رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والخمسون 52 هى رواية من كتابة مريم محمد رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والخمسون 52 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والخمسون 52 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والخمسون 52

رواية هيبة نديم وليلي بقلم مريم محمد

رواية هيبة نديم وليلي الفصل الثاني والخمسون 52

_ الأولى _ :
جلست تحصي دقات قلبها منذ سماعها هدير محرك سيارته، عرفت فورًا بأنه قد عاد للمنزل، وتأكدت بمجرد أن ألقت نظرة من وراء ستار شرفتها ورأته ..
تحركت في غرفتها بعشوائية، عقلها وكأنه شلّ عن التفكير لدقائق، حتى أستقرّت بالنهاية على الجلوس في أريكتها الصغيرة، والتظاهر بالقرأة، لأنها واثقة من إنه سوف يقتحم غرفتها بأيّ لحظة ..
وبالفعل ..
إن هي إلا دقائق أخرى حتى ارتعدت فرائصها فور سماعها قرعًا عنيفًا على باب الغرفة ..
قسرت نفسها على الهدوء وهي تهتف من مكانها:
-أدخــل!
لم تمر ثانية، إلا ودفع الباب، ليظهر "زين" من خلفه ببنيته الضخمة، مخيفًا كالوحش الكاسر ..
تمالكت أعصابها وهي تبتسم له بوداعةٍ قائلة:
-أهلًا زين.. إيه المفاجأة الحلوة دي؟
أول مرة تزورني في أوضتي. خير في حاجة ولا إيه؟!
أستاطعت أن تشعر بذبذبات غضبه عن بُعدٍ، بينما يلج تاركًا الباب مفتوحًا خلفه وهو يقول بصوتٍ أجش:
-وانتي بتضربي مراتي يا شهد توقعتي لما أعرف هايكون ردّ فعلي شكله إيه؟
آلمتها الكلمة.. وصفه لمكانة تلك الفتاة بحياته.. إقراره بأنها زوجته!
ابتلعت غصّتها وردّت عليه باستنكارٍ واجمٍ:
-ضربت مين؟ مراتك؟
سلامة الشوف يا زين. ما أنا قاعدة قصادك أهو وماتحركتش من مكاني من الصبـ ...
-ماتكدبيــــش!! .. صاح فيها بضراوةٍ
انتفضت شاخصة عينيها برعبٍ، ليكمل بغضبٍ واضح:
-ريـهام مش كدابة. انتي الكدابة
وقسمًا عظمًا يا شهد لادفّعك تمن إللي عملتيه فيها. إللي حصل ده مش هايعدي على خير!!
أغلقت الكتاب بعصبيةٍ، ثم وثبت قائمة وهي تقول باستهجانٍ:
-لا والله!
هاتعملّي إيه يعني يا زين؟ هاتمدني على رجلي ولا هاتحرمني من المصروف؟
طيب ضربتها. وريني كده أخرك!!!
ورمقته بتحدٍ سافرٍ ..
سرت دماؤه بغليانٍ في شرايينه وهو ينظر إليها بغضبٍ شديد، ولم يشعر بنفسه إلا هو مندفعًا نحوها، قبض على رسغها وجذبها بعنفٍ للأمام كما يفعل بالمجرمين ..
صرخت "شهد" باحتجاجٍ:
-انت بتعمل إيـه؟ شيل إيدك عني يا زيـن
انت واخدني على فيـن؟ اوووعـــى بقـولك ...
لكنه لم ينصت لها، وكأنها لا تتكلم، جرّها جرًّا حتى منتصف الرواق، دفعها نحو كرسي جانبي، فتأوهت بألمٍ، بينما صدح صوته الجهوري مناديًا:
-عـمــــــــــــــي سليمـــــــــــــتــــان... يـا جـــــــــــــــــــــــــــدي ...
واستمر في صياحه المصمّ للحظاتٍ، ليحضرا والديه أولًا فزعين على إثر صوته والطريقة التي ينادي بها، وفورًا تساءلا:
-في إيه يا زين؟؟
-مالك يابني حصل إيه؟؟
لكنه لم يرد على كلاهما ..
ثوانٍ وبدأت أبواب الغرف تنفتح، وخرج "سليمان نصر الدين".. يتبعه "رياض نصر الدين" الذي هرول نحو حفيده مرتابًا بشدّة:
-خير يا زين حصل إيه يا ولدي.. بتزعق كده ليه؟؟؟
انتبه "سليمان" لابنته ولاحظ حالتها المضطربة، فسأله بصوتٍ حاد:
-هاتهمّلنا نسأل في إيه كاتير؟ إيه الغاغة إللي عاملها دي؟ ما ترد!!
قست ملامح "زين" إلى أقصى حدٍ وهو يقول مخاطبًا جدّه أولًا:
-أسمعني كويس يا جدي.. أنا طول عمري ماشي في طوعك وماخرجتش عنه
كل كلمة بتقولها لي بنفذها منغير ما أناقشك حتى. ومكبرك من صغري لحد ما أنا نفسي كبرت عمري ما حسيت إني كبرت عليك. لكن بعد ده كله أحس إني مش متقدّر من عيلتي. في عز ما إللي برا كلهم عارفين ومقدرين كويس مين هو زين نصر الدين.. كده أفهم إن ماعادش ليا لازمة هنا وأكرم لي أخرج من دايرتك يا جدي.
شحب "رياض" لتهديد حفيده ولهجته العاصية لأول مرة، أدرك بأن المشكلة كبيرة حقًا، فرد عليه برفقٍ:
-ما عاش ولا كان إللي مايقدرش زين الرجال.. أنا طول عمري أقول عيلتي مالهاش كبير ولا سند بعد ربنا إلا انت يا ولدي. قولّي حصل إيه ومابقاش جدك رياض نصر الدين إن ما جبت لك حقك.
في هذه اللحظة، نظر "زين" إلى "سليمان" مستطردًا بصلابةٍ:
-عمي سليمان. بنتك غلطت إنهاردة غلط في وشك أول واحد.. للأسف ماعرفتش تربّيها وأنا عاذرك لأنك تقريبًا ربّيتها لوحدك منغير أم.
سليمان بحدة: انت إزاي تتحدت معايا بالاسلوب ده ياض؟ انت نسيت أنا مين؟
زين بلا اكتراث:
-لأ مش ناسي. وعارف أنا بقول إيه كويس.. بنتك مدت إيدها على مراتي
ولما روحت لها أكلمها ردّت عليا وقلّت أدبها. بنتك إللي المفروض خطيبتي وفي مشروع جواز. أتجوزها إزاي دي وهي واحدة مش محترمة ولا عارفة تحترم الراجل إللي معاها؟ دي حتى ماعملتش حساب ليك!!
كان "رياض" ينصت له باهتمامٍ، فما إن فرغ حتى رمق "سليمان" بغضبٍ قائلًا:
-الكلام إللي قاله زين ده مايرضنيش يا سليمان. معقول على أخر الزمن الحريم تقف قصاد الرجالة؟
بتّك صح مش متربية. إزاي ترد عليه؟ وكمان قبلها تضرب مرته؟
نظر "سليمان" نحو ابنته سائلًا باقتضابٍ:
-صح إللي جاله زين يا شهد؟ انتي عملتي اكده؟
إلا إن "زين" قاطع ردّها مخاطبًا إيّاه باستهجانٍ حاد:
-انت بتسألها؟ يعني أنا هاكدب عليك مثلًا؟
تدخل "رياض" بحزمٍ:
-عيب تراجع ورا كلام زين يا سليمان.. فيك إيه راخر؟
انتفخت عروق الأخير لشدة غيظه والضغط عليه من الجميع، وكل هذا بسبب سوء أخلاق ابنته، هي التي زجت به إلى هذا الموقف ...
-جول إللي يرضيك وأنا أعمله يا زين! .. قالها "سليمان" بجفافٍ نزق
حوّل "زين" ناظريه صوب "شهد" قائلًا:
-شهد قدامها اختيار من 3.. يا أجيب مراتي تعمل فيها إللي عملته معاها. يا تروح تتأسف وتعتذر لها لحد ما ترضى.. يا الخطوبة إللي بينا دي تنتهي دلوقتي حالًا وكل واحدة يروح لحاله.
-انت بتحلـم!! .. هتفت "شهد" بانفعالٍ، وأضافت برعونة:
-بتهددني بفسخ الخطوبة وفاكرني ميتة عليك؟ لأ يا سي زين ده انت تغور في ستين داهية انت ومراتك الهبلة ولا تفكر مجرد تفكير إن شهد سليمان تتذلل لجنابك انت وهـ ...
لم تكد تتم عبارتها ..
هجم أبيها عليها من فوره، يسكتها بضربٍ مبرحٍ، صفعاتٍ لا يحصها العدّ بينما يهدر فيها بخشونةٍ:
-أخـرســــي يا جليلة الرباية
صوتك ده مابعلاش. ماسمعش حِسك يا فا جرة. بتعرّيني جصاد أهلي. الكل عرف إني ماعرفتش أربي صح.. لا ده أنا أجتـ لك وأخلص من عارك بيدي!!!
ملأ صراخ "شهد" الأرجاء، بينما حاول كلًا من "طاهر" وزوجته الحؤول بين الأب وابنته، حتى تمكن "طاهر" بشقّ الأنفس من فصله عنها ..
انفجرت "شهد" باكية بين أحضان "رؤيا".. وصاح "سليمان" من بين أنفاسه العنيفة:
-تعتذري لخطيبك دلوق.. وإلا وعزة الله لاجطع خبرك.
-تعتذر لمراتي قبل مني يا عمي! .. قالها "زين" بذات النبرة الباردة
وكأن ما فعله بها "سليمان" لم يرضيه كفاية ..
رمقه "سليمان" بحنقٍ بَيّن، وأدار "طاهر" رأسه ناظرًا لإبنه وهو يقول بزجرٍ:
-خلاص يا زين.. مش وقته
عمك بيراضيك!!
زين بعنادٍ: أنا هاتراضى لما تتراضى مراتي.. مراتي كرامتها من كرامتي
وإللي غلط فيها كأنه غلط فيا. تعتذر لها ويخلص الموضوع.
لم يحاول "سليمان" إثارة النقاش أكثر وصرخ بابنته:
-جـووومي يابت.. خديها يا رؤيا لمرت ولدك عشان تعتذر لها
جـومي جامت جيامتك إن شالله.
تعالت شهقات بكائها، بينما تسحبها "رؤيا" وتنهضها برفقٍ، سار "زين" خلفهما حتى جناحه الخاص، دخل هو أولًا، ليجد "ريهام" كما تركها ..
جالسة فوق السرير، بجوارها "ميمي" تربض شامخة، ما إن رأتا "شهد" حتى تحفزتا ..
ارتعدت "ريهام" بخوفٍ، بينما زمجرت "ميمي" نابحة بتحذيرٍ، أسكتها "زين" بصيحة واحدة، فأذعنت الكلبة طائعة ..
غتجه نحو زوجتها مادًا يده إليها، سحبها صوبه قائلًا بهدوء:
-ريري.. شهد جاية تعتذر لك.
وأشار لأمه حتى تقرّب الأخيرة منها ..
كم كان هذا عصيبًا عليها، ثقيلًا لدرجة دفعتها لتمني الموت على طلب العفو من تلك الفتاة عديمة الفائدة بالنسبة لها، لكنها لم تجد بُدًا ..
بالكاد كانت "رؤيا" تسندها، عندما اقتربت خطوة واحدة وهي تقول بجفاءٍ بينما دموعها تسيل من غير بكاء:
-أنا آسفة عشان ضربتك.. ماكنتش أقصد.. أنا آسفة وده مش هايحصل تاني.
نظرت لها "ريهام" بريبة، وتشبّثت أكثر بـ"زين".. همست له وهي تزيد لصوقًا به دون أن تحيد عن الأخيرة التي لا تنفك ترمقها بنظرات غلٍ وحقد:
-خلّيها تمشي يا زين.. ريري مش عايزاها.
أشار "زين" ثانيةً لأمه لتخرج بها، فعلت "رؤيا" ما طلبه، ليمسك بكتفيّ "ريهام" ويحدّثها بلطفٍ:
-دقيقة وراجع لك يا حبيبتي.
وتركها مجددًا ..
عاد حيث ترك عائلته ...
-مرضي يا زين؟ .. سأله "سليمان" بصوتٍ حاد
أومأ له "زين" قائلًا بفتور:
-خلاص يا عمي الموضوع انتهى.. أنا كل إللي طالبه منكوا كلكوا إنكوا تحترموا مراتي
ريهام بنت سيادة السفير خلاص بقت على ذمتي. وأنا مش ناوي أغير ده أبدًا. ف أي حد عنده مشكلة في الموضوع ده يقول دلوقتي. احنا لسا على البر.
كان "سليمان" لينفجر به في هذه اللحظة لتعمّده إهانته بعد أن حطّ من شأن ابنته أيضًا، لولا تدخل "طاهر" بالثانية المناسبة:
-ربنا مايجبش مشاكل يا ولدي.. احنا كلنا أهل
ومرتك بقت مننا. محدش يقدر يقلل منها ماتقلقش.
وربت على كتف "سليمان" مبتسمًا وهو يضيف:
-ساعة شيطان وراحت.. بإذن الرحمن ماتعاودش تاني. وكلها كام يوم ونفرح بولادنا يا سليمان ياخوي.. أبوي حدد معاد فرح زين على شهد بعد اسبوعين ان شاء الله. الاسبوع الجاي كتب كتابه على ليلى. وبعدين الفرح الكبير لعروستنا شهد.
تدلّى فك "شهد" من هول الصدمة ..
تلك المعلومة جديدة، لم تكن تعرفها، إذن "زين" سيتزوج من "ليلى"؟
ستشاركها فيه امرأة أخرى غير تلك الخرقاء؟
لا يمكن ...
أحسّت "رؤيا" بانهيار الفتاة الوشيك، فأمسكت بها بإحكامٍ واقتادتها نحو غرفتها، بينما يقترب "رياض" من حفيده وهو يقول رابتًا على ذراعه باعتزازٍ:
-اوعك تاني مرة تقول إني مش مقدّرك.. انت مش حفيدي.. انت ولدي يا زين.. الدنيا كوم وانت كوم.
ابتسم له "زين" وانحنى على يده يقبّلها، ثم قال:
-ربنا يخليك لينا يا جدي.
انقضى الخلاف أخيرًا وعاد الكل إلى غرفهم ..
عاد "زين" إليها، أغلق الباب وسار نحوها، حيث كانت تنتظره في السرير، تحتضن "ميمي" بينما ملامحها متهدّلة بحزن ...
-إيه ريري. مبوّزة كده ليه؟ انتي لسا زعلانة ؟
وجلس بجوارها ..
تركت "ميمي" وزحفت لحضنه، ضمّها إليه بينما تقول بصوتٍ مكتوم:
-هي شهد دي تقرب لك إيه يا زين؟ أختك؟
مسح على شعرها بحنوٍ وهو يجاوبها:
-لأ يا روحي. مش أختي.. أبوها وأبويا ولاد عم.. وللأسف مخطوبين.
عبست وهي تبتعد عنه قليلًا لتنظر إليه:
-يعني إيه مخطوبين؟
أدرك "زين" المأزق الذي زج بنفسه إليه، لكنه تحلّى بالشجاعة والثقة وهو يخبرها بهدوء:
-مخطوبين يا حبيبتي يعني بينّا علاقة هاتوصل لجواز.. أنا هاتجوز شهد.
-يعني إيه هاتتجوزها؟ قصدك زي ما اتجوزت أنا وانت؟
-أيوة مظبوط.. عندنا في الشرع التعدد حلال.. يعني الراجل ممكن يتجوز مرتين وتلاتة وحتى أربعة.
-انت هاتتجوز أربع مرات يا زين؟
ضحك منها بخفةٍ وقال:
-لأ طبعًا مش هايحصل.
تجهمت مرددة: بس أنا مش عايزاك تتجوزها!
-ليه يا حبيبتي؟ انتي لسا مضايقة منها؟ انا جبتها لحد عندك وخليتها تتأسف. وهي وعدت إنها مش هاتعمل معاكي كده تاني!
هزت رأسها بعصبيةٍ قائلة:
-لأ أنا مش عايزاك تتجوزها.. يعني هي هاتبقى زيي.. هاتقعد معاك في أوضتك. هاتنام جنبك زي ريري
لأ.. زين مع ريري وبس.. خلّي شهد دي تمشي خالص!!!
انقبض صدره ما إن لمح طبقة من الدموع قد تكوّنت في لحظاتٍ بعينيها، وسرعان ما سالت مدامعها على خدّيها، أجفل وهو يمد يديه محاوطًا وجهها بكفّيه وهو يقول بخفوتٍ:
-بس بس.. ليه الدموع دي كلها؟ 
أنا هنا معاكي يا حبيبتي. مقدرش أسيبك ولا أبعد عنك. وشهد مش ممكن تاخدني منك. أطمني.
ردت بصوتٍ ملؤها النشيج:
-مش عايزاك تتجوز شهد.. اتجوز ريري بس!
ابتسم لبراءتها وقال برفقٍ:
-ما أنا فعلًا اتجوزت ريري الأول.. يعني ريري هي حبيبتي الأولى والوحيدة
أنا هاتجوز شهد بس عشان جدي طلب مني كده. لكن أنا ماختارتهاش. وبالنسبة لي أنا ماتجوزتش غير ريري.
-خلاص مش تتجوزها خالص بقى.
-ماينفعش أكسر كلمة جدي يا حبيبتي.. قوليلي. لو حد كبير طلب منك حاجة. باباكي مثلًا أو عمر أخوكي.. هاتقولي لأ؟
تفكرت للحظاتٍ، ثم هزت رأسها للجانبين، فتنهد وهو يسحبها لأحضانه من جديد متمتمًا لها:
-أنا كمان مقدرش أقول لجدي لأ.. لأنه كبير العيلة
احنا كلنا اتربّينا على كده. نسمع كلام الكبار. كبارنا وبس.
ريهام بصوتٍ مختنق:
-قالت لي زين بتاعي.. وإن زين مش بيحب ريري.. انت مش بتحبّني؟
كوّر قبضته بغضبٍ، لكنه تمسك برباطة جأشه وقال بلطفٍ مداعبًا شعرها بأنامله:
-أنا مش بس بحبك.. أنا بعشقك.. عارفة يعني إيه؟
يعني مقدرش أعيش منغيرك. وحياتي كلها مابقاش لها طعم ومعنى إلا لما دخلتيها انتي.. اوعي تسمعي كلام أي حد.. زين نصر الدين بيحب ريهام البدري.. زين بيحب ريري.. وعمره ما هايحب غيرها. ولا حتى شهد.
ورفع ذرقنها بسبابته وإبهامه، طبع قبلة طويلة على جبهتها، ثم أمال رأسه ليقبّل خدّها بعمقٍ ..
ولم يشعر بنفسه إلا مقبّلًا فمها أيضًا، قبلة بدأت بخفة، لكن شيئًا ما إنفرط بداخله، شيء لم يستطع السيطرة عليه ..
فما إن شعر بحرارة أنفاسها تلامس شفتيه، حتى مال صوبها أكثر، سرت يده خلف رأسها برفقٍ، فيما احتوت يده الأخرى خصرها النحيل ..
وتعمّقت قبلته دون وعيٍ منه ..
لم يفكر.. لم يتردد.. كل ما رآه أنها هي.. "ريهام".. فقط!
أطبقت شفتاه على شفتيها بشوقٍ مكبوت لم يفهمه، بينما "ريهام" بقيت ساكنة بين ذراعيه بلا حراكٍ، ذاهلة، تحدق فيه من بين جفنين نصف مغمضين، كأن عقلها يعجز عن تفسير ما يحدث ..
حرارى أنفاسه، قربه المفرط، وطريقته التي لم تختبرها من قبل لا منه ولا من غيره ..
كل ذلك جعل جسدها يتصلّب بين عجزٍ وخجلٍ، إلى أن تشبّثت أصابعها بطرف قميصه، كما لو أنها تلتجئ به منه هو نفسه!!
وفجأة ..
كأنه استفاق من غيبوبته ..
ابتعد "زين" عنها بسرعة، لهث مضطربًا، صدره يعلو ويهبط بعنفٍ، يحدق فيها غير مصدقًا ما فعل ...
-ريري! .. ناداها بصوتٍ قلق
كانت تحملق فيه بعنين متسعتين، خدّيها متوّردان، وشفتيها زادتا احمرارًا، ملامحها كلها مذهولة، لا تفهم ما حدث، لكنها تشعر بشيءٍ جديد يهز قلبها هزًّا ..
-انت عملت إيه يا زين؟ .. تساءلت ببراءةٍ مذهولة
تجمّد "زين" في مكانه للحظة، لا يدري ماذا يقول لها، و لا يجد كلمة واحدة يبرر بها فقدانه على السيطرة ..
هو نفسه لم يفهم كيف انجرف بتلك الحدة!!!
-أنا ..
ابتلع ريقه بتوترٍ، خفض بصره لحظة، ثم عاود النظر إليها، يغلبه الخوف عليها، ثم تمتم بخشونة:
-أنا آسف.. أنا هادخل أخد دش وأغيّر هدومي... وراجع لك.. مش هاتأخر عليكي.
وقام بلحظة مجفلًا إيّاها ..
توجه مسرعًا صوب الحمام، أغلق الباب عليه ممسكًا بظهر عنقه، ومارًا بأنامله على شفتيه، مصدومًا من فعلته ..
ماذا فعل؟
هذا السؤال ضرب رأسه كالسهم ..
لم يكن ينوي.. لم يكن يخطط ..
كانت مجرد لحظة ضعف، لكنه يدرك جيدًا أن لحظات الضعف هذه هي التي تغيّر مجرى الأمور ..
رفع يده إلى جبينه بضيقٍ وهمس بينه وبين نفسه:
-ماينفعش.. مستحيل.. مستحيل يحصل!.............................................................................................................................................................. 

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا