رواية الشيطان شاهين الجزء الثاني 2 من الفصل الاول للاخير بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين الجزء الثاني 2 من الفصل الاول للاخير بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين الجزء الثاني 2 من الفصل الاول للاخير هى رواية من كتابة ياسمين عزيز رواية الشيطان شاهين الجزء الثاني 2 من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية الشيطان شاهين الجزء الثاني 2 من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية الشيطان شاهين الجزء الثاني 2 من الفصل الاول للاخير

رواية الشيطان شاهين بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين الجزء الثاني 2 من الفصل الاول للاخير

بعد ثلاثة سنوات……
في احدى أكبر مستشفيات لندن…
طرق أيهم باب مكتب مدير المستشفى الدكتور
ألبير ليسمح له بالدخول، أدار مقبض الباب
ثم دلف ليقف له الآخر و يحييه باحترام مرحبا
به :”مرحبا دكتور أيهام…تفضل بالجلوس”.
أخفى الاخر رغبته في الضحك على هذا
الانجليزي الذي لم يستطع نطق إسمه بالطريقة
الصحيحة رغم مكوثه هنا لمدة ثلاثة سنوات
كاملة….
هتف أيهم رادا التحية و هو يهم بالجلوس
:”شكرا دكتور ألبير”.
إنحنى الآخر ليفتح أحد أدراج مكتبه
و يخرج احد الملفات ليضعه أمامه
قائلا باهتمام :”إذن دكتور أيهام… هل
مازلت مصرا على تركنا، في الحقيقة
أنا و بقية الطاقم الطبي الذين
يعملون هنا لا نريد خسارتك…فكما
تعلم أنت تعتبر من أهم جراحي المخ و الأعصاب
في هذه المستشفى حتى أن مجلس
الإدارة في آخر إجتماع إقترح مضاعفة
راتبك و قبول جميع مطالبك حتى تقبل
تجديد عقد عملك في مشفانا “.
أجابه أيهم باختصار و قد نمت على شفتيه
إبتسامة خفيفة:” دكتور ألبير.. اشكرك على هذه الفرصة القيمة و لكنني في الحقيقة أريد
الرجوع إلى بلادي..لدي زوجة و طفل صغير
و عائلة تنتظرني هناك “.
نزع البير نظارته ثم وضعها على سطح
مكتبه ثم تطلع في أيهم بتمعن قبل
إن يتحدث بصوت واثق :” مستر ايهام
أنا اطلب منك أن تفكر مجددا…إنت من الاطباء المحظوظين الذين وجدوا
فرصهم هنا في بلد متقدم كبريطانيا…تستطيع
جلب عائلتك و الإستقرار هنا من المؤسف ان
تضيع عملك بعد كل الجهود التي بذلتها لتصبح
رئيسا لقسم جراحة المخ و الأعصاب في احد اكبر
المستشفيات هنا….
أومأ له أيهم بتفهم و قد إرتسمت أمامه شريط
ذكريات ثلاثة سنوات متواصلة من العمل
و الجد المتواصل ليلا و نهارا حتى
تم إختياره لرئاسة قسم جراحة المخ
تنهد مطولا قبل أن يهتف بتصميم
:”اقدر ذلكم ذلك مستر البير و لكنني
لا أستطيع لدي ظروف قاهرة تجعلني
أعود لمصر…. لكن أعدك إن قررت
مغادرة مصر مرة أخرى فسوف تكون
مشفاكم اول وجهة لي”.
:”حسنا دكتور أيهم اتمنى لك التوفيق
في حياتك…و لا تنس ابدا ان هذا المستشفى
يرحب بك دائما”.
أنهى كلامه ليقف من مكانه ليمد
يده ليصافح أيهم بحرارة قبل أن
يمد له بملف يحتوي على أوراقه.
بعد ساعة…
وصل أيهم لشقته التي تقع في
احد الأحياء الراقية بلندن.. دلف
إلى الداخل بخطى رتيبة ليجول بنظره
أنحاء الشقة الباردة كبرود حياته منذ
اول يوم أتى فيه إلى هذا البلد.
رمى مفاتيحه و هاتفه على أقرب
طاولة إعترضته ثم توقف أمام
مجموعة من الصور المعلقة على
الحائط بطريقة أنيقة.
تحسس إحداها باصابعه و هو يبتسم
بشوق…. طفله الصغير “أيسم” الذي بلغ من العمر
سنتين و نصف كم يشبهه بعينيه
الزرقاء و بشرته البيضاء المحمرة و شعره
الأشقر الحريري…
لم يره سوى من خلال الصور
التي تبعثها له والدته كل أسبوع و التي كان
ينتظرها بفارغ الصبر إضافة لمكالمات
الفيديو…كم حلم بضمه و تقبيله و
إستنشاق رائحته الطفولية… كم تمنى
انه كان معه في لحظة ولادته يتذكر
جيدا ذلك اليوم الذي هاتفته فيه والدته
و أخبرته أن إبنه قد جاء إلى الحياة يومها
ظل لساعات طويلة يبكي كطفل صغير
ود لو أنه لم يفعل ما فعله سابقا حتى
فقد حق وجوده بقربهما كأي اب في العالم.
منع نفسه بصعوبه حتى لا يركب أول
طائرة متجهة نحو مصر ليكون معهما.
في كل مرة يتمنى لو يلمح وجهها الجميل
الذي إشتاق له حد الموت…منذ مجيئه
إلى هنا و قد تغيرت حياته كليا يتمنى
لو يعود به الزمن لكان الان في بيته
مع زوجته و طفله…
ندم بل يكاد يموت ندما في كل يوم
على أفعاله في الماضي.. كل يوم
يمر عليه يشعر و كأنه يموت بالبطيئ
يتعمد إرهاق نفسه في العمل لساعات
طويلة حتى لا يفكر…..
مسح دمعة خائنة سقطت من عينيه
رغما عنه قبل أن يشق طريقه لداخل
الشقة متجها نحو الحمام حتى
يتوضأ و يصلي صلاة الظهر…
في فيلا عمر الشناوى….
صرخت هبة بقهر و هي تدفع
باب غرفة نومها متجاهلة نداءات
عمر باسمها :”و الله حرام… انا إستحملتها
كثير و هي عمالة بترمي كلام زي
السم يمين و شمال… انا ذنبي إيه
مش كفاية اللي أنا فيه هو انا ناقصة”
أغلق عمر باب الغرفة وراءه ثم
إقترب منها محاولا تهدئتها كعادته
:”حبيبتي إهدي مينفعش كده ما إنت
عارفة ماما بتقول الكلمتين دول
كل شوية بس مش بتعمل حاجة”.
هبة ببكاء:” لا يا عمر المرة دي مامتك
مصرة على اللي في دماغها و عاوزة
تجوزك بنت صاحبتها اللي بتقول
عليها دي…مش بتسيب فرصة إلا
و بتعايرني عشان لسه ربنا مكرمناش
و رزقنا بحتة عيل يملأ علينا حياتنا “.
إنكمشت ملامح عمر و بان عليه الحزن
ليردف بنبرة مريرة تخفي ورائها إنكساره
:” قلتلك قبل كده خليني اقلها
الحقيقة… إن انا اللي.. مبخلفش…
أسرعت نحوه بخطوات متعثرة
لتقف أمامه واضعة يدها على
ثغره تمنعه من إكمال كلامه قائلة
بصوت متحشرج وهي تنظر داخل عينيه
:” مش عاوزة اسمع الكلام داه ثاني..انا
أهون عليا استحمل نظرات الناس
و كلامهم عليا و لا اسمع حد يجيب
سيرتك بكلمة…
شهق بقوة ليغمض عينيه براحة
عندما شعر براحتيها الناعمتين
تلامسان وجهه و رائحتها اللذيذة
تغلفه لتذيب قلبه الهائم بها عشقا
ليهمس بتوتر رغم ألمه:”بس إنت
ذنبك إيه….انا السبب في ألمك و
حزنك داه…الناس كلها لازم تعرف
إن إنت ملكيش ذنب…
قاطعته مجددا :” متقولش كده مافيش
حد له ذنب في اللي حصل داه قدر
ربنا.. إحنا نصبر و و ندعيه وهو اكيد
حيعوض صبرنا خير….
أومأ لها بإيجاب لتجذبه هبه لها
لتريح رأسه على كتفها مخففة عنه
بعضا من آلامه التي يختزنها داخل
قلبه المتعب منذ سنوات….
في فيلا الألفي….
تركض كاميليا وراء إبنيها التوأم آسر و أسيل
كعادتها محاولة الإمساك بهما بعد أن رفضا تناول
وجبة الخضروات الخاصة بهما و التي
تحرص كاميليا على إعدادها لهم كل يوم
و إجبارهما على تناولها….
بينما يجلس فادي الذي بلغ من العمر
سبعة سنوات على اريكة الصالون
يتناول صحنه رغما عنه.. و على وجهه
علامات التقزز…
إلتفتت نحوه كاميليا لتجده يرفع
الشوكة ببطئ نحو فمه و يغمض
عينيه حتى يتناول ما بها دون النظر
إليها..
صرخت بصوت لاهث بعد أن شعرت
بالتعب من الركض وراء الأطفال
:”حتى إنت يا فادي… و انا اللي بعتبرك
الكبير العاقل اللي بينهم اللي يشوفكم
و إنتوا عاملين كده بيقول بعذبكم”.
اكل فادي قطعة الخضر متنهدا بقلة
حيلة مستسيغا طعمها اللذي يشبه
طعام المستشفيات قائلا باعتراض
:”طعمها وحش يا مامي…اصلا مفيش
حد عاقل بيحب الخضار “.
أكمل كلامه بنبرة هامسة لتبرق عينا كاميليا
بغضب لتهدر:” إنتوا لسه صغيرين
و مش عارفين… الخضار اللي مش عاجباك
دي فوائدها كثيرة خاصة للأطفال…عشان
كده….
أكمل فادي معها بصوت منخفض بقية
كلامها الذي حفظه عن ظهر قلب :” و أطباقكم حتكملوها يعني حتكملوها زي كل يوم…مش كفاية
حرمت نفسي من شغلي و مستقبلي و قاعدة في
البيت عشانكم….يا رب صبرني انا كان مالي و مال الجواز و الخلفة كان يوم اسود.. “.
نظرت حولها باحثة عن المشاغبين
الذين لم يتجاوز عمر الواحد منهما
سنتين و النصف و اللذين بالكاد يستطيعان
المشي جيدا لتجدهما يقفان وراء والدهما
الذي كان قد وصل منذ بداية وصلة
ردحها اليومية….
إبتلعت ريقها بصعوبة و هي ترفع
عينيها تدريجيا لتلتقي بعينيه
التين رأت بهما نظرة وعيد بعقاب
مناسب لما تفوهت به من كلام غير
مبالية بمن حولها…
أخفت خوفها و هي تتقدم نحوه
تتظاهر بالشجاعة و اللامبالاة و قد برعت في
رسم إبتسامتها الساحرة المعتادة
على ثغرها قائلة بصوت مرح :”حبيبي
حمد الله عالسلامة…
تعلقت بعنقه تمرر اناملها بدلال على
صدره لتشعر باشتداد عضلاته تحتها
لتهمس في اذنه بترجي بصوت شبه باكي :” حبيبي
ارجوك بلاش عقاب قداهم انا آسفة
اصل الولاد جننوني…
إبتعدت عنه بعد أن قبلت وجنتيه عدة مرات
محاولة الحصول على رضائه لكن دون
جدوى… تجاهلها شاهين و هو ينحني ليحمل
الصغيرين بعد أن وضع حقيبة عمله
على الأرض ثم سار بهما نحو فادي
الذي كان يشاهد مايحصل بابتسامة
خفية فهو يعلم جيدا ما سيحصل
آتيا..
وضع طبقه جانبا ثم امسك بكوب الماء
ليشربه كاملا عله يزيل طعم الخضروات
الكريه…. وقف بعدها ليحصل على
قبلة والده اليومية.
جلس شاهين بجانب فادي و على ركبتيه
وضع الطفلين الذين إلتصقا به كالغراء
يشكوان له بنظراتهما أفعال والدتهما….
تنهد بقلة حيلة و هو لا يزال يطالعها
بنظرات غير راضية ليهتف بعدها بتهكم
:”هو كل يوم نفس الحوار…مش حنخلص
من موضوع الخضار داه”.
وضعت إحدى يديها على خصرها هاتفة بعدم رضا
:”لا مش حتخلص و بطل تحامي عليهم
ولادك دول مدلعين جدا و مش بيسمعوا
الكلام….
رفع حاجبيه نحوها بتهديد بعد أن نفذ صبره
ليتوعدها بعقاب شديد في سره على
وقوفها أمامه بهذا الشكل…لم تمر دقائق
قليلة على مرور خطأها الأول حتى تلته بخطأ
آخر أكبر.
زفر بحدة قبل أن يضع الصغيرين
أرضا لينادي بعدها على زينب
لتأخذهما إلى غرفتهما… إستغل
بعدها فادي الفرصة ليستأذن
للذهاب إلى غرفته و هو يشكر والده
في سره على إنقاذه له من إكمال طبق
الخضروات.
إلتفتت كاميليا حولها ببلاهة لتجد نفسها
وحيدة في عرين هذا الأسد الغاضب
الذي كان يرمقها بنظرات حادة
ليشير لها باصبعه آمرا إياها بالتقدم
نحوه…تصنمت مكانها بخوف وهي تتمنى
لو بإمكانها الهروب من أمامه والاختفاء
عن مرمى بصره..
تهدلت أكتافها بقلة حيلة لتسير نحوه
و هي تقوس شفتيها ببكاء…
راقب شاهين ملامح وجهها الممتعضة
بتسليةوهو يحاول كبح ضحكته، أشار
لها لتجلس فوق ساقيه لتطيعه على الفور
همس لها بصوت خافت يخفي في طياته
نبرة وعيد :”سمعيني كنتي بتقولي إيه
من شوية عشان مكنتش سامعك كويس”
فركت يديها بتوتر و هي تجيبه بتلعثم :”الولاد
مش بيسمعوا الكلام…. و مدلعين”.
شاهين بتفي :”تؤ اللي قبل كده… حاجة
كده على الجواز و الخلفة…..
رمشت ببلاهة عدة مرات لتبحث بسرعة
عن كذبة ما تنفذها من ورطتها قبل
إن تهتف بحماس زائف:”أحلى حاجة
في الدنيا و الله…..
قاطعها بحده و يديه تلتفان بقوة
حول خصرها :” كاميليا….
كتمت آهة متألمة لتعوضها بابتسامة
بلهاء:”قلب و عيون كاميليا…..
تجاهل محاولتها الفاشلة للتأثير عليه
:” كنتي بتقولي إيه؟؟؟
بصوت قريب للبكاء هتفت :”ما إنت
سمعتني كويس أنا قلت إيه… انا
مكانش قصدي بس الولاد حيجننوني….
رفع حاجبيه بمعنى عدم إقتناعه بحجتها
رغم نداء قلبه الذي يكاد يخرج من مكانه
تعاطفا معها لكنه بدل ذلك تصنع الحدة
:”مش عاجبك جوازك مني يا هانم؟ طيب
الظاهر وحشك العقاب اصلي بقالي
مدة مدلعك…..
أنهى كلامه و هو يقف من مكانه
ليحملها متجها للأعلى نحو غرفتهما
لتتعلق كاميليا بعنقه و هي تحاول في
كل خطوة تهدأته و إثناءه عن عقابها
بكلماتها الرقيقة :” حبيبي و الله آسفة
مكانش قصدي…ما إنت عارفني هبلة
و لما بفقد أعصابي بقول أي كلام….
عشان خاطري آخر مرة….
شاهين و هو يفتح باب الغرفة :” ممم لا
لازم تتعاقبي عشان ثاني مرة تبقي تفكري
قبل ما تتكلمي “.
أنزلها لتبتعد عنه مهرولة لآخر الغرفة
قائلة برجاء:”عشان خاطري و الله مكانش
قصدي…..
قاطعها و هو يعيد كلامها الذي تفوهت به
:” كان يوم اسود… ها….
كاميليا بنفي و هي تمسد أسفل ظهرها :”لالالا كان بامبي… أخضر فستقي..
أي لون عاجبك المهم العقاب لا… اصل
إيدك ثقيلة و بتعلم.. اااه
صرخت عندما وثب أمامها فجأة ليمسكها
بسهولة و قد إتسعت إبتسامته الشامتة
لتصرخ هي و تدفعه بجنون للتخلص منه قائلة
بصوت باكي:”و الله محاسمحك المرة دي
لو ضربتني…
ضمها نحوه بقوة لتغوض داخل جسده
لتخمد حركتها مثبتا رأسها بيده بعد أن
تأكد من هدوئها همس في اذنها بصوت
لين :” إهدي مش حعمل حاجة كنت بهزر
معاكي بس…و بعدين مش بيقولوا ضرب
الحبيب و إلا خلاص مبقتش حبيب..
شعر بارتعاش جسدها ليعلم انها تبكي
ليتنهد بنفاذ صبر و هو يجذبها برفق
لتسير معه و يجلسا معا على حافة
السرير…
حاولت دفعه عنها دون فائدة
ليحاوط هو وجهها بكفيه لاتتوقف
عن المقاومة مد انامله ليزيح دموعها برفق
قبل أن يهتف بنبرة حنونة و كأنه ليس
هو نفسه من كان يتحدث منذ قليل
:”
إنت اللي قلب….. و عيون… و روح…. شاهين و….. دنيته… كلها… متعيطيش..خلاص.. حقك… عليا
كان يقبل كل ما طاله من وجهها بعد كل
كلمة يقولها..عضت شفتيها بقوة
مانعة اي دموع أخرى من النزول…محاولة
السيطرة على مشاعرها التي تكاد
تفضح تأثرها بكل كلمة ينطق
بها….لتقول بدل ذلك :”لا إنت كنت عاوز
تعاقبني…..
صدرت منه ضحكة خافته قبل أن
يجيبها :” طب بذمتك ينفع الكلام اللي
قلتيه و قدام الولاد يقولوا علينا إيه
و خصوصا فادي….داه بقى كبير
و بيفهم.
كاميليا بنبرة متعثرة :”كنت زعلانة منهم…
شاهين و هو يلاعب ذقنها بابهامه
و في كل مرة يطبع قبلة رقيقة على عنقها :” بطلي تجبريهم ياكلوا خضار مسلوقة..طعمها وحش جدا
إتفقنا “.
:” حاضر… ”
غمغمت كاميليا بطاعة و قد بدت
مغيبة و كأنها في عالم آخر لا تستطيع مقاومته ليبتسم هو بسعادة ماكرة لنجاحه في كل مرة في السيطرة عليها و تمكنه بسهولة تامة من قلب حالتها كليا ….
أمام كلية الطب…
يجلس محمد في سيارته منذ حوالي
نصف ساعة ينتظر خروج نور ليقلها
إلى المنزل كما يفعل يوميا…
نظر إلى ساعته للمرة العاشرة قبل
أن يزفر بملل.. يقسم انه سينفجر
يوما ما من شدة غضبه من أفعالها
الطفولية المتهورة فكيف لا و هي
تكاد تفقد صوابه في كل مرة منذ
أن خطبها او بالأحرى منذ أن
عقد قرانه عليها أي منذ سنة
و بضعة أشهر بعد أن إستطاع
كسب الجميع بصفه للضغط
عليها لتمتثل نور رغما عنها لإلحاح كاميليا
و والدتها عليها حتى تقبل به
ليتحقق بذلك حلمه بها منذ أول يوم رآها فيه.
هدأت ملامحه الثائرة فور ان لمحها
تقترب من السيارة بخطى هادئة
بعد أن أشارت لصديقتها تودعها..
فتحت الباب لتركب بجانبه بعد أن
ألقت عليه التحية بنبرة مختصرة :”أهلا”.
هز حاجبيه بعدم رضا من برودها معه
رغم أنه تعود عليها و على طبعها
الجاف ليجيبها ببرود مماثل :”أهلا…
قاد السيارة بملامح متجهمة بينما
إنشغلت هي بهاتفها تقلبه باهتمام
غير مبالية باللذي يجلس بجانبها
ينتظر ان تعبره بكلمة واحدة….
تنحنح محمد بعد أن يئس من حديثها
ليسألها :” إيه رأيك نتغدى سوى… في
مطعم فاتح جديد و أكله تحفة مش بعيد
من هنا…
قاطعته ببرود تخفي ضيقها :” لا انا وعدت
ماما حتغدى معاها.. زمانها مستنياني هي
و كريم……
لوى ثغره بتهكم و كأنه كان متوقعا
لإجابتها:”كالعادة بتتهربي انا مش عارف
لحد إمتى حتفضلي كده “.
فتحت نور حقيبتها لتخفي بداخلها
هاتفها و هي تجيبه في نفس الوقت
:” مفيش داعي للكلام داه.. إحنا في كل
مرة بنفتح فيها الموضوع داه بتنتهي
بخناقة خلينا كده احسن”.
محمد :”أحسن…. احسن في إيه؟؟ ها
إحنا كلنا كده على بعضنا مش زي
أي طبيعين و لا كإننا مخطوبين بقالنا
سنة بتكلميني بالعافية و لا مرة
قبلتي نخرج نتفسح و إلا نقعد مع
بعض نتكلم و لا نتغدى…. رافضة
أي تواصل بينا لحد إمتي حتفضلي
كده “.
نور بضيق :” إنت عارف كل حاجة على
فكرة فمفيش داعي لكل العصبية
دي…انا كده و مش حيتغير و لو حضرتك
مش عاجبك الحال براحتك…كل واحد
يروح لحاله و نفضيها سيرة اصلي
بصراحة زهقت “.
مرر نظره بينها بين الطريق متفرسا ملامح
وجهها البريئة التي يهيم بها عشقا
ليزفر بقلة حيلة… مهما فعلت و قالت
لم يستطيع التفريط فيها بعد
ان تعذب في الحصول عليها.
:” إنت ليه كده…هاين عليكي قلبي عشان
توجعيه بالطريقة دي…. إنت لو تعرفي
أنا بحبك قد إيه مكنتش قلتي كده”.
غمغم بمرارة و عجز مكملا :”بقالي
سنين يشحت منك شوية حب
و إهتمام… دست على كرامتي
أكثر من مرة و بتجاهل كلامك
و معاملتك الباردة ليا كل داه عشان
لييييه… قوليلي ليييه”.
صرخ بقوة و هو يضرب مقود. السيارة
بعنف حتى كاد يخلعه من مكانه لتنكمش
نور على نفسها ملتصقة بنافذة السيارة
متحاشية النظر ناحيته حتى لا ترتعب
أكثر…. فمحمد منظره مخيف و هو هادئ
فكيف سيكون عندما يغضب..
عضت شفتيها عدة مرات محاولة
التفوه بأي كلمة تهدأ بها غضبه
لكنها فشلت لتهتف في الاخير
بتأتأة :”مح…. مد إهدأ….إنت
بتسوق”.
و كأنها بكلماتها تلك زادت من لهيب
ناره التي تشتعل داخله منها ليهدر
بصياح :”خايفة على نفسك….كالعادة كل اللي
يهمك نفسك و بس…. مش هامك انا
اولع بغاز انا و قلبي و مشاعري….
يا ريتني ما كنت قابلتك و لا شفتك
و لا قلبي تعلق بيكي…. يا ريتني ماحبيتك
يا نور…مكنتش ذليت نفسي لحتة عيلة
عشان تلعب بيا…
قطع كلامه و هو يوقف السيارة بهدوء
ليسند رأسه على الكرسي مستنشقا
الهواء بقوة عدة مرات…ليهدأ من نفسه
حتى لا يقوم بشيئ متهور يندم عليه لاحقا.
تكلمت نور بصوت منخفض :”طيب
خلينا ننزل نتغدا و بعدين نكمل كلامنا”.
صدرت منه ضحكة ساخرة عقبها قوله :”كثر
خيرك…البرنسس تنازلت المرة دي و قبلت
تتغدا معايا….
اجابته بهدوء:” محمد ملوش لزوم الكلام داه
إنت عارف إن أنا و إنت حكايتنا من الاول
كانت غلط…. أنا كنت صريحة معاك ومخبيتش
عليك حاجة من اول مرة كلمتني فيها…. قلتلك
إني أنا مش بحبك و طلبت منك إنك تنساني
و تدور على واحدة ثانية من مستواك و تليق بيك..
بس إنت اللي ركبت دماغك و اصريت عليا
و انا وافقت بس كان غصب عني مكنتش
مقتنعة.. ماما من جهة و كاميليا و جوزها من
جهة ثانية حتى كريم….كلهم حتى إنت
كنت كل اما اروح مكان الاقيك فيه حاصرتني
من كل الجهات و تحت الضغط داه كله أنا
سلمت ووافقت بس إنت كنت عارف يعني
إنت دلوقتي ملكش حق تلومني على حاجة
و انا كمان مش حجبرك تكمل معايا…
إلتفت الآخر نحوها ليوليها كل إهتمامه
مركزا على كل كلمة تقولها قبل أن. يتحدث
:”طيب ممكن افهم ليه؟؟ و متقوليليش
شكلي عشان دي حجة عبيطة و مش
داخلة دماغي……
اجابته و هي تحرك رأسها بنفي :” طبعا
لا….مش داه السبب بس في أسباب
كثيرة بتدل على إن حكايتنا غلط من الاول
زي الفرق الاجتماعي الكبير جدا اللي بينا
مثلا انا نور بنت سعيد محمود
اللي شغال عامل في محل صغير و إنت
محمد اللي من عيلة البحيري من أكبر واغنى
العائلات في البلد…
حولت نظرها نحو الشارع قبل أن تستأنف
حديثها من جديد بنبرة حزينة :”إنت
مشفتش إحنا كنا عايشين إزاي قبل
ما كاميليا أختي تتجوز شاهين الألفي
كنا…فقرا اوي مش لاقيين ناكل .. انا
كنت بستلف هدومي من بنات الجيران
لما يكون عندنا فرح او مناسبة…بالمختصر
انا من عيلة بسيطة و فقيرة و كل
حاجة عندنا هي ملك لاختي و جوزها
يعني…
محمد بعدم تصديق :”يعني إيه… يعني
إيه يا نور إنت مجنونة انا مالي و مال الكلام
داه انا عاوزك إنت…. بحبك إنت
حفهمك إزاي داه….و بعدين ما انا عارف
و عيلتي كلها عارفة ها في حجة ثانية
و إلا خلاص”.
بللت نور شفتيها قبل أن تنطق مدافعة
عن رأيها :”دي مش حجج دي حقايق
بكرة لما نتجوز حتفهم كويس أنا بتكلم
عن إيه و ساعتها انا إللي حبقى خسرانة “.
تنهد بنفاذ صبر من عنادها و رأسها اليابس
قائلا :” أنا لسه مستغرب من نفسي انا
جايب طولة البال دي كلها منين….و بسمع
كلامك الأهبل داه”.
نور بغضب :”كلامي مش هبل و إنت
عارف داه كويس … و الدليل اخوك
اللي تجوز بنت عمك و طلقها بعد شهرين
…وكان بيخونها مع كل ست يقابلها
و اهو بقاله ثلاث سنين لا حس و لا خبر
رمى إبنه و مراته…اللي هي بنت عمه
تقدر تقلي انا حيبقى مصيري إيه
لو حضرتك تجوزتني و رميتيني
زي ماعمل أخوك….
فغر محمد فاه بصدمة غير مصدق
لما يسمعه منها لأول مرة…هل وصل
بها التفكير لهذا الحد ان تظنه كأخيه أيهم؟
إحتقنت الدماء في وجهه أكثر و قد شعر
بأنه يكاد ينفجر في أي لحظة….
اعاد تشغيل سيارته من جديد متفاديا
قول اي كلمة ليسير في طريقه من جديد..
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تسمرت ليليان مكانها و هي تنظر امامها بصدمة
و كأن الزمان توقف عندها عندما إعترضت
أميرة طريقها في مدخل الفيلا لتخبرها
بصوت متحمس:”أيهم رجع يا لولو… أيهم
رجع”.
أومأت لها وهي تبتلع ريقها بصعوبة
و دوار خفيف قد أحاط بها حتى
كاد يجعلها تقع مكانها على الأرض
لولا انها تمالكت نفسها في آخر لحظة
لتكمل سيرها للداخل بخطوات
متوترة……
لم تره منذ ثلاثة سنوات و لم تسمع
حتى صوته و كأنه لم يكن في حياتها
من قبل…لم يبق لها سوي ذكرياتها معه في كل
ركن من الفيلا و المستشفى…
توقفت عن السير تبحث عنه بأعين
مترقبة من بين أفراد العائلة الذين
كانوا مجتمعين حوله في الصالون…لتجده
اخيرا بدا مختلفا في شكله عما
كان عليه سابقا…لحية خفيفة و نظارات
طبية و جسد نحيف و عيون ترسل
رسائل كثيرة… شوق و لهفة، خوف و تردد
امل و حزن، عذاب و ندم….
و كأنه احس بحضورها شعر بها
دون أن يرفع عينيه حيث لم
يمنعه إنشغاله باحاديث عائلته
الكثيرة و أسئلتهم المختلفة من
إستشعار وجودها…ليرفع عينيه
نحوها و إبتسامة رقيقة وجدت
طريقها نحو ثغره كالملاك الذي نزل
من السماء يراها… بحجابها الأبيض
و غمازتيها التين إشتاق إليها حد
الموت…
تنحنح قليلا و هو يقف من مكانه
حاملا طفله الذي غفى في أحضانه
متقدما نحوها بخطوات مترددة حتى
وصل أمامها..مد يديه و علامات الخجل
تصحب جميع تصرفات قائلا بصوت
خافت :”إزيك يا ليليان… عاملة إيه؟”.
بصعوبة حركت يدها نحوه لتصافحةو تحيته
قائلة :”حمد لله عالسلامة.. إزيك إنت ؟؟
أومأ لها و هو يسحب يده مرغما ليحيط
بها جسد طفله بقوة يمنع نفسه بصعوبة
من جذبها نحو أحضانه ليزيل عنه شوق
سنين.
تمالك نفسه بصعوبة ليعود لمكانه و هو يربت
باصابعه على شعر أيسم لتعرض عليه
والدته أخذه لينام في غرفته… أعطاه لها
بعد أن قبله قبلة طويلة و عيناه لا تحيد
عن تلك التي مازالت تقف مكانها و كأنها
تمثال جامد…و قد طافت بعقله مئات
الأسئلة و الافتراضات حول ردة فعلها
بعد رؤيته…
إستجمعت ليليان بقية قوتها لتستأذن
من الحاضرين الصعود إلى غرفتها
لأخذ قسط من الراحة بعد قضائها
ليوم طويل من العمل المرهق..
أغلقت باب غرفتها بهدوء ينافي
صخب قلبها و جوارحها…لقد عاد
كابوسها من جديد و عادت معه ايام
العذاب و الحزن بعد أن إستطاعت
طوال الثلاث سنوات الماضية
من مداواة جروحها و آلامها هو
عاد حتى يفتحها من جديد
رمت حقيبتها بعنف على السرير
ثم إستدارت نحو باب الشرفة
لتفتحه و تسير بهدوء نحو السور
الرخامي لتسند عليه بيديها.. تنفست
الهواء بقوة بعد أن احست بانقطاعه عنها
ثم مسحت براحة كفها رقبتها عدة مرات
قبل أن تتوقف فجأة عندما شعرت بدخول
أحدهم إلى غرفتها….
لم تكد تخطو خطوة إلى الداخل حتى
تفاجأت بأميرة تقفز أمامها كالقطة صارخة
بقوة :”لولو…. شفتي أيهم جابلي إيه؟؟
رمقتها ليليان بعدم رضا و هي تضع
يدها موضع قلبها تهدأ ضرباته
التي زادت بسبب فزعها من صراخ
أميرة :” يوووه يا ميرا إنت مش حتبطلي
حركاتك دي…. موتيني من الرعبة حرام
عليكي “.
قهقهت الأخرى بخفة و هي ترمق
ملامحها الفزعة بتسلية قائلة
:”سوري يا لولو…مش قصدي
بس الظاهر إنت اللي كنتي سرحانة
بقلك إيه تعالي عشان اوريكي علب
المايكاب اللي جابهالي تجنن تجنن
يا لولو…..
جذبتها بخفة من يديها لتدخلا
إلى الداخل و تجلس أميرة على السرير
و تبدأ في فتح العلب الفاخرة بحماس
مثرثرة :” واو… مكنتش عارفة إن أيهم
ذوقه حلو كده…. الظاهر في حاجات
كثيرة تغيرت فيه مش بس
شكله….
رفعت عيناها نحو ليليان و هي
تضم شفتيها بتفكير قبل أن تردف
:” حساه مختلف اوي عن زمان مش بيتكلم كثير
و لا بيشخط زي عوايده…حتى لما اخذ ايسم
في حضنه عيط.. انا شفت دموعه و ماما
كمان…. المهم انا حسيبك تغيري هدومك
و بعد العشاء حرجع عشان اوريكي
الحاجات الثانية… و إنت كمان….إتفقنا
وقفت من مكانها و هي تلملم اكياسها
بسرعة مضيفة :” اصل أيهم جايب شنط
كثير و حطها على جنب في اوضته …”.
خرجت أميرة تاركة ليليان تضع
يديها على رأسها بتعب من ثرثرة
إبنة عمها التي لا تنتهي…
جلست على الفراش بهدوء متمتة بملل
:”البنت دي حتجنني…ميكاب إيه و زفت إيه
اللي بتتكلم عليه داه مش مكفيها محل مواد
التجميل اللي في أوضتها…و مين اللي تغير داه؟؟
أنا مش فاهمة حاجة و مش عاوزة أفهم اصلا
يتغير ميتغيرش دي حاجة تخصه… يبعد عني
و خلاص داه المهم…. اوووف خليني اقوم
اغير هدومي و انزل اشوف إيه الحكاية
بالضبط “.
تمتمت بانفعال قبل أن تتجه نحو خزانة
ملابسها لتنتقي ملابس بيتية أنيقة
لترتديها و تنزل….
بعد نصف ساعة كانت مع بقية
أفراد العائلة الذين تحلقوا على مائدة
الطعام يتحاذبون أطراف الحديث
متحمسين برجوع أيهم….
سيف بمزاح:” بما إنك رجعت فأنا
اعتبر نفسي في إجازة طوييييلة…. ياه
بقالي ثلاث سنين مستني اليوم داه”.
ايهم بابتسامة و هو يختلس النظر
ليليان بين الحين و الاخر :” وانا مال ما
انا بردو في اجازة …
سيف و يمثل الحزن :” يعني إيه
في اجازة….شركتك و إدارة المستشفى
ردت إليكم انا مليش دعوة من بكرة
دوروا على حد غيري انا راجع مكتبي
في شركتنا “.
ايهم بجدية :” سيف لو سمحت…انت
عارف إن الشركة و المستشفى باسم
ليليان…. يعني هي صاحبة الشأن و القرار….
رفعت رأسها عندما سمعته يتحدث عنها
لتتلاقى أعينهما لتخفض ليليان عينيها
متظاهرة الانشغال بطبقها ليتحدث
سيف بثرثرة :” ماهي رجعتهم باسمك
من زمان…و الأوراق موجودة في مكتب
بابا….هي ما قالتلكش و إلا إيه؟؟؟
سعلت ليليان بقوة لتتجه جميع الانظار
نحوها…ليرمقها أيهم بقلق قبل أن تسارع
أميرة و تعطيها كأس مياه لتاخذه منها
ليليان و هي تشعر بحرج كبير….
تنحنح أيهم عن قصد حتى يجذب الانظار
نحوه قبل أن يتكلم بصوت هادئ :”طيب
خلينا نأجل الكلام داه لبعدين…
إلتفت نحو والدته ليكمل :” تسلم إيدك
يا ماما الأكل تحفة بقالي كثير مأكلتش
اكل زي داه….
كاريمان بابتسامة فرحة :”بالهناء و الشفاء
يا حبيبي…لو عاوز اكلة معينة قلي و انا
ححضرهالك بنفسي….
سيف بغيرة :” يا سلام.. من شاف احبابه يا ست
ماما….
ضحك الجميع و اكملوا تناول العشاء في
جو لا يخلو من المزاح و الضحك…..
بعد إنتهاء السهرة العائلية المعتادة
دلفت ليليان غرفتها مشتاقة لصغيرها
الذي لم تره كثيرا اليوم…توقفت عن السير
بعد أن لمحت أيهم متكئا على ذراعه
بجانب أيسم الذي كان يغط في نوم
عميق… يداعب شعره بحنان و يقبله
بحرارة بين الحين و الاخر مستنشقا
رائحته الطفولية بعمق…
إنتبه أيهم لقدومها ليقف من مكانه
بهدوء و إبتسامة سعيدة تسللت
نحو شفتيه عند رؤيتها…مازالت كما
هي..كما تركها منذ سنوات لم تتغير
سوى انها إزدادت جمالا عن قبل
ركز ببصره على خديها و تحديدا في مكان
غمازتيها قبل أن يتكلم بصوت خافت
حتى لا يزعج الصغير النائم وراءه:”أنا
آسف عشان دخلت اوضتك من غير
إستئذان… بس انا كنت عاوز اشوف
أيسم….أصله واحشني اوي و ملحقتش
اشبع منه”.
أومأت له بإيجاب و هي تخفض رأسها
دون أن تنظر نحوه.. تقدمت للداخل
نحو الصغير من الجهة الأخرى للسرير
لتجلس قريبة منه… أمسكت بكفه
الضيئلة لتقبلها ثم جذبت الغطاء
أكثر نحو صدره لتغطيه….
راقب أيهم بتمعن.. كل حركة تقوم
بانفاس منقطعة يخزن ما يراه داخل
عقله و قلبه الذين حرما طويلا من
رؤيتها…
لاحظ توقف حركتها و سكونها في
مكان واحد ليعلم انها تنتظر خروجه
من الغرفة…لكنه عكس ذلك سار بهدوء
نحو كرسي وجده قريبا من السرير
ليجلس عليه قائلا :”أنا كنت عاوز اتكلم
معاكي في موضوع الشركة و المستشفى
إنت ليه عملتي كده… انا مش عاوزهم
و بكره إن شاء الله اول حاجة حعملها
حرجعهم باسمك إنت و أيسم… دول من
حقك”.
اجابته دون تفكير :”انا مش محتاجة
منك حاجة…لا انا و لا إبني انا اصلا
كنت مستنياك عشان ترجع.. ”
خفق قلبه بلهفة منتظرا بشوق ما ستقوله
بعد ذلك لكنها خيبت أمله بعد أن أكملت
:” عشان نكمل إجراءات الطلاق….
هب من مكانه منتفضا و كأنه نارا احرقته
و هو يكاد يخترقها بعينيه ليهتف
بصوت مرتعش:”لا…. لا ..لو سمحتي
متكمليش…مش وقت الكلام داه عشان خاطر
إبننا يا ليليان…
ليليان بجمود رغم أنها لاحظت
إرتعاش صوته و ملامح وجهه التي تجهمت:”
طيب.. خذ وقتك زي ما إنت عايز اسبوع
إثنين شهر سنة لو حابب بس الموضوع داه
حيحصل في الاخير يعني ليه التأجيل؟
في تلك اللحطة شعر بأنه سمع صوت
تحطم قلبه و تمزق شرايين لآلاف القطع…
ساقيه اصبحتا كالهلام لا تقدران على
حمله ليرتمي من جديد على الكرسي
وراءه و إحساس العجز و قلة الحيلة
يغزوانه تدريجيا.. لا يستطيع إرغامها
على العودة إليه.. يعلم انه امر مستحيل
و انه لديها كل الحق مهما قالت او فعلت
فما يحصده الان هي ثمار ما غرسه في الماضي.
إبتسم بألم قبل أن يتكلم بصوت يتخلله
بعض الرجاء وكانه آخر حل لديه :”طيب
خلينا كده…إنت كملي عيشي هنا إنت
و أيسم و انا.. انا إشتريت شقة جديدة
قريبة من هنا حسكن فيها… و اوعدك
مش حزعجك و لا حعمل اي حاجة
تضايقك.. حتى…. حتى لما آجي
اشوف أيسم حبقى اديكي خبر
قبلها بيوم…و اوعدك مش حتشوفيني
كثير… مرة واحدة في الأسبوع حبقى
آخذه الصبح و حجيبه بعد الظهر… مش
حخليه عندي كثير عشان متتضايقيش
ليليان ارجوكي انا قابل بكل شروطك
مهما كانت إلا الطلاق.. ارجوكي بلاش
مش حقدر أعمل كده انا إستحملت الغربة و بعدي
عن إبني و إستحملت إني مبقاش موجود يوم
ما تولد…. و تحملت بعدك عني اللي
بيقتلني كل دقيقة و كل ثانية حستحمل حتى لو مية سنة قدام… بس مش حستحمل الطلا……
خفض رأسه و هو يغلق عينيه بقوة يمنع تساقط دموعه التي اغشت عينيه التي أوشكت على فضح
ضعفه و هو الذي لم يتعود ان يكون ضعيفا
من قبل…. يقسم انه مستعد في هذه
اللحظه ان يخر على ركبتيه اسفل قدميها
طالبا الصفح و الغفران…ناشدا إياها
إن تمنحه فرصة اخيرة حتى يحاول
إصلاح ما افسده سابقا…..
حدقت ليليان بذهول فيه غير مصدقة
تذكرت قول أميرة قبل ساعات عندما
أخبرتها انه تغير و لكنها لم تكن تعلم
إلى أي حد… هل من المعقول انه هذا هو
ايهم كابوسها المرير الذي رافقها
لسنوات طويلة… هل هو نفسه من
جعلها تكره حياتها بسببه؟؟ هل غيرته
سنوات البعد حتى أصبح إنسانا يفقه معنى
الندم و الحزن ام أنها.. خطة جديدة
يتبعها حتى يصل إلى مراده ثم من
بعد ذلك يعود كما الفته من قبل؟؟؟
حركت رأسها لتنفي عنها تلك الأفكار
التي تجمعت فجأة داخل دماغها…
ثم وجهت بصرها نحوه من جديد
لتجده على حاله…
طال صمتهما ليقطعه أيهم الذي وقف
من مكانه فجأة و قد إرتسمت على
ثغره إبتسامة مريرة ليتحدث
بصوت جاهد ان يخرج عاديا :”أتمنى
تفكري كويس في كلامي… فكري في
أيسم حياته حتبقى إزاي و أمه و ابوه
مطلقين.. انا مش بكذب عليكي انا فعلا
تغيرت اوي مبقتش أيهم بتاع زمان
و الايام حتثبتلك صدق كلامي….
تصبحي على خير…..
إتجه نحو الباب بعد أن أنهي كلامه
و دون أن ينتظر إجابتها غادر المكان
تاركا إياها تتخبط في ذكرياتها بين
الماضي و الحاضر….
بعد اسبوع ….
تجلس كاميليا بملل في مكتبها في
شركة شاهين الذي أقنعها بالعمل معه
بعد أن كانت رافضة تماما فكرة الخروج
للعمل و الانشغال عن اطفالها
تتصفح صورهم في حاسوبها المحمول
زفرت بانزعاج بعد أن لمحت في
أسفل الشاشة الساعة التي كانت تشير
إلى الحادية عشر صباحا…
تمتمت و هي تمط شفتيها بغضب
قائلة:”هو الوقت مش بيعدي ليه هنا؟؟
اوووف انا بجد زهقت…
قاطع أفكارها دخول هبة التي
إنفجرت ضاحكة عند رؤية صديقتها
تجلس كما تركتها منذ ساعة بنفس
هيأتها مسترخية على كرسيها و تضع
خدها على يدها و بيدها الأخرى تضغط
ازرار الحاسوب…
رمقتها كاميليا بعيون نصف مغمضة
قائلة بعدم مبالاة :”إنت إيه اللي جابك
هنا معندكيش شغل؟؟؟
تصنعت هبة الحزن لتضع يدها على
صدرها شاهقة بزيف :” إخص عليكي
يا كوكي و انا اللي جيت اطمن عليكي
قلت يمكن محتاجة حاجة….
وضعت أمامها كوب القهوة ثم جلست
على الكرسي أمام المكتب لتخطف نظرة
على الملف الذي لم يمس حتى الآن
قائلة :” إنت لسه مكملتيش تصميم
المشروع….على فكرة معاد تسليمه
النهاردة.. و البشمهندس حسن
هو اللي حيختار التصميم الأفضل..
نفخت كاميليا خدها بعدم إكتراث
قبل أن تجيبها دون أن تحول نظرها
عن شاشة الحاسوب أمامها :” لا خلصته
من يومين…و حبقى اسلمه بعدين..
هبة و هي ترفع حاحبيها بعدم رضا :” أنا ليه
حاسة إنك جاية الشغل مجبرة…مين غير
نفس كده؟؟
كاميليا :”مش قادرة اتأقلم مع جو الشركة و
الشغل…ملفات و تصاميم حاسة إني مش
فاهمة حاجة…تعودت بقعدة البيت و العيال…
انام براحتي و اصحى براحتي عاوزة ارجع
اتفرج على التلفزيون مع طنط ثريا… وحشني
مسلسل الحاج متولي داه معاده بقالي اسبوع متفرجتش عليه…. .
أنهت جملتها بصوت شبه باكي لتحدق
بها هبة ببلاهة قبل أن تنفجر ضاحكة
عليها و هي تهتف من بين ضحاتها
:”مسلسل إيه ياهبلة…مش مصدقة إن
اللي قدامي هي نفسها كاميليا الأولى
على دفعتي خمس سنين…
كاميليا :” داه كان زمان…انا اصلا دماغي
تمسح منه أي حاجة تخص الهندسة…بيت
ربة بيت ممتازة زي ما بيقولوا….انا مش
فاهمة إنت إزاي مستحملة خنقة الشغل
هنا..حاجة تقرف..
هبة و قد إكتسى ملامحها بعض الحزن
:” مفيش حاجة تخليني أقعد في البيت
ما إنت عارفة لا عيل و تيل
بالعكس على الاقل الشغل بيلهيني
شوية و يخليني انسى و ابعد عن
المشاكل…..
عضت كاميليا شفتيها و هي تشعر
بتأنيب الضمير لتطرقها لموضوع حساس
عند صديقتها دون قصد…لتنطق محاولة
تشتيت تفكيرها :” بقلك إيه معاكي روج؟؟
اجابتها الأخرى و هي تنظر لها ببلاهة :” روج
إيه؟؟؟
كاميليا :”روج يا هبة…و يا ريت يكون
لون فاقع اصل مش معايا حاجة في
شنطتي غير البرفيوم؟؟؟
هبة بتعجب :” نعم ياختي…. برفيوم و بس
مفيش حتى ماسكارا، ايلاينر….
كاميليا بنفي و هي تمد لها حقيبتها :”تؤ….و
لا اي حاجة… اصل شاهين قبل ما اخرج
بيفتش الشنطة و لو لقى حاجة تابعة
الميكاب بيرميها على طول…
هبة و هي تمصمص شفتيها بانزعاج :”ما
أنا شايفاكي اهو قدامي وشك مفهوش حاجة…
بس مش جديدة ما إنت من زمان يعني
من قبل ما تتجوزي مكنتيش بتحبي تحطي
حاجة على وشك…يا دوب بتغسليه و تنزلي
بيه على طول كده”.
كاميليا بتنهيدة:”عشان زمان مكانش عندي
ثمن قلم كحل… بس دلوقتي الحمد لله التسريحة
مليانة..
هبة :”طيب مش قلقانة يشوفك و إنت
عاملة روج هنا….
كاميليا بتذمر:” وحيشوفني إزاي؟؟ لو طلبني
حبقى امسحه قبل ما اروحله….
هبة بعدم إقتناع و هي تنهض من مكانها
:” طيب حروح اجيب شنطتي و اجيلك…
تراجعت كاميليا بظهرها على
الكرسي و هي تراقب خروج هبة
بأعين ناعسة قبل أن تلمح من
جديد ذلك الملف الذي حدثتها عنه
صديقتها منذ قليل….
ضمت شفتيها باستهزاء لاترغب في التفكير
في أي شيئ يخص العمل….
دخلت عليها هبة من جديد و هي تفتش
حقيبتها لتضع أمامها عدة انواع من مستحضرات
التجميل قائلة :”داه ايلاينز و داه ماسكارا و
دول روج إختاري اللي إنت عاوزاه و دي……
قاطعتها كاميليا و هي تخطف قلما أحمر
فاقعا جذب إنتباهها :” لا خلاص خدي
الثانيين كفاية داه… هاتي مراية و إلا قلك
حضبطه على كاميرا التلفون….
هبة باستسلام :”طيب انا رايحة
دلوقتي علشان عندي شغل مستعجل
و لازم أخلصه…و إلا عمر حيطين
عيشتي…
كاميليا :”طيب قبل ما تروحي… قوليلي
إيه رأيك في الروج… حلو عليا بقالي
كثير محطيتش اللون داه…
هبة بخبث:”هو من ناحية حلو فهو حلو اوي
بس لو شافك جوزك حيبقى احلى و احلى
“.
كاميليا بعناد :” وهو جوزي حيشوفني إزاي يا فالحة؟؟
هبة و هي تغمزها:”من الكاميرا اللي في
المكتب يا قمر….
وضعت الأخرى يدها على ثغرها
و قد إتسعت عيناها برعب بعد أن
سمعت ما تفوهت به هبة و هي تنفي براسها
يمينا و يسارا قبل أن تتكلم باختناق
:” كاميرا هو حاططلي كاميرا في المكتب “.
هبة و هي تتجه نحو باب المكتب
:” الشركة مليانة كاميرات…يلا سلام
اشوفك بعدين”.
جالت بعينيها ارجاء المكتب بحثا
عن الكاميرا المختبئة لكنها لم تجدها
لتبدأ في مسح احمر الشفاه بمنديل ورقي و هي تطمئن متمتمة:”مفيش كاميرا هنا… اكيد
الغبية هبة قالت كده علشان تغيضني
مش اكثر… و بعدين هو انا خايفة منه ليه
أنا مش بعمل حاجة غلط و كل الستات
بتعمل روج و ألوان ثانية كمان….ايوا صح…
قاطع تمتمتها رنين هاتفها لتصرخ
بفزع قبل أن تستدرك نفسها….
:” يا لهوووي داه شاهين…يا نهار اسود
يا نهار اسود… حيقتلني…حتموتي
يا كاميليا بسبب قلم روج”.
في الخارج تابعت هبة طريقها نحو مكتبها
لكنها توقفت فجأة متمتمة بتفكير :”أنا نسيت
مقلتلهاش إن الروج ثابت و مش بيتمسح
قبل إثناشر ساعة..
وضعت يدها على مقبض الباب لتفتحه
و تدلف و هي مازالت تتمتم:”حبقى أقلها
بعدين… دلوقتي
لازم أخلص كوم الملفات اللي سابهولي
الاستاذ جوزي…انا إيه اللي خلاني اقبل
ابقى مديرة مكتبه…بلا نيلة ماهو
لو كنتي رفضت كان قعدني في البيت…..
فين ملف الصفقة 5642 انا حطيته فين….
فين يا هبة؟؟ ركزي بقى….
في الجهة الأخرى من نفس الطابق دخلت
كاميليا مكتب شاهين الذي كان منشغلا
بدراسة التصاميم التي
قدمها عدة مهندسين من الشركة حتى
يتم إختيار التصميم الأنسب
لبناء المدينة السياحية الجديدة
التي تعتزم الشركة بنائها قريبا….
كان يترأس طاولة الاجتماعات
و على يمينه يجلس عمر و بجانبه
المهندس حسن بينما يقابلهما
في الجهة الأخرى رجلين لم تتعرف
عليهما كاميليا التي ظلت واقفة
بارتباك..
خفض الجميع رؤسهم باحترام متحاشين
النظر نحوها مخافة غضب رئيسهم…بينما
رفع شاهين عينيه نحوها يتأملها بشوق
و حب.. لحظات قليلة حتى أدرك أن
مشاهدتها من بعيد لم تعد تكفيه…
أشار لها حتى تجلس على مكتبه قليلا
قبل أن ينهي الاجتماع على عجل.
وقف من كرسيه ليسير نحوها
حالما أغلق عمر باب المكتب خلفه…
توقف أمامها بعد أن لاحظ إرتباكها
ليفهم أنها قد قامت بفعل شيئ
خاطئ و تخفيه عنه
اثار إنتباهه أحمر الشفاه الذي
زين شفتيها حتى أصبحتا مثالا
في الجمال و الإغراء لتعتريه
رغبة جامحة في تقبيلها بقسوة
حتى يزيل عنهما هذا اللون المزعج الذي
إستفزه بشدة.. وضع يديه في جيوب
بنطاله متمالكا نفسه بصعوبة قائلا بسخرية
:” حلو الروج….جبتيه منين؟؟؟
رفعت رأسها نحوه قائلة باستغراب
:” روج إيه؟؟ انا مسحته قبل ما أجيلك….
إنحنى نحوها ليمرر إصبعه على
شفتيها قائلا :”تؤ….مش من النوع اللي
بيتشال بسهولة…..
رمشت عينيها عدة مرات تسبل اهدابها
و هي تنظر نحوه بوداعة قائلة
بنعومة :”مخذتش بالي…اصلي زهقت
في الشركة و ملقيتش حاجة اعملها….
شاهين :”زهقانة مممم يعني كملتي
تصميم المشروع…
اخذ الملف الذي وضعته منذ قليل
فوق مكتبه ليفتحه و يبدأ في مراجعته
بعد ثوان قليلة تفاجأت به يلقيه
على الطاولة الصغيرة أمامها بإهمال
قائلا بفتور :” باين جدا إنك زهقانة
لدرجة إنك بتشتغلي بالمقلوب…
مفيش حاجة عدلة في التصميم
بتاعك أخطاء ميعملهاش طالب
في سنة اولى…سايبة شغلك و
مهتمة بحاجات تافهة.
وقفت أمامه بتحدي لتشعر بالغضب
من كلاماتها التي تتضمن في طياتها
:” على فكرة إنت اللي اقنعتني إني
آجي الشركة و ابدا شغل… انا مكنتش عاوزة
عشان عارفة نفسي حفشل…. مش حقدر
أركز هنا و قلبي و فكري هناك في البيت
مع الاولاد…مع اللي إسمها فتحية إنت عارف
كويس إني مش بحبها و إنت بالعند فيا
خليتها هي اللي تهتم بيهم”.
شاهين بملل :” رجعنا لنفس الاسطوانة
من تاني…. فتحية مين اللي تتجرأ و تأذي
أولادي… . انا لو كان عندي شك واحد في المية
في أمانتها كنت محيتها من على وش الأرض
من زمان…إنت ليه مش عاوزة تقتنعي
إن حكاية زمان كانت مجرد تمثيلية
مني…شيلي الأوهام دي من دماغك
عشان ترتاحي و بالنسبة للتصميم
أنا عارف إنك بتتعمدي تغلطي عشان تخليني
أيأس منك و ابطل أجيبك معايا الشركة…
كاميليا بضيق من إكتشاف خطتها :”لا طبعا… كل الحكاية
إن المشروع صعب و ِمحتاج حد عنده
خبرة اكثر مني عشان يطلعه perfect….
أحاط خصرها بذراعيه ليقربها منه
هامسا بحنان مفاجئ بعد أن لانت نظراته :” حبيبي
إنت كنتي الأولى على دفعتك خمس
سنين يعني مشروع زي داه مهما كان
صعب لو ركزتي شوية مكنتيش حتغلطي
فيه كده….انا مش عايز احرمك إنك
تحققي حلمك اللي تعبتي عشانه من
سنين…الاولاد بخير متقلقيش و تقدري
كل ساعة تطمني عليهم بالتلفون… و كلما
تحسي نفسك زهقتي او تعبتي تقدري
تروحي انا مش بجبرك إنك تشتغلي بالعافية
بس انا لاحظت من فترة طويلة إنك
بقيتي مهوسة بالاولاد بشكل غريب…
لدرجة إنك بتراقبيهم حتى و
هما نايمين… بقيتي خنقاهم ياكلوا داه و
مياكلوش داه مش بتخليهم يلعبوا براحتهم
فالحل إنك لازم تبعدي عنهم شوية لو سبتك
كده حتبقي موسوسة…. خليهم هما
كمان يرتاحوا شوية من الخضار المسلوقة
اللي بتجبريهم ياكلوها….
قالها بمزاح مترقبا ردة فعلها التي توقعها
عندما قوست شفتيها بحنق مزيف
و هي تحاوط عنقه بذراعيها تتعلق به
كطفلة صغيرة هامسة بدلال :”بقى كده
يعني إنت جبتني هنا عشان الولاد يرتاحوا
مني….
لثم شفتيها بخفة قبل أن يهز راسه بنفي
ويجيبها بصوت متحشرج:” تؤ جبتك
هنا عشان عاوزك قدامي طول الوقت…
و كمان عشان اكسب ثواب في ولادك
المساكين و خاصة فادي…
زمانه عامل حفلة مع اسيل و ايسم
و بياكلو بيتزا و كنتاكي…..
ضربته على صدره بخفة متمتمة بانزعاج :”انا
مش عارفة إنت ليه كل مرة بتغلبني و بتنفذ بس
اللي في دماغك بأي طريقة…كل حاجة
بتحصل على مزاجك إنت وبس انا مليش
رأي و لا اي قرار….”
داعب انفها قائلا :”و هو انا إيه مين غيرك…
و لا حاجة….
تراقص قلبها بفرحة و اشعت عينيها
بلهفة واضحة تطالعه بنظرات هائمة
مطالبة بالمزيد من كلماته التي تأخذها
عاليا فوق الغيوم الوردية حتى انها
تنسى نفسها و زمانها و مكانها لا ترى
سواه و لا تشعر سوى باحضانه الدافئة…
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
في كلية الطب…..
أنهت نور محاظراتها الصباحية ثم خرجت
إلى الكافتيريا لطلب قهوة تمكنها من
إكمال يومها الطويل.. إلتقت بصديقتها
بسمة لتتحول القهوة إلى وجبة غداء….
إرتشفت رشفة من كوب المشروب الغازي
الذي طلبته مع بيتزا متوسطة الحجم
لم تأكل منها سوى القليل….لتنظر نحوها
صديقتها بدهشة قائلة :”مش بتاكلي
ليه يا نور؟؟
أجابتها نور و هي تدفع الطبق أمامها قليلا
:” مليش نفس… مش عارفة مالي حاسة
نفسي مخنوقة و مش عاوزة أعمل حاجة
مش عاوزة أبقى في الجامعة و مش عاوزة
اروح البيت… زهقت من حياتي كلها يا بسمة “.
بسمة بحاجب مرفوع :” نعم؟؟ زهقتي امال
أنا أقول إيه؟؟ اروح أنتحر أحسن…
ضحكت نور ضحكة قصيرة ساخرة:” الظاهر
أنا اللي حنتحر و أرتاح….
نفخت بسمة وجنتيها بضيق قائلة :” فعلا
لو مبطلتيش تسمعي لكلام ميار و وسوستها
حتبقى نهايتك يا الموت يا مستشفى المجانين..
إهتز جسدها فجأة إثر صفعة خفيفة على
ظهرها تلاه صوت ميار صديقتهم الثالثة
و هي تصرخ بعتاب :”و مالها ميار يا ست
بسمة..مش عاحباكي في إيه بقى…إشجيني “.
قلبت بسمة عينيها بملل فهي بالرغم
من أنها صديقتهم إلا أنها لم تكن
تطيقها و دائما ماكانت تتشاجر معها
لو لا وقوف نور حائلا بينهما…
:”مفيش…كنا بنتكلم عنك عادي…عشان
محضرتيش محاظرات الصبح…. فقلقنا
عليكي “.
قالتها بزيف و هي تبادلها نظرات
باردة و قد إرتسم على ثغرها إبتسامة
صفراء لكن الأخرى لم تهتم بها…. فكل
ما يهمها هو نور…. او لنقل محمد “.
فميار فتاة في الثانية و العشرون
من عمرها صديقة نور منذ دخولهما
معا كلية الطب… إبنة إحدى الاسر
الغنية و المعروفة و لطالما كانت معجبة
بمحمد و تريد الحصول عليه حتى بعد
إن علمت بحبه و زواجه من نور لتبدأ
بالتقرب منها و أصبحت بذلك صديقتها
حتى تجعلها بكل الطرق تترك محمد
حتى تفوز به بعد أن علمت باستحالة
ترك الاخر لها لأنه يحبها جدا …
إلتفتت ميار نحو نور تراقب ملامحها
الجميلة الشاردة بقهر و حسد تتمنى
لو أنها في مقدورها قتلها و التخلص
منها حتى تحصل على حبها…
أخرجت من حقيبتها هاتفها لتتصفحه
و هي تتحدث او بالأحرى تحدث نور
:”رامي عزام عامل حفلة في اليخت
بعد ثلاثة أيام….تيجوا نروح؟؟
اجابتها بسمة بعدم إهتمام و هي تقضم
قطعة البيتزا :” و من إمتى ياختي و إحنا
بنروح حفلات رامي إمام و إلا غيره”.
بادلتها ميار نظرات مشمئزة قائلة :” رامي
عزام يا جاهلة إبن المستشار مدحت عزام
بقلك إيه يانور سيبك منها دي طول عمرها
كئيبة و فقرية من البيت للكلية و من
الكلية للبيت بعد شهر حتلاقي عندها
الضغط و السكر و جميع الأمراض
النفسية….خلينا نروح انا و إنت صدقيني
المكان حيعجبك جدا… انا متأكدة
إنك عمرك محضرتي حفلات من النوع داه
بحر و مزيكا و رقص حاجة جنان….داه
إنت بالكثير سنة أو سنتين و حتتجوزي
و ساعتها مش حتلاقي فرصة تعملي
الحاجات دي…حتتحبسي في البيت
و حياتك حتبقى لجوزك و أولادك و بس….
يلا بقى قلتي إيه؟؟؟
تنهدت نور بحيرة من كلام صديقتها
الواقعي فهي رأت كيف أصبحت
حياة كاميليا شقيقتها بعد الزواج
و كيف تغيرت… بمجرد إنجابها
لاطفالها إنتهت حياتها المهنية و أصبحت
تكرس كل وقتها للاعتناء بهم…
قاطعت بسمة تفكيرها :” جو الرقص و المياعة
داه مش بتاعنا…و أكيد نور باباها و جوزها
مش حيسمحولها تحضر حفلات ناس متعرفهاش
حتى لو كان زميل لينا في الكلية….
نفخت ميار الهواء بغضب مكبوت
من بسمة التي دائما ما تقف ضدها و تحبط
كل خططها للسيطرة على عقل و تفكير
نور لتقول بنبرة ساخرة:”طبعا عشان
مفيش حد منهم حاسس بيها.. نور بقالها
فترة تعبانة من ضغط الدراسة هي مش
لوحدها طبعا كلنا مضغوطين خاصة
و إن الامتحانات قربت… اي حد في
حالتنا محتاج إنه يرفه عن نفسه شوية
وبعدين دي مجرد حفلة و كل أصحابنا
حيحضروها….
بسمة باندفاع :” نور كويسة لو بس تبعدي
إنت عنها شوية”.
ميار بعصبية :”ليه هو انا عملتلها إيه؟؟إنت
عارفة إن انا بحب نور اوي و بعتبرها أختي
مش صاحبتي وبدور على مصلحتها”.
بسمة باستهزاء:”لا واضح اوي و بدليل…
إنك بتشجعيها تطلق من جوزها”.
ميار بانفعال مزيف :”أنا مش عارفة
أنا عملتلك إيه عشان تكرهيني بالشكل
داه المفروض إن إحنا أصحاب و بنخاف
على بعض و بننصح بعض عشان ناخذ
القرار الصح في حياتنا….انا كل الحكاية
إني بحاول اكون حيادية نور مش سعيدة
مع اللي إسمه محمد داه… في فروقات كثيرة
بينهم بتخليهم مش لايقين على بعض فالاحسن
إن نور تعرف داه من دلوقتي أحسن ما تندم
بعدين و ساعتها مش حتقدر تنقذ حياتها
و بعدين هي بنفسها عارفة إن كلامي صح….
هي لسة صغيرة و حلوة و كلها كام سنة و
حتبقى دكتورة…. ليه تدمر حياتها و تربط
نفسها بعيلة و اولاد من دلوقتي….و اكيد
بعدين تلاقي آلاف الفرص احسن بكثير
من محمد البحيري داه….
بسمة بحنق :”متسمعيش كلامها يا نور
دي شيطان و بتوسوسلك في اوذانك
عشان تدمري حياتك بايدك…صدقيني
محمد بيحبك اوي و مستحيل حتلاقي
زيه و بعدين داه إبن عيلة محترمة و أهله
ناس طيبين اوي و بيحبوكي حتندمي
لو فرطي فيه….
ميار بخبث :” و اخوه أيهم البحيري زير
نساء محترف.. مفيش ست في البلد معملش
معاها علاقة بالرغم من إنه متجوز بنت عمه
مشفعش ليها جمالها و لا ثقافتها و لا راعى
إنها قريبته….يعني اخوه مش حيبقى احسن
منه و بكرة توقفي على كلامي داه…
اكملت و هي تنفجر ضاحكة :” بصراحة
يا نونو انا لما بتخيلك و إنت متجوزاه
بموت من الضحك…يعني إفرضي
تخانقتو و عصب عليكي قلم واحد من
إيده حيوديكي المستشفى….
بسمة بمقاطعة :”و إنت مالك حد خد رايك
بتحشري مناخيرك في اللي ملكيش فيه ليه…يا شيطانة واحدة زيك….
نور بتافف :” خلاص إنت و هي كفاية بقى
سيبوني في حالي هو إنتوا ملكوش
حكاية غيري كل يوم نفس الكلام
لغاية مكرهتوني في حياتي ….
إلتفتت لميار التي تصنعت الاسف:”
ميار انا مش رايحة
لا حفلة و لا غيره الامتحانات قربت
و انا لازم اذاكر كويس…و كمان محمد
مستحيل يخليني اروح و انا مش عاوزة
مشاكل معاه كفاية الخناقة الأخيرة….
ميار و هي تكتم فرحتها :”خلاص يا نور إهدي
إحنا كنا بندردش… محصلش حاجة يعني
المهم راحتك يا حبيبتي…خلينا نغير
الموضوع…
أدارت عيناها قليلا في ارجاء الكافتيريا
قبل تتحدث بملل:” امال فين ديالا.. انا
مشفتهاش النهاردة الظاهر إنها مجاتش”.
رمقتها بسمة بغل تتمنى لو تقفز عليها
و تمسكها من شعرها و تمسح به بلاط
الجامعة بأكمله قبل أن تجيبها بنبرة
ساخرة:”لا جات بس راحت مع
ياسين النادي….
مطت الأخرى شفتيها قائلة بنبرة متعالية:”
طبعا.. اهي الناس العايشة اللي عارفة
قيمة الحياة مش زينا…انا بصراحة تخنقت
و عاوزة ارفه عن نفسي شوية اليوم اللي
بيعدي من حياتي مبيرجعش يلا باي…
و لو غيرتوا رأيكم و عاوزين تروحوا
الحفلة قولولي…..
حملت حقيبتها الفاخرة و إرتدت نظارتها
الشمسية ثم غادرت و هي تمتم بداخلها
بعبارات الوعيد لنور….
بصقت بسمة في إثرها قائلة
باشمئزاز :”بقلك إيه يا نونو البنت
دي انا مش مرتاحالها… بتحشر
نفسها في حياتك بطريقة
مش طبيعية… مع انها و لا مرة تكلمت
عليا انا و رامز خطيبي…
نور بتعجب:” قصدك يا بسمة…هي
ميار بس بتقول وجهة نظرها لما
لاحظت حاجات غلط يعني الحمد لله
علاقتك إنت و رامز ماشية تمام و مفيش
أي مشاكل بس لو هي كانت شافت حاجة
كانت قالتلك….
بسمة :” يا سلام.. و هو فين الغلط في
حكايتك إنت و جوزك…. ها إيه
ناقصه محمد عشان واحدة زي ميار
دي تنقده و بعدين حتى لو مش عاجبها
هي مالها…دي حاجات خصوصية
أنا حتجنن اقسم بالله حتجنن من
برودك و تصرفاتك اللامبالية…
جوزك راجل اي واحدة تتمناه في
الدنيا مؤدب و طيب و… وسيم
و بيموت فيكي و بيحاول يرضيكي
بأي طريقة… عاوزة إيه أكثر من كده”.
نور :” اوووف يابسمة انا زهقت…
بسمة بمقاطعة:”بلا بسمة بلا زفت…بكرة
حيزهق منك و من معاملتك الباردة معاه
و يسيبك و ساعتها حتبكي بدل الدموع
دم… هو في بنت في الزمان داه تلاقي
الحب الحقيقي و تفرط فيه…
نور:” يعني عاوزاتي اعمل إيه؟؟؟
بسمة :”يعني انا اللي حقلك تعملي
إيه…كلميه.. اخرجي معاه ،روحيله
لشغله…حبيه…
نور :”ماهي دي المشكلة مش عارفة
ليه مش قادرة أحبه بالرغم من إنه زي
ماقلتي…محمد حلم اي بنت في الدنيا
بس مش انا يا بسمة… مش انا… إنت
ليه مش عاوزة تفهميني هي ميار صح
بتبالغ أحيانا و بتقول كلام مش من حقها
تقوله بس أحيانا بشوف إن كلامها صح
أنا مش عاوزة اتجوز دلوقتي.. انا لسه
صغيرة و لسه عندي احلام و أهداف
كثيرة في حياتي عاوزة احققها…انا
مريت بظروف مايعلم بيها إلا ربنا
عشان اكمل دراستي و اكون متفوقة
بعد كل داه عاوزاتي اتجوز و اقعد في
البيت عشان اربي العيال….
بسمة :”و مين قال إن واحد زي محمد
حيجبرك تتخلي عن أحلامك.. هو إنت
ليه شايفة إن الجواز هو نهاية لكل
طموحاتك بالعكس دي حتكون البداية
محمد حيشجعك و حيوقف جنبك… حيكون
قوتك و سندك داه بيحبك اوي يا نور
و إنت عارفة داه كويس بيحبك لدرجة
إنه مستحمل حاجات كثيرة منك، برودك
و جفائك و معاملتك الوحشة ليه راجل غيره
مكانش صبر عليكي و كان رماكي من
زمان بلاش تضيعيه
من إيدك عشان شوية اوهام مش موجودة
غير في دماغك إنت و بس…حاولي
تتغيري معاه حاولي تحبيه يا نور على الاقل
قدري مشاعره ليكي بلاش ترخصيه….
عشان هو كمان حيجي يوم و رصيد حبه
ليكي حيبدأ يقل و حيجي يوم مش حتلاقي حاجة تشفعلك عنده… بلاش تدوسي على
كرامته اكثر من كده.. عاوزة يطلقلك اوكي
مفيش حاجة أسهل من كده…هو بسهولة
حيلاقي الف بنت مستنياه إذا ماكانش
مليون و اولهم الست ميار اللي عمالة
تذم فيه في الرايحة و الجاية بس
إنت ياترى حتلاقي واحد يحبك و يحترمك
زيه..
أسندت نور رأسها على الطاولة مغمضة
عينيها بتعب.. تشعر بالتشتت و الضياع
الشديد…بين قلبها و عقلها معظم الأحيان
تتعجب من نفسها كيف لنور ذات الشخصية
القوية ان تتأثر بآراء الآخرين تمتمت
بصوت منخفض سمعته بسمة:”محتارة
يا بوسي محتارة اوي و مش عارفة
اعمل إيه…اووووف”.
أومأت لها الأخرى بعدم رضا و هي
ترتشف كأس العصير أمامها.
بعد ساعة من الزمن كانت ميار
تجلس مع صديقتها ديالا نفخت
بعنف للمرة العاشرة على التوالي
و هي تكاد تشد شعرها من شدة
الغضب….
ديالا بهدوء:” هو إنت مش ناوية تشيلي
الموضوع داه من دماغك.. الراجل تجوز خلاص
و بيحب مراته و لو كان في نصيب كان حصل
من زمان لما كان سنجل و مفيش حد في
حياته…
ميار ببكاء:” مش قادرة يا ديالا انا
بحبه اوي….بحبه و مش شايفة راجل
غيره في حياتي….
اجابتها الأخرى باستهزاء:” و سليم و جاسر
و أمير ووو…..امال لو كنتي بتشوفي غيره
كنتي عملتي إيه؟؟؟
ميار :”مش وقت تريقتك على فكرة
أنا بموت بالبطيئ كل يوم و خاصة
لما بشوفها قدامي..خايفة في يوم
افقد السيطرة و اقتلها عشان اخلص منها
أنا مش عارفة هو عجبه فيها إيه بنت
الشحاتين دي….
ديالا بسخرية :” القلب و ما يعشق يا
حبيبتي.. و بعدين البنت حلوة جدا
يعني طبيعي يحبها و كمان
متنسيش اختها متجوزة مين… فلو نور
محظوظة قيراط أختها محظوظة
مية قيراط….
ميار بغيظ: ماهو دا اللي حارقني…إزاي
قدرت هي و أختها يوقعوا رجالة زي
دول؟؟ بس انا مش حستسلم و مش
حيهدالي بال غير لما ما آخد منها محمد
بأي طريقة”.
قبضت على كفها بقوة و هي تنظر
أمامها هاتفة باصرار و قد لمعت عيناها
بخبث و وعيد……..
في صالة الملاكمة التابعة للمركز الرياضي
الذي يملكه محمد….
تابع محمد التدريبات التي يقوم بها
طارق مدرب الملاكمة بشرود حتى
شعر بيد تلكزه حتى ينتبه…
نظر ليرى طارق يحمل قارورة ماء
بيده و يفتحها إستعدادا ليسكبها عليه
صاح محمد و هو يقف من مكانه جاعلا
طارق ينفجر ضاحكا على مظهره…
:”و الله لو كنت عملتها كنت كسرت إيدك
و رجلك هنا….
طارق بضحك :” بقالي ساعة بنده عليك
و سيادتك سرحان في العسل….
محمد و هو يجلس من جديد على كرسيه
رامقا طارق بغضب :”و إنت مالك إتنيل
إلتهي بشغلك”.
طارق وهو يدير رأسه في ارجاء القاعة
:”الحصة خلصت و فاضل ساعتين على
الحصة الثانية…. يعني انا دلوقتي
خارج نطاق الخدمة يا بوس”.
محمد بغيظ:”ابو ثقالتك يا اخي…انا
إيه اللي خلاني اشغلك معايا….
طارق بصوت أنثوي مريع :”عشان
بتحبني…. تنكر”.
اجابه الاخر بملامح مشمئزة :” أوي…
طارق و قد إكتسى ملامحه بعض الجدية
:” مالك يا صاحبي…. فكرك مشغول بإيه؟؟؟
مسح محمد وجهه بتعب و كأن سؤال
طارق المفاجئ أعاد له أفكاره التي ظن
أنه هرب منها :”و حفكر في مين غيرها…
الظاهر إن طريقي معاها نهايته قربت”.
طارق بحيرة :”قصدك إيه؟؟؟
محمد بصوت مجهد : مصرة على…… الطلاق
كل مرة بتجيبلي حجة أغرب من اللي قبلها
و انا بصراحة تعبت…. بحبها اوي بس
كرامتي اهم عندي من اي حاجة “…
شعر طارق بالاسف الشديد تجاهه فهو
كان على علم بعلاقته مع نور منذ البداية
و كأن متأكدا من أن صديقه سوف
يتعب كثيرا…و لكن لم يتوقع أبدا ان
نهاية حبه العظيم ستكون حزينة بهذا
الشكل.
في شركة الالفي…..
ركلت كاميليا كرسي مكتبها بعنف
و هي تهدر بصوت عال :”بيقولي
إن مشروعي سيئ لدرجة إن حد
في أولى هندسة يقدر يعمل أحسن منه
بكثير.. انا يا هبه انا؟؟؟
أمسكت هبة ملف المشروع الذي قدمته كاميليا
منذ ايام و الذي يخص مشروع القرية السياحة
الذي تنوي الشركة إنجازه قريبا.. دققت
النظر في الرسم الهندسي الذي يحتوي
على ملاحظات كثيرة باللون الأحمر تعبر
عن أخطائها لدرجة ان التصميم لم
سعد يظهر جيدا…. حمحمت و هي تخفي
ضحكتها قائلة بصوت جاهدت ان يخرج
عاديا:”و لا يهمك يا حبيبي هو التصميم
حلو بس فيه شوية أخطاء….مش كثير…..
جذبت كاميليا الملف من يدها بعنف
لترميه على الأرض ثم تتوجه نحوه
لتدعسه بحذائها قائلة بغل :” و هو إيش
فهمه في الهندسة و التصميمات… تلاقيه
زمان كان ببنجح بالواسطة….بقى انا
تصميمي مش عاجبه و مليان أخطاء و مش
مركزة…. طيب يا شاهين بيه… انا حستقيل
و نش حرجع الشغل ثاني و حطلب الطلاق
كمان و غرامة مليون جنيه و…..
عادت وراء مكتبها لتبدأ في جمع مقتنياتها
غير مبالية بهبة التي إنفجرت ضاحكة
على جنون صديقتها…
هبة بضحك:”مش قادرة… يا لهوي…
كاميليا بحنق:” إضحكي.. إضحكي فعلا
شيئ بيضحك بس انا حندمه و الله ما
حسكت على المهزلة دي… إذا كان هو
و المهندسين بتوعه مش بيفهموا في
المشاريع و التصميمات فدي مش
مشكلتي…. بقى انا الخطوط بتاعتي
مش واضحة و المساحات عندي مش
مطابقة للمشروع…طيب خلي الاستاذ
حسن ينفعه….
هبة :”يا مجنونة بتعملي إيه؟ بدل
ما تقعدي تشتمي في الناس روحي
إتأكدي من التصميم بتاعك….
كاميليا و هي تشير بيديها بغضب
:” ماله تصميمي يا ست هبة..انا تأكدت منه عشر
مرات قبل ما قدمه…
هبة بصوت منخفض:”مفيش بس كأنه
في حد كاتب حاجات غريبة عليه
زي الشخابيط كده….
كاميليا باستفهام :”شخابيط؟؟؟
هبة بلا مبالاة :” شوفيه و تأكدي…..
سارعت كاميليا لتلتقط الملف من
على الأرض لتتأمله بعيون متسعة
قبل أن تهتف بصدمة:” يا نهار إسود
الاولاد…..
هبة بعدم فهم :” مالهم الاولاد في حاجة؟؟
كاميليا و هي تغمض عينيها بخجل
و تقول بنبرة باكية :”هما اللي بوزوا التصميم….
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أغلقت كاميليا باب الشرفة و نظرها مازال
معلقا بالاضواء البعيدة تحتها التي كانت تلمع
منيرة ظلام الليل….
تنهدت بحزن متجهة للسرير بخطوات
مترددة لتتمدد فوقه بكسل جاذبة الغطاء
لتدثر كامل جسدها….
تسللت نحو أنفها رائحة عطره التي تعشقها
لتهز رأسها ببطئ لتجده يقف أمام التسريحة
و في يده زجاجة العطر يعلقها ثم يضعها
فوق الطاولة….
عقفت حاجبيها بدهشة عندما لاحظت
أنه يرتدي بدلة أنيقة باللون الأسود
مستعدا للخروج… رفعت الغطاء
عنها ثم سارت نحوه قائلة :”إنت خارج
دلوقتي؟؟
اجابها ببرود و هو يرتب ربطة عنقه:”أيوا
في مانع؟؟؟
عضت شفتيها بغيظ فمنذ ثلاثة أيام
و هو غاضب منها بسبب ماتفوهت به
من حماقات في مكتبها مع هبة فلسوء
حظها كان شاهين يراقبها من خلال كاميرا
مزروعة داخل مكتبها ليشاهد و يسمع
ردة فعلها بالكامل عند رفض تصميمها
حاولت مصالحته بشتى الطرق و لكنها
فشلت….
و هاهو الان يعاملها ببرود و جفاء غريبين
سألته مجددا :”بس الساعة دلوقتي بقت
عشرة بالليل الوقت متأخر و مش عوايدك
يعني”.
رمقها بنظرات لامبالية قبل ان يلتفت نحو الباب قائلا
:”حتأخر برا…نامي و متستنينيش”.
توقف عن سيره عندما إعترضت كاميليا طريقه
موجهة نحوه نظرات لوم و عتاب :”شاهين..
هو إنت حتفضل زعلان مني لحد إمتى…. انا
إعتذرتلك مية مرة بس إنت رافض حتى
إنك تسمعني…. و الله انا مكانش قصدي….
أمسكها من كتفيها يهزها برفق مقاطعا كلامها
صارخا بنبرة غاضبة :” بقى بتقولي إنك حتطلقيني
قدام صاحبتك و كأنها كلمة عادية ملهاش اي
معنى….. للدرجة دي هاين عليكي كل اللي بينا..
هان عليكي الحب و العشرة….
حتى لو مكنتيش بتعنيها…. حتى لو كنتي بتهزري
المفروض كلمة زي متنطقيهاش على لسانك… لو
كنتي… بتحبيني بجد مكنتيش قلتي كده “.
إغرورقت عينيها بالدموع و هي تحرك رأسها
يمينا و يسارا نافية مايقوله قبل أن تهتف بصوت
مختنق :” لا و الله انا بحبك…
تركها لترتد بجسدها قليلا إلى الوراء
شاهقة بقوة لتتمسك بطرف السرير
إلتفت شاهين نحوها بسرعة يتفحصها
بقلق ظنا منه أنه قد دفعها بقوة دون
قصد منه…..
إرتدت ملامحه ثوب اللامبالاة من جديد
هاتفا باستهزاء :” لا باين… باين اوي
بأمارة الكوابيس اللي لسه بتجيلك
كل ليلة…نظرات الرعب و الخوف اللي لسه
بشوفها في عينيكي كل ما قرب منك…
بالرغم من كل حاجة عملتها على شانك لسه
مش قادرة تتجاوزي اللي حصل زمان….
أنا كل يوم بعتذرلك و بتاسفلك و بحاول
أعبرلك على ندمي و اعوضك بأي طريقة…. إتغيرت كثير على شانك… كل همي إنك تنسي و تحاولي
تحبيني.. مش طالب غير حبك.. بس للاسف
لسه الحال زي ماهو من ثلاث سنين…..
أغمض عينيه بقوة وهو يوليها ظهره…
لا يريد أن تأثر عليه بدموعها و بكائها
رغم أن اكثر شيئ يكرهه في هذه الدنيا هو
رؤية دموعها و حزنها.
تنهد بصوت مسموع قبل أن يضيف :”
كاميليا انا حسافر أمريكا الاسبوع اللي جاي عشان عندي صفقة مهمة.. ححاول ابعد الايام دي عشان
ترتاحي و تهدي أعصابك…وتفكري بهدوء
أنا عارف إني قسيت عليكي بالكلام بس غصب عني
كان لازم اقلك كل اللي جوايا….
مسحت دموعها بقوة قبل أن
تسارع بخطواتها لتعترض طريقه… وقفت
بجسدها الصغير أمامه قبل أن يصل أمام باب
الغرفة، رفعت رأسها تناظره بعينيها الدامعتين
قائلة برجاء:”متمشيش…إستنى إنت رايح فين؟؟؟
هز حاجبيه قائلا بتعجب:” و إنت من إمتى بتسأليني
السؤال داه ؟؟
رمشت عدة مرات بعينيها قبل أن تجيبه
:”عشان الوقت متأخر”.
سألها مرة أخرى :”عشان السبب داه بس؟؟ “.
نفت برأسها و هي تخفض نظرها للارض
تفرك يديها بتوتر شديد…إبتسم شاهين
بخفة عليها قبل أن يرفع ذقنها باصبعه
لكنها ظلت تنظر للارضية متحاشية النظر
إليه حتى عندما سألها:”طب قوليلي ليه؟
تمتمت كاميليا بصوت منخفض:” عشان مش
عايزاك تروح”.
شهقت متفاجأة عندما جذبها من خصرها
محيطا إياها بذراعيه القويتين بإحكام
عازما على عدم تركها هذه المرة حتى
يفهم ما يدور برأسها العنيد…..
:” مش عايزانى أروح ليه؟؟ “.
تحدث بصوت بطيئ صبور رغم علمه
بتهربها من أسئلته…محدقا بها بنظرات
متفرسة لكل إنش من وجهها الفاتن رغم
إحمرار عينيها ووجنتيها بسبب بكائها
قضمت شفتيها بتوتر غير عالمة بتأثير
تلك الحركة العفوية عليه….
:”مس حسيبك المرة دي غير لما تصارحيني
بكل حاجة…. إحنا بقالنا اكثر من ثلاث سنين
متجوزين…. بس دايما بحس إنك بعيدة عني
لسه نظرات الخوف بشوفها في عنيكي في كل مرة
…. حاسس إنك مش مرتاحة معايا…تصرفاتك
بتقول كده مثلا و لامرة سألتيني رايح فين
و إلا كنت مع مين؟ مش بتغيري عليا زي
بقية الستات…مفيش مرة طلبتي مني حاجة
كأنه مش من حقك حتى لما بتحبي تروحي
لبيت أهلك بتبعثيلي فادي علشان يقلي…
إحكيلي مالك…بصيلي في عينيا و تكلمي
قولي كل اللي في قلبك مين غير خوف
ولا قلق… إحنا لازم نصارح بعض عشان
نقدر نكمل حياتنا بشكل أفضل ….
مفيش قدامك حل غير داه عشان
إنت عارفة إني مستحيل أسيبك…..
إستجمعت انفاسها المسلوبة منها بسبب
محاصرته لها خاصة بعد أن تأكدت من إصراره
على جعلها تصارحه بالحقيقة…
بسطت أصابعها المرتعشة فوق صدره تحارب
بكل قوتها حتى لاتنهار أمامه فكيف ستخبره
أنه محق في كل ماقاله… و انها لازالت
تخشاه…تخشى شاهين الألفي….
نطقت أخيرا بعد صمت طويل ليخرج
صوتها خافتا مرتعشا و متذبذبا:”أنا…أصل…
أنا لسه بخاف منك… شوية يعني لما بتعصب
او تصرخ حتى على الولاد…عشان بفتكر
زمان لما كنت بتصرخ عليا و كنت يعني
بتكرهني…انا و الله مش بإيدي بس غصب
عني مقدرتش انسى إاللي حصل معايا
أنا عارفة إنك بتحاول بكل جهدك إنك
تنسيني اللي فات بس للاسف مقدرتش
مع إني مسامحاك…لكن إنت عارف إن
يعني…. اللي حصل مكانش سهل….
رفعت عينيها قليلا لتجده ينصت لها باهتمام
و هو يشير لها بعينيه ليحثها على إكمال كلامها
دون أن يقاطعها لتستأنف حديثها من جديد
:” الاغتصاب هو أسوأ حاجة ممكن تحصل
لأي بنت… و حتى لو فاتت عشرين سنة مش حقدر أنسى اللي حصل…انا كل حاجة حصلت معايا بسرعة
أنا جيت اشتغل هنا و بعدها بأقل من شهر إتجوزنا
مكنتش فاهمة حاجة… إنت كنت بتكرهني و بتعذبني
مين غير سبب…تعودت على قسوتك و على نظراتك
المشمئزة مني و بعدها قلتلي إنك عاوز تبدأ حياة
جديدة معايا و انا مكانش عندي إختيار.. عشان
إنت وقتها مخيرتنيش إنت بس قررت و انا
كالعادة لازم أنفذ….
أنا تعودت إني أعمل كل اللي إنت عاوزه
مين غير تفكير و لا حتى أقول رأيي و لامرة
خيرتني او سألتني انا عاوزة إيه…صح
إنت عملت حاجات كثير انا عاوزاها
و غيرت في نفسك كثير علشاني بس
بالرغم من داه لسه متعودتش اطلب
منك حاجة عشان حاسة إنه مش من حقي…
متنساش إنك إشترتني بعشرين مليون جنيه
وداه مبلغ كبير جدا عشان كده
لازم أرضى بكل اللي بتعمله و كل اللي بتجيبه
مين انا عشان أتشرط و إلا أعارضك…
ببقى عاوزة أسألك بس بخاف تزعل مني
و ببقى عاوزة أطلب منك حاجة بس بعدين أبطل
عشان متتضايقش مني…
ساعات بقول إن واحدة زيي لازم تحمد ربنا
صبح و ليل علشان متجوزة شاهين الألفي
بالرغم من إني على طول ببقى مرعوبة… وخايفة
لييجي يوم و تزهق مني و ترميني برا…
عشان إنت شاهين الألفي و تقدر تعمل أي
حاجة…
ضمها إيه بحنو لتجهش ببكاء مرير بعد أن
بذلت مجهودا كبيرا في قول تلك الكلمات
التي لا طالما كتمها بداخلها و لم تجرأ
او تفكر يوما في قولها له…
ظلت دقائق و هي تبكي و تشهق و شاهين
يربت على ظهرها بلطف دون أن يقاطعها
حتى بدأت تهدأ شيئا فشيئا…
دفعته قليلا ليبتعد عنها ليظهر له وجهها
المحمر و عينيها المنتفختين ووجنتيها
الغارقتين بالدموع… ليبتسم رغما عنه على
مظهرها اللطيف القابل للأكل… رغم شعوره
بالحزن من إعترافاتها التي تتضمن مدى
معاناتها و حزنها رغم مجهوداته المضنية
لإسعادها….
تنهد بصوت عال و هو يمسح بأنامله
دموعها الرطبة مقبلا جبينها و عينيها
قبل أن يحتضنها من جديد بقوة أكبر
و كأنه يريد إدخالها بين أضلعه بجانب
قلبه حتى يمنع عنها جميع أحزانها و مخاوفها
همس و هو لا يكف عن تقبيل أعلى رأسها و جبينها
قبلات حنونة :” مش قادر اقلك غير إنك
من يوم ما إبتديت أحبك و أنا بعتبرك حتة
مني…إنت رجعتيني للحياة من ثاني فعشان
كدة حياتي ملكك إنت…طمني قلبك و بلاش
تتعبي دماغك بأوهام فارغة..و مهما حصل بينا
مستحيل أسيبك تبعدي عني يوم واحد.. داه قدرك
و لازم ترضي بيه…. برضاكي أو غصب عنك…
إبتسم قليلا و هو يمسد خصلات شعرها
الناعم ليكمل:”حخليكي تحبيني و تغيري
عليا و حعلمك إزاي تعتبريني حق من حقوقك
زيي بالضبط…كل الخوف و التردد تنسيه
و اول درس حيبقى الليلة….حترجعي تطلعي
عيني زي ايام ماكنتي حامل بآسر و اسيل …. فاكرة؟؟
أنهى كلمته الأخيرة ثم إنحنى ليحملها
لتحاوط كاميليا رقبته بيديها متسائلة
: تؤ.. طب مش كنت حتخرج؟؟؟
أومأ لها بنفي و هو يجلس بها على
حافة السرير و يجيب مثلها:” تؤ… طلعلي
شغل هنا فجأة… و بصراحة الشغل هنا
أحلى…..
تخضبت وجنتيها بحمرة قانية جراء
شعورها بالخجل من تصريحاته
الجريئة التي تعودت على سماعها منه لتخفي
وجهها داخل صدره و قد إمتلأت رئتاها برائحة
عطره المميزة.. ليقهقه عليها قائلا :”إنت دايما كده
فكرك رايح لبعيد انا قصدي إننا حنتكلم و نفضفض
لبعض…كلام و بس يا قلبي….
قرص أنفها المحمر باصبعبه لينكمش وجهها
بضيق مردفة :” تمام بس حروح اغسل وشي
الأول و إنت غير هدومك….
:”اوكي و لو إن لوك الفراوالاية لايق عليكي
اوي…تتاكلي أكل…..
أنهى كلامه بغمزة وقحة جعلت وجهها يشتعل
أكثر ليفقد شاهين السيطرة عن نفسه ليميل
مقبلا شفتيها بنهم ناسيا بذلك جميع ما قاله
لها منذ قليل…..
______________________________________
قبل ساعات في منزل سعيد والد كاميليا….
إستأذن محمد ليغادر بعد أن تحدث مع والدي
نور حول رغبتها في الطلاق وأخبرهم أنه
سيقوم بجميع الاجراءات الازمة في أقرب وقت
ممكن….
فتح باب الشقة ليخرج تاركا إياهم
متسمرين مكانهم من شدة الصدمة…
لكنه توقف مكانه بعد أن سمع صراخ والدة نور و هي تقول بحرقة
:”أنا لسه مش مصدقة اللي سامعاه يا نهار إسود..
يا نهار اسود شايف يا سعيد…. شايف
بنتك عملت إيه؟؟ عاوزة تتطلق.. يا فضيحتي
يافضيحتي اودي وشي فين من الناس
و الجيران بعد كده…..
اجابتها نور بصوت مندفع:” يعني
كل اللي همك هو كلام الناس.. و مش
همك انا؟؟؟
هبت والدتها من مكانها فجأة لتصفعها بكل قوتها
حتى شعرت نور بطعم الدماء في فمها…
قبض محمد على يديه بقوة يمنع بصعوبة نفسه
من العودة إلى الداخل لحماية عنيدته من بطش
والدتها….رغم ألمه منها و عذابه إلا أنه لم يستطع
إن يراها تتعرض لأي أذى…..
سارع سعيد لإبعاد زوجته التي لم تكتفي بصفع
إبنتها بل كانت تنوي إكمال ضربها…هدر بغضب
و هو يدفعها برفق:”بتعملي يا ولية إنت إتجننتي
بتمدي إيدك على بنتك و انا واقف؟؟؟
أجابته و عيناها تكادان تقفزان من محجرهما
من شدة الغضب :” و أقطم رقبتها كمان… البجحة عديمة الرباية دي… الظاهر إن إحنا دلعناها اوي عشان كده شافت نفسها وتفرعنت علينا…
تحدث سعيد بصوت هادئ رغم إشتعاله من
الداخل :” الضرب عمره ماكان حل…هي مش
صغيرة و عارفة كويس مصلحتها فين…سيبيها
تتحمل نتيجتها قرارها…
صرخت في وجهه لأول مرة في حياتها
و هي تكاد تشد شعرها من شدة الغيظ
بسبب برود أعصابه التي أثارت إستفزازها:”
متجننيش يا راجل أحسن انا على آخرى
بقلك بنتك عاوزة تتطلق تقلي حرة و تتحمل
نتيجة قرارها…تتحمل إيه و تتنيل إيه؟داه
طلاق طلاق يا ناس…مش لعب عيال”.
سقطت على الكرسي وراءها بعد أن شعرت
بارتخاء ساقيها و إرتعاش جسدها…تمتمت
بضعف و هي تسند رأسها الذي ثقل فجأة بكفيها :” طب ليه؟؟ حصل إيه عشان تطلبي الطلاق…. عملك
إيه إبن الناس؟؟
نظرت لها نور قليلا قبل أن تجيبها بصوت مرتبك
:” معمليش حاجة انا لوحدي طلبت الطلاق
عشان مقدرتش أستمر في العلاقة دي.. كان
لازم أحطلها حد من دلوقتي قبل ما تتطور….
:”سكت بنتك يا سعيد مش عاوزة اسمع
صوتها.. لحسن و الله حرتكب جناية الليلة دي…
ربنا نقذه منك جوزك عشان طيب و إبن ناس
ميستاهلش واحدة زيك… بكرة حتندمي يا بنت
بطني لما تحسي بقيمة الحاجة اللي ضيعتيها
من إيدك…
قاطعها سعيد ليسأل نور قائلا بصوت جاد :” طب
ممكن تفهمينا يا بنتي حصل إيه عشان تقرري
قرار زي دا…ماهو مش معقول بين يوم و ليلة
كده تطلبي الطلاق اكيد في أسباب مقنعة….
نفت نور براسها و هي تفرك يديها بتوتر قائلة
: يا بابا صدقني مفيش حاجة.. انا من الاول
مكنتش عاوزة الجوازة دي.. ما إنت عارف
من سنة لما وافقت على محمد انا وقتها كنت
فاكراها خطوبة بس إنتوا اللي قررتوا إنه يكون
كتب كتاب…
صفعت فخذيها بقهر قبل أن تهتف بحرقة:”بقى
زعلانة عشان الراجل شاريكي و داخل من الباب
بنات آخر زمن….منك لله يا نور منك لله كسرتي
ظهري ووطيتي عيني و عين أبوكي الخلق….
تكلم سعيد قائلا بصبر :” بطلي ولولة بقى
خلينا نفهم المشكلة فين يمكن نلاقيها حل….
-“حل إيه ياخويا ما خلاص اللي حصل حصل
بقى…والراجل خلاص زهق من عمايل بنتك
السودا و طفش…بس عنده حق انا لو منك
مكنتش صبرت عليها شهر كثر خيره بقاله
أكثر من سنة ساكت و مستحمل….
تجاهلها سعيد و هو يحدث إبنته :” تكلمي يانور
قولي اي حاجة خلينا نفهم….
نور بتوتر :” يابابا قلتلك مفيش حاجة… إنتوا ليه
بتضغطوا عليا… انا نفسي مش فاهمة حاجة…..
الام بغضب:”لااااا لحد هنا و كفاية.. يعني إيه مش عارفة و إلا هو دلع بنات وخلاص… بت إنت تعدلي
و بلاش حركاتك دي ربنا يعلم بحالي دلوقتي..فاضلي
تكة و أنفجر فينك يا كاميليا علشان تشوفي
أختك عملت فينا إيه؟؟ ….
نور بتهكم : وهي كاميليا دخلها إيه؟ دي حياتي
و أنا حرة فيها…
_:”لا مش حرة…ليكي اب و ام و أخت ليهم
رأي كمان…و قرار الطلاق داه تشيليه من دماغك
…. تنسيه خالص لحد ماشوف صرفة للمصيبة
اللي وقعتي نفسك فيها ووقعتينا معاكي
و حسك عينيك أسمعك جبتي سيرة
الموضوع داه لأي مخلوق…. يومين كده و حكلم
جوزك ييجي…..
نور مقاطعة :”لا يا ماما إنت مش حتكلمي حد….
الموضوع خلص خلاص و محمد قال أنه حيبتدي
في إجراءات الطلاق قريب….إنت ليه مش عاوزة
تقتنعي إن أنا و هو مفيش نصيب بينا…
الام بصوت عال:” ليه؟؟ عملك إيه الجدع
داه محترم و إبن ناس و عمرنا ما شفنا
منه حاجة وحشة…. قولي إيه اللي قلبك
مرة واحدة كده… و إلا في حد ثاني لعب بدماغك
إنطقي يا بت…..
ضيق محمد حاجبيه بدهشة و هو يستند بظهره على باب الشقة… دقات قلبه المتسارعة تدل على
توتره الشديد و هو ينتظر إجابتها على أحر
من الجمر… لم يضع هذا الاحتمال بباله
لشدة ثقته بها بالرغم من تصرفاتها الغريبة
و الغير مفهومة معه و خاصة في الفترة
الأخيرة….
إلا أنه لم يتوقع ابدا انها ستتركه من أجل شخص آخر…..
فتح أزرار قميصه العلوية بعد أن شعر
باختناقه توقف عن الحركة و جميع حواسه
تأهبت عندما سمع صوت نور و هي تصرخ
في وجه والدتها بغضب:”حضرتك تقصدي
إيه… تقصدي إني بخون جوزي و انا لسه
على ذمته…سامع يا بابا سامعها بتقول إيه؟؟
بجد مش قادرة أصدق إنك ممكن تقولي عليا
كلام زي داه انا تربية إيديكي و عارفة أخلاقي
كويس……
تدخل سعيد محاولا تهدئتهما:” أمك متقصدش
يا بنتي هي قصدها إن مفيش سبب
مقنع يخليكي تتطلقي…..
نور بغموض :” لا في…انا عندي أسبابي
الخاصة و انتوا لازم تحترموا قراري داه
عم إذنكم….
إتجهت سريعا نحو غرفتها لتغلق الباب وراءها
بعنف مصدرا صوتا عاليا….تاركة والديها ينظران
لبعضهما بحيرة و ألم على إبنتهما العنيدة…..
تزامن صوت إغلاق باب الغرفة مع خروج
محمد من الشقة نهائيا و رأسه يكاد ينفجر من شدة
الأفكار التي تزاحمت فجأة داخل دماغه
بعدما سمعه…..
____________________________________
تنهدت ليليان بتعب و هي تصعد
آخر درجة من السلم الرخامي لفيلا
البحيري متجهة نحو غرفتها….دلفت
إلى الداخل و هي تسير علي أطراف
أصابعها حتى لا توقظ صغيرها الذي
من المفترض أن يكون نائما كعادته
بالداخل و بجانبه مربيته تنتظر مجيئها
حتى تغادر لكن عندما تتأخر ليليان في العمل
فهي تتركه مع جدته كاريمان او اي فرد من
أفراد العائلة ….
نزعت حذائها و رمته جانبا عند مدخل الغرفة
ثم أكملت سيرها تبحث بعينيها عن صغيرها
فوق سريرها…. جفلت و توقفت مكانها عندما
تفاجأت برؤية أيهم يتكئ على الفراش موليا
ظهره للباب و يحدث الطفل النائم و كأنه
يسمعه…..
إستوى في جلسته عندما شعر بوجودها
ثم إلتفت نحوها و قد ظهرت على وجهه
إبتسامة سعيدة….
وقف متجها نحوها قائلا بهدوء:”إتأخرتي
و المربية روحت فقلت أقعد شوية مع
أيسم…..كنت بحكيله حكاية لحد مانام…..
أومأت له برأسها و هي تتجاوزه… وضعت
حقيبة يدها على التسريحة ثم بدأت بفك
دبابيس وشاحها قبل أن تتوقف فجأة
عندما تذكرت وجوده….
لملمت أطراف الحجاب بعشوائية قبل رواية الشيطان شاهين بقلمي ياسمين عزيز فقط على صفحتي على الواتباد أن تلتفت نحوه متسمرة مكانها و كأنها
تنتظر خروجه.. إبتسم أيهم دون مرح
قبل أن يعود أدراجه ليجلس مكانه على طرف
السرير…..بدأ بمداعبة الصغير متحسسا بشرته
الطرية باستمتاع هاتفا بخفوت :”على فكرة
أنا لسه جوزك يعني تقدري تشيلي حجابك
قدامي….
أجابته دون تتحرك من مكانها :” الوقت تأخر
و انا تعبانة و عاوزة أنام…أيسم معاك طول
اليوم و كمان تقدر تشوفه بكرة…..
ايهم بلطف:”أنا كنت مستنيكي عشان آخذه ينام عندي
في أوضتنا….
ليليان بجمود:” حيضايقك عشان بيصحى في الليل إنت مش حتقدر تهتم بيه…..
أيهم برجاء:” طب تعالي معانا ننام كلنا في او…..
ليليان بمقاطعة:” لا انا تعودت أنام هنا و أيسم
كمان….
ايهم و قد فهم مايدور بخلدها لكنه ظل على
هدوءه:” طيب ممكن أنام معاكم هنا… عاوز إبني
ينام في حضني مرة واحدة بس…
ليليان برفض:” لو سمحت كفاية كده إحنا
قريب جدا حنطلق و مينفعش اللي إنت
بتعمله داه….
ايهم بهدوء رغم غضبه:”يعني مفارقش معاكي
حوارنا المرة اللي فاتت…. مفيش حاجة تغيرت؟؟؟
ليليان بحدة و قد شعرت بثقل الهواء من حولها
:”عشان اللي طلبته مستحيل…إني ابقى على
ذمتك بقية عمري حتي لو كل واحد فينا في مكان
ثاني داه شيئ مستحيل…
أيهم بتهكم:”طيب نفضل مع بعض….
ليليان بحنق:”إنت بتهزر… هو إنت فاكرني
نسيت اللي إنت عماته فيا زمان….أكثر من عشر
سنين عيشتني فيهم في حجيم… ذوقتني
فيهم كل أنواع الذل و العذاب و عاوزني
أنسى و أرجعلك…..
ايهم بهدوء مستفز:”طيب عاوزة إيه من
الاخر؟؟؟
ليليان و هي تغلق عينيها محاولة تهدأة
نفسها:” نتطلق و كل واحد منا يشوف حياته
كفاية السنين اللي ضاعت من عمري…أنا
رجعتلك شركتك والمستشفى بتاعتك…
و حتنازلك على حقوقي كلها مش عاوزة
منك حاجة و حسيب الفيلا و أجر شقة صغيرة ليا
أنا و إبني….انا قدمت في كذا مستشفى
و أكيد حلاقي شغل ثاني قريب جدا
و إستقالتي حتكون بكرة على مكتبك..
أيهم بسخرية و هو مازال منشغلا بالنظر
للصغير :”و إيه كمان؟؟؟
ليليان ببساطة :” ولا حاجة….حشوف حياتي
وإنت كمان شوف حياتك…. إحنا مش اول
كوبل يطلقوا……
أيهم بابتسامة مريرة معيدا كلامها بنبرة بطيئة :”صح مش اول كوبل يطلقوا…
رفع عينيه نحوها واضعا يديه على جانبيه
:” عاملة حساب كل حاجة يعني….بالسرعة
دي قدرتي تنظمي حياتك من ثاني؟؟؟
ليليان ببرود :”إنت سايبني بقالك أكثر
من ثلاثة سنين… فترة كافية عشان اقدر
ارتب حياتي من ثاني… أكملت باستفزاز
لو كنت طلبتني قبل ماتسافر كنت رجعت
لقيتي تجوزت…
إسترقت ليليان النظر إليه بعد أن شعرت بمدى
قسوة كلماتها لتجده يحدق في أرضية
الغرفة و قد إشتدت قبضتاه على لحاف
السرير حتى كاد يمزقه….مغمضا عليه
بقوة حتى تجعد وجهه.. لم تمض لحظات قليلة
حتى فتح عينيه من جديد مزفرا الهواء عدة
مرات قبل أن يتحدث بصوت مرتعش:” هوالدكتور
أسعد رجع المستشفى من ثاني؟؟
أجابته دون تفكير :” لا من ساعة ما طردته
من المشفى قبل ما تسافر مشفتوش …و بعدين
هو مفيش غيره و إلا أنا ميستاهلش إني
أحب و أتحب……..
إرتفعت زاوية شفتيه بابتسامة حزينة قبل
إن يهتف :” للأسف إنت مينفعش غير
تتحبي…..
رفعت رأسها بغرور مزيف و هي تكتف ذراعيها
أمام صدرها قائلة :” طيب حيث كده
إبتدي في إجراءات الطلاق عشان نخلص…..
هز الاخر حاحبيه بسخرية :” يعني مفيش
حل ثاني….
أجابته بحدة :” طبعا لا انا مصرة و اظن
إن داه من حقي…..
تحدث متنهدا:” طيب و ايسم؟؟
أجابته بحيرة :”ماله؟؟ داه إبني و مكانه الطبيعي
معايا….
قاطعها بصوت هادي:”بس داه كمان إبني
و مكانه الطبيعي معايا انا بردو……
ليليان بنفاذ صبر من هذا النقاش العقيم
حسب رأيها:” بلاش تلف و تدور عليا بالكلام
زي عوايدك…. رجوع مش حرجعلك لو إنطبقت
السماء على الأرض و لو على ايسم داه إبني
و حعرف إزاي اهتم بيه لوحدي متقلقش نفسك….
ايهم بغموض :” طيب و إنت فاكرة إن ماما
و بابا حيسيبوكي تخرجي من البيت و تبعدي
عنهم حفيدهم الوحيد …. ثم إزاي حتقدري تعيشي
لوحدك في شقة و عيلتك موجودة….
ليليان بألم :” دي عيلتك إنت…. انا معنديش عيلة
مش داه كلامك ليا زمان انا مجرد ضيفة هنا….
انا امي ماتت و ابويا رماني و جوزي ذلني و عذبني
سنين طويلة… مفضلش ليا غير إبني هو عيلتي
الوحيدة….
أيهم بتماسك رغم تأثره بكلامها:” دي عيلتك
اللي ربتك و كبرتي وسطيها و إنت عارفة
هما قد إيه بيحبوكي و عمرهم محسسوكي
بحاجة…إنت أكيد مش حتقدري تكسري
بخاطرهم و تسيبي البيت كده فجأة….
و أيسم محتاج أنه يتربى في جو العيلة
مع ابوه و أمه إنت أكثر واحدة عارفة أهمية العيلة..
ليليان باندفاع :”قصدك إيه؟؟ دلوقتي
بقيت أنا الوحشة و عاوزة ابعد إبني
عن أهله و ابوز نفسيته…..انا مقدرش اقعد هنا
و إنت عارف كده كويس و عمي
و طنط اكيد حيفهموا انا عملت كده ليه؟؟
أيهم بابتسامة بعد أن نجح في إستفزازها
:” أنا أكيد مش حمنعك تروحي اي مكان إنت
عاوزاه و مش حمنعك تتجو…. زي و تشوفي
حياتك من ثاني…
نطق بصعوبة قبل أن يتوقف قليلا ثم
إستانف حديثه من جديد :” بس إبني
مش حيسيب بيته و عيلته… مكانه هنا
و لو عاوزة تفضلي جنبه أهلا و سهلا بيكي
مش عاوزة إنت حرة….
صرخت ليليان بعد أن فقدت السيطرة على
نفسها :”عاوز تاخذ مني إبني هي حصلت…
طبعا مش حستغرب منك حاجة ما إنت
عملت اللي أسوأ من داه “.
فلتت منه ضحكة قصيرة غير مرحة ليقف
من مكانه متوجها نحوها ببطئ:”إهدي… إهدي….
مفيش حد يقدر ياخد منك إبنك….إهدي يا لولو.
رمقته بحنق قبل أن ترفع سبابتها في وجهه
قائلة بتهديد :”متقليش لولو…..
هز كتفيه
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
صرخ عمر بنفاذ صبر في وجه الطبيب
الذي يتابع حالته منذ سنتين و هو يلقي
بحزمة الأوراق التي تتضمن تحاليله الطبية
قائلا بغضب:”بقالي سنتين.. سنتين و انا
بسمع منك نفس الكلام….أصبر و استنى،
خذ الدواء داه.. إعمل كده و متعملش كده
سنتين و مفيش حاجة تغيرت…صارحني
و قلي إذا حالتي ميؤوس منها انا حفهم
و حتصرف بس متودينيش و تجيبني زي
العيل الصغير و في الاخر مفيش حاجة….
متدينيش أمل كذاب يخليني أحلم بحاجة
مستحيلة انا خلاص زهقت و مليت و صبري
نفذ و معادش ليا طاقة…. لا انا و لا مراتي….
إرتمى جالسا على الكرسي ليفرك وجهه بتعب
غير مهتم بنظرات الطبيب المتأسفة لحاله….
مد له الاخر كوب ماء و هو يحاول تهدئته قائلا
بعملية :”إهدى يا أستاذ عمر انا فاهم و مقدر
حالتك بس صدقني النرفزة و الزعل مش
كويسين علشانك…إنت بقالك سنتين بتتعالج
عندنا و الحمد لله حالتك بقت أحسن بكثير
و إن شاء الله حنسمع اخبار كويسة قريب
بس لازم تكون صبور و هادي أكثر من كده في ناس بتقعد تتعالج بين خمس و عشر سنين و أحيانا
أكثر….
رمقه عمر بحنق و هو يضع الكوب فوق
المكتب متمتما بغيض:”لسه بيقولي اصبر
طبعا ماهو مش اللي رجليه في المية…
يلا إكتبلي لو في دوا او تعليمات عشان
عاوز أمشي من هنا انا كرهت ام المكان
داه…
إبتسم الطبيب و هو يخفض رأسه
ليدون بعض الملاحظات بسرعة في ملفه قائلا :”
إنت حتستمر على الأدوية القديمة و إن
شاء الله المرة الجاية حنسمع اخبار كويسة
موعدنا كالعادة كمان أسبوعين “.
صافحه عمر على مضض قائلا:”إن شاء الله”.
تنهد بعمق و هو يغلق باب المكتب وراءه
ليسير في البهو بخطوات متثاقلة و قد بدأ
يتملكه اليأس من حالته فكلام الطبيب
لاجديد فيه… في كل مرة يلقي على مسامعه
نفس التعليمات و النصائح…
توجه نحو إحدى الكراسي الموضوعة في
إحدى الزوايا ليجلس عليه بعد أن أحس
بثقل ساقيه و عدم إستطاعته إكمال السير
دفن رأسه بين كفيه و قد تهدلت أكتافه
بعجز…شعر بغصة في حلقه عندما تذكر
هبة التي تنتظره ليهاتفها و يطمئنها
ماذا سيقول لها الآن..
من أين سيأتي بالقوة و الصبر حتى يهدئها
و يقنعها بقرب الفرج إذا كان هو نفسه قد
تعب و بدأ الياس يتسلل بداخله رويدا رويدا
كيف سيواجه والدته و عائلته الذين لا يكفون
عن طرح موضوع الأطفال أمامه دون مراعاة
مشاعره او مشاعر زوجته التي تحاول دائما
إخفاء ألمها و تجاهل إيحاءاتهم حول فشلها
في أن تصبح أما و تحريضهم له أحيانا
بالبحث عن زوجة أخرى تهب له أطفالا…
نزلت دموعه دون وعي منه و هو يناجي
ربه في سره لييسر أمره و يفرج عنه… أدار
رأسه للجهة الأخرى ليمسح دموعه عندما
شعر بيد أحدهم تربت على كتفه ثم تنحنح
لينظف حلقه قليلا لا يريد لأحد أن يرى ضعفه و إنكساره الذي يخفيه عن الجميع
رفع رأسه ليجد هبة تحدق فيه بصمت و عيونها تتفرسانه بلهفة….
ما إن رآها حتى إنهارت جميع
حصونه الواهية ليجذبها نحوه معانقا إياها
بقوة متشبثا فيها كطفل صغير يبكي
في حضن أمه…كتم صوت شهقاته
بيده لكن هبة أحست باهتزاز جسده
في أحضانها لتربت على ظهره بحنان
محاولة مواساته بعد أن فهمت فحوى
الحوار بينه و بين الطبيب في الداخل….
نجحت أخيرا في تهدئته بعد دقائق طويلة
ليبتعد عن حضنها و هو يجفف عبراته
بيديه قبل أن يردف بصوت مختنق:”انا
آسف يا بيبة مش عارف إيه اللي حصلي
فجأة إنهارت و معتش قادر أكتم جوايا…
ناولته هبة منديلا ورقيا ليأخذه منها
و هو يحاول رسم إبتسامة خفيفة
على وجهه لتقول هبة بصوت هادئ
:” متحملش نفسك أكثر من طاقتها
و بعدين انا مليش دعوة بكلام الدكاترة
الفارغ داه… أنا أملي في ربنا كثير و انا
كل يوم بدعي عشان يحقق حلمنا و انا
متأكدة إنه مش حيخيب ظننا…دي
آخر مرة تيجي فيها المكان داه..من النهاردة
مفيش لا أدوية و لا تحاليل، حنسيب كل
حاجة لربنا لو قدر لينا إننا نخلف فالحمد
لله و لو مقدرش نقول بردو الحمد لله…..
ضمت يديه بين يديها و هي تضيف
بنبرة عاشقة حنونة:”مش قلتلي إنك
حتعتبرني بنوتك الكبيرة و مش عايز
من الدنيا حاجة غيري و إلا إنت غيرت رأيك
بقى….
رفعت يده ببطئ إلى شفتيها لتطبع على
باطنها قبلة و هي تنظر في عيني عمر الذي
إرتفعت زاوية شفتيه بابتسامة فخورة
رغم وجهه المتعب إلا أنه شعر براحة نفسية
كبيرة لسماعه كلماتها الحنونة التي تخرجه
في كل مرة من ضيق أحزانه و تعوضه
عن شعوره التقصير ناحيتها
طوال سنوات زواجها به لم تحسسه
و لو مرة واحدة بالنقص تواجه كل إهانات
عائلته بصبر و لاتشتكي له ابدا…
هذه هبة التي عشقها و إختارها من بين
آلاف الفتيات يوما بعد يوم تثبت له
أنه لم يخطئ ابدا عندما وهبها روحه و حياته
و توجها ملكة على عرش قلبه….
لم يشعر بنفسه إلا و هو يحاوط وجهها
بين يديه و يقبل جبينها قبلة خفيفة
قبل أن يجذبها إلى أحضانه ليعتصرها
بقوة و كأنه يخاف أن تختفي..
أخذ نفسا عميقا يستنشق رائحتها بادمان
و هو يتمتم بصوت مسموع :”بحبك يا أحلى
حاجة في حياتي…. بحبك و مش عايز غيرك
في الدنيا….
أجابته هبة:” و انا كمان يا قلب هبة”.
_________________________________
بعد اسبوع……
مساء في مستشفى البحيري :
فركت ليليان عنقها بتعب و هي تنحني
برأسها قليلا لتستند بجبينها على سطح المكتب
تنهدت و هي تغمض عينيها بارهاق من احداث
الاسبوع الماضي….عملها الذي إستمر في المستشفى
بعد أن رفض أيهم إستلام الإدارة و إكتفائه بالعمل
بالشركة بعد إنسحاب سيف و عودته للعمل
مع والده لم تذق طعم النوم منذ يومين
لكثرة العمل و الذي إضطرها للمكوث
في المشفى أغلب وقتها و من جهة أخرى
أيهم الذي لا يكف عن ملاحقتها و محاصرتها
في كل مكان بهداياه و مفاجآته الغريبة
باقات ورود و مجوهرات ثمينة و فساتين
ووو…
فتحت أحد ادراج المكتب لتخرج منها
علبة مخملية زرقاء داكنة لتفتحها فيظهر
بداخلها خاتم ألماسي رقيق يخطف
الانظار وجدته صباحا فوق مكتبها و معه
وردة حمراء نسيت حتى اين وضعتها
بسبب إكتظاط مكتبها بباقات الورد
التي تصلها منه كل يوم…
تذكرت الرسالة المرافقة لها و التي كتب فيها
ايهم لها عن رغبته في رؤية الخاتم في يدها
و سيعتبر ذلك دليلا على موافقتها على
الرجوع له و البدء معه من جديد حياة جديدة
مختلفة كليا عن الماضي الأليم الذي لم تستطع
لحد الان نسيانه…
همست بداخلها و هي تعبث بالخاتم الذي
زين إصبعها و كأنه صنع خصيصا لها
:”يا ترى هو فعلا تغير و إلا لعبة من ألاعيبه
القديمة…إزاي حد زي أيهم مغرور و قاسي
و زير نساء حيتغير… بس هو بقى بيصلي
أنا شفته كذا مرة و بسمع صوته كل ليلة و هو
بيرتل القرآن… و بيحفظ ايسم السور القصيرة
بس رغم كل داه مش قادرة أصدق إنه….
يووووه انا تعبت من التفكير تعبت من كل
حاجة…. يا ريته مارجع كان زماني مرتاحة “.
إلتفتت بجسدها للوراء لتضع العلبة
في حقيبته و هي تحاول طرد تلك الأفكار من راسها ثم عادت لتتصفح أوراقها لتغرق
في عملها من جديد رغم إحساسها الشديد
بالتعب و الإرهاق…
هزت رأسها بترقب عندما سمعت صوت
مقبض الباب و هو يدار ليدلف أحدهم دون
طرق الباب و الذي لم يكن سوى طفلها الصغير أيسم
أسرعت نحوه لتلتقط بين ذراعيها قبل أن يسقط
على الأرض بسبب ركضه بخطوات غير
متوازنة و هو يحمل في يده وردة حمراء
في غاية الروعة…فكان مظهره لطيفا
قابلا للإلتهام…. قهقه الصغير بصوته
الطفولي ووالدته لا تكف عن تقبيله و
دغدغته جلست به على الاريكة و هي
تسأله بصوت لاهث :”مين اللي جابك هنا
طنط أميرة و إلا انكل محمد…..”.
إستقام أيسم ليقف على الاريكة متعلقا
برقبتها و هو يقول مشيرا باصبعه نحو الباب
:”بابي هنا….
حولت ليليان نظرها نحو مكان إشارته
لتجد أيهم مستندا بجسده على الباب و يتابع
حركاتهما منذ دلوف الصغير و على وجهه
إبتسامة سعيدة…
رفع كفه ليحييها :”اهلا…
ثم خطى للداخل ليبحث عن حقيبة يدها
حتى وجدها معلقة وراء مكتبها ليأخذها
ثم يسير نحوها مكملا كلامه :”يلا خلينا
نروح الوقت تأخر…..
تابعته ليليان بعينيها حتى وصوله أمامها
لتجيبه :”لسه عندي شغل كثير مش حقد….
قاطعها و هو يجثو أمامها ليمسك يدها التي
كانت تضعها على
ركبتيها قائلا بنبرة حنونة مشفقة:”الشغل مش
حيطير و إنت بقالك يومين منمتيش حتى
وشك تعبان و عنيكي مرهقة…محتاجة ترتاحي
عشان تقدري تكملي و انا أوعدك بكرة حاجي
بدالك المكتب و أكمل كل الشغل المتعلق و إنت خذي اجازة…أيسم مشتقالك كثير مش كده يا بابي….
حول نظره نحو الصغير الذي أومأ له بالايجاب
ليقرص أيهم وجنته المكتنزة الحمراء بخفة
قبل أن ينحني نحوه ليحمله و يقف منتظرا
ليليان التي لم تستطع معارضته فهي فعلا
متعبة جدا تشعر بأنه سيغمى عليها في أي
لحظة…
خلعت معطفها الطبي ثم وضعته على الاريكة
قبل أن تسير باتجاه الباب و تخرج بعد أن أشار
لها أيهم بأن تسبقه…. أطفأ الانوار و أحكم إغلاق
الباب بالرقم السري ثم توجها معا نحو الخارج
وافقت ليليان على مرافقته في سيارته دون
جدال بسبب عدم قدرتها على القيادة…
راقبت أيهم من مرآة السيارة و هو يضع الصغير في كرسيه المخصص له في الخلف ثم دلوفه بجانبها
على مقعد السائق..
أشار لها لتضع حزام الأمان
الذي نسيته لتومئ له بالايجاب ثم تلتف إلى
جانبها لتخرجه من وراء المقعد و تضعه حولها….
راقب أيهم ملامحها المتعبة بقلق مؤنبا نفسه
للمرة الالف ففي كل مرة يكون هو السبب في
ألمها و تعبها….سألها بصوت خافت بعد أن
لاحظ أنها تغلق عينيها من حين إلى آخر
:”إنت كويسة؟
أجابته ليليان دون أن تلتفت إليه :” دماغي
مصدعة….
وزع نظراته الخاطفة بينها و بين الطريق
و هو يهتف مطمئنا:”داه من قلة النوم…اول مانوصل
تعشي و نامي على طول …
أومأت له قبل أن تجيبه:” لا انا حنام على طول
مش عاوزة عشاء…ممكن تنيم أيسم معاك الليلة
دي لو وسمحت؟ …..
أخفي أيهم إبتسامته المستهزءة على آخر كلماتها
ليردف :”طبعا…متقلقيش عليه داه إبني بردو”.
تابع قيادته بهدوء و من حين لآخر يلقي
نظرة على المرآة التي تعكس صورة الصغير
خلفه و الذي كان يلعب بأحد الألعاب التي أحضرها
لها أيهم أثناء جولتهم في النهار..
كانت الساعة تشير إلى السابعة و النصف
مساء عندما دلفت سيارة أيهم بوابة الفيلا
نظر نحو ليليان التي أغمضت عينيها باستسلام
لسلطان النوم الذي تمكن منها بشدة…
فتح باب السيارة الخلفي لينزل أيسم و يضعه على
الأرض قائلا له : “حبيبي إنت إسبقني على جوا
و قول للدادة رحمة تخلي باب الفيلا مفتوح عشان
أجيب مامي…أصلها نامت في العربية….
اجابه الصغير ببراءة قبل أن يركض للداخل
:” حاضر يا بابي…
سار أيهم ليفتح باب السيارة الأمامي بهدوء
حتى لا يصدر صوتا مزعجا و يجعل تلك النائمة
تستيقظ… ليحملها بخفة و يدلف بها إلى الداخل
حيث وجز الباب مفتوحا كما توقع…
صعد درجات السلم و هو يشير لكل شخص
من العائلة يراه في طريقه ليصمت تاركا أيسم
يخبرهم انها نامت في طريق العودة من شدة
تعبها في العمل…
أغلق أيهم باب غرفته بعد أن أوصى والدته
بالاعتناء بالصغير و إرسال طعام العشاء نحو
غرفته…. وضع ليليان على الفراش ثم نزع
عنها حذائها و حجابها ثم تجرأ بعد تردد
طويل في فتح اول أزرار قميصها حتى تشعر
بالراحة أثناء نومها..
غادر نحو غرفتها ليحضر لها بعضا من ثيابها
البيتية المريحة بيجاما قطنية باللون الوردي
الهادئ…ثم عاد ليجلس بجانبها ليبدأ في إيقاظها
:”ليليان… قومي يا حبيبتي عشان تغيري هدومك هدوم الشغل حتضايقك و إنت نايمة”.
تململت ليليان في نومها لتلتفت للجهة الأخرى
و هي تجيبه بصوت ناعس دون أن تفتح
عينيها :”سيبني انام مش…. قادرة أحرك….
إيدي حبقى اغير بعدين”.
ايهم ضاحكا:”إمتى بعدين…يلا بلاش كسل قومي
غيري هدومك و تعشي و بعدين إرجعي نامي “.
همهمت ليليان دون أن تجيبه ليزفر أيهم
بيأس قائلا و هو يهزها :”طيب قومي شوية و أنا حساعدك”.
تأففت قليلا قبل أن تستقيم في جلستها و تبدأ في
رفع قميصها بأعين مغمضة…امسك أيهم
بطرف القميص و يساعدها في رفعه ليخرج
رأسها من ياقته الضيقة….إبتلع ريقه
بصعوبة عندما ظهر له جسدها الناعم
الذي لطالما إفتقده ليدير عينيه بسرعة
للجهة الأخرى متحسسا جبينه المتعرق
بيديه الباردتين… تمالك نفسه بصعوبة
و هو يعود من جديد ليساعدها
في إرتداء بقية الملابس ثم يبدأ في
إطعامها رغم تذمرها و رغبتها الملحة في
العودة للنوم….
تنهد بصوت مسموع قبل أن يقف من جانبها
و في يده الصينية متوجها نحو الاسفل..
_____________________________
في فيلا الألفي…..
قبل شاهين جبين كاميليا بعد جولة
حميمية طويلة هامسا بصوت لاهث:”مش عارف… ليه كل يوم بتحلوي أكثر…حطيري عقلي من
مكانه”.
إبتسمت كاميليا بشقاوة قبل أن تغمر وجهها
داخل أحضانه قائلة :”أحسن.. حتبقى
مجنون كاميليا”.
قهقه شاهين و هو يحتضنها بقوة حتي
تأوهت :”بالراحة حتكسر في إيدك
مش كفاية من شوية كنت حت….
شهقت باحراج و هي تضع يدها على
فمها دلالة على صمتها لتزداد ضحكات
شاهين التي زادت من خجلها مردفا:” كملي
سكتي ليه…كنت بعمل إيه من شوية…
ضربته على كتفه قائلة بحنق:”قليل
الأدب…. انا عارفاك بتدور على حاجة عشان
تمسكهالي ذلة….
حرك شاهين رأسه نافيا :”بريئ و الله…
إنت اللي بتجيبيه لنفسك….
رفعت كاميليا جسدها قليلا إلى الأعلى
لتضع يديها على وجه شاهين هامسة
بصوت خافت :”غمض عينيك….
أطاعها دون تفكير و دقات قلبه تزداد سرعة
ليشعر بأناملها الرقيقة تتحسس وجهه… عينيه ،
وجنتيه، فكه.. و أخيرا شفتيه…
أخذت كاميليا نفسا عميقا قبل أن تبدأ
في الحديث :” عارف… اول ماتجوزنا
كنت بفكر اقتل نفسي….
فتح شاهين عينيه معترضا على كلامها
ليحاول الحديث لكنها أسرعت لتضع
إصبعها على شفتيه و يدها على
عينيه تطالبه بغلقها من جديد و عدم
مقاطعتها:” شششش خليني أكمل…
أومأ لها بالايجاب رغم رغبته في مقاطعة
حديثها لتستأنف من جديد :” كنت بقول
أنا إزاي حساحمل البني آدم داه…كنت
دايما ببقى لوحدي بفكر ياترى آخرتي
حتكون إزاي معاه حيقتلني بعد مايزهق
مني و إلا حيطلقني و يرجعني لبيت أهلي
و إلا ياترى حيعمل معايا إيه؟؟ كنت عايشة
في رعب كل ما بشوفك و كأني شايفة
وحش كبير قدامي مش بيرحم حد … ما إنت بصراحة كنت عامل زي الوحش بس بعدين
لما بقيت بتحبني كل حاجة تغيرت و لحد
النهاردة انا مش مصدقة إزاي الوحش
تحول لأمير جميل….
قضم شاهين إصبعها الذي كان يداعب
شفتيه بخفة قبل أن يفتح عينيه ليحدق
فيها بنظرات عاشقة قائلا:”أنا كنت قبلك
الشيطان شاهين بس دلوقتي بقيت
الملاك شاهين و داه بفضلك يا ملاكي..”.
……………………………………………………
صباحا إستيقظ أيهم ليجد نفسه يحتضن
ليليان التي كانت تغط في نوم عميق..
إبتسم بسعادة غامرة ليتكئ على ذراعه
ليقابله وجهها الفاتن الذي إشتاق ان يبدأ
صباحه برؤيته….
مد يده ليزيح خصلات شعرها الذي
غطت رقبتها و جزءََ من وجهها ليبقى على
حاله يتأملها وقتا طويلا قبل أن يطبع
قبلة طويلة على وجنتها مستنشقا رائحتها
و كأنها إكسير الحياة بالنسبة له….
إستقام من مكانه مكرها ليتجه صوب
خزانته ليخرج ملابسه و يتجه نحو الحمام
ليقوم بروتينه اليومي و يرتدي بدلة رسمية
باللون الأزرق الداكن ثم يغادر نحو المستشفى….
بعدها بساعتين….مطت ليليان ذراعيها بكسل
دون أن تفتح عينيها ثم مدت يدها نحو الطاولة
بجانب السرير بحثا عن هاتفها ظنا منها انها
في غرفتها…
فتحت عينيها اخيرا بعد أن فشلت في إيجاده
لتدور بنظراتها أرجاء الغرفة…إتسعت مقلتاها
بذعر و هي تتلمس ثيابها البيتية لتشتم نفسها
بصوت عال :”يخرب بيت غبائك يا ليليان.. يانهار
إسود دي مش اوضتي و حتى هدومي متغيرة
هو إيه اللي حصل انا مش فاكرة حاجة خالص”.
قفزت من الفراش بسرعة قبل أن تتمتم مستدركة
لتعود لتنظيم غطاء السرير بحركة سريعة ثم تتجه
نحو غرفتها لتغير ملابسها و تنزل للأسفل…..
في صالون الفيلا كانت كريمان تجلس مع إبنتها
أميرة تتجاذبان أطراف الحديث….
القت عليهما تحية الصباح..
ليليان :” صباح الخير…ياطنط صباح الخير يا
ميرو”.
كاريمان و قد إرتسمت على وجهها إبتسامة
واسعة:”صباح الخير يا حبيبتي…انا مش قادرة
اوصفلك فرحتي قد إيه… و أخيرا ربنا إستجاب
لدعائي و رجعك إنت و أيهم لحضن بعض الحمد لله
ربنا يهنيكو و يهدي سركم….
أضافت أميرة:” احنا كده إطمنا على أيسم
على الاقل حيعيش حياة طبيعية مع أمه و ابوه…..
أشارت لهما ليليان بيديها ليتوقفا عن الحديث
و قد إرتسمت على ملامحها علامات الاستفهام
:” إنتوا تقصدوا إيه معلش أصل انا مش فاهمة
حاجة “.
قهقهت كاريمان بصخب و هي تضع فنجان
القهوة من يدها على المنضدة لتلتفت بجسدها
نحو ليليان و تمسك بكلتا يديها قائلة :”إحنا
نقصد عنك إنت و أيهم..مبسوطين عشان
رجعتوا لبعض”.
رمشت ليليان بأهدابها عدة مرات قبل أن
تهتف ببلاهة:” حضرتك مين قال إن إحنا
رجعنا لبعض؟؟؟؟
أميرة بخبث:” محدش قالنا بس إحنا
عرفنا لوحدنا يعني إنت نمتي في أوضته
و أيسم نام عند ماما و بابا… و الدكتور أيهم نزل الصبح ياااه لو شفتيه يا لولو الفرحة كانت
بتنطط من عينيه و بيضحك مين غير
سبب “.
ليليان بغضب مكتوم :”يعني هو اللي قالكم
إننا رجعنا لبعض”.
أميرة بتريث:” بصراحة هو مقالش كده
خالص داه حتى سيف قعد ساعة و هو مستلمه
عشان يعترف بردو مفيش فايدة “.
كاريمان بلهفة:” مش مهم… المهم إنهم رجعوا لبعض
و…
ليليان بمقاطعة:”إستنوا بس الحكاية مش كدة….
كاريمان و هي تقطع كلامها:” رجعتوا بس مش
عاوزين تقولوا لحد…. ماشي إحنا مش حنتكلم
في الموضوع داه لغاية ما إنتوا تقرروا….
ليليان برجاء :”يا طنط لو سمحتي….
وقفت كاريمان من مكانها لتستأذن بالمغادرة
قائلة :” أنا طالعة عشان أطمن على سومة
زمانه زهق من اللعب و عاوز ينام… لولو جوزك
راح المستشفى و قال إحتمال إنه يتأخر النهاردة “.
نظرت ليليان في أثر زوجة عمها و هي تصعد
درج الفيلا قبل أن تلتفت نحو أميرة التي
إنشغلت بوضع سماعات الهاتف في أذنيها
كطريقة للهرب من التحدث معها بعد
إن إتفقت مع والدتها أن يضعا خطة تجعلها تعود لأيهم….
نفخت ليليان خديها بضجر بعد أن يئست في
جعلهما تنتبهان إليها حتى تشرح لهما حقيقة
ما حدث البارحة…إستقامت من مكانها لتغادر
نحو المستشفى و في داخلها تتوعد لأيهم….
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في المركز الرياضي الذي يملكه محمد…
ضرب محمد سطح مكتبه بقوة حتى كاد
يقسمه إلى نصفين بعد أن بلغ غضبه عنان
السماء لحديث نور المستفز و الذي ظل
يتجاهلها طوال الاسبوع الماضي…
:”مش حطلقك يانور و وريني حتعملي إيه؟؟
وقفت من كرسيها لتتراجع إلى الوراء مخفية
خوفها من هذا الوحش الذي إنقلب فجأة
لتردف بصوت مسموع :” و أنا قلتلك مش عايزاك…إفهم بقى…. انا بقالي أسبوع و انا بعيدلك نفس الكلام و إنت مش عاوز تفهم تبقى دي
مشكلتك… طلقني و خلي كل واحد مننا يروح
لحاله زي مادخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف”.
حملق فيها محمد بعينين حمراوتين و هو
يشد على أسنانه بقوة قائلا بهسهسة:” و انا
قلت مش حطلقك غير لما إفهم السبب….
نور بصراخ :”و إنت مالك انا حرة… مش عايزاك
و بكرهك….
قفز محمد بحركة خفيفة من وراء مكتبه حتى
أصبح أمامها ليأسرها بينه و بين الحائط
هادرا بصوت مرعد :” إنطقي… في حد ثاني
في حياتك غيري”.
صرخ بها و لأول مرة ترى هبة وجه محمد
الغاضب الذي يحاول في كل مرة مهما كان
منزعجا منها أن يتمالك نفسه مخافة أن
يأذيها لكنه لم يستطع هذه المرة فقد فاض
الكأس و إنفجر البركان و لم يعد باستطاعته
العودة إلى الوراء…يريد فقط أن يفهم
سر تغيرها قبل أن يقدم على تنفيذ
أهم قرار في حياته ألا وهو تحريرها منه….
همهت نور بصوت شبه مسموع و هي لا
تستطيع السيطرة على إرتجاف جسدها
من الخوف :”و الله مفيش حد… انا مش
عاوزة ارتبط… ارجوك خليني أمشي انا
مش عاوزة أقعد هنا…”.
إبتعد عنها ليتلفت إلى الجهة الأخرى
نافثا الهواء بقوة حتى يستطيع السيطرة
على أنفاسه الغاضبة….
تحدث بصوت مقهور رغم صلابته :”دي عاشر
مرة تهيني كرامتي و رجولتي بكلامك
و انا بسامح و اعدي و أقول صغيرة بكرة
حتكبر و حتتغير بس الظاهر مفيش فايدة
أنا بقى اللى مش عايزك بعد كده على قد
ماحبيتك و عشقتك بقيت بكرهك و مش
قادر أبص في وشك….بكرة حضري نفسك
عشان المحامي حيكلمك نتمم إجراءات
الطلاق…من النهاردة إنت برا حيلتي
حياتي … كل اللي بينا إنتهى و حاجتي اللي عندك إحتفظي بيها مش عاوز اي حاجة تفكرني بيكي حتى. الدبلة و دلوقتي إطلعي برا و متورينيش خلقتك ثاني “.
سمع صوت الباب و هو يغلق وراءها ليغمض
عينيه بأسى عن حاله مستندا على الحائط
بضع دقائق قبل أن يستقيم متجها نحو
مكتبه متمتما في داخله :” ملعون ابو الحب
اللي خلي الواحد يفرط في كرامته بالشكل
داه…كان لازم أعمل داه من زمان “.
…………………………………..
بعد خروجها من المركز الرياضي قادت نور
سيارتها نحو الجامعة لتبحث بعدها عن صديقتها
بسمة وجدتها أخيرا لتجذبها من ذراعها
متجهة بها نحو مكان ناء بعيد عن الجميع…
إنفجرت بسمة غاضبة في وجهها بعد أن
حكت لها نور ماجرى معها :”إرتحتي.. اهو حتبقي
مطلقة على صغر سنك….
أجابتها نور بلامبالاة :” أحسن ما ابقى مطلقة
ومعايا عيل او إثنين….
هزت بسمة رأسها بياس من عنادها الفارغ
قائلة بحنق :”يارب طول في عمري عشان
اشوفك ندمانة و دمعتك على خدك و تقولي
ياريت يرجع بيا الزمن ماكنت هببت اللي
هببته…. يا بنتي إنت إيه دماغك دي مصنوعة
من إيه ماتفهميني عمالة تدمري في حياتك
بايديكي بسبب عنادك و غرورك اللي حيوديكي
للهلاك”.
نور بضجر :”بقلك إيه بطلي تزني في دماغي
اللي حصل حصل و إنتهى خلاص و انا مش حرجع لمحمد لو إنطبقت السماء على الأرض. خاصة
بعد اللي شفته النهاردة اكدلي كل شكوكي
محمد و اخوه و عمر و اصحابهم حكلهم
نسخة من شاهين الألفي اللي عذب أختي
و هانها و كسرها ايام و شهور… أختي
اللي مفرحتش بجوازها زي أي عروسة
أنا مش عاوزة أفتكر اللي حصل عشان كل
مرة بفكر إيه اللي كان بيحصل معاها زمان
أول ماتجوزت بتمنى الموت الف
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
طرقت ليليان مرتين باب المكتب قبل أن
تدلف لتجد أيهم منغمسا في العمل و أمامه
كومة من الأوراق يتفحصها بتمعن…
رفع رأسه نحوها ليضيئ وجهه بابتسامة
عريضة ثم قال :”يا اهلا و سهلا نورتي
المكتب…إتفضلي..
وقف من مكانه متجها نحوها ليقف
قريبا منها مشيرا نحو الاريكة لتجلس
عليها قبل أن يعود نحو هاتف المكتب
يطلب لها عصيرا… تأملته ليليان بضيق
و هو يسير من جديد ليجلس بقربها
على الاريكة و نفس الابتسامة مازالت
مرسومة على وجهه…
قطع الصمت عندما تحدث أيهم متسائلا
:”ليه تاعبة نفسك و جاية ما انا قلتلك
حهتم بالشغل النهاردة…. كان المفروض
تقعدي ترتاحي و تشبعي شوية من أيسم”.
تنحنحت ليليان قبل أن تجيبه بتردد:”
لقيت نفسي فاضية قلت آجي و كمان
طنط كاريمان مهتمة بأيسم جدا بالأخص
النهاردة”.
أتمت كلامها لترمقه بنظرات غير راضية
ليتعجب أيهم الذي هم بسؤالها لكن قبل
ان يتحدث قاطعه طرق على الباب”.
ايهم :”ادخل”.
دخلت السكرتيرة و في يدها صينية
صغيرة لتضع محتوياتها على الطاولة
و تغادر بعد أن أشار لها..
إلتفت نحو ليليان مرة أخرى مستفسرا
:”في حاجة حصلت؟؟
ليليان بضيق :”يعني مش عارف؟
ايهم بصبر :” قصدك إيه؟؟
ليليان :”قصدي اللي حصل إمبارح و الصبح
كمان “.
فرك أيهم طرف شفته السفلى محاولا
السيطرة على ضحكته ليهتف بتهرب
:” و إيه اللي حصل إمبارح و الصبح؟؟
صرخت ليليان بحنق على طريقة كلامه
المتلاعبة :” بطل تعمل كده…مش بحب اللف و الدوران…إنت عارف كويس انا بتكلم على
إيه و عاوزة تفسير دلوقتي حالا”.
أيهم بمشاكسة :” مش حقلك عشان حتزعلي
و انا آخر حاجة عاوزها هي إني أشوفك
زعلانة و متضايقة”
ليليان بتحذير:”أيهم لو سمحت ..
أيهم مقاطعا :” محصلش حاجة.. إنت كنتي
تعبانة لدرجة إنك مكنتيش حاسة بحاجة
نمتي في العربية و انا شلتك و طلعت بيكي
الأوضة و هناك غيرتي هدومك و أكلتي
شوية شوربة و بعدها نمتي للصبح”.
ضيقت ليليان عينيها بتفكير قبل أن
تهمس :” بس انا مش فاكرة حاجة…
أضافت بتردد” طب ليه مصحيتنيش على
الاقل عشان اغير هدومي… اووف مش فاكرة
حاجة .
أيهم بتسلية :” إنت ليه مكبرة الموضوع…
كل حاجة خلصت….
ليليان بغضب:”هو إيه اللي خلص؟؟ و كل اللي
في الفيلا فاكرين إننا رجعنا لبعض تقدر تقلي
حنعمل إيه في المصيبة دي؟؟
نفخ أيهم الهواء بنفاذ صبر قبل أن يتريث
قليلا ليرفع كأس العصير نحوها قائلا :”إشربي
العصير و إهدي.. كل مشكلة و ليها حل متقلقيش “.
أشاحت بوجهها بعيدا عنه ليعيد الكوب
لمكانه ثم يقف من مكانه ليسير نحو النافذة
الزجاجية واضعا يديه في جيوب بنطاله
و ينظر للأسفل لحديقة المستشفى….
رمت ليليان حقيبتها جانبا قبل أن
تتجه نحو أيهم الذي إنشغل عنها و كأنه
نسي وجودها او هكذا ظنت بينما
هو في الحقيقة كل تركيزه كان عليها حتى و إن
لم يكن ينظر نحوها….يكفي تهربا فقد
وصل الطريق لنهايته و حان وقت المواجهة….
أغلق عينيه ليتنفس بقوة عطرها الذي لفح
أنفاسه عندما مرت بقربه ليرتجف جسده
بضعف و حنين إليها… كم يرغب في هذه
اللحظة أن يجذبها نحوهه و ينهال على
شفتيها بقبلة عميقة ليرتشف شهد شفتيها
الذي إشتاق إليه بجنون…
يعوض سنين حياته الباردة التي توقفت منذ
أن غادره دفئ جسدها الذي كان ينعم
به و حرم منه بسبب غبائه و غروره….
ضغط شفته اليسرى بقوة حتى شعر بطعم
دمائه في محاولة منه لإخماد فتيل الحرب
الذي اشعله قربها داخله..
كل ذرة في جسده الأحمق تطالب بقربها و أخذها بين ذراعيه الآن يكفيه صبرا و تعقلا فليذهب العقل
للجحيم ففي النهاية هو رجل و هذه الجميلة
التي بجانبه تمتلك من الفتنة و السحر ما
يلهب حواس قديس فمابالك برجل حرم
من الحب لسنوات……
حرك رأسه يمينا و يسارا لينفي هذه الأفكار
المزعجة التي لا طالما أرقت نومه لينتبه
لها عندما وقفت بجانبه…
ليليان بصوت هادئ :”كلما آجي أتكلم معاك في
موضوع تتهرب زي عوايدك…كل حاجَة عاوزها
على مزاجك تضربني، تعذبني، تخوني، و تبهدلني
و بعدين تسافر و تهرب عشان مطلقنيش و دلوقني
راجع و عاوزنا نرجع عشان سيادتك ندمان و ضميرك
صحى و بقيت بتحبني و عاوز تعيش حياة
طبيعية معايا انا و إبنك…و أنا المفروض اوافق
و أقبل بكل حاجة إنت تعملها…و عشان توصل
للي إنت عاوزه بتخلي عيلتك تضغط عليا
بكل الطرق عشان أقبل… كلهم شايفين قد إيه
بتحاول تنجح علاقتنا و بتعمل كل اللي تقدر
عليه عشان تراضيني و اقبل ارجعلك من ثاني
و لو ماوافقتش حيزعلوا مني…و حيقولوا إن
أنا اللي ظالماك…
إلتفتت نحو لتنظر في وجهه بتمعن قبل
أن تكمل :”لو كنت مكاني حتعمل إيه؟؟؟
أغلق أيهم عينيه بألم قبل أن يجيبها بصوت
مختنق:” مينفعش الشيطان يكون مكان
الملاك…
ليليان بصراخ مفاجئ:”ليه مصر تحسسني
إني لعبة بتحركها زي ما إنت عاوز…طول
عمري معنديش لا رأي و لا قرار…و لا أهمية”.
لم يعد يطيق صبرا ليجذبها بذراعه الصلبة
من خصرها نحوه حتى إصطدمت بصدره
لم يعر دهشتها أي إهتمام و لا تراقص
أهدابها التي رمشتها بحيرة و لادقات قلبها
الفزعة التي يجزم انه سمع صوتها…
همس بصوت مسترخي و هو يتمعن بتفاصيل
وجهها الناعم :أنا… آسف… ياريتني كنت مت
قبل ما أزعل العنين الحلوة دي….
أحنى وجهه لتلفحها أنفاسه الساخنة كلهب
حارق زادت من إرتجافها بين يديه لم تستطع
إن تعارضه او أن تتكلم… كلما إستطاعت فعله
هو أن تحافظ على وعييها في حضرته…مشتتة و
خائفة…و كأنها مراهقة صغيرة و ليست إمرأة
ناضجة في سن الثلاثين…
انامله الخبيرة التي تمسد ظهرها و خصرها
بنعومة فائقة جعلتها تغلق عينيها و تنفصل عن الواقع….
لم تعي حتى عندما أزاح حجابها ليظهر
أمامه عنقها الأبيض بسخاء و ذلك العرق
النابض في رقبتها كم إستفزه ليطبع
عليه قبلة ناعمة أشبه بلمسات الورود…
ليزيد من جنون ليليان التي لو كانت بوعييها
لجلدت نفسها أرحم لها من ان تستسلم أمامه
بهذا الشكل المخزي….
لم تشعر بابتسامته المنتصرة و هو يرى
ذوبان جسدها بين يديه لكن من يلومها
فرجل كأيهم البحيري زير النساء السابق
رغم إبتعاده الطويل عن هذه الأجواء
إلا أن خبرته الكافية و وسامته المهلكة تجعل
أي إمرأة تذوب أمامه كقطعة ثلج…..
ليستغل هو الوضع و ينحني ليحملها
بين ذراعيه كعروس ليلة زفافها متجها
نحو باب جانبي يحتوي على غرفة نوم مجهزة
كان أيهم قد أضافها في تصميم مكتبه
تحسبا لتأخره في العمل و إضطراره في
تمضية ليلة هنا…
أراح جسدها على السرير بعد أن تأكد
من إغلاق الباب خلفه تحسبا لأي دخيل..
ثم إنحنى نحو شفتيها مقبلا إياها بشغف
و جوع أيام طويلة فيما إمتدت يداه
لتزيح عنها ثيابها التي تخفي مفاتنها عنه
ببطئ و هدوء….
يحب عليه الاستفادة بكل الطرق من هذه
الفرصة التي قدمت له على طبق من الماس
فإما الان و إما سيضطر لمزيد من الانتظار
و هو الذي لم يعد يكره في من حياته
أكثر من الانتظار….هذا الشعور الذي بات
يقتله عرقا بعرق… يوما بعد يوم.
و كأنها تفترش إحدى الغيوم القطنية…هذا
ماتشعر به ليليان في هذه اللحظة بعد أن
فقدت السيطرة على جسدها الخائن الذي
أصبح في لحظات رهن إشارته…بعد أن
سقط العقل من على عرشه و اصبح القلب
هو الملك… هو الآمر الناهي فلا مكان بعد
الان لما يسمى حدود…
الحب و الرغبة و لغة الجسد هذا ما يميز
هذه اللحظات الفاصلة بين قلبين إنفصلا
منذ سنوات…..
منذ ساعات و لم يكتفيا و كأنهما إتفقا على
تعويض مافاتهما فكلما شعر أيهم بعودة ليليان
لواقعها يسحبها من جديد نحو عالمه الخاص
يقسم انه لن يتركها حتى تخضع له بإرادتها…
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
دخلت الجامعة بخطى مرهقة بعد ليلة
طويلة لم تذق فيها طعم النوم بسبب
شجارها اليومي مع والدتها التي لم تكتفي
بضربها و شتمها لتهاتف شقيقتها و زوجها
حتى يأتيا في ساعة متأخرة من الليل
في محاولة منها للضغط عليها حتى تتراجع
عن قرارها المتهور…دون جدوى.
أخذت طريقها نحو الكافتيريا للحصول
على كوب قهوة كبير عله ينجح في إعادة
نشاطها و حيويتها التين يفتقدهما جسدها
حتى تستطيع الصمود في هذا اليوم الطويل
كطالبة في كلية الطب…
رمت الكوب الورقي في أقرب سلة
مهملات قبل أن تتابع طريقها نحو قاعة
محاضرتها التالية بعد أن فاتتها اول الحصص…
تصنمت مكانها و هي تستمع لضحكات عالية
وراء أحد الأبواب المغلقة بعدم إحكام ليظل
فراغ صغير بين طرف الباب الحائط… بدا
لها الصوت مألوفا لتقترب بتمهل و تسترق
السمع…
لحسن الحظ لم يكن سوى صوت ضحكات
ميار التي بدت و كأنها ستطير فرحا في أي
لحظة و هي تحدث صديقتها المقربة ديالا…
ديالا:”أمال هي فين مجاتش المحاضرة اللي
فاتت… مش من عوايدها أنها تغيب”.
ميار بنبرة سعيدة :”مش حتيجي النهاردة
أنا سألت الغبية بسمة و هي قالتلي إنها
كلمتها إمبارح و قالت إنها مش حتحضر
النهاردة…
أضافت و هي تجلس على إحدى الطاولات
العالية :” أحسن…..بقيت مش طايقة أشوفها
قدامي،انا ماسكة نفسي بالعافية عشان
ماقتلهاش بإيدي…. بس بعدي يقول إهدي
يا بنت و إستني لغاية ما أوصل لهدفي
و بعدين إعملي اللي إنت عاوزاه…
ديالا بابتسامة مصطنعة :” أنا مش عارفة
إنت ليه متمسكة بمحمد… اقصد هو شكله
حلو و شيك و من عيلة غنية بس في
كثير أحلى منه و اغنى منه كمان… ليه
محمد البحيري بالذات؟؟
وضعت نور كفها على فمها تمنع خروج
شهقتها المصدومة هي تستمع لهذه
الحقائق لأول مرة…إبتلعت ريقها بصعوبة
و هي تستند على الحائط لتوازن جسدها
الضعيف تجاهد لتبقي جميع حواسها
مركزة على ماستقوله تلك الحية ميار….
ميار و قد برقت عيناها بتصميم :”عشان
مختلف اللي زيه صعب تلاقي منه كثير
في زماننا داه…راجل بجد مش زي العيال المدلعة
اللي إحنا نعرفهم…راجل حقيقي تقدري تأمنيه
على نفسك و إنت متأكدة إنه مش حيخونك
و لا حيغدر بيكي….محمد لو قعدت معاه
سنة في اوضة واحدة مش حيبصلي و لا
حيحط إيده عليا عارفة ليه.. عشان هو كن النوع الوفي اللي لما بيحب يحب بجد……
راجل يحبك و يحتويكي في كل أشكالك
بعصبيتك و جنونك لما تكوني مخنوقة
و لما تكوني متضايقة…في كل حالاتك مش
حيبص لغيرك مهما كانت الاغراءات
محمد مش زي أخوه أيهم و سيف عمره
ماكان عنده تجارب مع البنات اول واحدة دخلت حياته هي نور…
أنا أعرفه من سنين بسمع اخويا دايما بيتكلم
عليه حبيته من قبل ما أشوفه كان فارس
أحلامي و انا عندي سبعتاشر سنة
عرفته قبلها يعني هو من حقي أنا… هي مش بتحبه
و مش حاسة بيه اصلا…نور متستاهلش واحد
زي محمد…لو كانت بتحبه و متمسكة بيه
مكنتش حقدر أاثر عليها مهما قلت في حقه
و شوهت صورته قدامها بس
هي كانت محتاجة حد يشجعها عشان
تتخلص منه… الغبية مش عارفة إنها لو لفت
العالم مش حتلاقي حد يحبها و يحافظ
عليها زي محمد البحيري…
ديالا بتعجب :” بس هو مش بيحب غيرها؟؟
ميار و قد إحمر وجهها من شدة الغضب :” عارفة
إنه مش بيتزفت بيحب غيرها بس انا بحبه…
و مش حخليها تتهنى بيه….محمد ليا أنا و حعمل
كل اللي اقدر عليه عشان أخليه يحبني….
هما خلاص حيطلقوا و هو أكيد حيكون محتاج
حد يقف جنبه عشان يخرجه من إحساس
الوحدة و الخذلان و انا بقى حبقى الحد
داه.. حعمل كل اللي اقدر عليه عشان يكون
ليا… “.
ديالا بتفكير :” بس داه مش حب يا ميمي
هو بالنسبة ليكي حاجة صعبة و إنت عاوزة
تحصلي عليها بأي ثمن…و لما تمتلكيها
حتزهقي و ترميها….
ميار بغضب :” إيه التخريف داه…بقلك
بحبه من و انا عندي سبعتاشر سنه… داه
حلم العمر و مش حستسلم غير لما أحققه…
هزت ديالا كتفيها باستسلام من عنادها
قبل أن تسألها :” طيب هما خلاص يعني
مفيش أمل…..
تبدلت ملامح ميار الغاضبة إلى أخرى
سعيدة :”لا النهاردة متفقين يروحوا
المحامي عشان يكملوا الإجراءات… انا
متابعة كل حاجة بنفسي و بستنى
بالدقيقة و الثانية إمتى يبقى حر
و ساعتها حيبقى ملكي….yes yes yes
انا حعمل party بالمناسبة الحلوة دي..
أنهت جملتها بضحكة طويلة تعبر عن مدى
سعادتها بانتصارها الرائع الذي حققته دون
معاناة… نصر لم تتعب كثيرا لتحقيقه فلم
يكن يتطلب منها سوى القليل من الصبر
و خطة ذكية حاكتها بذكاء و تمهل شديدين..
و كأن خنجرا حادا تسلل بخفة من بين
أضلعها ليصل نحو قلبها ليقسمه شطرين
دون رحمة او شفقة….لو لم تسمعها بنفسها
لما صدقت…ضحكت بداخلها و عيونها
تنهمر دموعا تعبيرا عن ضياعها و تخبطها
إبتعدت عن باب الغرفة بخطوات حذرة
حتى لا يتفطنا لها…
بعد أن إبتعدت مسافة جيدة ركضت بسرعة
نحو سيارتها متجاهلة نظرات باقي
الطلاب المتعجبة من حالتها…
ألقت مافي يديها في الكرسي الجانبي
للسيارة قبل أن تجلس مكانها لتضرب
رأسها عدة مرات بالمقود….
رفعت رأسها لتقابلها صورتها بالمرآة ليزداد
جنونها أكثر فأكثر صفعت وجنتيها بكفيها
مرات عديدة ثم جذبت خصلات شعرها
القصيرة حتى شعرت باقتلاع بعض منها
لكنها لم تهتم فالالم الذي كانت تشعر
به بداخلها أقوى بكثير من ألم جسدها….
أرخت رأسها على ظهر المقعد بعد أن
تعبت و هي تتمتم بصوت لاهث :غبية….
غبية…انا أكثر واحدة غبية و حمارة
في الدنيا كلها….إزاي قدروا يوقعوني
إزاي…عقلي كان فين و انا بسمع كلامهم
للدرجة دي انا كنت هبلة و عبيطة.. عندها
حق ماما و الله عندها حق…محمد ميستاهلش
واحدة غبية يستاهل واحدة قوية و خبيثة
زي ميار تقدر توصل للي هي عاوزاه بكل
سهولة طبعا ماهي لما تلاقي واحدة حمارة
زي نور أكيد حتوصل لاهدافها بسهولة….
أخرجها من هذيانها صوت رنين الهاتف…
لتمد يديها بعشوائية تبحث عنه داخل حقيبتها
لم تجد فاضطرت لرمي محتويات الحقيبة
دون إهتمام حتى وجدته….
شهقت بصوت عال و هي تغرس أصابعها
بخصلات شعرها المنكوش عندما رأت
إسمه يزين الشاشة :”داه محمد… أكيد
بيتصل عشان المحامي”.
همهمت بغصة و دموعها لاتكف عن الأنهمار
لترد أخيرا رغم عدم قدرتها على الكلام
:”محمد… إنت فين؟؟
أغمضت عينيها سامحة لآخر قطرات دموعها
بالسقوط على وجنتيها المحمرتين بشدة
عندما آتاها صوته الدافئ الحنون رغم
تصنعه الصرامة :”إنت اللي فين يا نور مش
إتفقنا إننا نتقابل عند المحامي…. أنا كلمتك
الصبح بس إنت مرديتيش فاضطريت اروحله
و أجيب الأوراق عشان ناقصة إمضتك….
إرتجاف يديها جعل الهاتف يقع على الكرسي
لتلتقطه مرة أخرى بصعوبة و تحدثه بصعوبة:” أنا حجيلك
دلوقتي الستنر بتاعك….
سقط الهاتف مرة أخرى و تعالى صوت نحيبها
و هي تقود السيارة بعدم تركيز حتى وصلت
بعد نصف ساعة تقريبا إلى المكان….صفت
سيارتها بصعوبة ثم فتحت الباب لتنزل
و تسير بخطوات مرتعشة حتى كادت تقع على الأرض عدة مرات قبل أن تصل أخيرا
إلى أولى الدرجات الرخامية لباب المركز
الرياضي…
حدقت نور في صورتها التي إنعكست على بلور الباب بضياع…شعر مبعثر و وجه أحمر تملأه الخدوش و بعض الدماء الجافة في أعلى جبينها
الملتصقة بشعرها….حمدت الله في سرها أنها
لم تجد وقتا في الصباح لوضع مستحضرات
التجميل و إلا لكان وضعها أسوأ….
أنهى تأملاتها محمد الذي جذبها بقوة من
ذراعها دون قصد قائلا بلهفة و عيناه تتفرسان هيئتها المزرية:”نور إنت كويسة
حصلك إيه…. مين اللي عمل فيكي كده؟؟؟
إكتفت بالتحديق به و قد إرتسمت على
وجهها إبتسامة بلهاء و هي تؤكد لنفسها
للمرة الالف هذا اليوم أنها غبية…
فمن التي تضيع من يدها رجلا كمحمد…
في غاية الوسامة شعره الأسود الذي يطابق
لون عينيه و بشرة وجهه البيضاء المغطاة
بلحية خفيفة تعشقها…. أما جسده الرياضي
الضخم الذي تمنت في هذه اللحظة أن
يحتضنها داخله حتى تشعر بدفئه و حنانه
الذي طالما غمرها به رغم صدها له….
هز جسدها بخفة عندما لاحظ شرودها و هو
يعيد سؤاله من جديد :”نور… إنت سمعاني
تعالي حوديكي المستشفى….”.
أحاط خصرها بذراعه ليساعدها على
المشي لكنها ثبتت أقدامها في الارض
لتوقفه عن السير قائلة بصوت مبحوح
:”مفيش داعي أنا كويسة..”.
اجابها بقلق :”كويسة إزاي….وشك
مليان دم و جروح…. قوليلي مين اللي
عمل فيكي كده و إيه اللي حصل ؟؟؟؟
نور ببكاء لم تعد تحتمل طيبته و إهتمامه بها
حتى بعد مافعلته معه :” أنا… انا اللي عملت
في نفسي كده و لو كنت أقدر كنت عملت
أكثر….
محمد بذهول و عيناه تجوبان كامل
جسدها :” إنت؟؟ ليه؟؟؟
إستندت نور عليه بعد أن فشلت في
تصنع القوة ليتلقفها محمد بحركة
خفيفة جعلتها في ثوان بين ذراعيه
لم تقاومه نور او تعترض عندما
دلف بها إلى الداخل نحو مكتبه…
صعد الدرج بخفة و نور تخفي نفسها
داخل أحضانه حتى كادت تختفي كليا
و قد ساعدها في ذلك جسدها الضئيل
دلف إلى داخل مكتبه ليضغها على
اريكة جلدية سوداء اللون كسائر اثاث
المكتب…
تململت نور لترتاح في جلستها و قد
بدأت تشعر الان فقط بآلام في وجهها
و ذراعيها…. عاد محمد و في يده علبة
صغيرة للاسعافات الأولية ليجلس بجانبها
ويضع العلبة على ساقيه….
أشاحت نور بوجهها بعيدا عن يده التي
إمتدت لتفحصها ليزفر محمد قائلا :”خليني
على الاقل اعقملك الجروح و الكدمات اللي
في وشك….
نور بحرج :” مش عاوزة أتعبك “.
أجابها و قد إرتسمت على وجهه إبتسامة
ساخرة:” متقلقيش مش حتعب في حاجة
بسيطة زي دي…إثبتي و متحركيش وشك “.
بعد دقائق قليلة إنتهى محمد من وضع
آخر شريط لاصق على جرح بجانب شفتيها
لتغمض نور عينيها بقوة و تشرع في البكاء
من جديد…
ربت على ظهرها بيده بينما يده الأخرى
كانت تمسح خصلات شعرها المتناثرة
بفوضوية كابحا فضوله القاتل الذي يحثه
على معرفة ما يحصل معها….
همس لها بخفوت محاولا تخفيف حزنها
::”كفاية عياط يانور و إحكيلي…إيه
اللي وصلك للحالة دي؟؟
صرخت نور ببكاء و قد عادت لها نوبة
جنونها من جديد :” أنا…. قلتلك أنا…
أنا السبب في كل حاجة “.
ضربت وجهها و رأسها بقوة بكفيها
مما أثار فزع الجالس بجانبها ليمسك
بسرعة كلتا يديها جاذبا إياها نحوه
حتى أصبح وجهها ملاصقا لوجهه لا
يفصل بينهما سوى إنشات قليلة…
اخفضت نور عينيها رافضة النظر في
وجهه و كأنها خائفة من مواجهته… تشعر
بداخلها بالخجل و الذنب مما فعلته معه
رغم حقارتها و نذالتها معه إلا أنه مازال يهتم لأمرها….يبدو أن ميار كانت محقة فمحمد
مختلف….
تركها عندما شعر بسكونها لتنهد بصوت مسموع
قبل أن يهتف للمرة العاشرة بنفس السؤال لكن
هذه المرة بنبرة مصرة :”نور… إتكلمي انا أعصابي
خلاص بازت و مش قادر أستنى أكثر من كده
يا تحكيلي إيه اللي حصل يا حنزل أكتشف بنفسي”.
فركت نور يديها مكان قبضته بتوتر قبل أن تستجمع
شجاعتها و تتحدث باقتضاب :” كاميليا… أختي
لما تجوزت شاهين الألفي كنا مش مصدقين اللي
حصل و…. كنا فرحانين جدا خصوصي انا و كريم
جوز أختنا بقى….. راجل غني و عنده فلوس
كثير و حيساعدنا و يخرجنا من الفقر اللي
إحنا عايشينه…..كنت أنانية جدا و مش
شايفة حاجة الفلوس عمت عينيا….فاكرة
كويس آخر يوم ليها في بيتنا القديم
مكانتش فرحانة زي اي عروسة…كانت بتخفي
خوفها و قلقها علينا كلنا عشان متبوزش
فرحتنا…مكانتش عاوزة تحسسنا بحاجة
كاميليا أختي ضحت بنفسها عشاننا…عشان
تعالج بابا و اقدر انا و اخويا نكمل تعليمنا
اللي كنا مهددين في اي لحظة إننا نسيبه
عشان معندناش فلوس…..
مسحت دموعها قبل أن تتابع…كان بيهددها
يا تتجوزه يا حيدمرنا و طبعا داه شيئ سهل
جدا عنده…و هي قبلت…. قبلت يا محمد
قبلت إنه يعذبها و يهينها و يعيشها أسوأ
ايام حياتها… كان… كان بيغتصبها كل ليلة
و بيضربها و….
توقفت عن الحديث عندما إختنقت بدموعها
لكنها رغم ذلك واصلت :”أنا كنت خايفة… خايفة
مكنتش عاوزة ابقى زيها…انا و الله مش معترضة
عشانك إنت…. بالعكس إنت راجل تحلم بيه
اي بنت…. بس أنا كنت بتخبط يمين و شمال
و مكنتش قادرة احكيلك….السر داه كنت شايلاه
لوحدي.. مقدرتش احكيه لأي حد عشان مينفعش
حد يعرفه….انا مش قادرة أتحمل يا محمد
أنا تعبت و مش عارفة اعمل إيه و عشان
عبيطة أول حاجة فكرت فيها إني مش حتجوز
طول عمري….
أطلقت ضحكة قصيرة مستهزئة مضيفة
:”مش قلتلك عبيطة…
مسح محمد وجهه بحيرة غير مصدق
لما يسمعه…حقائق غريبة اشبه بالخيال
فلطالما تعجب محمد من عشق شاهين
المفرط لزوجته حتى أنه تمنى أن في
يوم من الايام أن تكون حياته مع زوجته
كحياتهما….و هاهي نور الان تصدمه
بحقائق مغايرة للواقع….
إلتفت نحو نور التي لم تتوقف عن البكاء
ليشعر بالشفقة نحوها…بالرغم من انها لأول
مرة تتحدث معه هكذا دون قيود او أقنعة…
لأول مرة يعلم ماتفكر به لا و أيضا تشاركه
مشاعرها… يبدو أنه يوم المعجزات بالنسبة لمحمد…..
هتف بصوت هادئ رغم تزاحم الأفكار
داخل رأسه :”طيب انا ممكن أساعدك
في إيه؟؟ مش عارف يعني لو عاوزة تتكلمي
او تفضفضي.. انا موجود….
نظرت نحوه بعينين دامعتين تعكسان
مدى ضعفها قائلة برجاء:” مش عاوزاك
تسيبني…. أرجوك….
إتسعت عيناه بدهشة و هو يرمقها بنظرات
غير مفهومة قبل أن يهتف :”تقصدي إيه؟؟
نور و هي تعض شفتيها بتوتر و دقات قلبها
بدأت تتسارع بسبب خوفها من ردة فعله
:”خلينا مع بعض.. بلاش طلاق عشان
خاطري…. و أنا مستعدة أعمل أي حاجة
إنت عاوزها “.
يحق له ان يرفض فبعد كل مالاقاه منها
جفاءها و صدها له كلما حاول أن يتقدم
بعلاقتهما….لم تهتم به يوما او تشاركه
اي تفصيل من حياتها كباقي الأحباء…
يركض وراءها من مكان إلى آخر حتى
يلفت إنتباهها بالهدايا الفاخرة و دعوتها
للخروج بمناسبة او بدونها…. فماذا قدمت
له هو… قلبها يكاد يخرج من مكانه و هي
تنتظر جوابه…رغم توعدها بداخلها انها
لن تتركه مهما كان جوابه….
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إستيقظت ليليان من غفوتها القصيرة
لتجد نفسها نائمة على سرير في غرفة
غريبة تحتوي على خزانة صغيرة و أريكة
باللونين الرصاصي….رفعت الغطاء عنها
لتتفاجئ بنفسها عارية… إتسعت عيناها
بدهشة و كانت ستصرخ لو لا ذكريات
الصباح التي تدفقت داخل رأسها في هيأة
مشاهد متفرقة…
تمتمت بانزعاج و هي ترمي رأسها على الوسادة
:”إيه اللي أنا عملته داه؟؟
لفت جسدها بالغطاء ثم بدأت بالبحث عن ملابسها
التي للأسف لم تجدها…عادت لتجلس مرة
أخرى على الفراش مقابل الباب و هي تضرب
رأسها بكفها قائلة بحنق :” عجبك كده اهو
بقيت محبوسة بالمنظر داه..
أضافت بحزن و عيناها تلتمعان بالدموع لشعورها
المرير بالذل و الإهانة
:”بعد ما وصل للي هو عايزه سابني مرمية
هنا زي….أي وحدة من بنات الشارع….
أجهشت بالبكاء و هي تعض أناملها حتى
تمنع خروج شهقاتها.. تزامنا مع دخول أيهم
للغرفة وفي يده عدة أكياس…
رمى الاكياس جانبا ثم إنحنى على ركبتيه أمام ليليان ليدير رأسها نحوه و
يحيط وجهها بيديه
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
في إحدى النوادي الراقية تجلس زوجة خيرت الشناوى والد عمر… فريدة هانم مع إحدى صديقاتها
اللواتي يشتركن في نفس الصفات….التكبر و
التعالي عن بقية الناس و لايهتممن سوى
بمكانتهن في المجتمع…..
فريدة بملل و هي تتفحص ساعتها الفاخرة
ذات الماركة العالمية:”يوه يا شيري الساعة بقت
عشرة الصبح و فيفي و نبيلة لسه مجوش
لحد دلوقتي بصراحة انا زهقت أوي من
القعدة هنا”.
أجابتها الأخرى بنبرة متعالية :” نبيلة أكيد
زمانها في الطريق ما إنت عارفاها دايما بتيجي
متأخرة…و فيفي زمانها وصلت إسكندرية
عند إبنها….الدكتور عادل…..
أرجعت فريدة خصلات شعرها الأصفر
وراء أذنها بحركة عفوية تزامنا مع قولها
:”و ليه تروحله…. ماهو دايما هو اللي
بيجي هنا هو و مراته”.
تصنعت شيري إبتسامة متملقة قبل أن
تهتف :”راحت عشان تشوف حفيدها….
اصل مرات عادل إمبارح ولدت و جابت
ولد…..
إنحنت لتأخذ كوب عصيرها لتترشفه
و هي تكمل بنبرة متكبرة و كأن من
ولد هو حفيدها :” عقبال مانشوف
أحفادك إنت كمان يا فريدة….
زمت فريدة شفتيها بضيق وهي
تشيح بوجهها للجهة الأخرى مدعية
عدم الاهتمام :” أنا عندي جاسر و لجين
و إلا ناسياهم يا شيري…..
شيري بابتسامة خبيثة :”أقصد أحفادك
ولاد عمر…أصلي مستغربة يعني
عنده ثلاث سنين متجوز و لحد دلوقتي
مخلفش….
شهقت في آخر كلامها مدعية الأسف
لتكمل بنبرة كاذبة :”اااوه سوري يا فريدة
متأخذينيش يا حبيبتي انا مش قصدي
بس…
قاطعتها الأخرى إشارة من يدها قائلة
:”مفيش داعي للأسف انا فاهمة قصدك
كويس بس إنت أكيد عارفة إن مراته
هي اللي مبتخلفش… و هو عشان إبن
أصول لسه صابر عليها و مش عاوز
يحسسها بالنقص….. و إن شاء الله
ربنا يعوض صبره خير و يرزقه بالذرية
الصالحة قريب”.
قلبت الأخرى عينيها من لهجتها الجافة
التي تتميز بها فريدة لتجيبها :” آمين…
عمر شاب كويس و يستاهل كل خير…. أهي
نبيلة جات الحمد لله….
أشارت لصديقتها من بعيد تحييها و هي تحمد
ربها أنها نجت من لسان فريدة السليط
رغم أنها هي من بدأ باستفزازها…..
أما فريدة فقد إرغمت نفسها على الابتسام
و تصنع الفرحة برؤية صديقتها الأخرى
و تجاوز ما حدث لكن في داخلها تشعر أن
نارا عارمة تشتعل داخلها لتمضي بقية
الجلسة و هي تتقلب على الجمر….
لتقود سيارتها بعد إن إنتهت جلستها الصباحية
المعتادة مع صديقاتها تجاذبن خلالها مختلف
أطراف الحديث حول عدة مواضيع… تافهة..
وصلت إلى المبنى الرئيسي لشركات الألفي
لتدلف بكل غرور و تكبر دون أن تلقي
التحية على أحد…. إستقلت المصعد
الخاص بالمدراء ليصعد بها نحو الطابق
الاخير الذي يوجد به مكتب إبنها عمر…
دلفت بخطواتها الواثقة و هيأتها الأنيقة
التي لا تعكس عمرها الحقيقي بل من يراها
يقول أنها سيدة في مقتبل العمر بشعرها
الأصفر و وجها الذي تملأه مساحيق
التجميل….. ملابسها الباهضة و حذائها ذو
الكعب العالي الذي زادها طولا.
طرقت الباب بطريقة مهذبة قبل أن
تدلف للداخل لتجد عمر كعادته منكبا
على حاسوبه المحمول و أمامه عدة
ملفات أخرى…
رفع رأسه لتتهلل اساريره عندما وجد
والدته أمامه فبالرغم من إختلافه معها
بشأن زواجه إلا أنه مازال يحبها و يفرح
كثيرا لرؤيتها….إلتف من وراء مكتبه متجها
نحوها بيدين مفتوحتين لمعانقتها لكن
فريدة هانم تجاهلته و هي تجلس على
الاريكة تاركة عمر ينظر نحوها بصدمة….
تنهد بصوت مسموع قبل أن ينمحي الابتسامة
من علي شفتيه ليقول و هو يتجه نحو الكرسي
المفرد ليجلس عليه :”و أهلا يا أمي….منوراني
بزيارتك السعيدة دي”.
زمت فريدة شفتيها بضيق و هي تنظر نحوه
باستهزاء قائلة :”عشان كده بقالك أسبوع
لا بتيجي و لا بتقول عندي عيلة أسأل
عليها… الظاهر إن الهانم تأثيرها جامد اوي
عليك….لدرجة إنها مخلياك مش فاكر أهلك”.
تنحنح عمر و هو يدعك رقبته المتشنجة
بسبب جلوسه وراء المكتب منذ الصباح
الباكر :”متزعليش مني اصلي كنت مشغول
جدا الايام إلى فاتت عشان عندنا شغل
كثير… يادوب أروح أنام على طول…
بس إن شاء الله حبقى آجي أتغدى عندكم
يوم الجمعة “.
اصدرت فريدة صوتا من بين شفتيها
يدل على عدم رضاها قبل أن تهتف
بسخرية :”لا كثر خيرك يا حبيبي
و يا ترى حتيجي وحدك و إلا حتجيب ست
الحسن و الجمال معاك…أمال هي فين أنا
لما دخلت ملقيتهاش في مكتبها يعني “.
أجابها عمر بحذر و قد علم أن وراء مجيئها
حكاية ما :”تلاقيها عند كاميليا مرات شاهين
أصلها لسه جديدة في الشغل و أحيانا
هبة بتروح عشان تفهمها الحاجات اللي
مش عارفاها… لو عايزاها حبقى
أكلمهالك تيجي “.
فريدة بتكبر :” و أنا حعوز منها إيه يعني
و هي حتة عيل مش قادرة تجيبه… الدكتور
عادل إبن صاحبتي فايزة الشريف متجوز
بقاله سنة و إمبارح مراته جابت ولد مشاء
الله زي القمر انا صورتي بقت وحشة
اوي قدامهم و هما بيسألوني إمتى حنفرح
بأولاد عمر….
قاطعها بصرامة بعد أن فهم ما تنوي إليه
هذا ليس غريبا على والدته فهي في كل
مناسبة لا تتوانى عن قول ما تريده دون
الاهتمام بالآخرين ما يهمها فقط هو مكانتها
الاجتماعة أمام صديقاتها…
:”بصي يا ماما أنا بجد تعبت و زهقت
و انا بعيد نفس الكلام في كل مرة…
انا بحب مراتي و ميهمنيش كلام الناس
اللي حضرتك عاملاله حساب و هما مين
اصلا عشان يفرحولنا انا أخلف او مخلفش
هما مالهم دول ناس منافقين و آخر همي
رأيهم و بتأسف جدا لما الاقي شخص
راقي و مثقف زيك مخه مليان بحاجات
تافهة و ملهاش قيمة زي دي….
لو عاوزة تتكلمي في اي حاجة ثانية
فأهلا و سهلا و لو مش عاوزة أرجوكي
بلاش تزيدي عليا و إرحميني…انا تعبان
من الشغل و مش ناقص….
وقف من مكانه محاولا إنهاء الحديث بأسلوب
لين لكن فريدة كان لها رأي آخر فغضبها
تضاعف بسبب فشلها مرة أخرى في
جعله يطيع كلامها لتهب من مكانها تصرخ
بغضب :”إنت لحد إمتى حتفضل كده كل
أما آجي أكلمك تقلي بحب مراتي…. داه
إيه التخلف اللي إنت فيه داه… مراتك
مين ها… مش كفاية إنك جايبها من الشارع
مش عارفينلها اصل و لا فصل و تجوزتها
غصب عننا كلنا…. خلتك تخسر عيلتك
عشانها و في الاخر مقدرتش حتى
تفرحك بحتة عيل يشيل إسمك….
مسح عمر وجهه بارهاق وهو ينظر نحوها
بخيبة أمل رغم تعوده على أسلوبها الجاف
في الحوار قائلا بعد أن رسم ملامح اللامبالاة
على وجهه :”أنا حافظ الاسطوانة المشروخة دي
اصلي لاسف من اول شهرين جواز و انا كل أسبوع بسمعها مرة و أحيانا مرتين ثلاثة…و لو
على العيلة فكلهم قابلين هبة و بيحبوها
بابا و إخواتي مكانش عندهم اي إعتراض
عليها إنت بس اللي مش متقبلاها عشان عقلية
الطبقات و الباشوات اللي لسه معششة
في دماغك…من الاخر إنت عاوزة إيه
ياست ماما “.
جلس على كرسيه محاولا العودة
لعمله متجاهلا توتره و ضيقه من كلامها
ليرفع عينيه نحوها ناظرا إليها بصدمة عندما
قالت له بلهجة آمرة :” تطلقها و انا بنفسي
حجوزك واحدة تليق بيك و من مستوانا
كفاية رمرمة…..
صرخ عمر بصوت عال بعد أن ضاق
ذرعا من تصرفاتها و جنونها :” ماما… لو
سمحتي داه مكان شغل مينفعش نتكلم
في حاجات خاصة هنا.. في ناس كثير
هنا و ميصحش حد يعرف أسرارنا….
حملت فريدة حقيبتها متجهة نحو الباب
قائلة :” و هو في حد ليه معرفش بحكايتك
فتحت الباب لتجد هبة تجلس وراء مكتبها
رأتها لتقف و تلقي عليها التحية بأدب
لكن فريدة نظرت إليها باشمئزاز من فوق
إلى أسفل قبل أن تشير باصبعها نحوها
ملتفتة لعمر الذي وقف من مكانه
إستعدادا لأي مشكلة :” اهي شرفت الهانم
أنا مش عارفة إيه اللي عجبك فيها
دي….على الاقل مرات شاهين حلوة
و شبه الأجانب و مخلفة بدل العيل
إثنين إنما دي….
نفخ عمر الهواء بقوة و هو يشعر
أنه سينفجر في اي لحظة خاصة بعد
أن لمح دموع هبة التي حاولت إخفائها
عنه لكنها فشلت ليقول :”ماما لو سمحتي
مافيش داعي للكلام داه… هبة عندي بالدنيا
كلها و ميهمنيش رأي حد حتى لو رأيك… أنا
حوصلك لباب المكتب… الساعة داخلة على
واحدة زمانه بابا و إخواتي مستنيينك
على الغدا…..
أحاط كتفيها بذراعه ليرغمها بلطف على
المشي بجانبه و يوصلها نحو باب المصعد
لتلتفت نحوه فريدة مرة أخيرة قبل أن
تدلف و تهتف بوعيد :”مش حسيبك
يا عمر و مش حرتاح غير لما أطردها برا
حياتك و عيليتنا خالص و يا أنا يا هي بنت منصور….
حرك عمر رأسه باستسلام و هو يودعها
باشارة من كفه قبل أن يغلق أمامه باب
المصعد…. تنهد لينفث كل تعبه و إرهاقه
و غضبه الذي تمكن منه رغم تصنعه
الهدوء إلا أن والدته في كل مرة تحدثه
فيها توقظ جميع آلامه و أحزانه التي
يحاول نسيانها… لاتعلم المجهود الذي
يبذله حتى لا ينفجر أمامها مخبرا إياها
بالحقيقة و أنه هو من يعاني مشاكل
في الإنجاب و ليس زوجته المسكينة
التي تضطر في كل مرة تحمل كلامها
السام بصمت….
رجع سريعا نحو المكتب ليطمئن على
هبة و التي رسمت على وجهها بتسامة
مزيفة على وجهها كعادتها حتى لا تشعره
بالذنب….
أشار لها بأن تتبعه لمكتبه….
دخلت هبة لتجده يجلس على الاريكة
ناكسا رأسه باحباط كمن يحمل هموم
الدنيا على كتفيه… رفع عينيه نحوها
يتأملها بعشق مفرط قبل أن يفتح ذراعيه
نحوها لتسارع هي بتلبية طلبه و تقف
مقابلا له ليدفن عمر وجهه داخل جسدها
كطفل صغير يختبئ داخل أحضان
والدته….
إبتسمت هبة على تصرفه فهذا مايفعله
عمر دائما عند إحساسه بالضيق…خللت
أصابعها داخل شعره ليهمهم عمر باستمتاع
قائلا :”مش عارف مين غيرك كنت حعمل إيه؟؟
حتفضلي مستحملة لغاية إمتى و انا واقف
كده بتفرج عليكي و مش عارف أعمل حاجة
أنا نفسي افرحك و اعوضك على صبرك معايا
بس للاسف انا”.
أجابته هبة و هي لاتنكر تضايقها الشديد
من كلام والدته لكن حبها لعمر يجعلها
تتحمل و تتناسى رغم تأثير كلامها على
نفسيتها لكن ما باليد حيلة كما يقال
فلو كانت غيرها لما سكتت هبة و لكانت
اوقفتها عند حدها….
:” معلش يا حبيبي دي بردو مامتك و إنت
عارفها كويس بلاش تزعل نفسك انا
مصدقت إنك بقيت كويس بعد آخر زيارة
للدكتور “.
جذبها عمر برقة لتجلس بجانبه
على الاريكة ليقبل كلتا يديها هاتفا
بحسم :”انا حعدي عليهم المساء بعد
الشغل و حبقى أفهمهم الحكاية خلي الكل
يعرف إن ملكيش ذنب و إن إنت اللي متحملاني
و صابرة عليا بالرغم من أنا… .
توسعت عينا هبة بفزع لتقاطعه هاتفة برجاء
:” إوعى تعمل كده يا عمر عشان خاطري
بقالنا سنتين محتفظين بالسر داه و محدش
يعرف عننا حاجة غير كاميليا و شاهين بيه….
ارجوك خلينا كده أحسن انا مش حستحمل
إن أي حد يقول عليك كلمة وحشة اوو….
قاطعها هو الاخر :” داه بردو نفس إحساسي لما
حد يتكلم عليكي زي ماما من شوية
أنا كنت ماسك إيدي بالعافية عشان مقلهاش
الحقيقة…. صدقيني انا بتألم أكثر لما بشوفك
كده مظلومة و انا واقف متكتف مش عارف أعملك
حاجة… هبة إنت مراتي يعني من واجبي إني
أحميكي…. كفاية إنك تحملتي كل السنين دي
علشاني…آن الأوان إني أتحمل عنك شوية…
هبة و هي تنفي برأسها :”لا يا عمر مفيش
داعي ارجوك مش عاوزة مشاكل…. و إن كان
عليا انا خلاص تعودت يعني…
عمر بنبرة متألمة :” مفيش حد بيتعود على الألم
يا بيبة….خلينا ننسى الموضوع داه و تعالي
أحضنييني جامد… انا محتاج حضك الدافي
عشان أهدأ…
لم يمهلها حتى تستوعب ماقاله ليجذبها
نحوه بعناق قوي عساه يخفف عنه بعضا
مما يشعر به…من ضعف و عجز عن حماية
حبيبته التي يحبها أكثر من نفسه يكفيها
ماتحملته في السابق من إهانات و كلام
جارح من أجله… تنفس عطرها بقوة و هو
يشعر بعودة الهدوء لجسده المتشنج
تدريجيا و قد عزم بداخله على إنهاء
معاناتها و قول الحقيقة…اغمض عينيه
بخزي لإحساسه بالجبن و الخوف من
مواجهة المجتمع و الناس ليقف متفرجا
على زوجته و هي تتعرض لابشع الاتهامات
التي من الممكن أن تتعرض لها أي إمرأة….
خاصة في مجتمع لايرحم كمجتمعنا الشرقي.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في مكتب شاهين…..
تأففت كاميليا للمرة العاشرة منذ أن دخلت
للمكتب…. تكاد تنفجر من شدة الغيظ
من كتلة الجليد الذي يجلس وراء مكتبه
يدقق في الملفات المبعثرة أمامه و لا يعيرها
اي إهتمام….
:”شاهين لو سمحت أنا بكلمك…. ليه مش
بترد عليا”.
اجابها شاهين بنبرة متثاقلة دون أن يرفع عينيه
من علي الأوراق :” عاوزة إيه يا حبيبتي
معلش مكنتش مركز معاكي”.
نفخت وجنتيها بحنق لتضرب الأرض
بقدميها كما يفعل آسر ولدها عندما
يغضب قائلة :”على فكرة دي ثالث
مرة أسألك نفس السؤال و إنت مش
منتبه…انا رايحة مكتبي كفاية
ضيعت وقت على الفاضي هنا….
قلب شاهين عينيه نحوها قبل أن
يدير رأسه بحركة بطيئة بعد أن
إستوعب ماترمي إليه…راقبها
و هي تسير نحو الباب رافعة
رأسها بكبرياء ليخفي ضحكته متصنعا
الجدية لينبس بلهجة آمرة :”كاميليا
تعالي هنا…..
تسمرت مكانها و هي تسمع صوته
الجدي المرعب لتحاول تمالك نفسها
و التظاهر بالقوة أمامه… إستدارت نحوه
تخفي توترها لترتبك أكثر عندما رأته
يشير لها باصبعه أن تتقدم نحوه…
زفرت مدعية اللامبالاة لتسير باتجاهه
قبل أن تقف بعيدا عنه بخطوتين…
أشار لها مرة أخرى بأن تتقدم اكثر لكنها
ظلت واقفة مكانها قائلة بصوت جاف :”عاوز
إيه أنا ورايا شغل….
جاءها صوته الرجولي الخشن ليبعث
داخلها قشعريرة سرت بكامل جسدها
:” قربي…..
كم تمقت هذه الكلمة التي تذكرها بأيام
عذابها معه….
نفت برأسها و هي مازالت تقف مكانها
رافضة الحراك ليرمقها شاهين بنظرات
مستمتعة قبل أن يهتف بصوت جدي
:” طيب…إعملي حسابك بكرة حتقعدي
مكان غادة السكرتيرة….
قفزت كاميليا مكانها ناظرة إليه
بعدم تصديق لتهتف دون وعي
:” مستحيل…معناها انا مش جاية الشركة
بكرة انا اصلا بدور على حجة عشان
ابطل شغل….
شاهين بعيون محذرة اوقفتها عن إكمال
كلامها :” إتفضلي روحي لمكتبك دلوقتي “.
نظرت نحوه كمن تقول له هل أنت جاد
قبل أن تتحدث بنبرة لينة محاولة كسب
عطفه :” ماهو مينفعش أقعد مكانها انا
مابفهمش حاجة في السكرتارية دي…
و بعدين انا هنا مهندسة مش سكرتيرة
يعني….أنا آخر مرة مسكت مكانها بهدلت الدنيا….
هز شاهين حاحبيه بتعجب من تحولها
فهذه القصيرة ستصيبه يوما ما بالجنون
من تقلبها و تصرفاتها الطفولية التي يعشقها
ليقول مدعيا الحزم:” أنا المدير هنا و اظن إن ليا الحق أدير شركتي زي ما أنا عاوز…..داه أمر يا مدام كاميليا… إحنا مش في البيت….
أطرقت رأسها بقلة حيلة من غطرسته
التي لن تتغير لتهمس بطاعة و هي تتوعد
له بالانتقام داخلها :” حاضر يا فندم اللي
تشوفه “.
أكملت بخبث تعلمته على يديه مدعية
الحزن :”على فكرة حضرتك كل مرة تقلي
إني من حقي أعترض و اقول رأيي من دون
خوف بس انا لما أتجرأ و اتكلم بتعاقبني
زي ما كنت بتعمل زمان…يعني بتخليني أخاف
منك أكثر و أكثر……
صدم من إعترافها فهو كان فقط يريد أن
يمزح معها قليلا لا غير لكن كلماتها أصابت
نقطة ضعفه الا و هو ماضيه معها….
قبض على يديه بقوة حتى إبيضت مفاصله
تزامنا مع إزدياد تنفسه لشدة غضبه
من نفسه ألا يكفي كلام محمد معه بالأمس
و الذي مازال كل كلمة ترن داخل رأسه
رغم إدعائه التجاهل بعد أن أقنع نفسه
بأنه ليس سوى ماض و إنتهى لتصدمه
هي الآن بعدم نسيانها رغم جميع محاولاته
لكسب رضائها مرة أخرى….
رفع عينيه نحوها ليجدها تتراجع إلى
الخوف مما زاد من غضبه ليجذبها نحوه
بخفة و يجلسها على قدميه معتصرا إياها
داخل أحضانه بتملك و هو يهمس لها محاولا
تهدئتها و إزاحة خوفها الذي نجحت في تصنعه
و تهدئة نفسه أيضا
:”أنا آسف حقك عليا انا و الله كنت بهزر
معاكي…. إللي إنت عاوزاه أنا حعمله المهم
تسامحيني…. انا مش حبطل أطلب منك
داه لغاية آخر يوم في عمري….
إبتسمت كامليا بمكر انثوي لايليق سوى
بها مخفية فخرها بنفسها فهي إستطاعت
بذلك إكتشاف نقطة ضعفه أخيرا و لن تتوانى
أبدا في إستخدامها لصالحها في كل مرة
حسب رغبتها رغم إحساسها البسيط
بالذنب بسبب خداعها له….
مسحت على ظهره بأناملها الصغيرة
قبل أن تهتف برقة محاولة التخفيف
عنه :”متزعلش نفسك انا قلتلك قبل
كده أنا مسامحاك انا مكنش قصدي
اضايقك….
إبتعد عنها ليحاوط وجهها الفاتن بكفيه
و نظرات عينيه لوحدها كفيلة بأن تحكي
مدى عشقه لها هاتفا بصدق :” يارتني كنت اقدر
ارجع الزمن لوراء عشان أصلح اللي عملته
زمان معاكي…مستعد ادفع عمري كله
عشان اشيل الخوف اللي زرعته بإيدي
جواكي…داعب خصلات شعرها و هو
يتفحص ملامحها بحنان مفرط قبل أن
يكمل :” أنا حديكي أجازة يومين تعملي
فيهم اللي إنت عاوزاه مع أولادك بس
بعدها حترجعي عشان مش حقدر على
بعدك طول اليوم و إنت عارفة داه”.
أدمعت عيناها من فرط تأثرها رغم أنها
هي من تسببت في حزنه…لتومئ له هامسة
بمزاح محاولة إخراجه من دوامة إحساسه
بالذنب التي لازال يعيش فيها منذ ثلاثة
سنوات و هذا يعتبر أكبر عقاب له…
:”أكيد وحشتهم الخضار المسلوقة اللي
بعملهالهم خصوصا فادي…..
قهقه على مزاحها بخفة ليزداد وسامة مما
جعل كاميليا تسرح قليلا متأملة ضحكته الساحرة
التي سلبت أنفاسها…..
إنتهى من ضحكه ليتحدث بصعوبة :” أنا نسيت
الحكاية دي….بتخيل شكلهم لما يعرفوا إنك حتقعدي
في البيت يومين… هو ليه الاولاد بتفرح لما
ماماتهم بتقعد في البيت إلا هما….
ضربته على كتفه هاتفة بحنق :” بطل تريقة
هما بس صغيرين و مش عارفين مصلحتهم….
شاهين بضحك :”ااه و مصلحتهم بقى
في الخضار المسلوقة…
كاميليا باصرار :”أيوا انا بختارلهم الاكل
الصحي عشان خايفة عليهم و كمان
بنظملهم وقتهم للعب و المذاكرة….
شاهين بتعجب :” دول أطفال يا حبيبتي
عمرهم سنتين و نص مذاكرة إيه بقى
اللي فارضاها عليهم….
كاميليا :” لازم يتعلموا حاجات كثير
زي يمسكوا القلم و يعرفوا الألوان و حاجات
كثيرة… ماهو فادي مشاء الله عمره سبع سنين بيعرف يتكلم ثلاث لغات كويس اوي… داه
غير إنه شاطر جدا في المدرسة”.
شاهين و هو يداعب أنفها برقة :”و
الفضل لحبيبة قلبي اللي بتعلمه كل حاجة
بنفسها…
كاميليا بابتسامة عذبة :”أنا عاوزة أولادي
الثلاثة دايما الأوائل و متميزين عن غيرهم
عشان هما أولاد شاهين الألفي…..
شاهين بنظرات فخر :” بحبك جدا و كل يوم
حبك بيتضاعف في قلبي أكثر…..
كاميليا بخبث و هي تلاحظ نظراته
المشتاقة لها…مدت أصابها لتداعب أزرار قميصه
الأولى قائلة بدلال :” حبيبي إنت على فكرة
نسيت تجاوبني…
شاهين بعدم تركيز :”اجاوب على إيه؟؟؟
كاميليا و هي تلوي شفتيها بحزن :” أنا
قلقانة على نور….مش عارفة إيه اللي حصل معاها
خايفة أكلم ماما أسألها ألاقيها متضايقة”.
شاهين و هو يقبل وجنتيها عدة قبلات
خفيفة :”متقلقيش الأمور كويسة بينها
و بين محمد…. هو قلي… إنهم إتفقوا….
يدوا… لبعض فرصة.. ثانية…
إبتعدت عنه صارخة بلهفة :”بجد… إنت
عرفت إزاي”.
تنهد شاهين بغيظ لابتعادها عنه ليجيبها
بضيق :”حبيبتي… انا قلتلك محمد هو اللي
قالي إمبارح….إطمني نور كويسة و المشكلة
إتحلت… هو إنت حاطة روج؟؟
نظرت له ببلاهة و كأنها تراه برأسيه
قائلة :” تؤ… روج إيه؟؟؟
قرب وجهها نحوه متمعنا في شفتيها
ذات اللون الوردي الطبيعي مدعيا
إستغرابه رغم معرفته بأن ذلك لونهما
الحقيقي كحجة لتقبيلها بما أنها ترواغهه
بذكاء لن يكتشفه سوى شاهين الألفي
قائلا باهتمام :” روج الشفايف داه
اصل مرات عمر كل أما تيجي مكتبك
بتجبلك معاها روج…
وضعت كاميليا يدها على أصبعه الذي كان
يتحسس شفتيها محاولة إبعاده عنها قائلة
بتذمر :” و الله ما أنا حاطة حاجة….
شاهين بعدم إقتناع :”سيبيني أتأكد بنفسي….
كاميليا محاولة الوقوف :”على فكرة إحنا
في المكتب…ميصحش كده….
شاهين بعدم خجل :” و فيها إيه يعني هي
اول مرة….
كاميليا و هي تقاطعه:”بطل بقى…. انا عاوزة
اروح مكتبي”.
ضغط شاهين على خصرها ليثبها مكانها
قائلا بتصميم :” مش قبل ما أتأكد من الروج…
كاميليا يضحك :” طيب موافقة بس تديني
ثلاثة أيام أجازة”.
شاهين بتعجب :”ممم تقدم ملحوظ بقيتي
بتعرفي تاخذي حقك مني بسهولة تامة… طيب
انا موافق بس في المقابل مش عاوزك
تغصبي الاولاد ياكلو الأكل الصحي بتاعك….
كاميليا بدلال و هي تشير باصابعها الاربعة
:” تؤ… كده يبقوا أربعة أيام….كل حاجة مقابل يوم أجازة… داه شرطي”.
شاهين بضحك :” بقى كده…طيب إيه رأيك نعقد
صفقة مقابل أسبوع إجازة….
كاميليا مدعية التفكير :” موافقة إتفضل…..
إبتسم الاخر بخبث قبل أن يهمس في أذنها
عدة كلمات لتشهق كاميليا صارخة بحنق :”
قليل الادب…. سيبني انا رايحة لمكتبي….
و انا راضية بيومين الاجازة اللي إنت إدتهملي
في الأول…..
أجابها شاهين :”طيب إهدي خلينا نتفق…..
دفعته ليرتخي على الكرسي بسبب ضحكه
لتستغل هي الفرصة و تبتعد هاربة من بين
أحضانه و تغادر المكتب بوجنتين متوردتين
من شدة الخجل….
تبدلت ملامح شاهين الضاحكة حالما أغلقت
الباب متخيلا هروبها من حياته بهذا
الشكل…
أظلمت عيناه و تجهمت ملامحه بشدة
بعد أن تذكر حواره البارحة مع محمد
بدأ شعور الغضب ينهش جسده تدريجيا
تزامنا مع صوت أنفاسه المتصاعدة بحدة
حتى أصبح مظهره مخيفا كوحش
مستعد للانقاض على فريسته…. لكن كل
هذا الغضب لم يكن موجها سوى لنفسه
أغمض عينيه ليتراءى له وجه محمد
الذي يتهمه دون رحمة في تدهور نفسية
نور بسبب تأثرها لما حصل لاختها….
كاميليا حبيبته…
تمتم بداخله و هو يشعر بدمائه تغلي
:”مش حترتاح يا شاهين مهما عملت”.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
على الساعة الحادية عشرة ليلا في غرفة
أيهم…..
فتحت ليليان عينيها لشعورها بالعطش…لتجد
أيهم مستيقظا و هيئته تدل على عدم نومه…
كان مستندا على ذراعه و يتأملها و هي نائمة
إبتسم بسعادة لرؤيتها تفتح عينيها قبل
أن يلتفت وراءه ليحضر كوب الماء الموضوع
فوق الطاولة الصغيرة بجانب السرير… أزاح
الغطاء و هو يمده نحو شفتيها لترتشف
ليليان منه حتى إكتفت ليرجعه مكانه
ثم يعود لنفس وضعيته السابقة قائلا:”لسه
بتصحي في الليل عشان تشربي….
ليليان بابتسامة مقتضبة و صوت مغلف
باثار النوم :” أيوا…بعطش في الليل….بس
إنت ليه صاحي لحد دلوقتي “.
رتب الغطاء حولها بعناية قائلا بحنو :”
خايف أنام و أصحى الاقي نفسي كنت
في حلم…خليني كده أحسن…
ليليان بابتسامة خفيفة :” طيب حتفضل
صاحي لحد إمتى… متنساش بكرة وراك شغل
كثير…..
أيهم و هو يبعد خصلات شعرها عن وجهها
:” كل حاجة بتكون سهلة معاكي…يلا نامي
و إرتاحي متشغليش بالك بيا صدقيني
أنا حاسس إني في الجنة دلوقتي.. كفاية
إنك نايمة جمبي….
أومأت له ليليان لتغمض عينيها متمتمة
بصوت منخفض :” طيب لو حسيت إنك
عاوز تنام…متقاومش إنت محتاج
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
إستيقظت نور باكرا على غير عادتها…رغم أنها
ظلت ليلية البارحة مستيقظة حتى ساعة متأخرة
تفكر في ما ستفعله بعد أن قبل محمد
باعطائها فرصة أخيرة حتى تصلح معاملتها
معه…. شردت قليلا بينما تنظم فراشها عندما تذكرت عدم حماسه للفكرة رغم إعترافه بأنه مازال
يحبها رغم كل ما فعلته معه…..
لكنه كأي رجل حقيقي يضع كرامته فوق
كل إعتبار…..
بعد ساعة إنتهت من حمامها و تنشيف
شعرها و هاهي الان تقف أمام خزانتها
لتختار ماذا سترتدي…..
ترددت قليلا قبل أن تخرج ملابس
رياضية صوفية باللون الكراميل
قريب من لون شعرها الأشقر القصير….
إرتدتهم ثم نظرت لنفسها المرآة لتقيم
نفسها.. تفننت في وضع زينة وجهها كما
لن تفعل من قبل و حرصت على إخفاء الجروح و الكدمات بوضع طبقة إضافية من مساحيق
التجميل ثم إرتدت حذاءها
الرياضي الابيض …
خرجت من غرفتها و هي تدندن احدى
الألحان المصرية القديمة بصوت خافت
لتجد والدتها تجهز الإفطار…و التي رمقتها
بطرف عين قبل أن تنشغل من جديد
بما تفعله قائلة :” صاحية بدري النهاردة
غريبة مش عوايدك يعني…..
قضمت نور بعضا من الكايك اللذيذ الذي تصنعه والدتها قبل أن تجيبها
:” صباح الخير…. أصل عندي مشوار مهم الصبح “.
الام :” بالهدوم دي؟؟
أنزلت نور رأسها تتفحص ملابسها قائلة بتعجب
:”وحشة؟؟؟
الام بخبث :” مش حكاية وحشة بس…و إلا
بلاش المهم إنكم رجعتوا لبعض..
نهضت نور من مكانها و هي تمسح فمها
بالمنديل بحذر حتى لاتفسد أحمر الشفاه
قائلة :”ماما انا رايحة محتاجة حاجة؟؟؟؟
الام بحنو:” لا ياحبيبتي سلامتك… خلي بالك
من نفسك….
أجابتها نور من بعيد و هي تتفحص مظهرها
في كاميرا هاتفها :”حاضر ياماما….
سمعت والدتها صوت إغلاق الباب
لتتنهد بخفوت قائلة :” ربنا يهديك يا بنتي و
َ ينور طريقك…..
في الخارج وقفت نور أمام باب الشقة… اخذت
نفسا عميقا قبل أن تتقدم بخطواتها نحو
شقة محمد المقابلة لهم…. طرقت الباب
بهدوء ثم وضعت يديها في جيب
السترة الرياضية محركة يديها بتوتر…لحظات
و اطل محمد من وراء الباب بسترته الرياضية
ذات اللونين الأزرق و الأبيض…
إبتسمت بعد أن لاحظت ملامحه المتعجبة
قائلة برقة :”صباح الخير…..متستغربش
كده كل الحكاية إني عاوزة اجري معاك
شوية… طبعا لو معندكش مانع….
نفى محمد برأسه و هو يجيبها مبتسما :” صباح
الورد…بالعكس اهلا و سهلا…
إستدارت نور نحو الدرج لتطل عليه من اعلى
هاتفة بتحمس :”طبعا إنت حتنزل من السلم
عشان كدة انا حسبقك لتحت….
محمد :”طيب انا حجيب موبايلي و المفاتيح
و حلحقك….
أشارت له نور ثم نزلت الدرج مهرولة…حتى
وصلت لاسفل العمارة تلهث…وضعت يدها
على خصرها و الأخرى على صدرها لتتنفس
بقوة هامسة من بين لهاثها :”يخرب بيت
غبائي كان لازم يعني …حوار الرياضة
و الجري داه… انا نزلت السلم بالعافية…. أمال
حعمل إيه في الباقي….
إلتفتت وراءة فزعة بعد أن سمعت ضحكات
محمد الذي كان يستمع إليها بعد أن وصل
بعدها بثوان..
زمت شفتيها بحزن مصطنع زاد ملامحها
البريئة جمالا في عيني محمد الذي كف
عن الضحك قائلا بمزاح:”حتستسلمي من
أولها.. انا كنت متأكد إنك مش حتقدري
تكملي…
توسعت عيناها بصدمة من كلامه قبل أن
ترمقه بتحدي :” مستحيل…وإنت عارفني. كويس
لما أحط حاجة في دماغي بوصلها…يلا
خلينا نكمل….
أشار لها بيده لتسبقه قائلا :”طيب يلا خلينا
نشوف…
تجاوزها راكضا بسرعة خفيفة لتلحقه نور
متسائلة :”مش حناخذ العربية؟؟
أجابها محمد بضحك :” طب لما نركب
العربية حنجري إزاي يا ناصحة؟؟
نور بخجل :” لا قصدي ناخذها و لما نوصل
النادي نركنها و نكمل جري….
محمد بنفي:”لا انا متعود اجري من البيت
لحد النادي كل صبح و العربية يسيبها
هنا على… كل النادي مش بعيد ربع ساعة
جري و نوصل…..
نور بانفاس لاهثة من الركض :”ربع ساعة؟؟
قليل جدا بصراحة….انا لو حكمل دقيقة
ثانية حقع….خلينا نرتاح شوية….
محمد بضحك :”داه إنت طلعتي ضعيفة
اوي ثلاثة دقائق جري و عاوزة ترتاحي…
دي العمارة اللي إحنا ساكنين فيها لسه
بتبان هناك…يلا بلاش كسل…
جذبها من يدها يحثها على المشي…
لتبدأ نور بالتذمر من جديد حتى وصلا
بعد دقائق إلى النادي الرياضي….
دخلا ليجدا العم محروس المسؤول على
تنظيف النادي و الاهتمام به….
محمد :”صباح الخير يا عمر محروس….
العم محروس بابتسامة وهو يضع المنشفة
على كتفه :” صباح الخير يا ابني…
نظر بتردد نحو نور و قد بانت على ملامحه
التعجب من وجودها فماذا تفعل فتاة
بهذا الوقت المبكر في نادي رياضي رجالي
زال ضياعه و تهللت اساريره بعد أن
سمع محمد يقول :” دي مراتي يا عم
محروس…
ليجيبه الاخر بفرحة :”اهلا و سهلا يا بنتي
لمؤاخذة اصلي اول مرة اشوفك….
نور بابتسامة مماثلة :”أهلا و سهلا….
القى محمد نظرة تفحصية في الارجاء
قائلا :” كل حاجة تمام ياعم محروس
مفيش مشاكل؟؟
العم بنفي:”الحمد لله كله زي الفل…بس
الكابتن طارق قلي أفكرك عشان إشتراكات
الدفعة الجديدة… مش فاكر هما تابعين اي
قسم بس هو قالي إنك عارف….
محمد بايجاب :”تمام يا عم محروس روح
شوف شغلك و….. إستنى شوية….
إلتفت نحو نور متسائلا :”تحبي تشربي
إيه و إلا نخليها فطار…..
نور بنفي :”لا أنا فطرت مش عاوزة حاجة غير
كباية مية بس….
محمد :” لا إنت اول مرة تشرفيني في النادي
بتاعي… يبقى مفيش إعتراض….عم محروس
لو سمحت خلي هادي يبعثلنا أحلى فطار
من الكافتيريا و متنساش كباية الشاي…
محروس بإيجاب :”حاضر يا إبني….
غادر الرجل ليكمل محمد طريقه نحو
مكتبه و هو يحدث نور التي كانت تسير
لجانبه و هي تتفحص ما حولها بانبهار
قائلة :” واو النادي كبير أوي….
أجابها محمد و هو يصعد الدرج للأعلى
:”إنشاء الله يوم الجمعة تبقي تشوفيه
بالتفصيل … و أكيد حيعجبك و لو عاوزة
تمارسي أي رياضة حبقى اساعدك….
نور بنفي :”لالا مفيش داعي… انا أصلا
مش بحب الرياضة من و انا صغيرة….
محمد بضحك :” ما أنا عارف بس قلت
يمكن لما تشوفي النادي من جوا تغيري
رأيك…
فتح الباب ليشير لها لتدخل بحركة نبيلة مكملا بلهجة درامية :”تفضلي ماي برنسس…أنرتي مكتبي المتواضع…..
ضحكت نور و هي تبادله المزاح :”شكرا ايها
البرنس…. مش عارفة تتقال إزاي…
محمد :” متقلقيش المعنى وصل و داه المهم….
جلست نور على الاريكة و هي تتنهد عندما
تذكرت يوم أمس عندما جاءت إلى هنا باكية
جالت ببصرها في أنحاء المكتب لتنتبه
لأثاثه الرمادي و وجود بعض التحف الأنيقة
التي كانت تزينه إضافة إلى خزانة بلورية
تحتوي على عديد الميداليات و الجوائز
التي تحصل عليها محمد خلال إشتراكه
في عدة مسابقات منذ طفولته…..
تنهدت بأسف لأنها للتو إكتشفت أنها لا تعلم
عنه شيئا رغم مرور أكثر من عام على
زواجهما…..
نفت أفكارها ثم هبت من مكانها متجهة
نحو محمد الذي كان يتفحص عدة
أوراق…. وقفت لجانبه قائلة بحماس
:”إيه رأيك اساعدك…
نظر نحوها محمد بتعجب قبل أن يعيد
نظره نحو الأوراق :” تساعديني في إيه؟؟
نور و هي تهز كتفيها :”طبعا مش حدرب
الناس التي حتيجي بعد شوية…انا اقصد
اساعدك هنا في شغل المكتب… مثلا الأوراق
دي….
محمد بعدم تصديق :” بجد… عاوزة تساعديني؟؟
نور بابتسامة رقيقة :” طبعا اصلي مش ناوية
اسيبك النهاردة يعني حفطر و حتغدى و يمكن
أتعشى هنا….قاعدة على قلبك يعني….
محمد :”طب و كليتك….
نور و هي تخفي تضايقها عندما سمعت
كلمة الجامعة فهي تذكرت جميع ماحصل معها
البارحة :” لا مش حروح الاسبوع داه…اصلي
تعبانة من ضغط الدراسة و عاوزة أرتاح
شوية…
أمسك محمد بعض الملفات ثم سار ليجلس
على الاريكة.. رفع رأسه ليجد نور مازالت
واقفة مكانها و تنظر له…سألها و هو
يضع يده على الكرسي بجانبه كدعوة للجلوس :” مش قلتي عاوزة تساعديني.. و إلا غيرتي
رأيك بعد ماشفتي الملف…
هرولت نور لتجلس بجانبه قائلة بعد أن وضعت
هاتفها على الاريكة بجانبها أمامها :” لا طبعا.. إنت
فهمني انا حعمل إيه و انا حنفذ…
بدأ محمد يشرح لها ما ستفعله ليتضح لنور
أنه عمل بسيط فقط تكتب أسماء المشتركين
بالنادي و بعض بياناتهم على بطاقات إشتراكات صغيرة…
بينما إنشغل محمد بالعمل على حاسوبه
بعد دقائق قليلة….
رفع محمد عينيه لتتراءى أمامه نور
منكبة على الأوراق…كم بدت لطيفة
و هي تحاول بشتى الطرق تثبيت
خصلات شعرها القصيرة التي كانت
تسقط على وجهها في كل مرة
نفخت وجنتيها بتأفف لتقرر أخيرا
وضع القلم من يدها و إنهاء المشكلة
إبتسم محمد وهو يراقبها كيف جمعت
خصلات شعرها لتضعهم على تحت ياقة
السترة ثم عادت من جديد لتركز على
عملها…
قطع مراقبته صوت طرقات على الباب
ليدخل بعدها شاب نحيل لم تتعرف عليه
نور يدفع أمامه طاولة صغيرة تحتوى
على الفطور الذي طلبه محمد….
الشاب :”صباح الخير ياكابتن…داه
الفطار اللي وصاني عليه عم محروس….
إستقام محمد من مكانه متجها نحوه قائلا
:” صباح إلخير يافتحي…تقدر ترجع شغلك..
فتحي و هو يومئ برأسه بطاعة :”تؤمرني
بحاجة ثانية؟؟؟
محمد بنفي :” لا شكرا…
غادر الشاب ليدفع محمد العربة نحو نور
التي كانت تجلس مكانها بصمت….
جلس بجانبها ثم لملم الملفات و الأوراق
التي كانت تضعها على ساقيها قائلا
:”سيبي كل حاجة من إيديكي دلوقتي
و خلينا نفطر…
نور بأعتراض:” لازم أخلص الشغل الأول
بعدين…
قاطعها محمد و هو يخطف آخر ورقة من
يدها عنوة قائلا :” نفطر الأول و بعدين
نكمل شغل.. يلا…و إلا إنت عاوزاني أفطر
لوحدي…
إستسلمت نور لإلحاحه ملبية رغبته في
مشاركته الطعام ليمد لها كأسا كبيرة بها
عصير أخضر لم تعرفه…. عقدت حاحبيها
قائلة :” إيه داه؟؟
محمد بحماس :”داه عصير ميكس خضار
ذوقيه حيعجبك جدا….
أخذت نور رشفة من الكأس لتبتلعه
بملامح ممتعضة و هي تبعد يد محمد
قائلة باشمئزاز:”أنا آسفة بس طعمه…
مقرف بصراحة…. إنت إزاي بتشربه…
محمد و هو يرتشف منه باستمتاع
قائلا :” إنت الخسرانة…داه صحي
أكثر من أي نوع عصير ثاني….
نور بمجاراة :” بالهنا و الشفاء…فكرتني
في كاميليا أختي بتحب الاكل الصحي جدا
يتعاقب أولادها بالخضار المسلوقة…
أنهت حديثها لتنفجر ضاحكة و هي تتذكر
ذلك اليوم الذي زارتها فيه لتجدها تتشاجر
مع أولادها و هي تقنعهم بتناول الخضروات
نظرا لفوائدها الصحية….
محمد :” مممم فكرة حلوة اوي….
نور و هي تتوقف عن الضحك :” قصدك
إيه؟؟
رفع محمد حاحبيه قائلا :” العقاب بالخضار
المسلوقة.. خاصة للناس اللي بتكره الأكل
الصحي…
نور :” قصدك انا صح؟؟
أومأ لها محمد بمعنى نعم :”مش قلتيلي إنك حتسمعي
كلامي طول الاسبوع اللي جاي… و حتعملي
كل اللي انا اطلبه منك….
نور بلهجة متوسلة و هي تبتعد عنه قليلا :”عشان خاطري بلاش دي….بكره الخضار بكل أنواعها….
محمد غامزا :” تؤ مش داه قصدي طبعا….
قضت نور و محمد بقية اليوم مع بعضهما
و هذا ما أسعده كثيرا حيث
إكتشف عدة جوانب من شخصية نور فهي
تبدو صارمة و قوية من الخارج لكنها داخليا
تعتبر طفلة صغيرة بحاجة للإحتواء و ترميم
جروحها التي تخفيها خلف صرامتها و تشددها…
شعر بأنه لم يخطئ عندما قرر إعطائها فرصة
أخرى لتغير من طباعها معه….بينما لم تكن
نور اقل منه سعادة رغم أنها لازالت تحتاج
وقتا طويلا و جهدا كبيرا لتستطيع إذابة
سد الجليد الذي بنته سابقا بينهما….لتصبح
علاقتهما طبيعية..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ليلا في فيلا عمر…..
تقف هبة في مدخل الفيلا تنتظر وصول عمر
على أحر من الجمر…تفحصت هاتفها للمرة الالف
منتظرة إتصاله بها لكن دون جدوى…
تذكرت منذ ساعات عندما أوصلها للمنزل
ثم غادر نحو فيلا والديه رغم معارضتها
و توسلها له ان يتراجع عن قراره لكنه رفض
ذلك رفضا قاطعا…
هرولت للخارج عندما لمحت سيارته
تتعدى البوابة لتتوقف في الحديقة
قرب الباب الرئيسي للفيلا….وصلت
إليه متفحصة ملامحه المتعبة بقلق
ليفاجأها عمر بارتمائه بين ذراعيها
يحتضنها بشدة…
إنهمرت دموعه بصمت و إهتز جسده
رغما عنه لتعلم هبة أنه يبكي…فضلت
الصمت مكتفية بتمسيد ظهره بلمساتها
المهدئة التي تمنكنها في كل مرة من
تهدأته و كأنها سحر….
إبتعد عنها ليجفف دموعه بكلتا يديه…
هاتفا بصوت جامد خال من الضعف و كأنه لك يكن يبكي منذ قليل :”أنا حكيتلهم على كل حاجة
و مشيت على طول…. مكنتش عاوز أشوف
ردة فعلهم.. مقدرتش أشوف نظرات الشفقة
و الحزن في عنيهم….
خاصة ماما…عشان مهما عملت و مهما أذتني
حتفضل في الاخير أمي و انا مقدرش غير
إني أشوفها صلبة و قوية… مقدرتش أشوف
إنكسارها بسببي…. و إنت ياهبة… إنت كمان
مش عاوزك تحسي في يوم من الايام بالنقص
أو الخجل بسببي… من حقك تكوني ام و تفرحي
زي اي ست متجوزة…هبة انا بحبك اوي… بحبك
حتى أكثر من نفسي و إنت عارفة داه كويس…
بحبك لدرجة إني مستعد أحررك مني عشان
تحققي حلمك في الامومة…. انا عارف إني
حعيش بعدك زي الميت بس يمكن داه حيكون
أهون عليا من إني اشوفك بتتعذبي قدامي…..
فجأة توقف عن مواصلة حديثه بسبب
صفعة نزلت على وجنته جعلته يغمض
عينيه بقوة تزامنا مع ضربات أخرى
طالت صدره و كتفيه من هبة التي جن
جنونها و كأن شيطانا تلبسها…..
صرخت بعنف و هي لاتزال تدفعه و تضربه
بعشوائية بسبب تلك النار التي اضرمها في
فؤادها جراء كلامه المهين لها…..
:”بكرهكككك…. بكرهك يا عمر و انا اللي
حقولهالك المرة دي عشان بجاااااد…. زهقت
تعبت من ضعفك و هروبك في كل مرة تواجهك
مشكلة….. نفس الكلام في كل مرة….
كل لما نرجع من الدكتور انا مستعد
اطلقك ياهبة…..إنت من حقك تشوفي حياتك
ياهبة….
صمتت قليلا بسبب إختناقها بدموعها قبل أن
تواصل حديثها من جديد:”كل لما تسمع مامتك
او اي حد من ثاني…. كل اما تشوف طفل
في الشارع معدي كلما……
أسهل حاجة تفكر فيها… إنك تستغنى
عني…. طبعا ما إنت عارف و متأكد
إني مش حقدر أسيبك…حروح فين يعني…
حتى بابا لسه زعلان مني و بيسيب ماما
و إخواتي يقابلوني بالعافية… هبة اللي
إنت متأكد إنها بتعشقك أكثر من روحها
مستحيل تسيبك عشان كده عمال تهين
في كرامتي كل شوية مين غير تفكير….اناني
مش شايف غير نفسك طب و انا…. ها….
ماأنا كمان بشر زيك و ليا طاقة إحتمال
يعني حستحمل نظرات الناس و إلا إتهامات
أهلك و إلا كلامك اللي زي السكاكين…..
طيب خلاص….
مسحت دموعها مدعية القوة و هي تنظر
إلى الجهة الأخرى….
:”عاوز تسيبني و تروح إتفضل…. ما إنت عملتها زمان سبتني و رجعت لقيتني مستنياك
…. بس المرة دي
اوعدك إنك مستحيل حتلاقيني…. حطلق
منك و حتزوج و حجيب أطفال و خليك
إنت قاعد هنا لوحدك بسلبيتك و ضعفك وووو
:” هبببببببة.. إخرسيييي…
عمر بصراخ مماثل مقاطع حديثها….
:”لا مش حسكت عاوزة أقلك كل حاجة
في قلبي و حتسمعني يا عمر…. عشان دي
حتكون آخر مرة نتكلم فيها…زي ما إنت
مش عاوزني انا كمان مش عاوزاك…مش
حتمسك بيك بعد كده و مش حاخذك في
حضني و اطبطب عليك زي ما بعمل في
كل مرة…. مش حضحي عشانك ياعمر
عشان إنت متستهلش كل اللي بعمله
عشانك…
تراجعت عدة خطوات للخلف قائلة
بلهجة رسمية :”إديني ساعة واحدة عشان
ألم هدومي… متقلقش مش عاوزة منك
حاجة و حتنازلك على كل حقوقي… حاخذ
بس الهدوم اللي أنا إشتريتها بمرتبي…
ركضت إلى الداخل بعد أن أنهت آخر
كلماتها تاركة إياه واقفا ينظر أمامه بذهول…
لم يكن يتوقع انها ستنفجر أمامه هكذا
في يوم من الايام و تخرج كل ما في قلبها…
الان فقط إكتشف أنه…
لم يكن الوحيد الذي يعاني بل هي أيضا
كانت تتحمل أضعاف ما يشعر به و فوق
كل ذلك كانت تبذل قصارى جهدها للتخفيف
عنه و إخفاء آلامها أمامه حتى لا تزيد من
معاناته.
مسح وجهه بتعب قبل أن يأخذ طريقه
نحو غرفته بخطوات مرهقة محاولا
تنظيم أفكاره و إيجاد الكلمات المناسبة
حتى يراضيها…
في فيلا البحيري…..
إنتهت العائلة من تناول العشاء لينتقلوا
للصالون لقضاء بقية السهرة….إستأذنت
ليليان منهم لتصعد غرفتها حتى ترتاح
بعد إن إطمئنت على ايسم مع جدته
إغتسلت ثم غيرت ملابسها و القت
بجسدها على الفراش لتغرق في نوم عميق…
بعد ساعات قليلة إستيقظت ليليان كعادتها
بسبب شعورها بالعطش…وجدت الغرفة
مظلمة و باردة و كأن لا حياة فيها….
لفت الغطاء حول جسدها جيدا قبل أن
تقف من السرير متجهة نحو الشرفة لتغلقها
حتى تمنع دخول نسمات الهواء الباردة..
عقدت حاحبيها بتعجب و هي تتساءل
داخلها عن سبب غياب أيهم و عدم
مجيئه حتى هذه الساعة المتأخرة…
انارت الغرفة ثم بدأت بالبحث عنه في
الحمام و غرفة الملابس دون جدوى…
إنتبهت لوجود ورقة باللون الوردي معلقة
على مرآة تسريحتها ذكرتها بتلك الورقة
التي تركها لها أيهم منذ ثلاثة سنوات…..
امسكتها بيدين مرتعشتين و بدأت في قراءتها
بصوت عال….
:”ليلياني…انا آسف… للمرة المليون بقولهالك بس
صدقيني المرة دي غصب عني…. مجبر إني
أسيبك و أمشي للأبد…لكن على الاقل حمشي و انا مطمن إني سبت ذكرى حلوة ليا في قلبك بعد
كل القسوة والعذاب اللي إنت عشتيهم
بسببي….الايام الاخيرة اللي انا قضتها
معاكي حتبقى الونس الوحيد ليا في وحدتي
اللي جاية… انا لما كنت في لندن عملت تحاليل و طلع عندي كانسر في المخ و للأسف في المرحلة
الأخيرة و الدكاترة قالولي إن فاضلي شهور
قليلة عشان كده قررت إني أرجع و أصلح كل أخطائي…. انا سافرت لمكان محدش يعرفه
عشان اقضي آخر ايامي فيه…مش عاوز حد يشوفني ضعيف و خصوصا إنت… عاوزك تفتكريني دايما أيهم القوي اللي بيحبك و اللي محبش في الدنيا غيرك ارجوكي تسامحيني و إفتكريني
دايما بالخير و لما أيسم يكبر قوليله إن أبوك
بيحبك اوي و إنه كان نفسه يعيش عشان يشوفك و إنت بتكبر… إوعي تبكي عليا او تحزني عشان
دموعك أغلى مني بكثير….انا زمان غلطت
في حقك اوي و دلوقتي بدفع الثمن…لما أموت
أرجوكي متنسينيش بالدعاء و الصدقة و كملي
مشروع العيادة المجانية اللي اتفقنا إننا نعمله
خلي بالك من نفسك و من أيسم و لو قررتي
في يوم من الايام إنك تتجوزي ارجوكي
إختاري الشخص الصح…
بحبك اوي…..
ايهم.
شهقت ليليان محاولة التنفس بعد أن شعرت
بنفسها على وشك الاختناق…سقطت على
الأرض و هي تحاول الصراخ بأقصى صوتها
لكنها لم تستطع فقد تتحرك شفتيها باسم
أيهم……
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
طرق عمر باب الغرفة عدة مرات بتهذيب
قبل أن يفتح الباب و يدخل…. جال ببصره
في كافة أنحاء الغرفة الخالية ليزفر بتعب
و هو يتساءل عن مكانها… هل يعقل أنها
لم تأت إلى هنا و فضلت المكوث في إحدى
الغرف الأخرى و لكنها أخبرته انها سوف تصعد
حتى تتجمع ملابسها و أشياءها وتغادر……
قادته قدماه نحو الحمام ليطرق على بابه
عدة مرات قبل أن ينزل يده نحو المقبض
إستعدادا لفتحه لكنه توقف فجأة بعد أن
سمع صوت سقوط شيئ ما على الأرض
في غرفة الملابس…. لوهلة ما ظن عمر أن
هبة بالداخل و انها من الممكن أن تكون قد أوقعت
احد الأشياء كحقيبة مثلا او…. إن تكون هي
نفسها من وقعت و عند هذه النقطة تحفزت
كامل خلاياه و إزدادت نبضات قلبه ليسارع
دون تفكير نحو الغرفة داعيا الله بصوت
عال ان تكون حبيبته بخير…..
دفع الباب الذي كان نصفه مفتوح بقوة
غير مبال و هو يبحث عنها كالمجنون
حتى وجدها واقعة على أرضية الغرفة
ليسرع نحوها و قلبه و روحه تسبقانه إليها
صرخ بصوت متألم :”هبة… حبيبتي مالك
حصلك إيه؟؟
جثى بجانبها ليرفع نصف جسدها العلوي
على ركبتيه و يبدأ في صفع خدها بلطف
تزامنا مع صراخه باسمها علها تستيقظ :” ردي
عليا يا بيبة مالك….
حملها دون تردد ثم وضعها على السرير
و هو يتفحص وجهها و رأسها خوفا من
أن تكون قد تأذت أثناء سقوطها…تلمس
جيوب بدلته بحثا عن هاتفه و الذي من
حسن حظه أنه لازال يحتفظ به و بأصابع
مرتعشة ضغط على ازراره ليتصل بأيهم
الذي أجابه بعد وقت قصير
عمر بصوت خائف:”أيوا يا أيهم أرجوك
إلحقني…. هبة هبة… ارجوك يا أيهم..
تحرك أيهم من مكانه متوجها نحو سيارته
و هو يحاول بشتى الطرق تهدأة صديقه
حتى يفهم منه ما به
‘” بالراحة يا عمر و فهمني مالك.. انا جايلك
دلوقتي إنت فين؟؟
عمر بارتعاش و هو يضع يده على رأسه ناظرا
لهبة بضياع لا يعلم مالذي يفعله و كيف يتصرف
ليجيب أيهم بصوت باكي:” مش عارف… هبة
أغمى عليها لقيتها على الأرض ارجوك هات
الدكتورة و تعالي… ارجوك يا أيهم….
زفر أيهم بتأسف قبل أن يجيب الاخر
بهدوء :” مسافة السكة و أكون عندك
متقلقش…
أنهى مكالمته مع صديقه ليبدأ بمكالمة
أخرى مع شخص آخر و الذي لم يكن
سوى الدكتورة صفاء التي تعمل منذ سنوات
في المستشفى عنده ليطلب منها المجيئ
إلى العنوان الذي وصفه لها…..
بعد نصف ساعة كان أيهم يجلس بجانب
عمر الذي لم يكن يعي ما يحدث
معه و كأن الحياة فارقته و لم يبق سوى
جسده..
فمنذ قدوم أيهم و تلك الطبيبة
و هو يجلس على نفس حالته ينظر أمامه
بشرود و بصره معلق فقط على باب الغرفة
التي تقبع داخلها حبيبته و قطعة من
روحه ساكنه لاتدري مايحصل من حولها….
هرع من مكانه مسرعا عندما لمح مقبض
الباب يتحرك لتطل من وراءه الدكتورة
صفاء و التي تفاجأت من إمساك عمر
لكتفيها و هو يصرخ دون وعي :”مراتي
مالها يادكتورة….. إنطقي؟؟؟؟
شده أيهم بصعوبه ليبعده عنها قائلا
:” إهدا ياعمر و خلي الدكتورة تتكلم….
عدلت صفاء نظارتها و هي تحدق بعمر
بتوتر قائلة بلهجة عملية تعودت عليها
:”المدام حامل….ألف مبروك…..
حملق فيها عمر ببلاهة و قد إتسعت عيناه
كطفل صغير يرى أمامه شاحنة مثلجات..
ليردد بصوت
:”قلتي إيه؟؟ مين اللي حامل؟؟؟
قهقه أيهم بشدة على مظهر صديقه
قبل أن يدفعه قليلا من أمام صفاء
ثم يكمل هو حديثه معها حيث طمأنته على
صحتها ثم أعطته ورقة تحتوي على أدوية و فيتامينات الإضافة إلى ظرورة إحضارها
للمستشفى حتى تتابع حملها مع دكتورة
نسائية كحال جميع النساء الحوامل…
هذا كله تحت دهشة عمر الذي ظل يحرك شفتيه
بعدة كلمات غير مسموعة إلى أن
تلقى لكمة على كتفه من أيهم جعلته يستيقظ
من توهانه….
:” الف مبروك يا صاحبي”. تحدث أيهم
بفرح صادق لأجل رفيق دربه الذي عانى
و صبر كثيرا حتى سمع هذا الخبر…..
عانقه عمر بقوة و كامل جسده يرتعش
من شدة التأثر قبل أن يبتعد عنه و يمسح
عينيه التي إغرورقتا بدموع الفرح…..
و هو يجيبه بصوت مبحوح :”الله يبارك
يا أيهم…..انا مش عارفة أعمل إيه دلوقتي….
ايهم بضحك :” إجمد ياظ و إنت
شكلك زي عيال المدرسة….يلا روح لمراتك
دلوقتي عشان محتاجالك و متنساش
تجيبها بكرة الصبح المستشفى
عشان تكمل باقي الفحوصات
و نطمن عليها و على البيبي…..
تحولت ملامح وجه عمر هاتفا بقلق:” مالها
هبة يا أيهم هو في….
أجابه أيهم بعد أن قاطع بقية حديثه:” متخافش
هي كويسة و البيبي كمان كويس بس
دي فحوصات روتينية لأي ست حامل…
يعني مفيش قلق و لا حاجة يلا انا مروح
عايز حاجة….
عمر بامتنان :”شكرا يا أيهم بجد مش عارف
من غيرك كنت عملت إيه؟؟
أيهم بابتسامة :”متقلش كده داه إحنا إخوة
مش بس صحاب…انا رايح عاوزة حاجة ثانية
قبل ما امشي؟؟
عمر بنفي:”سلامتك يا صاحبي….
ايهم هو يلتفت لينزل الدرج :” يلا سلام
و متنساش تكلم شاهين و طنط فريدة دول
حيفرحوا اوي…
عمر وهو ينظر في اثره :” ماشي.. مش حنسى
تصبح على خير…
نزل أيهم الدرج راكضا متجها لخارج الفيلا
نحو سيارته حتى يعود لمنزله لكنه توقف
فجأة بعد أن سمع رنين هاتفه….
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في فيلا البحيري…..
جميع أفراد الأسرة مجتمعين في الصالون
يتسامرون كعادتهم محمد و سيف، أميرة و
كاريمان و بجانبها صفوت البحيري يلاعب
حفيده أيسم….
فجأة سمعوا صوت صراخ في الطابق العلوي
و تحديدا في غرفة أيهم… اسرع محمد
و سيف نحو مصدر الصوت لكنهم ظلوا
واقفين أمام غرفة أيهم غير قادرين على الدخول
محمد بصراخ و هو يقرع باب الغرفة
:”ليليان…مالك….. في إيه بتصرخي ليه؟؟؟ ….
إلتفت سيف وراءه ليجد أميرة التي
وصلت للتو ليدفعها للداخل قائلا
بصراخ :” بسرعة يا أميرة أدخلي شوفي مالها ؟؟؟
وصلت كاريمان هي الأخرى لتدلف
للداخل تطمئن على زوجة إبنها اللتي
كانت تصرخ و تبكي دون توقف….
كاريمان و هي تنحني نحو ليليان
الجالسة أرضا تنظر حولها بانهيار :” حبيبتي مالك؟؟ إيه اللي حصل و خلاكي بالشكل داه؟؟
نظرت نحوها ليليان التي كانت في
حالة إنهيار تام :” أيهم… سابني يا طنط
سابني من ثاني؟؟
لطمت كاريمان صدرها شاهقة بقوة
و هي تنظر لاميرة التي لم يكن حالها
بأفضل من حال والدتها اتردد بتلعثم
:”أيهم؟؟ ماله حصله حاجة؟؟
أجابتها ليليان من بين شهقاتها :”أيوا يا طنط
سابلي ورقة زي المرة اللي فاتت و قلي
إنه راح و مش حيرجع….
نظرت كاريمان لاميرة من جديد و هي
تحتضن ليليان التي إرتمت داخل أحضانها
تبكي بعنف دون توقف قائلة :”أميرة
روحي كلمي أخوكي و شوفي إيه الحكاية؟؟
أميرة و هي تقف من مكانها :”حاضر يا ماما
أنا حكلمه دلوقتي….
عادت كاريمان لتهدأة ليليان بينما غادرت
أميرة الغرفة لتجد سيف و محمد ينتظران
أمام الباب بقلق بينما والدها يقف غير بعيد
عنهما يحمل حفيده الذي بدأ بسؤاله عما يجري
و صفوت يحاول بكل جهده إلهائه عما يحدث…
محمد باندفاع حالما رأى أخته أمامه :”ليليان
مالها يا أميرة كانت بتصرخ ليه؟؟؟
هزت أميرة كتفيها بجهل قائلة :” مش عارفة
يامحمد… حالتها غريبة اوي بتصرخ و بتقول
إن أيهم سابلها ورقة و قال إنه راح
و مش حيرجع ثاني.. انا مش فاهمة
حاجة…. حروح أكلم أيهم دلوقتي
افهم منه إيه اللي حصل… انا نسيت
تلفوني تحت في الصالون…
أوقفها سيف الذي أخرج هاتفه من جيبه
قائلا بتوتر :”أنا حكلمه خليكي…..
وصله صوت أيهم السعيد قائلا :” سيف
باشا…اكيد وحشتكم انا عارف القعدة
مين غيري ولا…..
سيف مقاطعا إياه بصوت عال :”أيهم إنت رحت
فين؟؟
أيهم بنبرة متحمسة :” كنت عند الواد عمر
و دلوقتي راجع البيت لما اوصل ححكيلك “.
سيف بجدية و قد هدأ قلقه بعض الشيئ
:”طب تعالى بسرعة متأخرش…
أيهم و قد إستشعر نبرة أخيه الغريبة
:”في إيه يا سيف.. مالك صوتك مش عاجبني
في حاجة حصلت في غيابي “.
سيف و هو يحدق في محمد الذي
كان يشير له بيده :”لا مفيش متقلقش
بس تعالى بسرعة…
ايهم و هو يفتح باب سيارته بإستعجال
:”تمام إقفل انا جاي حالا “.
أغلق سيف الهاتف ليروي لأخويه و والده
ماسمعه من أيهم ليزيد إستغرابهم
محمد و هو يحدث أميرة :”ادخلي
قوليلها إن أيهم جاي دلوقتي و إنه
كان عند واحد صاحبه…. يمكن تهدأ
شوية..
أومأت له أميرة قبل أن تدخل للغرفة
حيث وجدت كايمان قد نجحت في
جعل ليليان تقف من على الأرضية
و تجلسها على السرير لتهرول نحوهما
قائلة :” ماما أيهم جاي دلوقتي ووهو
كان عند واحد صاحبه….
رفعت ليليان عينيها الدامعتين نحو
اميرة قائلة ببكاء :” إنت بتكذبي عليا
أيهم مش حيرجع هو خلاص راح…سابني
و ساب إبنه مرة ثانية….
أميرة بنفي ‘” الله سيف كان بيكلمه
من دقيقة و هو اللي قال إنه حييجي…..
إنحنت أميرة جالسة أمام ليليان تربت
على يديها و هي تكمل حديثها من جديد :”
و الله دي الحقيقة مش بكذب…. طب
إستني نص ساعة بالكثير و حتلاقيه قدامك….
نظرت ليليان نحو كاريمان الجالسة
بجانبها قبل أن تتحدث بصوت مرتعش
:” أنا حنزل تحت استناه….
وقفت أميرة من أمامها مؤيدة كلامها
:”طيب خلينا ننزل كلنا نستناه في الصالون
و هو شوية حييجي….
إستقامت ليليان من مكانها ببطئ بسبب
إرتجاف جسدها لتتجه نحو الباب متمتمة
بصوت منخفض و كأنها تحدث نفسها
:”أنا عاوزة أستناه في الجنينة…تحت…..
أسرعت أميرة لتوقفها قائلة :”طيب
ممكن تغيري هدومك قبل ما تنزلي… عشان
إنت….
توقفت عن الحديث و هي تشير ليليان
التي كانت ترتدي ملابس نوم خفيفة
عبارة عن بنطال و قميص حريري
نصف كم لتومئ لها ثم تتجه نحو غرفة
الملابس بخطوات خاوية لا حياة فيها
و كأنها آلة….
إرتدت اول معطف تجده أمامها ثم غطت
رأسها بحجاب و خرجت لتجد كاريمان
و أميرة تنتطرناها…..
بعد دقائق كانت ليليان تجلس على
احد كراسي الحديقة و نظرها معلق
ببوابة الفيلا و كل دقيقة تمر عليها و كأنها
دهر….أغمضت عينيها بألم و هي تتذكر
كلمات تلك الرسالة التي قرأتها منذ قليل
في حلمها لتتجسد أمامها من جديد
و كأنها حقيقة….
لم تستطع تصديق عائلتها التي كانت تحاول
طمئنتها و إزالة تلك الأفكار الحزينة من رأسها
إلا أنها لم تستطع…. كانت خائفة من إختفاء
أيهم هذه المرة للأبد…تظن انه قد رحل و لم
يخبر عائلته بأمر مرضه..
غير بعيد عنها و تحديدا امام باب الفيلا
الرئيسي يقف سيف بجانب محمد متكئين
على الباب الكبير ينتظران هما أيضا قدوم
أخيهما حتى تنتهي هي المشكلة التي حلت
عليهم فجأة….
سيف بسخرية و هو يفرك كتفيه بيديه
لشعوره بالبرد :”الستات دول كائنات غريبة
تحس إنهم نقيض من كل حاجة… بصراحة
أنا عمري مافهمتهم…
محمد بضحك :و لا أنا بس اهو بنحاول…
صمت قليلا قبل أن يتنهد و يتحدث مرة أخرى بصوت خال من المرح:” صعبانة عليا بنت عمك دي إتبهدلت اوي في حياتها…لا أم تحن عليها و لا
أب يحميها و إنت فاكر طبعا أيهم زمان كان
إزاي و دلوقتي لما تغير و بقى إنسان ثاني
بردو ما إرتاحتش…..
سيف مؤيدا :” معاك حق… الظاهر من كثر
الصدمات اللي واجهتها في حياتها عقلها لسه
مش مطمن إنها ممكن تعيش في يوم من الايام
مرتاحة…..
أشار نحوها مكملا :” بص إزاي قاعدة مستنياه
في الجو داه…. دا انا قربت أتجمد مكاني….
قاطعهم صوت أزيز سيارة أيهم التي دخلت
البوابة للتو ثم توقفت بالقرب من مكان
جلوس ليليان و كاريمان بعد أن تركتهم
أميرة لشعورها الشديد بالبرد…
أسرع أيهم ناحيتهم متسائلا بقلق :” في
إيه ياماما…قاعدين هنا ليه؟؟؟
نظر حوله ليجد سيف و محمد مقبلين
نحوهم ليعاود التساؤل من جديد
:” بابا و أيسم و أميرة فين؟؟ هما كويسين صح؟؟
كاريمان بهدوء و هي تتنفس الصعداء بعد
إن رأت إبنها بخير أمامها فهي أيضا لم تكن
مطمئنة بسبب كلام ليليان رغم معرفتها بأن
ماروته لهم لم يكن سوى حلما و لكن هكذا
هو قلب الأم لاتطمئن حتى ترى صغارها
بخير أمامها…
:”ابوك جوا مع أيسم و أميرة و هما كويسين
متقلقش.. خذ مراتك و إطلعوا فوق هي
بس قامت من النوم مرعوبة عشان ملقتكش
جنبها فقلقت عليك عشان كده جبت
تستناك هنا….رواية بقلمي ياسمين عزيز
صفحتي الوحيدة على الواتباد
رفع أيهم حاجبيه بشك و عدم تصديق خوفا
من أنهم يخفون عنه شيئا :” تستنوني هنا في
الجنينة؟؟
سيف بمرح :” حكم القوي بقى…
غمزه مشيرا نحو ليليان برأسه ليبتسم
أيهم قائلا :”طيب خلونا ندخل جوا و نكمل
كلامنا لحسن عندي ليكم خبر بمليون جنيه….
حاوط كتف والدته بذراعه اليمنى و ليليان
بذراعه اليسرى ليسير بهم نحو الداخل
مكملا :” أنا كنت عند عمر…اصل مراته
طلعت حامل…. لو تشوفو شكله إزاي
و هو بيعيط من الفرحة…كان نفسي أصوره فيديو للذكرى…..
كاريمان و هي تبتسم بفرحة :” الحمد لله
عمر طيب و إبن حلال و ربنا عوض صبره
خير… و الله فرحتله انا بكره إن شاء الله
حبقى اكلم مراته و أطمن عليها….
سيف بمزاح:”و انا حبقى أكلمه و أفكره
في الحفلة اللي هو واعدنا بيها لو ربنا
رزقه بطفل….
محمد و هو يدفعه بخفة :”يا إبني
هو إنت دايما كده همك في كرشك….
سيف و هو يتظاهر بالالم :”يا عم إيه داه..
مليون مرة قلتلك بلاش كده… إيدك ثقيلة
عيني عليك يا نور يا أختي….
محمد بتهديد مزيف :”سمعني ثاني إنت قلت
إيه؟؟ كأني سمعت كلمة نور…
كاريمان :” ياإبني سيبه داه اخوك الكبير..
أيهم بمزاح :” كبير بس مخه لاسع…
ركض سيف صاعدا درج الفيلا الامامي
ثم إلتف وراءه قائلا لمحمد بمشاكسة
:” قلت إن نور مراتك رقيقة و زي حتة
البسكوتة إزاي حتتعامل مع ثور زيك…يالهوي
إلحقوني داه حيفرمني…..
صرخ سيف مهرولا للداخل بعد أن رأى
محمد يركض وراءه كعادته عندما يشاكسه
رغم انه أخاه الكبير إلا أن تصرفاته الطفولية
لاتوحي بذلك ابدا…
جلس سيف بجانبه والده يلهث بشدة ثم
إلتفت بجانبه ليجد أيسم يجلس باحضان
جده شبه نائم ليأخذه برفق حاملا إياه
بين ذراعيه يهدهده حتى لا يستيقظ
نظر لمحمد و على وجهه إبتسامة مستفزة
و كأنه يقول له تعالى و اكمل ماكنت تفعله….
محمد بحنق :”بتتحامى في عيل.. ماشي
يا سيف بس اكيد مش حتقعد شايله للأبد….
سيف بغرور :” ساعتها حتنسى….
محمد :”مش حرحمك….
سيف بخوف مصطنع'” و الله انا سمعت
أميرة بتقول كده…. انا أصلا مش فاكر
شكل مراتك إزاي….
وصل البقية لتجلس كاريمان بجانب
سيف حتى تأخذ الصغير لكنه تشبث
به لتزفر بحنق قائلة :” يا إبني هات
الولد أنيمه و بلاش شغل العيال داه
و إنت يا محمد روح اوضتك و بكره
إبقى اللي إنت عاوزه… عاوزين ننام
بقى كفاية دوشة مش كفاية اللي حصل
من شوية ….
أومأ لها بطاعة بينما أعطاها سيف
الصغير ثم توجه الجميع نحو غرفهم بهدوء
غريب و هو ينظرون نحو بعضهم البعض ليستغرب
أيهم من تصرفاتهم و يتأكد انهم يخفون عنه
شيئا …..
داخل غرفة أيهم…
كانت ليليان تتجنب نظرات أيهم المتسائلة
و هي تنزع معطفعها و حجابها ثم إندست
تحت غطاء السرير تدفئ جسدها الذي
كاد يتجمد من شدة البرد….
أنتهى من تغيير ملابسه ثم إستلقى
على الفراش بجانبها… إقترب منها يتحسس
حرارة جبينها ووجهها بعد أن لاحظ برود
جسدها عندما كانا في الحديقة…
همس بارتياح قائلا :”الحمد لله مفيش حرارة
بس انا لسه مش فاهم إنتوا كنتوا بتعملوا
إيه في الجنينة؟؟
أجابته ليليان بصوت متحجرش بسبب
كثرة بكائها :” اصل انا بقيت مجنونة
و بتخيل في حاجات مش موجودة….
رمش أيهم عدة مرات قبل أن يهمهم
بنبرة ضاحكة ظنا منه أنها تمزح :”مممم و إيه
كمان إحكيلي “.
تجلست ليليان مكانها تضم ساقيها بيديها
هي تحاول بصعوبة
التحكم في دموعها التي كانت تهدد بالنزول
:”أصل أنا كنت نايمة…و بعدين صحيت
ادور على مية عشان كنت عطشانة.. و بعدين
لقيت الأوضة كلها ظلمة و البلكونة والشبابيك
كلها مفتوحة و الدنيا برد اوي…و إنت مكنتش
موجود…. انا كنت فاكراك تحت سهران مع
العيلة…انا قمت من السرير علشان أنور الأوضة
و بعدها لقيت ورقة…زي الورقة اللي سبتهالي
زمان… بتقلي فيها إنك رحت و مش حترجع….
كفكفت دموعها التي إنهمرت رغما عنها
قبل أن تلتفت نحو أيهم الذي كان يستمع
لها باهتمام قائلة بعيون باكية متوسلة
:”أيهم صدقني انا مكنتش بحلم زي
ما أميرة و طنط فاكرين.. انا كنت صاحية
وواعية بكل حاجة انا قريت الورقة
كانت هنا بس مش عارفة فين بالضبط
ضاعت او يمكن طارت عشان الأوضة
كان فيها نسمة هواء باردة…و الستاير
كانت بتتحرك…انا كنت خايفة اوي
عشان حتسيبني زي زمان….
إحتضنها أيهم بلهفة و هو يشعر بقلبه
قد تمزق لألاف القطع الصغيرة بسبب
دموعها و بكائها :”شششش متعيطيش
يا حبيبتي… يمكن داه مقلب من سيف
ما إنت عارفاه مخه لاسع و عيل…بكره
حخلي محمد ينفخه عشان يبطل المقالب
السخيفة اللي هو بيعملها كل مرة….
قبل رأسها عدة مرات مهدئا إياها بإكمال
الكذبة التي إخترعها :” إنت نسيتي مقلب
الحشرات البلاستيك اللي حطها في
أوضة أميرة آخر مرة… شفتي حصل
فيها إيه… اغمى عليها و كنا حناخذها
المستشفى لو لا ستر ربنا…إهدي و بلاش
تعيطي عشان قلبي بيوجعني لما تكوني
زعلانة وفي كل مرة بتبكي فيها بكون انا
السبب….
مسحت ليليان دموعها بطاعة و هي تومئ
برأسها كطفلة صغيرة….ليساعدها أيهم
في الاستلقاء واضعا رأسها على ذراعه
وفي كل مرة كان يقبل خدها و يديها
و شعرها ليبث داخل بعض الأمان و الطمئنينة
لا ينكر أن أمر تعلقها به و خوفها الشديد
من بعده عنها قد أسعده كثيرا فهذا ماكان
يحاول بكل جهد تحقيقه منذ عودته…
لكن من جهة أخرى قلق من تدهور حالتها
الصحية بسبب التخيلات و الأوهام التي
أصبح ينسجها عقلها الباطني فاصبحت
بذلك لاتميز بين الحلم و الحقيقة لذلك
عليه أن يجد حلا لهذه المشكلة من البداية
حتى تسوء اكثر في المستقبل إن تجاهلها و لذلك
عزم على الاستعانة بأحد الأطباء النفسيين
الموثوق بهم من المستشفى….
ضمها أكثر إليه و هو يغرس وجهه داخل
شعرها و عنقها ليستنشق اكثر رائحتها الناعمة
التي تميزها….
أحس بارتجاف جسدها ليبتسم بخبث
عازما على إخراجها من حالة الاكتئاب
التي تملكتها فجأة بسببه…
رفع رأسه للأعلى قليلا عن الوسادة ليستند بذراعه
ثم بدأ في تجميع خصلات شعرها و إبعادهم عن رقبتها ثم بدأ في تقبيل وجهها و عنقها قبلات
طويلة و هو يتعمد دغدغتها بشفتيه و إصدار صوت عال كما يفعل عندما يقبل أيسم….
ضحكت ليليان و هي تحاول إبعاده بكفيها
لكن أيهم قيدها بيده الأخرى و هو يكمل
مايفعله قائلا :”ممم ريحتك حلوة اوي
دا برفيوم أيسم صح؟؟؟؟
أجابته ليليان من بين ضحكاتها :” أيهم…
عشان خاطري كفاية…
ايهم و هو ينفي برأسه :”تؤ…مش عاوز ابعد
اصلك واحشاني أوي..
ليليان بتذمر:” طب بالراحة…مش كده انا مش
عيلة صغيرة عشان… تبوسني كده…
أكملت آخر جملتها بهمس و قد تلون وجهها
بالاحمر القاني لشدة خجلها و ندمها على ماتفوهت
به لتغمض عينيها ….
رفع أيهم رأسه ليتفرس ملامح وجهها الجميلة
محررا يديها قبل أن يردف بابتسامة خبيثة
:” لا في دي معاكي حق…كويس إنك نبهتيني….
فتحت ليليان عينيها يترقب بعد أن فهمت
مايلمح له لتجده ينظر إليها بنظرات متسلية
كانت ستتحرك من مكانها لكنه اسرع لتثبيتها
هامسا بنعومة :” رايحة فين؟
ليليان بتأتاة :”لا… مش را.. يحة كنت
عاوزة انام بس….
أيهم و هو يجول باصبعه على خدها
و غمازتيها ثم ينزل نحو ذقنها و رقبتها…
قائلا بنفس النبرة :”نوم إيه بس دلوقتي …طب قوليلي الأول هو انا موحشتكيش؟؟ …..
أومأت ليليان برأسها بالايجاب لتتسع
إبتسامته لكنها سرعان ما نفت برأسها
ليعبس وجهه كطفل صغير قائلا :” كده
يا لولو….طب انا زعلان منك….
تسارعت أنفاس ليليان بسبب تخدرها
تحت لمساته الرقيقة… كانت سنتحدث
لكن إصبعه الذي وصل لشفتيها ليضغط
عليهما بخفة مسكتا إياها تزامنا مع إقترابه
منها حتى أصبحت أنفاسه الدافئة تلفح
وجهها :” و رغم كده انا اللي حصالحك…..
تمتم أيهم قبل أن يلاصق شفتيه مع شفتيها
الناعمتين بقبلة حنونة أنستها ماكانت تعانيه
منذ ساعات قليلة….
~~~~~~~~~~~~~~~~~
عودة لعمر……
دلف عمر الغرفة ليجد هبة مستلقية
على الفراش تمسد بطنها بيديها و ملامح
وجهها السعيدة تظهر جليا فرحتها رغم
تعبها …
إنتبهت لدخوله لتلتفت بوجهها للجهة
الأخرى متجاهلة إياه رغم ان الفضول يكاد
يقتلها لمعرفة ردة فعله عند سماعه بالخبر….
كانت تراقبه بطرف عينيها و هو يقترب من
الفراش بخطوات بطيئة ليجلس بجانبها…
تحركت قليلا مبتعدة عنه لكنه اوقفها بأن
وضع يده على كتفها هامسا برجاء :”ارجوكي
يا هبة… و حياة أغلى حاجة عندك بلاش الليلة دي…أجلي الزعل لبكرة…خليني افرح انا مستني
الخبر داه بقالي سنين..
نفخت هبة الهواء بصوت عال ثم إلتفتت
نحوه تاركة المجال ليديه التي كانت تتحسس
بطنها من فوق ثيابها بحذر….أما وجهه فيكاد
ينطق من شدة الفرح….
همس بصوت مبحوح و كأنه على وشك البكاء
:”إبننا هنا يا هبة…حيبقى عندنا بيبي صغير
يفضل يعيط طول الليل و ميخليناش ننام….
بس متقلقيش انا حبقى أهتم بيه..ححضرله
الببرونة و حغيرله البامبرز …. ضحك قليلا
قبل أن يكمل….. بس هو ييجي بالسلامة
بكرة إن شاء الله حنروح للدكتورة عشان
تتطمن عليكي أكثر و بعدها نروح عشان
نشتريله هدوم كثير و لعب… بس إحنا لسه
مش عارفين… هو ولد و إلا بنت؟؟
تجاهلت هبة فرحته العارمة رغما عنها
فهي فقط أرادت الثأر لكرامتها حيث
أجابته بنبرة مستهزئة :” دلوقتي بقيت
فرحان و مبسوط مش كنت عاوز تتطلقني
إيه نسيت؟؟؟
تجمدت ملامح وجه عمر لكنه ببراعة أخفى
ضيقه… يعلم أنه مخطئ و قد تفوه بكلام
ليس في محله لكن كل ذلك حصل بعدم
إرادته فقد كان متعبا و يائسا….تنبه لحديثها
مرة أخرى حيث قالت :” نفذت اللي دماغك
و رحت قلت لعيلتك إنك مش بتخلف… رغم
إني إترجيتك اكثر من مرة أنك متقلهمش…
شفت لو كنت استنيت شوية…دلوقتي خلاص
اللي حصل حصل…و مش حنقدر نغير الواقع
مهما عملنا إنت كنت عاوزنا ننفصل و كل واحد
فينا يروح لحاله…
قاطعها عمر بانفعال بعد أن فقد سيطرته
على نفسه :”أنا قلت كده عشان كنت تعبان
و خايف… لكن إنت عارفة انا بحبك اوي و
مستحيل أسيبك او أتخلى عنك حتى لو
إنت اللي طلبتي داه….
أجابته بانفعال مماثل و هي تنظر نحوه لتحدي:” و انا دلوقتي بقلك طلقني يا عمر خلي كل واحد فينا
يشوف طريقه….مين غير شوشرة و لا مشاكل
اللي بينا إنتهى و انا إستحملت منك كثير
و مابقتش قادرة اتحمل أكثر من كده…. و لو
على إبنك لما يشرف بالسلامة إن شاء الله
اكيد مش حمنعك إنك تشوفه…..
حدق فيها عمر لعدة ثوان و قد توسعت عيناه
بدهشة من حديثها المفاجئ قبل أن تصدح ضحكته
في كامل أنحاء الغرفة….
توقف بعد دقائق ليمسح وجهه بيديه
متنهدا بحرقة من عنادها :”طيب خلينا نأخل
الخصام لبكرة عشان الليلة دي مميزة…
هبة بتصميم :” ماشي حأجل الكلام في
الموضوع داه لبعدين…بس يكون في علمك
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
“بابي…. بابي…إصحى سوف آسل…خد بابي
بتاعي و لماها ملبلكوننننن…. بابي بابي….
(شوف آسر خذ الباربي بتاعي و رماها من البلكونة “.
صرخت أسيل الصغيرة و هي تقفز
فوق سرير والدها هنا و هناك كالارنب الصغير
ليبدأ شاهين في الاستيقاظ و هو يفرك
وجهه بانزعاج..
فتح عينيه ببطئ بسبب أشعة الشمس
التي تسللت و انارت الغرفة بعد إزاحة
الستائر….
حدقت فيه الصغيرة لبعض الوقت
قبل أن ترتمي عليه ليتلقفها بين
ذراعيه مقبلا وجنتها المكتنزة بقوة
قبل أن يتحدث :”صباح النور يا قلب
بابي….
آسيل ببراءة:” بونجور يابابي… يلا
إنوح لآسل و إدبه(نروح لآسر و إضربه).
قهقه شاهين بخفة مداعبا أنفها قبل أن
يهتف :”بالراحة عليا عشان انا مش بفهم
لغتك الغريبة دي”.
أسيل و هي تحرك يديها محاولة إفهامه
:”آسل….
شاهين :” دي فهمتها… ماله آسر يا ست أسيل…..
أسيل بعبوس :”خد باببييي و لماه مالبكونة…..
شاهين بدهشة :” خذ إيه…
أسيل بتأفف لانزعاجها هي الأخرى من
عدم فهمه و الاستجابة لها فهي كل
مايهمها الان هو النيل من أخيها لانه أفسد
لعبتها المفضلة…
:” بابي…اوووف مش تفهم ليه؟؟؟
ظلت أسيل تتحدث كثيرا و هو يتعمد
عدم فهمها حتى يستمتع أكثر بصوتها
الطفولي الرقيق و كلامها المبعثر مما جعله
ينفجر من الضحك عدة مرات تحت نظراتها
الساخطة و المنزعجة……
دخلت عليهم كاميليا لتجد إبنتها تجلس
فوق بطن والدها و تحدثه باهتمام شديد
ضحكت هي الأخرى على مظهرهما فمن
يراهما يظن أنهما يتناقشان في أمر مهم للغاية….
لمحها شاهين ليستقيم في جلسته ممسكا
بالصغيرة باحكام حتى لا تسقط قائلا بنبرة
مرحة :”تعالي شوفي بنتك عاوزة إيه… بقالي
نص ساعة بحاول أترجم اللي بتقوله و بردو
مفيش فايدة….
توجهت نحوهما كاميليا بابتسامة واسعة
لتجلس بجانبهما على الفراش قائلة :” دي
عاوزاك تعاقب آسر عشان كسر الباربي
بتاعتها و رماها من باب الفيلا.. الولد داه طالع
شقى اوي و مش بيسمع الكلام …مش زي فادي
عاقل و هادي…
همهم مدعيا التفكير :” مممم طيب إقترحوا عليا
إزاي حنعاقب آسر الشرير .
داعب أنف الصغيرة لتتعالي ضحكتها السعيدة
بعد أن فهمت مايقصده والدها بحديثه لتومئ
له مؤيدة :” خذ كل اللعب تاعته و حطه
كرسي العكاب كثير اوي … (خذ كل اللعب بتاعته و حطه في كرسي العقاب كثير اوي)….
هز شاهين حاحبيه بعدم فهم و هو ينظر
لكاميليا قائلا :” يعني إيه كرسي العقاب “.
إستندت كاميليا بكسل على ذراعها على
الفراش قبل أن تجيبه :” يعني أي واحد فيها
لما يتعاقب يقعد على الكرسي مدة نص ساعة ميتحركش من مكانه و داه من أكثر الحاجات
اللي بيكرهوها أولادك طبعا بعد الخضار
المسلوق”.
قهقه شاهين بخفة قبل أن يهتف بعدم تصديق
:” عشان كده البنت إقترحت كرسي العقاب
لا و عاوزاه يقعد كثير يعني أكثر من نص
ساعة …
لوت كاميليا شفتيها بانزعاج عندما تذكرت
شقاوة إبنها قائلة :”بصراحة يستاهل… آسر
بقى متعب جدا حتى بعد ما يتعاقب بيرجع
ثاني يتشاقى اكثر من الاول…..
شاهين :”داه ولد.. يعني شيئ طبيعي
يكون أشقى من البنت….
كاميليا باستهزاء :”طب ما فادي بردو ولد
ليه مش طالع زيه…
إنحنى شاهين بجذعه ليقف من على السرير
ثم قبل وجنة الصغيرة هاتفا بهدوء:”روحي إنت
دلوقتي و انا جاي وراكي…نعاقب آسر و نروح مع بعض عشان نجيب باربي جديدة إيه رأيك “.
لمعت عينا الطفلة بفرح لتصرخ قائلة
:” و مش ناخد آسل….
شاهين و هو يعيد كلامها بمرح :” مش ناخد آسل
حاضر…..
أسيل مرة أخرى :”و نجيب باربي كبييييلة”.
شاهين و هو يومئ برأسه :” حاضر…
طبعت الصغيرة قبلة صغيرة على وجنته
قبل أن تنطلق لخارج الغرفة تحت نظرات
والدها المندهشة… تمتم و هو يستدير
عائدا لكاميليا التي كانت لاتزال ممدة
على الفراش و تراقبهما
:” البنت طالعة شريرة كده لمين؟؟
قلبت الأخرى عيناها بملل قبل أن تهمس بصوت منخفض ظنت انه ان يسمعها
:”حيكون لمين يعني..ماهي طالعالك….
شاهين بخبث:”هو إنت قلتي حاجة اصلي
مش سامعك كويس”.
كاميليا بنفي :”لا و لا حاجة قلت إنك
صاحي متأخر و مرحتش الشغل و دي
مش عوايدك يعني”.
توقف أمامها مباشرة لترفع رأسها نحوه ثم
حركت رأسها ليصبح على الفراش بدلا من
ذراعها… ضيقت حاحبيها بحيرة عندما وجدته
يحدق فيها بدقة و كانه يبحث عن شيئ ما
حتى شعرت بالتوتر بينما هو فقد إعتلت
شفتيه إبتسامة شقية ليسقط جسده فجأة
فوقها مما جعلها تصرخ فزعة بينما هو فقد
إستند على ذراعيه التين أحاطتا جسدها من
كلتا الجانبين و باقي جسمه فوقها….
همس من قهقهته و هو لايزال يتفرس وجهها
الجميل الخائف :”جبانة….
أجابته من بين انفاسها اللاهثة وهي تحاول
دفعه عنها بدون فائدة :” إنت مش حتبطل
حركات العيال دي…. قوم بقى حتفرمني…
شاهين و هو يتابع محاولاتها الفاشلة في
إبعاده بتسلية :”تؤ… عاجبني المنظر هنا…
توقفت عن مقاومته لتنظر قليلا إلى وجهه
الذي يكاد يلامس وجهها قائلة ببلاهة:”منظر
إيه إنت بتخرف؟؟
تسللت يده نحو وجنتها ليصفعها بطرف
أصابعه صفعة خفيفة لاتذكر قبل أن يهتف
بتهديد مزيف
:”لسانك يا كوكي…
قلبت عيناها بملل و هي تتصنع الشجاعة
مردفة :”مابقتش بخاف خلاص… هات غيرها..
:” بقى كده…ماشي إستحملي بقى نتيجة
جرأتك “.
هتف متوعدا و هو ينحني برأسه نحو
شفتيها لتحرك كاميليا رأسها نحو الجهة
الأخرى بعناد ليزمجر شاهين بانزعاج لحرمانها
له من كرزيتيها اللتين يعشقهما….
حاوط رأسها بيديه مثبتا إياها حتى لا تتحرك
ثم خفض رأسه ليقبلها قبلة خفيفة
رغما عنها قبل أن يبتعد عنها لتصرخ
كاميليا مدعية الغضب :” مش حتبطل
عادتك دي أبدا…
شاهين بمكر :” أبدا…بتكون أحلى لما بتكوني
متضايقة “.
مسحت كاميليا وجهها مكان قبلته قائلة بتلاعب:”
قصدك لما بتكون غصب… “.
إستند شاهين على إحدى جانبيه
مرتكزا على ذراعه بينما ذراعه الأخرى
مازالت تحاوط خصر كاميليا الممدة بجانبه
هاتفا بحيرة :”غصب؟؟
كاميليا وقد تحول مزاحها للجدية :”أيوا
غصب عني…عشان إنت لسه في حاجات
كثير لسه بتعملها غصب عني و مش فارق
معاك إن كنت موافقة و إلا لا…زي الشغل
مثلا بالرغم من إني قلتلك إني مش عاوزة
اشتغل بس إنت مش بتسمعني…..
زفر شاهين بضيق من هذا الموضوع التافه
برأيه قبل أن يتكلم بصوت واثق :” كل مرة
بتيجي فيها سيرة الموضوع داه بتنرفزيني…
مكنتش عارف إنك زنانة كده…
مد يده ليرجع إحدى خصلات شعرها التي
سقطت على وجهها و هو يكمل حديثه بنبرة حنونة :” كاميليا…. حبيبتي
أنا مش بجبرك تشتغلي و لاعاوز أغصبك
على حاجة إنت مش عاوزاها بس…انا بحبك اوي لدرجة إني بقيت عاوزك
تكوني معايا دايما في البيت وفي الشغل مش بستحمل تغيبي عن عيني أكثر من ساعتين…
أعمل إيه بقى حاولت كثير بس مااقدرتش
بقيت بنفسك و كل يوم بيزيد حبك في
قلبي الضعف….انا عشت طول عمري مابخافش
من حاجة حتى… الموت بس دلوقتي بقيت
بخاف… خايف تحصلي حاجة و اسيبك
في العالم الوحش داه لوحدك… عشان كده
عاوزك تكوني قوية عشان تقدري تواجهي
الدنيا من بعدي
في عالمنا داه الناس بقت ذيابة… وحوش
و القوي بياكل الضعيف و مفيش حد حيحن
عليكي و حيساعدك مين غير ماتكون ليه مصلحة ….
و لو مكنتيش قوية بما فيه الكفاية الكل
حيدوس عليكي مين غير شفقة و لا رحمة
عرفتي بقى انا ليه مصمم تيجي
معايا الشركة… عشان تقدري تفهمي الشعل
و تقدري تديري الشركات لو حصلي حاجة و….
توقف عن الحديث بعد أن وضعت كاميليا
أناملها على ثغره توقفه عن مواصلة الحديث
قائلة من بين دموعها :”بعد الشر عليك…إنت
ليه بتتكلم كده؟؟ إنت بتخوفي عليك ليه هو
إنت مخبي عليا حاجة…
حرك شاهين أصابعه على وجنتيها ليمسح
دموعها قائلا بنبرة عاشقة :” مفيش حاجة
يا حبيبتي بس انا بحسب كل الاحتمالات
إنت لازم تكوني مستعدة لكل الاحتمالات
مفيش حد ضامن عمره و بعدين الموت علينا
حق.. ساعتها إنت حتلاقي نفسك فاهمة
الشغل و مش حتحتاجي مساعدة حد….
كاميليا و هي تدير رأسها بعنف رافضة
كلامه و قد زادت حدة بكائها :”لا مش
عاوزة…. مش عاوزة.. إنت لو جرالك حاجة
حموت نفسي مش حقدر اعيش من غيرك….
شاهين بحنو :” بعد الشر عليكي يا قلبي….
مسحت كاميليا دموعها بعنف قائلة :”إنت
مخبي عليا حاجة… شاهين عشان خاطري
صارحني….
شاهين بابتسامة :” تؤ صدقيني مفيش
حاجة انا بس كنت ببررلك انا عاوزك تروحي
معايا الشغل ليه….إهدي بقى بلاش عياط عالصبح….
كاميليا و هي تنهض قليلا لتصبح جالسة
على الفراش :”إنت بتخوفني ليه؟ لو على
الشغل حاضر انا حسمع كلامك بس ارجوك
بلاش تخوفني إنت عارف ان انا مش حستحمل…
نهض شاهين الاخر ليجلس بجانبها جاذبا
إياها لتصبح بأحضانه قائلا مربتا على ظهرها بحنان :” أنا آسف حقك
عليا انا مش عارف جرالي إيه عشان اتكلم
في موضوع زي داه بس كان لازم اوضحلك
عشان يبقى عندك سبب قوي يخليكي تروحي
الشغل و تقفي على رزقك بنفسك …
كاميليا و هي تضحك من بين دموعها :” حاضر
بس دلوقتي لازم تنزل تشوف بنتك اللي إنت
وعدتها تأخذلها حقها من أخوها….
شاهين و هو يزيد من إحتضانه لها مستمتعا بدفئ جسدها :”تصدقي نسيتها… انا بصراحة مش
بعرف اتعامل مع العيال….و عاوز مساعدتك…
كاميليا و هي ترفع رأسها نحوه قائلة :”انا
ححللك المشكلة دي بس على شرط…متجيبش
سيرة الموت و الفراق دا ثاني على لسانك ابدا….
شاهين و هو يقبل جبينها :”حاضر اللي تؤمر بيه
ماي برنسس…و دلوقتي انا جعان و عاوز افطر….
كاميليا بابتسامة :”ما انا كنت طالعة عشان اصحيك عشان تنزل تفطر ….
شاهين من بين ضحكاته :”و انزل ليه؟؟و أحلى فطار قدامي…
توقف عن الضحك يتأملها بابتسامة ماكرة قبل
إن يتابع بخفوت :” الظاهر مفيش شغل النهاردة….
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في منزل عمر…..
إستيقظت هبة من نومها بعد إفتقادها لذلك
الدفئ الذي كان يغمرها طوال الليل…رفعت
الغطاء بهدوء تزامنا مع دخول عمر يحمل
صينية مكتضة بجميع انواع الطعام….
إبتسامة عريضة شقت وجهه عندما رآها
ليضع الصينية على أقرب طاولة ثم يسارع
نحوها قائلا بلهفة :”صباح الورد والياسمين
يا حبيبتي…. حاسة بإيه النهاردة…
طأطأت هبة رأسها لتضع يدها على بطنها
قائلة بصوت مبحوح من أثر النوم :” كويسة
متقلقش….انا خروج اغسل وشي…
تجاوزته متجهة نحوالحمام ليزفر عمر بحزن
و هو ينظر في أثرها متمتما بيأس:” مكنتش
عارف إن قلبك إسود كده… دي اول مرة تعاملني بالشكل الوحش داه…
هز رأسه و هو ينظر ناحية الصينية قبل أن تعود إبتسامته من جديد هاتفا :”بس انا مش حيأس
و حخليها تسامحني…
قاطعت تأملاته خروجها ليراقبها بصمت و هي
تتجه نحو التسريحة لترتب شعرها و مظهرها
متجاهلة النظر نحوه و كأنه ليس موجودا….
مما أثار حنقه…ليقف من مكانه متوجها نحوها
ليقف وراءها و يحدق في صورتها المنعكسة
بتمعن مما آثار توتر هبة التي إستدارت
بغية الذهاب… لكنها تفاجأت بذراعين
حديديتين تثبتانها مكانها لتعود كما كانت
مقابلة للمرآة….
شعرت بيدي عمر تلتفان حول خصرها متحسسا
بطنها بلمسات رقيقة و صوته الحنون يهمس
في أذنها:”صباح الخير…. انا بابي عمر إنت سامعني
طب قلي إمتى حتكبر و تيجي الدنيا عشان
نلعب سوى… حشتريلك العاب كثير اوي و حاخذ
كل يوم جمعة للملاهي و ناكل ايسكريم و…
ماما لا…. نخليها في البيت أحسن عشان
لما نرجع نلاقيها محضرالنا أكل حلو….و اااااه ليه
كده بس يا حبيبتي سيبيني اتكلم مع الواد
براحتي….
تأوه عمر بزيف بعد أن نكزته هبة بمرفقها
على بطنه لينحني واضعا ذقنه على احد
كتفيها لتنظر له هبة من خلال المرآة قائلة
بحنق :”بقى عاوز تاخد إبني و تطلع تفسحه
في الملاهي و تسيبوني قاعدة في البيت
لوحدي مستنية حضراتكم لحد ماتيجوا….
أجابها عمر من بين ضحكاته السعيدة
لنجاحه في إستفزازها و إجبارها على
التحدث معه :” الظاهر في هنا حد غيران….
بس معلش حبقى أقنعه عشان ناخذك
معانا بس موعدكيش ها….
هبة عدم رضا :” لا كثر خيرك و بعدين مين
قلك إنه ولد مش يمكن يكون بنت…
عمر بفرحة تلمع من عينيه :” يا ريت تكون
بنوتة وحسميها هبة الصغيرة.. و بردو حاخذها
للملاهي و حشتريلها فساتين كثير و اعملها شعرها
و….
عقد حاجبيه فجأة لتوقف عن الحديث برهة
من الزمن قبل أن يسترسل :” هو مش بيقولوا
إن الست لما تكون حامل بتبقى نفسها تاكل
حاجات كثيرة… إنت مش بتتوحمي على
حاجة معينة؟
نفت هبة برأسها قائلة:” لا بس…. جعانة شوية..
إبتسم عمر ثم رفع يده لظهرها ليقودها
برفق نحو السرير… أجلسها ثم أحضر الصينية
و جلس بجانبها…
شرع في إطعامها رغم ممانعتها
إلا أنه تحجج بأنه يقوم باطعام الطفل و ليس هي
لتستسلم هبة و تتناول طعامها مستمتعة
بأحاديثه الفكاهية حول مشاريعه المستقبلية
مع الطفل رغم أنه لم يرى النور بعد…
هي فعلا غاضبة منه و لاتزال تشعر ببعض
الحزن من كلامه الليلة الماضية و لكنها
لم ترد كسر فرحته أكثر….
تعلم انه لم يقصد ماقاله و ان كل ماتفوه
به كان بسبب شعوره باليأس و الخوف و
انها هي أيضا كانت ستفعل نفس الشي لو
كانت مكانه….
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في كلية الطب….
و تحديدا في الكافتيريا… جن جنون ميار و هي
تستمع لكلام ديالا التي أخبرتها بعودة محمد و نور
لبعضها بعد تراجع الأخيرة عن رغبتها في الانفصال
لأسباب غير معروفة….
ضربت ميار الطاولة أمامها بقوة مما آثار
إنتباه جميع الموجودين داخل الكافيتيريا
الذين نظروا إليها بأعين متعجبة من صراخها مراقبين ما تفعله..
:”يعني تراجعت في قرارها…إيه السبب
و إنت سمعتي منين؟؟ صرخت ميار بنفاذ
صبر في وجه صديقتها المرتبكة.
نظرت ديالا حولها بخجل عندما وجدت
نفسها محط أنظار الجميع لتشعر بالندم
من إخبار هذه المجنونة الجالسة أمامها
تترقب ما تقوله بأعين متقدة حقدا و غضبا
أمسكت يدها محاولة تهدئتها هامسة بصوت
خافت :”ميار ارجوكي وطي صوتك…كل الموجودين
بيبصوا علينا… طب خلينا نمشي من هنا و انا ححكيلك كل حاجة بالتفصيل..
نفضت ميار يد الأخرى بعنف و هي تسب
و تلعن بصوت عال غير عابئة بأحد فهي كل ماتشعر به هو غضب حارق جعلها تخرج عن وعييها لمجرد تخيل ضياع محمد من يدها بعد أن كانت على بعد قاب قوسين من الحصول عليه :” اقسم
بالله يا ديالا لو طلع كلامك غلط لكون مورياكي
وش عمرك مشفتيه قبل كده…
جمهت ديالا أغراضها بسرعة ثم هرولت
خارج المكان تفاديا لفضائح اكثر…جذبتها
ميار من يدها لتأخذها إلى مكان فارغ نسبيا
من الطلبة قائلة :” دلوقتي عاوزاكي تحكيلي
كل اللي حصل بالتفصيل.”
ديالا بضيق من لهجة ميار الآمرة :”بقلك
إيه كفاية الفضائح اللي عملتيها جوا…. انا
صبرت عليكي عشان مقدرة حالتك لكن إهانة
أكثر من كده مش حقبل… كفاية و روحي إسالي
بسمة هي اللي حكتلي كل حاجة الصبح.. عن
إذنك”.
رمقتها بنظرة مشمئزة قبل أن تغادر المكان
تاركة ميار في حيرة…
:”و انا حستنى لما الاقي الغبية بسمة
اووف من غبائك ياميار انا حتجنن حتجنن
حصل إزاي داه هي مش كانت خلاص حتتطلق…
كانت ميار تسير في ارجاء الجامعة بحثا
عن بسمة او ديالا حتى تفهم منهما ما يحصل
لكنها للأسف لم تجدهما…
إستندت على سيارتها تراقب الطلبة الذين
كانوا يخرجون من الجامعة في مجموعات و فرادى
تبحث عن ظالتها لتلمح من بعيد بسمة قادمة
مع إحدى الفتيات…
أشارت لها ميار ثم إتجهت نحوها قائلة بابتسامة
مزيفة :”إزيك يا بوسي..عاملة إيه ؟؟ بقالي
كثير مش بشوفك…
بسمة و هي تبادلها إبتسامة صفراء :” اهلا
يا ميار إزيك..
لم تهتم ميار بجفائها و لا بسخريتها الظاهرة
فهي مضطرة لتحملها من أجل مصلحتها الشخصية
:”كنت عاوزة أسألك عن نور اصلي مش
شايفاها اليومين دول..
تمتمت ميار بتحفز منتظرة جواب الأخرى
التي أجابتها على الفور :”مش عارفة
بس آخر مرة كلمتها قالتلي إنها مع جوزها
اصلهم رجعوا لبعض و عن قريب حيحددوا
موعد الفرح…. عقبالك يا ميمي “.
هتفت بسمة بشماتة و هي تتفرس ملامح
ميار المصدومة و التي حاولت إخفاء إنزعاجها
من كلام الأخرى دون فائدة لتهرع سريعا نحو سيارتها و تختفي بداخلها…
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في النادي الرياضي….
إستندت نور على حائط الغرفة تتنفس
بقوة بعد أن أطفأت جهاز المشي هاتفة بتذمر
:”يخرب بيت الرياضة على اللي بيلعبوا
رياضة… يانهار اسود حموت… مقدرتيش
تستمري اكثر من عشر دقايق فوق الهبابة
دي…..
إلتفتت نحو باب الغرفة بعد أن سمعت
ضحكات محمد الخافتة…. إستقامت
في وقفتها بعد أن رأته متجها نحوها
و هو يحمل كوبي عصير طازج…أعطاها
أحدهما ثم توجه نحو إحدى الآلات ليجلس
فوقها مقابلا لنور…
:”بقى انا جايبك أوضة الرياضة الخاصة
بتاعتي عشان تتدربي… أغيب خمس دقائق
و آجي الاقيكي بتشتمي في الآلات….
لوت نور شفتيها بضيق قائلة :” عشان
تعبت….
محمد بصدمة و هو ينظر لساعته :”بس إنت مكملتليش عشر دقائق على بعض…انا مضبطلك
الوقت بنفسي..بقلمي ياسمين عزيز
وضعت نور كوب العصير ثم تقدمت للأمام
قليلا لتجلس على الأرض أمام محمد على
ركبتيها تحت أنظار الآخر المتعجبة مما
تفعله…
A
رفعت جسدها قليلا لتضع يديها فوق
ركبتي محمد قائلة بصوت رقيق :” محمد
حبيبي…انا عمري ما مارست رياضة قبل كده
غير في المدرسة…عشان خاطري مش عايزة
أنا اصلا وزني 48 يعني عاوزني أخس
أكثر من كده حرام و الله….
تحدثت بتذمر محاولة إقناعه للعدول عن قراره
بجعلها تتمرن ساعتين كل يوم عنده
في النادي في أوقات فراغها و ذلك بعد
إتفاقهما بتنفيذ كل مايطلبه منها خلال هذا
الاسبوع بعد أن طلبت منه فرصة أخيرة
لإصلاح أخطائها معه…
لوحت بيدها أمام وجهه بعد أن وجدته
شاردا ينظر إليها و على وجهه إبتسامة بلهاء
فهو لم يسمع من كلامها سوى كلمة حبيبي
و التي كان وقعها على سمعه كأحدى السنفونيات
النادرة…
إنتبه لها و لصوتها المعاتب :”محمد إنت رحت
فين؟ بقالي ساعة بكلمك؟
تنحنح محمد قائلا :” آسف سرحت شوية
كنتي بتقولي إيه؟؟
نور :”كنت بقلك انا مش عاوزة أتمرن هنا…
و…
محمد مقاطعا و هو يضع إبهامه تحت
ذقنها :” تؤ ثاني كلمة قلتيها كانت إيه؟؟
لم تجبه نور بل ظلت صامتة تنظر
نحوه باستغراب ليكمل محمد :” قلتي
حبيبي…. مش كده؟؟
هزت رأسها بالموافقة و هي تبتلع ريقها بتوتر
خاصة بعد أن لمحت إبتسامته الخبيثة التي إعتلت
ثغره….
محمد بهمس و هو ينحني نحوها :”اول
مرة تقوليهالي …بس حلوة اوي لدرجة
إني عاوز اسمعها مرة ثانية..ممكن ؟؟
رمشت نور بارتباك و هي تتراجع للخلف
إستعدادا للوقوف من امامه…لكنها بدل
ذلك وجدت نفسها تجلس فوق ساقيه
بعد أن جذبها محمد بيد واحدة…قائلا
بلهجة معاتبة:”عاوزة تمشي و تسيبيني
يانور…
قضمت نور شفتيها بحركة عفوية جعلت
من محمد يفقد آخر ذرة من تعقله ليحيط
رأسها بيده مقربا وجهها منه مقبلا إياها
قبلة طويلة متذوقا شهد شفتيها بتمهل
لأول مرة في حياته….
لطالما رغب في فعل ذلك منذ اول يوم
رآها فيه و هي تتشاجر مع أخيها….
للحظة ظن أنها تبادله القبلة ليزداد شغفه
و رغبته أضعافا حتى أفاق على يديها الصغيرتين
تدفعانه بضعف عنها ليزمجر بغضب مثبتا
يديها الاثنتين بيده الحرة رافضا إبتعادها
عنه فمن يقبل الخروج من الجنة بعد أن
ذاق نعيمها هكذا كان شعور محمد بالضبط…
شعر بارتخاءها ليبتعد عنها مكرها لتشهق
نور بقوة و تتنفس الهواء بعنف بعد أن كانت
على وشك الاختناق…. تململت تريد النزول
من فوق ساقيه لكنه ثبت جسدها بذراعه
مانعا تحركها إنشا واحدا و أنفاسه اللاهثة
تضرب جانب وجهها و رقبتها لتدمع عيناها
من شدة الخجل التوتر….و الالم.
رفعت يدها بصعوبة لتحررها من بين يديه
و تمسح دموعها قبل أن ينتبه لها محمد
لكنها لم تكن تدري أنه كان يراقب أدق تفاصيلها
ليمسك بوجهها يديره نحوه مرة أخرى متفحصا
عينيها الدامعتين….
إنتبه لتراكم بعض الدماء فوق شفتيها ليهتف بلهفة :”أنا آسف….عشان أذيتك بس كان غصب
عني مقدرتش أمسك نفسي أكثر من كده”.
حاولت نور بأقصى جهدها أن تتحكم في
رغبتها في الانفجار بالبكاء قائلة بنبرة مختنقة
:”إنت ليه… عملت كده؟”.
اجابها بنبرة واثقة رغم إحساسه بالذنب
لأذيتها:”نور… حبيبتي…. انا جوزك يعني اللي
عملناه داه… لا عيب و لا حرام و كان لازم
يحصل من زمان “.
نور بعد أن إنفجرت بالبكاء:”بس انا مش عاوزة
كده….
كتم محمد ضحكته من ردة فعلها الغريبة
فهو لم يفته شعورها الشديد بالخجل و التهرب
من النظر إليه لكنه يعذرها فهي لطالما كانت
مشاعرها جافة او فلنقل منعدمة الاحساس تماما….
لذلك يعلم محمد أن طريقه صعب و طويل
للنجاح في تغييرها و الحصول على قلبها….
و جسدها معا..
مرر أصابعه على وجنتيها ليمسح دموعا
نابسا برقة :”قصدك إيه مش فاهم؟؟
اجابته بتلعثم :” اللي كنت بتعمله اااا قصدي
كنا بنعمله “…
إستنشقت الهواء بقوة بعد أن شعرت به يكاد
ينفذ من رئتيها مع إرتفاع حرارة جسدها
قبل أن تجيبه رغم محاولاتها الكثيرة للتهرب
َمنه :” و لا حاجة…. انا عاوزة أروح بيتنا….
محمد بخبث:” قصدك بيتنا انا و إنت…
نور باندفاع:”لا لا….بيتي أقصد بيت بابا “.
محمد ضاحكا :”طب إهدي و إنت بقيتي
شبه الفرولاية…و لعلمك بقى إنت لازم تتعودي
عشان داه حيكون النظام من هنا و رايح….
و مفيش مرواح النهاردة إحنا إتفقنا حنقضي
النهار مع بعض و إلا إنت غيرتي رأيك…
نور بارتباك :” طيب خليني أقوم اكمل تمرين.
محمد بنفي و هو يقف من مكانه حاملا
إياها بين ذراعيه :” إيه داه هو إنت وزنك
كام؟؟
نور :”مش عارفة؟؟ يمكن خمسين..اااه
قذفها محمد قليلا للأعلى ثم عاد ليتلقفها
من جديد مقهقها على صراخها و مظهرها
الخائف قائلا بمزاح:”قصدك خمسة كيلو…
بس معاكي حق إنت مش محتاجة رياضة
إنت محتاجة شوية دلع و…..نور إحنا لازم
نتجوز “.
توسعت عينا نور بدهشة مما سمعته الان
و هي تتفرس ملامح محمد
التي تغيرت فجأة فمنذ قليل كان يمرح لكنه
في لحظة واحدة تحول ليصبح شخصا
آخر…
أنزلها ليقفا متقابلين أمام النافذة ليمسك كتفيها
بيديه الاثنين موجها إياها نحوه حتى تنظر
داخل عينيه مكملا بتصميم :” آخر الأسبوع
داه….و لو مش عايزة يبقى الأحسن كل واحد
فينا يروح لحاله…”.
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
بعد ثلاثة أيام…..
على الاريكة البيضاء الصغيرة التي تتوسط مكتب كاميليا تجلس نور في الوسط و على يمينها هبة
التي كانت تضع يدها على بطنها كعادتها
و كأنها المرأة الوحيدة الحامل في هذا
العالم اما على يسارها فكانت كاميليا
تتفحص عدة أوراق تخص إحدى المشاريع
التابعة للشركة…
تأففت نور بصوت عال قبل أن تصرخ
بحنق :”على فكرة انا الغلطانة اللي سايبة
مذاكرتي و جايلاكم هنا عشان تساعدوني
الاقي حل في مصيبتي… اتاريكم إنتوا في حد
ذاتكوا أكبر مصيبة…
نظرت لهبة قبل أن تكمل بسخرية :” واحدة
سرحانة و كأنها في عالم ثاني و كل شوية تضحك
زي الهبل و الثانية مشالتش عنيها من الورق
و كأنه الشغل حيطير منها…..
قهقهت هبة على كلام نور الساخر قبل أن
تجيبها :” و لما انا هبلة عاوزة تاخذي رأيي ليه
يا ست العاقلين….
جاءها صوت كاميليا من الجهة الأخرى :” أنا
من رأيي ياريت تتجوزي و ترحمينا و إنت
كل أسبوع جايلنا بمشكلة شكل…
شهقت نور متصنعة الحزن :”قصدك إن انا
بتاعة مشاكل….ماشي يا كوكي متشكرة”.
كاميليا بابتسامة صفراء :” you welcome
ياحبيبتي “.
هبة بموافقة:” أيوا معاكي حق…يتجوزوا أحسن
على الاقل نغير جو انا بقالي كثير محضرتش فرح”.
كاميليا :”و انا كمان…الله الولاد حيفرحوا اوي”.
هبة بفرح:”حيكون اول فرح أحضره وانا حامل “.
:” بس بقى كفاية إنت و هي…نهاركوا أسود و مخطط بالاسود…. بقى عاوزيني
اتجوز عشان تتبسطوا إنتوا و أولادكم….
هي حصلت تعملوني لعبة؟؟
صرخت نور بغيظ و هي تبادل نظراتها بين
أختها و صديقتها اللتين كانتا تكتمان ضحكاتهما
قبل أن تنفجرا مقهمقتين بأعلى صوتهما….
نفخت نور خديها بغضب ثم إقتربت منهما لتأخذ
حقيبتها الموضوعة مكانها :”أنا ماشية و إبقوا
إحذفوني بالطوب لو رجلي هوبت ناحية
الخرابة دي ثاني….
جذبتها كاميليا على حين غفلة لتقع على الاريكة
قائلة من بين ضحكاتها:” يابنتي أقعدي و اقفلي
ماسورة الشتايم اللي إتفتحت دي…إحنا كنا
بنهزر معاكي بس…
نور بتهكم:”شايفاني أسيل بنتك عشان تهزري
معايا…
هبة بخفوت :”و هو مين يقدر يهزر مع العفريتة دي؟؟
كاميليا وقد تركت نور :” بقى انا بنتي عفريتة
ياست هبة…
هبة بتأسف مزيف :” متزعليش مني بس
دي حقيقة الكل عارف…
كاميليا و هي تلوي شفتيها بعدم رضا :”عفريتة
عفريتة… بس قمر… طالعة لماماتها
حبيبة قلبي إبقي توحمي عليها “.
هبة :” لا دي شبه باباها و فادي…آسر هو اللي
شبهك حتى عينيه نفس لون عنيكي…
إنحنت نور للأمام واضعة رأسها بين كفيها
مستندة على فخذيها:” لما تكملوا حصة الشبه
دي قولولي عشان انا نسيت انا أصلا جاية هنا
ليه؟؟؟
قاطع جلستهم دلوف شاهين للمكتب
بهيئته الساحرة و عطره النفاذ الذي
يسبقه لتجفل نور بخوف و تتراجع بجسدها إلى الوراء متحاشية النظر إليه…
إبتسم شاهين حالما رأى ملامح حبيبته
السعيدة ليشير إليها أن تأتي نحوه….
ثم إنتبه لوجود هبة نور ليضحك في
داخله على نفسه على هذه العادة السيئة التي إكتسبها …فهو عندما تكون كاميليا في مكان ما عيناه لاترى سواها و كأنها الوحيدة الموجودة..
:”صباح الخير يا بنات…
هبة :” صباح النور…
بينما تجاهلته نور و لم ترد عليه مدعية الانشغال
بحقيبتها…
إقتربت منه كاميليا مضيقة حاجبيها بتساؤل
عما يريده لكنه فاجأها بأن أحاط كتفيها
بذراعه ليحثها على الخروج قائلا :”أستأذنكوا
شوية عشان عاوز كاميليا في كلمتين…
خرج بعدها مباشرة دون أن ينتظر إجابتهما
ليجد كاميليا تنظره أمام باب المكتب…
:” هي نور مالها متضايقة؟؟؟
همهم شاهين بتفكير و هو يسير بها نحو مكتبه
فهو طبعا لم تفته نظرات نور الحادة نحوه رغم
انه لم ينظر إليها سوى لثوان معدودة….
هزت كاميليا كتفيها بعدم فهم و هي تدلف داخل المصعد قائلة :” أصلي رخمت عليها شوية
أنا و هبة… بصراحة كثير مش شوية عشان
كده زعلت”.
دلف وراءها ثم قام بالضغط على ازرار المصعد
إلتفت مجددا نحو كاميليا التي كانت تثرثر
دون توقف :”اصل محمد عاوز يعمل حفل
الجواز آخر الأسبوع داه يعني بعد بكرة يا
إما توافق يا إما كل واحد فيهم يروح لحاله”.
شاهين بدهشة:”إيه بعد بكرة بس ليه الاستعجال
داه كله “.
حدقت فيه كاميليا قليلا قبل أن تجيبه
بسخرية :”ليه هو أول و إلا آخر واحد
يقرر يعمل فرحه على غفلة”.
شاهين بخبث وقد فهم مقصدها :”قلبك ابيض
يا كوكي بس محمد عرف يلعبها صح…..
كاميليا :”زيك بالضبط…هو بيعيد اللي إنت
عملته بس بطريقة ثانية…. جواز بالاجبار”.
فتح باب المصعد لتخرج كاميليا تاركة
شاهين مصدوما من كلامها… زفر بحنق
قبل أن يتبعها نحو مكتبه….
تجاهلت كاميليا ترحيب السكرتيرة
بها لتندفع نحو المكتب لكنها فوجئت
بالأحرى توقفها قائلة :” شاهين بيه مش
هنا حضرته خرج من….
توقفت بعد أن وجدت كاميليا تتوقف
عن فتح المكتب و تعود نحوها…تفحصت
ملابس السكرتيرة بتمعن :قميص أبيض
ضيق جدا يبرز تفاصيل جسدها و بالطبع تنورة
قصيرة سوداء هذا ماخمنته كاميليا فهي
لم تكن ظاهرة لها بالكامل فقط جزءها العلوي
أما وجهها فكان عبارة عن لوحة زيتية احمر شفاه
صارخ و عدستين باللون الأزرق و وو …
وصل شاهين ليجدها مازالت تتفحص السكرتيرة
و الأخرى واقفة أمامها لا تدري ماذا تفعل
حمحم ليجلب إنتباهها لكن دون فائدة….
أشار لداليا لتخرج لترافقها عينا كاميليا
الغاضبتين إلتفتت نحوه بعد أن غابت
الأخرى عن أنظارها قائلة بحنق :”دي بتشتغل
سكرتيرة في شركة و إلا في كباريه؟
إكتفى شاهين بالصمت محدقا فيها
لتكمل حديثها بعد أن ثارت ثائرتها
:” أكيد عجباك عشان كده ساكت و
مخليها….. جاوب ساكت ليه؟؟ طبعا
مفيش حاجة تقولها عشان عندي حق
لاقيني ساكتة و مش بتكلم فقلت
خلاص تعمل اللي تعمله”.
فرك شاهين ذقنه مخفيا ضحكته التي
تكاد تفضحه في اي لحظة هامسا بخفوت
:”شكلها حتولع….
كاميليا بحدة قبل ان تتجه نحو الخارج
لتعود لمكتبها :”نكمل كلامنا في البيت
و لو سمحت متجيش ورايا عشان انا
عفاريت الدنيا بتنطط قدامي و كنت
ماسكة نفسي بالعافية قدام نور.. بس
حبيت اقلك إني حكلم محمد بنفسي
و أفهمه إن اللي بيعمله مينفعش و لو
عاوز يمشي خليه يمشي نور أختي الف
واحد يتمناها الدنيا مش حتقف عليه
يعني….
أنا مستحيل أخلي اللي حصل معايا زمان
يحصل مع أختي مرة ثانية….. عن إذنك “.
عند نور و هبة……
نور بهدوء:” فهمتي بقى انا ليه مش عاوزة
اتجوز من أساسه..؟؟؟
هبة بصدمة :”يعني إنت كنتي عارفة كل
حاجة حصلت مع كامي و ساكتة؟؟
نور بحزن :” و كنتي عاوزاني أعمل إيه
كاميليا لو عرفت إن انا عرفت حتزعل
أكثر هي فضلت كل السنين دي ساكتة
و كاتمة في قلبها عشان متحسسناش
بالذنب… ماهي في الأول و الاخر إتجوزت
شاهين عشاننا.. “.
هبة و هي تمسك بكف نور لمساندتها:”بس إنت
غلطانة يا نور محمد غير شاهين بيه خالص….
مفيش أي وجه مقارنة بينهم….و كمان شاهين
بيه تغير اوي داه بقى بيتنفس كاميليا…
لما تجوزوا مكانش بيحبها و….
نور بمقاطعة:”يعني عشان مش بيحبها
يقوم يعمل فيها كده؟؟ داه حيوان مش بني
آدم اصلا….
هبة بخفوت :” يابنتي وطي صوتك في
كاميرات هنا…بقلك إيه من الاخر محمد
بيحبك اوي و هو عمل كده عشان إنت
بصراحة و متزعليش مني حجر… لوح
ثلج متنقل….و مينفعش معاكي غير كده…
نور بحنق:” اوووف ليه مفيش حد عاوز
يفهمني….
هبة بخبث:”طب لما إنت مش عاوزاه سيبيه
يعني هو بصراحة ارحم من شاهين بيه بكثير
عشان زمان هدد كاميليا لو ماوافقتش تتجوزه
حيأذيكم لكن محمد عداه العيب…هو خيرك
ياتتجوزوا يا إما كل واحد فيكم يروح لحاله
و بصراحة انا شايفك إن معاه حق…. الراجل
مش عاوز يضيع وقته أكثر كفاية صابر عليكي
بقاله سنه….
نور :”دلوقتي بقيت انا الشريرة في الحكاية….
هبة بتفكير :” طب إنت عاوزة إيه من الآخر
عاوزة تتجوزي و إلا تفركشي…
نور بتنهيدة :”مش عارفة بصراحة انا
ساعات بقول ياريتني ماقابلت محمد و لا عرفته….
قاطتها هبة بلهفة :” يبقى بتحبيه..
نور بنفي:”حب إيه إنت كمان… انا عمري
ماحبيت في حياتي… انا وافقت عليه عشان
بيحبني و قبل بيا رغم إني اقل من مستواه
بكثير…و كمان خايفة ملاقيش حد غيره
في أخلاقه و رجولته و متنسيش إن ماما
بتحبه اوي…. دي ضربتني لما قلتلها إني
عاوزة أتطلق….
هبة :” طب حتعملي إيه… حسب كلامك
هو إداكي مهلة لغاية النهاردة بالليل…
نور و هي تتراجع بجسدها على الاريكة
:” أيوا
هبة :”إنت مشكلتك إنك مش عارفة إنت عاوزة
إيه.. للأسف لو كنتي بتحبي محمد ربع حبه
ليكي كنتي إنت بنفسك بتطلبي منه إنكوا
تتجوزوا…نور إنت ليه مش عاوزة تتخلي
عن الفكرة اللي زرعتيها في دماغك فجأة
دي…يا بنتي إفهمي محمد مش زي شاهين….
طب اقلك على حاجة انا إتجوزت عمر
بعد جواز كاميليا بشهور قليلة و رغم إني
عرفت بعدها بكل اللي حصل معاها بس
عمري ماقارنت بين حياتها و حياتي…و لا
شفت عمر زي صاحبه أبدا و إنت كمان
لازم تعملي زيي عشان متتعبيش…. إنت لو
فضلتي كده حتتعبي اوي و مش حتقبلي
تتجوزي لا دلوقتي و لأبعد عشرين سنة….
نور :َ”مش عاوزة… كفاية إنت و كاميليا
تجوزتوا..
هبة و هي تتظاهر بالتفكير :” على فكرة إنت
مجاوبتنيش… ليه مش عاوزة تتجوزي و متقليليش
خايفة ليطلع محمد زي شاهين بيه… السبب
داه مش داخل دماغي “.
نور :” أمال حيكون في إيه غير داه….
هبة بخبث:”يمكن خايفة.. من الجواز اقصد
العلاقة ال……
دخلت كاميليا في تلك اللحظة بملامحها
الغاضبة… جلست على الاريكة في مكانها
السابق تحت أنظار اختها و صديقتها المتعجبتين
توجهت بعيناها نحو نور قائلة دون تفكير:” بقلك إيه إنت لو مش عاوزة تتجوزي بلاش مافيش حد حيقدر
يغصبك على حاجة طول ما انا عايشة…و لو
على ماما انا حبقى أتكلم معاها وافهمها… امتى
حيفهموا إن الجواز مش بالعافية…
نور محاولة تهدأة كاميليا فكلامها يوحي بأنها قد تذكرت ماحصل معها قديما :” خلاص ياكوكي
مفيش داعي تزعلي نفسك…محمد مش جابرني
على حاجة انا بس اللي مكبرة الحكاية…يلا
اسيبك انا بقى عشان عندي محاظرة بعد
ساعة…
هبة بعد أن خرجت نور :” مالك ياكوكي
إيه اللي حصل معاكي…
كاميليا بغضب مكبوت :”مفيش حاجة
خلينا نرجع لشغلنا أحسن… و لو على نور
انا مش حخلي نفس اللي حصل معايا زمان
يرجع يحصل معاها دلوقتي….
هبة بخفوت :”بس محمد مغصبهاش على
الجواز هو خيرها…
كاميليا بحدة :” وإيه الفرق…يا تتجوزيني
يا كل واحد يروح لحاله… مايمشي هو يعني
حد ماسكه و إلا مفيش رجالة بعده…
هبة بلهجة حالمة و هي تتذكر وسامة محمد
و جسده الرياضي الضخم ‘”لا في رجالة
بس مش زيه….
كاميليا بتهديد :”إتلمي بدل ما اقول لجوزك…
إنتفضت هبة من مكانها قائلة برجاء:” أنا كنت
حقول إنه مش أحلى من عمر طبعا”.
كاميليا بحاجبين مرفوعين:”كذابة و جبانة…”
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
بعد نصف ساعة وصلت نور للجامعة…
نزلت من سيارتها لتجد ميار تقف مستندة
على سيارتها و كأنها تنتظر شخصا ما….تملكها
الغضب عندما رأتها لتتجه نحوها و قد عزمت
علي تلقينها درسا حتى تريها قيمتها الحقيقة…
ميار :” كويس إنك جيتي اصلي كنت
مستنياكي”.
نور باشمئزاز :”خير عاوزة إيه ثاني…
ميار و هي تنظر في عيني الأخرى قائلة
بثقة:” عاوزة محمد “.
نور بضحكة مستهزئة:” نجوم السماء أقربلك
عشان محمد عمره ماحيفكر يبص لواحدة
وسخة زيك….
ميار بابتسامة :”حنشوف بكرة مين فينا
اللي يضحك يا.. بنت سعيد.. “.
أجابتها نور بصفعة قوية نزلت على
وجنتها جعلتها تعانق الأرض ثم نزلت
لمستواها لتمسكها من شعرها لتصرخ الأخرى
بألم لكن نور لم تتركها بل كانت تهزها بعنف
حتى شعرت باقتلاع بعض الخصلات….
أسرع بعض الطلبة المتواجدين في المكان
لإبعاد نور التي كانت تضرب و تركل ميار
بكل قوتها و هي تصرخ :”سيبوني أربيها
الحيوانة دي…إنتوا متعرفوش هي عملت
إيه.. يا شيطانة و الله لندمك على عملتك
السودا معايا بكرة حتشوفي ياميار بنت
سعيد حتعمل فيكي إيه أصبري بس …
نفضت يديها من الفتاتين التين كانتا
تمسكانها ثم ألقت نظرة أخيرة على ضحيتها
التي كانت تبكي بعنف وهي تحاول لملمة
شعرها و ثيابها قبل أن تتجه من جديد
نحو سيارتها لتنطلق مغادرة الجامعة..
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
عند شاهين….
إستدار بكرسيه ليصبح مقابل الحائط
الزجاجي مدلكا صدغيه بتعب :”مهما
عملت و صلحت.. ماضيك لسه حيفضل
يطاردك ياشاهين …..هي عمرها ما حتنسى
اللي حصل زمان…يارب…يارب….
هتف شاهين بخفوت قبل أن يلتفت
من جديد نحو مكتبه ليحاول التركيز
من جديد و إكمال أعماله بقلمي ياسمين
عزيز صفحتي على الواتباد..
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
مساء…..
طرقت نور باب شقة محمد و هي تعض
يديها بتوتر… فتح الباب لتدلف إلى الداخل
رفعت نظرها لتتفحص أركان الشقة التي
تدخلها لأول مرة في حياتها…
تشبه كثيرا شقتهم لكن هناك فرق طفيف
في ألوان الحيطان التي تراوحت
بين البيج و الرمادي لون محمد المفضل..و
الأرضية الخشبية باللون البني الفاتح .
توجهت للأمام لتجد الصالون الذي تميز بلونه
الرمادي و الأحمر و البيج لونين متناقضين
لكنهم شكلا مزيجا رائعا مريحا للعين
أغلق محمد الباب ثم سار نحو المطبخ ليحضر
كوبين من عصير الفراولة الذي تحبه نور…
وضع احد الاكواب على الطاولة ثم جلس بجانبها
و كأنه يتعمد زيادة توترها أكثر…مد لها الكوب
الثاني لتتشبث به نور و كأنه حبل النجاة بالنسبة
لها….
حمحمت لتنظف حلقها قليلا قبل أن تتحدث
بصوت منخفض :”شقتك حلوة اوي…
أجابها :” ميرسي… بس للاسف العفش كله
حيتغير بكرة…..
نور هي تنظر له بدهشة :”ليه؟؟
محمد. هو يسند ظهره بارتياح على
الاريكة :”عشان مش معقول نتجوز بالعفش
القديم و إلا إنت عاوزة نعيش في الفيلا
َمع العيلة؟؟
نور :”عادي مش بيفرق معايا الكلام داه
بس إنت اكيد حتحب نقعد عنا عشان الشقة
قريبة من مكان شغلك…
محمد بابتسامة :” لا عادي.. اللي يريحك
حنعمله و إلا أقلك إحنا نعيش شوية هنا
و شوية هناك….
أومأت له بالايجاب و هي ترتشف من كوبها
معاتبة نفسها في داخلها:”يخرب بيتك يا نور
إيه اللي هببتيه داه…. مش على أساس جاية
عشان ترفضي ياشماتة كاميليا فيكي..
تحدثت هذه المرة بصوت عال و هي تضع
الكوب على الطاولة :” محمد… انا كنت عاوزة
أقلك على موضوع مهم….
محمد و هو يستند بكتفه على ظهر الاريكة
متوجها ببقية جسده نحوها :” إتفضلي…
نور :”أنا… بصراحة مش عاوزة أخبي عليك
أي حاجة عشان متلومنيش بعد كده… انا…
مش بعرف أعمل حاجة في شغل البيت
حتى اوضتي أحيانا بكسل أرتبها…كل
وقتي بقضيه في المذاكرة…. و مش بعرف
أطبخ و كمان عصبية و مجنونة….و مش
مبعرفش أتصرف أحم أحم أقصد يعني
معاك إنت…يعني انا مش بفهم في الحاجات
الرومنسية و كدا….
أمسك محمد يديها اللتين غابتا بين يديه
الضخمتين مدلكا إياهم بحنو ليحثها على
قول كل ما يعتمر قلبها ليجيبها بعد أن إنتهت
من إعترافاتها.
:”طيب مبدئيا انا مش متجوزك عشان تطبخي
و تغسلي و تنظفي البيت…و متقلقيش انا بعرف
أطبخ كويس و حعلمك و باقي الحاجات في البيت
حتبقى نعملها سوى داه لما نبقى هنا و لما نروح
الفيلا في رحمة و البنات هناك هما بيعملوا كل حاجة
و بالنسبة للعصبية و الجنون فأنا متعود عليكي….
و حافظ تفاصيلك كلها متقلقيش اما موضوع
الرومنسية أحم أحم (تعمد تقليدها) فدي مشكلة
بصراحة….
توسعت عينا نور بدهشة ممزوجة بالخوف
من كلام محمد لتقاطعه بنبرة خافتة قبل أن تبتلع
ريقها بتوتر :”قصدك إيه… ميؤوس مني صح؟؟كنت
عارفة اصلا هبة و كاميليا بيقولوا عني لوح
ثلج متنقل….
أوشكت على البكاء ليكتم محمد ضحكته
التي كادت تفضحه ليسارع بمواساتها و إبعاد
هذه الفكرة من عقلها رغم إقتناعه بصحتها
:” فشر…مين اللي لوح ثلج اكيد بيتكلموا
عن نفسهم دول…
نور بعدم إقتناع :” ما إنت لسه قايل إني
مشكلة “.
محمد بابتسامة مشاكسة :” و كل مشكلة
و ليها حل بس إنت تطاوعني يا قمر “.
عض بوقاحة على شفتيه لتشهق نور و تجذب
يديها قائلة باضطراب:” أنا… انا لازم امشي
ماما زمانها بتدور عليا…
وقفت من مكانها تريد المغادرة لكنها ما لبثت
إن وجدت نفسها تطير في الهواء بعد أن
حملها محمد ليدور بها عدة مرات كما يفعل
ما أيسم إبن أخيه… تشبثت في قميصه
و هي تغمض عيناها بخوف و خجل لتتعالى
قهقهات محمد و ينزلها على الأرض محتفضا بها
بين أحضانه حتى لاتقع بسبب الدوار…
وضعت نور يديها على صدره لتدفعه عنها
رغم شعورها بعدم توازنها ليحكم محمد ذراعيه
حول خصرها ملتهما شفتيها بقبلة قصيرة
قبل أن يبعدها عنه قليلا هامسا أمام شفتيها
برقة :” إوعي تخافي مني يا نور انا كنت بهزر معاكي بس .. نور إنت لازم تتأكدي إن انا عاوز كون
سندك و امانك في الدنيا مش مصدر خوف و رعب
ليكي.. إمتى حتفهمي إني بحبك بجد و إني
مش حيوان عشان يكون همي الحاجات دي…
أنا مستحيل أعمل حاجة غصب عنك و لو
قعدت أستناكي مية سنة لقدام مش حزهق
عشان انا غايتي قلبك قبل جسمك….
أنهى كلامه بغمزة :”و البوسة دي كانت
عشان تحاولي تتعودي عليا مش أكثر
يعني step by step ماشي يا قلبي…
أومأت له نور وهي مازالت تشعر و كأنها
في عالم ثاني لتقفز فجأة بعد أن أفاقت
من غفوتها قائلة :” ماما… ماما انا لازم
أمشي….
اوصلها محمد إلى الباب لتفتحه نور متلهفة
للخروج لكن محمد جذبها إليه بعد أن ألقى
نظرة أمام الشقة ليتأكد من عدم وجود أي
شخص… قبل وجنتيها الاثنتين قائلا
بتأكيد :” الصبح تكوني جاهزة تمام…عشان
نكمل كل اللي ناقصنا….
نور و هي تشعر باحتراق وجهها من شدة
الحرارة :” تمام… تصبح على خير..
افلتها محمد و هو لايزال يراقبها حتى وصلت
نور لشقتهم قائلا بهيام :” و إنت من أهلي يا
نوري”.
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في فيلا فخمة…..
تجلس ميار فوق سريرها تبكي بحرقة
و هي تتوعد نور بأن تنتقم منها بأبشع
طريقة…. رن هاتفها لتجيب عليه..
ميار ببكاء:”كنتي فين يا زفتة عمالة
ارن عليكي من ساعة مش بتردي ليه؟
ديالا بملل :”كنت بدور على الرقم أصله
كان ضايع مني و كلمت كريم عشان يدهولي….
ميار بصراخ :”إخلصي هو إنت حتحكيلي
قصة حياتك… إبعثيلي النمرة حالا على
الواتس….
أقفلت الخط في وجه ديالا ثم رمت الهاتف
جانبا و دلفت إلى الحمام غسلت وجهها ونشفته
جيدا ثم عادت إلى الفراش لتجد رسالة
من ديالا….
إبتسمت بخبث و هي تدقق النظر في الرقم
الذي أرسلته لها هامسة بشر :”أقسم بالله
لخليكي تبوسي رجلي عشان أرحمك
يا نور و بردو مش حرحمك…العين بالعين
و السن بالسن و البادي أظلم… يابنت سعيد..
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
:”صباح الخير يا حبيبي “.
همست كاميليا بصوت رقيق و هي تمرر أناملها
على وجه شاهين الذي إستيقظ للتو… نظر إليها
قليلا قبل أن يزيح يديها بلطف قائلا بصوت
أجش به آثار النوم :”صباح الخير”.
كاميليا محاولة إرضائه فهي تعلم انه مازال غاضبا منها بسبب حوارهما بالأمس
:” إمبارح جيت من أوضة فادي لقيتك نايم
فمهانش عليا اصحيك”.
شاهين بجمود و هو يستقيم من مكانه ممثلا اللامبالاة
:”و تصحيني ليه؟؟؟
كاميليا :” عشان نتكلم شوية…
إلتفت نحوها شاهين بوجه جامد قبل
إن يهتف ببرود :”بخصوص إيه ؟؟ الولاد ناقصهم حاجة؟؟
أزاحت عنها الغطاء قائلة :” لا الولاد كويسين
أنا أقصد نتكلم علينا انا و إنت “.
شاهين بابتسامة صفراء :” أنا و إنت….مممم للأسف
يا كاميليا معادش في حاجة إسمها انا و إنت “.
ألقى كلماته التي كان وقعها كرصاصات
إخترقت قلب كاميليا المسكينة التي لم تتوقع
ابدا هكذا إجابة…
يبدو أن صبره قد نفذ و النهاية
قد حانت الهذه الدرجة هو غاضب منها حتى
يعاملها بهذه الطريقة الموحشة لأول مرة منذ أن
صارحها بحبه و وعدها ببدء حياة جديدة ينام
ليلا دون أن تتوسد أحضانه و لأول مرة لا
تستيقظ على ملمس قبلاته المخملية التي
يغرقها بها كل صباح رغم تذمرها…
هل هناك أنثى أخرى تمكنت من أخذ مكانها في قلبه ؟؟ هل احب غيرها و قرر
إبعادها و بدأ حياة جديدة خالية من ماض
أليم؟
توسعت عينا كاميليا عند مرور هذه
الفكرة داخل عقلها لتهب من مكانها فزعة
تبحث عن شاهين الذي إختفى من أمامها
و لاتدري اين ذهب …. فتحت باب الحمام
لتجده خاليا لتنتقل بسرعة إلى غرفة
الملابس…
دلفت إلى الداخل لتتوقف مكانها فاتحة
فاها بانبهار لما تراه أمامها….
كان شاهين يقف بشموخ أمام إحدى المرايا الكبيرة
التي مرتديا بنطالا قماشيا باللون الأسود و
قميصا قطنيا بنفس اللون مفتوحا ليبرز تقاسيم عضلات بطنه و صدره فبدا كأحد تماثيل الالهة الاغريقية….
مد يده لينزل أكمام القميص لتظهر جليا عروق يديه
البارزة بشكل أخاذ سلب عقل وقلب
كاميليا التي تبخرت جميع الأفكار من عقلها
و عجز لسانها عن الحديث و تاهت عن الواقع
لا ترى سواه أمامها…
رغم أنها لم تكن المرة الأولى التي تراه
هكذا لكنها لاتعلم لما شعرت هكذا…
همهمت كاميليا بكلمات غير مفهومة قبل
أن يحرك رأسها يمينا و شمالا تنفي أفكارها
المنحرفة التي غزت عقلها و التي تحثها على
الإسراع و الارتماء بين ذراعيه القويتين لتنعم
بدفئ أحضانه التي حرمت منها ليلة امس….
اما شاهين فقد كان مركزا مع كل حركة و نظرة
و نفس يصدر منها مخفيا إبتسامته الخبيثة فقد
قرأ جيدا في عيناها نظرات الإعجاب التي
كادت تخترق جسده و لكم أعجبه ذلك و اسعده
لكنه تظاهر بعدم الإهتمام و اكمل ما يفعله
تحت غطاء الجمود الذي يبرع دائما في إرتدائه….
لكنه سرعان ما فوجئ بها تجذبه من ذراعه
ليلتفت نحوها ثم تدفعه من جديد إلى الوراء
صارخة بجنون :”إنت تقصد إيه بكلامك اللي
قلته من شوية…يعني إيه معادش في حاجة
إسمها انا و إنت؟
شاهين بحزم و هو يكتم ضحكاته على صغيرته الهادئةالتي تحولت فجأة إلى نمرة شرسة :”يعني زي ما فهمتي و بلاش تعلي صوتك قدامي..متنسيش إنت واقفة بتتكلمي مع مين؟؟
شهقت كاميليا بتعجب مما يقوله لكنها تداركت الأمر بسرعة مقررة عدم الاستسلام مجددا :” نعم…و حكون بتكلم مع مين يعني… مع جوزي وابو عيالي “.
شاهين بصرامة :” عشان انا جوزك و ابو عيالك
زي ما بتقولي فلازم تحترميني و لما تتكلمي
معايا تتكلمي بهدوء مين غير زعيق”.
كاميليا بحنق :” بقلك إيه بطل برود عشان
بتنرفزني… إيه مالك قلبت مرة واحدة كده
كل داه عشان خناقة إمبارح ما انا إعتذرتلك
بدل المرة الف بس إنت اللي مش راضي
تسامحني….
شاهين بصوت متعب :”عشان في كل مرة
بيحصل موقف يفكرك في اللي حصل زمان
اول حاجة تعمليها تيجي جري عليا عشان
تفكريني بأنك عمرك مانسيتي و إن الماضي
عمره ما حيسيبنا و حيفضل عايش مابينا لحد النهاية…
كل مرة بتسمعيني كلام قاسي و بتدوسي على قلبي … عمرك ما اهتميتي بيا و لا بمشاعري و
لا انا بكون حاسس بايه لما اسمع إن حبيبتي
اللي مستعد أموت و لا شوف دموعها إني
أنا سبب حزنها.
للأسف يا كاميليا مش شايفة غير إني جلادك و إنت ضحيتي…
كاميليا بخوف :” قصدك إيه؟
شاهين بتنهيدة :”أنا دلوقتي مستعجل ورايا شغل
مهم لما ارجع المساء نبقى نتكلم “.
كاميليا و قد عميت عيناها:” تعالي هنا رايح
فين.. مش حتتحرك خطوة واحدة مين غير
ماتفهمني إيه اللي بيحصل معاك…و إيه سر
النغمة الجديدة دي تكونش السكرتيرة الحلوة
ام عنين مش باينلهم لون اللي إنت عينتها من اسبوع …. إيه عاجباك…
شاهين بحدة :”كاميليا… إحترمي نفسك مش
انا اللي اعمل كده و إنت عارفاني كويس…
كاميليا و هي تشيح بيديها في الهواء:” أمال
فيه إيه فهمني..
شاهين و هو ينفخ الهواء بملل :”زي ماقلتلك
بالليل حنبقى نتكلم….حاجات كثيرة كان لازم
تتغير من زمان…
كاميليا بضعف و عيناها مغرورقتان بالدموع
:” عاوز تطلقني يا شاهين…حتسيبني…….
أغمض عينيه بقلة حيلة قابضا على يديه بقوة
حتى إبيضت مفاصله ليمنع نفسه من جذبها
و إعتصارها في عناق طويل حتى يعاقبها
على تفوها بهذه الكلمات التي يبغضها…
يريد طمئنتها و تعريفها بأسلوبه الخاص انه
لها لوحدها و إن جميع نساء العالم لايعنون
له شيئا فقلبه ملك لها منذ سنين و لايوجد
غيرها و لن يوجد لكنه أراد أن يعاقبها قليلا
على كلامها معه يوم أمس فهو و إن أخفي
مشاعره أمامها إلا أنه يتألم بشدة….
همس بصوت عادي و هو يرفع يديه لاغلاق
ازرار قميصه :”كاميليا مش وقته الكلام داه….
هبت كاميليا تلكمه و تضربه على صدره
و ذراعيه بكل غضب و قوة صارخة بجنون
بعد أن فقدت السيطرة على نفسها :” لا…لا
داه وقته و نص… قولي و صارحني بقى
قولي إنك خلاص ما بقتشي تحبني… و إنك زهقت
مني و عاوز ترميني في حياتي….
كانت تصرخ بجنون حتى أن شاهين إستطاع
إيقافها بصعوبة ليمسكها من كتفيها مقاطع إياها
بغضب :” عشان عمرك ما سامحتيييييني على اللي
حصل زمان و عشان عمممممرك ما حتنسيييي..حاولتتتتت كتير اوي إني اعيش
معاكي حياة طبيعية…بس فشلتتتتت و في كل موقف يحصل بيأكدلي إننا مستحيل نكمل مع بعض بالطريقة دي …
كاميليا بصراخ و هي تحاول التملص منه :” لا لا
و الله أقتلك و اقتل نفسي….
إرتخى جسدها بضعف ليرفعها شاهين و يحملها
متجها بها نحو السرير هاتفا بذعر:” حبيبتي
مالك… فيكي إيه؟؟؟
وضعها على الفراش و قلبه يكاد يخرج من
مكانه من شدة خوفه عليها..
كاميليا بجسد مرتعش :”أنا بردانة اوي….
جذب الاغطية ليغطيها قائلا بلهفة :”أنا آسف
يا قلبي حقك عليا مكانش قصدي ازعلك….
كاميليا بانهيار من بين شهقاتها:” متسبنيش… انا مقدرش اعيش من غيرك… و الله مكانش قصدي غصب عني
الكلام بيفلت مني بس عشان كنت خايفة
على نور….لو قلت كده مرة ثانية عاقبني
زي ما إنت عاوز…بس متبعدنيش عنك… إمبارح
مقدرتش انام عشان كنت بردانة اوي.. تعودت
بدفا حضنك…..
شاهين بلهفة و ندم فهو سبب إنهيارها
و بكائها :”حبيبتي إهدي… ثواني و حجيبلك
الدكتورة….
تشبثت به كطفلة صغيرة و هي تكمل :” اللي حصل زمان…كان صعب اوي بس كمان كان ممكن يكون
أسوأ من كده….كان ممكن ترميني بعد ماتزهق
مني او كان ممكن تسجني او حتى تقتلني….
بس إنت معملتش كده إنت تجوزتني رغم كرهك
ليا… حبيتني رغم قساوتك معايا و بعدها عيشتني
أجمل أيام حياتي…. خليتني احبك و اعشقك
و خليتني ابقى أم لثلاث ملايكة…..
شاهين انا غلطت في حق و يمكن حغلط كمان
في المستقبل بس إنت عاقبني خذ حقك
مني زي ما إنت عاوز بس متسبنيش عشان
أنا ممكن اموت…
شاهين و هو يقبل جبينها بلهفة :”بعد الشر
عليكي يا قلبي….في حد يتخلى عن روحه
شيلي الأفكار الغبية دي من دماغك عشان
ملهاش وجود…
كاميليا و هي تتشبث اكثر بيديه :” طب
خليك جنبي شوية متمشيش عاوزة انام في حضنك …
شاهين :”كده من غير فطار…
كاميليا و هي تحارل جذبه نحوها :” تؤ… عاوزة
انام… إمبارح طول الليل مانمتش….شاهين..
شاهين بايجاب :” نعم يا حبيبتي….
كاميليا بصوت منخفض :”حبيبي… انا آسفة
مكنش قصدي إني اوجعك بكلامي… بس
إنت عارفني مجنونة و لساني فالت… متزعلش
مني ارجوك….
شاهين بتفهم و حب :” طيب يا حبيبيتي.. إرتاحي
بعدين نكمل كلامنا….
كاميليا بصدق :” بحبك اوي…بعشقك
إستلقي شاهين بجانبها على الفراش لتضع
كاميليا رأسها على صدره و تتنفس رائحته
المنعشة التي تمثل مصدر امانها و قوتها في
هذه الحياة…. ليضمها هو نحوه دافنا وجهه
داخل شعرها البني الطويل مستمتعا برائحة
الفراولة المنبعثة من شعرها و رقبتها مردفا
بصوت اجش :”نامي يا حبيبتي و إرتاحي…
أنا جنبك و عمري ماحسيبك…إنت الهوا اللي
بتنفسه…. إنت ملكي انا و انا ملكك إنت لوحدك
إنت الوحيدة اللي قدرتي تسيطري على الشيطان
َ تحوليه لملاك طيب…. بس لازم تعرفي إن غيابك
بيعني عودة الشيطان اللي جوايا عشان كده مستحيل اسيبك مهما حصل.. حطي داه في دماغك
شعر بانتظام انفاسها ليزيح جسدها بلطف والذي كان
يتفرش جسده بدل السرير من شدة تعلقها به
مقبلا كل جزء من رأسها ووجهها بنعومة و هو
يضحك بداخله على نفسه على جنونها و كيف
تحولت النمرة الشرسة إلى قطة مطيعة بمجرد
كلمات بسيطة.. فهذه كاميليا التي يعشقها
نقية و بريئة كطفلة صغيرة لم تعرف الخبث
يوما.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في فيلا البحيري…..
خرجت ليليان من الحمام ترتدي ملابس
بيتية و تلف منشفة بيضاء على رأسها و هي
تدندن ألحان إحدى الاغاني الرومنسية…
عادت خطوتين إلى الوراء بعد لمحت مجموعة
من الحقائب المصطفة بانتظام بجانب الباب…
إبتلعت ريقها بصعوبة و بدأ جسدها في
الارتعاش رغم حرارة الغرفة و هي تتمتم
دون وعي :”حيسافر مرة ثانية…و حيسيبني
أيهااااااام….. أيهااااااام….
بدأت في الصراخ بصوت عال قبل أن تسقط
بضعف على أرضية الغرفة و هي تحدق بجنون
في تلك الحقائب…
ركض أيهم نحوها يتفحصها بلهفة قائلا بقلق :” في
إيه… إنت كويسة؟
نظرت له ليليان بعض الثواني ثم عادت ببصرها
نحو الحقائب تنظر لها بذعر و تشير نحوها بيديها
و كأنها ترى شبحا أمامها
تمتمت ببكاء:” الشنط…. إنت حتسافر تاني
و تسيبني لوحدي……
عقد أيهم حاجبيه بتعجب لعدم فهمه
ماتقصده لكنه تدارك الأمر بسرعة و إنحنى
من جديد نحوها ليحملها و يضعها برفق
على الفراش و يحضر كأسا من الماء ليعطيه
لها حتى تهدأ….
دفعت يده بعيدا عنها ثم شرعت تبكي
بقوة تحت أنظار ايهم الذي يكاد يموت
قلقا عليها….
ليهتف :”طب قوليلي على الاقل بتعيطي
ليه؟؟ انا سايبك من شوية و كنتي كويسة
حصل إيه بس…
ليليان بتقطع :” الشنط…. اللي هناك
إنت ليه مقلتليش إنك حتسافر…..
نفخ أيهم الهواء بقوة تعبيرا عن إرتياحه
قبل أن يجلس بجانبها و يمسح وجهها
الذي اغرقته دموعها رغم ممانعتها…
امسك رأسها بلطف ليديره من جديد نحو
الحقائب ليهمس في اذنها بنبرة ضاحكة
: طب بصي كويس للشنط و قوليلي إيه
رأيك في الألوان…شنطة لونها اسود و
إثنين بينك…يا ترى حيكون مظهري إيه
و انا دكتور جراح بهيبتي و مركزي حاطط
هدومه في شنطة لونها بينك زي البنات ….
نظرت نحوه ليليان و هي تبتسم رغم
دموعها لكنها عاودت ما لبثت ان تحولت
ملامحها إلى الفزع مرة أخرى لتقول :”حتسافر
مع واحدة….إنت لسه بتخ..
أيهم مقاطعا إياها بصوت عال و هو يمسك
كتفيها بكلتا يديه مشددا على كل كلمة يقولها :” لا… لا….. يا ليليان انا و إنت اللي حنسافر مع بعض بعد فرح محمد اخويا… عشان
إحنا بقالنا فترة كبيرة مفيش في حياتنا
غير الشغل فقلت نروح شرم الشيخ نقضي
اسبوعين لوحدنا….انا كنت عاوز نروح مكان
برا مصر عارفك مش حتوافقي عشان ايسم
فهمتي الشنط دي لمين…..
هزت ليليان رأسها بايماء ليكمل هو حديثه
:”اتمنى لو إنك تحاولي تسأليني قبل ماتحكمي
من دماغك…
أغمض عينيه بالم و هو يشعر بضعف شديد
يحتاج كيانه خاصة بعد معرفته بما تعانيه
بسببه فمنذ إستعانته بذلك الطبيب النفسي
الذي اخبره بأن ماتعانيه سببه عدم ثقتها
به و خوفها الدائم من إن يعود كما كان
في السابق قبل أن يتغير و هذا ما سبب
لها هواجس دائمة تجعل عقلها الباطني يصدر
احكاما متسرعة فهي أصبحت حساسة جدا
و يلزمها معاملة خاصة و اولها ان يحاول
التواجد معها طوال الوقت و ان تكون هي
محور حياته حتى يشعرها بالامان
و ان يستعيد ثقتها فيه …..
جذبها نحوه فجأة ليعانقها بقوة كبيرة
و كأنه يريد إدخالها لقلبه لتتاكد بنفسها
إنه ملكها لوحدها….
طبع قبلات كثيرة على مقدمة رأسها محاولا
تجاوز المه فهو قد قرر انه سوف يكون قويا
لاجلها و لن يشعرها ابدا بما تعانيه
بل سوف يحاول بكل قوته ان يعالجها حتى
تعود طبيعية لكن دون أن تعلم….
أبعدها عنه قليلا ليهتف بمرح أجاده و هو
يتفرس ملامح وجهها المحمرة :”هو إنت
حلويتي كده ليه…. ممممم و إيه ريحة التفاح
الأحمر اللي طالعة من شعرك دي….
ليليان بابتسامة و هي تمسح دموعها :”تفاح
إيه بس دي ريحة ورد الجوري….
ايهم و هو ينحني ليشتم رائحة شعرها
بقوة قائلا :”طب إستني كده…. مممممم لا
دي ريحة تفاح…..لا عنب….انا لازم اذوق عشان
اتاكد…
حاولت دفعه بعيدا و هي تضحك لكنه
حاصرها حتى لاتفلت وهو يهتف بتهديد
مزيف :”رايحة فين ياحلوة..مش حسيبك
غير لما اعرف…لمون و إلا برتقان…الله
انا جعت اوي و عاوز آكل….
ليليان من بين ضحكاتها :” طب اوعي
كده عشان اكمل لبس و ننزل نفطر سوى….
ايهم بخبث :”طيب إيه رأيك تعملي العكس….
ليليان بصراخ بعد أن فهمت مقصده :” يا قليل الادب يا سافل.. عمرك ما حتتربى….
ايهم هو يمسك يديها لتكف عن ضربه مردفا
بضحك :” يا بنتي و اتربى ليه و هو في احلى
من قلة الأدب و بعدين إنت لسه شفتي حاجة
أنا بقول نخلع نسافر دلوقتي إيه رأيك….
ليليان :”و فرح محمد…
أيهم و هو يقترب منها اكثر :” و هو لازم
نحضره… بقلك إيه إسمعي كلامي و إنت
تكسبي…..
ليليان و هي تهز حاجببها :”مممم طيب
و حكسب إيه بقى…..
غمزها بوقاحة قبل أن يهمس لها :” دلع و رومانسية
و حاجات كثير…. حقلهالك في شرم الشيخ…
أنهى كلامه بقبلة خفيفة على رقبتها قبل
إن يخرج من جيبه علبة حمراء و يفتحها أمامها
لتشهق ليليان قائلة بانبهار :”تحفة يا أيهم.. تجنن…..
ايهم و هو يتفرس ملامحها بعشق :”داه قلبي
و داه نبضه….الاثنين ملكك إنت…
ليليان و هي تحتضنه :”بجد يا أيهم… بجد
إنت بتحبني…
أيهم بصدق :” تؤ…. انا عديت المرحلة دي
من خمستاشر سنة….بس كنت غبي و حمار
عشان بعدتك عني طول السنين دي…
لا و المصيبة إني كنت بعمل كل حاجة وحشة
عشان اكرهك فيا و ابقى زبالة في نظرك…
أنا كنت بعمل كل حاجة حرام في الدنيا
و عصيت ربنا سنين طويلة رغم انه كريم
معايا و أنعم عليا بكل حاجة يحلم كل إنسان في الدنيا… و آخرهم زوجة زيك… حلوة َ مثقفة
و أخلاقها عالية و بنت ناس.. لكن عشان انا كنت
شيطان عاصي سبت الحلال و إنغمست
في المحرمات….انا كل يوم و كل ليلة و كل
لحظة بتمر في حياتي مش بيفارقني
إحساس الندم و الخوف من عذاب ربنا
على اللي عملته و بدعي في كل صلاة
إنه يغفرلي ذنوبي… انا خايف اوي يا ليليان
خايف اوي من حساب ربنا و خايف يعاقبني
بيكي إنت او بحد من ولادي…..
نزلت دموعه رغما عنه و هو يتذكر كل أفعاله
الشنيعة و التي يتمنى لو ان الزمن يعود به
قليلا إلى الوراء لما كان سيقترف كل تلك
الأخطاء و المحرمات….
ربتت ليليان على ظهره بحنان قائلة :”الحمد لله
إنك تبت و عرفتك أخطائك و اديك بتحاول تصلح من نفسك و على فكرة زي ما ربنا سبحانه و تعالي شديد العقاب إلا أنه كمان غفور رحيم…مش لازم
نيأس ابدا من رحمته….
سمعت شهقاته الخافتة و إهتزاز جسده و هو
يحتضنها بكل ما لديه من قوة لكنها لم تمانع
رغم إحساسها بالاختناق.. لتهتف بمرح محاولة
التخفيف عنه:”لا إنت اكيد عاوز تنسيني الهدية الحلوة اللي إنت جبتهالي…. عاوز ترجعها صح؟؟
حرك رأسه و هو لا زال يحتضنها لتحاول
إبعاده قائلة :” طب لبسهالي عشان اشوف
حتطلع إزاي عليا…
ايهم و هو يمسح دموعه :”طبعا حتطلع
حلوة اوي… عشان إنت لابساها…
ليليان :” اوكي حنشوف….
ألبسها إياها لتتحرك نحو المرآة تحسسها بابتسامة
فرغم بساطة السلسال إلا أن كان في غاية
الرقة و الجمال….
أمالت رقبتها قليلا و على شفتيها إرتسمت
إبتسامة مطمئنة عندما أحست به يحتضنها
من الخلف مقبلا أعلى كتفها عنقها متنفسا
رائحتها بقوة :”عمري ماشفت أجمل من
كداه….ياريت لو اقدر اخبيكي في قلبي
عشان تفضلي معايا على طول و مفيش
حد غيري يشوفك…بقيت بغير عليكي
من اي حد حتى ماما و ايسم… القرد
بقى بيتعمد يبوسك قدامي…ببقى عاوز
أعلقه في السقف…
ليليان بضحك :” و يهون عليك داه لسه
بيبي صغير….
ايهم بنبرة منزعجة :” طب و الأطفال اللي
بتعالجيهم…. انا شايف إنك تقعدي في البيت
يعني عشان ترتاحي… بقالك سنين بتشتغلي
و أكيد تعبتي….
ليليان بضحك :”لا متعبتش و إلا إنت عاوز تقعد
لوحدك في المستشفى…..
أيهم باستدراك :”مستحيل…أكون موجود في مكان
إنت مش فيه؟؟ طيب إنت تروحي معايا و
تفضلي طول الوقت في مكتبي…
ليليان :”مممم و حعمل إيه في مكتبك مين
غير شغل….
أيهم :” تقعدي عشاني انا…. عشان بتوحشيني
في كل دقيقة بتغيبي فيها عن عيني…قوليلي اعمل
إيه؟؟
ليليان و هي تضع يدها على يديه التين تحاصران
خصرها بتملك:”ننزل تحت عشان نفطر و نلحق
نروح الشغل…لازم نرجع بدري عشان نحضر
نفسنا للفرح بكرة…
ايهم و هو يلوي ثغره باستهزاء:” أحضر نفسي
إزاي يعني….
ليليان :”اقصد عشاني انا… عشان ألحق
أختار الفستان اللي حلبسه بكرة و كمان
بدلة ايسم…..
أيهم بغيرة :” طيب و انا؟؟ مش حتختاريلي بدلتي
و إلا إنت بتهتمي بس بالقرد أيسم….
ليليان و هي تضربه على يده :” متقولش
على إبننا قرد……
ايهم :” عشان تبطلي تحبيه اكثر مني…
ليليان :” أيهم.. داه إبننا على فكرة
أيهم :”عارف بس بغير منه الله إنت مش
بتفهمي ليه…. مش عاوز حد يشغل قلبك
و عقلك غيري…. أنا حشتريله بدل كثير
و إنت إختاري منها و حشتريلك كمان الفستان
على ذوقي بس إنت إختاريلي البدلة….إيه
رأيك….
ليليان بدهشة :”على فكرة إنت مجنون….
أيهم و هو يديرها نحوه قائلا :” إنت لسه
شفتي جنون….
لم يمهلها حتى تتحدث ليطبق شفتيه على
شفتيها بقبلة عاشقة متملكة…لتتجاوب معه
ليليان بكل كيانها و قلبها الذي إنصاع رغما
عنها لسيطرة ذلك الذي كان في الماضي مصدر
شقائها في الحياة…. لم تتوقع يوما أنها ستقع
في حبه لهذه الدرجة حتى أن قلبها الخائن
من شدة عشقه له أصبح يدق لأجله فقط….
حملها أيهم برفق و هو مازال يقبلها في
جميع أنحاء وجهها و عنقها و ليليان
كالمخدرة تماما لاتعي شيئا سوى انها بين
أحضانه… التي أصبحت ملجأها و امانها….
قطع قبلاته ليهتف بصوت مرتعش لاهث
:”بحبك اوي… اوي…و حفضل احبك
لآخر يوم في عمري….حياتي الجاية
حتكون ليكي إنت و بس… اوثقي فيا
ارجوكي…..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مساء في مكتب شاهين الألفي…..
طرق باب المكتب ليسمح شاهين للطارق بالدخول
ليدلف رجل ضخم جدا يرتدي بدلة سوداء اللون
يحمل في يده ملفا…لم يكن هذا الرجل سوى احد
الحرس المكلفين بحراسة نور أخت زوجته…. فطبعا
شاهين الألفي يضع حراسة خاصة على جميع أفراد
عائلته و كذالك عائلة زوجته بمن فيهم كريم
الصغير…..
الرجل :” مساء الخير يا شاهين بيه.. انا جبت
الملف اللي حضرتك طلبته.
شاهين و هو يدعوه للجلوس :” تمام ياهاشم و البنت
خذتها مكان ما قلتلك….
هاشم بطاعة :”أيوا يا باشا و كمان الواد اللي
هي تقابلت معاه من الصبح… طلع اخو واحد
زميلهم في الجامعة…عامل نفسه هاكر و بيخترق
إيميلات و تليفونات و آخر واحد ان تليفون
الآنسة نور…حضرتك إحنا لقينا صور كثير و
تسجيلات انا حطيتهم كلهم في الملف…
شاهين و هو يتفحص الملف :”تمام…قلتلي
ابوها إسمه إيه؟؟
هاشم :” طلعت الشريف رجل أعمال عنده سلسلة
محلات أجهزة كهربائية…
شاهين بإبتسامة مرعبة:”قصدك كان رجل أعمال..
هاشم بطاعة و خوف فهو يعلم أنه إذا إبتسم
تلك الابتسامة فهذا يعني أن الشيطان هو من يتكلم :” اللي حضرتك تأمر بيه يا باشا…
شاهين :”تمام… الواد تخلوه مرمي في المخزن. اسبوعين و كل يوم تصبحوا و تمسوا عليه كويس
عاوزه يتمنى الموت في كل دقيقة….و البنت
خلوها زي ماهي بعد فرح محمد حقلك حنعمل إيه
فيها هي و ابوها حخليهم عبرة لأي حد
يفكر يقرب من حد من عيلة شاهين الألفي….
خرج هاشم من المكتب و هو يتنفس الصعداء
أسرع في خطواته حتى يبدأ في تنفيذ ما أمره
به رب عمله متمتما في داخله :”الله يكون في
عون اللي يقف قدامك مغلطش اللي سماك
شيطان… انا بقالي بشتغل عنده سبع سنين و لسه
بترعب منه زي اول مرة……
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يوم الحفل……
أمام أحد الفنادق الفاخرة التابعة لأملاك الألفي
توقفت سيارة إسلام شقيق آيه الذي صمم
على إيصالها بنفسه..
نزلت و هي ترفع ثوبها الطويل لتتجه إلى
الداخل بعد أن أخبرها اخوها انه سوف يعود
لاخذها بعد إنتهاء الحفل….توقفت أمام مدخل
الفندق تبحث عن أميرة التي وعدتها انها
سوف تنتظرها في الخارج….
آيه بحنق :” اوووف هي فين القردة أميرة مش قالت
حتستناني برا..حدخل إزاي دلوقتي دا انا حتى معنديش كارت دعوة…
خطت للأمام مع بقية المدعوين الذين كانوا
يدخلون بالتدريج بعد التثبت من بطاقات الدعوة الخاصة بالحفل من قبل بعض المنظمين…
:” لو سمحت انا صاحبة أميرة أخت العريس
ممكن ادخل….
هتفت أميرة برجاء لأحد الحراس.
:” للأسف يا آنسة مقدرش ادخلك التعليمات
كده ممنوع دخول أي شخص بدون دعوة”.
أجابها الحارس و عيناه تلمعان باعجاب
بهذه الجميلة الواقفة أمامه
نفخت وجنتيها بعدم رضا ثم إبتعدت لتسمح
لبقية المعازيم بالدخول..
لكن الحارس نادى عليها مجددا :”يا آنسة…
إلتفتت نحوه من جديد و على وجهها
إبتسامة آسرة ضنا منها انه سوف يسمح
بها بالدخول..
:” إنت ممكن تكلمي الآنسة أميرة و هي
حتبعثلك حد من جوا يدخلك..
هزت حاجبيها بعدم رضا و هي تجيبه بسخرية
:” تصدق جبت التايهة يا خويا…ما انا بقالي ساعة بتنيل
بكلمها و مش بترد…اووف حعمل إيه
أنا دلوقتي….
نزلت الدرج و هي تخرج هاتفها من حقيبتها
الصغيرة لتعاود الاتصال بها علها تجيبها هذه
المرة…
:” الحمد لله… فينك يا كلبة ياحمارة ياجزمة
من غير.. إيه مش سامعة حاجة….. طب ماشي
إستعجلي بقالي ساعة واقفة برا منظري بقى
وحش اوي…منك لله يا قردة داه الميكاب بدأ
يسيح و انا لسه مدخلتش جوا…..
أنهت الاتصال لتغلق هاتفها و تضعه في
حقيبتها من جديد..و هي تثرثر من جديد
وتشتم كعادتها…إلتفت فجأة بعد أن سمعت
صوتا غريبا يناديها :”آنسة آية… مش كده؟؟
فتحت عيناها بصدمة عندما وجدت شابا
اقل مايقال عنه انه وسيم بل في غاية
الوسامة و الجاذبية بشعره الأشقر و عيناه
الزرقاوان و بشرته البيضاء المحمرة التي
تناقضت مع لون بدلته الفاخرة ذات اللون
للاسود..لتتمتم بشرود :” أحيييه حضرتك
بتكلمني انا ….
ضحك سيف عندما سمع كلامها ليتأكد من
أنها نفسها آية المجنونة ليمد يده نحوها
مصافحا :” أهلا و سهلا يا آنسة آية انا
سيف اخو أميرة….تفضلي معايا هي مستنياكي
جوا….
تمسكت آية بحقيبتها و هي تنظر نحوه
يده الممدودة بتردد قبل أن تمد يدها
لتصافحه قائلة بصوت منخفض :” مساء الخير حضرتك….
أشار لها لتسير معه ليدخلا الي القاعة
التي كانت تعج بمئات المدعوين من الشخصيات
الهامة و رجال الأعمال في البلاد….
رمشت آية عدة مرات قبل أن تتقدم من جديد
و هي تنقل بصرها بين جموع الحاضرين
الذين كانوا يرتدون افخم و أجمل الازياء..
لمحت من بعيد أميرة تشير لها بيديها لتذهب
إليها…بينما إتجه سيف إلى مجموعة من أصدقائه.
آية بلوم :”أنا لو كنت أعرف إني حتبهدل كده
مكنتش جيب يا ميرو…
أميرة بضحك :” سوري يا يويو أصلي إنشغلت
شوية بالعروسة….
نظرت آيه إلى حيث تشير أميرة لتبتسم
قائلة باعجاب :”مشاء الله العروسة حلوة اوي
اخوكي باين عليه حيتجنن الليلة….
أميرة هي تلكزها :” يابنت اسكتي ..
آية :” هو انا جاية هنا عشان اسكت ماتسيبيني
اعبر براحتي… بقلك إيه و مين الحلوة اللي واقفة
جنبها دي…
أميرة بخفوت :” دي أختها الكبيرة كاميليا…
آية :”إيه العيلة اللي كلها مزز دي…البنت قمر
بصراحة بصي..خلي اخوكي سيف يتجوزها
و…..
أميرة بضحك:” يابنتي لو سمعك شاهين الألفي
حتكون دي آخر ليلة في حياتك….
آية ببلاهة :” و ليه إن شاء الله ؟؟
أميرة :” عشان دي مراته ياهبلة…
آيه برعب :” يالهوي… مراته؟؟ بقى دي
مرات شاهين الالفي انا شفتها زمان مرة في
صور بس نسيت اصل شكلها متغير شوية….
علي العموم انا كمان شكيت مهو مش معقول
قمر زي دي تفضل سنجل… عيني عليكي يا آية
الوحيدة اللي في الفرح اللي ملهاش كراش..
أميرة :” اللي يسمعك بتقولي كده ميعرفش
إن كل يوم جايلك عريس الواحد فيهم احلى
من الثاني…. زمايل اخوكي إسلام
كلهم كلموه عنك بس إنت اللي راكبة دماغك…..
آية :” بقلك إيه يا ميرو حلي عن دماغي
أنا قلتلك قبل كدة مية مرة انا مش عاوزة
اتجوز جواز تقليدي…انا عاوزة أعيش قصة
حب نارية حاجة كده زي أحمد السقا و نور
في فيلم شورت و فانيلا و كاب….
نور باستهزاء:” شورت و فانيلا و كاب…
داه إنت قديمة اوي.
آية بعدم إهتمام :” ملكيش دعوة و قومي
هاتيلنا حاجة ناكلها…عشان أنا جعانة اوي
داه إيه البخل اللي إنتوا فيه داه…. بصي حواليكي
الطرابيزات كلها فاضية مفيش غير عصاير
و سلطات …
نور :”اووف منك و من لسانك… اللي لازمه
قص داه..انا مش عارفة إتنيلت ليه وعزمتك….
الاكل اللي مش عاجبك داه مستوردينه
من برا خصيصا عشان الفرح يعني ثمنه
بالدولار….
آية :” و على إيه كل داه…. داه شبه اكل العيانين
قال مستورد قال ….يلا قومي و بالمرة
قولي للفرقة تغير الاغاني المملة دي عشان
المعازيم شكلهم حيناموا مكانهم…
نور بتعجب :”أغاني إيه…دي ميوزك ياجاهلة
إنت فاكراه فرح شعبي عشان نشغل اغاني…
آية و هي تلوي شفتيها :”نسيت إن داه فرح باشاوات…طب اروح انا بقى….
نور :” بجد إنت مش طبيعية…. هو إنت جاية
الفرح عشان تاكلي…
آية :” لا بس بصراحة الحفل ممل جدا…حفضل
أنا قاعدة زي الكرسي اللي ملوش لازمة و ببص
على اللي رايح و إللي جاي…يا خسارة الفستان اللي
بقالي سنتين بحوش في ثمنه…
في إحدى الطاولات القريبة حيث يجلس
ايهم بجوار ليليان التي كانت تنفخ وجنتيها
بضيق في كل دقيقة من شدة الغيظ بعد
إن منعها ايهم من مبارحة مكانها….
ليليان باستعطاف للمرة العشرون :”طب خمس
دقايق بس اسلم على نور و محمد و حاجي
على طول…
ايهم بحزم :” و لا نص دقيقة… إنسي
إنك تتحركي لأي مكان… نص ساعة
كمان و حنقوم نسلم عليهم و نروح
على طول….
ليليان بضيق :”بس الحفل لسه في أوله…
معقولة حتسيب فرح اخوك و تمشي…
أيهم بلامبالاة:”عادي و اصلا بصي هو
باين عليه مستعجل إنه يروح اكثر
مني….
نظرت له ليليان بصدمة قبل أن تهتف
بعدم تصديق :”مش معقول.. بجد إنت قليل
الادب و…
ايهم بغمزة :” و سافل و عمري ما حتغير…
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
:” ماما هو فادي راح فين؟ انا مش لاقياه؟؟؟
سألت كاميليا والدتها التي كانت تحمل بين
ذراعيها أسيل النائمة….
:” مش عارفة يا بنتي… هو كان من شوية
بيتكلم مع نور… و بعدها مشفتوش..
هتفت الام بهلع و هي تدير عيناها في ارجاء
القاعة…قبل أن تضيف :”طب مش يمكن
مع ابوه… روحي دوري عليه يابنتي الصالة
كبيرة و هو صغير و ممكن يكون ضايع هنا
و إلا هناك…. “.
أجابتها كاميليا بقلق :”حاضر ياماما المهم
خلي بالك من الأولاد و انا حروح اشوفه
فين؟؟؟
أسرعت كاميليا تبحث عن فادي تارة
و عن شاهين تارة أخرى حيث بدأت
تسأل عنه جميع من تعرفهم حتى ارشدها
احد الحرس لمكانه…
وصلت إلى الحديقة الخارجية الاوتيل يتبعها الحارس حتى يضمن حمايتها لتجد شاهين
واقفا و بجانبه رئيس الحرس جهاد و معهم
رجال آخرون لم تتعرف عليهم و لكنها لاحظت
أنهم يخفضون رؤوسهم و هذا يعني انهم من
الممكن أن يكونوا من ضمن رجال شاهين
السريين..
شهقت بصوت عال عندما رأت رجلين يقومان
بإمساك رجل آخر يبدو من مظهره انه كبير في السن
بعض الشيئ ثم يقومان بدفعه تحت أقدام
شاهين الذي كان يقف بكل غطرسة و جمود…
صرخ الرجل بتألم و هو مازال راكعا أمامه
يترجاه بصوت خافت :”ارجوك يا شاهين بيه
سامحها و رجعهالي… دي عيلة و غلطت و انا بنفسي
حعاقبها على اللي عملته…انا حنفذ كل اللي
تأمر بيه بس سيبها دي مش حمل بهدلة و…
شاهين بكل غرور :” ولما هي مش حمل بهدلة
زي ماتقول..إزاي تتجرأ و تلعب مع حد من عيلة
الألفي….
الرجل بتذلل و هو يكاد يقبل حذائه :” اكيد..
اكيد مكانتش عارفة.. ارجوك سامحها دي
بنتي الوحيد و مقدرش اخسرها… اوعدك إني
مش حخليها دقيقة في مصر حسفرها برا
و مش حترجع ثاني… بس ابوس إيدك
سامحها…..
شاهين بتفكير :” ممم حفكر في عرضك بس خليها كده يومين في ضيافتي…و اهو بالمرة أعرفها
هي غلطت في مين… ماهو اكيد انا مش حعدي
إللي هي عملته بالساهل و بالنسبة لموضوع
السفر فدي حاجة تخصك… عاوز تحمي بنتك
من غضبي سفرها.. جوزها… إعمل اللي تعمله
المهم مش عاوز اسمع باسمها ثاني…عشان إنت
عارف الشيطان مبيديش فرصة ثانية مهما حصل
و إنت عارف انا أقصد إيه…..
الرجل بانتحاب :”عارف عارف..المهم بنتي
ترجعلي ثاني و…..
قاطع كلامه إندفاع كاميليا التي أقبلت بسرعة
عندما رأت ذلك الرجل راكعا بذل أمام زوجها
المتغطرس..شعرت بالاسف عليه هو يبكي
و ينتحب كطفل صغير رغم كبر سنه فقد ذكرها مظهره بوالدها لتتدخل قائلة :” إنت بتعمل إيه
و مين الراجل داه؟؟ قوم يا أنكل ميصحش اللي
إنت بتعمله….
كانت ستنحني و تساعده على الوقوف لكن
ذراع شاهين سبقتها ليرفعها من خصرها
و هو يهتف بنبرة حادة:” إنت إيه اللي جابك
هنا…إتفضلي إرجعي جوا و إياكي تتحركي
لأي مكان لغاية ما أخلص و أجيلك…
كاميليا هي تحاول التملص منه دون جدوى
صارخة دون وعي
:” سيبني بقلك إنت حتعمل إيه في الراجل المسكين داه و ليه بتذله كده عملك إيه عشان تعمل فيه
كده قدام الناس…
شاهين و هو يضغط على أسنانه بغضب
ليهمس في أذنها:” كاميليا إسمعي الكلام
و ادخلي جوا… دقائق و حخلص شغلي
و احصلك “.
نظرت كاميليا أمامها للرجل المسكين الذي
كان ينظر لها باستعطاف علها تشفق على حاله
و تنقذه من زوجها لتنفي برأسها قائلة بتصميم
:”مش قبل ماتسيب المسكين داه في حاله…
شاهين عشان خاطري سيبه و لو في مشكلة
بينك و بينه اقعد و حلها بهدوء معاه بلاش
كده…
زفر شاهين بقلة صبر من عنادها ليومئ
لرجاله الذين امسكوا بالرجل يجرونه
معهم إلى مكان ما حتى يكمل معه حديثه
في وقت لاحق بعد أن افسدت عليه هذه
العنيدة حواره معه أو فلنقل عقابه له….
رفعها شاهين من خصرها ليحملها إلى الداخل
و هي تصرخ و تتلوى محاولة التخلص منه
لكن هيهات كيف تفر قطة صغيرة من براثن
نمر غاضب….
:”نزلني يا شاهين… إنت بتعمل إيه الناس
بتبص علينا… إنت تجننت”.
هتفت كاميليا بحنق و هي مازالت تفكر
بذلك الرجل المسكين الذي سحبوه أمامها
كخروف عاجز لتكمل بنفس الغضب :”و الراجل
المسكين داه حتعمل فيه إيه.. إنت مش حتبطل
اسلوب الشيطان داه…ليه بتحب تذل الناس و
تستقوى عليهم كده…كل داه ليه عشان ترضي
غرورك…سيبني بقلك يا مجنون….
شاهين محاولا التحكم بغضبه الجحيمي :” أول
و آخر مرة اسمحلك تتدخلي في شغلي…عشان
أقسم بالله المرة الجاية مش حتعدي على خير
و حضطر اعاقبك عقاب شديد اوي …..
شهقت كاميليا عندما وضعها على الأرض :” عقاب…
شاهين بتهديد و هو يمسح على وجهه بغضب :”
بحذرك ياكاميليا آخر مرة توقفي قدامي و انا
بتكلم مع رجالتي…و دلوقتي اطلعي على الجناح
حجيب الولاد و أحصلك… و متفتكريش إن
كلامنا خلص على كده انا بس مش عاوز اعمل
حاجة اندم عليها بعدين…..يلا “.
اردف بلهجة آمرة و هو يمر بجانبها محاولا
التحكم في نفسه حتى لا يعاقبها كما كان يفعل
في الماضي…. زفر الهواء عدة مرات و هو يحاول
تهدئة غضبه الذي إشتعل بداخله فأكثر شيئ
يكرهه شاهين هو عدم طاعة أوامره خاصة
أمام رجاله فكيف تجرأت على كسر احد اهم
قواعده التي تعلمها جيدا….
تابع طريقه غير عابئ باولئك الذين يحاولون
بشتى الطرق لفت إنتباهه و الفوز بفرصة
للحديث معه أو عقد صفقة مع وحش الاقتصاد
الذي يحلم الجميع بالتقرب منه.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
من الجهة الأخرى للحديقة تقف آية و أميرة
التي طلبت من صديقتها مرافقتها إلى خارج
القاعة لاستنشاق بعض الهواء النقي بعد أن شعرت
بالاختناق في الداخل…
آية و هي ترتعش من البرد بسبب فستانها الرقيق
الذي كان شفافا من ناحية الكتفين
:”يلا يا ميرو ندخل جوا انا دقيقة زيادة و حتحول لرجل الثلج هنا…”.
أميرة :” ارجوكي يا يويو خمس دقائق كمان
إنت عارفة إني بتخنق من الاماكن المقفولة..
آية باستهزاء:” نعم ياختي داه انا لو أطول
اتحبس جوا بقية حياتي…ديكور الصالة يجنن
تحسي نفسك قاعدة في الجنة داه غير الاكل و
الميوزك…ناقصة واي فاي و تبقى مقر إقامة
ملوكي….
أميرة بضحك :”بس يا عبيطة داه… اوباااا بصي
هناك يا يويو يالهوي إيه داه بيعملوا إيه دول….
آية و هي تشهق بقوة :” نهاااار إسوح إيه داه
يااااع داه بيبوسها إيه القرف داه…
أميرة و هي تلتفت للجهة الأخرى :”ملقوش
غير المكان عشان يعملوا القرف بتاعهم…انا
لازم اقول لسيف و هو حيتصرف معاهم….
آية بانبهار فهي اول مرة ترى هذه المشاهد
أمامها :”يااااع شوفي الواد حياكل بقها داه
و هي بنت الجزمة ماسكة فيه و كأنه حيهرب….
أميرة بغضب :”هو فين الجاردز اللي هنا و إزاي
يسمحوا للمسخرة دي تحصل انا مش
عارفة دول إزاي يتجرؤوا و يعملوا كده في
فرح اخينا و الله لخلي سيف يدخلهم السجن..
آية بخبث و هي تخرج هاتفها :”لا انا عندي فكرة أحلى من كده انا حصورهم كم فيديو حلو حخليهم
يبقوا الترند الجديد في مصر كلها لا بل في
العالم العربي كله يا لهوييي داه انا حشهرهم
بكره حيدعولي ولاد شحيبر دول …
أنهت كلامها بضحكة شريرة و هي تلتقط لهم
عدة صور و فيدوات لتضحك أميرة بصخب
قبل أن تشير لاحد الحراس الذين كانوا ينتشرون في
الحديقة و الفندق بأكمله تحسبا لأي مشكلة….
إنطلق الحارس نحوهما و على وجهه علامات
الاستياء ليحمحم حتى يلفت إنتباههما قائلا
بنبرة رسمية :”لو سمحت يافندم ميصحش
اللي بيحصل هنا إنتوا في مكان محترم مش
في كباريه انا مضطر أتخذ الإجراءات اللازمة
ضدكوا…
إصفر وجه الفتاة بخوف و حرج و هي تعدل
من مظهرها المبعثر بينما نظر الرجل نحو الحارس
بنظرات متتالية ثم اخرج بعض النقود من جيبه
ليعطيها له قائلا بتكبر :”اظن كده إنت لا شفت
و لاسمعت…
الحارس بقلق و خوف فهو يعلم أن من أمامه
من ذوي الطبقة الغنية من هيئة ثيابهم و كذلك
حفل تابع لعائلة البحيري لن يحضره سوى الأشخاص الأثرياء في البلاد :” يا فندم انا مقبلش حاجة زي
دي انا بس بقوم بشغلي و لازم انفذ الأوامر…
الرجل بغضب :” الظاهر إنك مش عارف إنت
بتكلم مين داه انا باشارة مني ممكن اوديك ورا الشمس إنت عيلتك كلها يا…..
قاطع حديثه بصراخ آية التي كانت تتابع
الحوار من بعيد هي و أميرة :”جرا إيه
يا أفندينا هو كل ماتيجي نكلم واحد يقلنا إنت
مش عارف بتكلم مين….. حتكون مين يعني
رشدي أباضة و بيصور فيلم هنا و إ حنا مش عارفين…مش كفاية إنك ممسوك بفعل فاضح في جنينة الاوتيل و كمان بتتقبح إلا صحيح اللي إختشوا ماتوا على رأي أحلام….
الرجل بغضب رغم إعجابه بجمالها الباهر :”و إنت
مين و إيه اللي دخلك؟؟؟
آية بغرور و هي تضع يدها على خصرها :” أنا أخت
العريس ياعنيا و شفتك كنت بتعمل إيه إنت و
السلعوة اللي وراك دي …
الرجل بصوت عال رغم إرتباكه:”إحترمي نفسك
يا آنسه إحنا كنا بنتكلم مع بعض مش أكثر…
آية بسخرية :” بتتكلموا….و هو الكلام
مش بييجي غير خلف الشجرة…إنت بتستهبل
أنا شايفاكوا بعنيا دول و إنتوا بتعملوا قلة الأدب
مش لاقيين غير فرح اخويا عشان تهببوا اللي
هببتوه…إنت مش عارف إحنا مين؟؟
قالتها و هي ترفع رأسها بغرور لتهمس لها أميرة
التي كانت تقف بجانبها تشاهد هذه المسرحية
و هي تكتم ضحكاتها :”يابنتي كفاية كده
أنا حقول لسيف و هو يتصرف معاهم ملناش
دعوة بالاشكال دي…
آية برجاء :” لا و النبي ياميرو سيبيني شوية كمان
أنا نفسي من زمان اوي اقول الجملة دي بشوفها كثير في الأفلام و إنت عارفة إني نفسي ابقى ممثلة و اعمل دور بنت الاكابر …
الفتاة و هي تنظر لآية بغضب فقد لاحظت
نظرات رفيقها نحوها :”يلا يا حبيبي خلينا
نمشي من هنا و دي مش حتقدر تعملنا حاجة اصلا مفيش عندها دليل و كمان مش باين إنها من
أصحاب الفرح دي واحدة لوكال إنت مش شايف شكلها إزاي ……
آية بولولة :” نعااام ياعومرررر اللوكال دي تبقى
أمك يا حبيبتشييي إنت متعرفيش انا مين….. ميغركيش الفستان الحلو و إلا الكعب الكيوت اللي انا لابساه لالا داه انا معايا الحزام الأسود وممكن اقلبلك فاندام دلوقتي…داه غير الفيلم الحلو اللي
منور تلفوني و بعدين تعالي هنا يا بت إنت
وشك مش غريب عليا مش إنت قريبك إسمه
أحمد آل… مممم مش فاكرة إسمه بالكامل
بس حدور عليه علشان أحكيله على بجاحتك
و عمايلك السودا…
إصفر وجه الفتاة بشدة لتبتلع ريقها بصعوبة
قبل أن تجيبها بشجاعة زائفة :”أنا مفيش
حد قريبي إسمه أحمد… إنت… إنت اكيد
غلطانة”.
آية بخبث :”حبقى اوريله الفيديو و أتأكد….
الرجل بغضب :” فيديو إيه إنت بتهزري… هاتي
التلفون يا آنسة. خلي الليلة تخلص على خير…
آية بتحدي :”مش قبل ماتعتذر إنت و هي….
الرجل :” نعتذر على إيه إنت بتهزري”.
آية :”إعتذروا عشان شوهتوا المكان المحترم
داه بدل ما إنده الأمن يرموكوا بره…لما إنتوا
مش قد البوس بتهببوا ليه؟؟
الرجل بنفاذ صبر و هو ينظر لها بغضب جارف
:”بقلك إيه أنا مش فاضي لهبلك… وسعي كده…
الفتاة و هي تمسك ذراعه هامسة بصوت
خافت :”ارجوك يا وليد خلينا نعتذر دي
ممكن تفضحنا خاصة إنها تعرف أحمد
إبن انكل سامي…
قاطع حوارهم سيف الذي حضر للتو
بعد أن هاتفته أميرة :”هو إيه اللي بيحصل
هنا…. وليد إنت بتعمل إيه هنا….
وليد بحرج :” و لا حاجة انا كنت واقف هنا
بتكلم انا و زينة و بعدين حصل سوء تفاهم
و البنات كبروا الحكاية….
آية بغضب :”كذاب كانوا بيعملوا حاجات
قليلة الادب…و انا و أميرة شفناهم….
أشار وليد لسيف حتى يكلمه جانبا ليومئ
له سيف ثم يذهبا بعيدا عن البقية ليتحدثا
بعض الوقت….
الفتاة بخوف و حرج :” أنا آسفة مكانش
قصدي اكلمك بأسلوب وحش بس انا ووليد
بنحب بعض و حننخطب قريب….لو سمحتي
متقوليش حاجة لأحمد داه واحد فتان و حيفضحني
في العيلة كلها….
أميرة بغضب :” على فكرة اللي بتعمليه
داه غلط هو لو كان بيحبك كان صانك و حافظ
عليكي و خاف على سمعتك و منظرك قدام
الناس…. ضحك عليكي بكلمتين باسم الحب
و استغل مشاعرك عشان يوصل للي هو عاوزه
و يوم ما يمل منك صدقيني حيرميكي بدون
تردد… انا معرفكيش بس نصيحة ليكي
خلي بالك من نفسك عشان عشان مفيش
غيرك حيتأذي و حيجي يوم و تندمي و ساعتها
مش حيفيدك الندم…
الفتاة بتوتر :”بس انا بحبه… و هو….
آية :” تصطفلي إنت اصلا باين عليكي غاوية
قرف…سيبيها ياميرو إحنا مالنا و مال الأشكال
دي… دول باين عليهم متجوزين قبل الخطوبة
حتى…..
اتي سيف ليصرف الحارس الذي كان
يقف جانبا ينتظر الأوامر قائلا :”يلا
يا أميرة خذي صاحبتك و ادخلوا جوا
و انسوا اللي حصل هنا و إنت يا آنسة
تقدري تروحي بس ياريت اللي حصل
داه ميتكررش….
أومأت له الفتاة قبل أن تختفي بينما
همست أميرة في اذن آية قائلة بتعجب
:” هو إنت بجد تعرفي قريبها اللي إسمه
أحمد داه….
آية و هي ترفع ثوبها قليلا لتتمكن من الحركة
:” و هي في عيلة في مصر مفيهاش إسم أحمد و إلا محمد …أنا معرفش قريبها داه انا إخترعت الحكاية دي من دماغي عشان اخوفها
بس و هي ياعيني كانت حتموت من الرعب… تستاهل و هي شبه سلاكة السنان كده انا و الله
محترمة إني في فرح اخوكي غير كده كنت
ربيتها من جديد…
أميرة بضحك :”طب يلا خلينا ندخل نكمل كلامنا جوا الجو برد هنا..
سيف :” آنسة آية ممكن تمسحي الفيديو
اللي إنتي صورتيه…
آية و هي تنظر له باستغراب:” و امسحه ليه
داه حيبقى ترند مصر الجديد بكرة…متنساش
تتفرج عليه…
سيف بضحك :” طب ليه الفضايح دي
كلها إنت كده حتسوئي سمعة الاوتيل
و الفرح كمان…
آية :” لو كان صاحب الاوتيل شاف اللي
حصل انا متأكدة إنه مكانش سابهم بالساهل كده
و إلا عشان هما اصحابك….
سيف بانزعاج :”مفيش داعي للكلام داه
الحكاية إنتهت خلاص و اي حد بيغلط
أنا طردتهم هما الاثنين و نبهت عليهم ميرجعوش
هنا ثاني عاوزاني اعمل إيه كمان… اشنقهم.
أميرة :” يا سيف آية متقصدش بس
البنت الوقحة غلطت فينا قالت علينا لوكال
عشان كده مكانش لازم تسيبها تمشي…
سيف بتعجب :” طيب ليه مقلتيليش لما
كانت هنا.. و بعدين إنتوا المفروض كنتوا
تعلموني بالحكاية مين غير متتدخلوا و انا
كنت حتصرف …
آية باستهزاء قبل أن تغادر :” و اديك تصرفت
و خلصنا….
لحقتها أميرة محاولة إقناعها :”يمكن الراجل
داه صاحب سيف عشان كده سابه يا آية
بس الحمد لله الحكاية تمت على كده و محصلش
مشاكل…
آية بعدم إهتمام : “و انا مالي الفرح فرحكم
و إنتوا أحرار…. انا مروحة يا أميرة و بكرة
إن شاء الله حكلمك…
أميرة باستياء :”طب خليكي شوية الفرح
لسه في أوله….
آية بمرح:”أوله زي آخره اصل أفراح الناس الاغنياء اللي زيكوا مملة بصراحة بتحسي نفسك كانك في حفلات الممالك و السلاطين زمان موسيقى هادية و ناس بتتكلم و بتعقد صفقات و شغل… مفيش حمه بيكا و لا عمر كمال… دي حتى أغنية بنت الجيران
لايقة على العرسان اوي…
أميرة :”عندك حق انا حدخل جوا و حقول
للفرقة يغيروا الاغاني..
آية :” بتتكلمي جد طب و الناس الاكابر اللي
جوا دول يقولوا علينا إيه لوكال… قالتها بنبرة
مضحكة مقلدة تلك الفتاة لتنفجر أميرة
من الضحك على جنون صديقتها.
داخل القاعة…
تأففت ليليان بملل قائلة :” أنا بجد زهقت ياأيهم
عاوزة أقف من مكاني…عاوزة اسلم على نور
و محمد…
أيهم بابتسامة عاشقة :” تؤ مفيش روحة
لمكان من غيري….
ليليان برجاء:” طب نروح سوى…. انا رجلي ورمت
من القعدة…
أيهم باستسلام:” حاضر ياستي بس
شوية و نروح إتفقنا….
ليليان :” لو عايز تروح خذ أيسم معاك انا
حفضل مع طنط و ا…
سكتت ليليان عندما سمعت صوتا أنثويا
يقاطع حديثها إلتفتت لتجد فتاة أقل ما يقال
عنها جميلة ترتدي فستانا أحمر قصيرا في
غاية الروعة ليبرز مفاتن جسدها بشكل جذاب
:” أنا مش مصدقة إيه الصدفة الحلوة دي
إزيك يا أيهم أخبارك إيه بقالي كثير مشفتكش”.
أيهم و هو مازال ينظر لليليان :”إنت مين؟
شهقت الفتاة بعدم تصديق من تصرفه اللامبالي
و كأنها غير موجودة فأيهم المعروف زير النساء
لم يكن ليتصرف هكذا ابدا خاصة مع فتاة
جميلة مثلها :”أنا سالي إنت مش فاكرني و إلا
إيه (سالي خطيبة فريد لو فاكرينها)….
أيهم و هو لا يحيد بعينيه عن ليليان و كأنهما الوحيدين الموجودين في هذا المكان :” سوري مش فاكرك…
سالي باحراج :” كنا بنسهر مع بعض زمان في
شقة شاهين بيه الألفي…
ايهم بانزعاج دون أن يلتفت إليها:” اوكي و بعدين عاوزة إيه؟
سالي باصرار:” كنت عاوزة اسلم عليك عشان
وحشتني… قصدي وحشتنا إحنا كنا أصحاب
جدا زمان…انا متأكدة إنك فاكرني ….
نظرت لها ليليان بغضب وكانت ستتكلم لولا قاطعها أيهم الذي تحدث ببرود :” تشرفنا يا مدام
سلوى او سامي مش مهم … مع السلامة تقدري تمشي دلوقتي ….
شهقت سالي من تصرفه الوقح معها قبل أن
ترمقه بنظرات غاضبة و هي تغادر متمتمة
بكلمات غير مفهومة….
نفخ أيهم بضيق في أثرها قائلا بحنق :” ابو
ثقل دمها…
ليليان :” أهي دي من ذكريات الماضي
يا زوجي العزيز….
أيهم و هو يفرك رقبته بتوتر :”و إنت قلتيها
بعظمة لسانك يا حببتي… داه ماضي يعني
خلاص إنتهى وراح يلا قومي خلينا نروح
لمحمد و عروسته….
جذبها من يدها متجها نحو منصة العروسين
دون إنتطار ردها…..
بعد إنتهاء الحفل …..
في جناح محمد الذي حجزه لقضاء اول ايام
الزفاف قبل السفر إلى أحد البلدان الاوروبية
لقضاء شهر العسل…
نفخت نور وجنتيها بضيق قائلة :”يامحمد
نزلني بقى خلاص رحنا دخلنا الأوضة اهو… إنت
حتقعد شايلني كده”.
محمد بضحك :”أصلك خفيفة خالص حتى
بعد ما لبستي البتاع داه… منفوش على
الفاضي”.
نور :”طيب خليني اغير الفستان و بعدها
شلني براحتك…نزلني بقى
محمد و هو يغمزها بوقاحة :” لا بقى بعد
ما تغيري الفستان داه حيبقى لينا كلام ثاني
خالص بس و حياتك توصي بيا و إختاري
حاجة من بتوع الست فيكتوريا سكريت دي
اصلي بحبها اوي….
نور و هي تلكمه على صدره العضلي :” يا قليل
الأدب يا سافل نزلني…بقلك و يكون في علمك
لا ست فيكي و لا ميمي إنسى يا كابتن انا
تعبانة و عاوزة انام….نزلني….
أنزلها محمد برفق و هو ينظر لها بنظرات
إستعطاف :” اوعدك حبقى مؤدب بس و حياتي
عندك اللي تلاقيه فوق السرير إلبسيه…عاوز
اشوفك بيه الليلة…..
نور بتلعثم و هي تحاول الخروج من أحضانه
:” تمام بس سبني دلوقتي عشان أغير
الفستان ثقيل و انا تعبت اوي….
محمد بحنان :”سلامتك يا قلبي…
قبلها من جبينها قبل أن يتوجه نحو الباب
الذي كان يطرق منذ مدة لكنه كان يتجاهله
لتدخل هي إلى الداخل نحو غرفة النوم
حتى تغير ملابسها….
خرج ليجد إحدى العاملين (الروم سيرفس)
فتح له الباب ليدخل و هو يدفع عربة
تحمل اصنافا فاخرة من الطعام مغطاة
بأغطية بلورية شفافة لكن أكثر ماجذب
محمد هو ذلك الظرف الكبير الذي وضع
تحت احد الاطباق…
أخرج من جيبه عدة ورقات نقدية ليعطيها
للنادل الذي شكره بامتنان قبل أن يغادر
ليلتفت محمد مرة أخرى و يبعد الطبق
حتى يكتشف مابداخل هذا الظرف الغريب
الذي يحمل إسمه من الخارج…..
بعد ساعة….
تجلس نور على السرير و هي تفرك يديها بتوتر
و قلبها يكاد يخرج من مكانه من شدة القلق
فمحمد تأخر و لاتعرف أين ذهب…
تمددت على السرير بعد أن نزعت روب القميص
لتندس تحت الغطاء بعد شعورها بصداع كببر
في رأسها….
في الخارج أمام الجناح كان محمد يتحدث
في هاتفه و ملامح وجهه الغاضبة جعلت بعض
النزلاء و العاملين في الفندق يفرون خوفا من امامه
محمد بصراخ :”شاهين لو سمحت للمرة الالف
بسألك مين الكلب اللي عمل كده…إنت بس
قلي على إسمه و انا وديني وما أعبد لادفنه
مكانه… الوا.. ال… إبن ال….
شاهين بنفاذ صبر :” محمد قلتلك خلاص
الحكاية بقت عندي و انا اوعدك حاخذلك حقك
و حق نور منهم كلهم و حخليهم عبرة لأي
حد يفكر يلمس شعرة من عيلتي…إقفل دلوقتي
و متسيبش عروستك لوحدها… عيب داه
إنت عريس و المفروض تركز على حاجات
ثانية أهم….
مسح محمد وجهه الذي كان عبارة عن كتلة
حمراء من شدة غضبه إضافة إلى عروق
رقبته ويديه البارزة التي جعلت من مظهره
مرعبا بحق :”عريس و ليلة فرحه يتفاجئ
بصور مراته و هي…..ماشي يا شاهين انا
حوصلهم بنفسي و ساعتها و الله لخليهم
يتمنوا الموت… الكلاب..
شاهين بتريث:” إحمد ربنا إننا لحقنا الحكاية
في الوقت المناسب و إلا كانت الصور دي
إتنشرت في الحفل و داه كان مخططهم
البنت و صاحبتها و الواد اللي عمل الصور
دي كانوا عاوزين يعملوا فضيحة للعروسة
و كانوا مأجرين ناس من جوا الاوتيل
عشان يعملوا كده….
محمد بهستريا :” ااه يا ولاد الكلب و الله
ما حرحمهم…
شاهين :” خلص إنت شهر العسل بتاعك و انا
اوعدك اول ماترجعوا بالسلامة حجيبهملك
تحت رجليك و إنت تصرف فيهم زي
ماتحب بس حاول متحسسش نور بحاجة
عشان مفيش حد عنده خبر بالحكاية دي….
محمد :”تمام انا أسبوع كده و حرجع إن شاء الله….
شاهين :”أسبوع بس… ياإبني داه شهر عسل
إتبسط براحتك و لما ترجع إبقى إعمل اللي
إنت عاوزه متخليش حكاية تافهة زي دي
تأثر عليك حتة بنت متدلعة و حتاخذ جزاتها…
محمد و هو يغمض عينيه لتظهر أمامه صور
نور المفبركة ليصرخ منتفضا:” هي و عيلتها
كلها… كلهم يا شاهين كلهم….البنت دي إسمها
مش غريب عليا بس مش عارف هي مين
بالضبط….
شاهين :” حاضر ياعريس اي أوامر ثانية..
محمد :لا شكرا كفاية وقفتك معايا لولاك
أنا مكنتش حعرف اتصرف خصوصا لو
كانت الحكاية كبرت اكثر من كده…
شاهين متجاهلا حديثه:” محمد انا عاوز أسألك
لما شفت الصور مشكيتش لحظة أنها ممكن تكون
نور اللي في الصور….
محمد بغضب :” طبعا لا هو انا عبيط عشان
أصدق حاجات زي دي….انا واثق من نور لدرجة
إني مستحيل أصدق أي حاجة تتقال عنها
هي اول و آخر حب في حياتي…
شاهين :” طيب إقفل دلوقتي و روح للعروستك
زمانها نامت…. و على فكرة انا مش ححاسبك
على صوتك العالي و إنت بتكلمي عشان إنت عريس
بس المرة الجاية حيكون ليا كلام ثاني معاك
يلا good luck وراك شغل كثير الليلة ..
بعد عدة دقائق…..
أغلق محمد الهاتف ثم لكم الحائط بقوة
محاولا تفريغ شحنة غضبه التي تتزايد
بداخله كل دقيقه…
تمنى فقط لو كانوا أمامه لما تركهم أحياء رغم ان محمد شخص مسالم في حياته العادية و نادرا مايغضب لكن عندما يتحول يصبح وحشا
قاتلا…..
دفع باب الجناح ليدلف إلى الداخل بحثا
عن شقرائه التي سلبت عقله من اول نظرة
ليجدها نائمة إبتسم عندما وجدها ترتدي
ذلك القميص الأبيض الذي لائم
بشرتها الناصعة البياض….إختاره خصيصا
من أجلها حتى أنه أصبح لونه المفضل..
عقد حاجبيه متمتما بأسف و هو يقترب
ليجلس بجانبه :”الظاهر إن الليلة باضت…
جذب الغطاء قليلا ليبتلع ريقه بصعوبة
و هو يتفرس باعجاب كتفيها و ظهرها
العاري…تحامل على نفسه ليعيد تغطيتها
من جديد هامسا بصوت ضائع :” نور.. حبيبتي
إصحي…..
تململت نور بانزعاج دون أن تفتح عينيها
قائلة :”مصدعة… و عايزة انام…..
محمد باصرار
:”حبيبتي قومي عشان
تاكلي و بعدين إرجعي نامي…. مينفعش
تنامي من غير اكل خصوصا إنك مذقتيش
حاجة من الصبح…. يلا يا قلبي إصحى
بقى…
نور بنعاس:”حبيبي عشان خاطري سيبني
انام بعدين حصحى و حاكل….
محمد :” و هو لسه في نوم بعد كلمة حبيبي
دي….نور إصحي انا لسه بحاول اسيطر على
نفسي…
نور وهي تنتفض من مكانها تنظر له بقلق واضح على ملامحها :”قصدك إيه….
لاحظ محمد خوفها ليخفي ضحكته قائلا
:” قصدي على العشاء..يلا انا حروح اغير
هدومي و اجيلك العشا برا بس إوعي تاكلي
عشان عاوز أاكلك بإيدي…
غمزها قبل أن يختفي وراء الباب تاركا نور
ترتعش من الخوف و القلق…
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
(الخاتمة)
قراءة ممتعة 💜
“حسافر بعد ثلاثة أيام عندي شغل مهم
في إيطاليا و حاخد الاولاد عشان يتفسحوا…”.
أردف شاهين و هو يفتح ازرار بدلته الفخمة
دون أن ينظر لكامليا التي كانت تراقبه خفية…
اجابته بدهشة بعد أن فهمت مقصده :”مش فاهمة
يعني إيه حتاخذ الولاد… طب و انا؟؟
شاهين بقسوة و هو يتذكر عنادها منذ ساعات
قليلة في حفل الزفاف :”أنا قلت لماما عشان تيجي
معايا بس هي رفضت فقررت إنك تقعدي
معاها…
رمت كاميليا قرطها الماسي على التسريحة
قبل أن تلتفت نحوهه صارخة بغضب :”نعم..
يعني إيه قررت….انا طبعا مش حرفض
إني اقعد مع طنط بس كمان مش قادرة
افهم إيه سبب قرارك المفاجئ داه؟؟
شاهين ببرود :” قلتلك شغل…
أخذت نفسا عميقا حتى تتحكم في غضبها
قبل أن تحيبه بهدوء رغم النار التي كانت
تشتعل بداخلها لتخيلها إبتعادها عن اطفالها
ليوم واحد :” إعمل اللي يريحك…انا مش حعترض
على حاجة بعد كدة…
تركته مذهولا من كلامها لتتجه نحو غرفة
الملابس لتغير فستانها… أغلقت باب الغرفة
لتنفجر ببكاء مرير…لم يتغير و لن يتغير
ابدا تعلم جيدا انه يعشقها حد الجنون
و يحاول بكل جهده إرضائها و لاتنكر
إن حياتها أصبحت جنة معه لكن عندما
يغضب فهو يتحول لشخص آخر غريب
لايرحم حتى اقرب الناس له….
في الخارج رمى شاهين جاكيت بدلته
على الأرض بعنف و عيناه الحمرواتان مثبتة
على الباب الذي أغلق أمامه بدأ في فتح ازرار
قميصه بقوة حتى أنه مزق بعضا منها
لتتناثر على الأرض مصدرة حفيفا ليغمض
عينيه بقوة و هو يستنشق الهواء
عدة مرات بصوت مرتفع دليلا على شدة
غضبه…هو لم يشأ إخبارها بمشكلة شقيقتها
حتى لاتحزن بل فضل إخفاء الأمر عنها و
التصرف بسرية تامة لكنه لم يحسب حسابا
لتدخلها مما جعل الأمر في غاية التعقيد
و الصعوبة…هاقد عادوا لنقطة الصفر للمرة
الالف بسبب عنادها و قسوته….
خرجت كاميليا بعد دقائق من غرفة الملابس
بعد أن إرتدت بيجاما بيتية مريحة… إتجهت
نحو باب الغرفة لتخرج لكن ما إن وضعت
يدها على المقبض حتى إستوقفها صوت شاهين
:”رايحة فين؟؟
كاميليا ببرود زائف :” رايحة اطمن على
الولاد….
تنهد بصوت مسموع قبل أن يجيبها:”الولاد
في الفيلا.. إحنا بس اللي هنا….
كاميليا بغضب لم تستطع كتمانه:” و مقلتيليش
ليه؟ و إمتى روحوا انا كنت معاهم من شوية
في الجناح بتاعهم…..
شاهين و هو يقترب منها :”كنت حقلك بس
بسبب اللي عملتيه في الفرح ووقفتك قدامي
و عنادك إنت معاقبة..
كاميليا و هي ترفع حاجبيها:”على أساس
إني أسيل و إلا آسر عشان تعاقبني… على
فكرة انا مراتك..
شاهين و هو يضغط على خصرها بيديه :”و عشان
مراتي نسيت إزاي تتعامل معايا قدام الناس
فهي محتاجة تتعاقب عشان تبطل تغلط
بعد كده…
كشرت كاميليا بوجهها بسبب شعورها بالالم
لكنها تحاملت على نفسها و هي تقول :” و مالو
إعمل اللي يريحك… و دلوقتي سيبني عشان
تعبانة و عاوزة انام.. داه طبعا لو مش حيضايق
حضرتك…
شاهين :” يعني إنت مش حاسة بغلطك
لحد دلوقتي و لسه بتعاندي…
كاميليا و هي تلف رأسها للجهة الأخرى
متحاشية النظر إليه :”و هو فين العناد داه انا بقلك
حاضر و موافقة على كل اللي حتعمله….
شاهين بتحذير :”كاميليا بلاش اسلوبك
داه….إنت غلطتي لما قللتي من قيمتي
قدام رجالتي و إنت عارفة إني مش
بسامح في الموضوع داه….و دلوقتي إعتذري
لحسن تتعاقبي وإنت عارفة كويس عقابي
حيكون إزاي….
شهقت كاميليا بخوف و إرتباك لتضع
يدها لا إراديا أسفل ظهرها و هي تتذكر
عقابه لها آخر مرة قبل أيام لأنها وضعت
أحمر شفاه مجددا في الشركة….
حاولت التملص من بين يديه لكنها فشلت
رفعت رأسها لتصطدم بابتسامته العابثة
قبل أن يخاف بتسلية :”بفكر أخليها
20 صفعة المرة دي إيه رأيك و متحاوليش
تهربي عشان مش حسيبك…ها قلتي إيه”.
كاميليا ببكاء بعد أن تيقنت من إصراره على عقابها :”الراجل المسكين كان متبهدل
و هو راكع تحت رجليك و إنت مش بترحمه…
هو راجل كبير و ميستاهلش إنك تذله بالشكل
داه.. حسيت بالشفقة ناحيته و مقدرتش امسك
نفسي…. انا آسفة..
شاهين باستمتاع رغم تألمه من رؤية دموعها :”
آسفة بس…
رفعت جسدها الضئيل و هي تستند بيديها على
كتفيه لتقبل وجنته قبلة خفيفة رغما عنها
ليرفعها شاهين إلى الأعلى ملتقطا شفتيها
في قبلة تعبر عن إعتذار و ندمه على جعلها
حزينة لكن رغما عنه فهذه هي شخصيته المسيطرة
التي لن يستطيع تغييرها مهما فعل…
فصل القبلة بعد دقائق لينتقل بشفتيه يمسح
دموعها التي اغرقت وجنتيها و هو يتمتم بكل
كلمات الأسف و الاعتذار :”آسف ياروحي…. يا
قطعة من قلبي يا كل دنيتي غضب عني
بتنرفز لما حد يعارضني داه طبع سيئ انا عارف بس للاسف مش حقدر اغيره… بس متنسيش إن إنت الوحيدة اللي سمعتي كلمة آسف مني عشان
أنا عمري ما إعتذرت لحد قبل كده………..
كاميليا بعتاب:” بس إنت لما تزعل بتبقى
قاسي جدا… إنت كنت عاوز تاخذ ولادي
و تسافر أسبوعين و إنت عارف إني مقدرش أعيش
من غيرهم يوم واحد….
شاهين بابتسامة :” طيب و إنت صدقتي إن
أنا ممكن اعمل كده بجد…طب بلاش دي إنت
متخيلة إن انا حقدر اتنفس و إنت بعيدة عني
داه انا باخذك معايا الشركة عشان تكوني جنبي
و أقدر اكمل يومي…
كاميليا بحب :” أنا كمان بحبك اوي…و بكلمتين
حلوين منك بتجيبني الأرض رغم إني كنت
زعلانة منك….
شاهين بخبث و هو يسير بها نحو السرير :”لا
يا روحي الحاجات دي بتكون بالفعل مش بالكلام…
كاميليا بضحك و قد فهمت مقصده :”مش حتبطل
قلة الأدب دي…
شاهين بغمزة و هو يعتليها:” عمري….
……………
في جناح العروسين….
خرج محمد من الحمام يدندن لحن إحدى
الاغاني الشعبية التي يعرفها….جالت عيناه
بكامل الغرفة بحثا عن شقرائه الصغيرة لكنه
لم يجدها همهم باستغراب قائلا :”ياترى راحت
فين…
خطى خارج الغرفة الرئيسية ليكمل بحثه
في بقية المكان دون جدوى ليبدأ القلق
رويدا رويدا يتسرب بداخله…
ركض للداخل بحثا عن هاتفه لكنه توقف
فجأة عندما لمحها تقف في الشرفة…
اسرع نحوها قائلا بتأنيب :” حبيبتي إيه
اللي طلعك برا الجو برد….
إحتضنها من الخلف ليتفاجئ ببرودة
جسدها و إرتعاشه زفر بضيق قبل أن ينحني
و يحملها للداخل… أجلسها على ساقيه
و هو يحيطها بجسده الضخم كطفلة صغيرة…
محمد بعتاب:” الجو برد برا… كنتي بتعملي إيه….
نور بصوت منخفض:” كنت عاوزة اشم شوية
هوا…
هز محمد حاجبيه بخفة قبل أن يجيبها بعدم
إقتناع :”طيب بس كان لازم تلبسي حاجة
ثقيلة… كده حتمرضي…
رفعت نور عينيها نحوه لتجده يحدق فيها
بقلق:” آسفة بس…
محمد بجدية و هي يديرها قليلا لتصبح مواجهة
له :” مالك يا نور في حاجة مضايقاكي..
نور بارتباك و هي تفرك يديها بتوتر :” مفيش
بس انا كنت… يعني.. عاوزة اطلب منك
نأجل شوية…. مممم مش عارفة انا قصدي..
محمد بضحك :” قصدك إننا لازم نبطل خوف
و قلق على الفاضي تعالي الأول نتعشى عشان
أنا ميت من الجوع و بعدها ننام عشان عندنا سفر
بدري… إتفقنا…..
نور بابتسامة فرحة و هي لا تصدق ماتسمعه
منه :” إتفقنا….
قضيا وقتا طويلا و هما يتناولان طعام العشاء
الذي لم يخلو من دعابات محمد و طرائفه
و هو يحكي لها عن مواضيع عديدة محاولا
جعلها تتعود عليه و تنسى مخاوفها و قلقها
خاصة أن الزفاف كان فجئيا و بطلب منه..
خلدا للنوم ليضمها محمد إليه بتملك رافضا
جميع محاولاتها الخجولة للابتعاد عنه لتغفو
نور بعد مدة بعد أن شعرت بدفئ جسده الذي
يحاوطها من الخلف ليرفع محمد رأسها برفق
و يضعه فوق ذراعه الضخم محققا بذلك
امنيته التي طالما ما تمناها منذ أن رآها و هي ان تنام جميلته بين أحضانه.. قبل مقدمة رأسها
قبلة عميقة مستنشقا رائحة الفراولة اللذيذة
المنبعثة منهل قبل أن يخلد بدوره و على ثغره
إبتسامة سعيدة راضية….
في اليوم الموالي…..
إستيقظت نور من نومها على دغدغات خفيفة
شبيهة برفرفة الفراشات لتفتح عينيها الساحرتين
ببطئ لتجد محمد ممسكا بوردة حمراء في غاية
الجمال و يمررها صعودا و نزولا على وجنتيها و رقبتها…
نور بابتسامة جميلة اضاءت وجهها لتسلب لب
محمد :”صباح النور…
محمد بهيام و هو يتفرس وجهها الحسن :” صباح
الرقة و الجمال….نمتي كويس…
نور بإيماء :”أيوا….
محمد بحب :” بقالي كثير بحلم باليوم
اللي أصحى فيه من النوم و ألاقيكي جنبي…
بس مكنتش اتوقع إنه حيكون بالشكل داه…
نور :”قصدك وحش….
محمد بضحك :”وحش إيه بس… انا مش لاقي
كلام اصلا أعبر فيه على فرحتي بوجودك
جنبي…
نور بارتباك و قد غزت وجنتيها حمرة الخجل'”بس
أنا…يعني إمبارح…
رفع محمد ذقتها بسبابته متأملا عينيها التي
يعشقهما:” هو إنت ليه فاكرة إني متجوزك
عشان الحاجات دي…انا بحبك عارفة يعني
إيه بحبك…و مستحيل أقرب منك و انا عارف
إنك لسه مش مستعدة لداه…نور ارجوكي
حاولي تشيلي الحدود اللي حطاها بينا…انت دلوقتي
مراتي يعني انا بقيت أقرب شخص ليكي
متتردديش لحظة إنك تحكيلي أي حاجة
جواكي عشان نقدر نتجاوزها مع بعض…بلاش
نظرة الخوف و القلق اللي بشوفها في عنيكي
كل شوية دي عشان بتقتلني….
نور بابتسامة رقيقة :”حاضر.. ححاول…
محمد و هو يمنع نفسه بصعوبة على
إلتهامها برقتها و نعومتها :” تمام و دلوقتي
يلا عشان تغيري هدومك بسرعة عشان معاد
الطيارة قرب…
نور :”حسافر فين…
محمد :” إيطاليا…انا عارف إنك بتحبيها
اوي و نفسك تزوريها…..
نور بحماس و هي تقفز من السرير متناسية
ملابسها المغرية:” بجد حنروح إيطاليا انا مش
مصدقة..
محمد و هو يتفرس جسدها المثير :” ها….نور
يلا إختفي من قدامي دلوقتي قبل ما افقد
اعصابي..كفاية عذاب ليلة إمبارح…
نور ببلاهة :”ليلة إمبارح؟؟
محمد بخبث :” إستحميت ثلاث مرات بالمية
الباردة عشان حضرتك نايمة في حضني
زي الاميرة…
نور بصراخ و هي تهرول نحو الحمام :” قليل
الأدب.. و مش……..
محمد بضحك و هو يحدث نفسه :” إجمد يالا
هو إنت لسه شفت حاجة لسه الثقيل جاي…
خرجت نور بعد دقائق و هي ترتدي فستانها
رقيقا باللون الأسود رغم انه لايتناسب
مع الأجواء الباردة لكنها أعجبت بتصمبمه
و قررت أن ترتدي فوقه معطف فكانت رائعة
فوق الوصف
اطلق محمد تصفيرا يدل على إعجابه
و هو بتأمل مدى جمال زوجته الصغيرة
قبل أن يقترب منها و يمسك يدها و يديرها
ببطئ حول نفسها قائلا باعحاب :”واو…إيه
الجمال داه… صاروخ أرض جو..بجد مفيش أحلى
من كده …متجوز قمر ياناس…. بس للاسف مينفعش يتلبس برا عشان مفصل جسمك بالملي و انا
طبعا مش حقبل على نفسي إني أعرض مراتي
للرجالة كده…
بهتت نور من كلامه لتجيبه:” إنت بتقول إيه
أنا طول عمري بلبس كده و إنت عارف….
محمد و هو يحتضن خصرها بخفة حتى أن
قدميها لم تعودا تلامسان الأرض :” تؤ…الوضع
تغير يا قلبي إنت دلوقتي مراتي و انا مش ححرمك
إنك تلبسي اللي إنت عاوزاه حتى لو بيكيني
بس…. جوا البيت إنما برا تؤ معادش ينفع…
سار بها و كأنها لاتزن شيئا حيث السرير ليريها فستانا في
غاية البساطة الجمال و معه طرحة بنفس
اللون
محمد و هو ينزلها :” إيه رأيك في داه… حلو
نور و قد لمعت عيناها باعجاب:” يجنن
بس داه فستان للمحجبات….
محمد بابتسامة :”ما انا ححاول اقنعك بالحجاب
و مش حيأس لغاية متوافقي…انا عارف إن داه
مش الحجاب الشرعي بس على الاقل أحسن
من مافيش….و عارف كمان إنك حتقولي ليه
مراحش تجوز واحدة محجبة و إختارني انا
رغم إنه عارف طريقة لبسي و حياتي المختلفة عنه بس انا نفسي معنديش إجابة غير إني بحبك و عشان كده إخترتك إنت…. ها قلتي إيه.. إعتبريها هديتك
ليا بمناسبة جوازنا و انا مستعد احققلك
اي طلب تطلبيه في المقابل….
رق قلب نور بسبب لهجة محمد اللينة و نظرااته
الحنونة التي كان يرمقها و كأنه ينتظر شيئا
عظيما لتومئ برأسها دون شعور منها حتى
شعرت به يحملها من جديد مقبلا جبينها
عدة مرات قائلا بخفوت :”بحبك اوي… اوي
اوي….
في فيلا البحيري…..
وقف أيهم أمام السرير و هو يرمق ذلك
الصغير الذي كان متشبثا باحضان والدته
بنظرات حارقة و هو يتذكر كيف وصلا البارحة
ليجداه يبكي بصوت عال و يصر على النوم
في أحضان والدته….
إنحنى ليحمله لكن فوجئ به يفتح عيناه
و يبدأ بالصراخ من جديد ليبتعد عنه ايهم
متمتما بحنق :”لا بقى… داه قاصد يبوز
السفرية العفريت داه…
ليليان و هي تقبل صغيرها تهدأه بعد أن
ايقضها صراخه:” متقولش على إبني عفريت….
ايهم و هو يجلس بجانبها على طرف السرير
:”صباح الخير يالولو…
ليليان و هي تقبله على وجنته :” صباح الورد…
ياروح قلب لولو….
ايهم و هو يفرك عنقه بتوتر ناظرا للصغير
بضيق:” حرام عليكي هو يعني الكلام الحلو
ميجيش غير قدام الولد…. طب أعمل إيه
انا دلوقتي….
ليليان بضحك :” و لا حاجة….
قاطعها أيهم ليخطف قبلة صغيرة من ثغرها
لتدفعه ليليان قائلة بعتاب:”أيهم مينفعش
كده….
ايهم بانزعاج:” إنت اللي إستفزيتيني قدام
القرد داه….
ليليان بشهقة :” بقى ايسم إبني بقى قرد
و عفريت…
ايهم بلامبالاة :”أيوا عشان ماسك فيكي
زي القرد اللي ماسك في شجرة موز… شوفي
إزاي بيبصلي و كأني عدوه… يا إبني
إفهم بقى و سيب مامتك عشان عاوزها
في كلمتين سر و مينفعش تتقال قدامك…
قطب الصغير حاجبيه و هو يتشبث اكثر
بوالدته قائلا :” ياااااء انا حفضل مع مامي
على طول..
ايهم بعدم رضى:” نعم ياخويا….. ولاااااا
أنا صابر عليك من إمبارح و مأجل السفر
عشانك….يلا إتفضل برا من غير مطرود…
أيسم برفض :”ياااااء.. مامي انا بث(بس)
إنت ياااااء….
ايهم و هو يحمله رغما عنه :” بقى إنت
تعمل كده يا بو نص لسان طب تعالى
داه انا حاكلك دلوقتي….
بدا أيهم يلاعبه و دغدغه حتى تعالت
ضحكات الصغير و ليليان تراقبهما باعين
مستمتعة فماتراه أمامها هو أجمل مشهد
زوجها و إبنها و أخيرا إجتمعوا جميعا بعد
ان كادت تيأس من إن تحيا حياة طبيعية
كالاخرين… فما قاسته في حياتها ليس
سهلا ابدا…شريط حياتها كر أمامها كذكرى
منذ اول يوم توفت فيه والدتها و تركتها وحيدة
في هذة الحياة…..
أفاقت من شرودها على أيهم الذي كان يحدثها
:”لولو… رحتي فين بقالي ساعة بنده عليكي….
ليليان و هي تسمح دموعها التي نزلت دون شعور
منها :” لا مفيش كنت بتقول إيه…
ايهم و هو يجلس بجانبها :”بتعيطي ليه؟؟
ليليان بابتسامة :” و الحاجة اصلي مبسوطة
لما شفتك إنت و ايسم مع بعض… امال هو فين؟؟
ايهم بضحك و هو يحتضنها:” للدرجة دي كنتي
سرحانة….انا بعثته لرحمة عشان تفطره و تلبسه
عشان حسافر معانا….
ليليان بلهفة :” بجد حناخذه معانا…
ايهم بفرح عندما شعر بسعادتها :” أيوا… مقدرش
ابعدك عنه اسبوعين بحالهم…. و كمان إحنا
حنسافر كلنا عيلة شاهين و محمد و مراته بس
هما حيروحوا إيطاليا الأول عشان نور حابة
تزورها و بعدين حيلحقونا على هناك….
ليليان بتعجب :”هناك فين…إحنا حنسافر فين؟؟؟
ايهم بابتسامة :”جزر السيشيل يا حبيبتي ….
أنا رحتلها اربع مرات تجنن حتعجبك اوي….
ليليان :”طيب و هبة و الباشمهندس عمر….
ايهم :” للأسف مرات عمر حامل و هو رافض
إنها تطلع من البيت اصلا لحد ماتولد…عشان خايف
عليها…
أومأت ليليان بإيجاب و هي تلف يدها
حوله تتشبث يه و كأنها لاتصدق حتى الآن
وجوده إلى جانبها ليكمل أيهم و هو يضمها
بدوره بعد أن شعر بها… ضمها إليه بقوة
يريد أن يدخلها داخل اضلعه و يضعها بجوار
قلبه قائلا بحنان و هو يربت على ظهرها :”لو
مش عايزة نروح معاهم بلاش…
ليليان بنعاس :” مش مهم المكان… المهم إنك
معايا….
ايهم بتنهيدة و هو يقبل مقدمة رأسها متمتما
:”إنت حترجعي تنامي و إلا إيه؟؟
ليليان و هي تبتعد عنه :” لا انا صحيت اهو…
ايهم و هو يتفرس وجهها الفاتن و غمازتيها
:”طب فين صباح الخير بقى…
ليليان بدهشة :”أنا قلتلك من شوية لما…
ايهم مقاطعا:”تؤ… مش كفاية انا عاوز صباح
الخير زي دي…
اكمل كلامه ليأخذ شفتيها في قبلة متملكة
تعبر عن عشقه الدائم لها لتبادله ليليان القبلة
بنفس اللهفة و الحب معلنة عن إستسلام
قلبها و جسدها للمرة الالف أمام طوفان
عشق الايهم……
سافر الجميع و قضوا وقتا رائعا و كيف لا
و هم في مكان اشبه بالجنة على وجه الأرض
جزر السيشيل
يتبع…
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
النهاية(فصل خاص بمحمد و نور)
بعد أسبوع في إحدى جزر إيطاليا الساحرة….
نظرت نور بعبوس نحو محمد الذي كان
ينهي مكالمة هاتفية مع شقيقه أيهم الذي
يحثه على الالتحاق بهم في جزر السيشيل
ليبتسم الاخر بخفوت قائلا :”إيه ماله القمر
زعلان النهاردة؟؟؟
نور و هي تمط شفتيها بحنق لطيف :” عشان
الاسبوع خلص بسرعة و بكرة حنروح السيشيل
و انا عاوزة اقعد هنا….
أنهت كلامها و هي تنزل ساقيها من الاريكة
حتى تترك مكانا لمحمد ليجلس بجانبها
:”ما انا قلتلك ياحبيبتي إحنا حسافر و نشوف
الجو هناك و لو معجبكيش اوعدك إننا نرجع
هنا على طول “.
أحاط خصرها بلطف ليرفعها ببطئ ليضعها فوق ساقيه كعادته منذ زواجهما لتهتف نور بتذمر :”
و ليه نضيع وقت في السفر… المكان هنا جميل
اوي”
محمد بعشق و هو يتفرس وجهها بهيام :”أنا
لو عليا مش عاوز اشوف اي حاجة قدامي
غيرك.. بس أيهم و ليليان كل يوم بيكلمونا
و بيزنوا علينا عشان نسافر…و انا مش
عاوز أكسر بخاطرهم…..
نور :” طيب بس على شرط….
محمد بضحك :” ربنا يستر من شروطك… إتفضلي
ياستي…”.
نور و هي تداعب وجنته :”حنفضل معاهم هناك يومين و لو معجبناش المكان هناك نرجع هنا على طول و نحاول نقنعهم ييجوا معانا… إيه رأيك “.
محمد و هو يلاعب إحدى خصلات شعرها
:” طيب لو فرضنا إن الجو هناك و المكان
معجبكيش لو إني أشك عشان بجد السيشيل جنة على وجه الأرض و لما تشوفيها حتنسي أوروبا كلها….. قوليلي بقى نقنعهم إزاي…
نور :”مش عارفة بس إنت ممكن تقول لاخوك
أنا بجد عاوزة كلنا نيجي هنا “.
محمد بضحك :” طيب انا حقلك على خطة
لو نجحتي فيها يبقى الباقي كله سهل….
إنت تقنعي أختك بفكرتك و هي حتتكلم
مع شاهين و ساعتها كلهم حياخذو برأيه
و ييجوا على هنا خصوصا إن فادي كمان
بيحب ييجي إيطاليا كثير عشان إبتدا يتعلم
اللغة “.
نور بدهشة :” واو…هو لحق يكمل الألماني
عشان يبتدي في الإيطالي.. بجد الولد داه
معجزة “.
محمد :” مش إبن شاهين الألفي…داه دلوقتي
بقى بيتكلم اربع لغات غير العربي.. ”
نور :” اكيد تأثير كاميليا أصلها بتحب اللغات
اوي… “.
محمد بمشاكسة :” طيب و إنت بتحبي إيه؟
نور و هي ترفع حاجبها بعبث:”لا انا الايام دي
مش بحب أي حاجة….
نظر لها محمد بصدمة تجاهلتها نور و هي تكمل
بهمس و قد أخفضت بصرها قليلا :” غيرك إنت “…
محمد بصدمة اكبر :” ها..مش سامع ممكن
تعيدي عشان اتأكد”.
نور و هي تستجمع شجاعتها:” أنا..كنت عاوزة
اقلك إني آسفة عشان انا مقدرتش اكون البنت
اللي تليق بيك… البنت اللي تكافئك على تعبك
و صبرك معاها و رغم إني كنت بعاملك وحش
عشان غبية و مابفهمش بس إنت تمسكت بيا
و ميبتنيش…و آسفة بردو عشان بوزتلك أجمل
ليلة كنت بتحلم فيها عشان اوهام و أفكار عبيطة
خليتها تسيطر عليا… محمد انا عاوزة إبتدي معاك
صفحة جديدة و ننسى اللي فات كله… انا دلوقتي
مراتك و إنت ليك حقوق…..
قاطعها محمد الذي كان مسحورا بكلامها و طريقة
تحرك شفتيها الناعمتين و هي تزمهما بطريقة
عفوية لكنها كانت مغرية بالنسبة له :”شششش
متكمليش عشان انا مش عاوز اسمع حاجة
في الموضوع داه.. انا قلتلك قبل كده إني
مش داه سبب جوازي منك….
نور و هي تتظاهر بالحزن :” يعني إنت مش
عاوزني ..
عضت شفتيها و هي تضع يديها على وجهها
بعد أن إنتبهت لما تفوهت به ليزداد إحراجها
أضعافا و هي تستمع لقهقهاته المرحة:طب
شيلي إيدك عشان اشرحلك النقطة دي بالذات…
حركت نور رأسها بنفي قائلة بصعوبة :” أنا مش
قصدي إنت اللي فهمت غلط “.
محمد :”و انا جاهز عشان تفهميني”.
نزعت نور يديها لتستند باحدها على كتفه
إستعدادا للنزول من على ساقيه :”مش دلوقتي
خليها بكرة الوقت تأخر”.
تركها محمد لتبتعد عنه قليلا قبل أن يقف هو الاخر
من مكانه و يلتقط جسدها بخفة بين ذراعيه
الصخمتين ليأرجحها إلى الأعلى قليلا في الهواء
قبل أن يلتقفها ثانية لتصرخ نور بذعر و هي تتمسك بثيابه :”محمد عشان خاطري متعملش كده ثاني
حتوقعني “.
محمد بضحك:” إنت لسه متعودتيش… انا أنصحك
تتعودي عشان موعدكيش إني حبطل اشيلك
بالطريقة دي…
تأوه بزيف بعد أن تلقى لكمة من يدها بالكاد
شعر بها قائلا :” بالراحة يا حبيبتي.. داه انا
لسه عريس..
نور بحنق :”طب نزلني عاوزة انام الوقت
تأخر “.
محمد و هو يرميها على الفراش :” و ماله
خليه يتأخر براحته…كنا بنقول إيه بقى…فكريني “.
نور بتلعثم :” مكناش بنقول حاجة.. و بعدين
أنا كنت حتكلم و افهمك بس إنت فصلتني…إنت
بتقرب ليه؟ خليك بعيد”.
محمد وهو يرفع يديه نحو الاعلى مكتفيا بالجلوس
على حافة الفراش :”لا انا قاعد مكاني متحركتش
و لو عاوزاني اقوم انام على الكنبة معنديش مانع
إستدار إلى الخلف ليتهيأ للوقوف من مكانه لتتمسك
به نور هاتفة بندم :”أنا آسفة مش قصدي؟؟… و بعدين ليه تنام على الكنبة ماهو السرير واسع
اهو “.
محمد بخبث مدعيا الجدية :” مش عاوز ازعجك
حخليكي الليلة تنامي براحتك”.
نور بشهقة :”إنت ليه بتقول كده؟ هو إنت خلاص
زهقت مني مش عاوزني يعني…..
إلتفت نحوها الآخر و هو يخفي ضحكته التي
تكاد تفضحه في اي لحظة :”مش فاهم تقصدي
إيه؟؟
رمشت نور بعينيها عدة مرات قبل أن تدير عيناها
عنه تشعر بسخونة جبينها من شدة الحرج لتصرخ
:”اوووف بقى و الله حرام عليك… انا مش عارفة
اصالحك إزاي و كل اما آجي اتكلم بتتريق عليا
و انا بتوتر بسرعة و ببقى معرفش اقول إيه”.
زحفت نحو آخر الفراش لتغادر الغرفة بأكملها
لكنها تفاجأت به يقف أمامها معترضا طريقها و هو
يقول:” طب خلينا نبدأ من جديد”.
نور و هي تقف على السرير لتصبح في نفس طوله
:” مينفعش عشان تقريبا نسيت انا كنت بقول إيه “.
لف يديه حول خصرها يقربها منه حتى أصبحت
قدميها بالكاد تلامس الفراش:”أنا حفكرك.. إنت
كنتي بتعتذري عشان كنتي نوتي و شقية معايا…
نور بضحك من كلامه :”نوتي و شقية.. بتكلم
بنت أختك “.
محمد :” و بعدها قلتي إنك بتحبيني اوي و بتموتي
فيا و إنك عاوزاني و انا بصراحة حموت و أقرب…..
نور بنفي :”أنا إمتى قلت كده؟؟
محمد بتلاعب :”إنت مقلتيش كده بالحرف الواحد
بس انا فهمت قصدك لوحدي”.
نور بذهول :”يبقى فهمت غلط…و دلوقتي سيبني…
محمد بخبث و هو ينزلها بخفة على الأرضية
:”في أحلامك إني اسيبك…مش بعد ما جننتيني
نور انا….
إبتلع ريقه و هو يشعر بسخونة جسده و تسارع
أنفاسه لشدة رغبته بها خاصة بعد أن شعر
بعدم ممانعتها من إقترابه منها ليهمس لها بعدة
كلمات بصوت منخفض لتومئ له نور بإيجاب
رغم خوفها لتبتسم بصعوبة و هو يحملها
متمتما بعدة عبارات يطمئنها بها قبل أن يريحها
على السرير ليأخذها معه في عالم آخر جديد على كليهما ……
في جزر السيشيل الساحرة….
كانت كاميليا و ليليان تجلسان على حافة البحر
تشاهدان الصغار و هو يسبحون و يمرحون
مع آبائهم..
ليليان :”الاسبوع عدا بسرعة هنا..
كاميليا بموافقة:” فعلا و المكان تحفة بجد..ياريت
لو نفضل هنا على طول.. “.
ليليان بضحك :” بصراحة هو آه جنة و انا مستعدة
أقعد شهر.. سنة بس على طول لا مفتكرش…عشان
المكان هادي بزيادة..و انا بصراحة بتوحشني دوشة مصر و زحمة القاهرة…
كاميليا و هي تكرمش وجهها :” إنت غريبة جدا
على فكرة مين المجنون اللي يسيب الجنة دي و يرجع على هناك مش عاوزة افتكر حتى ….
قاطع حديثهم أسيل التي إندفعت تقفز على
الكرسي بجانب والدتها هاتفة ببراءة :” مامي..
آسل قلي روحي اقعدي مع الستات…عشان هما
كلهم لجالة “.
حملت كاميليا إبنتها المبللة لتضعها بجانبها
و نبدأ في تنشيف وجهها و شعرها بالمناشف
قائلة :”طب خليكي معانا هنا إنت مزهقتيش
لعب”.
أسيل برفض :”لا إنتوا على طول قاعدين
هنا مش بتلعبوا ابدا…
ليليان بضحك :”طيب إنت خليكي معانا
و إحنا حنقوم نلعب معاكي “.
أسيل :” نلعب كورة في البحر هناك مع بابي
و انكل أيهم و فادي بس… آسل (آسر) و أيثم(ايسم) لا…إنت لازم تعاقبيهم يا طنط لولو خليهم يقعدوا
على الكرسي داه و إحنا نروح نلعب و بعدين
في الليل ننام و هما خليهم هنا “.
ليليان بضحك :” طب و لو طلع القرش
من البحر و أكلهم….
أسيل ببراءة:”لا بابي حيضربهم بالنار…متخافيش
ياطنط”.
كاميليا بضحك:”متخافيش ياطنط المهم عاقبيهم…
أنا مش عارفة البنت طالعة لمين؟ طول الوقت
عاوزانا نعاقب اخوها…عاملين زي القط و الفار
ياريتهم طلعوا هاديين زي فادي”.
أسيل :”ياااع فادي طول الوقت بيروح المدرسة
…و بياكل خضار مسلوقة “.
ليليان و هي تربت على شعرها :”عشان كده هو شاطر و ذكي “.
أسيل :” لا انا عاوزة العب مليش دعوة… انا
حروح اضربهم هما الاثنين “.
ليليان :” كاميليا إنت متأكدة إن بنتك دي
عندها ثلاث سنين”.
كاميليا و هي تنظر لزوجها :” ثلاث سنين و شهر و الله “.
خرج شاهين من المياه ليتجه نحو طاولة وضع
فوقها مجموعة من المناشف ليأخذ واحدة كبيرة باللون الأسود و يلفها حول كتفيه و ظهره ثم
يكمل طريقه نحو كاميليا ليتمدد على الكرسي
الذي بجانبها ..
شاهين و هو يلتفت نحوها :” محمد و نور
حيوصلوا بالليل متأخر على هنا…
كاميليا :” يوصلوا بالسلامة…حينبسطوا اوي
هنا انا متأكدة “.
شاهين بعدم إهتمام :” لو معجبهمش يقدروا
يسافروا اي حتة هما عاوزينها… “.
أومأت له كاميليا براسها قبل أن تلتفت
لتلاعب صغيرتها من جديد.
في إيطاليا….
حركت نور يدها بصعوبة و هي تتمتم بضحك
في داخلها :”يالهوي دا انا إتفرمت حاسة إن جسمي كله متكسر ..حسافر إزاي انا دلوقتي سفر إيه بس داه أنا ل قدرت اوصل الحمام ابقى عملت إنجاز
تاريخي ااااه…
تأوهت بألم قبل أن ترجع ذراعها لمكانه السابق
بعد أن حركته…شعرت بأنفاس محمد ضد
عنقها لتلفت نحوه قبل أن تهمس بخفوت تناديه :”
محمد… حبيبي إصحى معاد الطيارة…طب ممكن تبعد شوية عشان اقدر أتحرك…..
رفع محمد ذراعه التي كانت تحيط بطنها
قليلا قبل أن يعيده من جديد لكن بقوة اكثر
ليجذبها نحوه مهمهما برفض دون أن يفتح
عينيه…
نور بهزار:” طب ينفع كده..مكلبشني زي
الحرامية…و الله ماحهرب…
محمد بنعاس و هو يحشر وجهه في شعرها
:” خليكي في حضني كمان شوية….
نور :”طب و معاد الطيارة…
محمد :” مش مهم… تولع كل حاجة المهم إنت
معايا….
نور و هي تستشعر ثقل ساقيه التي كانت تقيد
ساقيها فهو حرفيا كان يقيد كامل جسدها بجسمه
:” أنا جنبك و مش حبعد صدقني بس عشان
خاطري فكني شوية…. جسمي كله بيوجعني….
محمد و هو يرفع رأسه ناظرا نحوها بقلق :”
إيه…طب و مصحتينيش من بدري ليه؟؟ انا
حكلملك دكتورة حالا…
إبتعد عنها محررا جسدها ليبدأ بالبحث عن
عن هاتفه لتسارع نور بإيقافه قائلة :” مفيش
داعي انا كويسة و الله…محتاجة آخذ دوش
و حبقى تمام…
نظر نحوها لتبادله نور بابتسامة صادقة
قبل أن تكمل بمرح :”صدقني مفياش حاجة
غير كسر او إثنين في الاظلاع على شوية رضوض و صداع خفيف في دماغي بس مع حبة مسكن
و نوم ثلاث اربع أيام على بعض و حرجع زي
الأول… داه إحتمال مش مؤكد طبعا….
محمد بقلق ينهش قلبه :” كل داه و بتقولي كويسة
لا انا حكلم دكتورة… خليها تفحصك
عشان اطمن عليكي..
نور و هي ترفع يديها نحوه ليقترب منها
محمد :” إنت ليه مكبر الموضوع كده…و بعدين
متنساش انا كمان أعتبر نص دكتورة…يعني
لو فيا حاجة كنت عرفت….
محمد :”طيب حجيبلك مسكن….
أومأت له نور قائلة :”الأول ادخل خذ شاور
على بال ما اكون انا قدرت اتحرك شوية…
قالتها بخفوت حتى لا يسمعها ليغمض
الاخر عيناه بحزن قائلا :”أنا آسف ياحبيبتي
بس انا حاولت على قد ما أقدر اكون…..
بتر بقية كلامه حتى يتجنب إحراجها ليلف
غطاء السرير على جسدها و يحملها ليسير
بها نحو الحمام….
نور باعتراض :” بتعمل إيه… إستنى يا مجنون….
محمد بصرامة :”نور و لا كلمة…انا مش
حسيبك مهما عملتي فوفري مجهودك عشان
إنت باين عليكي الشحن خلصان على الآخر….
نور و هي تسند رأسها باستسلام :”بتتريق عليا
حضرتك… ماشي…
وضعها على حافة حوض الاستحمام ثم فتح
صنبور المياه معدلا حرارته بعدها امسك بعلبة
سائل الاستحمام المفضلة عنده برائحة الفراولة
التي يعشقها عليها ليسكب نصفها في الحوض
حتى تشكلت رغوة كثيفة….
إلتفت لنور ليساعدها على النزول داخل المياه
قائلا:”لما تخلصي ناديلي…حستناكي برا…
خرج بعدها و اقفل الباب وراءه ليمسك بهاتفه
الذي وجده بين الاغطية ثم بحث عن إسم
شقيقه أيهم ليسأله عما حدث لها.. لكنه تراجع
في آخر لحظة :” دي مهما كانت أسرار بينا… يعني
مش لازم حد يعرف إن داه حصل بعد اسبوع
من جوازنا.. داه انا مفهمه إن كل حاجة تمام
و مفيش مشاكل… بس داه دكتور و انا حسأله
بس عشان صحة نور…. يوووه يا محمد إنت
إزاي غبي كده… لا بجد اغبى إنسان في الكرة
الأرضية كلها إنت سايب ليليان و جاي تسأل
أيهم داه حيفضل يتريق عليا عشر سنين
قدام….أحسن حاجة أستنى و لو لاحظت
أي حاجة مش طبيعية حبقى أكلمها….
و بالفعل رمي هاتفه ثم إتجه نحو باب
الحمام من جديد…. ليطرق الباب قائلا :”نور
إنت كويسة… خلصتي..
نور :” متقلقش انا كويسة بس إديني خمس
دقائق و حطلع….
بعد دقائق قليلة خرجت نور و هي تلف
منشفة طويلة على جسدها و أخرى صغيرة
على شعرها… تحركت ببطئ نحو التسريحة
و هي تنزع المنشفة المبللة من على رأسها
راقبها محمد بتفحص قبل أن يسير نحوها
أخذ المشط من على الطاولة ثم بدأ يمشط
شعرها القصير برفق و عناية… إبتسمت نور
ثم أغمضت عينيها مستمتعة بملمس يديه
الدافئة….
بعد يومين سافر محمد و نور نحو جزر السيشيل
ليقضا شهرا كاملا هناك بعد أن وقعت نور في
عشق ذلك المكان الساحر الذي انساها إيطاليا
و أوروبا كلها….
و بعد شهر عادا من جديد لمصر لتلتحق نور
بجامعتها و محمد بعمله بعد أن حل جميع
المشاكل العالقة التي كانت تنتظره…فقد نجح
بصعوبة في إقناع شاهين بترك ميار التي عاشت أصعب أيام حياتها في تلك المدة و الصفح
عنها بعد أن أمر شاهين أحد رجاله بتشويه
وجهها عقابا لها على محاولتها لتشويه
سمعة نور لكن محمد اقنعه بالعدول عن رأيه
و جعلها تسافر و لاتعود لمصر مرة أخرى
و إن حاولت إيذاء زوجته مرة أخرى فسيقوم
بقتلها بنفسه هذه المرة….
بعد خمس سنوات…..
مساءََ فيلا الألفي…..
يجلس الجميع كعادتهم كل يوم جمعة من كل شهر في حديقة الفيلا يتسامرون
و أمامهم أطفالهم يلعبون و يمرحون في أرجاء
الحديقة…
نور أنهت جامعتها و أصبحت طبيبة و قد بدأت
العمل في مستشفى البحيري مؤخرا و تعيش
حياة سعيدة مع محمد و إبنتهم “جنة” التي تبلغ
من العمر أربعة سنوات و هي الآن حامل في
الشهر السادس و لديها طفل ستيميه إياد..
أما هبة و عمر فلديهما طفلين توأم يبلغان
من العمر أربعة سنوات و نصف أصر على
تسميتهما “أيهم و شاهين”..
هبة تصالحت مع عائلتها بعد طول فراق…
أيهم إستمر في تدليل ليليان و معاملتها
كالاميرة خاصة بعد ولادتها لطفلتهما
الثانية سارة…يصر على أخذ إجازة لمدة أسبوع كل ستة أشهر ليمضيها معها و في كل مرة يزوران
بلد مختلف…
شاهين و كاميليا إكتفيا بأبنائهما الثلاثة
رغم ان شاهين يريد المزيد من الأطفال
مما جعل كاميليا تخضع لرغبته و هي الآن
حامل في فتاة في الشهر السابع….
سيف تزوج من آية تلك الفتاة الشقية و أنجبا
أيلول و آيلا بعد أن أصرت على تسميتهما
أسماء تركية…
اما بالنسبة لاميرة فهي تجوزت إبن صديق
والدها يعمل محامي و هو إنسان محترم و متدين
و عايشة معاه حياة سعيدة و مرتاحة بالرغم من إن
الجواز حصل بالاتفاق مابين العيلتين يعني مكانش
عن حب…بس بعدها وقعوا في عشق بعض(حب
بعد الجواز) و دلوقتي عندها أمير ثلاث سنوات
و مالك خمس شهور….
زكريا لم يتزوج من ميساء بعد أن إكتشف
أنها كانت حابة توقعه في شباكها و تتجوزه
و تخليه يكتبلها كل ثروته و بعدها تطلقه
زي ماعملت مع ازواجها اللي قبل و ذلك
بمساعدة شقيقها… و طبعا اللي إكتشف
أمرها هي جميلة و نعمة اللي بيحاولوا
في كل مرة يسيطروا على الوضع بطريقة
مختلفة خصوصا إن جوزهم راجل عينه زايغة
و مش حيبطل يبص برا ابدا للأسف 😂😂….
❤️❤️النهاية ♥️♥️♥️


لقراءة رواية الشيطان شاهين الجزء الاول 1 💜👇


انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا