رواية بين الحب والانتقام علي ووعد الفصل السادس 6 بقلم نور الهادي

رواية بين الحب والانتقام علي ووعد الفصل السادس 6 بقلم نور الهادي

رواية بين الحب والانتقام علي ووعد الفصل السادس 6 هى رواية من كتابة نور الهادي رواية بين الحب والانتقام علي ووعد الفصل السادس 6 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بين الحب والانتقام علي ووعد الفصل السادس 6 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بين الحب والانتقام علي ووعد الفصل السادس 6

رواية بين الحب والانتقام علي ووعد بقلم نور الهادي

رواية بين الحب والانتقام علي ووعد الفصل السادس 6

رانيا- ده الى انتى عايزاه تاخدى واحد من مراته ويحبك، انتى فاكره إن حد هيحبك حب حقيقي ومش هيبقى غيرك لو اتعلمتي تمارسي أساليب السقوط دي.
وعد عينها احمرت وهى باصه لرانيا:
— فوقي! إنتِ فاكرة نفسك مين؟ متغرّية بشوية كبر وخفة، وحقيقتك تخليكي تبصي للأرض.
نزلت دمعة غصب عنها من عين وعد، والصوت العالي شد يوسف اللي دخل بسرعة:
— في إيه؟!
بص مرّة لوعد ومرّة لأمه اللي لسه وشها متشنج من العصبية.
وعد ما استحملتش، لفّت ومشيت من قدامهم بسرعة.
يوسف ناداها بقلق:
— وعد! استني… في إيه يا ماما؟!
رانيا ما ردّتش، عينها اتسعت وهي فاهمة الكلام القاسي اللي خرج منها من غير ما تفكّر. يوسف ما استناش، جري ورا وعد يحاول يلحقها ويفهم منها.
وعد خرجت من الفيلا كلها متلخبطة، قلبها بيتخبط في صدرها. وقفت قدام السواق بصوت مبحوح وهي بتحاول تسيطر على دموعها:
— هات المفتاح.
السواق استغرب وقال:
— على فين يا هانم؟
ردت بغضب وهي حابسة دموعها أكتر:
— هات المفتاح بقولك!
ماترددش، مد إيده سلّمها المفتاح. مسكته فورًا، ركبت العربية وشغلتها، وانطلقت من البيت كله وهي مش شايفة قدامها من كتر الغليان.
فى العربيه قال مالك ـ انت كنت عارف من الإجابة دي يا علي؟
قال علي ـ كنت واثق إن بدران كدب عليا… قال مكنش يعرف بالعطل اللي في السفن. بس طلعوا عارفين، وبرغم كده طلعت السفينة من غير أي اهتمام بحياة الناس. يعني كانت جر.يمة قـ.تل.
قال مالك ـ انت من إمتى بتهتم بحياة الناس؟! انت مبيهمكش غير حياة واحدة وبتسعى وراها.سايب قضيتك الحقيقه 
بصله علي وقال ـ لسه مش فاهم يا مالك؟
قال مالك ـ متفهمني.
قال علي ـ السفينة دي مكنش فيها بضاعة… كان فيها عمال. والعمال دول كان عندهم معرفة بمصايب أكيد اتكتموا عليها. وانت عارف قانوني… قـتل الخطر أولى من كتمه.
قال مالك ـ يعني إيه؟ الناس دي راحوا ق.ـتل… بس عشان عرفوا حاجة مكنش لازم يعرفوها، فغرقوهم في وسط بحر ملهوش مفر! أنا مش مصدق التفكير العقرب ده. طب… وهل بدران بيه ليه علاقة؟
سكت علي ومردش. جه صوت سيف من وراهم ـ قال:
قصدك إيه باللي بتقوله؟
بص له مالك مستغرب ازاي الكلام ده يتقال قدامهم، لكن علي مش همه. قال سيف:
يعني في احتمال إن ابويا يكون مات مقتو.ل؟
قال علي هادئًا ومقطوعًا:
آه.
بص له مالك بشدة من صراحته. علي رفع عينه للمراية وبص في عين سيف، وقال بصوت قاسي:
ناوي تعمل إيه؟ هتهرب ولا؟
رد سيف بثبات:
ولا أي .
كانت عيون علي ملتهبة كعيون شيطان، وقال بتهديد بارد:
ولا تراهن بحياتك وتنتقم
قشعر جسد مالك خوفًا وهو يبص لعلي، كأنه ما عرفش الشخص اللي جنبه.
---
في فيلا علي، نزلت وعد من العربية وشافت رجاله واقفين بعيد. لما شافوها كلهم بصّوا. جه البواب وسألها ـ قال:
عمّي هنا؟
رد البواب:
البيه لسه جاي من برّه.
دخلت وعد الفيلا وما فيش حد منعها، والخُطوة كانت مليانة توتر وحاجات مكتومة في الجو.
كان علي بيقفل خزنته بإحكام، وقال وهو شايف مالك واقف قدامه:
هتعمل إيه مع سيف
رد علي ببرود:هو اختار طريقه بإيده.
سحب آخر نفس من السيجارة ورماها. مالك بدأ يمشي، لكن وقف فجأة وهو بيفتح الباب… لقى وعد في وشه.
قال مالك متفاجئ:
آنسة وعد؟
بص علي واتصدم من وجودها… هل سمعت حديثهم؟
وعد دخلت ناحيته، وعينيها مليانة حزن كبير. قال علي بسرعة:
في حاجة يا وعد؟ خارجة من البيت في الوقت ده؟
قالت بقرار حاسم:
مش هرجع البيت تاني… خليني هنا معاك.
بصلها علي للحظة، ومالك بصلُه هو كمان، لأنه عارف قد إيه البنت دي خطر عليه بعد المشاعر اللي اعترف بيها قبل كده.
قال مالك محاولًا:
ممكن أوصلها وأنا ماشي.
لكن علي ما ردش عليه. ساعتها وعد قربت منه، وخبّت وشها في صدره وقالت بصوت مكسور:
مش عايزة أرجع.
ساعتها علي بص لمالك وقال بهدوء:
امشي إنت.
بصله مالك بدهشة، هل علي ضعف قدامها فعلاً؟
لكن علي قابل نظرته بجديّة قاطعة، فاضطر مالك يمشي ويتركهم.
كانت وعد لسه حاطة وشها في صدره، متخطية كل الحدود اللي علي دايمًا بيرسمها لنفسه.
قالت بصوت مهزوز:
دي مستحيل تكون ماما…
بعدها علي عنه وسألها بهدوء، لكن عينيه مترقبة:
حصل إيه؟
ردت وعد 
قالت… إن ماما خطّافة رجالة… وإن أنا هكون زيها.
تجمد وجه علي من وقع الكلام، وهي زوّدت بحزن أعمق:
قالت إن عمري ما هلاقي الحب، عشان اللي زيّي… محدش هيبصلها.
رفعت عينيها ليه، والدموع محبوسة:
أنا دايمًا بقول إني فال وحش… بس ما كنتش أعرف إني أنا نفسي وحشة أوي كده.
اقترب علي منها خطوة، وصوته أكثر جدية:
حصل إيه يا وعد؟ قوليلي.
---
في الفيلا…
كانت رانيا قاعدة صامتة، ملامحها متوترة.
نزل يوسف من فوق وقال:
وعد مشيت يا ماما.
بصت له رانيا بقلق مفاجئ:
مشيت؟ راحت فين؟
رد يوسف بسرعة وهو مشوش:
معرفش… اختفت من البيت والبواب قال إنها خرجت وميعرفش راحت فين
سكتت رانيا وهي بتشيح بوشها بعيد، كأنها مش قادرة تواجه عيون يوسف.
قال يوسف بحدة:
متقولى يا ماما، حصل إيه؟ إيه اللي خلاها تجري وتعيط كده؟
التفتت له رانيا بعصبية وقالت:
إنت بتزعقلي يا يوسف؟
رد يوسف ببراءة ممزوجة بغضب:
لأ… بس عايز أفهم. الحوار كان على إيه؟ بدل ما إنتي ساكتة كده!
رانيا عضّت شفايفها، وصمتها زاد التوتر. كانت قلقانة… مش عايزة تعترف بالكلام اللي قالته في لحظة غضب، ولا بالنتيجة اللي ممكن تحصل بسببه.
 قالت:
هي… خرجت، أكيد راحت عند صاحبتها ولا حاجة.
يوسف رفع حاجبه باستنكار:
وده عادي يعني؟
تنفست رانيا بسرعة وقالت:
أيوة… عملت كده عشان تحط الحق عليا، وتخلّي بدران يتعصب عشاني. أنا عارفة أفعالها كويس.
وفجأة جه صوت تقيل من وراهم:
هتعصب عشان مين… وليه؟
رانيا اتصلبت في مكانها، ولفت ببطء… لقت بدران واقف قدامهم، لسه راجع من بره، ونظراته كلها شك وغضب مكبوت.
في فيلا علي…
وعد كانت قاعدة قصاده، ملامحها مجهدة من كتر البكاء. حكت له كل حاجة من غير ما تخبّي.
قال علي وهو بينفخ دخان سيجارته ببطء:
عرفتي من إمتى إنها مش والدتك؟
قالت وعد بحزن عميق:
أنا مش غبية لدرجة إني محسش… مشاعر الأمومة عمرها ما كانت موجودة.
سكتت ثواني تكمل بصوت واطي:
طنط فاطمة قالتلي شوية عن الحقيقة… كانت عايزة تريحني. بس مع كل ده… أنا مبطلتش أحبها. هي بتضايقني كتير… بس بتفضل هي اللي بقولها "يماما".
نظر لها علي بعينين جامدين، وقال:
بس هي فعلًا مش أمك.
بصّت له وعد بدهشة، كانت متوقعة يسمعها إنها امها وبلاش تفكر كده ويضبح الامر
زاد هو الطين بِلّة بصراحته القاسيه وقال:
سهل عندك تحطي حد مكان أمك؟ ولا إنتي اللي ضعيفة بزيادة؟
وجع كلامه قلبها، وزعلت من حدته.
أكمل علي ببرود:
لو قالتلك الكلام ده، فتأكدي إن الموضوع مش سهل يعدّي. هي هانت بدران كمان… وهانتك إنتي.
قالت وعد:
بابا ملوش دعوة! هى بتحب بابا اوى
ابتسم على وقتها مفهمتش وعد نوع ابتسامته، رفع علي عينه فيها جدية غامضة وقال:
متأكدة إن ده كل اللي حصل يا وعد؟
اتسعت عيونها، وقالت بصدمة:
بتكذّبني؟
هز رأسه وهو يطفئ السيجارة:
لأ… بس بعمل حساب لكلام رانيا اللي ممكن تقوله لوالدك.
قلب وعد وقع، وقالت بتوتر:
قصدك إيه؟ هتقول لبابا إني كدابة؟
قال علي ببرود:
مش بالظبط… هتقول إنها كانت مشادة بينكم. بدران هيضايق، وإنتي بطبيعتك هتسكتِ… لأنك مش بتحكي.
قالت وعد -
حاولت أحكي زمان… وملقتش حد أتكلم معاه.
مد علي إيده، مسك وشها وخلاها تبص في عينه وقال
دلوقتي حكيتي. معناته إن الحد ده بقى موجود.
سكتت وعد، وفضلت عينيها معلقة في عينيه، كأنها لأول مرة تلاقي أمان.
بعد لحظة… بعد علي عنها.
قالت وعد بسرعة كأنها خايفة يبعد عنها أكتر:
أنا عايزة أقعد هنا… لو معندكش مانع.
قال علي وهو بيتابع ملامحها بتركيز:
مش عايزة ترجعي البيت؟
هزت راسها بالنفي.
قال علي بهدوء:
تمام… اطلعي نامي دلوقتي.
ترددت، وقالت:
أنام فين؟
رد بجديته المعتادة:
اختاري الأوضة اللي إنتي عايزاها.
بصّت له وعد وقالت بخجل واضح:
فين أوضتك؟
اتسعت عينه من سؤالها، وهي بسرعة زودت:
عايزة الأوضة اللي جنبك.
فهم قصدها فورًا… وشاورلها بعلامة مختصرة.
انسحبت من جنبه ببطء، وما زالت عيون علي الصقرية متابعاها وهي ماشية، كأنها جزء من سرّه اللي مش عايز حد يقرب منه.
بدران وقف يبص على يوسف ورانيا، الاتنين سكتوا أول ما شافوه. رفع حاجبه وقال بنبرة حادة:
بدران: "مالكو ساكتين كده؟ أنا سامع صوتكو من عند الباب."
بص يوسف لأمه، وقال "قوليله يا ماما… عقبال ما نشوف وعد فين."
ومشي وهو متضايق، سايبهم ورا.
بدران ركز على رانيا:
بدران: "وعد مش هنا؟"
رانيا (مترددة): "لا."
بدران: "أمال راحت فين؟ وكلام يوسف قصده إيه؟ انتي تعرفي حاجة يا رانيا؟"
رانيا وقفت متجمدة مكانها، عينها مليانة قلق.
بدران: "اتكلمي يا رانيا! وعد فين؟"
رانيا : "مفيش يا بدران… خرجت وإحنا بنتكلم فجأة."
بدران: "راحت فين؟"
رانيا: "أكيد عند صاحبتها… ما يوسف بيكلمها، متقلقش."
سكت بدران، لكن ملامح وش ابنه مازالت في دماغه، حاسس إن في حاجة مش مظبوطة.
قربت رانيا منه، وحضنته بحنان مصطنع:
رانيا: "أخليهم يحضرولك العشا يا حبيبي."
بدران فضل ساكت، جوه نفسه إحساس إن في حاجة مستخبية، وقال ببرود:
بدران: "واكل برا."
رانيا حاولت تلطف الجو:
رانيا: "طيب… هخليهم يعملولك قهوتك."
بص لها بدران من غير تعليق، واكتفى بإيماءة صغيرة، ثم طلع من غير ما يقول حاجة.
في اليوم التاني، خرجت وعد من أوضتها. وهي ماشية في الطرقة، عينيها وقعت على أوضة علي، لقت بابها مفتوح. قربت بخطوات مترددة وبصت جوا… لكن ماكانش في حد. استغربت، وقلق غريب سيطر عليها.
نزلت تحت بهدوء، وفجأة سمعت صوت جاي من ناحية المكتب. قربت أكتر، ولما دخلت… شافت علي واقف بيتكلم في التليفون.
علي بصوت واطي في المكالمة: "تمام يا بدران… أنا جايلك."
وقفت وعد مكانها، قلبها دق بسرعة وهي سامعة اسم أبوها. علي لمحها بسرعة، قفل المكالمة وبص لها.
وعد (بتوتر): "كنت بتكلم بابا؟"
علي (بهدوء): "آه."
وعد: "قالك إيه؟ كان بيكلمك عليا؟"
علي (بحزم): "لا."
سكتت وعد وبصت له بتركيز، تحاول تقرأ ملامحه.
علي (بصوت جاف): "باين إنه ميعرفش بالخلاف اللي حصل بينك وبين رانيا… ولا حتى إنك مش موجودة في البيت."
كلامه وقع على قلبها تقيل، كأنه بيكسر آخر خيط ليها مع أهلها.
وعد (بصوت مبحوح): "لو كان عرف… أكيد مكنش هيكون هادي كده."
علي: "دي الحقيقة. هو معرفش… وأعتقد حتى لو قلتي، رانيا هتنكر."
بصت له وعد بعيون فيها وجع، وكأنها بتسلم باللي بيقوله. بعد لحظة سكتت، وبعدين قالت بصوت واطي متردد:
وعد: "دلوقتي عرفت ليه مش عايزة أرجع البيت… أوقات بحس إنه…"
وقفت عينها في عينه، كأنها محتاجة قوة تكمل كلامها. وبعد لحظة همست:
وعد: "بحس إنه مش بيتي."
سكت علي بعد كلامها، قام واقف قدامها بعينيه الساكنة اللي صعب حد يقراها وقال بهدوء:
علي: "اقعدي هنا براحتك… لحد ما تكوني عايزة ترجعي."
اومات له وعد، ابتسامة صغيرة باينة في عينيها أكتر من شفايفها.
وعد: "شكراً."
فجأة سمعت صوت رنين، بصت في تليفونها لقت يوسف بيتصل. رفعت عينيها تلاقي علي بيراقبها.
علي: "يوسف رن عليا كتير قوي… وباباكي رن مرتين."
بصت له وعد مرتبكة، لكن هو ماكانش مهتم يوضح أكتر. مد إيده وخد مفتاح عربيته.
وعد: "إنت خارج؟"
علي: "آه… عايزة حاجة؟"
هزت راسها نافية بخجل. خرج علي وسبها في البيت الكبير، وصوت خطواته وهو ماشي لسه بيرن في ودانها.
وقفت وعد وسط الصالة الواسعة تبص حواليها، إحساس بالغربة ممزوج بالفضول. كان نفسها تسأله "هترجع إمتى؟" بس لسانها عقد. عينيها راحت ناحية السلم، قلبها بيدق… جزء منها عايز يستكشف الفيلا، وأول حاجة شدت انتباهها كانت أوضة علي. بس الخوف من العواقب خلاها تتراجع خطوتين.
 كان يوسف في جناحه، واقف في أوضته، ملامحه متضايقة. خبط محمود على الباب.
محمود: "يوسف بيه…"
فتح يوسف بضيق: "نعم؟"
محمود: "البيه تحت بيسأل عنك."
تنهد يوسف: "نازل."
قفل تليفونه بسرعة وخرج. لكن بدل ما ينزل، لف على جناح أبوه وأمه. دخل لقا رانيا قاعدة في الصالون الخاص بيها، فنجان قهوة في إيدها وبتبص في الفراغ.
يوسف (بلهجة لاذعة): "بترَيحي دماغك يا ماما؟"
رانيا (وهي ماسكة راسها): "دماغي مصدعة من امبارح."
يوسف (بحدة): "ماما… وعد ما ظهرتش من امبارح! ومعرفش باتت فين ولا عند مين."
رانيا (ببرود): "وأنا مالي؟"
يوسف (بانفعال): "إزاي مالك؟ هي مش سابت البيت بسببك! مشيت وهي بتعيط."
رانيا (بلهجة دفاعية): "بسببي أنا؟ أنت عارفها بتحب تعمل شوية حركات عشان تصعب عليكم."
يوسف: "ماما، إنتي قولتلها إيه بالظبط؟"
رانيا (متوترة): "مقولتش حاجة… خلاص بقى."
يوسف (ساخر): "تمام… على العموم بابا هيكلمني، وأنا هقوله اللي شوفته. وانتي بقى قوليله إنك مالكيش دعوة… زي ما بتقوليلي."
مدت رانيا إيدها تمسكه بسرعة.
رانيا (بقلق): "استنى يا يوسف! بدران لو عرف هيزعل مني."
يوسف (بصرامة): "ليه يعني؟ ما إنتي السبب في اللي حصل."
رانيا (مترددة): "مش بالظبط… هي بس كلمتني بطريقة مش كويسة… وأنا اتعصبت. عارف إني بتعصب بسرعة."
يوسف (مشدود): "وبعدين؟"
رانيا (بصوت واطي): "قولت كلام… غصب عني."
يوسف ضيق عينيه وهو بيبصلها مباشرة.
يوسف: "قولتي إيه يا ماما… بالظبط؟"
قبل ما ترد، جه صوت بدران بينادي من تحت. يوسف اتوتر، بص لمامته وسبها ونزل بسرعة.
لما وصل تحت، شاف علي قاعد مع أبوه.
يوسف (مستغرب): "عمي… إنت جيت إمتى؟"
علي: "لسه جاي."
بص بدران حواليه بنظرة تقيلة.
بدران: "وعد فين؟"
يوسف (بهدوء): "بايته عند صاحبتها."
بدران اتكشّر، صوته مليان ضيق:
بدران: "ومرجعتش لي؟"
يوسف (متصنع اللامبالاة): "يمكن راحت الجامعة على طول."
بدران (بحدة): "اسم صاحبتها إيه؟"
يوسف كان حافظ أبوه كويس، يعرف إن أي تردد هيشكّكه أكتر.
يوسف: "ياسمين."
سكت بدران وهو بيفكر، لكن عينه كانت تقيلة. في اللحظة دي، علي كان ساكت… عينه مركزة على يوسف من غير ما يقاطعه. عارف الحقيقة كاملة، وفاهم إن يوسف هو كمان عارف… لكنه بيغطي علشان أمه.
بدران (بأمر): "يا محمود… اتصل بياسمين، شوف وعد معاها ولا لأ."
محمود: "حاضر يا فندم."
محمود انسحب بسرعة يجهّز المكالمة. يوسف فضل صامت، شكله ثابت وكأنه مش قلقان ولا فارق معاه.
في اللحظة دي نزلت رانيا، وحاولت تخفي ارتباكها لما شافت الجو مشحون.
غير بدران الموضوع فجأة وهو يوجّه كلامه لعلي:
بدران: "في افتتاح الموسم… هيكون كل رجال الأعمال موجودين، حتى الوفد الألماني."
علي (بهدوء وصرامة): "كنت لسه هسألك عنهم. متقلقش… قبل ما أوصلهم البضاعة من السفن عندنا، هخليهم يعرفوا غلطتهم كويس."
بدران (متردد): "أنا مش عايز نخسرهم، دول مهمين. خوفي الوحيد… إن رضوان الكلب يكوش عليهم. وأنا عارف إن السبب في قلبهم علينا هو رضوان."
علي رفع عينه وبصلّه بثبات:
علي: "بدران… لو عايز تكسب حد، لازم الأول تفهم… هو عايز يكسبك ولا بايعك."
يوسف (بتحفظ): "بس دول مهمين."
علي (ببرود): "مش هيفرقوا معانا. إحنا علاقاتنا كتيرة، ودول عمرهم ما يكونوا نقطة خسارة لينا."
يوسف بَصّله وسكت. علي كمل كلامه وهو ناظر لبدران:
علي: "إنك تعامل اللي قدامك كويس… ده يخليه ياخد مقلب. لكن إنك تفهمه مقامه كويس… ده يخليه يحيّك. ولا إيه رأيك يا بدران؟"
بدران (بعد تفكير): "طالما واثق من حساباتك… يبقى خلاص."
في اللحظة دي دخل محمود، نبرته رسمية:
محمود: "كلمت آنسة ياسمين، وقالت إن وعد هانم كانت معاها."
رانيا تنهدت براحة، ارتسمت ابتسامة سريعة على وشها. علي ضيّق عينه… مستغرب الكذب الواضح، لأنه عارف إن وعد عنده في الفيلا.
رنة الموبايل قطعت الجو… يوسف بص، واتفاجئ إنها "وعد". قلبه دق أسرع، إيده راحت على التليفون بسرعة عشان يرد.
لكن صوت علي سبقه:
علي (بحدة): "رايح فين يا يوسف؟"
يوسف (متوتر): "هرد على تليفون."
علي (بارد ومخيف): "هنا؟ هو سِرّ؟"
يوسف سكت، وبدران رفع عينه عليه.
بدران: "مين بيتصل يا يوسف؟"
يوسف ما قدرش يتهرب… فتح المكالمة، قال بسرعة:
يوسف: "إنتي فين يا وعد؟"
بدران ركّز معاه بشدة، رانيا قلبها وقع مكانها.
جاء صوت وعد من السماعة، هادي لكن واضح:
وعد: "أنا بخير يا يوسف… متقلقش."
بدران مد إيده وخد التليفون من يوسف، صوته عليّ وهو بيتكلم:
بدران: "وعد… إنتي فين؟ وهترجعي البيت إمتى؟"
وعد (من السماعة): "مش عايزة أرجع يا بابا… وبطّلوا ترنّوا عليا. لما أبقى تمام، هرجع بإرادتي."
بدران اتجمد مكانه، صوته اتعلا بدهشة:
بدران: "يعني إيه مش عايزة ترجعي؟! وعد… ردي عليا! إنتي فين؟ وخرجتي ليه أصلاً؟"
وعد (ببرود): "اسأل ماما… هي تقولك."
قفلت الخط. بدران بَصّ على رانيا بحدة، وقال:
بدران: "إيه اللي حصل امبارح؟"
رانيا اتلخبطت، نبرتها مترددة:
رانيا: "محصلش حاجة… أنا—"
بدران (قاطَعها بصرامة): "قلتوا خرجت… بس ماحدش قالي السبب."
يوسف بَصّ لأمه بارتباك، وحس إنه دخل نفسه في الدوامة. بدران رجع بنظره ناحية رانيا، صوته تقيل:
بدران: "متردي. بتقول اسألك إنتي. وعد خرجت ليه؟"
رانيا اتنهدت وحاولت تخفّف:
رانيا: "مفيش يا بدران… كانت مشادة بسيطة بيني وبينها، و…"
بدران (مقاطعًا بانفعال): "بتقول مش هترجع غير لما تهدى! وعد عمرها ما باتت برا البيت!"
سكتت رانيا، عينيها متوترة. بدران صرخ أكتر:
بدران: "رانيا… متعصبنيش! قولي كل اللي حصل."
رانيا انفجرت:
رانيا: "كلمتني بطريقة مش كويسة… وأنا رديت عليها… وخلاص! كده وبس. إنت عايز تغلّطني وخلاص!"
قالتها وطلعت بضيق. بدران اتبعها بنظره وهو مليان غضب وحيرة.
علي كان قاعد ساكت، قام بهدوء وقال:
علي: "اتأكد من الحوار يا بدران… شكله كبير. وعد مش بتسيب البيت كده وخلاص. مش كده يا يوسف؟"
يوسف أومأ تلقائيًا من غير ما يحس.
علي: "أنا همشي… عندي شغل."
يوسف: "وأنا رايح الشركة."
خرجوا هما الاتنين، وبدران فضَل واقف مكانه… حاسس إن في حاجة أكبر بكتير مستخبية ورا خروج وعد.
---
يوسف كان راكب العربيه، فجأه سمع صوت علي بيكلمه ببرود وابتسامه ساخره:
ـ "خليت صحبتها تكدب إزاي وتقول إن وعد معاها؟"
يوسف اتوتر:
ـ "مخليتش حد يكدب… ليه بتقول كده؟"
علي ابتسم ابتسامه واثقه:
ـ "لأنها مش الحقيقه."
يوسف سكت، عينيه ثابتة على علي، متردد من الثقه اللى في كلامه.
علي قرب أكتر وقال بهدوء:
ـ "عارف دلوقتي اختك فين؟"
يوسف ما ردش، اتجمد مكانه. علي فتح باب عربيته، يوسف وقف قصاده بعصبيه:
ـ "قصدك إيه؟ إنت تعرف وعد فين؟"
علي ضحك ابتسامه ساخره، ركب العربيه ومشي من غير ولا كلمه.
في مكان هادي، كان رضوان واقف جنب عربيته، جت عربيه وقفت جنبه ونزل منها علي. قرب منه ووقف مقابله.
رضوان قال بنبرة تقيلة:
ـ "افتتاح السنادي هيكون مختلف."
علي رد وهو بيمسح على كمه:
ـ "بدران داخل بالتقيل… وجدد تعاقدات كتير المرة دي."
رضوان بهدوء:
ـ "عرفت من مالك، بس ما اهتمتش قد اهتمامي بالخساره اللي هتحصل."
علي عينه لمعت وقال بجفاف:
ـ "مع توقيت ظهور الحقيقه اللي تهمني… مش هينول صحابها خساره وبس."
رضوان ركز فيه باستغراب:
ـ "أمال هينول إيه؟"
علي ابتسم ابتسامه بارده وهو بيرجع خطوه ورا:
ـ "هينول جهنم."
---
يوسف كان قاعد فى عربيته، بيرن على أخته وعد، لكن التليفون ما بيردش. ضاق صدره وزاد توتره. وهو سايق لمح عربية راكنة على جنب، وبنت واقفة عندها. وقف يوسف ونزل يشوف.
لفت ياسمين، أول ما شافته ابتسمت بخجل:
ـ "إزيك يا يوسف؟"
يوسف رد وهو بيحاول يبان عادي:
ـ "إزيك يا ياسمين، عاملة إيه؟"
قالت بسرعة وكأنها عايزة تطمنه:
ـ "بصراحة في حد رن عليا، فقلتله إن وعد كانت عندي من امبارح… وإننا روحنا الجامعة سوا. قولت نفس الكلام اللي إنت قلتلي أقوله."
يوسف قرب منها، مسك إيدها بعفوية وقال بنبرة امتنان:
ـ "شكراً يا ياسمين."
قلبها دق جامد من لمسته، وبصت لإيده اللي ماسك إيدها. حاولت تخفي ارتباكها وقالت:
ـ "ماعملتش حاجة… بس هي وعد كويسة، صح؟"
يوسف أخد نفس عميق:
ـ "خلاف بسيط في البيت… وبابا لو عرف هيضايق. فقلتله إنها كانت عندك كنوع من التغيير."
ياسمين هزت راسها باهتمام:
ـ "آه… أنا كنت قلقانة بس تكون مختفية أو في حاجة حصلت."
يوسف ابتسم ابتسامة بسيطة:
ـ "لا، متقلقيش… وشكراً تاني يا ياسمين."
سحب إيده بلطف وركب عربيته، قبل ما يمشي بص لها وابتسم بخفة. ياسمين فضلت واقفة مكانها، عينيها بتلمع بالفرحة. حسّت إنها كانت عايزة اللحظة دي تطول أكتر، لأنها معجبة بيه من زمان.
وهي راجعة لعربيتها، لمست إيدها اللي لسه حاسة بدفا لمسته، وقالت بصوت واطي لنفسها:
ـ "قريب يا يوسف…"
ركبت عربيتها ومشيت وهي لسه مبتسمة.
---
في الليل، كانت وعد قاعدة في الفيلا من ساعة ما كلمت يوسف. قلبها مضايق ومش عارفة ليه… يمكن لأنها حاسة إنها قلقتهم، أو يمكن خايفة تعمل مشاكل أكبر.
افتكرت كلام علي لما قالها: "لو عايزة تكلمي يوسف تطمنيه… وبالمرة ادي بدران نبذة باللي حصل." ساعتها ما فهمتش قصده. لكن لما رنت وباباها كلمها وسألها ليه خرجت، حسّت بالوجع… لأنه ما يعرفش إنها مجروحة، بالعكس فاكرها خرجت دلع أو عناد. كانت عايزة تقولله كل حاجة اتقالتلها، لكن لقت نفسها متصنفة غلط.
قامت من مكانها وطلعت على الأوضة اللي نامت فيها. وقفت عند باب أوضة علي، اللي منعت نفسها تدخلها طول اليوم. بصّت في الساعة… ما تعرفش هيرجع إمتى.
ترددت ثواني، وبعدين فتحت الباب ودخلت. المكان كان مرتب على الطراز الحديث وهادي بشكل مدهش. رغم إنها مش عارفة إمتى أخد علي الفيلا دي، لكن متنكرش إنها جميلة… حتى أوضته منظمة بدقة.
شافت اللاب بتاعه على المكتب، مدّت إيدها ولمسته، وتخيلته قاعد عليه مركز في شغله. ابتسمت بخفة من غير ما تحس. لكن عينيها وقعت على حاجة تانية… قنينة زجاجية فاخرة، اللي دايمًا بتكون قدامه.
مسكتها بين إيديها، قلبها دق بسرعة… فتحت الغطاء وشمّت ريحة قوية منها. افتكرت ساعتها لما سألته قبل كده، وقالها وهو بيتحكّم: "ده عصير."
همست لنفسها:
ـ "مفيش مانع… أجرب."
وعد فتحت القنينة، وقرّبتها من شفايفها. أول ما داقت، وقفت في مكانها متجمدة… إحساس لاذع وصودا قوية ضربت حلقها. ضاقت عينيها وقالت بحدة:
ـ "إيه ده… طعمه فظيع أوي!"
رجّعت القنينة على المكتب وبصّت لها باستغراب. ورغم الطعم القبيح، كان فيه حاجة غريبة… شيء مميز جواها بيشدها.
قربتها تاني بشجاعة، ودفعتها بسرعة لحلقها وهي مغمضة عينيها بقوة. بعد ما ابتلعت، اتنهدت بعمق، وقالت بابتسامة خفيفة:
ـ "مش وحشة…"
...
في مكان تاني، سهير خارجة من الكباريه اللي بتشتغل فيه. وقفت على الرصيف عشان توقف تاكسي. فجأة حسّت إن فيه عيون بتراقبها من بعيد. التفتت بسرعة… لكن ما كانش فيه حد.
ركبت التاكسي وقالت عنوانها للسواق، وهي لسه حاسة بشوية قلق غامض.
مسكت تليفونها… لقت رسالة من يوسف:
"إنتي فين؟"
ابتسمت من غير ما تفكر، وردّت: "لسه مخلّصة شغل وجاية."
لكن فجأة لقت مكالمته جاية. ردّت بسرعة وهي بتحاول تخلي صوتها دافي:
ـ "إيه يا حبيبي… فينك؟"
قال يوسف بجدية:
ـ "عندي شغل مهم… بس مش هعرف أشوفك النهارده."
شدّت نفسها وقالت بنبرة عتاب صغيرة:
ـ "ليه؟"
رد يوسف وهو باين عليه متضايق:
ـ "حوار حصل في البيت."
اتنهدت سهير وقالت بهدوء:
ـ "تمام… في أي وقت هستناك."
قفل يوسف مع سهير المكالمة، وهي كانت وصلت بيتها. نزلت من التاكسي، وقفت لحظة قدام العمارة، وبصّت لبعيد… قلبها دق بسرعة، حاسّة إن فيه عيون بترصدها من مكان مجهول.
تنهدت وحاولت تطنّش الإحساس، ودخلت بسرعة وأقفلت الباب وراها. لكن على جنب البيت، كان فيه راجل واقف في الضلمة، ماسك تليفونه على ودنه. قال بهمس:
ـ "ألو يا باشا… هي لسه واصلة حالاً. لوحدها… مفيش حد معاها، والبيت فاضي. حاضر يا باشا… أول ما ييجي هبلّغك فوراً."
...
 علي رجع الفيلا. نزل من عربيته، ودخل البيت. استغرب من الصمت الغريب… هدوء مش طبيعي، كأن المكان نايم.
طلع السلم بخطوات حذرة، وفجأة سمع صوت ضحك جاي من أوضته. وقف مصدوم لحظة، قلبه بيقول إن في حاجة غلط.
فتح الباب ببطء… وبص جوه.
شاف وعد قاعدة على الكنبة في أوضته، بتضحك من غير وعي. ضحك غريب، بريء وفيه رعشة مش مفهومة.
اتجمد مكانه، وعينه ضاقت باستغراب شديد. أول ما شافته، رفعت راسها، ابتسمت له ابتسامة واسعة وقالت باندفاع طفولي:
ـ "عمي!"
قامت بسرعة كأنها رايحة له، لكن رجليها خانتها. كانت هتقع، لولا إنه لحقها في آخر لحظة. وقعت على كتفه وهي لسه بتضحك بخفة.
بصّ لها علي وهو مش فاهم حاجة، عينيه كلها تساؤل وصوتها بيقطّع اللحظة:
ـ "اتأخرت ليه؟"
بعد ما ساندها، علي أبعدها عنه خطوة وقال:
ـ "مالك؟"
رفعت عينيها بتلقائية وضحك قالت:
ـ "مالي…"
قاطعها بصوت آمر:
ـ "اقفي عدل!"
شدّت نفسها بسرعة، حاولت تثبت رجليها لكن جسمها كان بيترنّح، ووشها واخد ملامح طفولية متغضّنة كأنها متدلعة.
ضيّق عينه علي وسألها:
ـ "شربتي إيه؟"
ابتسمت وقالت ببساطة:
ـ "عصير."
مسكها وقربها منه، شَمّ ريحة واضحة… عيونه اتسعت:
ـ "خمرة!"
ـ "لأ… عصير."
رجعت راسها على كتفه من غير ما تاخد بالها من غضبه. علي كان مذهول من حالتها… لقتها بتبتسم وهي بتقول:
ـ "إنت بنيتك قويه… ليه؟"
ابتعدت عنه بخطوة وبدأت تترنّح تاني. مسك دراعها بسرعة ومنعها تقع، ووجّهها ناحية الكنبة وقعدها. فضلت مبتسمة بعفوية.
عينه وقعت على الزجاجة بتاعته على الطاولة… قلبه وقع. مسكها، لقاها فاضية. رجع بص لها
ـ "شربتيها؟!"
كانت مستلقية على الكنبة، بصّت له بنصف وعي. مسكها من كتفها وهزّها بلطف:
ـ "وعد… ردي! شربتي دي؟"
أومأت برأسها بإيجاب وقالت بخفّة:
ـ "طعمها حلو أوي… بس للأسف خلصت."
حاول يبعد إيده عنها، لكن هي أخدت وشها بعيد وهمست بتأثر طفولي:
ـ "إيدك قويه… بتوجعني."
تنهد علي وقعد جنبها على الكنبة. فضلت تبص له بنظرة بريئة، وبعد لحظة سألت:
ـ "إنت زعلان؟"
مردش، فمالت أكتر نحوه، وعينيها في عينيه مباشرة، ابتسمت وهمست:
ـ "أنا آسفة… هجبلك عصير أحسن منها."
بصلها علي بحدة، لكن عيونه اتعلقت بعيونها اللي بتحوله لشخص تاني تمامًا.
قربت منه وعد، حطت كفيها الصغيرين على وشه وقالت:
ـ "اضحك شوية… متكشرش."
رغم عينه، ابتسم… ملامحها العفوية كانت بتضحكه غصب. فجأة مالت على رقبته، غاصت فيها كأنها بتدور على أمان.
اتسعت عيونه وهو حاسس بحرارة أنفاسها، وقلبه بدأ يخبط بعنف، كأنه بيدق طبول إنذار جواه.
همست بصوت واطي وهي لسه ملتصقة بيه:
ـ "البرفان بتاعك… ريحته حلوة."
ارتبك، ونظر لها بثبات… لقاها بتقرب أكتر من صدره وتقول ببراءة صادمة:
ـ "كل حاجة فيك جميلة… يا عمي."
زمّت شفايفها بخفة وأضافت:
ـ "لو مكنتش عمي بس…"
سألها علي بابتسامة :
ـ "كنتِ هتعملي إيه؟"
ردت ببساطة طفولية:
ـ "هتجوزك."
وقف مذهول من الكلمة… عينه مرعوبة، بس هي كملت كأنها مش واخدة بالها:
ـ "وكنا هنرقص سوا… زي الحبيبين."
مسكت إيده بقوة تفاجأ بيها، قامت وسحبته معاها. اتعلقت برقبته وهو تلقائيًا حط إيده على وسطها يساندها، وهي بتتحرك حركات غير متزنة، أقرب لبهلوانية من الرقص.
ابتسم رغمًا عنه، وقال بصوت هادي لكنه متوتر:
ـ "وعد… اقعدي. إنتي تعبانة."
ضحكت وهي بتلف حوالين نفسها بين إيديه:
ـ "بالعكس… أنا حاسة إني طايرة… في السما أوي."
كانت وعد بتلف حوالين نفسها وهي بتضحك بخفة، وعيون علي متسمرة عليها.
كأنها عرض ترويجي بيُسحره… يخليه يبتسم كأنه نسي الدنيا كلها.
قالت وهي بتتأمله ببراءة:
ـ "ابتسامتك جميلة أوي… يا عمي."
رد بابتسامة هادئة:
ـ "إيه كمان؟"
قالت وعد بصدق طفولي:
ـ "إنت دايمًا جدي… بس أنا بفرح لما بشوفك بتضحك معايا أنا. مع أي حد تاني بتفضل عابس."
كشرت وشها بتمثيل وضحكت، فرفع هو ذراعيه فقلدته وهو يضحك عليها  وحط إيده تحت ذقنه بقلة حيلة منها وهى قلدته تانى، كأنها طفله بتنافسو في اللعب.
وسط تحركاتها المفاجئة، اختل توازنها ووقعت على السرير… صوت "الطرقة" مع ارتطامها ملأ الغرفة.
ارتفعت حيرتها الحريرية عن ساقيها، لكنها ما اهتمتش… فضلت تتقلب على السرير بخفة وهي تهمس:
ـ "لو بس… مش عمي."
ابتسامته خبت فجأة، ووقف مكانه متجمد.
قرب منها بخطوات بطيئة وقال بصوت هادي:
ـ "يلا يا وعد… تعالى أودّيكي أوضتك."
مد إيده يمسكها، لكنها شدت دراعه فجأة… فوقع فوقها.
اتجمد الزمن…
قلب علي بدأ يخبط بعنف، ودقات صدره تتسابق مع أنفاسها.
هي فضلت صامتة، عينيها معلقة في عينيه من المسافة القريبة جدًا اللي بقت بينهم.
رفعت كفيها بلطف ولمست وشه… قالت بصوت متقطع:
ـ "المشاعر دي… غلط، صح؟"
صمته كان قاتل، عجز يبعد أو يرد.
همس أخيرًا، بصوت رجولي مخنوق:
ـ "مشاعر إيه؟"
أمسكت يده فجأة، ورفعتها لحد قلبها… عند الجهة اليسرى من صدرها.
وقالت بنبرة مهزوزة لكنها صادقة:
ـ "ده بيغلط قوي… صح؟
ليه إنت؟… أنا بحاول… بس ليه إنت؟"
قعد الصمت يسيطر على المكان، وتليفون علي رنّ فجأة، لكن هو ما تحركش.
"متمشيش… وتسيبني هنا تاني."
قالتها وعد وهي متعلقة في رقبته، صوتها كان بيرتعش كأنها مش قادرة تستحمل بعده عنها.
علي فضل ساكت، عينه في عينها، وكل ما يحاول يبعد يلاقي نفسه بيرجع أقرب، كأن في قوة خفية بتشده ليها. حاوطها بذراعيه وقال بصوت متقطع:
"ولو قلتلك… إني مش عمك؟"
نظرتله وعد بصدمة، ملامحها اتبدلت للحظة، لكن ما لحقتش ترد، لقت علي بيقرب منها أكتر، حدّة نظرته بتكسر أي مقاومة. شدها من ضهرها لحد ما حسّت بأنفاسه على وشها، وباس شفايفها قبلة طويلة صامتة.
غمضت وعد عينيها، وكل كيانها ارتعش. بإيديها مسكت قميصه وشدت الأزرار لحد ما فتحتهم، وهو ساعدها، رمى القميص على الأرض وهو مش قادر يسيطر على نفسه.
رجعت لورا مرتبكة، لكن علي ما ادالهاش فرصة للهروب، حضنها أكتر وقال بصوت مجروح:
"حاولت… والله حاولت… لكن بيفضل كه قدرك."
قرب من ودنها وهمس:
"أنا قدرك."
 كان يوسف داخل الكباريه.
خطواته تقيلة، وصوته الداخلي مليان غضب. أول ما شافه النادل ابتسم وقال:
"أهلاً بيك يا باشا."
قدمله الكاس المفضل عنده، أخده يوسف ورشف رشفة سريعة، وبنبرة مكسورة مسح شعره لورا وقال:
"إنتي فين يا وعد؟"
تنهد يوسف تنهيدة عميقة، وشرب الكأس مرة واحدة. فجأة جات واحدة خبطته.
ـ "أنا آسفة."
التفت لها يوسف، وكانت ماسكة منديل وتحاول تمسح حاجة. اللحظة دي ملامح يوسف اتقلبت ميت درجة، كأنه شاف ملك الموت. مسك إيدها بقوة. البنت اتشدت من قبضته:
يوسف ـ "فاطمه؟"
في دماغه ظهر وجه بنت تاني مختلف عن اللي قدامه، صورة ملقّطة من الماضي رجعت له فجأة. بصوت خافت وحاسم قال:
ـ "مش هتمشي تاني."
البنت زقته بقوة وقالت وهي بتستغرب:
ـ "مجنون ولا إيه؟!"
الناس اتجمعت وبصت، والهمهمة تعالت. ظهرت سهير فورًا وسط الزحمة ونادت عليه:
ـ "يوسف!"
لكن عيون يوسف كانت لسه راكزة على البنت. لما حاولت تتهرب وراحت تمشي، مسكها بقوة. سهير شدته وقالت:
ـ "يوسف، ف اى؟"
ـ "ابعدي… مش هسمح لها تهرب."
سهير ـ "هي مين دي يا يوسف؟"
نطق يوسف بكلمة واحده وثقيلة كالصاعقة:
ـ "فاطمة… الى قت.لتها."

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا