رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم مريم محمد
رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع والثلاثون 34 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع والثلاثون 34 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع والثلاثون 34 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع والثلاثون 34
رواية هيبة نديم وليلي الفصل الرابع والثلاثون 34
_ جرحٌ بارد _ :
طبقّت حالة من الصمت والسكون التام.. طوال الاسبوع المنصرم منذ عودتها إلى البيت الذي ترعرعت به ونشأت وعاشت ..
إنها في الحقيقة عادت بفضله، هو الذي لم يهدأ له بال أو قلب إلا حين جاء من أجلها وأعادها إليه، إلى منزله، وها هي الآن بجناحه، جالسةً فوق سريره ..
تنام كل ليلة بجواره، يطعمها بيده قسرًا عنها، لكن ما من كلمة واحدة يتبادلاها ..
كانت تلوذ بالصمت ولم يشأ أن يثقل عليها، تركها حتى تهدأ، حتى تزول الصدمات عنها واحدة تلو الأخرى ..
فالأمر لم يكن سهلًا على الإطلاق، أن تكتشف بين ليلة وضحاها إنتمائها لعائلة غير عائلتها التي تبنّتها، وأنها أيضًا ابنة غير شرعية، والطامّة الكبرى.. كانت خيبة أملها بالرجل الوحيد الذ أحبّته وعشقه قلبها!
"نديم" ..
إنه لم يكن فقط رجلٌ أحبّته وتعلّقت به، لقد كان درعها الحامي طوال سنوات عمرها، كان يمثل لها كل أدوار الرجال بحياتها ..
أحيانًا أبٌ، أخٌ، صديق، حتى أفضت بها مشاعرها تجاهه نهائيًا إلى حقيقة لا يمكن أن تنكرها ما حيت.. حقيقة أنها أحبّته ..
أحبّته، وتحبه، وستظل تحبه رغم كل شيء ..
كيف يمكنها ألا تفعل؟
حتى وهي تحاول أن تكرهه، تطرق عقلها وقلبها كل لحظة قضتها في كنفه، محاطة بالحماية والحب والأمان ..
إلا إنها لا تنفك حينها أن تتساءل وهي تكاد تفقد عقلها ..
لماذا؟
لماذا زج بها إلى تلك الحفرة؟ لماذا طعنها بخنجر الغدر؟ لماذا أحطّ من قدرها وقال عنها هذا الكلام؟
كلماته التي لم ولن تنساها:"حفيدتك لا مراتي ولا بنت عمي. إيه إللي يخليني أتنازل وأتجوزها رسمي؟ إيه الجديد إللي هاكسبه بعد ما سلّمتني نفسها منغير جواز ولا أيّ مجهود؟" ..
تصك أذنيها بكفّيها في محاولة يائسة لإسكات الصوت الذي يصدح بعقلها باستمرارٍ ..
وتنتبه الآن عندما انفتح باب الجناح ..
أنزلت يديها ونظرت، لتجده يلج بهيّبته المعهودة، كلاهما تغيّرا خلال هذا الأسبوع، وخاصةً هو ..
صار أشدّ قساوةً، أكثر ضخامة، ربما لأنه لا يجد متنفسًا يفرغ فيه شحنات غضبه إلا ارتياد صالة ألعابه الرياضية التي أقامها هنا بمنزله وخصصها لنفسه ..
اليوم كان يرتدي أكثر الألوان الملائمة إلى تفاصيله قاطبةً، قميصًا أبيض من الكتّان محلول الأزرار العلوية، مبرزًا عضلات صدره السمراء القوية، وبنطالًا من القماش الخفيف بلون العاج الباهت ..
شعره البنّي استطالت خصيلاته قليلًا، لكنه مرتبًا ممشطًا بعنايةٍ، لحيته ازدادت كثافةً وقد برز شاربه بشكلٍ ملحوظ، والآن اشتبكت عيناهما معًا وكان قد دلف وأغلق الباب خلفه ..
أخذ يقترب منها بتوأدة، شدّ كرسي في يده بطريقه إليها، ثم جلس أمامها مادًا جسده صوبها، لم تعيره اهتمامًا على الإطلاق، حتى سمعته يقول بصوته الهادئ الأجش:
-أخيرًا.. إنهاردة خلصت اجراءات الطلاق بيني وبين راندا
أول وعد وعدته لك. نفذته.
تظاهرت بعدم سماعه واستمرت تنظر أمامها في اللا شيء.. ليكمل متنهدًا:
-كنت مرتب إننا نعمل حفلة عائلية بكرة ونكتب كتابنا.. بس اضطريت آجلها.. بسبب جدك!
الآن أدارت رأسها نحوه، نظرت مباشرةً إلى عينيه الخضراوين الأشبه بعينيّ نمرٍ سيبيري متأهب، ثم فتحت فاها وقالت بحدة شديدة:
-أنا مش هاتجوزك.. تحت أيّ ظرف.. مش هاتجوزك!!
نظر لها بتمعنٍ للحظاتٍ، ثم قال بنفس الهدوء:
-انتي أصلًا مراتي يا ليلى. ومعايا إللي يثبت ده قانونًا
كل إللي هاعمله إني هاعلن جوازنا بشكل شرعي .. وتابع ملوّحًا بمظروفٍ ورقي:
-بس رياض نصر الدين مصمم يتحدّاني ويقف قصادي. تخيّلي.. رافع قضية إثبات نسب
مفكر إنه حتى لو أثبت نسبك لعيلته ممكن يقنعك تروحي له.
هزت رأسها قائلة بتحدٍ:
-ما أنا هاروحله فعلًا. وقصة جوازنا دي. أنساها
أنا عمري ما هكون مراتك لا في السر ولا في العلن.. ليلى الضعيفة خلاص ماتت. إللي قدامك دي واحدة تانية. واحدة عمرك ما هاتقدر تمتلكها تاني.
كم كانت كلماتها استفزازية، كم بدت متمردة أكثر من أيّ وقت مضى، أكثر من أيّ مرة حاولت تحدّيه وعصيانه ..
لكنه لم يسمح لإنفعالات مشاعره بالإفلات منه الآن، ابتسم لها ببطءٍ وقال بفتورٍ:
-الواضح إن ليلى إللي قدامي دي نسيت نفسها. ونسيت أنا مين
لو نسيتي يا ليلى أنا مستعد أفكرك. أفكرك مين هو نديم. نديم إللي ربّاكي.. إللي فتّحتي عينك وانتي ماسكة فيه ومش شايفة حد في العالم غيره.
وقام من مكانه فجأة مائلًا صوبها حتى صار وجهه قبالة وجهها تمامًا ..
لم يرتد لها طرف وبقيت تحملق في عينيه بقوةٍ، بينما يستطرد بلهجةٍ خافتة تختلج بمشاعره العنيفة:
-أنا نديم يا ليلى.. أنا حبيبك.. أنا إللي علّمتك معنى الحياة في كل مرحلة من مراحل عمرك
أنا واقف قدامك أهو وبقولك. لو عندك ذرة شك في حبّي ليكي قولي دلوقتي.. قولي إن دي كلها عمايل راجل مابيحبش مراته. قولي إني حاولت أسيبك أو أتخلّى عنك.. قـولــي يـا ليلــــى!!!
ضغطه عليها بهذا الشكل واستثارة عاطفتها لم يجلبا إليه إلا ثورتها التي إندلعت فجأةً وهي تلكمه في صدره صارخة باهتياجٍ:
-لأااااااا. لأ ماحبتنيش.. أنا سمعتك بوداني.. سمعتنك قلت عني إيــه
مش أنا سلمتك نفسي منغير مجهود؟ مش أنا رخيصة أوي كده؟ سيبني في حالي. سيبني أمشي من هنا
أنا بكرهـك يا نديـم.. أنا بـكــــرهــــــك!!!!
استمرت محاولاتها المستميتة لردّه عنها، لكنه بدا كالصخر لا يتحرّك، ثم أعتقل معصميها في قبضته بقوة وانتظر بصبرٍ حتى استهلكت قواها ولم تعد قادرة على مصارعته ...
-أنا قلت كده لرياض بس! .. قالها من بين أسنانه بينما يضمها تقريبًا إلى صدره دون أن يقطع إتصالهما البصري:
-قلت له كده.. عشان يسيبك
زي ما ساب أمك زمان.. لكن أنا عمري ما شوفتك رخيصة. إزاي وانتي أغلى حاجة بملكها؟ أكتر إنسانة بحبها!
تجمعت الدموع بعينيها في هذه اللحظة، ليعترف ويقرّ نادمًا:
-أنا عارف إني اتصرفت غلط. وإن كان في مليون طريقة عشان تكوني معايا غير إللي حصل
لكن أنا كنت أناني. وما زلت.. أنا لما عملت كده كنت عايز أشوّه صورتك في عيون أهلك الحقيقيين.. مش لأيّ سبب غير إنهم يسيبوكي وينسوا إنك موجودة تمامًا.. أنا عايزك ليا لوحدي يا ليلى. أنا بحبك لدرجة اني عايز أروح أهدّ بيت رياض نصر الدين على دماغه هو عيلته كلها. وإللي آذاكي منهم. عمري ما هسامحهم. وعدتك إني هاخد لك حقك.
-انت إللي آذتني! .. همست بصعوبة تحت وطأة التعب
عبس بشدة، بينما تكمل من بين أنفاسها:
-محدش غيرك آذاني.. وأنا إللي كنت فكراك بتحبّني.. أخرتها حصل إيه؟
خدوا إبني مني... قتلوه قبل حتى ما اشوفه.. عرفت انت وجعتني وكنت سبب في إيه؟
انت السبب في موت ابني يا نديم... انت السبب!!
أحسّ بغصّة بقلبه لأول مرة بحياته عندما نطقت ذلك، إن هذا لم يكن فقط شيئًا يخصّها، لقد كان قطعةً منه، طفله ..
كان ليصير أبًا بدوره.. ما أدراها بأنه لا يتألم لفقدانه؟
رغم ذلك، وعدها مداعبًا خدّها بإبهامه:
-هادّيكي غيره.. وغيره.. أوعدك. هايكون عندنا ولاد كتير
جيش صغير نسخ منّي ومنك!
هزت رأسها بالكاد وهي تقول بصوتٍ هامس:
-مستحيل... عمري ما هاسمح لك تلمسني تاني.. حتى لو فيها موتي!
_______________________________________________________
في فيلا السفير ..
يستدعي "عاصم البدري" حارسه الشخصي بمجرد خروج ابنه "عمر" من المنزل، كان يجالس ابنته في غرفة المعيشة، يشاركها شغفها بمشاهدة الرسوم المتحرّكة ..
عندما أتى "زين نصر الدين".. ابتسم ما إن رآها وقد كانت أول شيء لاحظته عيناه ...
-مساء الخير!
انتبهت "ريهام" لصوته الذي تحفظه عن ظهر قلب ..
وفورًا قفزت من مكانها صائحة وهي تلتفت نحوه:
-زيــــن!!!
ابتسم لها "زين" متأملًا هيئتها الطفولية المتمثّلة برداء منزلي زهري اللون بنقوش على شكل دببة، بالإضافة لجمالها الفريد الذي لا تخطئه الأبصار أبدًا، ليس لديه أدنى شك بجاذبيتها وبراءتها، لكن من قال أن هناك وجود للمثالية؟
لديها كل شيء.. لكنها تفتقر إلى الحظ.. إلى النضج ...
-أهلًا يا زين تعالى.
يلبي "زين" أمر السفير ويقترب أكثر دون أن يزيح ناظيه عنها، لاحظ اختفاء ابتسامتها ومرحها كله، بل إن عبوس شديد افترش محيّاها الجميل وقد قلبت شفتها السفلى دلالة على انزعاجها ...
-إزيك يا ريري؟ .. قالها "زين" بأريحية وهو يقف على بُعد خطوتين منها
ريهام بحدة طفولية:
-ريري مش بتكلّمك يا زين.. ريري مخمصاك!
لم يستطع "زين" إلا أن يضحك على خطأها اللغوي بينما يزداد اعجابه ببراءتها أكثر فأكثر، ثم سألها باهتمامٍ دون أن يتخلّى عن ابتسامته:
-يا خبر أبيض. معقول ريري مخمصاني؟
ده أنا مقدرش أزعلك أبدًا يا حبيبتي.. قوليلي أنا عملت إيه غلط؟
-بقالك يومين كتير مش جيت ولا سألت عليا.
-صح. فعلًا أنا كنت غايب عنك شوية.. بس صدقيني يا حبيبتي غصب عني
كان عندي مشكلة بحلّها وأول ما لاقيت نفسي ماعنديش سبب قوي يمنعني عنك جيت فورًا.
رفعت حاجبها متسائلة:
-يعني انت خلاص حلّيت المشكلة؟ طيب المس أدت لك كام من عشرة؟
ضحك بقوة للمرة الثانية وجاوبها بلطفٍ:
-لأ يا حبيبتي ده مش امتحان. أنا قصدي ان أهلي كانوا محتاجين لي اليومين إللي فاتوا. عشان كده فضلت معاهم لحد ما بقوا كويسين.
همهمت بإدراكٍ: اممممم.. ماشي.. طيب انت مش هاتفسحني بقى؟
حانت منه نظرة نحو والدها الذي وقف يراقب ما يجري بصبرٍ وآناة ..
ابتسم لها "زين" من جديد وقال بهدوء:
-أنا طبعًا جاي عشانك مخصوص. وهافسحك وهاعملك كل إللي نفسك فيه يا حبيبتي
بس الأول نستأذن بابا!
عقدت حاجبيها ملتفتة نحو أبيها، ثم قالت ناقلة عينيها بينهما:
-بابي موافق. مش بيقول حاجة لما بتفسحني.. صح يا بابي مش انت موافق؟
رمقها "عاصم" بنظرة ملؤها التعاطف والتأثر، بينما يقترب "زين" خطوة أخرى قائلًا:
-باباكي كان بيوافق لما بفسحك شوية وأرجعك.. لكن أنا عاوز أفسحك شوية كتير.. عاوز أخدك ونسافر
مش انتي نفسك تشوفي ديزني لاند؟ والأكواريوم؟ وكاندي سبيس سنتر؟
إلتمعت عيناها وصاحت من شدة الحماسة:
-أيـوووة. ديزني لاند فيها إلسا وربونزل. وأكواريوم فيها إيرييل. وكاندي سبيس سنتر فيها بااااظ.. أيوة عايزة أروح يا زين
خدني هناك بلييييزززززز خدني!!!
أومأ لها واعدًا:
-هاخدك.. هاوديكي كل الأماكن دي
بس لازم الأول ناخد أذن باباكي بالطريقة الصح.
تلاشى مرحها من جديد وهي تسأله بضيقٍ:
-إيه الطريقة دي يعني؟!!
أقترب "زين" الخطوة المتبقيّة مغلقًا المسافات بينهما، نظر بعينيها مباشرةً، بينما أضطرت لرفع عنقها عن آخره لتتمكن من رؤيته ...
-تتجوزيني يا ريري؟ .. سألها بصوتٍ رخيم هادئ
أجفلت غريزيًا وهي تشعر بشيء غريب يدغدغ معدتها، لكنها استوضحته ببراءة:
-يعني إيه تتجوزيني؟!
زين مبتسمًا بوداعةٍ:
-يعني تفضلي جنبي. وتعيشي معايا علطول.. موافقة؟
الحقيقة إنها لم تفكر مرتين ..
أومأت له قائلة على الفور:
-أيوة.. ريري موافقة!
اتسعت ابتسامته وهو يرد عليها بنفس الهدوء:
-يبقى هانتجوز إنهاردة.
أمالت رأسها وسألته بشيء من الاضطراب مجهول المصدر:
-وهاتيجي تعيش معايا هنا؟
-لأ يا حبيبتي. انتي إللي هاتيجي تعيشي معايا.
-فين؟
-في بيتي.. بمجرد من ما نكتب كتابنا.. هاتيجي معايا على هناك.
تراقصت الابتسامة فوق ثغرها الدقيق، وقالت بحماسة:
-ماشي!............................................................................................................................................................ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ...
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا