المكان، ومفيش زفة، ولا دي جي، بس في الخلفية نسمع صوت كمانجة ناعم بيعزف حاجة هادية، شبه الموسيقى اللي بنسمعها في الأفلام الرومانسية."
سكتت لحظة وقالت بابتسامة حالمة " ولما الشيخ يعلن جوازنا مع غروب الشمس، النور يبقى طالع من الشموع اللي محطوطة حوالينا، كأننا في حلم، حلم كبير أنا طول عمري مستنياه."
يوسف كان بيبصلها باستغراب وانبهار، قلبه كان بيتحرك مع كل كلمة، ومع كل حلم بتحكيه، حس قد إيه هو بيحبها، وقد إيه هي عايزة حاجة من قلبها.
قال لها بصوت ناعم "نور… إنتي بتتكلمي كأنك كاتبة سيناريو لحكاية خرافية."
ضحكت بخفة وقالت "ما هو أنا حلمي كتب كتاب مش عادي، كتب كتاب لما أكبر وأبص ورايا، أقول "آه… كان يوم عظيم"
يوسف قرب منها وهمس "وعد واحد أقدر أديهولك… مش هقدر أحقق كل ده، بس هحاول أخلّي اليوم ده، أعظم يوم في حياتك، بطريقتي أنا… وبقلبي أنا."
نور بصّت له، وسكتت، بس عنيها قالت كل حاجة
يتبع........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
بعد حوالي ٣ شهور...
يوسف كان واقف قدام كلية نور، زي ما بيعمل كل يوم من غير ولا يوم غياب، واقف في نفس المكان، بنفس النظرة اللي فيها أمل كبير رغم اليأس اللي بيحاول يخبّيه، عينه بتدور وسط الوجوه، يمكن تخرج، يمكن تطل عليه من بعيد… بس كالعادة، مفيش.
فجأة، فونه رن.
بص عليه، لقى اسم آدم.
رد بهدوء وقال
"أيوه يا آدم؟"
آدم قال بنبرة فيها استغراب ونفاذ صبر
"انت فين؟!"
يوسف رد وهو بيبص حوالين الكلية
"مستني عند الكلية."
آدم قال بانفعال
"برضو؟! قولتلك روح أول يوم امتحانات يمكن تظهر، بس دلوقتي مستحيل تيجي."
يوسف رد بنفس النبرة الهادية اللي جواها نار
"أنا كده مرتاح، هفضل أجي كل يوم لحد ما تظهر… مش هتنازل."
آدم اتنهد وقال بصدق
"يبني ما هو كده انت مش بتعمل حاجة، أنا بقولك استنى للامتحانات، كمان أسبوع وروحلها ساعتها، يمكن تكون ظهرت."
فجأة، يوسف لمح مروان خارج من باب الكلية… ملامحه شدّت، وعينه ثبتت عليه.
فقال بسرعة لآدم
"هكلمك تاني… سلام دلوقتي."
وقفل المكالمة، وهو واقف بيبص على مروان…
مروان لمحه من بعيد وابتسم بخفة، ابتسامة فيها قهر ومرارة أكتر من السخرية، قرب منه بخطوات هادية، وقال بنبرة فيها تهكم
"أووووه، يوسف بيه البنا مملش لحد دلوقتي، لسه عنده أمل يصلّح اللي باظ؟"
يوسف بصله من فوق لتحت، وقال بهدوء ظاهر وجواه عاصفة
"أو… أخرّب اللي متصلّح، زي ما حصل معاك، بس الفرق إني راجع أقوى، أنا بعينك على تفكيرك بجد، عارف ليه؟"
مروان كان ساكت، بيبص له باستغراب، فكمّل يوسف بصوته الواثق
"عشان أنا مخسرتش حاجة… نور هتظهر، وهتعرف الحقيقة، وتفهم إنك مش الإنسان الكويس اللي كانت متخيلاه، وساعتها… هنرجع تاني، وهنكون أقوى من الأول."
مروان ضحك بخفة وقال بنبرة باردة
"حلوة ثقتك بنفسك دي… هتدمرك في يوم، وبينا الأيام."
وقف لحظة، قرب أكتر وقال بصوت واطي، لكن فيه وجع ظاهر
"قدام خسارتي لأبويا… إنت خسرت اللي كانت حبيبتك للأبد، أنا لا يهمني شركة خسرِت ولا حاجة من اللي تهمك، اللي كنت مفكر انها هتوجعني اوي، انا اللي يهمني شخص واحد… شخص حياتك كلها واقفة عليه."
سكت ثواني، وعيونه ثبتت في عين يوسف، وقال بجملة تقيلة مليانة معاني
"وأنا وإنت… عارفين كويس أوي هو مين."
لحظة صمت، مروان حس إن أي لحظة كمان هتحصل مشكله كبيره فانسحب بهدوء… وساب يوسف واقف، مقهور، والوجع في صدره بيزيد.
مروان ركب عربيته وهو لسه متأثر بالكلام اللي حصل مع يوسف، قفل الباب بهدوء، سحب نفس عميق، وبص قدامه كأنه بيحاول يطرد كل الأفكار اللي بتخبط في دماغه.
مد إيده على الموبايل، فتحه، وبدون تردد فتح جهة الاتصال ورن عليها، ثواني وسمع صوتها من الناحية التانية
"ألو؟"
ابتسم لا إراديًا، وصوته جه ناعم ودافي
"إزيك يا نور؟"
ردّت بصوت هادي
"الحمد لله."
قال وهو بيحاول يخفي قلقه
"إيه أخبار المذاكرة؟"
قالت بنفس الهدوء
"تمام… اللي حضرتك بتبعته بذاكره."
ابتسم ابتسامة خفيفة، وقال
"طب كويس."
سكتوا لحظة، بس في اللحظة دي… كان قلبه بيقول حاجات كتير هو مش قادر ينطق بيها
نور كسرت الصمت
"مش عارفة أشكر حضرتك إزاي بصراحة، لولاك مكنتش عرفت اعمل اي حاجه من دي؟!"
مروان قال ببساطة
"لا شكر على واجب، بس الشكر الحقيقي لما تجيبي تقديرات كويسة وتحققي اللي نفسك فيه."
"إن شاء الله… هحاول أركز "
مروان بأمل
"ولو احتجتي أي حاجة… حتى برا المذاكرة، أنا موجود."
نور بنبرة حاسمة بلطف
"كتر خيرك، بس خليني أركز على اللي في إيدي دلوقتي، الباقي ربنا يسهل."
"أكيد… ربنا يوفقك يا نور."
قالت بود
"ويوفقك يا رب… عن إذنك."
يوسف ركب عربيته ومشي وهو مخنوق، حاسس إن الدنيا كلها قافلة في وشه، وإنه بيتعاقب على حاجة غصب عنه، الطريق للقاهرة كان طويل بس مش أطول من اللي جواه، وصل عند البيت اللي فيه عم نور، نزل بخطوات تقيلة، وعيونه شايله وجع الدنيا كلها.
ضغط على الجرس باستمرار، الباب اتفتح وحسن ( عم نور " قال
"تاني؟ بنفس طريقتك الهمجية جاي؟"
يوسف دخل وقعد قدامه بهدوء وقال بصوت مخنوق
"أنا مقدر إنك خايف على بنت أخوك… وعارف إنها اتأذت، بس أنا وعدتك ١٠٠ مرة إنها معايا هتكون في أمان."
حسن اتنهد وقال وهو بيبص له بنظرة حازمة
"يوسف… متحاولش، لو عملت إيه، مش هتعرف مكانها، قولتلك قبل كده انساها، مش هسمحلك تدمرها أكتر من كده، كفاية اللي حصل."
يوسف قال بإصرار
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
"بس اللي حصل غصب عني، أنا بس عايز أشوفها مرة واحدة، مرة بس… وبعد كده أنا راضي بقرارها، بس بالله عليك، بلاش تكون سبب في عذابنا إحنا الاتنين."
حسن بصله وقال بحدة
"نور دلوقتي أحسن، وبدأت تتعافى، وأنا مستحيل، وحط تحت مستحيل دي ١٠٠ خط، أثق في كلامك تاني، فبلاش تضيع وقتي ووقتك… واتفضل."
يوسف بصله بنظرة كلها وجع وقال
"أنا وقتي ضايع كده كده، مش فارق معايا، ولو أنت لسه مصر ومش هتقولي… أنا هوصلها، هي مسألة وقت، ووقتها هاخدها ونمشي."
رد عليه حسن
"وأنا كنت سامحلك بكده قبل كده… بس إنت ما طلعتش قد وعدك."
يوسف قال بخفوت
"دي حاجة غصب عني… حياتي واقفة على مقابلة واحدة بس معاها، ووقتها، مش هضغط عليها… بس هحترم قرارها، أيًا كان."
مفيش رد تاني، نظراتهم بس كانت اللي بتتكلم، يوسف وقف، خرج من البيت بخطوات تقيلة، والمرة دي كان شايل وجع أعمق، بس لسه عنده امل، فاضل قرار حاسم وافتكر كل اللي حصل
Flash back
يوم كتب الكتاب، كانوا كلهم في الأوتيل من الصبح، والبنات كلهم في أوضة العروسة.
الجو كان مليان بهجة وتوتر في نفس الوقت، والكل مشغول بتحضيرات اليوم الكبير، نور كانت قاعدة على الكرسي، عينها بتلمع من الفرحة، ولكن في نفس الوقت كان فيها توتر بسيط، البنات حواليها كل واحدة منهم كانت في حالة من الحماس، كل حاجه كانت جاهزه تمامًا، بس الجو كان فيه إحساس خاص لأن كتب الكتاب مش في البيت، كان في دهب، المكان كله كان مختلف عن المعتاد، والكل كان حاسس إنه يوم مختلف، الأجواء كانت هادية
نور كانت قاعدة قدام المراية، لابسة الروب الأبيض اللي عليه اسمها مطرز بخيط دهبي ناعم، شعرها مربوط كحكة خفيفة، ووشها عليه ماسك من نوع اللي بيخلي المراية تعكس نورها أكتر، البنات حواليها، ضحكهم مالي الأوضة، فوضى بناتية لطيفة، بودرة هنا، فُرش هناك، وكوبايات عصير نصها خلصان ونصها ساح في التلج.
بس جواها قلبها بيدق، مش توتر، بس شعور كبير قوي مش قادرة توصفه، لحظة مستنياها من زمان، وكل حاجة بتحصل كأنها في فيلم هادي قبل ما تبدأ الموسيقى.
ف نفس اللحظة دي، تحت في المكان الهادي اللي هيبقى بعد شوية مليان ناس، يوسف واقف مع آدم وتيمور بيعدل في التفاصيل، بيراجع مكان الترابيزات، بيكلم منظم الحفلة، عينه بتلمع بتركيز بس قلبه مع اللي فوق.
ادم قال لتيمور
"شايف؟ أول مرة أشوفه متوتر كده، ده يوسف اللي بيهزر مع أي مشكلة!"
تيمور قال بابتسامه
"هو مش متوتر، هو بيحسب كل نفس عشان اللحظة دي."
يوسف بعد ما خلص، سحب تليفونه وبعت لنور رسالة بسيطة
"كل حاجة جاهزة، مستنيك تنوري المكان."
نور وهي لسه قدام المراية، التليفون رن، شافته… وابتسمت، ابتسامة مفيهاش غير رضا، حب، واستعداد لحياة جديدة.
يوسف رن على ريكاردو بس دي المره الألف اللي يطلعله فيها أن الفون غير متاح
حس بايد بتخبط على كتفه، لف، لقا تيمور واقف قدامه وقال
"يلا يا عريس علشان تجهّز، يادوب!"
اتنهد ووشه اتبدّل، بقى فيه قلق واضح وقال وهو بيبص حوالين القاعة
"ريكاردو المفروض يكون وصل… بس مش عارف ليه مرنش."
تيمور بصله وقال بهدوء وهو بيحاول يطمنه " اكيد لما يوصل هيكلمك، بس متضيعش وقت… يادوب تلحق تطلع تجهّز."
يوسف هز راسه وطلع بسرعة على الأوضة اللي حاجزها، كانت جنب أوضة نور، فتح الباب وهو بيرن على ريكاردو تاني
اتنهد، وقال لنفسه
"أكيد مش لسه في الطيارة… المفروض وصل من أكتر من ساعة."
فضل يرِنّ على أكتر من حد من أصدقائه اللي كان متفق إنهم هييجوا مع ريكاردو، بس محدش رد، حاول يهدى، دخل ياخد شاور يمكن يفصل شوية، ولما خرج، مسك موبايله تاني ورن، بس برضو مفيش رد.
كان في مكالمة فائتة من ساندرا، بص للاسم واتنهد قبل ما يضغط على زر الاتصال.
"Pronto?"
جاته بصوتها المعروف
"Ciao, Joe!"
رد ببرود خفيف وقلق في صوته
"Ciao… come mai hai risposto tu?"
(أهلا… اشمعنا انتي اللي رديتي يعني؟)
ضحكت وقالت بنبرة هادية
"Volevo solo farti gli auguri di persona… visto che non vengo."
(حبيت أباركلك بنفسي… بما إنّي مش جايه.)
اتنهد وقال بإحساس ممزوج بلوم وود
"Ma ti ho invitata… lo sai che per me sei importante."
(بس أنا عزمتك… وانتي عارفة قد إيه انتي غالية عليا.)
ردت بهدوء، ونبرتها كان فيها شيء من الأسى
"Non importa più… Congratulazioni, Giuseppe. Spero che lei sia meglio di me."
(كل ده مش مهم… مبروك يا جوزيف، يا رب تكون هيا أحسن مني.)
يوسف سكت لحظة، وبعدها قال بصوت خافت
"Grazie… Dio ti benedica. Sai se loro sono arrivati?"
(الله يبارك فيكي… متعرفيش هما وصلوا ولا لسه؟)
قالت بهدوء
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
"Sì, dovrebbero essere arrivati. Chris ha detto che stanno preparando tutto, ha provato a chiamarti."
(أيوه، المفروض وصلوا، كريس قال إنهم بيجهزوا، ورن عليك بس انت مردتش.)
يوسف قطب حواجبه وقال بقلق
"E Rick? Perché non risponde?"
(ورِيك؟ ليه مش بيرد؟)
ردت وقالت
"Non lo so… forse anche lui si sta preparando."
(مش عارفة… يمكن هو كمان بيجهز.)
قال بنبرة مختصرة
"Va bene, grazie Sandra."
(تمام، شكرا يا ساندرا.)
"Prego. In bocca al lupo, Joe."
(العفو، بالتوفيق يا جو.)
قفل معاها، وقام يلبس البنطلون والقميص، لسه بيقفل زرار القميص بس الباب خبط، ودخل تيمور وآدم، وشهم فيه ابتسامة عريضة، وتيمور قال
"إيه يا نجم، خلصت ولا لسه؟ كل حاجه جاهزه، وواحدة اسمها نور فوق بتعد الساعات."
يوسف ابتسم أخيرًا، لكن عينه كانت لسه فيها شوية قلق مش مفهوم
عند نور، قربت من المراية، عينيها لمعت وهي بتتأمل تفاصيل وشها… الكونتور مظبوط، الآيلاينر مرسوم بدقة، والروج كان لونه هادي لكنه بارز، بالضبط زي ما كانت بتحلم.
ابتسمت لنفسها وقالت بهمس
"أنا فعلاً طالعة حلوة أوي."
ضحكوا البنات حوالينها، وداليا قربت منها وقالت بحماس
"يلا يا نور، البسي بقى عشان الوقت بيجري، يوسف أكيد خلاص قرب!"
نور خدت نفس عميق، وقامت من قدام المراية وهي قلبها بيدق بسرعة… لحظة لبس الفستان كانت بالنسبالها لحظة مختلفة، مش بس عشان هتتجوز، لكن كأنها بتدخل حياة جديدة بالكامل.
مدّت إيدها بتردد، لمست قماش الفستان الأبيض اللي كان متعلق بعناية في جنب الأوضة، أناملها اتحركت عليه برقة كأنها بتستوعب إن اللحظة دي حقيقية، البنات حوالينها كانوا مستعدين يساعدوها، بس هما نفسهم كانوا مبهورين بجمال الفستان وتفاصيله الراقية وبساطته.
داليا فتحت السحاب، وقالت بابتسامة فيها لمعة
"جاهزة؟"
نور بلعت ريقها، وقالت بهدوء فيه رهبة
"يلا بينا..."
عند يوسف، آدم وتيمور خرجوا وسابوه يجهز، يوسف أخد نفس عميق وهو بيحاول يلم أعصابه… كان لسه بيعدّل في القميص، عينه وقعت على الموبايل اللي رن فجأة برقم غريب.
قلبه اتقبض، حس بحاجة مش مريحة، ورغم كده رد.
"آلو؟ مين"
جاله صوت ريكاردو، متقطع ومرعوب، بيتكلم بالإيطالي بسرعة
"جوزيف! جوزيف! ساعدني… أنا... أنا محتاجك! حصلت حاجه، مش قادر أخرج من هنا… في ناس…"
يوسف اتجمد، كل عضلة في جسمه تشدت، ملامحه اتغيرت تمامًا، وقال بقلق
"ريك؟! في إيه؟ إنت فين؟!"
لكن قبل ما يكمل، صوت تاني دخل في المكالمة… صوت رجولي، هادي، لكنه بارد وغريب، بالعربي
"يوسف بيه… أهلاً بالعريس."
يوسف سحب الموبايل من ودنه ببطء، عينه وسعت، وكأن الزمن وقف لحظة
همس لنفسه بصدمة
"إيه اللي بيحصل…؟"
كان مصدوم والعرق بدأ يتكوّن على جبينه من الرعب اللي بدأ يتسلل جواه، الصوت الغريب رجع في السماعة، بنفس البرود والهدوء القاتل "عايز صاحبك؟ ولا عروستك؟ تختار…
يا تيجي بنفسك… يا هرجعه بلده ميت."
الكلمات دي نزلت على يوسف كأنها صدمة كهربا، حاول يرد، لكن صوته مطلعش…
فضل ساكت، والموبايل لسه في ودنه، بس الطرف التاني سكت وفصل الخط قبل ما يرد
لحظة صمت بيحاول يستوعب اللي حصل ، بعدها رسالة وصلت.
يوسف فتحها بسرعة…
"لو ليك فيه، العنوان أهو."
العنوان واضح جدًا إنه مش مكان رسمي… مكان مهجور في طرف البلد
يوسف وقف في مكانه للحظة، قلبه بيصرخ بألف سؤال… بس عقله مش قادر يعالج أي حاجة غير صورة ريكاردو في خطر.
بسرعه ومن غير تفكير في اي حاجه، اخد مفاتيح عربيته والموبايل وخرج من الأوضة، عينيه متوتره وكل حركة منه بتقول إنه رايح على مجهول خطير.
يتبع.............
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
عند نور، بدأوا يلبسوها الفستان بهدوء، صوت القماش وهو بينزل على جسمها كان كأن الزمن وقف للحظات، كل حركة كانت بتتم بحذر واهتمام… سحاب بيتقفل، هيربسيس بيتظبط، ميكب بيتعدل
لما خلصوا، نور وقفت قدام المراية، خدت لحظة، وبعدين بصّت لنفسها… الدموع لمعت في عينيها، مش بس من الفرحة، لكن من كمية المشاعر اللي اتحبست وخرجت دلوقتي في لحظة وحدة.
سارة همست وهي بتبص عليها
"يا بخت يوسف بيك…"
نور ضحكت وهي بتحاول تمسح دموعها قبل ما يبوظ الميكب، وقالت بنبرة كلها دفا
"هو اللي بختي بيه."
جت نهال وقالت
" وسعوا كده"
بصتلها بفرحه وقالت
" بسم الله ماشاء الله ايه الجمال ده كله"
نور حضنتها بفرحه وقالت
" بجد طالعه حلوه، هعجب يوسف"
قالت باستنكار خفيف وهي بتضحك
"تعجبيه؟ ده هو أصلاً مش مصدق إنه هيتجوزك!"
البنات ضحكوا، ونور غطت وشها بإيدها بخجل وقالت
"بلاش كسوف بقى… قلبي هيقف من التوتر."
ملك دخلت وهي ماسكة الموبايل وبتصورها وقالت بحماس
" والليله هنعمل هوليلا"
سارة قربت من نور وقالت
"يلا يا قمر، لحظتك جت، متخليش التوتر يسرقها منك."
نور أخدت نفس عميق وقالت
"أنا جاهزة… بس فين يوسف؟ هو فين؟"
داليا بصتلها بسرعة وقالت
"أكيد نازل، متقلقيش… يوسف مش ممكن يتأخر عن اللحظة دي."
يوسف كان سايق بسرعة، عينيه على الطريق بس عقله مليان أسئلة، قلبه بيدق بقوة، وكل لحظة بتعدي بتزود توتره. العنوان اللي تبعت له من الرقم الغريب واضح، بس فكرة إن ريكاردو يكون في خطر كانت زي سكينة بتقطع جوه صدره.
وصل قدام عمارة قديمة شويه، مش باين فيها أي حركة، وقف العربية بسرعة ونزل، أول ما قرب من الباب الخارجي، لقاه مفتوح نص فتحة، دخل بحذر، صوته بيهتف "ريكاردو؟"
مفيش رد.
صوت خطواته على السلم كان هو الصوت الوحيد في المكان، طلع دور بعد دور، لحد ما لقى باب شبه مفتوح في آخر طرقة.
قرب منه، مد إيده، وفتح الباب بهدوء…
وأول ما دخل، سمع الصوت اللي جمد الدم في عروقه.
"أخيرًا جيت… يا يوسف بيه."
لف بسرعة، ولقى راجل واقف ورا باب مقفول نصه، ملامحه مش واضحة، بس في ضله كان باين إنه مش لوحده، سمع صوت أنين خافت.
"ريك؟"
يوسف نده بصوت مهزوز.
الراجل ضحك، وقال
"عايز صاحبك؟ ولا نوصلك لعروستك؟"
يوسف اتجمد، عقله مش قادر يفسر اللي بيحصل.
"اختار… يا تيجي معايا بنفسك، يا إما هرجعه بلده… بس مش حي."
يوسف حس إن الدنيا بتضلم حواليه، بس بدون تفكير، قال بصوت ثابت
"سيبه… أنا جيت، سيبه."
الراجل قال بنبرة هادية ومرعبة
"هتيجي؟ تمام، تعالى ورايا"
عند نور … مسكت موبايلها، وبعتت رسالة ليوسف
"جاهزة… مستنياك."
لكن مفيش رد.
استنت شوية، وبعدين قررت ترن.
رنّة، اتنين، تلاتة… مفيش رد.
نور بدأت تتوتر، قلبها بيهمس بخوف مش مبرر.
قررت ترن على آدم.
"آدم، يوسف فين؟ مش بيرد عليا."
آدم رد بسرعة، صوته كان طبيعي لحد دلوقتي
"استني أشوفه، أكيد بيجهز."
آدم طلع بسرعة، خبط…
ولا رد.
خبط تاني… مفيش.
فتح الباب، دخل…
الجاكت بتاع بدلته متعلّق، ومكانه واضح على الكرسي، بس يوسف مش موجود.
آدم لف في الأوضة، الحمام فاضي، البلكونة مفيهاش حد…
مسك موبايله بسرعة ورن على يوسف…
رن، لكن برضو مفيش رد.
خرج من الأوضة فورًا، ورن على نور.
"نور، يوسف مش في أوضته."
نور صوتها اتغير، قالت بقلق
"إزاي يعني؟ أنا آخر مرة كلمته كان لسه طالع يغير هدومه، قالي إنه هيجهز وهيكلمني."
آدم بص حواليه كأنه بيحاول يفهم
"هو مش موجود، وبرن عليه مش بيرد، وجاكت بدلته لسه هنا."
نور وقفت فجأة، وكل البنات حواليها بصولها بتوتر، قالت بسرعة
"شوفه يمكن نزل تحت كده من غير ما يقول، وكلمني… المفروض كنا نكون نازلين دلوقتي أصلاً."
آدم قال وهو بيبص في ساعته
" الفوتوجرافر وصل اصلا، والمأذون على وصول، والناس بدأت تيجي، حتى صحاب يوسف كلهم تحت… ما عدا ريكاردو، يمكن يكون معاه."
نور حسّت أن رجليها بدأت تبرد
"شوفوا طيب بسرعه… بالله عليك يا آدم، شوف يوسف فين."
" طيب اهدي، هشوفه وارن عليكي"
خرج يوسف معاه، رجليه بتتحرك بس قلبه تقيل، وكل خطوة ماشيها بالعافية، أول ما نزلوا من العمارة، لقاه بيقوده لشارع جانبي، وهناك، فجأة، ظهروا حواليه 3 شباب ضخام، اندفعوا عليه بسرعة وكتفوه بإحكام.
يوسف حاول يقاوم، بس واحد منهم شد دراعه من ورا، والتاني ضغط على كتفه، والتالت حط إيده على بقه، قبل ما يقدر يتحرك تاني، سمع صوت الراجل اللي جابه
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
"من غير ما يتخدش… ده عريسنا."
الرجالة شدوه ناحيتهم بحذر، وكأنهم بيتعاملوا مع حاجة غالية، يوسف قال بعصبية وهو بيقاوم "انت مين؟ وعايز إيه؟!"
الراجل قرب منه بخطوات ثابتة، وشال نضارته الشمسية اللي كانت مغطيه عينيه، وبصله في عينه وقال "أنا مين؟ أنا ياسين… ياسين الدمنهوري."
وقف لحظة، ابتسامة سامة على وشه، وكمل
"وعايز إيه؟ فبينا حساب… ولازم يتصفى يا بنّا."
يوسف أول ما سمع الاسم، كأن طلق نار ضرب في دماغه، وشه اتغير، اتنفس ببطء وقال ببرود مفاجئ
"قول كده من بدري."
ضحك ياسين بخفة، ضحكة مريبة فيها
"بس أنا بحب المداخل الدرامية."
لف وشه بإشارة صغيرة، والرجالة شدوا يوسف وهو بيقاوم، أخدوه لحد باب مخزن قديم، فتحوه، ودخلوه، ريحة التراب والرطوبة ضربت في وشه، ومعاها نور خافت طالع من لمبة صفرا باهتة في السقف.
وفي الركن… كان ريكاردو، مربوط على كرسي، هدومه مكرفسة، وشه متغطي
يوسف أول ما شافه، اتقدم بسرعة لكن الرجالة مسكوه، بص لياسين وقال
"إيه اللي عملته فيه؟!"
ياسين قرب منه وقال ببرود
"ولا حاجة… لسه."
ريكاردو سمع صوته وقال باستنجاد " جوزيف؟! انت جيت؟!"
يوسف قاله بصوت عالي " متقلقش يا ريكو هخرجك من هنا"
ياسين بص ليوسف وقال بنبرة أكثر جدية
"عارف أنا ليه جبت صاحبك؟ علشان عايزك تحس بالعجز"
بصله يوسف وقال بحدة
"أنا معرفكش… بس شكلك من الناس اللي فاكرة إن الانتقام شطارة، بس في الآخر… كل اللي بتخسره أكتر من اللي بتكسبه."
ياسين ضحك تاني وقال
"ده اللي هنشوفه… بس دلوقتي، خليني أسألك سؤال مهم… هتختار تنقذ صاحبك؟ ولا تروح لعروستك وتسيبه هنا؟"
وبص في ساعته، وقال
"على فكرة… الفرح خلاص قرب يبدأ، علشان لو اختارت عروستك يعني"
يوسف عض على شفايفه، عينه ولعت نار، قلبه بيدق كأنه بيعد ثواني ما بين الحياة والموت، شد نفسه من اللي ماسكينه، بص لياسين وقال بصوت عالي مليان غضب
"إنت مفكر إنك كده كسبت؟! لاء، أنا عمري ما هسيب صاحبي، ولا هسيب حقي!"
شد جسمه بقوة، خبط كوعه في وش واحد من اللي ماسكينه، التاني حاول يسيطر عليه، لكن يوسف كان أسرع، ضربه برجله ووقعه، واتقدم ناحية ريكاردو وهو بيزعق "ريك! متخافش، هطلعك من هنا!"
ياسين رفع حاجبه وبص حواليه، وقال
"يلا، وروني بقى الرجولة!"
رجالته هجموا، لكن يوسف كان بيقاوم بعنف، ضرب، اتخبط، لكن عينه ما سابتش ريكاردو، كأنه بيشوف فيه أخوه، واحد مسكه من ضهره، لكنه اتشقلب ووقعه على الأرض، وفضل يقاتل لحد ما قرب من ريك، حاول يفك الحبال، لكن ياسين جه من وراه
آدم قفل المكالمة بسرعة مع نور، ولما لف لقى محمد واقف قدامه بيسأله بقلق واضح
"يوسف فين؟ المفروض يكون نازل دلوقتي."
آدم حاول يبان طبيعي، وقال وهو بيبلع ريقه
"لسه هشوفه، شكله اتأخر في التجهيز شوية."
بصله بنظرة شك خفيفة، لكنه هز راسه وقال
"قولّه الناس بدأت تيجي… ولسه الصور"
آدم هز راسه وكمّل مشيه بسرعة، ووشه كان باين عليه التوتر وهو بينزل السلم يدور بعينه على أي أثر ليوسف، مرّ على القاعة، دخل أماكن الكواليس، سأل حد من المنظمين، بس كله بيهز راسه بالنفي
مسك موبايله تاني ورن على يوسف…
لسه مفيش رد.
آدم بدأ يحس بالخطر، وحس إن الموضوع كبر أكتر من إنه بس اتأخر.
عينه وقعت على تيمور، جري عليه وقاله
"يوسف مش موجود."
تيمور ضحك وهو بيعدل الكرافتة
"يعني إيه مش موجود؟ بيجهز جوه ولا إيه؟"
آدم قال بسرعة وبصوت واطي
"مش في أوضته، والجاكت بتاع بدلته هناك، ومش بيرد… ونور بتسأل، و… مش لاقيله أي أثر."
تيمور وقف فجأة، والضحكة اختفت من وشه، وقال هو بيطلّع موبايله
"يبقى في حاجة غلط… يوسف مش النوع اللي يتأخر عن لحظة زي دي، ومش بيرد؟! لاء، لازم نعرف فين راح."
آدم قال
"هبدأ أراجع الكاميرات، وأشوف خرج إمتى ورايح فين."
تيمور قال وهو بيجري معاه
"وأنا هبلّغ الأمن… لازم نتحرك بسرعة."
لف يوسف لياسين بغضب، عينيه مولعة نار، وقال بصوت حاد
"انت فاكر نفسك بتعمل إيه؟!"
ريكاردو رفع راسه بسرعة، صوته كان مهزوز لكنه مليان أمل
"جوزيف؟! متسبنيش هنا"
يوسف قرب منه بخطوات سريعة، وشال الغطا من على عينيه بإيده، وقال وهو بيحاول يطمنه
"أنا هنا، متقلقش… هخرجك من هنا."
ضحكة باردة خرجت من ياسين، قرب وهو حاطط إيديه في جيوبه وقال بنبرة كلها سخرية
"ده مش قبل ما أعمل اللي أنا عايزه… يا بَنّا."
يوسف قرب من ياسين، عينيه ثابتة، ونبرته مليانة غضب مكتوم وهو بيقول
"اسمع… أنا مشكلتي مش معاك، ولو اللي باعتك راجل وقدّي فعلًا، مكانش اتجرأ وخد حاجة تخصني من الأول، ولا بعتلي قريبه يعمل الشو الرخيص ده."
ضحكة عالية خرجت من ياسين، صوتها واثق ومتحدي، وقال وهو بيبصله من فوق لتحت
"اللي يمس عيلتي يخصني، ولو انت فاكر إنك لما تخسر عمي شركته، اللي هي كل حياته واللي تعب وشقي وكبرها، وتعدي منها سالم… تبقى بتحلم، خسارة قدام خسارة، يا بنا، وانت النهارده… هتخسر واحد من الاتنين"
يوسف قرب أكتر، صوته بقى واطي وبيخرّج الكلام كأنه سم
"لو اتدخلت، هتكون فتحت على نفسك طاقة جهنم… ومش هتعرف تقفلها، وعمّك اللي أنت خايف عليه، هتخسره، وهتروح تزوره في قبره من اللي هيحصله."
ياسين رفع حاجبه وقال بتهديد
"تقريبًا انت ناسي الوضع اللي انت فيه حاليًا؟"
يوسف قال بسخريه
"لاء، أنا بفكّرك بعواقب اللي ممكن يحصل…"
ياسين اتنفس ببطء، وابتسامة ساخرة رجعت لوشه
"علشان انت متعرفنيش، بس هتعرف، أنا مبتهددش، ومبخافش، ولو كنت كده، مروان مكانش بعتني انتقم له."
يوسف اتحرك خطوتين وقال بنبرة كلها غل "كان نفسي ييجي بنفسه… نفسي أقابله وش لوش أوي."
"قريب، قريب أوي، مش هتشوف غير خلقته… بس مع حد غالي جدًا عليك، وده وعد… وعد من ياسين الدمنهوري يا بنّا."
نور قاعدة على الكنبة، إيديها في إيدين بعض وبتضغط عليهم بقوة، عينيها بتجري في كل الوجوه حواليها، بس مفيش ولا كلمة بتدخل عقلها، الكل حواليها بيحاول يهديها، أصواتهم متداخلة
"أكيد جاي متأخر شوية بس."
"يمكن حصل حاجة عطلته "
"ما تقلقيش، يوسف عمره ما يسيبك كده."
لكن قلبها مش سامعهم، قلبها بيصرخ بصوت أعلى من أي حل، كل لحظة بتعدي كأنها سنة، وكل ثانية يوسف مش فيها، بتخلي القلق يزيد أضعاف.
دخل آدم بسرعة، ملامحه متوترة وهو بيقول
"المأذون تحت وبيستعجل… والفوتوجرافر مشي"
الكلمات دي كانت كأنها طوبة نزلت على صدرها، كل آمالها بدأت تتفتت، حاجة جواها بتنهار بصمت.
رفعت عينيها ببطء، بصت حواليها… شايفة الكل بيتكلم، بيتحرك، بيحاول يفهم، بس هي مش معاهم، هي في عالم تاني…
كل اللي شاغلها دلوقتي سؤال واحد بس
هو فين؟
هل هو كويس؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
هل حصله حاجة؟
صوت في عقلها بيهمس بكل السيناريوهات…
بس مفيش إجابة.
هي قاعدة، ساكنة من بره، لكن عاصفة كاملة جواها مش سايبها تاخد نفس
ياسين بعد عن يوسف شوية، بدأ يتمشى قدام يوسف، رايح جاي، خطواته بطيئة لكن وراها نية واضحة، فجأة وقف، لف وبصله وقال بصوت هادي لكن فيه تهديد
"مينفعش نسيب العروسة مستنيّة أكتر من كده… لازم نطمنها، ودلوقتي، تختار، يا ترنّ عليها وتقولها إنك كنت بتلعب بيها، وإنك مش جاي…"
يوسف ضحك، ضحكته كانت عالية وصافية كأن حد حكاله نكتة بايخة وهو قرر يبالغ في رد فعله، ضحك كأن اللي بيتقال هزار.
لكن ياسين مغيرش ملامحه، بصله ببرود وقال بنفس النبرة
"يا إما… هقتِل صاحبك قدّامك دلوقتي، اختار."
ريكاردو أول ما سمع الكلام ده، عينه وسعت، اتوتر، وحاول يتحرك رغم الرباط، وصوته خرج ضعيف ومخنوق من الخوف، يوسف لسه بيضحك، ضحكة كلها تحدي.
ياسين فضل ثابت، وقال وهو بيشاور حواليه
"مفيش وقت يا بُنا… المكان فيه قنبلة، وهتتفجر بعد خمس دقايق."
يوسف سكت، الضحكة اختفت فجأة، عينه بدأت تلمع بتركيز، وبص حواليه بسرعة.
ريكاردو بدأ يهزّ راسه برفض، ووشه بقى كله قلق.
ياسين طلع موبايله، وفتح الستوب ووتش، ضغط على زرار البدء، وقال
"أربعة دقايق… وتمانية وخمسون ثانية."
ريكاردو بص ليوسف، صوته طالع بخوف حقيقي
"جوزيف؟!"
دماغ يوسف وقفت للحظة، كل حاجة حواليه كأنها وقفت، الصمت كان تقيل، والتوتر مالي المكان، مش عارف يعمل ايه
ياسين قرب منه، ومدّله الموبايل بتاعه اللي خده منها
"كلمها، يلا."
سكت لحظة، وبعدين كمل بصوت أهدى
"بس ياريت تقولها كلام يخليها تكرَهك… كلام يخليها متحبش تشوف وشّك تاني أبدًا، والا انت عارف"
يوسف كان واقف ثابت، أو مش مستوعب، زي اللي بيحل امتحان ولسه قدامه نص الامتحان في ٥ دقايق ومش عارف يبدأ منين، بس الامتحان ده اصعب بكتير
ياسين قال
" مفيش وقت للتفكير، أنجز قبل ما الوقت يخلص"
يوسف خد الموبايل من إيده، عينه سابت ياسين وبصت على الشاشة، باصص على اسمها
اتنهد، والنبض في ودانه كان بيخبط، بس ملامحه ثابتة، هادية… ده الظاهر.
ضغط على زر الاتصال، الموبايل بيرن…
نور كانت قاعدة وسط البنات، دموعها نازلة من غير صوت، أول ما سمعت نغمة يوسف، قلبها نط، قامت بسرعة ومسحت دموعها، وردّت وهي بتلهث
"يوسف؟! انت فين؟! أنا بموت من الخوف عليك، طمني…"
يوسف سكت لحظة، كانت سامعة أنفاسه بس، قالت تاني بنبرة متوسلة
"يوسف؟ قولّي بس إنك كويس…"
صوته أخيرًا طلع، بس كان غريب، بارد، مش يوسف اللي تعرفه
"أنا كويس، بس… مش جاي."
الدنيا وقفت، نور اتجمدت في مكانها، صوت البنات حواليها بقى بعيد، قالت بصوت مهزوز
"يعني إيه؟!"
يوسف شد نفسه وقال بنبرة متعمدة تكون جارحة
"يعني كنت بلعب بيكي، كان مجرد وقت، تجربة، بس لقيت إني مش قادر أكمل تمثيلية الحب دي، أنا آسف لو فهمتي غلط، بس واضح إنك كنتي عايشة في وهم."
نور سكتت، نفسها انحبس، وكل حاجة جواها وقعِت، قالت بصوت خافت
"انت بتتكلم بجد؟"
يوسف قفل عينه، وقال بصعوبة وهو بيحاول يثبت صوته
"آه… ومش عايز أشوفك تاني، انسيني يا نور."
وفصل المكالمه بسرعه، مش قادر يوجهها
الموبايل وقع من إيد نور، والدموع اللي كانت ساكنة نزلت مرة واحدة، نحيب مش مسموع، بس وجع بيصرخ، البنات حواليها، بيحاولوا يفهموا، لكن هي كانت خلاص… اتكسرت.
في الناحية التانية، يوسف واقف، سنانه بتضغط على شفايفه، إيده بتترعش، والموبايل في الأرض، عينه على ريكاردو، وصدره بيطلع وينزل بسرعة.
ياسين بصله وقال ببرود
"برافو، عريس ممتاز… خلينا نخرج قبل ما القنبلة تشوف شغلها."
يوسف كان واقف في مكانه، عينه لسه على الباب اللي خرج منه ياسين، ونبضه بيدق بعنف في صدره، وجسمه متجمد من وجع المكالمة… من صوت نور وهي بتنهار، من كل حاجة اضطر يقولها، وهو قلبه بيتمزق جوه صدره.
ياسين وقف عند الباب وقال بجفاف
"قدامك ٣ دقايق تفك صاحبك وتخرجوا يادوب."
وبعدها خرج من غير ما يبص وراه.
صوت خطواته اختفى، وساب وراه صمت مخيف.
ريكاردو صرخ، صوته كان بيترعش من الخوف "جوزيف… فكني بسرعه، المكان هينفجر!"
يوسف اتنفض من مكانه، كأنه رجع للحظة، وبسرعة جري ناحية ريكاردو، إيديه كانت بتترعش بس بتتحرك بسرعة، بيفك الحبال
ريكاردو كان بيحاول يساعده بإيده اللي بتترعش وبيعدّ الثواني في دماغه.
اول ما يوسف فكه، سحب ريكاردو من إيده وقال بسرعة "يلا اجري!"
الاتنين جريوا بأقصى ما فيهم من قوة، أنفاسهم تقيلة، والطرقات في الأرض بتهز تحت رجليهم… وأول ما خرجوا من الباب الحديدي الكبير، ووقعوا بره على الأرض، والانفجار ملى المكان
يوسف كان نايم على الأرض، وشه مليان تراب، صدره بيطلع وينزل بسرعة، وركّز عينه في السما…
وكل اللي سمعه بعدها كان صوت واحد… ضحكة ياسين اللي بتتردد في دماغه زي الصدى
نور بعد ما سمعت كلام يوسف والخط اتقفل، مكانتش مصدقة، كانت حاسة إن قلبها اتشل، وإنها في كابوس مش قادرة تصحى منه، عينيها اتعلقت بالموبايل كأنه ممكن يرجع يتصل، يرجع يعتذر، يرجع يقول إن ده كله هزار… لكن مفيش.
البنات حواليها كانوا بيكلموها، بيسألوها
"نور؟ في إيه؟ مالك؟ يوسف فين؟!"
بس هي مكانتش معاهم… كانت غايبة عن الدنيا.
وقعت على الأرض، وعيونها باهتة، مفيهاش أي رد فعل.
البنات اتجمعوا حواليها، نزلوا لمستواها، بيحاولوا يفهموا، بيهزوا فيها، لكن هي ما كانتش شايفة ولا سامعة، كل حاجة كانت ساكتة جوا دماغها، إلا صوته… صوته البارد اللي قال
"كنت بلعب بيكي."
"انسيني، يا نور."
كانت بتهز راسها يمين وشمال، ببطء، كأنها بترفض تصدّق، بترفض تعترف إن ده حصل فعلًا.
"لأ… لأ… مستحيل… مش يوسف…"
وفجأة، بكل قهر الدنيا، فكت شعرها بعصبية، كأنها بتحاول تتحرر من كل حاجة…
قامت وقفت، ماشية بخطوات سريعة متلخبطة، وخرجت من الأوضة من غير ما تبص وراها.
اتنين منهم خرجوا وراها بسرعة، وعلى راسهم داليا.
نور نزلت السلالم بسرعة من الأوتيل، دموعها مغرقاها، مش شايفة قدامها.
داليا كانت بتجري وراها، تنادي عليها
"نور! استني! إنتي رايحة فين؟!"
لكن نور مسمعتش، أو يمكن سمعت ومهتمتش.
فضلت تجري لحد ما داليا لحقتها ووقعت بيها على الأرض
داليا حضنتها من كتفها وقالت وهي بتنهج
"نور… نور، في إيه؟ قولي في إيه؟"
نور كانت بتعيط بصوت متقطع، ووشها كله ألم، وقالت
"داليا… عايزة أمشي… لو فضلت هنا هموت… هموت والله… سيبيني أمشي."
داليا حاولت تهديها وقالت بحنية وخوف
"يوسف قالك إيه خلاكي عاملة كده؟ قولي يا نور؟ قوليلي!"
بس نور هزت راسها، وعينيها كانت مكسورة وقالت بصوت باكي
"سيبيني…"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
قامت وقفت تاني، وجسمها بيترعش، وكملت جري وهي بتعيط لحد ما وصلت للبوابة.
وقفت، بتدور حواليها زي التايهة، ولما شافت عمها جاي من جوه، جريت عليه بسرعة وقالت بلهفة
"عايزة أمشي من هنا… مشيني عشان خاطري!"
اتصدم من حالتها وقال
"اهدي يا حبيبتي… في إيه؟"
قالت وهي بتبكي بحرقة
"عايزة أمشي… مش هفضل هنا دقيقة واحدة… عشان خاطري."
بص في عنيها، وشاف كل الانهيار والوجع، ماقدرش يقول لاء، عارف إن اللي فيها كبير، وإنها مش هتهدى غير لما تسيب المكان اللي كسرها.
مسك إيديها، وخدها معاه، وركبوا عربيته
من بعيد كان واقف، مش فاهم ايه اللي بيحصل وليه اليوم اتقلب بس قرر يمشي وراهم
يوسف كان واقف وسط التراب والدخان، أنفاسه تقيلة وجسمه كله بيترعش، هو وريكاردو خرجوا بأعجوبة من الانفجار، بس صدمة اللي حصل لسه مرسومة على وشوشهم.
ريكاردو قعد على الأرض وهو بيكح وبيقول
"إحنا لسه عايشين… يوسف، إنت خلصتني… بس التمن كان كبير."
يوسف مسمعهوش، كان عقله كله مع نور، صدمتها بعد اللي قاله، اكيد دلوقتي منهارة، ازاي ممكن يصلح اللي حصل
بص حواليه، مفيش عربيات، مفيش أي طريقة سريعة يخرج بيها من المكان ده، كانوا في منطقة نائية، شبه مهجورة، والطريق بعيد وضلمه، حتى عربيته مش قادر يلاقيها
يوسف قرب من ريكاردو وسنده وقاله
"قوم… لازم نمشي من هنا… هنمشي على رجلينا لحد ما نوصل لبره
ريكاردو قال بصوت منهك
"نور؟ هتعمل إيه؟"
يوسف قال بنبرة فيها وجع مكتوم
"هحاول أوصلها… وأشرح… حتى لو مسمحتليش، هقول الحقيقة… بس مش دلوقتي، لازم نخرج الأول من ده، وبعدين أتحمل نتيجة اللي عملته."
وبدأوا يمشوا وسط الضلمة، الطريق طويل، والسكوت بينهم تقيل
نور كانت قاعدة جنب عمها في العربية وهي بتعيط بحرقة، ملامحها منهارة ودموعها مش بتقف، حاولت تمسك نفسها لكنها فشلت، وكل شوية صوت شهقتها بيكسر الصمت.
السواق، وهو مركز في الطريق، قال لحسن
"في عربية ماشية ورانا من ساعة ما اتحركنا، مش طبيعي كده."
حسن بص من المراية الجانبية وسأل
" متعرفش مين فيها ؟!"
السواق هز راسه وقال
"مش واضح مين فيها... الازاز مفيهوش رؤية."
حسن قال بهدوء
" نوعها ايه العربيه دي"
السواق قاله نوعها وحسن قال " معتزززز"
السواق قال وهو بيبطّئ السرعة
"انزل أشوفه"
حسن قال بحزم
"لا خليك ماشي زي ما انت، انا حذرته قبل كده ودلوقتي لازم يتحمل نتيجة عناده"
فتح فونه وكلم حد مهم من الداخليه وبلغ عنه أنه بيطارده وبيهدد سلامة عيلته ووصى توصيه محترمه عليه
باك
عدّت الأيام بسرعة، وفعلاً جه أول يوم امتحانات، يوسف كان واقف من بدري قدام المدرج اللي المفروض نور تمتحن فيه، عينه على كل طالبة داخلة، قلبه متعلق بلحظة يشوفها فيها، لحظة ممكن تغير كل حاجة.
في نفس الوقت، كانت نور واقفة قدام الكلية من بره، شايفة عربيته، بس مش شايفاه هو، قلبها كان بيدق بسرعة، بلعت ريقها بتوتر، رغم إنها لابسة كاب، وكمامة، ونضارة شمس، لكن القلق كان باين على ملامحها من جوه، فكرة إنها ممكن تشوفه كانت عاملة زلزال جواها.
طلعت فونها بسرعة ورنت على مروان، وبعد ثواني رد عليها بصوته المعتاد
"ايه يا نور؟ إزيك؟!"
قالت وهي بتحاول تثبت صوتها
"الحمد لله… تمام."
رد بسرعة
"إنتي فين؟ في الكلية؟!"
قالت
"آه، قدام الكلية… بس لسه مدخلتش."
سألها بقلق خفيف
"ليه؟ الامتحان خلاص خمس دقايق ويبدأ."
قالت بخوف واضح
"أنا عايزة أدخل… بس يوسف ممكن يكون في الكلية؟!"
قال بنبرة هادية يطمنها
"عارف، شايفه واقف قدام المدرج."
قالت وهي بتهمس
"طب… وأعمل إيه؟!"
قالها بحزم واهتمام
"ادخلي، هتلاقيني مستنيكي عند الكافيتيريا، غيرت مكانك متقلقيش."
اتنهدت وقالت
"تمام…"
وقتها خدت نفس عميق، وشدت على شنطتها، وبدأت تمشي بخطوات مترددة…
يوسف كان واقف قدام المدرج وعينه على كل ملامح المكان، الامتحان بدأ، وهي لسه مجتش، قلبه كان بيقع كل ثانية، كل ما الوقت بيعدي، الأمل جواه بيقل…
"معقول مش هتيجي؟!"
سأل نفسه بصوت خافت، وعقله بيغلي.
يمكن فعلاً قررت تختفي، يمكن مش ناوية تسامح، يمكن خلاص انتهى كل شيء.
كان تايه، مش عارف يعمل إيه، كل اللي عارفه إنه لازم يشوفها، لازم يتكلم معاها… بس الطريق ليها مش واضح، كأنه مبقاش يعرف يوصلها.
وفضل واقف، رغم الإحساس بالقهر واليأس، لسه عنده أمل ضعيف… يمكن تظهر، يمكن.
أما نور، فكانت لسه خارجة من الامتحان، ودماغها مشغولة بيه… بيه هو، يوسف، كانت بتفكر طول الوقت، نفسها تشوفه، ولو مرة أخيرة، تشوفه بس، تملي عينها من شكله اللي وحشها رغم كل اللي حصل.
خدت نفس عميق ومشيت ناحية المدرج، وقفت من بعيد، شافته.
كان واقف، حالته متدهورة، وشه شاحب، باين عليه الإرهاق والتعب، كأنه مش بينام… كأنه موجوع.
سألت نفسها "هو عايز مني إيه؟! بعد ما وجعني كده، بعد ما وقعني ومشي… جاي دلوقتي ليه؟"
كانت لحظة مريرة، لأن قلبها لسه بينبضله، بس وجعها أقوى.
وفجأة، وهي غرقانة في تفكيرها، شافته بيرفع عينه… بيبصلها، شافها
يتبع.........
قبل الأخير
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
اتجمدت في مكانها، لحظة سكون رهيبة، قلبها وقع، وبسرعة لفت ومشيت، خطواتها متلخبطة، بس مصممة تمشي.
أما هو، فبمجرد ما عينه وقعت عليها، حتى وهي متنكرة، قلبه اتشد، حاسس إنها هي، هي نور.
جريت؟ يبقى أكيد هي.
بدون ما يفكر، جري وراها، رجليه كانت بتتحرك أسرع من عقله، لازم يلحقها.
هي سرعت، وهو زود سرعته…
المسافة بتقرب، وهي بتحاول تهرب، بس هو مصمم يوصلها…
لأن اللحظة دي هي الفرصة الأخيرة.
وصلها ومسك دراعها وقفها، قال بصوت مبحوح
"نور..."
كانت واقفة ثابتة، ملامحها جامدة، بس جواها عاصفة، قرب منها بهدوء، وشال النضارة اللي على وشها بإيده المرتعشة، كان عايز يشوف عينيها... يشوف الحقيقة اللي مستخبية جواهم.
قال بصوت يحاول يكون ثابت
"افتحي عينيكي وبصيلي، حتى لو نظرات كره، بصيلي…"
فتحت عينيها ببطء، وبصّتله... وللحظة، كل حاجة وقفت، عينها اتعلقت بعينيه، والذكريات كلها رجعت دفعة واحدة.
نزل الكمامة اللي على وشها، عايز يشوف ملامحها، حتى لو متغيرة، حتى لو باين عليها التعب... كانت في نظره لسه أجمل من أي حاجة في الدنيا.
قال وصوته كان مخنوق بالشوق والقهر
"مش هسألك غير سؤال واحد... إزاي قدرتي تبعدي الفتره دي كلها؟ بالرغم من إني مقدرتش أسيبك أكتر من أسبوع… أول ما عرفت إنك تعبانه رجعت فورًا، مهمنيش غيرك، ليه لما عرفتي إني عايز أشوفك بعدتي أكتر واختفيتي؟ ليه مسمعتنيش وبعدتي عني كل ده؟"
كانت لسه ساكتة... وكل كلمة بتقطع فيها، رجعت خطوة لورا، زي حد بيهرب من مواجهة نفسه.
كانت دموعها على حافة الانهيار، بس لسه بتحاول تمسك آخر خيط من الكرامة
حاولت تتحرك بس إيده سبقتها ومنعها، وقال بصوت واطي مليان قهر
"أنا مش عايزك علشان أقولك نرجع، لأني عمري ما هجبرك… أنا بس عايزك تفهمي الحقيقة… حقيقة كلامي اللي كنت مجبر عليه، ويعزّ عليا إني أقول مجبر، بس ربنا وحده اللي شاهد إني كنت فعلاً مضطر،
عايزك تسمعيني… وبعدها أنا همشي،
بس لما أمشي… تبقي عارفة الحقيقة… وتكوني عارفة إني عمري ما حبيت غيرك،
أنا عايز لما أخرج من حياتك أبقى ذكرى حلوة… عايزك تعرفي أن قلبي مفيهوش غير واحدة بس…هي انتي… ومفيش حد تاني، لازم أحكيلك… وانتي لازم تسمعي."
نور أخيرًا كسرت صمتها، بصوت متكسر بس حاد
"مش عايزه أعرفك تاني… سيبني فحالي،
أنا عمري ما هثق فيك تاني…انت أكبر كدّاب شوفته في حياتي، كدّاب في كل حاجه…سيبني فحالي."
قال وهو بيحاول يسيطر على وجعه
"هسيبك… بس لما تسمعيني، مش هقدر أمشي وأنا سايبلك ذكرى وحشه…بس اسمعيني."
هزّت راسها بحدة وقالت
"مش عايزه… مش عايزه أسمعك،
ابعد عني… أنا مش طايقة أشوفك."
جت تمشي، مسكها من دراعها وقال "مش بمزاجك…
انتي مجبرة تسمعي، ومتقلقيش… مش هتسمعيني أنا."
سحبت دراعها منه بعنف وقالت بصوت عالي
"لا انت ولا غيرك…
مش هصدّقك أصلًا!
وندمانه على كل حاجه صدّقتها منك،
معرفش كدبت عليا كام مره، بس غالبًا كدبت في كل كلمه،
وانت بتحب دايمًا تحط نفسك في دور الضحيّة، وانت اللي بتدمّر اللي حواليك."
كان واقف، ملامحه بتتكسّر، قال
"أنا مش عايز منك أي حاجه… غير إنك تسمعي… لآخر مرّة… وبعدها… مش هجبرك عل....."
فجأة، رن فونها.
طلعت الموبايل من شنطتها بسرعة، وقبل ما ترد، خطفه من إيدها، عينيه وقعت على الاسم.
"مروان."
اسمه كان مطبوع على الشاشة بوضوح.
قال وهو ماسك الموبايل في إيده ووشه متجهم
"إيه ده؟!"
ردّت بسرعة وهي بتحاول تخطف الموبايل منه
"ملكش دعوة."
رفع حاجبه باستنكار وقال بعصبية
"مليش دعوة؟! لاء علشان أكون فاهم… ده كان بيتواصل معاكي؟!"
قالت وهي بتحاول تحافظ على هدوئها
"دي حاجة متخصّكش، ومتتدخّلش… وبعد إذنك، متعطلنيش أكتر من كده."
قال بين أسنانه وهو بيغلي من الغضب
"خربها وقعد على تَلّها ابن الـ...!"
نور برقت بعينها وقالت بسرعة
"احترم نفسك لو سمحت!"
بس هو تجاهل كلامها، وعينيه كانت مولعة نار، ولف فجأة ماشي ناحية مكتبه، وهو بيقول
"يا أنا يا هو النهاردة!"
نور اتخضت، قلبها وقع في رجليها، جريت وراه بسرعة وهي بتقول
"رايح فين؟!"
كان ماشي بخطوات سريعة، تجاهلها تمامًا، فزاد قلقها وقالت بصوت عالي
"يوسف، كلّمني هنا!"
بس هو مكمل طريقه، لا التفت لها ولا رد، وكأنه ما بقاش سامع أي حاجة، كان في كذا مكتب هو مش عارف ايه فيهم مكتبه، قرأ كل الأسماء بسرعه لحد ما لقا مكتبه
دخل المكتب بغضب عارم، الباب اتفتح بعنف ومروان اتفاجئ وهو واقف مكانه مش مستوعب اللي بيحصل، قبل ما ينطق بكلمه، يوسف كان قرب منه بسرعة، مسكه من قميصه وبدأ يشتمه بعصبية وهو بيضربه ضربات سريعة
مروان حاول يفلت، لكن يوسف كان فقد السيطرة تمامًا، الضربات كانت نازله عليه، لحد ما دخلت نور بسرعة، حاولت بكل قوتها تبعد يوسف، كانت بتصرخ
"يوسف كفاية! حرام عليك! وقف بقى!"
بس قوتها مكانتش تفرق معاه، مروان اضطر يزقه بقوة بعيد عنه وهو بيمسح الدم اللي نازل من بقه، وبص ليوسف بعصبية وقال
"إنت غبي؟!"
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
يوسف كان واقف بيتهز من الغضب، عينيه مليانه نار، وقبل ما يرجع يهجم عليه، نور وقفت قدامه ومدت إيديها تمنعه، وقالت
"يوسف! انت فاكر نفسك بتعمل إيه؟!"
قالها وعينيه مش بتفارق مروان
"أنا لسه معملتش… لسه هعمل!"
مروان قال بسخرية وهو بيشد نفسه
"وفاكر لما تعمل الشو ده، هتبقى راجل في نظرها؟ هي كده هترجعلك؟"
يوسف زفر بقوة، وبصله بحدة وقال
"لما تعرف حقيقتك، نبقى نشوف مين اللي راجل… عامل فيها دكر وانت أبعد ما تكون عنهم."
بص لنور، وصوته بدأ يهدي بس نبرته كانت مليانه وجع
"يوم كتب الكتاب، بدل ما يفكر يواجهني بعتلي ابن عمه، الهمجي، خطف ريكاردو وكلمني هددني اني لو مجيتش هيقتله، ولما روحت هددني اني لو مكلمتكيش قولتلك اني مش جاي واني كنت بلعب بيكي وقتها هيفجر ريكاردو، ويا اخسره يا اخسرك، وقتها انتي هتبعدي وهو هيكون انتقم، بالرغم من اني كنت ناوي اساعده يرجع شركته، بس باللي عمله هو خسر شركته وابوه، وبسببي"
نور كانت مصدومة، بتبصله بعينين مفتوحة على آخرهم، ورجعت خطوه لورا وهي بتقول
"خسر أبوه بسببك؟ إنت…"
قال يوسف بسرعة
"مش زي ما انتي فاكره… بس آه، أنا دمرتله شركته، وأستاذ أشرف معرفش يستحمل الصدمة… وودع، بس هو السبب يا نور، فاكر إنه كده بينتقم مني… بس ميعرفش إن اللي بدأ، لازم يستحمل للنهاية."
مروان رفع صوته وقال
"نور، انتي عارفاه… كداب! بيألف علشان يلعب على عواطفك… ده كله علشان تصدقيه!"
يوسف ضحك ضحكة مريرة، وبصله وقال
"بتاخد بوينت عندها كده؟ طب اسمع ده."
طلع موبايله، وفتح تسجيل صوتي واضح جداً، فيه صوت ياسين وهو بيكلم مروان
"النهارده هنتقملك منه… كل حاجه هتكون خلصانه النهارده… اوعى تكون اتراجعت."
جه بعدها صوت مروان، واضح ومليان غضب
"مش هتراجع… النهارده يوسف لازم يقع، لازم يدوق من نفس الكاس… لازم يدوق طعم الخساره "
نور كانت واقفة مش مصدقة، مروان حاول ياخد الفون من إيد يوسف وقال
" انت مفبركه وجاي تكدب كمان"
يوسف شد الفون بعيد عنه وقال"مفبرك؟! ده صوتك، وأنت اللي نطقته، ولا هتقول كنت بهزر؟"
نور بصت لمروان ودموعها بتلمع، وقالت بصوت مكسور
"يعني… كنت السبب؟ كنت فعلاً عايز تدمره؟"
مروان قرب منها وقال
"نور… الموضوع مش كده، أنا…"
قاطعه يوسف وقال
"هو كده بالظبط، وأنا عندي تسجيلات تانية لو عايزة، بس دي كفايه تعرفك أني مكدبتش، وأن اللي حصل وقتها… كان غصب عني."
نور بصت لمروان، وكل حاجة بقت واضحه قدامها
يوسف قال
"ابن عمك واضح إنه لازم يسجل المكالمات بينه وبين أي حد، وده فادني علشان أقدر أثبت اللي حصل بالظبط."
بص لنور بعينين صادقة وقال
"أنا مليش أي مصلحة إني أكون بضحك عليكي وأذيكي، خصوصًا إنك بنت خالتي، مش بس حبيبتي… يعني من عيلتي، وعمري ما أقبل أذيتك من الغريب، فأكيد عمري ما هأذيكي."
مد إيده في جيبه وطلع فلاشة صغيرة، مسك إيدها، فتحها، وحط الفلاشة فيها وهو بيقول
"دي كل التسجيلات اللي تثبتلك الحقيقة أكتر، لو سمعتيهم كلهم هتعرفي إني كنت في موقف صعب، وأكيد مكنتش هسمح إن صاحبي يموت، لو مات مش هعرف أرجعه… بس إنتي مكنتيش هتموتي لو قلتلك كده."
بص لمروان بحدة وقال
"خسرت كل حاجة… خلي بالك على نفسك من اللي فاضلك، ياريت تكون اتعظت من كل اللي حصل، علشان لو شوفتك في طريقي مره تانيه، مش هتردد لحظه انسفك من على وش الدنيا "
رجع يبص لنور وقال بنبرة هادية لكنها تقيلة
"أنا كده عملت اللي عليّا، وفهمتك اللي حصل، علشان لما أمشي أكون مرتاح إنك مكرهتنيش، وإن اللي حصل كان غصب… وكده أنا اتأكدت إن حظي في تكوين أسرة سئ
ابتسم ابتسامة حزينة وقال
"هتفضلي بنت خالتي، ولو احتجتي حاجة، كلميني… هكون معاكي."
انسحب بهدوء… وهي كانت واقفة مكانها، مش مصدقة اللي سمعته، ولا اللي حصل قدامها.
قبل ما مروان يتكلم، صوت نور جه حاد وحاسم
"لو سمحت، لحد كده كفاية… أنت دمرت حياتي في أكتر يوم كنت مستنياه، بالرغم من إني طلبت منه يوقفك تاني على رجلك… وكان فعلاً بيبدأ، بس إنت نهيت كل حاجة."
عينيها اتملت دموع، وصوتها اتكسر وهي بتقول
"أنا عمري ما هحب غيره… وإنت منعتني من الحب ده."
مروان قال بارتباك
"نور، أنا بحبك… وكنت عايز أكون معاكي، منكرش إني كنت عايز أنتقم منه، بس برضه… بحبك، ليه هو خد كل حاجة؟!"
نور رمقته بنظرة تقيلة كلها وجع وقالت
"وأنا قلتلك… إني بحبه، شوفتني بتوجع، وبرضه مقلتش إنه كان مجبر يسيبني في اليوم ده، بعد ما كنت بحترمك… بقيت بحتقرك، للأسف."
لفت ومشيت بسرعة من قدامه، وسابته واقف بإحساس مر، كأنه خسر كل حاجة للأبد، ودي مش اول مره، بس المرادي خسر بجد
يوسف رجع البيت وكان محمد خاله موجود، طلب منه يتكلم معاه شويه، يوسف قعد معاه، وقبل ما يتكلم محمد، يوسف سبقه بالكلام وقال بصوت هادي لكنه مليان تعب
"عارف انت عايز تقول إيه، بس وفر كلامك، أنا شوفت نور النهاردة، وفهمتها كل اللي حصل... وهمشي بكرة، خلاص، كل حاجة انتهت."
محمد بصله باستغراب وقال
"يعني إيه هتمشي؟! بتهرب يا يوسف؟! ده اسمه هروب مش نهاية، أنت عملت اللي عليك، بس برضه لازم تفضل واقف، البني آدم اللي بيقع وميحاولش تاني بيكون بيموت بالبطيء."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
يوسف قال بصوت مطفي
"أنا مبهربش، أنا بس مش قادر أكمل حرب خسرانة، لما تبقى بتحارب علشان حد بيهرب من مجرد سماع صوتك، وقتها لازم تفهم إنك مهما عملت مش هتوصله، مش كل حاجة في الدنيا بتتصلح، ومش كل الجراح بتتعالج، في حاجات لما بتنكسر، مبترجعش."
محمد قال بهدوء
"ولو هي كانت تستاهل، هتحاول تاني، مش علشان انت ضعيف، لاء علشان قلبك لسه حي... بس لو مش هتقدر تكمل، فامشي وانت رافع راسك، لأنك حاولت بكل الطرق تكون راجل، وتحافظ على اللي بتحبه."
يوسف سكت لحظة، عينه نزلت على الأرض وقال
"أنا خسرت كل حاجة يا خالو، بس على الأقل مشيت وقلبي نضيف."
يوسف طلع عند هبة، خبط على أوضتها ودخل بابتسامة خفيفة وقال
"فاضية؟"
هبة ابتسمت وقالت
"آه يا يوسف، تعال."
دخل وقعد جنبها وقال
"إيه الأخبار؟"
قالت وهي بتبتسم براحة
"الحمد لله، أحسن كتير، النهاردة كانت آخر جلسة عند الدكتورة، حاسة إني بقيت بني آدمة جديدة."
قال وهو بيبتسم برضا
"طب الحمد لله."
سكت شوية كأنه بيجمع كلامه، وقال
"أنا خلاص همشي بكرة... هتيجي معايا؟"
هبة رفعت عينيها ليه وقالت بدهشة
"هتمشي؟! بجد؟ طب ونور؟!"
قال بهدوء
"شوفتها النهاردة، وفهمتها كل حاجة... وكده أنا عملت اللي عليّا."
هبة قالت بحذر
"مش ممكن... ترجعوا؟"
هز راسه وقال بصوت فيه حزن ورضا في نفس الوقت
"مش هقدر أجبرها يا هبة... المهم عندي إنها عرفت الحقيقة، والباقي مش بإيدي، ها، هتيجي ولا هتفضلي هنا؟"
هبة قالت بصراحة وبنبرة خفيفة
"بصراحة... كنت عايزة أجي، بس سارة هتتجوز بعد شهر، وعايزة أكون معاها، وبعد كده هروح معاك."
ابتسم وقال
"تمام... اتفقنا."
دخل أوضته وقعد على كرسيه، كان سرحان بيفكر في اللي حصل، في كل كلمة قالها لنور، وكل نظرة شافها في عنيها. صوت الباب خبط بلطف، وبعد لحظة دخل آدم.
يوسف رفع عينه وقال بنبرة فيها قلق
"إنت كنت فين؟ رنيت عليك."
آدم قال وهو بيقفل الباب وبيقرب منه
"كنت عند ماما... بطلعها من السجن، دفعت كل الديون اللي عليها، واتفقت مع بابا إني هبعتلها كل شهر مبلغ تصرف منه."
يوسف ابتسم وربت على ضهره بحنان وقال
"عين العقل، دي مهما كانت، هتفضل مامتك، مهما عملت، مينفعش تكرهها، الأم ليها مكانة خاصة، وتعمل اللي هي عايزاه، وانت مينفعش تتكلم، علشان لما ربنا ييجي يسألك عنها، تكون بريت بيها وعملت اللي عليك... ياريتها معايا، مكنتش سبتها أبداً."
آدم قال بصوت فيه شجن
"ربنا يرحمها يا رب... بس إنت عارف؟ لما خرجتها وقلت لها إني هبعتلها فلوس كل فتره، لقيتها عيطت وحضنتني، مكنتش متخيل إنها هتعمل كده... كنت دايمًا حاسس إنها بتكرهني."
يوسف هز راسه وقال بهدوء
"مفيش أم بتكره عيالها يا آدم، ممكن هي كانت شديدة شوية، فإنت افتكرت كده... لكن هي مش كده، المهم، إنت حاسس بإيه دلوقتي بعد ما عملت كده؟"
آدم تنهد وقال وهو بيبتسم لأول مرة براحة
"هتصدقني لو قلتلك إني مرتاح؟ حاسس إن في غمة انزاحت من عليا... وبالذات لما طلبت مني أروح لها وأتطمن عليها كل فتره"
يوسف قال وهو بيبص له بدعوة صادقة
"ربنا يهديها أكتر وأكتر... ويهديك معاها."
آدم قال وهو بيقعد
"يارب"
يوسف سأله " بس انتي كنت قايل انك هتروح كليتك ولا انا متهيألي"
ادم هز رأسه وهو بيعدل قعدته وقال بتوضيح" لاء مش كليتي انا، نور قبل كده كانت طالبه مني اقدم لداليا تكمل تعليمها وكنت بشوف اي المتاح لوضعها وكده، بس بعد اللي حصل كنت نسيت"
يوسف ابتسم وقال " كويس، داليا انسانه كويسه وتستاهل حياه احسن"
ادم غير الموضوع وقال" المهم، انت شوفت نور؟ إنهارده أول يوم امتحانات."
يوسف اتنهد، قال وهو بيبص قدامه
"أيوه شوفتها... حكيتلها كل حاجة، شرحتلها اللي حصل من الأول للآخر."
آدم بصله وقال بسرعة
"طب ومش هترجعوا؟"
يوسف هز راسه وقال بنبرة فيها حسم
"أنا همشي بكرة يا آدم... خلاص، كل حاجة انتهت."
آدم اتنهد وقال بإصرار
"ليه؟ سيبلها فرصة حتى... يمكن تفكر، يمكن تراجع نفسها."
يوسف بص له وقال بهدوء وعمق
"بص يا آدم، أنا مؤمن جدًا بحاجة... إن ربنا كاتبلي نصيبي، سواء كان حلو أو وحش، فأنا سايبها على الله، لو هي من نصيبي فأكيد هنلتقي، لأن نصيبك هيصيبك، فاهمني؟"
سكت لحظة وكمل
"لو كل واحد قدر يفهم إن اللي بيحصل معاه ده نصيبه ومكتوبله، وسابها على ربنا، هيرتاح... هيرتاح جدًا."
آدم قال
"فاهم منطقك... بس برضه لازم تحاول، ولو مرة... فاهم؟"
يوسف ابتسم ابتسامة حزينة وقال
"ياما حاولت يا آدم... ياما والله حاولت، بس المرة دي مفيهاش محاولة، المرة دي هتكون إجبار... وأنا مش هجبر حد على حاجة، وزي ما قلتلك... أنا راضي بنصيبي."
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
سكت شويه وقال " إذا أردت شيئًا بشدة افعل ما بوسعك ؛ لتناله ثم أطلق سراحه ،
فإن عاد إليك فهو مِلكٌ لكَ للأبد ،
و إن لم يعُد فهو لم يكن لكَ من البداية"
تاني يوم ، يوسف كان واقف في صالة المطار، لابس قميص أبيض مفتوح من فوق شوية وبنطلون جينز غامق، شكله مرتب لكن عينه تعبانة، شايل شنطة صغيرة على ضهره، وجنبه شنطة سفر كبيرة، بص حواليه، ولسه مش مصدق إنه خلاص هيمشي... ويسيبها، كان في حلم جميل مش عايز يفوق منه
كان واقف قدام البوابة، قلبه بيضرب بسرعة، من الألم، من الندم، من الحنين
خلاص المفروض أنه هيطلع الطياره دلوقتي، بس حاسس أنه مش قادر، بس لازم، جهز نفسه أنه يطلع
بس فجأة، سمع صرخة بتخترق الزحمة
"يوسف!!!"
لفّ بسرعة، عينيه وقعت على نور... جاية بتجري، شعرها بيطير وراها، ووشها مجهد، بس عينيها... عينيها فيها كل حاجة، حب، خوف، ولهفة.
فضل واقف في مكانه، مش قادر يتحرك، مش مصدق إنها فعلاً جات.
وقف، مش قادر حتى ياخد خطوة.
وصلتله، وقفت قدامه، بتحاول تلم نفسها وهي بتنهج.
"كنّت هتسيبني؟!"
قالتها بصوت مبحوح
"يعني أنا ضحيت بكل حاجة، واتكويت، واتوجعت، وفضلت مستنياك، وكل ده علشان في الآخر تسيبني وتمشي؟!"
صمت…
"كنت فاكرة إنك هتحارب عشاني، إنك مش هتسبني بسهولة، إنك لو بتحبني بجد هتفضل تحارب، حتى لو الدنيا كلها وقفت ضدنا… بس أنت؟! اخترت تهرب!"
دموعها نزلت، ووشها فيه مزيج من العتاب والانكسار، قالت
"أنا كنت مستنياك… وأنت كنت بتلم شنطتك"
قال بصوت مكسور
"أنا عملت اللي عليّا، المفروض أسيبك تعيشي، تستريحي، تتنفسي..."
قاطعته وهي بتقرب منه أكتر
"أنا مش عايزة أعيش، ولا أتنفس، ولا أرتاح... من غيرك."
قربت وشها من وشه، المسافة بين أنفاسهم بقت شبه معدومة، وقالت بصوت خافت، بس فيه نار
"أنا بحبك... ومش هقدر أعيش من غيرك، كنت هخسر حياتي، بس أنا جيت ألحق قلبي قبل ما يطير من بين إيديا."
اتجمد مكانه، مش مصدق، هي فعلا موجوده؟ فعلاً جاية عشان تمنعه؟
مدت إيديها، حطتهم على وشه، قربته منها أكتر، وهمست بقلب بيخترق كل الحواجز
"أنا عايزة أكون ليك، وبس ليك... كل لحظة فاتت بعيد عنك كانت عذاب، أنا كنت عنيدة وخايفة... بس دلوقتي لا عناد ولا خوف يقدروا يبعدوني عنك."
نزلت دمعة من عينه، حاول يخبيها وهو بيقول
"بس أنا جرحتك، سبتك في يوم مستنيتي فيه، و..."
قاطعته وهي بتحط إيديها على وشه، قربت منه وقالت
"جرحتني، آه... بس جرحي كان بسبب حبي، وأنا مستعدة أعيش العمر كله أداوي الجرح ده بس وانت معايا."
يوسف قرب منها خطوة، كأنه أخيرًا استسلم، حضنها ببطء، حضن فيه كل الشوق اللي اتحبس جواه شهور، وبدون ما يتكلم، رفع راسه وبص في عينيها وقال
"أنا كنت همشي، وأنا ميت، مكسور، فاضي... بس دلوقتي، رجّعتيلي قلبي، رجّعتي يوسف اللي كان بيحبك ومش شايف غيرك."
نور قربت منه أكتر، لمست جبهته بجبهتها، وقالت
"لو مشيت، هموت وأنا عايشة... بس لو فضلت، أضمنلك حياة حلوه ليا أنا وإنت بس، مهما الدنيا عملت فينا."
يوسف بص في عينيها لحظة طويلة، وبعدين... ساب شنطته على الأرض، شدها في حضنه بقوة وقال
"خلاص... أنا اخترتك، وعمري ما هسيبك تاني."
"أنا كل لحظة وانت بعيد كنت بموت… كنت بدعي في كل صلاة إنك ترجع، إنك تبرر، إنك تقول إني لسه غالية عليك… وكنت متأكدة إنك بتحبني، بس وجعتني، أوي يا يوسف"
رفع إيده على خدها وقال بصوت مخنوق
"أنا كنت تايه، بس قلبي عمره ما نسي صوتك، ولا ريحتك، ولا ضحكتك… نور، أنا مكسور، مكنتش عايز غيرك"
قالت وهي بتعيط
"وانا كمان، مفيش حاجه ليها طعم من غيرك… بحبك، غصب عني، رغم الوجع، رغم الانكسار، بحبك، ومستعده أبدأ من الصفر وانت جنبي"
هنا، لحظة صمت مهيبة نزلت، وكل حد حواليهم اختفى…
يوسف قرب، حضنها بقوة، حضن مليان لهفة، خوف، وندم، حضن فيه رجوع أرواح مش أجساد.
بعد لحظة، بص في عنيها، وقال
"أنا رجعت لنفسي برجوعك، عايز اعيش الباقي من عمري معاكي، عايز اكبر معاكي"
نور لمست وشه وهمست
"قولي إنك لسه بتحبني"
يوسف قالها وهو بيبوس إيدها
"أنا مبطلتش في يوم، انا بحبك، بعشقك، هموت من غيرك"
وبجرأة مش معتادة منها، قربت وباست طرف شفايفه، لمسة خفيفة، حنونة، مجنونة…
بس كانت كفيلة ترجّع الدم في عروقه.
وهو شدها في حضنه، قال
"نور… يا بنت قلبي… يا حب عمري… متقلقيش، أنا معاكِ… وللأبد"
تمت.