رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والثلاثون 32 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والثلاثون 32 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والثلاثون 32 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والثلاثون 32

رواية هيبة نديم وليلي بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والثلاثون 32

_ هذه اللحظة _ :
انتهى اجتماع آل"الراعي" بمستشارهم القانوني بعد ما يزيد عن ساعتان ..
وأخيرًا ينفرد "نديم" بعمّه وابنه الشاب الذي جلس هادئًا طيلة الجلسة، لكن هدوئه هذا لم يخدع "نديم" أبدًا، فقد كان على دراية تامّة بما يعتمل بداخله من غضبٍ وثورة تبحث عن مثيرات ولو كانت تافهة، لتندلع وتفاجئ الجميع ..
كان "نديم" يفهمه جيدًا، لأن ذات الدماء التي تجري بعروقه، هي نفسها دماؤه ..
و"ليث" بنفسه، يُعد نسخة مصغّرة من ابن عمّه، في الطبع والسلوك، يختلف عنه في سهولة التطويع فقط ..
إنما "نديم"!
لا يمكن لأحد تطويعه، أو إخضاعه مطلقًا.. لقد جُبل على الجرأة ..
لا يهاب أحدًا، بل تهابه الناس، ولديه من المقوّمات والامكانات ما يدعم جانبه المتسلّط والوقح أحيانًا من البروز أمام أيّ شخص ذا قيمة ...
-أنا مش هاسيب حد يلمس أختي!
أخيرًا نطق "ليث" بلهجةٍ مقتضبة فيها من الصلابة ..
نظر "مهران" نحوه، بينما وافقه "نديم" بهدوء واجم:
-دي نقطة ماختلفناش عليها يا ليث.. محدش يقدر يقرب من ليلى بعد إنهاردة.
حدجه "ليث" بنظراتٍ حادة مباشرة وهو يقول بعداء:
-على فكرة كلامي بيجمعك انت كمان يا نديم. وحركة إن ليلى تتنقل أوضتك دي مش مقبولة
أختي مش هايتقفل عليها باب واحد معاك.
رفع "نديم" حاجبه وهو يقول بنفس الهدوء:
-عايش معايا من وانت عيّل ابن خمس سنين.. ولسا ماتعلمتش مني حاجة يا ليث
مش قلت لك قبل كده إللي يقول حاجة يبقى أدّها؟ طيب ليلى هاتفضل في أوضتي. وهايتقفل عليا أنا وهي باب واحد.. انت بقى هاتعمل إيه؟
هبّ "ليث" واقفًا بلحظة وكأن شيطانًا تلّبسه، بينما تجمّده صيحة أبيه الزاجرة:
-ليــث!
كان هذا أقصى ما عنده ..
ما كان ليجرؤ على إتخاذ خطوة واحدة نحو ابن عمه، وإلا ما تردد حتى رغم أبيه، وكان "نديم" يدرك ذلك ..
ظل على استرخائه، ولم يرف له جفنٍ وهو يتطلّع إلى الأخير بابتسامةٍ باردة، ثم قال بفتورٍ:
-كبرت يا ليث. بس عمرك ما هاتكبر عليا! .. وأمره بهدوء:
-أقعد.
مرّت لحظاتٍ طويلة.. قبل أن يذعن "ليث" في الأخير ويخضع لإرادة "نديم".. "نديم" الذي لم يكن بالنسبة له ابن عمّه فقط ..
بل معلّمه، مرشده، قدوته ..
يسحب "نديم" نفسًا عميقًا وهو يمد جزعه للأمام قليلًا، ثم يقول بلهجة أكثر تفاهمًا ناظرًا بعينيّ "ليث" المتقدتين:
-بص يا ليث. أنا مقدر حالتك. فاهم كويس احساسك.. لكن في المقابل إللي بطلبه منك حاجة واحدة بس
ماتفقدش ثقتك فيا. وخليك عارف إن نديم إستحالة يقلل من عيلته في عين أي حد. انت شايف ليلى أختك
وهي فعلًا أختك. اتربيتوا سوا. وكبرتوا مع بعض. لكن الحقيقة هي مش أختك. وبرا عن أمك مشيرة
لا أنا ولا انت ولا عمي هانقبل ان حد يجي ياخدها مننا. مهما كانت الحلول في نظرك قذرة ومش مقبولة أنا هانفذها
لأني مش هاسمح لحد يمس منها شعرة تاني.
ليث بغضبٍ مكبوت:
-انت دمرت سمعتها.. دمرتها شخصيًا!!
نديم بحدة: الإيد إللي ربّتها لما تقسى عليها. هاتكون أهون بكتير من إيد رمتها زمان
يمكن في نظرك أنا دمرتها. لكن أعرف بردو إني هقدر أداويها وأوقفها على رجليها من تاني ..
وصمت للحظة، ثم أعلنها جهرًا لأول مرة:
-أنا بحبها.. بحب ليلى يا ليث
وانت عمرك ما هاتقدر تفهم!
يدق باب المكتب في هذه اللحظة.. فيأذن "مهران" بالدخول ..
ينفتح الباب، فإذا بإحدى المستخدمات تهتف بوجهٍ شاحب:
-نديم بيه.. الأنسة ليلى فاقت وماسكة في خناق الممرضة فوق!
_____________________________________________________
في مدينة الملاهي العملاقة ..
الأضواء المبهرة ذات الألوان المتعددة تتراقص على وجه "ريهام".. عيناها الواسعتان تعكسان بهجة طفلة لا تزل عالقة في زمن البراءة اللانهائي .. 
تتداخل أصوات الضحك والموسيقى مع صرير الألعاب، بينما يدها الصغيرة متشبّثة بيد "زين" الغليظة، كأنها وجدت أمان العالم كله فيها ..
قالت وهي ترفع رأسها نحوه، تتأمل ملامحه الوسيمة وهي لا تعي حقًا معنى الاعجاب الذي تشعره تجاهه:
-زين.. ريري مبسوطة أوي!
ابتسم بخفة، عيناه تراقبانها لا كطفلة، بل كفريسة ..
-وأنا كمان مبسوط! .. قالها بلطفٍ، وتابع مداعبًا خدّها بأنامله:
-عشان شايف الضحكة دي.
أطلقت إحدى ضحكاتها الموسيقية المحببة، ثم انطلقت نحو لعبة الخيول الدوّارة، تدور حول نفسها قبل أن تعتلي "اليوني كورن" ..
فظل هو واقفًا يتابعها، وفي عينيه مزيجٌ من صبرٍٍ محسوب ونوايا مخبوءة  ..
كانت تلوّح له بيدها كلّما مرّت أمامه، كأنها تعلن ولاءها البرييء، حين انتهت، ركضت نحوه تتنفس بسرعة، وجبينها يلمع بعرق ٍخفيف ..
-عاوزة Cotton Candy! .. قالتها بلهاثٍ وهي تشير صوب عربة حلوى القطن
أومأ لها "زين" قائلًا:
-طبعا. انتي تؤمري.. تعالي.
وأخذها من يدها تجاه العربة ..
أشترى لها ما تشتهي، ثم انتقلا إلى اللعبة التالية تنفيذًا لرغبتها، وقد كانت الأفعوانية "قطار الموت" ..
حاول "زين" إقناعها بارتياد لعبة أخرى أقل مجازفة من تلك، لكنها أصرّت، فأجلسها بأحد المقاعد وحدها وأعدّ لها احتياطات الأمان جيدًا، كان سينتظرها بالأسفل، لكنها جمدته هاتفة:
-زيــن!
إلتفت إليها فورًا:
-إيه يا حبيبتي مالك؟ غيرتي رأيك ولا إيه؟
هزّت رأسها: لأ. أنا عايزاك تركب اللعبة دي معايا.
اقترب أكثر وهو يقول بهدوء:
-ريري لو خايفة ننزل ونشوف لعبة تانية.. ها قولتي إيه؟
-ريري مش خايفة. ريري عايزاك تركب جنبها. انت إللي خايف يا زين.
لم يستطع كبح ضحكة أفلتت من فمه وهو يحدق في التكشيرة التي انبلجت على وجهها فاتن الملامح، ثم قال:
-لأ يا ريري زين مابيخافش.. حاضر هاركب جنبك.
وقفز بجوارها بخفةٍ، أغلق حوله أحزمة الأمان وأنزل السور المعدني أمامهما، ثم نظر إليها فوجدها تبتسم بإتساعٍ ...
-مبسوطة؟
أومأت له بقوة صائحة بطفولة:
-أووي أوووي!
دقيقة أخرى، ثم بدأت اللعبة في التحرّك، تدريجيًا، وقد كان "زين" يراقبها باهتمامٍ ..
لا زالت الحماسة على وجهها، لكن عيناها عكستا مشاعر الخوف وليدة اللحظة، وفجأة ..
انفجر الصراخ حولهما، ما ان انحرف القطار وأنزلق بسرعةٍ رهيبة لأسفل، صرخت "ريهام"بدورها، صراخٌ حقيقي، هستيري وقد أجهشت بالبكاء بينما القطار لا يقف ويواصل انحرافاته وصعوده وهبوطه ..
مد "زين" يده ممسكًا بيدها بقوة وهو يصيح بأعلى صوته لتسمعه من بين الصخب:
-ماتخافيش يا ريري.. دي مجرد لعبة
ماتخافيش.
لكنها لم لأول مرة لا تسمعه.. لا تشعر به ..
أغشى عليها فجأةً فوق المقعد، فذعر "زين" لرؤيتها هكذا، وعلى الفور أخذ يصيح بصوتٍ جهوري في الشاب الذي يدير اللعبة أن يوقفها ..
لكن الأخير لم ينصت له، ولم يعبأ مطلقًا، واكتلمت الدورة لنصف دقيقة أخرى، وطوال هذا الوقت لم يترك "زين" يدها، وبيده الأخرى يمسك رأسها بحرصٍ لكي لا تتأذى ..
وما ان توقفت اللعبة حتى فك أحزمته وقفز منها إلى موقع وقوف الشاب، هجم عليه مثل وحشٍ كاسرٍ وأخذ يكيل له اللكمات والركلات، بينما رواد الملاهي تجمهروا من حولهما وراقبوا المشهد الدموي بين خوفٍ وذهول ..
إلى أن حضر بعض أفراد الأمن، حاولوا تخليص الشاب من يده بصعوبة، إلا إن "زين" جمد الجميع وهو يذكر هويته بغلظةٍ ..
وأخيرًا قام عن الشاب بعد أن أدمى وجهه تمامًا، ثم عاد إلى "ريهام وهو يمسح قبضته الملوثة بالدماء في كنزته ..
خفق قلبه بوجلٍ وهو ينظر في وجهها الشاحب، نزع الأحزمة من حولها وحملها إلى المنصّة السفلية، أراح جسدها فوق السطح الصاج ...
-ريري. ريهام! .. ناداها لاطمًا مرارًا خدّها برفقٍ
لم تستجيب لنداءاته ..
فجاءته إحدى الفتيات بقنينة ماءٍ، سكب القليل في كفه فوق ومسح على وجهها، بدأت تفيق ببطٍ، فزفر براحةٍ وهو يخاطبها بلهجةٍ رقيقة:
-كده يا ريري. خضتيني عليكي.. فوقي يا حبيبتي
ماتخافيش. أنا زين.. أنا جنبك أهو.
رفعت جفنيها بتثاقلٍ، لتظهر عيناها الزرقاوان بين رموشها الكثّة، نظرت إليه فورًا متمتمة:
-زيـن!
تنهد "زين" قائلًا:
-وقعتي قلب زين يا شيخة.
وحملها بين ذراعيه كطفلة صغيرة، نزل بها على مهلٍ، ثم أجلسها إلى مقعدٍ رخامي قريب، بينما ذهب ليعتذر من الشاب الذي ضربه ...
-والله ما كنت أعرف ان حد أغمى عليه يا باشا! .. قالها الشاب بلهجة منكسرة وهو يضع ضمادٌ فوق أنفه النازف
اعترى "زين" شعورٌ قوي بالندم على تسرعه في أذيته، مد يده، فأجفل الأخير خائفًا ..
ابتسم "زين" بلطفٍ وربت على كتفه قائلًا:
-حقك عليا يا عم. أنا بس لما بنفعل مابشوفش قصادي
وبعدين انت زي اخويا الصغير.. صح؟
أومأ له الشاب، فأضاف "زين" وهو يستلّ محفظته من جيبه ويسحب ورقتين نقديتين ويدسها في جيب الآخر:
-دول من أخوك. ماتكسفنيش.
-مقبولة يا باشا.
-أنا اسمي زين نصر الدين. انت اسمك ايه؟
-رضا محمود.
-عاشت الأسامي يا رضا.. طيب بص بقى 
انت أخويا الصغير زي ما قلت لك. لو احتاجت أي حاجة تعالالي مكتبي في ..
وذكر له الجهة التي يعمل بها ...
-لو مالقتنيش أنا هابقى أعرف أوصلك.. اتفقنا؟
ابتسم الشاب من بين جروحه وقال:
-اتفقنا يا باشا.
تصافحا، ثم تركه "زين" عائدًا إلى "ريهام ..
كانت تأكل النقانق المالح وتشرب العصير الذي أحضره لها "زين" لتستعيد إتزانها بالكامل ..
جلس بجوارها وهو يقول باهتمام:
-عاملة إيه دلوقتي يا ريري؟ لسا دايخة؟
نفت "ريري" بهزة رأس وقالت بنشاطٍ متجدد:
-لأ أنا كويسة.. تعالى نروح بيت الرعب بقى.
أمسك "زين" برسغها وأبقاها مكانها وهو يقول بحزمٍ:
-بيت رعب إيه يا حبيبتي. مش كفاية الرعب إللي عيّشتيني فيه من خمس دقايق
لأ انسي خلاص. كفاية أوي كده إنهاردة. مافيش لعب تاني.
مطّت فمها بحزنٍ وقالت:
-يعني إيه مش هالعب خلاص؟ أنا عايزة ألعب!
زين بصرامة: لأ مش هاتلعبي. انتي تعبتي أصلًا من كتر اللعب
وشك بقى أصفر أهو.
عوجت وجهها مرددة:
-يعني إيه وشك أصفر دي؟ في حد وشه أصفر انت بتكدب يا زين!!
قلب "زين" عينيه مستغفرًا بصوتٍ خافت، ثم نظر إليها قائلًا بصبرٍ:
-وشك أصفر يعني جسمك تعب يا حبيبتي. محتاجة تهدي خالص وتبطلي جري وتنطيط.
ضربت الأرض بقدمها هاتفة:
-بس أنا لسا عايزة ألعب!
زفر "زين" بنفاذ صبر.. لكنه تمالك أعصابه رغم ذلك ..
ابتسم لها بلطفٍ وقال بهدوء:
-طيب يا حبيبتي. إيه رأيك أخدك ونروح ناكل في المطعم إللي تختاريه
وبعدين نروح نجيب آيس كريم أو دونات. بتحبي الدونات؟
أومأت له بقوة، فتنهد برضا وقال:
-خلاص هانروح دلوقتي الفود كورت ونعمل كل إللي انتي عايزاه هناك. وبعدين أخدك وأروّحك.. عشان الوقت اتأخر.. اتفقنا؟
ريهام مبتسمة: اتفقنا!
وفيما كانا يسيران وسط الزحام، كانت يدها تتأرجح في يده، بينما هو يضيق قبضته تدريجيًا، وكأن القدر يربط بينهما بخيطٍ لا يُرى ..
احساسٌ بالمسؤولية من جهته.. وثقةٍ عمياء من جهتها ...
_____________________________________________________
كان أول من وصل إلى ساحة الشجار العنيف ..
والصورة كالآتي ..
شاهد "نديم" زوجته تقف أمام جناحه ممسكة بتلابيب الممرضة الشابة، شعرها الناعم مهوش وصوتها الضعيف يخرج مبحوحًا وهي تحاول ترويع الأخيرة:
-فكري تحطي إيدك عليا تاني. انتي ماتعرفنيش
أنا مجنونة.. أقلبك من فوق هنـا!!!
وأشارت نحو سور الدرج ..
لتصطدم عيناها عرضيًا بعينيّ "نديم" ..
في نفس اللحظة يظهرا كلًا من "مهران" و"ليث" ...
-ليلى حبيبتي! .. هتف "مهران" بقلبٍ متلهف لها
حاول الاقتراب، إلا ان "نديم" أوقفه دون أن يحيد بعينيه عنها، ثم قال مخاطبًا الممرضة بصلابةٍ:
-اتفضلي على تحت انتي يا Nurse. لو احتاجتك هاطلبك.
أطاعته الأخيرة مارّة بجوار "ليلى" وهي ترمقها بنظرة شفقة ..
لم يستطع "مهران" منع عاطفته تجاهها وهو يقول بخوفٍ بالغٍ عليها:
-انتي إيه إللي قوّمك من السرير يا ليلى؟ الدكتور قال إنك لازم ترتاحي لمدة أسبوع على الأقل!
مررت "ليلى" عيناها الغائرتان عليهم.. ثم قالت بصوتٍ هشّ:
-سرير مين؟
عجز "مهران" لوهلةٍ عن الرد، بينما جاوبها "نديم" بثباتٍ واثق:
-سريري يا ليلى.. سرير جوزك.
هزت رأسها للجانبين وقالت:
-لأ.. انت مش جوزي ..
ونظرت نحو أبيها المزعوم مكملة:
-ولا انت أبويا.. ولا انت أخويا يا ليث
انا مش بنتكوا.. انا بنت حرام زي ما قالت الست دي.
-ميـن هـي؟ مين إللي عمل فيكي كده؟.. سألها "نديم" متخذًا نحوها خطوتين
توقف عندما تراجعت مثلهما وهي تستطرد:
-قالت لي إني زي أمي. أمي حملت فيا من حرام. وأنا كنت حامل من حرام بردو
انت ليه ربّيت واحدة زيي على إنها بنتك؟
تطلّعت إلى "مهران" الذي تقلّصت ملامحه بألمٍ واضح، وأضافت بشيءٍ من الانفعال:
-ليه تشيل غلطة غيرك؟ وليه ماقولتليش حقيقتي؟
وانت ليـه عملـت فيـا كـده؟؟؟
السؤال موّجه لـ"نديم" ..
انقبضت عضلات فكيه وهو ينظر لها صامتًا، فأردفت بينما صدرها يعلو ويهبط من عصبيتها المكتومة:
-انت كنت عارف.. كنت عارف كل حاجة وانت بتعمل معايا كل ده صح؟
لا زال لا يرد عليها، مكتفيًا بإقراره الصامت ...
-حياتي انتهت في البيت ده. أنا ماليش أيّ صلة بيكوا.. أنا راجعة لرياض نصر الدين.. راجعة لجدي!
خلال ثوانٍ ..
ملأ صراخها الفظيع أركان المنزل بل وتخطّاها، حتى جاءت "لُقى" مهرولة على إثره، بينما يحملها "نديم" من خصرها بذراعه القوية على مرآى ومسمع من العائلة.. من عمّه بالأخص ..
لم يحرّك أحد ساكنًا، حتى أقفل عليهما باب جناحه، أنزلها أخيرًا ..
كانت لا تزال شاحبة، آثار الوجع مرسومة على ملامحها، وعيناها نصف مغرورقتين بالدموع، لكن صوتها خرج لاهثًا مشوبًا بالغضب:
-بتحبسني يا نديم؟ ماشي. بكرة جدي يجي هنا ومعاه البوليس. وانا بلساني هاقولهم إني مش بنت مهران. وإني محبوسة هنا وطالبة حريتي!!
-حريتك؟ بعد إيه؟ 
بعد ما قتلوا ابني إللي في بطنك؟ انتي خلاص خسرتي حريتك من بعد ما خدوا روحه. عمرك ما هاتكوني حرّة بعد كده ..
رمقها بنظرة تنزّ شرًا، ومد يده ليكمش ذراعها حين حاولت التراجع ..
خرج صوته غليظًا، مزلزلًا:
-مش هاسيبك يا ليلى. فاهمة؟ بمزاجك او غصبٍ عنك. انتي ليا غصبٍ عن الكل!!!
صاحت محاولة دفعه بضعف:
-بعد إللي سمعته منك. ده أنا أبقى رخيصة فعلًا. وماعندي كرامة لو سيبتك تنفذ إللي قولته ده. على جثتي يا نديم!
أمسك بوجهها بقبضته، يجبرها أن تنظر لعينيه، بينما يهدر من بين أنفاسه الساخنة:
-ماتفتحيش بؤك عن الكرامة.. لأنك لو كنتي فعلاً حاسة بيها. ماكنتيش هتفكري تسيبي جوزك وتروحي لناس شكّوا فـ نسبك وكانوا عايزين يقتلوكي زمان وقتلوا ابنك دلوقتي. رجوعك ليهم هو ده الرخص بعينه يا ليلى!!
همّت أن تصفعه، فقبض على يدها في الهواء كأنها ريشة، دافعها للحائط دون أن يؤذيها، واستطرد بخشونةٍ:
-القلم ده مش أنا اللي استاهله. لكن لو هايريّحك اتفضلي أنا قدامك اهو. بس تطلعِـي من هنا مش هيحصل. مش هسيبك يا ليلى.. هاتفضلي مراتي.. بالرضا.. بالعافية.. بالعند.. بالدم… محدش هايخدك مني!!!
لم تكن تدخر الطاقة الكافية لمجابهته أكثر ..
غامت عيناها خلف سحابة التعب، وكادت تسقط ولولا ذراعاه، أسندها إليه ضامًا إيّاها إلى صدره ..
أخذ يتنفس بعنفٍ وقلبه يخفق بغضبٍ، حملها إلى السرير ودثرها جيدًا، بينما تراقبه من خلال نظراتها الواهنة ..
تشعر بلمساته على وجهها وعنقها دون أن تقدر على ردّه، وتسمعه يقول وهو يجلس أمامها على طرف السرير:
-أنا هاحاسب كل إللي كان له يد في إللي حصل لك.. عارف ان قلبك محروق على ابننا
بس أنا بوعدك... هاخليهم يندموا على اليوم إللي فكروا يقربوا منك.
في داخلها تقرّ بصحة كلامه.. وأن قلبها ينفطر كل لحظة على خسارة جنينها ..
إلا إنه مُخطئ في أمرٌ واحد ..
فهي لا ترد وعده، لا تريده أن يأتي بحقها، لأنها هي من ستقتص ..
كما أنه قد غدى أول أعدائها.. منذ هذه اللحظة!............................................................................................................................................................ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ...

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا