رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس والاربعون 46 بقلم مريم محمد
رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس والاربعون 46 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس والاربعون 46 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس والاربعون 46 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس والاربعون 46
رواية هيبة نديم وليلي الفصل السادس والاربعون 46
_ العاصفة _ :
-تقدر تشتري أي حاجة في الدنيا بالفلوس.. حتى الحب أحيانًا. لكن إلا حاجة واحدة بس مالهاش تمن.. ولا حد يقدر يكتسبها... الهيبة!
إستدار "دياب نصر الدين" بعد إتمام جملته، ليواجه "زين" بنظرة ملؤها الثقة، ثم قال بثباتٍ وهو يضع فنجان قهوته فوق طاولة جانبية:
-الهيبة يا زين. مش حاجة الإنسان ممكن يتعلّمها.. دي غريزة بتتولد معاه
وبتكبر كل ما بيكبر. الهيبة إللي بتجبر أعلى وأكبر الناس يلتفتوا ليك. يخضعوا
الهيبة مفعولها أقوى من الحب.. لأنها لو موجودة. السيطرة من أول نظرة مضمونة.
يتطلّع "زين" إليه ممعنًا التفكير بكلماته، لا يزال جالسًا أمامه في استرخاءً، واضعًا ساق فوق الأخرى، مسندًا ذقنه إلى قبضته القوية ..
تنهد بعمقٍ، ثم قال بصوته الأجش:
-يعني في رأيك نديم الراعي قدر يسيطر على ليلى بقوة شخصيته. بالهيبة زي ما بتقول.. ولا إن في بينهم حب؟
أمال "دياب" رأسه مفكرًا للحظة وقال:
-نديم الراعي مايقلّش قوى عن أي حد فينا.. أنا أعرفه كويس وأعرف عيلته. وكل إللي قلتهولك دلوقتي ينطبق عليه مية في المية.
-ماجاوبتش على سؤالي يا دياب!
رمقه "دياب" بنظرة صمت مطوّلة، ثم تقدّم خطوتين ليجلس على مقربة منه، وقال باسلوبه الفاتر الشهير:
-بص يا زين. نديم راجل ذكي جدًا. وقوي. وعنده نفوذ
والحاجات دي لما تتجمع في إنسان بيعملوا منه كيان ناري
لو قرّبت منه تتحرّق أكيد.. إللي بيربط بين ليلى ونديم في المقام الأول سلطته عليها
زي ما قلت لك نديم نفوذه واسع ومغطي كل إللي حواليه حتى عيلته
مهران الراعي مايملكش شيء ومايقدرش يتحكم في أي حاجة بدون ما يرجع لابن أخوه
إللي درسته وفهمته كويس اليومين إللي فاتوا إنه كان قايم معاها بدور الولي. أو المسؤول
ليلى اتربت في بيته. تحت جناحه وسيطرته طول عمرها
كل صفة فيه وأبرزهم الهيبة إللي في دمه وطبعه خلتها إجباري تخضع له.. وبعدين منغير ما تحس وطبيعي وقعت في حبه.
زين باستنكارٍ حاد:
-لدرجة إنها تتعمي عن الصح والغلط؟
لاحت على ثغر الأخير شبه ابتسامة تهكمية وهو يرد عليه:
-مش هاتفهم سطوة الهيبة إللي نتيجتها الطبيعية حب طول ما قلبك متحصن بسور نفوذك وقوتك يا زين.. لما يجي يوم وتقابل حد يقدر يلاقي ثغرة فيك. ساعتها بس هاتفهم.
انفعل "زين" بغتةً وقد ثار اعتراضًا:
-أفهم إيه يا دياب؟؟!!
دياب ببرودٍ شديد نقيض غضب الأخير المستعر:
-تفهم ان الحب ضعف.. أكبر نقطة ضعف للإنسان وإللي لو لاقيتها ممكن تدمره حتى لو كان من جبل... يتهدّ!
زين بسخرية لاذعة:
-بتتكلم كأنك مجرّب!
ده انت قدوتي في الثبات الانفعالي والبرود يا عمي
أنا عمري ما شوفتك راجل عاطفي.
اكتفى "دياب" بابتسامةٍ باهتة ولم يرد عليه ..
ليظهر بعد ثوانٍ فردٌ آخر من العائلة، الابن الوحيد لـ"غنيمة نصر الدين".. اقتحم المجلس الصغير الآن ...
-عمـي ديــاب!!!
_________________________________________________________________________
في ذات المقهى التي إلتقيا بها قبل بضعة أيام ...
جلس "عمر البدري" قبالة "راندا منصور".. كلاهما على صمتهما منذ لحظة اللقاء ..
يدخن هو سيجارته موزعًا نظراته في كل مكانٍ إلا صوبها، وتظل هي في ترقبٍ مكتفية بملاحظة ردود أفعاله الصامتة.. إلى أن أستقر بصره عليها أخيرًا ..
حبس أنفاسه لا شعوريًا كدأبه كلّما وقعت عيناه عليها فجأةً، كالعادة تأسره تفاصيلها، جاذبية ملامحها الدقيقة، عيناها البنيتان كلون السائل الشهيّ بفنجان قهوته، شعرها الداكن الأشبه بنسيجٍ من الحرير الفاخر ..
ورائحتها ..
رائحتها التي لا ينساها مهما مرّ الزمن، فهي مزيجٌ فريد بين الأنوثة الناعمة والطبيعة الصافية، تركيبة يظنّها شذى من عبير الياسمين، تتغلغل قليلًا ليحسبها أزهار الكرز، ثم يستقر نهائيًا على قاعدتها المؤلفة من نسيم خشب العود والمِسك، فيقرر أخيرًا بأنها خليطٌ من جميع ما سبق ..
إنه العطر الذي تجرأ ذات مرة وسألها عن أسمه، فأجابته بابتسامتها الخجلى الحلوة: "أسمه Kenzo Amour!" ...
-تقدري ترتاحي دلوقتي يا راندا!
عبست "راندا" رامقة إيّاه بعدم فهم، ليكمل وهو يطفئ سيجارته بالمنفضة أمامه دون أن يحيد بناظريه عنها:
-حقك من نديم بيرجع.. عشان أكون دقيق أكتر
بكرة هايكون حقك منه رجع.
رفعت حاجبيها المرسومين بإتقانٍ وقالت:
-عمر انت عايز تقول إيه؟ أنا مش فاهمة منك حاجة من ساعة ما كلمتني!
سحب نفسًا عميقًا وتجرّع ما تبقّى من فنجان قهوته دفعةً واحدة، ثم حدق إليها ثانيةً وقال بصوته الخشن:
-بكرة ليلى هاترجع لأهلها.. المكان إللي واخدها فيه نديم أنا عارفه
شقة في الزمالك كان شاريها من سنين ومعرّفني بيها. أنا بقى بلغتهم عنها
بعد ما روحت بنفسي واتاكدت إنهم هناك لما شفت عربيته راكنة تحت البيت.
قطبت جبينها بشدة مرددة:
-انت عملت كده فعلًا؟ مش بتهزر يا عمر صح؟
-مالك مستغربة كده ليه؟ ألا تكوني مضايقة من إللي عملته كمان؟
راندا بغضبٍ حقيقي:
-عايز الصراحة لو إللي بتقوله ده صحيح يبقى آه. مضايقة منك ومن إللي عملته
لأن بعيدًا عن أزمتي ومشكلتي مع نديم.. أنا عمري ما تخيّلت إنك تضربه في ضهره
انت يا عمر؟ انت؟ انت تخون نديم؟
انتوا مش بس قرايب.. ده كان بيعتبرك أخوه!!!
يكز "عمر" على أسنانه مغمغمًا بغلظةٍ:
-زي ما حرمني من أختي واتسبب لنا كلنا في كل ده كان لازم يتعاقب.. وعقابه هو حرمانه من ليلى. أعز حد على قلبه.
هزت رأسها غير مصدقة ما يقوله، وردّت بخيبة أمل:
-معقول انت بتقول كده؟ انت نفس الشخص إللي كان قاعد قدامي من كام يوم وبينصحني ويعقّلني؟
انت بقيت كده إزاي يا عمر؟ رد عليا إيه إللي وصلك لكده؟؟
لم يسمح لكلماتها بالنفاذ إلى هدفها المنشود، أغلق الستار على عاطفته وهو يرد عليها بقساوةٍ غير مألوفة:
-قبل ما تفهموا وتدوقوا معنى الخسارة لمرة واحدة في حياتكوا.. أنا جرّبتها مرة بعد مرة بعد مرة
بس المرة دي ماخرجتش من التجربة زي أول مرة. من اللحظة دي كلكوا مش هاتشوفوا غير عمر ده
لأن كل واحد فيكوا ساهم في تكوينه حتة حتة.. وقبل ما تفكريني بمثاليتي. افتكري إنك سمحتي لكرامتك تداس لما قبلتي تتجوزي راجل ماحبكيش. واوعي تفتكري إن وقتها كنتي شاطرة أوي.. انتي لأول مرة في نظري تطلعي غبية... غبية جدًا يا راندا!!
ونهض بغتةً ملقيًا الحساب بسخاءٍ غير محسوب فوق الطاولة ..
ثم همّ بالرحيل، بل إنه انطلق بالفعل نحو باب الخروج، لتلحق به "راندا" هاتفة:
-عـمــــــــر!!
كانت تركض خلفه حرفيًا وهي تنادي عليه بصوتٍ مسموع استرعى انتباه المارّة بالخارج، إلا إنه لم يتوقف، في طريقه إلى الكراج الذي أودع به سيارته، يسمعها، يميّز خطواتها المهرولة في تجاهلٍ مصمم وعلى أمل أن تسأم وتغادر ..
لكنها لم تفعل، وظلّت ورائه، حتى تمكنت أخيرًا من القبض على رسغه الصلب صائحة:
-أستنى يا عمر.. أقف من فضلك وكلمني
بص لي يا عمر!
إلتفت نحوها نافذ الصبر وهتف بها:
-عاوزة إيه مني يا راندا؟
أجفلت باضطرابٍ لوهلةٍ وقالت بلهجة أقل حدة:
-انت مالك؟ أنا حسّاك مش على طبيعتك.. مش معقول قصة ريهام وجوازها هي إللي عاملة فيك كل ده!
-هاتفرق معاكي؟ لو في أسباب تانية. يهمك أوي تعرفيها؟؟
-أكيد.. أكيد يا عمر
انت عارف غلاوتك عندي. قبل حتى ما أعرف نديم
انت كنت في حياتي.. كنت أعز صديق ليا!!
سكت "عمر" لثوانٍ معدودة، عيناه مسمّرتان في ملامحها التي لا تنفك تذكره بكل ما حاول أن ينساه، ولكن كيف؟
كيف وهي تقف أمامه بصدقٍ عارٍ من أيّ قناع؟
صوتها المرتجف عندما قالت:"كنت أعز صديق ليا!" ضرب قلبه كصفعةٍ قاسية ..
صفعة أيقظت فيه ما كان ميتًا، وما لم يمت يومًا فعليًا!
اقترب منها خطوة واحدة فقط، خطوة كفيلة بأن تختصر سنواتٍ من المكابرة، ثم همس بصوتٍ مبحوح:
-صديقك؟ هو ده كل إللي كنته بالنسبة لك يا راندا؟
لم يمنحها فرصة لتجيب ..
ولا حتى لتلتقط أنفاسها ..
إذ انحنى نحوها فجأةً، وقبّلها قبلة مباغتة، عميقة، متوترة، كأنها انفجارٍ مكتوم منذ أعوامٍ طويلة من القهر والحنين المكبوت ..
حملت قبلته كل التناقضات: الغضب والاشتياق، الندم والرغبة، اللوم والحب في آنٍ واحد ..
تجمّدت "راندا" أول الأمر، صُعقت، عيناها اتسعتا في ذهولٍ، وجسدها توتر كوتر آلةٍ مشدود على آخره، ثم شيئًا فشيئًا بدأ الصراع يذوب بداخلها ..
شعرت بحرارته تلامس برودتها الداخلية التي كبّلتها من بعد الرجل الذي عشقته وهجرها ..
لا تعرف كيف سمحت لنفسها للحظة أن تستسلم، ليس له، بل للصدق الذي أخذ يبّثه في احساسه نحوه، صدقٍ أرعبها وأدهشها في نفس الوقت ..
لكنها ما لبثت أن أُفلتت منه وهي تدفعه بيدٍ وصفعه بالأخرى، كأنها استيقظت من حلمٍ محظور!!
تراجعت خطوة للخلف، تلمس شفتيها المتوّرمتين بذهولٍ، صوتها يتهدّج وهي تقول محملقة فيه بصدمة:
-انت.. إزاي تعمل كده؟!
أما "عمر".. فلم يتأثر كثيرًا بصفعتها ..
الأحرى أنه لم يشعر بها تقريبًا ..
حدق فيها بعينين ملؤهما الفوضى، كأن تلك القبلة لم تُطفئ شيئًا، بل أشعلت كل المشاعر بداخله أكثر ..
همس بصوتٍ مبحوح متكسّر:
-عملت كده.. عشان تعرفي أد إبه كنت غبي زيك
وأنا بحاول أعاملك طول السنين دي كصديقة.. وأنا عمري ما شوفتك كده يا راندا!
ثم أدار وجهه قليلًا وهو يضيف بصوتٍ مكتوم:
-دلوقتي عرفتي أنا دايمًا كنت بشوفك إزاي!!
أطلقت "راندا" أنفاسها المضطربة، قلبها يدق بعنفٍ وهي تتأرجح بين صدمةٍ لا تصدقها، ومشاعرٍ تعصف بكيانها لأول مرة!
لم تتحمّل الكمّ الهائل من المشاعر المختلفة، لملمت شتات نفسها بصعوبةٍ وفرّت هاربة من أمامه، تركض وهي تكاد لا ترى من الدموع الني غشيت عيناها دون سابق إنذارٍ ...
_________________________________________________________________________
هتف "كرم" بصوتٍ جهوري
استقطب نظرات كلًا من "دياب" و"زين".. بينما يمتثل أمام "دياب" بهيئته المتوّقدة ...
-إيه بايني مالك؟ .. سأله "دياب" بغرابةٍ
جاوبه "كرم" بعصبيته المعهودة:
-أمي يا عمي. يرضيك إللي جدي بيعمله فيها دِه؟ أمي تبجى بتّه وفوجه ست كَبيرة
يحبسها كيف الحيوانات. الوكل والشرب يدخلوا لها من تحت باب الأوضة؟
بص يا عمي. دي إهانة أنا ماجبلهاش على أمي. دي أمــي يا خــلـج!!!
نهض "دياب" من مكانه قائلًا بدلوماسيته الشهيرة:
-طيب اهدى يا كرم.. اهدى.
وحطّ بيده فوق كتفه مستطردًا:
-أولًا لازم تحط في اعتبارك إن غنيمة دي مش بس أمك. دي بنت رياض نصر الدين.. يعني جدك
وجدك حر في تصرفاته مع بنته. محدش فينا يقدر يدّخل يا كرم.
لم يتفهم "كرم" هذا الكلام، بل ثار بعصبية أشدّ:
-كيف يعني الحديت دِه؟ أمي مخلّفة رااااجل. أمي ماتتبهدلش يا عمي. أنا جيتك عشان ما تشوف لي حل. ما عاوزش أجف جصاد جدي!!
تدخل "زين" في هذه اللحظة محتدًا:
-اتأدب يا كرم وانت بتتكلم عن جدك.. ماتنساش نفسك!
كاد الأخير يرد عليه، فقاطعه "دياب" مدركًا فداحة الاشتباك بين الرجلين والذي لن تكون الغلبة فيه لـ"كرم" بالتأكيد:
-أسمعنـي يا كرم.. أسمعني يابني
مش انت جيت لي زي ما قلت؟ خلاص أنا هاتصرف
أنا هاتكلم مع جدك وهانصفي مشاكله مع أمك
بس أنا عاوز أقولك حاجة. إللي عملته غنيمة غلط كبير
أنا شخصيًا إستحالة أسامحها عليه.
كرم باستنكارٍ: أمي غلطت يعني عشان ما دارت عنكم الفضيحة؟
انت وجدي راضيين عادي بالعار؟ هاتبجى البت وخلفها؟؟
لأول مرة يتمكن الغضب من "دياب".. ويتركز في نظراته وصوته وهو يرد على الأخير بلهجة هادئة مخيفة:
-البت دي اتقيدت على أسمي خلاص. يعني بقت بنتي على الورق وقدام الناس كلها.. من اللحظة دي يا كرم لسانك نطق عليها كلمة بطّالة. أنا بنفسي إللي هاحاسبك.. واتأكد إن عقاب جدك لأمك هايكون أهون بكتير من عقابي ليك.. مفهوم؟
صمت "كرم" ولم يستطع ردًا عليه ..
فأشاح "دياب" عنه ناظرًا إلى "زين".. وقال ببرودٍ:
-جهز لي نفسك بكرة.. هانروح نجيب ليلى!..............................................................................................................................................................
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا