رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن والثلاثون 38 هى رواية من كتابة سعاد محمد سلامة رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن والثلاثون 38 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن والثلاثون 38 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن والثلاثون 38

رواية طوفان الدرة طوفان ودرة بقلم سعاد محمد سلامة

رواية طوفان الدرة طوفان ودرة الفصل الثامن والثلاثون 38

بالمشفى
تنهد طوفان بآسف وآسي على حال عزمي وزوجته، وهما يبدوان بوضوح محطمَين مما حدث مع ريان، ذلك الاكتشاف الصادم لم يكن سهلًا على أيٍّ منهما… الطبيب ثبت توقعه القاسي
ريان مُدمن، وبمرحلة مُتقدمة، رغم أن الفترة لم تكن طويلة منذ بدأ بتعاطى تلك العقاقير المُخدرة… لكن، للأسف، كانت الأنواع الذي تناولها من أخطر ما يكون، سريعة التوغل إلى الجسد والعقل، تفتك به في زمنٍ وجيز، تاركة آثارًا صعبة العلاج.
ارتعشت أنفاس سامية عقلها غير مستوعب لتلك الحقيقة الصادمة، رفعت يدها لتمسح دموعها التي سالت رغمًا عنها، بينما شهقت بصوت مخنوق كمن فقدت عقلها:
إزاي… إزاي ريان ابني يروح للإدمان والضياع.
جلس عزمي على أقرب مقعد مُنهك نفسيًا وكأن الأرض انهارت تحت قدميه، رفع كفيه المرتجفتين إلى وجهه يغطي ملامحه المصدومة، ربما يكون بغفلة ويفيق…لكنها الحقيقة تقبلها بصعوبة ينطق بصوت مبحوح:
معني كلام الدكتور إن ريان ممكن…
اقترب طوفان بخطوات مترددة، يضغط على كتفه محاولًا تهدئته:
خالي مش وقت إنهيار،ريان محتاج لك، في حاجات بتبقى أكبر مننا، وبتدخل حياتنا من غير ما تستأذن.. المهم دلوقتي الحل… الدكتور قال لسه في طريق نرجع بيه ريان ويخف من الادمان، طبعًا بعد ما يخف من الطعنات اللى جسمه.
صاحت سامية بانفعال، تكاد كلماتها تتقطع بين شهقاتها تشعر بحسرة ونبرة يأس :
حل… حل إيه يا طوفان ده بقي مدمن… يعني خلاص، وقع في جحيم… إزاي هنطلعه منه.
رفع عزمي رأسه أخيرًا، نظر لها عيناه متوهجتان باللون الدامي من الدموع والغضب، قائلًا بحزم مشوب بانكسار وللغرابة لم يُلقي اللوم عليها،فأين كان هو الآخر لكن تشبث ببوادر أمل وإصرار:
حتى لو الطريق صعب… حتى لو هيدفعني عمري كله… مش هسيب ريان يضيع، ده ابني حته من روحي.
سادت لحظات صمت ثقيله، لم يقطعها سوى صوت الأجهزة الطبية من الغرفة المجاورة، حيث يرقد ريان فاقدًا للوعي، ليس لسبب الأدوية المُخدرة،بل بسبب إنهاك جسده… يتنفس ببطء وكأنه يصارع عاصفة سوداء لا يراها أحد سواه.
***…..***
بعد قليل بغرفة الطبيب، وقف طوفان مع الطبيب يتحدث إليه بسؤال:
أكيد فى تسجيلات للكاميرات قدام المستشفي.
أجابه الطبيب:
أكيد، بس حتى التسجيلات دي ممكن متجبش
كل شيء بوضوح،لأنها بتبقي متثبته على زوايا معينة كمان،الفراش اللى شافهم بيرموا المريض قال ملحقش يدقق فى العربية إختفت فى ثواني. .. أنا لما قريت بطاقة الشخصية للمريض، وتشابُه الإسم مع إسمك، بسرعة اتصلت عليه، كان رقم موبايلك عندي، زي ما إنت عارف إني كنت الطبيب المسؤول عن حالتك الصحية وقت إتصابت بالرصاص من سنة وشوية.
زفر طوفان نفسه لوهلة تذكر تلك الحادثة ودُرة تضربه بالرصاص وضع يده مكان الرصاصات على صدره،ثواني،لكن نفض ذلك قائلًا بإستفسار:
تمام أنا طلبت من الأمن تسجيل الكاميرات يمكن نستدل على أي معلومة، المهم عندي دلوقتي حالة ريان.
للآسف الحاله مش مُستقرة، المريض فى غييوبة بسبب نزيف الدم مأثر على الأوكسجين للدماغ،لكن مع الوقت واجهزة الأوكسجين، ممكن الأوكسجين يعود لنسبة قريبة من الطبيعي وقتها هيفوق من الغيبوبة وده فى حد ذاته خطر، بسبب المخدرات اللى كان بيتعطاها، هتأثر على تحمل الألم عنده هيحس بآلام مزدوجة بسبب الطعنات اللى فى جسمه، كمان تأثير انسحاب المُخدر من جسمه، محتاج قوة وصلابة، وتحمُل، وللآسف واضح من بنية المريض الهزيلة… مستغرب إزاي اهله ملفتش نظرهم هزلان جسمه حتى منظر وشه وعنيه… للإسف الحالة محتاجه معجزة وصبر وكمان دعم جامد للمريض وهياخد وقت، والخوف نن الانتكاسات.
زفر طوفان نفسه يشعر بآسف كذالك الطبيب الذي تحدث بعملية:
للآسف الواضح إن المريض ده محتاج لمستشفي مُتخصص فى علاج الإدمان زائد إشراف طبي من جراح.
فهم طوفان حديث الطبيب فتسأل:
حضرتك أكيد تعرف مستشفيات أو مراكز متخصصه للعلاج من الإدمان، تقدر تتواصل مع مستشفي وتقدم لها تقرير بحالة ريان، وأنا جاهز لأي شيئ.
اومأ الطبيب قائلًا:
تمام، بس لازم تعرف الأماكن دي بيبقي لها ترتيبات خاصة كمان سرية وده لصحة المريض ومساعدته عالتعافي، والحالة اللى قدامي من أصعب الحالات، وشايف يعني والد المريض شخصيته مش هقول ضعيفة …لكن شخصيته واضح إنها مش قد قدرة تحمُل الصدمات القاسية، وده هيسبب ضغط نفسي للمريض، خصوصًا إن أي كلمة أو تعامل قاسي من الأهل ممكن يهد اللي بنبنيه العلاج… محتاجين هدوء وصبر واحتواء مش لوم ولا عتاب.
أخفض طوفان للحظة قبل أن يرفع بصره للطبيب قائلًا بحزم:
أنا هكون موجود، وهقف جنبه لحد ما يعدي المرحلة دي.
ابتسم الطبيب بخفة رغم جدية الموقف، ثم قال:
دعم زي ده مهم جدًا، وصدقني المريض بيحس بيه حتى وهو في غيبوبة… يمكن ده اللي يفرق معاه… هجهز التقرير وأتواصل مع المركز المناسب، بس لازم نكون مستعدين لأي طارئ.
أومأ طوفان بتصميم بينما في داخله غصة أسى، يردد في نفسه:
ريان محتاج معجزة… وأنا مش هفقد الأمل فى المعجزة دي… ومش هتخلي عن ريان .
❈-❈-❈
بمنزل طوفان
للحظات ذُهلت درة وهي تنظر الى تلك الإثنتين تقربت منها إحداهن
تمسك بيدها قائلة بنبرة توسل:
دكتورة درة… بنتِ فى مصيبة ومحدش يقدر يحلها غير طوفان بيه، وإنت عارفة إن صعب نقابله، أرجوك ساعدينا.
تصنمت درة للحظات… ظنت تلك السيدة أنها لا تعرفها فعرفت نفسها بآسف:
انا مرات مرعي بدران ودي، زينة بنتِ إنتِ مش فاكرنا، كنتِ…
قاطعتها درة بإستيعاب:
أنا عارفاكم مش ناسياكم، تعالي إقعدى وإهدي وقوليلي إيه الأمر.
جلست السيدة مرتبكة دموعها غثبً تنهمر بلا توقف، وزينة بجوارها تمسك بكفها كأنها تستمد منها الشجاعة…تحدثت بصوت متهدج:
يا دكتورة… إحنا لجأنا ليكي لأننا خلاص مبقناش عارفين نتصرف ازاي.
شعرت درة بشفقة واستغربت سائلة:
ممكن تبطلوا عياط وتقولولى ايه الحكاية وان شاء الله تتحل.
سردت لها زوجة مرعي عن رغبته فى تزويج زينة الى “.وليد مهران”
“وليد مهران”
مجرد ذكر اسمه أمامها يِشعرها بعواصف رعدية تخترق فؤادها لكن تمالكت غضبها قائلة:
بس ده اللى اعرفه انه فى الجيش، كمان عرفتي منين، وانتِ بتقولى انه اتفق مع مرعي وهو مقالش لكم.
أخفضت زينه وجهها مُفسرة:
أنا عرفت بالصدفة بعد ما ابوي رفض العريس اللي كان متقدم لى، هو متعود نودي له الوكل الغيط، وأنا خدت الوكل وكنت راحة له بس أنا بالصدفة إتسمعت على كلامه عالموبايل، كمان هو رفض عريس كان متقدم لى، أبوي طماع، وأنا خايفة يبيعني زي ما عمل قبل إكده وباع ضميره وشهد بالزور… وهو السبب فى إن وليد مياخدش عقاب يستحقه.
نظرت درة لها بتفاجؤ، كذالك سألتها بمفاجأة:
ليه مش عاوزه تمشي مع والدك وتوافقي على الجواز من وليد حتى لو فى السر زي ماسمعتي، وليد ماليًا ونسب أفضل من العريس التاني… كمان مطارداته ليكِ، يمكن بيحبكبجد.
كان جواب زينة مختصر:
عشان وليد قاتل… والقاتل مستحيل يكون عنده مشاعر حب.
نظرت لها درة بخباثه سائلة:
ليه متأكدة كده إنه قاتل مع إن المحكمة برأته.
أجابتها زينة بتوتر وريبة:
عشان أنا شوفته بيقتل، والسبب كان أنا.
❈-❈-❈
بمنزل جلال
بغرفته مع خلود
همست بصوت خافت:
وإنت فى الغُربة مفيش بنت لفتت نظرك، وقولت هي دي فتاة أحلامي
اقترب منها وضمها لصدره نظراته هادئة لكن صادقة:
لاء ومعرفش السبب بعد ماكنت بشوفك
البنت اللي كبرت قدامي وكنت بقول زي أختي…لقيتني بفكر فيكِ طول الوقت،لما أمي كانت تتعمد تبعت لى صورك،بأي حِجة كنت بحس بإشتياق ليكِ… إكتشفت ان عنيا مش بتشوف غيرك.
تبسمت بدلال قائلة:
عاوز تفهمني إن جمال بنات الفرنجة على رأي مرات عمي ملفتش نظرك تبقي…
قاطعها ضاحكً:
لاء كانت صورتك في خيالي أجمل منهم ومن كل الوشوش اللي كنت بقابلها، شيلت صورك في قلبي سنين الغربة.
لم تستطع الرد، فقط نظرت نحوه بعينين امتلأت بحٓيرة وفرح وخوف، خليط لا يفهمه إلا مَن خبأ الحب طويلًا.
بعد صمت فقط ونظرات عيون قطعته بسؤال:
طالما كنت بتحس كده… ليه اتأخرت فى إنك تطلبني للجواز حتى بعد ما رجعت من البعثة.
رفع رأسه قليلًا، ثم رفع عينيه نحوها قائلًا:
كنت خايف من مشاعرك إتجاهي، كنت فى حيرة، يكون قلبك إنشغل بغيري بس لما طوفان كلمني إتصدمت بالحقيقة، أنا عمري ما شوفتك “أخت، أو بنت عم”
قلبي كان رافض يكون ليكِ مكانة فيه غير حبيبة.
اعتراف أطرب قلبها الذي لم يخفق سوا له، لكن فجأة
شهقت شهقة صغيرة،حين أصبحت ممددة فوق الفراش وهو فوقها،نظرت الى عينيه ابتسمت بخجل وهي تُخفض عينيها،
اقترب أكثر، وبلُطف مد يده يتلمس وجنتيها ثم وضع إحد يديه فوق موضع قلبها هامسًا:
وإنتِ يا خلود قلبك ده…
قاطعته بتسرع:
أنا كمان قلبي كان دايمًا يتمرد عليا رغم حاولت، وكان جوايا صراع، وخوف إن قلبك يختار غيري، فاكرة لما كنا صغيرين كنت دايمًا تقول خلود بِت عمي أختي الصغيرة… كنت بتغاظ منك…وعاوزه أقولك، لاء انا مش أختك وأنا عاوزة مقام تاني فى قلبك…بس إنت كنت غِلس.
ضحك جلال قائلًا بخباثة:
وإيه المقام التاني ده.
رفعت يدها وضعتها على صدره قائلة:
أبقي ملكة ده يا واد العُمدة.
ضحك وهو يضع يده فوق يدها التى وضعتها على قلبه قائلًا بمرح:
طماعة يا بِت عمي.
تبدلت نظرة عينيها الى غيظ وقامت بصفعه على قلبه بخفه، ثم دفعته بيديها كي ينهض عنها وهي تدعي التذمُر قائلة:
“بِت عمي”
طالما كده قوم من فوقي.
ضحك وهو يمسك يديها قائلًا بمرح:
طول عمرك يدك تقيله.
قبل أن تعترض كان يُقبلها، تفاجئت بالقُبله لكن لم تعترض عليها ولا على لمساته اللطيفة المُنعشة لمشاعرها الانثوية التى كانت تطمسها،آن آوان ظهورها…
ترك شفاها للحظات نظر الى وجهها قائلًا:
خلينا نبدأ الحكاية… بس مش من أولها، من أول ما جلال اتأكد إن خلود بِت عمه هي العشق اللى إترسم فى قلبه .
رفعت يدها ببطء، وضعتهما فوق وجنتيه تلمسهما بنعومة … تنظر داخل عينيه
لأول مرة ، شعرت أنها في المكان الصحيح… بين عينيه.
صمت، أصبح بينهما لكن هنالك حديث آخر متناغم يهمس بأنفاسهما التى إختلطت بتوهج دفئ قبلات جلال لها، ومشاعره التى اصبحت علانية… وهما هائمان وسط نسمات مُنعشة برائحة العشق…
لكن لم يستمر ذلك وجاءت موجة حارة إقتحمت عالمهم الربيعي… حين صدح هاتف جلال… خرجا من تلك النسمات…، غصبً جذب الهاتف، نظر له ثم سرعان ما زفر نفسه قائلًا:
زي ما توقعت… طوفان هو اللى بيتصل غلاسة منه أكيد.
ضحكت خلود قائلة:
طب رد عليه.
كاد يغلق الهاتف قائلًا:
لاء، هو أكيد بيتصل غلاسة…
لكن قبل أن يغلق الهاتف وصل رسالة منه فتحها وقرأ محتواها بهمس:
أنا ومراتي وصلنا الدوار عشان نصبح على واد العُمدة ونشوفه رفع براسنا ولا معاشرته للأجانب فسدت حاله.
تنهد بضجر لاحظت خلود ذلك فضحكت.. نظر لضحكتها قائلًا:
طوفان ومعاه مراته تقرييًا وصلوا هنا دلوقتي.
ابتسمت قائلة:
طوفان شخص محترم جدًا.
نظر لها بسخط قائلًا:
محترم… وكمان جدًا، وهو فى شخص محترم يقطع على عرسان.
ضحكت قائلة:
بيفهم فى الذوق، وأكيد جاي هو مراته يصبحوا علينا، قوم من فوقي خلينا نجهز عشان نستقبلهم، متنساش كمان إنه مديري فى الشغل.
نظر لها بسخط قائلًا:
مديرك… انسي دي كانت فترة وراحت لحالها.
ضيقت عينيها بعدم فهم، لكن لذلك حديث، لاحق الآن عليهم استقبال الضيوف.
بعد وقت قليل… بشُرفة بشقة جلال كان جلال وطوفان يقفان، نظر جلال لـ طوفان سائلًا بفضول:
مالك، إنت بتولع سيجارة من سيجارة، إيه اللى مضايقك كده.
أفاض له طوفان بحال ريان.
شعر جلال بآسف قائلًا:
للآسف ده بيحصل كتير، وخالك جاي يحس بالوجع دلوقتي، كان فين قبل كده، ليه مكنش ملاحظ تغيرات سواء فى سلوك ريان، الشخص المُدمن بيقي له علامات واضحة، بس هو إتغافل عنها، بصراحة خالك ده شخص معدوم المسؤولية، يعني واحد قاتل والتاني مدمن، ونعم التربية.
نفث طوفان دخان السيجارة قائلًا:
للآسف مش بس خالي كمان مراته، أنا يمكن مصعبش عليا وليد، وكان نفسي ياخد عقاب مناسب، لانه شخص معدوم الأخلاق، لكن ريان طول عمره عايش فى الضل، حتي يوم ما فكر فى الأذيه أذى نفسه، عكس وليد قاتل عن تعمُد منه.
تسائل جلال:
وإنت هتعمل إيه دلوقتي.
أجابه طوفان بحِيرة:
مش عارف.. خايف أسيب الموضوع لخالي عزمي بيمل بسرعة وممكن يزهق ويستسلم وقتها هيضيع ريان.
أجابه جلال:
الحل فى إيدك، إخلي مسؤولية خالك وإتحكم مش إنت كبير العيلة، يبقي إبعده وإتحكم إنت فى مسؤولية ريان، ومعتقدش هو هيعترض… ده مش نفس موضوع وليد
وليد زي ما قولت قاتل فعلًا وبمزاجه، وزي ما بتقول بيوصلك عنه إنه جبان، حتى فى الجيش، اللى المفروض كان يربيه مش قد مسؤولية، وأعتقد وليد لو فعلًا متحكمش بقوة ممكن يرجع ويرتكب أفظع من الجريمة الاولانية… الاتنين محتاجين شِدة وإيد تضرب من حديد، لان أي تهاون معاهم هيزود فى إفسادهم، وإسمح لى خالك شخص معدوم المسؤولية، يبقي الحل معاك إنت، لازم يكون لك قرار حاسم.
أومأ طوفان موافقًا، ربما كان يحتاج الى شخص يُثبت القرار برأسه
❈-❈-❈
بعد مرور يومين
يُراقبها عن كثب،ينتظر فرصة واحدة ولن يُفلتها وربما جاءت الفرصة
حين وجدها جالسة في أحد المطاعم، تحمل كتابًا بين يديها، لكن ملامحها شاردة، كأنها تفكر في شيء بعيد… لم يتردد، تقدم نحوها بخطوات متسارعة، حتى ارتفعت عيناها إليه بدهشة…
وقف أمامها، عيناه تضجّان بلهيب لم تستطع فهمه:
جود… الكلام اللي سمعته منك لازم أسمعه دلوقتي، من غير لف ولا دوران.
رفعت حاجبيها باستغراب:
كلام إيه،وإنت مين… وإزاي تكلمني بالطريقة الفجة دي.
اقترب أكثر، وابتلع طريقة حديثها خرج صوته يختنق بغصّة:
صحيح فى عريس اتقدملك… وإنك وافقتي.
سقط الكتاب من يدها بلا وعي، اتسعت عيناها بدهشة ممزوجة بارتباك:
مين قالك الكلام ده.
– مش مهم مين اللى قال… أنا عايز أسمع منك إنتِ… الكلام ده صح ولا غلط.
قال ذلك حاتم ينتظر او بالأصح يتمني رفض جود.
صمتت، شفتاها تتحركان دون أن تخرج الكلمات، وارتباكها كان كافياً ليزيد النار المشتعلة داخله…
أمسك ذراعيها بقوة، أجبرها على النظر في عينيه:
ردي يا جود إزاي توافقي.. إزاي تبقي لحد غيري وأنا لسه عايش.
ارتعش، قلبها يخفق بعنف أمام غضبه، وصوته الذي اختلط فيه الغضب بالغيرة والخذلان. همست بصوت متقطع:
– أنا… أنا… أنا حرة، وإنت مالكش تسأل و..
قطع كلامها، صوته يكاد ينفجر:
لاء مش حرة ومستحيل تكوني لغيري …
نظرت في عينيه، أنفاسها تتلاحق كأنها مطاردة بين الحقيقة والكبرياء، ثم هزّت رأسها بعنف وتحدثت بقوة:
براحتي، أوافق أو أرفض إنت مالكش تتحكم فى قراراتي ودلوقتي إتفضل إمشي مش عاوزه فضايح فى المكان، الناس بدأت تاخد بالها.
تجمد مكانه، ويشعر بغضب… لم يتوقع أن يسمع منها ذلك، حاول التحكم فى غضبه ونطق بهدوء عكسي:
جود… أنا…
قاطعته بحسم وهي تنفض يده بقوة قائلة بقسوة:
إنت مالكش الحق تتكلم معايا، وأنا حره فى حياتي، ليه بتطاردني دلوقتي، فاكر كان نفسي بس فى نظرة رضا من عينيك، كنت غبي، روح لخطيبتك الاولانيه، اللى كنت بتحب فيها وأنا معاك، خلاص إنتهينا، إتقبل ده زي ما انا إتقبلته، وفعلًا أنا مكنتش موافقة عالعريس اللى متقدم لى، بس عشان أخلص من مطارداتك واقطع الامل عندك، انا قررت اوافق… وإتفضل إمشي، شكلك مش هيبقي لطيف لو طلبت لك الامن بتاع المطعم، يا سيادة الظابط سابقًا، دلوقتي عرفت ليه وقفوك عن العمل أكيد سوء استخدام سُلطة منك، ما أهو بدل ما تحمي الناس من تطفل الآخرين، إنت بتسمح لنفسك تضايق غيرك.
كلماتها لا معني لها غير أنها لن تميل له بسهوله، ولا يوجد سوا طريقة واحدة، زاد التحدي بعينيه ومال عليها هامسًا:
بتحلمي يا جود، ومستحيل تكوني لراجل غيري، وللآسف مبقاش قدامي طريق تاني.
قال ذلك وإعتدل واقفً… تلاقت عيناهم، كل منهم ينظر للآخر بتحدي…
غادر حاتم المكان بخطوات سريعة غاضبة، بينما جود إلتقطت نفسها تنظر حولها تشعر بخجل، لكن حاولت السيطرة على ذلك بالأخص وهي تستقبل إحد صديقاتها، جلست معها بعقل شارد حتى أنها تحججت بالصداع كي تغادر
بالفعل بعد وقت قليل، ذهبت نحو المرآب التي تركت به سيارتها، لكن لم تصل الى المرآب بعدما شعرت برذاذ على وجهها، ودوران رأسها وهي ترا حاتم بغشاوة، ثم لم تشعر بعدها بأي شيء.
❈-❈-❈
مساءً
تأخير جود فى العودة زرع القلق فى قلب وجدان التي نقلت ذلك القلق فى عقل طوفان…
زفر نفسه بغضب وهو يستمع الى قائد الحراسة المكلف لـ جود:
إحنا متأخرناش كنا فى نفس المكان بس اللى حصل، حصل فى ثواني.
تهكم طوفان قائلًا:
حصل فى ثواني، لتاني مره يحصل تقاعص من فريق الحراسة دي
الحراسة دي لازم تتغير وأجيب أشخاص قد المسؤولية.
شعر الحارس بخيبة، ولم يُبرر موقفه لكن مد يده بهاتفه قائلًا:
ده تسجيل كاميرات الجراچ.
أخذ طوفان الهاتف ونظر الى ذلك الفيديو، الذي يوضح خطف حاتم لـ جود ونظره الى الكاميرا بثقة كأنه تعمد فعل ذلك يبعث رسالة مباشرة لـ طوفان، نظرة عينيه تقول له:
أنا مش بخاف منك…
إزداد غضب طوفان من تلك النظرة المتحدية، ضغط على أسنانه بقوة حتى كاد يطحنها، بينما يده تمسكت بالهاتف أكثر وكأنها تكاد تحطمه.
تحدث بنبرة حادة :
الوغد فاكر نفسه بيتلاعب بيا…
بنفس الوقت دخلت درة الى الغرفة… أعطي طوفان الهاتف للحارس قائلًا:
اللى حصل مش هيمُر بسهولة… إتفضل دلوقتي.
غادر الحارس بينما درة نظرت لـ طوفان قائلة:
فى ايه يا طوفان، كنت بتزعق ليه صوتك وصلي وانا فوق.
أجابها بغيظ:
الحقير حاتم خطف جود، بس الموضوع ده مش هيعدي بسهولة ولو بس مش شعره منها أنا…
قاطعته درة ببسمه ونظرة إعجاب قائلة:
حاتم مش مجرم يا طوفان عشان تقول كده، ومتأكده مستحيل يفكر يأذي جوظ… وبعدين هو…
نظر لملامح وجهها وتلك البسمه قاطعها بغضب:
بعدين إيه واضح إنك معجبه باللى عمله حاتم، ونسيتي هو عمل فيها قبل كده.
ردت درة بحِدة:
مش ناسيه بس هو ندم، يبقي ليه…
قاطعها بغضب:
يبقي ليه إيه، هستني لما يأذيها مره تانيه، جود هشة وبتتأثر بسرعة وممكن تصدق كدبه وتقع فى فخه مرة تانيه.
تنهدت درة قائلة:
لاء جود مش هشة يا طوفان ومتأكدة إنها مش هتصدق ولا توقع فى فخ حاتم، رغم إنى شايفة إن حاتم ندم، ومش بيرسم لفخ تاني مع جود، ليه مش عاوز تدي له فرصة.
تهكم طوفان باستهزاء قائلًا:
فرصة تانيه، ولـ حاتم.
-أيوه، ليه لاء، زي ما أنا أديتك فرصة تانية
ليه بتحلل لنفسك ولغيرك لاء.
نظر لها بغضب قائلًا:
إنت بتقارني بيني وبين الحقير حاتم.
نظرت له درة باحتداد قائلة:
مش حكاية مقارنة، بس كمان حاتم له الحق زي ما انا سمحت لك بفرصة تانيه.
تهكم طوفان بغضب قائلًا:
درة إمشي من قدامي.
لكن درة عاندت وبلحظة غضب تفوهت بلا وعي أن طوفان على حافة الإنفجار:
انت أناني وظالم وقاسي
إرتجف صوتها لكنها لم تتراجع بل أكملت حديثها بحِدة:
وعاوز تمشي الكون على مزاجك حتي لو بالغصب، كفاية يا طوفان أنا مبقتش عارفة إنت مين، أنا شايفة إنك مع الوقت بتاخد مش بس صورة باباك كمان بتاخد قسوتة عليك بطلعها على غيرك.
تجمرت نظرة عيناه يشعر بإعصار يتملك من عقله، كأن كلماتها فتحت باب إعصار كان محبوسًا داخله….
تقدم بخطوات سريعة، وعيناه تومضان بنار لا تنطفأ، وقبل أن تنطق، كان قد قبض على معصمها بقوة…
صوته خرج من بين أسنانه كزئير رياح عاتية مُحملًا بالغضب :
عاوزة تجربي قسوة أبويا
تعالي معايا… هوريكي جزء منها.
حاولت أن تفلت يدها، ارتبكت، ارتعشت، لكن قبضته كانت كالفولاذ:
سيبني يا طوفان إنت بتوجعني.
قالتها بصوت مُختنق بالآسف والندم على ما تفوهت به.
تجمد لثوانٍ… كلماتها كانت كالصفعة، لكنه لم يفِق من غضبه بعد…
ضغط أكثر على معصمها دون أن يشعر، نظراته زائغة بين وجهها وعينيها التي امتلأت بالرجاء
..
هي لم تعد تقاوم قبضته على يدها ، فقط تنظر إليه بنظرة واحدة…
نظرة وجع…
لم يهتم لها وهو مازال يسحبها خلفه دون النظر لنظرات الموجودين حوله، حتى وصلا الى المرآب، فتح باب السيارة ودفعها بقوة للداخل… جلست تُمسد مِعصمها تشعر ببعض الألم، صعد هو الآخر الى السيارة خلف المقود، رمقها بنظرة لاحظ إحمرار يدها لم يُبالي بذلك وقاد السيارة بسرعة عالية
إرتجف قلب دُرة وتحدثت برجاء:
هدي السرعة يا طوفان.
لكن طوفان كأنه لم يسمعها، فقط برأسه ذكريات الماضي وهو يُجلد لاسباب لايعلمها لمجرد أن ذلك سوف يزيد من القسوة فى قلبه ويجعله رجُلًا قويًا قلبه لا يهاب ضعف من أمامه.. دموعه التي تسيل وهو يشعر بالخوف وأصوات عواء الذئاب تحوم حول ذلك المنزل الجبلي الشبة مُتهالك…
ذكريات تغزو كيانه أغمض عيناه للحظة يحاول السيطرة على ذاته، على يديه اللتان للحظة إختل توازنهما على عجلة القيادة، سُرعان ما فاق وفتح عيناه، وبدأ بتخفيف السرعة ليس لرجاء دُرة، بل لأنه وصل الى ذلك المكان البعيد عن العمار القريب من حُضن الجبل… إستغربت دُرة من ذلك، وكادت تتحدث لكنه سبقها وأوقف السيارة وترجل منها قائلًا بنبرة أمر:
أنزلي.
نظرت دُرة حولها بتوجُس، المكان موحش، لا شيء يُسمع سوى صفير الرياح وهي تتسلل بين الصخور كأنها تهمس بقسوة، ولا ترى سوى أطياف الجبل القريب يحتضن الأرض بجفاء… ترددت، قلبها بدأ ينبض برُعبٍ صامت، لكنها نزلت… عيناها لم تفارق طوفان الذي وقف جامدًا كالصخر، يتأمل الأفق وكأنه يتحدث ماضيه.
سألته بصوت منخفض لكنه مرتجف:
إحنا جينا هنا ليه.
لم يجب… فقط تحرك ببطء نحو ذلك المنزل الصغير وقف للحظة… والرياح تعبث بشعره ومعطفه، وصدى الماضي يُدوّي في رأسه بلا رحمة… ثم دفع باب ذلك المنزل فإنفتح،دخل،وهي خلفه تحدث أخيرًا، دون أن يلتفت:
عايزة تعرفي قسوة “نوح مهران”.. هنا كانت القسوة الحقيقية
طفل مكملش إتناشر سنة إتحبس هنا أربع أيام، بدون أكل، وبدون غطا يدفي جسمه من البرد، صوت الديابة المُرعب وهي بتحوم حوالين البيت…
هنا… كنت بعيط
هنا… كنت بصوتي الضعيف بنادي على أمي وعندي أمل تسمعني وتجي تنقذني من الخوف…
هنا… كنت بخاف أنام، علشان كان في حاجات بتتحرك في الضلمة، وأنا مش قادر أهرب منها.
ثم التفت إليها، نظرته كانت تحمل أكثر مما تحتمل، مزيج من الطفولة المذبوحة والرجولة المتجلدة، وقال:
من شويه قولتيلي إن قلبي قاسي…
قلبي هنا عاش وشاف القسوة الحقيقية هنا… كان سهل أفقد إحساسي، وقلبي يجحد…
صمت للحظة عم السكون الذي ضرب قلبه فجأة.
ارتخى جسده، وتراخت قبضته ببطء… وكأن شيئًا ثقيلًا سقط من يده وليس فقط يدها…
نزلت يدها المرتجفة بجانبها، ومسحت دمعة عن وجهها دون أن تُبعد نظرها عنه…
تشعر بأسي، إقتربت منه مسكت عضديه وضعت رأسها على ظهره قائلة بندم:
أنا آسفة يا طوفان …
همس بصوت مبحوح، كمن وجد نفسه فجأة واقفًا أمام مرآة ماضيه:
إنتِ دايمًا كُنتِ سبب ضعفي.
تقدم خطوة وأدار وجهه ونظر لها ، مرر بكفه على شعره بعصبية، ثم ضرب الجدار المجاور بقبضته صامتً،كأن بذلك يُنفس عن غضبه…
لم تقل شيئًا، فقط تراجعت خطوة للوراء، قلبها يدق بعنف، لكن ليس من الخوف،بل من القلق عليه بعدما رأت تلك الدماء التى تسيل من يده…
إقتربت منه بهلع، بطواعية منها كانت ترفع يديها تُعانقه كي تمتص غضبه الزائد
توقف عن ضرب الحائط وعانقها هامسً بضعف لأول مرة تراه هكذا:
إنتِ الوحيدة اللى عريت روحي قدامها.
إزدادت من عناقه هامسة بلطُف:
إنت إتعريت قدامي من أول ليلة فى جوازنا يا طوفان، أنا بحبك من أول مرة زقتني من عالسلم فى دار الشيخ عرفة فاكر.

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا