رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثالث والاربعون 43 بقلم مريم محمد
رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثالث والاربعون 43 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثالث والاربعون 43 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثالث والاربعون 43 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثالث والاربعون 43
رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثالث والاربعون 43
_ امرأتي _ :
ليلة زفاف ابنته ..
كانت تلك هي الليلة الوحيدة منذ سنواتٍ طويلة التي يغطّ فيها بنومٍ عميــق ..
إذ لم يكن ليتخيّل حتى بأحلامه أن تتزوج فتاته خاصةً بسبب وضعها وحالتها العقلية العقيمة، لكنه حدث، الزواج حدث، وقد تزوّجت "ريهام البدري" من أحد أبرز وألمع رجال الشرطة المصرية قاطبةً ..
تزوّجت بـ"زين نصر الدين".. وكان مجرد إدراك ذلك يبعث فيه الطمأنينة والراحة ..
لقد باتت ابنته في آمنة طوال حياتها، ولم يعد قلقًا عليها، أخيرًا استطاع أن يضمن لها مستقبلًا واعدًا، فإن لم يكن الزمن يخبئ لها عائلة تصنعها وتؤسسها، فإنه حتمًا سيمنحها من تأنس بقربهم ويحاوطونها بالمودة والدفء حتى رمقها الأخير ..
لن تبقى "ريهام" وحبدة بعد اليوم ...
-قـووووووووم.. اصحـــــــــــــــــــــــــى ...
هبّ "عاصم البدري" من نومه مفزوعًا على إثر صياح ابنه ...
-عمــر! فـي إيـه إيـه إللـي حصـل؟؟؟!!
بالكاد نهض "عاصم" من فراشه ساحبًا روب بيجامته من فوق الأريكة الملاصقة للسرير، بينما يعترضه "عمر" هاتفًا بعنفٍ:
-اتغفّلت يا معالي السفير.. اتغفّلـــــــت.. وروحت إديت بنتك لنا من الأول عايزين يستخدموها ويعملوا منها ورقة ضغط. انت ضيّعت ريهام.. ضيّعت أختــي!!!
شلّ عقل "عاصم" عن التفكير أو الفهم، ليستوضحه بعصبيةٍ:
-انت بتقول إيه؟ وضّح كلامك يا عمر وفهمني قصدك!!
عمر يغلظةٍ: أفهمك إيه؟
هو انت عقلك ده كان فيـن؟ فالح بس تتقن دور الندل في كل مراحل حياتنا؟
انت إيـــــه؟ للدرجة دي بتكرهنا؟؟؟؟؟
رنّت صفعةً مدويّة بأرجاء الغرفة، كما علّمت أصابع كف "عاصم" على صدغ "عمر" الذي أدار وجهه ثانيةً تجاهه، لينظر إليه بنظراتٍ دموية، بينما يقول "عاصم" بصوتٍ متحشرج من شدة الغضب:
-أنا فضلت ساكت عليك كتير. استحملت قلة أدبك بما فيه الكفاية
بس في حدود. وانت ماتنساش نفسك أبدًا وانت واقف قدامي. أنا أبــوك
أنا عاصم البدري. بهاودك وبعاملك بلطف بس ده مش ضعف مني. وفي أي وقت يا عمر شوفتك محتاج رباية يبقى هاتتربّى!
-أنا قلتها لك قبل ما أمشي!.. تمتم "عمر" من بين أنفاسه الملتهبة:
-انت مابقاش عندك ابن اسمه عمر.. وقريب هاتخسر بنتك.. ريهام هاتموت بسببك. زي أمل. زي أمي!!
وتراجع بعيدًا عنه خطوةً واحدة وهو يضيف بجفاف:
-أنا هارجعها.. هاعمل المستحيل وأرجعها بس للأسف. مش هقدر أمنع القدر
زي ما حصل زمان ومقدرتش أمنعه لما أمي ماتت.. أتمنى تكون نهايتك أسوأ من نهايتها. وهاتبقى لوحدك ساعتها.
وجاء ليذهب من أمامه، تحرّك "عاصم" على الفور قابضًا على ذراع ابنه هاتفًا بصلابةٍ:
-انت كنت جاي تقولّي إيه؟ إيه إللي عرفته وعمل فيك كده يا عمر؟
أدار رأسه مجددًا ليرمقه بنظرةٍ انتقامية أخيرة، ثم قال بهدوءٍ:
-عقابك تكون جاهل.. وزي الأطرش في الزفة
أنا مش هاريّحك ولا هقولك حاجة.
وشدّ ذراعه بقوةٍ من قبضته، ثم انطلق مغادرًا من فوره، مغادرًا حياة أبيه للأبد ..
أما "عاصم" فلم يتجاهل كلام ابنه، بل إنه قد أحس بالخطر المحدق، الآن فقط ..
ألقى نظرة صوب ساعة الحائط، وجدها قد تخطّت الثامنة صباحًا، إتجه في الحال نحو الخزانة ليبدل ملابسه ..
سوف يتوجه رأسًا إلى منزل آل"نصر الدين" ...
__________________________________________________________
قلّت جودة نومها مؤخرًا إلى حدٍ كافٍ جعلها تميز أقل حركة تمر بجوارها ..
رصدت "ليلى" تحركات "نديم" منذ الصباح الباكر، ولاحظت الهدوء المتعمّد الذي بذله لكي لا يزعجها ويقلق منامها النادر، في البداية سمعته يغتسل بالحمام، ثم يخرج ويرتدي ملابسه ..
وعرفت بالضبط الثانية التي غادر فيها الشقة ..
لتقوم مسرعة من الفراش، تخرج من الغرفة مندفعة نحو باب الشقة، أمسكت بالمقبض لتفتحه، لكن الصدمة!
موصد!!
لقد حبسها ..
لماذا لم تتوقعها منه؟
ألم تبدي له مرارًا رغبتها في تركه؟
هل ظنّت أنه بهذه السذاجة كي يترك لها بابًا مفتوحًا لتهرب منه؟
إنه "نديم الراعي".. تحتّم عليها أن تدرك وتؤمن بأنه رجلٌ لا يترك شيئًا للصدفة ..
ومؤكد بأنه لن يتركها، مهما كلفه الأمر، لن تخرج من حياته بسهولة، أو لعلها لن تخرج أبدًا ما دام أحدهما على قيد الحياة ...
-مش هاتحبسني يا نديم! .. تمتمت "ليلى" لنفسها وهي تتلفت حولها بحثًا عن أيّ ثغرة
لم تتقبّل الواقع الذي فرضه عليها ..
وفجأة لمعت الفكرة برأسها، انطلقت تجاه المطبخ، وأتت بسكينٍ غليظٍ، عادت إلى باب الشقة وبدأت محاولاتها بفتح القفل، كسره ..
أمضت ثلث ساعةٍ بلا كللٍ أو مللٍ، تباشر جهدها الدؤوب في تحرير نفسها، كم هو قوي ذلك الهيكل الخشبي!
لم يتحطّم بسهولةٍ، وجعلها تصبب عرقًا حتى استطاعت نزع القفل عبر إحداث فجوةً عميقة من حوله!!
تنفست "ليلى" الصعداء وهي تجذب القفل في قبضتها وتبقيه أرضًا، لا تصدق بأنها نجحت، والباب مفتوحًا الآن ..
جذبته لتخرج ..
لكنها تنصدم مرً أخرى، حين وجدت بابًا آخر من حديد موصدٍ بقفل كبير سيكون مستحيلًا عليها فتحه أو كسره مهما حاولت!!!
سالت دمعة قهرٍ من عينها وهي تجثو على ركبتيها منهكة وخائرة القوى، وتشعر مجددًا بالهزيمة، هزيمةً مقدّرة عليها ...
____________________________________________________________
ينفحا جفناها دفعةً واحدة، كدأب كل صباح، هكذا تستيقظ "ريهام البدري" وتلتمع الأنجم في أفق عيناها الزرقاوان في جمالٍ حيّ وفريد ..
لوهلةٍ استغربت المكان من حولها، ثم ما لبثت أن تذكرت، رفست الغطاء وقامت من السرير الواسع متلفتة حولها، لم تجد أثرًا له ..
أين ذهب؟
لم يكاد الخوف يستقر بقلبها، إلا وسمعت حركة من خلفها، استدارت، لتجده يخرج من باب الحمام الملحق بالجناح ...
-زيـن! .. هتفت "ريهام" بجذلٍ
بدا على وجهها الارتياح ما إن رأته ..
بينما يغلق خلفه باب الحمام ويقف للحظاتٍ بمكانه، يحدق فيها مبتسمًا وهو يشدّ زنار روب الاستحمام حول خصره جيدًا:
-صباح الفل على أحلى ريري.
سار ناحيتها وهو يجفف شعره القصير بمنشفةٍ صغيرة ...
-إيه يا حبيبتي نمتي كويس؟ .. سألها بنبرةٍ هادئة
تطلّعت "ريهام" إليه مشرأبة بعنقها لفرق الطول بينهما، ابتسمت له بحبورٍ قائلة:
-آه نمت كويس.. بس انت ضحكت عليا ومش نمت جنبي!
وكشرت فجأةً ..
اعتذر منها بلطفٍ:
-أنا آسف يا ريري. ماحبتش أضايقك. أصل أنا نومي محدش يستحمله بصراحة.
لم تفهم ما قاله، فأصرت:
-ماليش دعوة انت لازم تنام جنب ريري كل يوم.
-كل يوم كل يوم؟
-آه كل يوم كل يوم.
ضحك بخفةٍ وقال:
-حاضر ياستي. أوامر.. هانام جنبك كل يوم. بس استحملي بقى أنا بشخّر!
اتسعت عيناها بذهولٍ، فساومها رافعًا حاجبه:
-هـاااا.. إيه رأيك؟
لسا عايزاني أنام جنبك؟
ردت على الفور:
-آه لسا عايزاك تنام جنبي.. عادي ميمي ساعات بتشخر.
أطلق ضحكةً مجلجلة قائلًا:
-طيب.. إللي انتي عايزاه يتنفذ يا حبيبتي.
وتجاوزها متوجهًا نحو حجرة الملابس الصغيرة، تبعته، فانتبه إليها بينما يلقي بالمنشفة من يده وقال بهدوء:
-عاوزة حاجة يا ريري؟
هزّت رأسها: بتعمل إيـه؟
-هالبس هدومي يا حبيبتي. مش معقول يعني أخرج بالمنظر ده.
-هاتروح فين؟
-شغلي.
مطّت شفتها بحزنٍ وقالت:
-هاتسيب ريري تقعد لوحدها هنا؟
-غصب عني يا ريري. لازم أروح شغلي. مش باباكي وأخوكي كان عندهم شغل وبتشوفيهم وهما خارجين؟
أومأت له ..
-طيب. شوفتي بقى أنا زيهم بالظبط. لازم أروح شغلي.
زفرت بضيقٍ قائلة:
-طيب هاتيجي امتى؟
زين مبتسمًا: مش هاتأخر عليكي. بصي.. انتي هاتفضلي قاعدة هنا مستنياني لحد ما أرجع
هابعت لك فطارك تفطري وتقعدي بعدها تعملي إللي انتي عايزاه. عندك تي في وعندك البلاي ستيشن بتاعي موجود لو بتحبي تلعبي عليه
وأنا في ساعة الغدا هاتلاقيني رجعت ومعايا ميمي. هانتغدى وأخدك نلف شوية في البيت عشان تتعرفي على المكان كله.. خلاص اتفقنا؟
بدا ما قاله مقنعًا ..
ابتسمت بجذابيتها المعهودة وقالت:
-اتفقنا!
وباغتته وهي تشبّ على مشط قدميها لتطبع قبلةً رقيقة فوق خدّه ..
أجفل من تصرفها واضطرب بشدة، خاصةً وأنها لم تبتعد فورًا، فأتاح له قربها استنشاق رائحتها الدافئة، الشيء الذي جعله ينسى نفسه للحظاتٍ وهو يحدق في وجهها ذي الملامح الأنثوية البريئة ..
تنحنح عدة مرات وهو يقول بتوترٍ طفيف:
-خلاص بقى.. استنيني برا شوية لحد ما ألبس هدومي.
أطاعته عائدة للداخل في صمتٍ ..
بينما يطلق زفرة حارة من صدره وهو يشعر بالحرارة تجتاح جسده بالكامل ..
هذا ليس جيدًا، وما يجري له ليس مقبولًا على الإطلاق، عليه أن يجد حلًا ..
حلًا يذكره دائمًا بحقيقة وضع تلك الفتاة المسكينة، الفتاة التي صارت بين عشية وضحاها زوجةً له، امرأته أمام الناس ..
لكنه يدرك جيدًا أن ما من أملٍ في علاقتهما، لن تكون هناك علاقة حقيقية بينه وبينها، لذلك عليه أن يكفّ عن رؤيتها كـ امرأة ..
إنها مجرد.. ملاك!
ملاكٌ بريئ لا ينبغي أن يدنّسه ...
_________________________________________________________
اجتماعه العاجل برفقة مستشاره القانوني انقطع فجأةً ..
حين ورده اتصالًا من حارس البناية التي تقع بها شقته السريّة، يخبره بأن زوجته أحدثت جلبة شديدة أزعجت بقيّة الجيران ..
عاد على وجه السرعة إلى الشقة، ونظر بصدمة إلى الباب الخبي الذي تحطّم تقريبًا، دفع بالمفتاح بقفل الباب الحديدي وهو ينظر إلى الداخل مفتشًا عنها بالقرب، لكنه لم يرى شيئًا ..
اقتحم الشقة مثل إعصارٍ، يبحث في كل مكانٍ كالمحموم، حتى وجدها بغرفة النوم، نائمة في وضع الجنين فوق السرير ..
تنفس بغضبٍ ملقيًا عليها نظرة ناقمة، ثم خرج ثانيةً، الارس ينتظره أمام باب الشقة ..
أستل "نديم" من جزدانه الفاخر بعضةً من الأوراق النقدية وأعطاهم إليه قائلًا بصوته الأجش:
-تروح حالًا تجيب لي نجار. أشرح له الوضع قبل ما يجي.. أنا عايز الباب يرجع زي ما كان في ظرف ساعة.
أومأ له الحارس طائعًا وقال:
-تحت أمرك يا بيه.
و ولّى ذاهبًا على الفور ..
بينما يتذرع "نديم" بالصبر، فقط حتى يعيد إصلاح ذلك الباب اللعين، ثم سيلقنّها درسًا قاسيًا!!!
__________________________________________________________
أستدعى عبر هاتفٍ معلّق بزاويةٍ ما بغرفته إحدى المستخدمات، أمرها بإعداد سفرة الفطور من أجل عروسه، وإحضارها إلى هنا ..
كان قد أرتدى ثيابه الرسمية، المؤلفة من كنزة سوداء ضيّقة تبرز عضلاته الضخمة كالمعتاد، وسروال رمادي مرقّط باللون الأسود، تترأسه شارة جهة عمله ..
نثر عطره المفضل ببزخٍ، ارتدى ساعة يده الثمينة، سحب نظّارته الشمسية في يده، ثم استدار ناحيتها ..
حيث كانت تجلس وتراقبه خفية، ما إن أولى انتباهه لها حتى تظاهرت بمشاهدة التلفاز، ابتسم بتلسية وهو يسير صوبها على مهلٍ قائلًا:
-أنا نازل يا ريري.. الفطار طالع لك حالًا. عاوزة مني حاجة قبل ما أمشي؟
هزت رأسها سلبًا ..
فمد يده مداعبًا شعرها برفقٍ، ثم قال بتنهيدة:
-أوكي.. خلي بالك من نفسك.. وماتعمليش شقاوة طول ما أنا مش هنا ..
يدق باب الغرفة في هذه اللحظة ..
هتف بصوتٍ مسموع:
-أدخل.
فتح الباب وبرزت "عطيات" قائلة:
-زين بيه.. معالي السفير عاصم البدري وصل وطالب يشوف حضرتك حالًا!..............................................................................................................................................................
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا