رواية مأساة حنين الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم ايه الفرجاني
رواية مأساة حنين الفصل الرابع والعشرون 24 هى رواية من كتابة ايه الفرجاني رواية مأساة حنين الفصل الرابع والعشرون 24 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية مأساة حنين الفصل الرابع والعشرون 24 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية مأساة حنين الفصل الرابع والعشرون 24
رواية مأساة حنين الفصل الرابع والعشرون 24
كانت قاعدة على الأرض… الحيطان حوالين منها ضيقة بتخنقها، حضنها هو الملجأ الوحيد لابنها اللي نايم في أمان مش عارف حجم الكابوس اللي هما فيه ضاماه جوه صدرها، كل نفس بتاخده بيرتعش… جسمها كله بيرتعش من الخوف
دموعها نازلة في صمت، بتحاول تكتم صوتها عشان ما تصحيش ابنها… بس جوه قلبها كان في خوف...خوف وبس...
النوم خدها وهي قاعدة، غصب عنها، بس العقل ما سابهاش في حالها… الذكريات رجعت زي السكاكين
افتكرت وهي قاعدة تحت الكوبري، والبرد قارس، والدنيا سودة… لما واحد كان ماشي مترنح من السُكر، قرب منها بخطوات تقيلة، ريحته خانقة، عينه فيها جوع مرعب وقتها قلبها كان بيدق زي دلوقتي… نفس الرعب، نفس العجز بالظبط
افتكرت كل الأيام الوحشة اللي فاتت… البدروم الضلمة، الوحدة، الجوع، الإهانة… إحساس إنها محاصرة ومفيش مهرب
فجأة
صحيت على شهقة صغيرة وهي بتبص لابنها… مدّت إيديها مسحت دمعة وقعت على وشه من غير قصد
حضنته أقوى، كأنها بتقسم جوا نفسها:
"مش هسيبك… مش هخليهم ياخدوك مني… حتى لو آخر يوم في عمري
جأة الباب اتفتح… صوت الحديد وهو بيتزق على الأرض عمل صدى في الحجرة الضيقة لدرجه هيا نفسها جسمها قشعر منها اية الفرجاني
دخل واحد من رجال العصابة، في إيده طبق فيه أكل … بس عينه ما كانتش على الأكل
كان بيبص ليها بنظرات غريبه، فيها خبث وشيء تانى خلى الدم يجمد في عروقها ابتسامته باينة على وشه كأنها مش ابتسامة، دي اقرب لشيء تاني هيا مش عارفه تفهمه
وقف قدامها، مدّ الطبق ناحيتها وهو بيقول بصوت غليظ:
– كلي… عشان تعرفي ترجعي قوية … الريس مش عاوزك تموتي بدري...
عينه ما تحركتش من عليها، كان بيتفحصها بطريقة خلتها تشد ابنها أكتر لحضنها من الخوف كأنه هو الي هيحميها منهم
حاول يقرب خطوة منها … عمل حركة غريبة بإيده كأنه بيهدد أو بيستهزأ، وضحك بخفوت وهو لسه مركز نظراته عليها
قلبها اتقبض، بترتعش من الرعب، بتحاول تمسك نفسها، ودموعها على وشها، مش قادرة حتى ترد بكلمة
اللحظة دي كانت زي الكابوس، لحد ما فجأة… ضحك ضحكة قصيرة، ورمى الطبق جنبها على الأرض
وبص لها مرة أخيرة بنظرة كلها قذارة، وقال بسخرية:
"خلي بالك من نفسك… لسه اللي جاي أصعب"
قفل الباب بعنف وخرج
فضلت مكانها… إيدها بتترعش وهي ماسكة ابنها، عينيها سابحة في دموعها… بتقول لنفسها بصوت واطي كأنها بتحاول تقنع روحها:
– مش هيسيبني ربنا… مش هيسيبني
&&&&&&____
العربيات كلها اتحركت… كريم قاعد في الكرسي جنب إسلام، في إيده كانت اللعبة الصغيرة بتاعة محمد، عينه مش بتفارقها نفسه بيتسارع، مش قادر يهدى
إسلام سايق وهو بيبص قدام، صوته هادي لكنه مش سايب فرصة لكريم يرد:
– ركّز في اللي قولته… أي كلمة زيادة منك هتكون سبب في موتهم
كريم بحشرجة:
– إنت فاكر إني مش عارف؟! أنا كل ثانية بحس إنها آخر نفس ليها
إسلام ضغط على الدريكسيون أكتر، عينه فيها نار:
– وأنا قلبي مولّع أكتر منك… دي أختي الوحيدة بس لو مشينا ورا قلبنا، هتضيع للأبد
لحظة صمت خانقة
كريم ضم اللعبة لصدره كأنه بيحضن محمد… دموع
اتجمعت في عينه وهو بيفتكر صوته الي سمعه في السماعه
العربية وقفت فجأة… كان فيه نقطة تجمع خالد وطارق نزلوا يراجعوا خطة المداهمة حسن واقف بلاب توبه، مركز على الموجات، صوته واضح:
– الإشارة سابتة… المكان جوه المنطقة الصناعية القديمة كل الاتصالات بتخرج من هناك ومدام قدرنا نوصل لهنا قبل معاد الشحنه هنتعاون كلنا هنا
إسلام رفع صوته للكل:
– تمام كل فريق عارف مكانه مفيش طلقة هتخرج غير بإشارة أول ما نتأكد إن الرهينة جوه… بنضرب بس خدوا بالكم الرهينه تخرج سالمه مش عاوز غلطه
كريم قطع الكلام بغضب:
– رهينة؟! دي مش رهينة… دي مراتي وابني!
إسلام لفله بحدة، صوته كالعادة قاطع:
– ركّز يا كريم! لو فضلت تفكر كده… مش هتشوفهم تاني! خليك هنا متتحركش انت
كريم عض على شفايفه، صوته مبحوح:
– بس لو اتأخرنا ثانية… هيضيعوا انا...
إسلام قاطعه و قرب منه وقال بنبرة منخفضة لكن مليانة نار:
– مش هيضيعوا… الليلة نهايتهم
&&____
عند حنين…
الأوضة كانت أظلم من قبل ابنها نايم في حضنها، وهي لسه ماسكة إيده الصغيرة صوت خطوات تقيلة قرب من الباب… قلبها وقف
الباب اتفتح فجأة، النور دخل من ورا الراجل اللي واقف، وراه الزعيم عينه تقيلة، وصوته مسموم:
– اجهّزي… الليلة دي ليلة عمرك
حنين رفعت راسها بخوف وعناد في نفس الوقت:
– عايز إيه مني تاني؟
الزعيم ضحك بسخرية وهو يقرب:
– أنا؟ ولا جوزك؟ … جوزك دلوقتي بيبيع نفسه عشانك والليلة دي… يا يسلّمنا البضاعه، يا إما ابنك مش هتشوفيه تاني او هيستلمكم انتوا الاتنين لسه مش عارف بقي الصراحه
حنين ضمّت ابنها أكتر، دموعها وقعت غصب عنها:
– حرام عليكم… ده طفل انتوا بتعملوا معنا كده ليه؟!
الزعيم قرب وشه منها، صوته واطي بس بيخرّع:
– الأطفال ساعات بيكونوا ورقة ضغط أحلى من الكبار
غمضت عينيها بقهر، وهي سامعة صوت ضحكته، وحسّت إن الدنيا كلها بتقفل حواليها
&&&&_____
إسلام بيجهّز فريقه عند البوابة الخلفية للمنطقة الصناعية، صوته واضح:
– استعدوا… أول ما نوصل الإشارة، ندخل
كريم واقف وراه، قلبه على وشك ينفجر… كل ثانية بتعدي كأنها سنين عليه...
المنطقة الصناعية كانت مهجورة… عتمة وضباب بيطلع من مواسير مكسوره صمت مخيف، بس كله
مهاب....
إسلام رفع إيده إشارة… الفريق انتشر في الظلام
خالد معاه رجالة على البوابة الأمامية، وطارق وحسن متقسمين نواحي الجوانب
كريم واقف وراهم، قلبه هيخرج من مكانه… عينه مش شايفة غير صورة حنين وهي في الفيديو، وابنه بيعيط
إسلام بصله بحدة، وهمس:
– آخر إنذار يا كريم… ما تتحركش غير لما أديك الإشارة او الافضل نتتحركش اصلا عشان متضيعش نفسك
كريم ما ردش، بس عينيه فضحت كل حاجة… كان متحفّز ينفجر
جوه…
الزعيم قاعد على كرسي معدن، ماسك سيجارة قدامه واحد من رجاله بيضحك وهو بيصور حنين وابنها بالكاميرا
الزعيم قال ببرود:
– خلال نص ساعة… لو ما سمعناش منه إن الشحنة اتحركت… هنعلّمه يعني إيه يخسر كل حاجة
حنين ضم ابنها أكتر، دموعها نازلة من غير صوت
فجأة… قنبلة دخان اترمت من الشباك المكسور! المكان كله اتملّى غبار، أصوات رجالة العصابة اتلخبطت:
– إيه ده؟!
– في حد دخل!
رصاص بدأ يتبادل، الطلقات بترنّ في الجدران القديمة
إسلام دخل من الناحية الخلفية مع طارق وحسن، صوت خطواتهم سريع ومنظم.
إسلام صرخ:
– فريق (أ) غطّونا!
– فريق (ب) تقدّم!
الزعيم وقف وهو بيزعق للرجاله:
– امسكوهم! متخلوش حد يقرب ليهم دول الي هيخرجونا من هنا...
كريم كان واقف … ما استناش
أول ما سمع صوت الرصاص وصوت حنين بتصرخ من بعيد… انفجر
– حنييييييييييييييييين!
جري من مكانه بكل قوته، إسلام صرخ وراه:
– كريييييييم! ارجع دلوقتي انت رايح فين!
لكن كريم كان خلاص… مش سامع
دخل وسط الدخان، الطلقات بتعدي من جنبه، وهو بيزق أي حد يقابله مسك ماسورة حديد من الأرض وضرب بيها واحد من رجالة العصابة وقع على طول
عينه وقعت على الباب اللي وراه صوت ابنه… قلبه ولّع
– محمد!
كسر الباب برجله، لقى حنين متكوّرة في الركن وهي ضامة ابنها، وراها واحد من العصابة ماسك سلاح ورافعه عليها
كريم ما فكرش ثانية… هجم عليه بكل غضبه، مسك إيده قبل ما يضغط الزناد، وضربه بالماسورة على وشه لحد ما وقع غرقان دم
حنين صرخت:
– كرييييييييييييم!
جري عليها وحضنها وابنه، قلبه بينفجر من جوه:
– أنا جيت… مش هسيبكم تاني أبداً…متخافيش هنخرج من هنا يلا
حنين مش مصدقة، مسكت فيه بكل قوتها
بس ماكانش في وقت… الزعيم بنفسه دخل ومعاه رجالة، رفع مسدسه عليهم:
– نهايتك النهاردة يا كريم! قولت اي غلطه هدفعك غالي مسمعتش الكلام بقي حد يرفض عرض زي ده انت غبي قوي كنت هتتحول من مبتدأ لرجل اعمال ناحج بس انت اختارت الطريق الصعب كان لازم تدفع التمن
كريم مردش عليه وقف قدام حنين وابنه، فاتح دراعاته يحميهم، صوته هادر:
– لو هتقرب منهم … لازم تعدي على جثتي الأول
الزعيم رافع المسدس، ضحكته كلها سخرية:
– خلاص يا بطل… الفيلم خلص وانت جيت برجلك
كريم شد حنين ورا ضهره، حضن ابنه بإيده التانية عينه كلها تحدي:
– اقتلني أنا… بس مش هتلمسهم برضوا
الزعيم ضغط على الزناد…
الطلقة خرجت، كريم اتفاجأ بيها وهي تخترق جنبه وقع على ركبته وهو بيشهق، الدم نازل بغزارة
حنين صرخت بأعلى صوتها:
– كرييييييييييييييم!!!
لفت ليه وهي ماسكة محمد، وقعت على الأرض جنبه، إيدها بترعش وهي بتحاول توقف الدم بإيديها، دموعها نازلة بغزارة:
– اصحى يا كريم… بالله عليك ما تسيبنيش… ما تسيبناش!
كريم بص لها بعين نصها مغمض، صوته ضعيف بيتقطع:
– أنا… كويس… متخافيش… أنا وعدتك مش هسيبك…
حنين قربت منه، دموعها مغرقاها، لحد ما صرخة خرجت من قلبها، وعيونها غمضت فجأة من شدة الصدمة… وقعت فاقدة الوعي وهي حاضنة ابنها
في اللحظة دي إسلام والفرقة دخلوا باقتحام!
ضربوا الي واقف من ضهره وقع علي الارض
وأصوات الطلقات رجّت المكان، الظباط بيغطّوا كل المداخل
إسلام أول ما شاف المشهد… اتصدم
أخته مرمية على الأرض فاقدة الوعي، وابنها في حضنها، ووراها كريم غرقان في دمه
قلبه وقف!
جرى عليها الأول، ركع جنبها يهزّها وهو مرعوب:
– حنيييين! حنين اصحى بالله عليكي!
إيده بتترعش وهو يشوف محمد نايم في حضنها، مسكه بسرعة وحطه جنبها
بص في وشها… لقاها بتتنفس ببطء اتنهد براحه:
– الحمدلله… لسه عايشة
بعدين رفع راسه… عينه وقعت على كريم اللي بينزف وبيترعش على الأرض
– كريييييم!
وطي عليه بسرعة، ضغط على النزيف بكل قوته، صوته متقطع من الخوف:
– استحمل… متخافش استحمل!
كريم حاول يرفع عينه، صوته مبحوح:
– حنين… وابني… احميهم…
إسلام شد إيده وقال بحرقة:
– هحميهم… هحميكم كلكم! بس إنت خليك جامد!
أصوات الصراخ والطلقات خلاص سكتت… العصابة كلها على الأرض، متكبلة ومش قادرة تتحرك
كريم غرقان في دمه، محمول على نقالة، وحنين مغمى عليها علي نقاله اخرى، صفارات الإسعاف مولعة، والنور الأحمر والأزرق بيخبط في عيون كل الموجودين.د
إسلام واقف مكانه، صدره بيتنهّد بعنف، عينه ما بتفارقش حنين وكريم وهما بيتحطوا جوه عربية الإسعاف قلبه كان عايز ينفجر…
محمد كان في حضن العسكري، بيعيط بخوف إسلام قرب بسرعة، إيده على كتف العسكري وهو بيقول بصوت مهزوز:
– هات الولد
العسكري سلّمه، ومحمد رمى نفسه في حضن خاله وهو بيبكي
إسلام ضمّه جامد، قلبه بيتقطع، مسك راسه وحطه على صدره وهو بيحاول يطبطب عليه رغم إن إيده بتترعش
خالد قرب منهم، بص لإسلام وقال بحزم:
– هاته معيا أنا… خليك انت جنبهم
إسلام اده محمد بالعافية، عينه مش راضية تسيبه، بس سابه في حضن خالد
في اللحظة دي، طارق وحسن جم بسرعة، وشوشهم كلها إرهاق وتراب ودم، وقالوا لإسلام:
– إنت وخالد روحوا المستشفى دلوقتي… إحنا هنقفل المكان ونتصرف مع باقي العصابة.متشيلش هم
إسلام اخد نفسه، وهز راسه موافق
بص لآخر مرة على النقالات وهي بتدخل عربية الإسعاف… صوته طلع مبحوح وهو يهمس:
=استحملي يا حنين… أنا وراك
بعد وقت...
أبواب المستشفى اتفتحت بسرعة، المسعفين نازلين بيجروا بالنقالات… كريم داخل العمليات ودمه مغرق القماش الأبيض، وحنين لسه مغمى عليها
إسلام وخالد دخلوا وراهم، محمد في حضن خالد صغير ومرعوب، ماسك في هدومه جامد وهو بيعيط بصوت مكتوم
الوقت عدى تقيل… صمت المستشفى كان أقتل من الرصاص إسلام قاعد على الكرسي، راسه في إيده، رجليه بتتهز من التوتر خالد بيحاول يهدي محمد اللي مش سايب هدومه، كل شوية صرخة صغيرة تطلع منه وتقطع قلوبهم
بعد وقت طويل، الباب اتفتح وخرج دكتور لابس البالطو الأبيض، عرقان من الإرهاق الكل قام بسرعة
إسلام بصوت متوتر:
– خير يا دكتور؟ أختي عاملة إيه؟ وكريم؟
الدكتور طمّنهم بابتسامة صغيرة:
– أختك تمام… الإغماء ده نتيجة خوف شديد وصدمه بس هتفوق بعد شوية متقلقش اية الفرجاني
بعدين وشه اتغير وهو يكمل:
– لكن كريم… حالته أصعب شوية النزيف كان شديد، وهو دلوقتي في العمليات… بندعيله يعدي منها
الكلمات نزلت تقيله علي إسلام مسك الكرسي وعض على شفايفه، وكأنها أول مرة يحس إن إيده مربوطة ومش قادر يعمل حاجة
بعد وقت غرفة حنين اتفتحت، وهيا بدات تفوق كانت بتتحرك ببطء على السرير عينيها فتحت دموعها نزلت من غير ما تنطق أول ما شافت إسلام قاعد جنبها ومحمد في حضنه، دموعها نزلت أكتر
حنين بصوت مبحوح ضعيف:
– "كريم… فين كريم؟
إسلام قرب منها بسرعة، مسك إيدها وهو يحاول يسيطر على نفسه:
– اهدي يا حنين… إنتي كويسة… وابنك معانا
هي زادت دموعها، قلبها بيتقطع:
–هو… هو مات؟! قولّي الحقيقة يا إسلام… متكدبش عليا!
إسلام مسك إيدها أكتر، عينه مليانة دموع بس صوته ثابت بالعافية:
– كريم لسه عايش… هو في العمليات دلوقتي حالته صعبة… بس هيعدي منها متخافيش...
حنين حطت إيدها على وشها وانهارت في البكاء، صوتها بيتهز، محمد شاف دموعها فابتدى يعيط أكتر، مد إيديه الصغيرتين ناحية أمه وهو بيرتعش
إسلام بسرعة حط الطفل جنبها على السرير، حنين ضمّته لحضنها وهي بتبكي بحرقة
إسلام غمض عينه وهو يهمس لنفسه:
– "استحمل يا كريم… كلنا مستنيينك
الليل عدي بكل ما في...
تاني يوم الصبح… الشمس خافتة داخل من شبابيك المستشفى، ومعاها إحساس بالتعب اللي ما خلّاش حد فيهم يعرف ينام طول الليل
خالد قاعد على الكرسي، عينه محمرة من السهر، محمد نايم في حضنه متكوّر زي الكتكوت حنين على السرير في أوضة جنب أوضة كريم، مش قادرة تهدى، كل شوية تبص على الباب كأنها مستنية خبر يطمنها
إسلام واقف في الممر، ضهره للحائط، ساكت بشكل يثير القلق عينه مركّزة في الأرض، وكأنه غرقان في أفكار تقيلة
بعد ساعة تقريبًا… الدكتور خرج من أوضة الانعاش، الكل جري عليه
الدكتور بنبرة هادية:
– هو بدأ يفوق من البنج… حالته مستقرة لحد دلوقتي، بس لسه ضعيف جدًا محتاج راحة تامة وما يتعصبش أو يتوتر
حنين دموعها نزلت وهي سامعه صوت الدكتور اتنفست براحة :
– لحمد لله… الحمد لله يا رب
خالد دخل ليها بابتسامة مطمئنة:
– شايفه؟ كريم راجل قوي… هيعدي منها
لكن إسلام… ملامحه ما كانتش بتقول إنه مبسوط زيهم هو اكتفى بإيماءة صغيرة من غير ما يتكلم
عينه راحت ناحية أوضة كريم، نظرة فيها غموض… زي اللي بيفكر في حاجة محدش يعرفها
خالد لاحظ سكوته، خرج و قرب منه:
– إيه يا إسلام؟ مش مبسوط إن العملية عدّت؟
إسلام بص له ببرود وهو يسيب الجدار ويمشي خطوتين بعيد:
– أنا مبسوط لأختي وابنها… بس لسه الموضوع مخلص لحد هنا
خالد قطب حواجبه:
– "تقصد إيه؟
إسلام رد بنبرة غامضة وهو يبص ناحية أوضة كريم:
– "قصدي… إن لسه في حاجات لازم تتعمل… وأنا اللي هعملها، حتى لو محدش وافق
سابه ومشي في الممر، خطواته تقيلة بس وراها إصرار في دماغه، مشهد واحد مسيطر… مش بس إنقاذ أخته، لكن كمان خطة أكبر هو ناوي ينفذها، والكل هيفاجأ بيها
&&&....
بعد مرور أسبوع… البيت هادي، كريم قاعد على الكنبة، جسمه لسه ضعيف بس ابتسامته الصغيرة واضحة وهو شايف حنين مش بتسيبه لحظة، قاعدة جنبه، تسنده في كل حركة
هو مد إيده ويمسك إيدها:
– أنا مش عارف من غيرك كنت عملت إيه… إنتي روحي يا حنين
حنين دموعها نزلت وهي تبتسم له:
– وأنا عمري ما هسيبك يا كريم… مهما حصل
اللحظة اتقطعت فجأة بصوت باب بيتهم بيتفتح بعنف حنين اتفاجئت، وكريم بص بعينه ناحية الباب، قلبه اتقبض… من دخول إسلام كده....
كان شكله مختلف… ملامح حادة، خطواته تقيلة، عيناه بتلمع بغضب مكبوت
كريم حاول يقوم لكنه اتألم:
– إسلام… خير؟
إسلام بص له ببرود:
– خير؟ أنت لسه عندك وش تقول كلمة زي دي؟
حنين اتوترت، قامت بسرعة:
– إسلام، بالله عليك… ما تبدأش مشاكل دلوقتي كريم لسه تعبان
إسلام رفع إيده يسكتها:
– مشاكل؟ لا… دي مش مشاكل دي حياة أو موت أنا استنيت لحد ما يخف… عشان أخلص الموضوع ده"
كريم بعصبية رغم ضعفه:
– موضوع إيه؟
إسلام قرب منهم، صوته عالي:
– الموضوع إنك مش هتكمل مع أختي… مش هسمحلك! إنت اتجوزتها غصب عشان غلطتك… وجبت منها ولد… بس إنت السبب إنها كانت هتموت، السبب إنها اتخطفِت السبب إن حياتها بقت كلها دموع وخطر!"
حنين بصوت متقطع، دموعها نازلة:
– إسلام! كفاية… هو مش ذنبه لوحده… أنا كمان اخترته، أنا بحبه
إسلام مسكها من دراعها يشدها بعيد:
– انتي صغيرة ومش فاهمة حاجة! الحب مش أكل عيش الحب مش يجيبلك رصاص وخطف وموت! أنا أخوكي… ومش هسيبك تضيع حياتك في إيده
كريم حاول يقوم، صوته مبحوح:
– إسلام… بلاش تعمل كده… أنا بحبها، وهي بتحبني وقدرنا نتخطي الي حصل وهبدا نعيش مع بعض عادي
إسلام التفت له بحدة:
– حب إيه؟ أنت حتى مش قادر تقف على رجلك! إنت اللي جبتلها كل الوجع ده خلاص… من النهارده مش هتشوفها
حنين صرخت وهي بتحاول تفلت من إيده
– مش هسيب كريم! مش هبعد عنه!
إسلام شدها أكتر، صوته حاد:
– هتبعدي… فترة لو بعد كده لقيتي نفسك عاوزاه… وقتها مش هقف قصادك بس دلوقتي… هتعيشي بعيد عنه، وتفكري كويس عشان اللي بينكم ده… مش حب، دي فوضى وتعلق.اايةالفرجاني.
كريم بيحاول يقف لكنه بيقع تاني على الكنبة، صوته مبحوح وهو يمد إيده ناحية حنين:
– حنين… متروحيش… بالله عليكي متسيبنيش
حنين منهارة، عيونها كلها دموع:
– كريم…
بس إسلام شدها من دراعها وخرج بيها من البيت، الباب اتقفل وراه بعنف… وصوت بكاء حنين بيختفي تدريجيًا مع خطواتهم
كريم قعد وحيد، إيده ممدودة في الفراغ، دموعه نازلة بصمت… وهو مش قادر يتحرك
&&__
بعد يومين من الحبس اللي عامله إسلام لحنين، وهي مش قادرة تخرج من الفيلا ولا حتى تكلم كريم… الباب بيتفتح فجأة، وإسلام داخل، وشه متجمد، في إيده ظرف بني ايه الفرجاني
حنين قامت بسرعة من على الكنبة، عينيها مليانة قلق:
– في إيه يا إسلام؟
إسلام رمى الظرف على الترابيزة قدامها، قعد بهدوء بس نظرته تقطع:
– افتحيه
حنين مدّت إيدها بخوف، طلعت جواز سفرها… ومعاه تأشيرة جديدة عينيها اتسعت:
– دي… دي تأشيرة سفر؟!… المانيا؟!
إسلام بص لها مباشرة:
– أيوة… هتسافري تكملِي تعليمك هناك تعيشي حياتك بعيد عن دوامة كريم وتبدأي من جديد وتشوفي نفسك انت عاوزه اي بجد
حنين وقفت مصدومة، دموعها نزلت:
– إنت بتقرر عني!… أنا مش عايزة أسافر! أنا عايزة أعيش مع جوزي وابني… إنت عارف إني بحبه
إسلام صوته اتغير، فيه وجع وغضب مكتوم:
– حب إيه يا حنين؟! حبه رجّعك تاني تعيشي في خوف… في وجع… في دم! ده مش حب… ده سجن وأنا مش هسيبك تضيعي بالطريقه دي
حنين قربتله، صوتها بيتقطع:
– إسلام… بالله عليك… متحرمنيش منه كريم عمره ما أذاني… هو ضحّى بنفسه عشاني! هو اتحط في النص غصب عنه
إسلام شد نفسه للخلف، صوته قاسي:
– لو بتحبيه زي ما بتقولي… يبقى تفكري في نفسك وفي مستقبلك تسافري… تدرسي… تكبري ولو لسه عايزة ترجعي له بعد ما تعقلي وتفهمي الحياة… وقتها محدش هيقف قصادك بس دلوقتي… هتسافري. وإلا… انسَيني للأبد
حنين انهارت، قعدت على الأرض تبكي، دموعها مش بتقف:
– إزاي أعيش من غيره؟… إزاي؟
إسلام بص لها بحدة:
– هتعيشي عشان ابنك هو هيفضل معاكي كريم مش هيسحبه منك لكن هو مش مستقبلك دلوقتي"
بعد لحظة صمت طويلة، بكاء مرير، حنين رفعت عينيها المبلولة، صوتها واطي:
– موافقه… هسافر عشان انا فعلا محتاجه اخد وقت لنفسي شويه احاول انسى الي حصل
إسلام نفسُه اتقطع، بس أخفى تعبيره وقال بجمود:
– جهزي نفسك… طيارتك الصبح
&___
كانت واقفه في المطار، سلم الطيارة قدامها، ماسكة ابنها على دراعها، وجهها شاحب، دموعها متجمدة في عينيها
بصت حواليها في المطار كأنها مستنية كريم ييجي فجأة ويوقفها… بس مفيش
اخدت نفس طويل، طلعت أول خطوة على السلم… وبصوت داخلي مكسور
– سامحني يا كريم...
الطيارة بتقفل أبوابها وبتطير ببطء
فصل طويل عاوزه اراء وتعليقات كتير عليه .....
الفراق مش دايم… ربنا بيجعل من كل غياب امتحان لصبرنا، وكل صبر بيكتب لينا بيه أجر، ويمكن يكون سبب في لقاء أجمل وأبقى....
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا