رواية بنات الحارة الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم نسرين بلعجيلي
رواية بنات الحارة الفصل الثالث والثلاثون 33 هى رواية من كتابة نسرين بلعجيلي رواية بنات الحارة الفصل الثالث والثلاثون 33 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بنات الحارة الفصل الثالث والثلاثون 33 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بنات الحارة الفصل الثالث والثلاثون 33
رواية بنات الحارة الفصل الثالث والثلاثون 33
✨ المقدمة:
في وقت ممكن تِقولي إن الظلمة خلصت، تلاقي نفسِك وسط عاصفة جديدة. مش دايمًا لما ننجو من الموت بنكون بخير، ساعات الحياة نفسها بتتحول لساحة حرب أصعب من أي موت.
وفي الفصل ده، أسماء بتواجه الحقيقة كلها لوحدها، بس يمكن "الوحدة" مش دايمًا معناها إنها فعلاً لوحدها.
💬 كلام من نسرين:
كل بنت اتكسرت، جُوّاها بنت تانية بتتمنّى تقوم، كل جرح ليه صدى، وكل وجع محتاج اللي يسمعه قبل ما يحكم عليه.
أنا باكتب علشان أقول لكل واحدة:
إنتِ مش لوحدك، فيه حد شايف، سامع، وحاسس وبيكتب علشان يوصّل صوتك اللي بيتكتم.
الممرضة (من جوه) : إلحق يا دكتور النبض اختفى، البنت بتموت.
أسامة جري جوه في نفس اللحظة، والدكتور كان جنبه.
الدكتور (بانفعال): إسحبوا الستارة، جهزوا الجهاز بسرعة يا جماعة.
دخلوا بأجهزة الإنعاش، وأسامة واقف في الركن، قلبه بيضرب زي الطبول.
الممرضة الجديدة : الجهاز جاهز يا دكتور.
الدكتور : صدمة أولى1… 2… 3.
(صوت الجهاز) نبض = صفر.
الدكتور : صدمة تانية.
(صوت كهربا تانية ثم خيط ضعيف يظهر)
الدكتور : فيه نبض خفيف نكمل أكسجين. الحمد لله.
بعد دقايق طويلة مرت كأنها سنين أسماء رجعت تتنفس، ضعيفة جدًا، لكن عايشة.
الدكتور أخذ نفس عميق، وبصّ لأسامة.
الدكتور (بقلق) : كنت قايل أديها الحقنة وأنا معاك، إنت شفت مين دخل قبلنا؟
أسامة (متوثر) : ممرضة، بس شكلها مش من الطاقم اللي معانا طول اليوم، سألتها، قالتلي إنها من عندكم.
الدكتور بص في الأرض لاقى حقنه مرميه جنب السرير
الدكتور بصّ للممرضة التانية وسألها.
الدكتور : إنتِ إديتِ الحقنة دي للمريضة دي؟
الممرضة : لأ يا دكتور، أنا كنت معاك في المكتب ما دخلتش هنا خالص.
الدكتور (بصوت منخفض واتصدم) : دي مش الحقنة اللي كنت هكتبها، ده نوع تاني.
(سكت لحظة وهو بيبص في عين أسامة) حد دخل مخصوص وإدّى للمريضة حقنة تقتلها.
أسامة (بهمس، ووشه بيتحول) : يعني محاولة قتل؟
الدكتور : بكل أسف، آه. لازم تبلغ الشرطة حالًا. وراجعوا الكاميرات، الممرضة اللي دخلت دي مش من عندنا.
أسامة خرج من الأوضة، ووشه فيه نار ودموع. كان واضح إن الحرب لسه ما بدأتش، وإن اللي بيحاولوا يخلصوا على أسماء مش هيرحموها بسهولة.
بعد ما قرر أسامة ينام في نفس الغرفة مع أسماء، كانت الغرفة هادية، وصوت التنفس الهادئ من أجهزة التنفس الإصطناعي في المكان. لكن أسامة ما قدرش ينام، عينيه كانت مفتوحة على آخرها، بيحاول يهدّي نفسه عشان يقدر يقف جنب أسماء في اللحظة دي. عينه على باب الغرفة، منتظر أي حركة من المريضة اللي قلبه عليها.
فجأة، سمع صوت خفيف، أسماء بدأت تفوق.
أسماء (بصوت واهن): أسامة.
أسامة إتنفض من مكانه، جري على جنب السرير، ودموعه كانت بتكتم صوت قلبه.
أسامة (بحنان) : الحمد لله على السلامة، أنتِ كويسة؟
أسماء (بعيون محمرة من كثرة البكاء) : كنت هموت.
أسامة فزع وقال بصوت مكتوم من الألم.
أسامة : عايزك تبطلي الكلام ده، مش هتفضلي كده.
أسماء (بدموعها المتواصلة) : الممرضة إدّتني حقنة وقالت لي فتنة بتسلم عليكِ وقالت لي "مافيش وقت، أختك هتموت وحقها ضاع، وأبوك هيتسجن لو فضلت ساكتة". حسيت إن حياتي انتهت في اللحظة دي، وأنا مش قادرة أفهم ليه ده حصل لي.
أسامة كان واقف مش قادر يصدق اللي بيسمعه، وشه إتغير تمامًا من الصدمة والقلق.
أسامة (بيحاول يهدّيها) : مش عايزك تتأثري باللي حصل، مش هتسمحي لهم إنهم يكسروا فيكِ أكتر من كده، ولازم تاخذي حقك، ده أهم حاجة دلوقتي. إحنا مش هنسكت، مش هتضيعي حقك.
أسماء كانت متكئة على السرير، ودموعها مليانة عينيها، لكنها حاولت تهدي نفسها.
أما في البلد...
الكلام كان مالي البلد، والوشوش ما بتبطل همس، وكل واحد بيزود من عنده.
فتنة ما ضيعتش وقت، جرت على واحدة من جاراتها وابتدت تنفث سمها كالعادة.
فتنة بصوت عالي قدام الناس : آه يا ناس، أنا سمعته من واحدة قريبتي، البت أسماء كانت ماشية مع واحد، اتفقوا يتقابلوا، لما أخذ منها اللي هو عايزه، ضربها ورماها في الشارع كإنها ولا حاجة.
ست من البلد قالت : يا ساتر، يعني البنت كانت عاملة مصيبة؟
فتنة (وهي متمسكة بدور البريئة) : ما نعرفش الحقيقة فين، بس أهلها سايبينها تسرح وتروح وتيجي، أهو اللي يخاف على بنته يحافظ عليها.
ست تانية قالت : والله الزمن بقى غريب، وكل يوم نسمع بلاوي.
فتنة (بخبث) : بس خلاص، إحنا مش هنتكلم كثير، الله يكون في عون أهلها، بس اللي حصل مش قليل، واللي يتقال عنها دلوقتي هيعيش معاها العمر كله.
الستات كانوا حوالين فتنة بيسمعوا ويهزّوا راسهم، لكن الشر كان واضح في نبرة صوتها، مش همّها البنت ولا أهلها، كل اللي يهمها تفضل هي فوق الكل، وتوقع الناس في بعض.
المصيبة مش بس إن الناس بتصدّق، المصيبة إن بعضهم مبسوطين إن في حد وقع، علشان يهدّوا عن نفسهم قهرهم.
وفي المستشفى…
أسامة كان قاعد جنب أسماء، مسك إيدها ووشه فيه غضب مكتوم وحنان في نفس الوقت.
أسامة (بهدوء) : محدش هيأذيكِ تاني، وأنا مش حاسيب اللي حصل ده يعدّي كده.
أسماء (بنبرة مكسورة): أنا كوابيسي كلها رجعت، الناس مش هتصدقني، هيقولوا زي ما قالوا على نوارة، وزي ما قالوا على حنان، وأنا مش قادرة أتحمل.
أسامة : بصّيلي، مش مهم الناس دلوقتي. المهم إنتِ وجسمك يرتاح، ونفسك تهدى، وبعدين نكمّل مشوارنا. إنتِ ضحية.
أسماء : البلد عندنا وحشة، ومش بعيد أهلي يطلعوني من الجامعة.
أسامة : ما تخافيش، أنا معاكِ، بس إسمعيني، لازم تقولي كل حاجة.
أسماء : إوعدني إنك توقف جنبي.
أسامة : أوعدك، ورحمة أبويا اللي راح غدر، ما حسيبك.
(في نفس اللحظة، وصل أهل أسماء المستشفى، وأول ما دخلت أمها وشافت أسامة ماسك إيدين بنتها، اتجننت)
أم حنان (بعصبية) : إنت؟ إنت يا جدع بتعمل إيه عندها؟
أسامة (بهدوء) : صباح الخير.
أم حنان : لا صباح الخير ولا مساء الخير، إحنا مش ناقصين كلام على البنت اللي بقت سمعتها في الأرض.
كفاية اللي بيتقال. تليفون أبوكِ ما بطّلش يرن، والكل بيقول إنك كنتِ ماشية في الحرام مع واحد، ولما أخذ اللي عايزه، ضربك ورماكِ.
أسماء (بصوت مكسور) : كفاية يا ما، كفاية ظلم.
أم حنان (بانفعال) : ظلم؟ هو أنا اللي كنت في الشارع ولا إنتِ؟ خليتي الناس تاكل وشّنا، بقينا حديث القهاوي والمجالس. أنا مش قادرة أرفع عيني في الناس.
أسامة (بحزم) : حضرتك لو سمحتِ بنتك ضحية مش مجرمة. إتعرضت لأذى كبير، وبدل ما تحضنيها وتواسيها، بتكمّلي عليها؟
نسرين بلعجيلي
أم حنان : ضحية إيه؟ ده كلامها هو اللي جاب البلا علينا.
أسماء (بدموع) : أنا، أنا بس كنت عايزة ألحق أختي، ما كنتش أتخيل إن حياتي هتنقلب جحيم علشان كنت باعمل الصح.
(في اللحظة دي دخل أبو حنان بعد ما سمع الصريخ)
أبو حنان (بصوت هادي لكنه حاسم) : كفاية يا أم حنان البنت في إيديها الجرح، وفي قلبها المصيبة.
عيب نقف ضدها بدل ما نكون سند ليها.
(أم حنان سكتت للحظة، بس كانت باين على وشّها القسوة والتردد)
أسامة (بصوت واطي) : أنا هاخذ حقي وحقها. اللي عمل فيها كده مش هيفلت، سواء كانت فتنة ولا اللي معاها.
(أسماء بصّت له بعيون مليانة وجع وخوف، لكن فيه لمعة صغيرة من الأمان بدأت ترجع)
أسماء (بهمس) : شكراً إنك مصدقني.
أسامة : أنا أكتر واحد عارف وجعك، ومش هسيبك لوحدك.
بعد ساعتين.....
الغرفة هادية، أسماء نايمة على السرير ووشها باين عليه الإرهاق، وأسامة قاعد جنبها، شايل هم الدنيا في عنيه. الباب بيخبط خبطتين، ويدخل الدكتور ومعاه ظابط شرطة ومجند بيحمل دفتر محاضر.
الدكتور (بهدوء) : ماعلش يا أستاذ أسامة، الظابط محتاج يسمع من أسماء بنفسه، بس لو حاسس إنها تعبانة ممكن نأجل شوية.
أسامة (بثبات) : لا، هي قالتلي إنها جاهزة ومش هترتاح غير لما تقول اللي في قلبها.
(أسماء بتفتح عنيها بهدوء وبصوت ضعيف)
أسماء : أنا عايزة أتكلم.
(الظابط بيقرب منها، وهو ماسك القلم والدفتر.)
الظابط (بنبرة احترام) : أنا المقدم طارق عبد الجواد، من مباحث القسم، إحنا معانا تقرير المستشفى، والبلاغ الرسمي اللي عمله الأستاذ أسامة، بس محتاجين نسمع من حضرتك بنفسك. خذي وقتك، وكل كلمة هتقوليها مهمة.
أسماء بتحاول ترفع راسها وبتاخذ نفس طويل.
أسماء (بصوت باكي لكنه ثابت) : أنا إسمي أسماء حامد عثمان، كنت في البلد عند أختي حنان لما حاولت أخرجها من بيت جوزها، حماتها فتنة هددتني، و (بدموع) بعثتلي رجالة قالولي: "فتنة بتسلم عليكِ" ضربوني واغتصبوني وصوروني.
الظابط بيكتب بسرعة، لكن ملامحه بتتشد من الغضب المكبوت.
أسماء (تكمّل وهي بتنتفض) : بعدها لقيت نفسي هنا في المستشفى، كنت لسه بفوق، الممرضة دخلت، قالتلي نفس الجملة: "فتنة بتسلم عليكِ" وإدتني حقنة، كنت حاموت بس ربنا نجاني.
الظابط بيبص لأسامة والدكتور.
الظابط : أقوالها دي كفاية نبدأ بيها تحرّيات رسمية ونتحرك فورًا على فتنة والمشتبه فيهم. أنا هطلب إذن من النيابة فورًا للقبض عليها، بس محتاجين نحط حراسة على الغرفة لسلامتها.
الدكتور : أنا بالفعل طلبت أمن المستشفى يقف على الباب من امبارح.
أسامة (وهو ماسك إيد أسماء) :
أنا مش هسيبك، وعد شرف يا أسماء، حقك مش هيروح.
في بيت هاجر....
نامت من كتر التعب، وعلى آخر الليل كانت صفية بتخبط على الباب بعنف.
أم محمد سمعت الخبط وطلت ليها من شباكها اللي تحت.
أم محمد : خير يا أختي، بتخبّطي كده ليه؟
صفية : جايه أطّمن على بنتي.
أم محمد : بنتك أكيد نايمة بعد كل اللي حصل، إستهدي بالله وارجعي شقتك. ألا صحيح، البت أسماء، حصل لها إيه؟
صفية : أسكتي يا أختي، البت إغتصبوها. يا حبة عيني، أمها جات من البلد والدمعة ما نشفتش من على خدها.
أم محمد ضربت على صدرها من الصدمة.
أم محمد : يا مصيبتي! من إمتى بيحصل الكلام ده في حارتنا؟
صفية : مش عارفة، بس شكل العيال مش من هنا وبيقولوا إن حماة أختها هي اللي وزّت عليهم.
أم محمد : من يوم ما ماتت نوارة والحارة اتشقلب حالها.
وهنا فتحت هاجر الباب، وكانت واقفة جنب محمد، والاتنين كانوا مصدومين إنهم شايفين صفية وأم محمد منسجمين كده، ودي أول مرة تحصل.
دخلت صفية وأم محمد.
هاجر كانت لابسة بيچامة ستان، بنطلون وقميص لونه أبيض. صفية اتخضّت أول ما شافتها كده ومسكتها بعنف من إيديها.
صفية (بعصبية) : إيه اللي إنتِ لابساه ده؟
أم محمد (بهدوء) : خُذي بنتك جوّه واتكلموا براحتكم.
صفية مسكت هاجر وسحبتها لجوه الأوضة. في الوقت ده، أم محمد قعدت مع محمد في الصالة.
أم محمد : طمني يا بني، كله تمام؟
محمد : الحمد لله، بس أنا ما قرّبتش منها بعد اللي حصل، هي ما كانتش كويسة خالص.
أم محمد : وماله يا بني، أصبر عليها. اللي حصل لها مش سهل. اللي زيها محتاج طولة بال وراحة.
فضلت توصّيه بكلام حنين.
أما جوه في الأوضة...
صفية (بحدة) : فيه عروسة بذمتك تلبس كده؟
هاجر : أومال كنتِ عايزاني ألبس إيه؟
صفية : قميص النوم اللي سبتّه ليكِ فوق السرير.
هاجر (بتوتر) : مش وقته دلوقتي.
صفية : إيه اللي مش وقته؟ هو إنتِ مانعة جوزك يقرب منك ولا إيه؟
هاجر (محاولة تمالك نفسها) : يامّا أنا كنت تعبانة ونفسيتي تحت الصفر.
صفية (بتضرب على رجليها بعصبية) : يا مصيبتي ويا فضيحتي. هيقولوا علينا إيه؟ إنك عاملة عملة ومخبياها.
هاجر (بغضب مكبوت) : أنا بقولك كنت تعبانة، خلاص كفاية بقى.
صفية : باقولك إيه؟ الليلة دي عايزة أطّمن عليكِ، فاهمة ولا لأ؟
هاجر : دي حاجة خاصة بيني وبين جوزي ماحدش ليه دعوة.
صفية (رافعه صوتها) : نعم يا أختي؟ بينك وبين جوزك؟ من إمتى بقى؟ أقول للناس إيه؟ ولا لأبوك اللي مستني البشارة؟ ولا لأخوك اللي عامل فيها رجولة؟.
في اللحظة دي دخلت أم محمد ومحمد بعد ما سمعوا الصوت العالي.
دخلت أم محمد ومحمد بسرعة، بعد ما الصوت علي في الأوضة.
أم محمد (بحزم) : إيه اللي بيحصل هنا؟ هو ده وقت خناقات؟ بنتك تعبانة ولسه طالعة من أزمة، تيجي تقطمي فيها بدل ما تطمني عليها؟!
محمد (واقف جنب مراته) : ماما عندها حق، إحنا لسه في أول جوازة، ومش ناقصين توتر. هاجر قالت إنها تعبانة، وأنا احترمت ده، وإن شاء الله لما تبقى أحسن كل حاجة هتتظبط.
صفية (بصوت عالي ومتهور) : آه يا زمن، البنت تتجوز وتقعد في بيت وتمنع نفسها عن جوزها وتقولك تعبانة، هي دي التربية؟!
أم محمد (قاطعها بحدة) : كفاية بقى، إحترمي نفسك، دي مش بنتك لوحدك، دي بقت مرات إبني، ومن دلوقتي ليها إحترامها في البيت ده. وإن كان على الكلام، فاحنا ما نرضاش حد ييجي يربي بناتنا في بيوتنا.
صفية (بتتراجع وهي متفاجئة) : أنا بس كنت عايزة أطمن على شرف بنتي.
هاجر (بدموع في عينيها) : أنا مش ناقصة ضغط يا ماما، أنا لسه خارجة من خناقة مع الزمن، نفسيتي كانت تحت الصفر. كل اللي محتاجاه حب وهدوء، مش شك ولا ضغط ولا إهانات.
محمد (بهدوء) : وهو ده اللي هتلاقيه عندي يا هاجر، وأي حد هيضغط عليكِ تاني أنا اللي هقفله.
صفية (بصوت واطي) : طب خلاص، أنا هروّح دلوقتي.
أم محمد (وهي بتفتح الباب) : روحي، وربنا يهدي النفوس.
صفية خرجت من البيت، ماشية بخطى سريعة، وقلبها بين نار الغيرة ونار الندم، كانت فاكرة إنها بتسيطر، لكن النهارده خسرت أول جولة في بيت بنتها.
أما جوه، محمد مسك إيد هاجر وقالها : كل حاجة هتبقى كويسة، وأنا جنبك.
هاجر (بهمس) : أول مرة أحس بالأمان من ساعة ما اتجوزتك.
البنات راحوا لأسماء في المستشفى، وشافوا أم حنان ماسكاها من شعرها.
أم حنان (بعصبية) : عملتِ اللي في دماغك وبلغتي عن الست فتنة؟ جبتي الأنانية دي منين؟ إن كان أختك ضحّت علشانّا، تقومي إنتِ تعملي كده؟ بقولك إيه، تتنازلي عن المحضر، و كمان الحاج اليزيدي جايبلك عريس تتجوزيه وتقفلي على الموضوع ده أهو يستر عارك وفضيحتك.
الشباب كانوا واقفين وسمعوا.
رحاب طلعت جري على أم حنان.
رحاب (بغضب) : إنتِ يا وليّة مش عيب عليكِ؟! شايفة بنتك مذبوحة، بدل ما تكوني جنبها، جاية عليها؟ إنتِ السبب في اللي هي فيه، لو كنتِ أم كويسة، ما كنتيش بعتِ بنتك حنان، وجاية تكمّلي على البنت دي كمان؟ (رحاب تصرخ) إطلعي برّه! حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ يا شيخة!
رحاب كانت زي الثور الهائج، مسكت أم حنان وطلّعتها من الأوضة. أبو حنان كان قاعد على الكرسي، ما بيتحرّكش، ساكت.
بعد ما الكل راح، دخل أسامة عند أسماء علشان يبقى معاها في الأوضة، مش قادر يمشي ويسيبها لوحدها.
فجأة، أسماء مسكت إيد أسامة.
أسماء (بصوت ضعيف) : موافق؟
أسامة فضِل يبصّ لها شوية وبعدين قال بهدوء.
أسامة : موافق.
"الناس هتنسى إنك ضحية، بس مش هتنسى يوم سكتّي عن حقك."
الإغتصاب جريمة مش بس ضد الجسد، لكنها جريمة ضد الإنسانية والكرامة.
يا رب.. خفّف عنّا الأحمال اللي ما قدرناش نحكيها، وداوي الجراح اللي ما قدرناش نقول مكانها. واكتب لكل مكسورة فرَج، ولكل صامتة صوت، ولكل مظلومة نصر من عندك."
يتبع
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا