رواية هيبة نديم وليلي الفصل الواحد والاربعون 41 بقلم مريم محمد
رواية هيبة نديم وليلي الفصل الواحد والاربعون 41 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل الواحد والاربعون 41 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل الواحد والاربعون 41 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل الواحد والاربعون 41
رواية هيبة نديم وليلي الفصل الواحد والاربعون 41
_ صقيعٌ دافئ _ :
عاد إلى جناحه الخاص أخيرًا في ساعةٍ متأخرة من الليل، بعد أن أفرجت عنه والدته، بل الأصح بعد أن قضى ساعاتٍ يسترضيها ويقنعها أن تقبل بالفتاة التي أتى بها اليوم عروسًا إلى البيت ..
تنفس الصعداء ما إن استقر داخل مساحته الخاصة، باشر فورًا في نزع سترته وتلك العقدة اللعينة التي تحيط بعنقه منذ الصباح، لكنه يتجمّد فجأة ..
إذ رآها تجلس في منتصف الفراش ولا زالت مستقيظة ...
-ريري! .. هتف "زين" بدهشةٍ
ولاحظ فورًا أثر أوامره عليها، فقد انصاعت لكلمته واغتسلت وها هي ترتدي بيجامتها الحمراء المؤلفة من قطعتين، كنزة بحمالاتٍ رفيعة وسروالٍ قصير عليه رسومات قطط وفئران، شعرها متوسط الطول لا يزال رطبًا خصيلاته تلتصق بجبينها وصدغها ..
والآن كأنما فاحت رائحة ذكية تأسر الحواس إن اقترب خطوة ناحيتها، توقف بغتةً ممعنًا في ذلك العبير الناعم، بدا مزيجًا من الأزهار وثمر الخوخ ..
أجفل مرتبكًا حين وقفت فجأة صائحة:
-زيــن.. انت اتأخرت عليا ليه يا زين أنا قاعدة كتير مستنياك!
وسارت تجاهه باندفاعٍ ..
واجهها "زين" بثباتٍ وهو يمسك بكتفيها ليبقيها على مسافةٍ آمنة، ثم قال بهدوء:
-مش أنا قلت لك تاخدي شاور وتنامي يا حبيبتي؟ إيه إللي مصحيكي لحد دلوقتي؟
تطلّعت إليه قائلة ببرائتها المعهودة:
-أنا مش بعرف أنام لوحدي.. ميمي كانت بتنام جنبي!
زين برفقٍ: يا حبيبتي ميمي هاتكون عندك من بكرة ماتقلقيش. أنا وعدتك
بس دلوقتي لازم تنامي. الوقت اتاخر يا ريري.
مطّت فمها بحركة طفولية محضة وقالت:
-مش هاعرف أنام.. لازم تنام جنبي.
أجفل ثانيةً وقال بتوترٍ يختبره لأول مرة:
-أنام جنبك! ماينفعش. قصدي السرير مش هايقضينا يا حبيبتي
وأنا عايزك تنامي براحتك. بصي أنا هانام هنا قصادك على الكنبة دي.
وأشار لها نحو الأريكة المقابلة للسرير ..
ريهام بعنادٍ: للللللللأ.. انت هاتنام جنب ريري
السرير كبير أااااااد كد أهو. شوف!
وركضت نحو الفراش، لتعتلبه وتبدأ بالقفز فوقه كالأطفال ..
تنهد "زين" وهو يقترب قليلًا ويقول بصوتٍ آمر:
-طيب خلاص. خلاص يا ريري انزلي كفاية تنطيط هاتقعي
قلت خلاص وانزلي أسمعي الكلام!!
أفلتت منها ضحكة مجلجلة موسيقية وهي لا تزال تقفز وتقول بمرحٍ:
-لأ دي حلوة أوووي يا زين. تعالى. تعالى أتنطط معايا.
ابتسم لها رغمًا عنه وقال مازحًا:
-أتنطط معاكي؟ أنا لو طاوعتك من أول نطة هاننزل على الناس إللي تحت.
ثم قال يلطفٍ يستميلها:
-انزلي بقى يا ريري. يلا يا حبيبتي عشان خاطري كده ممكن تتعوّري.
هزّت رأسها بتعنّتٍ قائلة:
-أنا مبسوطة كده.. عارف؟
ريري مش هاتنزل غير لما زين يقول خلاص هانام جنب ريري!
تمالك "زين" عصبيته بصعوبةٍ وهو يقول بجدية صارمة:
-ريـهام.. قلت انزلي
سمعتي؟ مش هقول تاني بلساني!
من جديد تهز رأسها رفضًا وعلاوةً عليه، مدّت له لسانها، فإذا به يتخذ خطوة ناحيتها على سبيل التهديد، لتصرخ "ريهام" محاولة الالتفات على نفسها لتفر من أمامه ..
ولكن يلتوي كاحلها وتسقط من فوق السرير صادمةً رأسها بقائمة الكومود ...
-آاااااااااااه ..
-ريهــام!! .. صاح "زين" ملتاعًا تزامنًا مع سقوطها وصرختها المتألمة
وثب ناحيتها في أقل من ثوانٍ، ركع بجوارها ورفعها مسندًا إيّاها إلى ساقه، أمسك بوجهها بين يديه وراح يتفحصّها بدقة، بينما تتأوه "ريهام" من إثر السقطة، وخاصةً عندما ضغط باصبعه فوق جبهتها مباشرةً ...
-آاااااااه. هنا. هنا بيوجعني يا زين!
تألم قلبه لأجلها وهو يرد يلطفٍ شديد:
-معلش. معلش يا حبيبتي بسيطة.
وقام حاملًا إيّاها ليضعها فوق الفراش، جثى أمامها ثانيةً ممسدًا على شعرها وجانب وجهها متمتمًا:
-قلت لك هاتقعي.. قلت لك أسمعتي كلامي
شوفتي عملتي في نفسك إيه؟
-آسفة!.. أعتذرت منه فورًا
بينما يهز رأسه متأسفًا بدوره، ويضغط من جديد فوق جبهتها ليتأكد من عدم وجود أيّ جروحٍ ...
-آاااااااااااااااااااااه. وجعتني يا زين!!
صرخت أشدّ لقوة ضغط يده محل الرضّة، ليعتذر منها قائلًا:
-آسف يا حبيبتي حقك عليا.. أنا بطمن عليكي بس!
دق باب الغرفة في هذه اللحظة، فنهض "زين" وذهب ليفتح، وجد أمامه إحدى المستخدمات:
-نعم يا عطيات؟
كانت المرأة الثلاثينية مطرقة الرأس وهي تخاطبه بلهجةٍ خجلى:
-لا مؤاخذة يا زين بيه. مش قصدي أزعجك!
عبس "زين" مستغربًا سلوكها وقال:
-تزعجيني إيه مش فاهم. عايزة إيه يا عطيات انجزي؟
لم ترفع الأخيرة رأسه لتنظر إليه مطلقًا لكنها جاوبته:
-رياض بيه عايزك تحت. وبيقولك هات عروستك معاك عشان أخوها جه وعاوز يشوفها!
___________________________________________________________________
تجلس كما لو فوق صفيحٍ متوّهج، تشعر كأنما جدران غرفتها تضيق حولها بمرور الوقت، ولأول مرة منذ سنواتٍ تحنّ لحضن أمها الراحلة ..
لعلها متعلّقة بأبيها بشدة، لكنها اليوم، الآن، أدركت معنى فقدان الأم!
ما من رجلٍ بقادر على تفهم ما يعتمل بصدرها، حتى لو كان الرجل الذي أنجبها، لقد تزوّج حبيبها!
الليلة جاء بعروسه وقدّمها أمامها بمنتهى البرود، وكأن لا وزن لها بحياته، وكأن الخطبة التي عقدت بينهما لم تكن ..
لقد أحبّته، لم يكن أمامها خيارٌ سوى أن تفعل، فمنذ نشأتها وهي تعلم بأنهما مقدّران لبعضهما، وقد قام جدهما بنفسه بعقد تلك الخطبة، وهو أيضًا الذي طلب إليه أن يتزوج من تلك الخرقاء!!!
كيف؟
كيف يفعلون ذلك بها؟ ماذا فعلت لهم؟ ما هو ذنبها؟
هل ستتحمل حقًا وجودهما أمامها من الآن فصاعدًا؟ إنهما يبيتان معًا في غرفةٍ واحدة وفي نفس الطابق الذي تمكث فيه، الليلة هي ليلتهما الأولى كزوجٍ وزوجة ..
الرجل الذي تحب.. الآن وفي نفس اللحظة يمضي تجربةٍ خاصّة مع أخرى غيرها.. ستغفو وتفيق بين أحضانه بينما هي تتلظّى هنا بنيران الغيّرة ..
ما هذا العذاب بحق الله!
يدق باب غرفتها الآن، فتسحب محرمًا ورقيًا من فوق طاولة الزينة لتزيل آثار دموعها بسرعة، ألقته بسلّة النفايات الصغيرة، ثم اندفعت لتفتح الباب ...
-ادخلي! .. تمتمت "شهد سليمان" باقتضابٍ وهي تفسخ لوصيفتها المؤتمنة
أغلقت خلفها، ثم استدارت ناحيتها مستجوبة في الحال:
-إيه الأخبار؟ اتكلمي يا عطيات؟
عطيات بصوتٍ خافت:
-الدنيا من ساعة واحدة بس كانت قايمة ومش قاعدة. من أول حضرتك طلعتي
سليمان بيه مسك زين بيه غسله ومانطقش. ورياض بيه اتدخل وهدّى الكل.
شهد باقتضابٍ: وبعدين؟
-وبعدين زين بيه طلب إيدك تاني من سليمان بيه. ورياض بيه قالّه الجواز هايتم بعد رجوع ليلى بنت دهب هانم الله يرحمها.
تعمّدت "عطيات" إغفال معلومة زواج "زين" المرتقب من "ليلى" على مخدومتها، لئلا تنهار تمامًا ويحدث لها مكروهًا ما ..
في المقابل تنكسر نظرات "شهد" قليلًا، لكنها تتمسك برباطة جأشها وهي تواصل سؤال الأخيرة:
-بس كده؟
رمقتها "عطيات" بنظرة شفقة متواربة وهي تقول بترددٍ:
-من شوية رياض بيه بعتني لأوضة زين بيه عشان أخو العروسة هنا وطالب يشوفها.. روحت ولسا هاخبّط ..
بترت عبارتها، لتحثها "شهد" بحدة:
-كملي!
عضّت "عطيات" على شفتها بحرجٍ وتعاطفٍ في آنٍ وهي تقول:
-سمعت.. قصدي سمعتهم من ورا الباب.. يعني.. مش زي ما رياض بيه فهمكوا إنه جواز صوري
زين بيه تقريبًا. لأ هو أكيد دخل على العروسة!
ازدردتها ..
ليست الصدمة، بل الكلمات!
فقد علمت "شهد" منذ رأتها، من أول وهلة أن "زين" لن يقاوم فتاة مثلها، وأن علّتها العقلية لن تُشكّل عائقًا أمامه، فعروسه شديدة الجمال والأنوثة ..
وهو مجرد.. رجل!!!
-سيبيني وأطلعي برا يا عطيات! .. أمرتها "شهد" بصوتٍ مكتوم
لم تزايد عليها الأخيرة مدركة عمق جراحها ..
أذعنت لأمرها وخرجت من الغرفة تاركة إيّاها وحيدة تمامًا ..
لتجر "شهد" جسدها جرًا ناحية سريرها، ثم تلقي بنفسها فوقه مستسلمة لنوبات الحزن والكآبة.. والكثير من البكاء المرير ...
______________________________________________________
اصطحبها معه للأسفل، بعد أن أطمئن لسلامتها بشكلٍ تام، وبعد أن ألبسها بيديه رداءً أكثر احتشامًا من بيجامتها ذات الستر الخادع ..
كان أخيها هنا بالفعل، يقف بمنتصف البهو قبالة "رياض نصر الدين" أبيًا أيّ مظهر من مظاهر الضيافة ...
-عـمــــــــــــر! .. صرخت "ريهام" من شدة حماستها لرؤية شقيقها
تركت يد "زين" وركضت صوبه، فتح لها الأخير ذراعاه وبدد عبوسة بابتسامة باهتة، تستقر "ريهام" بين ذراعيه، فيضمها إلى صدره بقوة مغمغمًا:
-ريري.. ماتخافيش يا حبيبتي. أنا هنا
أنا جيت عشانك.. جيت أخدك من هنا. هانرجع سوا أنا وانتي الغردقة.
تتصلّب "ريهام" فجأةً وتدفعه في صدره بخفةٍ لتنظر إليه، ثم تقول عاقدة حاجبيها:
-أنا مش خايفة.. ومش عايزة أروح معاك!
نظر لها بصدمة وقال:
-يعني إيه؟ انتي عايزة تقعدي هنا؟
لم تسنح لها فرصة للرد، إذ تركها متوجهًا نحو "زين" وصاح به بخشونةٍ:
-عملت كده إزاي؟ عملت غسيل دماغ لأختي إزاي أنطق؟
رد "زين" ببرودٍ شديد:
-أنا ماعملتش أي حاجة لأختك يا أستاذ عمر. هي لوحدها حبّتني.. واتعلّقت بيا
زي ما أنا حبيتها. واتعلّقت بيها.
وصوّب نظرة مبتسمة نحوها، لترد عليه بالمثل دون أن تخفي اضطرابها مِمّا يجري حولها وتجهله ...
-انت مفكرني عبيط؟ .. صاح "عمر" بعنفٍ:
-أنا عارف إيه إللي بتعمله. عارف انت اتجوزتها ليه؟ عارف حكاية ليلى
عارف كل حاجة. بس خدها عليا كلمة. أقسم بالله إللي يفكر يئذي أختي أقلبها عليها وعلى أهله سواد
مش هاتقوم لك قومة. لا انت وعيلتك دي كلها!!
برز صوت "رياض" مهدئًا بصرامةٍ:
-بالهداوة يا ولدي.. انت ليك احترامك طول ما انت واجف (واقف) في بيتنا
لكن هاتهدد ماهنتكلمش وياك. وتتفضل منغير مطرود.
إلتفت "عمر" إليه هاتفًا باستنكارٍ أرعن:
-كلامك وأوامرك دي تمشي على كلب السرايا إللي زقيته على أختي ده لحد ما جابها لك هنا ..
وأشار بإبهامه نحو "زين" دون أن يحيد عن الجد، وتابع:
-لكن حظك الأسود وقعك مع واحد شبهي. سيبك بقى من نديم أو أي حد في عيلة الراعي
أنا غير. ولو ماسلمتنيش أختي دلوقتي حالًا ومشيت بيها أوعدك قصة رجوع ليلى وانتقامك من نديم هايكونوا أقل مشاكلك من إللي هاعمله في عيلتك من أصغر راس لحد جنابك!!
تضرج وجه "رياض" بحمرة الغضب حتى بدا وكأنه بركانًا على وشك الانفجار، بينما يقترب "زين" من "عمر" ويقبض على ساعده ..
ثبت "عمر" مكانه كالصخر وأدار رأسه ناظرًا بعينيّ خصمه مباشرةً، دنى منه "زين" محافظًا على ابتسامةٍ شيطانية وهمس بصوتٍ لا يسمعه سواه:
-أنا مقدر إللي انت فيه وفاهمه.. ومش هانتحاسب على الكلمتين دول
بس طول ما صوتك عالي كده مش هانعرف نتفاهم. كل واحد فينا عايز حاجة من التاني!
غمغم "عمر" بشراسةٍ:
-أنا مابتفاوضش على دمي.. أختي مش هاتتحط في القصة دي
عندك نديم خد حقك منه وأعمل فيه إللي انت عايزه. لكن ريهام لأ. سامعني؟ ريهـام لأ!
هز "زين" رأسه قائلًا بتشدقٍ مستفز:
-وأنا مش هقدر أساعدك يا عمر ولا أمشي معاك على نفس الخط.. للأسف مضطر أكون حقير وأعمل زي ما عمل ابن خالتك في دمي. واحدة بواحدة يعني!
وقبل أن ينفجر "عمر" فيه، قاطعه "زين" رافعًا حاجبه:
-إلا إذا.. أقنعته يسلّمنا ليلى. ساعتها بس. هاسلّمك أختك.. وتخرج خالص من الدايرة دي.. روح له. لو عرفت تقنعه يعمل كده. هانفذ لك كل طلباتك.
عبس "عمر" بشدة وهو ينظر له بقوة مدركًا إستحالة تحقيق ما يطلبه منه، إذ أن "نديم" لن يتنازل عن "ليلى" مهما كان الثمن، ليس حتى من أجل "ريهام"!!!
-أنا مش هاسيب لك أختي! .. ردد "عمر" من تحت أنفاسه الغاضبة
ثم إلتفت نحو شقيقته هاتفًا:
-ريهـام.. انتي هاتيجي معايا. سمعتي قلت إيه؟
تهز "ريهام" رأسها قائلة بتوترٍ:
-لأ.. أنا مش عايزة أجي معاك يا عمر
أنا عايزة أقعد مع زين. أنا بحب زين وزين بيحبني!
عجز "عمر" عن الرد للحظاتٍ، ثم قال غير مصدقًا ما نجح ذاك الحقير بزرعه بعقل شقيقته المسكينة:
-يعني أنا مش بحبك؟ وانتي كمان مابتحبنيش يا ريري؟
ازداد اضطرابها حدة وكوّرت قبضتاها معًا أمام فمها وهي تجيب عليه بصوتٍ مكتوم:
-ريري بتحب عمر.. بس بتحب زين أكتر... ريري مش هاتسيب زين!
الآن أحس "عمر" بطعنةٍ مميتة في كبد مشاعره ..
أن تقول شقيقته هذا الكلام فإنها تعنبه، لم يعد الأمر مجرد لعبة إنتقام، لقد وقعت "ريهام" في هذا الشِرك معهم، يومًا ما سينجو الجميع، إلا هي ..
سيؤول مصيرها إلى ذات مصير والدتها ..
ستموت "ريهام" كما ماتت "أمل".. أمه!............................................................................................................................................................
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا