رواية عروس السطان من الفصل الاول للاخير بقلم مجهولة
رواية عروس السطان من الفصل الاول للاخير هي رواية من كتابة مجهولة رواية عروس السطان من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية عروس السطان من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية عروس السطان من الفصل الاول للاخير
رواية عروس السطان من الفصل الاول للاخير
يحكى أحد السّلاطين العثمانيين قاد حملة على بلاد البلقان لإخماد تمرّد قام به الصّرب ، وتمكّن بعد وقت قصير من هزيمتهم في جبالهم، وعقابا لهم أخذ أمواهم وسبى نسائهم ،وكان بين السّبايا فتاة صغيرة وجميلة إسمها ماريا ،وصديقتها إيزابيلا ،ذهب السلطان يوما لتفقّد أحوال الجيش، فرآهما وأعجب بهما ،وأمر بأن تعاملان بشكل لائق ،وأن تنقلا إلى القصر، و تكونان من خاصّة جواريه .
كان النظام في القصر ان يختار السلطان جارية جميلة تدخل غرفته لمرة واحدة، ومن تعجبه تصير من المفضّلات لديه وتتحوّل إلى جناح في الطابق العلوي. فان أنجبت إحداهنّ صارت لها مرتبة متميّزة بين الحريم .وقد يحدث أن يتزوّج جارية ،وتحمل آنذاك لقب "قادين" وهي أعلى درجة من درجات نسائه . وأهمّ الزّوجات هي التي تنجب أولادا ذكورا ،وتحصل على لقب "باش قادين" ،لكن رغم أن السّلطان الشّاب متزوّج من ثلاثة نساء إلا أنّه لا أحد فيهنّ تحمل هذا اللقب ،ولم يرزقن إلا البنات .
وكانت الجواري يدرّبن على آداب القصر ،ويتعلمن كيفية مجالسة السّلاطين ومعاشرتهم ،وأصبحت ماريا تسمّى نورهان ،و صديقتها إيزابيلا تسمّى صفيّة ،وبعد أشهر تعلمت نورهان التّركية وأسلمت ،وجاء دورها للدّخول على السّلطان ،ولمّا رآها تحيّر من جمالها ،فلقد زادت مع الأيام فتنة وسحرا . كانت البنت صاحبة صوت جميل وتحسن الغناء : جلست بجانبه ،وغنت :
آه .. لقد وقعت في الحبّ
تعالي يا طيور البستان
شاركيني فرحتي
فالغرام في عينيّ قد بان
...
زاد السّلطان في الإعجاب بنورهان ،وأصبح يراها كّل يوم حتى مرّت عليه سبعة أيّام ولم يحصل أن بقي مع جارية واحدة كل هذا الزمن ،ونقلها إلى جناح المفضّلات ،وأوصى عليها رئيسته ،ثم أمضى ليلة مع صديقتها صفيّة ورغم جمالها وحرصها أن تعجبه لم يهتم بها ،وبقي قلبه متعلقا بالجارية نورهان ،التي سرعان ما ظهرت عليها بوادر الحمل ،و سعد بذلك السّلطان ،وجعلها في غرفة من غرف الملكات لشدّة حبه لها ،وعيّن معها صديقتها لتعتني بها و تخدمها .
مرّت فترة الحمل والجارية في أحسن ، تعوّدت أن تجلس على كرسيها ،و تظفر شعرها ،وتتزين وهي تغني لطفلها الذي لم يولد بعد ،و كانت كل يوم تزيد غيرة صاحبتها صفيّة، وتقول في نفسها : أنا أيضا جميلة وصغيرة لماذا أحبّها السّلطان وتركني؟ ولماذا حملت منه وأنا لا ؟ لقد إستقبلنا عنده في نفس الأسبوع ،وفكّرت أنها لو ماتت لأخذت مكانها ، وذلك رغم علمها انّ نورهان تحبّها ،و تغدق عليها الهدايا و اجمل الاثواب إلا انّ غيرتها أعمت بصيرتها، و حانت لحظة الولادة ،و انجبت نورهان غلاما جميلا، و اسعد هذا قلب السّلطان ، فلقد أصبح له وليّ للعهد، و لطالما حلم به، وانتظر مجيئه السّنين الطوال . و بدا الحبّ يتسلل لقلب السّلطان، و اغرم بالجارية بنورهان ،وقرّر أن يتزوّجها ،وأصبحت تحمل لقب "باش قادين " .
وبسرعة أحبّها الشعب لطيبة قلبها، وعطفها على المساكين و الايتام، و كانوا يقفون على ابواب القصركلّ يوم جمعة ، فتوزّع عليهم الطعام والملابس ،فتعلو هتافاتهم ودعائهم لها وللسلطان بطول العمر. وبفضلها قل الفقر في البلاد بعدما أصبحت نساء الأشراف يقلدّنها في فعل الخير .و في احد الايّام لم تعد صاحبتها صفية تحمّل ما نالته نورهان من سعادة ،ومرتبة رفيعة عند شعبها، فذهبت إلى ساحرة، وإشترت منها سما ،و وضعته في طبق سيّدتها ،وكانت الملكة ذلك اليوم مريضة ولم تأكل إلا النزر القليل ،ثم ارضعت ابنها و نامت .
و في الصّباح لاحظت انّ ابنها لم يبك كعادته ،و حينما اقتربت من مهده وجدته مغمض العين،لما لمسته كان باردا كالثلج ، اصيبت بالهلع ،و بدات بالصّراخ، و التفّ حولها الجواري ، ورفضت أن تصدّق أن الصبيّ قد مات ،وكانت تقول: يا فرحتي ،و ضحكتي ، يا ضوء العين انهض ،ولا تتركني أموت حسرة عليك !!!
في المساء دفن الامير الصّغير، بعدما عاينه الحكماء ،و اخبروا الملك انهّ مات مسموما،فقال :كيف حصل ذلك و هو ما زال يرضع ؟ لا شكّ أنّه مات نتيجة لقلة إهتمام أمّه به ،ولن يمرّ ذلك دون عقاب !!! ...
...
دخل الوزير على السّلطان، فوجده شاردا ،فقال له : لا تظلم نورهان ،فلا يوجد مثلها بين نسائك !!! وهي تحبّك ،وطفلك هو ثمرة هذا الحب ،والله يمتحن صبرك ،وسيعوّضك خيرا ،فهلمّ نصوم ونصليّ من أجل ذلك!!! أجاب السّلطان: كلكم تبحثون لها عن أعذار، لكن المأكّد أنّ لها دورا في موت الطفل ،وهذا ما لا أسمح به ،يجب أن تعرفوا أنّ العقاب يطال الجميع بمن فيهم الملكة ،أجاب الوزير: أنصحك أن تتريّث ريثما تجد دليلا ،فالكثير من الجواري يعتنين بالطفل وليس إمرأتك وحدها !!!
وبينما هما يتجادلان أتى الحاجب وفي يده رسالة، وقال له: يا مولاي لقد استوقفتني فتاة ملثمة من جواري القصر، وطلبت منّي أن أخبرك بسرّ يخصّ الملكة ،وأنّها تخشى منها، ولهذا أخفت وجهها ،فتح السّلطان الرّسالة ،وقرأها ،ولمّا أتمّها تغيّرت ألوانه ،سأله الوزير ما الذي أحزن مولاي ؟ أجابه : خذ وإقرأ !!! جاء في الرّسالة أنّ الملكة تدهن جسدها بمرهم لكي تسحر السّلطان ،ولا ينظر لغيرها،وهذا السّحر هو الذي سمّم الطفل .
لمّا أتم الوزير القراءة، قال :لا بدّ أن نتثبّت من صحّة هذه الادّعاءات. ،سأرسل أحدا يبحث في أمتعتها ،بعد دقائق جاءت جارية، وفي يدها علبة من العاج ، وقالت : لقد وجدتها مخفيّة بإحكام في غرفة الملكة ،ولمّا رأى الحكماء المرهم قالوا : إن الزّنبقة البيضاء التي صنع منها تعطي شعورا بالبهجة،لكنّها كافية لقتل رضيع عمره بضعة أشهر !!! أمسك السلطان بالعلبة ،وقال للوزير :هل تحتاج لدليل أكثر من هذا ؟
أمضت نورهان ليلتها كئيبة ،ولم يأت السّلطان كعادته لتسامره ،كم كانت تتمنّى أن يكون بجانبها ليخفّف عنها أحزانها، أو على الأقل يسألها عمّا حصل، لكنه لم يأت ،استغربت كيف يمكن أن يتغير بسرعة ،وينسى ما كان بينهما من حبّ !!!وكثيرا ما كانت تسمع من جدتها أنّ الأتراك همج لا يعرفون اللياقة مع المرأة ،وها هي تكتشف أنّها لم تكن مخطئة ، فكل ما يعني السلطان كان الطفل ،وماذا كانت تنتظر من رجل له جناح كامل من الحريم ؟كيف له أن يعرف معنى الحبّ ؟
في الصّباح أرسل في طلبها ،وعندما جاءت ،قال لها: سيأخذك الحرس الى قصر قديم خارج المدينة ،ولا أريد رؤيتك أمامي ،وقراري لا رجعة فيه !!!صاحت : لا ذنب لي في ما حصل ،وترجّته أن لا يزيد في تعميق جراحها فهي تتألم في صمت ،وكل حياتها هنا في هذا القصر ،لكن السلطان كان متوتّرا ،و امر الحرّاس بسحب الملكة بالقوة ،فطلبت منهم، أن لا يفعلوا ذلك ،و نظرت إلى زوجها و الدموع تملا عينيها ،و قالت: لن انسى قسوتك، لكني أسامحك لأني اعلم انك حزين من أجل طفلنا ،سأخرج وحدي لا أريد أن يلمسني أحد ،ركبت عربتها وإقتربت من البوابة .
لكن الخبر إنتشر بسرعة ،فاجتمع الناس امام ابواب القصر مطالبين السلطان بأن يستغفر الله ،ويرضى بحكمه وقدره ،ويكون حليما مع الملكة ، فأطل من شرفة القصر ،وقال : لم تكن نورهان حريصة على سلامة إبني ،لهذا لم أعد بإمكاني أن أثق فيها ، و من اليوم لم تعد ملكة و مكانها بين الجوارى ،و بعد قليل فتحت الأبواب ،وخرجت نورهان في شموخ رافعة رأسها ،وصاح الناس ستبقين ملكة في قلوبنا ،ولا شيئ سيتغير من محبتنا لك وتقديرنا لما قمت به من أجل فقرائنا وأيتامنا .
وعندما وصلت للقصر القديم ،وجدت الكثير من أبناء بلدها من الصّرب في إنظارها ،وقالوا لها :سنصلح القصر، فلا نسمح لهذا المغرور أن يهينك، شكرتهم ،وقالت إنها ستعيش حياة النّساك ،وتواصل فعل الخير ،بعد أسابيع أتم العمّال الترميمات وزرعوا الحديقة بأصناف الأشجار والرّياحين ،وأحسّت بأنّها أحسن حالا ..
في أحد الأيام أحسّت نورهان بصداع ،وداهمها القيئ ،ولمّا أرسلت في طلب مشعوذة عجوز من قومها ،قالت لها : لقد حملت من ذلك الوغد، وأنت في شهرك الثاني ،هل تريدين أن أساعدك في التّخلص من الجنين ؟ أجابتها : لم أغفر للسّلطان ما فعله مع قريتي ومعي ،لقد تصوّرت أنّي سأنسى حياتي الماضية ،لكن أشباح الماضي تأبى أن تتركني وشأني ،لقد حكى لي الصّرب عن قسوة الأتراك التي لا حدود لها ،وعن قراهم التي أبادوها ،لقد عادت إليّ الهواجس والرؤى المفزعة التي كانت تأرّقني ،والآن لم أعد أفكّر سوى في الانتقام !!!
لا بدّ أن أعرف من تسبّب في موت الطفل ،ولماذا طردني السّلطان ،كان بإمكانه الذّهاب عند نسائه، وتركي بمفردي ،أنا واثقة أنّ هناك من يكيد لي ويغار منّي ،والطفل الذي أحمله سيكون وسيلتي لأنتقم من كلّ من ألحق بي الأذى ،لقد كنت زوجة صالحة وإنسانة رقيقة ،أمّا الآن فلقد إمتلأت نفسي بالشّر على هؤلاء القوم الطغاة ، لقد جاء دوري لأعاقبك أيّها السّلطان، وسترى ما ستفعله بك جارية ضعيفة ...
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
بعثت الملكة للسّلطان رسالة تعلمه فيها بحملها ،وأنّ المنجّمين من قومها أخبروها أنّ المولود ذكر، وسيكون له شأن عظيم .
كان السّلطان عبد المجيد حائرا ،وندم على قسوته مع نورهان ،كان يعلم أنّها تحبّه بصدق ،و يرى ذلك في عينيها الزّرقاوين ،وحتّى الّسحر فإنّها لم تستعمله إلا لغيرتها عليه ،ولم تقصد إيذاء الطفل .فكّر مرّات عديدة أن يذهب إليها ،ويرجعها لكنّه بقي متردّدا ،وخشي أن تقلّ هيبته بين النّاس ،ويبدو سخيفا في أعينهم ،لقد فكّر بعقل رجل الدّولة وليس بقلب العاشق ،لم يكن يعرف أنّه بذلك خسر نورهان إلى الأبد ،كان عليه فقط الذهاب إليها ،واسترضائها بباقة ورود جميلة، لكنّه لم يفعل .
لمّا تلقى رسالتها إبتهج كثيرا ،وأرسل وزيره ليأتي بها إلى القصر ،لكن قالت لهّ : لن أرجع إلا بشرطين الأول :أن يبقى القصر من نصيبي ، والثاني: يكون لي بستان فيه أشجار ومياه جارية أروّح فيه عن نفسي !!! رجع الوزير وأخبر سيّده بما طلبته نورهان ،فكّر قليلا ،وقال في نفسه : هذا من حقّها ،وسيكون هدية لها على حملها . لكن هذه المرّة سأعطي الغلام لأمّي لكي تهتم به، تبّا لكم !!! لقد فقدت الثقة بكلّ الناّس في هذا القصر، وأصبحت أشكّ في كلّ شيء حولي ،لم تعد أسرارنا محفوظة ، وحتى الجواري أصبحن يعرفن ما يحدث في غرفة نومي !!!
رجعت نورهان إلى القصر، ورغم حقدها على السّلطان كانت تحاول أن تبدو مرحة كعادتها ،وتتظاهر بأنّها نسيت ما حصل لها ،لكن أذنها كانت تلتقط كلّ الهمسات التي تسمعها هنا وهناك، حتى عرفت بأمر الرّسالة والسّحر ،فتعجّبت ،وقالت :لا شكّ أن أحد نساء السلطان وراء المؤامرة ،عليّ أن أرى الرّسالة، وأعرف من كتبها !!! كانت نورهان تعرف أنّ السّلطان يحتفظ بأوراقه في قاعة الخرائط، وهناك توجد أسرار الدّولة، وكان للقاعة مفتاح واحد مع السّلطان، في أحد الليالي غنّت له بصوتها الرّخيم، ولمّا طرب سقته خمرا، فنام ملئ عينيه .أخذت المفتاح ، ثم تنكّرت ، وتسللت على أطراف أصابعها ،وهي تحاذر أن يراها الحرس، ولم تنس أن تحمل معها طبقا من التّفاح والعنب، لتبدو مثل الخدم
وعندما إقتربت من القاعة شاهدها أحد الحرس ،وقال لها بصوت أجشّ : ويحك!!! ماذا تفعلين في هذه السّاعة المتأخّرة ؟ أجابته : أهداني الطباخ تفّاحا وعنبا !!! قال: هاتي ما عندك ،وإلا شكوتك إلى القهرمانة !!! جلس الحارس في أحد الأركان ،وانهمك في الأكل ،أمّا هي فقالت :لا خير فيك، كلكم أوغاد !!!
ثمّ فتحت الباب ودخلت ،أضاءت السّراج ،وبدأت تبحث حولها ،كلّ شيئ كان منظّما، شاهدت عل الطاولة خريطة كبيرة لأروبا وعليها أماكن تواجد العثمانيين وأسهم حمراء تشير إلى تحرّكاتهم..
نظرت بسرعة كان هناك سهم يشير إلى إمبراطورية المجر، واصلت طريقها ونظرت في كلّ مكان، وفي النّهاية تعبت، وجلست أمام الطاولة ،وانتبهت إلى أنّها سميكة ، وعندما تحسّست جوانبها بأصابعها انفتح أمامها درج سرّي، ووجدت فيه الرّسالة مطويّة بعناية ، ما إن تأمّلتها،حتى فتحت عيناها من الدّهشة ،لم تكن تحتاج إلى جهد كثير لمعرفة من كتبها ، وهي لم تتوقّع أبدا ذلك !!!
لقد كانت بخط أعزّ صديقاتها صفيّة التي تربّت معها في دارهم ،هي إذن من قتل الطفل !!! وربّما كانت تريد قتلها أيضا !!! تذكّرت أنّها أكلت لقمة صغيرة من الطبق الذي أحضرته لها، وأحسّت في الليل بآلام في بطنها ،لكنّها إعتقدت أنّها بسبب مرضها تلك الأيّام ،ذلك المرض هو الذي أنقذها من الموت، لكن الرّضيع لم يكن محظوظا، وتسمّم من حليبها !!! صرخت لماذا حطمت حياتي يا صفيّة ؟ ألم أكن كريمة معك ،وكلّ ما يعطيني إياه السّلطان أهبك إياه ؟ لا يمكنني أن أحسّ بالسّعادة بعد الآن !!! لقد أصبحت أمقت زوجي والأتراك معه ،لم يعد بإمكاني أن أحبّ أحدا، لقد ماتت كلّ مشاعري !!!
كانت صدمتها قويّة ،في البداية لمّا سمعت بأمر الرّسالة ،إعتقدت أنّ ياسمينة الزّوجة الأولى للسّلطان هي من كتبتها، ودّبرت لها المكيدة ، فلقد كانت تكرهها، وتغار منها بشدّة ،وفي أحد الأيّام رمت عليها مروحة كانت في يدها ،أمّا صفيّة فكانت آخر من تفكّر فيه . أرجعت الرّسالة إلى مكانها، وخرجت ،وفي الرّواق شاهدت الحارس نائما بعد أن شبع ، ابتسمت، وقالت :لقد نجحت في مهمّتي الأولى ،ولا شيء سيوقفني الآن ،وفجأة أصبحت عيونها الجميلة مخيفة ...
...
يتبع
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
التخلص من صفيّة وياسمينة...
طلبت نورهان رؤية شيخ الرّعايا الصّرب في الأستانة، وكان ممّن ساعدها في ترميم القصر القديم ،ومنذ ذلك الوقت توطدّت العلاقة بينهم ،خصوصا لمّا عرف حقدها على الأتراك ،قال لها : تعالي إلى دكّاني في السّوق،واحذري أن يراك أحد !!! غطّت راسها ، وخرجت .لمّا ابتعدت عن القصر وجدت عربة قادتها إلى السّوق ،ورافقها السّائس إلى دكّان "إيفان " الصّربي ،كان ذلك الرّجل يعمل في تجارة العطور والبخور ،ونقله العثمانيون مع مجموعة من التّجار والحرفيّين لتنشيط أسواقهم ،ورغم أنه من أصحاب النّفوذ ،وتجوب قوافله أرجاء السّلطنة ،إلا أنه لم ينس حقده على الأتراك الذين إنتزعوه من بلدته، و لم تكف عشرون سنة لينسى زوجته التي إإختطفوها أمامه وباعوها في أسواق الرّقيق .
لمّا رآى نورهان رحّب بها، وقال: أيّ ريح طيبة أتت بك إلى هنا ؟التفتت حولها وقالت :لن أبقى كثيرا هنا ،أنا بحاجة إلى جارية عديمة الرّحمة بإمكانها أن تقتل أحدا دون أن ترمش لها عين !!! نظر إليها "إيفان " وقد بانت الدّهشة على وجهه ،حرّك يديه في عصبيّة ،وهمس: إخفضي صوتك !!! فجواسيسهم في كل مكان، هيّا إلى الدّاخل !!! سألها ماذا تريدين أن تفعلي بحق السّماء ؟ هل تدركين أنهم إذا قبضوا علي الجارية ،سيقتلعون عيونها لتعترف بكلّ شيئ ،وإذا علموا أنّها من الصّرب، فسيصبّون على حارتنا جام غضبهم، لا يبدو أنّك تفكرّين في العواقب !!!
أجابته : أرى أن أحوالك مع الأتراك أصبحت جيدة، بعد أن كنت تاجرا صغيرا ،لقد أعماك المال عن وطنك !!! قال :وما فائدة التهور إذا كان سيزيد من آلامنا ؟ الحكمة قبل الشجاعة يا نورهان ،هل تفهمين ذلك؟ قالت :سأتدبّر الأمر وحدي، لا أحتاج إليك يا "إيفان " ،نم قرير العين ،فلن يلمسوا أحدا منّا ،ولن تجدهم أمام دكاّنك.خرجت من عنده ،وهي تتميّز غيضا ،ثمّ سألت عن بائع العقاقير، فقيل لها إنّه على بعد مائتي خطوة ،لما وصلت إليه وجدت شيخا من سريان الشّام وقالت له: أريد شيئا للقضاء على الجرذان، فقد قرضت كلّ ما في بيتي من متاع، ولم ينفع معها شيئ !!!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
إبتسم وقال: سأعطيك شيئا يقتلها على الفور إن أكلت منه ،وعليك بالحذر فهو أيضا مميت للبشر ،ولا طعم له ،المشكلة هو ارتفاع ثمنه، لأنّه مصنوع من سمّ العقارب الرّمادية ،ولا توجد إلا عند الزّنج. أخرجت صرّة من الدنانير ورمتها له، وقالت هل يكفي ذلك؟ هزّ الصّرة في يده ،وقال : أعدك أنّها لن تزعجك هذه الحيوانات بعد اليوم، فقط عليك بوضع هذا الدّواء في بعض الجبن أو الشّحم !!!
في طريقها إلى القصرإشترت قنّينة من شراب اللوز الفاخر، والحلوى الفارسيّة ،وعندما وصلت دست فيها السمّ ،ونادت على صفية ،وقالت لها إحملي هذه الهديّة إلى ياسمينة زوجة السلطان ،فأنا أرغب أن ننسى خلافاتنا !!!نظرت إليها الفتاة وضحكت ،ثمّ قالت : أتظنّين حقا أنّها ستغفر لك سرقة زوجها، وإنجاب الذكور له ؟ أعتقد أنها ستقذف الهدية في وجهي ،لكن سأحمل لها الطبق ،قد تكون في مزاج جيّد وتقبله منّي !!!
عندما خرجت من عندها ،إنتظرت قليلا، ثم أرسلت في طلب رئيس الحرس وقالت له :لقد رأيت تلك الجارية صفيّة تضع شيئا مجهولا في طعام الملكة ،أخشى أن يكون سمّا !!! خذ رجالك وأسرعوا ورائها !!!صاح رئيس الحرس، ووقع هرج ومرج في القصر ،وعندما دخلوا غرفة ياسمينة وجدوها ممدّدة على الأرض دون حراك، وفي يدها قطعة حلوى ،أمّا صفيّة فكانت مستندة عل الحائط ،وظهر على وجهها ذهول شديد . لمّا علم السّلطان إشتد غضبه وقال ،من سمّم ياسمينة هو نفسه من سمّم الطفل !!! ونورهان بريئة ،لكن هذه المرّة أريد أن أعرف كلّ الحقيقة !!!
بعد يومين حضر القاضي لمجلس السّلطان، وإستدعى صفيّة ،وقال لها :أنت متّهمة بتسميم إثنين من زوجات السّلطان ،وقد نجت إحداهما، لكن مات رضيعها ،أما الأخرى فماتت من حينها ،فماذا تقولين لدفاعك؟ أجابت : الملكة نورهان هي التي وراء مكيدة ياسمينة ،أما الطفل فلا أعلم عنه شيئا !!!
طلب القاضي من نورهان أن ترد على هذه التّهمة ،فوقفت ،وقالت: في اليوم الذي فقدنا فيه الطفل أحسست بآلام شديدة لأني فقط تذوقت من طعامها ، ولو أكلت منه لكنت الآن في عداد الأموات ،و هي الجارية الملثمة التي سلمتكم الرسالة !!! قال القاضي: أحضروا لي ورقة مكتوبة بخطها والرسالة وسأقارنهما ،وإن كانتا متطابقتين، فهي المجرمة !!!
لمّا سمعت صفيّة ذلك إنهارت، وجثت على ركبتيها ،وقالت: الرحمة ،سأعترف بكل شيئ :أنا من سمّمت نورهان والطفل ،أمّا ياسمينة فإّنني برئة من دمها!!! ،لمّا سمع السّلطان عبد المجيد ذلك لم يتمالك نفسه ،وقبض على رقبة صفية، وقال لها: أعطيني سببا واحد لتغدري بصديقتك !!! نظرت إليه ،وأجابت: أنت السبب !!! هل تعلم ذلك ؟ فضّلتها عليّ رغم أنّها لا تفوقني جمالا، وجعلتني خادمة لها ،أعتقد أنّ هذا يكفي ، ومتى كان التّرك يميّزون بين الجواد والحمار ؟
قال السّلطان: أحضروا طبق الحلوى، وإغمسوا وجهها فيه !!!صاحت صفية: الرّحمة يا مولاي لقد قتلتني الغيرة ،أنت لا تحسّ بذلك !!! هل عندك مشاعر ؟ لكن لم يرد عليها أحد . وضع الحرّاس الطبق على مائدة ،وجروها وهي تصرخ وتستغيث، ثم دسّوا وجهها فيه ،وفي بضعة ثواني ماتت وغطت جسدها زرقة داكنة ،أخفى القاضي وجهه وقال: لم أر في حياتي سمّا أشد فتكا من هذا السّم !!! ثمّ قال: كما تدين تدان ، هيّا علّقوها على أبوب المدينة حتى تذروها الرّياح، وتكون عبرة لمن يحاول الإساءة للسّلطان .
لمّا خرجت نورهان من مجلس السّلطان،ظهرت على وجهها إبتسامة عريضة فلقد إرتاحت من عدوّتين لدودتين دون أن تحرّك إصبعا واحدا، وزادت منزلتها عند السلطان الذي أصبح يقرّبها ويثق فيها ،أمّا إيفان الصّربي فلمّا سمع بالأمر ضحك ،وقال :لقد تفوّقت علىّ في الدّهاء،فهل تكون الملكة التي تحرّر بلدها من الاحتلال العثماني ،وتقود جيوشهم ؟ ما هو مأكّد أنّه سيساعدها ويجمع النّاس حولها عندما تحين المعركة ...
....
يتبع
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كان السّلطان يحرص على الطّفل ،ويخاف عليه ،ولم يكن يسمح بالإقتراب منه إلا لمن يثق فيه من أهله ،وأوصى أن يتذوق مأكله رجل من أهل الطب، عارف بالعقاقير .أمّا أمه فلا تلمسه إلا بعد أن تستحم ،وتزيل كلّ العطور والمراهم التي تضعها على جسدها ،ورغم ذلك لا تتذمر، وتجد زوجها محقّا ،في هذا الإحتياط الزائد ،وكانت تنظر إليه وهو يلاعب إبنه ،ويركبه على ظهره وفي بعض الأحيان تحسّ نفسها تسامحه على ما فعل بها ،لما أطردها من عنده وإتهمها بتسميم إبنهما الأوّل .
لكن لن يطول بها الأمر حتى تطفو هواجس الإنتقام ،وتقول لنفسها :لقد قتلت إثنين !!! الآن يداي ملطختان بالدماء ،ولا سبيل إلى الرجوع كما كنت، لقد خرجت شياطيني من القمقم وهي لا تفتش سوي عن الإنتقام .كانت تريد أن يسيل الدم مثل الذي رأته في قريتها لكن هذه المرة ،سيكون الدم عثماني، وهي التي ستضغظ على زناد البارودة ،وتتفرّج على الأشلاء تملأ الطرقات والاركان المظلمة .
في أحد الأيام علمت أن السّلطان كتب رسالة مهمة إلى واليه في البلقان،فتنكّرت في زيّ خادمة ،وذهبت إلى إيفان الصّربي ،وطلبت منه أن يدلّها على شخص يعترض طريق البريد ،ويأتيها بالرّساله ،وهي متأكدة أن حموله كبيرة ستذهب هناك، وليست متأكدة إن كانت مالا أو سلاحا ، أو شيئا آخر .قال لها : من الأفضل أن لا تجيئي إلى هنا مرة أخرى فلقد سبق أن حذرتك من الجواسيس الذين يعجّ بهم السّوق، وهم يحصون علي النّصارى أنفاسهم ،وحركاتهم !!!
دلف إيفان إلى دكّانه، وأخرج لها قارورة عطر ،مطعمة بالعاج ،وهمس لها : هناك ورقة داخلها فيها بضعة أسماء، إتصلي بهم لمساعدتك!!! و إذا أردت أن تجدني ،فتعالي إلى الكنيسة، فالعثمانيون لا يدخلون هناك ،وأنت بقيت نصرانيّة رغم أنّك تتضاهرين بالإسلام ،فأنا لا يمكن خداعي. حيّته بإشارة من رأسها ثمّ إنصرفت دون أن تهتمّ بالأعين التي كانت ترمقها ،فقالت في نفسها : أيّ تصرّف مريب سأتون إليّ ،فنساء المسلمين لا يخرجن وحدهنّ ،ولا بدّ أن أتّخذ لي أعوانا ، فبمفردي لن أفعل شيئا .
لمّا رجعت إلى زوجها إدّعت أنها تشعر بالقلق، وستذهب إلى قصرها الذي ملأته بالزهور والطيور،لتروّح عن نفسها قليلا ،ولمّا كان لا يرفض لها طلبا، قال لها: إذهي أين تشائين مادام هذا يريحك يا نورهان، ثم طبع على شفتيها قبلة دافئة ،حين إبتعدت : قالت : ويحك !!! تتظاهر لي بالحب ،وبعد يوم أو إثنين تنام في فراش جارية أخرى ،ثم ترجع لي كأن شيئا لم يكن .كم كنت مغفّلة حين صدّقتك ،وأعطيتك قلبي . بقيت سارحة في خواطرها حتى وصت إل قصرها، وأعطت أحد خدمها من الصرب لائحة الأسماء التي كانت في قارورة العطر ، وطلبت منه استدعاءهم لحفلة ستقيمها الليلة ،كان كل المشرفين على القصر من الصّرب ،ونقل له جواسيسه ذلك، لكن السلطان لم يهتم بذلك مادامت سعيدة ،ولقد رأى ما فعله به الشّك ،لمّا إعتقد أنها من سمّم إبنه الأوّل .
في المساء إرتفعت أصوات الموسيقى في قصر نورهان ودارت الأشربة وإنبسط القوم ،كانت الأميرة جالسة لما إقترب منها رجلين تبدو عليهما الشراسة كان احدهما طويلا والآخرله لحية كثيفة تكاد تغطي وجهه ،وقالا لها لقد سمعنا أنك بحاجة إلينا ،لن نفعل شيئا إلا إذا دفعت الثمن مسبّقا !!!غضبت ،وقالت: إذن إذهبا فلست بحاجة إليكما،وبعد قليل جاء آخران يرتديان أثوابا عثمانية ،وقالا لها : إن كان إيفان من أوصى بنا ،فذلك يعني أنّه يجب أن نكون حذرين، أعجبها ذكائهما ،وقالت: بريد السلطان سيخرج غدا ،وأريد ما فيه من رسائل ، لا أريد أي أثر هل فهمتم ؟ نظرا إلى بعضيهما ،وأجابا : لن يفطن أحد لشئ !!!قالت :حسنا ،والآن هيا إلى الطعام ،جاءت جارية ،وبدأت في الغناء ،أمّا نورهان فبدا عليها القلق ،وتسائلت :ترى ماذا في الرّسالة ،وهل تستحق كل المخاطر التي أخلقها لنفسي ؟
...
يتبع
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
