رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثاني والثلاثون 32 هى رواية من كتابة سعاد محمد سلامة رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثاني والثلاثون 32 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثاني والثلاثون 32 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثاني والثلاثون 32
رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثاني والثلاثون 32
بعد مرور أسبوعين
صباحً
بمصنع خاص بالمنسوجات…
رغم غياب وليد الفترة الماضية لكن هنالك هاجس خفي فى قلبها تخاف أن تصادفه بأي وقت دون توقع ، إحياس بعدم الطمأنينة…
تخشى أن تصادفه فجأة،
حتي ذلك الطريق المُختصر لم تعُد تذهب من عليه… معظم الوقت اصبح ذلك الهاجس يُسيطر على عقلها… يجعلها تفقد التركيز أحيانًا وهذا ما حدث الآن،
لولا ملاحظة المُشرف لكانت تسببت فى عُطل تلك الماكينة التى تجلس خلفها.. سريعًا أوقف سير الماكينة… إنتبهت على ذلك شعرت بالأرتباك،بينما تحدث المُشرف لها:
فى إيه مالك يا زينة إنت قاعدة قدام الماكنه سرحانه،المكنة كانت هتبوظ القماش.
توترت قائلة بتبرير:
آسفة والله ده سهو و…
نظر لها المُشرف بحدة، لكن سرعان ما هدأ نبرته حين رأى ملامحها المتوترة وشفق عليها قائلًا:
زينة، أنا عارف إنك شاطرة وملتزمة، بس تركيزك قل اليومين دول، وده مش من عادتك. لو فيه حاجة مضايقاكي قوليلي، يمكن أقدر أساعد.
نظرت له لوهله فكرت بالبوح عن مخاوفها له لكن بأي منطق تقول له عن مشكلتها الشخصية… هزت رأسها نافية، تحاول التماسك:
مفيش حاجة ، بس يمكن تعبانة شوية… مش أكتر.
رمقها بنظرة متفحصة، قائلًا بلهجة جادة:
تمام خدي راحة خمس دقايق، إشربي حاجة وارجعي، وركزي كويس، لأن أي غلطة ممكن تبوظ شغل كتير.
أومأت بهدوء، ونهضت وهي تخفي رعشة يدها، وما إن خرجت من القاعة إلا ووقفت تستند على الجدار، تتنفس ببطء… تشعر وكأن قلبها صار رهينة اسم “وليد”، حتى بغيابه يُلاحقها كظل مُخيف.
همست لنفسها:
لحد إمتى هفضل خايفة هو مش هنا… ومش لازم يفضل هنا جوايا… أنا لازم أتحرر من الخوف ده الخوف ده هيموتني، لازم أقوي قلبي، هو بيستغل خوفي ده، أنا…
توقفت عن تشجيع نفسها وعادت للخوف قائلة:
أنا هستقوى بمين، أبويا
ضحكة استهزاء مريرة خرجت من شفتيها…
عادت تُخبر نفسها لوهله تذكر عقلها موقف حدث قبل أشهر…
تفوهت باستقواء:
زيارة الدكتورة درة، إزاي نسيت، أنا بعد كده لو إتعرض ليا هروح أقولها وهي هتقول لـ طوفان بيه مفيش حد يقدر على وليد غيرهم… لاء انا مش هنتظر لحد ما يرجع ويتعرض لى تاني مش كل مرة الحظ هيبقي معايا، اقرب وقت هروح للدكتورة.
إبتسمت تشعر بهدوء نفسي، بنفس الوقت اقترب منها المُشرف قائلًا:
بقيتي أحسن.
أومأت له قائلة بشُكر:
الحمد لله شكرًا لحضرتك وتأكد الغلط ده مش هيتكرر تاني.
ابتسم لها بتفهم قائلًا:
تمام إنتبهي بعد كده، أنا لو مش عارف إنك من أكفء وأنشط اللى بيشتغلوا فى المشغل كان بقي ليا رد فعل تاني.
اومأت بشكر ونظرة إمتنان… غادرت لتعود لعملها، بينما إقتربت صاحبة المصنع من ذلك الواقف عيناه ترافق زينة، شعر بحرج ابتسمت وهي تقف أمامه، ثم تفوهت بثقة:
“نصر” ملاحظة كده إن عندك إهتمام زايد بـ زينة دون عن البنات اللى فى المشغل، انا لو مش واثقة فى أخلاقك كنت فهمتك غلط… وقولت إن في حاجة مش مظبوطة
ارتبك نصر للحظة، ثم تدارك نفسه قائلًا بابتسامة خفيفة، يخفي بها ارتباكه:
كل اللي في المشغل أخواتي، وزينة بالذات أختي الصغيرة… يمكن بس باهتم إنها تطلع أحسن ما عندها، شايفة فيها موهبة تستاهل الدعم.
نظرت له صاحبة المصنع نظرة فاحصة، ثم قالت بنبرة هادئة لكن حاسمة:
كويس… بس خليك دايمًا فاكر إن أي تصرف منك ممكن يتفهم غلط، وزينة بنت شقيانة على نفسها، ومش عايزة حد يعطلها، بالعكس… عايزاها تكبر وتثبت نفسها، مش تتلخبط.
أومأ نصر برأسه باحترام:
“معاكي حق… وهفضل دايمًا في ضهرها بالشكل الصح.”
ابتسمت السيدة قائلة:
لو عندك مشاعر ناحية زينة أنا ممكن أدخل وأبقي وسيط انا أعرف والدتها هي ست على قد حالها كل هدفها تستر بناتها.
فرصة شعر نصر بالسعادة قائلًا:
إنتِ عارفة حالتي كويس صحيح مستورة الحمد لله وعندي شقة فى بيت أهلى بجهز فيها يعني قدامي عالاقل سنة قبل ما اخلص تشطيبات الشقة وكمان مصاريف الجواز.
تفوهت السيدة ببسمه: هي كمان صغيرة وفيها إيه ممكن تتخطبوا سنة لحد ما تنتهي من تشطيبات الشقه وكمان مصاريف الجواز، الغلابة بتبقي أخلامهم بسيطه”الستر”
الستر وبس، قولي غرضك بالظبط لو شاري أنا هكلم والدتها، وإن حصل قبول ناخد خطوة.
أومأ لها براسه موافقًا ببسمة إمتنان
ارتسمت على وجهه
إبتسمت له بقبول قائلة:
تمام أنا هكلم والدة زينة وإن شاء الله خير، وكمان مصاريف الخطوبة هتبقي عليا ان شاء الله، إنت زي أخويا وزينة زي بنتِ.
❈-❈-❈
بالمشفي
نظرات متبادلة بين زيدان وكوثر التي بظرف أيام كأنها هرمت الى أكبر من عمرها، كانها كانت تُخفي حقيقة عمرها خلف ذلك التجبُر الذي كان مُسيطرًا عليها…رأف قلب زيدان عليها،بعدما علم الحقيقة الكارثية التي أصمت عقله هو وبناته صدموا بحقيقة أخري لوالدتهن،حقيقة كانت تُخفيها خلف الغطرسة والتي كانت تتعمدها…
تفوه زيدان:
أنا دفعت كفارة يمين الطلاق ورجعتك تاني لذمتي الدكتور خلاص قال حالتك بقت كويسة وتكملي بقية علاجك فى البيت، كفاية كده، البنات إتشحططوا بين المستشفي ودراستهم.
نظرت كوثر نحوه بإمتنان قائلة:
عارفة إنك كنت كرهتني يا زيدان ومعاك حق، عارفة إن اللى خلاك تتحملني السنين دي كلها كان بناتنا و…
قاطعها زيدان بعطف:
مهما كان يا كوثر كان لازم تعرفيني أنا عالاقل بحقيقة حالتك.
إبتلعت ريقها قائلة:
كنت خايفة يا زيدان… أمي فى أيامها خالها نفس المرض بس كان بحالة أشد، شوفت أبويا كان بيضايق منها، يمكن كمان كان بيستخسر فيها العلاج اللي مكنش علاج كان مُسكنات تخفف عنها الألم.
جلس زيدان على طرف الفراش وضع يده فوق يدها ينظر لها بشفقة قائلًا:
ولو يا كوثر أنا صحيح مش فى نفس ثراء والدك بس مش زيه أنا راجل مؤمن بالله وربنا قال خدوا بالأسباب،إنتِ إستسلمتي لغرور شيطانك،كنتِ بتتعمدي تكرهيني فيك،حتى بناتك المفروض كنت تبقي أول سند وحافز لهم،كنتِ…
قاطعته تشعر بألم:
والله أنا بحبهم بس خوفت عليهم من الفُراق،مرضي مفيش منه علاج، علاجه مُسكنات مع الوقت بيقل تأثيرها، قولت لما أبقي قاسية عليهم لما افارقهم يبقي الحزن فى قلبهم خفيف، والله انا فرحانه لـ سجى إنها هتبقي دكتورة، والله سامية مرات أخويا جت تتباهي بعيالها أنهم صبيان أنا قولت لها بناتي أحسن من الصبيان الاولى هتبقي دكتورة وإسمها يشرف والأتنين التانين هيبقوا هما كمان زيها، بناتي يشرفوا عيلة بحالها… كنت قاسيه قدامهم بس، فاكر لما قولتلك إني عرضت على وجدان تجوز سجى لـ طوفان والله ما كان غرضي سطوة وغنا طوفان كنت عاوزه أحس انها مع راجل أستأمنه عليها إنه مش هيضرها… لما شوفتها مع اخو درة فى العربية خوفت عليها تتعلق بحاجة تشغلها عن دراستها.
تنهد زيدان يشعر بأسي علي حال كوثر قائلًا بمواجهه:
كل ده مكنش مبرر للقسوة يا كوثر، يمكن هما كانوا محتاجين منك بس كلمة تشجعهم،حضن يطمنهم حتى لو زي ما بتقولى خوفتي عليهم من الفُراق،كانوا هيفتكروا حنيتك عليهم تبقي دعم لهم وقت الشدة…إنتِ نفسك ضعيفة… الأم هي اللى بتقوي ولادها عالأيام، يمكن كلمة منك كانت تفضل ذكري قويه تقويها.
ببكاء مرير تفوهت كوثر:
أنا مش قوية يا زيدان،زمان أبويا هو اللى كان بيتحكم فى حياتنا كلنا،كنت بكره تحكُماته بس مقدرش أعترض لا أنا ولا حد من أخواتي،شوفت صورة أمي الخاضعة دايمًا كرهت الشخصية دي وحلفت لنفسي مش هكون زيها حتى مع ولادي،بس للآسف إستسلمت لسطوة عقلي، تفتكر بناتي ممكن يبقوا زيي ويكرهوني بسبب قسوتي عليهم.
غصبً تبسم زيدان قائلًا:
يكرهوكي… يمكن مشوفتيش حالهم وإنتِ فى الغيبوبة، ولا وهما بيقسموا الوقت بينهم عشان يجوا هنا المستشفى،بالغصب كانوا بيروحوا،ولما يجوا يقعدوا جانبك كل أمانيهم إنك تفتحي عينك وتبصي لهم حتي لو هتقسي عليهم…
إنتِ فى عز قسوتك عليهم كانت قلوبهم بيتزرع فيها حنان.
نهض زيدان واقفً يقول:
كفاية كده عشان صحتك يا كوثر، بناتك بينتظروكِ فى الدار، بلاش نقلقهم أكتر، أنا بقول ننسي الماضي وقسوته قدامك فرصة مع بناتك.
-وإنت
قالتها كوثر بلوعة.
تسائل ويدان بعدم فهم:
وأنا أيه.
أجابته:
ماليش فرصه معاك، عارفة إنى كنت جاحدة وبطرانه بس..
قاطعها بلطف وعطف:
خلاص يا كوثر الماضي إنتهي.
صمتت كوثر للحظات، عيناها تتجول على ملامحه، كأنها تبحث عن بقايا أمل تنازلت عن غرورها سائلة:
يعني…
يعني ممكن أسند عليك لو ضعفت
ممكن ألاقيك لو وقعت
نظر لها زيدان طويلًا، قبل أن يزفر بتنهيدة ثقيلة، كأنها حمل سنوات:
أنا عمري ما كنت بعيد…وعمري ما هسيبك توقعي يا كوثر.
بسمة شقت شفتيها لكن بالحقيقة كانت مؤلمة لقلبها… وندم ينهش قلبها مرارته أقوي من مذاق المرض.
بعد قليل بالمنزل
تبسمت حين دخلت الى المنزل تستند على زيدان عندما رأت لهفة بناتها عليها وهن يتسابقن كي يدعمنها، تدمعت عين وجدان لذلك ما كانت تتمني ان تعلم حقيقة قسوة كوثر، الحقيقة كانت دائمًا واضحة لكن أحيانًا تغشي العيون
❈-❈-❈
بمنزل جلال
بغرفة خلود كانت تستشيط غضبً بعدما إستغل جلال الموقف وطلب إتمام بقية مراسم زواجهما،
زواجهما الذي تفاجئت به كأنها ليست صاحبة شأن بذلك
بذلك الوقت دلفت زوجة عمها تقوم بالتهليل ودندنة بعض الأغاني الشعبية ثم أتبعتها بفرحة قائلة:
طلبتها من ربنا ونولتها تكوني مرات جلال إبني، رغم أنه خبي عليا واتفاجئت بس كانت أحلى مفاجأة.
إستهجنت خلود بذلك لكن صمتت للحظات إبتسمت زوجة عمها ظنًا أن صمت خلود حياء..
بينما صمتها تحاول تقبُل بعدما
تفاجئت بطريقة عقد قرانها مع جلال
بالعودة لذلك اليوم
نظر لعينيها بعدما كانت تقاومه وتصفعه على تلك القُبلة جحظت عينيها شعرت ببرودة تكسوا جسدها من قوله
“مراتي شرعًا وقانونًا”
كيف هذا
ضحك على منظرها بعد أن كان يُقيدها بيديه ترك لجسدها الحرية وابتعد عنها جلس بكل برود على إحد المقاعد بالغرفة عيناه تنظر لـ خلود الذي بالكاد تفوهت ببعض الكلمات القليلة وبطريقة مُتعلثمة:
إزاي…شرعًا…قانون!!
-هقولك إزاي..
قالها جلال ببرود شعرت بدوران رأسها تلقائيًا نظرت نحوه…
فتحدث ببرود موضحًا وهو يتذكر قبل سنوات
حين جائته تلك البعثة لأخد رسالة الدكتوراه من إحد الدول الأجنبية…فرصة كان وقتها يُريدها للهروب من ضغط والديه عليه بالزواج من “خلود”إبنة عمه الصغيرة آنذاك بالكاد أكملت الثامنة عشر، وهو بالخامسة والعشرون
ظن أن تلك فرصة للهرب،لكن إعترض والده على تلك البعثة،كيف له أن يترك هنا وهو الوريث الأول،لسُلطة تلك العائلة وموروث العمودية… كأن والده قرأ أفكاره هو يريد الهرب من كل ذلك، وأولًا الهرب من قيد
” الفتاة لابن العم”
ظن أن لا مشاعر له نحوها…
دخل على والده بالغرفة تفاجئ بوجود عمه تنهد قائلًا:
طلبت تتحدت معاي يا أبوي.
حدثه والده بصرامة:
إجعد.
بالفعل جلس ليس خوفً بل إحترامً
إستطرد والده الحديث بأمر:
إنت جولت إن البعثة اللى جاتلك دي مهمة لمستجبلك، وأنا موافق… بس بشرط.
فى البداية تفتحت ملامحه، لكن عقد حاجبية بعدما علم أن هنالك شرط للقبول… فتنحنح سائلًا بإستفسار:
وإيه هو الشرط ده يا أبوي.
-تعجد (تعقد) كتابك على “خلود” بت عمك.
-ماذا!…
تبدلت نظرته الى ذهول،فهو يريد الهرب من ذلك القيد كما يعتقد…
حاول الإعتراض بحجة:
خلود لساها صغيرة ويادوب خلصت الثانوية وجدامها الوجت و…
قاطعه والده بأمر:
ده شرط قبولى غير إكده مش موافج وعارف إن سهل تكسر كلمتي بس وجتها تنسي إنك ولدي.
لا يفرق معه لا سطوة والده المالية أو السُلطة،لكن يفرق معه غضب قلبه عليه غص قلبه من ذلك التحكُم الجبار لوالده…إستسلم لقرار والده بعدما حاول الإعتراض كانت الاسباب برأس والده غير كفاية،تنحنح قائلًا:
طب ورأي خلود.
أجابه عمه الذي أخيرًا تحدث:
خلود بِتي وأنا الوحيد اللى ليا كلمة عليها ومستحيل تخرج باره طوعي،وأنا موافق على حديت أخوي.
-طب مش هتاخد رأيها.
تحدث عمه:
جولت لك كلمتي أنا الأهم.
يبدوا ان الإثنان تحكم جبروتهما ومتوافقان على قرار واحد، لكن تحدث والده:
الحديت اللى تحدتنا فيه دلوق هيفضل بيناتنا لحد ما ترجع من البعثة وجتها لو لساك معترض، أو خلود هي اللى رفضك هنحلك من كتب الكتاب وتطلجها وكل منكم يشوف حياته.
ذهول أصاب عقل جلال وتسائل:
مش فاهم، يعني إيه.
أجابه عمه:
يعني لما ترجع من البعثة هتكون خلود خلصت الجامعة،لو إنت او هي بجي عندكم رغبة إن مش هتقدروا تتقبلوا تكملوا ويا بعض،يبقي نفُض كتب الكتاب…وكل واحد فيكم يختار حياته كيف ما يشاء.
تبرجل عقل جلال سائلًا:
مش فاهم،طب ليه من أساسه نكتب الكتاب.
أجابه والده بصرامة:
ده شورتي وأنا اللى قررت ومالكش تسأل أو تعترض…دي مسؤولية، ومفيش حاجة هتتربط بيناتكم غير الورق، لا معيشة ولا حقوق زوج، لحد ما ترجع ونتأكد إنكم الاتنين عايزين تكملوا.
رغم عدم إقتناعه لكن وافق، فلا يعلم ماذا يُخفي المستقبل…
وقد كان عُقد قرانه على خلود وكان أبيه وليها الشرعي، وهي لو قال لها عمها إمضي على قرار موتك ما كانت ستعترض وهذا ما حدث، وأصبح هنالك عقدًا شرعيًا قانونيًا.
عاد ينظر لها وهي تتعلثم بالقول ولم يُخبرها بحقها فى الإعتراض أو الرفض،ربما أنانية منه لكن انانية عاشق غاب خمس أعوام حددت حقيقة مشاعره،هي ليست تلك الصغيرة ابنة عمه التي كان يشاكسها … بل رأي نساء كثيرات لم تلفتن إنتباهه، علم لما أصر والده على ذاك الأمر بجبروت وصرامه، أراد أن يربطه بمكانه وكذالك بفتاة على عاتقه…
كان دائمًا ما يُذكره بها
هو علم أن خلود هي الوطن له الذي غصبً سيعود من أجله…
كذالك خلود رغم إختلاطها بمجتمع الجامعة لكن كأن ترسخ بعقلها وقلبها صورة خاصة لشريك حياتها لم تلتفت لأي شاب ، رغم هواجس قلبها وعقلها أنه قد يكون مشغول بأخري، ضمرت ذلك الحب بقلبها لكن الآن لن تكون سهلة المراس ولابد أن تعترض ليس فقط سوا للإعتراض.
نظرت نحو جلال قائلة:
بس ده يعتبر عقد باطل أنا مكنتش أعرف، ومحدش خد رأيي، كمان انا…
نهض جلال يبتسم بتسلية قائلًا:
سبق وقولتلك لا انا ولا إنت لينا حق الإعتراض ده أمر نافذ، وخلاص هكلم عمي نحدد ميعاد للجواز يا….
توقف ينظر لها بتسلية لحظات ثم استطرد حديثه:
يا مرتي.
نظرت له بغيظ تتلفت حولها ربما تجد ما تقذفه به، لكن منعها دخول زوجة عمها التى نظرت لهما لم تُفسر ملامحهما، فتحدثت بتلقائية:
أم العريس…
لم تُكمل حديثها حين إقترب منها جلال وقبل رأسها قائلًا:
الموضوع ده إنتهي خلاص يا أماي، أنا وخلود إتفاقنا هتحدت ويا عمي نحدد ميعاد جوازنا فى أقرب وقت… مش دي كانت أمنيتك.
ذُهلت والدته لاحظات ثم أطلقت زغودة لا تعلم كيف فعلتها، تقول بسعادة:
ده اليوم اللى كنت بتمناه من يوم ما إتولدت خلود على يدي، كنت بصلي وادعي ربنا يحقق أملي.
ابتسم جلال لفرحة والدته التي تفوهت بسعادة:
أنا هتحدت ويا ابوك وسلفي وأجول لهم يحددوا كل شئ بأسرع وجت…
خير البر عاجله،دلوق هتحدت وياهم.
بالفعل غادرت والدته وظل هو مع خلود المذهولة من غباء جلال الذي لم يفهم مشاعرها وفهمها عمها ووالدها،مشاعرها كانت مكشوفه لهما رغم أنها كانت مازالت ببداية صباها…لكن لن تكون سهلة المراس،وهذه هي البداية.
عادت تنظر الى تلك الاغراض التي تركتها زوجة عمها وما كانت سوا بعض المفروشات عليها الانتقاء منها.
❈-❈-❈
بعد مرور عِدة أيام
حملت دُرة طفلها الذي يبكي بعدما اعطت له بعض الأدويه، بذلك الوقت خرج طوفان من الحمان، إقترب من مكان وقوفها وضع يده على جبين نوح تحسس حرارته متحدثً بقلق:
نوح لسه سخن.
أومأت درة برأسها، دون حديث، شعر طوفان بالضيق لكن تحمل صمتها قائلًا:
طب ما تروحي للدكتور مره تانيه تشوفي سبب السخنية.
نظرت له درة بعصبية قائلة:
يعني إيه…شايف أنا قصرت في حاجة
كل يوم عند دكتور، وكل شوية دوا جديد
مش شايف أنا عاملة إزاي..
ما بنامش،
وإنت جاي دلوقتي تقوللي روحي للدكتور تاني كأني قاعدة مستنية أنه يتعب أكتر…
صمت طوفان للحظة، حاول يمسك أعصابه، ثم قال بهدوء:
محدش قال إنك مقصّرة…
أنا بس خايف عليه،
حرارته مش بتنزل وترجع.
لمعت عيناها بالدموع، لكنها أدارت وجهها بعيدًا، وهمست:
لاء إطمن الدكتور قال ده شئ طبيعي، السخونيه تنزل وترجع تاني… وأنا اديته العلاج ودلوقتي السخونية هتنزل .
اقترب منها طوفان أكثر، مدّ يده بلطف ولمس كتفها… لكن هي شعرت بضيق من لمسته وإبتعدت عنه، تقبل طوفان ذلك رغم غصة قلبهقائلاً بنبرة أكثر لينًا:
تمام يا درة، بلاش تعصبي نفسك…
نظرت له بغضب قائلة بعصبيه:
إنت ليه شايفني متعصبة.
تنهد طوفان مستوعبً قائلًا:
خلاص أنا آسف.
تنرفزت درة قائلة بغضب وإيحاء:
بتعتذر على إيه ولا إيه، عالعموم كده كده أنا إتصلت على ماما وهنروح نعيد كشف المسا.
تفهم طوفان حديث درة ولم يضغط عليها فيبدوا أنها لن تتحمل أي كلمة منه بسهولة.
❈-❈-❈
بعد مرور يومين
أصبح هدفه هو مرافبة منزل جود يتمني فرصة أن يقترب منها، بعدما أخفق فى الإتصال عليها بعدم ردها عليه، لكن لا مانع من المجازفة…
وكأن اليوم هو يوم الحظ، رأي سيارة تخرج من المنزل وتبسم حين رأي جود هي من تقودها… تعقبها حتى توقفت أمام ذلك المحل الخاص ببيع اغراض الرسم… راها تترجل من السيارة ثم دلفت الى المحل، انتظر دقائق ثم اتخذ قراره ودخل خلفها..
قبل أن تخرج من المحل تفاجئت بذلك الصوت الذي يقوم بالقاء السلام من خلفها.. رغم مرور عِدة شهور على لقائهم الأخير،كذالك قرارها عدم الرد على إتصالته الهاتفية كذالك عدم الرد على رسائلهُ بل ومحوها دون قرأتها، مازالت أذنيها تُميز طنين صوته، لوهلة أغمضت عيناها يخفق قلبها…
تسمرت في مكانها، وكأن الزمن عاد بها خطوات إلى الوراء، إلى لحظة كانت تظن أنها دفنتها مع آخر دمعة سالت بصمت….
سمعت صوت خطواته يقترب، كعادته بخطوات منتظمة واثقة، تمامًا كما اعتادت أن تسمعها حين كانت تنتظره ليلًا… وقتها كانت ضعيفه،تتحكم بها مشاعر قلبها…مشاعرها الذي أهانها كثيرًا… لكن الآن هي أصبحت مختلفه… تعلمت بل وأجادت درس القسوة … أصبحت تُسيطر على قلبها لا يحمل لهفتها، بل يطمس بداخله كل إحساس قد يُضعفها… إبتلعت ريقها ثم تحدثت بثبات كأنها لم تسمعه وهي تنظر الى ذلك الصندوق الورقي:
مُتشكرة جدًا إنك جبت الأدوات والألوان اللى طلبتها منك، إتفضل الحساب.
أخذ البائع منها المال مُبتسمً يمدح في جودة تلك الأدوات كذالك أنها بالتأكيد فنانة موهوبة قائلًا:
بقالك فترة كبيرة بتاخدي مني ادوات الرسم بصراحة نفسي أشوف لوحة من لوحاتك.
إبتسمت له قائلة بثقة:
قريب جدًا هعمل معرض فني بلوحاتي وهتكون أول المدعوين…
أنهت حديثها وكادت تحمل ذلك الصندوق، لكن صاحب المحل تحدث بذوق:
إستني هخلي العامل اللى فى المحل يشيل الكارتونة يوصلها لحد العربية.
كادت تعترض أنها خفيفة فلا داعي لكن سبقها العامل وحمل الصندوق خرج أمامها وهي خلفه دون النظر نحو حاتم الذي شعر بالغِيرة من حديثها مع البائع… والغضب بسبب تجاهلها حتي للرد على السلام… راقبها بعينيه وهي
تفتح باب السيارة الخلفي لذلك العامل وضع الصندوق، وبذوق منها كالعادة أعطته مبلغًا من المال وشكرته، كادت تتوجه للناحية الأخري كي تقود السيارة لكن هو أسرع بالخروج من المحل وقبل أن تضع يدها فوق مقبض باب السيارة وضع حاتم يده فوقه، ينظر لها مُبتسمً قائلًا:
إزيك يا جود.
كلمتين فقط، خرجت من بين شفتيه، بصوته الذي لم يفقد نبرته الرخيمة ، رغم ذلك
لم تلتفت، بل زفرت بصمت ورفعت يدها كي تزيل يده عن السيارة، تحمل صمتها قائلا بتحريض على الرد:
مش هتردّي… حتى بـ السلام.
صوته هذه المرة كان مختلف، مزيج من الرِقة والرجاء، كأن الكلمات تخرج من بين أضلعه لا من فمه، تحمل معها الحنين، واعتذارٍ ينطق به:
أنا آسف، جود أرجوكِ ممكن نتكلم….
ترددت، قلبها يشتعل .. وجروح لم تُشفَ بعد…
استدارت أخيرًا، ببطء يشبه التحدي، وعينيها تلمعان ببريق لم يتضح إن كان غضبًا أم حنينًا
وخرج صوتها بثبات :
متآسفة، إنت تبقالي إيه عشان أوافق أتكلم معاك من فضلك شيل إيدك من عالعربية، أنا مقولتش لـ ماما إني هتأخر، واللى فى نفس ظروفي كل شئ عليها محسوب… وقفتك كده ممكن لو حد شافك يفكر تفكير غلط.
لم تكتفي بالحديث، بل بالفعل أزاحت يده عن مقبض السيارة وكادت تضع يدها لكن أمسكها حاتم من معصمها، سُرعان ما شعرت بإحتراق ونفضت يده بغضب قائلة بعصبية وكبرياء وتفاخُر:
مش مسموح لك تلمس إيدي وكفاية أنت كنت السبب إني أعرف قيمة نفسي
أنا
جود نوح مهران
أخت طوفان مهران… أكتر شخص إنت بتكرهه، لأنه كان السبب في كشف ضعف شخصيتك… من فضلك كفاية وإبعد عن طريقي، أنا خلاص نسيت كل مشاعري نحوك إنت دمرتها ومستحيل… مستحيل أسامحك يا حاتم لأن اللى إتكسر مش بس قلبي، إنت كمان إتكسرت قدامي بقيت بلا قيمة… عيب يا حضرة الظابط توقف كده قدامي… آسفه نسيت إنك موقوف عن العمل.. فأكيد نسيت نفسك.
كلماتها سامة تخترق فؤاده مباشرةً، غير مُصدق أن من أمامه هي تلك الرقيقة الذي أضاعها لأضغان هو أول من دفع ثمنها
❈-❈-❈
بالمشفى التي تعمل به درة
إنتهت اجازة الوضع الخاصة بها عادت تزاول عملها بالمشفي
دخلت إحد الحالات الى الغرفة.. نظرت لها درة قائلة:
إتفضلي إرفعي النقاب عن وشك.
بالفعل رفعت النقاب عن وجهها.. نظرت لها درة سائلة:
بتشتكي من إيه فى عيونك.
نظرت الأخرى لها بتقييم ثم تفوهت بحِدة:
أنا نظري ممتاز.
تسألت درة:
ولما نظرك ممتاز جاية هنا ليه.
أجابتها بغلظة:
جاية عشان أشوفك وأتكلم معاكِ فى موضوع خاص.
إستغربت درة سائله:
موضوع إيه ده؟.
اجابتها:
أعرفك بنفسي الاول
أنا روزان… مرات جوزك.
نظرت درة لها بصدمة وذهول.