رواية دكتورتي الجميلة مراد ونور الفصل الرابع عشر 14 بقلم رنا تامر
رواية دكتورتي الجميلة مراد ونور الفصل الرابع عشر 14 هى رواية من كتابة رنا تامر رواية دكتورتي الجميلة مراد ونور الفصل الرابع عشر 14 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية دكتورتي الجميلة مراد ونور الفصل الرابع عشر 14 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية دكتورتي الجميلة مراد ونور الفصل الرابع عشر 14
رواية دكتورتي الجميلة مراد ونور الفصل الرابع عشر 14
حازم نظر إلى الهاتف بصدمه لانه رأي نفسه هو فتاه اخرى هو لا يعرفها في وضعيات سيئه،، نظر لها وأردف متسألاً/ مين اللي بعتلِك الحاجات دي!!
أنزلت سارة الهاتف من أمام وجهه، وإتسعت عيناها بدهشة، ثم تمتمت بنبرة يعلوها الذهول/ هو ده كل اللي همك!! ثم اكملت بحده.. مش مهم مين اللي بعتهم، المهم انك تفهمني ايه ده!! انت طلعت بتخوني!!
حازم بإنكار/ لأ يا ساره انتِ فاهمه غلط والله. الصور والفيدوهات دي مش حقيقيه صدقيني، أنا أصلاً معرفش البنت اللي في الصور دي تبقى مين!!
بدأت الدموع تجتمع في عيني ساره و قالت بسخريه لاذعة.
/ كنت عارفة انك هتقول كده. عارف يا حازم انا لما بدأت أديك فرصه وأحبك، قولت انت اكيد إتغيرت وإستحاله ترجع للقرف ده تاني.. مسحت دموعها بعنف، وأكملت حديثها بنبرة يكسوها الاشمئزاز.. بس انا نسيت انه ديل الكلب عمرهُ ما يتعدل.. انا مش عايزة اشوف وشك تاني.. انا بكرهك يا حازم بكررررهك.
غادرته بخطًى ثابتة، فيما بقي هو واقفًا في مكانه، تتردد كلماتها الأخيرة في أذنه كوقع الصدمة، عاجزًا عن الحراك، كأنها سلبت منه القدرة على النطق وحتى التفكير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في مكان اخر في الجامعه..
كانت تقف على بُعدٍ غير بعيد، تراقبهم بنظراتٍ متلذذة، وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة نصرٍ خبيثة.
ثم قالت بصوتٍ يقطر غرورًا/ قولتلك قبل كده يا حازم، إنت بتاعي انا وبس.
وظلّت تكرر عبارتها تلك مرارًا، فيما كانت ضحكاتها تتعالى بطريقةٍ أقرب إلى الجنون منها إلى الفرح... كأنها وجدت لذّتها في احتراق قلب من يجرؤ على الاقتراب من حبيبها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في لندن..
كانت الأجواء تتسم بالتركيز والاندماج في العمل، إلى أن قُطع هذا الهدوء بدخول رجل نطق متسائلًا/ دكتورة نور؟؟
لتتجه إليه أنظار كل من مراد ونور في آنٍ واحد. نظرت إليه نور باستغراب واضح، لترد بسؤال/ ايوه انا، مين حضرتك؟؟
ابتسم الرجل ابتسامة تحمل شيئًا من الاستنكار والمفاجأة، وقال/ انا دكتور إيهاب،، كنت معاكِ في الجامعه، معقول مش فكراني!!
بدأت نور تدقق النظر في ملامحه، تجول بعينيها باحثة عن أثرٍ من الماضي، ثم انفجرت بدهشة حقيقية/ ايوه افتكرتك انت إيهاب علي،، ده انت كنت الاول على دفعتي كل سنه.
ضحك إيهاب بقوة، وكأن الذكرى أضحكته من القلب، وقال ممازحًا/ ايوه صح وانتِ مكنتيش بطيقيني بسبب انك بتبقى في المركز التاني وانا المركز الاول.
انطلقت ضحكات نور بدفء صادق، ثم قالت/ عندك حق انا فعلا كنت ببقى متضايقه منك جداً،، وتنهّدت بارتياح وهي تضيف.. بس خلاص بقى دي حاجه بقت في الماضي وكل حاجه إتغيرت دلوقتي،، المهم انا فرحت جداً اني شوفتك تاني.
نظر إليها إيهاب بابتسامة يملؤها الإعجاب والحنين، وقال/ انا اكتر والله،، أول ما شوفتك افتكرت ذكريتنا في الجامعه.. كانت ايام حلوة.
أومأت نور موافقة بابتسامة مجاملة، وأضافت/ فعلا كانت أحلى ايام،، ثم التفتت نحو مراد الذي كان يتابع الموقف بصمتٍ قاتل، وعيناه تشيان بثورة داخلية من الغيرة المكبوتة، بادرت نور بالتعريف بينهما قائلة.. نسيت اعرفكم على بعض.. ده البشمهندس مراد الانصاري.. هو المُشرف العام لـ بناء المستشفى.
ابتسم إيهاب بترحيبٍ صادق وقال/ اهلاً بشمهندس مراد.. انا الدكتور إيهاب علي.
قالت نور بابتسامة هادئة/ طيب انا هروح اطلبلنا قهوه،، تكونوا اتعرفتوا على بعض.
تركتهم وذهبت..
وهنا، تحوّل مراد بنظرته إلى إيهاب، وقد طغى الضيق على ملامحه، وقال بابتسامة مصطنعة/ أهلاً وسهلاً،، ثم تابع حديثه بتساؤل.. ويا ترى بقى انت مُقيم هنا ولا جاي زيارة وهتمشي قريب؟؟
أجابهُ إيهاب بجديه وثقه/ لأ انا جاي زيارة عمل،، انا مُقيم في أمريكا.. وجاي هنا عشان فيه بحث اتطلب مني اني انفذهُ في لندن.
نظر إليه مراد بضيق أشد، وعبّر عن ضيقه داخليًا قائلاً/ يارب قرب اليوم اللي هيمشي فيه ده بسرعه بقى.
لكن إيهاب سمع كلماته، فسأله باستغراب/ بتقول حاجه يا بشمهندس؟؟
فما كان من مراد إلا أن تدارك الأمر سريعًا وقال بابتسامة زائفة/ بقول زيارة عمل سعيدة إن شاءلله.
بعد قليل، عادت نور حاملة القهوة، وقدمت لكل منهما كوبه الخاص، ثم جلست إلى جوار إيهاب، وتركت عملها جانبًا لتغرق في حديثٍ مليء بالضحك والذكريات، حتى تعالت أصوات ضحكاتهما أكثر فأكثر. كل ذلك كان مراد يراقبه بنظراتٍ مشتعلة بالغيرة، يغلي في داخله بنيران لا تهدأ، وكأن شرارة الماضي قد أشعلت في قلبه لهيب الحاضر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في الجامعه..
كان يجوب المكان بعينين قلقتين، يبحث عنها في كل زاوية، لكن دون جدوى.
وما إن استدار، حتى وقعت عيناه على "حازم" جالسًا بمفرده، شاحب الوجه، تغلّف ملامحه سحابة من الحزن والذهول.
تقدّم نحوه بخطوات مترددة، ثم جلس أمامه، ونظر إليه مليًّا قبل أن يسأله بنبرة يغلبها القلق/ فين ساره يا حازم؟؟ ومال شاكلك عامل كده ليه!!
أجابه بصوت خافت، تغلّفه مرارة العجز ووجع الحزن/ أختك اختارت الفراق يا هشام،، محاولتش حتى تديني فرصه اشرحلها اي حاجه.
أجابهُ هشام بإستعجاب وسخريه/ هي قفشتك بتخونها ولا ايه!!
انفلتت كلماته من بين شفتيه كأنها تنهيدة موجوعة طال احتباسها/ انت بتقول فيها دي شافت كل حاجه صوت و صورة،، ثم تابع بسخريه لاذعة.. أادي الـ Ai اللى بقى من السهل يبوظ أي علاقه دلوقتي.
علق هشام بإستهزاء/ فكرتني صحيح،، ما تكلم ChatGPT وإحكيلهُ عن اللي مضايقك يمكن يلاقيلك حل لمشاكلك دي!!
زفر حازم بضيق قائلاً/ تصدق انت معندكش دم.. يعني انا فيا اللي مكفيني وانت قاعد بتهزر وتتريق!!
تحدث هشام بضيق/ والله انت اللي ما عندك دم،، ده بدل ما تروح تدور عليها وتشرحلها اللي حصل وانه مروة هي اللي عملت كل ده،، قاعد بتفكرلي في الـ Ai!
ارتسم على وجهُ علامات التعجب وعقّب مندهشاً/ انا ازاي مجاش في بالي انه مروة هي اللي عملت كده!!
أردف هشام بسخريه لاذعة/ لا يا راجل.. يعني انت عايز تفهمني انك متعرفش انه مروة هي اللي عملت العامله المهببه دي.. ولا هي عشان حَضنتك امبارح فـ عجبتك وانت دلوقتي بتحاول تداري عليها!!
تابع بصدمه قائلاً/ ايه اللي انت بتقوله ده يا هشام.. وبعدين هو عشان كده انت كنت بتكلمني بالطريقه دي امبارح!!
أجابهُ هشام بحزم/ ايوه يا حازم انا شوفتُكم وانتو بتتكلموا مع بعض قبل ما اخرج من الجامعه.. وفي الأخر حَضنتك،، وطبعا مرضتش أحكي لـ ساره حاجه عشان عارف رد فعلها هيكون ايه!
تنهد بإرهاق ثم أردف بجديه قائلاً/ بص يا هشام هي فعلاً حَضنتني بس انا بعدتها عني على طول.. مروة دي واحدة مجنونه،، حتى اسأل رامي عنها دي مهوسة بيا..
قاطعهُ هشام وقال بثقه وصرامه/ انا عارف كل حاجه مش محتاج اسأل حد،، والكلام انتهى لحد هنا يا حازم،، انا بعتبرك صديقي وكل حاجه بس كلهُ إلا أختي يا حازم،، يا تتصرف مع اللي اسمها مروة دي وتوقفها عند حدها،، يا أما انت من طريق وساره من طريق.. ثم أضاف كلماتهُ بإستهزاء قائلا.. فااااهم يا دنجوان الجامعه!!
تركهُ هشام ورحل وهو تنهد بتعب وعاد جسمهُ للوراء بألم وحسره وظل يفكر ماذا يفعل حتى يثبت برائتهُ أمامها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في المدرسة الثانوية…
كانت لينا تجلس في هدوء، تحتسي قهوتها المفضلة، وعيونها غارقة بين أسطر الكتب، تستمتع بالمذاكرة وكأنها في عالم آخر. غير أن هدوء اللحظة تمزق على وقع اهتزاز هاتفها معلنًا وصول رسالة جديدة.
مدّت يدها بلامبالاة لتقرأها، لكن ما إن انزلقت الكلمات أمام عينيها حتى تغيّر وجهها، وانقلب مزاجها مائة وثمانين درجة.. ومحتوى الرسالة هو،،
«إوعي تفتكري انك خلصتي مني يا لينا،، كل اللي عملتيه فيا هردهولك اضعافهُ،، والمرادي مش تهديد وبس لأ ده انا هنفذ كمان وهثبتلك انه الايام الجايه هتبقى من أسوء أيام حياتك».
تجمدت أناملها، واتسعت عيناها في ذهول، وارتفعت يدها المرتجفة لتغطي فمها. الخوف تدفق في أوصالها كتيار جارف، وعقلها بدأ يغرق في دوامة من التساؤلات،، ماذا سيفعل؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في منزل عبد الله…
عادت ساره إلى البيت بخطوات مثقلة، تسحب روحها خلف جسدها المرهق. وما إن أوصدت باب غرفتها، حتى ألقت بنفسها على الفراش وكأنها تهرب من العالم بأسره، وانفجرت باكية.
أمسكت وسادتها، وضغطتها بقوة على وجهها، ثم أطلقت صرخة مكتومة بكل ما تبقى في صدرها من وجع وخوف. كانت تلك طريقتها الوحيدة لتفريغ الألم، علّها تهدأ ولو قليلًا.
في مكان اخر..
كانت حنان واقفة في المطبخ تُعد الغداء، حين استمعت إلى صوت باب المنزل يُفتح، أعقبه بضع خطوات، ثم صوت باب إحدى الغرف يُغلق.
ارتسمت على وجهها ملامح الاستغراب، و راودها الظن أن سارة وهشام قد عادا مبكرًا. تركت ما في يدها، وخرجت لتتأكد.
دخلت غرفة هشام، فلم تجده. ثم اتجهت إلى غرفة سارة، وما إن فتحت الباب حتى تجمّدت في مكانها، وقد اعتراها الذهول لما رأته.
أسرعت نحوها، وجلست أمامها، وهي تقول بقلق/ مالك يا بنتي؟؟ بتعيطي ليه؟ فيه حاجة حصلت معاكي؟ وأخوكي مجاش معاكي ليه؟؟"
كانت سارة جالسة تضم قدميها إلى صدرها، ودموعها تتساقط بلا توقف. زاد بكاؤها حين سمعت صوت حنان.
تابعت حنان، ترجُوها أن تتكلم، بصوت يختلط فيه الخوف بالشفقة/ يا بنتي متقلقنيش عليكي أكتر من كده، اتكلمي وطمني قلبي.
رفعت سارة رأسها بصعوبة، نطقت والدموع تسبق صوتها/ هشام كويس يا ماما… بس أنا مش كويسة خالص.
أجابتها حنان بنبرة تحمل الألم والفضول/ إيه اللي حصل يا حبيبتي؟ احكيلي وهترتاحي.
بدأت سارة تروي لها كل ما جرى، منذ لحظة تعارفها على حازم، وحتى مواجهتها له في الجامعة. كانت الكلمات تتدفق منها محمّلة بالوجع.
ابتسمت حنان ابتسامة دافئة، لكنها سرعان ما تكلمت بجدية، وقد أضاءت الحكمة عينيها/ بصي يا حبيبتي، اللي إنتِ فيه ده طبيعي، أي اتنين بيحبوا بعض بجد هيمروا بمشاكل كبيرة، وممكن المشاكل دي تفرقهم، بس عشان بيحبوا بعض بيواجهوها ويبقوا أقوى منها.
فكرة بقى إنك من الأول كنتي رافضة تديله فرصة وتعجبي بيه… خلاص فات أوانها، لأنك دلوقتي بتحبيه، والوضع اختلف.
وحسب خبرتي في الحياة، لازم تديله فرصة وتسمعيه، وتتأكدي بنفسك إذا كان صادق ولا لأ. مش معنى إن حصلت مشكلة زي دي تعتبرِيها إشارة من ربنا إنه شخص مش كويس وإنك مينفعش تكملي معاه.
لو فضّلتي تفكري كده، مش هتعرفي تكَمّلي لا مع حازم ولا مع أي حد تاني،، فكّري في كلامي وقرري، وربنا يصلح حالك إنتِ وإخواتك يا بنتي.
هدأت سارة كثيرًا، ومسحت دموعها، ثم ابتسمت وهي تقول بحب/ أنا لو أمي الحقيقية لسه عايشة، مكنتش هتعمل معايا اللي حضرتك بتعمليه… حضرتك جميلة وطيبة أوي، بجد أنا ارتحت وأنا بتكلم معاكي ومش ندمانة إني حكيتلك، يا بخت نور وهشام إنهم عندهم أم زيك.
ابتسمت حنان بعينين دامعتين وقالت/ ده أنا اللي يا بختي بيكوا إنتو التلاتة.. سارة، إنتِ بنتي بجد، مش معنى إني مجبتكيش من بطني إني مش أمك.. يعلم ربنا إنك إنتِ ونور عندي حاجة واحدة، وعمري ما هفرق بينكوا.. لحد أخر يوم في عُمري.
قاطعتها سارة بسرعة، وهي تقول بمحبة/ بعد الشر عليكي يا حبيبتي… ربنا يديمك لينا ومَيحرمناش منك أبدًا.
أجابت حنان بابتسامة دافئة/ ولا يحرمني منكم أبدًا يا روح قلبي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
مسااااءاااا..
في لندن..
في قلب لندن، حيث الأضواء تنعكس على أرصفة الشوارع المبتلة بعد مطر خفيف، كان المطعم الفاخر ينبض بأصوات الموسيقى الناعمة ورائحة الأطباق الشهية. جلس إيهاب أمامها، عيناه تحملان مزيجًا من الحنين والفرح، وكأن هذه اللحظة تحديدًا كان ينتظرها منذ زمن بعيد.
قال وهو يبتسم ابتسامة صادقة/ حقيقي أنا مش عارف أشكرك إزاي على إنك قبلتي عزومتي على العشا.
رفعت حاجبيها بابتسامة مجاملة وأجابت/ متشكرنيش يا إيهاب… طبيعي إني أقبل. إحنا كنا مع بعض في الجامعة ونعرف بعض كويس، وكمان اتقابلنا تاني بعد 4 سنين… إيه اللي هيخليني أرفض؟ ثم أمالت رأسها قليلًا وسألت بفضول.. صحيح!! إنت ليه سيبت الجامعة في آخر سنتين؟
انخفضت ابتسامته فجأة، وتبدلت ملامحه إلى شيء أكثر جدية، قبل أن يتنهد بهدوء ويقول/ هحكيلك… وقتها أمي كان عندها كانسر في الدم. وهي كانت كل عيلتي…و زي ما إنتِ عارفة أنا معنديش إخوات وبابايا متوفي من زمان. أمي كانت حياتي كلها. أول ما عرفت إنها تعبانة، روحت معاها للدكتور… قال إن حالتها متأخرة، بس هنبدأ جلسات الكيماويّ، وإن شاءلله تتحسن.
أطرق لحظة، ثم تابع بصوت متأثر/ ابتدينا الجلسات، وهي كانت بتحاول عشان خاطري. كنت شايفها بتضعف يوم عن يوم، وأنا متمسك بالأمل… لحد ما في يوم، كان المفروض تروح الجلسة، لكنها رفضت و بصتلي بابتسامة هادية وقالتلي: يا حبيبي، أنا تعبت خلاص… ومش عايزة أشوفك بتتوجع أكتر من كده عشاني،، أنا حاسه اني مش باقيلي كتير عشان اعيشهُ،، إوعدني يا إيهاب إنك تكمّل حياتك… وتبقى قوي من بعد فراقي عنك.. بصيتلها بصدمه وبدأت اعيط واترجاها انها تكمل الجلسات بس موافقتش..
أخفض بصره قليلًا، وكأن الصور تعود أمام عينيه بكل تفاصيلها، ثم قال/ بعدها بأسبوع… فارقت الحياة.. وكنت لوحدي في البيت، حسيت الدنيا كلها قفلت عليّ، مفيش صوت غير صوت ساعات الحيطه وهي بتعد الثواني، وكأنها بتعلن بداية حياة جديدة من غير ما تبقى موجودة معايا.
نظرت إليه نور بعينين دامعتين، وأردفت بهدوء/ أنا آسفة يا إيهاب… ماكنتش أعرف إنك مريت بكل ده.. الله يرحم والدتك و هي أكيد في مكان احسن من هنا بكتير.
ابتسم ابتسامة باهتة، وقال/ عشان كده اختفيت… سِبت الجامعة، وسافرت، وحاولت أبدأ من جديد وحققت أمنيتها وهي انها كان نفسها تشوفني دكتور ناجح ونجحت بالفعل، لكن الحقيقة إن ذكرياتها كانت بتسبقني في كل مكان.
ثم مال قليلًا للأمام، وصوته أصبح أكثر دفئًا/ بس الليلة دي…حسيت إني مش وحيد، وجودك قدامي دلوقتي، فكّرني إن لسه في حاجات حلوة ممكن أعيش عشانها.
نور كانت تحدّق فيه بعينين يتناوبهما الارتباك والذهول، وقد تسلّل صوته الأخير إلى أعماقها كنبضٍ مفاجئ أربك أنفاسها.
دخل النادل بخطوات هادئة، يحمل بين يديه أطباق العشاء المزينة بعناية، فوضعها أمامهما برفق وانسحب في صمت، تاركًا الطاولة غارقة في مزيجٍ من العطر الدافئ للطعام وحرارة النظرات المتبادلة.
بدأا يتناولان الطعام ببطء؛ إيهاب يراقبها بإعجابٍ صريح يطلّ من عينيه، ونور ترد عليه بنظراتٍ مترددة، يكسوها الخجل الذي لا يخفيه إلا انشغالها بتقطيع لقيماتها الصغيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في فيلا الأنصاري..
كانوا يجلسون على مائدة العشاء، يتناولون الطعام في سكونٍ يقطعه صرير أدوات المائدة بين الحين والآخر، وكلٌّ منهم غارق في أفكاره الخاصة. الجو كان هادئًا حتى بادر طارق بقطع هذا الصمت، وقد اتجه بنظره نحو ابنته قائلًا بنبرة ودودة/ عاملة إيه في دراستك يا لي لي؟
أجابته لينا بابتسامة باهتة، وكأن في داخلها شيئًا يخفي حماسها/ بخير الحمد لله يا بابي، كله تمام.
قال طارق بنبرة دعم وتشجيع/أنا عرفت إن الامتحانات قربت، شدّي حيلك.. أنا واثق إنك هترفعي راسي.
أومأت بنفس ابتسامتها الهادئة وأردفت/ حاضر يا بابي، هعمل كل اللي أقدر عليه عشان أفرّح حضرتك ومامي.
بادرتها سوزان بفخر وحنان/ إنتِ مفرحانا من ساعة ما اتولدتي أصلًا يا لي لي.
كان حازم شاردًا، يسبح في أفكاره، لكنه التقط آخر جملة، فابتسم بسخرية تحمل غيرة مصطنعة، وقال/ ما أنتم لو كنتوا بتعملوا معايا اللي بتعملوه معاها، مكنتش زماني جبتلكوا 75%.
نظر إليه طارق بغيظ وقال/ إنت بالذات تسكت خالص.. ده أنا لو كنت اتبرعت بالفلوس اللي صرفتها عليك أيام الثانوية العامة، كان هيبقى بالنسبالي أحسن، أهو أخد ثواب، إنما إنت عملت إيه في الآخر! غير إنك كنت هتجلطني بمجموعك ده!
قالت سوزان باستعجاب، محاولة التخفيف من حدّة النقاش/ ما هو في الآخر دخل هندسة أهو يا طارق، عايز إيه تاني!
رد طارق بضيق/ مش عايز حاجة.. ثم مال قليلًا للأمام وأكمل بتساؤل،، صحيح، إنتوا ما بتسألوش على أخوكوا ليه؟ أنا اتصلت اتطمنت عليه أنا ومامتكم من شوية، وكان عايز يكلمكم، بس قلتله هيبقوا يكلموك من عندهم.
أجابه حازم بهدوء/ هنخلص أكل ونطلع نكلمه يا بابا.
مرّت دقائق حتى انتهوا من العشاء، ولينا وحازم في طريقهما للصعود إلى غرفتَيهما، لكن لينا توقّفت فجأة عند وصول رسالة على هاتفها.
فتحتها بسرعة، وإذا بها من هشام..
«لينا، أنا قدام الفيلا بتاعتكوا، اخرجيلي فورًا».
التفتت إلى حازم الذي كان يترقّب سبب وقوفها، وحين أخبرته بأنها تريد الخروج لكنها لا تعرف كيف، نظر إليها مطمئنًا وقال/ اخرجي إنتِ، وأنا هتصرف.
ابتسمت له بامتنان، وبالفعل استطاعت الخروج دون أن يلحظ أحد.
عند البوابة، رأته واقفًا مسندًا ظهره إلى سيارته، وعيناه تتفحّصان الطريق في انتظارها. تقدّمت نحوه بخطوات هادئة حتى وقفت أمامه، وعلى شفتيها ابتسامة خجولة.
قال هشام بصوت هادئ ولين، محاولًا أن يفتح لها المجال للكلام/ بصي يا لينا، إحنا اتفقنا ما نخبيش حاجة عن بعض، مش كده؟
أومأت برأسها موافقة.
تابع هشام بنبرة تحمل التساؤل/ طيب ممكن بقى تعرفيني إيه اللي حصل إنهارده، وامبارح موبايلك كان مقفول ليه؟
نظرت إليه بارتباك شديد وقالت بتلعثم وخوف/ هقولك كل حاجة، بس ما تزعلش ولا تزعل مني.. اتفقنا؟
قال هشام بوعد حازم/ اتفقنا.. أوعدك مش هزعقلك ولا هزعل.
تنفست لينا الصعداء، وكادت تشرع في الحديث، لكن هاتفها اهتز مجددًا بوصول رسالة أخرى، لتقطع عليها بداية البوح.
فتحتها سريعًا، وقرأت:
«لو فكرتي تحكي لحبيب القلب أي حاجة من اللي حصلت، هتزعلِي عليه أوي، ومش بعيد تخسريه للأبد. إلى اللقاء يا حلوة».
تجمّدت ملامحها، واتسعت عيناها في صدمة صامتة، و...
يـتــبـع🦋..
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا